المجلة العربية للدراسات الامنية والتدريب العدد 63

ـ

في هذا العددد. إدريس عطيـة بن الطيــب

د.هالـــة طالـب أبو عامــــــر

د.عــالء زهــــير الرواشـــــدة

د.عبدالعزيز بن علي النفيسة

د. فيصـــل حســــن حامــــد

د.يوســف بن ســطام العنزي

د. عصـــــام فاعـــور مـلكاوي

� الظاهرة اإلرهابية في زمن ما بعد الحداثةاألمن تحقيق الموازي ودوره في السلم عقد �

االقتصادي� التطرف األيديولوجي من وجهة نظر الشباب

األردنينايف من القلق واالكتئاب لدى طالب جامعة �

المدخنين وغير المدخنينفي األمنية األجهزة تواجه التي التحديات �

المملكة العربية السعودية� فاعلية برنامج إرشادي في تنمية المسؤولية االجتماعية

والمواطنة لدى عينة من طالب جامعة تبوك� تركيـا وخيـارات المســـتقبل اإلســـــتراتيجية

المجلد 31 العدد ٦3 ذوالقعدة/ذوالحجة 143٦هـ تصدر عن جامعة نايف العربية للعلوم األمنية

ردمد: 1241 ـ 1319

دورية ـ علمية ـ محكمة

السنة31

2م٠1

٥ مبر

سبت ـ

هـ 1

43٦

جةلح

ذوادة/

قعوال

ـ ذ ٦

3 دد

الع3 ـ

1 لد

مجـ ال

ب دري

التة و

منياأل

ت سا

درا لل

يةعرب

ة الجل

لم ـ ا

وثبح

والت

سادرا

ز الرك

ـ مية

مناأل

م علو

للية

عربف ال

نايعة

جام

� Terrorist Phenomenon in the Post-Modernity Phase

� The Parallel Forward-Buying (SALAM) Contract and Its Role towards the Achievement of Economic Security

� Radical Ideology from the Persfectives of the Jordanian Youth

� Anxiety and Depression Among Students Enrolled at Naif Arab University: Smokers and non-Smokers

� The Challenges Encountered by the Security Agencies of the Kingdom of Saudi Arabia

� Effectiveness of Counseling Program in Developing Social and National Responsibility Among a Sample of University of Tabuk Students

� Turkey and Future Strategic Options

Dr. Idrees Attiya Bin Al-Tayyib

Dr. Hala Taleb Abu Amer

Dr. Alaa Zuhair Al Rwashdeh

Dr. Abdul Aziz Ali Al Nafesah

Dr. Faisal Hassan Hamed

Dr. Yousef Sattam Al-Onzi

Dr. Issam F. Malkawi

ARAB JOURNAL FOR SECURITY STUDIES & TRAINING

Volume 31 . No. 63. September 2015. Published by: Naif Arab University for Security Sciences - RiyadhISSN 1241 - 1319

In This Issue

Periodic - Academic - Standard

Year31

موضوعات العدد القادم المقترحة

1ـ االتفاقية العربية واتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد: حتليل نقدي. ... اللواء د.حممد ابن حسن الرساء و د. عبد النارص عباس عبد اهلادي

2ـ األمــن املدريس وعاقته بالتحصيل الدرايس لدى طــاب املرحلة الثانوية يف مدينة الرياض. .... د. هاين سليامن أمحد اخلالدي

3 ـ أســباب التعصب اجلامهريي الريايض وعاجه: رؤية رشعية. ... د. إياد أمحد حممد إبراهيم

4ـ املواطــأة عىل العقود الربوية وعقوبتها يف النظام الســعودي... د. هالة طالب حممود أبو عامر

5ـ فنية املقارنة القانونية ودورها يف جتويد الرسائل واألطروحات العلمية. ..د. عبدالفتاح ولد باباه

6 ـ التغيري التنظيمي بني اإلرادة و اإلدارة. ................. اللواء د. فهد أمحد الشعان7 ـ دور البصمة يف وسائل اإلعام يف جمال الوقاية من اجلريمة: مدخل نظري. ...د.مجال

حممد أمحد عبد احلي

Topics of the Next Issue1. Arab and United Nations Covenants on Anti-Corruption: An Analytic-Critic-

Comparative Study.... Maj. Gen. Dr. Muhammad Al-Sara; and Dr. Abdul Nasir A. Al-Hadi

2. School Security and Its Relationship with Academic Achievement of the Secondary School Students in Riyadh City...Dr. Hani Suleman A. Al-Khaldi

3. Reasons for Sports Prejudice among General Public and their Solution: A Legal Vision.... Dr. Ayyad Ahmad M. Ibrahim

4. The Agreement on Interest-Based Contracts: Its Penalty in Saudi Law. .... Dr. Hala Talib M. Abu Amir

5. Legal Artistic Comparison: Its Role in Producing Quality in Academic Theses and Dissertations.... Dr. Abdul Fattah Babah Babah.

6. Organizational Change: Strife anad Management.... Maj. Gen. Dr. Fahd Ahmad Al-Shalan

7. Role of Projection in Media Channels on Crime Prevention: A Theoretical View. ... Dr. Jamal M. Ahmad Abdul Haih.

حقوق الطبع محفوظة

أصحاهبــــا عــــن املجــــلة يف الــــواردة اآلراء تعــــر وليس بالرضورة عن رأي جامعة نايف العربيـــة للعلوم األمنية

املرشف العامد.مجعــــان رشيد بن رقــــوش

رئيس جامعة نايف العربية للعلوم األمنية

رئيس التحريرأ.د. عبداحلفيظ سعيد مقدم

مدير التحريرد. حممد فضل عبدالعزيز املراد

سكرتري التحريرحممد شكري هاشم مهني

املجلد احلادي والثالثون ـ العدد الثالث والسـتون ذوالقعدة/ذواحلجة ١43٦هـ )سبتمر ٢٠١٥م(

تعنى بنرش البحوث يف العلوم اجلنائية واالجتامعية والنفسية واإلسرتاتيجية واإلدارية والترشيعية ذات العالقة باألمن بمفهومه الشامل

دورية علمية حمكمة تصدر ثالثة أعداد يف السنة عن جامعة نايف العربية للعلوم األمنية

هيئة التحريرأ.د. عامــر خضـــري الكبيســي أ.د. عباس أبو شامة عبداملحمود

أ.د. جــالل الدين حممد صــالح أ.د. حممــد عبد اهلل ولد حممــدن

أ.د.خالـــد إبراهيــم الكــردي أ.د. عبد الرمحن بن حممد عسريي د. حممــــد بن عبداهلل العمــــار د.عبدالعزيز حممد أمحد بن حسني

اهليئة االستشاريةأ.د. عبدالرمحن بن أمحد هيجان أ. د. عبــدالباقي دفـــــع اهللأ.د. عبدالرمحن سليامن عزي اللواء أ.د. عيل حســن الشـريف أ.د. ماهر حممــد أبو هـــالل أ. د. صالــــــح بوبشيـــــش أ.د. حممـود حســني وردات أ.د. عبد الرزاق حممـد بركـات اللواء د.عبداهلل يوسـف املال د. زكريا حممـد عبداهلل القـــاق

قواعد النرشأوال: تعنى املجلة بنرش البحوث والدراسات األصيلة التي تتعلق بـــ:

التخصصات األمنيــة والتخصصــات االجتامعية والنفســية والرتبوية واإلدارية . 1واالقتصادية واإلسرتاتيجية والترشيعية ذات العالقة بمفهوم األمن الشامل.

املراجعات النقدية للكتب العربية واألجنبية ذات العالقة باألمن الشامل.. 2التقارير العلمية عن اللقاءات العلمية والدورات التدريبية والرسائل العلمية ذات . 3

العالقة باألمن الشامل.

ثانيا: رشوط النرش:

عدم تعارض املادة العلمية مع العقيدة اإلسالمية.. 1مراعاة سالمة اللغة وصحة األسلوب.. 2مراعاة الدقة يف استعامل عالمات الرتقيم.. 3رضورة اتساق عنوان البحث مع حمتواه.. 4أن يكون البحث أصيال،ومل يســبق نرشه أو إرســاله للنرش من قبل جهات أخرى. . 5

وأال يكون مستال من كتاب أو رسالة علمية.أال يزيــد عدد صفحات البحث عىل أربعني صفحــة )1٠65٠ كلمة(، بام يف ذلك . 6

املراجــع واملالحق، وأال تزيــد مراجعات الكتــب والتقاريــر العلمية عىل مخس صفحات.

أال يزيد ملخص البحث عىل 2٠٠ كلمة والكلامت املفتاحية عن 6 كلامت. . 7أن تكتب البحوث باللغة العربية باســتخدام خط Simplified Arabic بحجم 14 . 8

وهبوامش حجم الواحد منها 2٫54سم عىل اجلهات األربعة، وترك مسافة مزدوجة بني السطور.

أن تكتب البحوث باللغة اإلنجليزية باســتخدام خط Time New Roman بحجم . 912 وهبوامش حجم الواحد 2٫54سم عل اجلهات األربع، وترك مسافة مزدوجة

بني السطور.

1٠ . أن يرفق بالبحث أدوات البحث املستخدمة إن وجدت.ثالثا: متطلبات املضمون

أن يتضمن البحث ملخصــني أحدمها بالعربية واآلخــر باألجنبية )اإلنجليزية أو . 1الفرنسية(.

أن يمأل استامرة املعلومات الشخصية يف نظام باحث. . 2إذا كان البحث دراسة أمبرييقية )تطبيقية( جيب أن تتضمن مسودة البحث األجزاء . 3

التالية:أ ـ مقدمة: وتتضمن طرح املشكلة مع اخللفية النظرية والدراسات السابقة مندجمة فيها.

ب ـ تساؤالت الدراسة وأهدافها/ أو فرضياهتا.ج ـ أمهية الدراسة وحمدداهتا وتعريف املفاهيم.

د ـ إجراءات الدراســة: وتتضمــن )املجتمع والعينة، وأدوات مجــع البيانات، ورشوط الصدق والثبات، وطريقة حتليل البيانات(.

هـ ـ النتائج: وتشمل نتائج التحليل واجلداول واألشكال والتعليق عليها.و ـ املناقشــة: وتتضمن تفســري النتائج والتعليق عليها وتقييمهــا بام يتوافق مع

الدراسات السابقة.ز ـ املراجع

ح ـ املالحق:وتتضمن أدوات الدراسة.إذا كان البحث دراسة نظرية، جيب أن تتضمن املسودة األجزاء التالية:. 4

أ ـ مقدمة: وتتضمن طرح املشكلة وطريقة معاجلتها.ب ـ تلخيص الدراسات السابقة عن املوضوع.

ج ـ اســتعراض عنارص املوضوع بام يتضمنه من خصائص وعالقات وتناقضات وثغرات، وأوجه االتساق.

د ـ اقرتاح اخلطوة أواخلطوات حلل املشكلة.هـ ـ اخلامتة: وتتضمن ملخصا لألفكار األساســية مع التعليق واالســتنتاجات

املناسبة، وقد تتضمن توصيات ومقرتحات.

و ـ قائمة املراجع.رابعا: متطلبات التوثيق

:)APA( تتبنى املجلة نظام توثيق الرابطة األمريكية لعلم النفس مراعاة ذكر رقم اآلية واســم السورة عند االستشهاد بالقرآن الكريم، وذكر املصدر . 1

وبيانات النرش عند االستشهاد باألحاديث النبوية.يشار إىل املراجع داخل املتن بذكر االسم العائيل للمؤلف، ثم سنة النرش بني قوسني . 2

يف حال اإلشــارة املبارشة مثال: أشار أمحد )2٠13(. ويف حال اإلشارة غري املبارشة يذكر اسم املؤلف وسنة النرش بني قوسني مثال: )أمحد، 2٠٠3 (. ويف حال االقتباس

يذكر رقم الصفحة أو أرقام الصفحات بني قوسني )أمحد، 2٠13: 26 (. ا كام ييل:. 3 ترتيب املراجع يف هناية البحث ترتيبا هجائي

إذا كان املرجع كتابا: االسم العائيل للمؤلف، االسم األول )سنة النرش( عنوان أ( الكتاب، الطبعة، مكان النرش: دار النرش.

إذا كان املرجع بحثا من جملة: االسم العائيل، االسم األول، )سنة النرش( عنوان ب( البحث،اسم املجلة، العدد، الصفحات، مكان صدور املجلة.

إذا كان املرجع من مؤمتر أو ندوة كام ييل: االســم العائيل،االســم األول )سنة ت( االنعقاد(،عنوان الورقة،عنوان املؤمتر أو الندوة،مكان االنعقاد وتارخيه.

إذا كان املرجع من أحد مواقع اإلنرتنت كام ييل: االسم العائيل،االسم األول ، ث( عنوان املقالة/البحث، موقع اإلنرتنت، تاريخ االطالع عليه.

عنــد ورود مصطلحات أجنبية يف متن البحث تكتب بحــروف عربية والتينية بني . 4قوسني ويذكر املصطلح كامال عند وروده أول مرة.

خامسا: متطلبات تسليم البحث:

1 . Windows Microsoft يرفع الباحث نسخة إلكرتونية من بحثه مكتوبة عىل برنامج http://baheth.nauss.edu.sa عرب نظام باحث عىل املوقع اإللكــرتوين Word

يتم إشعار الباحث بوصول بحثه، ويتم إشعاره بنتيجة التحكيم إلجراء التعديالت ثم يتم إشــعاره بإجازة النرشأواالعتذارعن عدم النرش عرب نفس النظام مع رسالة

عىل جواله.يرفق الباحث خطابا موجها لرئيس التحرير يطلب فيه نرش البحث يف املجلة مع ذكر . 2

تاريخ إنجازه.يقدم الباحث إقرارا خطيا بأن بحثه مل يسبق نرشه، ومل يقدم للنرش يف أي دورية أخرى.. 3تقديم سرية ذاتية خمترصة بالباحث ال تزيد عىل صفحة واحدة، مع توضيح العنوان . 4

كامال )صندوق الربيد،الفاكس واهلاتف، والربيد اإللكرتوين(.

سادسا: متطلبات التحكيم والنرش:

تقــوم هيئة التحرير بتقييم أويل للبحوث والدراســات للنظــر يف مدى صالحيتها . 1للتحكيم

ترســل البحوث والدراسات املستوفية للرشوط األساسية اىل حمكمني اثنني، حيث . 2يكتب كل حمكم تقريرا عن مدى صالحيتها للنرش .

إذا اختلف حمكامن، يرسل البحث ملحكم ثالث للرتجيح، ويعد حكمه هنائيا.. 3هليئة التحرير احلق يف رفض أي حتكيم إذا رأت فيه عدم اجلدية، ومن ثمة عدم إجازة . 4

البحث للنرش. يبلغ الباحث بنتيجة التحكيم خالل مدة أقصاها ثالثة أشهر.. 5يف حال قبول البحث للنرش تؤول حقوق النرش للجامعة، وال جيوز نرشه يف أي منفذ . 6

آخر ورقيا أو إلكرتونيا. يف حال عدم قبول البحث للنرش، فإن املجلة غــري ملزمة برده إىل صاحبه،ويكتفى . 7

بإشعاره بعدم إجازته للنرش.يزود الباحث بنســختني من العدد الذي تم نرش بحثه فيه وعرشين مستلة من بحثه، . 8

وترصف له مكافأة مالية بعد النرش.

املحتويـــــــاتـ الظاهرة اإلرهابية يف زمن ما بعد احلداثة ... د. إدريس عطيـة بن الطيــب

ـ عقد السلم املوازي ودوره يف حتقيق األمن االقتصادي ...د.هالـة طالب أبوعامـرزهري عالء د. ... األردين الشباب نظر وجهة من األيديولوجي التطرف ـ

الرواشـدة .. املدخنني وغري املدخنني من نايف جامعة طالب لدى واالكتئاب القلق ـ

د.عبدالعزيز بن عيل النفيسة ـ التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية السعودية ... د. فيصل

حسن حامدـ فاعلية برنامج إرشادي يف تنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة لدى عينة من طالب جامعة

تبوك .... د.يوسف بن سطام العنزيـ تركيـا وخيـارات املســـتقبل اإلســـــرتاتيجية .... د. عصـام فاعور مـلكاوي

ـ عرض كتاب: املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون ............................................. تأليف د. نوف حممد العتيبـي مراجعة: أ.د.يرسي سعيد حسنني

ـ تقرير عن مؤمتر: دور اإلعالم العريب يف التصدي لظاهرة اإلرهاب ............................................ أ.د. عبداحلفيظ سعيد مقدم

3

43

٨١

١٢3

١٥٥

١٩٥٢33

٢٧١

٢٧٧

3

الظاهرة اإلرهابية يف زمن ما بعد احلداثةدراسة حتليلية يف األشكال واألساليب واإلجراءات املضادة

DOI: 10.12816/0012988د. إدريس عطية بن الطيب)*(

أستاذ حمارض يف قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية ـ جامعة العريب التبيس ـ تبسة ـ اجلزائر

تستهــدف

[email protected] )*(

امللخصهذه الورقة دراســة أهم التحديات التــي يمكن أن تفرضها الظاهرة اإلرهابية يف أعقاب حقبة ما بعد احلرب الباردة، حيث استفادت من مجيع املزايا التي قدمتها العوملة، بحيث تم التغيري يف أشكال وأساليب عمل اجلامعات اإلرهابية، وتــم أيضا التحول حتى يف طريقة تنظيمها، بل أصبح العامل يشهد تشكيالت إرهابية هجينة مثل تنظيم ما يسمى بـ»داعش« اليوم )الدولة اإلسالمية يف العراق والشام(، ما أدى إىل ظهور إجراءات مضادة يف ظل العومليات )عوملة كل يشء( ـ بــام يف ذلك الترشيع والعقاب، ولعل من أبــرز مظاهرها اليوم تفريد كل من التجريم

والعقاب.

ولذا فــإن املواجهة الترشيعية أو حتى اإلجرائية لإلرهاب تســتدعي بالرضورة بعــض املضايقات حلرية األفراد بام فيها عنارص اجلامعات اإلرهابية أنفســهم. هذا كله أدى بمنظومات اجلزاء العقابية إىل إجياد تصور منطقي جديد يتامشى مع طرحي: رضورة مالحقة العنارص اإلرهابية، ورضورة كفالة حقوق األفراد )ضحايا اإلرهاب بشــكل مبارش أو غري مبارش، أو حتى اإلرهابيني أنفسهم(، ويتمثل ذلك يف طرح قائم باألساس ا عىل فلســفة الرعاية الالحقة التي تعد جزءا من السياسة العقابية، ويف الوقت نفسه حقمن حقوق اإلنسان يف العامل املعارص، ساعية بذلك إىل تأهيل املحكوم عليه للحياة عقب

ا للمعاملة العقابية بوجه عام. اإلفراج عنه أو باعتباره نوعا إنسانيالكلامت املفتاحية: اإلرهاب، ما بعد احلداثة، العوملة، األشكال، األساليب، املواجهة.

املجلة العربية للدراسات األمنية والتدريب ـ املجلد 31 ـ العدد )63( 3 ـ 42 الرياض )2015م( )1436هـ(

5 4

Abstract Terrorist Phenomenon in the Post-Modernity Phase: An Analytical Study

on Its Forms, Techniques and Counter Measures.

By

Dr. Idrees Atiyya bin Al-Tayyib)*(

Lecturer, Department of Political Sciences and International Relations, Universite Larbi Tebessi, Tebessa Tilssa, Algeria.

The present study provides an important exposition on the grave challenge associated with terrorism in the wake of post-Cold War era. The globalization, perse, has made candid its distinctive characteristics. For, terrorism reflects changes in its forms, techniques and activities. Also, terrorism has assumed organized formats. Rather, the world witnesses organized terrorist formations. Daesh (Islamic State in Iraq and Syria) represents a striking example. This development has led to another development-----emergence of counter measures in the wake of globalization. This includes legislations and punishments.

Accordingly, legislative counter and even procedural terrorism necessitates some impediments towards the enjoyment of freedom of individuals. This includes elements of terrorist groups themselves. All this leads to the development of a penal system. This will further lead to the development of a logical concept. Based on this concept, there is dire need to chase terrorist elements. Equally important is the need to ensure the rights of the individuals-----victims of terrorisms (directly or even indirectly) and even terrorists themselves. Such an approach represents the after care philosophy. The latter is considered as an integral part of penal policy. Simultaneously, it is regarded as a necessary constituent of modern concept of human rights.

Key Words: Terrorism; Post-Modernity Phase; Globalization; Forms; Techniques; Encounter

)*( [email protected]

5

الظاهرة اإلرهابية يف زمن ما بعد احلداثة: دراسة حتليلية يف األشكال واألساليب واإلجراءات املضادة... د. إدريس عطية بن الطيب

4

املقـدمـةتعددت املسميات التي يمكن أن تطلق عىل الواقع الذي نعيشه اليوم، سواء أطلق عليه زمن مابعد احلداثة Post-Modernity ، أو االعتامد املتبادل Interdependence، أو هناية التاريخ End of History، أو االندماج املكثف Deeper Integration ، أو العوملةGlobalization ، فإن نقطة االنطالق جلميع هذه املسميات هي أهنا تصف حالة معقدة

من الروابط والعالقات وتشري إىل العملية التي يتم من خالهلا تأثر املجتمعات واألفراد يف أي مكان بام جيري من أحداث وقرارات وأنشطة يف أبعد نقطة من نقاط الكون.

وإذا تعلــق األمــر بالتهديــدات اإلرهابية وتفاعالهتــا املختلفة، وفقــا ملا يراه »ألفني توفلر« مؤلف )صدمة املستقبل(، فإهنا تقوم يف األصل عىل ثالث ركائز أساسية يف Diversity والتنوع ، Transience واملؤقتية ،Acceleration هذا املجال وهي: التسارعيةوهي األكثر بروزا يف العامل املعارص، فقد شــاع يف السنوات األخرية احلديث عن عوملة ا من حيث الوسيلة اإلرهاب واجلريمة، وتشري الدراسات إىل أن اإلرهاب مل يعد تقليديواهلدف والتخطيط، فقد استفاد من مزايا العوملة التكنولوجية واملعلوماتية، حيث متت

عوملة مجيع الظواهر بام فيها التهديدات األمنية، وخاصة تلك املتعلقة باإلرهاب.

إذ يتوقع »وليام نوك« مؤلف كتاب »عامل جديد متغري« أن يكون اإلرهاب ردة الفعل املقابلة للتغريات االقتصادية اخلطرية، تعبريا عن سخط املجتمعات والفئات املطحونة، ويتوقع أن يســتغل اإلرهابيون التقدم العلمي والتقني يف القرن احلادي والعرشين، يف حتويل األموال واألفكار والتعليامت بني مواقعهم، من أقىص األرض إىل أدناها، بواسطة األنظمة املرصفية العاملية وشــبكات اإلنرتنت...، ويأيت هذا يف خضم انتشــار املصالح الشخصية وفرض سيطرة التجارة واملال وغياب القيم واألخالق التي حتكم املجتمعات.

ا ينحرص داخــل الدولة الوطنية الواحدة، بل كــام أن اإلرهاب اجلديد مل يعد حمليأصبح اإلرهــاب ظاهرة عاملية، ومل يعد يامرس بطريقة عشــوائية، بــل أصبح إرهابا ا، كام حتولت طريقة تنظيمه من التنظيم اإلرهايب ذي الشــكل اهلرمي إىل التنظيم نســقياإلرهايب ذي الشــكل العنقودي الــذي يتوزع يف خاليا صغــرية يصعب القضاء عىل


7 6

قياداهتــا، ويمكن إبراز أهــم حتوالت الظاهــرة اإلرهابية يف عرص العوملــة فيام يأيت:

ـ التحول من حيث التنظيم: أصبحت تتسم اجلامعات اإلرهابية اجلديدة بغلبة النمط العابر للجنسيات، حيث تضم أفرادا من خمتلف اجلنسيات ال جتمعها قضايا وطنية أو قومية، وإنام جتمعها قضايا إيديولوجية مشــرتكة، كام تنتقل من مكان آلخر،

حيث يصعب متابعتها أو استهدافها.

ـ التحــول من حيــث األهداف: فاإلرهاب اجلديد يركز عــىل إيقاع أكرب قدر من ا وليس جمرد لفت االنتباه إىل املطالب السياسية والعقائدية. ا وإنساني اخلسائر مادي

ـ التحول من حيث الوســائل: أصبح حيتمل أن تستعمل اجلامعات اإلرهابية مجيع الوسائل واألدوات من أجل حتقيق أهدافها وما خيشاه املجتمع الدويل هو حصول

هذه اجلامعات عىل أسلحة الدمار الشامل.

أوال: املشكلة البحثيةتقوم هذه الدراسة بمعاجلة موضوع الظاهرة اإلرهابية وتفاعالهتا املختلفة والبحث يف أهم اآلليات املطروحة ملواجهتها وحتليلها، وعىل هذا األساس نطرح املشكلة البحثية التالية: كيف يمكن أن تشكل الظاهرة اإلرهابية هتديدا لألمن بكل أبعاده ؟ وما اآلليات

املطروحة ملواجهتها ؟

ثانيا: أسئلة الدراسة

تثري هذه املشكلة البحثية جمموعة من التساؤالت هي:

1 ـ ما املقاربات املعرفية التي يمكن من خالهلا دراسة الظاهرة اإلرهابية؟

2 ـ ما أهم أشكال وأساليب الظاهرة اإلرهابية املعارصة؟

3 ـ ما اإلجراءات التي يمكن من خالهلا مواجهة هذه الظاهرة؟

ومن أجل اإلجابة عن هذه التساؤالت، تقوم الدراسة بطرح جمموعة من الفروض

7


6

العلمية لتحليل الظاهرة اإلرهابية وقراءة أهم آليات مواجهتها، حيث تعد هذه الفروض العلمية بمثابة الضوابط األساســية التي حتكم مسار البحث وحتدد وجهته، كام تستبعد الدراســة االنطالق من فكرة املتغري »التفســريي الوحيد«، ومتيل إىل تبني جمموعة من

املتغريات، ومن ثم يمكن صياغة الفروض التالية:

ـ كلام كان هناك تغيري يف مصادر وأشــكال وأساليب الظاهرة اإلرهابية، أدى ذلك إىل بروز أطر معرفية مالئمة لتحليلها.

ـ كلام كانت الدولة غري قادرة عىل حتقيق رشوط السلم واألمن، أدى ذلك إىل إمكانية انتشار النشاطات اإلرهابية.

ـ كلام كانت آليــات مواجهة الظاهرة اإلرهابية تركز عىل تناســق اجلهود املحلية الة يف مواجهة الظاهرة اإلرهابية. والدولية، كانت هذه اآلليات فع

ثالثا: أمهية وأهداف الدراسةتنبــع أهداف وأمهية الدراســة من طبيعة املوضوع الذي تعاجله، واملشــكلة التي تطرحها والنتائج التي يتم التوصل إليها، إضافة إىل أثرها يف النقاشات املهتمة باملوضوع نفسه، ويف احلقل املعريف الذي طرحت ضمنه بشكل عام، سواء ما يتعلق برشح وتوضيح األفكار الغامضة، أو إضافة أفكار جديدة يف اإلطارين املعريف والعلمي بشــأن الظاهرة

املدروسة، ومدى إفادة املنظرين والدارسني واملهتمني واملامرسني واملقررين.

أ ـ أمهية الدراسة

إن هذه الدراســة تعنى ببحث موضوع اإلرهاب بوصفه موضوعا شــكل قضية كربى ضمن أجندة الدراسات السياسية الدولية والعربية، خاصة يف مدة ما بعد هجامت احلادي عرش من سبتمرب عام 2001م، وهذا ما يربط التهديد اإلرهايب بكثري من القضايا واإلشــكاالت يف الفضاء العريب، أمهها إشكالية بناء الدولة والنظام السيايس وإشكالية

التنمية والفقر.

إذ تسعى هذه الدراســة إىل إزاحة اللبس عن الظاهرة اإلرهابية املعارصة ومعرفة


9 8

وحتليل مســتويات مواجهتها وأطرافها املختلفة، كام تسعى هذه الدراسة إىل استطالع الظاهرة اإلرهابية وأنامط تفاعالهتا ودرجة اخلطر الذي متثله وحتديد املنطق الذي يتحكم فيها خالل فرتة احلراك العريب وما بعده، هذه الفرتة التي شهدت وجود الوحش الكارس

املتمثل يف »داعش«.

ب ـ أهداف الدراسة

ــا، يقع عىل عاتق مجيع الدول، ا وعربي تعــد الظاهرة اإلرهابية خطرا وحتديا عامليويقتيض هذا من ذوي الشأن واملامرسني واألكاديميني االهتامم هبا ومجع املعلومات عنها وعن األوضاع األمنية التي تشكلت فيها، وعن األخطار والتهديدات األمنية التي متثلها.

كام هتدف الدراســة إىل مجع مزيد من البيانات واملعلومات عن الظاهرة اإلرهابية يف زمن ما بعد احلداثة، وعمليات مواجهتها وانعكاســات ذلك عىل العامل واسترشافها مستقبال؛ ولذلك هتدف هذه الدراسة إىل تقديم بعض اإلضاءات بشأن املستجدات حول هذه الظاهرة اخلطرية، وهو ما يفرض عىل املجتمع الدويل إعادة ترتيب أولوياته وإدراك ما حيوم حوله من حتديات إرهابية معوملة، لربام يقلص ذلك من بعض التحديات املقبلة.

رابعا: حدود الدراسةتتحدد جماالت املشكلة البحثية يف النقاط التالية:

أ ـ احلدود املكانية: تركز هذه الدراســة عىل الظاهرة اإلرهابية وآليات مواجهتها ا ملسح تفاعالت الظاهرة وتتخذ جماال حمددا هلا يف العامل كله بوصفه حيزا مكانيا عىل العامل كله؛ إذ متثل الظاهرة اإلرهابية، حيث تتم دراسة هذه الظاهرة أفقياإلرهابية هتديدا أمنيا جلميع أجــزاء العامل، وال يقترص هذا التهديد عىل جزء فقط دون األجزاء األخرى، عىل أســاس أن اإلرهاب أصبــح هتديدا عابرا

لألوطان والقارات.

ب ـ احلدود الزمانية: تتحدد املدة التي تعاجلها هذه الدراسة، بمدة ما بعد هجامت ا هلا، ذلك أن ما بعد احلادي عرش من ســبتمرب عام 2001م بوصفه جماال زمني

9


8

هذه اهلجامت بدأت فيها احلرب العاملية األمريكية عىل اإلرهاب وهو ما ولد يقظة أمنية مجاعية هلذا اخلطر، وهو بدوره ما أســال كثريا من احلرب ملعاجلة هذا املوضوع، إذ تعد هذه املدة خمتربا ألنامط تفاعل هذه الظاهرة وحتوالهتا مع منطق

متباين ملواجهتها بني جمهودات عربية وأدوار دولية وأمريكية.ج ـ احلدود املوضوعية: تنصب هذه الدراســة عىل جمموعة ســلوكيات الظاهرة اإلرهابية، ومتايزاهتا وتطورها وإشكالية حتديد تعريفها، وأهم مسبباهتا وأنامطها وأشكاهلا وحتوالهتا وعوملتها وتفاعالهتا املتنوعة يف العامل وطبيعة اخلطر الذي متثله وأبعادها اإلســرتاتيجية وحركيتها إىل جانب تناميها وتوزيعها، وآليات

مواجهتها املتنوعة، ومسارات هذه املواجهة ومآالهتا.

خامسا: مصطلحات الدراسةإن أية دراسة علمية يف شتى املجاالت تتطلب حتديد املفاهيم األساسية يف املوضوع

حمل البحث والدراسة، وأهم املفاهيم األساسية يف هذا املوضوع هي:

األمن Security: إن »األمن« ليس من املفاهيم التي يســهل تعريفها، وليس من املفاهيــم التي يتفق عليها بصورة عامة، وإنه مــن الصعب إعطاء تعريف حمدد ملا تعنيه كلمة »األمن«، شأهنا يف ذلك شأن كثري من الكلامت املتداولة التي تفتقر إىل تعريف حمدد هلا يمكن تقديره بشــكل قاطع، ويف ذلك يرى »باري بوزان« Barry Buzan أنه مفهوم معقد، وينبغي لتعريفه اإلحاطة بثالثة أمور عىل األقل، بدءا بالسياق السيايس للمفهوم، ومرورا باألبعاد املختلفة له، وانتهاء بالغموض واالختالف الذي يرتبط به عند تطبيقه

يف العالقات الدولية )ابن عنرت، 2005م(.

وقد تناولت الدراســات واملعاجم اللغوية العربية واألجنبية معنى األمن، فعدته مرادفا للطمأنينة، أو نقيضا للخوف أو مساويا النتفاء اخلطر، ويتعلق استخدامها عادة بالتحرر من اخلطر أو الغزو أو اخلوف، وهذه مفردات ليست مرتادفة، ومدلول كل منها خيتلف عن اآلخر) بيليس وســميث، 2004م(، ومن الســامت التي يتصف هبا مفهوم األمن ســمة التغري، فهو حقيقة متغرية تبعا لظروف الزمــان واملكان، وفقا العتبارات


11 10

ا يتطور داخلية وخارجية، فمفهوم »األمن« ليــس مفهوما جامدا، بل مفهوما ديناميكيبتطور الظروف، ويرتبط ارتباطا وثيقا باألوضاع واملعطيات والعوامل املحلية واإلقليمية والدولية )غريفيتس و أوكاالهان، 2008م(، فاألمن حالة حركية )ديناميكية( مركبة ال

تتصف باجلمود )اإلستاتيكية(.

ويمتاز األمن أيضا بكونه نوعا من املفاهيم املركبة، حيث جتتمع يف مضامينه معاين عــدة، تتصف بنوع من الغموض والوضــوح، واحلقيقة والتضليل يف آن واحد، فهناك مفهوم األمن الصلب Hard Security، واألمن اللني Soft Security، فالصلب هو ذلك املفهوم الذي يميزه الطابع العسكري لألمن )األمن الكالسيكي(، وعادة ما يتبلور من خالل موازين القوى بني الدول، أما األمن اللني، فهو مفهوم يندرج فيه مجيع التحديات غري العسكرية، التي تواجه الدول مثل: التحديات الصحية واجلرائم املدنية، والالجئني، والتطرف واإلرهاب )احلريب، 2008م(، وهي حتديات غري مبارشة ذات طبيعة مركبة، ا يتداخل فيها أمن األفراد بأمن الدولة واملجتمع، وهذه الظاهرة قد تكون ممتدة جغرافي

وعابرة للحدود، يتعدى تأثريها إىل أقاليم أخرى، بل قد تكون ظاهرة عاملية.

ـ التهديد/اخلطـر

إن دراســة التهديدات ينبغي معها التمييز بني عدد من العنارص بدءا من مستوى وحدة التحليل الرئيســة )الفردي ـ املجتمعي ـ الوطنــي ـ اإلقليمي ـ العاملي( ومرورا بمصادر التهديد )داخيل/ خارجي(، ووصوال بالسياسات أو اإلجراءات األمنية التي جيب أن تكون متوافقة مع مصادر التهديدات وطبيعتها وأنواعها، وبني اإلسرتاتيجيات والسياســات املقرتحة ملواجهة هذه التهديدات والتعامل معها، التي ختتلف باختالف

طبيعة ومصادر تلك التهديدات.

ا أو اقتصاديا وقد يمس األمن التقليدي وحقوق فـالتهديد Threat قد يكون جسدياإلنســان، أو الوضــع االجتامعي، فهو متعدد األبعاد واملظاهر، وهو ذايت أي نفســاين )Beck,2001(، فهو يشء مدرك بشــدة عكس اخلطر املعرف باإلحساس، فكلام زادت شدة اإلدراك زادت حدة الالأمن، وعليه فالتهديد هو نتيجة ترمجتنا لألوضاع املالحظة،

11


10

ومــن ثم يكون التهديد طبقا للرتمجة املتوصل إليها، عىل عكس ما يمكن تقييمه، حيث حيدث التهديد بتوافر جمموعة من األســباب واملسببات احلركية متعددة األبعاد وخمتلفة الطبيعة وهي دوما معقدة ودينامكية، وهذا ما جيعلها قابلة إلفراز أسباب جديدة تعمل عىل التحول يف طبيعة التهديد. ومن خصائص التهديد أنه يشء مدرك وقد يتعقد، ولكن ال يتالشى أو يزول؛ إذ ينبغي إجياد الرشوط الرضورية للتعامل معه، فالتهديد ال حيتوى، وال يــدار، وإنام التهديد حيل، والتهديد كذلك غري موحد املصدر يف العادة، وقد يرتبط

بحركية سببية من جهة، ويرتبط بفواعل من جهة أخرى.

أما اخلـطـــر Risk ، فإن مستوى اخلطر )مقياسه( قائم عىل احتامالت حسابية، فام ا؛ ألن األفراد يرتمجون أشياء كثرية عىل احتامل حدوث اخلطر؟ فاخلطر يكون دائام نســبيأهنا خطر هلم، فيكون اخلطر حقيقة اجتامعية إذا متت ترمجته ترمجة حقيقية، ســواء أكان ماديــا أم ال، ومن ثم ال يمكن تلخيص األخطار بكوهنا نتيجة اخلســائر املحققة بحيث إهنا حتتوي عىل مركبة أساســية وهي املستقبل، الذي يتمثل يف امتداد اخلسائر املتوقعة يف

.)Beck,2001( احلارض عىل مدى املستقبل ـ مع نقص الثقة

فاألخطار ذات عالقة باملستقبل، ومن ثم بالتنبؤ باخلسائر التي مل حتصل بعد، ولكنها هتدد باحلصول، وعىل هذا النحو فإن األخطار تستهدف مستقبال من الواجب تغيري جمراه، وقد ينتج اخلطر وفقا لربوز جمموعة من املتغريات التي قد تنتج أســبابا حتوهلا إىل هتديد،

وهكذا يكون التهديد نتيجة أولية لتحول اخلطر )الرهوان، 2006م(.

War ـ احلـرب

التعريــف األوســع قبوال لدى األكاديميــني املهتمني، هو تعريــف »كارل فون كالوزفيتس« Karl Von Klauswitz للحرب باعتبارها اســتمرارا للسياسة بوسائل

أخرى. ويعرف »كيلامن هربرت« Kilman Hurbert احلرب بأهنا:

»فعل اجتامعي داخيل من جهة وبني املجتمعات من جهة أخرى، وتتم ممارسته يف نطاق دولة واحدة أو يف النطاق الدويل« )دوريت وبالستغراف، 1985م(.

كام يعرفها »غاســتون بوتول« Gaston Boutoul بأهنا: »نضال مســلح ودام بني


13 12

مجاعات منظمة« )بوتول 1981م(، وتتخذ احلرب عدة أشكال ختتلف باختالف أطرافها وأهدافها ووسائلها وجماهلا الزماين واملكاين، حيث يمكن التمييز بني:

احلرب االســتباقية Preemptive War ، حيث يتصور أن فاعال قد يقوم باستباق هجوم موجه إليه بأن يقوم بتوجيه الرضبة األوىل خلصمه، فاحلرب االستباقية هي حالة Preventive War من اهلجوم املباغت )إيفانــز ونوينهام، 2004م(، واحلرب الوقائيةهي التي تقوم عىل عنرص املبادرة يف شــن حرب وقائية، وهو ترصف مقصود مع ســبق اإلرصار استنادا إىل تصور وجود ميزة مؤقتة، وتنطوي احلرب الوقائية بصفة عامة عىل

استخدام قدرة الفاعل يف وضع هجومي ال دفاعي.

أما احلرب غري املتامثلة Asymmetric Warfare فيتمحور جوهرها حول التشديد عــىل فكرة الغموض أو الاليقني يف حتديد ماهية العدو بجالء، وأين هو ميدان املعركة؛ إذ تدور املعركة يف بيئة غامضة )كوبالند، 2003م(، فبالنســبة لـ »هانســون غريزيل« Hansons Grisly احلرب غري املتامثلة هلا بيئتها اإلسرتاتيجية اخلاصة، فتكون بني أطراف

غري متامثلة من حيث مرسح احلرب وطبيعة العدو وأنواع األسلحة، وهناك عدم وضوح أو تــالش )Disparities( بني األطراف املتحاربة، وعادة ما يســتعمل تكتيك حرب

العصابات )Guerrilla Tactics( يف إطار هذه احلرب )كوبالند، 2003م(.

سادسا: املدخل النظري للدراسةمما ال يمكن جتاهلــه تلك العالقة بني عامل النظرية املجــردة وعامل الواقع الفعيل، فالنظرية تفرس الظاهرة، من ثم تســهم يف حتليلها وفهمها كام أهنا توفر القدرة عىل التنبؤ ا إىل مقاربة بام حيتمل أن يؤول إليه تطور الظاهرة يف املســتقبل. وتســتند الدراسة نظرياألمن اإلنساين، حيث تعترب الظاهرة اإلرهابية املعارصة من أبرز مصادر هتديدات األمن

اإلنساين بأبعاده اجلهوية والعاملية.

ويركز مفهوم األمن اإلنســاين عىل اإليفاء بحاجات اإلنسان األساسية وتشمل: توفري الغذاء، والرعاية الصحية والسالمة اجلسدية والنفسية؛ وبمعنى آخر تأمني احلرية من اخلوف واحلاجة، واحلرية يف مقدرة اإلنســان عىل اختاذ القرارات التي هتمه. وترى

13


12

جلنة األمن اإلنســاين، التي شكلتها األمم املتحدة يف عام 2000م، وقدمت تقريرها يف عام 2003م، أن املفهوم ال يتضمن فقط محاية اإلنسان، وإنام تنميته كذلك، وتربط بني توفري السالم واألمن والتنمية املستدامة )احلريب، 2008م(، كام يركز األمن اإلنساين عىل

ثالثة مستويات: الوطن واجلامعة والفرد.

وقد ذاع مفهوم األمن اإلنســاين بعد صدور تقرير التنمية اإلنسانية UNDP عام 1994م، الــذي رأى أن ما هيدد أمن األفراد يف العامل نابع من حماوالت حتقيق حاجات احلياة اليومية، وليس من أحداث العامل الكربى، وذكر التقرير أن هناك أربع سامت رئيسة

متيز مفهوم األمن اإلنساين هي )ابن عنرت، 2005م(:أوال: األمن اإلنساين كوين خيص مجيع البرش يف أرجاء املعمورة، إذ إن هناك عدة هتديدات

مشرتكة لكل البرش مثل: اإلرهاب.ثانيا: تكامل مكوناته وترابطها، حيث يتوقف كل مكون منها عىل اآلخر يف شكل اعتامد

متبادل بني هذه املكونات. ثالثا: الوقاية املبكرة هي أسهل وأقل تكلفة من التدخل الالحق يف صيانة األمن اإلنساين، ذلك أن التصدي لتلك التهديدات أقل تكلفة يف بداية طورها منه يف مرحلة الحقة.رابعا: األمن اإلنساين حموره اإلنسان )الفرد(، ومن هنا تنبع خصائص األمن اإلنساين

املتمثلة يف الرتكيز عىل متغريين مها )ابن عنرت، 2005م(:أـ عوملة األمن: احلديث عن عوملة األمن، يعني احلديث عن مســألتني مرتابطتني، املسألة األوىل: هي عاملية التهديدات، واملسألة الثانية: هي عاملية وضع احللول، بحيث إن التهديدات أصبحت ذات بعد عاملي، تستدعي وضع احللول بصفة مجاعية والتعاون بني مجيع الفواعل عىل الســاحة الدولية للحد من خطورهتا، ما يستدعي يف األخري تطوير املؤسسات املكلفة بمسألة السلم واألمن لتفادي

تأزم األوضاع وانتهاج سياسات وقائية.ب ـ أنســنة األمن: ويعني أمنا ذا وجه إنســاين، بوصفه للفرد بدال من الدولة يف قلــب تصور األمن؛ إذ يتخذ الفرد وحدة حتليل له، وعىل العكس من املفهوم ا، بل يعمل عىل إدماج مجيع األفعال العسكري الضيق، فهو ليس مفهوما دفاعي


15 14

ا بالصفة العاملية للحق يف احلياة، ما يدفع إىل االهتامم أكثر بالفرد يف حالة مقــروجود التهديدات حلاميته من اخلوف.

ويف إطار جدلية العالقة بني األمن اإلنســاين وأمن الدولة )الوطني( فهام يكمالن ويعضــدان بعضهام بعضا )ابن عنرت، 2005م(، وهنــاك حاجة إىل تقديم نظرية خمتلفة لألمن، حيث إن املداخل التقليدية تركز عىل احلامية من الرصاعات الداخلية، خاصة يف الدول النامية، وعىل الرغم من وجود اتفاق بني مدارس األمن اإلنســاين حول الرتكيز عىل محاية اإلنســان، فإن هناك اختالفا حول جمال احلامية، فهناك رأي يقوم عىل تعريف حمدود لألمن اإلنساين عىل أنه محاية الفرد من العنف الداخيل، بينام يوجد رأي آخر يرى أن التعريف أكثر اتســاعا من ذلك، ويشــمل كذلك احلامية من اجلوع واملرض وحتى الكوارث الطبيعية، ويتبدى االختالف حول جمال احلامية بشــكل آخر، يف دور الدولة،

ويظهر يف هذا اإلطار تياران:

التيار األول: ويمثله »باري بوزان« Barry Buzan ، إذ يرى أن الدولة تقوم بدور أســايس يف حتقيق األمن اإلنساين، ولكنه ليس الدور الوحيد؛ لذا فإن أمن الدولة مهم، خاصة يف الدول الضعيفة؛ ألن الدولة اآلمنــة بإمكاهنا توفري األمن وضامنه ملواطنيها؛

وهلذا، فهي وسيلة لتحقيق هذا األمن، فال يمكن جتاهلها.

وتعرف الدولة عىل أهنا مكونة من ســلطة وإقليم وشــعب؛ وهذا كله يتفاعل مع مكوناتــه، وال يمكن أن يكون آمنــا إذا كان أحد هذه املكونات يعاين انعدام األمن، بل ع األمني اإلقليمي« إن »بوزان« ذهب إىل أبعد من ذلك باســتخدامه مصطلــح »املجمRegional Security Complex عــىل جمموعة من الدول التي ترتبط اهتامماهتا األمنية

األساســية مع بعضها بشكل وثيق لدرجة أن أوضاعها األمنية الوطنية ال يمكن بحثها ا بمعزل عن بعضها )ابن عنرت، 2005م(. واقعي

باختصار، يقدم »بوزان« مفهومه عن األمن عىل أنه تصور شــامل قوامه العالقة اجلدلية القائمة بني ثالثة مســتويات خمتلفة من التحليل )الفرد، الدولة، النظام الدويل( مدعومة بتوسع واضح يف أبعاده؛ لتشمل قطاعات جديدة ومتعددة )العسكري، السيايس، االقتصادي، املجتمعي، البيئي(؛ هذا باإلضافة إىل البعد اإلقليمي لألمن الذي من خالله

15


14

يتم تصنيف الدول إىل جممعات أمن إقليمية، غري أن مقاربته تبقى مرتســخة بقوة ضمن .)Buzzan and Waever55( Stato-centreé »التصور »املتمركز حول الدولة

التيــار الثاين: ويمثله، »بوث فريي«، ويرى أن ادعاء الدولة محاية مواطنيها ما هو إال ســتار تستخدمه حلجب احلقيقة، وهي تعزيز بقاء النظام احلاكم، فبدال من أن تكون الدولة حاميــة ملواطنيها تصبح مصدرا لتهديد أمنهم؛ وهذا ال يعني جتاهل دور الدولة يف حتقيق األمن، ولكن األمر يتعلق بإبعاد احلكومة التي هتدد شعبها، وهذا ما ينطبق عىل »الدولة الفاشلة« التي تشهد ظهور شبكات إجرامية كربى، وأمراء احلروب وميليشيات منظمة وفق هويات حمددة، تنشأ يف إطار ليربالية العوملة اجلاحمة التي تزيد من وهن الدول الضعيفة، ما يقود إىل اهنيار هذه الدول، بمعنى آخر، إن عدم قدرة الدولة عىل املنافســة عامليــا يضعف اقتصادها وحيد من قدرهتا عىل جلب املوارد، األمر الذي يؤدي إىل هتيئة

مناخ الفساد، وانتشار اجلريمة املنظمة، وخصخصة العنف.وهذا ما يعني أن الدول الضعيفة أصبحت تشــكل خطــرا عىل أمن مواطنيها يف الداخل، وعىل أمن الدول األخرى يف اخلارج؛ ألهنا ببســاطة عاجزة عن أداء وظائفها، وغــري قادرة عىل احتواء التناقضات االجتامعية، حيث يعتمد مدخل حتليل الشــبكات االجتامعيــة Social Networks Analysis يف حتليلــه عىل مدرســة البناء االجتامعي من خــالل تركيزها عىل بعدين: مادي واجتامعي، فالفاعلون )الوكالء( الذين يعملون ضمــن هيكل اجتامعي حمدد يتأثرون هبذا اهليكل ويؤثرون فيه )جنديل، 2007م(، ويف هذا اإلطار فإن الروابط قد تكون واحدة من العالقات القائمة بني الوحدات، كروابط القرابــة )القبلية/اإلثنيــة(، أو التعامالت املادية أو تدفق املــوارد والعون، أو التفاعل الســلوكي، فالتشوهات املجتمعية عادة ما تكون سمة بارزة يف هذه الدول الفاشلة التي

تشكل بالفعل خطرا كبريا عىل األمن اإلنساين.أمــا فيام خيص األبعــاد اجلهوية والعاملية لألمن اإلنســاين فالنظريــة الكونية أو الكوسموبوليتانية، تقر بحملها ملفهوم األمن اإلنساين من خالل الرتابط والتكامل بني األنظمة الداخلية واإلقليمية والعاملية، فمفهوم األمن اإلنســاين مفهوم كوين ينطلق من فكــرة أنه ال أحد بمأمن من التهديدات، وأنه عىل اجلميع أن يعمل معا لضامن الســلم

واألمن الدوليني، اللذين ينعكسان عىل أمن الدول كلها.


17 16

فلقد أدت مسألة عوملة التهديدات، ألن تكون احللول عىل خمتلف املستويات: حملية، جهوية، عاملية، فام يظهر لنا أن ما حيدث يف الوطن العريب وإفريقيا وأمريكا وأوربا وآسيا مل يعد يرتبط فقط باألمن يف بعده العســكري، بل يف كل ما يمكن أن هيدد أمن اإلنسان، وتأكد جلميع الدول أن ما حيدث لدى دول اجلوار من حالة الالاســتقرار ســواء الناجتة عن النزاعات الداخلية، أو عــن التخلف االقتصادي، أو عن الفقر، وعن إظهار عجز ا ملواجهة التهديدات احلكومات، سينعكس سلبا عليها. ما يستوجب عليها العمل مجاعيالتي مل تعد داخلية، بل جهوية وعاملية، وأصبح أمن الدولة مرهون بأمن دول اجلوار ومل

يعد األمن فقط يف تأمني احلدود )رصد، 2008م(.

ويصعب إذن حرص التهديدات داخــل حدود الدولة؛ لكون التلوث واإلرهاب واألوبئة وغريها قد أكدت للــدول رضورة جتنب احللول االنفرادية، بل يدرج مفهوم األمن اإلنســاين فكرة أن املؤسسات الدولية لألمن، اجلهوية أو العاملية، يمكنها تشكيل هندسة أمنية متناسقة ومتجانسة، ومدرجة لكل الفواعل احلكوميني وغري احلكوميني، فاألمن اإلنســاين ال حيرص مســألة إجياد وصيانة األمن فقط يف إطار الدولة، واملنظامت اجلهويــة والعاملية، بل كل الفواعل بام فيهم املنظامت غري احلكومية، والرشكات متعددة

اجلنسيات، واملجمتع املدين وحتى األفراد يتقاسمون املهمة )رصد، 2008م(.

سابعا: الدراسات السابقةانطالقا من فكرة أن املعرفة العلمية هي معرفة نسبية جزئية غري مطلقة قابلة للتحسني ا تتغري بتغري وســائل التحليل، وإدراكا منا خلاصيتها الرتاكمية بوصفها مستلزما أساسيللتطــور والتتابع املعريف يف العلوم املختلفة، يتعني عــىل الدارس الرجوع إىل األدبيات الســابقة للظواهر املراد حتليلها لالستفادة منها ومناقشتها ونقدها وإثرائها أو جتاوزها، حيث شهدت الظاهرة اإلرهابية عىل مر العصور كثريا من الدراسات والتوثيقات وحفظ الشــواهد املختلفة عن هذه الظاهرة، كام تشرتك كل هذه البحوث املختلفة عن الظاهرة اإلرهابية يف عدم استيعاب املفهوم الشامل املوحد هلذا املصطلح، وعند البحث يف الظاهرة اإلرهابية وتفاعالهتا بعد هجامت احلادي عرش من سبتمرب عام 2001م وتصنيف أهم

17


16

األطــراف املتدخلة واملهتمة بمواجهة هذه الظاهرة نجد كثريا من الدراســات وأغلبها دراسات غربية قد اهتمت بدراسة أجزاء من الظاهرة.

من أوىل الدراسات يف هذا املوضوع نجد دراسة لــ: Thomas Dempsey بعنوان: »Counter Terrorism in Failed State: Challenges & Political Solutions«وذلك يف أبريل عام 2006م، وقــد حاول الباحث حتليل الظاهرة اإلرهابية من خالل ربطها بانتشار ظاهرة أخرى موازية ومدعمة لنشوء األوىل متثلت يف انتشار الدولة الفاشلة حيث أصبحت الدولة الفاشــلة راعية لإلرهاب من خالل إخفاقها وفشلها املستمر يف

أداء مهامها األولية وعجزها التام عن حماربة الظاهرة اإلرهابية.

Wulfa Okuma »ونجد كذلك جمموعة الكتب التي حررها كل من »ويلفا أوكيامو»أنيــيل بوثا« Annel Botha، من خالل مجعهم للمداخالت التي تعرض يف الندوات التي يقوم هبا معهد الدراســات األمنيــة )ISS(. حيث قام املعهد بندوة يف بريتوريا يف Understanding Terrorism:« :السادس والســابع من نوفمرب 2006م حتت عنوانVoice in Search for Africa« وقــد نرشت يف كتاب مجاعي يف عام 2007م، حيث

متحورت أعامل هذه الندوة حول الفهم العاملي لإلرهاب من خالل التطرق إىل املسببات التارخيية لظهور اخلطر اإلرهايب وتطوره، ومدى هشاشة وقابلية الدول ملامرسة النشاطات اإلرهابية التي أثرت بشــكل كبري عىل تنمية وتطور هذه الدول، ما دفع هبذه األخرية إىل

تبني إسرتاتيجيات خمتلفة ملكافحة هذه الظاهرة.

وعىل صعيد الدراسات العربية، قدم أمحد إبراهيم حممود دراسة بعنوان: »اإلرهاب الــدويل: بني األزمات الداخليــة وهتديدات تنظيم القاعــدة«، يف يوليو عام 2008م، حماوال بذلك حتليل طبيعة التهديد اإلرهايب يف إفريقيا والبحث يف تطور جهود مكافحته وانعكاسات ذلك عىل إفريقيا وقد ركز بشكل كامل عىل تنظيم القاعدة يف إفريقيا واألدوار

التي يقوم هبا.

ولقد ظهرت كثري من الدراســات العربية واألجنبية بعد إعالن الواليات املتحدة األمريكية عن رغبتها يف إنشاء قاعدة عسكرية خاصة بإفريقيا يف بداية عام 2007م، إال أن أغلب هذه الدراسات تركز عىل الدور العسكري األمريكي يف إفريقيا والعامل العريب.


19 18

كام ركزت كثري من البحوث األخرية عىل الوضع يف العامل العريب والتعرض لظاهرة داعش يف بداية عام 2013م، وتناولت اإلرهاب اإلسالموي، واإلرهاب املذهبي والطائفي، وبعض املحاوالت األخرى التي قاربت اإلرهاب الناشــئ عن احلراك العريب منذ عام

2011م كجبهة النرصة يف املرشق العريب، وإرهاب شامل إفريقيا.

وعليه، تظهر خصوصية هذه الدراســة يف كوهنا تعالج املوضوع وفق رؤية شاملة تعمل عىل حتليل الظاهرة اإلرهابية وتفاعالهتا املختلفة يف زمن ما بعد احلداثة، وتســتند ا إىل مقاربة األمن اإلنساين، حيث حتلل الدراسة الظاهرة اإلرهابية من خالل مساسها نظريباألمن اجلهوي والعاملي، إضافة إىل أن فرتة الدراسة شهدت ظهور متغريات جديدة عىل بيئة األمن العاملــي، وخاصة مع ازدياد االهتامم الدويل بالظاهرة اإلرهابية وهو ما يولد

بعدا آخر لدراسة هذه الظاهرة.

ثامنا: اإلجراءات املنهجيةتقوم الدراسة عىل »االنتقائية« يف التكامل املنهجي، التي تعرب عن استقطاب العملية البحثية ملجموعة املناهــج واالقرتابات املالئمة واملتوافقة مــع اخلطة الناظمة للبحث

واملستوعبة للظاهرة حمل الدراسة.وتســتند الدراسة بشكل أســايس إىل منهجني هتدف من خالهلام إىل حتقيق هدفني متداخلني: مها الكشــف والربهنة. أما فيام يتعلق بالكشف، فتعتمد الدراسة عىل املنهج ا انطالقا من موعد والدهتا، التارخيي Historical Method لتتبع الظاهرة اإلرهابية زمنيفموعــد نضجها وأخريا مآالهتا، حيث يفيدنا املنهج التارخيي يف العودة دائام للبحث يف التاريخ عن خصائص هذه الظاهرة وأبعادها واســتعراض مسارها )شلبي، 2002م(، كام يســاعدنا يف قدرته عىل حتري األســباب التي تكمن وراء ظهور الظاهرة اإلرهابية وانتشــارها، ليعترب املنهج التارخيي كمعمل لكشــف العالقة التي تقوم بني األســباب املؤدية إىل نشــوء الظاهرة والنتائج املرتتبة عىل ذلك )صربي، 1991م(، عىل أساس أن

لكل حدث طبيعته املتميزة )شلبي، 2002م(.أما فيــام يتعلق بالربهنــة، فتعتمد الدراســة عىل خطوات األســلوب الوصفي Descriptive بوصفه أســلوبا إجرائيا الســتقصاء طبيعة الظاهرة اإلرهابية يف زمن ما

19


18

بعد احلداثة، إذ يعترب الوصف كـ »أســلوب« أو مستوى إجرائي أسايس تعتمد الدراسة عليه لوصف أنامط الظاهرة اإلرهابية وأشــكاهلا وأساليبها وحتوالهتا، ووصف كذلك العنارص املركبة للظاهرة اإلرهابية ومجيع تفاعالهتا يف القارة اإلفريقية، وكذا جرد اآلليات

والبدائل الساعية ملواجهتها.أما فيام خيص االقرتابات التي توظفها الدراســة، فهي أوال تســتخدم االقرتاب متعدد املتغريات ومتعدد املستويات؛ إذ يسهم يف حتليل الظاهرة اإلرهابية من خالل عدة مســتويات متباينة يف السياق العاملي، إىل جانب حركية كبرية بني املتغريات املتحكمة يف التفاعالت املختلفة للظاهرة واآلليات املطروحة ملواجهتها.وتستفيد الدراسة كذلك من االقرتاب القانوين Legal Approach الذي بدوره يفرتض جمموعة من املعايري والضوابط القانونية التي تستخدم يف التوصل إىل احلكم عىل رشعية الفعل اإلرهايب أو عدمه، وهيتم كذلك بوصف اإلجراءات املتبعة بشأن االعتداءات واالنتهاكات من جهة، كام يركز هذا االقرتاب عىل املعاهدات واالتفاقات الدولية من جهة أخرى، حيث تستعمله الدراسة لتحليل أهم املواثيق واالتفاقات )شــلبي 2002م( والوثائق التي تستنكر االعتداءات

اإلرهابية وحتاول مواجهة هذه الظاهرة.وهبذا يتم دراسة هذه الظاهرة دراسة حتليلية تستفيد من مجلة املناهج واالقرتابات

ا يستويف دراسة مجيع جوانب الظاهرة. املذكورة مشكلة بذلك مركبا حتليلي

املحور األول: أشكال وأنامط الظاهرة اإلرهابية

تتعدد أنامط اإلرهاب وأشكاله وتتباين بتباين املدى والنطاق واألطراف والفاعلني والوسائل واألهداف ومع هذا التعدد والتنوع تربز صعوبة حماولة اإلحاطة بجميع صور اإلرهاب وأنامطــه وتصنيفاته، خاصة يف عرص العوملة وما طــرأ عىل هذه الظاهرة من حتوالت. إال أن ثمة معايري رئيسة يمكن ذكرها وعىل أساسها يمكن التمييز بني األنامط

واألشكال الرئيسة التي تتخذها الظاهرة اإلرهابية وهي:

1 ـ اإلرهاب حسب املعيار التارخيي

حيث يمكن التمييز بني اإلرهاب الكالسيكي واإلرهاب املعارص.


21 20

أـ اإلرهاب الكالسيكي: يقصد به ذلك اإلرهاب الذي شاعت ممارسته يف النصف الثاين من القرن التاسع عرش وبداية القرن العرشين، وقد تركز هذا النمط من اإلرهاب يف إرهاب احلركات الفوضوية والعدمية، إذ تقوم فلسفة الفوضوية Anarchism عىل مناهضة الدولة والســلطة، والسعي عن طريق اإلرهاب

والعنف إىل تقويض دعائمها وهدم رموزها وأركاهنا لتحرير الفرد واملجتمع من أي سلطة وقهر وتسلط، استنادا إىل مقولة إن الناس قادرون عىل العيش معا يف وئام دون حاجة حلكومة جتربهم عىل الطاعة وتنظمهم )فوزي، 2014م(.

ب ـ اإلرهاب املعارص/اجلديد: وهو اإلرهاب الذي نعيشه ونعايشه من وقت آلخر يف عرصنا احلايل، ويشمل معظم احلركات اإلرهابية احلديثة يف الوقت احلايل، وهذا النمــط من اإلرهاب يعود إىل عرشين أو ثالثني ســنة، وهو خليط من حركات واجتاهات خمتلفة. ويتميــز هذا النمط من اإلرهاب بالطابــع اجلامعي أكثر من الصفــة الفردية، كام تقوم عليه كثري من املنظامت بالغة التعقيد، ومتطورة التنظيم واملتســلحة، واملتغلغلة يف أوســاط قطاعات عريضة من املواطنني. وهذا النمط

من اإلرهاب يضم يف جناحيه مجيع أنامط اإلرهاب املعارص )حريز، 1997م(.

2 ـ اإلرهاب حسب معيار الفاعلني

حيث يتم التمييز بني إرهاب الفرد، وإرهاب الدولة.

أ ـ اإلرهاب الفردي:يقصد باإلرهاب الفردي ذلك اإلرهاب الذي يتم بواســطة أشــخاص معينني، سواء عملوا بمفردهم أو يف إطار جمموعة منظمة، ويوجه هذا اإلرهاب ضــد نظام قائم أو ضد دولة معينة، ويطلق عىل هذا النمط من اإلرهاب مصطلح اإلرهاب من األســفل Terrorism From Below، بينام يصفــه آخرون باإلرهاب األبيــض White Terrorism )حريز، 1997م(، وهذا الشكل من اإلرهاب يتميز باالنتشار واالستمرارية والتنوع يف األهداف

واألساليب والوسائل.

بـ إرهــاب الدولة: ويقصد به اإلرهــاب الذي تقوده الدولة من خالل جمموعة

21


20

من األعامل والسياســات احلكومية التي هتدف إىل نرش الرعب بني املواطنني يف الداخل، وصوال إىل تأمني خضوعهم وانصياعهم للحكومة، أو يف اخلارج هبدف حتقيق بعض الغايات التي ال تســتطيع الدولة أو ال تتمكن من حتقيقها بالوسائل املرشوعة )شكري، 2004م(، ويطلق بعضهم عىل هذا الشكل من اإلرهاب اصطالح اإلرهاب من األعــىل Terrorism From Above، عىل حني يفضل بعضهم اآلخر تعبري اإلرهاب األمحر Red Terrorism لوصف

هذا النشاط اإلرهايب )حريز، 1997م(. State Sponsored Terrorism هناك أيضا ما يسمى باإلرهاب املدعم بالدولةوحيدث هذا عندما تتخذ دولة من اإلرهاب وسيلة بديلة عن احلرب النظامية أو احلرب املعلنة وتوجه أنشطتها ضد دولة كربى أو أي دولة أخرى تناصبها ا، إذ تدعم الدولة جمموعات إرهابية إما ا أو عرقي العداء وتتصارع معها سياسيا لتحقيق غاياهتا يف الدولة املســتهدفة من خالل هذه اجلامعات ا أو معنوي مادي

اإلرهابية )موريس، 2005م(.ج ـ اإلرهاب حســب معيار املوضوع:يشــمل هذا املعيار اإلرهاب الذي يمكن أن يستعمل أحد أســلحة الدمار الشــامل الثالثة وهي: اإلرهاب النووي، واإلرهــاب الكيــاموي، واإلرهــاب البيولوجــي، التي أصبــح يعرب عنها بـ »األسلحة الذكية«. إضافة إىل أنواع أخرى من اإلرهاب لعل أمهها اإلرهاب

البيئي، واإلرهاب املعلومايت.ـ اإلرهــاب النووي: لقد بات اخلوف من اإلرهــاب النووي واقعا منذ عقد التســعينيات، والسيام مع ما تردد عن إمكانية حصول مجاعات إرهابية عىل رؤوس أو مواد نووية من مجهوريات االحتاد الســوفيتي الســابق، ويف ظل حالة الفوىض التي أصابت الرتسانة النووية عقب تفكك االحتاد السوفيتي، وعىل الرغم من أن املعرفة النووية أصبحت متاحة عىل نطاق واســع إال أن

التكنولوجيا النووية ليست متاحة بسهولة )بوادي، 2008م(.وتعترب عملية إنتاج رؤوس نووية مســألة بالغــة الصعوبة، ومع ذلك فإن التحليالت املطروحة عن اإلرهاب النووي ال تتحدث فقط عن احتامالت


23 22

نجــاح اجلامعات اإلرهابية يف احلصول عىل رؤوس نووية، ولكنها تتحدث أيضا عن أشكال أكثر بساطة من ذلك، وأبرزها ما يعرف بـ »القنبلة الذرية«، وهي عبارة عن مواد نووية مشعة يمكن وضعها مع متفجرات تقليدية، بحيث يؤدي االنفجار إىل انتشــار اإلشعاع املتولد عن املواد النووية عىل مساحات شاسعة حمدثا بذلك أرضارا إنسانية ومادية فادحة )إذ تنقسم القنابل النووية إىل قنابل ذرية وقنابل هيدروجينية التي تنقســم بدورها إىل ثالثة أنواع هي:

القنبلة فوق اهليدروجينية، والقنبلة الكوبالتية، والقنبلة النيرتونية(.وهنــاك أيضا ما يعرف بـ »احلقيبــة النووية«، وهي حتتوي عىل رأس نووي يضم شحنة كيلوتونات تزن إمجاال نحو أربعة وسبعني كيلوجراما، وال تقتــرص خماطر هذه احلقيبة عىل قوة التفجري فقط، ولكن أيضا بالتأثري القاتل للبقايا اإلشعاعية الناجتة عن التفجري يف املنطقة املستهدفة، وربام يكون بعض

هذه احلقائب قد وصل إىل بعض اجلامعات اإلرهابية )بوادي، 2008م(.ـ اإلرهاب الكياموي: يتسم اإلرهاب الكياموي بالبساطة والسهولة النسبية، بسبب سهولة تصنيع املواد الكياموية وسهولة استخداماهتا، عالوة عىل ضخامة اخلسائر املرتتبة عليها. وتنقسم املواد الكياموية إىل نوعني رئيسني: األول هو املواد املوجهة ضد األعصاب اإلنسانية، مثل: »السارين«، والثاين املواد املوجهة ضد اإلنزيامت املوجودة داخل جسم اإلنسان، مثل: »األستيل كولني استريز« )إبراهيم، 2002م(. واســتفاد هذا النوع من التهديد اإلرهايب الكياموي من مزايا التطور العلمي، خاصة بعد تطور عمليات اهلندســة الوراثية والتلقيح االصطناعي واإلنجاب عــن طريق األنابيب، وكثرة املركبات الكيامويــة ونصف الكياموية، ما زاد من خطورة هذا النوع خاصة إذا كان مقصدا مهام لإلرهابيني، فقد استعمل كذلك يف بعض عمليات االختطاف، حيــث حقن كثري من املختطفني بحقن كياموية حتتوي فريوسات مثل: فريوس اإليدز، وبعض األمراض األخرى، وحتى يف بعض املواد الغذائية كاللحوم واألجبان، وكذلك األكياس البالستكية واأللبسة، وكل ما حييط باإلنســان ويستعمله كشفرات احلالقة والعطور وغسول الشعر

وألعاب األطفال، وغريها.

23


22

ـ اإلرهاب البيولوجي: ويعرف بأنه االســتخدام املعتمــد لبعض الكائنات احلية الدقيقة )امليكروبات( لتلويث مصادر املياه واهلواء والغذاء، حيث يمتد دمارها إىل سنوات طويلة . وكام يعرف أيضا بأنه استخدام اجلامعات اإلرهابية للكائنات احلية املجهرية والفطريات السامة والفريوسات بقصد إحداث أعراض وبائية أو موت اإلنســان أو احليوان أو هالك املحاصيل أو مجيعها معا )ردادة، 2008م(، ويمكن استخدام العنارص البيولوجية أيضا إلصابة املستهدفني باملرض أو لشل قدراهتم عىل احلركة أو إتالف خمزوهنم من األغذية وإرهاهبم أو إشغاهلم بأنفسهم

واستهالك إمكاناهتم وجعلهم بعيدا عن املقاومة.ا باملعنى احلريف للكلمة قبل حوادث ومل تشهد الســاحة الدولية إرهابا بيولوجي انتشــار اجلمرة اخلبيثة يف بعض مدن الواليات املتحدة، ثم انتشــاره يف عدد من الدول األخرى )ردادة، 2008م(، وكذلك انتشــار فريوس أنفلونزا الطيور يف الصني عام 2005م، وانتشــاره يف أغلب دول رشق آسيا خالل عام 2006م، ووصوله إىل بعض دول إفريقيا يف عام 2007م كمرص مثال، وانتشــار فريوس أنفلونزا اخلنازير يف العامل، وخاصة يف أوربا والعامل الغريب يف عام 2009م وبداية عام 2010م، وكذلك فريوس إيبوال يف إفريقيا الغربية عام 2014م وبداية عام

2015م، وفريوس كرونا يف دول القرن اإلفريقي يف الفرتة نفسها تقريبا.ولقد مثلت بدورها حتوالت جوهرية يف طبيعة هتديد اإلرهاب البيولوجي، ومن املعروف أن كثريا من دول العامل، وبالذات الدول الكربى، متتلك ترسانات متطورة يف جمال األسلحة البيولوجية. وتتنوع األسلحة البيولوجية ما بني ثالث فئات هي: البكترييا والفريوسات والتوكسينات )إبراهيم، 2002م(، ومن املحتمل أن يزداد اللجوء إىل هذا الشــكل اإلرهايب اجلديد يف املستقبل املبارش أو القريب، وهو ما قد يتسبب يف خسائر إنسانية فادحة، إال أن مسألة استخدام األسلحة البيولوجية يف العمليات اإلرهابية تعد مســألة معقدة إىل حــد كبري، وحتتاج إىل تكنولوجيا

ا ال توجد إال يف الدول الكربى. متقدمـة جدـ اإلرهاب البيئي )األيكولوجي(: يتحدد اإلرهاب البيئي من خالل رغبة شخص


25 24

أو جمموعة أشخاص عن طريق اســتخدام أي وسائل لتحقيق أهدافها، بحيث تشكل البيئة اهلدف األنسب بالنسبة هلم، ما يؤدي إىل رضب املصالح الرئيسة، التي توليها اهتامما بارزا، كام أنه يعد أبشــع أداة تستهدف األفراد يف أمنهم وممتلكاهتم وأنفسهم، إذ إن مصريهم مرتبط بالوسط الذي يعيشون فيه )جواد، 2008م(.

إن كل هذا يؤكد بشكل رصيح أن البيئة هي الضحية املفضلة لإلرهاب، فاستعامل وسائل شديدة اخلطورة تؤثر يف البيئة، خاصة رمي الفضالت وردم اإلشعاعات والبقايا، والدخان وحرق الغابات، وهو ما حتدثت عنه كثري من االتفاقات الدولية املتعلقة بالبيئة والتنمية )جواد، 2008م(، إذ تعد املشكالت البيئية من التهديدات

ا. الرئيسة التي تأخذ صفة التهديد الالمتاثيل الذي ال يمكن مواجهته عسكريوتشارك الدول الكربى الصناعية بالتأثري السلبي األكرب عىل البيئة، عىل غرار ما تستطيعه اجلامعات اإلرهابية من تأثري يف البيئة، وهو ما دفع بالكثري إىل التحدث عن طروحات األمن البيئي باعتباره أحد األبعاد السبعة لألمن اإلنساين، وترتبط بالفرد وتؤثر يف صحته ويف الوســط الذي يعيش فيه، وتشري بعض اإلحصاءات إىل أن نحو 600000 شخص قيض عليهم يف السنوات األخرية جراء التغريات

البيئية واملناخية )براحو، 2008م(.ـ اإلرهــاب املعلومايت أو »اإلرهاب الســرباين« Cyber-Terrorism: ويتمثل يف اســتخدام املوارد املعلوماتية، املتمثلة يف اإلعالم وأجهزة احلاســوب وشــبكة اإلنرتنــت والفضائيات، من أجل أغــراض التخويــف أو اإلرغام ألغراض سياســية، أو اإلقناع الفكري والتثقيف الســلبي والعدواين، ويرتبط اإلرهاب املعلومايت إىل حد كبري باملستوى املتقدم للغاية الذي باتت تكنولوجيا املعلومات واإلعــالم تؤديه يف مجيع جماالت احلياة يف العامل، ويمكن أن يتســبب اإلرهاب املعلومايت يف إحلاق الشلل بأنظمة القيادة والسيطرة واالتصاالت أو قطع شبكات االتصال بني الوحدات والقيادة املركزية وتعطيل أنظمة الدفاع اجلوي، وغريها

)حنفي، 2005م(.وكان الرئيــس األمريكي الســابق »بيل كلينتون« قد ركز كثــريا عىل التصدي الحتــامالت اإلرهاب املعلومــايت )شــعيبي، 2008م(، أو باألحرى إرهاب

25


24

اإلنرتنت، حيث انتشــار اجلامعات اجلهادية عىل شبكة اإلنرتنت مشكلة بذلك ا، ويعد هذا التهديــد هو األكرب واألقرب لــكل دول العامل؛ هتديــدا إلكرتونيألنه يمس بصفة مبارشة فكر اإلنســان وعقله، حيــث أرجع كثري من الباحثني املتخصصني يف ظاهرة اإلرهاب أن هذا النوع من اإلرهاب يعود بصفة عامة إىل

وجود انحراف فكري لدى من يقوم هبذه األعامل.وتشرتك عدة عوامل يف تكون اإلرهاب املعلومايت وحتوله من إطاره الفكري إىل عمل مادي مظهري)شــعيبي، 2008م(، وخاصة إذا ارتبط بإمكانية استخدام أســلحة الدمار الشامل املذكورة آنفا واملتمثلة يف اإلرهاب النووي،أو اإلرهاب الكيــاموي، أو اإلرهاب البيولوجي. وإن أغلب اجلامعات اإلرهابية تســتخدم اليوم مواقع التواصل االجتامعي »فيس بوك«، و»تويرت« من أجل جتنيد الشباب

يف أنحاء العامل، وكذلك إنشاء كثري من املواقع اجلهادية.

املحور الثاين: أساليب عمل الظاهرة اإلرهابية املعارصة

اختذت العمليات اإلرهابية عدة وســائل وأســاليب للوصول إىل حتقيق أهدافها وغايتهــا، كام تتطور تلك األســاليب وختتلف باختالف املــكان والزمان، وباختالف اإلمكانــات والقيادات؛ إذ تتفاوت األهداف والتنظيامت مــن حيث احلجم والتنظيم والتخطيط والدقة التي قد تتوافر مجيعها أو بعض منها، وتركز الدراســة يف هذا املطلب عىل أساليب العمل اإلرهايب املختلفة، وأهم حتوالت الظاهرة اإلرهابية يف عرص العوملة.

وترتكز أهم أســاليب العمل اإلرهايب فيام ييل)ال يعني هذا املجال من األحوال أن اإلرهاب يقف فقط عند حدود هذه األساليب، بل إن األمر أكرب من ذلك وأوسع حتى إن أحدا ال يستطيع أن يتكهن بام يمكن أن حيمله مستقبل اإلرهاب من مفاجآت قد تكون مذهلة يف الوسائل واألساليب والنتائج خاصة، وقد تزايد احلديث عن احتامالت متلك

املجموعات اإلرهابية ألسلحة الدمار الشامل(:

1ـ اختطاف الطائرات Hijacking وتغيري مسارها بالقوة: إن من أخطر األساليب التي تلجأ إليهــا اجلامعات اإلرهابية عمليات اختطــاف الطائرات أو تغيري


27 26

مسارها بالقوة التي هتدد أحد مرافق النقل اجلوي املهمة، األمر الذي يرتتب عليه خطورة كبرية متعددة اجلوانب واألبعاد )حريز، 1997م(. ولعل أبرزها يف العرص احلايل اختطاف الطائرات األربعة هلجامت احلادي عرش من سبتمرب عام 2001م عىل برجي مركز التجارة العاملي يف نيويورك ومبنى البنتاغون يف العاصمة واشــنطن، وهناك عدة أساليب يف السياق نفسه تتخذها العمليات اإلرهابية ضد ســالمة الطريان املدين، مثل: ختريب الطائرة يف أثناء طرياهنا أو يف أثناء وجودها عىل أرضية املطار، أو اختطافها بقصد اللجوء الســيايس أو

بقصد طلب فدية أو إطالق رساح مسجونني )شكري، 2004م(.

ويعد أســلوب اختطاف الطائرات أو تغيري مســارها بالقوة عمال من أعامل اإلرهاب الدويل، التي ختضع لقواعد القانون الدويل العام واملواثيق واالتفاقات الدولية، إذ اختذت الدول واحلكومات املختلفة جمموعة من التدابري، من أجل احلد من عمليات االختطاف، إن مل يكن منع حدوثها متاما، وهذه التدابري متثل نوعــا من العمل الوقائي ضد احتامالت وقــوع تلك احلوادث، وتتمثل هذه

التدابري يف نوعني أو مستويني )دبارة، 1995م(:

ـ تدابــري يتم اختاذها يف املطارات قبل إقالع الطائرة كمراقبة ســلوك املســافرين أو الــركاب واســتخدام التفتيش بأجهزة األشــعة واملؤرشات املغناطيســية

.Magnetometers

ـ تدابري يتم اختاذها عىل متن الطائرة وتتمثل أساسا يف تواجد عدد من رجال األمن ا يؤهلهم ملقاومة أي حماولة الختطاف الطائرة املسلحني واملدربني تدريبا خاصأو تغيري مسارها، كام تلجأ بعض الرشكات إىل إجراءات خاصة كإحكام قفل

باب غرفة القيادة وغريها من اإلجراءات.

2 ـ زرع املتفجــرات وإلقاء القنابل والعمليات التخريبية: أحد أقدم األســاليب وأوسعها انتشارا هو أسلوب زرع املتفجرات وإلقاء القنابل وختريب املنشأة، فلقد استخدم اإلرهابيون هذا األسلوب منذ القرن التاسع عرش، وحتدثنا خربة روسيا القيرصية واخلربة الفرنسية آنذاك عىل املدى الواسع الذي استخدم فيه

27


26

اإلرهابيون هذا األسلوب املدمر يف مواجهة خصومهم )شكري، 2004م(.ويلجأ اإلرهابيون إىل اتباع هذا األسلوب عىل نحو متسع النطاق، نظرا لكثري من االعتبارات منها: ســهولة االستخدام وسهولة احلصول عىل املتفجرات، ســواء عن طريق ســلبها أو عن طريــق صنعها، وردود الفعــل النامجة عن اســتخدامها وتفجريها حيث الدوي اهلائل وصوت االنفجار املرعب حيقق لإلرهابيني فرصة إلحداث التأثري النفيس املطلوب )شــكري، 2004م( من جهة، ويدعم روابط االتصال والتنســيق بني الشبكات اللوجستية اإلرهابية

من جهة أخرى.وال شك يف أن األعامل اإلرهابية التخريبية التي يقوم هبا اإلرهابيون من أخطر وسائل اإلرهاب، حيث يذهب ضحيتها كثري من األبرياء )دبارة، 1995م(، واهلدف األســايس لعمليــات التخريب أو زرع القنابل هــو زعزعة الكيان السيايس للدولة، وصوال إىل القضاء عىل بنيتها الفيزيائية، وكذلك إثارة الرعب والفــزع يف مواطنيها والتأثري يف الدول املجــاورة، ولقد أدخلت املخططات اإلرهابية يف حسباهنا مزايا التكنولوجيا اجلديدة، حيث أصبح يمكنهم تفجري القنابل واملتفجرات عن بعــد )القنابل الذكية( بمجموعة كبرية من التقنيات أبسطها ضبط الوقت أو باهتزازات اهلاتف النقال، والربجمة احلاسوبية، وتفجري

السيارات واملنشأة املربجمة كذلك )عبد احلليم، 2005م(.وإزاء خطورة مثل هذا األسلوب من أساليب ممارسة اإلرهاب تم تنسيق جهود الدول ملواجهته، وذلك يف إطار االتفاقات الدولية التي أبرمت ملعاجلة اإلرهاب عىل وجه العموم، ومما ال يغيب عن األذهان أن أسلوب العمليات التخريبية أو زرع املتفجرات وإلقاء القنابل ونصب الكامئن، وغريها من العمليات اإلرهابية ا هي أفعال جمرمة يف معظم القوانني الوطنية لسائر الدول؛ ردعا ملرتكبيها وحد

من حدوثها وحتجيام لنطاقها.

3 ـ االغتيــال وقتــل األفــراد والعمليــات االنتحاريــة: تعد عمليــات االغتيال اإلرهابية من أعنف أســاليب اإلرهاب وأقدمهــا، وتتمثل يف اغتيال وقتل أي


29 28

من الشــخصيات املهمة التــي هلا تأثري يف الرأي العام، داخــل الدولة الواحدة )دبارة، 1995م( أو خارجها، وتتوقف هذه الشــخصية بالنسبة لإلرهايب عىل اهلــدف من العمليــة اإلرهابية، فقد يكون االغتيــال أو القتل ألجل التخلص من الشــخص نفســه وأفكاره وتأثرياته عن طريق نمــوذج التصفية الروحية )شلبي، 2002م(، وربام ملا يمثله من دور مركزي يف جتمع سيايس أو اجتاه ما، أو إلحداث حالة من الفزع أو الرعب أو إليصال رسالة، حيث إن مجيع األساليب والعمليات اإلرهابية ال ختلو من إيصال رســائل مشفرة جلهة أو ألخرى؛ ألن

العمليات اإلرهابية تكون يف العادة متعددة األبعاد وخمتلفة املستويات.

إىل جانــب عمليــات االغتيال، كام ذكر ســابقا، فإهنا تركز عىل اســتهداف الشــخصيات املهمة، فإن هناك عمليات أخرى موازية تستهدف قتل األفراد ا )عمليات اغتيال مجاعية(، إذ يتم إطالق النار عىل الناس يف أماكن عشــوائيخمتلفة منها: املحطات واجلامعات واألســواق ومراكز العبور.. إلخ، وتتنوع أســاليب إطالق النار العشــوائي من حالة إىل أخرى، ومن بندقية بسيطة إىل رشــاش متطور، ومسدســات إلكرتونية وكامتة الصوت، ومؤهلة بعدسات

توجيه ليلية وأسلوب االغتيال هو عملية متطورة ومستمرة.

أما فيام خيص العمليات االنتحارية، فهي أســلوب آخــر أكثر كارثية؛ إذ يتم هذا عن طريــق احتواء اإلرهايب ملجموعة متفجــرات من خالل عدة طرق أمهها احلزام الناســف، وتستهدف يف العادة مراكز اجليش والرشطة، وكذلك املالهــي الليليــة وأماكن التجمع العــام. واعترب عقد التســعينيات املوجة التارخييــة الثالثة للعمليات االنتحارية )حنفــي، 2005م(؛ إذ انترشت هذه العمليــات خالل احلرب العامليــة الثانية يف جيلها األول، بينام توســعت يف جيلهــا الثاين خالل احلرب الباردة خاصة يف حرب أمريكا يف فيتنام، وحرب السوفيت يف أفغانستان، كام انترش هذا األســلوب يف أمريكا الالتينية بكثافة خاصــة يف األرجنتني وكولومبيا وفنزويال، ولقد وجد هذا األســلوب أيضا يف إفريقيــا بكثرة خــالل حكم نظــام التمييز العنرصي يف جنــوب إفريقيا

29


28

)حنفي، 2005م( بني البيض والسود يف إطار عمليات العنف املنظم واملتبادل بني اجلنسني، يف حني يغطي اجليل الثالث مرحلة ما بعد احلرب الباردة.

4ـ اختطاف األفراد Kidnapping وأخذ الرهائن Take Hostage: من بني األساليب اإلرهابية األكثر شيوعا التي متارسها معظم التنظيامت اإلرهابية يف خمتلف دول العامل، وإن كانت يف الســابق ترتكز بصورة واضحة يف أمريكا الالتينية )حريز، ا خاصة 1997م(، ففي السنوات األخرية انترشت يف إفريقيا وبصورة رسيعة جديف منطقة الســاحل ودول غرب إفريقيا، واختطاف األفراد، يعني سلب الفرد أو الضحية حريته، باســتخدام أسلوب أو أكثر من أساليب العنف واالحتفاظ

به يف مكان ما، خيضع لسيطرة ومحاية ورقابة املختطفني حتقيقا لغرض معني.

وحيقق هذا األسلوب اإلرهايب موقفا أفضل للمساومة، فيجرب املجتمع سواء املحيل أو الدويل عىل اخلضوع لرغباته، إما باملال أو االعرتاف بقضية معينة، وإما إطالق رساح إرهابيني مســاجني وغريها )شلبي، 2005م(. ويمكن حرص أهم الدوافع التي تشكل

أغلب دوافع االختطاف وأخذ الرهائن فيام ييل:

ـ حتقيق صدى شعبي وإعالمي واسع لقضية اإلرهابيني وتدويل احلدث.

ـ ممارسة الضغط عىل احلكومات والدول املعنية لالستجابة إىل مطالب اإلرهابيني.

ـ التأثري يف مواقف بعض الدول جتاه القضايا التي يعمل من أجلها اإلرهابيون.

ـ طلب الفدية من الدول أو أهايل الرهائن واملختطفني، وهو أهم أمر، خاصة عندما تكون مصادر متويل اإلرهابيني ضعيفة لتقوية خزينة هؤالء اإلرهابيني.

ويمكن تصنيف ضحايــا عمليات االختطاف واحتجاز أو أخذ الرهائن إىل أربع فئات ختتلف فيام بينها من حيث الطبيعة واملركز الذي متثله، وحتى اهلدف الذي يســعى اإلرهابيــون إىل حتقيقه من وراء اختيار كل فئة عىل حدة كهدف عملية اختطاف، وهذه

الفئات تتمثل بصورة أساسية يف )حريز، 1997م(: ـ الدبلوماسيني ورموز الدولة.

ـ األفراد العاديني وخاصة السياح يف املواقف املخططة سابقا.


31 30

ـ األفراد العاديني الذين يتم اختطافهم يف مواقف غري خمططة وبمحض الصدفة.ـ األطفال وخاصة أطفال املدارس االبتدائية.

وتعد عمليات االتصال أهم وسيلة يف املساومة عىل الرهائن واملختطفني، حسب كل فئة وحجمها واألهداف الرامية من ورائها.

املحور الثالث: اإلجراءات املضادة لإلرهاب: قراءة يف أدوات املواجهة

يقول »بول آر بيالر« ضابط االستخبارات القومية للرشق األدنى وجنوب رشق آسيا يف املجلس القومي لالستخبارات األمريكية: »إن مفهوم مكافحة اإلرهاب، يتضمن جمموعة من النشــاطات تتجاوز هذا املفهوم، وتشمل االستخدام الفعال ملجموعة من األدوات، إن كل أداة من أدوات مواجهة اإلرهاب هي صعبة االستعامل، ومن الصعب أكثر اســتخدام هذه األدوات بشكل جيد، إال أن اســتخدام هذه األدوات يف مواجهة

.)Bellamyetl, 2005( »اإلرهاب يبقى أمرا حاسام

وعليه، تتطلب مواجهة الظاهرة اإلرهابية اســتعامل مجيع األدوات املتوافرة؛ ألنه ال تستطيع أي من األدوات بمفردها القيام هبذا العمل، وبام أن اإلرهاب متعدد األوجه والدوافع، فعىل محلة مواجهة اإلرهاب أن تكون متعددة األوجه واألدوات أيضا، وهذا

ما تتطرق إليه الدراسة يف النقاط التالية:

أوال: االجتاه البولييس واألمنيحيث يمكن القول يف هذا االجتاه: إن بعض الدول انتهجت يف ظل حالة الطوارئ عدة أساليب يف مواجهتها للجامعات اإلرهابية، حيث ختللت هذه املواجهة يف األساس اإلخــالل ببعض مبادئ حقوق اإلنســان، إن مل نقل كلها مــن خالل عمليات العنف والتعذيب والتقتيل التي يتعرض هلا املنتمون إىل التنظيامت اإلرهابية واملتعاطفون معهم.ويرتتب عىل هذه النزعة البوليســية أو العســكرية اجلاحمة هتديدا مؤكدا للســلم واألمن ال عىل املســتوى املحيل فحسب، بل عىل املستوى اإلقليمي وحتى عىل املستوى الــدويل، إذا أخذنا يف االعتبار أن احلرب احلديثة ال خيرج منها أي من األطراف منترصا )النحال، 2007م(، وتكاد املؤسســات البوليســية واألمنية يف الدول مجيعا تشرتك يف

31


30

طابعها وطبيعتها املواجهتية، ففضال عن أن هذه املؤسسات حتتل دور الريادة يف مواجهة اإلرهاب، ومتثل حمور احلركة والتفاعل املضاد يف سائر االجتاهات األخرى، فإن معظم

الدول قامت يف هذا الصدد ببعض اإلجراءات وأمهها:1ـ إنشــاء جهاز املعلومات: ويعد جهاز املعلومات مركزا جلمع املعلومات، ومن ثم توظيفها يف امليدان من خالل إمداد األجهزة األمنية والبوليسية باملعلومات الكافية من أجل التصدي أو املتابعة ومالحقة اجلامعات اإلرهابية، وكذلك تتبع حركتها وتطورها، ويتوقع مدى نجاح هذه األجهزة يف مجع املعلومات واالستفادة منها )إسامعيل، 2007م(، ومنع العمليات اإلرهابية قبل حدوثها. وجيب عىل الدولة

أو املنظمة اتباع مراحل يف مجع املعلومات والبحث عنها وهي:أ ـ مرحلــة مجع البيانات: وتعتمد عــىل التوفيق يف التجنيد وزرع املرشــدين بني العنارص اإلرهابية، والتوصل للرتكيب اهليكيل هلا وأســاليب التنظيم والتسليح والتمويل وخطط العمليات. وتقوم هذه املرحلة وفقا لعمليتني

مها )إسامعيل، 2007م(:ـ االســتهداف: ويعد االســتهداف العملية التي هتدف إىل حتديد جزء من حميط الدولة أو املؤسســة املخولة باملواجهة )رقعة جغرافية(، الذي تريد

وضعه حتت املراقبة.ـ الرصد: وهو العملية التي من خالهلا يتم توفري معلومات كاملة ومدروسة

جلهاز املعلومات وتسمى بمعلومات اليقظة اإلسرتاتيجية.بـ مرحلة حتليل املعلومات: فاملعلومات تصبح دون قيمة إن مل ختضع لتحليل علمي بحيث يكون استخالص النتائج منها قائام عىل أساس منطقي، وهناك أساليب كثرية للتحليل يدخل يف نطاقها بغري شك أساليب اإلحصاء ونظرية االحتامالت،

كام تستخدم احلواسب اآللية يف هذا املجال )إسامعيل، 2007م(.جـ مرحلة تداول املعلومات:وتشمل التنسيق بني األجهزة العاملة يف املؤسسات األمنية والبوليســية ووضع نظام لتداول املعلومــات بام يكفل رسيتها مع

مراعاة عوامل التوقيت، وغريها لتحقيق نجاح العملية.


33 32

د ـ مرحلــة التخزين ومعاجلــة البيانات: إن وجود نظــام حديث وفعال حلفظ املعلومات واسرتجاعها، هو أحد األسس الرضورية ألجهزة األمن، وإعادة ما تســتخدمه النظم اآللية إىل جوار النظــم اليدوية، وهناك كثري من الطرق لضامن أمن هذه الوثائق ورسيتها، فالتخزين هنا رضوري لتقييم واستغالل هذه املعلومات بحيث ينبغي أن تكون املعلومات املجمعة مصنفة ومتوافرة، إذ ينبغي القيام بمعاجلة الوثائق جلعلها أكثر ســهولة يف االســتعامل لتحقيق ETL )Extract, Transform, Load( أكــرب النتائج، حيث يتكفل نظــامباستخراج املعلومات من خمتلف املصادر، وتصنيفها ووضعها يف »مستودع املعطيات« Data Warehouse )مستودع املعطيات: هو أيضا املكان الوحيد لتأمني معطيات املؤسسة األمنية أو البوليسية، ويعرف Bill Inmon مصمم مفهوم مستودع املعطيات بـ: »أنه جمموعة من املعطيات املؤرخة، واملعنونة، واملدجمة واملخزنة الختاذ القرارات جتاه املسائل األمنية وعىل رأسها التهديدات

اإلرهابية« )حسيني، 2005م(.هــ مرحلة النرش والتطبيق: بعد مجيع املراحل الســابقة وبناء عليها، يتم يف هذه املرحلة وضع املعلومات السابقة يف خدمة املستخدمني النهائيني؛ ليقوموا بتطبيقها من أجل تقويض العمليات اإلرهابية أو إجهاضها أو استهدافها أو منعها أصال، أو القضاء عىل أســباب نشوئها من البداية، وتسمى هذه املرحلة باملجموعة الوظيفية التي تقوم بتنفيذ نظام اليقظة اإلسرتاتيجية يف

املؤسسات البوليسية واألمنية )إسامعيل، 2007م(.

ا للمراقبة واإلنذار املبكر عىل األعامل ويمثل نظام مجع املعلومات عونا أساسيوالنشاطات اإلرهابية.وهبذا فإن إنشاء جهاز املعلومات يف العادة يكون بمثابة هندسة معلوماتية بداية بتجميع املعطيات، ثم تصنيفها وحتليلها وفق القاعدة

املعلوماتية، ومن ثم التطبيق.2ـ وضع نظم التأمني: تعد عمليات التأمني إحدى أهم وسائل الوقاية من اإلرهاب، وتــأيت يف املقام التــايل ملهمة مجع املعلومات؛ إذ تقوم عىل أســاس ما يتوافر من

33


32

دراسات وأنامط الســلوك اإلرهايب، وأنواع التسليح وقدرات املنظامت العادية وأهدافها، ويمكن حتديد األشــخاص واملنشــآت األكثر تعرضــا للعمليات اإلرهابية، فعىل ســبيل املثال يف الدول الضعيفة يرجع السبب املبارش يف ضعف أســاليب مواجهة اإلرهاب أحيانا إىل ضعف اخلدمات األمنية والبوليسية عىل بعض املنشــآت املهمة أو املســتهدفة من قبل عنارص اإلرهاب نتيجة العجز يف القوات وضآلة مستوى تدريبها أو تسليحها؛ ولذا يتم تشديد املراقبة واخلدمات األمنيــة وتأمني املواقع وحتفيزها دائام لليقظــة التامة ملجاهبة أي حادث طارئ، حيث تصبــح عملية التأمني روتينية، وجيب تدريب القوات جيدا وتســليحها بالسالح املناسب مع القدرة عىل استعامله حتى تستطيع القيام باملهام املنوطة هبا

)حسيني، 2005م(.

3ـ إنشــاء وحدات خاصة ملواجهة اإلرهاب: ويف هذا اإلطار نجد أغلب دول العامل التي عانت ويالت اإلرهاب ورفضت التعايش مع اجلامعات اإلرهابية، وخصوصا تلك املامرسة للعنف ضد الدولة وضد املجتمعات، قد جلأت إىل إنشاء قوات خاصة ملواجهة اإلرهاب، وذلك إلضفاء الطابع القانوين عىل عملية استئصال التحركات اإلرهابية )النحال، 2007م(، ويضم هــذا النظام ثالثة أنواع من الوحدات اخلاصة بمواجهة

اإلرهاب وهي )الرهوان، 2006م(:

أـ وحدات تنتمي إىل القوات املســلحة مكلفة بمنع ومكافحة اإلرهاب وتتبعه ا يتامشى من خالل جتهيز هذه القوات بالعتاد الثقيل وتدريبها تدريبا خاص

والتقنيات املعتمدة من طرف اجلامعات اإلرهابية.

ب ـ وحدات تنتمي إىل الرشطة، ويطلق عليها اســم وحدة العمليات الفنية أو وحدة خدمات الطوارئ.

ج ـ وحدات مشــرتكة بني القوات املســلحة والرشطة أو ذات طبيعة خاصة، حيث يكون هناك تنســيق بني خمتلف هــذه الوحدات، وكل نوع من هذه الوحدات يصلح للقيام بمهام معينة حتدد وفقا حلجم العمليات اإلرهابية

ومكان وقوعها، وتتحرك هذه الوحدات وفقا ملعطيات نظام املعلومات.


35 34

ثانيا: االجتاه السيايس واإلعالمي

قامــت كثري من الدول املترضرة من ويالت اإلرهــاب بعدة إجراءات يف املجال السيايس واإلعالمي بغية مواجهة اجلامعات اإلرهابية والقضاء عليها، وتتطرق الدراسة

إىل كل أداة عىل حدة:1ـ االجتاه السيايس: بام أن الدافع األسايس وراء نشوء الظاهرة اإلرهابية يف العادة يكون ا، كام أن اإلرهاب كذلك يرتبط بأهداف سياسية، ويقوم االجتاه السيايس سياسي

ملواجهة اإلرهاب عىل جمموعة من العنارص قد ختتلف من دولة إىل أخرى:ـ إعالن حالــة الطوارئ التي أصبحــت حتد كثريا من نشــاطات اجلامعات اإلرهابية، حيث خيول هذا القانون ســلطات اســتثنائية للسلطة )النحال، 2007م(، لربام دفعها إىل التعســف يف اســتعامله يف مواجهة أعامل الشغب

واحتجاجات املواطنني.ـ إصدار القوانني التي متنع تأســيس األحزاب ذات األسس الدينية أو العرقية أو التوجهات املتطرفة، وفتح قنوات احلوار السيايس بني املواطن والسلطة، حيث شــهدت كثري من دول العامل الثالث حتوالت سياسية، متنح الشعوب احلق يف املشاركة السياسية وترصح بإعطائهم مجيع حقوقهم السياسية واملدنية.ـ إجراء تعديالت دســتورية تسمح بالتداول عىل السلطة عن طريق انتخابات حــرة ونزهية ودورية ومتثيلية. وإعطاء جمال واســع من احلرية والتعبري عن الرأي لفئات خمتلفة من املواطنني؛ جتنبا حلالة التهميش وفتح مراكز التدريب

والتأهيل وإنشاء اجلمعيات والنقابات املهنية.ـ فتح جمال للحوار مع اجلامعات املتطرفة والنقاش معهم يف مطالبهم السياسية وجمادلة أفكارهم، مع املحاولة الدائمة الســتقطاهبم وإقناعهم بالعدول عام

.)Bellamyeta, 2005( يقومون به2ـ االجتــاه اإلعالمــي: بام أن األداة السياســية تعد األنجع للحــد من الظاهرة اإلرهابية، فاألداة اإلعالمية هي النهج احلقيقي للربط بني األدوات املختلفة واجلامعات اإلرهابية، حيث نجد كثريا من الدول قد خاضت حروبا إعالمية

35


34

ضد اإلرهاب والتطرف ومجيع أعامل العنف، من أجل القضاء عىل االنحراف الفكري هلــذه اجلامعات وتوعية اجلامهري هبذا اخلطر من جهة، وتعزيز احلوار الوطني من خالل استخدام وسائل اإلعالم أحسن استخدام من جهة أخرى، وعىل العموم التطرق إىل املواجهة اإلعالمية من خالل مجيع وســائل اإلعالم املرئية واملســموعة واملكتوبة )التلفزيون، اإلذاعــة، الصحف(، وحتى عن طريق شبكة اإلنرتنت التي حتتل مساحة إعالمية كبرية اليوم، حيث الصحافة اإللكرتونية، واملواقع اجلهادية اخلاصة باملنظامت اإلرهابية. وتشــمل املعاجلة

اإلعالمية جمموعة من النقاط هي: ـ بث صور التائبني الذين ختلوا عن األعامل اإلرهابية، أو الذين تم إلقاء القبض عليهم من خالل اإلعالن عن الندم عىل األعامل التي قاموا هبا، وترصحياهتم

بطبيعة احلياة القاسية والصعبة مع اجلامعات اإلرهابية )مناع، 2014م(.ـ عرض صــور املجازر وأعامل التخريب التي تقوم هبــا اجلامعات اإلرهابية كأســلوب لكشف األعامل اإلجرامية، وكذلك لكشف االنحراف الفكري واإلنســاين الذي يتميز به أفراد اجلامعــات اإلرهابية. وكذا عرض أرشطة الفيديــو التي يتحصل عليهــا بعد القضاء عىل اإلرهابيــني، أو التي جيلبها اإلرهابيون التائبون معهم، التي تظهر وحشية وانعدام أخالقية تلك العنارص.ـ سامح كثري من الدول للصحف اليسارية بشن محالت صحفية رشسة عىل أعامل النظام السيايس من جهة، واجلامعات اإلرهابية من جهة أخرى، والسامح لكثري من الكتاب بمهامجــة التوجهات اإلرهابية والتطرف الفكري، ونرش مقاالت أو رســومات كاريكاتورية تســعى إىل دمغ احلركات اإلرهابية، وغريها من املنشورات التي حتاول الســلطة الدفع هبا جلس نبض الرأي العام، وتطلعات

العنارص اإلرهابية )مناع، 2014م(.

ثالثا: االجتاه االقتصادي واالجتامعي

تتطرق الدراســة يف هذا االجتاه إىل أهم اإلجــراءات التي تتخذها الدول يف جمال


37 36

مواجهة الظاهرة اإلرهابية، والعمل عىل منع ظهورها من الناحية االقتصادية واالجتامعية، ومن أســباب اللجوء إىل هذا األسلوب، هو أن العوامل االقتصادية تؤدي دورا مهام يف توجيه ســلوك اإلرهاب ضد الدولة أو املجتمعات اإلنســانية، فاحلاجة االقتصادية ال يشبعها اخلطاب السيايس، وال الرتويج اإلعالمي، وال حتى األسلوب العسكري، فكثرة املشــكالت االقتصادية تؤدي حتام إىل تدمري احلضارة وتشويه أسس البناء االجتامعي

والثقايف.

ويمكن ذكر أهم األدوات االقتصادية واالجتامعية يف النقاط التالية:ـ املســاواة بني طبقات املجتمع، ومعاجلة ظاهــريت التخلف والبطالة التي تعد من

خملفات احلرمان االقتصادي وتداعيات القهر االجتامعي.ـ إعادة توزيع الثروة وتلبية خمتلف احلاجات األساسية للفرد املواطن، عىل نحو متوازن جتعله يمتلك القدرة عىل العطاء والبناء واالبتعاد عن السلوك واألعامل العدوانية املالزمة لظاهرة اإلرهاب، والشكل الذي يوجد حالة من الثقة املتبادلة بني املواطن والســلطة من جهة، وبني املواطن وأفراد املجتمــع املحيطني به من جهة أخرى

z.)عبوي وآخرون، 2007م(ـ مكافحة عمليات الفساد املايل واإلداري والرشوة يف مجيع مرافق وإدارات الدولة، وبناء قاعدة اقتصادية متطورة تؤمن احلاجات األساســية والرضورية للمواطن

)عبوي وآخرون، 2007م(.

رابعا: االجتاه الترشيعي والقانوين

تعد األطر القانونية والترشيعية ملواجهة الظاهرة اإلرهابية من أقدم األساليب التي حاولت التعامل مع الظاهرة اإلرهابية يف مجيع دول العامل، حيث قامت الدول املترضرة من األعامل اإلرهابية بســن ترشيعات صارمة عىل املستوى الوطني )محودة، 2008م(، ا ملجاالت العمل اإلرهايب، كام حتدد العقوبات ومجيع اإلجراءات حتدد فيه تعريفا وطني

الوطنية يف العمل عىل منع ومكافحة الظاهرة اإلرهابية.

وتفيد دراســة القوانني املقارنة، أن الغالبيــة العظمى منها ال تنص عىل جريمة أو

37


36

جرائــم معينة باعتبارها إرهابا، وإنام يتبني وصــف اإلرهابيني من خالل ما تنص عليه بعض القوانني من اعتبار بعض األفعال اإلرهابية دون أن تشــملها نظرية عامة تصلح

للتطبيق عىل األفعال املامثلة، أو اجلرائم املغايرة.

اجلريمة املغايرة: هــي أنه بينام يريد املحرض جريمة معينــة يقوم اجلاين بجريمة أخرى، فتقع جريمة غري التي أرادها املحرض، وتســمى تلك اجلريمة باجلريمة املغايرة )نبيه، 2008م( التي ال يشــملها النص، بينام تكتفي بعــض القوانني األخرى بإدخال النصوص املتعلقة بالتوسيع من سلطات الضبط واالحتجاز، حتت قانون خاص يسمى بقانون منع ومكافحة اإلرهاب، دون أن تنص رصاحة عىل حتديد ماهية اجلرائم اإلرهابية، أو توردهــا بصورة غري حمددة، مع أن معظم القوانــني الوطنية اخلاصة بقمع اإلرهاب قد صدرت يف مناســبات معينة تلبية لظرف معني، فقد جاءت كلها عىل رسعة وعجل

مقصورة عىل املعاجلة اجلذرية والفعالة.

وعىل كل حال فإن الدول اعتمدت إحدى السبل التالية يف جمال الترشيعات الوطنية ملواجهة الظاهرة اإلرهابية )لكريني، 2012م(:

ـ إما إصدار نصوص متكنها من قمع االعتداءات املوجهة ضد أمن الدولة الداخيل واخلارجي.

ـ وإما تعديل قانوين العقوبات واإلجراءات اجلنائية القائمني، وتشديد العقوبات فيهام، وتوسيع سلطات القبض والتفتيش واالحتجاز، واملحاكمة.

ومــن الصعوبات التي تعــرتض الترشيعات الوطنية يف تنفيــذ مكافحة اإلرهاب عندما يمتد الســلوك اإلجرامي إىل خارج الدولة أو يبدأ من خارجها، بام يف ذلك وجود املمولــني واملخططني يف اخلارج، أو هروب منفذي العمليــات اإلرهابية إىل اخلارج بعد قيامهــم بالعمليــة اإلرهابية خصوصا مع عــدم وجود معايري حمــددة لإلرهاب الدويل )لكريني، 2012م(، ولذلك اجتهت الدول املترضرة إىل التنسيق اإلقليمي والدويل، حيث قامت الدول يف إطار املنظامت الدولية والتجمعات اإلقليمية ومن خالل املؤمترات العاملية واإلقليمية، بإنشاء فضاء ترشيعي وقانوين من أجل مواجهة مشرتكة للظاهرة اإلرهابية.

وتشــري كثري من الدراســات احلديثة إىل التطور احلاصل يف جمال الترشيع اجلنائي


39 38

املضاد لألعامل اإلرهابية والتطرف والعنف وحتسن جودة الترشيع والقانون، خاصة يف عرص العومليات، حيث عوملة اإلرهاب بأساليبه وأهدافه وعوملة التجريم والعقاب ومن

أبرز مظاهره تفريد حالتي كل من التجريم والعقاب )نبيه، 2008م(.

اخلالصة واالستنتاجاتاخلطــر اإلرهايب هو خطر حقيقي ومتعاظم، وتزداد خطورته مع حدة التطرف يف مجيع املجتمعات، ومع تطور أدوات التخطيط والتنفيذ املتاحة بالتقنيات احلديثة، بل إن الظاهرة اإلرهابية يف املســتقبل هي أكثر خطورة بسبب إمكانية استخدام أسلحة الدمار الشامل )اجلرثومية والكياموية والنووية( مع تعدد أساليب العمل املختلفة والالحمدودة، ومن ثم فظاهرة اإلرهاب قد أصبحت لعبة كربى متارس عىل نطاق واسع يف العامل ومن الصعب حتديد املتحكمني فيها والساعني لبعثها، وكذا يكاد يكون من املستحيل التحكم

التام يف هذه الظاهرة ذات الطابع العاملي غري املحدود.فأحد أهم أهداف اإلرهاب هو إحداث أكرب قدر من القتل العشــوائي لألبرياء، ممن يســتظلون بظل الكيانات السياســية، بحيث تفقد هذه الكيانات رشعيتها، بسبب اضمحالل قدرهتا عىل حفظ األمن، وهذا اخلطر حيتم عىل معظم دول العامل أن تنشــئ أجهزة أمنية مهمتها الرئيسة مواجهة اإلرهاب والعمليات اإلرهابية من خالل استخدام القوة يف عمليات املواجهة والعمليات االستباقيةـ الوقائية؛ ملنع تكوين املنظامت اإلرهابية

وانتشار الفكر اإلرهايب.ولذلك ينبغي أن يتم بشــكل جيد تنسيق عمل مجيع األدوات التي ذكرت سابقا: البوليسية واألمنية، السياسية واإلعالمية، االقتصادية واالجتامعية، القانونية والترشيعية. فإذا استعملت بحكمة، فإهنا ستحقق بمجموعها أعظم من جمموع أجزائها، وإذا مل يتم التنســيق بينها بطريقة جيدة فيمكنها أن حتقق أهدافا متناقضة ال تســتطيع القضاء عىل

الظاهرة.هذا، ومن الصعب اســتخدام كل أداة من األدوات ضد الظاهرة اإلرهابية، ومن الصعب أكثر االســتخدام اجليد جلميع األدوات معا، ولكن استخدامها أمر حاسم يف

احلرب ضد الظاهرة اإلرهابية يف العامل املعارص.

39


38

املصـادر واملراجـع

مراجع باللغة العربية

الكتبإيفانــز، غراهام و نوينهــام، جيفري )2004م(. قاموس بنغويــن للعالقات الدولية،

اإلمارات: مركز اخلليج لألبحاث.بوادي، حســنني حممد )2008م(. اإلرهاب النووي: لغة الدمار، اإلســكندرية: دار

الفكر اجلامعي.بوتول، غاستون )1981م(. هذه هي احلرب، تر. حممد قنوايت، القاهرة: منشورات عويدات.بيليس، جون و سميث، ستيف )2004م(. عوملة السياسة العاملية، تر. اإلمارات: مركز

اخلليج لألبحاث.جنديل، عبد النارص )2007م(. التنظري يف العالقات الدولية بني االجتاهات التفســريية

والنظريات التكوينية، اجلزائر: دار اخللدونية.حريز، عبد النارص )1997م(. النظام الســيايس اإلرهايب: دراســة مقارنة مع النازية

والفاشية والنظام العنرصي يف جنوب إفريقيا، القاهرة: مكتبة مدبويل.محودة، منترص سعيد )2008م(. اجلريمة السياسية: دراسة مقارنة بني القوانني اجلنائية

الوضعية والترشيع اجلنائي اإلسالمي، اإلسكندرية: دار الفكر اجلامعي.دبارة ، مصطفى مصباح )1995م(. اإلرهاب: مفهومه وأهم جرائمه يف القانون الدويل

اجلنائي، ليبيا ـ بنغازي: منشورات قار يونس.دوريت، جيمس وبالســتغراف، روبــرت )1985م(. النظريات املتضاربة يف العالقات

الدولية، تر. وليد عبد احلي، األردن، عامن: كاظمة للنرش والتوزيع.الرهوان، حممد حافظ )2006م(. التخطيط ملواجهــة األزمات والكوارث ومكافحة

اإلرهاب، مرص ـ اجليزة: هال للنرش والتوزيع. شكري، حممد عزيز )2004م(. اإلرهاب الدويل و النظام العاملي الراهن، دمشق: دار الفكر.


41 40

شــلبي، حممد )2002م(. املنهجية يف التحليل السيايس: املفاهيم، املناهج، االقرتابات، واألدوات، ط 4، اجلزائر: دار هومة.

صربي، مقلد إســامعيل )1991م(. العالقات السياســية الدولية: دراسة يف األصول والنظريات، ط5، القاهرة: طبعة خاصة للمكتبة األكاديمية.

عبــوي، منري وآخرون )2007م(. إدارة الكوارث واملخاطر، األردن، عامن: دار الراية للنرش والتوزيع.

ابن عنرت، عبد النور )2005م(. البعد املتوسطي لألمن اجلزائري: اجلزائر، أوروبا واحللف األطليس، اجلزائر: املكتبة العرصية للطباعة والنرش والتوزيع.

غريفيتس، مارتن و أوكاالهان، تريي )2008م(. املفاهيم األساسية يف العالقات الدولية، اإلمارات: مركز اخلليج لألبحاث.

كوبالند، توماس )2003م(. ثورة املعلومات واألمن القومي، أبو ظبي: مركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلسرتاتيجية.

موريس، إبراهيــم ماجد )2005م(. اإلرهاب.. الظاهرة وأبعادها النفســية، بريوت واجلزائر: دار الفارايب ومنشورات املؤسسة الوطنية للنرش واإلشهار.

نبيه، نرسين عبد احلميد )2008م(. اجلريمة املغايرة، ط2، اإلسكندرية: دار الوفاء لدنيا الطباعة والنرش.

النحال، حممد ســالمة )2007م(. احلرب ضد اإلرهاب: تداعيات تفجريات نيويورك وواشنطن وانعكاساهتا اإلقليمية، عامن: دار زهران للنرش والتوزيع.

ـ الدوريات

إبراهيم، أمحد )2002م(. »اإلرهاب اجلديد: الشكل اجلديد للرصاع املسلح يف العالقات الدولية«، السياسة الدولية، ع 147.

إسامعيل، ج. )2007م(، »أي محاية ملواجهة اإلجرام املعلومايت؟«، اجليش، ع525.براحو، ســهيلة )يونيــو، 2008م(. »األمن البيئــي مفتاح األمن الصحــي«، العامل

اإلسرتاتيجي، ع 4.

41


40

جواد، عبد الالوي )2008م(. »اإلرهاب البيئي لألمن يف املتوسط وآليات مكافحته«، العامل االسرتاتيجي، ع3.

احلريب، سليامن عبد اهلل )2008م(. »مفهوم األمن: مستوياته وصيغه وهتديداته )دراسة نظرية يف املفاهيم واألطر(«، املجلة العربية للعلوم السياسية، ع 19.

حسيني، عادل )2005م(. »ما معلوماتية اختاذ القرار؟«، اجليش، ع551.حنفي، عيل خالد )2005م(. »اإلنرتنت وتصدير اإلرهاب«، السياسة الدولية، م40،

ع162.

ردادة، نــور الديــن )2008م(. »اإلرهــاب البيولوجي وســبل مكافحتــه«، العامل اإلسرتاتيجي، ع4.

رصد، عالء )2008م(. »أمن الدولة أخذ يتالشى لصالح أمن اإلنسان«، شؤون عربية، ع133.

شعيبي، عبد اجلبار )2008م(. »نحو بناء تعاون أمني متوسطي لتحقيق األمن الفكري ملواجهة اإلرهاب«، العامل اإلسرتاتيجي، ع5.

شلبي، الســيد أمني )2005م(. »اإلرهاب الدويل.. املصادر واإلشكاليات«، السياسة الدولية، م40، ع162.

عبد احلليم، أمرية حممد )2005م(. »أبعاد وتداعيات تفجريات لندن«، السياسة الدولية، م40، ع162.

عبد الســالم، حممد )2003م(. »ترتيبات األمن اإلقليمية يف مرحلة ما بعد 11 سبتمرب 2001«، كراسات إسرتاجتية، السنة الثالثة عرشة، م13، ع127.

ابن عنرت، عبد النور )2005م(. »تطور مفهوم األمن يف العالقات الدولية«، السياســة الدولية، م 40، ع. 160، ص ص. 56 ـ 63.

كرام، حممد األخرض )2007م(. »الدبلوماســية الوقائية بني نصوص امليثاق وأجندة السالم«، املجلة العربية للعلوم السياسية، ع 14.


42

املـراجع األجنبية

Beck, Ulrich, La Société du Risque: Sur la voie d’une autre modernité

(Paris: Editions Flammarion, (2001).

Bellamyetal, Aley J. , Security and The War on Terror (London and

New York): Rout Ledge, (2005).

Buzzan, Barry and Waever, Ole, Begions and Powers. The Structure

of International Security(Cambridge: Cambridge Universty

Press,2003).

Eris, Morris et al., Terrorism: Threat and Response (Hound Mills: MC

Milan Press, 1987).

املواقع اإللكرتونية

لكريني، إدريس »مكافحــة اإلرهاب الدويل: بني حتديات املخاطــر وواقع املقاربات http://www.madarcentre. :2012/9/19 االنفرادية«، اسرتجعت بتاريخ

(2012) /09/org/index.asp, (19

منــاع، هيثــم »مقاربة غــري نمطية لإلرهــاب واحلــرب عليه«، اســرتجعت بتاريخ 2014/12/16م:

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/84cb24E24-C1748-CC-9CCA-

14D9CBB6C31B.htm )2014/12/16(

فوزي، خ. »مدير املركز اإلفريقي للدراسات والبحث حول اإلرهاب: الدول اإلفريقية عاجزة عن ترقب اخلطر اإلرهايب والتصدي له«، انظر الرابط التايل:

http://www.magrssa.com/post.aspx?u2630RA=30A38(222014/10/)

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/84cb24E24-C1748-CC-9CCA-

14D9CBB6C31B.htm (162014/12/).

43

عقد السلم املوازي ودوره يف حتقيق األمن االقتصاديDOI: 10.12816/0012989

د. هالة طالب أبو عامر)*(أستاذ مساعد، كلية العدالة اجلنائية، جامعة نايف العربية للعلوم األمنية، الرياض

تهــدف


امللخصهذه الدراسة لبيان مفهوم السلم املوازي )استخدام صفقتي سلم متوازيتني دون الربط بينهام( كأحد العقود االســتثامرية التي بدأ تطبيقها يف املصارف واملؤسسات املالية اإلســامية، كام تناقش مرشوعية عقد السلم املوازي، وخاف الفقهاء فيها، وأركان ورشوط عقد الســلم املوازي، وكذلك أحكام الســلم املوازي وفق املعايري الرشعية التي تناولته يف هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، وتشتمل الدراســة عىل عدد من تطبيقات عقد السلم املوازي يف املصارف واملؤسسات املالية اإلسامية، وجماالت استخدامه، وميزاته، ويف النهاية ختتتم الدراسة

بتوضيح دور عقد السلم املوازي يف حتقيق األمن االقتصادي يف املجتمع.

الكلامت املفتاحية: عقد السلم، السلم املوازي، األمن االقتصادي، املعايري الرشعية.


45 44

The Parallel Forward-Buying (SALAM) Contract and Its Role towards the Achievement of Economic Security

Dr. Hala Taleb Abu Amer)*(

Assistant Professor, the College of Criminal Justice, Naif Arab University for Security Sciences, Riyadh

The current study aims to clarify the concept of parallel forward-buying (the use of two forward-buying deals with no linkage between them) as an investment contract applied by banks and Islamic financial institutions. The study also discusses the legality of the parallel forward-buying contract, the scholars dispute on it and the basic elements and conditions of the parallel forward-buying contract. It also highlights the provisions of the parallel forward-buying in accordance with Sharia standards addressed by the Accounting and Auditing Organization for Islamic Financial Institutions.

The study includes a number of parallel forward-buying contract applications in banks and Islamic financial institutions. This is in addition to the wide usage of its fields and features.

In the conclusion, the study clarifies the role of parallel forward-buying contract towards the achievement of economic security in society.

Keywords: Forward-Buying Contract; Parallel Forward-Buying; Economic Security; Sharia Standards.

(*) [email protected]

45

عقد السلم املوازي ودوره يف حتقيق األمن االقتصادي... د. هالة طالب أبو عامر

44

املقـدمـة إن رفع احلرج عن الناس من مقاصد الرشيعة الغراء، وهو الغاية التي رشعت من أجلها العقود، وللوصول إىل هذه الغاية اجتهد العلامء عىل مر العصور الستنباط األحكام الرشعية ملا يستجد لدهيم من وقائع، وساروا وفق منهجية بحثية تنبع من مقاصد الترشيع اإلسامي، وواقعية الرشيعة، هبدف إجياد رؤى اقتصادية جديدة تسهم يف حتقيق األمن

االقتصادي، وتتوافق يف أحكامها وآثارها مع ثوابت الرشيعة وقواعدها العامة.

ويف هذا البحث تناولت إحدى صيغ االستثامر املعارصة يف املصارف واملؤسسات املالية اإلســامية، وهي عقد الســلم املــوازي؛ إللقاء الضوء عىل مفهــوم هذا العقد ومرشوعيته وأحكامه الفقهية، وجماالت استخدامه، ومزاياه، ثم دوره يف حتقيق األمن

االقتصادي، من منظور فقهي اقتصادي.

والسلم املوازي هو إحدى املعامات املالية اإلسامية التي انبثقت عن عقد السلم البسيط، فهو خيضع له يف العديد من أحكامه، وللسلم املوازي دور بالغ يف حتقيق األمن االقتصادي، بل األمن الشامل، حيث يرى بعض العلامء أن األمن االقتصادي هو مرتكز لألمن السيايس واالجتامعي، فهناك ارتباط وثيق بني السياسة واالقتصاد، وهناك تأثري واضح لكل منهام يف اآلخر، فازدهار االقتصاد واستقراره يعد من عنارص األمن السيايس، ويف املقابل، فإن األزمات السياسية تعد من األسباب الرئيسة لتخلخل األمن االقتصادي. كذلك هناك ثمة روابط بني االقتصاد واألمن االجتامعي، حيث إن اجلرائم تكثر وتتنامى

يف ظل االقتصاد املتعثر، كالرسقة والقتل ورواج املخدرات وغريها.

مشكلة البحثالسلم املوازي من أهم صيغ االستثامر املعارصة، وعىل الرغم من أمهيتها كأداة فعالة يف التمويل اإلسامي ويف حتقيق األمن االقتصادي فإن هذه الصيغة مل تطبق يف املصارف اإلسامية عىل نطاق واسع، كام ثار اللبس حول مرشوعية بعض صور هذه املعاملة املالية، وستوضح هذه الدراسة مفهوم السلم املوازي ومرشوعيته وضوابطه وأحكامه ومزاياه،


47 46

ودور هذه املعاملة املالية يف حتقيق األمن االقتصادي من خال اإلجابة عن األسئلة التالية:

1 ـ ما مفهوم عقد السلم املوازي ؟ وما مقوماته ؟ وما مدى مرشوعيته ؟2ـ ما األحكام التي أقرهتا هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية للسلم

املوازي ؟3 ـ ما تطبيقات الســلم املوازي يف املؤسسات املالية واملصارف اإلسامية ؟ وما ميزاته

وجماالت استخدامه ؟4 ـ ما دور عقد السلم املوازي يف حتقيق األمن االقتصادي ؟

منهج البحث

يعتمد هذا البحث املنهج االستقرائي التحلييل القائم عىل مجع جزئيات املادة العلمية من مصادرها األصيلة وحتليلها وتفســريها للوصول إىل القول الراجح الذي يتناسب مع األحكام الرشعية والقواعد الفقهية ومقاصد الترشيع ، وقد اتبعت فيه املنهج التفصييل التايل:1 ـ استقراء وتتبع املصادر األصيلة التي تناولت مفردات هذه الدراسة ومناقشة األدلة. 2 ـ دراســة املســائل الفقهية املتعلقة باملوضوع دراســة مقارنة عىل املذاهب األربعة،

)احلنفي واملالكي والشافعي واحلنبيل(، باإلضافة للمذهب الظاهري.

املبحث األول: مفهوم عقد السلم املوازي ومرشوعيته ومقوماتهاملطلب األول: مفهوم عقد السلم املوازي

العقــد يف اللغة: الشــد والربط، فالعــني والقاف والدال أصل يدل عىل الشــد والوثــوق )ابن فارس، 1979م(، والعقد نقيض احلل، يقال عقدت احلبل: فهو معقود مربــوط، ويطلق عىل األمور احلســية واملعنويــة، منها: عقدت احلبــل والبيع والعهد )ابن منظور، 2003م(، ويف االصطاح: »جمموع إجياب أحد املتكلمني مع قبول اآلخر«

)ابن عابدين، 2000م(.والســلم يف اللغة: التقديم، والتسليم )الرازي، 1988م(، ويسمى السلف، جاء

47


46

يف لســان العرب: )والسلم بالتحريك السلف، وأسلم يف اليشء وسلم وأسلف بمعنى واحد، .. واالسم السلم، وأسلم إليه اليشء: دفعه، وتسلمه وقبضه، وسلمت إليه اليشء

فتسلمه أي أخذه( )ابن منظور، 2003م: ج12، ص292(.ويف االصطاح: عرف الفقهاء السلم بتعريفات متعددة)1( تدور يف جمملها حول مفهوم واحد مفاده: أن السلم بيع آجل بعاجل، فهو يوجب امللك للبائع يف الثمن عاجا،

وللمشرتي يف املثمن آجا )الشيخ نظام وآخرون، 1990م(.واملوازي لغة: من املــوازاة، وتعني: املقابلة واملواجهة واملحاذاة، يقال: وازيته إذا حاذيته )ابن منظور، 2003م(، واصطاحا: ال خيرج مفهوم املوازي يف االصطاح عن مفهومــه يف اللغة، فاملوازاة اصطاحا تعني املقابلة أو التامثل القائم بني طرفني متقابلني

)احلياين، 2004م(.ويطلق عقد الســلم املوازي عىل عقد الســلم الذي يلتزم فيه البائع بتسليم سلعة موصوفة يف الذمة مطابقة يف مواصفاهتا للسلعة التي اشرتاها يف عقد السلم األول ليتمكن من الوفاء بالتزامه دون أي ربط بني العقدين )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية

اإلسامية، 2009م(.ا من مثال السلم املوازي: أن يشــرتي املرصف اإلسامي من صاحب مزرعة طنالقطن سلام، حيث يقدم الثمن املطلوب يف جملس العقد، ويتفق مع صاحب املزرعة عىل تســليم القطن عىل دفعات، أوهلا بتاريخ 2012/4/1، ويف هذه احلالة يكون املرصف مسلام، وصاحب القطن مسلام إليه، والقطن مسلام فيه، والثمن رأس مال السلم، وقبل تاريخ اســتام الدفعة األوىل من املسلم فيه يعقد املرصف عقد سلم مع صاحب مشغل ا من القطن بنفس املقدار واملواصفات التي اشرتى هبا يف العقد حلياكة القطن، لبيعه طناألول، بحيث يكون املرصف مسلام إليه، وصاحب املصنع مسلام، وكمية القطن مسلام فيه.

)1( عرف احلنفية السلم بقوهلم: »عقد يثبت به امللك يف الثمن عاجا ويف املثمن مؤجا«. انظر: )الشيخ نظــام وآخرين،1990م: ج3،ص187(. وعرفه املالكية فقالوا: »بيع يتقدم فيه رأس املال ويتأخر املثمن ألجــل«. انظر: )الدردير، دت: ج3، ص195(. وقال الشــافعية: » عقد عىل موصوف يف الذمة ببدل يعطى عاجا. انظر: )النووي، 1984م: ج3، ص242(. وعرفه احلنابلة بقوهلم: »بيع موصوف يف الذمة إىل أجل بثمن مقبوض يف املجلس«. انظر: )ابن مفلح، 1974م: ج4،ص 177(.


49 48

املطلب الثاين: مرشوعية السلم املوازي ال خاف بني الفقهاء يف مرشوعية عقد الســلم، فقد ثبتت مرشوعيته بالكتاب

والسنة واإلمجاع.ى ســم ذين آمنوا إذا تداينتم بدين إىل أجل م ا ال فمــن الكتاب: قوله تعاىل: ﴿يا أهي

فاكتبوه ﴿282﴾ )البقرة(وجه الداللة: ذهب عدد من علامء تفســري القــرآن الكريم إىل أن هذه اآلية نزلت يف الســلم خاصة، وذلك بناء عىل قول ابن عباس ـ ريض اهلل عنهام ـ يف ســبب نزوهلا

)الطربي، 1980م، القرطبي، دت، ابن اجلوزي، 1994م(.ومن الســنة: ما أخرجه البخاري ومسلم يف الصحيحني: »عن أيب املنهال عن بن مر فون يف الث ـ ملسو هيلع هللا ىلصـ املدينة والناس يســل عباسـ ريض اهلل عنهامـ قال: قدم رســول اهلل« )البخاري،1987م: حديث رقم: 2124، ج2، ص781. ومســلم، العام والعامني

د.ت، حديث رقم: 1604 ، ج3، ص1226(.ومن اإلمجاع: أمجع العلامء عىل مرشوعية الســلم ، حيث تعامل به الناس منذ عهد النبي ملسو هيلع هللا ىلص دون خمالف، جاء يف كتاب اإلمجاع: »وأمجعوا عىل أن الســلم اجلائز أن يسلم الرجل صاحبــه يف طعام معلوم موصوف من طعــام أرض عامة ال خيطئ مثلها بكيل معلوم، أو وزن معلوم، إىل أجل معلوم، ودنانري ودراهم معلومة، يدفع ثمن ما أســلم فيه قبل أن يتفرقا من مقامهام الذي تبايعا فيه، ويسميان املكان الذي يقبض فيه الطعام،

فإذا فعا ذلك وكانا جائزي األمر كان صحيحا« )ابن املنذر، 1981م: 93(.فا خاف يف مرشوعية عقد الســلم، إال أن اخلاف لدى بعض املعارصين يكون يف حال اعتبار السلم املوازي معاملة مالية تتكون من عقدين متوازيني مرتبطني معا؛ ألن املرصف ينوي تسليم عني املسلم فيه يف العقد األول إىل املشرتي يف العقد الثاين، وحجتهم يف ذلك أن هذا العقد ال خيلو من علة الربا خاصة إذا اختذ هذا األسلوب من السلم بقصد التجارة والربح )الرضير، 1415هـ( وأكد أصحاب هذا القول أن علة الربا يف مثل هذه العقود قد أشار إليها ابن عباس ريض عنهام بقوله: »ذاك دراهم بدراهم والطعام مرجأ«، فعن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباسـ ريض اهلل عنهامـ أن رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص هنى أن يبيع

49


48

الرجل طعاما حتى يســتوفيه، قلت البن عباس: كيف ذاك ؟ قال: ذاك دراهم بدراهم والطعام مرجأ« )البخاري، 1987م: حديث رقم:2025 ، ج2، ص750(.

ويمكــن الرد عىل أصحاب هذا القول أن من رشوط صحة الســلم املوازي عدم الربط بني العقدين، وأن يكون املســلم فيه يف العقد الثاين من جنس املسلم فيه يف العقد

األول، ال عني املسلم فيه يف ذلك العقد.

وقد ذهب أكثر املعارصين ومنهم الشــيخ الزرقا والقرة داغي وهيئة املحاســبة واملراجعة للمؤسســات املالية اإلســامية ) أمحد، 2006م(، إىل جواز السلم املوازي،

وحجتهم يف ذلك:أوال: أن اإلمام الشافعي ذكر هذا العقد ضمن العقود املباحة. يقول الدكتور عيل السواس )2005م: 49(: »أما السلم املوازي، فهو جائز، وفيه عقدان منفصان، وهو ليس من مبتكرات املعارصين كام يظن الكثريون، فإن اإلمام الشافعي ذكره، حيث قال: » من سلف يف طعام، ثم باع ذلك الطعام بعينه قبل أن يقبضه مل جيز، وإن باع طعاما بصفــة ونوى أن يقبضه من ذلك الطعام فا بأس؛ ألن له أن يقضيه من غريه..« )الشــافعي، 1972م:ج3، ص73( وهذه الصورة مطابقة لعقد السلم املوازي

الذي تطبقه املصارف واملؤسسات اإلسامية يف عرصنا احلارض.ثانيا: أن الســلم املوازي عبارة عن عقدي سلم، كل منهام جائز إذا انفرد، وبالرغم من مراعاة متاثل الصفات بني العقدين، فإن ذلك ال يفيض إىل صورة بيعتني يف بيعة، وهي الصورة املنهي عنها يف الرشع )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، 2009م(.جاء يف تعقيب الشــيخ الزرقا عىل فتوى بيت التمويل الكويتي حول السلم: إذا أراد املشرتي يف الســلم اعتامدا عىل ما سوف يستحقه ويقبضه من بائعه أن يبيع سلام أيضا بضاعة من النوع الذي اشــرتاه، وإىل األجل نفسه أو أبعد منه قليا، وهو يقصد أن يقبض ما اشرتاه من بائعه يف أجله، فيسلمه إىل املشرتي منه، فهذا ال مانع منه رشعا، ولو تكررت هذه الصفقات الســلمية من مشرت آلخر؛ ذلك ألن املبيع مستقل يف كل صفقة عنه يف األخرى، وليس الصفقات الاحقة منصبة

عىل حق املشرتي األول نفسه جتاه البائع األول )أمحد، 2006م(.


51 50

ثالثا: أن كل بائع يف العقدين مسؤول بالتسليم جتاه املشرتي منه مسؤولية مستقلة ال عاقة هلا بام يستحق هو قبضه من بائعه، فا يؤول هذا العقد إىل ربح ما مل يضمن )هيئة

املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، 2009م(.رابعا: أن القول بعلة الربا يف السلم املوازي يقع فقط فيام إذا كان البيع إىل نفس الشخص الذي اشرتى منه السلعة بأكثر من الثمن الذي اشرتاها به )أمحد، 2006م(، واستدلوا بام جاء يف رشح الزرقاين: »عن القاسم بن حممد أنه قال: سمعت عبد اهلل ابن عباس ورجل يســأله عن رجل سلف يف سبائب، فأراد بيعها قبل أن يقبضها، فقال ابن عباس: تلك الورق بالورق، وكره ذلك، قال مالك وذلك فيام نرى واهلل أعلم أنه إنام أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشرتاها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به«

)الزرقاين، 1990م(.بناء عىل ما تقدم، فإن الربا يقع فقط يف حالة البيع بأكثر من ثمن الرشاء األول لنفس الشخص، وهذا غري وارد يف السلم املوازي الذي تتعامل به املؤسسات اإلسامية، حيث إنه بطبيعته ينعقد مع طرف ثالث آخر غري الطرف األول بغرض بيع بضاعة مشــاهبة يف

الصفة والقدر واألجل ومن غري ربط بني العقدين.كام أن السلم املوازي يتكون من عقدين منفصلني كل منهام جائز بمفرده، فاملرصف يف العقد األول ـ حســب املثال الذي أوردته ـ يشرتي سلعة سلام، ويف العقد الثاين يبيع سلعة سلام بمواصفات ما اشرتى يف السلم األول، وال حمظور يف ذلك لألسباب التالية:

1ـ ال يكــون املرصف قد باع قبل أن يقبــض، ألن العقد األول منفصل عن الثاين، فلو تسببت جائحة بموت املحصول الذي اشرتاه يف السلم األول، فا يتأثر عقد السلم الثاين؛ ألنه مل يبع املسلم يف العقد الثاين عني ما اشرتاه من املسلم إليه يف العقد األول،

وبذلك يستطيع رشاء املسلم فيه يف العقد الثاين من السوق وبيعه للمسلم.

ا يف البيع والرشاء فا يربح ما مل يضمن. 2 ـ أن للمرصف دورا حقيقي3ـ أن السلعة املسلم فيها إذا كانت تسلم عىل فرتات متعاقبة بحيث يتضمن عقد الرشاء عددا من العقود املتاحقة، فــإن ذلك مضبوط بضوابط رشعية ينتفي معها الغرر واجلهالــة، حيث يتم التعامــل بني املتعاقدين من خال مذكــرة تفاهم حيدد فيها

51


50

الطرفان اإلطار العام للتعاقد من إبداء الرغبة يف البيع والرشاء، وحتديد املسلم فيه ومواصفاته، وكيفية تسليمه، واألسس التي يتم يف ضوئها حتديد الثمن وكيفية دفعه، ونوع الضامنات، ويتم التنفيذ بإبرام كل صفقة ســلم يف حينها عىل حدة، وتصبح هذه املذكرة جزءا ال يتجزأ من العقد إال ما اســتثناه منها العاقدان عند إبرام العقد

)هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، 2009م(.

املطلب الثالث: أركان السلم املوازي ورشوطه

الفرع األول: أركان السلم املوازي

من خال التعريف واملثال املتقدم للسلم املوازي تبني أنه يتضمن العنارص اآلتية:

أوال: الصيغة.

ثانيا: املسلم، وهو املرصف يف عقد السلم األول، وصاحب املصنع يف عقد السلم الثاين.

ثالثا: املسلم إليه، وهو صاحب املزرعة يف عقد السلم األول، واملرصف يف عقد السلم الثاين.

رابعا: املسلم فيه، وهو السلعة املراد السلم فيها.

خامســا: رأس مال السلم يف عقد الســلم األول، ويأخذه صاحب املزرعة من املرصف، ورأس مال السلم يف عقد السلم الثاين، ويأخذه املرصف من صاحب مصنع احلياكة.

الفرع الثاين: رشوط السلم املوازيبام أن الســلم املوازي عبارة عن عقدي ســلم متوازيني، فينبغي أن تتوافر يف هذا العقد الرشوط الازمة لعقد الســلم البسيط، وكذلك الرشوط الازمة لصحة املنظومة

التي تشكل السلم املوازي، وذلك عىل النحو اآليت:

أوال: رشوط عقد السلم، وأوضحها يف النقاط اآلتية:1 ـ الرشوط املتعلقة بصيغة العقد

اتفق الفقهاء عىل انعقاد عقد الســلم بلفظ الســلم أو السلف، لكنهم اختلفوا يف


53 52

انعقــاده بلفظ البيع، حيث ذهب مجهور الفقهاء من احلنفية )ابن نجيم، دت( و املالكية )احلطاب، 1992م( والشافعية )األنصاري، 1997م( واحلنابلة )البهويت،1996م( إىل انعقاد السلم بلفظ البيع، ألن السلم أحد أنواع البيع، فيصح تسميته بيعا، عىل أن يذكر يف العقد ما يدل عىل إرادة عقد الســلم، وهو بيع موصوف يف الذمة، بثمن معجل، وذهب ابن حزم الظاهري إىل عدم انعقاد عقد الســلم بلفظ البيع )ابن حزم، دت(، وإىل ذلك ذهب زفر من احلنفية )الكاســاين، 1982م(، وبعض الشافعية )الشريازي، 1996م( وحجتهم يف ذلك: أن القياس عدم انعقاد العقد أصا؛ ألنه بيع ما ليس عند اإلنســان، وأنه منهي عنه إال أن الرشع ورد بجوازه بلفظ السلم، بقوله : ورخص يف السلم، كام أن السلم إذا عقد بلفظ البيع كان بيعا، وال يشرتط فيه قبض العوض يف املجلس، والسلم

غري البيع فا ينعقد بلفظه )الكاساين، 1982م(.

الرأي الراجح: هو رأي مجهور الفقهاء الذين ذهبوا إىل انعقاد عقد السلم بلفظ البيع، كام سبق بيانه، وذلك ألن السلم بطبيعته بيع، وإن أجيز عىل خاف القياس، والعربة يف

العقود للمعاين ال لأللفاظ واملباين.

األثر املرتتب عىل هذا اخلاف: أنه إن انعقد العقد بلفظ البيع فا يلزم تعجيل الثمن يف املجلــس، برشط أال يفيض تأجيل الثمن إىل بيع كالئ بكالئ، أما إذا مل ينعقد الســلم

بلفظ البيع، فيجب تعجيل رأس مال السلم وإال بطل العقد.

2 ـ الرشوط املتعلقة بالعاقدين

ال بد النعقاد عقد الســلم أن يكون عاقداه من أهل العبارة املعتربة رشعا يف إنشاء العقــد وحتمل آثاره الرشعيــة املرتتبة عليه، بأن تتحقق فيهــام أهلية األداء والترصف؛ بــأن يكونا بالغني عاقلني غري حمجور عليهام لســبب من أســباب احلجر املختلفة. فا يصح الســلم إال من مطلق الترصف يف املال، ألنه عقد عىل مال فا يصح إال من جائز الترصف )قرارات املجمع الفقهي للدورة التاســعة، 1415هـ(، كام يشرتط أن يكون كل مــن العاقدين ذا والية عىل العقد، بأن يكون أصيــا أو وكيا معتربا، أو وصيا أو

ا معتربا. ولي

53


52

3 ـ الرشوط املتعلقة برأس مال السلم

يشــرتط يف رأس مــال الســلم أن يكون معلومــا متقومــا وأن يقبض يف جملس العقــد: اتفق الفقهاء عىل أن يكون رأس مال الســلم معلوما ومتقوما، لكنهم اختلفوا يف وجوب قبضــه يف جملس العقد، فذهب احلنفية )احلصفكي، 1965م( والشــافعية )الشــريازي، 1996م( واحلنابلة )البهــويت، 1996م( إىل وجوب قبض رأس املال يف جملس العقد، وحجتهم يف ذلك أن عقد السلم عقد غرر رخص به حلاجة الناس إليه، فا يضاف إليه غرر آخر، وهو غرر تأخري رأس املال، كام أن تأخري رأس املال جيعل الســلم بيع كالئ بكالئ، وهو منهي عنه، إال أن احلنفية فرقوا بني كون رأس مال السلم نقدا أو

عينا، فلم جييزوا التأخري يف النقد، وأجازوه يف العني.

وذهب املالكية )عليش، 1988م، ابن احلاجب، 2000م( إىل القول بجواز خيار الرشط للمتعاقدين أو أحدمها، وحده األقىص ثاثة أيام، واشرتطوا لذلك عدم تسليم

رأس مال السلم لئا يرتدد بني السلفية والثمنية.

4 ـ الرشوط املتعلقة باملسلم فيه

يشرتط لصحة املسلم فيه الرشوط التالية:أـ أن يكون املسلم فيه موصوفا يف الذمة: ال خاف بني الفقهاء يف اشرتاط أن يكون املسلم فيه موصوفا يف الذمة، فإن أسلم يف عني مل يصح السلم، وحجتهم يف ذلك أنه ربام تلف املعني قبل أوان تسليمه، وألن املعني يمكن بيعه يف احلال فا حاجة إىل السلم

فيه )ابن نجيم، دت. املواق، 1994م، األنصاري، 1997م. البهويت، 1996م(.بـ أن يكون املســلم فيه مما يمكن ضبطه بالوصف من غري الدراهم والدنانري: يشرتط جلواز عقد الســلم أن يكون املســلم فيه معلوم املقدار من كيل، أو وزن، أو عدد،

أو ذرع ، أو غريه ، من غري الدراهم والدنانري، ألهنام أثامن )املرغيناين،2000م(.جـ أال توجد يف املســلم فيه علة الربا: يشــرتط يف عقد الســلم أال توجد يف املسلم فيه علة الربا، فا جيوز الســلم فيام اختلف جنســه إذا كان مما جيري فيه الربا، كاحلنطة بالشعري، جاء يف جامع األمهات: »... أال يكون طعامني وال نقدين للنساء والتفاضل


55 54

وال شــيئا يف أكثر منه؛ ألنه ســلف جر منفعة، وال يف أقل منه؛ ألنه ضامن بجعل« )ابن احلاجب،2000م(.

دـ أن يكون املســلم فيه معلوم األجل ومقدور التســليم فيــه: ومقتىض هذا الرشط علم العاقدين باألجل املحدد لتســليم املســلم فيه، وأن يكون املسلم فيه مما يغلب وجوده عند حلول األجل )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، 2009م(.

اتفق الفقهاء عىل جواز تســليم املسلم فيه يف مكان عقد السلم إذا كان املكان صاحلا لذلك )الرسخيس، 2000م. ابن جزي، 1977م. الشريازي، 1996م. البهويت، 1996م(، وحجتهم يف ذلك أن النبي ملسو هيلع هللا ىلص مل يذكر مكان التســليم، وألن عقد الســلم عقد معاوضة أشبه بيوع األعيان )الشريازي، 1996م(، وفضل املالكية تعيني مكان التسليم حلسم النزاع

)ابن جزي، 1977م(.

ثانيا: الرشوط الواجب توافرها يف الســلم املوازي باعتبــاره منظومة مكونة من عقدين متوازيني:

إضافة للرشوط الواجب توافرها يف عقد السلم يشرتط يف السلم املوازي الرشوط التالية:

1 ـ أن ينص يف عقد الســلم عىل أن يكون املســلم فيه يف عقد الســلم الثاين من جنس ومواصفات املسلم فيه يف عقد السلم األول، العينه، لئا يبيع العاقد مامل يملك.

2ـ فصل عقدي السلم عن بعضهام، فا جيوز ربط عقد سلم بعقد سلم آخر، لئا يؤول هذا العقد إىل بيعتني يف بيعة واحدة، ويف حال أخل أحد الطرفني يف عقد السلم األول بالتزامــه، فا حيق للطرف اآلخر )املترضر( أن حييل ذلك الرضر عىل من عقد معه ســلام موازيا سواء بالفسخ أو تأخري التنفيذ )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات

املالية اإلسامية، 2009م(.

3ـ أال يكون البيع إىل نفس الشــخص الذي اشــرتى منه السلعة بأكثر من الثمن الذي اشرتاها به، أي أال يقوم املسلم يف عقد السلم ببيع السلعة بأكثر مما اشرتاها به للمسلم

إليه ـ الذي اشرتاها منه ـ يف ذلك العقد، فإن فعل فقد تعامل بالربا.

55


54

املبحث الثاين: أحكام السلم املوازي وفق املعايري الرشعية التي تناولتها هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسالمية

تعريف هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية:

هي هيئة من علامء املسلمني، تم إنشاؤها بموجب اتفاقية التأسيس املوقعة من عدد من املؤسســات املالية اإلسامية بتاريخ 1صفر 1410هـ املوافق 26 فرباير 1990م يف اجلزائر، وتم تسجيلها عام 1991م يف البحرين بصفتها هيئة عاملية ذات شخصية معنوية

مستقلة ال تسعى إىل الربح.

وهتدف هذه اهليئة إىل تطوير فكر املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، ونرشه عن طريق التدريب وعقد الندوات، وإعداد األبحاث، كام هتدف إىل تعديل معايري املحاسبة للمؤسســات املالية اإلسامية بام يتفق مع أحكام ومبادئ الرشيعة اإلسامية


وقد تناولت اهليئة عقد الســلم والســلم املوازي يف املعيــار العارش من معايريها الرشعية، بتاريخ 1حمرم 1424هـ، املوافق 2003م، وأجازته بالصورة التالية:

أـ جيوز للمسلم أن يعقد سلام موازيا مع طرف ثالثـ أي غري الطرف األولـ للحصول عىل سلعة مطابقة يف مواصفاهتا للسلعة املتعاقد عىل تسليمها يف السلم األول ليتمكن من الوفاء بالتزامه فيه، وبذلك يكون البائع يف السلم األول مشرتيا يف السلم الثاين.

بـ جيوز للمسلم إليه أن يعقد سلام موازيا مستقا مع طرف ثالث لبيع سلعة مطابقة يف مواصفاهتا للسلعة التي اشرتاها بعقد السلم األول، ويف هذه احلالة يكون املشرتي

يف السلم األول بائعا يف السلم الثاين.

واشرتطت هيئة املحاســبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية لصحة السلم املوازي عدم ربط عقد سلم بعقد سلم آخر، بحيث إذا أخل أحد الطرفني يف عقد السلم األول بالتزامه ال حيق للطرف اآلخر »املترضر باإلخال« إحالة ذلك الرضر إىل من عقد


57 56

معه ســلام موازيا، سواء أكان بالفسخ أم بالتنفيذ )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، 2009م(.

وقد نظمت هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية للسلم املوازي عددا من األحكام املستقاة يف أغلبها من عقد السلم البسيط، واألصول الرشعية والقواعد

الفقهية املتعلقة باملعامات، وسأتناول أبرز هذه األحكام يف املطالب اآلتية:

املطلب األول: قبض رأس مال السلم يف جملس العقد، وتسليم املسلم فيه عند حلول أجله

الفرع األول: جواز تأخري قبض رأس مال السلم ثالثة أيام

األصل قبض رأس مال السلم يف جملس العقد يف كل عقد من عقدي السلم املوازي، وجيوز تأخري القبض لكل منهام يومني أو ثاثة أيام بحد أقىص ولو برشط، عىل أال تكون

مدة التأخري مساوية أو زائدة عن أجل تسليم املسلم فيه)3(.

وقد اعتمدت هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية رأي املالكية يف قبض رأس مال السلم، حيث أجازت تأخري القبض ليومني أو ثاثة كحد أقىص، عىل أن ال تكون مدة التأخري مســاوية أو زائدة عن أجل التســليم، وذلك تيسريا عىل الناس يف املعامات املالية، وهذا ما أخذ به جممع الفقه اإلسامي يف دورة مؤمتره التاسع بشأن عقد الســلم، واملنعقد يف أبو ظبي، يف الفرتة مــن 1 ـ 6 ذي القعدة 1415هـ، املوافق

1 ـ 6 نيسان )إبريل( 1995م.

وبانعقاد عقد الســلم والقبض تنتقل ملكية رأس مال السلم من املشرتي للبائع، إال أن هــذه امللكية غري مســتقرة، جلواز انقطاع املســلم فيه وانفســاخ العقد، جاء يف األشــباه والنظائر: »دين الســلم، فإنه وإن كان الزما فهو غري مســتقر، وإنام كان غري مستقر؛ ألنه بصدد أن يطرأ انقطاع املســلم فيه فينفسخ العقد« )السيوطي، 1982م(.

فإذا انفسخ العقد بني املرصف واملسلم إليه يف العقد األول لزم املرصف توفري املسلم فيه للمســلم )املشــرتي( يف العقد الثاين؛ ألنه ال ارتباط بني العقدين، ومن ثم إذا أخل

57


56

أحد الطرفني يف عقد الســلم األول بالتزامه ال حيق للطرف اآلخر »املترضر باإلخال« إحالة ذلك الرضر عىل من عقد معه سلام موازيا، سواء أكان بفسخ العقد أم بتأخري تنفيذه


الفرع الثاين: تسليم املسلم فيه، والترصف فيه

جيب تسليم املسلم فيه إىل املسلم )املشرتي( عند حلول أجله عىل ما يقتضيه العقد من الصفة والقدر، ويلزم املسلم قبوله إذا كان مطابقا للمواصفات املبينة يف العقد، فإذا امتنع أجرب عىل قبوله، وجيوز تســليم املسلم فيه قبل األجل، برشط أن يكون املسلم فيه

عىل صفته وقدره، فإن كان للمسلم مانع مقبول، فإنه ال جيرب، وإال ألزم بالتسلم.

وال جيوز بحال بيع املسلم فيه قبل قبضه؛ ألن ذلك من قبيل بيع الدين املمنوع رشعا.

املطلب الثاين: تقسيط السلعة )املسلم فيه( عىل أقساط متتاليةجيوز تقسيط املسلم فيه من خال التفاوض عىل إنشاء إطار عام أو اتفاقية أساسية تشتمل عىل التفاهم بإبرام عقود سلم متتالية، كل عقد يف حينه، ويتم التعامل عن طريق مذكرة تفاهم حيدد فيها الطرفان اإلطار العام للتعاقد )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلســامية، 2009م(، عىل أال يؤدي اإلخال بأحد العقود املتتالية )املقسطة( إىل

اإلخال بالتزامات املسلم إليه )املرصف( جتاه املسلم )املشرتي( يف العقد املوازي.

وقد ذهب بعض الشــافعية إىل عدم جواز تقسيط املسلم فيه؛ وذلك ألن ما يقابل أحد اجلنســني أقل مما يقابل اآلخر، وما يقابل أحدمها أجا أقل مما يقابل اآلخر، وذلك جمهول فلم جيز، ورد املجيزون عىل املانعني بأن دليلهم يبطل ببيع األعيان، فإنه جيوز إىل

أجلني ويف جنسني مع اجلهل بام يقابل كل واحد منهام )الشريازي، 1996م(

وقد اعتمدت هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية يف هذه املسألة رأي مجهور الفقهاء الذين أجازوا تقسيط املسلم فيه، حلاجة الناس، وانتفاء املانع الرشعي، فا يوجد دليل رشعي عىل حتريم البيع بالتقســيط ما دام ضمن الضوابط الرشعية، وال

يتذرع به إىل الوصل إىل حمظور رشعي كالعينة أو الربا.


59 58

املطلب الثالث: تعذر تسليم املسلم فيهإذا حل األجل املحدد لتسليم املسلم فيه وعجز املسلم إليه عن التسليم بسبب إعساره فينظر إىل ميرسة، أما إذا مل تتوافر السلعة )املسلم فيه( كلها أو بعضها يف األسواق بحيث مل يتمكن املسلم إليه من احلصول عليها عند األجل املحدد، فإن املسلم باخليار بني فسخ العقد والرجوع برأس ماله، أو الصرب حتى يتوافر املسلم فيه يف األسواق، وال جيوز بكلتا احلالتني فرض الرشط اجلزائي عىل املســلم إليه، ألن املسلم فيه عبارة عن دين، وال جيوز اشرتاط

الزيادة يف الديون )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، 2009م(.

وقد اعتمدت هيئة املحاســبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية رأي مجهور الفقهاء يف هذه املســألة لرفع احلرج عن املســلم إليه، وقد أورد ابن رشــد صورة هذه املســألة وخاف الفقهاء فيها، فقال: »اختلف العلامء فيمن أسلم يف يشء من الثمر، فلام حل األجل تعذر تســليمه حتى عدم ذلك املسلم فيه، وخرج زمانه، فقال اجلمهور: إذا وقع ذلك، وكان املســلم باخليار بني أن يأخذ الثمــن أو يصرب إىل العام القابل، وبه قال الشــافعي، وأبو حنيفة، وابن القاسم، وحجتهم: أن العقد وقع عىل موصوف يف الذمة، فهو باق عىل أصله، وليس من رشط جوازه أن يكون من ثامر هذه السنة، وإنام هو يشء رشطه املســلم فهو يف ذلك باخليار. وقال أشــهب من أصحاب مالك: ينفسخ السلم رضورة، وال جيوز التأخري، وكأنه رآه من باب الكالئ بالكالئ، وقال سحنون: ليس له أخــذ الثمن، وإنام له أن يصرب إىل القابل، واضطرب قول مالك يف هذا واملعتمد عليه يف

هذه املسألة ما رآه أبو حنيفة، والشافعي، وابن القاسم« )ابن رشد، 1999م(.

وإىل هذا الرأي ذهب جممع الفقه اإلســامي يف دورته التاسعة، ومما جاء فيه: »إذا عجز املسلم إليه عن تسليم املسلم فيه عند حلول األجل فإن املسلم )املشرتي( خيري بني االنتظار إىل أن يوجد املسلم فيه وفسخ العقد وأخذ رأس ماله، وإذا كان عجزه عن إعسار فنظرة إىل ميرسة، وال جيوز الشـرط اجلزائي عن التأخري يف تسليم املسلم فيه؛ ألنه عبارة عن دين، وال جيوز اشرتاط الزيادة يف الديون عند التأخري« )قرار جممع الفقه اإلسامي

بشأن السلم، 1995م(.

59


58

املطلب الرابع: توثيق املسلم فيه يف السلم املوازي بالضامنات الالزمةجيوز توثيق املسلم فيه يف السلم والســلم املوازي بالرهن والكفالة أو غريمها من وســائل التوثيــق؛ ألن يف التوثيق ضامنا للحقوق، وقطعا للمشــاحنات والنزاع )هيئة املحاســبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلســامية، 2009م(، وقد أخذ جممع الفقه اإلسامي وهيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية هبذا الرأي استنادا إىل قول مجهور الفقهاء من احلنفية )الرسخيس،2000م( واملالكية )اإلمام مالك، 1994م( والشــافعية )املــاوردي، 1999م(، ووجه ذلك: أن رأس املــال دين واجب عىل رب الســلم، فالكفيل يلتزم املطالبة بام هو مضمون عىل األصيل، وهو رشط صحة الكفالة، والرهن لاستيفاء، وقد خالف يف جوازمها احلنابلة )البهويت، 1996م( وزفر من احلنفية )الرسخيس، 2000م( يف إحدى روايتيه، وابن حزم الظاهري )ابن حزم، دت( وحجة زفر: أن الرهن والكفيل ملا يتأخر قبضه، وقبض رأس املال مســتحق يف املجلس، فأخذ

الكفيل والرهن به ال يفيد )الرسخيس،2000م(.

أما حجة احلنابلة فلورود كره الصحابة للرهن يف املسلم فيه، جاء يف كشاف القناع: »ال يصح أخذ رهن وال كفيل بمســلم فيه، رويت كراهته عن عيل، وابن عباس، وابن عمر ـ ريض اهلل عنهــم ـ«، )البهويت، 1996م:ج3، 311 (، وأما حجة ابن حزم فألن

هذا رشط ليس يف كتاب اهلل فحكمه البطان )ابن حزم، دت(.

املطلب اخلامس: استبدال املسلم فيه يف أحد عقدي السلم املوازيجيوز للمسلم يف أحد عقدي الســلم املوازي مبادلة املسلم فيه بعد حلول األجل سواء أكان االستبدال بجنس املسلم فيه أم بغري جنسه، برشوط )هيئة املحاسبة واملراجعة

للمؤسسات املالية اإلسامية، 2009م(:1 ـ أن يكون االستبدال بيشء آخر غري النقد.

2 ـ أال يكون االستبدال مرشوطا عليه يف العقد.3 ـ أن يكون البدل صاحلا ألن جيعل مسلام فيه برأس مال السلم.

4ـ أال تكون القيمة الســوقية للبدل أكثر من القيمة السوقية للمسلم فيه وقت التسليم،


61 60

لئا يربح املشــرتي مرتني يف صفقة واحدة )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، 2009م(.

5ـ أال يؤدي اســتبدال املســلم فيه يف أحد العقدين إىل ختيل املستبدل عن التزاماته جتاه املسلم يف العقد اآلخر.

املطلب الســادس: حتويل السلم املوازي إىل صكوك ذات قيمة مالية قابلة للتداول

صكوك السلم: هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها؛ لتحصيل رأس مال السلم، وتصبح سلعة السلم مملوكة حلملة الصكوك )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية

اإلسامية، 2009م(.

وهذه الصكوك من األوراق التجارية التــي ليس هلا قيمة مالية بحد ذاهتا، لكنها متثل أشــياء أخرى هلا قيمة مالية )اجلزار، 2009م(، وقــد نقل الصديق الرضير اتفاق العلــامء عىل حرمة التعامــل هبذه الصكوك، وحجته أن املالكيــة رغم أهنم أجازوا بيع املســلم فيه قبل قبضه يف غري الطعام، فإهنم ال جييزون ملن اشــرتاه أن يبيعه مرة أخرى )الرضير، 1415هـ(، ودليلهم ما أخرجه اإلمام مســلم أن صكوكا خرجت للناس يف زمــان مروان بن احلكم من طعام اجلارـ وهي بلد عىل ســاحل البحر قريبة من املدينة، كان جيمــع فيها الطعام ويفرق عىل الناسـ ، فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها، فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص عىل مروان بن احلكم، فقاال: أحتل بيع الربا يا مروان؟ فقال: أعوذ باهلل، وما ذاك ؟ فقاال: هذه الصكوك تبايعها الناس، ثم باعوها قبل أن يستوفوها، فبعث مروان احلرس يتبعوهنا، ينزعوهنا من أيدي

الناس، ويردوهنا إىل أهلها« ) مسلم، دت، حديث رقم: 3740(.

املطلب السابع: جعل الديون التي عىل العمالء ثمنا لسلم موازقد يعمد البنك عاجــا للمديونيات املتعثرة، إىل التعاقد مع املدين بجعل الديون املتعثرة عليه ثمنا لسلم مواز، وهذه معاملة غري جائزة )اجلزار، 2009م(؛ ألهنا من بيع

61


60

الدين بالدين، وهو غري جائز، كام أهنا ال ختلو من شبهة الربا، لذلك ال جيوز جعل الدين ثمنا للسلم املوازي.

املطلب الثامن: وضع الرشط اجلزائي عــىل تأخري العميل يف الوفاء بالعقد يف عقود السلم املوازي

ال جيوز وضع الرشط اجلزائي عىل تأخري العميل يف الوفاء بالعقد )قرارات املجمع الفقهي، 1415هـ، قرار رقم: 85 )9/2(؛ ألنه فائدة ربوية عىل دين يف الذمة، فوضع الــرشط اجلزائي وإعامله بطريقة منظمة خيرج الســلم املوازي عن حيز املرشوعية؛ ألن ا تنظيم الرخصة، وجعلها عامة، مثل هذه الرخصة أبيحت عند من أجازها لألفراد، أمفهذا خروج عن املعهود عند الفقهاء كافة عىل فرض أن بعضهم قال بيشء منها للحاجة،

حيث إن الرخص ال يتعدى هبا حملها )ظهري، 1428هـ(.

وهذا ما اعتمدته هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية يف معيار السلم والســلم املوازي، ومستند ذلك أن املسلم فيه عبارة عن دين، وال جيوز الزيادة يف الديون عند التأخري، ألن ذلك من الربا )هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، 2009م(.

املبحث الثالث: تطبيقات السلم املوازي يف املؤسسات واملصارف اإلسالمية وجماالت استخدامه، وميزاته

ســأتناول يف هذا املبحث اإلجراءات التطبيقية لبيع الســلم املوازي يف املصارف واملؤسسات املالية اإلسامية، وجماالت استخدامه، وميزاته، وذلك يف املطالب التالية:

املطلب األول: اإلجراءات التطبيقية لبيع السلم املوازي يف املصارف واملؤسسات املالية اإلسالمية

تتمثل اإلجراءات التطبيقية لبيع الســلم املوازي يف املصارف واملؤسسات املالية اإلسامية يف اخلطوات التالية:


63 62

أوال: إبرام عقد السلم األول عىل النحو التايل:

1 ـ تقديم طلب الرشاء األول

يتلقى املرصف اإلسامي أو املؤسسة املالية اإلسامية طلبا حمررا من العميل يوضح فيه رغبته يف متويل سلعة معينة بصيغة السلم، وبمواصفات حمددة، وبمقدار معني، عىل أن يدفع املرصف للعميل ثمنها )رأس مال الســلم( معجا ســواء أكان رأس املال من

النقد أم من العني )كمستلزمات التشغيل( ويكون االستام مؤجا.

ويتضمن الطلب البيانات التالية: أ ـ مواصفات وكمية السلعة موضوع السلم.

ب ـ الثمن املقرتح هلذه السلعة يف ضوء املعلومات املتاحة ومقدار التمويل. ج ـ بعض املستندات املتعلقة بالعميل.

د ـ ميعاد ورشوط التسليم ومكانه.هـ ـ الضامنات التي يستطيع العميل تقديمها لضامن وتوثيق احلقوق.

2 ـ دراسة جدوى الطلب املقدم

يقوم قسم االئتامن يف املرصف اإلسامي أو املؤسسة املالية اإلسامية بدراسة طلب العميل من مجيع النواحي مع الرتكيز عىل:

أ ـ التحقق من صحة البيانات واملعلومات الواردة عن العميل. ب ـ دراسة السلعة وسوقها موضوع السلم من ناحية املخاطر والقابلية للتسويق.

ج ـ دراسة النواحي الرشعية للسلعة موضوع السلم. د ـ دراسة ثمن الرشاء ونسبة الربح.

هـ ـ دراسة الضامنات املقدمة من العميل. وـ دراســة إمكانية التسويق وتنفيذ السلم املوازي )الشيباين، عقد السلم، الرابط:

.)www.islamicbank.ly/ar/download

63


62

فإذا متت املوافقة من قبل املرصف عىل تنفيذ عملية الســلم حيرر عقد بيع الســلم األول بني املرصف والعميل، ويمثل املرصف يف هذا العقد: املســلم )املشرتي(، ويمثل

العميل: املسلم إليه )البائع(، والسلعة حمل العقد: املسلم فيه.

ثانيا: إبرام عقد السلم الثاين )العقد املوازي(

يقوم املرصف اإلسامي بإبرام عقد سلم مواز مع طرف ثالث، يكون فيه املرصف مسلام إليه، والطرف الثالث: مســلام، ويتضمن العقد املوازي الضامنات الازمة حلفظ حقوق الطرفني املتعاقدين، والبيانات املتعلقة بصفة ومقدار السلعة بحيث تكون مماثلة يف نوعها وصفتها ومقدارها للســلعة )املسلم فيه( يف العقد األول، وحيدد يف هذا العقد مكان وميعاد التسليم بحيث يكون موعد التسليم يف العقد الثاين )املوازي( متأخرا عن موعد التسليم يف العقد األول، ليتمكن املرصف بالوفاء بالتزامه جتاه املسلم يف العقد الثاين.

وال جيوز بحال الربط بني العقدين املتوازيني، كام ال يرتتب عىل اإلخال بأحدمها اإلخال باآلخر.

املطلب الثاين: جماالت استخدام السلم املوازي يف املصارف واملؤسسات املالية اإلسالمية

هناك عدة جماالت لتطبيق السلم املوازي يف البنوك واملصارف واملؤسسات املالية اإلسامية، تشمل املجاالت التجارية، والصناعية، والزراعية، أذكر منها:

1 ـ متويل املشاريع التجارية

ختتلف التجارة يف الدول اإلســامية عنها يف الدول الغربية بالتباين الواضح بني حجم االسترياد والتصدير، حيث إن التصدير يقترص ـ غالبا ـ عىل بعض املواد األولية، التي تباع للخارج بأسعار زهيدة، مقابل األسعار التي تدفعها الدول اإلسامية عند رشاء املــواد املصنعة من هذه املواد األولية، ما يثقل كاهل الدول اإلســامية بديون خارجية

كبرية، مع ما يرتتب عليها من زيادات ربوية، حتت مسمى »الفوائد«.ومن هنا فإن إسهام البنوك اإلســامية للحد من هذه املشكلة باالستثامر بالسلم


65 64

املوازي يكمن يف إجراء عمليات الســلم املوازي املختلفــة يف متويل التجارة اخلارجية برشاء املواد األولية من املنتجني، أو الدولة سلام، ثم إعادة تسويقها عامليا بأسعار جمزية،

إما نقدا، أو باعتبارها رأس مال عيني للسلم، واحلصول بمقابلها عىل سلع صناعية.كام يمكن للبنوك اإلســامية اإلسهام يف رفع مستوى التجارة اخلارجية، بتشجيع الصناعات داخل الدولة، من خال اإلسهام يف حتويل املواد األولية إىل مصنوعات، ومن ثم االســتغناء عن جزء من املستوردات اخلارجية، بل قد يتطور األمر ليصل إىل مرحلة

التصدير للخارج )العساف، 2004م(.

2 ـ متويل أصحاب اإلنتاج من صغار احلرفيني تستطيع البنوك واملؤسسات اإلسامية متويل صغار املنتجني واحلرفيني عن طريق عقد الســلم، ويتمثل ذلك يف تقديم رأس مال متمثل بمستلزمات اإلنتاج، واحلصول بمقتضاه عىل منتجات مصنعة، ثم القيام بإعادة تســويقها يف السوق الداخلية للبلد، ما يسهم يف رفع مستوى املعيشة، والتقليل من مستوى البطالة، وازدهار الصناعة الداخلية

)جملة جممع الفقه اإلسامي، 1995م(.

3 ـ متويل املزارعني وتشجيع الزراعة والثروة احليوانيةرغم اختاف الفقهاء يف مرشوعية الســلم يف احليوان وبعض املنتجات الزراعية، فإن هذا االختاف معلل بعدم القدرة عىل ضبط مواصفات هذه املنتجات، ومقاديرها. فإذا كان املنع عند من قال بعدم جواز السلم يف احليوان وبعض املطعومات معلا بعدم القدرة عىل ضبط وصفها ومقدارها؛ فإنه باســتخدام التقنيات املتقدمة التي تبني النســب املئوية الدقيقة ملكونات املادة، وأيضا التقنيات املستخدمة يف حتسني مواصفات

اإلنتاج احليواين، تنتفي علة املنع وهي اجلهالة.كــام أن اخلرباء يف جمال الزراعة واإلنتاج احليــواين يقومون بعملهم وفق مقاييس حديثة، وأســس علميــة متفق عليها، األمــر الذي يمكن معه ضبط هــذه املنتجات، ومواصفاهتا بدقة بحيث ال تتفاوت كثريا، والتفاوت اليسريال يؤثر يف الثمن تأثريا ظاهرا

)دويكات، 2003م(.

65


64

وكذلك فإن عقد السلم صالح لتمويل العمليات الزراعية املختلفة، حيث يتعامل املرصف اإلســامي مع املزارعني الذين يتوقع أن توجد لدهيم السلعة يف املوسم املحدد من حماصيلهم أو حماصيل غريهم التي يمكن أن يشــرتوها أو يســلموها إذا أخفقوا يف التسليم من حماصيلهم، فيقدم هلم هبذا التمويل نفعا بالغا ويدفع عنهم مشقة العجز املايل

عن حتقيق إنتاجهم )السواس، 2005م(.

املطلب الثالث: ميزات صيغة السلم املوازي كام كان السلم بالغ األمهية كأحد أبواب املداينات يف العصور املتقدمة، فإن السلم املوازي يعد يف عرصنا احلارض أداة متويل ذات كفاية عالية يف االقتصاد اإلسامي، ويف أنشطة املصارف اإلســامية واملؤسسات املالية اإلسامية من حيث مرونته واستجابته حلاجات التمويل املختلفة، واستجابته حلاجات رشائح خمتلفة من العماء، سواء أكانوا من املنتجني الزراعيني أو الصناعيني أو املقاولني أو من التجار، واستجابته كذلك لتمويل نفقات التشغيل والنفقات الرأساملية األخرى )عبد الكريم، 2011م(، ومن أهم ميزاته:1 ـ التمويل بعقد الســلم املوازي يعد أهم البدائل الرشعية عن نظام التمويل بالقرض الربوي، فيستطيع املسلم االســتعاضة عن التعامل مع البنك الربوي بالتعامل مع املؤسســات واملصارف اإلســامية التي تطبق عقد السلم يف معاماهتا املعارصة، بحيث ال يرتتب عىل التعامل هبذه العقود أي معاملة ربوية، حيث تقوم املؤسســة املرصفية برشاء املواد من األفراد بسعر أرخص مما هي عليه يف السوق يف السعر احلال، ثم تقوم ببيعها واالســتفادة من الفارق الربحي بني الصفقتني املنفصلتني، وبذلك حتقق ربحا مرشوعا لكا الطرفني، وحترك سوق العمل املباح )العساف، 2004م(.2ـ تعدد جماالت التعامل بالســلم املوازي واتســاعها، حيث تشمل املجاالت الزراعية و الصناعية والتجارية، ونشــاط املقاوالت، كذلــك املحاجر املنتجة حلجارة البناء والطرقات، خاصة أن التعامل بالسلم يف الوقت احلارض يمكنه أن يتناول أكثر السلع، لتطور التقنيات الصناعية، فاآلالت احلديثة يمكنها إنتاج العديد من القطع من السلع املضبوطة بوصف معني، ما ينفي اجلهالة والغرر اللذين مها مناط حتريم التعامل يف السلم الحتامل وجودمها يف العديد من السلع يف العصور املتقدمة )عمر، 2004م(.


67 66

ويعمل السلم املوازي عىل إجياد سوق دائم للسلع خاصة املوسمية منها، ما يعمل عىل اســتقرار أســعارها، فتباع للراغب برشائها يف غري موسمها، بصورة معلبة أو نحو

ذلك، وبسعر معتدل )العساف، 2004م(.

ويمتاز الســلم املوازي بصاحيته الكبرية لتمويل املشاريع قصرية وطويلة األمد، حيث يمول املشــاريع قصرية األمد بتقديم مستلزمات التشــغيل املختلفة، واألجور، واملرصوفات اجلارية، ويمول املشاريع طويلة األمد برشاء العدد واملواد اخلام واآلالت

الازمة )عمر، 2004م(.

وقد أثبتت املشاريع الصغرية كفايتها وفاعليتها يف حتقيق التنمية االقتصادية، فمن أكثر األنظمة نجاحا يف تشجيع املرشوعات يف اليابان هو نظام الرشكات التعاونية اململوكة بالكامل ألصحاب املرشوعات الصغرية، وتعمل يف رشاء اخلامات ومستلزمات اإلنتاج

وجمال التسويق )شوبجي، 1992م(.

ولبيــع الســلم املوازي ميزة كبرية كــون الثمن يمكن أن يكــون يف صورة عينية كمستلزمات التشغيل مثا )آالت احلصاد وآالت حراثة األرض(، بحيث يتسلمها البائع )املسلم( من املشرتي )املسلم إليه( الذي يقوم بدوره بسداد الثمن سلعا من إنتاجه، فتكون اآللة رأس مال السلم يف أحد العقدين، والسلعة املنتجة املسلم فيه يف هذا العقد، ثم يبيع

املسلم )بائع اآللة( السلعة املنتجة من خال عقد سلم مع طرف ثالث.

املبحث الرابع: دور السلم املوازي يف حتقيق األمن االقتصاديســأتناول يف هذا املبحث مفهوم األمن االقتصادي وأمهيته، ودور السلم املوازي

يف حتقيق األمن االقتصادي، وذلك يف املطلبني التاليني:

املطلب األول: مفهوم األمن االقتصادي وأمهيته:

الفرع األول: مفهوم األمن االقتصادياألمن ضد اخلوف، يقال أمن أمنا فهو آمن )إبراهيم وآخرون، 1960م(، واألمن

واألمان يف اللغة مصدران بمعنى واحد وهو ضد اخلوف )ابن منظور، 2003م(.

67


66

أما األمن االقتصادي فيعني: توافر التدابري الازمة لتحقيق القدرة املالية املستقلة والفاعلة باســتثامر عنارص اإلنتاج املختلفة للوصول إىل نظام مايل واستثامري قادر عىل

إشباع احلاجات األساسية للفرد.

وعرف األمن االقتصــادي بأنه: »عبارة عن التدابري واحلامية والضامن التي تؤهل اإلنسان للحصول عىل احتياجاته األساسية من املأكل واملسكن وامللبس والعاج، خاصة يف الظروف التي يواجه فيها كارثة طبيعية أو ضائقة اقتصادية وضامن احلد األدنى ملستوى

املعيشة« )محود، 2002م(.

وقد عرفت األمم املتحدة األمن االقتصادي بأنه: »أن يملك املرء الوسائل املادية نه من أن حييا حياة مســتقرة ومشــبعة« )القليطي، 2007م(. وهو هبذا املعنى التي متكيتضمن األمن االقتصادي واألمن االجتامعي، والســيايس؛ ألن احلياة ال تكون مستقرة

ومشبعة إال بتوافر األمن االجتامعي واالستقرار السيايس.

فاألمن االقتصادي جيلب الرفاهية االجتامعية واالستقرار السيايس، وينمي الثروات املختلفة ألفراد املجتمع، ويغرس الرضا والطمأنينة، فينعم الفرد بحياة مســتقرة آمنة، ة طمئن مثــا قرية كانت آمنة م ب اهلل وبفقدانــه حيل اخلوف واجلوع، قال تعاىل: ﴿ورضوف بام وع واخل لباس اجل فأذاقها اهلل ن كل مكان فكفرت بأنعم اهلل يأتيهــا رزقها رغدا م

كانوا يصنعون﴾ )النحل: 112(.

وانعدام األمن االقتصــادي أو اختاله البني يــؤدي إىل االضطراب االجتامعي وتزعزع القيم والثوابــت يف املجتمع، فتنترشاجلرائم التي ترتبــط غالبا برصاع البقاء، كالرسقــة والقتل، كام يؤدي انعدام األمن االقتصادي إىل االنحراف الفكري والفطري حيث يؤدي الفقر الشــديد إىل حماولة اهلروب من الواقــع املرير بتغييب العقل بتعاطي املخدرات واخلمر، ما جيعل الفقري فريسة سهلة لشبكات اإلجرام البسيطة منها واملنظمة.

ومن ناحية أخرى، فإن انعدام األمن االقتصادي يعترب من أهم أسباب الرصاعات واحلــروب والنزاعات الداخلية واخلارجية، فحركات التمرد الداخلية وما تســببه من اخلوف والرعب وضياع الثــروات البرشية واالقتصادية واالجتامعية تتكون يف غالبها

بسبب الفقر، والعوز.


69 68

وهناك عدد من النظريات حتدثت عن عاقة األمن االقتصادي باحلاجات األساسية لإلنســان وعىل رأســها األمن بنوعيه االجتامعي والســيايس، وتعرف هذه النظريات بنظريات احلاجات األساســية، التي تتمثل يف نظرية ماســلو ونظريــة موراي ونظرية هريزبرج، فقد أشارت نظرية ماسلو إىل أن احلاجات األساسية لإلنسان تكون يف شكل هرم تبدأ من أســفل إىل أعىل، ومن ثم فإن اإلنسان يبدأ يف إشباع حاجاته من أسفل إىل أعىل، فاإلنسان يف نظر ماسلو يبدأ بإشباع احلاجات الطبيعية، ثم احلاجات األمنية التي تليها احلاجات االجتامعية، ثم احلاجات النفسية وأخريا حتقيق الذات، كام أشارت نظرية موراي إىل احلاجات األساسية لإلنسان من منظور الدوافع األساسية التي حترك اإلنسان وحددهتا يف عدد من الدوافع هي اجلوع، واجلنس وحب االستطاع، ومن ثم فإن النظرية

حاولت الربط بني اآلثار املرتتبة عىل انعدام األمن االقتصادي واالجتامعي وأسبابه.

أما نظرية هريزبرج فأشارت إىل أمهية احلاجات األساسية لإلنسان، التي تتمثل يف املاء واهلواء والغذاء، ويرى هريزبرج أن هذه احلاجات هي التي تدفع اإلنســان إلظهار ســلوك معني، ويمكن القول: إن انعدام املاء والغــذاء واهلواء يمكن أن يؤدي إىل عدم االســتقرار االقتصادي واالجتامعي والسيايس للمجتمع اإلنســاين )إسامعيل، اآلثار

.) http://wasatiaonline.net:االجتامعية النعدام األمن االقتصادي، الرابط

عنارص األمن االقتصادي: لتحقيق األمن االقتصادي ال بد من توافر عدة عنارص ال يتســع املقام لتفصيلها، أمهها إشــباع احلاجات األساســية للفرد، كالغذاء واملسكن واللباس والدواء والتعليم، وحتســني مســتوى الدخل واملعيشة، وتوفري فرص العمل املرشوع والعدالــة وإتاحة فرصه، والعدالة يف توزيع الثــروات، والتكافل االجتامعي بصوره املختلفة، وحتقيق التنمية االقتصادية املســتدامة، وبالنظر إىل هذه العنارص نجد أهنا العوامل األساسية لتحقيق األمن بمفهومه الشامل، ما يؤكد دور األمن االقتصادي

يف حتقيق األمن الشامل يف املجتمع.

الفرع الثاين: أمهية األمن االقتصادي

تكمن أمهية األمن االقتصادي بكونه مرتكزا رئيســا لألمن بمفهومه الشــامل:

69


68

الســيايس واالجتامعي والبيئي، وقد قرن القرآن الكريم بني اإلطعام واألمن باعتبارمها ن خوف﴾ ن جوع وآمنهم م الزمني ال ينفكان عن بعضهام، قال تعاىل: ﴿الذي أطعمهم م

)قريش: 4(.

ن طمئنــة يأتيها رزقها رغدا م مثا قرية كانت آمنة م ب اهلل وقال تعــاىل: ﴿ورضوف بــام كانوا يصنعون﴾ وع واخل لباس اجل فأذاقهــا اهلل كل مــكان فكفرت بأنعم اهلل

)النحل:112(.

كام قرن النبي ملسو هيلع هللا ىلص بني القوت واألمن، فعن سلمة بن عبيد اهلل بن حمضن عن أبيه، به ، معاف يف جسده ، عنده طعام ملسو هيلع هللا ىلص: »من أصبح منكم آمنا يف س قال : قال رســول اهللنيا« )الرتمذي، )د.ت(، حديث رقم 2346، ج4، ص574(. يومه ، فكأنام حيزت له الد

ويف أمهيــة األمن االقتصادي يقول ابن خلدون: »اعلم أن العدوان عىل الناس يف أمواهلم، ذاهب بآماهلم يف حتصيلها واكتســاهبا؛ ملا يرونه حينئذ من أن غايتها ومصريها انتهاهبا من أيدهيم، وإذا ذهبت آماهلم يف اكتساهبا وحتصيلها، انقبضت أيدهيم عن السعي يف ذلك، وعىل قدر االعتداء ونســبته يكون انقباض الرعايا عن السعي يف االكتساب، فإذا كان االعتداء كثريا عاما يف مجيع أبواب املعاش، كان القعود عن الكســب كذلك؛ لذهابه باآلمال مجلة، بدخوله من مجيع أبواهبا، وإن كان االعتداء يسريا، كان االنقباض عن الكســب عىل نســبته، والعمران ووفوره ونفاق أســواقه، إنام هو باألعامل وسعي الناس يف املصالح واملكاســب ذاهبني وجائني، فــإذا قعد الناس عن املعاش وانقبضت أيدهيم عن املكاســب كســدت أســواق العمران وانتقضت األحوال وأذعر الناس يف اآلفاق من غري تلك اإليالة )السياسة( يف طلب الرزق يف غري ما خرج عن نطاقها، فخف ساكن القطر وخلت دياره، وخربت أمصاره، واختل باختاله حال الدولة والسلطان«

)ابن خلدون،2004م: ص294 ـ 295(.

وبذلــك نلمس االرتباط الوثيق بني األمن واالقتصــاد؛ وبني األمن االقتصادي واألمن االجتامعي والسيايس، حيث حيتل االقتصاد مكان األولوية ف احلياة؛ وهو مركز البناء االجتامعي والسيايس، وبانتظام االقتصاد يكون االستقرار واألمن، ودون اقتصاد


71 70

سليم حيصل فيه كل فرد عىل ما يشبع حاجياته تنترش اجلرائم ويعم اخلوف والفزع اللذان مها ضد األمن، حيث ال أمن جلائع وال أمن من اجلائع )القليطي، 2007م(.

فانعدام األمن االقتصادي أوعدم توازنه يؤدي إىل مشكات اجتامعية واقتصادية وسياسية كثرية، أمهها احلروب والنزاعات، وكثري من احلروب والرصاعات وحركات التمــرد االجتامعية قامت بدعــاوى التهميش التنموي أو عدم عدالــة التوزيع العادل للثروات، ويرى بعض اخلرباء أن ثمة درسا غنيا يف الفكر اإلسرتاتيجي احلديث واملعارص مفاده أن جوهر األمن القومي ألي جمتمع ليس األمن العسكري، وإنام األمن االقتصادي والغذائي، لذلك فإن احلروب والرصاعات وحركات التمرد يف الغالب ما هي إال نتيجة للتدهور التنموي واالقتصادي )إسامعيل، اآلثار االجتامعية النعدام األمن االقتصادي،

.)http\\wasatiaonline.net:الرابط

املطلب الثاين: دور السلم املوازي يف حتقيق األمن االقتصادييربز دور الســلم املوازي يف حتقيق األمن االقتصــادي من خال التصدي ألبرز املهددات التي هتدده، وعىل رأسها التضخم، وزيادة تكاليف اإلنتاج، واهلزات االقتصادية

وتقلبات األسعار، والبطالة، والفقر وتدين مستوى الدخل.

وسأتناول دور السلم املوازي يف مواجهة هذه التحديات يف الفروع التالية:

أوال: احلد من التضخم الذي بات هيدد عمليات التنمية االقتصادية، يعترب التضخم من أهم األخطار التي هتدد األمن واالســتقرار االقتصــادي، حيث يؤدي إىل االرتفاع الفاحش لألسعار، وإضعاف ثقة األفراد بالعملة الوطنية. وبالرجوع إىل التمويل بالسلم املوازي نجد أن له دورا واضحا يف احلد من آثار التضخم بالنســبة لدين التمويل، حيث إن املشرتى املمول سوف يسرتد حقه يف صورة سلع ترتفع أسعارها بحصول التضخم، ومن ثم لن يؤثر ذلك عليه، ويستطيع تسويقها بعقد سلم مواز للعقد األول، بخاف ما إذا كان الدين قرضا يف صورة نقود تقل قوهتا الرشائية بالتضخم، فيســرتدها بقيمة أدنى

مما دفعه، خاصة أن البنك الربوي يعتمد عىل النقد أوال وآخرا )دويكات، 2003م(.

71


70

ومن ناحية أخرى يؤدي التمويل بالسلم املوازي إىل تسييل دين السلم، حيث يبيع املسلم سلام من جنس ومواصفات ما أسلم فيه قبل قبضه )عمر، 2004م(، ما يسهم يف القضاء عىل التضخم، ومن ثم نمو اإلنتاج االقتصادي، ورواج السلع التي تكثر احلاجة

إليها وتوفرها بسعر معتدل.

ثانيا: ترشيد تكاليف اإلنتاج، يســهم التمويل بالسلم املوازي يف ترشيد تكاليف اإلنتــاج؛ ألن ثمن البيع يكون معروفا ومقبوضا للمســلم إليه يف كل عقد من العقدين املتوازيني، كام أن إمكانية حتديد الوقت الذي يستلم فيه »املرصف« املسلم فيه »السلعة« يقلل من مرصوفات التخزين، حيث يقوم بتســليم السلعة مبارشة للمسلم »املشرتي«

يف العقد املوازي.

كــام يؤدي التعامل بالســلم املوازي إىل زيادة اإلنتاج، حيث يشــجع املزارع عىل االســتغال األمثل لألرض الزراعية باستخدام أســاليب الزراعة احلديثة واملتطورة، خاصة يف عقود السلم املوازي املتكونة من عمليات سلم متاحقة ومتتالية، كام أنه يزيد

فرص العمل املباح )العساف،2004م(.

ثالثا: توفر صيغة الســلم املوازي محاية للمتعاقدين من اهلزات االقتصادية املفاجئة وتقلبات األسعار؛ ألن املسلم فيه سلعة، ورأس مال السلم يدفع مقدما، وذلك يضمن احلصول عىل الســلعة يف وقت حمدد، دون أن تتأثر الصفقة بتقلبات األســعار، ما يتيح للمرصف التعاقد مع مشــرت آخر بسلم مواز ليبيعه ســلعة مماثلة للسلعة املتعاقد عليها بالصفة واملقدار، وبالرشوط نفسها أو بتعديل ما يمكن تعديله )ظهري، 1428هـ(، ويف حالة الظروف الطارئة كالكساد أو التضخم أو تقلبات األسعار تراعى خماطر التغريات التي حتدث يف أســعار سلعة الســلم عند األجل من خال تبني مبدأ إزالة الغبن، وهو مفهوم إسامي هيدف إىل احلفاظ عىل روح الرتايض التي ينبغي توافرها يف كل املعامات املالية اإلســامية، وإزالة الغبن يف الســلم املوازي تعني مراجعة فرق السعر بني السعر اجلاري حلظة تسليم املحصول وبني السعر املتفق عليه بني املتعاقدين يف جملس العقد عند تسليم رأس املال، وتتم معاجلة فروق األسعار بنسب معينة تريض الطرفني إذا ما جتاوز هذا الفرق حدا معينا يتفق عليه حسب تقلبات األسعار يف كل موسم، لتخفيف الرضر


73 72

.)www.islamicbank.ly/ar/download :عىل املترضر )الشيباين، عقد السلم، الرابط

وكذلك فإن إمكانية أن يكون الثمن يف أحد عقدي السلم املوازي »عينا«ـ كآالت ومســتلزمات التشغيلـ أو »منفعة عني«، يوسع دائرة االستثامر املباح، ويقي املتعاقدين من خماطر التضخم وتقلبات أسعار العملة، وصورة كون رأس مال السلم منفعة عني: أن يربم املرصف عقد ســلم مع مصنع لغزل القطن مثا، بحيث يقدم املرصف للمصنع كمية معينة من القطن بمواصفات معينة يف وقت حمدد )2013/9/1م(، فيكون املصنع مسلام، واملرصف مسلام إليه، والقطن مسلام فيه، وثمن القطن رأس مال السلم، ثم يربم املرصف عقد سلم آخر مع صاحب مزرعة للقطن، بحيث يقدم له املرصف منفعة آالت وخمازن مدة معينة باعتبارها رأس مال الســلم عــىل أن يقدم صاحب املزرعة كمية من القطن بنفس مقدار ومواصفات الكمية املطلوبة من املرصف يف العقد األول عىل أن يتم تسليمها يف وقت سابق لوقت التسليم يف العقد األول )2013/8/1م(، فتكون منفعة املخازن واآلالت رأس مال الســلم يف العقد الثاين، وكمية القطن مسلام فيه، واملرصف مسلام، وصاحب املزرعة مسلام إليه، وكمية القطن مسلام فيه، وبذلك تكون املنفعة رأس

مال السلم يف العقد الثاين.

رابعا: احلد من مســتوى البطالة باالســتفادة من الطاقات اإلنتاجية، يعد العمل الســاح األول يف حماربة الفقر، وهو الســبب األول يف جلب الثروة لإلنسان، ولذلك فــإن البطالة تعد من أهم مهددات األمن االقتصادي، فازدياد نســبة األفراد العاطلني يف املجتمع، يؤدي إىل انتشــار اجلرائم بأنواعها املختلفة كالرسقات والســلب والنهب واالحتيــال للحصول عىل األمــوال لتلبية احتياجاهتم املختلفة، كــام أن البطالة تؤدي إىل حرمان كثري من األس من التمتع بمســتويات معيشــية مناسبة، وحترم املجتمع من استغال حقيقي للموارد البرشية. ومن ثم فإن البطالة هي ببساطة ترك بعض اإلمكانات املتاحــة للمجتمع دون اســتغال، ويعد ذلك بمثابة إهدار كبــري للموارد االقتصادية

)سليامن، 2008م(.

ويتمثل دور السلم املوازي يف احلد من البطالة؛ كونه يوفر قانونية ربانية وأخاقية وقانونيــة اجتامعية، ألنه بيع ينمي التكافل بــني أفراد املجتمع، ويزيد من أوارص املحبة

73


72

بينهم ويزيد من العرض والطلب، خاصة يف عقود السلم املوازي املتاحقة، ويستخدم مدخات اإلنتاج وخصوصا املحلية منها، ويعمل عىل إدامة التوظيف، ما يقلل البطالة

.)www.islamicbank.ly/ar/download :الشيباين، عقد السلم، الرابط(

خامســا: زيادة مستوى الدخل واحلد من الفقر، تعد مشاريع مكافحة الفقر عاما رئيسا يف حتقيق األمن االقتصادي؛ ألن الوصول لألمن االقتصادي ال يتحقق إال بالقضاء

عىل الفقر، ومن ثم الوصول إىل حالة الرفاهية جلميع أفراد املجتمع.

ولعل أهم الســبل املوصلة للقضاء عىل الفقر هى الكفاية يف استغال وختصيص املوارد املتاحة، والعدالــة يف توزيع الثروة والدخل ف املجتمع بام يضمن أن حيصل كل

فرد عىل كفايته ليعيش حياة كريمة.

ويؤكد تقرير »التنمية يف العامل« لعام 2006م الصادر عن البنك الدويل حتت عنوان: »اإلنصاف يعزز قوة النمو من أجل ختفيض أعداد الفقراء« عىل أن العدالة البد أن تكون جزءا ال يتجزأ من أي إسرتاتيجية ناجحة لتخفيض أعداد الفقراء يف أي مكان من العامل النامي، فاالقتصاد ينمو ويتطور عندما يكون لدى النسبة الكربى من السكان األدوات

الازمة للمشاركة يف املنافع الناجتة عن النمو االقتصادي )األسج، 2010م(.

ويوفر التمويل اإلسامي عامة وعمليات الســلم املوازي خاصة املجال األمثل لتحقيق العدالة يف توزيع الثروة، حيث يقوم بتوفري التمويل الازم املتمثل يف مستلزمات اإلنتاج، أو منافــع العني لصغار املنتجني وأصحاب اخلــربات واملرشوعات الذين ال يملكون رؤوس األموال الكافية لتنفيذ هذه املرشوعات، واحلصول بمقتىض هذا التمويل عىل منتجات مصنعة، ثم القيام بإعادة تســويقها يف السوق الداخيل، أو اخلارجي للبلد ما يســهم يف رفع مستوى املعيشــة، وازدهار الصناعة الداخلية ومن ثم احلد من الفقر

)قرار جممع الفقه اإلسامي بشأن السلم، رقم: 85 )2/9(، 1995م(.

مما تقدم نجد أن لصيغة السلم املوازي دورا واضحا يف حتقيق األمن االقتصادي، حيث متتاز بكفاية عالية يف تنمية االســتثامر اإلسامي، من خال استثامر املوارد املتاحة عىل الوجه األفضل، واحلد من أهم مهددات األمن االقتصادي املتمثلة يف البطالة وسوء

استثامر الطاقات واملوارد البرشية، وحماربة الفقر والعوز .


75 74

إال أن هذه الصيغة ال حتظى باالهتامم الازم، والتقييم املناســب، فام زالت تطبق يف املصارف واملؤسسات املالية اإلسامية يف نطاق حمدود، رغم النص عىل جوازها من قبل العديد من اهليئات الرشعية اإلسامية، فهي بحاجة إىل إعادة تنقيح وفق الضوابط الرشعيــة والقواعد الفقهيــة للمعامات اإلســامية بام يتناســب ومقاصد الترشيع

اإلسامي، ويلبي متطلبات العرص.

النتائج والتوصياتأوال: النتائج

1 ـ الســلم املوازي )املتوازي(: هو عبارة عن صفقتي ســلم، كل واحدة منفصلة عن األخرى، بالرغم من مراعاة متاثل الصفات بني العقدين، فا يفيض السلم املوازي إىل بيعتني يف بيعة املنهي عنه، أما عقد الســلم املوازي فيطلق عىل عقد السلم الذي يلتزم فيه البائع بتســليم سلعة موصوفة يف الذمة مطابقة يف مواصفاهتا للسلعة التي اشرتاها يف عقد السلم األول ليتمكن من الوفاء بالتزامه دون أي ربط بني العقدين.2 ـ ذكر اإلمام الشــافعي صيغة الســلم املوازي ضمن العقــود املباحة، وذهب أكثر

املعارصين إىل جوازه بضوابطه الرشعية.3 ـ للســلم املوازي أحكام رشعية صاغتها هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية استنادا إىل القواعد الفقهية والضوابط الرشعية لعقد السلم، باعتبار أن

السلم املوازي عبارة عن عقدي سلم منفصلني.4ـ التمويل ببيع السلم املوازي من أهم البدائل الرشعية لنظام التمويل بالقرض الربوي.5ـ يمكن توثيق السلم املوازي بضامنات عدة، تكفل حسم النزاع واحلفاظ عىل احلقوق،

ومن هذه الضامنات الكفالة والرهن.6ـ تطبيق الســلم املوازي يف التمويل واالستثامر يســاهم إسهاما فعاال يف حتقيق األمن االقتصادي بسبب ميزاته العديدة، منها: اتساع نطاق التعامل به، حيث يمكن من خاله القيام بمشاريع استثامرية جتارية، وصناعية وزراعية، كذلك جيوز أن يكون

رأس مال السلم نقدا أو عينا أو منفعة عني.

75


74

ثانيا: التوصيات:

1 ـ أن تعمل العقود املرصفية عىل حتقيق املصلحة احلقيقية التي أبيحت من أجلها، وأن تستند يف ذلك إىل األدلة األقوى وفق ضوابط الرتجيح املقررة، مع مراعاة مقاصد

الترشيع.2 ـ أن تلتزم املصارف واملؤسســات اإلسامية بالضوابط الرشعية يف العقود املرصفية، حتى ال تؤول هذه العقود والصيغ ـ خاصة املســتحدثة منها كالسلم املوازي ـ إىل

العينة والربا.3ـ توســيع دائرة االســتثامر يف املصارف واملؤسسات اإلســامية، وتسهيل معاماته وإجراءاته بام يتوافق مع قواعد الترشيع وضوابطه، وحيقق املصلحة املعتربة، ليكون

ا للتمويات الربوية. ا وعملي بديا حقيقي


77 76

املراجــع واملصـادرإبراهيم أنيــس، وآخرون، )1960م(. املعجم الوســيط، مطبعة مرص: مجهورية مرص

العربية.أمحد، التجاين عبد القادر، )2006م(. الســلم بديل رشعي للتمويل املرصيف املعارص،

اإلصدار الثاين، اخلرطوم: دار السداد.األسج، حســني عبد املطلب، )2010م(. األمن االقتصادي لإلنسان العريب: الواقع واآلفاق. مركز الرشق العريب للدراسات احلضارية واإلسرتاتيجية، اململكة

/http://asharqalarabi.org.uk :املتحدة، لندن، رابطإسامعيل، حممد إسامعيل عيل، اآلثار االجتامعية النعدام األمن االقتصادي، موقع املركز

http://wasatiaonline.net :العاملي للوسطية، الرابطاألنصاري، زكريا بن حممد، )1997م(. أسنى املطالب رشح روض الطالب ومعه حاشية

الرميل، بريوت: دار الكتب العلمية.األنصاري، حممد بن أمحد، )1997م(. منهج الطاب، بريوت: دار الكتب العلمية.

البخاري، حممد بن إســامعيل، )1987م(. اجلامع الصحيح املخترص، حتقيق: مصطفى البغا، الطبعة الثالثة، الياممة: دار ابن كثري.

البهويت، منصور بن إدريس، )1996م(. كشــاف القناع عىل متن اإلقناع، بريوت: دار الفكر.

البهويت، منصور بن يونس بن إدريس، )1996م(. الروض املربع رشح زاد املســتقنع، مكتبة الرياض احلديثة.

الرتمذي، أبو عيسى حممد بن عيسى، )د. ت(. سنن الرتمذي، حتقيق: أمحد حممد شاكر، دار إحياء الرتاث العريب، بريوت.

اجلزار، أسامة يوسف، )2009م(. العقود اآلجلة يف االقتصاد اإلسامي البديل، رسالة ماجستري، غزة: اجلامعة اإلسامية.

ابن جزي، حممد بن أمحد، )1977م(. القوانني الفقهية، بريوت: دار القلم.

77


76

اجلصاص، أمحد بن عيل، )1984م(. أحكام القرآن، بريوت: دار إحياء الرتاث العريب.ابن اجلــوزي، عبد الرمحن بن عيل بن حممد، )1994م(. زاد املســري، بريوت: املكتب

اإلسامي.ابن احلاجب، مجال الدين بن عمر، )2000م(. جامع األمهات، الطبعة الثانية، بريوت:

دمشق: دار الياممة للنرش والتوزيع.ابــن حزم، عيل بن أمحد بن ســعيد، املحىل باآلثار، حتقيق: جلنــة إحياء الرتاث العريب،

بريوت: دار اآلفاق اجلديدة.احلصفكــي، حممد عاء الدين، )1965م(. الدر املختــار رشح تنوير األبصار، الطبعة

الثانية، بريوت: دار الفكر.احلطاب، حممد بن حممد بن عبد اهلل، )1992م(. مواهب اجلليل يف رشح خمترص خليل،

ط3، دار الفكر.محود ، خضري كاظم، )2002م(. السلوك التنظيمي، عامن: دار صفاء للنرش والتوزيع.احلياين، عبد اهلل خليف، )2004م(. التوازي الرتكيبي يف القرآن الكريم، جامعة املوصل،

املكتبة الشاملة.ابن خلدون، عبد الرمحن بن حممد، )2004م(. مقدمة ابن خلدون، حتقيق )عبد اهلل حممد

الدرويش(، دمشق: دار يعرب. الدردير، أمحد أبو الربكات، الرشح الكبري هامش حاشية الدسوقي، حتقيق: حممد عليش،

بريوت: دار الفكر.دويكات، هيفاء شفيق )2003م(، عقد السلم كأداة للتمويل، األردن: جامعة الريموك.الــرازي، فخر الدين بن ضياء الدين بن عمر، )1988م(. خمتار الصحاح، حتقيق: حييى

خالد توفيق، القاهرة، مكتبة اآلداب للنرش.ابن رشد، حممد بن أمحد القرطبي، )1999م(. بداية املجتهد، بريوت: دار ابن حزم.

الزرقاين، حممد بن عبد الباقي بن يوسف، )1990م(. رشح الزرقاين عىل موطأ مالك، بريوت: دار الكتب العلمية.


79 78

الرسخيس، حممد بن أمحد بن أيب سهل، )2000م(. املبسوط يف الفروع، الطبعة الثالثة، بريوت: دار املعرفة.

سليامن، عبد الصادق إسحق، )2008م(. الرصاع القبيل والنهب املسلح بإقليم دارفور، األسباب واحللول، رسالة ماجستري غري منشورة، معهد إسام املعرفة، جامعة

اجلزيرة.الســواس، عيل بن أمحد، )2005م(. خماطر التمويل اإلســامي، بحث مقدم للمؤمتر

العاملي الثالث لاقتصاد اإلسامي، جامعة أم القرى.السيوطي، عبد الرمحن بن أيب بكر، )1992مـ(. األشباه والنظائر، بريوت: دار الكتب

العلمية.الســيوطي، مصطفى الرحيباين، )1961م(. مطالب أويل النهى يف رشح غاية املنتهى،

6م، دمشق: الكتب االسامي.الشافعي، حممد بن إدريس، )1972م(. األم، الطبعة الثانية، بريوت: دار املعرفة.

شوبجي، عبد املوىل سيد، )1992م(. املتغريات الدولية وانعكاساهتا عىل األمن العريب، املركز العريب للدراسات األمنية والتدريب.

الشــيباين، عبد الكريم عمر، عقد السلم، موقع البنك اإلســامي، متاح عىل الرابط: wwwislamicbank.ly/ar/download

الشيخ نظام، وجمموعة من العلامء، )1990م(. الفتاوى اهلندية، دار الفكر.الشــريازي، إبراهيم بن عيل بن يوسف، )1996م(، املهذب، )حتقيق: حممد الزحييل(،

بريوت: الدار الشامية للطباعة والنرش.الرضير، الصديق حممد )1415هـ(، الســلم وتطبيقاته املعارصة، بحث منشور يف جملة

جممع الفقه اإلسامي، الدورة التاسعة 1415هـ. الطربي، حممد بن جرير بن يزيد، )1984م(. تفسري الطربي، دار الفكر، بريوت.

ظهــري، عثامن، )1428هـ(. بحث بعنوان: »بيع املحاويج محاية للمصارف من تقلبات .)http://www.iifef.com( ،األسعار ونمو لسوق السلع احلقيقية

79


78

ابــن عابدين، حممد أمني بن عمــر، )2000م(. رد املحتار عىل الدر املختار رشح تنوير األبصار، الطبعة الثانية، بريوت: دار الفكر.

عبد الكريم، راسم حممد، )2011م(. بيع السلم يف التطبيقات الفقهية املعارصة، جريدة http://www.alarab.qa:العرب القطرية، الرابط

عبد املوىل، سيد شوبجي، )1413هـ(. املتغريات الدولية وانعكاساهتا عىل األمن العريب، الرياض: املركز العريب للدراسات األمنية والتدريب.

العســاف، عدنان حممود، )2004م(. عقد بيع الســلم وتطبيقاته املعارصة، عامن: دار جهينة للنرش.

عليش، حممد عليش، )1988م(. منح اجلليل، بريوت: دار الفكر.عمر، حممد عبد احلليم، )2004م(. بحث بعنوان: أساليب التمويل اإلسامية للمشاريع

الصغرية، جامعة األزهر، القاهرة: مركز صالح كامل.عمر، حممد عبد احلليم، )2000م(. اإلطار الرشعي واالقتصادي واملحاســبي، الطبعة

األوىل، عامن: دار النفائس.ابن فارس، أبو احلسني أمحد بن فارس، )1994م(. معجم مقاييس اللغة، حتقيق: شهاب

الدين أبو عمرو، بريوت: دار الفكر.www.islamfeqh.com .القر داغي، موقع الفقه اإلسامي، السلم املنظم

القرطبي، حممد بن أمحد األنصاري، )2006م(. تفســري القرطبي، بريوت: مؤسســة الرسالة.

القليطي، سعيد عيل حسن، )2007م(. التخطيط اإلسرتاتيجي لتحقيق األمن االقتصادي والنهضة املعلوماتية يف اململكة العربية السعودية، ورقة بحثية مقدمة يف مؤمتر

تقنية املعلومات واألمن الوطني، الرياض.الكاســاين، عاء الدين أبو بكر بن أمحد، )1982م(. بدائع الصنائع يف ترتيب الرشائع،

الطبعة الثانية، بريوت: دار الكتاب العريب.


80

مالك، مالك بن أنس بن مالك، )1994م(. املدونة الكربى، دار الكتب العلمية، بريوت.املاوردي، عيل بن حممد، )1999م(. احلاوي الكبري، دار الكتب العلمية، بريوت.

جممع الفقه اإلســامي، )1995م(. منظمة املؤمتر اإلســامي، جدة، الدورة التاسعة، العدد التاسع، اجلزء األول.

املرغينــاين، برهان الدين بن عيل بن أيب بكــر، )2000م(. اهلداية رشح البداية، ط1، )حتقيق:حممد تامر، حافظ عاشور(، دار السام للطباعة والنرش، القاهرة.

مسلم، مسلم بن احلجاج النيســابوري، صحيح مسلم، حتقيق: حممد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الرتاث العريب.

ابن مفلح، إبراهيم بن حممد، )1974(. املبدع، املكتب اإلسامي، بريوت. ابن املنذر، حممد بن إبراهيم النيسابوري، )1981م(. اإلمجاع، حتقيق: فؤاد عبد املنعم،

ط3،1981م، دار الدعوة للنرش والتوزيع، اإلسكندرية.ابن منظور، مجال الدين بن حممد بن مكرم، )2003م(. لسان العرب، دار صادر، بريوت.املواق، حممد بن يوسف العبدري، )1994م(. التاج واإلكليل ملخترص خليل، بريوت:

دار الكتب العلمية.املواق، حممد بن يوسف، التاج واإلكليل، الطبعة الثانية، بريوت: دار الفكر.

ابن نجيم، زين العابديــن، البحر الرائق رشح كنز الدقائق، الطبعة الثانية، بريوت: دار املعرفة.

النووي، حميي الدين بن رشف، )1984م(. روضة الطالبني وعمدة املفتني، الطبعة الثانية، بريوت: املكتب االسامي.

هيئة املحاســبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسامية، )2009م(. املعايري الرشعية، البحرين.

81

التطرف األيديولوجي من وجهة نظر الشباب األردين دراسة سوسيولوجية للمظاهر والعوامل

DOI: 10.12816/0012990د. عالء زهري الرواشدة)*(

أستاذ علم االجتامع املشارك ـ قسم العلوم االجتامعية ـ جامعة البلقاء التطبيقية ـ األردن

هــدفت


امللخصالدراسة إىل التعرف عىل عوامل التطرف األيديولوجي ومظاهره من وجهة نظر الشباب اجلامعي األردين، وبيان عالقة ذلك ببعض املتغريات كاجلنس، ومكان اإلقامة، واجلامعة، ونوع الكلية، والدخل الشهري لألرسة، وعدد أفراد األرسة، ومستوى تعليم الوالدين، والســنة الدراسية، واملعدل الرتاكمي، وأجريت الدراسة عىل عينة مكونــة من )304( طالب وطالبات من جامعتي األردنيــة والعلوم والتكنولوجيا، وتم مجع

البيانات بواسطة االستبانة.

وتوصلت الدراســة إىل أن الشباب اجلامعي األردين يرفض التطرف األيديولوجي عىل الرغم من وجود بعــض مظاهره، وهذا ما يبدو واضحا عــىل أفكارهم املتطرفة باملوقف من االختالط ومعاداة االنفتاح عىل الغرب ومقاطعــة منتوجاته، وأصحاب الديانات األخرى. وكانت أبرز عوامل التطرف األيديولوجي الفكري عند الشباب األردين تعود إىل عوامل اجتامعية تليها العوامل الدينية ثم السياسية ثم األكاديمية فاالقتصادية، ووجدت الدراسة بعض الفروقات البســيطة التي تعزى للجنس ولصالح الذكور حول مظاهر التطرف األيديولوجي، وال توجد فروق حول مظاهر التطرف تعزى لبقية متغريات الدراسة، وأوصت الدراسة برضورة معاجلة

التطرف األيديولوجي من خالل عالج العوامل االجتامعية سابقة الذكر كافة.

الكلامت املفتاحية: التطرف األيديولوجي، الشــباب اجلامعي، العوامل، املظاهر، األمن الفكري ، األمن االجتامعي.

املجلة العربية للدراسات األمنية والتدريبـ املجلد 31ـ العدد )63( 81ـ 122 الرياض )2015م( )1436هـ(

83 82

Radical Ideology from the Perspectives of the Jordanian YouthA Sociological Study on Aspects and Factors

Dr. Alaa Zuhair Al Rwashdeh )*(

Associate Professor of Sociology, Department of Social Sciences, Al-Balqa’ Applied University, Jordan

This study aims to identify the factors of the radical ideology and its aspects from the perspectives of the Jordanian university youth. It also sheds light on the relation of the radical ideology with some variables such as: Gender, residence place, university, college, monthly income of the family, number of family members, level of parental education, school year and GPA.

The study was conducted on a sample of (304) students (males and females). The sample was taken from the University of Jordan and the University of Science and Technology, data was collected using questionnaires.

The study shows that Jordanian university youth reject the radical ideology despite the existence of some of its aspects. This appears obvious in their radical opinions considering their positions on the social intercourse between men and women, their non - accomodation with the West and boycotting its products and people belonging to other religions. The study yields that the most prominent factors of radical ideology among Jordanian youth are - social, religious, political, academic and economic.

The study noticed some minor differences that are attributed to gender and in favor of males on the aspects of radical ideology. While no differences where noticed on the aspects of radical ideology attributed to other variables of the study.

In its conclusion, the study recommends to resolve the radical ideology by considering the above mentioned social factors.

Keywords: Radical Ideology; University Youth; Factors; Aspects; Intellectual Security; Social Security.


83

التطرف األيديولوجي من وجهة نظر الشباب األردين.. دراسة سوسيولوجية للمظاهر والعوامل.. د. عالء زهري الرواشدة

82

مقـدمـةيعيش املجتمع األردين عموما مجلة من التغريات االجتامعية واالقتصادية والنفسية نتيجة التحوالت الداخلية واخلارجية العاملية يف منظومة القيم واألساليب والسلوكيات، بحيث أصبح اإلنسان يعيش حالة من عدم الرضا والالشعور بواقعه، وإذا ما علمنا أن غالبية املجتمع األردين هم من فئة الشباب والفتية، فإن تأثرهم هبذا الواقع سيكون األكرب واألكثر. فأصبح يعيش يف عامل مشــحون بالتوترات ويموج باخلالفات والرصاعات، وأخذت تزداد يوما بعد يوم، لكن شعور الشباب بالعزلة والعنف يف الوقت احلارض هو السمة السائدة، واألغلبية منهم مل يتمتعوا باالنخراط يف األحزاب أو اجلامعات، املرشوعة منها وغري املرشوعة. ومع تطور احلضارة وتعقد العالقات بصورة كبرية، يزداد اغرتاب اإلنسان وتتعدد أســبابه ومظاهره. لذا اهتم كثري من الدراسات الفلسفية واالجتامعية والنفسية بتحليل تلك األســباب واملظاهر يف مراحل تارخيية خمتلفة وظروف اجتامعية واقتصادية وسياســية ودينية متباينة، وقد جاء هذا البحــث ليوضح التطرف الفكري

األيديولوجي للوقوف عىل أهم أسبابه ومظاهره وآثاره عىل الشباب يف الوقت احلايل.

ويعد التطرف األيديولوجي مــن الظواهر اخلطرة التي هتدد أمن الفرد واملجتمع بعمومه. والواقع أن تطرف بعض الشــباب يف آرائهم وأفكارهم واجتاهاهتم نحو بعض القضايا االجتامعية والسياسية والدينية ظاهرة حتتل موقعها يف كل املجتمعات منذ أقدم العصور، ولكنها أخذت بعدا جديدا يف املجتمعات احلديثة عندما أنتج التطرف ظواهر كالعنــف واإلرهاب والعدوان عــىل األبرياء واملمتلكات، وفــوىض األمن باملجتمع)رشــوان، 2002(. والشــباب من أكثر الفئات عرضة هلذا املرض االجتامعي اخلطري لكوهنم يشــكلون مرحلة عمرية تتميز باحليوية والنشاط والرغبة القوية نحو التجديد والتغيــري ما جتعلهم أكثر الفئــات الناقدة واالنفعالية لكثــرة املتناقضات احلياتية التي يواجهوهنا ســيام أن املجتمع املعارص جتتاحه تيارات خمتلفة ومتباينة ومتعارضة، ويزخر بتحوالت وحتديات سياســية واقتصادية واجتامعية كبرية جعلت اإلنسان يعاين أزمات متالحقة أبرزها شعوره بمظاهر االغرتاب والالمباالة واإلمهال واحلرمان، والتهميش

الثقايف والسيايس الذي ينتهي بالتطرف.


85 84

ومن باب التأطري العلمي والتخصيص نجد أن لعلم االجتامع عموما وعلم االجتامع السيايس واجلريمة واملعريف والديني واألمن اإلنساين حتديدا وللخدمة االجتامعية دورا بارزا وفعاال يف دراسة أهم املشكالت التي تواجه املجتمع بشكل عام، وتواجه الشباب بشــكل خاص .لذلك هناك عالقة وثيقة بينهم يف إجياد احللــول واملقرتحات الالزمة حلل مشــكلة التطرف الفكري واأليديولوجي لدى الشباب اجلامعي؛ حيث تقوم تلك العلوم وغريها بمعاجلة أسباب القلق واالضطراب والعزلة والتطرف املؤدي إىل العنف

واإلرهاب.. ويقترص دورها وجماالهتا عىل:1 ـ العمل عىل توعية الشباب اجلامعي برضورة وأمهية املشاركة يف احلياة العامة وحتقيق

األمن املجتمعي.2ـ نرش الوعي يف جمال املعارف واملعلومات السياسية والدينية واالجتامعية واالقتصادية

)البعد املعريف(.3 ـ إجياد احللول املناسبة واملقرتحة حلل مشكلة التطرف الفكري األيديولوجي.

4ـ توعيتهم بأمهية القرارات السياسية التي تعمل عىل تطور البناء العلمي، واالجتامعي، واالقتصادي، والذي ينعكس بدوره عىل التنمية واملصلحة العامة.

لذا تأيت هذه الدراسة للوقوف عىل أهم أسباب التطرف األيديولوجي لدى الشباب اجلامعي بشكل خاص، مع توضيح لعالقة التطرف األيديولوجي الفكري باملتغريات والقيم

املختلفة، سواء أكانت فكرية أم دينية أم اجتامعية أم اقتصادية، مع بيان مظاهره وأبعاده.

مشكلة الدراسةإن التطرف حقيقة واقعة يلمس تأثريها يف جمتمعاتنا املعارصة بكثرة، ومع ذلك فإن هناك ندرة يف الدراسات االجتامعية امليدانية التي أجريت حول هذا املوضوع، خاصة يف املجتمع األردين بحســب علم الباحث. وألن التطرف بأشكاله املختلفة مل ينشأ جزافا، بل له أســبابه ودواعيه املوضوعية، كام أن له خماطر تؤثر سلبا عىل الفرد واجلامعة وعىل بنية املجتمع بعمومه وأهدافه التنموية؛ لذا فإن معرفة أسباب التطرف وجذوره وعالقته بالنواحي السياســية واالقتصادية واالجتامعية والثقافية والفكرية واألمنية تعد غاية يف

85


84

األمهية لتحديد نوع العالج املناســب والتعامل معه كظاهرة تفرض نفسها يف املجتمع املعارص. ومن هنا تتحدد مشــكلة الدراسة بمحاولة اإلجابة عن السؤال الرئيس التايل: ما أبرز مظاهر التطرف الفكري األيديولوجي عند الشباب اجلامعي األردين ومواقفهم منه؟ وما األسباب والعوامل املؤدية إليه يف ضوء بعض املتغريات االجتامعية كاجلنس، ومكان اإلقامة، والوضع االقتصادي، وحجم األرسة، واملعدل الرتاكمي، ونوع الكلية؟

أهداف الدراسة وتساؤالهتاتتحدد أهداف الدراسة يف اإلجابة عن التساؤالت التالية:

1 ـ ما اجتاهات الشباب األردين نحو مظاهر التطرف األيديولوجي؟2ـ هــل هناك فروق ذات داللة بني وجهات نظر الشــباب نحو مظاهر التطرف تعزى للمتغريات كاجلنس، ومكان اإلقامة، واجلامعة، ونوع الكلية، والدخل الشــهري لألرسة، وعدد أفراد األرسة، ومستوى تعليم الوالدين، والسنة الدراسية، واملعدل

الرتاكمي؟3 ـ ما أهم األسباب االقتصادية للتطرف من وجهة نظر الشباب؟4 ـ ما أهم األسباب االجتامعية للتطرف من وجهة نظر الشباب؟

5 ـ ما أهم األسباب الدينية للتطرف من وجهة نظر الشباب؟ 6 ـ ما أهم األسباب األكاديمية للتطرف من وجهة نظر الشباب؟

7 ـ ما أهم األسباب السياسية للتطرف من وجهة نظر الشباب؟

أمهية الدراسةتنبع أمهية الدراسة من خالل:

األمهية النظرية العلمية: تتمثل بأمهية املوضوع املطروح لكون التطرف األيديولوجي ظاهرة مرضية تسود فئات معينة وسط النسيج االجتامعي يف املجتمع األردين، هتدد أمنه واستقرار أفراده ومجاعاته إذا ما ترك العنان ملثل تلك األفكار باالنتشار والرواج خاصة


87 86

عند الشــباب. سيام أهنا دراســة تركز عىل رشحية اجتامعية واسعة، وتشكل الغالبية من ســكان املجتمع األردين ومتتاز بصفات قــد ال تتوافر يف بقية الرشائح األخرى كالطاقة واحليوية والنشاط والطموح والرغبة القوية بالتغيري والتجديد وسط سلسلة من األزمات العميقة، والتحوالت الكبرية التي يشــهدها املجتمــع، وترتك آثارها املختلفة عىل فكر الشــباب واجتاهاهتم وطرائق تفكريهم من شــتى نواحي احلياة. إهنا دراســة مهمة من الناحية النظرية بام توفره من معلومات وأفكار عن ظاهرة خطرية يف جمتمعنا تفيد املكتبة

املحلية واألجنبية، والباحثني يف هذا املجال.

األمهيــة العملية : بام توضحه وتكشــف عنه للشــباب أنفســهم واجلهات ذات العالقة باألمن الفكري؛ وملؤسسات التنشئة املجتمعية لتقوم بأدوارها املناسبة للتعامل مــع معطيات الظاهرة يف املجتمع. وتنبع أمهية الدراســة من اعتبار موضوعها من أهم موضوعات البحث يف علم االجتامع الديني، وعلم اجتامع املشكالت االجتامعية وعلم

اجلريمة، وعلم اجتامع املعرفة وعلم االجتامع السيايس واألمن اإلنساين.

اإلطار النظري للدراسةبدا االهتامم العاملي بظاهرة التطرف ســواء عىل مســتوى الدول، أو الباحثني، أو العاملني يف املجال السلوكي االجتامعي، والسيايس، والرتبوي أو عىل مستوى املؤسسات، واملنظامت غري احلكومية يف اآلونة األخرية يف التزايد، وذلك نتيجة تطور الوعي النفيس، واالجتامعي بأمهية مرحلة الشباب ورضورة توفري املناخ النفيس والرتبوي املناسب لنموهم ا، ملا هلذه املرحلة من أثر واضح عىل مســتقبل املجتمع، ا واجتامعي نموا ســليام وجســديباإلضافة لنشوء كثري من املؤسســات واملنظامت التي تدافع عن حقوق اإلنسان، وقيام األمم املتحدة بصياغة اتفاقات عاملية هتتم بحقوق اإلنســان عامة وبعض الفئات خاصة كاألطفال، والشــباب، واملرأة، ورضورة احلامية من مجيع أشــكال اإلساءة واالستغالل والعنــف التي تتعرض هلا يف زمن الســلم واحلرب )www.gulfkids.com(.. فشــاع استخدام مفهوم التطرف يف العرص احلديث بشكل غري مسبوق، والسبب ارتباطه بمفاهيم يصعب فصلها أو احلديث عنه دون التطرق إليها كالتعصب، والتشدد والغلو والطائفية

والعنف، واإلرهاب وغريه، حيث يعد التطرف املغذي الرئيس لكل تلك الظواهر.

87


86

تعريــف التطرف: يعرف التطــرف يف اللغة بأنه: جماوزة حــد االعتدال أو عدم التوســط )ابن منظــور، 1986م(. ويقال: بأنه الوقوف يف الطرف بعيدا عن الوســط )القرضاوي، 2001م(، وجماالت التطرف يف الدين أو الفكر أو السلوك. ويربط البعض بني التطرف والغلو )اجلراد، 2000(. لكونه مشــتقا من وجود داللة لغوية وردت يف بعوا ق وال تت القرآن الكريم يف اآلية القائلة: ﴿قل يا أهل الكتاب ال تغلوا يف دينكم غري احلبيل ﴾ )املائدة: 77(، لذا وا عن سواء الس وا كثريا وضل وا من قبل وأضل أهواء قوم قد ضلا هو الغلو، بمعنى جماوزة احلد وإتيان حد اليشء بإطالق، ويبقى التطرف فالتطرف ديني

أعم من الغلو )املرعب، 2009م(.

والتطــرف اصطالحا: هو الغلو يف عقيدة أو فكر أو مذهب أو غريه، مما خيتص به دين أو مجاعة أو حزب )الصاوي، 1993م(. ويعطي القاموس الفلسفي للتطرف تعريفا خمترصا هو: اندفاع غري متوازن إىل التحمس املطلق لفكر واحد يصبح معه صاحبه أحادي الشعور، ويف حالة اضطراب نفيس يفقده حاسة التمييز بني احلسن واألحسن، والسيئ

واألسوأ )اجلراد، 2000(.

ــرف« أي »الناحية«، أو »منتهى كل ـ والتطرف يف اللســان العريب مشتق من »الطيشء«. وتطرف »تســتدعي للخاطر« أتى الطرف »وجاوز حد االعتدال ومل يتوسط«. وشــاع اســتخدام كلمة التطرف يف العقد املايض بمنطقتنا ترمجــة للكلمة اإلنجليزية Extremism، وتردد معها اســتخدام كلمــة »األصولية« ترمجة للكلمــة اإلنجليزية

Fundamentalism واألصولية يف معجم »وبسرت« مصطلح أطلق عىل حركة احتجاج

مسيحية ظهرت يف القرن العرشين، تؤكد رضورة التفسري احلريف للكتاب املقدس باعتباره أساسا للحياة الدينية الصحيحة. وهو يطلق أيضا عىل أي حركة أو اجتاه يشدد بثبات عىل

التمسك احلريف بمجموعة قيم ومبادئ أساسية.

ومل يقدر هلذا املصطلح أن يشيع يف منطقتنا العربية الختالف داللته »األصولية« يف اللسان العريب التي توحي بالتمسك باألصول، وهو أمر حممود، أو تشري لعلم أصول الفقه ـ أحد أهم علوم الرشيعة اإلسالميةـ فكان أن استخدم مصطلح »التطرف« للداللة عىل

التشدد وجتاوز احلد يف الدين يف الكتابات العربية.


89 88

و»التطرف« مصطلح يضاد مصطلح »الوســطية« الذي هو من الوســط »الواقع بــني طرفني«، كام يقول األصبهاين يف مفردات غريب القرآن. وهو حيمل يف طياته معنى ا..﴾ )البقرة: 143( أي ة وســط لك جعلناكم أم »العدل«. ويف القرآن الكريم ﴿.. وكذ

أمة عدل.

والتوجيه القرآين كان دوما حيث عىل االعتدال، فاهلل ســبحانه ال يكلف نفسا إال وسعها. وهو يعيل من شأن اليرس. وهو ينهى عن البخل والشح؛ ألهنام تطرف يف التعامل مع املال. وكثرية هي األحاديث النبوية التي ترشح ذلك وتدعو إىل الرفق »إن هذا الدين

متني فأوغلوا فيه برفق. ولن يشاد الدين أحد إال غلبه« )رواه أمحد(.

وقد جاء الفقــه ليؤكد وليجعل من القواعد األصولية مثل قاعدة املشــقة جتلب التيســري، وقاعدة ال رضر وال رضار، وقاعدة الرضورات تبيح املحظورات متثل روح التيســري والســامحة. وحيفل فقه املعامالت بام حيث عىل األخالق احلميدة، وينهى عن

السخط والضجر والفحش والشطط واملغاالة، وغري ذلك من صور التطرف.

وإذا كان مصطلح »التطرف« يعني »التشدد وجتاوز احلد«، فإن مصطلح »الوسطية« يدل عىل »العدل« و»السامحة«. ولفظ السامحة يف لسان العرب »يطلق عىل سهولة التعامل فيام اعتاد الناس فيه املشادة«. كام يقول الشيخ حممد الطاهر بن عاشور عن معنى السامحة يف كتابه »أصول النظام االجتامعي يف اإلسالم«، أهنا وسط بني الشدة والتساهل. ولفظها هو أرشق لفظ يدل عىل هذا املعنى. يقال سمح فالن، أي جاد بامل له بال. وهي تدل عىل »خلق اجلود والبذل«. وينتهي إىل القول: »فأصل السامحة يرجع إىل التيسري واالعتدال،

ومها من أوصاف اإلسالم«. )الدجاين، 2004م(

والتطرف شكل من أشكال االنحراف الفكري األيديولوجي فهو امليل والعدول، يقال: انحرف عنه وحترف واحرورف أي مال وعدل. وحرف اليشء عن وجهه أي رصفه

وإذا مال اإلنسان عن يشء يقال انحرف. وانحرف بمعنى مال )العيد، 1421هـ(.

والتعريف االصطالحي لالنحراف: هو كل سلوك خيالف املعايري االجتامعية ويف حالة تكراره بإرصار يتطلب تدخل أجهزة الضبط االجتامعي )الدوري، 1991م(.

وإن االنحــراف الفكري يعد خطرا، ومــن أهم اجلوانب التي متــس األمن الوطني،

89


88

ا أم ــا أم اجتامعي واالنحــراف الفكري هو: خمالفة ما جتمع عليه األمة ســواء أكان دينيا، وهو بذلك قد يكون اختط طريقا مغايرا ملا تقوم عليه األمة من أفكار، وأن من سياسي

ا أو مجاعيا. االنحرافات الفكرية قد يتخذ شكال فردي

فاالنحراف الفكري مادته الفكر، وهو الركيزة األساسية التي حتدد اإلطار املرجعي لألفراد واجلامعات، وهذا أخطر ما يف املوضوع، إذ إن اإلطار املرجعي هو الذي حيدد ما هو صالح وما هو غري ذلك بعيدا عن التطرف والغلو . أما إذا كان هذا اإلطار املرجعي هو الذي حيدد فكر الفرد وينجم عنه فكر يتامشى مع فكر اجلامعة واألمة فهذا هو املطلوب.

ولكن برز يف العقود األخرية اجتاهات فكرية وتيارات أصبحت تؤســس لنفسها مدارس فكرية تقوم أساسا عىل خمالفة ما جتمع عليه األمة، وبالتايل تعمل عىل نرش فكرها

من خالل وسائل شتى، خصوصا بني النشء والشباب حيث جتد ميدانا خصبا.

واالنحراف الفكري هو سلوك غري ســوي يامثل السلوك اإلجرامي؛ ألنه يفىض إىل قتل األبرياء، وال يفرق بني الشــيوخ والنساء واالطفال، وكذلك ال يفرق بني مدين وعســكري. وغالبا ما تكون نتائجه موجهة ضد الضعفاء واألبرياء، الذين ال حيملون السالح، ويكونون منخرطني يف حياهتم اليومية فيستغلون ذلك الظرف، من خالل فكر منحرف جييز ويرشع هلم ذلك؛ بل يوصف الواحد منهم الذي يقوم بالعملية االنتحارية بأنه بطل واستشهادي، حسب تعبريهم وادعائهم. وهذه األفعال ال شك بعيدة كل البعد

عن تعاليم ومبادئ اإلسالم.

إن التحديات التي تواجه األمن الفكري كثرية ومتنوعة، منها الداخلية ، واخلارجية، ومنها املشرتك بني العوامل الداخلية، والعوامل اخلارجية، وما الغزو الفكري، واحلروب العقائدية، والعسكرية النفسية واإلعالمية وطفرة املعلومات ونشوء اجلامعات املتطرفة، والظروف االقتصادية والسياســية واالجتامعية وغريها..، إال حتديات حقيقية لألمن

الفكري يف املجتمعات العربية اإلسالمية. )اجلحني، 2005م(.

ولذا ال يعد االنحراف الفكري جريمة فكرية وقانونية ورشعية فحسب، وإنام ييسء إىل عقيدة األمة اإلسالمية وكذلك هو سبيل لنرش البدع والفتن بني املسلمني، وفيه تشويه لصورة اإلســالم الصحيحة املتمثلة يف الوسطية واالعتدال البعيد عن التطرف والغلو.


91 90

كام أنه يوظف اإلرهاب الذي ألصق باملسلمني بعد أحداث 11 سبتمرب2001م، وهذا جعل املســلمني يف موضع اهتام يف سفرهم ومعاشهم يف كثري من الدول الغربية. لذلك فإن االنحراف الفكري ال يمكن وصفه إال بالسلوك اإلجرامي الفكري املنحرف؛ ألن

خماطره تزيد كثريا عىل ما تقوم به العصابات اإلجرامية املنظمة.

ويف ضوء ما ســبق يتحدد املفهوم اإلجرائي للتطرف األيديولوجي الفكري وفقا لغايات الدراســة احلالية باآليت: هو املبالغة لدرجة الغلو والتشدد يف التمسك فكرا أو ســلوكا بجملة من األفكار قد تكون دينية عقائدية أو سياســية أو اقتصادية أو أدبية أو فنية، يشــعر الفرد بأنه يمتلك احلقيقة املطلقة التي ال تقبل اجلدل ليعيش بمعزل عن بنية الثقافة واملجتمع، ومنفصل عن النسيج االجتامعي الذي يعيش فيه وينتمي إليه، ويعاين من الغربة عن الذات واجلامعة معا. أما الشباب اجلامعي: فهم رشحية عمرية حمددة ترتاوح أعامرهم ما بني 18 ـ 25 سنة وهم طلبة اجلامعة األردنية وجامعة العلوم والتكنولوجيا

يف الفصل الثاين من العام اجلامعي 2013م.

واجلدير بالذكر أن ظاهرة التطرف ال تقترص عىل مكان دون آخر وال عىل قطر دون قطر آخر، إهنا قديمة قدم اإلنسانية بدأت مع بدايات التاريخ اإلنساين، وبقيت إىل يومنا هــذا مالزمة لظهور األديان والعقائد واألنظمــة واملذاهب حتى املصالح، فلكل حالة متطرفون ومعتدلون )بيومي، 2004م(. وكثري من الباحثني قد أولوا اهتامما أكرب للتطرف ذي الطابع الديني أكثر من غريه يف جمتمعاتنا العربية، والســبب يعود إىل انتشــار الفكر التكفريي القامع واملشــكك العتقاد غالبية املسلمني، ولكونه من أخطر أنواع التطرف يتم فيه جتنيد فئات من الشباب لتحقيق أهداف ضد املجتمع وأمنه )احلريب، 2011م(.

إن لغياب احلرية والديمقراطية وشــيوع الفســاد واالســتبداد وظروف الفقر يف معظم الدول العربية قد شكلت البيئة اخلصبة لنمو وانتشار األفكار املتطرفة. كام لصعود مجاعات اإلسالم السيايس يف البالد العربية ورصاعها املرير مع القوى واجلامعات املغايرة بأيديولوجيتها واخلالفات العميقة حول كثري من القضايا السياسية واالجتامعية والدنيوية والدينية ومالحقتها وحماربتها بقسوة من قبل األنظمة السياسية احلاكمة وتضييق اخلناق عليها وحرماهنا من أبسط حقوقها )بني سالمة وخطايبة، 2009م( ترك املجال إلعادة

91


90

ترميم بيئة التطرف يف البالد العربية، وهذا ما ينطبق عىل بقية اجلامعات األخرى يف البالد وما عاشته الشــعوب العربية، وما مورس عليها من تزييف الوعي، وسيادة العالقات املزيفة بينها وبني الصفوات احلاكمة التي بدورها حرمت شعوهبا من حقوقها يف املشاركة السياســية واملساواة، والعدالة االجتامعية واالقتصادية، ومن ممارسة املقرطة، وجعلتها تعيش يف ظروف اقتصادية واجتامعية صعبة. يف الوقت الذي أفرطت األنظمة السياسية العربية يف ممارسة احتكار السلطة دون مربرات رشعية، وارتكاب أبشع جرائم اإلنسانية يف تصفية املعارضني وطالبي احلرية من الشعوب، وهنب أمواهلم، إهنا أنظمة جعلت من ا وسمة سيكولوجية قد تشكلت عرب زمن التطرف الفكري عند الشباب العريب أمرا حتمي

طويل من املعاناة واحلرمان.

االجتاهات النظرية املفرسة للتطرف

هناك قصور واضح يف علم االجتامع الديني يف التصدي لظاهرة التطرف ومعاجلتها باملجتمع املعارص، وألن التطرف األيديولوجي الفكري مشــكلة هلا أبعادها النفســية واالجتامعية واالقتصادية والسياســية، والرتبوية والدينية؛ فهي تســتوجب الدراســة والتقيص حتى يمكن فهمها )بني فياض، 2008م( التي ربام ال خيرج تفسريها عن بعدين مها: نتاج عوامل خارجية تتمثل يف التغريات العاملية احلادة كالسياســات االســتعامرية والعسكرية واحلروب والرصاعات غري املربرة، واألزمات االقتصادية العاملية وتأثرياهتا عىل جمتمعاتنا، وعوامل داخلية تتعلق بالظروف االقتصادية الصعبة لألفراد واجلامعات، واحلرمان السيايس والديمقراطي يف املجتمع وعوامل التفكك األرسي واالجتامعي مما

تنعكس يف تطرف األفراد بأفكارهم واجتاهاهتم وسلوكهم.

واختلفت تفســريات علامء االجتامع لظواهر التطرف كل حسب مرجعيته، فنجد الوظيفيــني أمثال كايم ويارســونز ومريتون قد ربطوا ظهور ظواهــر معتلة كالتطرف اىل وجود خلل بنائي داخل النســق االجتامعي ممثل بفقــدان اندماج الفرد باجلامعات االجتامعية، والثقافة الســائدة مع ضعف آليات الضبط والقواعد املنظمة لسلوك الفرد وتفكك املنظومة القيمية واألخالقية يف املجتمع ما تنتج هذه الظروف قيام مضادة فتولد السلوك املنحرف غري املألوف يف فضاء األعراف واملعايري املجتمعية وهذه حالة تعرب عن


93 92

عدم قدرة املؤسســات عىل تلبية حاجات األفراد واجلامعات وطموحاهتا فتتشكل حالة التطرف الفكري لدهيم.

بينام ينظر املاركسيون إىل أن سبب مثل هذه الظواهر يعود لتفيش الظروف االقتصادية الســيئة التي تعيشــها فئات كبرية باملجتمع عىل هامش خملفات النظام الرأســاميل من فقر وبطالــة، ومعاناهتا املريرة من احلرمــان ببعديه االقتصادي والســيايس، وفقدان املجتمع للعدالة االجتامعية، واملساواة بني فئاته، وتزايد الشعور باالضطهاد والتهميش واالحتكار واالستغالل يف مناحي احلياة ما ينعكس عىل نمو ظواهر عدة، والتطرف الفكري من أخطرها.

ويذهب )Siglman( مؤيدا هذا التفسري عندما أرجع ظواهر كالتطرف والعنف إىل عدم االستقرار السيايس يف الدولة؛ نتيجة عدم العدالة واملساواة بني األفراد واجلامعات. فالتطرف تعبري عن حالة التعارض القائم بني مصالح اجلامعات، وتزايد الشعور بالظلم واحلرمان وعدم املساواة واالضطهاد بأشــكاله املختلفة خاصة السيايس واالقتصادي

واالجتامعي.

إن التطــرف األيديولوجي، مثله يف ذلك مثل العوملة، ظاهرة متأل الدنيا وتشــغل الناس ومشكلته أنه ال يتعلق فقط باجتاهات فكرية منحرفة أو رؤى للعامل متخلفة وبدائية فقط، ولكنه يتحول يف جمال املامرسة، عىل مستوى األفراد واجلامعات وبعض الدول، إىل إرهاب رصيح. وهذا اإلرهاب ال يوجه رضباته فقط للخصوم الفكريني أو السياسيني، ولكنه يصوب سهامه املسمومة إىل املدنيني بصورة عشوائية، ما يؤدى إىل سقوط مئات

القتىل واجلرحى.

ومن ثم يمكن القول إنه لكي نفهم اإلرهاب وطبيعته وأسبابه، البد لنا يف البداية أن نحلل ونــدرس بعمق ظاهرة التطرف األيديولوجي، مــن حيث تعريفه ومصادره

ونتائجه وطرق مواجهته.

وهنــاك يف الفكر العلمي العاملي دراســات متعددة عن التطــرف األيديولوجي واإلرهاب، بحيث حيار الباحث أي دراسة يعتمد عليها إن أراد أن يقدم تعريفا للتطرف األيديولوجي وأبعاده املتعددة بغري أن يغوص يف خضم النظريات العلمية املتعمقة بلغتها

الصعبة، التي ليس من السهل عىل القارئ العادي أن يلم هبا ويفهمها.

93


92

وقد لفتت نظري دراسة شاملة لعامل النفس »كيفني دور هايم« من جامعة »ناتال« بجنوب أفريقيا، خصصها لسياسات العلم يف جمال التنظري للمعرفة السلطوية، واستعرض فيها بشكل متعمق نظريات أربع تسود يف ميدان البحث عن العالقة بني األسلوب املعريف واملضمون األيديولوجي. وهى »السلطوية، ونظرية التطرف، ونظرية السياق، ونظرية تعددية القيم«. وقد حاولت هذه النظريات مجيعاـ والتي ال يتسع املجال الستعراضهاـ أن حتل مشكلة التعميم النظري العاملي والسياقات التارخيية السياسية. والسؤال املطروح هنا: هل يمكن التعميم عىل السلوك املتطرف، بغض النظر عن اختالف املراحل التارخيية،

وتباين املجتمعات والثقافات ؟

لكل هذه االعتبارات العملية نقنع باالعتامد عىل بعض الدراســات التي تناولت موضوع التطرف بأسلوب منهجي ومبسط يف الوقت نفسه، وعىل رأسها دراسة »بارتويل

وكوملان« املنشورة يف سبتمرب 2003م.

س تعقيدها. والتطرفـ ببساطةـ التطرف ظاهرة معقدة، رغم أنه من الصعب تلمهو أنشطة )معتقدات، واجتاهات، ومشاعر، وأفعال، وإسرتاتيجيات( يتبناها شخص أو مجاعة بطريقة تبعده عن األوضاع السائدة بني الناس. وهى يف مواقف الرصاع تعلن عن نفســها باعتبارها شكال عنيفا من أشكال االنغامس يف الرصاع. ومع ذلك يمكن القول إن إطالق صفة التطرف عىل األنشــطة والناس واجلامعات، وكذلك تعريف األوضاع

العادية يف أي موقف، هي مسألة ذاتية من ناحية، وسياسية من ناحية أخرى.

وعىل هذا األساس يرى »بارتويل وكوملان« يف دراستهام املذكورة أنه البد من وضع االعتبارات التالية يف أي مناقشة للتطرف. فالفعل املتطرف نفسه الذي يراه البعض عادال ا مثل »احلرب يف سبيل احلرية«، قد تراه أطراف أخرى باعتباره غري أخالقي بل وأخالقيا للمجتمع. ويتم ذلك وفقا لقيم وسياسات وأخالقيات كل طرف، فعال إرهابيا مضاد

وطبيعة عالقاته بالفاعل.

وباإلضافــة إىل ذلك فإن إحســاس املرء بأخالقية وال أخالقيــة الفعل املتطرف )مثل حرب العصابات التي قادها نيلســون مانديال ضد االستعامر االستيطاين للبيض يف جنوب أفريقيا( قد يتغري مع تغري الظروف )مثل نوعية القيادة، والرأي العام العاملي،


95 94

واألزمات والسياقات التارخيية(. وعىل ذلك يمكن القول إن السياق املعارص والتارخيي لألفعال املتطرفة تشكل نظرتنا إليها. واالختالفات يف القوة مهمة ونحن بصدد تعريف التطرف، ذلك يف املواقف التي تســتخدم فيها القــوة مجاعات نصيبها من القوة ضئيل، يف مواجهة أنشــطة مشاهبة يقوم هبا أفراد أو مجاعات تدافع عن بقاء الوضع الراهن عىل مــا هو عليه. وباإلضافة إىل ذلك يمكن القول إن األفعال املتطرفة من األرجح أن تلجأ الستخدامها فئات الشعب املهمشة، التي ترى أن وسائل الرصاع السلمية لنيل حقوقها مسدودة أمامها. ومع ذلك يمكن القول إن اجلامعات والطبقات السائدة التي قد تساندها

الدولة، عادة ما تلجأ إىل أفعال متطرفة لقمع خصومها السياسيني.

وعــادة ما تتمثل األفعال املتطرفة يف وســائل عنيفة، رغــم أن اجلامعات املتطرفة قد ختتلف يف تفضيلها لتكتيكات عنيفة أو غري عنيفة، وكذلك بالنســبة لألهداف التي

ستتوجه ملهامجتها.

وىف الوقت نفســه فإن اجلامعات التي ال متتلــك فائضا من القوة، من األرجح أن تلجأ ألشكال مبارشة للعنف )مثل التفجري االنتحاري(، يف حني أن اجلامعات املسيطرة عادة ما تلجأ إىل أشــكال العنف املؤسسية )مثل استخدام التعذيب، أو املعاملة األمنية

الوحشية مع اخلصوم السياسيني(.

وعىل الرغم من أن بعض اجلامعات املتطرفة غالبا ما يظن أهنا متامسكة وال حتدث خالفات بني أعضائها، فالواقع يقرر أن هذه اجلامعات غالبا ما تسودها اخلالفات، سواء

حول أهدافها أو وسائلها لتحقيق هذه األهداف، أو حتى بالنسبة لرؤيتها للعامل.

وأخريا يمكن القول إن املشكلة الرئيسة بالنسبة للتطرف، خصوصا يف الرصاعات املمتدة، ال تتمثل يف عنف األنشطة التي تقوم هبا اجلامعات املتطرفة ولكنها يف االجتاهات املتطرفة التي تتمثل يف مجودها وثباهتا وعدم تســاحمها مع الغــري، وبالتايل عدم قابليتها للتغري. وهناك ستة مصادر للتطرف، لعل أوهلا هو احلرمان أي سيادة الفقر واالفتقار إىل اخلدمات الصحية والغذاء السليم والتعليم والعمل، وكلها تتضافر كمربرات للعنف. فإذا أضفنا إىل ذلك إنكار احلاجات اإلنســانية األساسية )كاحلاجة إىل األمن والكرامة واالعرتاف هبوية اجلامعات املختلفة، وتعويق املشاركة السياسية، واخلربات غري املحدودة

95


94

التي تتعلق بإهانة الناس، والفجوة بني ما يعتقد الناس أهنم يســتحقونه وما يمكن هلم احلصول عليه...(، كل هذه العوامل أو بعضها يمكن أن متثل مخرية للتطرف، خصوصا

حني تسد املسالك املرشوعة للتعبري عن احتياجات الناس.

والنقطة الثانية أن العنف يبنى بالتدريج من قبل قادة سياسيني يعتمدون عىل ظروف الناس الصعبة من خالل الرتغيب )إعطاء منح مالية ملســاعدة املتطرفني أو أرسهم( أو الوعود التي تعطى للمتطرفني أهنم ـ حتى لو ماتوا أثناء األعامل اإلرهابية ـ فسيكونون شــهداء وهلم اجلنة. وهؤالء القادة يربرون التطرف باعتباره وسيلة فعالة للسيطرة عىل السلطة. ومن ناحية أخرى فإن اجلامعات والطبقات االجتامعية املسيطرة غالبا ما تغذي التطرف من خالل أساليبها القمعية يف التعامل مع اجلامعات املتطرفة. والتطرف يف منظور ا ملشاعر قاســية، تتعلق بالقهر وعدم األمان وامتهان الكرامة ثالث يمثل خمرجا انفعاليوالضياع. واألفراد الذين يشعرون هبذه املشاعر غالبا ما جينحون للتطرف واإلرهاب.

غري أن بعض النظريات األخرى ترى يف التطرف إســرتاتيجية عقالنية يف رصاع القوى بني أنصار السلطة ومعارضيها.

ومن ناحية أخرى فالتطرف قد ينبع من تبني أيديولوجيات أخروية )تتعلق بنهاية العامل كام حتدده جمموعة متكاملة من امليثولوجيا(، وقد يتأثر الشباب هبذه األساطري، من

خالل املدارس أو برامج اإلعالم أو الزمالء أو األرسة ذاهتا.

وأخــريا هناك نظريات ترى يف التطرف ظاهرة مرضية تدفع لطريقة يف احلياة حتبذ العنف لكي تعطي الشخص أو اجلامعة إحساسا باحلياة، ويتم ذلك أحيانا من خالل تدمري ا كان األمر، فهناك حاجة ملواصلة احلياة نفسها، كام حيدث يف التفجريات االنتحارية. وأيالبحث لتحليل ظاهرة التطرف ونتائجه )ياســني، 2007م(. وبشكل عام يمكن تناول االنحراف الفكري واأليديولوجي من خالل مدارس و نظريات أرساها علم االجتامع

عاجلت هذه الظاهرة من خالل ثالثة اجتاهات تفسريية وهي:1 ـ االجتاه الذايت، وتضم النظرية التي تنتمي إىل املدرسة النفسية.

2 ـ االجتــاه الثاين يضم نظريات تعاملت مع هــذه الظاهرة من خالل عوامل خارجية وعوامل تعتمد عىل تركيبة األفراد الذاتية يف تفسري االنحراف الفكري ويضم هذا


97 96

االجتاه املدارس اجلغرافية واالقتصادية واالجتامعية والسلوكية واالجتامعية الثقافية واالجتامعية الدينية.

3 ـ االجتاه الثالث اجتاه تكاميل جيمع بني االجتاهني السابقني.

http://www.minshawi.com/other/musraty.pdf ولالستزادة يمكن الرجوع للموقع

الدراسات السابقةفيام ييل عينة من الدراســات النظرية والتطبيقية عاجلت جوانب الدراسة احلالية، ونســتعرض منها: نتائج دراســة احلريب )2011م( التي توصلت إىل أن اجتاه الشباب اجلامعي الســعودي إجيايب مــن التطرف الفكري بحيث الغالبيــة منهم يدرك حقيقته، ويرفض مظاهره وأشكاله املختلفة، خاصة التطرف الديني، واالجتامعي الذي اعتربوه أكثر انتشــارا يف املجتمع الســعودي، وال توجد فروق حول ذلك تعزى ملتغريات نوع الكلية، ومكان اإلقامة، والدخل الشــهري لألرسة، وحجم األرسة، واملعدل الرتاكمي يف اجلامعة، وكانت األســباب مرتبة كالتــايل: الدينية ثم االجتامعية ثم السياســية ثم األكاديمية وأخريا االقتصادية، ووجدت الدراســة فروقــا متفاوتة تعزى لنوع الكلية، والدخل الشهري، وحجم األرسة فقط. ودراسة أجراها املالكي )2010م( هدفت إىل وضع إســرتاتيجية وطنية شاملة مقرتحة لتحقيق األمن الفكري يف مواجهة االنحراف

الفكري وما يرتتب عليها من أعامل.

بينام وجدت دراســة املرعب )2009م( التي أجريت عىل )418( طالبا من طلبة كلية الرتبية يف مدينة حائل أن أعىل درجات التطرف كانت يف املجال السيايس، وجاء يف املرتبة الثانية املجال الديني يليــه االقتصادي، ثم املجال الرتبوي، واإلعالمي، وكانت أقل درجات التطرف يف املجــال األرسي. وال توجد فروق يف درجات التطرف تعزى للمستوى الدرايس، ومعدل الطالب السنوي، وختصصه. كام ال توجد فروق يف أشكال التطرف تعزى إىل الراتب الشــهري. وتبني أن هناك ارتباطات ذات داللة بني التطرف الديني والسيايس واالقتصادي والرتبوي، وأن هناك عالقات ذات داللة إحصائية بني

التطرف االقتصادي والرتبوي واألرسي واإلعالمي.

97


96

وتوصل بني فياض )2008م( بدراسته التي أجريت عىل عينة عشوائية بنسبة %3 وبعدد )1069( مبحوثا من طلبة اجلامعة األردنية، إىل وجود مظاهر للتطرف الفكري بدرجة متوســطة عند الطلبة، ومل تظهر النتائج وجود فــروق تعزى ملتغريات اجلنس، والكلية، واملستوى الدرايس، يف حني وجدت فروق تعزى ملتغري السنة الدراسية، ولصالح طلبة السنة األوىل. وبينت أن العوامل التي كان هلا دور كبري يف ظاهرة التطرف الفكري مرتبة حســب األمهية كاآليت: األكاديمية، فاالقتصادية، فاالجتامعية، ومل جتد الدراسة فروقا يف اســتجابات الطلبة تعزى ملتغريات اجلنس، والكلية، واملستوى الدرايس، بينام

وجدت فروق تعزى ملتغري السنة الدراسية ولصالح مستويات األوىل والثانية.وهدفت دراسة اجلحني )2007م( املوسومة بـ»دور الرتبية يف وقاية املجتمع من االنحراف الفكري« إىل التعرف عىل خماطر ظاهرة االنحراف الفكري وآثاره عىل املجتمع واألفراد، ووسائل نرش هذا الفكر، واإلجراءات الوقائية من خماطر هذا الفكر املنحرف، وتوصلت الدراسة إىل أمهية رعاية الشباب، وتصحيح املفاهيم اخلاطئة، والتصدي لكل ما يعكر صفو املجتمع وأمنه، ورضورة تبصري أفراد املجتمع بخطورة االنحراف الفكري،

مشريا إىل دور العلامء واملفكرين وأساتذة اجلامعات يف هذا املجال.وبدراسة األوجيل )2006م( لوحظ إشارة مهمة إىل رضورة بذل اجلهود الدولية من أجل القضاء عىل العوامل السياسية واالقتصادية واالجتامعية التي تقف وراء ظواهر كاإلرهاب والتطرف، وتعزيز التعاون الــدويل يف املجالني األمني والقضائي، والعمل عىل وضع إســرتاتيجية دولية ملنعه ومكافحته. ومن جانــب آخر املغاميس )2004م( يف دراســته وجد رضورة زيادة توعية األفراد واجلامعات بأمهية تربية األفراد عىل منهج الوسطية واالعتدال يف مجيع شؤون احلياة عن طريق مجيع املؤسسات الرتبوية والثقافية.أما ديرانية )2003م( هبدف الكشــف عن أبعاد ظاهرة التعصب، فقد توصل إىل أن التعصب ظاهرة موجودة عند طلبة اجلامعات األردنية الرسمية، وكان ترتيب أشكال التعصب كاآليت: القومي ثم اجلنسوي ثم العشائري ثم الديني وبدرجات متفاوتة عند الطلبة، وأن نسبة )22.6%( فقط مل يظهر أي نوع من أنواع التعصب التي ثبت هلا عالقة بمتغريات إما اجتامعية وإما اقتصادية وإما أكاديمية وإما جمتمعية، ففي التعصب القومي أظهر الذكور تعصبا أكثر من املسيحيني، والعزاب كانوا أكثر تعصبا قوميا من املتزوجني.


99 98

ويف دراســة وطفة واألمحد )2002م( حول التعصب يف الوطن العريب عىل عينة مكونة من )714( طالبا من جامعة الكويت. توصلت الدراسة إىل أن التعصب بأشكاله املختلفة أحــد التحديات الكربى التي تواجه جمتمعاتنا العربية، والتعصب الطائفي هو األكثر انتشارا وخطورة يف املجتمعات العربية ثم جاء العائيل فالقبيل وأخريا جاء التعصب الديني، وضد الوافدين. ومل جتد الدراســة فروقا بني الذكور واإلناث، وكان هنالك أثر

ملتغريي السنة الدراسية، والتخصص األكاديمي.

وأكدت دراسة الربعي )2002م( بعنوان دور اجلامعة يف مواجهة التطرف الفكري بام أن أبرز أســباب العنــف يف املجتمع املرصي كانت البطالــة بني خرجيي اجلامعات، وانتشار الرشاوى، واالختالسات بني كبار املسئولني، وغياب العدالة االجتامعية، وتدين املستوى االقتصادي لألرسة، وقصور دور األستاذ اجلامعي، وغياب القدوة الصاحلة. لذا فمن أهم أساليب معاجلة العنف والتطرف وجود القدوة الصاحلة، وتعزيز املشاركة والديمقراطية، وتنشيط الثقافة الدينية لدى الطلبة، وإجياد فرص عمل للخرجيني، وتنمية

روح التسامح بني أفراد املجتمع.

دراســة اجلحني )1420هـ( املوســومة بـ »رؤية لألمن الفكري وسبل مواجهة الفكر املنحرف«، حيث عالج مفهوم األمن الفكري ومقارنة بني املفهوم عند املســلمني من جانب وعلامء األمن واإلســرتاتيجية عند الغرب من جانب آخر إذ يبني اجلحني أن املفهوم عند املسلمني أكثر عمقا وشــموال الرتباطه بالنهج اإلهلي، مؤكدا أمهية األمن الفكري يف حياة اإلنسان ألنه واضح ال لبس فيه، وهيدف إىل محاية فكر اإلنسان وعقله، كام يؤكد أن االنحراف الفكري الذي يتأتى نتيجة األخطار التي هتدده ســواء الداخلية أو اخلارجية هو أشــد خطرا، وجيب مواجهة الفكر املنحرف أو الغازي بسبب خطورته

عىل أمن املجتمعات والدول.

هذا وقد أشارت دراسة Fuqaha )2001م( إىل أن طلبة جامعة فيالدفيا ينقسمون تبعا لدرجة اجتاههم نحو التطرف والعنف والسلوك العدواين إىل )20%( لدهيم ميل مرتفع إىل العنف و)80%( لدهيم اجتاه منخفض نحو العنف و)44.3%( لدهيم اجتاه متوســط )R, Abindra.Kanungo,1990( ليس لدهيم اجتاه للعنف. ودراسة )%نحو العنف و)47

99


98

)املوســومة بـ »العمل والثقافة نامذج عربية وحــاالت واقعية من الرشق « أجريت هذه الدراســة عىل عينة من اهلند متثل بلدان الرشق األوسط. وهدفت هذه الدراسة إىل إلقاء الضــوء عىل الظروف الثقافية املالزمة للنامذج الغربية وتعريف الســامت العامة اخلطرية للنامذج، وأما التطور بني العامل واملستوى العايل لألداء لدهيم فيعود إىل التطور يف األمم نفسها. وهدفت الدراسة أيضا لبيان أمهية بعض املتغريات اخلطرية يف العملية التطويرية من خالل العامل يف اهلند إلعطاء مثال يف ما هو مهم يف عملية تطوير البلد وإلقاء الضوء عىل املشكالت املرتبطة بالنامذج الغربية لتفسري عملية تطوير األمة أو املجتمع. وكشفت أيضا أن هناك نظريات مثرية ومفرسة لعملية النقل العميل والعمليات التطويرية يف العامل الغريب الذي يتميز بالتبادل الثقايف املحدود، ومن ثم أخذت اهلند كنموذج رشقي لدراسة

احلاجات الفردية للعامل.

منهجية الدراسة )الطريقة واإلجراءات(

منهج الدراسة

تم اســتخدام منهج املســح االجتامعي بالعينة، لغاية احلصول عىل البيانات املتعلقة بظاهرة التطرف األيديولوجي الفكري من وجهة نظر الشباب األردين اجلامعي.

جمتمع وعينة الدراسةتكون جمتمع الدراســة من مجيع الطلبة اجلامعيني املســجلني يف جامعتي األردنية والعلــوم والتكنولوجيا، ومها من كربيات اجلامعات األردنية وأكثرها تنوعا، وتكونت عينة الدراسة من )304( طالب وطالبات تم اختيارهم بطريقة العينة الطبقية القصدية

من جمتمع الدراسة.

أداة الدراسةبعد االطالع عىل أدوات قياس الدراســات السابقة، تم بناء و استخدام االستبانة كوسيلة جلمع البيانات من عينة جمتمع الدراسة، وقد صممت بطريقة تم بموجبها حماور

الدراسة املختلفة.


101 100

صدق األداة وثباهتا:أـ صدق األداة: حكمت االستبانة من األساتذة املتخصصني يف علم االجتامع وعلم االجتامع السيايس وعلم االجتامع الديني، ومن هلم خربة يف جمال تصميم أدوات

القياس، وتم األخذ بتعديالهتم ومقرتحاهتم. ب ـ ثبات األداة: تم توزيع االستبانة عىل جمموعة من الشباب اجلامعي بلغت 40 طالبا وطالبة، ثم أعيدت التجربة مرة أخرى بعد أسبوعني عىل العينة نفسها، وهو ما يســمى اختبار وإعادة االختبار )test-retest(، وتم احتساب معامل ارتباط بريســون لإلجابات، وبلغت القيمــة )0.86(، وهي من املعدالت

املقبولة ألغراض الدراسة وأهدافها.

اجلدول رقم )1( قيم معامالت االتساق الداخيل لثبات جماالت أداة الدراسة واألداة الكليةاالتساق الداخيلعدد الفقراتاملجالالرقم

140.74مظاهر التطرف الفكري1100.76األسباب االقتصادية 2

110.75األسباب االجتامعية3

80.72األسباب الدينية4

70.71األسباب األكاديمية570.70األسباب السياسية6

األداة ككل 570.87

كام يوضح اجلـــدول رقم )1( فقد تم حساب معامل االتساق الداخيل بني نتائج التطبيقني، حيث تراوحت تلك املعامالت بني )0.76ـ 0.70( للمجاالت و) 0.87(

لألداة ككل.املعاجلة اإلحصائية

،)SPSS( أدخلت البيانات باستخدام برنامج الرزمة اإلحصائية للعلوم االجتامعيةواستخدم اإلحصاء الوصفي املتمثل يف التكرارات والنسب املئوية واملتوسطات احلسابية، وذلك لوصف خصائص أفراد عينة الدراسة، فلإلجابة عن السؤال األول تم استخراج

101


100

املتوســطات احلسابية و االنحرافات املعيارية لكل فرع. ولإلجابة عن السؤال الثاين تم استخراج املتوسطات احلسابية و االنحرافات املعيارية للمجاالت واألداة ككل حسب

متغريات الدراسة، ولبيان ذلك تم استخدام حتليل التباين األحادي.

عرض نتائج الدراســة ومناقشتها اخلصائص الديموغرافية ألفراد عينة الدراسة

للتعرف عىل أبــرز اخلصائص ذات العالقة بأفراد عينة الدراســة، اجلدول التايل يوضح لنا ما ييل:

اجلدول رقم )2( التوزيع التكراري والنسب املئوية لعينة الدراسة حسب متغريات الديموغرافيةالنسبةالتكرارالفئاتاملتغريات املستقلة

اجلنس 12139.8ذكر18360.2أنثى

مكان إقامة السكن

11838.8مدينة16353.6قرية154.9خميم82.6بادية

20968.8األردنيةاجلامعة التي تدرس فيها9531.3العلوم والتكنولوجيا

نوع الكلية التي تدرس فيها14648.0إنسانية15852.0علمية

الدخل الشهري لألرسة35014046.1 دينارا فأقل

10634.9من 351 دينارا إىل 700 دنيار5819.1من 701 دينار فأكثر

عدد أفراد األرسة

175.6 3أفراد فأقل10835.5من 4 ـ 6 أفراد13544.4من 7 ـ 9 أفراد4414.5 10أفراد فأكثر


103 102

النسبةالتكرارالفئاتاملتغريات املستقلة

مستوى تعليم األب

175.6أمي165.3ابتدائي4514.8إعدادي6621.7ثانوي3110.2دبلوم

9129.9بكالوريوس3812.5دراسات عليا

مستوى تعليم األم

4013.2أمي165.3ابتدائي3411.2إعدادي7725.3ثانوي6120.1دبلوم

6722.0بكالوريوس93.0دراسات عليا

مستوى السنة الدراسية

6220.4أوىل8126.6ثانية7625.0ثالثة8528.0رابعة

تقدير املعدل الرتاكمي يف اجلامعة

4013.2مقبول12842.1جيد

7926.0جيد جدا3511.5ممتاز

227.2ال إجابة304100.0املجموع

بالنســبة للجنس يتبني من اجلدول أعــاله أن اإلناث حصلن عىل أعىل تكرار بلغ

103


102

)183( وبنسبة مئوية )60.2( بينام بلغ تكرار الذكور )121( وبنسبة مئوية )39.8(. كام تبني الذين يسكنون القرية حصلوا عىل أعىل تكرار بلغ )163( وبنسبة مئوية )53.6( بينام حصل سكان البادية عىل أقل تكرار بلغ )8( وبنسبة مئوية )2.6(. وأن معظم الطلبة عينة الدراســة كانوا من اجلامعة األردنية بتكرار بلغ )209( ونسبة مئوية )68.8( بينام بلغ عدد طلبة العلوم والتكنولوجيا )95( وبنســبة مئوية )31.3(. كام تبني أن معظم الطلبة عينة الدراسة كانوا من الكليات العلمية بتكرار بلغ )158( ونسبة مئوية )52.0(

بينام بلغ عدد طلبة الكليات اإلنسانية )146( وبنسبة مئوية )48.0(.

أمــا دخل األرسة فتبني أن فئة الدخــل 350 دينارا فأقل جاءت بأعىل تكرار بلغ )140( وبنسبة مئوية )46.1( بينام بلغ تكرار فئة الدخل من 351 دينارا إىل 700 دينار )106( وبنسبة مئوية )34.9(. بينام بلغ تكرار فئة الدخل من 701 )58( وبنسبة مئوية )19.1(. والنســبة لعدد أفراد األرسة فتبني أن الفئة من 7 ـ 9 أفراد حصلت عىل أعىل تكرار بلغ )135( وبنسبة مئوية )44.4( بينام حصلت فئة 3 أفراد فأقل عىل أقل تكرار

بلغ )17( وبنسبة مئوية )5.6(.أما بالنسبة ملســتوى تعليم األب فتبني أن مستوى البكالوريوس حصل عىل أعىل تكرار بلغ )91( وبنسبة مئوية )29.9( بينام حصل مستوى ابتدائي عىل أقل تكرار بلغ )16( وبنســبة مئوية )5.3(. كام تبني أن مستوى التعليم الثانوي لألم حصل عىل أعىل تكرار بلغ )77( وبنسبة مئوية )25.3( بينام حصل مستوى دراسات عليا عىل أقل تكرار

بلغ )9( وبنسبة مئوية )3.0(.وبخصوص مستوى السنة الدراســية فتبني أن مستوى السنة الرابعة حصل عىل أعىل تكرار بلغ )85( وبنسبة مئوية )28.0( بينام حصل مستوى السنة األوىل عىل أقل تكرار بلغ )62( وبنسبة مئوية )20.4(. أما تقدير املعدل الرتاكمي يف اجلامعة فتبني أن الذين مســتواهم جيد حصل عىل أعىل تكرار بلغ )128( وبنســبة مئوية )42.1( بينام

حصل تقدير مل جياوبوا عىل أقل تكرار بلغ )22( وبنسبة مئوية )7.2(.


105 104

عرض النتائج يف ضوء التساؤالت

السؤال األول: ما مظاهر التطرف األيديولوجي من وجهة نظر الشباب ؟

لإلجابة عن هذا السؤال تم استخراج املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية ملظاهر التطرف الفكري األيديولوجي من وجهة نظر الشباب اجلامعي واجلدول

أدناه يوضح ذلك.اجلدول رقم )3( املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية لفقرات اجتاهات

الشباب نحو ظاهرة التطرف األيديولوجي مرتبة تنازليا حسب املتوسطات احلسابية

املتوسط الفقراتالرقمالرتبةاحلسايب

االنحراف الدرجةاملعياري

من حق الفرد رفض احلوار والنقاش يف أي قضية مقتنع 11قليلة1.380.74فيها

من التطــرف اقتناع الفرد بأن أفــكاره صحيحة وأفكار 22قليلة1.380.81اآلخرين خاطئة

أؤيد من ينادي بمنع االختالط بني الذكور واإلناث يف 36قليلة1.320.79كل ميادين احلياة

من يعترب الثقافة العربية أســمى من أي ثقافة أخرى ذو 412قليلة1.311.11فكر متطرف

أؤمن بأن االنفتاح عىل الغــرب أصبح أكرب خطر داهم 513قليلة1.310.91عىل ثقافتنا

أعتقد أن وسائل اإلعالم والفضائيات أصبحت وسائل 67قليلة1.250.92شيطانية

جيب مقاطعــة املنتوجات الغربية كوهنــا تأيت من أعداء 78قليلة1.220.88األمة العربية

قليلة1.190.84من الصواب منع العامل مع ذوي الديانات األخرى84

أعتقد أنــه من العدل والصــواب أن نرفض عمل املرأة 95قليلة1.160.84خارج البيت

ال أحبذ التعامــل مع اآلخرين بغلظة وخشــونة لكونه 1010قليلة1.140.90سلوكا غري سوي

105


104



قليلة1.110.77دائام يشعر املتطرف باخلوف وعدم اإلحساس باألمن113

ال أفضــل التعامل مع مــن يتصفون بجمــود قناعاهتم 129قليلة1.100.95ومعتقداهتم

التعامل مــع آراء اآلخرين بالقبول املطلــق أو الرفض 1311قليلة1.090.92املطلق يعد تطرفا غري مربر

قليلة1.360.49مظاهر التطرف ككل

يبني اجلدول )3( أن املتوسطات احلسابية قد تراوحت ما بني )1.09 ـ 1.38(، حيــث جاءت الفقرتان رقم )1 و2( ونصهام: »من حق الفرد رفض احلوار والنقاش يف أي قضية مقتنع فيها« و»من التطرف اقتناع الفرد بأن أفكاره صحيحة وأفكار اآلخرين خاطئة« يف املرتبة األوىل وبمتوســط حســايب بلغ )1.38(، وجاءت الفقرة رقم )6( ونصهــا«: أؤيد من ينادي بمنع االختالط بني الذكــور واإلناث يف كل ميادين احلياة« يف املرتبة الثانية وبمتوســط حسايب بلغ )1.32(، بينام جاءت الفقرتان رقم )12ـ13( ونصهام: »من يعترب الثقافة العربية أسمى من أي ثقافة أخرى ذو فكر متطرف« و»أؤمن بأن االنفتاح عىل الغرب أصبح أكرب خطر داهم عىل ثقافتنا« يف املرتبة الثالثة وبمتوســط حســايب بلغ )1.31(، وجاءت الفقرة رقم )7( ونصها: »أعتقد أن وســائل اإلعالم والفضائيات أصبحت وسائل شيطانية« يف املرتبة الرابعة وبمتوسط حسايب )1.25(، وجــاءت الفقرة رقم )8( ونصها: »جيب مقاطعة املنتجات الغربية كوهنا تأيت من أعداء األمة العربية« يف املرتبة اخلامســة وبمتوسط حسايب بلغ )1.22(، وجاءت الفقرة رقم )4( ونصها: »من الصواب منع التعامل منع ذوي الديانات األخرى« باملرتبة السادسة وبمتوســط حســايب بلغ )1.19(، والفقرة رقم )9( نصها: »ال أفضل التعامل مع من يتصفون بجمود قناعاهتم ومعتقداهتم« باملرتبة ما قبل األخرية وبمتوســط حسايب بلغ )1.10(، وجاءت الفقرة رقم )11( ونصها: »التعامل مع آراء اآلخرين بالقبول املطلق أو الرفض املطلق يعد تطرفا غري مربر« باملرتبة األخرية وبمتوسط حسايب بلغ )1.09(.

وبلغ املتوسط احلسايب ملظاهر التطرف ككل )1.36(.


107 106

السؤال الثاين: هل هناك فروق ذات داللة بني اجتاهات الشباب نحو مظاهر التطرف تعزى للمتغريات كاجلنس، مكان اإلقامة، اجلامعة، ونوع الكلية، والدخل الشــهري لألرسة،

وعدد أفراد األرسة، ومستوى تعليم الوالدين، والسنة الدراسية، واملعدل الرتاكمي؟ لإلجابة عن هذا السؤال تم استخراج املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية ملظاهــر التطرف تبعا ملتغرياهتــم الديموغرافية، ولبيان داللة الفــروق اإلحصائية بني املتوسطات احلسابية تم استخدام حتليل التباين األحادي، واجلدول أدناه يوضح ذلك.اجلدول رقم )4( املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية وحتليل التباين األحادي

تبعا للمتغريات الديموغرافية عىل اجتاهات الشباب نحو التطرف

املتوسط اخلياراتاملتغرياحلسايب

االنحراف الداللة قيمة فاملعياري

اإلحصائية3.250.46560.7130.010ذكراجلنس

3.100.492أنثى3.170.5140.8720.456مدينةمكان إقامة السكن

3.140.470قرية3.340.407خميم3.120.533بادية

3.160.4310.0600.807الريموكاجلامعة التي تدرس فيها3.170.593العلوم والتكنولوجيا

3.150.4510.1670.683إنسانيةنوع الكلية التي تدرس فيها3.170.518علمية

3.200.46720.7640.065 350 دينارا فأقلالدخل الشهري لألرسة3.180.484من 351 إىل 700

3.030.521من 701 دينار فأكثر3.240.41110.4330.233 3 أفراد فأقلعدد أفراد األرسة

3.200.521من 4 ـ 6 أفراد3.160.449من 7 ـ 9 أفراد

107


106

املتوسط اخلياراتاملتغرياحلسايب

االنحراف الداللة قيمة فاملعياري

اإلحصائية3.030.524 10 أفراد فأكثر

3.120.4490.4850.819أميمستوى تعليم األب3.260.388ابتدائي3.150.540إعدادي3.140.413ثانوي3.250.628دبلوم

3.170.496بكالوريوس3.090.450دراسات عليا

3.240.44910.3710.226أميمستوى تعليم األم3.080.564ابتدائي3.090.527إعدادي3.160.467ثانوي3.180.491دبلوم

3.200.491بكالوريوس2.790.333دراسات عليا

3.060.51910.2600.288أوىلمستوى السنة الدراسية3.170.439ثانية3.220.518ثالثة3.170.472رابعة

تقدير املعدل الرتاكمي يف اجلامعة

3.200.5030.2350.872مقبول3.190.487جيد

3.140.445جيد جدا3.180.577ممتاز


109 108

يتبني من اجلدول )4( اآليت:وجود فروق ذات داللة إحصائيــة )a = 0.05( تعزى ألثر اجلنس. وجاءت ـ

الفروق لصالح الذكور.عــدم وجود فروق ذات داللة إحصائيــة )a = 0.05( تعزى ألثر مكان إقامة ـ

السكن.عدم وجود فروق ذات داللة إحصائية )a = 0.05( تعزى ألثر )اجلامعة التي يدرس ـ فيها، نوع الكلية، الدخل الشهري لألرسة، عدد أفراد األرسة، مستوى تعليم األب،

مستوى تعليم األم، مستوى السنة الدراسية، تقدير املعدل الرتاكمي يف اجلامعة(.

السؤال الثالث: ما أهم أسباب التطرف من وجهة نظر الشباب؟

لإلجابة عن هذا السؤال تم استخراج املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية ألهم أسباب التطرف بنظر الشباب اجلامعي، واجلدول أدناه يوضح ذلك.

اجلدول رقم )5( املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية ألهم أسباب التطرف بنظر الشباب اجلامعي مرتبة تنازليا حسب املتوسطات احلسابية

املتوسط املحاورالرقمالرتبةاحلسايب


كبرية3.890.59األسباب االجتامعية للتطرف الفكري 12كبرية3.760.61األسباب الدينية للتطرف الفكري 23كبرية3.690.62األسباب السياسية للتطرف الفكري 35متوسطة3.640.67األسباب األكاديمية للتطرف الفكري 44متوسطة3.490.63األسباب االقتصادية للتطرف الفكري 51

كبرية3.700.43األسباب ككل

يبني اجلدول )5( أن املتوســطات احلسابية قد تراوحت ما بني )3.49 ـ 3.89(، حيث جاء جمال األسباب االجتامعية للتطرف الفكري يف املرتبة األوىل بأعىل متوسط حسايب بلغ )3.89(، وجاء جمال األســباب الدينية للتطرف الفكري يف املرتبة الثانية وبمتوسط

109


108

حسايب بلغ )3.76(، وجاء جمال األســباب السياسية للتطرف الفكري يف املرتبة الثالثة وبمتوســط حســايب بلغ )3.69(، وجاء املجال األكاديمي يف املرتبة الرابعة وبمتوسط حســايب بلغ )3.64(، بينام جاء جمال األســباب االقتصادية للتطرف الفكري يف املرتبة األخرية بمتوسط حسايب بلغ )3.49(، وبلغ املتوسط احلسايب لألسباب ككل )3.70(.وقد تم حساب املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية لتقديرات أفراد عينة

الدراسة عىل فقرات كل حمور عىل حدة، حيث كانت عىل النحو التايل:

حمور األسباب االقتصادية للتطرف األيديولوجياجلدول رقم )6( املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية لفقرات حمور األسباب

االقتصادية للتطرف األيديولوجي مرتبة تنازليا حسب املتوسطات احلسابية



ا عند 114 غياب تكافؤ الفرص بني األفراد ينتج تطرفا فكريكبرية3.960.93املظلومني

كبرية3.721.06انتشار البطالة بني الشباب جيعلهم متطرفني فكريا216

املؤسسات 317 الفساد يف فكريا سببه شيوع األفراد تطرف متوسطة3.631.06احلكومية

يدفع 421 املواد ملختلف املستمر األسعار ارتفاع ازدياد متوسطة3.631.03لتطرف األفراد

متوسطة3.621.13احلرمان املادي مصدر رئيس لتطرف األفراد فكريا522

إىل 615 يميلون الفقراء جيعل األفراد بني الطبقي التفاوت متوسطة3.551.14التطرف

متوسطة3.481.17ارتفاع تكاليف الدراسة اجلامعية مصدر للتطرف الفكري718متوسطة3.341.09التطرف الفكري نتيجة أزمات الكساد االقتصادي823

حرمان بعض الطلبة من احلصول عىل مساعدات مالية 920متوسطة3.301.24من اجلامعة يؤدي إىل التطرف

متوسطة2.661.17معظم فئات املتطرفني فكريا من الفقراء1019متوسطة3.490.63املحور ككل


111 110

يبني اجلدول )6( أن املتوسطات احلسابية قد تراوحت ما بني )2.66ـ 3.96(، حيث جــاءت الفقرة رقم )14( التي تنص عىل »غياب تكافؤ الفرص بني األفراد ينتج تطرف فكري عند املظلومني« يف املرتبة األوىل وبمتوسط حسايب بلغ )3.96(، وجاءت ا« باملرتبة الفقرة رقم )16( ونصها« انتشــار البطالة بني الشباب جيعلهم متطرفني فكريالثانية وبمتوســط حســايب بلغ )3.72(، وجاءت الفقرة رقم )23( ونصها »التطرف الفكري نتيجة ألزمات الكســاد االقتصادي« باملرتبة ما قبل االخرية بمتوسط حسايب ا من بلــغ )3.34(، بينام جاءت الفقرة رقم )19( ونصها »معظم فئات املتطرفني فكري

الفقراء« باملرتبة األخرية وبمتوسط حسايب بلغ )2.66(.

حمور األسباب االجتامعية للتطرف األيديولوجي

اجلدول رقم )7( املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية لفقرات حمور األسباب االجتامعية للتطرف األيديولوجي مرتبة تنازليا حسب املتوسطات احلسابية



كبرية4.200.98وجود التفكك األرسي بكثرة يف املجتمع127كبرية4.121.03غياب االنضباط األخالقي يف املجتمع224كبرية4.101.02انتشار اجلهل وعدم التوعية لدى بعض األرس330كبرية4.061.12التعامل مع رفقاء السوء خاصة املتطرفني429كبرية4.041.15انتشار الرذيلة يف املجتمع كاحلشيش واملواد املخدرة526كبرية3.881.07ضعف القيم كاالنتامء والوالء واملواطنة داخل األرسة625كبرية3.841.08ضعف دور وسائل اإلعالم لبيان حقيقة التطرف ونبذه732

كبرية3.831.16القهر والقسوة يف التعامل مع األبناء833

كبرية3.711.06عدم االندماج االجتامعي لبعض األفراد يدفعهم للتطرف928

متوسطة3.651.09تصادم اآلراء بني اآلباء واألبناء يصنع تطرفا فكريا1031متوسطة3.341.26شعور الفرد بتدين الطبقة االجتامعية التي ينحدر منها1134

كبرية3.890.59املحور ككل

111


110

يبني اجلدول )7( أن املتوسطات احلسابية قد تراوحت ما بني )3.34 ـ 4.20(، حيث جاءت الفقرة رقم )27( التي تنص عىل »وجود التفكك األرسي بكثرة« يف املرتبة األوىل وبمتوســط حســايب بلغ )4.20(، وجاءت الفقرة رقم )24( ونصها: »غياب االنضباط األخالقي يف املجتمع«باملرتبة الثانية وبمتوسط حسايب بلغ)4.12(، وجاءت الفقرة رقم )30( ونصها: »انتشار اجلهل وعدم التوعية لدى بعض األرس« باملرتبة الثالثة وبمتوسط حسايب بلغ )4.10(، وجاءت الفقرة رقم )31( ونصها: »تصادم اآلراء بني ا« باملرتبة ما قبل األخرية وبمتوسط حسايب بلغ )3.65(، اآلباء واألبناء يصنع تطرفا فكريبينام جاءت الفقرة رقم )34( ونصها: »شعور الفرد بتدين الطبقة االجتامعية التي ينحدر

منها« باملرتبة األخرية وبمتوسط حسايب بلغ )3.34(.

حمور األسباب الدينية للتطرف األيديولوجي

اجلدول رقم )8( املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية لفقرات حمور األسباب الدينية للتطرف األيديولوجي مرتبة تنازليا حسب املتوسطات احلسابية



غيــاب الفهم العميق لنصوص الرشيعة اإلســالمية 138كبرية4.131.02مصدر للتطرف

كبرية3.931.02قصور دور الوعظ واإلرشاد يف املجتمع241كبرية3.751.12التطرف نتاج وجود مجاعات دينية متشددة342

تلقي الفتاوى من الفضائيات دون متييز بات مصدرا 440كبرية3.741.09للتطرف

كبرية3.731.03الشعور بالتهميش الديني سبب رئيس للتطرف الفكري535

ينتج التطــرف نتاج احلروب غري املــربرة عىل البالد 637كبرية3.681.02اإلسالمية

متوسطة3.601.14التطرف نتاج احلروب غري املربرة عىل البالد اإلسالمية739

إساءات أصحاب الديانات األخرى لإلسالم مصدر 836متوسطة3.481.20لتطرف املسلمني



113 112

يبني اجلدول )8( أن املتوسطات احلسابية قد تراوحت ما بني )3.48 ـ 4.13(، حيث جاءت الفقرة رقم )38( التي تنص عىل: »غياب الفهم العميق لنصوص الرشيعة اإلسالمية مصدر للتطرف« يف املرتبة األوىل وبمتوسط حسايب بلغ )4.13(، بينام جاءت الفقرة رقم )41( ونصها: »قصور دور الوعظ واإلرشــاد يف املجتمع« يف املرتبة الثانية وبمتوســط حســايب بلغ )3.93(، وجاءت الفقرة رقم )39( ونصها: »التطرف نتاج احلروب غري املربرة عىل البالد اإلسالمية« باملرتبة ما قبل األخرية وبمتوسط حسايب بلغ )3.60(، )36( ونصها: »إساءات أصحاب الديانات األخرى لإلسالم مصدر لتطرف

املسلمني« باملرتبة األخرية وبمتوسط حسايب بلغ )3.48(.

حمور األسباب األكاديمية للتطرف األيديولوجي

اجلدول رقم )9( املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية لفقرات حمور األسباب األكاديمية للتطرف األيديولوجي مرتبة تنازليا حسب املتوسطات احلسابية



كبرية3.951.02قصور الدور الرتبوي والتثقيفي للتعليم اجلامعي143

مروجات 244 تكافح موضوعات من الدراسية املواد خلو كبرية3.910.94االنحرافات الفكري

كبرية3.661.15قصور األداء لألنشطة التعليمية والثقافية يف اجلامعة349متوسطة3.601.20ضعف دور اجلامعة يف تعزيز وتنمية املواطنة لدى الطلبة447

تســويف االنحرافات الفكرية عــرب الربيد اإللكرتوين 546متوسطة3.551.20وغريه

من 645 ل سه التعليمية للعملية املعلوماتية الشبكة إدخال متوسطة3.521.16التطرف التعليمي

متوسطة3.261.32تدين املستوى التعليمي والثقايف للوالدين748متوسطة3.640.67املحور ككل

يبني اجلدول )9( أن املتوسطات احلسابية قد تراوحت ما بني )3.26 ـ3.95(، حيث جاءت الفقرة رقم )43( والتي تنص عىل: »قصور الدور الرتبوي والتثقيفي للتعليم

113


112

اجلامعي« يف املرتبة األوىل وبمتوســط حسايب بلغ )3.95(، وجاءت الفقرة رقم )44( ونصها: »خلو املواد الدراسية من موضوعات تكافح مروجات االنحرافات الفكري« باملرتبة الثانية وبمتوســط حســايب بلغ )3.91(، وجاءت الفقرة رقم )49( ونصها: »قصور األداء لألنشطة التعليمية والثقافية يف اجلامعة« باملرتبة الثالثة وبمتوسط حسايب بلغ )3.66( بينام جاءت الفقرة رقم )48( ونصها: »تدين املســتوى التعليمي والثقايف

للوالدين« باملرتبة األخرية وبمتوسط حسايب بلغ )3.26(.

حمور األسباب السياسية للتطرف األيديولوجي

اجلدول رقم )10( املتوسطات احلسابية واالنحرافات املعيارية لفقرات حمور األسباب السياسية للتطرف االيديولوجي مرتبة تنازليا حسب املتوسطات احلسابية



يدفعهم 151 سياسية عدالة وجود بعدم األفراد شعور كبرية3.920.86للتطرف الفكري

لشيوع 252 مصدر الرأي عن للتعبري احلرية إتاحة عدم كبرية3.890.90التطرف الفكري

كبرية3.831.07التطرف نتاج سياسات اهليمنة الغربية ضد العرب356

كبرية3.711.06قصور يف اهتامم السياسيني بحقوق املواطنني455متوسطة3.561.09املتطرفون أفراد عانوا كثريا من االغرتاب السيايس550

تعارض سياسات الدولة اخلارجية مع تطلعات 654متوسطة3.501.07املواطنني مصدر للتطرف

ضعف مشاركة الناس يف العمل السيايس يدفعهم إىل 753متوسطة3.411.14التطرف الفكري


يبني اجلدول )10( أن املتوسطات احلسابية قد تراوحت ما بني )3.41ـ 3.92(، حيث جاءت الفقرة رقم )51( التي تنص عىل: »شعور األفراد بعدم وجود عدالة سياسية يدفعهم للتطرف الفكري« يف املرتبة األوىل وبمتوســط حسايب بلغ )3.92(، وجاءت


115 114

الفقرة رقم )52( ونصها: »عدم إتاحة احلرية للتعبري عن الرأي مصدر لشيوع التطرف الفكري« يف املرتبة الثانية وبمتوســط حسايب بلغ )3.89(، وجاءت الفقرة رقم )56( ونصها: »التطرف نتاج سياسات اهليمنة الغربية ضد العرب« يف املرتبة الثالثة وبمتوسط حســايب بلغ )3.83(، وجاءت الفقرة رقم )55( ونصها: »قصور يف اهتامم السياسيني بحقوق املواطنني« باملرتبة الرابعة وبمتوسط حسايب بلغ )3.71(، بينام جاءت الفقرة رقم )53( ونصها: »ضعف مشاركة الناس يف العمل السيايس يدفعهم إىل التطرف الفكري«

باملرتبة األخرية وبمتوسط حسايب بلغ )3.41(.

مناقشة النتائج وتفسريها

توصلت الدراسة إىل عدد من النتائج كان أبرزها: وجود توجهات متباينة عند الشباب اجلامعي األردين من مظاهر التطرف األيديولوجي الفكري، بمعنى توجهات الشباب كانت تتمحور حول ليس من حق الفرد رفض احلوار والنقاش يف قضية مقتنع فيها، واعتبار اقتناع ا، ويرى الفــرد بصحة رأيه وخطــأ آراء اآلخرين أمرا مرفوضا، وهذا جيســد اجتاها إجيابيالشباب من يعترب الثقافة العربية أسمى من أي ثقافة أخرى ذا فكر متطرف. ولكن الغريب يف األمر أن الشباب يؤيد فكرة منع اختالط الذكور واإلناث يف ميادين احلياة كافة، ويؤمن بأن االنفتاح عىل الغرب أصبح أكرب خطر داهم عىل ثقافتنا، ويعترب األكثرية منهم وســائل اإلعالم وسائل شيطانية، وهذا يدل عىل أن الشباب ليس مع فكرة االختالط احلاصل وال مع االنفتاح عىل الغرب، وليس مع وسائل اإلعالم املعارص بأدائها ومضموهنا وهي تشكل مسائل ال تتوافق مع قناعاته. هذا ووجدت الدراسة فروقا ذات داللة إحصائية تعزى ألثر اجلنس. وكانت الفروق لصالح الذكور، يف حني مل نجد فروقا تعزى لباقي متغريات الدراسة

وقد يعود هذا إىل طبيعة املجتمع العريب الذي يمتاز بالذكورية.

ومن مظاهر التطرف يف فكر الشباب موافقتهم عىل فكرة مقاطعة املنتجات الغربية كوهنــا تأيت من أعداء األمة العربية، وكذلــك قوهلم من الصواب منع التعامل مع ذوي الديانات األخرى، مما يؤرش عىل تطرف وانحراف تفكريهم. ويف هذا السياق توصلت دراســة وطفة واألمحد )2002م( إىل أن التعصب بأشكاله املختلفة هو أحد التحديات

الكربى التي تواجه املجتمع الكويتي، والوطن العريب.

115


114

وفيــام يتعلق بأهم أســباب التطرف بنظر الشــباب اجلامعي، جاءت األســباب االجتامعية للتطرف يف املرتبة األوىل وبمتوســط حسايب )3.89(، حيث يرى الشباب أن أكثر األســباب تأثريا يف التطرف هي: التفــكك األرسي، ضعف التوجيه والتوعية والنصح، وانتشار الرذيلة يف املجتمع، وضعف قيم االنتامء، وقصور دور وسائل اإلعالم، والقهر والقسوة يف التعامل مع األبناء، والشعور بتدين الطبقة االجتامعية، وعدم االندماج االجتامعي تشكل أسبابا اجتامعية لنمو التطرف الفكري عند الشباب. وهذا ما يتفق مع نتيجة دراســة )احلريب، 2011م(، كام ينسجم مع دراسة )األوجيل، 2006م( ودراسة )اجلحنــي، 2007م( إذ وجد أن من الرضوري بــذل اجلهود الدولية من أجل القضاء

عىل العوامل املولدة للتطرف من بينها العوامل االجتامعية.وفيام يتعلق باألســباب الدينية التي جاءت يف املرتبة الثانية وبمتوســط حســايب )3.76(، حيث إن أكثر األسباب تأثريا يف ظهور التطرف قصور اإلرشاد والوعظ الديني، ا يف املجتمع، وقصور عدم الفهم الصحيح للنصوص الدينية، وجود مجاعات متشددة دينيالوعظ واإلرشاد، إضافة اىل اإلساءات التي يتعرض هلا املسلمون. وهذا ما يتفق مع نتيجة دراســة )الســليامن، 2007م( إذ وجدت أن التأكيد عىل أن يتحول اخلطاب الديني من الرتهيب إىل الرتغيب والتشويق وفتح باب األمل أمام الناس لإلقبال عىل العمل واإلنتاج والتأكيد عىل بيان مقاصد الرشيعة اإلسالمية املتمثلة يف ضبط النفس والعقل والدين واملال والنســل، والتأكيد عىل أن اإلســالم بريء من اإلرهاب وكل أشكال العنف والتطرف والتعصب، والتأكيد عىل رفض االعتقاد السائد بأن العامل كله ضد اإلسالم واملسلمني.

وفيام يتعلق باألســباب السياسية للتطرف التي جاءت يف املرتبة الثالثة كانت أكثر األسباب الداخلية تأثريا هي: عدم وجود عدالة سياسية، وعدم إتاحة حرية التعبري وقلة االهتامم بحقوق املواطنني، وضعف املشــاركة السياسية يف املجتمع، وهذا يؤكد الغربة السياسية والثقافية التي يعيشها الشباب ووجود هتميش واضح مما له صلة قوية بتطرف الشــباب، وأما األسباب السياسية اخلارجية فتمثلت يف اهليمنة الغربية واستغالل البالد العربية، وهذا يفرس من خالل احلروب التي متارس ضد الشــعوب العربية واإلسالمية ودون ذنب، والسيطرة عىل مقدرات البالد االقتصادية، وسلب إرادته السياسية وجتنيدها لتعمل وفق املصالح الغربية دون مربرات. ووجدت الدراسة أن هناك فروقا ذات داللة


117 116

بني اجتاهات الشــباب نحو مظاهر التطرف تعزى ملتغري اجلنس ولصالح الذكور وربام يعــود ذلك إىل زيادة نســبة التعليم بني فئات اإلناث، وهذا ما يتفق مع نتيجة دراســة

)املرعب، 2009م( فيام يتعلق بمجال التطرف السيايس.وفيام يتعلق باألســباب األكاديمية جاءت يف املرتبة الرابعة وبمتوسط حسايب بلغ )3.64( وكانــت أبرز مظاهر ذلك قصور دور مؤسســات الرتبية والتعليم يف املجال التثقيفي، وضعف دور اجلامعات يف تعزيز املواطنة، والدور السلبي لإلنرتنت يف تسويق التطرف األيديولوجي الفكري وتربير أفكاره، وخلو املناهج الدراسية من موضوعات تتحدث عــن التطرف الفكري. وهذا ما يتفق مع نتيجة دراســة )املغاميس، 2004م( ودراسة )اجلحني 2007م( زيادة التوعية بأمهية الرتبية عىل منهج الوسطية يف مجيع شؤون احلياة، وعىل مســتوى األفراد واجلامعات، وذلك عن طريق مجيع املؤسســات الرتبوية والثقافية. ورضورة تكثيف الربامج، واألنشطة، واملحارضات، والندوات، واللقاءات، واحلوارات البناءة، عن طريق مجيع مؤسسات املجتمع التي هتتم برتسيخ القيم واآلداب اإلسالمية الصحيحة. والعناية باختيار املربني الذين يقومون بالرتبية والتعليم، والتوجيه واإلرشاد، يف املؤسسات الرتبوية واالجتامعية. والعمل عىل زيادة التواصل بني الشباب

وعلامء الدين، وذلك بتكثيف املحارضات والندوات، وسبل التواصل األخرى.وفيام يتعلق باألسباب االقتصادية للتطرف الذي جاء يف املرتبة اخلامسة وبمتوسط حسايب بلغ )3.49(، حيث كانت أكثر األسباب تأثريا يف ظهور التطرف، غياب تكافؤ الفرص, انتشــار البطالة وهي من أكثر األســباب املؤثرة، حيــث إن وجود وقت فراغ واإلحساس بالظلم وعدم وجود العدالة يؤدي إىل التطرف، وارتفاع األسعار، والتفاوت الطبقي، ونواتج أزمات الكســاد، وحرمان بعض الطالب من املساعدة املالية، والفقر. وهذا ما يتفق مع دراسة )الربعي، 2002م( أبرز أسباب العنف يف املجتمع املرصي هي: البطالة بني خرجيي اجلامعات، وانتشــار الرشاوى، واالختالسات بني كبار املسئولني، وغياب العدالة االجتامعية، وتدين املستوى االقتصادي لألرسة، وغياب القدوة الصاحلة.ونســتنتج مما تقدم أن أبرز األســاليب يف معاجلة التطرف األيديولوجي الفكري تبدأ من الرتكيز عىل معاجلة األســباب االجتامعية والدينية والسياسية واالقتصادية التي ثبتت عالقاهتا القوية يف والدة التطرف بنظر الشــباب اجلامعي األردين، وتعزيز وجود

117


116

القدوة الصاحلة، ومزيد من إتاحة فرص ممارســة املشاركة السياسية والديمقراطية أمام الطالب، وتنشيط الثقافة الدينية لدى الطلبة ورفع مستوى الوعي لدهيم بالفكر املتطرف وأبعاده ومرتتباته، وإجياد فرص عمل للشــباب واخلرجيني، وتنمية روح التســامح بني أفــراد املجتمع وتعزيز قيم حرية الرأي والتعبري وآداب احلوار ومعاجلة مظاهر التطرف

وأفكاره باحلجة واإلقناع.

التوصياتيف ضــوء النتائج الســابقة نقــدم بعض التوصيــات املهمة يف معاجلــة التطرف

األيديولوجي الفكري يف املجتمع عىل النحو اآليت:1ـ ال بد من ضبط مفهوم حمدد وشامل ملصطلح التطرف األيديولوجي الفكري، ووضع

األسس األمنية والعلمية ملواجهة صور التطرف املستحدثة.2 ـ دعوة املؤسسات االجتامعية، والدينية، واإلعالمية واألكاديمية إىل تبني إسرتاتيجية علمية هتــدف ملواجهة التطرف األيديولوجي الفكــري والظواهر األخرى ذات

اخلطورة عىل املجتمع.3 ـ حتسني األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتامعية لألفراد ملنع وجود حمفز لظهور التطرف األيديولوجي الفكري والعنف واإلرهاب يف املجتمع. وتفعيل دور املساجد

يف التوعية حول هذه الظواهر وبيان موقف اإلسالم منها.4 ـ معاجلة ظواهر الفســاد واملحسوبية يف املؤسســات، ألهنا تسهم يف انتشار التطرف بني األفراد، وتطوير دور األرسة يف ترســيخ االنتامء والوالء واملواطنة جتاه األرسة واملجتمع، ومراقبة األبناء وبيان األخطاء يف اتباع اجلامعات املتطرفة وما تؤدي إليه

من رضر يف املجتمع.5ـ توعيــة املجتمع من خماطر التعصب بأنواعه املختلفة، وبث روح التســامح واحللم

والتواضع.6 ـ ترســيخ قيم املواطنة واهلوية الوطنية يف عقول األفــراد والعمل عىل توجيه الوالء

واالنتامء الوطني، وتوعية املجتمع من خماطر الغزو الفكري.


119 118

قائمة املصادر واملراجعالقرآن الكريم.

احلديث النبوي الرشيف.

األوجيل، سامل حممد، )2006م(. التعاون الدويل ضد اإلرهاب. ليبيا: جامعة قار يونس.

الربعي، وفاء حممد، )2002م(. دور اجلامعة يف مواجهة التطرف الفكري، اإلسكندرية.بقرادوين ، كريم، )2006م(. رأي أمريكي يف التطرف والشباب ، جملة الرشق األوسط،

عدد 7654، السنة.بني ســالمة، حممد واخلطايبة، يوســف ضامن، )2010م(. مستقبل مجاعات اإلسالم الســيايس ومواقف الدول العظمى منها، أبحاث الريموك: سلســلة العلوم

االجتامعية واإلنسانية، املجلد 27، العدد 1. عامن ـ األردن.بني فياض، حييى، )2008م(. ظاهــرة التطرف الفكري ومظاهرها لدى طلبة اجلامعة األردنيــة وعالقتها بالعوامل االقتصادية واالجتامعية واألكاديمية، رســالة

دكتوراة غري منشورة، عامن: اجلامعة األردنية.بيومي، حممد أمحد، )2004م(. ظاهرة التطرف: األسباب والعالج، اإلسكندرية: دار

املعرفة اجلامعية.اجلحني ، عيل فايــز، )2007م(. دور الرتبية يف وقاية املجتمع من االنحراف الفكري،

الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.ـــــــــــــــــــــ، )2005(. دور حلقات حتفيظ القرآن الكريم يف تعزيز األمن الفكري www.quran_er.orglwpnper/polet/005pdc:رؤية مستقبلية(، متاح عىل موقع(ـــــــــــــــــــ )1420هـ(. رؤية لألمن الفكري وسبل مواجهة الفكر املنحرف، املجلة العربية للدراســات األمنية والتدريب، املجلد 14، العدد 27 . نقال عن ماجد

http://www.alukah.net/Library/0/40423 : اهلذييل؛ متاح عىل موقع

119


118

اجلراد، ســفري أمحد، )2000م(. ظاهرة التطرف الديني يف املجتمع اإلسالمي املعارص مفهومهاـ أســباهباـ آثارهاـ عالجها، رسالة ماجستري غري منشورة، جامعة

بريوت اإلسالمية، بريوت.احلريب، عيل، )2011م(. اجتاهات الشــباب الســعودي نحو ظاهرة التطرف الفكري: دراســة اجتامعية عىل عينة من طلبة جامعة القصيم، رســالة ماجســتري غري

منشورة، اجلامعة األردنية، عامن.الدجاين، أمحد، )2004(. مفهوم التطرف: قراءة يف رشوط الوســطية واالعتدال، جملة

التقريب ، عدد 36، السنة 1424هـ.الدوري، عدنان، )1991م(. االنحراف االجتامعي: دراسة يف النظريات واملشكالت، http://www.muradzuriekat.com/securi- .الكويت: ذات السالسل:

.ty_sciences06.html

ديرانية، عيد، )2003م(. ظاهرة التعصب ومظاهرها لدى اجلامعات الرسمية وعالقتها بالعوامــل االقتصاديــة واالجتامعية واألكاديمية، عامن: دراســات العلوم

االجتامعية واإلنسانية.رشوان، حسني عبد احلميد، )2002م(. التطرف واإلرهاب من منظور علم االجتامع.

اإلسكندرية: مؤسسة شباب اجلامعة.السليامن، إبراهيم بن سليامن، )2007م(. دور اإلدارات املدرسية يف تعزيز األمن الفكري للطالب، رسالة ماجستري غري منشورة، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم

األمنية.الصاوي، صالح، )1993م(. التطرف الديني ـ الرأي اآلخر، القاهرة: اآلفاق الدولية

لإلعالم.

العيد، سليامن، وقاية األوالد من االنحراف من منظور إسالمي، املجلة العربية للدراسات األمنية والتدريب، املجلد 14، العدد 28، )1421هـ(.نقال عن مراد زريقات عىل

.http://www.muradzuriekat.com/security_sciences06.html :موقع


121 120

القرضاوي، يوسف، )2001م(. الصحوة اإلسالمية بني اجلمود والتطرف، الطبعة 12، عامن: دار الرشوق للنرش والتوزيع.

املالكي، عبد احلفيظ بن عبداهلل، ) 2010م(. نحو جمتمع آمن فكريا، الرياض: دراســة تأصيلية وإسرتاتيجية وطنية مقرتحة لتحقيق األمن الفكري.

املرعب، منري أمحد، )2009(. ظاهرة التطــرف الفكري والرتبوي عند طالب كليات الرتبية للبنني يف مدينة حائل. املظاهر واألســباب واحللول املقرتحة »دراسة

ميدانية« جملة القراءة واملعرفة. عدد 19.

مسلم بن احلجاج النيسابوري، )1992م(. صحيح مسلم، بريوت: دار الكتب العلمية. ttp://www.minshawi.com/other/ :نقال عن عبداهلل املرصايت عىل موقع

musraty.pdf

املغاميس، ســعيد فالح، )2004(. الوسطية يف اإلسالم وأثرها يف حتقيق األمن. املجلة العربية للدراسات األمنية والتدريب، الرياض، 19 )38(.

ابن منظور، لسان العرب، القاهرة: دار املعارف. 2. 1981.

وطفة عيل واألمحد، عبد الرمحن )2002(. التعصب: ماهيته وانتشاره يف الوطن العريب، جملة عامل الفكر، 3 )30(.

ياسني ، السيد )2007(. ترشيح التطرف األيديولوجي، االحتاد اإلماراتية.

www. gulfkids.com

AL_fuqaha 1.(2001)The level of the Tendency towards Violence and

Aggressive Behavior for Students at the Philadelphia University

(Relationships to Gender-College Academic Level –Number of

Family Members and Income) Dirasat Educational Sciences-

vol-16(3):480-301.

121


120

Auguste Comte-The Positive Philosophy-Trans Harriet Maritneau-

N.Y.Calvin Blanchard .b58.

Rabindra N. Kaungo. 1990. “Culture And Work Alienation: Western

Models And Eastern Realities International Journal Of

Psychology”. Vol 250.No 25,pp795812-.

123

القلق واالكتئاب لدى طالب جامعة نايف من املدخنني وغري املدخنني

»دراسة مقارنة«DOI: 10.12816/0012991

د. عبد العزيز بن عيل النفيسة)*(أستاذ مساعد بقسم العلوم االجتامعية ـ جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ـ الرياض

هتــدف


امللخصالدراســة التعرف عىل الفروق يف متوســطات درجات القلق واالكتئاب بني املدخنني

وغري املدخنني. والتعرف عىل أهيام أعىل مستوى لدى املدخنني )القلق أم االكتئاب(.مشكلة البحث: تكمن صياغة الدراسة يف التساؤل الرئيس التايل )هل يوجد فروق ذات

داللة إحصائية بني املدخنني وغري املدخنني يف مستوى القلق واالكتئاب ؟منهج البحث: املنهــج الوصفي املقارن الذي يصف الظاهرة ويبحــث عن العالقات املتبادلة

ويقارن بني املتغريات.جمتمع البحث: يعتمد هذا البحث عىل حتديد املجتمع الذي يرتبط بشكل واضح باألفراد املدخنني

ا، إضافة إىل عينة أخرى مقابلة من غري املدخنني. الذين يامرسون عملية التدخني حاليأدوات البحث: 1 ـ مقياس القلق لـ تايلر . 2 ـ مقياس االكتئاب لـ بك.

األساليب اإلحصائية: استخدم الباحث األساليب اإلحصائية التالية:1 ـ تكرارات النسب املئوية لوصف العينة.

2 ـ اختبار »ت« لداللة الفروق بني جمموعتني مستقلتني.نتائج البحث:

1 ـ وجود فروق ذات داللة إحصائية بني املدخنني وغري املدخنني وذلك لصالح املدخنني أي أن املدخنني من خالل هذه النتائج أظهروا درجات أعىل يف مستوى القلق من غري املدخنني.

2ـ وجود فروق ذات داللة إحصائية بني املدخنني وغري املدخنني، وذلك لصالح املدخنني أي أن املدخنني من خالل هذه النتائج أظهروا درجات أعىل يف مستوى االكتئاب من غري املدخنني.

الكلامت املفتاحية: القلق ـ االكتئاب ـ املدخنني.


125 124

Abstract Anxiety and Depression Among Students Enrolled at Naif Arab

University: Smokers and Non-Smokers A Comparative Study

By

Dr. Abdul Aziz bin Ali Al-Nafisah)*(

Assistant Professor, Department of Social Sciences Naif Arab University for Security Sciences, Riyadh.

The present study seeks to identify the differences in the average degrees of anxieties and depressions among students-----smokers and non-smokers-----studying at the Naif Arab University. Also, the study will identify the relative level of such anxieties and depressions among both smokers and non-smokers on comparative basis.

Research Problem: The present study seeks to address the following main question. Is there variance of statistical evidence between smokers and non-smokers in the level of anxiety or depression?

Research Methodology: The present researcher has employed a comparative-descriptive methodology. Pursuant to it, the researcher explains the phenomenon under treatment and compares the exchange interlink of various variables.

Research Group: The research sample group selected for the present study comprises clearly students of the Naif Arab University who are smokers. The latter are addict smokers. In addition, a select number of non-smokers are opted for interviews.

Research Tools: The research tools used are in order: A measure of L Tyler anxiety; and ـ 1Depression scale ـ 2Also, the researcher has used following statistical techniques: Repetitions of percentage ratios to describe the research sample group; and ـ 1ـ 2 Test “T” to denote the differences between the two independent groups-----smokers vs. non-smokers.Research Findings: Variance of statistical significance exists between smokers and non-smokers. This ـ 1

variance supports the interests of the smokers. For, the latter reflects highest degree of anxiety level than the non-smokers.

Variance of statistical evidence exists between smokers and non-smokers. This ـ 2supports the interests of the smokers. For, the latter reflects higher degree of depression level than the non-smokers.

Keywords: Anxiety; Depression; Smokers.


125

القلق واالكتئاب لدى طالب جامعة نايف من املدخنني وغري املدخنني »دراسة مقارنة«... د. عبد العزيز بن عيل النفيسة

124

مقدمـة الدراسـةاإلنسان بطبيعته دائام معرض للخطر من خالل اإلصابة باألمراض، سواء العضوية منها أو النفســية بالرغم مما حباه اهلل من قوة دفاعية ضد أي مرض، وذلك بسبب وجود جهاز املناعة الذي أوجده اهلل سبحانه وتعاىل يف جسم اإلنسان ضد تلك الكائنات الدقيقة واســعة االنتشــار يف البيئة حولنا أال وهي اجلراثيم بأنواعها التي هي الســبب الرئيس لإلصابــة باملرض العضوي، ومع هذا فــإن األمر ال يقترص فقط عىل تأثري اجلراثيم عىل اجلسم من الناحية اجلســمية والصحية، بل األمر يتعدى ذلك إىل عوامل أخرى ترتبط باجلانب النفيس ودور تلك العوامل يف التأثري عىل ســالمة احلالة النفسية للفرد وخلوها من األمراض، وهو حمور دراســتنا األســايس، إضافة إىل األخطار األخرى املؤثرة عىل صحة اإلنســان بشكل عام. وبســبب اإلصابة باملرض، سواء أكان اجلسمي أم النفيس يصبح اإلنســان غري قادر عىل التعامل مع البيئة التي يعيش فيها بشــكل إجيايب، ما يؤثر

عىل قدراته وإمكاناته ويقلل من إنتاجيته.

وعندما يصاب اإلنســان باملرض ويصبح غري قادر عىل التعامل مع املحيط الذي يعيش فيه، فإنه يكون قد فقد كثريا من مقومات حياته األساســية، فهو ال يســتطيع أن يتعامــل بالطرق الصحيحة مع حميطه يف اللحظــة الراهنة، كام كان يتعامل معه باألمس

عندما كان صحيحا معاىف.

واإلنســان يقود نفســه يف معظم املواقف إىل نتائج قد ترض بصحتــه، بل قد تكلفه حياته ككل، فهو يعمد إىل القيام بنشاطات وسلوكيات متنوعة هتدف غالبا جلب السعادة واألمن واالطمئنان لنفســه، ويتخذ يف ذلك أساليب وطرقا متنوعة توجهه إىل االستعانة باختــاذ مصادر ومواقف وعوامل متعــددة ليحصل بعد ذلك عىل ما يريد من الســعادة، ويقوم بذلك بإرصار من نفســه ورغبة منه يف حتقيق مراده، ولكنه يف بعض األحيان خيطئ الطريق، ويتجه إىل ســلوك أو نشاط يعتقد يف ظاهره أنه يشء نافع ومفيد له وحلياته العامة التي ينشــد سعادهتا، وذلك دون التفكري يف عواقب ونتائج األمور واألحداث. ومن هذه السلوكيات التي يعتقد أهنا جتلب له السعادة وأن فيها الفائدة املرجوة، تدخني مادة التبغ.

فالتدخــني بام حيمله من مضار عىل صحة اإلنســان اخلاصة والعامة وما يؤثر عىل


127 126

البيئة املحيطة من أرضار ظاهرة وباطنة وما يتدخل فيه ســلبا باقتصادات املجتمع، وما حيمله من مضار نفسية واجتامعية وصحية تصل إىل حد الوفاة قال تعاىل: ﴿.. وال تقتلوا أنفســكم.. ﴾ )النساء: 2٩(، وحيث دلت الدراسات عىل أن ظاهرة التدخني هي ثاين أسباب الوفاة عىل مســتوى العامل أمجع حيث بلغ عدد من يتوىف كل عام أكثر من مخسة ماليني إنسان بسبب تعاطي التدخني )منظمة الصحة العاملية، 2010م( وسوف يؤدي التدخني إذا استمر هبذا املعدل إىل وفاة عرشة ماليني نسمة سنويا حسب معدالت النمو السكاين العاملي، إضافة إىل ما يسببه التدخني من وفيات أخرى متنوعة املصدر املريض، غالبا ما تكون نامجة عن أمراض أخرى كرسطانات الرئة والقصبات اهلوائية، وأمراض

القلب، وتصلب الرشايني.

وإن عملية التدخني ال تؤثر فقط عىل حياة اإلنسان الصحية البحتة، بل تعدت ذلك إىل حياته العملية واإلنتاجية، فالدراسات أثبتت أن إنتاجية العاملني من الذين يتعاطون التدخني أقل من أقراهنم العاملني غري املدخنني )املرجع السابق(. وذلك بسبب تعرضهم لألمراض أكثر من غريهم، وهذا أمر بدهي فاملريض بام يعانيه من آالم وما ينشــغل به من مشــكالت صحية ال يمكن أن يساوي اإلنسان السليم؛ هلذا فإن املرض الناتج عن

تعاطي التدخني يؤثر سلبا يف حياة الفرد.

والشك يف أن األمراض النفسية ال ختتلف كثريا عن األمراض اجلسمية العضوية، فالباحث هنا يفرتض أن املدخنني بام حيملونه من أمراض جسمية لتعاطيهم مادة التدخني وما حيمله التدخني من مواد سامة ومرضة مثل: مادة النيكوتني وما ينتج عنه من ضعف يف قــوى املدخنني نتيجة اإلصابة باألمراض مثل: مرض رسطان الرئة وأمراض القلب والرشايني وغريها من األمراض، ينعكس عىل اجلوانب النفسية مثل: القلق واالكتئاب. وباملقابــل قد يدفع كل من القلق واالكتئاب إىل التدخني أمال يف التخفيف واستشــعار الراحة النفسية أو تعزيز الذات، وعىل كل حال حتاول هذه الدراسة استكشاف العالقة

بني كل من: القلق واالكتئاب وتعاطي التدخني.

فالباحث هنا ينظر إىل أن املدخن شــخص يتصف بالقلق واالكتئاب بدرجة أكرب من غريه من غري املدخنني، فاملدخن يدخن ســجارته، ومن خالل تدخينه للســيجارة

127


126

واستمراره عليها ينتج من ذلك االســتمرار أن يصاب ببعض األمراض النفسية مثل: القلق واالكتئاب كام يصاب بسبب التدخني بأمراض عضوية أو جسمية.

وعىل هــذا يرى الباحث أنه من املمكن التأكد من ذلــك بعد تطبيق االختبارات اخلاصة بالبحث واحلصول عىل نتائج قد تؤيد أو تدحض افرتاضاته.

ويشــري الباحث إىل أن الســبب يف اختيار القلق واالكتئاب يعــود إىل أهنام أكثر األمراض النفسية انتشارا حسب الدراسات التي أثبتت ذلك، حيث بلغت نسبة انتشار مرض القلق 48% ، بينام كانت نســبة االكتئاب تزيد عىل نسبة 25% عىل مستوى البيئة

السعودية )جلبان، 200٩م(.

ومما يزيد من أمهية الدراســة ارتباطها بنوع خاص من الســلوك اإلنساين السلبي ا أال وهو ممارسة عملية التدخني واسع االنتشار الذي ا، نفسيا، وصحي ا، اجتامعي اقتصاديبلغت نســبة متعاطيه حول العامل أكثر من مليار شخص يف العامل )منظمة الصحة العاملية 2011م(. وهذه النسبة الكبرية من املتعاطني ملادة التبغ عن طريق التدخني حتتاج منا إىل الوقوف طويال حلاميتها والعناية هبا يف مجيع املجاالت، ومنها هذه الدراســة التي هتدف تنوير وتثقيف وتوجيه وإرشاد املدخنني وغريهم لتجنب مثل تلك العادات واألساليب

ا. ا واقتصادي ا واملؤثرة صحي املمقوتة اجتامعي

مشكلة البحثإن مشكلة البحث تنبع من حماولة الباحث التعرف عىل العالقة بني التدخني وكل

من القلق واالكتئاب من خالل املقارنة بني املدخنني وغري املدخنني.

وهل املدخنون خيتلفون يف مستوى القلق واالكتئاب عن غريهم من غري املدخنني ؟ وهل املدخنون حتت مستوى واحد من القلق واالكتئاب أم أنه خيتلف من شخص آلخر داخــل جمموعاهتم ؟ وهل هناك فروق ذات داللة إحصائية بني املدخنني وغري املدخنني

يف مستويات القلق واالكتئاب ؟


129 128

إن عملية التدخني مشكلة يف حد ذاهتا، وهي ليست فقط مشكلة تتصل بفرد واحد فقط كاخلسارة املالية أو حادث عريض خيص مجاعة حمددة.

إن األمر يتعدى ذلك إىل نواح كثرية، اجتامعية، اقتصادية، صحية، ونفســية ففي املجال االجتامعي يمكن أن يشــمل الرضر األرسة واألطفال واملنزل وحتى احليوانات األليفة داخل املنزل بام يســببه التدخني من أذى يؤثر عىل العالقات األرسية مع الزوجة واألبناء وحماولة جتنب اجللوس والتعامل مع من يدخن يف األرسة الواحدة، ناهيك عن النظرة املتدنية ملن يتعاطى التدخني من قبل أفراد األرسة جتاه املدخن وما يسببه الدخان املنبعث من الســيجارة من تلوث ورائحة كرهية تنتقل وتنترش يف كافة نواحي املنزل، ما يؤدي إىل شــعور غري املدخنني بوجود مواد متعفنة داخل املنزل وهذا يعزز اهلروب إىل مــكان آخر أكثر نقاء وأمتع رائحة وهييئ إىل التعود عىل االنفصال التدرجيي عن األرسة

بحثا عن األفضل واحلال أكرب من ذلك.

ا يعادل مخسة ومن الناحية االقتصادية، فاملال الذي ينفقه املدخن عىل تدخينه يوميعرش رياال أي مايعادل نصف راتب عامل يومي يف الشهر تقريبا ينفقه ليعود عليه بالرضر

ال املنفعة حيرق ماله، وحيرق ثيابه وحتى منزله يف بعض األحيان.

أما من الناحية الصحية، فاألمر مهام كان مسيطرا عليه يف نواح كثرية إال أنه يصعب وبشدة السيطرة عىل األمراض التي تصيب املدخن؛ ألهنا تتعدى مستوى احلياة الطبيعية إىل انقطاع احلياة بســبب ما يعانيه املريض املدخن من أمراض كارثية مل يســتطع الطب احلديث السيطرة عليها أو احلد منها. وينسحب ذلك عىل النواحي النفسية التي الخترج عــن نطاق النواحي الصحية، فام يعانيه املدخن من نبذ من أغلب أفراد املجتمع، متثل يف حتديد مواقع وأماكن خاصــة للمدخنني فقط، ويمنع وجودهم يف أماكن أخرى تكون خمصصة لغري املدخنني هذا بحد ذاته يوحي بأمل نفيس يشــعر من خالله املدخن بالدونية وحتقري الذات من خالل نظرته لذاته، كام أن املدخن لو سئل عن مدى سامحه ألحد أبنائه بتعاطي التدخني لعارض ذلك بشــدة ورفض ذلك ملعرفته مدى خطورته، وهذا يضعه موضع التناقض بينه وبني نفســه، ما يزيد من أملــه النفيس، ويضعه موضع النقد الذايت

األليم واملجال يطول يف ذكر كثري من املشكالت املرتبطة بالتدخني.

129


128

إن العنايــة باملدخنني تعني العناية بتقليص املشــكالت االجتامعية، االقتصادية، الصحية، والنفســية وغريها من املشكالت التى تطرأ مع مرور الزمن للمدخن، كام أن االهتامم هبذه الفئة من املجتمع يعزز متاسك املجتمع وحرصه عىل نبذ ما يؤدي إىل اإلرضار به من مجيع النواحي، ويســاعد عىل التهيئة إىل العيش يف جمتمع مفعم بالصحة والعافية وســليم من األمراض املزمنة واخلطرة، ينعم فيه اجلميع باألمن واالستقرار والرفاهية.

ومن خالل الرسد السابق يقرتح الباحث بعض التساؤالت التالية:

التساؤل الرئيس: هل توجد فروق ذات داللة إحصائية بني املدخنني وغري املدخنني يف مستوى القلق واالكتئاب ؟

ويمكن أن يشتق من هذا التساؤل التساؤالت التالية:1 ـ هل توجد فروق بني املدخنني وغري املدخنني يف مستوى القلق ؟

2 ـ هل توجد فروق بني املدخنني وغري املدخنني يف مستوى االكتئاب ؟

أهداف البحث:1 ـ هيدف البحث التعرف عىل الفروق يف متوســطات درجات القلق واالكتئاب

بني املدخنني وغري املدخنني.2 ـ التعرف عىل أهيام أعىل مستوى لدى املدخنني )القلق أم االكتئاب(.

أمهية البحث

أوال: األمهية النظرية

يمكن أن يضيف هذا البحث من خالل عرضه بعضا من الرتاث العلمي والبحثي والثقايف النافع واملفيد، ويشــجع القراء واملهتمني من املدخنني وغريهم عىل االنتفاع به واالستفادة من نتائجه وحماولة ترمجته عىل أرض الواقع، مع تأكيد أمهية دراسة مثل هذه املوضوعات التي متس جوانب اإلنسان بشكل عام وبام تعنيه الكلمة من ارتباطات نفسية، اجتامعية، اقتصادية وبام متس اجلوانب الصحية والنفسية واألمنية بشكل خاص. مع تأكيد


131 130

االهتامم بدراسة مثل هذه املوضوعات املرتبطة بحياة وصحة اإلنسان الصحية والنفسية، ال حتفز وال تعزز فقط املختصني يف جمال الصحة العامة والصحة النفسية لدراسة مثل هذه املوضوعات، بل تتعدى ذلك إىل مجهور املثقفني العاملني يف جماالت أخرى كالصحافة واإلعالم والنرش اإللكرتوين ووسائل اإلعالم والتعليم العام واخلاص، إضافة إىل التعليم الفني والتقني والتجاري، وذلك الرتباطها املبارش بحياة اإلنسان وتأثريها عىل جوانب

كثرية يف حياته العامة واخلاصة.

ثانيا: األمهية التطبيقية

إنه من خالل احلصول عىل نتائج هذه الدراسة يمكننا التعرف عىل تلك الفروق بني املدخنــني وغري املدخنني يف القلق و االكتئاب، ما يزيد يف معرفة جوانب أخرى مل تكن تعرف من قبل وبام يساعد يف تبني أساليب مقرتحة وحديثه للتعامل مع ما يناسب تلك النتائج من تبني قرارات وتوجيهات ومقرتحات مبارشة وفورية نافذة هتيئ إىل االستفادة من هذه الدراسة بشكل كامل، وتعزز اخلروج بمسميات وصفات ومعلومات أكثر عن عادة التدخني.وباحلصول عىل نتائج علمية مقننة وسليمة يمكن أن توظف تلك النتائج من خالل تطبيق بعض أســاليب العالج النفيس أو السلوكي املعريف من خالل التوجيه واحلث عىل املبادرة باإلقالع عن ممارسة التدخني، إضافة إىل حتذير غري املدخنني وحثهم

عىل جتنب تلك العادة املمقوتة.

حدود البحث

احلدود املوضوعية

حيدد الباحث احلدود املوضوعية يف هذا البحث يف عينات املدخنني وغري املدخنني، وكذلك تطبيق االختبارات واملقاييس اخلاصة بالقلق واالكتئاب، مع استخدام األساليب

اإلحصائية املناسبة للتحقق من صحة فروض البحث.

131


130

احلدود البرشية

حيــدد الباحث احلدود البرشيــة يف جمموعتني: جمموعة املدخنــني وجمموعة غري املدخنني.

احلدود الزمنية

حيدد الباحث احلدود الزمنية بتطبيق الدراســة امليدانية خالل شــهرين من بداية التطبيق الفعيل عىل املفحوصني.

احلدود املكانية

حتدد احلدود املكانية بمدينة الريــاض، ومن خالل تطبيق االختبارات واملقاييس عىل املدخنني وغري املدخنني بجامعة نايــف العربية للعلوم األمنية )من طالب مرحلة البكالوريوس )امللتحقني بالدبلومات( و طالب ) الدراسات العليا مرحلة املاجستري(

مفاهيم ومصطلحات البحثيعتمد البحث احلايل عىل املفاهيم التالية:

1 ـ مفهوم التدخني

التعريف العلمي: هو تناول عدد من السجائر من خالل حرق التبغ املتضمن مادة النيكوتني، وتذوق الدخان واستنشــاقه؛ لتسهيل عملية امتصاصه إىل داخل اجلسم عن

.) 1٩٩٩ ،Lesey(.طريق اجلهاز التنفيس لإلنسان ليبقى جزء منه داخل الرئة

التعريف اإلجرائي: )إقرار املدخن بوضع عالمة ✓ صح داخل املربع عىل نموذج اإلجابة ملقيايس القلق واالكتئاب(.

2 ـ اضطراب القلق

التعريف العلمي: القلق مرض نفيس وظيفي يتخذ أعراضا من بينها شعور املريض


133 132

باخلوف والقلق من مثريات ليس من شأهنا أن تثري القلق لدى الغالبية العظمى من الناس وذلك ألهنا ال تتضمن خطرا أو هتديدا حلياة الفرد، ومع علم املريض بذلك إال أنه يشعر باخلوف والقلق الشديدين عندما يتعرض ملثل هذه املثريات، إضافة إىل اآلالم التي تصيب

.)Charles, 1983( الصدر وارتفاع يف ضغط الدم ورسعة التنفس وجفاف احللق

التعريف اإلجرائي: )النتائج التشخيصية الناجتة عن طريق تطبيق مقياس القلق(.

3 ـ اضطراب االكتئاب

التعريف العلمي: االكتئاب النفيس أحد األمراض النفســية التي ترتبط بحالة من الشــعور باحلزن واليأس وفقدان االهتامم وعدم القدرة عىل االستمتاع بأي يشء سار، ويفقد بذلك الشهية للطعام وصعوبة التعامل مع اآلخرين، وهو حالة عاطفية من االغتامم شبه الدائم الذي يرتاوح بني حالة خفيفة من اإلحباط والتشاؤم إىل مشاعر أقوى وأقسى

.)Oster, 1995(

التعريف اإلجرائي: )النتائج التشخيصية الناجتة عن طريق تطبيق مقياس االكتئاب(.

اخللفية النظرية

Smoking أوال: التدخني

لقد عرف التدخني منذ ما يقارب 500 عام، وذلك عن طريق املكتشف )كريستوف كولومبس( عندما اكتشف القارة األمريكية عام 14٩2م، وكان معروفا قبلها يف املكسيك منذ 2500 ســنة، ودخل بالد اإلسالم يف القرن العارش اهلجري، حيث أدخل إىل مرص عام 1585م، كام أن عادة التدخني يف زمن اكتشافها مل تكن تتناول عن طريق الفم، وإنام

كانت تتناول من خالل فتحتي األنف )عيسى، 1٩٩4م(.

وإن التغــريات االجتامعية والبيئية بام حتمله من تقدم يف الناحية االقتصادية للفرد ومن ثم للمراهقني زاد ذلك يف البحث عن الرتفيه وطلب املتعة إىل اللجوء إىل التدخني

والبحث عن سلوكيات ترفع من معنويات الفرد.

133


132

وال شك يف أن تعاطي أو ممارســة عادة التدخني يعد من العادات أو السلوكيات املمقوتة من قبل كثري من أفراد املجتمع، وخاصة من غري املدخنني الذين ينظر غالبيتهم

إىل التدخني نظرة سلبية جيب حماربته ملا حيمله من آثار سلبية عىل اجلسم والعقل معا.

وتعود أسباب تناول السجائر إىل عوامل كثرية من أمهها: الوسط االجتامعي للفرد وما يتصل بالرفقاء واألصدقاء من املراهقني وغريهم، فهم أكثر تأثرا من غريهم بسبب العالقات احلميمة التي تتم بينهم من خالل تناول مادة التدخني معا، ما يزيد يف انجذاب

األفراد املدخنني فيام بينهم.

وللتدخني عالقة بالوضع االقتصادي للفــرد، فالغني يبحث عن الرتفيه وقضاء أوقات يعتقد يف قرارة نفســه أهنا مفيدة له؛ لذلك يعمد إىل تناول معززات يراها مفيدة تساعده عىل السعادة والشعور بالنشوة، فيقوم بتناول تلك السيجارة، ويف الدول الفقرية يعمد هؤالء الفقراء إىل ختصيص 10% من دخلهم الشــهري يف تأمني مادة التدخني ما يعني أنه ال يبقى لتلك األرس إال القليل لتنفقه عىل االحتياجات األساســية مثل: الغذاء

والتعليم والرعاية الصحية.

لــذا فإذا كنا ننصح يف البالد املتقدمة بعــدم التدخني؛ ألنه مرض بالصحة، فإنه يف البالد التي هي يف طريق النمو تصبح مأســاة وطنية ينبغي أن حيارب عىل مستوى الفرد واجلامعات والدولة إذا أرادت هذه الدولة أن تسلم من هيمنة جديدة يقال هلا التدخني.

)العمري، 200٩م(.

ولقد أشــارت إحدى الدراســات اإلحصائية احلديثة إىل أن املدخنني يف اململكة العربية السعودية يدفعون أكثر من مخسة مليارات ريال ثمنا الستهالك 40 ألف طن من التبغ سنويا وعىل هذا فإن الرقم املخيف لتكاليف تدخني السجائر يعادل أو يفوق قيمة واردات اململكة من الســلع الغذائية األساسية؛ هذا بعيدا عن حساب تكاليف العالج

جراء التدخني.

ويعد التبغ ثاين أهم أســباب الوفاة يف العامل. فهو يــودي بحياة عرش البالغني يف شــتى أنحاء العامل )نحو 5 ماليني حالة وفاة كل عام(. وسيؤدي التبغ، إذا ما استمرت أنامط التدخني عىل حاهلا، إىل وفاة 10 ماليني نسمة سنويا بحلول عام 2020م. وجيدر


135 134

باملالحظة أن نصف من يدخنون اآلنـ أي نحو 650 مليون نســمةـ سيقضون نحبهم .)World Health Organization,2013( .من جراء التبغ يف هناية املطاف

كام أن ظاهرة تعاطي التدخني مسئولة أيضا عن أكثر من 70% من الوفيات النامجة عــن رسطانات الرئة والقصبات. وإذا اســتمرت االجتاهات الراهنة، فإن تعاطي التبغ سيتســبب يف وفاة أكثر من ثامنية ماليني نسمة كل عام بحلول عام 2030م، وسيهلك نحو نصف مدخني العامل، البالغ عددهم أكثر من مليار نسمة، بشكل مبكر جراء مرض

له عالقة بالتبغ )املرجع السابق(.

ويتعدى التدخني أيضا الشــخص املدخن إىل غــري املدخن »التدخني باإلكراه يف املصاعد وحجرات النوم واملقاهي ودور الســينام وغريها« وحتى األطفال »األجنة« يف بطون أمهاهتم، فالتدخني يسبب إنجاب أطفال مبسرتين غري كاميل النمو وناقيص الوزن مع زيادة وفيات املواليد لألمهات املدخنات. كام أن نسبة خماطر اإلصابة برسطان الرئة لدى املدخنني السلبيني أعىل بـ 40% من النسب لدى غري املدخنني من خالل التدخني

السلبـي )عسريي، 1٩٩3م، ص 53(.

وإن الســلوك املصاحب والناتج من دخان الســجائر يؤثر عىل االنسجام النفيس لدى األفراد، إضافة إىل صعوبة التفاعل االجتامعي من خالل ضعف استغالل املهارات االجتامعية مع نقص يف توظيف كثري من املواقف االجتامعية بســبب النفور االجتامعي

من خمالطة املدخن.

والتدخني أيضا يؤثر حتى عىل عملية اإلبصار لدى املدخنني بسبب انقباض األوعية الدموية التي تغذي العني والعصب البرصي الذي بدوره يقلل كمية الدم املوصلة إىل هذه األماكن احلساســة بسبب مادة النيكوتني، كام يؤثر عىل حاسة السمع والشم والتذوق.

)الرقعي، 1٩٩4م(.

ا يف وللتدخــني مضار عىل اجلهاز التنفيس »الرئتــني، القصبة اهلوائية« ويظهر جليالســعال املســتمر من قبل املدخن؛ نظرا لتهيج الرئة والقصبة اهلوائية بسبب مالمستها

135


134

للدخــان القادم من الفم )عرموش، 2008 م(. إضافــة إىل تأثريه عىل اجلهاز اهلضمي من خالل املعدة وعرس اهلضم ورسطان البنكرياس والتهاب املريء ورسطان الشــفاه

واللسان )شاهني، 2001م(.

النظريات املفرسة لعملية التدخني

1 ـ نظرية التحليل النفيس

ترى هذه النظرية إىل أن الفرد بســبب ما يعانيه من رصاعات نفســية تنبعث من خالل احلاجات التي تدفع اإلنســان إىل القيام بنشــاط توافقي إلشباع هذه احلاجات، وأن احلاجات غري املشــبعة ملدة طويلة تؤدي إىل إحباط، وتوتر حاد تسبب آالما نفسية ويؤدي األمر إىل كثري من الوسائل الدفاعية التي متثل ردود أفعال حياول الفرد أن حيمي هبا نفســه من اإلحباط، ما يؤدي إىل النكوص، وظهور أنامط من الســلوك متيز مراحل الطفولة، ولكي يشــبع الفرد حاجاته، فإنه يتجــه إىل تناول مادة التدخني، فاملدخن هنا شــخص توقف نموه النفيس واجلســدي عند املرحلة الفمية؛ ولذا فهو حمتاج إىل وضع يشء يف فمه إلشباع الرغبات الكامنة، بسبب عدم إشباع ذلك يف طفولته، والتدخني من

تلك األشياء املرتبطة باملرحلة الفمية.

أما ألفرد أدلــر فيؤكد يف هذه النظرية املفهوم العام الذي يرى فيه أن الكائن احلي يولد ولديه قصور يسعى يف حياته لتعويضه، إشارة إىل مبدأ القصور الذي يعانيه الفرد، هــذا القصور هو الذي يولد عملية البحث عن التعويض هلذا النقص الذي يشــعر فيه

الفرد ويسعى إىل إشباعه من خالل عملية تفاعله مع التدخني.

2 ـ النظرية السلوكية

تنظر هذه النظرية إىل عادة التدخني من خالل التنظيامت أو األســاليب السلوكية ا التي متيز الفرد عن غريه من الناس. فالتدخني ينظر إليه عىل أنه سلوك املتعلمة الثابتة نسبيمتعلم من خالل متابعة ســلوكيات اآلخرين واالقتداء هبم، لذلك فهو عادات متعلمة ومكتسبة، وليســت موروثة. تؤكد النظرية السلوكية أن عادة التدخني ترتبط بالتعزيز اإلجيايب الذي حيدث من خالل ما يشــعر به املدخن من رضــا املحيطني به وتقديرهم


137 136

لنمط سلوكه يف أثناء التدخني خاصة ممن يسلك سلوكه يف ممارسة عادة التدخني، فيشعر بالســعادة والرضا، ما يعزز معاودته يف الرغبة يف تكرار نفس السلوك. وهو جتربة سارة الحقة )كمكافأة( ما يؤدي إىل زيادة اســتمرار قيام السلوك؛ لذلك فالنظرية السلوكية تنظر إىل املكافأة عىل أهنا حافز فعال تعطى مبارشة بعد الســلوك )التدخني( املرغوب

فيه كي يزيد من احتاملية حدوث ذلك السلوك مرة أخرى.

3 ـ نظرية الذاتوتؤكــد هذه النظرية املفهــوم االجتامعي للذات والصورة التــي يعتقد الفرد أن اآلخريــن يتصوروهنا وينظرون إليه من خالل تفاعله معهم. لذلك يتجه الفرد إلثبات ذلك التفاعل الذي يــراه إجيابيا إىل تناوله مادة التدخــني ليظهر أمام اآلخرين بصورة اجتامعية جذابة ومقبولة، وهي الصورة املثالية التي يريد الفرد نفســه أن يكون عليها يف

حميطه وجمتمعه.

4 ـ نظرية التعلم االجتامعي

تؤكد هذه النظرية افرتاضا رئيســا وهو: أن اإلنســان كائــن اجتامعي يعيش مع جمموعات من األفراد يتفاعل معهم ويؤثر ويتأثر هبم، فهو يالحظ سلوكيات وعادات واجتاهات األفراد اآلخرين ويتعلمها باملالحظة والتقليد، حيث يعد الفرد هؤالء اآلخرين بمثابة نامذج يتم االقتداء بسلوكهم. وبذلك يتناول تلك السلوكيات من جمتمعه املحيط، فيصبح مدخنا بالقدوة والتقليد ألفراد جمتمعه، كام أنه يمكن أن يتم تعلم سلوك معني مثل: عادة التدخني عن طريق املحاكاة والتقليد لآلباء واملعلمني أو األقران الذين ينظر إليهــم نظرة إجالل وتقدير ومن ثم التقمص لســلوكهم وعاداهتم وتطبيقها من خالل التقليد واملحاكاة، ذلك ألهنم قدوة جيب االحتذاء هبم والســري عىل هنجهم وأسلوهبم، ويعــزز ذلك ما يقــدم و يعرض من دعايات وإعالنات جتارية عــىل كثري من القنوات الفضائية وبعض األجهزة اإلعالمية ووسائل التواصل االجتامعي كل ذلك يشجع عىل

دفع الفرد إىل التجريب والتقليد واملحاكاة من خالل ممارسة عادة التدخني.

Anxiety ثانيا: القــلقتشكل الضغوط النفسية األساس الرئيس الذي تبنى عليه بقية الضغوط األخرى

137


136

وهو يعد العامل املشــرتك يف مجيع أنواع الضغــوط األخرى مثل: الضغوط االجتامعية واملهنيــة واالقتصادية واألرسية، و أصبح اإلنســان يف العرص احلارض عرص احلضارة والتقدم والتطور يعيش حتت ضغوط كثرية ينشد من خالهلا الرفاهية والراحة اجلسدية والتمتع بكل ما يتمناه ويريده وبشــكل قريب من متناوله )النفيسة، 2010م( وارتبط هذا التطور باألعامل اجلســدية فقط، وأغفل اجلانب االنفعايل والعاطفي لدى اإلنسان، فأصبح اإلنسان يعيش يف قلق دائم وتوترات مستمرة بسبب ما يالقيه من ضغوط اجتامعية واقتصادية ونفســية حتتم عليه أن يرسع ويتســارع ويتجاوز العقبات التي تعرتضه عىل

حساب جانبيه العاطفي والروحي عىل حد سواء.

هذا االنفعال، وهذا الســلوك والتفكري املتسارع وغري املتسق عىل وترية واحده يف مســتوى التقدم والتطور والرسعة يف اإلنتاج وتقنيات االتصال وتطور اآللة وتقلبات العرص الرسيعة ومعطياته املتناقضة، كل هذا أفرز كثريا من األمراض النفسية واجلسدية وظهر لنا ما يسمى بمرض العرص »القلق«، حيث يعد القلق أكثر األمراض شيوعا لدى

البرش خاصة يف عرصنا احلارض الذي يطلق عليه بعضهم عرص التوترات والقلق.

والقلق مرض نفيس وظيفي يتخذ أعراضا من بينها شعور املريض باخلوف والقلق من مثريات ليس من شأهنا أن تثري القلق لدى الغالبية العظمى من الناس، وذلك ألهنا ال تتضمن خطرا أو هتديدا حلياة الفرد، ومع علم مريض القلق بذلك إال أنه يشعر باخلوف والقلق الشديدين عندما يتعرض ملثل هذه املثريات؛ إضافة إىل اآلالم التي تصيب الصدر وارتفاع يف ضغط الدم ورسعة التنفس وجفاف احللق )Charles,1983(. والقلق خربة ذاتية تتسم بمشــاعر اخلوف من رش مرتقب، والشــك والعجز والتي ال تتصل بخطر

خارجي )الدماطي، 1٩٩2م(.

والقلــق حيدث عند اإلناث أكثر من الذكور يف مجيع مراحل عمر اإلنســان ومن األسباب الرئيسة لإلصابة بمرض القلق االستعداد البيئي والنفيس لتقبل املرض، كام أن هناك أسبابا ترتبط بالرتبية والتنشئة االجتامعية واألرسية اخلاطئة مثل: القسوة والتسلط

.)Diana, 1989( واحلامية الزائدة والعقاب الدائم


139 138

والقلق عبارة عن حماوالت من قبل الفرد للتكيف مع األخطار اخلارجية أو الداخلية وذلك عن طريق جتنب هذه املواقف املقلقة وحتاشيها )العيسوي، 1٩٩2م(.

والقلق إضافة إىل انتشــاره بني الناس كمرض مستقل بذاته إال أنه يشرتك مع كثري من أبســط أنواع األمراض العضوية واجلسدية. حيث وصلت نسبة اإلصابة بالقلق إىل

31% )شعبان، 2007م(.

ا يف كثري من األحيان والشــك يف أن هناك فرقا بني القلق الطبيعي الذي يعد إجيابيمثل: قلق املسابقات الوظيفية أو االختبارات أو النشاطات الرياضية، فهو بذلك القلق يدفع نفســه وحيرضها ويوجهها إىل أن تتقــدم إىل األفضل وحيفزها إىل البذل واجلهد للحصول عىل نتائج تعود عليه بالنفــع، وهذا النوع من القلق ينتهي بنهاية االختبار أو الوظيفة أو املســابقة واحلصول عىل النتيجة املرضية بينام القلق املريض حيتاج إىل تدخل معالج نفيس لعالجه وبشــكل متواصل لكي خيفف أو يبعد هاجس القلق هذا بشــكل عام ومبســط وخمترص ولكننا هنا عندما نتحدث عن القلق يلزمنا التحدث عنه بطريقة

وأسلوب علمي متقن.

فالقلق نتج عن تســميات وتصنيفات عاملية، وليس هبذا الشــكل املبسط، وإنام World Health« مثل منظمة الصحة العاملية Classification يعود إىل تصنيفات عاملية

.»ICO-10,1998« يف كتاهبا »Organization

Neurotic، Stress-related and Somatoform وأصبح يصنف القلق حتت اسمDisorders,1998, P.149) ICO-10( وله فروع كثرية وتقســيامت متنوعة، كام صنف

أيضا يف كتاب الدليل التشــخييص واإلحصائي الرابع لالضطرابات للرابطة األمريكية لألطباء النفســانيني )Diagnostic Criteria From DSM-IV,1997( حتت اسم Anxiety Disorder P.199 وقد قســم مرض القلق إىل أقســام كثرية يف مقدمتها نوبة

اهللع »Panic Attack« التي تتصف بوجود نوبة هلع وخوف وضيق شديدين مع التعرق واالرجتاف وخفقان القلب، إضافة إىل اإلحســاس بالغصة وأمل وضيق يف الصدر يصل ذلك إىل شــعور الفرد باخلوف من املوت )DSM-IV 1997, P.199( ييل ذلك اخلوف مــن األماكن املفتوحة »األجو را فو بيا Agoraphobia« والقلق هنا يرتبط باخلوف من

139


138

األماكن أو املواقف التي قد يكون اهلروب منها صعبا أو ال تتوافر فيها إمكانية املساعدة، إضافة إىل اخلوف من السفر منفردا أو اخلروج وحيدا خارج البيت ينتج من ذلك ارجتاف

)ICD-10,1998, P.101( وخوف وارتعاش وجفاف للفم وآالم معدية

»Obsessive Compulsive Disorder« وهناك أيضا اضطراب الوسواس القهريالذي يعني أن اضطراب القلق هنا يأيت عىل مظهرين إما وســاوس داخلية، وإما أفعال قهرية. فالوساوس Obsessions ترتبط باألفكار واالندفاعات والصور الذهنية املستمرة

للمريض، هذه األفكار تسبب للمريض قلقا ملحوظا مع حماولة املريض جتاهلها.

أما األفعال القهرية Compulsions فهي عبارة عن فعل »Action« وعمل ما يقوم به املريض يمثل ســلوكا معينا ومتكررا بشكل الفت لالنتباه، وهذه األفعال تأيت نتيجة حماولة املريض منع وقوع املصيبــة التي يتوقعها، يضاف إىل ذلك اضطرابات الضغوط للصدمة Post-Traumatic Stress Disorder وهي التي ترتبط بأحداث حادة وقوية تقابل املصاب مثل أن يعايش أو يشاهد موت شخص معني، أصبحت هذه املشاهدات عبارة عن ذكريــات مؤملة يتوقع من خالهلا أن حيدث له ما حــدث لغريه، فيظهر عليه القلــق الواضح من خالل العجــز احلركي من جراء اخلوف والقلق والذعر الشــديد

.)DSM-IV,1997, 207-208 (

Depression ثالثا: االكتئاب

ال شك يف أن ما يعانيه اإلنسان من ضغوط نفسية واجتامعية واقتصادية هلا دور كبري يف ظهور مرض االكتئاب، فاحلياة ال ختلو من ضغوط، فجميع الذكور واإلناث الصغار والكبار مجيعهم يتعرضون لتلك الضغوط وتلك األزمات التي حتدث هنا وهناك ليست

ببعيدة عن ظهور مرض االكتئاب.

ويصبح الفرد املكتئب ضعيف الشــهية أو العكس فرطا باألكل، وقليل النوم أو بزيادة النوم، إضافة إىل نقص الطاقة والتعب، وعدم تقدير الذات والشعور بالدونية مع

.)DSM-IV, 1997, 161-172( ضعف يف الرتكيز والشعور بفقدان األمل

كام يعد االكتئاب من أكثر األمراض النفسية انتشارا، حيث تقدر إحصاءات منظمة


141 140

الصحة العاملية إىل أن عدد املرىض املصابني بداء االكتئاب يزيد عىل مخسمئة مليون مصاب، وتشري بعض هذه اإلحصاءات إىل أن نسبة انتشار االكتئاب تصل إىل 7% من سكان العامل ومن املتوقع أن تزيد هذه النسبة إىل 10% خالل األعوام القادمة )الرشبيني، 2001م(.

واالكتئاب حالة من احلزن الشديد واملستمر ناتج عن ظروف حمزنة وأليمة.

واالكتئاب النفيس أحد األمراض النفســية الذي يرتبط بحالة من الشعور باحلزن واليأس وفقدان االهتامم وعدم القدرة عىل االستمتاع بأي يشء سار ويفقد بذلك الشهية للطعام وصعوبة التعامل مع اآلخرين، وهو حالة عاطفية من االغتامم شبه الدائم يرتاوح

.)Oster,1995( بني حاله خفيفة من اإلحباط والتشاؤم إىل مشاعر أقوى وأقسى

فالكل يشــعر ولكن كل بقدر، فهناك االكتئاب الكبــري الذي يصل باملصاب إىل اإلقدام عىل االنتحار وقتل نفسه للهروب من تلك األفكار السوداوية، وهناك االكتئاب

البسيط أو اخلفيف الذي يؤثر فقط يف عدم شعور املصاب بالسعادة.

ويتدرج االكتئاب من اكتئاب شــديد إىل اكتئاب متوسط أقل حدة من الكبري فال يصل إىل حد االنتحار، وإنام يؤثر عىل سلوكه وأفكاره وحياته العملية وأدائه االجتامعي

واملهني.

ويصنف االكتئاب أيضا إىل اكتئاب بســيط وحمدود ومؤقت يزول بزوال املشكلة املؤثرة، وقد يسمى باالكتئاب الصغري يبدو عىل املريض احلزن والضيق وعدم االرتياح ويكون ذلك االكتئاب عبارة عن سلوك وتفكري عارض. وليس مستمرا مزمنا واالكتئاب يصيــب مجيع رشائح املجتمع بغض النظر عن اجلنس، والعمر، ومســتوى التعليم، أو

الثقافة والوطن.

ومن هنــا فإن لالكتئاب تصنيفات علمية يصل عددهــا إىل أكثر من عرشة أنواع وكل تصنيف لديه املعايري اخلاصة به، وكام ســبق فإن منظمة الصحة العاملية قد أرشفت عىل عدد من التصنيفات، آخرها تصنيف الربيطاين ICD-10 املرتبط بالصحة العقلية

واضطرابات السلوك.

Depressive باســم Mood Affective Disorder ويقــع االكتئاب حتت عنوان

141


140

Mild Depressive قسمت تلك األمراض إىل مخسة أقسام من االكتئاب اخلفيف Episode

Episode ثم االكتئاب املعتدل أو املتوسط Moderate Depressive Episode الذي تزيد

Severe Depressive Episode أعراضه وقوته عىل االكتئاب اخلفيف. االكتئاب الشديدوخيتص بأعراض أكثر شدة من سابقيه، ويكون ذلك مصحوبا بأعراض جسمية.

Unspecified Depressive Episode أما القسم األخري فهو االكتئاب غري املحددوكل قســم له أعراضه اخلاصة إال أن الغالب فيها هو الشعور باألسى واحلزن والكآبة

.)ICD-10,1998: P. 137-148( والتغريات الفسيولوجية اجلسمية العضوية

أما التصنيف األمريكي لرابطة األطباء النفسيني األمريكيني، فقد صنف االكتئاب Major Depressive إىل عــرشة أنواع منها: اضطرابات االكتئاب الكبري نوبــة مفردة Major Depressive واضطرابــات االكتئــاب الكبري Disorder Single Episode

Disorder Recurrent واالضطراب االكتئايب غري املعني )اضطرابات عرس املزاج قبل

الطمث، واضطرابات االكتئاب الصغري، واضطراب االكتئاب بعد الذ هاين للفصام(.

وجتدر اإلشارة هنا إىل أمهية توضيح العالقة بني القلق واالكتئاب من حيث إهنام من األمراض العصابية أوال إضافة إىل أهنام أكثر األمراض النفسية انتشارا حسب الدراسات )جلبان، 200٩م( كام أن القلق واالكتئاب مرضان غالبا ما يكونان متالزمني فال يوجد

قلق دون اكتئاب أو حزن ولو كان بسيطا كام ال يوجد اكتئاب بال قلق عىل الصحة.

الدراسات السابقةيتناول هذا البحث عددا من املتغريات تشمل القلق، والتدخني، واالكتئاب، لذلك جيد الباحث أمامه عددا من اخليارات التي تساعده عىل حتديد واختيار األفضل واألقرب للبحث احلايل. ومن هنا تزيد أمهية اختيار أنواع خاصة من الدراســات املرتبطة مبارشة

أو عىل األقل بجزء أو فرع منها بالبحث احلايل.

وجتدر اإلشــارة إىل أن الباحث سوف يسلك أسلوب تقديم تلك الدراسات من خالل التأكيد عىل هدف وعينة وأدوات ونتائج البحث لكل دراسة تم تضمينها ضمن


143 142

الدراسات السابقة عىل أســاس الرتتيب الزمني من األقدم إىل األحدث حسب تاريخ تنفيذ تلك الدراسات كالتايل.

يف دراســة قام هبا )عبد اهلل، 1٩86م( هبدف الوصــول إىل الفروق بني املدخنني وغري املدخنني يف درجة التوافق العــام، تكونت العينة من 300 طالب من كلية الرتبية بجمهورية مرص العربية، استخدم الباحث استامرات وبيانات لدليل املستوى االجتامعي واالقتصادي، كام استخدم مقياس التوافق للشخصية. وقد أظهرت نتائج دراسته وجود فروق ذات داللة إحصائية بني املدخنني وغري املدخنني يف مستوى التوافق املنزيل االنفعايل لصالح غري املدخنني، بينام كانت النتائج يف درجة التوافق االجتامعي لصالح املدخنني.

ويف دراسة أجراها )روبرت، 1٩٩0م( عن أثر االكتئاب عىل تعاطي التدخني، كان اهلدف هو معرفة مدى تأثري االكتئاب يف دفع األفراد إىل ممارســة التدخني، بلغت عينة الدراســة 2٩63 فردا منهم 1674 من اإلناث بينام املدخنون 173٩ أما غري املدخنني فكان عددهم 1224 فردا، وذلك عن طريق حتليل بيانات تلك العينة ومن خالل تطبيق مقياس االكتئاب. بينت النتائج النهائية لتلك الدراســة أن االكتئاب يؤدي دورا مهام يف ديناميــات تدخني الســجائر، وأنه من خالل تلك النتائج اتضــح أن الفرد الذي يعاين .)Robert F, 1990(.االكتئاب يلجأ دائام اىل ممارسة التدخني لتخفيف حدة التوتر لديه

ويف دراســة أخرى قام هبا )جونســون وآخرون، 1٩٩3م( عــن الفرتة الزمنية ملامرســة التدخني والقلق، كان اهلدف من ذلك هــو التعرف عىل العالقة بني طول مدة وزمن التدخني للســجائر واضطراب القلق، وتكونت العينة من 688 شابا منهم %51 من اإلناث يف والية نيويورك يف متوســط عمر بلغ 16 ســنة. أظهرت نتائج الدراســة وجود عالقة بني مدة ممارسة التدخني وكمية السجائر املتناولة وأثر ذلك عىل نوع القلق، فاألفراد الذين يدخنون بمعدل 20 سجارة يوميا صنفوا بأن لدهيم قلقا مرتبطا باخلوف من األماكن املكشوفة، بينام أشارت الدراسة إىل وجود حتمي وعالقة تزيد خماطر القلق .)Johnson,1993( .بزيادة تعاطي التدخني، خاصة خالل فرتة املراهقة والبلوغ املبكر

أما )كيفن مالون، 2003م( فقد أعد دراســة عن عالقــة التدخني بخطر عملية االنتحار وكان هيدف التعرف عىل مدى العالقة بني التدخني وعملية االنتحار من خالل

143


142

دراسة مادة السريوتونني. وكانت العينة تقدر بـ 347 مريضا يعانون اضطرابات نفسية منهــم 175 مصابا باالكتئاب، و127 مصابا بالفصام، و45 يعانون اضطرابات أخرى خمتلفة. خلصت نتائج الدراســة إىل وجود نقص يف مادة السريوتونني املرتبطة بصفات الترسع وانفعال العدوانية لدى املدخنني. وأن أكثر من 85% من املطبق عليهم من املرىض . )Keven.M,2003( .املدخنني هم أكثر عرضة ملحاولة االنتحار من غريهم غري املدخنني

ويف دراسة قام هبا )أنشتاين، 2008م( عن عالقة التدخني باالكتئاب كان اهلدف من الدراســة هو معرفة مدى عالقة التدخني باالكتئاب والقلق لدى عينة مسح بلغت 60814 تراوحت أعامرهم مابني 20 ـ 80 ســنة، وذلك عن طريق دراســة حالة كل مواطن من خالل مسح صحة الســكان. وأظهرن نتائج الدراسة أن املدخنني يكونون أكثر تأثرا يف األعراض اجلســدية ومشكالت انخفاض النشاط البدين، وكذلك ارتفاع .)Arnstein,2008( .مستوى القلق واالكتئاب لدى املدخنني من غريهم غري املدخنني

تعقيب عىل الدراسات السابقةجتدر اإلشارة هنا إىل أن تلك الدراسات مجيعها أكدت وعززت من صدق افرتاض الباحث، خاصة فيام يتعلق بالتدخني وتأثريه عىل صحة اإلنســان ليست فقط التأثريات اجلسدية، وإنام النفسية أيضا. كام ساعدت أيضا يف إعطاء الثقة للباحث جتاه سالمة اختيار

مشكلة الدراسة والتفاعل معها.

لقــد كان لتلك الدراســات أثر إجيايب يف اختيار العينة وطريقــة التطبيق واختيار املقاييس املناسبة، إضافة إىل حتديد الفروض واملصطلحات.

ومع هذا يالحظ أن تلك الدراســات السابقة اعتمدت يف تناوهلا ملوضوعات هلا ارتباطها بالدراسة احلالية و بشكل منفرد، فلم تكن تلك الدراسات تنحو جتاه املتغريات ا يرفع من نفسها اخلاصة بالدراســة احلالية، وهذا يقوي من أمهيتها ويعطيها زمخا إجيابيســالمة اختيارها وعدم اعتامدها عىل الدراسات السابقة بشكل مبارش؛ إذ لو كان األمر

كذلك ملا احتجنا إىل هذه الدراسة.


145 144

لذا فإن الدراسة احلالية جتمع بني تلك الدراسات السابقة إذا مل تكن خالصة لتلك الدراسات.

منهج البحثيؤكد الباحث املنهج الوصفي املقارن الذي يصف الظاهرة ويبحث عن العالقات

املتبادلة، ويقارن بني املتغريات وهو املنهج املناسب هلذا البحث.

فروض البحثمن خالل اإلطار النظري السابق، ومن خالل الدراسات السابقة هلذا البحث أمكن للباحث اشــتقاق الفروض عىل أساس أثر التدخني املتوقع عىل الفرد املدخن من خالل

تأثريه عىل بعض املتغريات النفسية )القلق، االكتئاب(.

وعىل هذا فإن الباحث يقدم الفروض التالية:

الفرض األول:

توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مســتوى ) a >0.05( بني املدخنني وغري املدخنني يف درجة القلق، وذلك لصالــح املدخنني )بمعنى أن القلق يكون أعىل درجة

عند املدخنني(.

الفرض الثاين:

توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مســتوى )a >0.05( بني املدخنني وغري املدخنــني يف درجة االكتئاب، وذلك لصالح املدخنني )بمعنى أن االكتئاب يكون أعىل

درجة عند املدخنني(.

جمتمع البحث

يعتمد هذا البحث عىل حتديد املجتمع الذي يرتبط بشكل واضح باألفراد املدخنني ا، إضافة إىل عينة أخرى مقابلة لغري املدخنني. الذين يامرسون عملية التدخني حالي

145


144

عينة البحث:1 ـ عينة املدخنني: تكونت من )107( أشخاص.

2 ـ عينة غري املدخنني: تكونت من )113( شخصا.

طريقة اختيار العينة

تم اختيار العينة بطريقة عشوائية بسيطة وفقا للرشوط التالية:1 ـ أن يكون أفراد العينة بني الذكور.

2 ـ أن ترتاوح أعامرهم من 22ـ50 سنة.ا فأعىل. 3 ـ أن يكون املستوى التعليمي جامعي

وقد تم اختيــار العينة من طالب جامعة نايف العربيــة للعلوم األمنية بالرياض وجلميع أفراد العينة. واجلدول رقم )1( يوضح التوزيع الكيل للعينة.

اجلدول رقم )1( يبني توزيع العينات حسب املجموعاتالعيـنةاملجموعات )املستوى التعليمي(العيـنةاملجموعات )احلــالة(

10٩جامعي )ملتحق بالدبلومات(107املدخنون111دراسات عليا )ماجستري(113غري املدخنني

220 طـــالبااملجموع الكيل للعينة

أدوات البحثيعتمد هذا البحث عىل عدد من املقاييس املرتبطة بقياس مستوى القلق واالكتئاب

عىل النحو التايل:ـ مقياس القلق لـ تايلر من اقتباس وإعداد كل من مصطفى فهمي وحممد غايل يتكون املقياس من )50( عبارة ويقيس مستوى القلق بشكل موضوعي عن طريق األعراض الظاهرة والرصحية التي يعانيها شخص ما، كام أن هذا املقياس يناسب مجيع األعامر ملن


147 146

يستطيع القراءة والفهم. )موسى، 1٩87م(. ويمكن تطبيقه بشكل فردي أو مجاعي.

ثبات املقياس

لقد قام الباحث بحســاب معامل ثبــات املقياس عن طريق االتســاق الداخيل )ألفاكرونباخ(، حيث بلغت قيمة ألفــا كرونباخ )0.862( وهي درجة ثبات مرتفعة

تدل عىل أن هناك ثباتا عاليا يمكن الوثوق به.

صدق املقياسقام الباحث بتطبيق مقياس القلق، وتم حساب صدق االتساق الداخيل من خالل معامالت ارتباط بريســون لقياس العالقة بني كل فقرة والدرجة الكلية للمقياس، وقد تراوحت االرتباطات من 0.2٩ إىل 0.631 ، كام تم حساب الصدق الذايت للمقياس

حيث كانت النتيجة 0.88 وهذا يعطي قبوال معقوال لصدق املقياس.

ـ مقيــاس االكتئاب لـ بــك قام بوضع هذا املقياس العــامل والطبيب النفيس األمريكي املعــروف )Aaron Beck( وقــام برتمجــة هذا املقيــاس إىل اللغــة العربية ونرشه

عبد الستار إبراهيم، ويتكون هذا املقياس من 21 جمموعة من األسئلة.

كل جمموعة تصف أحد األعراض الرسيرية لالكتئاب، ويطلب من الشــخص أن يقرأ كل عبارة من كل جمموعة، وأن يقرر أي عبارة تنطبق عليه، وتصف حالته ومشاعره،

بوضع دائرة حول رقم العبارة التي خيتارها.

ثبات املقياسلقد تم حســاب معامل ثبات املقياس عن طريق التناسق الداخيل )ألفاكرونباخ( حيــث بلغت قيمة ألفا كرونباخ )0.٩07( وهي درجة ثبات مرتفعة تدل عىل أن هناك

ثباتا عاليا يمكن الوثوق به.

صدق املقياس

قام الباحث بتطبيق مقياس االكتئاب، وتم حساب صدق االتساق الداخيل من خالل

147


146

معامالت ارتباط بريســون لقياس العالقة بني كل فقرة والدرجة الكلية للمقياس، وقد تراوحت االرتباطات بني 0.43 و 0.٩21 ما يعطي صدقا مرتفعا يمكن الوثوق به.

إجراءات التطبيق

قام الباحث بتطبيق املقياسني وفقا للظروف التالية:1 ـ قام بتطبيق مجيع املقاييس داخل القاعات الدراسية بمساعدة املرشفني عليها.

2ـ قام برشح اهلدف األســايس من تطبيق تلك املقاييس، وهذا انسحب عىل مجيع التطبيقات التي متت من خالل التأكيد عىل الفهم الصحيح لتعليامت املقاييس وكيفية اإلجابة عنهــا، وطريقة االختيار للبنود مع التأكيد عىل كتابة البيانات األساسية مثل: )العمر الزمني، املستوى التعليمي احلالة مدخن أو غري مدخن( مع إعطاء احلرية للمفحوصني يف حالة رغبتهم تدوين أســامئهم ورغبتهم يف

احلصول عىل نتائج التطبيق.3 ـ طبقت املقاييس مجيعها بطريقة »مجاعية« حسب توافر األعداد يف القاعة الدراسية

للكلية مع حتديد الزمن لكل مقياس عىل حدة.

األساليب اإلحصائية

استخدم الباحث األساليب اإلحصائية التالية:1 ـ تكرارات النسب املئوية لوصف العينة.

2 ـ اختبار »ت« لداللة الفروق بني جمموعتني مستقلتني.

عرض وحتليل بيانات البحث ومناقشة نتائجه.1 ـ عرض نتائج البحث.

2 ـ مناقشة النتائج وتفسريها.

نتناول هنا عرضا لبيانات البحث ومناقشة نتائجه واإلجابة عن التساؤالت واختبار الفروض من حيث قبوهلا أو رفضها؛ بناء عىل حتليل النتائج، مع اإلشــارة إىل مستويات


149 148

الداللة اإلحصائية. من خالل استخدام اجلداول واألشكال البيانية.

1ـ عرض نتائج البحث

نتائج الفرض األول

ينــص الفــرض األول عىل: توجــد فــروق ذات داللة إحصائية عند مســتوى )a >0.05( بــني املدخنني وغــري املدخنني يف درجة القلق وذلــك لصالح املدخنني

)بمعنى أن القلق يكون أعىل درجة عند املدخنني(.

T-test for( )للتحقــق من صحة الفرض قام الباحث باســتخدام اختبــار )تIndependent Samples( لداللة الفروق بني جمموعتني مستقلتني للتعرف عىل داللة

الفروق بني متوســطي جمموعة املدخنني وغري املدخنني يف درجاهتم عىل مقياس القلق. واجلدول التايل يوضح النتائج املتعلقة بذلك.

اجلدول رقم )2( اختبار )ت( لداللة الفروق بني متوسطي جمموعة غري املدخنني وجمموعة املدخنني يف درجاهتم عىل مقياس القلق

املتوسط العدداملجموعاتاحلسايب

االنحراف مستوى قيمة تاملعياري

التعليقالداللة

11315.008.1٩غري مدخندالة عند 3.500.002

مستوى 0.01 10725.438.0٩مدخن

يتضح من اجلدول السابق أن قيمة )ت( دالة، ما يشري إىل وجود فروق ذات داللة إحصائية بني جمموعة املدخنني وغري املدخنني لصالح املدخنني، بمعنى أن القلق يكون أعىل درجة لــدى املدخنني . وبذلك يتحقق الفرض القائــل »توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى )a >0.05( بني املدخنني وغري املدخنني يف درجة القلق، وذلك

لصالح املدخنني.

نتائج الفرض الثاين

)0.05<a( ينص الفرض الثاين: توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى

149


148

بــني املدخنني وغري املدخنني يف درجة االكتئاب، وذلــك لصالح املدخنني )بمعنى أن االكتئاب يكون أعىل درجة عند املدخنني(.

T-test for( )للتحقــق من صحة الفرض قام الباحث باســتخدام اختبــار )تIndependent Samples( لداللة الفروق بني جمموعتني مستقلتني للتعرف عىل داللة

الفروق بني متوسطي جمموعة املدخنني وغري املدخنني يف درجاهتم عىل مقياس االكتئاب. واجلدول التايل يوضح النتائج املتعلقة بذلك.

اجلدول رقم )3( اختبار )ت( لداللة الفروق بني متوسطي جمموعة غري

املدخنني وجمموعة املدخنني يف درجاهتم عىل مقياس االكتئاب

املتوسط العدداملجموعاتاحلسايب

االنحراف مستوى قيمة تاملعياري

التعليقالداللة

1137.008.37غري مدخندالة عند 3.300.003

مستوى 0.01 10718.00٩.78مدخن

يتضح من اجلدول السابق أن قيمة )ت( دالة، ما يشري إىل وجود فروق ذات داللة إحصائيــة بني جمموعة املدخنني وغري املدخنــني لصالح املدخنني، بمعنى أن االكتئاب يكون أعىل درجة لدى املدخنني. وبذلك نقبل الفرض القائل »توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مســتوى )a >0.05( بني املدخنني وغري املدخنني يف درجة االكتئاب،

وذلك لصالح املدخنني )بمعنى أن االكتئاب يكون أعىل درجة عند املدخنني(.

2 ـ مناقشة النتائج وتفسريها

لقد هدفت الدراســة احلالية التعرف عىل الفروق يف متوســطات درجات القلق واالكتئاب بني املدخنني وغري املدخنني ملعرفة أهيام أعىل مســتوى لدى املدخنني )القلق أم االكتئاب(، وبالنظر إىل نتائج فروض الدراســة اتضح للباحث أنه فيام يتعلق بحالة الفروق اإلحصائية بني املدخنني وغري املدخنني من خالل متوســطات درجات القلق، فإن نتائج الدراسة احلالية دلت عىل وجود فروق ذات داللة إحصائية بني املدخنني وغري


151 150

املدخنني وذلك لصالح املدخنني أي أن املدخنني من خالل هذه النتائج أظهروا درجات أعىل يف مستوى القلق من غري املدخنني، وهذا ما ذهب إليه الباحث ليؤكد صحة اجلزء األول من الفرض األول واملشــري إىل وجود فروق ذات داللة إحصائية يف متوســطات

درجات القلق لصالح املدخنني.

مــن هنا فإنــه يمكن القــول: إن نتائج هــذه الدراســة تتفق مع نتائج دراســة »Johnson, 1993« ولو بشــكل جزئي من خالل النظر إىل أنواع القلق املتضمن تلك الدراسة، لذا فهي تؤكد وجود فروق ذات داللة بني املدخنني وغري املدخنني يف مستوى درجات القلق بناء عىل طول املدة الزمنيــة، وهذا ال يتعارض مع نتائج البحث احلايل،

بل يؤكد ويعزز سالمتها وصحتها يف الوقت نفسه كمؤرش لذلك.

أمــا بخصوص نتائج الفرض الثاين املتضمن وجود فــروق ذات داللة إحصائية بــني املدخنني وغــري املدخنني يف مســتوى درجة االكتئــاب لصالح غــري املدخنني )بمعنــى أن االكتئاب يكون أعىل درجة عند املدخنني فقد أظهرت نتائج البحث احلايل وجود فروق ذات داللة إحصائية بني املدخنني وغري املدخنني يف درجة االكتئاب لصالح غــري املدخنني، فاالكتئاب أصبح من خالل النتائج احلالية مرتفعا لدي املدخنني، وهذا ما ذهب إليه الباحث أيضا بعرضه للفرض الثاين الذي يشري من خالله إىل وجود فروق لصالح املدخنني بأهنم أعىل درجة يف االكتئاب من غري املدخنني وبالرجوع إىل الدراسات الســابقة نجد أن تلك النتائج تتفق مع نتائج دراســة »Arnstein,2008« الذي أكد من خالل نتائج دراسته وجود فروق بني املدخنني وغري املدخنني يف درجة االكتئاب لصالح املدخنني، حيث أثبتت دراسته أن املدخنني أكثر تأثرا من غري املدخنني يف ارتفاع مستوى

االكتئاب.

خامتة البحثيتضح من خالل الدراســات الســابقة ومن النتائج التي تم التوصل إليها يف هذه الدراســة أن عملية التدخني ال تؤثر عىل حياة اإلنســان الصحية فقط، بل تعدت ذلك إىل حياته العملية واإلنتاجية وما رافقها من تأثريات اجتامعية ونفسية وحياتية، من هنا أصبحت ظاهرة التدخني هي ثاين أسباب الوفاة عىل مستوى العامل أمجع، ما عزز من نتائج

151


150

هذه الدراسة؛ لتؤكد تأثري تعاطي التدخني عىل الفرد ليصبح القلق واالكتئاب ناجتني عن االســتمرار يف تناول مادة التبغ؛ لذا فالعناية باملدخنني تعني العناية بتقليص املشكالت االجتامعية، االقتصادية، الصحية، والنفسية وغريها من املشكالت التى تطرأ مع مرور الزمن للمدخنني. وبام متس اجلوانب الصحية والنفســية بشكل خاص. مع التأكيد عىل االهتامم بدراسة مثل هذه املوضوعات املرتبطة بحياة وصحة اإلنسان الصحية والنفسية التي ال حتفز وال تعزز فقط املختصني يف جمال الصحة العامة والصحة النفســية لدراسة مثــل هذه املوضوعات، بل تتعدى ذلــك إىل مجهور املثقفني العاملني يف جماالت أخرى كالصحافة واإلعالم والنرش اإللكرتوين ووسائل اإلعالم والتعليم العام واخلاص، إضافة إىل التعليم الفني والتقني والتجاري، وذلك الرتباطها املبارش يف حياة اإلنسان وتأثريها

عىل جوانب كثرية يف حياته العامة واخلاصة.

توصيات البحث

يف ضؤ النتائج التي توصــل إليها البحث يقرتح الباحث تقديم بعض التوصيات التي يراها ذات أمهية من خالل البحث احلايل التي ترتبط بشــكل مبارش بعملية تعاطي

التدخني ومنها:1 ـ التوجيه واإلرشاد النفيس االجتامعي للمدخنني بمحاولة االمتناع عن مزاولة التدخني واإلشارة يف ذلك إىل النتائج املرتتبة عىل ممارسة التدخني وعالقة ذلك

ببعض األمراض النفسية كالقلق واالكتئاب.2ـ التأكيد عىل خطورة التدخني السلبي أو اإلجباري غري املبارش وتثقيف املجتمع لتفادي

خطورته واختيار الوقت واملكان املناسبني الذي يمنع وصوله إىل غري املدخنني.3ـ التأكيــد عىل منع التدخني يف األماكن العامة وختصيص أماكن خاصة ومنعزلة

عن اجلمهور حتى ال ينتج عن ذلك أرضار جسمية أو اجتامعية أو نفسية.


153 152

املراجـــــع

أوال: املصادر واملراجع العربية

املصادر:

القرآن الكريم.

املراجع العربية:

البناء، حياة خليل، وأمحد عبدا خلالق، صالح مراد، )2006(. القلق االجتامعي وعالقته بالتفكري الســلبي التلقائي لدى طالب من جامعة الكويت، جملة دراســات

نفسية، العدد 16، املجلد 2(.جلبان، خالد، )200٩(. أهم األمراض التي تصيب املعلمني، كلية الطب، أهبا: جامعة

امللك خالد.الدماطي، عبد الغفور، )1٩٩2(. املدخل إىل علم النفس اإلكلينيكي، اإلســكندرية:

دار املعرفة اجلامعية.الرقعي، محد، )1٩٩4(. التدخني مضاره وكيفية التخلص منه، مرصاتةـ ليبيا: اجلامهريية

للنرش.شاهني، ســيف الدين، )2001م(. اآلفات الثالث: التدخني واملخدرات واألمراض

اجلنسية،الرياض. الرشبيني، لطفي، )2001(. االكتئاب، اإلسكندرية: منشأة املعارف.

شعبان، إبراهيم، )2007(. القلق والتوتر النفيس، الالذقية، صحيفة الوحدة، مؤسسة الوحدة للصحافة والنرش والتوزيع.

عبد اهلل، حممد، )1٩86(. العالقة بني التدخني و بعض املتغريات الشخصية لدى طالب اجلامعة )دراسة جتريبية( رســالة ماجستري غري منشورة، جامعة حلب، كلية

الرتبية.

153


152

عبده، سمري، )2005(. حتليل مئة حالة نفسية، دمشق: منشورات املكتبة احلديثة.عرموش، هاين، )2008م(. التدخني بني املؤيدين واملعارضني، بريوت: دار النفائس.

عســريي عبد الرمحن، )1٩٩3(. كيف تقلع عن التدخني، الرياض: طويق للخدمات اإلعالمية.

العمري، سليامن، )200٩(. ظاهرة التدخني يف املجتمع السعودي، دراسة ميدانية عن عوامل التدخني وآثاره وأبعاده اإلنســانية، كتاب 228 ص الرياض: النارش

سلامن بن حممد العمري.العيسوي، عبد الرمحن، )1٩٩2(. علم النفس اإلكلينيكي، اإلسكندرية: الدار اجلامعية.

منظمة الصحة العاملية )2010(.عيسى، نضال، )1٩٩4(. اجلديد يف الطب أرضار التدخني، دمشق: دار املكتبي للطباعة

والنرش والتوزيع.موسى عبد العزيز رشاد )1٩87م(. مقياس القلق الظاهر، القاهرة: دار النهضة العربية

للطباعة والنرش، تابع مقياس القلق.النفيسة، عبد العزيز عيل، )2010(. تأثري القلق االجتامعي واالكتئاب عىل بعض العمليات

املعرفية، أطروحة دكتوراة، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.

ثانيا: املراجع األجنبيةAllen، Frances. (1996). Diagnostic and Statistical Manual of Mental

Disorders, Fourth Edition (DSM-IV), Washington، DC،

American Psychiatric Association, Diagnostic Criteria (1997) for Andrei V. Alexandrov, University of Alabama at Birmingham, USA first

published 2007Arnstein, Mykletun, Association between Cigarette Smoking and

Anxiety Disorders during Adolescence and Early Adulthood.Department of Psychiatry, Columbia University.

Charles, D. (1983). Spiel Berger and Rogelio Diaz, Cross-Cultural Anxiety .Washington.


154

Diana, Ke able (1989). The Management of Anxiety, a Manual for Therapists Edinburgh: Churchill Livingstone.

DSM – IV. Sixth Printing, July.Health Promotion, Centers for Disease Control, Atlanta, Ga.(1990).Johnson, Cohen, Klein, Andkasen. Department of Psychiatric, Columbia

University and the New York State Psychiatric Institue.Keven.M.Depressive, not Anxiety, Symptoms are Associated with

Current Cigarette Smoking among University Internal Medical Patients، Department of Psychiatry and Medicine, University of Colorado Health2003()USA.

Lesey Stern, the Smoking Book, the University of Chicago Press 1999، printed in the United States of America.

Oster, Gerald, D. (1995). Helping your Depressed Teenager: A guide for Parents and Caregivers. Sarah S. Montgomery, New York: John Wiley.

Robert F. Anda, MD, Center for Chronic Disease Prevention and World Health Organization (2013).http://www.who.int/tobacco/ar/.

155

التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يفاململكة العربية السعودية DOI: 10.12816/0012992

د. فيصل حسن حامد)*(

أستاذ مساعد، بقسم العلوم اإلدارية، جامعة نايف العربية للعلوم األمنية، الرياض

موضوع


امللخصهذه الدراســة هو معرفة التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية الســعودية من وجهة نظر طلبة برنامج املاجســتري يف قسم العلوم اإلدارية بجامعة نايف العربية للعلوم األمنية. ووفقا إلجابات هؤالء الطلبة كانت التحديات كالتايل مرتبة حسب التكرارات والنسب )الفساد، اإلرهاب، اجلريمة باســتخدام التقنية، تطوير عمليات التدريب، السياسة اإليرانية، جتارة املخدرات، كثرة

أعداد العاملة الوافدة، البطالة، حوادث املرور، األوضاع يف اليمن والعراق(

الكلامت املفتاحية: التحديات، األجهزة األمنية، اململكة العربية السعودية.


157 156

The Challenges Encountered by the Security Agencies of the Kingdom of Saudi Arabia

Dr. Faisal Hassan Hamid)*(

Assistant Professor, the Department of Administrative Sciences, Naif Arab University for Security Sciences, Riyadh

The current study aims to identify the challenges encountered by the security agencies of the Kingdom of Saudi Arabia. These challenges are identified according to the perspectives of the students enrolled in the Master Degree program in the Department of Administrative Sciences at Naif Arab University for Security Sciences.According to the responses of the students, the identified challenges are sorted according to their frequencies and percentages.These are: Corruption, terrorism, crime - related technology, development of training operations, Iranian policy, drug trade, the large number of expats, unemployment, traffic accidents and the situations in Yemen and Iraq.Keywords: Challenges; Security Agencies; Kingdom of Saudi Arabia.


157

التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية السعودية... د. فيصل حسن حامد

156

املقدمــة أصبحت التنمية قضية قومية هتم الدول الفقرية والغنية عىل حد سواء، فهي مطلب أســايس جلميع الدول والشعوب، ودون األمن ال يمكن أن تتحقق التنمية، وال يتحقق األمــن ما مل تكن هنــاك جهود تنموية ، فأصبح كل من مفهــوم األمن ومفهوم التنمية

متالزمني، وعليه ظهر شعار أو مبدأ »ال تنمية بال أمن« أو »ال أمن دون تنمية«.وإىل وقت قريب كان مفهوم األمن يقترص عىل كل ما يمس مصالح األفراد واملجتمع والتنمية، ومتارس األجهزة األمنية يف املجتمــع دورها التقليدي املتمثل يف حفظ األمن والنظام ومكافحة اجلريمة. إال أن مفهوم األمن ومتطلباته قد تغريت تبعا للتطور الرسيع يف حياة اإلنسان، وعليه امتد مفهوم األمن إىل محاية كيانات املجتمع املختلفة وأصبح لألمن مفهوم وطني شامل امتد إىل شتى جماالت احلياة ومقومات املجتمع. وبذلك مل تعد األجهزة األمنية متارس دورها التقليدي فقط، وإنام أضحى هلا دور فاعل ومتجدد يف حياة الناس.وبالرغم من عدم ســهولة القيام بمهمة حفظ األمن والنظام ومكافحة اجلريمة، إال أهنا ازدادت تشعبا وتعقيدا وصعوبة مع مرور الزمن، ما جعل دور األجهزة األمنية يزداد أمهية أمام حتديات احلياة املعارصة، هذا باإلضافة إىل أن الشــعارات »الرشطة يف خدمة اجلمهور« و »الرشطة يف خدمة الشــعب« و »الرشطة يف خدمة اجلميع« وضعت األجهزة األمنية يف وســط األحداث وأصبحت تؤدي دورا رئيسا ومهام ومقبوال أيضا يف املجتمع، وتغلغلت هــذه األجهزة يف حياة الناس من خالل تقديمها خدمات مهمة هلم خارج نطاق دورها التقليدي املتمثل يف حفظ األمن والنظام ومكافحة اجلريمة مثل

أعامل اإلسعاف واإلنقاذ واحلامية وخدمة املجتمع.ولذلك أصبحت األجهزة األمنية بصفة عامة تواجه جمموعة من التحديات املحلية واإلقليمية والدولية املتداخلة التي تستهدف كيان واستقرار الدول؛ ألن عامل اليوم أصبح قريــة صغرية، كام أصبح التأثري والتأثر متبادلــني بني مجيع الدول ما جيعل األمن املحيل واإلقليمي والعاملي مرتابطا؛ فاململكة العربية الســعودية عىل وجه اخلصوص وبحكم ثروهتا النفطية ومكانتها يف العاملني اإلسالمي والعريب وموقعها اإلسرتاتيجي وحمدودية

ا دقيقا. كثافتها السكانية، تواجه موقفا أمني


159 158

وبام أن التنمية ال تقترص عىل استخدام الثروات واألموال فحسب، وإنام تتمثل يف كيفية استخدام القوى البرشية واإلمكانات املتاحة وحسن إدارهتا بأساليب علمية، لذا سعت األجهزة األمنية إىل اتباع أساليب اإلدارة احلديثة يف تنفيذ مهامها املتعددة واملتشابكة

لضامن نجاح عملياهتا مواكبة للتطورات التي يشهدها املجتمع يف كافة املجاالت.

ومن جهة أخرى مل يعد رجل األمن قوي اجلسم األمي أو اجلاهل هو املطلوب يف عامل اليوم، وإنام املطلوب املؤهل ذو الثقافة العالية واملمعن يف التخصص يف نواحي العلوم املختلفة ملواجهــة التحديات التي يواجهها وكيفية التعامل معها بحرفية عالية، ولذلك قامت معظم الدول، ومنها الدول العربية، بإنشاء مرافق علمية لتعليم وتأهيل وتدريب العاملني يف األجهزة األمنية، حيث تم إنشاء كيان علمي يلبي احتياجات األجهزة األمنية يف الدول العربية، ويتمثل هذا الكيان حاليا يف جامعة نايف العربية للعلوم األمنية التي ا املئات من الدارسني من العاملني يف األجهزة األمنية واألجهزة العدلية تستقبل ســنوي

وأجهزة الرعاية االجتامعية يف الدول العربية.

وانطالقا مما سبق، فإن موضوع هذه الدراسة يتمثل يف معرفة التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية الســعودية من وجهة نظر طلبة برنامج املاجستري يف

قسم العلوم اإلدارية يف جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.

1. مشكلة الدراسة فرضت ظروف التنمية عىل اململكة العربية السعودية انفتاحا غري حمدود عىل العامل يف مجيع مناحي احلياة، فبارتفاع مستوى الدخل الوطني ارتفعت مستويات التبادل التجاري، وتم استقبال ماليني الوافدين من شتى الثقافات واألجناس والطوائف للعمل، وارحتل املاليني من املواطنني إىل اخلارج للســياحة والعالج والتعليم والتدريب والتأهيل، وما حصل من مســتجدات وتطورات تقنية رسيعة يف وســائل االتصال والتواصل بحيث

أصبح العامل عبارة عن »قرية صغرية«.

كل ذلــك وضع مجيع دول العامل، ومنها اململكة العربية الســعودية، أمام حتديات ا. وقد قام بعــض الكتاب واملفكرين ا وخارجي متصلــة بأمن الدولة واملجتمــع داخلي

159


158

بتقديم دراســات عــن عدد من هذه التحديــات ، ومنهم عىل ســبيل املثال ال احلرص )البداينة، 2011م(، )متيم، 2012م(، )عبد املحمود، 2003م(، )بن عيسى، 2011م(، )الكبييس، 2006م، 2010م( وبالرغم من أن تلك الدراسات أضافت جوانب معرفية متعددة، إال أن املالحظ أهنا دراســات نظرية. ولذلك وباالســتناد إىل تلك الدراسات وغريها من األدبيات ذات العالقة، تســعى الدراسة احلالية إىل التعرف عىل التحديات يف اململكة العربية السعودية من خالل إجراء دراسة ميدانية باستطالع آراء طلبة برنامج املاجستري يف قسم العلوم اإلدارية يف جامعة نايف العربية للعلوم األمنية عن التحديات

التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية السعودية من وجهة نظرهم.

1. 1 أسئلة الدراسة تتمحور الدراسة يف اإلجابة عىل السؤال التايل:

ـ ما التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية السعودية من وجهة نظر طلبة برنامج املاجستري يف قسم العلوم اإلدارية يف جامعة نايف العربية للعلوم

األمنية ؟

1. 2 أهداف الدراسة هدفت الدراسة إىل التعرف عىل التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية السعودية من وجهة نظر طلبة برنامج املاجستري يف قسم العلوم اإلدارية يف جامعة

نايف العربية للعلوم األمنية.

1. 3 مصطلحات الدراسة

1. 3. 1 التحديات ورد يف األدبيات عدة تعريفات للتحديات، ومنها اآليت:

1ـ التحدي هو ذلك الوضع، الذي يمثل وجوده أو انعدامه هتديدا، أو إضعافا، أو


161 160

ا، دائام كان أو مؤقتا، لوجود وضع آخر، يراد له الثبات ا أو جزئي تشــوهيا، كليوالقوة واالستمرار )داوود، 2010م(.

2ـ »التطــورات أو املتغــريات أو املشــكالت أو الصعوبــات أو العوائق النابعة مــن البيئة املحليــة أو اإلقليمية أو الدولية، ويلــزم أن تواجهها الدولة حتى ال يؤثر ذلك يف تنفيذ اإلســرتاتيجيات والسياســات والربامج التخصصية«

)السمريي، املقاطي، 1431هـ، ص 300(.3 ـ الصعوبات أو املعوقات التي حتول دون حتقيق األهداف )عيل، 2003م(.

ويف هذه الدراسة، يعرف الباحث التحديات بأهنا: تطورات أو متغريات أو مشكالت أو صعوبات أو عوائق أو هتديدات نابعة من البيئة املحلية أو اإلقليمية أو الدولية، ويلزم أن تواجهها الدولة حتى ال تؤثر سلبا عىل األمن واالستقرار والتنمية يف اململكة العربية السعودية.

1. 3. 2 األجهزة األمنية تعرف األجهزة األمنية يف اململكة العربية السعودية بمسمى قوات األمن الداخيل، وورد يف املــادة الثانية من نظام قوات األمن الداخيل الصادر باملرســوم امللكي رقم 30 وتاريخ 1384/12/4هـ تعريف قوات األمن الداخيل بأهنا »القوات املسلحة املسؤولة عن املحافظة عىل النظام وصيانة األمن العام الداخيل يف الرب والبحر، وعىل األخص منع اجلرائم قبل وقوعها وضبطها والتحقيق فيها بعد ارتكاهبا، ومحاية األرواح واألعراض واألموال حســب ما تفرضه عليها األنظمة واألوامــر امللكية وقرارات جملس الوزراء واألوامر السامية والقرارات واألوامر الصادرة من وزارة الداخلية« )نظام قوات األمن

الداخيل، 1384هـ، ص 4(.

2. أدبيات الدراسة يتضمن هذا اجلزء من الدراســة اإلطار النظري والدراســات السابقة ونبذة عن

جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.

161


160

2. 1اإلطار النظرييشكل حتقيق التنمية بصفة عامة هدفا رئيسا من أهداف كل دولة وصوال باإلنسان إىل أعىل مستوى ممكن من رغد العيش يضمن له ما حيتاج من تعليم وعناية صحية وأمن واســتقرار، ومن ضمن ما يتطلب حتقيق ذلك تعزيز قدرة املجتمع عىل الدفاع عن أمنه

الداخيل لتمهيد الطريق نحو بلوغ أهداف برامج التنمية.

ومن هذا املنطلق كان مفهوم األمن يدور حول منع وتقليل التهديدات أو التحديات التي تواجه الدولة وحتول دون حتقيق أهدافها التنموية. وكانت مســؤولية حتقيق األمن ترتكز لدى القوات املســلحة واملنظامت األمنية واألجهزة املساندة هلا، حيث إهنا متتلك

احلق يف استخدام القوة ملواجهة أي هتديد لألمن.

إال أن عاملنا املعارص شهد وال يزال جمموعة من املتغريات والتحوالت املهمة التي أثرت بشكل مستمر عىل األمن العاملي وعىل العالقات املتشابكة بني الدول بعضها ببعض وداخل الدولة نفســها. فقد تغري مفهوم األمن عن املفهوم التقليدي الذي كان مرتبطا باحلدود واجليوش، حيث أصبح األمن ليس محاية حدود الدولة وضامن سالمة أراضيها فقط وإنام يدخل يف طبيعة استقرارها املحكوم بأبعاد سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية واجتامعية متداخلة، وعليه فقد تغريت طبيعة التهديدات ومصادرها وأنواعها ومداها ونطاقها، وأصبح مفهوم األمن مركبا متعدد األبعاد واملستويات تبعا لثورة االتصاالت

واملعلومات واملعرفة.

وبالنسبة للتحديات فهي تنشأ يف ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتامعية معينة ا ودوليا وتؤثر بالرضورة عىل استقرار الدولة وتساعد عىل انتشار الفوىض ا وإقليمي داخليوالعنف ما ينعكس سلبا عىل مقومات عيش أفراد املجتمع. وبعبارة أخرى فاألمن مل يعد حمددا بنطاق حدود الدولة القطرية، بل تعدى هذا اإلطار ليشــمل دول اجلوار اجلغرايف املبارش ويمتد إىل اإلطار اإلقليمي والدويل، كام أن أساليب التعامل املمكنة واملتاحة مع التحديات تتأثر هي األخرى باملتغريات اخلارجية. ومن تبعيات ذلك، عىل سبيل املثال، تغري مفهوم الســيادة ، فقد كانت السيادة متثل حصنا تستطيع أي دولة مستقلة االحتامء


163 162

خلفه عام يدور يف العامل من متغريات ال تناســبها وهلا احلق أن تفعل ما تشــاء بمقتىض الســيادة. أما يف عرصنا احلــارضـ عرص العوملةـ مل تعد الســيادة تلك القلعة احلصينة كام كانت يف املايض حيث مل يعد بوســع الدولة أن تركن إىل حصن الســيادة ليعصمها ـ مثال ـ من طوفان اجلريمة املنظمة التي كرست مفهوم الســيادة التقليدي، فأصبح من ا من داخل دولة مــا ولكن يتم تنفيذها يف دولة أو دول املمكــن أن تدار اجلريمة مركزيأخرى وال تتمكن هذه الدولة أو الدول أن حتتمي خلف مفهوم السيادة دون تنفيذ هذه اجلرائم. ولذلك فإنه عند وضع السياسات األمنية ألي دولة ال بد أن يؤخذ يف االعتبار األوضاع األمنية الداخلية واإلقليمية والعاملية. ويف تقرير التنمية البرشية لعام 1994م تم حتديد ستة حتديات شــاملة للتنمية تتصل باألمن وهي »النمو الديمغرايف، التفاوت االقتصادي، النزوح اجلامعــي، التدهور البيئي، جتارة املخــدرات، اإلرهاب الدويل«

)بن عيسى، 2011م، ص 55(.

فاململكة العربية الســعودية تقع يف أقىص اجلنوب الغريب من قارة آســيا وتشغل أربعة أمخاس شــبه اجلزيرة العربية بمســاحة تقدر بأكثر من )2250000( كيل مربع )www.mofa.gov.sa( وكان يســكنها يف عــام 2012م )29.195.895( نســمة )www.cdsi.gov.sa( وتعتــرب األوىل عامليــا يف إنتاج النفط واحتياطيه واخلامســة يف احتياطي الغاز الطبيعي والتاسعة يف إنتاج الغاز الطبيعي )www.mofa.gov.sa( وتضم أرضها األماكن املقدسة للمســلمني، وهي كل من مدينة مكة املكرمة واملسجد احلرام )قبلة املســلمني( واملشاعر املقدســة )منى، مزدلفة، عرفات( واملدينة املنورة واملسجد النبوي الرشيف وبه قرب الرســول حممد ملسو هيلع هللا ىلص . وبحكم هــذه الثروة النفطية ومكانتها يف العاملني اإلسالمي والعريب وموقعها اإلسرتاتيجي وحمدودية عدد سكاهنا تشهد اململكة ا انفتاحا غري حمدود عىل العامل يف مجيع نواحي احلياة، ولكن يف الوقت نفسه أصبحت حاليا. كل هذا أحدث ا ودولي تواجه حتديات متعددة سواء من داخلها أو من خارجها إقليميتغــريات داخل اململكة ما تتطلب إعادة هيكلة يف املجتمع وفقا ملتطلبات العرص، ونتج عن ذلك بالطبع كثري من اإلجيابيات كام نتج عنه كثري من السلبيات مثل الفساد اإلداري

وكثرة أعداد العاملة الوافدة.

163


162

ويضاف إىل كل ذلك التحديات التي أفرزهتا يف عرصنا احلارض ثورة االتصاالت واملعلومات واملعرفة ومنها اجلريمة باســتخدام التقنية، مثل غســل األموال والقرصنة املعلوماتية. هذا باإلضافة إىل أن عمليات التخريب واإلرهاب داخل الدولة، سواء كان مصدرها داخليا أو بتنسيق ومساعدة وتوجيهات من اخلارج، أصبحت تستخدم التقنية

احلديثة يف تنفيذ هذه العمليات.

وهذه األوضاع وغريها تتطلب مواجهتها من قبل اململكة العربية السعودية بشتى الوســائل املمكنة ومن مجيع اجلهات احلكومية واملؤسسات األهلية إضافة إىل مكونات املجتمــع املدين كافة، لتتمكن من حتقيق التنمية املســتهدفة ملجتمعها، كام تشــكل هذه

األوضاع بالطبع حتديات لألجهزة األمنية.

وفيام ييل اســتعراض لعدد من التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية الســعودية والواردة يف أدبيات خمتلف العلوم املعرفية، وذلك عىل سبيل املثال ال

احلرص:

2. 1. 1 األعداد املتزايدة للعاملة الوافدةتســهم العاملة الوافدة يف اململكة العربية السعودية يف برامج ومرشوعات التنمية املختلفة بشكل نشط وفاعل، إال أهنا يف الوقت نفسه تسهم يف ازدياد عدد السكان وتغيري الرتكيبة السكانية. فعىل سبيل املثال، يف عام 2009م بلغت نسبة عدد الوافدين يف اململكة العربية السعودية 28 % من عدد السكان )www.worldbank.org( ويف عام 2010م أصبحت النســبة www.alriyadtrading.com( %31،1( ويف عام 2012م ارتفعت

.)www.cdsi.gov.sa( %32.05 النسبة إىل

ومن جهة أخرى فإن ازدياد أعداد العاملة الوافدة يزيد الطلب عىل مرافق اخلدمات والتي صممت أصال لتلبي احتياجات املواطنني، األمر الذي يؤدي إىل تدافع املواطنني والوافدين يف احلصول عليها. كــام أن إقامة العاملة الوافدة من خمتلف دول العامل تؤدي إىل نشــوء جمتمع خمتلف يف العادات والتقاليد وأنامط السلوك االجتامعي فكل جمموعة جتلب معها عاداهتا وتقاليدها وثقافتها التي تكون يف معظم األحيان متعارضة مع عادات


165 164

وتقاليــد جمتمع اململكة املحافظ كام تتعارض مع عــادات وتقاليد وثقافات جمموعات أخرى، ويرتتب عىل ذلك أن تصبح عملية التكيف والتعايش بسالم بني مكونات املجتمع حيفها بعض الصعوبات. وما يزيد من تلك الصعوبات، كون معظم الوافدين من الذكور، وعدم اصطحاهبم ألرسهم وزوجاهتم وما يرتتب عىل ذلك من فراغ يف الوقت وفقدان

للعاطفة ومشكالت أخالقية كثرية.

ويف هذا الســياق يقول متيم )2012م( أن من املهددات ألمن دول اخلليج العربية »هجرة كالطوفان، اختالل يف تركيبة السكان، غربة يف األوطان، شعور بعدم األمان« ويشري بذلك إىل تزايد أعداد العاملة الوافدة يف هذه الدول، وأملح إىل أن من ضمن إفرازات ذلك ازدياد أعداد اجلرائم التي تشكل بدورها ضغطا عىل األجهزة األمنية. كام أن عدد اجلرائم التــي ترتكب من العاملة الوافدة أكثر من تلك التي يرتكبها املواطنون. وما يدل عىل ذلك أن معدالت اجلريمة ترتفع بتزايد أعداد الوافدين )الغريب، د ت( وأشار إىل ذلك اجلحني )1423هـ( فقد ذكر ارتفاع اجلرائم املرتكبة من قبل العاملة الوافدة، حيث وصلت نسبتها

من املجموع الكيل للجرائم املرتكبة إىل أكثر من 98% للسنوات )1416 ـ 1419هـ(.

ويضاف إىل ذلك استنزاف اقتصادات هذه الدول وخسارهتا أمواال ضخمة كان من املفرتض أن تســتفيد منها ، ففي كلمة ألقاها وزير العمل اإلمارايت يف اجللسة االفتتاحية لفاعليات مؤمتر »أثر انتقال العاملة يف التنمية املستدامة« الذي بدأت جلساته يوم الثالثاء املوافق 14 مايو 2013م يف مقر مركز اإلمارات للدراســات والبحوث اإلسرتاتيجية بأبوظبــي، قال الوزير أن حتويالت العاملة الوافدة يف دول اخلليج إىل خارج هذه الدول بلغت )80( مليار دوالر يف عام 2012م )www.alarabiya.net/ar/aswaq( ويف املؤمتر )alwatannews.net/News Viewer ( نفسه ذكر ذلك أيضا وزير العمل البحرينيويف اململكة العربية السعودية بلغت حتويالت العاملة )135.1( مليار ريال خالل عام

2012م )العجاجي، 2013م(.

2. 1. 2 إدارة احلشود ترمجة إدارة احلشــود باللغة اإلنجليزية هو )Crowd Management( ويف كتيب

165


164

سياســة إدارة احلشود والسيطرة عىل احلشــود إلدارة الرشطة يف مدينة أوكالند بوالية كاليفورنيا يف الواليات املتحدة األمريكية، ورد التعريف التايل إلدارة احلشود:

"Techniqnes used to manage lawful public assemblies before, during,

and after an event for the purpose of maintaining the events lawful

status. Oakland, 2011, p.1"

)الوسائل املستخدمة إلدارة التجمعات العامة النظامية قبل وخالل وبعد احلدث لغرض احلفاظ عىل املستوى النظامي للحدث(.

ويف الكتيب الصادر عن جلنة مواصفات وتدريب ضابط األمن بوالية كاليفورنيا يف الواليات املتحدة األمريكية، ورد التعريفان التاليان:

«Strategies and tactics employed before, during and after a gathering

for the purpose of maintaining the events lawful activities.( California,

2012, p. 47( )اإلســرتاتيجيات والوسائل املســتخدمة قبل وخالل وبعد جتمع برشي لغرض

املحافظة عىل الفاعليات النظامية للحدث(.«Encompasses law enforcement management intervention, and

control strategies when responding to all forms of public assemblies

and gatherings«. )اســتخدام إسرتاتيجيات السيطرة والتدخل اإلداري من قبل األجهزة األمنية يف

التعامل مع مجيع أشكال التجمعات واالجتامعات العامة(.ويف مؤمتر عقد يف عام 2009م ذكر رئيس املركز العاملي إلدارة احلشود والدراسات

األمنية، التعريف التايل: «The systematic planning for, and the supervision of, orderly movement

and assembly of people.” (iaamweb.org/Conf_2009Handouts/IAAM(

)التخطيط املتتابع ومراقبة التجمع والتحرك املنظم للناس(


167 166

ويف هذا الصدد، تتعامل األجهزة احلكومية واألهلية يف اململكة العربية السعودية وخاصة األجهزة األمنية، ويف فرتة حمددة ســنويا خالل موســم احلج، مع جتمع برشي )حشــود( يقدر باملاليني، وأعداد احلجاج يتزايد عاما بعد آخر. ففي عام 1430هـ بلغ ا ويف عام 1431هـ بلغ العدد )2.789.399( عدد احلجاج )2.313.278( حاجحاجا ويف عام 1432هـ بلغ العدد )2.927.717( حاجا ويف عام 1433هـ بلغ العدد ا، ولقد بلغ عدد الســيارات الناقلة للحجاج يف عام 1433هـ )3.161.573( حاج)99.444( سيارة )www.cdsi.gov.sa( وتقطع هذه احلشود مسافات طويلة، كام أن حوايل )700( ألف حاج يقطعون هذه املسافات سريا عىل األقدام )الرتكي، 1433هـ(.

وباإلضافة إىل هذا التجمع البرشي السنوي الضخم ، فإنه يفد إىل اململكة العربية الســعودية أعداد ضخمة من املعتمرين الذين يتنقلون خالل وجودهم ألداء مناســك العمرة، خاصة خالل شــهر رمضان املبارك، بني مدينتــي مكة املكرمة واملدينة املنورة، والبعض منهم يعرب إىل حمافظــة جدة ملدة قصرية. ففي عامي 1430هـ و1431هـ بلغ عدد القادمني للعمرة حوايل )3( ماليني شــخص، ويف عام 1432هـ بلغ العدد حوايل )4.9( ماليــني، ويف عــام 1433هـ بلغ العدد حوايل )5.2( ماليــني )إدارة العمرة

باجلوازات، 1433هـ(.

2. 1. 3 اإلرهاب

احتل اإلرهاب وال يزال حيزا كبريا من اهتاممات الكتاب واملفكرين يف العامل نظرا ملا ينتج عنه من خسائر يف األرواح واملمتلكات واضطراب ورعب يف املجتمعات، حيث ال وطن له وال دين وتتباين وتتعارض تعريفاته، وال يوجد إمجاع بني الباحثني واملتخصصني عىل تعريف حمدد له )اجلحنــي، 2003م( ومع هذا وقعت الدول العربية باإلمجاع عىل االتفاقية العربية ملكافحة اإلرهاب بتاريخ 1418/12/25هـ املوافق 1998/4/22م وورد يف االتفاقية أن اإلرهاب هو »كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضــه، يقع تنفيذا ملرشوع إجرامي فردي أو مجاعي، وهيدف إىل إلقاء الرعب بني الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياهتم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إحلاق

167


166

الرضر بالبيئة أو بأحد املرافق أو األمالك العامة أو اخلاصة، أو احتالهلا أو االستيالء عليها أو تعريض أحد املوارد الوطنية للخطر« )عوض، 1999م، ص 14، 15(.

ولإلرهاب أهداف متعددة ومنها بأهنا »قد تكون هلدم وزعزعة ثقة اجلمهور يف احلكومة وسلطات األمن وإكراه طبقات الشعب عىل طاعة قيادة اإلرهاب وأيضا قد يكون اإلخالل بالنظام العام أو تعريض سالمة املجتمع وأمنه للخطر....« )العموش، 1999م، ص 88(.

وتعرضت اململكة العربية الســعودية لعمليات إرهابية وتفجريات، فعىل ســبيل املثال ال احلرص اســتولت مجاعة من املتطرفني عىل املسجد احلرام يف مكة املكرمة يف عام 1979م، ويف عام 1995م وقع تفجريان إرهابيان يف الرياض، واخلرب عام 1996م ويف عام 2003م وقعت ثالثة تفجريات انتحارية اســتهدفت جممعات ســكنية يف الرياض

وأزهقت أرواح أربعة وثالثني من املدنيني األبرياء )عسريي، 2010م(.

وبعد أحداث سبتمرب 2011م اعترب اإلرهاب عامليا أخطر هتديد يواجه البرشية هلذا القرن وطرحت مفاهيم جديدة ملواجهته )بن عيسى، 2011م( كام ذكر البداينة )2011م( أن »جمموعة إرهابية من مخسة أشخاص قادرة عىل تدمري بنايات كربى وقتل اآلالف من ا كانت مظاهره وأنواعه وأسبابه هو عمل إجرامي مسلح البرش« )ص 69( فاإلرهاب أي

ضد القانون والنظام ويشكل هتديدا ألمن املواطن وأمن املجتمع.

2. 1. 4 األوضاع األمنية يف كل من العراق واليمن يبلــغ طول حدود اململكة مع العراق حــوايل )812( كيال )جداول، 1434هـ( ومنطقة احلدود هي منطقة صحراوية حارة صيفا وباردة شــتاء، وهذا بحد ذاته يشكل حتديا لألجهزة األمنية العاملة يف تلك املنطقة أو املتامخة هلا وبالذات املديرية العامة حلرس احلدود املسؤولة مبارشة عن أمن احلدود ، وتتضاعف التحديات عند النظر إىل األوضاع األمنية يف العراق ، فقد أشــار العنزي )2013م( إىل أن اململكة العربية السعودية عانت وال زالت تعاين من تدهور األوضاع األمنية يف العراق وذلك من خالل عمليات التهريب والتسلل فربام يكون هدف بعضهم القيام بعمليات إرهابية يف اململكة، خاصة يف السنوات األخرية بعد سيطرة إيران عىل األمور يف العراق. أما من ناحية اليمن، فيبلغ طول احلدود


169 168

حوايل )1327( كيال )جداول، 1434هـ( وختتلف تضاريس منطقة احلدود مع اليمن، ففي الغرب بحر وصحراء ثم جبال وعرة، حيث تتجاور يف البحر اجلزر التابعة للدولتني كام تتجاور يف الرب القرى السعودية واليمنية وتتداخل فيام بينها يف بعض املواقع، وبعدها رشقا صحراء الربع اخلايل. وتعاين اململكة بشــكل أكرب من تدهور األوضاع األمنية يف اليمن حيث تزداد بشــكل ملحوظ عمليات هتريب املخدرات واألســلحة والذخرية والتســلل )العمريي، 2012م( هذا باإلضافة إىل وجــود عنارص من تنظيم القاعدة يف اليمن الذين يقومون بعمليات لزعزعــة األمن يف كل من اليمن واململكة، والعمليات

التي قام هبا عنارص احلوثيني يف اليمن قبل عدة سنوات مثال عىل ذلك.

2. 1. 5 الفساد اإلدارييشمل الفساد كل عمل سيئ وكل عمل ضار، كام يشمل كافة اجلرائم الواقعة عىل املصالح العامة أو عىل األشخاص، ويمثل قضية اقتصادية واجتامعية وسياسية وأمنية، ويعوق عمليات التنمية، والفســاد ال خيص دولة بذاهتا أو جمتمعا بعينه، وإنام هو ظاهرة عاملية تشــكو منها كل الدول ملا للفســاد من أخطار عىل أمن الدولة والفرد واملجتمع،

ولذلك نادت كل الدول بإدانة الفساد واحلد من انتشاره )مطر، 2011م(.

لقد تعددت تعاريف الفســاد تبعا خللفيات واجتاهات مــن حياولون تعريفه . فقد عرفت منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه »كل عمل يتضمن سوء استخدام املنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفســه أو لغريه« أو هو »استغالل السلطة العامة من أجل املنفعة اخلاصة« )الرشيف، 2010م، ص 4( وأورد الكبييس )2009م( عددا من تعريفات الفساد اإلداري، ومنها »استغالل من موظفي الدولة ملواقعهم وصالحياهتم للحصول عىل كسب غري مرشوع أو منافع يتعذر حتقيقها بطرق مرشوعة« )ص15(، »ترصفات متارسها فئة من املوظفني الذين تتســع صالحياهتم ويزداد نفوذهم فيميلون إىل االستعالء« )ص 19(، »ســلوك إداري ال رسمي بديل للسلوك اإلداري الرســمي حتتمه ظروف واقعية ويقتضيه التحــول االجتامعي واالقتصادي الذي تتعرض لــه املجتمعات« )ص 20(.

كام أشار الكبييس )2009م( إىل بعض املتغريات االجتامعية التي تساعد يف توفري

169


168

بيئة الفساد اإلداري أو حتفز البعض عىل ممارسته، ومنها : توظيف االنتامءات العشائرية واإلقليمية والطائفية يف التعامل الرســمي، شيوع الوســاطة، عدم احلرص عىل أموال الدولة، تقديم املعلومات الكاذبة. وأضاف الكبييس عددا من أنامط الفســاد والفســاد اإلداري، ومنها )الرشوة، االختالس، العموالت مقابل الصفقات، الغش والتدليس،

استغالل النفوذ، إساءة استخدام الصالحيات(.

ويف دراسة تبناها مركز امللك عبد العزيز للحوار الوطني)1( حول ثقافة وأخالقيات العمل واســتهدفت موظفني يف جهات حكومية وأهلية خمتلفة، وأصحاب أعامل حرة ، أشارت النتائج إىل وجود مشكلة املحسوبية والواسطة يف املجتمع السعودي، وأن أنظمة العمل تعاين بشدة التأثري السلبي للمحسوبية والواسطة عىل كفاية وجودة أعامهلا )جريدة الرشق األوســط، 1432هـ( ونرشت جريدة الرشق يف عددها )566( الصادر بتاريخ 2013/6/22م بأن اهليئة الوطنية ملكافحة الفساد)2( فتحت ملف تعثر وتوقف العمل ا وذلك عىل الرغم من ميض أكثر من ســت ســنوات عىل توقيع بـ)460( مركزا صحيا ا و )63( عاملي عقودها. ويف مؤرش مدركات الفساد ، كان ترتيب اململكة السادس عربييف عــام 2009م حيث حصلت عــىل )4،3( درجات من )10( وكان ترتيبها اخلامس ا يف عام 2010م حيث حصلت عــىل )4.7( درجات من )10( عربيــا و )50( عاملي

درجات )الغزايل، 2010م(.

ومهام تعددت تعاريف وأنواع وأشكال وأنامط الفساد )اقتصادي ، سيايس ، إداري، مايل، وغريه( فإن له بال شك آثارا سلبية عىل املجتمع وهيدد كيانه وأمنه بل وربام وجوده

) متيم، 2012م؛ البداينة، 2011م؛ الكبييس، 2006م، 2010م(.

)1( تأسس املركز بتاريخ 1424/5/24هـ ويسعى إىل »توفري البيئة املالئمة الداعمة للحوار الوطني بني أفــراد املجتمع وفئاته )من الذكور واإلناث( بام حيقق املصلحــة العامة وحيافظ عىل الوحدة

)www.kacnd.org( »الوطنية املبنية عىل العقيدة اإلسالمية)2( تأسست اهليئة بتاريخ 1432/4/13هـ وهتدف إىل »محاية النزاهة، وتعزيز مبدأ الشفافية، ومكافحة

)www.nazaha.gov.sa( »الفساد املايل واإلداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه


171 170

2. 1. 6 البطالةيســتخدم الباحثون مصطلح »بطالة« أو »عطالة« أو »تعطل« لإلشــارة إىل حالة مــن ال يعمل، ولذلك توجــد تعريفات متعددة وخمتلفة ملصطلــح البطالة إال أنه ليس من الســهل أن نجد تعريفا مانعا شــامال للبطالة، حيث يتوقف التعريف عىل الظروف القائمــة يف الزمان واملكان املعنيني )حويتي وآخــرون، 1998م( »أما أكثر التعريفات شيوعا وقبوال يف األوساط العلمية فهو التعريف الذي أوصت به منظمة العمل الدولية )I L O( الذي ينص عىل تعريف العاطل بأنه »كل من هو قادر عىل العمل، وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى األجر السائد، ولكن دون جدوى« )إمارة منطقة املدينة املنورة، 2002م، ص40(. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية أشار احلميد )2009م( بأنه يوجد تناقض غريب يف ســوق العمل يف اململكة حيث يعاين املواطنون من مشكلة البطالة بينام يوجد به أكثر من ســتة ماليني عامل وافد من خمتلف اجلنسيات يعملون يف خمتلــف القطاعات. ويف عام 2012م بلغ معدل البطالة للســعوديني 12.1% وفقا ملا

.)www.cdsi.gov.sa( نرشته مصلحة اإلحصاءات العامة واملعلومات

وتعترب البطالة واحدة من أســوأ اآلفات االجتامعيــة التي يتعرض هلا أي جمتمع. فالبطالة تؤدي إىل افتقاد األمن االقتصادي، وتدفع بالفرد إىل االنحراف وممارسة العنف والتطرف واجلريمة، وانتشار السخط عىل النظام احلاكم، وهتيئ مناخا خصبا للعمل ضد أمن الدولة وإىل هتديد استقرارها السيايس، ونتج عن بعض الدراسات وجود ارتباط بني البطالة واألمراض النفسية )إمارة منطقة املدينة املنورة، 2002م( وكذلك وجود عالقة طردية بني البطالة واجلريمة بحيث أنه »كلام ارتفعت معدالت البطالة تزايدت معدالت اجلريمــة واالنحراف ، والعكس صحيح« )حويتي وآخرون، 1998م، ص 12ـ 13( وذكر الزهراين )1423هـــ( أن البطالة تؤدي إىل كثري من اآلثار املدمرة ومنها: زعزعة األمن، االضطرابات واألمراض النفســية، االنتحار، االنحراف، الفســاد األخالقي، شــيوع األفكار املتطرفة، تبديد املوارد البرشية املعطلــة، القتل، الرسقة واالعتداء عىل

ممتلكات اآلخرين.

171


170

2. 1. 7 الربنامج النووي اإليراين أصدر املركز الدبلومايس للدراسات اإلسرتاتيجية يف الكويت )ملفات خاصة، 2013م( تقريرا عىل إثر الزلزالني اللذين وقعا بإيران يف شهر إبريل 2013م يف منطقة ليست بعيدة كثريا من موقع مفاعل »بوشهر« النووي الذي يوجد يف إحدى أخطر مناطق الزالزل ليس يف إيران، بل يف العامل أيضا، وعىل مسافة ال تتعدى 200 ـ 300 كيل عن عدد من عواصم دول اخلليج العربية، وهي مســافة أقرب إىل املفاعل منها إىل العاصمة اإليرانية طهران، وقد شعرت بتلك اهلزات مجيع املناطق املطلة عىل اخلليج العريب، وأثار ذلك املخاوف مرة أخرى حول احتياطات السالمة يف املفاعل النووي حيث إن آثار أي حادث نووي يف املفاعل ستكون مدمرة عىل مجيع املواقع عىل ضفتي اخلليج من ترسب إشعاعي وتلويث للهواء وملياه اخلليج التي تعتمد عليها معظم دول اخلليج العربية لتوفري مياه الرشب، وأن التدمري ســيكون مروعا وبالغ الرسعة يف االنتشــار واملخاطر البيئية سوف يستمر بعضها مئات الســنني. وعىل الرغم من ذلك يقول املســؤولون يف إيران إهنم ما زالوا يعتزمون بناء مفاعلني نوويني إضافيني يف بوشهر باإلضافة

إىل )16( مفاعال جديدا يف مناطق أخرى من إيران.

2. 1. 8 السياسة اإليرانيةمل تعد مصادر التهديد اآلتية من دول اجلوار اجلغرايف قارصة عىل اخلالفات احلدودية التقليدية أو قيام دولة باعتداء مبارش عىل دولة أخرى جماورة وإنام اتسعت دائرة مصادر التهديد لتشــمل األوضاع الداخلية يف دولة أو يف دول جماورة وما يمكن أن ينتج عنها من آثار قد تتحول إىل مصدر هتديد ألمن دولة أو دول أخرى جماورة. ويف الوقت نفسه يمثل اإلطار اإلقليمي ألية دولة اإلطار اجلغرايف األوســع املحيط بالدولة والذي يمثل ا للدولة وقــد يتحول هذا اإلطار إىل مصــدر هتديد يف حالة اختالل عمقا إســرتاتيجيتوازن القــوى اإلقليمي لصالح دولة إقليمية ما يؤدي إىل زيادة احتامل تعرض دولة أو دول إقليمية ضعيفة لالعتداء أو للضغوط من قبل الدولة اإلقليمية التي أصبحت أكثر قوة؛ فالتهديدات لألمن القومي للدولة مل تعد قارصة عىل اخرتاق حدود الدولة بالقوة العسكرية إلحلاق خسائر وأرضار إسرتاتيجية هبا وإنام يمكن حتقيق ذلك بأساليب وطرق

خمتلفة مثل إشعال أعامل العنف والتخريب واإلخالل باالستقرار الداخيل.


173 172

وتقدم السياسة اإليرانية مثاال يف هذا الشأن من خالل نفوذها وسطوهتا عىل العراق وســوريا ولبنان وحماولة زعزعة االســتقرار يف البحرين واليمن. أما يف اململكة العربية الســعودية وما قام به عدد من احلجاج واملعتمرين اإليرانيني ومنارصهيم خالل مواسم احلج والعمرة يف كل من مكة املكرمة واملدينة املنورة قبل عدة ســنوات. وكان آخر تلك الترصفات املعروفة قبض الســلطات يف اململكة عىل )27( شخصا يقومون بالتجسس

لصالح االستخبارات اإليرانية )إيقاف عرشة، 1434هـ(.

2. 1. 9 جتارة املخدرات إن تعريف املخدرات وأنواعها ومشــكلة تعاطيها واالجتار فيها معروفة للجميع وليست جماال للبحث يف هذه الدراسة، وكذلك آثارها وما تسببه من هتديدات الستقرار وتنمية املجتمع. ولقد أصبــح »ما يعرف أحيانا باقتصاد املخدرات يف تنام مطرد نتيجة عمليات إنتاج وتسويق املخدرات التي تنتظم يف إطارها بعض الدول، وبعض املؤسسات، وعصابات إجرامية منظمة، ينال كل منها نسبة من الثراء غري املرشوع تؤثر تأثريا عميقا ومهدرا إلمكانات النمو االقتصادي واالجتامعي. يضاف إىل ذلك ما يرتبط هبذه التجارة

غري املرشوعة من نشاطات إجرامية« )الطيب، 2006م، ص 136(.

ويف هذا الصدد فإن اإلحصاءات املنشورة عن كمية املخدرات التي تم ضبطها يف اململكة الفتة لألنظار، فعىل سبيل املثال ال احلرص، خالل أشهر املحرم وصفر وربيع األول وربيع اآلخر من عــام 1434هـ متكنت دوريات اإلدارة العامة ملكافحة املخدرات من القبض عىل كمية من املخدرات تقدر قيمتها السوقية بـ )1.313.721.825( رياال سعوديا، ومن ضمن ما تم ضبطه حوايل )7( كيلو جرامات من اهلريوين، )14( طنا من احلشــيش املخدر، )158( جراما من الكوكايني )بيان من وزارة الداخلية، 1434هـ( وخالل شهر رجب 1434هـ متكنت دوريات حرس احلدود بمنطقة نجران من القبض عىل )312( كيلو جراما من احلشيش املخدر )حرس احلدود، 1434هـ( وخالل شهر شــعبان 1434هـ متكنت دوريات حرس احلدود من القبض عىل )560( كيلو جراما

من احلشيش املخدر )دوريات حرس احلدود، 1434هـ(.

173


172

2. 1. 10 اجلرائم اإللكرتونية ارتبطت ثورة املعلومات بتقنية املعلومات من خالل استخدام احلاسبات اإللكرتونية ونظم االتصاالت احلديثة التي استفادت منها البرشية قاطبة وسهلت تعامالهتا، إال أن هذه االستفادة اإلجيابية واكبها أيضا ممارسات سلبية متثلت يف االستخدام غري املرشوع هلذه التقنيات الذي أســفر عن ظهور جرائم جديدة مل تكن موجودة ســابقا ومتس أمن املجتمع أفرادا ومؤسسات، وأصبح يطلق عليها بصفة عامة )اجلرائم اإللكرتونية( وهي »نشاط إجرامي تستخدم فيه تقنية احلاسب اآليل بطريقة مبارشة أو غري مبارشة كوسيلة أو هدف لتنفيذ فعل إجرامي« )حجــازي، 2004م، ص 1( وهذه اجلرائم تعتمد عىل

استغالل وسائل االتصال وشبكات املعلومات هبدف إحلاق الرضر باآلخرين.

ومن أنواع اجلرائم التي ترتكب عن طريق شــبكة اإلنرتنت، عىل ســبيل املثال ال احلرص، جرائم الســطو عىل البنوك من خالل التالعب يف حســابات العمالء، وغسل األموال، وتزوير البيانات، وجتارة املخدرات، واجلرائم اجلنسية من خالل عرض الصور واألفالم الفاضحة، وإدخال فريوسات يف املواقع اإللكرتونية لتدمريها، ونسخ الربامج

اإللكرتونية األصلية.

وأصبحــت اجلرائم اإللكرتونيــة من أخطر اجلرائم يف عرصنــا احلارض يف العامل أمجع وتتعرض هلا مجيع الدول؛ فعىل ســبيل املثــال ورد يف »تقرير جرائم اإلنرتنت لعام 2011م« الذي نرشه الفرع األملاين لرشكة أمن تكنولوجيا املعلومات »ســيامنتك « بأن ا جراء جرائم اإلنرتنت يف مجيع أنحاء العامل بـ الرشكة قدرت »قيمة اخلسائر املتكبدة سنوي114 مليار يورو، وبـ 388 مليار يورو بإضافة تبعات تلك اجلرائم« )جرائم اإلنرتنت، 2011م( ويف بداية عام 2011م كشــفت احلكومة الربيطانية أن جرائم اإلنرتنت تكبد اقتصادها ما يزيد عىل 43 مليار دوالر يف العام الواحد )جرائم اإلنرتنت تكبد بريطانيا، 2011م( ويف عام 2010م ألقت أجهزة األمن يف اململكة العربية السعودية عىل »هكر« يقوم بابتزاز بصور حيصل عليها من خالل عمليات اخرتاق إلكرتونية )كمني، 2010م( كام أوضحت دراسة أجرهتا رشكة اخلليج للحاسبات أن دول اخلليج العربية تعترب أحد

األهداف الرئيسة للجرائم اإللكرتونية )خرباء تقنية املعلومات، 1434هـ(.


175 174

ولذلك ســن كثري من الدول أنظمة وقوانني جترم تلــك اجلرائم وتؤكد رضورة مكافحتها، ومنها اململكة العربية السعودية حيث صدر يف عام 1428هـ نظام مكافحة اجلرائم املعلوماتيــة ووضع العقوبات ملرتكبيها )www.spam.gov.sa( وأســند هذا النظام إىل وزارة الداخلية مسؤولية تنفيذ هذا النظام والذي هيدف »وضع معايري قانونية وتنظيمية ملكافحة جرائم املعلومات واحلاسب اآليل واإلنرتنت من خالل حتديد اجلرائم ذات الصلة واختاذ إجراءات تأديبية مقابل كل جريمة أو انتهاك« )هيئة االتصاالت وتقنية

املعلومات، 2007م، ص 23(.

2. 1. 11 احلوادث املروريةإدارة املرور هي من املهام املناطة باألجهزة األمنية التي تتمثل يف جهاز متخصص لذلك، ويف اململكة العربية السعودية تنفذ هذه املهمة اإلدارة العامة للمرور وفروعها يف املناطق واملحافظات، وهتدف هذه املهمة بصفة عامة إىل منع أو تقليل احلوادث املرورية وتســهيل انسياب حركة املرور يف الشــوارع العامة، وهذه املهمة تضع أجهزة املرور يف جماهبة مع كثري من املواطنني واملقيمــني الذين ال يلتزمون بقواعد املرور. وبام أن معظم حوادث املرور يكون ســببها هو السائق أو املركبة أو الطريق، إال أن اإلحصاءات تشري إىل أن السائق يمثل عامال مهام يف احلوادث بالنسبة للعاملني اآلخرين، حيث أشار األمني العام للجنة الســالمة املرورية باملنطقة الرشقية ومدير برنامج السالمة املرورية يف رشكة أرامكو إىل أن الرسعة الزائدة تعد الســبب الرئيس للحوادث املرورية )حوادث املرور

بالسعودية، 1433هـ(.

ويف هذا الصدد تشري إحصاءات احلوادث املرورية يف اململكة العربية السعودية إىل حجمها الكبري، وازديادها املطرد عاما بعد آخر، ويبدو أهنا يف ازدياد سنة بعد أخرى. ففي ا وبلغ عدد الوفيات عام 1428هـ بلغ عدد احلوادث املرورية )435.264( حادثا مروري) 4.978( حالة وفاة، أي أن هنــاك )12( حالة وفاة لكل )1000( حادث ) التقرير اإلحصائي لعام 1428هـ( ويف عام 1429هـ بلغ عدد احلوادث املرورية )485.931( ا وبلغ عدد الوفيات )6.458( حالة وفاة، أي أن هناك )13( حالة وفاة حادثــا مروريلكل )1000( حادث )التقرير اإلحصائي لعام 1429هـ( ويف عام 1430هــ 2010م

175


174

بلــغ عدد الوفيات من احلوادث املرورية )6.596( حالة وفاة )منظمة الصحة العاملية، 2010م( وحصيلة احلوادث املرورية لعــام 2011م بلغت )544.179( حادثا نتج عنها )7153( حالة وفاة وتكلف اقتصــاد الدولة )5.33( مليارات دوالر )حوادث

املرور بالسعودية، 1433هـ(.

وأشــار مدير األنظمة واللوائح يف مرور منطقة املدينة املنورة يف حمارضة ألقاها يف اجلامعة اإلسالمية ضمن فاعليات أسبوع املرور اخلليجي التاسع والعرشين بأن اململكة حتتــل املركز األول عامليا يف عدد حوادث الطرق ووصف احلوادث املرورية بـ »إرهاب الشــوارع« وأن احلوادث املرورية يف ازدياد وأن الدراســات واألبحاث أثبتت أن أكثر احلوادث تقع بســبب العنرص البرشي وخاصة الرسعة؛ إضافة إىل قطع اإلشارة وقيادة

غري املؤهلني للقيادة )السعودية األوىل عامليا، 1434هـ(.

2. 1. 12 التدريب

بام أن التدريب بوصفه نشــاطا يعد من أهــم العمليات جلميع األجهزة احلكومية واخلاصة عىل حد سواء، إال أن أمهيته تزداد بالنسبة لألجهزة األمنية، حيث ينعكس أثره بصــورة واضحة يف أداء اجلهاز األمني؛ ألنه يف حصيلته النهائية تنمية للقدرات وصقل للمهارات األمنية. وعملية التدريب بالنســبة لألجهزة األمنيــة تبدأ منذ دخول الفرد إىل العمل األمني وتســتمر معه طوال مدة خدمته حسب تدرج املسؤولية واحتياجات الوظيفة، حيث إن عمل األجهــزة األمنية عمل متجدد يتطلب تدريبا متصال ومتطورا

بشكل مستمر.

وغنــي عن القول أن الثروة احلقيقية لألجهزة األمنية هي يف مواردها البرشية ويف رأس ماهلــا الفكري، وهو رجل األمن، ولذلك فإن فاعلية رجل األمن مرهونة بنوعية وجودة التدريب الذي حيصل عليه، ولرفع كفاية وفاعلية أداء رجل األمن هناك حاجة إىل التدريب الدائم املســتمر عن طريق كثري من الوسائل ومنها عىل سبيل املثال مناهج وأســاليب تدريب متقدمــة ومتطورة واختيار مدربني بموجــب معايري حمددة ووضع مقاييس عملية لقياس اجلودة والتميز يف العمل األمني والتقويم املستمر لألداء والشفافية


177 176

يف العمــل األمني، ولذلك فإن أحد التحديات التي تواجهها األجهزة األمنية هو تغيري نمط التدريب )عبد املحمود، 2003م(.

ومن مرتكزات اإلسرتاتيجية األمنية العربية التي صدرت يف عام 2000م من جملس وزراء الداخلية العرب »دعم مؤسسات التعليم والتدريب الرشطية واألمنية يف الدول العربية وتطوير مناهجها مع عقد الدورات التخصصية الالزمة إلعداد الكوادر املؤهلة

وتبادل الربامج التعليمية والتدريبية« )سعد، 2001م، ص54(.

كــام ذكر الكبييس )2007م، ص 5( بأنه »ليس غريبا أن يتزايد االهتامم بالتدريب بوجه عام والتدريب األمني بوجه خاص يف الــدول العربية خالل العقدين املاضيني، فالذي حــدث خالهلام وحيدث اليوم من أحداث بالغة اخلطورة مل يعد ممكنا جتاهله بعد أن تفاقمت أرضاره وتنوعت أشكاله وأقلقت إفرازاته أمن العباد والبالد وتأثرت بسببه

برامج التنمية واإلصالح والتطوير«.

2. 1. 13 حتديات أخرىمتت اإلشــارة فيام سبق إىل عدد من التحديات املهمة التي تواجه األجهزة األمنية، إال أن هناك حتديات أخرى ال يتســع املجال إىل رشحها مجيعا، ومنها عىل ســبيل املثال ال احلرص: التحدي الثقايف، التحدي الديني، اســتخدام التقنيات احلديثة يف اكتشــاف اجلريمة، رشطة املجتمع، اإلعالم املسيس، عدم جتريم أفعال الكراهية، تسلط وتعسف

رجال األمن، أسلوب العمل املركزي يف األجهزة األمنية.

2. 2 الدراسات السابقة اطلع الباحث عىل عدد من الدراســات السابقة حول موضوع الدراسة، وفيام ييل

موجز عنها وهي مرتبة تنازليا من األحدث لألقدم:

2. 2. 1 الدراسة األوىلدراسة متيم )2012م( بعنوان: )مهددات أمن اخلليج: من وجهة نظر رجل أمن(

177


176

بتاريــخ 17ـ 2012/1/18م عقد يف مملكة البحرين مؤمتــر )األمن الوطني واألمن اإلقليمي ملجلــس التعاون لدول اخلليــج العربية: رؤية من الداخــل( وألقى الفريق ضاحي بن خلفان متيــم، قائد عام رشطة ديب، عضو املجلــس التنفيذي حلكومة ديب، حمارضة بالعنوان املشار إليه، والتي أوضح فيها 38 مهددا ألمن اخلليج، وهي: السياسة األمريكيــة يف املنطقة، الربنامج النووي اإليراين، أطامع إيران يف اخلليج، التغريد خارج الرسب، تبعيــة العراق إليران، تدهور األوضاع يف اليمن، مواجهة إيران مع الواليات املتحدة األمريكية، عدم تطوير وحتديث األنظمة اخلليجية، تنظيم اإلخوان املســلمني، التدخل األجنبي يف شــئون دول اخلليج، تبني ودعم بعض األنظمة اخلليجية لتيارات إســالمية متطرفة، عدم جتريم أفعال الكراهية، اتســاع الفجوة بني احلاكم واملحكوم، تفاقم البطالة يف دول اخلليج، فقدان العدالة االجتامعية، عدم ســيادة القانون، الفســاد املايل واإلداري وتفشيه يف احلكومة، قمع احلريات، عدم وجود ضامن اجتامعي، التسلط والتعسف والطغيان لألجهزة األمنية، شللية املناصب، وضع »البوعزيزي« فقر وسلطة تصفعه، هدر املال العام، تضخم الصندوق السيادي واملواطن مفلس األيادي، تدهور األوضاع االقتصادية، هجرات كالطوفان، اختالل يف تركيبة السكان، غربة يف األوطان، شعور بعدم األمان، تفاقم األحزان، غنى فاحش وأكثرية يف فقر ناهش، التنشئة الدينية، ضعف االنتامء للوطن، فقدان الوالء للوطن، الترصحيات املتهورة لقادة إيران، اإلعالم

املسيس القائم عىل تأجيج املنطقة، غياب احتاد خليجي.

2. 2. 2 الدراسة الثانيةدراســة البداينة ) 2011م( بعنوان: )األمن الوطني يف عــرص العوملة(. أوضح الباحث عددا من التحديات ومنها اآليت: التحديات التقنية، نقص الكفايات، التهديد باضطراب يف تدفق االتصاالت والتحويالت املالية وحمطات الطاقة، التهديد باستغالل املعلومات احلساســة واملعلومات الرسية، التهديد بانتقاء املعلومات ألغراض سياسية أو اقتصادية أو عســكرية أو لإلزعاج ،التهديد بتدمري املعلومات، هتديد بنية املعلومات

احلساسة، اإلرهاب، الفساد اإلداري، اجلرائم اإللكرتونية.


179 178

2. 2. 3 الدراسة الثالثةدراسة بن عيســى ) 2011م( بعنوان: )األمن والتنمية(. أوضح الباحث بعض التهديدات ومنهــا اآليت : اإلرهاب، اجلريمة املنظمة، الفقر والبطالة، نزاعات داخلية

وثنائية وإقليمية.

2. 2. 4 الدراسة الرابعةدراسة الكبييس )2010مـ 1431هـ( بعنوان: )الدور اإلسرتاتيجي للقيادات األمنية يف ظل العوملة وحتدياهتا( ومن األزمات املحتملة يف ظل العوملة التي أوردها الباحث )الفساد،

البطالة بني الشباب، االجتار باملخدرات، غسل األموال، اإلرهاب، اجلرائم املنظمة(.

2. 2. 5 الدراسة اخلامسةدراسة احلسني )2006مـ 1427هـ( بعنوان: )دور املدرسة يف مواجهة التحديات الثقافيــة للعوملة( ومن نتائج الدراســة أن هنــاك حتديات كربى تواجــه العامل العريب

واإلسالمي، ومنها حتدي السيادة للدولة.

2. 2. 6 الدراسة السادسةدراسة الكبييس )2006مـ 1427هـ( بعنوان: )خصوصية التخطيط لدرء أزمات العوملة( وكان من أهدافها: تشخيص أهم األزمات التي سرتافق العوملة، ومن األزمات املحتملة التي أوردها الباحث )الفساد، البطالة بني الشباب، االجتار باملخدرات، غسل األموال، اإلرهاب، اجلرائم املنظمة، تواطؤ بعض رجال األمن يف تنفيذ أو تسهيل النشاط اإلرهايب أو يف مترير اجلرائم، سوء انتقاء املرشحني للعمل يف األجهزة األمنية، أو ضعف

برامج تدريبهم(.

2. 2. 7 الدراسة السابعةدراسة اجلحني )2003م ـ 1423هـ( بعنوان: )التحديات األمنية لظاهرة االعتامد

179


178

عىل العاملة الوافدة(. أورد الباحث عددا من التحديات ومنها اآليت : العاملة الوافدة تشكل هتديدا لألمن اإلســرتاتيجي، ارتفاع نسبة اجلرائم املرتكبة من قبل العاملة الوافدة، وجود العاملة الوافدة يؤدي إىل ارتفاع حجم البطالة يف املجتمع السعودي، ظهور أنواع مرضية قدمت مع العاملة الوافدة، تكوين مجاعات ثقافية تؤثر يف اهلوية العربية اإلسالمية للمجتمع.

2. 2. 8 الدراسة الثامنةدراســة عبد املحمود )2003م( بعنوان: )حتديات رجل األمن العريب( ومن أبرز التحديات التي تواجه رجال األمن اآليت: التقنيات احلديثة يف اكتشاف اجلريمة، اإلجرام الدويل املنظم، التدريب، الشفافية واملحاسبة، تأصيل العلوم الرشطية، رضا املواطن عن

العمل الرشطي، حقوق اإلنسان واملتهمني، السلطة التقديرية لرجل الرشطة العربية.

2. 2. 8 التعقيب عىل الدراسات السابقةتتشابه الدراسة احلالية مع الدراســات السابقة وختتلف عنها يف عدد من النقاط، ومنها اآليت : ختتلف الدراســة احلالية عن الدراســات الســابقة يف أن الدراسة احلالية هلا جانب ميداين بينام مجيع الدراســات الســابقة هي دراســات نظرية فيام عدا دراسة )احلســني، 2006م( التــي هلــا جانــب ميداين، كــام ختتلــف عنها يف أن الدراســة بينــام دراســات كل مــن التحديــات لألجهــزة األمنيــة، احلاليــة تركــز عــىل )متيــم، 2012م(، )البداينة، 2011م (، )بن عيــس، 2011م( كانت عن التحديات لألمــن بصفة عامة، ودراســة )الكبيــيس، 2006م ـ 2010م( كانت عن خصوصية التخطيــط لــدرء أزمات العوملــة . باإلضافــة إىل أن الدراســة احلالية عــن اململكة العربية الســعودية. بينام الدراســات الســابقة عن الوطن العريب بصفة عامة ودراسة )متيم، 2012م( عن دول اخلليج العربية. وتتشابه الدراسة احلالية مع الدراسات السابقة يف أهنا تتناول موضوع التحديات أو األزمات أو التهديدات، وبالذات دراســة كل من )عبــد املحمــود، 2003م( التــي كانــت عــن حتديــات رجــل األمــن العــريب، و)اجلحني، 2003م( وكانت عن التحديات األمنية لظاهرة االعتامد عىل العاملة الوافدة.


181 180

3 . إجراءات وبيانات وحتليل ونتائج الدراسة امليدانية 3. 1 منهجية الدراسة

استخدم الباحث أسلوب حتليل املضمون، وهيدف هذا األسلوب التعرف بطريقة علميــة منظمة إىل اجتاهات املادة التي يتم حتليلها بحيث يتم ذلك بعيدا عن االنطباعات الذاتية أو املعاجلات العشوائية )عبيدات وآخرون، 1434هـ( وهذا األسلوب يناسب

موضوع هذه الدراسة.

3. 2 حدود الدراسة3. 2. 1 احلدود املوضوعية

تركزت الدراسة عىل التعرف عىل التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية السعودية من وجهة نظر طلبة املاجستري يف قسم العلوم اإلدارية يف جامعة نايف

العربية للعلوم األمنية. 3. 2. 2 احلدود البرشية

طلبة برنامج املاجســتري يف قســم العلوم اإلدارية يف جامعة نايف العربية للعلوم األمنية الدارسون يف الفصل الدرايس الثاين 1433/1432هـ.

3. 2. 3 احلدود املكانية: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية بالرياض.

3. 2. 4 احلدود الزمنية: بدأت فكرة الدراسة يف شهر مايو من عام 2012م وانتهت الدراسة يف هناية شهر يوليو 2013م.

3. 3 جمتمع الدراسةن جمتمع الدراسة من طلبة برنامج املاجستري يف قسم العلوم اإلدارية يف جامعة تكونايف العربية للعلوم األمنية الدارســني يف الفصــل الدرايس الثاين 1433/1432هـ، منهم )40( طالبا يف الســنة األوىل و )58( طالبا يف السنة الثانية بام جمموعه ) 98( طالبا ويعملون يف األجهزة األمنية، وكانت الدراسة عن طريق احلرص الشامل ملجتمع الدراسة.

181


180

3. 4 إجراءات الدراسة:1ـ يف هنايــة املحارضة قبل األخرية يف الفصــل الدرايس الثاين 1433/1432هـ قام الباحث بإبالغ الطلبة شفويا عن نيته يف إجراء دراسة عن التحديات التي تواجه األجهزة األمنية يف اململكة العربية السعودية من وجهة نظرهم، وسأهلم عن إمكانية مساعدته يف ذلك، فأجابوا باملوافقة، وعندها طلب منهم بأن يقوم

كل طالب بكتابة التحديات من وجهة نظره، وتسليمها له.2 ـ بعد اســتالم اإلجابات، وضعها الباحث يف ملف لالطالع عليها بعد االنتهاء

من كتابة أدبيات الدراسة.3 ـ يف شهر يونيو 2013م بدأ الباحث باالطالع عىل اإلجابات، ووجد أن عددها )35( إجابة من طلبة السنة األوىل من جمموع )40( طالبا وذلك بنسبة )%87( و )50( إجابة من طلبة السنة الثانية من جمموع )58( طالبا وذلك بنسبة )86 %( وبام جمموعــه )85( إجابة من جمموع الطلبة وعددهم )98( طالبا وذلك

بنسبة )%87(. 4 ـ دون الباحث اإلجابات يف جدول وبلغ جمموعها )25( حتديا. وبمراجعة تلك التحديات وجد أن هناك تباينا يف أسلوب صياغة التحديات ومعظمها يعطي نفــس املضمون ولكن بصياغات خمتلفة. وفيــام ييل بعض األمثلة لإلجابات

وذلك عىل سبيل املثال وليس احلرص:ـ الربنامج النووي اإليراين، حماولة إيران السيطرة عىل املنطقة، التمدد الصفوي الشيعي يف املنطقة، زيادة النفوذ اإليراين يف املنطقة، التمدد اإليراين يف املنطقة،

أطامع إيران يف اخلليج.ـ هتريب املخدرات، هتريب احلبوب املخدرة، اإلدمان عىل احلشيش، استخدام

احلبوب املخدرة، هتريب احلشيش. ـ ضعف االقتصاد اليمني، عدم االستقرار يف اليمن، عدم االستقرار يف العراق،

احلوثيون يف اليمن، سيطرة الشيعة يف العراق. ـ جرائم العاملة، ازدياد العاملة، العاملة غري املدربة، سيطرة العاملة عىل األسواق.


183 182

االختالس، الرشــوة، تعثر املرشوعات، الفساد املايل، الفساد اإلداري، استخدام النفوذ، الواسطة، املحسوبية، القبلية.

ـ ضعف خمرجات التدريب، ضعف برامج التدريب، عدم مناسبة مناهج التدريب، حتسني التدريب، نقص الكفايات، ضعف األداء.

5 ـ اســتنادا إىل التحديات الواردة يف اإلطار النظري أعاله ارتأى الباحث جتميع التحديات التي تعطي نفس املضمون )كام ورد أعاله عىل ســبيل املثال( حتت مســمى أحد التحديات الواردة يف اإلجابات، والتي ســريد ذكرها يف حتليل

البيانات الحقا.

3. 5 بيانات إجابات املبحوثني يوضح كل من اجلدول رقم )1( واجلدول رقم )2( بيانات إجابات املبحوثني اجلدول رقم )1( التحديات والتكرارات والنسبة لكل حتد حسب املستوى الدرايس

مرتبة وفقا للتكرارات والنسب ملجموع الطلبة

طلبة السنة األوىلالتحديـــــات F % الرتتيب

طلبة السنة الثانية F % الرتتيب

جمموع الطلبة F % الرتتيب

85 100% 501 100% 351 100% 1 الفساد80 94% 472 94% 332 94% 2اإلرهاب

69 81% 433 86% 263 74% 6 ماجلريمة باستخدام التقنية67 79% 384 76% 295 83% 4 متطوير عمليات التدريب

65 76% 405 80% 254 71% 8 السياسة اإليرانية63 74% 6م 36 72% 276 77% 5جتارة املخدرات

63 74% 6م33 66% 7 م30 86% 3 كثرة أعداد العاملة الوافدة62 73% 337 66% 7 م29 83% 4 مالبطالة

56 66% 308 60% 268 74% 6 محوادث املرور53 62% 299 58% 249 69% 7األوضاع يف اليمن والعراق

183


182

اجلدول رقم )2( اختبار Z للفرق بني النسب للتحديات يف آراء املجموعتني عند ثقة 95% ومستوى داللة %5

قيمة pالتحديـــــــاترقم0.000 الفساد10.956 اإلرهاب2

0.174 اجلريمة باستخدام التقنية 30.446 تطوير عمليات التدريب40.359 السياسة اإليرانية50.594 جتارة املخدرات6 0.041 كثرة أعداد العاملة الوافدة7

0.085 البطالة 80.172 حوادث املرور 9

0.322 األوضاع يف اليمن والعراق 10

3. 6 حتليل النتائجبناء عىل ما ورد سابقا يف اإلطار النظري والدراسات السابقة، وبالنظر إىل اجلدولني

)1، 2( أعاله يمكن استنتاج اآليت:1ـ ورد حتدي )الفســاد( يف املرتبة األوىل بنسبة 100% وهذا غري مستغرب، حيث ا و )50( عامليا وحصلت كان ترتيب اململكة يف عــام 2010م اخلامس عربي عــىل )7.4( درجات من )10( درجات حســب مؤرش مدركات الفســاد )الغزايل، 2010م( وهذا ما أدركه الطلبة بحكم عملهم األمني. وورد حتدي

الفساد يف دراسة كل من )متيم، الكبييس(.2ـ ورد حتدي اإلرهاب يف املرتبة الثانية بنسبة 94% فاململكة كانت من أوائل الدول التي اكتــوت وال زالت بنار اإلرهاب وتبعاته )عســريي ، 2010م( ومتت اإلشارة إليه يف دراسة كل من )متيم، البداينة، بن عيسى، احلسني، الكبييس(.


185 184

3ـ نسبة آخر التحديات هي )62%( ما قد يدل عىل أن الطلبة كتبوا التحديات التي يلمسوهنا فعال من خالل عملهم األمني.

4ـ توجد فروق ذات داللة إحصائية يف وجهات نظر الطلبة وفقا للمستوى الدرايس نحو التحدي رقم )7( »كثرة أعداد العاملة الوافدة« لصالح طلبة السنة األوىل حيث أن قيمة p )0.041( فقد ورد يف املرتبة الثالثة وفقا آلراء طلبة الســنة األوىل، ويف املرتبة السابعة مكررا وفقا آلراء طلبة السنة الثانية. وقد يعني ذلك بأن معظم طلبة السنة األوىل ربام يامرسون أعامال هلا عالقة مبارشة يف التعامل مع العاملة الوافدة ولذلك يشعرون هبذا التحدي أكثر من طلبة السنة الثانية. 5 ـ ال توجــد فروق ذات داللة إحصائية يف وجهات نظر الطلبة وفقا للمســتوى

الدرايس نحو بقية التحديات.6ـ يمكن أن يقال أن الطلبة يف الغالب وظفوا خرباهتم العملية يف كتابة التحديات، حيث إن لكل منها تبعات أمنية ملموســة. وإضافة ملا ورد أعاله بخصوص

حتدي الفساد وحتدي اإلرهاب، يمكن أن يقال اآليت:ـ ورد حتدي »اجلريمة باستخدام التقنية« يف املرتبة الثالثة بنسبة 81% . ولذلك أصدر كثري من الدول، ومنها اململكة العربية السعودية، أنظمة وقوانني جترم تلك اجلرائم وترى رضورة مكافحتها. وهذا قد يعني بأن العامل أصبح عبارة عن »قرية صغرية« فام حيدث يف أي رقعة من العامل يؤثر بالرضورة عىل البقية.

وأشري إىل هذا التحدي يف دراسة كل من )البداينة، بن عيسى، الكبييس(.ـ حتدي »تطوير عمليات التدريب« جاء يف املرتبة الرابعة بنسبة 79% . ففاعلية رجــل األمن مرهونة بنوعية وجودة التدريب الذي حيصل عليه، كام ورد يف

دراسة كل من )البداينة، الكبييس، عبد املحمود(.ـ ورد حتدي »السياسة اإليرانية« يف املرتبة اخلامسة بنسبة 76% . ففي عام 1434هـ تم القبض عىل ما جمموعه 27 شخصا يقومون بالتجسس لصالح إيران )إيقاف عرشة، 1434هـ( ويدرك الطلبة ما تشكله دول اجلوار من أمهية الستقرار وأمن اململكة وأن أوضاع أي من هذه الدول وسياســتها تؤثر عىل اململكة ويلمسون ذلك بصفتهم رجال أمن ومواطنني أيضا. وهذا ما أورده ) متيم( يف دراسته بصفته

رجل أمن ومواطنا أيضا.

185


184

ـ حتــدي »جتارة املخــدرات« كان يف املرتبة السادســة مكررا بنســبة %74 . فاإلحصاءات املنشورة عن كمية املخدرات التي تم ضبطها يف اململكة ملفتة لألنظار، فخالل األشــهر األربعة األوىل مــن عام 1434هـ متكنت أجهزة األمن من القبض عىل كمية من املخدرات تقدر قيمتها الســوقية بأكثر من مليار ريال سعودي )بيان من وزارة الداخلية، 1434هـ( وورد هذا التحدي

يف دراستي )الكبييس(.ـ ورد حتدي »كثرة أعداد العاملة الوافدة« يف املرتبة السادسة مكررا بنسبة %74 . فمعدالت اجلريمة ترتفع بتزايد أعداد الوافدين )الغريب ، د ت( وأن عدد اجلرائم التي ترتكب من العاملة الوافدة أكثر من تلك التي يرتكبها املواطنون

. وأشري إىل هذا التحدي يف دراسة كل من )متيم، اجلحني(.ـ توجد عالقة طردية بــني البطالة واجلريمة بحيث أنه كلام ارتفعت معدالت البطالة تزايدت معدالت اجلريمة واالنحراف ، والعكس صحيح )حويتي وآخرون، 1998م( ومن وجهة نظر الطلبة ورد هذا التحدي يف املرتبة السابعة بنسبة 73%. كام ورد يف دراسة كل من )متيم، بن عيسى، الكبييس، اجلحني(.ـ مل يرش إىل حتدي »حوادث املرور« يف أي من الدراســات الســابقة، بينام ورد يف إجابات الطلبة، حيث كان ترتيبه الثامن بنســبة 66% . فتشري إحصاءات احلوادث املرورية يف اململكــة إىل حجمها الكبري وازديادها املطرد عاما بعد آخر، فحصيلة احلــوادث املرورية لعام 2011 بلغت ) 544.179( حدثا

ونتج عنها )7153( حالة وفاة )حوادث املرور بالسعودية، 1433هـ(.7 ـ مل يرد حتدي »األوضاع يف اليمن والعراق« إال يف دراسة متيم، بينام ذكره الطلبة حيث ورد يف املرتبة التاســعة بنسبة 62% . وكام ســبق أن أشري حول حتدي »السياســة اإليرانية« فإن كتابة الطلبة هلذا التحــدي يعني أن الطلبة يدركون ما تشــكله دول اجلوار من أمهية الستقرار وأمن اململكة وأن أوضاع أي من هذه الدول وسياســتها تؤثر عىل اململكة ويلمسون ذلك بصفتهم رجال أمن ومواطنني أيضا. وهذا ما أورده )متيم( يف دراســته بصفته رجل أمن ومواطنا ا أيضا. كام أشــار العنزي )2013م( إىل أن اململكة أهنت تقريبا مرشوعا أمني


187 186

عىل احلدود مع العراق للمســاعدة يف عمليات محاية حدود اململكة، وسيتم العمل قريبا يف مرشوع مماثل عىل حدود اململكة مع اليمن.

8 ـ من املالحظ أنه ورد يف اإلطار النظري حتدي »إدارة احلشود« بأنه أحد التحديات التي تواجهه األجهزة األمنية يف اململكة ، ولكنه مل يذكر من قبل الطلبة. وربام يعود ذلك إىل أن األجهزة األمنية يف اململكة أصبح لدهيا اخلربة الكافية خالل السنوات املاضية يف التعامل مع إدارة احلشود، ولذلك فهو ال يشكل حتديا لألجهزة األمنية

من وجهة نظر الطلبة. كام أنه مل يرد يف أي من الدراسات السابقة.9 ـ يمكن النظر إىل الطلبة عىل أهنم يمثلون رشحية من املجتمع ككل وليس جمتمع األجهزة األمنية فقط، ولذلك دونوا إجاباهتم من واقع جمتمعهم حيث إن كال من )الفســاد واإلرهاب والبطالة ـ مثال( تشكل حتديا للمجتمع بصفة عامة

وليس حتديا لألجهزة األمنية لوحدها.10 ـ أعطى الطلبة أولويات للتحديات من واقع ما يلمسونه فعال يف إطار عملهم

وجمتمعهم.

خـالصة النتـائج:1ـ التحديات التي تواجه األجهزة األمنية من حيث أمهيتها هي بالرتتيب: )الفساد، اإلرهاب، اجلريمة باســتخدام التقنية، تطوير عمليات التدريب، السياســة اإليرانية، جتارة املخدرات، كثرة أعداد العاملة الوافدة، البطالة، حوادث املرور،

األوضاع يف اليمن والعراق(.2ـ بام أن التصنيفات تستخدم لتجميع األشياء أو العنارص املتشاهبة معا، فريى الباحث أنه يمكن تصنيف التحديات إىل عدد من التصنيفات، مع األخذ يف االعتبار أن حتديا واحدا أو أكثر يمكن أن يكون ضمن أكثر من تصنيف. وتوضح اجلداول رقم )3، 4، 5( هذه التصنيفات وهي حسب مصدرها بالنسبة للدولة، وحسب

مصدرها بالنسبة لألجهزة األمنية، وحسب نوع التحدي.

187


186

اجلدول رقم )3( تصنيف التحديات حسب مصدرها بالنسبة للدولة حتديات من خارج الدولة حتديات من داخل الدولة

ـ الفساد ـ اإلرهاب

ـ اجلريمة باستخدام التقنية ـ تطوير عمليات التدريب

ـ جتارة املخدرات ـ كثرة أعداد العاملة الوافدة

ـ البطالة ـ حوادث املرور

ـ اإلرهاب ـ اجلريمة باستخدام التقنية

ـ السياسة اإليرانية ـ األوضاع يف اليمن والعراق

اجلدول رقم )4( تصنيف التحديات حسب مصدرها بالنسبة لألجهزة األمنية حتديات من خارج األجهزة األمنية حتديات من داخل األجهزة األمنية

ـ تطوير عمليات التدريب ـ حوادث املرور


ـ اجلريمة باستخدام التقنية ـ السياسة اإليرانية ـ جتارة املخدرات

ـ كثرة أعداد العاملة الوافدة ـ البطالة

ـ األوضاع يف اليمن والعراق

اجلدول رقم )5( تصنيف التحديات حسب نوع التحدي

حتديات هلا طابع حتديات هلا طابع أمنياجتامعي

حتديات هلا طابع حتديات هلا طابع سيايساقتصادي

ـ اإلرهاب ـ اجلريمة باستخدام التقنية ـ تطوير عمليات التدريب

ـ جتارة املخدرات ـ البطالة

ـ حوادث املرور


أعداد كثرة ـ العاملة الوافدة

ـ البطالة

باستخدام اجلريمة ـ التقنية

ـ جتارة املخدرات العاملة أعداد كثرة ـ

الوافدة ـ البطالة

ـ السياسة اإليرانية اليمن يف األوضاع ـ

والعراق


189 188

ا يف فهمها، 3ـ أن التحديات الواردة يف هذه الدراســة تتطلب اســترشافا مستقبليفجوهــر التحديات ليــس يف معرفتها ولكن يف قــدرة العاملني يف األجهزة األمنيــة عىل إدراكها والتعرف عىل كيفية وآليــات التعامل معها ومواجهتها بإجيابية وبجدارة وإتقان يف األداء؛ للميض قدما وبأقدام راســخة نحو حتقيق

التنمية املستهدفة.

189


188

املــراجــع

املراجـع العـربية إدارة العمرة، )1433هـ(. املديرية العامة للجوازات.

إمارة منطقة املدينة املنورة، )2002م(. البطالة : األسباب وطرق املعاجلة، املدينة املنورة إمارة املنطقة.

إيقاف عرشة أشخاص لتورطهم يف أعامل جتسسية لصالح إيران )1434هـ( اسرتجعت .)www.moi.gov.sa( بتاريخ 2013/6/29م من موقع

البداينة ، أ.د. ذياب موسى، )2011م(. األمن الوطني يف عرص العوملة، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.

بيان من وزارة الداخلية عن مكافحة هتريب وترويج املخدرات، )1434هـ(. اسرتجعت .)www.moi.gov.sa( بتاريخ 2013/5/29م من موقع

الرتكــي ، اللواء املهندس منصور، )1433هـ(. متحدثا عن إدارة احلشــود البرشية يف احلج بشكل عام يف موسم احلج، املؤمتر الدويل للحشود والتجمعات البرشية.

)www.gph.gov.sa( اسرتجعت بتاريخ 2013/5/2م من موقعالتقريــر اإلحصائي لعام 1428هـ . اســرتجعت بتاريــخ 2013/5/1م من موقع

.)www.moi.gov.sa/wps/portal/traffic( التقريــر اإلحصائــي لعام 1429هـ. اســرتجعت بتاريــخ 2013/5/1م من موقع

)www.moi.gov.sa/wps/portal/traffic(متيــم، الفريق/ضاحي بن خلفــان، )2012م(. مهددات األمــن للخليج: من وجهة نظر رجل أمن. حمــارضة يف مؤمتر »األمن الوطني واألمن اإلقليمي ملجلس التعاون لدول اخلليج العربية: رؤية من الداخل« الذي عقد يف مملكة البحرين بتاريخ 17ـ 2012/1/18م. اسرتجعت بتاريخ 2012/3/1م من موقع

)www.youtube.com/watch?v=5s4taPTFYJA(


191 190

اجلحني، عميد دكتور/ عيل بن فايز، )1423هـ(. التحديات األمنية لظاهرة االعتامد عىل العاملة الوافدة. ورقة مقدمة لندوة املجتمع واألمن يف دورهتا السنوية الثانية: سوق العمل يف اململكة الواقع والتحديات. 7ـ 10 شعبان 1423هـ املوافق

13 ـ 16 أكتوبر 2002م. ــــــــــــــــــــــــــ، )2003م(. ظاهــرة اإلرهاب وخماطرهــا والعوامل املؤدية هلا وأساليب مكافحتها. يف الثقافة األمنية : حمارضات عام 1419هـ املوافق 1999م

)ص. ص 31 ـ 57(، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.جداول املســافات وحدود املســؤولية جلميع املناطق، )1434هـ(. الرياض: املديرية

العامة حلرس احلدود. جرائــم اإلنرتنــت، )2011م(. اســرتجعت بتاريــخ 2012/9/13م مــن موقع

.)http://whajnews.com(ا )2011/2/24م(. اسرتجعت جرائم اإلنرتنت تكبد بريطانيا 43 مليار دوالر سنوي

.)http://www.alarab.com.qa( بتاريخ 2013/3/1م من موقعجريدة الرشق، )2013م( األربعاء 2013/6/22م العدد 566 . اسرتجعت بتاريخ

.)www.alsharq.net.sa( 2013/6/25م من موقعجريدة الرشق األوســط، )1432هـ(. األحد 7 ربيع اآلخــر 1432هـ املوافق 13/مارس 2011م العدد 11793 . اســرتجعت بتاريخ 2013/5/25م من

.)www.aawsat.com( موقعجريدة الرشق األوسط )2013/6/20م( العدد 12623 .

حجازي ، عبد الفتاح بيومي، )2004م(. الدليل اجلنائي والتزوير يف جرائم الكمبيوتر واإلنرتنت، القاهرة: دار الكتب القانونية.

حــرس احلدود بنجــران حيبط هتريب طــن وثالثمئة كيلو من احلشــيش )1434هـ( .)www.moi.gov.sa( اسرتجعت بتاريخ 2013/5/29م من موقع

احلسني ، أبو طالب عيل مصطفى )1427هـ(. دور املدرسة يف مواجهة التحديات الثقافية للعوملة. بحث مكمل للحصول عىل درجة املاجســتري يف الرتبية اإلســالمية

واملقارنة. جامعة أم القرى.

191


190

احلميــد، عبد الواحد بن خالــد، )2009م(. مهوم العمــل والبطالة يف ظل املتغريات االقتصادية واالجتامعية يف اململكة. اسرتجعت بتاريخ 2013/5/30م من

)www.mol.gov.sa( موقعحوادث املرور بالســعودية ـ أرقام مروعة )1433/12/26هـ( اســرتجعت بتاريخ

.)www.aljazeera.net( 2013/4/3م من موقعحويتي، د . أمحــد؛ بدر، د . عبد املنعم؛ ديالو، دمبا ترينــو، )1998م(. عالقة البطالة باجلريمة واالنحراف يف الوطن العريب، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم

األمنية.خــرباء تقنية املعلومات يرون أن دول اخلليج هــدف للجرائم اإللكرتونية )األحد 21 www.( اســرتجعت بتاريخ 2013/7/5م من موقع .)شعبان 1434هـ

.)alriyadh.com

داوود، زكريا، )2010م(. األمة اإلســالمية والتحديات املعارصة. اسرتجعت بتاريخ .)www.alwihda.com( 2012/11/30م من موقع

دليل كلية الدراسات العليا، )2013م(، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية. دوريات حرس احلــدود حتبط هتريب )560( كيلو جراما من احلشــيش )1434هـ(

.)www.moi.gov.sa( اسرتجعت بتاريخ 2013/5/29م من موقعالزهراين ، عقيد دكتور. هاشــم بن حممد، )1423هـ(. اجلريمة والبطالة، ورقة مقدمة لندوة املجتمع واألمن يف دورهتا السنوية الثانية: سوق العمل يف اململكة الواقع

والتحديات. 7 ـ 10 شعبان 1423هـ املوافق 13 ـ 16 أكتوبر 2002م.سعد ، اللواء . حمجوب حسن )2001م( الرشطة ومنع اجلريمة. الرياض: جامعة نايف

العربية للعلوم األمنية.ا يف احلــوادث املرورية )2013/3/13م(. اســرتجعت بتاريخ الســعودية األوىل عاملي.)13/article_738946/03/www.aleq.com/2013(2013/5/1م من موقعالسمريي ، فارس بن عشيان، املقاطي، بندر بن حميل، )1431 هـ(. التحديات واستقرار

األمن الوطني السعودي. الرياض: دار املفردات للنرش والتوزيع.


193 192

الرشيف، اللواء الدكتور عيل حسن، )2010م(. اإلسرتاتيجيات احلديثة ملكافحة الفساد. ورقة مقدمــة يف حلقة علمية بعنوان: حول األســاليب احلديثة يف مكافحة الفســاد، 13 ـ 2010/12/15م، الرياض: جامعــة نايف العربية للعلوم

األمنية.الطيب ، أ. د. حسن أبرش، )2006م(. أمهية التخطيط ملواجهة الفساد العاملي. يف التخطيط األمني ملواجهة عرص العوملة، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.عبــد املحمود ، الفريق د. عباس أبو شــامة، )2003م(. حتديات رجل األمن العريب.

الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية. عبيدات ، د. ذوقان؛ عبد احلق، د. كايد عدس ، أ. د. عبد الرمحن، )1434هـ( البحث العلمي: مفهومه وأدواته وأساليبه. الطبعة اخلامسة عرشة. عامن: دار الفكر. العجاجي ، فادي بن عبد اهلل، )2013م(. اسرتجعت بتاريخ 2013/5/23م من موقع

www.alarabiya.net/ar/aswaq/2013/135/12/03ـ2012م.

عسريي، عيل بن سعيد بن عواض )2010م(. مكافحة اإلرهاب: دور اململكة العربية السعودية يف احلرب عىل اإلرهاب، بريوت: الدار العربية للعلوم نارشون.

عيل، ماهر أبو املعاطي )2003م(، السياسة االجتامعية، القاهرة: زهراء الرشق. العموش، د. أمحد فالح، )1999م(. أسباب انتشار ظاهرة اإلرهاب: دراسة من منظور تكاميل يف مكافحة اإلرهاب، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.العمــريي، بندر عيل محد، )2012م(. دور تكريم شــهداء الواجب ورعاية أرسهم يف تعزيز الوالء التنظيمي، رسالة ماجستري غري منشورة، الرياض: جامعة نايف

العربية للعلوم األمنية. العنزي ، عويد بــن الصخني عيل، )2013م(. فاعلية الربامــج التدريبية ملرشوع أمن احلدود يف منطقة احلدود الشــاملية من وجهة نظر املتدربني، رسالة ماجستري

غري منشورة، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية. عــوض ، أ . د . حممــد حميي الدين، )1999م(. واقع اإلرهــاب واجتاهاته يف مكافحة

اإلرهاب، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.

193


192

بن عيسى ، العقيد . حمسن العجمي، )2011م(. األمن والتنمية، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.

الغريب، أ . د . عبد العزيز بن عيل بن رشيد )د. ت(. األرضار التي حتثها العاملة وانعكاساهتا عىل الرتكيبة السكانية والقيم االجتامعية والبنى الثقافية ملجتمعنا . اسرتجعت )faculty.imamu.edu.sa/css/aaalgreeb بتاريخ 2013/6/32م من موقعالغــزايل ، صالح حممد، )2010م(. اجلهود العربية والدولية ملكافحة الفســاد.. ورقة مقدمة يف حلقة علمية بعنوان: حول األســاليب احلديثة يف مكافحة الفساد

، 13 ـ 2010/12/15م، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.الكبيــيس، أ . د . عامر خضــري محيد، )2006م(. خصوصيــة التخطيط لدرء أزمات العوملة. يف التخطيط األمني ملواجهة عــرص العوملة، الرياض: جامعة نايف

العربية للعلوم األمنية. ــــــــــــــــــــــــ)2007م( التدريب األمني العريب : واقعه وآفاق تطويره / دراسة حتليلية للتجارب واالجتاهات، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية. ــــــــــــــــــــــــ)2009م(. الفســاد العاملي اجلديد وإســرتاتيجيات مواجهته،

الرياض: مؤسسة الياممة الصحفية.ــــــــــــــــــــــــ)2010م(. الدور اإلسرتاتيجي للقيادات األمنية يف ظل العوملة

وحتدياهتا، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.كمني يســقط أخطر وكر هيــدد ويبتز النســاء ) 2010/7/6م( اســرتجعت بتاريخ

.)http://www.burnews.com/news( 2012/5/1م من موقعمطر ، د. عصام عبد الفتاح، )2011م(. الفســاد اإلداري: ماهيته وأســبابه ومظاهره،

اإلسكندرية: دار اجلامعة اجلديدة.ملفات خاصة، )2013م(. جتدد املخاوف من إجراءات الســالمة يف مفاعل بوشــهر. اسرتجعت بتاريخ 2013/5/25م من موقع وزارة اإلعالم بدولة الكويت

.)www.media.gov.kw/News(


194

منظمة الصحــة العاملية، )2010م(. اســرتجعت بتاريــخ 2013/5/1م من موقع )www.who.int/countries/sau/ar(

نظام قوات األمن الداخيل، )1384هـ(. الرياض: اململكة العربية السعودية.هيئة االتصاالت وتقنية املعلومات، )2007م(. تقييم الوضع الراهن للرسائل االقتحامية يف اململكة العربية السعودية. اســرتجعت بتاريخ 2012/6/1م من موقع

.)www.spam.gov.sa(alwatannews.net/News Viewer www.makkawi.com/Articles.aspx?ID=89 www.nauss.edu.sa www.mofa.gov.sa www.nazaha.gov.sa www.kacnd.org

املراجع اإلنجليزية California Commission on Peace officer Standards and Training (2012)

http:lib.post.ca.gov/publications/CrowdMgtGuidelines.pdfiaamweb.org/Conf_2009Handouts/IAAM.Oakland Police Department Crowd Management/Crowd Control Policy

(2011) http://publicintelligence.net/oakland-police-department-crowd-managementcrowd-control.

195

فاعلية برنامج إرشادي يف تنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة لدى عينة من طالب جامعة تبوك )دراسة شبه جتريبية(

DOI: 10.12816/0012993د. يوسف بن سطام العنزي)*(

جامعة تبوك ـ اململكة العربية السعودية

تعــد


امللخصل أمانة املسؤولية يرتتب عليه أفعال املسؤولية االجتامعية من القضايا املهمة، وحتموممارســات إجيابية أو ســلبية داخل املجتمع، كام أن تنمية املواطنة لدى الشباب هلــا أمهية قصوى يف حتقيق األمن واالســتقرار والتطــور، لذلك هدف البحث إىل بناء وتنفيذ برنامج إرشــادي لتنمية املســؤولية االجتامعية واملواطنة لدى عينة من الشباب الســعودي، واستخدم الباحث املنهج شبه التجريبي، حيث طبق مقياس املسؤولية االجتامعية واملواطنة بعد التأكد من رشوطهام السيكومرتية عىل جمموعتني متكافئتني )جتريبية وضابطة( من طالب جامعة تبوك وعددهم 30 طالبا تراوحت أعامرهم ما بني )١٧ ـ ١٩( عاما، وخضعت املجموعة التجريبية للربنامج اإلرشادي )املتغري املستقل(، كام خضعت املجموعتان إلجراءات القياس القبيل والبعدي نفســها هبدف التعرف عىل أثر الربنامج وخضعت »التجريبية« لقياس تتبعي، وأظهرت نتائج البحث وجود فروق يف املســؤولية االجتامعية بني املجموعة التجريبية والضابطــة يف اجتاه املجموعة التجريبية بعد تطبيــق الربنامج، وأرجع الباحث ذلك إىل كفاءة األساليب والفنيات اإلرشادية املستخدمة يف الربنامج والتي أثبتت فاعليتها يف كثري من البحوث والدراســات، كام أظهرت النتائج وجود فروق يف املسؤولية االجتامعية واملواطنة للمجموعة التجريبية بعد تطبيق الربنامج مبارشة والقياس التتبعي) شــهر، شهران، ثالثة شهور( يف اجتاه القياس التتبعي بعد ثالثة أشهر، وهذا يعني أن الربنامج له فاعلية يف حتسني املسؤولية االجتامعية

واملواطنة بعيدة املدى، وانتهى البحث بمجموعة من التوصيات.

الكلامت املفتاحية: برنامج إرشادي، املسؤولية االجتامعية، املواطنة، الشباب السعودي.


197 196

AbstractEffectiveness of Counseling Program in Developing Social and National

Responsibility Among a Select Sample of University of Tabuk StudentsA semi - Empirical Study

ByDr. Yousef bin Sattam Al-Onzi)*(

University Tabuk, Kingdom of Saudi ArabiaSocial responsibility is one of the issues that assumes prime importance. It entails

both positive and negative activities and practices within the community. Likewise, the source of patriotism among the youth is a necessary determinant of paramount significance. It is imperative towards the achievements of security, stability and development.

The objective of the present research is to construct and implement a counseling program for developing social and patriotic responsibility among a select sample of University of Tabuk students. The present researcher has employed a semi-empirical approach. Pursuant to this approach, he applied social and patriotic assessment scale to ascertain their psychometric conditions on two comparable groups-----experimental and control. These groups comprised students of University of Tabuk. Their number was thirty (30). Their age brackets was between (17 to 19) years with a standard of deviant A+A 83. Experimental group was subjected to counseling program as an independent variable. The two groups were subjected to same procedures-----Pre-Measurement and Post-Measurement-----to determine the relative effectiveness of the counseling program.

The findings of the research revealed variance in the social responsibility between experimental and control groups towards the experimental group during post-application phase of the program. In addition, the research attributed the effectiveness, of counseling methods and techniques used in the program. Moreover, the variance in the social and patriotic responsibility exists with the experimental group directly after implementing the counseling program and consecutive measurement (one month, two months and three months) towards consecutive measurement after the lapse of three months period. To express in other words, it means that the counseling program carries effectiveness of developing social responsibility and patriotism in the long run.

In its conclusive passages, the present research offers some constructive recommendations.

Key Words: Counseling Program; Social Responsibility; Patriotism; Saudi Youth.


197

فاعلية برنامج إرشادي يف تنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة لدى عينة من طالب جامعة تبوك )دراسة شبه جتريبية(.. د. يوسف بن سطام العنزي

196

املقـدمـة

من اهلل علينا باملسؤولية وهي نعمة كبرية، فلوال املسؤولية ما استقامت حياة اإلنسان وما اســتقرت املجتمعات، وظهرت بصورة مسؤولة تعرف ما هلا وما عليها، وبمجرد اإلحساس باملسؤولية ينشأ فرد جاد يقوم حياته التقويم الصحيح ويرسم هلا منهاجا ال حتيد عنه، ويسهم بشكل أو بآخر يف نامء جمتمعه ورفعة أمته )الشهري، 2002م، ص١١٩(، ل أمانة املسؤولية االجتامعية يرتتب عليه أفعال وممارسات إجيابية، وهذا رس قوهتا وحتمكعنرص أسايس مطلوب لتمكني روابط العالقات اإلنسانية، ففي ضوئها تتحقق الوحدة

وتتامسك اجلامعة، وينعم املجتمع بسالم أشمل وأعمق.

فاملسؤولية تفرض التعاون وااللتزام والتضامن واالحرتام واحلب والديمقراطية يف املعاملة واملشــاركة اجلــادة التي هي صلــة الرحم بني األفــراد يف املجتمع الواحد )برقاوي، ١42٩هـ(. لذا تعد املسؤولية االجتامعية رضورة ملحة اجتامعيا ألن املجتمع

ا )محيدة، ١٩٩6م؛ قاسم، 2008م(. بأرسه يف حاجة إىل الفرد املسؤول اجتامعي

كام أصبحت املواطنة من القضايا التي تفرض نفسها بقوة عند معاجلة أي بعد من أبعاد التنمية البرشية واإلنســانية ومرشوعات اإلصالح والتطوير الشاملة بصفة عامة، واملواطنة بمفهومها الواسع تعني الصلة بني الفرد والدولة التي يقيم فيها بشكل ثابت، ا. ويعد ازدياد الشعور باملواطنة من التوجهات املدنية ا، وثقافي ا، وتارخيي ويرتبط هبا جغرافياألساسية، التي من أهم مؤرشاهتا املوقف من احرتام القانون والنظام العام، واملوقف من ضامن احلريات الفردية واحرتام حقوق اإلنسان، والتسامح وقبول اآلخر وحرية التعبري وغريها من املؤرشات التي متثل قيم املواطنة مهام اختلفت املنطلقات الفكرية واملرجعيات

الفلسفية هلذا املجتمع أو ذاك )أبو حشيش، 20١0م(.

وعىل املســتوى العريب يواجه الشــباب كثريا من املشكالت، وال شك يف أن هذه املشــكالت ستؤدي بدورها إىل تدين ممارســة قيم املواطنة لدى هذه الفئة جتاه أوطاهنم )الباز، 2005 م(. وهذا ما دفع كثــريا من املتابعني والكتاب للتعبري عن أن هناك أزمة يف املواطنة وقيمها يف عرصنا احلايل لدى الشــباب ) ليه، 200٧م(. كام أكدت كثري من


199 198

البحوث والدراســات وجود قصور يف فهم األفراد لقيم املواطنة، لذلك جاء سلوكهم .(Deer, 2010( بعيدا عن قيم املواطنة كدراسة

أمــا البحوث العربية التي تناولت املواطنة فإهنا قليلة، فضال عن أن هذه البحوث تتعلق باملواطنة لدى الفرد جتاه املنظمة التي يعمل فيها، وليس يف شأن هو أهم من ذلك

وهو مواطنة الفرد جتاه أمن واستقرار وطنه وجمتمعه )حمارمة، 2008م(.ومن أجل أن نعد طالب اليوم للنجاح يف العمل مستقبال، ينبغي عىل مجيع الكليات واجلامعات توفري ما يكفي من فرص التعلم الشاملة، وهذا مربر وطني إلطالق املرحلة اجلامعية برامج تعليمية عاملية تقوم عىل افرتاض أن مؤسســات التعليم العايل قادرة عىل تأهيل أجيال املســتقبل )Grudzinski-Hall, 2007(. ويتأتــى ذلك من خالل تنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة، وانعكاس ذلك عىل حتقيق األمن واالستقرار والتطور، وتزداد تلك األمهيةـ إن مل تكن استثنائيةـ يف اململكة العربية السعودية التي تزيد فيها نسبة الشــباب حسب اإلحصاء السنوي لعام 2008 عىل 60% من تعداد السكان، ويمثلون فئة عمرية مهمة هلا دورها الفاعل وأمهيتها داخل املجتمع السعودي، وتفعيل هذا الدور

لن يتأتى إال من خالل تنفيذ الربامج التنموية املمنهجة.ومن خالل عمل الباحث يف جمال اإلرشاد النفيس)١( ومالحظته لسلوكيات الطالب يف اآلونة األخرية وجد قصورا يف ممارستهم لسلوكيات املسؤولية االجتامعية واملواطنة، وباالطالع عىل الربامج اإلرشادية املقدمة هلم وجد قصورا يف بعض اجلوانب التي هتيئ للطلبة الفهم اجليد والبيئة املناسبة ملامرسة مسؤولياهتم االجتامعية واملواطنة الفاعلة، ومن هنا أتى البحث احلايل لتصميم برنامج إرشــادي لتنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة

لدى الشباب السعودي.

مشكلة البحثأسهمت التحويالت السياسية ـ االقتصادية ـ االجتامعية التي حدثت يف العامل يف اآلونة األخرية يف عدم اســتقرار كثري من الدول خاصة مع غياب وعي الشباب يف هذه

املرشف عىل وحدة التوجيه واإلرشاد التابعة لعامدة شؤون الطالب بجامعة تبوك، ومعالج بوحدة )١(علم النفس العيادي بجامعة تبوك.

199


198

التحويالت وأبعادها السياســية ـ االقتصادية ـ االجتامعية. وملا كانت نسبة الشباب يف اململكة العربية السعودية حسب اإلحصاء الثانوي لعام 2008م قد ازدادت عىل %60 من تعداد الســكان، وأن هذه الفئة العمرية هلا دور فعال يف املجتمع السعودي؛ ما يدعو إىل تنفيذ برامج تنموية لتفعيل هذا الدور واحلفاظ عىل االســتقرار داخل اململكة وذلك

بتنمية املواطنة واملسؤولية االجتامعية لدهيم.

كــام أن كثريا مــن البحوث والدراســات قد أشــارت إىل وجود أزمــة يف قيم املواطنة لدى الشــباب مثل دراســة )الباز، 2005م( ودراسة )ليه، 200٧م( ودراسة )أبوحشيش 20١0م، وبرقاوي، ١42٩هـ( لذلك سعى البحث احلايل إىل إعداد برنامج إرشادي لتنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة معا لدى الشباب السعودي، حيث مل جيد الباحث حسب علمه مطلقا تنمية املفهومني مع بعضهام بعضا يف أي دراسة، وهو ما يميز

هذه الدراسة عن غريها من البحوث والدراسات السابقة.

أسئلة البحثحاول البحث اإلجابة عن السؤال الرئيس التايل:

ما فاعلية برنامج إرشادي يف تنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة لدى عينة من الشباب السعودي؟ ويتفرع من هذا السؤال الرئيس األسئلة الفرعية اآلتية:

١ ـ هل توجد فروق ذات داللة إحصائية بني متوســطي رتب درجات أفراد املجموعة التجريبية و الضابطة يف مستوى املسؤولية االجتامعية واملواطنة بعد تطبيق الربنامج ؟2 ـ هل توجد فروق ذات داللة إحصائية بني متوســطي رتب درجات املجموعة التجريبية يف مستوى املسؤولية االجتامعية واملواطنة بعد تطبيق الربنامج مبارشة

وبعد )شهر، شهرين، ثالثة شهور( ؟

أهداف البحثمتثل اهلدف الرئيس للبحث يف الكشــف عن مدى فاعلية برنامج إرشادي يستند إىل األســاليب املعرفية والسلوكية يف حتسني املســؤولية االجتامعية واملواطنة لدى عينة


201 200

من الشــباب الســعودي. وينبثق من هذا اهلــدف الرئيس األهــداف الفرعية التالية:ـ تصميم برنامج إرشادي )معريف سلوكي( هيدف إىل حتسني املسؤولية االجتامعية

واملواطنة لدى عينة من الشباب السعودي.ـ معرفة مدى فاعلية الربنامج اإلرشادي يف حتسني املسؤولية االجتامعية واملواطنة

لدى عينة من الشباب السعودي.ـ معرفة مدى اســتمرار فاعلية الربنامج اإلرشادي بتحسني املسؤولية االجتامعية واملواطنة لدى عينة من الشباب السعودي )املجموعة التجريبية( بعد انتهاء تطبيق

الربنامج اإلرشادي من خالل االختبار التتبعي.

أمهية البحثأصبحت املسؤولية االجتامعية من أهم واجبات املؤسسات واهليئات واألفراد جتاه الوطن، ومتى زاد إدراك املجتمع بأمهية املسؤولية االجتامعية زادت رسعة التطور والنهضة ا تسعى إليه مجيع احلكومات )برقاوي، ١42٩هـ(، كام أن تنمية املواطنة تعد هدفا أساسيوالنظم السياسية يف دول العامل املختلفة )فرحية، 2006م(، لذلك جاء هذا البحث لينمي املســؤولية االجتامعية واملواطنة لدى فئة مهمة من فئات املجتمع وهي الشباب؛ والذي سينعكس مما ال شك فيه عىل تقدم ورقي املجتمع ويمكن حرص أمهية البحث يف التايل:

ـ األمهية النظرية:

ـ وجــود ندرة واضحة يف البحوث و الدراســات التي اهتمت بتنمية املســؤولية االجتامعية واملواطنة، وهذه الندرة هي إحدى املعوقات لتطور املعارف النظرية

والعملية املرتبطة باملسؤولية االجتامعية )برقاوي، ١42٩هـ(.ـ الوقوف عىل املعوقات والصعوبات التي تواجه تنفيذ وتطبيق برامج تنمية املسؤولية

االجتامعية واملواطنة لدى الشباب.ـ متهيد الطريق أمام إجراء عدد من البحوث والدراسات املعنية بتنمية الشباب وتطورهم

بصورة علمية وشاملة؛ بام يسهم يف حتقيق الثراء املعريف وتوحيد اجلهود املبذولة.

201


200

ـ األمهية التطبيقية

يمكن االستفادة من نتائج البحث يف إمداد القائمني عىل رعاية الشباب بالتايل:ـ املعلومات التي يتم يف ضوئها رسم السياسات التنموية الفاعلة للشباب.

ـ تدعيم املناهج الدراســية والرسائل اإلعالمية املعنية بالشباب من أجل الوصول إىل رؤية متكاملة للرتبية وغرس روح املسؤولية االجتامعية واملواطنة.

ـ إكســاب وتنمية املســؤولية االجتامعية واملواطنة لدى الشباب بعيدا عن السلبية والتطرف؛ ما سيسهم يف تطور وتقدم واستقرار املجتمع.

ـ إمكانية االستفادة من الربنامج اإلرشادي الذي أعد يف هذه الدراسة من قبل وزارة الرتبية والتعليم واجلهات ذات العالقة.

مصطلحات البحثـ املســؤولية االجتامعية: يعرفها ســيد عثامن )عثامن، ١٩86م( بأهنا »املســؤولية الفردية عن اجلامعة، وهي مسؤولية الفرد أمام ذاته عن اجلامعة التي ينتمي إليها«. وتتكون املسؤولية االجتامعية عند سيد عثامن من ثالثة عنارص هي االهتامم والفهم واملشاركة، كام يعرفها حسني عوض بأهنا »مسؤولية الفرد عن نفسه ومسؤوليته جتاه أرسته وأصدقائه ودينه ووطنه من خالل فهمه لدوره يف حتقيق أهدافه واهتاممه باآلخرين من خالل عالقاته اإلجيابية، ومشــاركته يف حل مشكالت املجتمع« )عوض، 20١2م(، ويعرفها )مرشف، 200٩م( بأهنا »جمموع استجابات الفرد عىل مقياس املســؤولية االجتامعية، تلك االستجابات التي تعرب عن إدراك الفرد ملسؤوليته عن سلوكه والتزامه أمام ذاته وعن نفسه وعن اجلامعة التي ينتمي إليها، وتتضمن معرفة الفرد حلقوقه وواجباته نحو نفسه وأرسته وزمالئه ووطنه، وهذا يتم من خالل االلتزام بتعاليم الدين وبالقيم األخالقية وبفهم مشكالت املجتمع وأوضاعه، واحلرص عىل املشــاركة اإلجيابية والتعاون مــع اآلخرين من أجل ا بأهنا املحافظة عىل املجتمع والعمل عىل تقدمه وازدهاره، ويعرفها الباحث إجرائي»جمموع الدرجات التي حيصل عليها املبحوث عىل مقياس املسؤولية االجتامعية«.


203 202

ـ املواطنـــــة: أصبح يســتخدم مفهوم املواطنة عىل نطاق واسع ويبدو أنه مفهوم .)Morais & Ogden, 2011( ا ا أو إجرائي عاملي، ولكن نادرا ما يتم تعريفه نظريوتعرف املوسوعة العربية العاملية املواطنة بأهنا »اصطالح يشري إىل االنتامء إىل أمة أو وطن« )املوســوعة العربية العاملية، ١٩٩6م: 3١١(. وعرفتها دائرة املعارف الربيطانية بأهنا »عالقة بني فرد ودولة كام حددها قانون تلك الدولة، وبام تتضمنه تلك العالقات من واجبات وحقــوق يف تلك الدولة، فهي مرتبطة باحلرية وما يصاحبها من مسؤوليات، كام تسبغ عليه حقوقا سياسية، مثل حقوق االنتخاب، وتويل املناصب العامة« )نقال عن: الكواري، 2004م: 30(. ويعرفها )اجلبوري، ا بأهنا »شعور الفرد باالنتامء إىل مجاعة اجتامعية هلا ثقافة وتاريخ 20١0م( إجرائيا، ويسهم الفرد من ا وسياسي ا وقانوني ومصري مشرتك، وينظم هذا الشعور اجتامعيا خالل هذا االنتامء بشــكل فاعل يف احلياة االجتامعية«، ويعرفها الباحث إجرائي

بأهنا »جمموع الدرجات التي حيصل عليها املبحوث عىل مقياس املواطنة«.

ـ الربنامج اإلرشادي: »هو مزيج من األهداف العامة واخلاصة اإلرشادية املوجهة لتحقيق هذه األهداف والتصميم البحثي املالئم وحمتوى الربنامج واإلجراءات التنظيمية وتنفيذ الربنامج وتقويمه، والتنســيق بني كل منها« )سعفان، 200١م: ١5(، ويعرفه حامد زهران بأنه: برنامج خمطط ومنظم يف ضوء أســس علمية لتقديم اخلدمات اإلرشادية املبارشة وغري املبارشة وعىل نحو فردي ومجاعي جلميع من تضمهم املؤسسة أو اجلامعة هبدف مساعدهتم يف حتقيق النمو السوي، والقيام باالختيار الواعي املتعقل، ولتحقيق التوافق النفيس داخل اجلامعة وخارجها )زهران، 2002م(، ويعرفه الباحث إجرائيا بأنه: أسلوب منظم وخمطط يف ضوء أسس نظرية علمية متخضت عنها فنيات إرشادية معرفية وســلوكية لتقديم خدمات إرشــادية وقائية فردية ومجاعية مبارشة لعدد من املسرتشدين هبدف حتسني املسؤولية االجتامعية واملواطنة لدهيم، وسوف تقاس فاعلية الربنامــج من خالل املعاجلة اإلحصائية لنتائج التطبيقــات القبلية والبعدية والتتبعية

ألدوات البحث.

203


202

حـدود البحث:

ـ احلد املوضوعي: اقترص البحث احلايل عىل تصميم وتنفيذ وتقييم برنامج إرشادي لتنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة عىل جمموعة من فئة الشباب )جمموعة جتريبية

ـ جمموعة ضابطة( ترتاوح أعامرهم ما بني )١٧ ـ ١٩( عاما.

ـ احلد املكـــاين: تم التطبيق بوحدة التوجيه واإلرشاد التابعة لعامدة شؤون الطالب بجامعة تبوك.

ـ احلد الزماين: تم التطبيق يف املدة من ١434/4/٧هـ إىل ١434/8/2١هـ.

أدبيات البحث:ـ املســؤولية االجتامعية: يرتبط مفهوم املســؤولية ويتداخل مع عدد من املفاهيم منها: احلقوق والواجبات، واهلويــة، واألخالق والقيم، واإلدراك االجتامعي، والضمري، والثقة بالنفس والوعي االجتامعي واإلحســاس باهلوية االجتامعية، وبالتعليم والوعي وبإدراك هدف اإلنسان من احلياة )احلارثي، ١٩٩5م، ٩٩(.

أنواع املسؤولية االجتامعية:

ـ املسؤولية القانونية: والتي تعني مراعاة القانون والبعد عام جيرمه.

ـ املســؤولية االجتامعية: وتعني مراعاة حقوق اآلخريــن واملحافظة عليها وعدم اإلرضار هبــا، بام يف ذلك إزالة الشــوكة من الطريق، وحقــوق اجلار وحقوق

الوالدين واألقارب واألرحام.

ـ املسؤولية األخالقية: تعني مراعاة مكارم األخالق مع الناس وأقلها طالقة الوجه والكلمة الطيبة.

ـ املسؤولية الرشعية: وتعني حدود اهلل، أوامره ونواهيه، أداء الواجبات والبعد عن املحرمات، وهي مسئولية واجبة )الغزايل، 2000م: 5١٩(.


205 204

مظاهر اخللل باملسؤولية االجتامعية:

١ ـ التشــكك: وهو توجس وتردد يف تفسري األحداث والظواهر، ويف تقدير قيمة األشخاص واألشياء، وهو دليل عىل فوىض االختيار، ووهن اإللزام، وتزعزع

الثقة.

2ـ التفكك: ويتجىل هذا التفكك االجتامعي فيام يقع بني األفراد من تنازع وتفرق، وهذا التفكك مظهر بالغ الوضوح لوهن وضعف املشاركة القائمة عىل الفهم

واالهتامم.

3ـ الســلب الغائــب: وهو موقف يغلب عليه الرتاجــع واالنحدار والتخيل عن املســؤولية جتاه احلياة وبارئها، واإلحساس بال معنى بالضياع واإلحباط، كام

يغيب معه اإلحساس بالواجب وإلزامه.

4 ـ الفرار من املسؤولية: وهو التخيل عن املسؤولية وإعالن عن عدم قدرة اجلامعة والفرد عن احتامل أعبائها. )قاسم، 2008م: 35(.

برامج تنمية املسؤولية االجتامعية

أجرى )برقاوي، ١42٩هـ( دراســة تناولت وصف وحتليل آراء الشباب بمدينة مكة املكرمة باململكة العربية السعودية نحو مصادر مفهوم وبرامج املسؤولية االجتامعية، ومدى كفاية الربامج احلالية واملعوقــات والصعوبات التي تواجه تنفيذها، وتوصلت النتائج إىل أن ٧٧% من أفراد العينة لدهيم فكرة عن املسؤولية االجتامعية، ٩١% مل يشاركوا من قبل يف أي برنامج من برامج املسؤولية االجتامعية املختلفة، وأن أعىل نسبة معوقات

تنفيذ وتطبيق برامج املسؤولية من وجهة نظر املشاركني هي صعوبات جمتمعية %40 .

النظريات النفسية املفرسة للمسؤولية االجتامعية:

ـ نظريــة آدلر : الفرد ال يمكن أن يعيش حياته بأمــان ـ مع جمتمعه من أجل خدمة الكل ـ وهو خارج إطار اجلامعة وهذا يتطلب أن يشعر كل فرد من أفراد املجتمع

205


204

بأنه جزء مهم من هذا املجتمع ومن خالل هذا الشعور املتبادل تتحقق مسؤوليته جتاه جمتمعه ومسؤولية املجتمع يف رعاية أبنائه.

ـ نظرية فروم: ســمة اهلدم واإلبداع موجودة يف الطبيعة البرشية لكن الذي يتسبب يف بروز هذه السمة أو تلك هو املجتمع الذي حييط بالفرد من خالل أنامط التنشئة

االجتامعية.

ـ نظرية سوليفيان: يرى أن اإلنسان خملوق واع وأن أساس فكرة املرء عن نفسه مبنية عىل أساس عالقته بآخرين فهو يؤثر فيهم ومتأثر هبم وأن العزلة عنهم سببها عدم

الشعور باألمان والذي يعد أحد مؤرشات نقص املسؤولية االجتامعية.

ـ نظرية روجرز: فقد تناول النظرية العالقة بني الفرد واملجتمع وذلك عن طريق ثقتها بالفرد وبدوافعه وقدراته وشعوره باملسؤولية لفهم نفسه واملجتمع الذي حييط به وأن غاية النمو النفيس والتطور واالجتامعي إنتاج فرد متكامل الوظائف النفسية.

ـ نظرية باندورا: وقد فرست نظرية التعلم االجتامعي لباندورا ســلوك الفرد عىل أســاس مشــاهدة النموذج ومراقبة األفعال عنه، ثم تقليده عىل رشط أن يكون

النموذج عىل قدر من القبول واجلاذبية.

ـ نظرية ســرونج: إنه ربط بني تنمية املسؤولية االجتامعية وامتالك الفرد ملهارات حمددة فضال عن قدرته يف التأثري عىل اآلخرين وخرباته الواسعة وقوة شخصيته.

)نقال عن: باقر، 20١2م(.

املـواطنــة

يؤكد سيمون مكامهون )McMahon, 2012( أنه يمكن النظر إىل املواطنة بمعناها األوسع باعتبارها حالة من املساواة بني أفراد املجتمع السيايس، أو النظر بمعناها الضيق

وهو الوضع القانوين لعضوية رسمية لنظام احلكم يف دولة معينة.

وتعد املواطنة املفهوم األســايس الذي تنهض عليه الدولة احلديثة كوهنا األســاس الدستوري للمساواة يف احلقوق والواجبات بني أبناء الدولة الواحدة، )العزاوي، 20١2م(.


207 206

وللمواطنة عنارص ومكونات أساسية ينبغي أن تكتمل حتى تتحقق، وهذه املكونات هي:ـ االنتامء: شعور داخيل جيعل املواطن يعمل بحامس وإخالص لالرتقاء بوطنه.

ـ احلقوق: إن مفهوم املواطنة يتضمن حقوقا يتمتع هبا مجيع املواطنني وهي يف الوقت نفسه واجبات عىل الدولة واملجتمع منها: أن حيفظ له الدين، حفظ حقوقه اخلاصة،

توفري التعليم .... الخ.ـ الواجبات: يمكن إيراد بعض واجبات املواطن بشكل عام وهى: احرتام النظام، عدم خيانة الوطن، الدفاع عن الوطن، املحافظة عىل املرافق العامة واملمتلكات.

ـ املشاركة املجتمعية: أن يكون املواطن مشاركا يف األعامل املجتمعية.ـ القيم العامة: وتعنــي أن يتخلق املواطن باألخالق اإلســالمية ومنها: األمانة،

اإلخالص )يف: املرشيف، 200٧م(.

أمهية تنمية املواطنة

إن هذه القيمة حتدد العالقة الوطيدة بني اإلنســان وتراب وطنه والدفاع عنه وعن مقدســاته وتراثه وعاداته وتقاليده )الــكايف، 2005م: 4١ ؛ فرحية، 2006م(. كام يعد

تعليم املواطنة هدفا مرغوبا يساعد األفراد عىل:ـ أن يكونوا مواطنني مطلعني وعميقي التفكري يتحلون باملسؤولية.

ـ تطوير مهارات املشاركة والقيام بأنشطة إجيابية مسؤولة.ـ تشجيعهم عىل أداء دور إجيايب يف مدارسهم وجمتمعهم ويف العامل )ناريان، 2004م(.

ويرى ج هوبكنز G. Hopkins, 2002 )يف، صعب، ١428هـ ( أن تنمية املواطنة يف الفرد تســتند إىل مخس قيم رئيسة هي: الصدق ـ اإلحساس ـ االحرتام ـ املسؤولية ـ الشــجاعة، ويضيف )احلامد، ١426هـ( وأن تنمية املواطنة تتضمن تنمية جمموعة من الكفايــات لدى الطالب وهي: النقد الذايت، اختاذ القرار، اخللق الرفيع، يؤدي واجباته، يتمســك بحقوقه، يؤمن بمبادئ العدالة االجتامعية، يتحمل املســؤولية، يعمل بروح الفريــق، يامرس العمل اجلامعــي والتطوعي يف حياته، يؤمن بالوحــدة الوطنية، هيتم

بمشكالت وطنه، حيمي إنجازاته، وحيافظ عىل استقراره.

207


206

املواطنة من منظور نفيس

املواطنة هي الشــعور باالنتامء والوالء للوطن وللقيادة السياسية التي هي مصدر اإلشباع للحاجات األساسية ومحاية الذات من األخطار املصريية، وبذلك تشري املواطنة

إىل العالقة مع األرض والبلد )مراد ومالكي، 20١١م(.

اإلرشاد املعريف ـ السلوكي

ا، ويركز عىل كيفية إدراك الفرد يعد اإلرشاد املعريف الســلوكي اجتاها حديثا نسبيللمثريات اخلارجية وتغريها، وتشــري النظريات التي عرضت العالج املعريف السلوكي يف اجتاه رئيس يقوم عىل أســاس إدخال العقل يف العالج النفيس وتغيري األفكار السلبية أو املعتقــدات الالعقالنية التي يتبناها الفرد مــن خرباته املبكرة، وذلك لغرض تعديل سلوكه إذ تعرب االضطرابات النفسية بأشكاهلا املختلفة عن تشوه اإلدراك وتأسيسا عىل ذلك فإن أصحاب املدرســة السلوكية يرون أن الســلوك اخلاطئ ألنه متعلم يمكن أن

يعدل السلوك ويصلحه )ربيع، 200٩م(.

الدراسات السابقة

1 ـ بحوث ودراسات تناولت تنمية املسؤولية االجتامعية

هدفت دراسة )طاحون، ١٩٩0م( إىل بحث مدى فعالية أسلوب العرض اللفظي الشارح واملواقف النظرية، واملشاركة بنوعيها يف تنمية املسؤولية االجتامعية والشخصية للطالب املسلمني . وتناول برنامج تنمية املسؤولية االجتامعية عىل أساس القرآن والسنة النبويــة املرشفة وأقوال الصحابة والســلف الصالح ومواقف من التاريخ اإلســالمي وتوصلت النتائج إىل أن األساليب املستخدمة أدت إىل زيادة املسؤولية االجتامعية لدى

الطالب اخلاضعني للربنامج.

ا لتنمية املسؤولية االجتامعية وطبقت دراســة )العامري، ١٩٩3م( برناجما إرشاديعىل عينة من طالبات املرحلة الثانوية بدولة اإلمارات العربية املتحدة وخلصت النتائج

إىل أن الربنامج فعال يف تنمية املسؤولية االجتامعية لطالبات املجموعة التجريبية.


209 208

وجاءت دراسة )جبل، 2003م( للتعرف عىل العالقة بني ممارسة العالج العقالين االنفعايل مع طالب املرحلة الثانوية وتنمية االجتاه نحو املسؤولية )الفرديةـ االجتامعية(، واستخدم معد الدراسة مقياس املســؤولية االجتامعية واملقابلة املهنية الفردية واجلامعية كأساس لتنفيذ برنامج التدخل املهني بالعالج العقالين االنفعايل. وخلصت الدراسة إىل فاعلية العالج العقالين االنفعايل يف تنمية اجتاه الطالب نحو املسؤولية الفردية واالجتامعية.

وهدفت دراسة )سكران، 2004م( إىل الكشف عن مدى مسامهة العالج املعريف يف تنمية املسؤولية االجتامعية لدى طلبة اجلامعة، وأسفرت النتائج عن وجود فروق دالة ا بني املجموعة التجريبيــة والضابطة يف اجتاه التجريبية، وهذا يرجع إىل فاعلية إحصائياســتخدام أســاليب العالج املعريف ىف تنمية املســؤولية االجتامعية مع أفراد املجموعة

التجريبية.

وتناولت دراســة )الرميح وصادق، 2004م( برناجمــا مقرتحا للتدخل املهني يف خدمة الفرد يتمثل يف العالج الواقعي، وذلك لتنمية املسؤولية االجتامعية لدى الشباب اجلامعي جتاه مشكلة احلوادث املرورية، ومن أهم ما خلصت إليه الدراسة وجود فروق ذات داللة إحصائية بني متوسط درجات املجموعة التجريبية واملجموعة الضابطة عىل أبعاد مقياس تنمية املســؤولية االجتامعية لدى الشــباب بعد التدخل املهني باستخدام

أساليب العالج الواقعي.

وهدفت دراســة )الصامدي والزعبي، 200٧م( إىل معرفة أثر اإلرشــاد اجلمعي بطريقــة العالج الواقعي التي طورها جالرس Glasser يف تنمية املســؤولية االجتامعية لدى عينة خاصة من الطالب األيتام، وقد أظهرت النتائج وجود أثر للربنامج اإلرشادي اجلمعي املستند لنظرية العالج بالواقع يف تنمية املسؤولية االجتامعية لدى أفراد املجموعة

التجريبية.

وأجرى )قاسم، 2008م( دراسة ملعرفة فاعلية برنامج اإلرشادي لتنمية املسؤولية االجتامعية لدى طالب املرحلة الثانوية، وخلصت نتائج الدراســة إىل فاعلية الربنامج اإلرشادي يف تنمية املســؤولية االجتامعية لدى أفراد املجموعة التجريبية مقارنة بأفراد

املجموعة الضابطة.

209


208

وتناولت دراســة )عــوض، 20١2م( أثر مواقع التواصــل االجتامعي يف تنمية املســؤولية املجتمعية لدى فئة الشــباب، وذلك من خالل تطبيــق برنامج تدريبي عىل جمموعة جتريبية من شــباب جملس شبايب عالر، واحتوى الربنامج عىل فنيات وأساليب تدريبية خمتلفة منها التعارف، التوضيح، تشكيل املجموعات، التدريب العميل، التساؤل واالستفســار، اإلهناء والتقييم، املحارضة واملناقشــة اجلامعية واأللعاب التنشــيطية، وخلصت نتائج الدراســة إىل وجود فروق ذات داللة إحصائية بني متوســط درجات أفراد املجموعة التجريبية يف مستوى املســؤولية االجتامعية قبل تطبيق الربنامج وبعده

لصالح تطبيق الربنامج التدريبي.

2 ـ بحوث ودراسات تناولت تنمية املواطنة لدى الشباب

ف دور منهــج الرتبية البدنية ملراحل دراســة )صعب، ١428هـ( هدفت إىل تعرالتعليم العام يف اململكة العربية السعودية يف تنمية قيم املواطنة الصاحلة يف الطالب، وقام معد الدراسة بتحليل حمتوى منهج الرتبية البدنية، ومنهج الرتبية الوطنية، واآلليات التي يســتخدمها منهج الرتبية البدنية يف تنمية هذه القيم، وتوصلت نتائج الدراسة إىل توافق قيــم تنمية املواطنة )الرتبية الوطنية( التي يقدمها منهــج الرتبية البدنية يف التعليم العام باململكة العربية الســعودية، مع قيم تنمية املواطنة التي تقدمها كتب الرتبية الوطنية يف

التعليم العام )للصفوف من الرابع إىل الثالث الثانوي بنني(.

دراســة )املرشيف، 200٧م( التي هدفت إىل تصميم برنامــج لتنمية قيم املواطنة لدى الطفل اليتيم عىل عينة بلغ عددها )42( طفال وطفلة من األطفال األيتام، واعتمد الربنامــج عىل تدريب األطفال عىل قيم املواطنة وممارســة حقوقهم، وذلك من خالل ممارسة العديد من األنشطة العقلية، والقصصية، واحلركية، واملوسيقية، والفنية، وتضمن الربنامج استخدام اللعب، االستكشاف، لعب األدوار، احلوار واملناقشة؛ وقد روعي يف الربنامج الفروق الفردية بني األطفال، وأظهرت النتائج فاعلية الربنامج يف تنمية املواطنة.

وصممت دراســة )زرزورة، 2008م( برناجما مقرتحــا يف خدمة اجلامعة وتنمية خصائص املواطنة الصاحلة لدى الطالب املشــاركني يف النــادي الصيفي، وذلك من


211 210

خالل تنمية الشعور باالنتامء واملسئولية االجتامعية واملحافظة عىل املكانة العامة، وطبقت الدراســة عىل )24( طالبة من مدارس الثانوية الفنية بنات برشبني )مرص( أعامرهن من )١6ـ ١8( سنة، وتوصلت الدراسة إىل فاعلية الربنامج املقرتح يف خدمة اجلامعة وتنمية

الشعور باالنتامء، واملسؤولية االجتامعية والشعور باملحافظة عىل املمتلكات العامة.

وتناولت دراســة )عالم، 200٩م( فاعلية برنامج مقــرتح يف تنمية قيم املواطنة لدى الطلبة املعلمني بشعبة الدراسات االجتامعية بكلية الرتبية، بلغ حجم العينة )40( طالبا وطالبة بالفرقة الرابعة، وخلصت نتائج الدراســة إىل وجود فروق يف قيم املواطنة لدى الطلبة قبل تطبيق الربنامج وبعده لصالح التطبيق البعدي، مما يوضح تأثري دراســة حمتــوى وحدة »املواطنة يف مرص« يف حتقيق نمو كبري يف املكون املعريف لقيم املواطنة عند املستويات املحددة سلفا، وهذا يثبت التأثري الكبري للربنامج املقرتح يف تنمية الوعي بقيم

املواطنة لدى الطلبة املعلمني.

وجاءت دراســة مهالــويل )Mhlauli , 2012( لتعكس أمهيــة تنمية املواطنة ىف ا من خالل إفريقيا من خالل املناهج التعليمية، خاصة بعد االســتعامر، وظهر ذلك جلياهتامم احلكومات باملرشوعات الوطنية املختلفة ورســم سياسات تعليمية وثيقة الصلة باالحتياجات الوطنية، وأوصت الدراســة برضورة إعادة النظر ىف تدريس مادة الرتبية

الوطنية يف املدارس االبتدائية ليعكس متطلبات املواطنة يف الوقت احلارض.

ـ تعليق عام عىل البحوث والدراسات السابقة

من املالحظ أن حجم البحوث والدراسات التي تناولت تنمية املسؤولية االجتامعية أكرب من البحوث والدراسات التي تناولت تنمية املواطنة، كام استخدمت معظم البحوث والدراســات لتنمية املسؤولية االجتامعية عينات ليســت من الشباب، باستثناء دراسة )الرميح وصادق، 2004م؛ وســكران، 2004م( والتي أجريت عىل طلبة جامعة، كام ارتبطت تنمية املواطنة يف البحوث والدراســات بتقييم املقررات الدراسية وأثرها عىل املواطنة باســتثناء دراسة )عالم، 200٩م(، وال توجد دراسة عربية استخدمت برناجما

إرشاديا لتنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة.

211


210

فروض البحث:

١ـ توجد فروق ذات داللة إحصائية بني متوسطي الرتب ألفراد املجموعة التجريبية والضابطة يف املسؤولية االجتامعية واملواطنة بعد تطبيق الربنامج اإلرشادي يف

اجتاه املجموعة التجريبية.

2ـ توجد فروق ذات داللة إحصائية بني متوسطي الرتب ألفراد املجموعة التجريبية يف املسؤولية االجتامعية واملواطنة بعد تطبيق الربنامج اإلرشادي مبارشة وبعد

القياس التتبعي )شهر، شهران، ثالثة شهور( يف اجتاه القياس التتبعي.

منهج البحث وأدواته

استخدم الباحث املنهج شبه التجريبي، حيث تكونت عينة البحث من جمموعتني متكافئتني )جتريبية وضابطة( وخضعت املجموعة التجريبية للربنامج اإلرشادي )املتغري املستقل(، بينام مل ختضع املجموعة الضابطة له، وخضعت املجموعتان إلجراءات القياس القبيل والبعدي نفسها، هبدف التعرف عىل أثر الربنامج لعينة من الشباب ترتاوح أعامرهم مــن )١8 ـ ١٩٫5( من طالب جامعة تبوك؛ عدا املجموعــة الضابطة حيث مل ختضع

للقياس التتبعي.

ـ التصميم التجريبي: استخدم يف البحث تصميم املجموعات التجريبية والضابطة وبقياس متكرر عىل مراحل )قبل تطبيق الربنامجـ بعد تطبيق الربنامجـ بعد تطبيق

الربنامج بشهر ـ شهرين ـ 3 أشهر للمجموعة التجريبية(.

جمتمع البحثتكون جمتمع البحث احلايل من طالب السنة التحضريية بجامعة تبوك بمدينة تبوك،

يف النصف الثاين من العام الدرايس ١434/١433هـ كحالة من الشباب اجلامعي.


213 212

عينة البحث وطريقة اختيارها والتكافؤتكونت عينة البحث من)30( طالبا، يشــكلون أفراد املجموعة الضابطة وأفراد املجموعة التجريبية الذين تم اختيارهم وتعيينهم بطريقة قصدية، )١5( يمثلون العينة الضابطة و)١5( يمثلون العينة التجريبية، اختريوا من طالب السنة التحضريية، وجاء اختيارهــم بناء عىل درجاهتم املنخفضــة عىل مقياس املســؤولية االجتامعية واملواطنة ورغبتهــم يف اخلضوع للربنامــج، وتراوحت أعامرهم بــني ١8٫١0 و١٩٫55 عاما بمتوسط ١8٫25 وانحراف معياري 0٫83، ويوضح اجلدول التايل التجانس يف العمر

بني املجموعتني.

اجلدول رقم )1( يوضح الفروق يف العمر بني املجموعتني التجريبية والضابطة باستخدام اختبار مان ـ ويتنى

االنحراف املتوسطاملجموعةاملعياري

حجم العينة

متوسط الرتب

جمموع الرتب

(U( مستوى قيمةالداللة

١8٫3١0٫85١5١6٫33245٫00التجريبية١000٫624

١8٫200٫84١5١4٫6٧220٫00الضابطة

ويتضــح من اجلدول )١( عدم وجود فــروق يف العمر بني املجموعتني الضابطة والتجريبية، ويوضــح اجلدول )2( الفروق يف املســؤولية االجتامعية بني املجموعتني

التجريبية والضابطة.

اجلدول رقم )2( يوضح الفروق يف متغري املسؤولية االجتامعية بني املجموعتني Mann-Whitney التجريبية والضابطة باستخدام اختبار مان ـ ويتنى

مستوى الداللةقيمة ) U (جمموع الرتب متوسط الرتبحجم العينةاملجموعة

١5١6٫20243٫00١020٫683التجريبية١5١4٫80222٫00الضابطة

ويتضح من اجلدول )2( عدم وجود فروق ىف املسؤولية االجتامعية بني املجموعتني

213


212

الضابطة والتجريبية، ويوضح اجلدول التــايل )3( الفروق يف املواطنة بني املجموعتني التجريبية والضابطة.

اجلدول رقم )3( يوضح الفروق يف املواطنة بني املجموعتني التجريبية والضابطة Mann-Whitney باستخدام اختبار مان ـ ويتنى

مستوى الداللةقيمة )U)جمموع الرتب متوسط الرتبحجم العينةاملجموعة1515.57233.50111.50.967التجريبية1515.43231.50الضابطة

ويتضح من اجلدول )3( الســابق عدم وجود فــروق يف املواطنة بني املجموعتني الضابطة والتجريبية.

أدوات البحث:ـ مقيــاس املواطنة )العامر، 2005هـ(: اطلــع الباحث عىل مقياس عثامن العامر، 2005م، وتعديله عــىل البيئة العراقية ) العزاوي، 20١2م( حلداثتهام ولكوهنام أعدا للبيئــة العربية، وتناول املقياس مفهوم املواطنة وأبعادها )اهلوية ـ االنتامء ـ التعددية وقبول اآلخرـ احلرية واملشــاركة السياســية(، وأجرى الباحث بعض التعديالت كي تالئم البيئة السعودية وتأكد من الرشوط السيكومرتية للمقياس بتطبيقه عىل عينة استطالعية مشاهبة خلصائص عينة البحث األساسية، فتم حساب ثبات املقياس من خالل معامل )ثبات اإلعادة( وقد بلغت قيمته )0٫٧6(، كام قام بالتأكد من ثبات األداة وفق معامل االتساق الداخيل، وقد بلغت قيمته )0٫٧3(، أما فيام خيتص بالصدق فقد تم عرض املقياس يف صورته األولية عىل )5( حمكمني يف علم النفس وعلم النفس االجتامعــي، وطلب منهم إبداء الرأي حول مدى مالءمة فقرات األداة من حيث املحتــوى واملضمون وارتباطها مع البعد الذي تقيسه، وقد تم األخذ بمعظم مالحظات املحكمني، وهبذا أخذت األداة صورهتا النهائية مكونة من )45( بنــدا موزعة عىل أربعة أبعاد بعد إضافة فقرات تتعلق بتطورات احلياة السياسية )ثورات الربيع العريب، وشبكات التواصل االجتامعي(.


215 214

ـ مقياس املسؤولية االجتامعية )إعداد الباحث( قام الباحث بتصميم مقياس املسؤولية االجتامعية، بعد اطالعه عىل املقاييس واألدوات التي هلا عالقة بمقياس املســؤولية االجتامعيــة، منهــا مقياس املســؤولية االجتامعية )عــوض، 20١١م(، ومقياس املسؤولية الشخصية االجتامعية )احلارثي، 200١م( ومقياس املسؤولية االجتامعية )اخلراشى، 2004م(، مقياس املسؤولية االجتامعية )مرشف، 200٩م(، وقد تكون املقياس يف صورته األولية من 55 فقرة تقيس أربعة جماالت وهي )املسؤولية الذاتية، واملسؤولية الدينية واألخالقية، واملســؤولية اجلامعية، واملسؤولية الوطنية( وتأكد الباحث من الرشوط الســيكومرتية للمقياس بتطبيقه عىل عينة استطالعية مشاهبة خلصائص عينة البحث األساســية، فتم التأكد من ثبات املقياس من خالل معامل )ثبــات اإلعادة( وقد بلغت قيمته )0٫83(، كام قــام بالتأكد من ثبات األداة وفق معامل االتســاق الداخيل وقد بلغت قيمته )0٫٧٧(، أما فيام خيتص بالصدق فقد قام الباحث بحســاب صدق االرتباط بمحك )مقياس املسؤولية االجتامعية لـ حسنى عوض، 20١١م( حلداثته وبلغ قيمة معامل االرتباط )0٫٧٩(، كام تم عرض املقياس ىف صورته األولية عىل )4( حمكمني يف علم النفس االجتامعي والقياس والتقويم)١( وطلــب منهم إبداء الرأي حول مــدى مالءمة فقرات األداة مــن حيث املحتوى واملضمون وارتباطها بالبعد الذي تقيسه، وقد تم األخذ بمعظم مالحظات املحكمني،

وهبذا أخذت األداة صورهتا النهائية مكونة من )43( بندا موزعة عىل أربعة أبعاد.

الربنامج اإلرشادي:

1 ـ برنامج إرشادي معريف ـ سلوكي

يعرف اإلرشــاد املعريف السلوكي بأنه شكل من أشكال اإلرشاد النفيس احلديث، تم اســتخدامه من قبل أرون بيك، حيث يقوم بتصحيح التصورات اخلاطئة واستبعاد األفكار الســالبة الناجتة عن التعلم اخلاطئ، ويركز هذا اإلرشاد عىل املحتوى الفكري،

)١( أ.د / عبد الفتاح درويش أستاذ علم النفس االجتامعيـ جامعة املنوفية، د / عبدالرمحن عثامن أستاذ علم النفس املشــاركـ جامعة تبوك، د/ حممد عبد العزيز الطالب أســتاذ علم النفس االجتامعي

املساعد ـ جامعة حائل، د/ شاهر خالد سليامن أستاذ علم النفس املشارك ـ جامعة تبوك.

215


214

ويكون اهلدف الرئييس له تصحيح التصورات واإلدراكات اخلاطئة واستبدال األفكار التلقائية السالبة بأفكار إجيابية ويكون دور املرشد نشطا.

2 ـ منطلقات/أهداف الربنامج:

ـ تنمية وعي الشباب بأمهية وفوائد املسؤولية االجتامعية واملواطنة.ـ تكوين وعي عام لدى الشباب من خالل بناء حائط معلومايت تثقيفي حيمي املجتمع

من خطورة عدم حتمل املسؤولية االجتامعية وضعف املواطنة.ـ تنمية وعي الشباب بأمهية دورهم يف املجتمع من خالل احلقوق والواجبات.

ـ تنمية حس الشباب الديني وأمهيته يف محاية املجتمع.ـ إعداد الشــباب ملواجهة التغريات املســتمرة التي تطــرأ عىل املجتمع من خالل تعليمهم مهارات حل املشــكالت، اختاذ القرار، الســلوك التوكيدي، مهارات

التفاعل االجتامعي.

3 ـ املحتوى العام للربنامج:

ـ إنامئي: تنمية مهارات )حل املشكالتـ اختاذ القرارـ السلوك التوكيديـ املهارات االجتامعية(.

ـ وقائي: )حمارضات توعوية وتثقيفية عن األســباب املؤدية لعدم حتمل املسؤولية وضعف املواطنة ـ اخلطورة النامجة عن عدم حتمل املسؤولية وضعف املواطنة(.


217 216

ـ تنفيذ وتقييم الربنامج

اجلدول رقم )4( يوضح ملخص جلسات الربنامج التدريبي

الفنيات اهلدفموضوعهااجللسةاملستخدمة

الوسائل املستخدمة

األسس النظرية واملصادر

زمن التاريخاجللسة

- التعــارف وبناء ١العالقة

عــام تعريــف -مــج نا لرب باي د شــا ر إل اســري وخطط

اجللسات.

ـ حتقيق جو من األلفة والثقة، والتعريف بالربنامج

وخطة سري اجللسات.ـ مناقشة املشاركني يف

جدول اجللسات وأسلوب إدارة اجللسات.

- التعارف واإليضاح والرشح، واملناقشة،

واجبات منزلية.

مطوية حتتوى عىل تصور

عام للربنامج وأهدافه.

علم النفس االجتامعي، علم النفس السيايس،

علم االجتامع.

١20دقيقة

٧ـ4-١434هـ

مفهوم املسؤولية 2االجتامعية

واملواطنة ومظاهرمها،

واملفاهيم اخلاطئة املرتبطة هبام لدى

الشباب.

ـ توضيح صحيح ملفهوم املسؤولية االجتامعية

واملواطنة.ـ اشرتاك املشاركني يف حتديد مفهوم املسؤولية

االجتامعية واملواطنة.ـ زيادة وعى املشاركني

باملفاهيم اخلاطئة، ومظاهر املسؤولية االجتامعية

واملواطنة.

الرشح واإليضاح،

واملناقشة، إعادة البنية املعرفية،

تغذية مرتدة، واجبات منزلية.

مطوية حتتوى عىل مفهوم

املسؤولية واملواطنة

ومظاهرمها.



١0ـ4ـ٩0 دقيقة١434هـ

املسؤولية جتاه 3الذات.

املسؤولية جتاه اجلامعة.

ـ تدريب املشاركني عىل فهم معنى حتمل مسؤوليتهم

أمام أنفسهم وارتباطه باملسؤولية الشخصية

واحرتام اآلخرين هلم.ـ زيادة إدراك املشاركني ملا

هلم من حقوق وما عليهم من واجبات.

الرشح واإليضاح، إعادة البنية

املعرفية، التعليم النفيس، تغذية

مرتدة، واجبات منزلية

عرض مقاطع تلفزيونية،مطويات

عن احلقوق والواجبات.



١4ـ4ـ٩0 دقيقة١434هـ

مهارة حل 4املشكالت.

ـ إدراك املشاركني طبيعة املشكالت التي يتعرضون

هلا.ـ اكتساب القدرة عىل

الشعور باملشكلة وحتديدها.ـ اكتساب املشاركني القدرة

عىل توليد بدائل للحلول.

الرشح والتساؤل،

املناقشة، العصف

الذهني، تغذية مرتدة، واجبات

منزلية.

مطويات عن مهارة حل املشكالت.

١20 النظرية املعرفية.دقيقة

١٧ـ4ـ١434هـ

مهارة حل 5املشكالت.

ـ زيادة مهارة املشاركني ىف حل املشكالت.

ـ عرض مثال عن مشكلة وتوزيع املشاركني ىف

جمموعات لطرح حلول.

الرشح والتساؤل،

املناقشة، العصف الذهني

تغذية مرتدة، واجبات منزلية.

مطويات عن أسلوب حل املشكالت .


2١ـ4ـ١434هـ

217


216

الفنيات اهلدفموضوعهااجللسةاملستخدمة

الوسائل املستخدمة

األسس النظرية واملصادر

زمن التاريخاجللسة

مهارة التوكيدية 6)توكيد الذات(.

إكساب املشاركني بعض مهارات السلوك التوكيدي.

الرشح واملناقشة،

مراقبة الذات تغذية مرتدة،

واجبات منزلية

مطويات عن السلوك

التوكيديوعرض

مشاهد.

١20 النظرية السلوكية.دقيقة

-4-24١434هـ

28-4-٧ ـ تقييم مرحيل ملدى استفادة املشارك من الربنامج١434هـ

مهارة اختاذ 8القرار.

ـ إكساب املشاركني مهارة اختاذ القرار.

ـ إكساب املشاركني القدرة عىل حتمل نتيجة قراراهتم.

الرشح، املناقشة، تغذية مرتدة، واجبات

منزلية

مطويات عن خطوات

اختاذ القرار واملسؤولية.


5 ـ 5ـ١434هـ

املهارات ٩االجتامعية

فهم بعض املهارات السلوكية لالتصال

الشخيص.

الرشح، اإليضاح،

املناقشة، النمذجة، الربوفات

السلوكية، تغذية مرتدة، واجبات

منزلية.

مطويات عن أمهية املهارات

االجتامعية.

نظرية التعلم االجتامعي

)النمذجة(.

١20دقيقة

-5-8١434هـ

-املهارات ١0االجتامعية.

ممارسة أساليب جديدة يف االتصال.

الرشح النمذجة، الربوفات

السلوكية، تغذية مرتدة، واجبات

منزلية.

عرض مشاهد عن االتصال

اجليد.

نظرية التعلم االجتامعي

)النمذجة(.

١20دقيقة

-5-١2١434هـ

القيم الدينية ١١ودورها ىف

تنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة.

فهم القيم الدينية ودورها يف تدعيم املسؤولية

االجتامعية واملواطنة.

الرشح واإليضاح -

تغذية مرتدة + واجبات منزلية

مطويات عن أمهية القيم

الدينية والتدين

القرآن الكريم والسنة النبوية.

١5-5-٩0 دقيقة١434هـ

١2تقييم هنائي.

- التقييم الذايت للربنامج - إهناء الربنامج وإخبار املشاركني بموعد املتابعة.

االختبار البعدي

١٩-5-٩0دقيقةالقياس النفيس.١434هـ

١8-6-٩0دقيقةالقياس النفيساالختباربعد شهر واحدتقييم )متابعة(١3١434هـ

23-٧-٩0دقيقةالقياس النفيس.االختباربعد شهرينتقييم )متابعة(١4١434هـ

2١-8-٩0دقيقةالقياس النفيس.االختباربعد 3 شهورتقييم )متابعة(١5١434هـ


219 218

الفنيات املستخدمة يف اجللسات:١ ـ إعادة البنية املعرفية: هيدف هذا األســلوب إىل تعديل احلديث الذايت الداخيل واالستامع إىل صوت العقل وتغيري التفسريات السلبية إىل إجيابية. وتستخدم مصطلحات كثرية لوصف هذه العمليــة، مثل إعادة النظر وإعادة التصنيف وإعادة التشــكيل وتعديل االجتــاه )Seaward, 2002:186(، وركزت كل النظريات املعرفية عىل أمهية إعادة البناء املعريف يف منحاها العالجي عىل أساس أن النظام املعريف للفرد من املمكن تغيريه مبارشة، وأن هذا التغيري سوف يؤدي إىل أن تصبح السلوكيات أكثر عقالنية )Sue,Sue& Sue,1994: 83(، وتوجد جمموعة من الطرق اإلرشادية توضع حتت مسميات العالج بإعادة البناء املعريف أو العــالج بالدالالت اللفظية، وتركز هذه الطرق عىل تعديل تفكري املريض واســتدالالته وافرتاضاته واالجتاهات التي تقف وراء اجلوانب املعرفية لديه

.(Brammer, Shostrom& Abrego,1989:188( ،)الشناوي، ١٩٩١م(

2ـ حل املشكلة: عبارة عن »العملية السلوكيةـ املعرفية املوجهة ذاتيا، التي حياول من خالهلا الفرد متييز احللول أو اكتشــافها ملشكالت معينة تواجهه يف احلياة اليومية« )Nezu , Nezu& Lombardo, 2001:17(، ويستخدم حل املشكلة ضمن املكونات النشطة السلوكية للمنحى السلوكي ـ املعريف، ولكن برتكيز أقل عىل املعرفيات، وتركيز أكرب عىل تقييم املبحوث للمشكالت الشخصية،

.)Ell, et al., 2007( وبناء مهارة حتسن من مهارات التقدير الذايت

3ـ تنميــة املهــارات االجتامعية: تطور هذا االجتاه نتيجــة جهود العاملني أرجيىل وكينــدون )Argyle &Kendon 1967)، حيث نظرا إىل الوظيفة االجتامعية عىل أهنا جمموعة من املهارات جيب أن يتعلمها ويامرســها الفرد، وحياول هذا املنحى حتديد نواحي القصور ىف املهارة االجتامعية لدى الشــخص وتعليمه أو تدريبــه عىل هذه املهارات )In: Haddock & Slade ,1996:34(؛ حيث إن تعلم هذه املهارات يفيد اإلنســان يف مواجهة ما يقابله من ضغوط نفسية )الشــناوي، 2003م، ص١33(. ومعظم التفاعالت احلديثة للتدريب عىل

219


218

املهارات االجتامعية جتمع التدريب عىل املهارات املصغرة، مثل االتصال بالعني ودرجة الصوت ووضع اجلسم، باإلضافة إىل املهارات الشاملة األكثر تعقيدا

مثل اإلطراء أو رفض طلب عقالين )رضوان، 2003م، ص68(.

4ـ التدريــب التوكيدي )تأكيد الــذات): يعرف ولبي )Wolpe, 1959) مفهوم تأكيد الذات بأنه القدرة عىل التعبري املالئم عن أي انفعال، إال أن الســلوكيني يعاجلون هذا املفهوم بصورة أكثر اتساعا؛ فالشخص التوكيدي ليس هو فقط من يدرب نفســه عىل العدوان وإعطاء األوامر والتحكم ىف اآلخرين، بل هو أيضا يســتطيع التعبري اإلجيايب عن كثري من املشــاعر األخرى مثل الصداقة والود واإلعجاب والشكر وتدريب األشخاص عىل اجتاهات إجيابية دالة عىل االستحسان والتقبل وحب االستطالع، وأداء الواجبات )نقال عن: إبراهيم

وعسكر، ١٩٩٩م، ص2٩6، 2٩٧(.

5ـ النمذجة )اســتخدام النامذج): تشــري النمذجة بشــكل عام إىل التعلم باملالحظة، ولقــد تــم اســتخدامها لتنميــة مهــارات املواءمــة واملهــارات االجتامعية، ،)BrammerShostrom&Abrego, 1989: 194; Sue, Sue& Sue 1994:98(وتعرف هــذه الفنية باســم التقليد واملحــاكاة أو تقديم النمــوذج الطيب

)العيسوي، 2002م، ص 348( .

6ـ التغذية الرجعية: هتدف التغذية الرجعية إىل توضيح ما وصل إليه املبحوث من مستوى، مع بيان جوانب القوة والضعف لديه )العتيبي، 200١م(.

ن الفرد من تعميم التغريات اإلجيابية التي يكون قد ٧ ـ الواجبات املنزلية: لكــى نمكأنجزها يف الربنامج، ولكي نساعده عىل أن ينقل تغرياته اجلديدة إىل املواقف احلسية، ولكي نقوي وندعم أفكاره ومعتقداته الصحية اجلديدة، يتم توجيهه وتشجيعه عىل

تنفيذ بعض الواجبات اخلارجية )إبراهيم وإبراهيم، ١٩٩3م، ص٩(.8ـ املناقشـــة: تعمل املناقشــة عىل اكتشــاف جوانب اخلطأ يف األفكار الســابقة ن مــن تعلم طرق جديدة تؤدي إىل تنمية القدرة عىل حل لدى الفرد، كام متكاملشــكالت لديه، واكتشــاف الطرق البديلة لتحقيق أهداف أكثر واقعية؛ ما


221 220

يساعد الفرد عىل التعديل من سلوكه االجتامعي والنفيس )العتيبي، 200١م(.٩ ـ إجراءات التجربة: سارت اإلجراءات التجريبية وفقا للخطوات اآلتية:

ـ قــام الباحث باالطالع عــىل الرتاث النظري ملتغــريات البحث، واالطالع عىل البحوث والدراســات السابقة التي تناولت متغريات البحث، وكذلك الربامج

األجنبية والعربية التي تصدت ملتغريات البحث.ـ قام الباحث باالطالع عىل املقاييس املستخدمة يف قياس املواطنة واملسؤولية االجتامعية.ـ قام الباحث بإعادة تقنني مقياس املواطنة وإعداد مقياس املســؤولية االجتامعية،

متحققا من خصائصهام السيكومرتية )الصدق والثبات(.ـ قام الباحث بإعداد الربنامج املستخدم وحتكيمه وجتربته عىل ستة من الطالب.

ـ قــام الباحث بتطبيق املقياســني عىل طالب جامعة تبوك )الســنة التحضريية(؛ هبدف حتديد العينة املطلوبة واحلاصلة عىل درجات منخفضة يف مقيايس املواطنة

واملسؤولية االجتامعية.- قام الباحث بتحديد العينتني الضابطة والتجريبية وتطبيق الربنامج الذي استغرق مخســة أشــهر يف الفرتة من ١434/4/٧هـ إىل ١434/8/2١هـ عىل العينة التجريبية، وخضع أفراد املجموعة التجريبية إىل جلسات مجاعية )فعلية(، استغرق كل منها ما يقرب من ساعة ونصف الساعة إىل ساعتني وبمعدل جلستني أسبوعيا

)األحد واألربعاء( ملدة 6 أسابيع.ـ قام الباحث بتطبيق املقياســني املســتخدمني يف البحث عىل أفــراد املجموعتني

التجريبية والضابطة بعد انتهاء الربنامج مبارشة بشهر وشهرين و3 أشهر.ـ قام الباحــث بتحليل البيانات ومعاجلتها إحصائيا وجدولتها بعد أن اســتخدم

األساليب اإلحصائية املناسبة للتحقق من فروض البحث.

الوسائل اإلحصائية:

ـ اختبار مان ـ ويتني الالبارامرتي.ـ اختبار فريدمان الالبارامرتي.

221


220

نتائج البحث:ـ الفرض األول: ونصه: »توجد فروق ذات داللة إحصائية بني متوســطي الرتب ألفراد املجموعتني التجريبية والضابطة يف املســؤولية االجتامعية واملواطنة بعد تطبيق الربنامج اإلرشــادي يف اجتاه املجموعة التجريبية«. ويوضح اجلدول )5(

النتائج:

اجلدول رقم )5( يوضح الفروق يف املسؤولية االجتامعية واملواطنة بني املجموعتني التجريبية والضابطة بعد تطبيق الربنامج باستخدام اختبار مان ـ ويتني ـ

MannWhitney

حجم املجموعةالبعدالعينة

متوسط الرتب

جمموع قيمة ) U (الرتب

مستوى الداللة

املسؤولية االجتامعية

١523٫00345٫0000000٫000التجريبية١58٫00١20٫00الضابطة

املواطنة١522٫33335٫00000000٫000التجريبية١58٫6٧١30٫00الضابطة

ويتضح من اجلدول الســابق وجود فروق يف املسؤولية االجتامعية واملواطنة بني املجموعتني الضابطة والتجريبية بعد تطبيق الربنامج يف اجتاه املجموعة التجريبية.

ـ الفرض الثــاين: ونصه: »توجد فروق ذات داللة إحصائية بني متوســط الرتب ألفراد املجموعة التجريبية يف املسؤولية االجتامعية واملواطنة بعد تطبيق الربنامج اإلرشــادي مبارشة وبعد القياس التتبعي )شهر، شهران، ثالثة شهور( يف اجتاه

القياس التتبعي«. ويوضح اجلدول التايل النتائج.


223 222

اجلدول رقم )6( يوضح الفروق يف املسؤولية االجتامعية واملواطنة للمجموعة التجريبية بعد تطبيق الربنامج مبارشة والقياس التتبعي )شهر، شهران، ثالثة شهور(

Fridman Test باستخدام اختبار فريدمانمستوى الداللةكا2متوسط الرتبالقياسالبعد

املسؤولية االجتامعية١٫٧٧التجريبية مبارشة

١6٫4١0٫00١2٫0٧بعد شهر

2٫63بعد شهرين3٫53بعد ثالثة شهور

املواطنة١٫٩0التجريبية مبارشة

24٫250٫000١٫٧0بعد شهر

2٫63بعد شهرين3٫٧٧بعد ثالثة شهور

ويتضح من اجلدول الســابق وجود فــروق يف املســؤولية االجتامعية واملواطنة للمجموعة التجريبية بعد تطبيق الربنامج مبارشة والقياس التتبعي )شــهر، شــهران،

ثالثة شهور( ىف اجتاه القياس التتبعي بعد ثالثة شهور.

تفسري نتائج البحثـ الفرض األول

ونصه: »توجد فروق ذات داللة إحصائية بني متوسطي الرتب ألفراد املجموعتني التجريبية والضابطة يف املسؤولية االجتامعية واملواطنة بعد تطبيق الربنامج اإلرشادي يف

اجتاه املجموعة التجريبية«.

ويتضــح من نتائج اجلدول )5( وجود فروق يف املســؤولية االجتامعية واملواطنة بــني املجموعتني التجريبية والضابطة يف اجتاه املجموعة التجريبية، وتتفق نتيجة ارتفاع املســؤولية االجتامعية بعد الربنامج مع نتائج البحوث والدراســات التالية )طاحون، ١٩٩0م؛ العامــري، ١٩٩3م؛ جبل، 2003م؛ ســكران، 2004م؛ الرميح وصادق،

223


222

2004م؛ الصامدي والزعبي، 200٧م؛ قاسم، 2008م؛ عوض، 20١2م(، وتتفق نتيجة ارتفاع املواطنة بعد الربنامج مع نتائج البحوث والدراسات التالية )املرشيف، 200٧م؛

زرزورة، 2008م؛ عالم، 200٩م(.

ويرجع الباحث تأثري الربنامج اإلرشادي يف تنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة إىل كفاءة األساليب والفنيات اإلرشادية املستخدمة التي أثبتت فعاليتها يف كثري من البحوث والدراسات، وركز الربنامج اإلرشادي عىل املتغريات املعرفية وتناوهلا باعتبارها أهدافا للتغيري، فحاول التأثري عىل األفكار واملعتقدات أو تعديل اإلدراك املشــوه وإبدال طرق أخرى للتفكري أكثر مالءمة؛ ما يؤدي إىل إحداث تغيريات معرفية وســلوكية وانفعالية

لدى املبحوث.

وقد قام الباحث باستخدام الفنيات السلوكية ـ املعرفية ملساعدة املبحوثني عىل تغيري البنية املعرفية؛ حيث جاءت جلســة »التعليم النفــيس« لتصحح املفاهيم، وتزيد من وعي املبحوثني بأمهية التوضيح الصحيح ملفهوم املســؤولية االجتامعية واملواطنة، وإرشاكهم يف حتديد مفهوم املســؤولية االجتامعية واملواطنة، وزيادة وعيهم باملفاهيم اخلاطئة، ومظاهر املســؤولية االجتامعية واملواطنة، وتدريبهم عىل فهم معنى حتمل مسؤوليتهم أمام أنفسهم وارتباطه باملسؤولية الشخصية واحرتام اآلخرين هلم، وزيادة إدراكهم للحقوق والواجبات.

وتؤكد كل النظريات املعرفية أمهية إعادة البناء املعريف يف منحاها العالجي، من منطلق أن النظام املعريف للفرد من املمكن تغيريه مبارشة، وأن هذا التغيري ســوف تنعكس نتائجه ىف أن تصبح السلوكيات أكثر مالءمة وعقالنية )Sue, Sue & Sue, 1994: 83(؛ لذلك جاءت جلسات إعادة البنية املعرفية للمبحوثني لزيادة عقالنيتهم ووقف أفكارهم غري املنطقية، وأثبتت فنية إعادة البنية املعرفية كفاءهتا معهم؛ حيث تم تبصريهم بكيفية تأثري أفكارهم عىل انفعاالهتم وسلوكياهتم، كام أن زيادة العقالنية والطرق اجليدة يف التفكري أسهمت ىف تشــجيع التزامهم بالربامج املعنية بتعديل أساليبهم يف احلياة، كام تستخدم

إعادة البناء املعريف ىف تعديل اخللط املعريف.

وتفيد زيادة التوكيدية من ناحيتني، األوىل: أن السلوك التوكيدي يغرس فيه إحساسا أكرب بالسعادة، والثانية: أنه جيعله أكثر قدرة عىل احلصول عىل تعزيزات اجتامعية ومادية،


225 224

وبذلــك حيصل عىل مزيد من الرضا عن حياته؛ فالتدريب التوكيدي يزيد من قدرة الفرد عىل أن يندمج يف ســلوك اجتامعي أو عىل اجلرأة، وحتسني الذات لتمكينها من الدفاع عن حقوقه، والتعبري والتغلب عىل خوفه االجتامعي )هالل، ١٩٩8(، وإظهار احلب، والتعبري عن املودة، واملشاركة اإلجيابية )نقال عن: إبراهيم، وعسكر، ١٩٩٩م، ص2٩6، 2٩٧(.

وىف حل املشــكلة فإن املبحوثني يتعلمون كيف يواجهون وحيلون مشكلة يف مواقف مستقبلية )الشناوي، 2003م، ص١38(، ويستخدم أسلوب حل املشكلة ضمن املكونات النشطة السلوكية للعالج السلوكي ـ املعريف، ولكن برتكيز أقل عىل املعرفيات، وتركيز أكرب .)Ell, et al. , 2007( عىل املشكالت الشخصية، وبناء مهارة حتسن من مهارات التقدير الذايت

أما تنمية املهارات االجتامعية فتفيد اإلنســان يف مواجهة ما يقابله من ضغوط نفسية ر التدريب عىل املهارات االجتامعية باعتباره تقنية )الشناوي، 2003م، ص١33(؛ لذلك طولتعليم مهارات اجتامعية سلوكية لألشخاص الذين يعانون نقصا يف مثل هذه االستجابات، ومعظم التفاعالت احلديثة للتدريب عىل املهارات االجتامعية جتمع التدريب عىل املهارات املصغرة، مثل االتصال بالعني ودرجة الصوت ووضع اجلسم، باإلضافة إىل املهارات الشاملة

األكثر تعقيدا مثل اإلطراء أو رفض طلب عقالين )رضوان، 2003م، ص68(.

ـ الفرض الثاين

ونصه: »توجد فروق ذات داللة إحصائية بني متوســطي الرتب ألفراد املجموعة التجريبية يف املسؤولية االجتامعية واملواطنة بعد تطبيق الربنامج اإلرشادي مبارشة وبعد

القياس التتبعي )شهر، شهران، ثالثة شهور( يف اجتاه القياس التتبعي«.

ويتضــح من نتائج اجلدول )6( وجود فروق يف املســؤولية االجتامعية واملواطنة للمجموعة التجريبية بعد تطبيق الربنامج مبارشة والقياس التتبعي )شهر، شهران، ثالثة

شهور( يف اجتاه القياس التتبعي بعد ثالثة شهور.

وجاءت نتائج الدراسة لتكشف عن استمرارية فعالية الربنامج يف حتسني املسؤولية االجتامعية واملواطنــة لدى املجموعة التجريبية، وهذا يعنــي أن الربنامج له فاعلية ىف حتســني املسؤولية االجتامعية واملواطنة بعيدة املدى. ويرجع ذلك إىل أن الربنامج يساعد

225


224

املبحــوث عىل إجــراء تعديالت عميقة ودائمــة يف األفكار واالنفعاالت والســلوك، وذلك من خالل زيادة االســتبصار باحلقائق العلمية حول طبيعة املسؤولية االجتامعية واملواطنــة، وأمهية اجلانــب النفيس فيها، كام أن إعادة البناء املعــريف وتعديل املعتقدات اخلاطئة واســتبداهلا، وإكساب مهارة حل املشكلة واالتصال الفعال، كل ذلك يؤدي إىل أن يعيش الفرد حياة ســعيدة، ذات معنى، خالية من أي قصور، كام أشارت الدراسات التتبعية إىل أن اإلرشــاد املعريف ـ الســلوكي لــه فاعليته األفضل عــىل املدى الطويل؛ حيث يقلل بدرجــة كبرية من حدوث االنتكاس مقارنة بغريه من العالجات النفســية

)عبداهلل، 2000م، ص١٧0(.

خامتة وتوصيات البحثبناء عىل ما توصل إليه البحث من نتائج تفيد بفعالية الربنامج اإلرشادي يف تنمية

املسؤولية االجتامعية واملواطنة، يوىص بالتايل:ـ االستفادة من تطبيق الربنامج عىل فئات عمرية خمتلفة وتقويم نتائجه.

ـ رضورة توجه البحوث والدراسات إىل تفعيل تنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة، خصوصا يف مرحلة الشباب.

ـ استفادة اجلامعات ووزارات الرتبية والتعليم من تطبيق الربنامج يف تنمية املسؤولية االجتامعية واملواطنة لدى طالهبا.

ـ تدعيم املناهج الدراسية برسائل هادفة من أجل الوصول إىل رؤية متكاملة للرتبية وغرس روح املسؤولية االجتامعية واملواطنة منذ الصغر.


227 226

قائمة املصادر و املراجعإبراهيم، عبد الســتار وإبراهيم ، رضوى )١٩٩3م(. العالج السلوكي متعدد املحاور

ومشكالت الطفل، جملة علم النفس )26(، اهليئة املرصية العامة للكتاب.إبراهيم، عبد الســتار وعســكر، عبداهلل )١٩٩٩م(. علم النفس اإلكلينيكي ىف ميدان

الطب النفيس، الطبعة الثانية، القاهرة: مكتبة األنجلو املرصية.أبو حشيش، بسام حممد )20١0م(. دور كليات الرتبية يف تنمية قيم املواطنة لدى الطلبة

املعلمني بمحافظات غزة، جملة جامعة األقىص )سلسلة العلوم اإلنسانية(.الباز، راشــد بن ســعد )2005م(. أزمة الشباب اخلليجي وإســرتاتيجيات املواجهة، الرياض: مركز الدراسات والبحوث ـ جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.

باقر، ندى عيد )20١2م(. املسؤولية االجتامعية وعالقتها باألداء الوظيفي لدى أعضاء هيئة التدريس يف كلية الرتبية األساسية، جملة كلية الرتبية األساسية، )٧3(.

برقاوي، خالد بن يوسف ) ١42٩هـ( .آراء الشباب اجلامعي حول املسؤولية االجتامعية.. دراسة استطالعية آلراء طالب وطالبات جامعة أم القرى بمكة، ورقة عمل مقدمة ضمن فعاليات امللتقى الســنوي ملراكز األحيــاء بمكة املكرمة، متاح عىل موقع: http://www.ahyaa.org.sa/a/communety.pdf بتاريخ 2٧ـ ١0ـ ١433هـ.

جبل، عبد النارص عوض أمحد )2003م(. العالقة بني ممارسة العالج العقالين االنفعايل مع طالب املرحلة الثانوية وتنمية االجتاه نحو املسؤولية )الفرديةـ االجتامعية(،

جملة دراسات يف اخلدمة االجتامعية والعلوم اإلنسانية ـ جامعة حلوان.اجلبوري، ظاهر حمســن )20١0م(. مفهوم املواطنة لدى طلبة اجلامعة.. دراسة ميدانية

لطلبة جامعة حائل، جملة جامعة بابل.احلارثي، زايد بن عجري )200١م(. واقع املسؤولية الشخصية االجتامعية لدى الشباب

السعودي وسبل تنميتها، الرياض: مركز الدراسات والبحوث.ــــــــــــــــــــــــ )١٩٩5( املسؤولية الشــخصية االجتامعية لدى عينة من الشباب السعودي باملنطقة الغربية وعالقتها ببعض املتغريات، جملة مركز البحوث الرتبوية.

227


226

احلامد، حممد معجب )١426هـ(. الرشاكة والتنسيق يف قيم املواطنة، ورقة عمل مقدمة للقاء الثالث عرش لقادة العمل الرتبوي، الباحة.

محيدة، إمام خمتار) ١٩٩6م(. املســؤولية االجتامعية لدى طالب شــعبة التاريخ بكلية الرتبية، جملة دراسات يف التعليم اجلامعي.

اخلــرايش، وليد بن عبــد العزيز )2004(. دور األنشــطة الطالبية يف تنمية املســؤولية االجتامعية، رسالة ماجستري )غري منشورة(، كلية اآلدابـ جامعة امللك سعود.ربيع، حممد شحاتة )200٩م(. املرجع يف علم النفس التجريبي، عامن: دار املسرية للنرش

والتوزيع والطباعة.رضوان، فوقية )2003م(. دراسات ىف االضطرابات النفسية، القاهرة: دار الكتاب احلديث.الرميح، يوسف أمحد عامر و صادق، حممود حممد أمحد )2004م(. نموذج واقعي مقرتح لتنمية املســؤولية االجتامعية لدى الشــباب اجلامعي جتاه مشكلة احلوادث املرورية )دراســة تطبيقية(، جملة دراســات يف اخلدمــة االجتامعية والعلوم

اإلنسانية ـ جامعة حلوان.زرزورة، أماين صالح صالح أمحــد )2008م(. برنامج مقرتح يف خدمة اجلامعة لتنمية خصائص املواطنة الصاحلة لدى الطالب املشاركني يف النادي الصيفي، رسالة

ماجستري )غري منشورة(، كلية اخلدمة االجتامعية ـ جامعة حلوان.زهران، حامد عبد السالم )2002م(. التوجيه واإلرشاد النفيس، القاهرة: عامل الكتب. الســحيمي، نايف مثيب )2008م(. العوامل املؤدية إىل التغرير بالشــباب للوقوع يف اجلرائم اإلرهابية، رســالة ماجستري )غري منشورة(، كلية الدراسات العليا ـ

جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.سعفان، حممد أمحد )200١م(. اإلرشاد النفيس لألطفال، القاهرة: دار الكتاب احلديث.ســكران، ماهر عبد الرازق )2004م(. اســتخدام العالج املعريف يف تنمية املســؤولية االجتامعية لدى طلبة اجلامعة، جملة دراســات يف اخلدمة االجتامعية والعلوم

اإلنسانية،جامعة حلوان.


229 228

الشناوي، فرحــة )2003م(. جهازك املناعي، كتاب اليوم الطبي، دار اهلالل: )35٩( ـ نوفمرب.

الشــناوي، حممد حمروس )١٩٩١م(. نظريات اإلرشاد والعالج النفيس، القاهرة: دار غريب للطباعة والنرش.

الشهري، فاطمة حممد )2002م(. نعم للمسؤولية، املجلة العربية، )2٩٩(، الرياض: مطابع الرشق األوسط.

صعب، وجيه قاســم القاسم )١428هـ(. دور املناهج يف تنمية قيم املواطنة الصاحلة.. منهــج الرتبية البدنية مثاال، بحث مقدم إىل ندوة دور الرتبية البدنية ىف تعزيز

املواطنة الصاحلة، الرياض.الصامدي، أمحد والزعبي، فايز )200٧م( أثر اإلرشاد اجلمعي بطريقة العالج الواقعي يف تنمية املسؤولية االجتامعية لدى عينة خاصة من الطلبة األيتام، جملة العلوم

الرتبوية والنفسية )جامعة البحرين(.طاحون، حسني حســن )١٩٩0م(. تنمية املسؤولية االجتامعية، دراسة جتريبية، رسالة

دكتوراه )غري منشورة(، كلية الرتبية ـ جامعة عني شمس.العامــر، عثامن بن صالــح )١426هـ(. أثر االنفتاح الثقايف عــىل مفهوم املواطنة لدى الشباب السعودي )دراســة استكشافية (، اللقاء السنوي الثالث عرش لقادة http://www.minshawi.com/ :العمل الرتبوي، الباحة، متاح عىل موقع

other/alaamer.htm بتاريخ 24ـ 8 ـ ١434هـ.

العامري، فاطمة ســامل ســعيد )١٩٩3م(. فعالية برنامج إرشــادي يف تنمية املسؤولية االجتامعيــة لدى عينة من طالبات املرحلــة الثانوية بدولة اإلمارات العربية

املتحدة، رسالة ماجستري )غري منشورة(، كلية الرتبية ـ جامعة عني شمس.عبداهلل، عادل )2000م(. العالج املعريف السلوكي. القاهرة: دار الرشاد.

العتيبــي، خالد )200١م(. فعالية برنامج مقرتح لتنمية مهارات التفكري االســتداليل لدى عينــة من طالب املرحلة الثانوية بمدينة الرياض، رســالة ماجســتري

)غري منشورة(، قسم علم النفس، كلية الرتبية ـ جامعة امللك سعود.

229


228

عثامن، سيد أمحد )١٩٩3م(. املســؤولية االجتامعية، دراسة نفسية ـ اجتامعية، مقياس املسؤولية االجتامعية واستعامالته، ط 3، القاهرة: مكتبة األنجلو املرصية.

ــــــــــــــــــــــــ )١٩86م(.املســؤولية االجتامعية والشخصية املسلمة، دراسة نفسية تربوية، القاهرة: مكتبة األنجلو املرصية.

العزاوي، سامي مهدي )20١2م(. مفهوم املواطنة لدى الشباب العراقي، مركز أبحاث الطفولة واألمومة: جامعة دياىل، املجلد السابع.

عالم، عباس راغــب )200٩م(. فعالية برنامج مقرتح لتنمية قيم املواطنة لدى الطلبة املعلمني بشعبة الدراسات االجتامعية بكلية الرتبية، املؤمتر السنوي الثاين لكلية http://kenanaonline.com/users/ :الرتبية ببورســعيد، متاح عىل موقع

abbasallam/ posts/301449 ، يف ١6 ـ 8 ـ ١433هـ.

عــوض، حســني )20١١م(. أثر مواقــع التواصــل االجتامعي يف تنمية املســؤولية http:// :املجتمعية لدى الشــباب، جامعة القدس املفتوحة، متاح عىل موقعwww.qou.edu/arabic/conferences/social ResponsibilityConf/

drhousniAwad.pdf، يف ١2ـ 8 ـ ١433هـ.

ــــــــــــــــــــــــ )20١2م(. أثر التواصل االجتامعي يف تنمية املسؤولية املجتمعية http:// :لدى الشــباب، جتربة جملس شباب عالر أنموذجا، متاح عىل موقعwww.qou.edu/arabic/conferences/social ResponsibilityConf/

dr_housniAwad.pdf يف 20 ـ 8 ـ ١433هـ.

العيســوي، عبد الرمحن )2002م(، األمراض النفســية وعالجها، اإلسكندرية: دار املعرفة اجلامعية.

الغامدي، عبداهلل عبد الرمحن )١420هـ(. طبيعة املسؤولية الوطنية كام يدركها الشباب اجلامعي، رسالة ماجستري )غري منشورة(، كلية اآلدابـ جامعة امللك سعود. الغزايل، حصة أمحد )2000م(. املسؤولية واجلزاء يف الكتاب والسنة، جملة كلية أصول

الدين بالقاهرة.


231 230

فرحية، نمر )2006م(. الرتبية الوطنية.. مناهجها وطرق تدريسها، مسقط: وزارة الرتبية والتعليم.

قاســم، مجيل حممد )2008م( فعالية برنامج إرشادي لتنمية املسؤولية االجتامعية لدى طالب املرحلة الثانوية، رســالة ماجســتري )غري منشــورة(، غزة: اجلامعة

اإلسالمية.الكايف، إســامعيل عبد الفتــاح )2005م(. موســوعة القيم واألخالق اإلســالمية،

اإلسكندرية: مركز اإلسكندرية للكتاب.الكواري، عيل خليفة )2004م(. مفهوم املواطنة يف الدول الديمقراطية: نافع وآخرون، املواطنــة والديمقراطية يف الدول العربية، بريوت: مركز دراســات الوحدة

العربية.لية، عيل )200٧م(. املجتمع املدين: قضايا املواطنة وحقوق اإلنســان، القاهرة: مكتبة

األنجلو املرصية.حمارمة، ثامر حممد )2008م(. سلوك املواطنة التنظيمية يف األجهزة احلكومية القطرية،

جملة اإلدارة العامة.مراد، حنان، مالكي، حنان )20١١م(. أثر االنفتاح عىل مفهوم املواطنة لدى الشــباب اجلزائري، جملة العلوم اإلنســانية واالجتامعية، عدد خاص، امللتقى الدويل األول حول اهلوية واملجاالت االجتامعية يف ظل التحوالت السوسيوثقافية

يف املجتمع اجلزائري.مرشف، ميســون حممد )200٩م(. التفكري األخالقي وعالقته باملسؤولية االجتامعية وبعض املتغريات لدى طلبة اجلامعة اإلســالمية بغزة، رســالة ماجســتري

)غري منشورة(، كلية الرتبية ـ اجلامعة اإلسالمية بغزة.املــرشيف، انرشاح إبراهيــم )200٧م(. فعاليــة برنامج الرتبية عــىل املواطنة وحقوق http://uqu.edu.sa/page/ :اإلنســان لدى الطفل اليتيم، متاح عىل موقع

ar/١03643 بتاريخ 30 ـ ٩ ـ ١433هـ.

231


230

املوسوعة العربية العاملية )١٩٩6م(. الرياض: مؤسسة أعامل املوسوعة للنرش والتوزيع.ناريان، مارس )2004م(. تعليم القيم اإلنسانية واملواطنة، ورقة عمل مقدمة إىل ورشة

عمل املواطنة يف املنهج املدريس، مسقط: وزارة الرتبية والتعليم.هالل، أمحد احلسيني )١٩٩8م(. برنامج لتعديل بعض اخلصائص النفسية لدى املراهقني من مرىض السكر، رسالة ماجستري )غري منشورة(، كلية الرتبيةـ جامعة طنطا.Brammer, L . M .; Shostrom, E . L . &Abrego, P . J . (1989). Therapeutic

Psychology, Fundamentals of Counseling and Psychotherapy, (5th – ed). United States of America: Prentice – Hall International, inc.

Deer , F. (2010). Teachers’ and Principals’ Perceptions of Citizenship Development of Aboriginal High School Students, Canadian Journal of Educational Administration and Policy, 110, September, PP 130.

Ell, K. ; Quon ,B .; Quinn ,D .;Dwight-Johnson, M. ; Wells, A . ;Lee, P . &Xie, B .(2007). Improving Treatment of Depression among Low-Income Patients with Cancer: The Design of the ADAPT-C Study, General Hospital Psychiatry,29(3),PP 23231-.

Grudzinski-Hall, M. N .(2007). How College and University Undergraduate Level Global Citizenship Programs Advance the Development and Experiences of Global Competencies? Educational Leadership Development and Learning Technologies, Drexel University, available at: http://idea.library.drexel.edu/bitstream/18601/1769/ /Grudz inskiHallMagdalena.pdf

Haddock, G.& Slade, P.(1996) Cognitive– Behavioral Intervention with Psychotic Disorders. Available at:http://books.google.com/books?id=7PIpAMQgbEUC&pri tsec=frontcover&dq=%22Haddock%22+%22CognitiveBehavioural+Interventions+With+Psychotic+Disorders%22+&lr=&source=gbs_summary_r#PPA58,M1.


232

McMahon,S .(2012). Developments in the Theory and Practice of Citizenship, Cambridge Scholars Publishing.

Mhlauli, M . (2012). The Role of Education on Citizenship Development in Africa, British Journal of Arts and Social Science, 4(1), PP104 – 115.

Morais, D.B.& Ogden, A.C.(2011).Initial Development and Validation of The Global Citizenship Scale , Journal of Studies in International Education,15(5),PP 44566-.

Nezu, A. M.; Nezu, C.M.&Lombardo,E. R.(2001). Managing Stress Through Problem Solving,Stress News,13(3) July.

Seaward, B . L . (2002). Managing Stress, Principles and Strategies for Health and Wellbeing, (third-ed), Boston: Jones and Bartlett Pub, inc.

Sue, D.; Sue, D. & Sue, S.(1994).Understanding Abnormal Behavior, (4th -ed), Boston :Houghton Mifflin Company.

233

تركيا وخيارات املستقبل اإلسرتاتيجيةDOI: 10.12816/0012994

د. عصام فاعور ملكاوي)*(أستاذ مساعد بكلية العلوم اإلسرتاتيجية ـ جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ـ الرياض

تعتبــر


امللخصتركيا مثاال بارزا يف إعادة رسم إسرتاتيجيتها، تلبية ملتغريات معادلة مغادرة األطراف واالســتقرار يف مركز األحداث، وهذا ما ياحظ من خــال تنامي الدور الرتكي املســتند إىل نظرية »العمق اإلســرتاتيجي«، التي تعترب أن املوقع اجليوإســرتاتيجي

ا نحو التحرك اإلجيايب يف االجتاهات كافة، خصوصا جوارها لرتكيا وتارخيها يشكان دافعا أساسياجلغرايف، العتبارات إسرتاتيجية يشكل احلفاظ عىل األمن وإعادة الدور املحوري اإلقليمي لسابق

عهده مصلحة عليا هلا.وإن التطورات اجلوهرية التي شهدهتا اجلمهورية الرتكية منذ وصول حزب العدالة والتنمية إىل احلكم يف العام 2002م، و املتغريات اإلقليمية والدولية التي شــهدهتا املنطقة، وشهدها العامل، أســهمت يف وضع تركيا أمام خيارات إســرتاتيجية، تتأرجح ما بني غياب وعزلة عن عامل عريب ا، وبني تعنت ورفض أوريب ال يقبل هبا أو بمشاركتها، ولكنه ا وتارخيي وإسامي يرتبط هبا جغرافيخيشى تركها وانفاهتا. فام كان من تركيا إال أن اختارت عمقها اإلسرتاتيجي مع اإلبقاء عىل حبل

الود موصوال مع غرهبا األوريب.وتبنت تركيا سياسة اقتصادية أسهمت يف زيادة معدالت النمو االقتصادي، كام ساعدها ذلك عىل عمل ترتيبات أمنية جديدة أســهمت يف االستقرار السيايس، خاصة ما يتعلق بسياسة »تصفري

املشكات« التي كانت إىل ماض قريب تؤرق السياسة الداخلية واخلارجية للجمهورية الرتكية.وإن الفهم الناضج لدى واضعي اإلســرتاتيجية الرتكية ســاعد بشــكل كبري عىل فهم هذه املتغريات، والعمل عىل طي صفحات املايض، ما ساعد عىل إهناء حاالت العداء التي كانت تشتعل عىل حدودها، وانطلقت بثقة عالية نحو العامل العريب واإلســامي، أو ما يسمى احلديقة اخللفية أو

العمق اإلسرتاتيجي.الكلامت املفتاحية: تركيا ـ خيارات املستقبل ـ اإلسرتاتيجية.


235 234

AbstractTurkey and Future Strategic Options

By

Dr. Issam F. Malkawi)*(

Assistant Professor, the College of Strategic Sciences, Naif Arab University for Security Sciences

Turkey represents a decisive example of strategic re-planning commensurate to new variables related to the regional stability. This is candidly discernable in the wake of growing role that Turkey is playing. This role relies on the “Strategic Depth Theory”. The latter is identifiable with distinctive Turkish historic background and her geographical setting.

The spectacular changes and developments witnessed by Turkey since the assumption of power by the “Justice and Development Party” during the year 2002 have contributed towards phenomenal variables in Turkish strategic plans. Regional changes have added dimensions to this development. Confronted with twin dilemmas-----alienation with Arab-Islamic World and European rejection-----Turkey was prompted to embark on new strategic course. This was her move to large contacts with the European nations.

Turkey has employed an elaborate economic policy which tends to promote steady economic growth rates. Also, it assists her in her new security build-up. Further, it reinforces her in consolidating its political stability. Pursuant to the latter, Turkey assigns negligible attention to problems that disturb her domestic and foreign policies.

Turkish key policy makers are approaching their problems with matured understanding. They show full comprehension to the recent currents of history. They are reverring their historical hostile policy postures which have threatened the integrity of its herders. Turkey has now embarked on a new course. It is cementing and promoting its relations with the Arab-Islamic world. This is termed as the ground work for “Strategic Depth”

Key Words: Turkey; Future Options; Strategy


235

تركيا وخيارات املستقبل اإلسرتاتيجية.. د. عصام فاعور ملكاوي

234

املقـدمـةإن احلديث عن إســرتاتيجية بناء الدول، خاصــة يف حقبة ما بعد احلرب الباردة، يســتدعي إعادة قراءة دور الدولة الستقراء املســتقبل وبناء إسرتاتيجية جديدة تتاءم وتتواءم مع مســتجدات ومتغريات فرضت نفسها عىل خرباء اإلسرتاتيجية والعاقات ل دافعا رئيسا هلم إلعادة تقييم األدوار اإلسرتاتيجية التي كانت سائدة الدولية، ما شــكيف حقبة انتهت، وبداية حقبة جديدة بدأت وأخذت تشكل بعدا جديدا وحافزا إلعادة استقراء املستقبل من خال رسم إسرتاتيجية جديدة هلذه الدول ملواجهة هذه املتغريات

يف البيئتني اإلقليمية والدولية.

وتعترب تركيا مثاال بارزا يف إعادة رسم إســرتاتيجيتها، تلبية لتلك املتغريات وفق معادلة مغادرة األطراف واالســتقرار يف مركز األحــداث، وهذا ما ياحظ من خال تنامي الدور الرتكي املســتند إىل نظرية »العمق اإلســرتاتيجي« التي خلصها وعمل عىل تنفيذها وزير اخلارجية أمحد داود أوغلو يف كتابه العمق اإلســرتاتيجي، والتي تعترب أن ا نحو التحرك اإلجيايب يف املوقع اجليوإســرتاتيجي لرتكيا وتارخيها يشكان دافعا أساسياالجتاهات كافة، خصوصا جوارها اجلغرايف، العتبارات إسرتاتيجية يشكل احلفاظ عىل األمن وإعادة الدور املحوري اإلقليمي لسابق عهده مصلحة عليا هلا )أوغلو، 2010م،

ص 127، 128(.

وهــذه األمور جمتمعــة دفعت تركيــا إىل إهنــاء القطيعة يف العاقــات الناظمة إلسرتاتيجيتها يف منطقة الرشق األوسط وقضاياه، وإهناء حالة العزلة واالنطواء، والتطلع نحو الرشق بدال من إضاعة الوقت يف السعي إىل االلتحاق بالغرب )االحتاد األوريب(، والتخلص من صفة وهوية الدولة اهلامشــية، أو التابعة، التي كانت تعيش عىل أطراف

املنظومة العسكرية الغربية )حلف الناتو(.

وإن التطورات اجلوهرية التي شهدهتا اجلمهورية الرتكية منذ وصول حزب العدالة والتنمية إىل احلكم يف العام 2002م، إضافة إىل متابعتها املتغريات النامجة عن تغيري املامح يف الصورة العامة للمجتمع الدويل، دفعتها إىل تبني سياســة اقتصادية أسهمت يف زيادة


237 236

معدالت النمو االقتصادي، كام ساعدها ذلك عىل عمل ترتيبات أمنية جديدة أسهمت يف االستقرار السيايس، خاصة ما تعلق بسياسة »تصفري املشكات« التي كانت إىل ماض

قريب تؤرق السياسة الداخلية واخلارجية للجمهورية الرتكية.

وإن الفهم الناضج لدى واضعي اإلسرتاتيجية الرتكية ساعد بشكل كبري عىل فهم هذه املتغريات، والعمل عىل طي صفحات املايض، ما ســاعد عىل إهناء حاالت العداء التي كانت تشتعل عىل حدودها، وانطلقت بثقة عالية نحو العامل العريب واإلسامي، أو ما يسمى احلديقة اخللفية أو العمق اإلسرتاتيجي، حسب تعبري أمحد داود أوغلو، لتصبح تركيا الاعب املؤثر يف املنطقة والرقم الصعب يف التوازنات اإلســرتاتيجية اجلديدة يف

املنطقة، التي تسعى مجيع األطراف فيها إىل عدم خسارته.

القصد من الدراسةحتليل القدرة االســترشافية الرتكية عىل رسم إسرتاتيجية عقانية غري استفزازية، أســهمت يف نقل تركيا من العيش عىل األطــراف، واالنتقال هبا إىل مركز األحداث يف

ا ال يمكن جتاوزه أو جتاهله. الرشق األوسط، واعتبارها العبا أساسي

فرضية الدراسةإن التغريات اإلقليمية والدولية التي شــهدهتا املنطقة والعامل، أســهمت يف وضع تركيا أمام خيارات إســرتاتيجية تتأرجح ما بني غياب وعزلة عن عامل عريب وإســامي ا، وبني تعنت ورفض أوربيني ال يقبان هبا أو بمشــاركتها، ا وتارخيي يرتبــط هبا جغرافيولكنهام خيشــيان تركها وانفاهتا. فام كان من تركيا إال أن اختارت عمقها اإلسرتاتيجي

مع اإلبقاء عىل حبل الود موصوال مع غرهبا األوريب.

ومن هنا يأيت التساؤل الرئيس التايل: ما مدى نجاح اإلسرتاتيجية الرتكية يف الولوج ا مع اإلبقاء عىل تطلعها ألن تكون عضوا يف االحتاد ا وإسامي إىل العمق اإلسرتاتيجي عربي

األوريب مستقبا ؟

237


236

1ـ تركيا واخليارات اإلسرتاتيجية املستقبلية

يبدو أن دراســة ظاهرة التغري يف النظام العاملي وإدراك طبيعة املحاور التي شملها هذا التغري قد أكدت، بصورة غري قابلة للنقاش، وجود اجتاهني رئيســني لتفســري هذه الظاهــرة: االجتاه األول يأخذ بمفهوم التغيري باعتباره ظاهرة عمدية أو إرادية. واالجتاه

ا. ا أو عفوي الثاين يركز عىل أن التغيري يأيت باعتباره نشاطا تلقائي

وهذا ما تؤكده املدرسة الواقعية يف العاقات الدولية، حيث إهنا تؤمن بفكرة التغيري العمدي الذي يتم بفعل جهــود واعية أو إرادية من جانب قوة معينة، انطاقا من أحد االفرتاضات األساســية التي يقوم عليها املذهب الواقعي، وهو أن الدولة هي الفاعل

الرئيس يف النظام الدويل.

وهــذا يعني أن الدول التــي حتققت هلا قوة متزايدة تقــوم بدافع تعزيز مصاحلها املختلفة، سواء املتعلقة منها باألمن أو األهداف األيديولوجية أو املكاسب االقتصادية، وتقوم عىل حتديد ظروف احلرب والسام، وتقنني األوضاع اجلديدة، بام حيقق أهدافها ومصاحلها، وهذا ما أكده روبرت جبلن يف كتابه »احلرب والتغيري السيايس يف السياسة

العاملية« )جبلن، 1981م(.

لذلك البد من اإلشــارة هنا إىل أن هذا البحث قد أخذ بعني االعتبار مقارنة القوة االقتصادية والعسكرية لرتكيا مع بعض القوى اإلقليمية يف املنطقة مثل: إرسائيل، إيران، مرص، السعودية.. حتى يمكن حتليل الدور اإلسرتاتيجي اجلديد لرتكيا، واإلسرتاتيجيات

املتاحة هلا ومستقبل عاقاهتا مع العامل العريب واإلسامي.

2ـ قراءة يف اإلسرتاتيجية الرتكية والتجربة السياسية اجلديدة

يرى الباحث أن تركيا بدأت تستشــعر قوهتا اإلقليمية وتبحث لنفســها عن دور إقليمي بعد وصول حزب العدالة والتنمية إىل الســلطة عام 2002م، وأخذت بالعمل بمفهوم البدائل املمكنة الذي تبحث بموجبه اإلسرتاتيجيات اجلديدة أو املستجدة التي

حددت الدور الرتكي اإلقليمي معتمدة عىل األمهية اإلسرتاتيجية التي متيزها، وهي:


239 238

أ ـ املوقع اجلغرايف والثنائية القارية )آسيا وأوربا(

بعد اهنيار االحتاد السوفيتي واختفاء اخلطر املهدد هلا، فقدت تركيا إحدى وظائفها األساسية باعتبارها خط الدفاع املتقدم حللف شامل األطليس يف أثناء حقبة احلرب الباردة، إال أهنا بقيت حمتفظة بأمهيتها اإلســرتاتيجية نظرا ملوقعها اجلغرايف املتميز، والواقع عىل مفرتق طرق جغرايف مميز بني القوقاز والبلقان والرشق األوسط، كام أهنا دولة مطلة عىل البحرين األسود واألبيض املتوسط، وتتحكم بمضيقي البسفور والدردنيل وقريبة من

بحر قزوين.

ويشــكل هذا املوقع اإلســرتاتيجي لرتكيا قلب املجال اجلغــرايف املصطلح عىل تســميته »أوراســيا«، ويعترب نقطة تقاطع برية لقارات ثاث )آســيا، أوربا، أفريقيا(تصل حيث )www.mogatel.com/openshare/behoth/siasia21/turkey EU(؛ ما بني القارتني اآلســيوية واألوربية، وتفصل تركيا اآلســيوية عــن األوربية بمضيق البســفور وبحر مرمرة ومضيق الدردنيل، التي تشــكل معا ارتبــاط املياه بني البحرين األســود واألبيض املتوسط، وتتميز تركيا بشكل مستطيل بطول 1600كم، والعرض

239


238

800 كم، وحتتل تركيا املركز الســابع والثاثني عامليا من حيث املســاحة، وهي حماطة بالبحار من ثاثة جوانب: بحر إجية إىل الغرب، والبحر األســود يف الشــامل، والبحر

األبيض املتوسط إىل اجلنوب، إضافة إىل بحر مرمرة يف الشامل الغريب من تركيا.

وعليه يمكــن القول بأن املوقع اجليوإســرتاتيجي الذي تتمتع بــه تركيا يؤهلها ويفرض عليهــا االهتامم باالعتبارات اإلقليمية، ويبعد عنها أي شــكل من أشــكال التهديد األمني ألراضيها من ناحية، ويعود عليها بمنافع اقتصادية كثرية، سواء يف إطار عاقاهتا التجارية أو من خال عبور موارد الطاقة عرب أراضيها من ناحية ثانية، ويمنحها موقعها هذا جماال أوســع للحركة والبحث عن النفوذ اإلقليمي والدويل من ناحية ثالثة

)موسوعة ويكيبيديا، جغرافية تركيا(.

ب ـ األمهية االقتصادية

أدرج االقتصاد الرتكي ضمن سبع قوى اقتصادية صاعدة يف العامل إىل جانب الصني والربازيل واهلند وإندونيسيا واملكسيك وروسيا. وأصدر مركز الدراسات بالكونجرس األمريكــي تقريرا حول مســتقبل االقتصاد العاملي )تقريــر الكونجرس االقتصادي، 2012م(، وأثنى عىل تركيا؛ حيث جاءت تركيا بعد الصني يف النمو االقتصادي، وحتتل ا يف العامل. وتوقع التقرير أن حتتل تركيا املركز الثاين تركيا املركز الســادس عرش اقتصادي

عرش بني أكرب االقتصادات يف العامل بحلول عام 2050م.

وإن ما يعزز دور تركيا االقتصادي هو إطاق مرشوع »اجلسور الدولية« الذي هيدف إىل إجياد حتالفات إسرتاتيجية بني أكثر من ألف رشكة أوربية مع نظرائها من تركيا ومرص وتونس هبدف تفعيل التعاون الثاثي )أخبار اخلليج، 12أكتوبر 2011م(، وإن املرحلة األوىل هلذا املرشوع ســتبدأ هناية عام 2012م، وستغطي قطاعات كثرية، بدءا من املواد اخلام حتى املنتج النهائي، وهي: قطاع املابس، الطاقة اجلديدة، صيد األسامك واملزارع

السمكية، قطاع النقل واللوجيستيات، التخزين، الرشاكة التجارية.

ويف يوم 8 ديسمرب 2011م، حسب ترصحيات رئيس الوزراء الرتكي رجب طيب أردوغــان من صفحته عىل املوقع اإللكرتوين »تويرت«، فقد أعرب عن ارتياحه إىل زيادة


241 240

حجم التبادل التجاري مع الدول العربية، الذي تزايد من 13 مليار دوالر عام 2004م إىل 33.5 مليار دوالر عام 2010م. كام بلغت االســتثامرات العربية يف تركيا 14 مليار دوالر خال السنوات الست املاضية. وأهم ما رصح به أردوغان قوله إنه يأمل يف »إنشاء مناطق جتارية حرة مع البلدان العربية؛ حيث توجد اتفاقيات للتجارة احلرة بني املغرب وتونس ومرص وســوريا وفلسطني واألردن، وإن تركيا ما زالت تتباحث لتوقيع اتفاقية جتارية حرة مع لبنان وليبيا ودول جملــس التعاون اخلليجي«. واختتم ترصحياته بقوله: »هدفنا أن نصل مع الدول العربية إىل اتفاقيات إســرتاتيجية تسهم يف التعاون اإلقليمي والتكامل االقتصادي فيام بيننا« )الســقا، 2011م(. والشــك يف أن هناك حاجة تركية للعــرب، إال أن هناك حاجة أكثر إحلاحا من جانب العرب لرتكيا، فدول اخلليج متتلك ثروات مالية يف إطار صناديقها السيادية تتجاوز 1.5 تريليون دوالر، غري أهنا تفتقر إىل التنوع االقتصادي الذي يضمن اســتدامة هذه االحتياطيات الضخمة، يف الوقت الذي تتسم فيه باعتامدها الكبري عىل اخلارج يف استرياد ما حتتاج إليه من سلع وخدمات، ومثل هذه اخلصائص تنطبق بشكل ما عىل الدول العربية النفطية األخرى، مثل ليبيا واجلزائر، أما باقي الدول العربية فتتسم بانخفاض مستويات الدخول وضعف القاعدة اإلنتاجية بشكل عام وزيادة عدد السكان وارتفاع معدالت البطالة وانخفاض معدالت االدخار ين إىل الناتج املحيل اإلمجايل )السقا، 2011م(، واجلدول واالستثامر وارتفاع مستويات الدا، سواء باملقاييس رقم )1( يبني كيف أن االقتصاد الرتكي حيقق ناجتا حمليا ضخام نســبيا، وكذلك انخفاض العربية أو العاملية، غري أنه يتصف بانخفاض معدالت االستثامر نسبيا يف معدالت االدخار )IMF,Oct. 2011(. وكذلك تعد معدالت البطالة مرتفعة نســبيتركيا، وذلك أن تركيا متتلك كتلة ســكانية ال بأس هبا، وتعد الثانية من حيث العدد يف

هذه املجموعة من الدول بعد مرص )السقا، 2011م(.

241


240

اجلدول رقم )1(

ويف الوقت الذي عززت فيه اإلصاحات اهليكلية من أساسيات االقتصاد الكيل ا من خال معدل إمجايل حميل حقيقي سنوي بلغ %5.2 للدولة، حقق االقتصاد الرتكي نموعىل مدار السنوات التسع املاضية بني عامي 2002 و2011م. انظر الشكل رقم )1(.


243 242

الشكل رقم )1( تطور الناتج اإلمجايل املحيل الرتكي )باألسعار اجلارية( منذ عام 1988 وحتى عام 2011

.)Turk Stat( املصدر: معهد اإلحصاء الرتكي

كامحقــق االقتصاد الرتكي نموا بنســبة 9.2% يف عــام 2010م، و8.5% عام 2011م، وهو ما جعله يربز كأرسع االقتصادات نموا يف أوربا، ويصري واحدا من أرسع

االقتصادات نموا يف العامل. والشكل رقم )2( يبني نمو إمجايل الناتج املحيل احلقيقي.

الشكل رقم )2( نمو إمجايل الناتج املحيل احلقيقي لعامي 2010 و2011م

املصدر: تقرير التوقعات االقتصادية الصادر عن صندوق النقد الدويل يف إبريل 2012 ومعهد اإلحصاء .)Turk Stat( الرتكي

عاوة عىل ما سبق ووفقا ملنظمة التعاون االقتصادي والتنمية، فقد توقعت أن تصبح

243


242

تركيا أرسع نظام اقتصادي بني األنظمة االقتصادية النامية يف الدول األعضاء يف املنظمة خال األعوام بني 2011م و2017م، مع متوسط سنوي ملعدل النمو يصل إىل %6.7.

والشكل رقم )3( يبني هذه التوقعات.

الشكل رقم )3( توقعات عن املعدل السنوي لنمو إمجايل الناتج املحيل احلقيقي يف الدول األعضاء بمنظمة التعاون االقتصادي والتنمية خالل الفرتة من 2011 إىل 2017م

املصدر: التوقعات االقتصادية ملنظمة التعاون االقتصادي والتنمية رقم )86(.

وإذا كانت األشــكال الســابقة قد بينت كيفية نمو االقتصاد الرتكي ونمو إمجايل ا الناتج املحيل له عىل مدار عرش سنوات، وكيفية مروره باعتباره أرسع االقتصادات نموا يف العامل، وهذا ما يتنبأ علامء االقتصاد يف إىل أوربــا وواحدا من أرسع االقتصادات نموالعامل بأنه سيســتمر هبذا املســتوى حتى عام 2017م؛ وعليه فإن الباحث يرى رضورة النظر إىل اجلداول املرفقة )2، 3، 4(، وماحظة الفرق بني عامي 2009م و 2012م يف الناتج املحيل اإلمجايل للدول اإلقليمية يف منطقة الرشق األوسط: تركيا، إرسائيل، إيران،

السعودية، مرص.. إضافة إىل عدد السكان لكل دولة منها.


245 244

اجلدول رقم )2( مقارنة بني دول الرشق األوسط ذات األمهية اجليوبوليتيكية

تعداد ا لسكاناملساحة )كم²(الدولةالكثافة

السكانية كم²

العاصمةالناتج املحيل اإلمجايل

املجموعاحلكومةالعملةنصيب الفرد

اللغة الرسمية

الفردالرسمية

أنقرة783.56273.914.00091تركيا 1.028$تريليون[1]

)2008(

$13.920[1][2]

)2008(اللرية

برملاين

ديموقراطيالرتكية

الرياض1.960.58227.136.97714السعودية 593.385$مليار

)2008(

$23.834

)2008(الريال

ملكية

مطلقةالعربية

تل أبيب20.7707.149.529290إرسائيل $200.630

مليار))2008

$28.206

)2008(شيكل

نيايب

ديموقراطي

العربية،

العربية

طهران1.648.19571.208.00042إيران $819.799

مليار))2008

$11.250

)2008(الريال

مجهورية

إساميةالفارسية

القاهرة1.001.44991.000.00074مرص 496.604$مليار

)2010(

$5.898

)2008(العربيةرئايساجلنيه

املصدر:

April 24, 2009, PPP GDP 2008 ـ صندوق النقد الدويل

July 1, 2009, PPP GDP 2008 ـ البنك الدويل

245


244

اجلدول رقم )3( الناتج املحيل اإلمجايل )آخر تعديل بتاريخ 2012م(

الرتتيب الدولة GDP Per Capita

GDP (PPP) Total ($US B)

1 إرسائيل $ 31,000 $ 245.3

2 السعودية $ 20,400 $ 581.3

3 تركيا $ 16,067 $ 1189.9

4 إيران $ 12,900 $ 876

5 مرص $ 6,000 $ 470.4

CIA - The World Factbook GDP Country Comparison (Per Capita PPP) :املصدر

اجلدول رقم )4( قائمة الدول حسب عدد السكان )نوفمرب 2012م(

عدد السكانالدولةالرتتيب

83.688.000مرص1

79.749.000تركيا2

78.868.000إيران3

28.136.000السعودية4

7.765.000إرسائيل5

.»http://ar.wikipedia.org/w/index.php« تم االسرتجاع من

ج ـ األمهية العسكرية

يمكن القول: إن تركيا تســعى منذ فرتة إىل إعادة بناء وضعها اإلقليمي يف املنطقة، مســتغلة الظروف والبيئتني اإلقليمية والدولية لتحقيق ذلك. كام تسعى إىل خلق منطقة نفوذ هلا يف منطقة الرشق األوسط، واستثامرا لألحداث اجلارية يف بعض دوله وعىل مقربة من حدودها، كام أهنا تشــكل القاعدة األمامية حللف شــامل األطليس يف منطقة الرشق األوســط؛ لذلك فقوهتا العسكرية كانت وســتبقى حمل اهتامم حلف شامل األطليس، وما وضع صواريخ باتريوت عىل احلدود بني تركيا وسوريا إال تعبريا عن هذا االهتامم.


247 246

يتيح االتســاع والعمق اجلغرايف لرتكيا إمكانية إنشاء القواعد العسكرية )الوطنية، أو التابعة حللف شامل األطليس(، ونرش القوات، مع تدريبها عىل أعامل القتال يف أنواع األرايض كافة، وبخاصة اجلبلية والزراعية منها، وبمحاذاة السواحل البحرية وعىل امتداد الشواطئ

:)http://www.moqatel.com( النهرية، هذه الطبيعة ساعدت وتساعد تركيا عىل ما ييلـ التحكم بمضيقي البسفور والدردنيل البحريني، ذوي األمهية اإلسرتاتيجية، املتحكمني

يف حركة القوات إىل املناطق اجلغرافية املتامخة عرب البحرين األسود واملتوسط.

ـ متثل تركيا اجتاه االقرتاب الرئييس إىل عمق القارة األوربية من جهة الرشق.ـ توفر شــبكة ضخمة من خطوط املواصات الربية والبحرية واجلوية وحرية املناورة للقوات املسلحة الرتكية داخل مسارح العمليات، إضافة إىل التقدم التقني والعسكري.

واجلدوالن التاليان يبينان القوة العسكرية لكل من تركيا وإرسائيل ومرص وإيران والســعودية. وتعطي قراءهتام داللة واضحة عىل الرتتيب الدويل واإلقليمي للدولة من الناحية العسكرية التي سنتحدث عنها يف املقارنة بني هذه الدول يف املجالني االقتصادي

والعسكري.

اجلدول رقم )5( مقارنة القوى العسكرية

املركز األول السعوديةمرصإيرانإرسائيلتركيانوع القـوةبني الدول

الرتتيب العاملي 1113161426للقوة من 67

مرص79.749.3637.765.70078.868.71183.688.16428.082.541عدد السكانالقوى العاملة

إيران41.637.7733.511.19046.247.55641.157.22015.246.507املتوافرة

املؤهلون للخدمة إيران35.005.3262.963.64239.556.49735.305.38113.043.443العسكرية

عدد السكان الذين بعمر

اخلدمة العسكريةمرص1.370.407121.7221.392.4831.532.052505.868

أعداد القوات تركيا613.900187.000545.000468.500233.500العاملة

إيران429.000565.000651.000479.00025.000قوات االحتياط

247


246

املركز األول السعوديةمرصإيرانإرسائيلتركيانوع القـوةبني الدول

عدد الطائرات إيران1.5126561.858863977املقاتلة

طائرات إيران570138800200368هليكوبرت

تركيا، مرص984732498216مطارات عاملة

مرص، 4.4603.8702.8954.4871.909عدد الدباباتإيران

مرص، 1.7413502.3682.760432مدفعية جمرورةإيران

مرص، تركيا8.8401.750500010.334648مواقع مورترأسلحة مضادة

تركيا، مرص47.027900011.40023.6003.850للدروع

عربات دعم مرص، 23.96017.69024.00057.23515.030لوجيستي

إيرانتركيا6298766772سفن جتاريةتركيا، مرص94374موانئ رئيسةجمموع سفن إيران، 1836540822123القوة البحرية

مرصــــــحاملة طائرات

إيران، ـ144294غواصاتتركيا

تركيا987ـ17فرقاطة حربيةسفن حربية

تركيا73324قديمة

طائرات نرش تركيا7283ـ20األلغام

طائرات خفر إيران4360287519السواحل

تركياـ2620ـ45طائرات برمائية

املصدر: مكتبة الكونجرس األمريكي. www.globalfirepower.com/countries-comparison-detail.asp انظر: املوقع عىل الشبكة العنكبوتية

آخر تعديل كان بتاريخ 2013/1/3م. أخذ املعلومات كان 2013/1/14م.


249 248

اجلدول رقم )6( مقارنة القوى االقتصادية الداعمة للقوة العسكرية

الرتتيبالسعوديةمرصإيرانإرسائيلتركيانوع القـوة

الدين اخلارجيإيران307.700102.60017.90033.750107.100.000)مليار دوالر(

ميزانية الدفاع السعودية18.68715.20910.6874.10746.100.000.000السنوية

احتياطي النقد األجنبي

والذهب والدوالر

السعودية88.21074.870109.70017.660541.100.000

السعودية238.2001.003.000525.600687.100.000تريليونالقوة الرشائية

القوى العاملةمرص، 26.6903.204.0026.37027.4707.630.000)مليون(

إيران، تركيا

إنتاج النفطالسعودية45.7401.000.0004.234.000662.60011.153.000)برميل يوميا(

استهاك النفطالسعودية، 579.500231.0002.028.000740.0002.986.000)برميل يوميا(

إيران

الطرق الربية تركيا، 352.04618.290172.93765.050221.372املعبدة

السعودية

املساحة املغطاة بالسكك احلديدية

تركيا، إيران8.6999758.4425.0831.378

تركيا7.2002732.4402.4502.640طول الساحل

حدود دولية السعودية2.6481.0175.4402.6654.431مشرتكة

السعودية783.56220.7701.648.1951.001.4502.149.690املساحة

املصدر: مكتبة الكونجرس األمريكي.

.www.globalfirepower.com/countries-comparison-detail.asp انظر: املوقع عىل الشبكة العنكبوتية

آخر تعديل كان بتاريخ 2013/1/3م. أخذ املعلومات كان 2013/1/14م.

249


248

د ـ حتليل األمهية االقتصادية والعسكرية الرتكية

بعد احلديث عن األمهية االقتصادية والعسكرية لرتكيا، يرى الباحث رضورة حتليل هذه األمهية وكيفية جعلها عاما جاذبا وباجتاهني بني تركيا والعرب.

وإن نظرة حتليلية لألمهية االقتصادية لرتكيا توضح طبيعة املحور االقتصادي املهم الذي يشكله إقليم الرشق األوسط؛ حيث يضم هذا اإلقليم عاقات اقتصادية ـ جتارية ثنائية االجتاه من طرف، ومتعددة االجتاهات من طرف آخر، تتسم بشموليتها وتنوعها. ويشكل النفط والغاز العمود الفقري هلا، ما أوحى برضورة إقامة شبكة مصالح اقتصادية

إقليمية، تستدعي وتستصحب املشاركة الثنائية واملتعددة بني الدول العربية وتركيا.

وبالنظر إىل اجلداول االقتصادية الســابقة، يتضــح أن االقتصاد الرتكي اعترب من ا يف االقتصادات الدولية املتسارعة النمو، حتى إنه اعترب من أعىل سبعة اقتصادات عامليالنمو؛ حيث بلغ الناتج املحيل اإلمجايل يف عام 2008م 1.028 تريليون دوالر، فيام بلغ

عام 2012م 1.89.9 تريليون دوالر )انظر اجلدولني السابقني »أ« و »ب«(.

وهذا النمو للناتج اإلمجايل املحيل يف تركيا يعود إىل توافر القاعدة الصناعية الكبرية التي تعتمد عىل مواد أولية متنوعة باستثناء الطاقة، إضافة إىل توافر املوارد البرشية الازمة،

ما جيعله اقتصادا جاذبا لاقتصادات العربية.

ويف املقابل، يرى الباحث أن الوطن العريب الذي يشكل مستودع الطاقة اإلسرتاتيجي العاملي، والســوق االســتيعابية االســتهاكية الكبرية للمنتجات الصناعية والزراعية، وقطاعات أخرى كاإلنشاءات والتحويل واالستثامر التجاري املتبادل، إضافة إىل القطاع الســياحي املهم، يعترب دليا ال يمكن جتاهله من قبل تركيا، إضافة إىل ما تم من اتفاقيات والتوقيع عليها بني تركيا والدول العربية، كاتفاقيات التعاون االقتصادي والتجارة احلرة واملناطق املشــرتكة التي عقدت بني تركيا وكل مــن دول جملس التعاون اخلليجي ومرص

ولبنان وسوريا واألردن، إضافة إىل اتفاقية اجلسور الدولية التي سبق احلديث عنها.

هذا مع األخذ بعني االعتبار أن الناتج املحيل كان للمملكة العربية السعودية عام 2008م 593.385 مليار دوالر، فيام بلغ عام 2012م 581.3 مليار دوالر، بينام كان


251 250

الناتج املحيل اإلمجايل جلمهورية مــرص العربية عام 2008م 496.604 مليار دوالر، وانخفض عام 2012م إىل 470.4 مليار دوالر.

وباملقارنة بني الناتج املحيل لرتكيــا والناتج املحيل ألكرب دولتني عربيتني، ناحظ زيــادة الناتج املحيل الرتكي عام 2012م عىل مــا كان عليه عام 2008م، بينام انخفض الناتج املحيل اإلمجايل لكل من السعودية ومرص عام 2012م عام كان عليه عام 2008م.

وحتى يكون املســار العريب باجتاه تركيا ميرسا، فإن عــىل الدول العربية أن توجه مؤسساهتا االقتصادية والتجارية نحو تشجيع احلوار والتعاون والتنسيق بينها إلجياد آليات ثنائية ومتعددة تعمل من خال خمتلف القطاعات االقتصادية واملالية واملائية واالستثامر والتكنولوجيا، وتسهيل إجراءات التنقل لألشخاص ورأس املال والعاملة ومنح القروض

وإجياد أنظمة مالية ورقابية مقننة تعمل عىل التأمني ضد املخاطر السياسية والتجارية.

وباملقابل، فإن املســار الرتكي باجتاه الدول العربية يفرتض أن يكون مسارا ميرسا وسها من خال إجياد آليات تنسيق وتعاون مؤسيس يف تقديم اخلدمات احليوية املشرتكة

والتدريب والتخطيط للمرشوعات، وتشجيع االستثامرات الرتكية يف البلدان العربية.

ويــرى الباحثـ كام هو الوضع يف األمهيــة االقتصادية لرتكيا وعاقتها املرغوبة بالدول العربية كذلكـ األمهية العســكرية لرتكيــا وتطلعها للتعاون مع الدول العربية ا، بديا عــن إرسائيل وعمقا وبشــكل ثنائي يوفــران لرتكيا بديا وعمقا إســرتاتيجيا أمام أوربا التي ما زالت توصد الباب يف وجه تركيا لانضامم لاحتاد األوريب. إسرتاتيجي

فازدياد التعاون العســكري بني تركيــا والعامل العريب، ومن خــال االتفاقيات العســكرية التي وقعت بني تركيا وبعض الدول العربية، حيث وقعت تركيا والكويت اتفاقية تعاون عســكري منتصف عام 2009م إلرساء إطار قانوين لتوسيع التعاون بني اجليشــني. وكذلك وقعت الســعودية وتركيا اتفاق تعاون عسكري يف مايو 2010م، يغطي جماالت التدريــب واألبحاث العلمية والتكنولوجية، كــام يتمثل املجال اآلخر للتعاون الســعودي ـ الرتكي يف قيام الرشكة الرتكية »إف إن إس إس« بتحديث مئات ناقات اجلنود املدرعة »إم 113« األمريكيــة الصنع )تركزيان،2010م(. فمن ناحية اإلنفاق العسكري تأيت السعودية يف املرتبة التاسعة بني أكثر 30 دولة يف العامل إنفاقا عىل

251


250

الشؤون العسكرية، فيام تأيت إرسائيل باملرتبة رقم 18 وإيران باملرتبة 24 ومرص باملرتبة42، ا من حيث القوة بني أقوى 67 دولة يف العامل، تليها باملقابل حتتل تركيا املركز الـ11 عامليإرسائيــل باملرتبة رقم 13، ومن ثم مرص باملرتبة 14 ومن ثم إيران باملرتبة رقم 16، فيام

احتلت السعودية املرتبة 26.

وبالنظر إىل امليزانية الدفاعية لكل من الدول )تركيا، إرسائيل، الســعودية، مرص، إيران(، ناحظ أن ميزانية اململكة العربية السعودية هي األعىل من بني الدول، حيث بلغت عام 2012م 46.100 مليار دوالر، وهي األعىل من دول الرشق األوسط، وأن ميزانية تركيا الدفاعية بلغت يف العام نفسه 18.697 مليار دوالر واحتلت املرتبة الثانية، جاءت بعدها إرسائيل؛ حيث بلغت ميزانيتها الدفاعية 15.209 مليار دوالر واحتلت املرتبة الثالثة، فيام احتلت مرص املرتبة اخلامسة بميزانية قدرت بمبلغ 10.687 مليار دوالر.

وهذه األرقام الضخمة مليزانيات الدفاع يف الدول الكربى يف منطقة الرشق األوسط شكلت بالنسبة لرتكيا عامل جذب يف التوجه إىل معظمها، خاصة الدول العربية وتعويض

خسارهتا اآلنية إلرسائيل نتيجة توتر العاقة معها.

ومن خال ما تقدم، يرى الباحث أنه عند املقارنة بني السعودية وإرسائيل يظهر أن اجليش اإلرسائييل العامل أقل عددا، ولكن لدهيم احتياطي يقدر بأكثر من نصف مليون عســكري جاهزين لاســتدعاء، كام أن اجليش اإلرسائييل لديه طائرات أكثر وأسلحة

أحدث نوعا وتقنية.

وكذلك يف املقارنة بني السعودية وإيران، يظهر أن اجليش السعودي لديه طائرات أكثر بينام اجليش اإليراين لديه أعداد أكثر ومدافع وغواصات أكثر. ومن هنا ناحظ أن التقارب بالقوة بني السعودية وتركيا يمكن أن يشكل عامل حسم وتوازن عسكري إن مل يكن تفوقا يف اإلقليم إذا تم عقد حتالف عسكري بني تركيا والسعودية وانضمت إليه

مرص، وهذا ما ختشاه كل من إرسائيل وإيران.

وإن اجلهود الرتكية لتحديث معدات اجليش األردين تأيت من خال تعاقد األردن مع الرشكة الرتكية »يت آي إيه« لتحسني 17 طائرة مقاتلة متعددة األدوار »إف 16 إيه إم يب إم« أمريكية الصنع، وكذلك االتفاقية مع السعودية مل تكن ممكنة لوال موافقة رسمية


253 252

ودعم ضمني من الواليات املتحدة، وحترص أنقرة عىل إبقاء نشــاطاهتا حمصورة ضمن حدود معينة تفاديا إلثارة سخط الواليات املتحدة )تركزيان، 2010م(.

وعىل الرغم من ترصحيات رئيس الوزراء الرتكي، يوم الثاثاء 6 سبتمرب 2011م، بأن باده ستطبق مزيدا من العقوبات عىل إرسائيل، وأهنا ستعلق متاما عاقاهتا معها فيام يتصل بالصناعات الدفاعية، بعد أن خفضت العاقات الدبلوماسية معها، وأنه سيعلق متاما العاقات التجارية والعسكرية، فإن الباحث يرى أن تركيا ال تستطيع جتاهل صفقات املبيعات العسكرية احلالية واملستقبلية مع إرسائيل، التي تبلغ قيمتها مليارات الدوالرات. كام أهنا تلمح وباستمرار وبوترية متزايدة إىل نيتها العمل عىل التخفيض من حدة التوتر يف عاقاهتا مع تل أبيب إذا قدمت تل أبيب اعتذارا رســميا عن مهامجتها ألسطوهلا احلريب يف 31 مايو 2010م وقتل تســعة نشــطاء أتراك كانوا ضمن جمموعة النشطاء الدوليني

املتحركة لفك احلصار عن غزة.

وإن قيام رئيس الوزراء اإلرسائييل، بنيامني نتنياهو، باالستجابة إىل كامل املطالب الرتكية، وذلــك بعد إعانه يف بيان رســمي اعتذاره إىل نظــريه الرتكي، رجب طيب أردوغان، عرب اتصال تليفوين يف 22 مارس 2013م، تعهد فيه بدفع التعويضات الازمة إىل أهايل الضحايا مــن املواطنني األتراك، وختفيف احلصار االقتصادي عن قطاع غزة، أفىض إىل بروز اجتاهات متناقضة وحتليات متباينة حيال مسار تطور التفاعات الرتكية

ـ اإلرسائيلية خال الفرتة املقبلة.

وقــد جتىل ذلك يف كتابات كثري من الكتاب واملحللــني األتراك، مثل جنكيز كاندار Cengiz Çandar، الذي أشار إىل أن مرحلة ما بعد االعتذار اإلرسائييل متثل »الوقت املناسب

الحرتام الذات«، )خليل، 2013م(. هذا فيام أشار إرهان باشريوت Erhan Başyurt إىل أن »االعتذار اإلرسائييل ال يعيد الرشف لرتكيا وحسب، ولكنه دليل أيضا عىل أهنا أصابت يف هــذه احلالة، بام أظهر قوهتا اإلقليمية«. هذا بينام اكتظ كثري من املدن الرتكية بالافتات، التي حتمل عبارات من قبيل »شكرا أردوغان.. لقد أعدت لنا الكربياء« )خليل، 2013م(.

ومع هذا كله، يمكن القول: إن تركيا تشــكل إحدى اإلضافات النوعية واملهمة ا من عاقاهتا مع إرسائيل وإيران، للتوازن يف الرشق األوسط، حتى وإن مل تتبن موقفا هنائي

253


252

مع ماحظة تراجع يف موقفها من ســوريا الــذي مل يرتجم إىل وضع عميل عىل األرض حلامية الشعب السوري.

وقبــل احلديث عن اإلســرتاتيجية الرتكية املتاحــة التي يراها الباحــث، ال بد من اإلشارة إىل املحارضة التي ألقاها صموئيل هنتنجتون يف إسطنبول )جريدة النهار اللبنانية، 2005/6/16م(، التي حيدد فيها اخليارات اإلسرتاتيجية املحتملة لرتكيا، وتتلخص فيام ييل:

اخليــار األول: هو اخليــار األوريب، الذي يتجىل يف العضويــة الكاملة لرتكيا يف االحتاد األوريب. ويرى هنتنجتون أن هذا اخليار من شــأنه أن حيقق منافع اقتصادية مهمــة لرتكيا، لكنه ســيحد من حريتها يف التحــرك يف املجال االقتصادي، وســيحول دون إمكانية تنفيذ سياسة خارجية مستقلة يف الرشق األوسط أو

يف أي مكان آخر. اخليار الثاين: هو اخليار اإلســامي؛ إذ يستهل هنتنجتون عرضه للخيار اإلسامي بتقديم وصف عن حالة اإلســام واملســلمني كام ترتاءى له. فاإلسامـ حسب رأي هنتنجتونـ يف حالة فوىض، وهو أشــد انقساما من أي حضارة أخرى، وينترش ا من العامل. ويشدد عىل أن أكثر من ســواه من احلضارات يف مناطق متنوعة جداملسلمني يتقاتلون فيام بينهم ويقاتلون غري املسلمني أكثر بكثري مما تفعل الشعوب املنتمية إىل احلضارات األخرى، نتيجة االنقسامات القبلية والدينية والسياسية والثقافية التي حترض عىل العنف بني املســلمني أنفسهم، وبني املسلمني وغري

املسلمني.وهنا يعيد هنتنجتون إىل األذهان ما رشحه يف كتابه »صدام احلضارات« من أن وجود دولة قيادية يف اإلسام هو أمر جيد لإلسام وللعامل، ويبدو هلنتنجتون أن تركيا أنسب من غريها لتأدية هذا الدور، لكن قيام تركيا هبذا الدور يواجه مشكلتني: املشكلة األوىل تكمن يف إرث أتاتورك الذي حدد هوية تركيا كدولة عرصية وعلامنية وغربية، أي: أوربية، كام يعتقد هنتنجتون أن الوقت قد حان إلعادة النظر يف املبادئ التي وضعها أتاتورك قبل ثاثة أرباع القرن، اخلاصة بعلامنية الدولة، وأن تعيد تركيا حتديد دورها يف عامل القرن احلادي والعرشين

املختلف جدا عن مرحلة أتاتورك.


255 254

ا يف العامل اإلسامي، أما املشكلة الثانية التي تقف عقبة أمام تويل تركيا دورا قيادي فتتجىل يف أن معظم البلدان املجاورة هلا كانت جزءا من اإلمرباطورية العثامنية. وكان عىل شــعوهباـ ومنهم العربـ النضال للحصول عىل استقاهلم، وأن التاريخ مــا زال يثري خماوف لدهيم، لذلك ينصح هنتنجتون تركيا أن توضح لشعوب البلدان املجاورة أهنا لن هتدد استقاهلم، وأن أي قيادة متارسها سرتكز

عىل مشاورات مكثفة مع األطراف املعنية. اخليار الثالث: وهو ما أطلق عليه هنتنجتون اخليار القومي لرتكيا، الذي يعني ختيل تركيا عن اخليارين السابقني، األوريب واإلسامي، والرتكيز عىل أمنها وتطورها. ويلفت هنتنجتون انتباه تركيا إىل أهنا تقع يف حميط خطر، ففي مرحلة ما، يف العقد املقبل، يمكن أن متتلك إيران الساح النووي باإلضافة إىل الدول األربع الكربى غري العربية يف هذا املحيط، وهي: إرسائيل وروســيا وباكســتان واهلند. إزاء هذه االحتامالت يرى هنتنجتون أنه جيدر برتكيا أن تواجه السؤال التايل: هل يتعني عليها امتاك األســلحة النووية أيضا للتصدي للمخاطر؟ وينصح هنتنجتون تركيا بأن تعمل عىل تعزيز عاقاهتا األمنية مع الواليات املتحدة وإرسائيل، وأن

تسعى إىل تكييف احللف األطليس ليكون أكثر ماءمة مع حاجاهتا األمنية.

ومن خال ذلــك، يرى الباحث أن القــراءة الواضحة لإلســرتاتيجية الرتكية، والتجربة السياسية اجلديدة فيها، ومسوغاهتا وأطراف معادلة املصالح املرتتبة عىل هذه اإلســرتاتيجية، تساعد عىل وضع إسرتاتيجيات تلبي طموح وتطلع تركيا املستقبيل عىل

املستويني اإلقليمي والدويل، من خال دراسة مفهوم البديل اإلسرتاتيجي.

3 ـ اإلطار املفاهيمي للبديل اإلسرتاتيجي

املقصود بالبديل اإلسرتاتيجي بالنســبة لدولة معينة هو الرشيك الذي تتوافر فيه صفة التشــابه مع الدولة الســاعية إىل التوافق معه يف القيم والتوجهات السياسية، وله القدرة والرغبة يف بناء عاقات مشاركة عىل املدى البعيد، حتقق مصالح مجيع األطراف. وهناك أربعة رشوط جيب توافرها يف البديل اإلسرتاتيجي هي: أوال: امتاك املقومات االقتصادية والعسكرية والنفوذ السيايس والثقايف الذي يمكن الدولة الساعية إىل التوافق

255


254

معه من حتقيق كل أهدافها أو بعضها، ثانيا: رغبة الرشيك اإلسرتاتيجي يف بناء عاقات مشاركة لوجود شبكة مصالح مع الطرف الداخل يف مشاركة معه، ثالثا: اشرتاك البديل اإلسرتاتيجي مع الدولة الساعية إىل إقامة رشاكة معه يف جممل القيم والتوجهات السياسية التي يســعى إىل حتقيقها يف العاقات اإلقليمية والدولية، والرشط الرابع هو: أن يكون ثمة توافق وطني داخل البديل اإلسرتاتيجي حول مرشوع املشاركة، ما يؤدي إىل إمكانية

إقامة عاقات مشاركة معه عىل املدى الطويل )السيد سليم، 2010م(.

والواليات املتحدة ليســت بديا إسرتاتيجيا للعرب؛ ألهنا منحازة إىل إرسائيل يف الرصاع العريبـ اإلرسائييل، وتضغط عىل العرب لتقديم تنازالت إلرسائيل من دون أن تضغط عىل إرسائيل ألداء التزاماهتا يف عملية السام واالنسحاب من األرايض العربية املحتلة. أما البديل األوريب فهو متوافق مع الواليات املتحدة بشــأن السياسات األمنية والتحوالت االقتصادية األساســية يف املنطقة، وإن كان هناك تنافس بينهام عىل أسواق املنطقة، لكن اجلانبني متفقان عىل تعزيز اخللل اإلســرتاتيجي القائم ملصلحة إرسائيل، وعدم ممارســة أي ضغوط عىل إرسائيل يف مسألة عملية السام أو التخيل عن ساحها

النووي )السيد سليم، 2010م(.

ويظهــر البديل الرويس بعد عودة روســيا إىل لعب دور عاملي، خصوصا يف آســيا الوسطى والرشق األوســط، وذلك من خال بوابة املرشوع النووي اإليراين، وموقفها من األزمة السورية احلالية. أما البديل الصيني، فيتمثل يف اعتبار أن الصني إحدى القوى ا، وهي أكرب اقتصاد يف العامل من حيث القوة الرشائية املتساوية، العاملية الصاعدة اقتصاديومتتلك قدرات نووية وصاروخية، لكن قدراهتا العسكرية التقليدية حمدودة، علام بأن هذه القــدرات هي األكثر توظيفا يف العاقات الدوليــة، إال أن الصني تؤكد رغبتها يف حتويل النظام العاملي إىل نظام متعدد األقطــاب، لكن ال يبدو أن لدهيا برناجما لتحقيق ذلك. إذا فالصني بديل إسرتاتيجي أمني واقتصادي حمدود يف الوقت الراهن )السيد سليم،2010م(.

ات وهناك أيضا البديل اإليراين، عىل اعتبار أن إيران رشيك للعرب بحكم الصالتارخيية واجلوار اجلغرايف والتداخل السكاين؛ فهي تطل عىل اخلليج العريب؛ حيث يبلغ طول ســواحلها اخلليجية 3200 كيلومرت، وباقي الــدول املطلة عىل اخلليج هي أقطار عربية. وملا كان اخلليج هو املنفذ البحري الوحيد إليران، واملعرب الرئيس لنحو 80% من


257 256

صادرات نفطها، فإن العاقات العربية ـ اإليرانية تكتسب أمهية خاصة. إال أن إيران ال تشكل يف الوقت الراهن بديا إسرتاتيجيا أساسيا للعرب، خاصة يف ما يتعلق بالقضايا األمنية والبديل املسمى»مثلث القوة« الذي يقوم عىل أساس التوافق اإلسرتاتيجي العريب ـ اإليراينـ الرتكي، لكن واقعية هذا البديل تبدو حمدودة حاليا )السيد سليم،2010م(.

من خال ما تقدم، يرى الباحث أن البدائل اإلســرتاتيجية العربية يف حقبة ما بعد احلرب الباردة حمدودة نوعا ما، وبالذات يف املجالني األمني واإلســرتاتيجي، ما يدعو إىل النظر إىل البديل الرتكي باعتباره بديا حمتما وقابا للتطبيق، وهذا البديل هو حاجة

مشرتكة بالنسبة للعرب وتركيا بالدرجة نفسها.

4 ـ اإلسرتاتيجيات الرتكية املستقبلية

ـ إسرتاتيجية االستبدال األوريب واإلحالل العريب

مل يكن هلذا املصطلح بمفهومه الداليل واإلجرائي مكان يف الذهنية السياسية الرتكية، إال أن الباحث استخدمه لتوضيح الفعل الذي قامت به تركيا عندما تم رفض طلبها لانضامم إىل االحتاد األوريب، ووضعت أمامها رشوط تعجيزية حتول دون دخوهلا االحتاد األوريب. ومل يكن املوقف الرتكي ليأخذ هبذه اإلسرتاتيجية لوال املوقف األوريب املتخاذل بحقها كام يرى الباحث؛ فالساسة األوربيون الذين يؤكدون ـ يف كل مناسبة ـ العاملية والتعددية باعتبارمها من املبادئ األوربية األساسية، يطرحون بكثرة األساس املسيحي للهوية والثقافة األوربية

عندما يتعلق املوضوع بالعاقات مع تركيا )أوغلو، 2010م، ص ص584، 585(.لذلك يرى الباحث أن تركيا وجدت نفسها يف موقف املستجدي عىل الباب األوريب، وأوربا تضعها يف موقف االنتظار، فا هي التي قبلتها ومنحتها عضويتها، وال هي التي رفضتها وكفتها عناء االنتظار؛ حيث تبنت أوربا معها سياســة االنتظار املفتوحة، وربام كان هذا املوقف األوريب كمن يمسك العصا من املنتصف، فا هي ترغب بتحمل نتائج إقصاء تركيا، وال هي قادرة عىل حتمل نتائج إدماجها يف االحتاد األوريب كلية؛ لذلك كان هذا املوقف األوريب حتى يأخذ من تركيا أكرب قدر ممكن من التنازالت دون أن يقدم هلا

القدر نفسه من االعتبارات بحكم جغرافيتها وموقعها وإمكانية انضاممها.

257


256

لذلك فكل الرشوط التي يطلبها االحتاد األوريب من تركيا، مثل: حقوق اإلنسان، قربص، بحر إجية، واملعايري االقتصادية.. ما هي إال ذرائع من أجل إبقاء تركيا بشــكل دائم يف حالة من الرتقب، وليســت مربرات حقيقية من أجل العضوية يف االحتاد؛ حيث أوجدت هذه الرشوط من أجل تطبيق إسرتاتيجية الغموض التي تتبعها أوربا مع تركيا

)أوغلو، 2010م، ص586(.

لذلك تطلعت تركيا إىل حتقيق أهداف معينة ومتعددة يف الداخل واخلارج من خال تنشيط دورها اإلقليمي وعىل مستويني )كاخيا، 2012م(:

املســتوى األول: يتمثل يف األهداف الداخلية من خال ســعي حكومة حزب العدالة والتنمية إىل توسيع قاعدهتا الشعبية، وتأكيد جدارهتا بإدارة الباد.

أما املســتوى الثاين: فكان عىل الصعيد اخلارجي؛ حيث عملت حكومة حزب العدالة والتنمية عىل حمارصة النفوذ اإليــراين املتعاظم يف املنطقة والتقارب مع دول اخلليج العريب وسوريا )قبل تفاقم األزمة السورية احلالية(، ولبنان والفصائل الفلســطينية. هذا إىل جانب العمل عىل حتقيق اخرتاق يف عملية الســام يف الرشق األوسط ويف امللفني اللبناين واإليراين، بام يضع تركيا يف صدارة القوى

اإلقليمية، ويعيد احليوية ملكانتها يف العاملني العريب واإلسامي.

ومن هنا يأيت التساؤل الذي يطرحه الباحث حول كيفية حتول تركيا يف إسرتاتيجياهتا يف اإلقليم، وهي عضو يف حلف الناتو، إضافة إىل أهنا تشكل القاعدة األمامية لدول احللف يف منطقة االهتامم األوىل للحلف يف الرشق األوسط، ولعل اإلجابة تكونـ حسب رأي الباحثـ أن هذا الدور الرتكي املتنامي يف اإلقليم ما كان ليحدث لوال موافقة أمريكية عىل ا يف املنطقة بجانب هذا الدور، ولربام أرادت الواليات املتحدة أن جتعل من تركيا رشطيإرسائيل، ألســباب ثاثة، األول: عدم إبقاء املجال مفتوحا أمام إيران حلرية احلركة يف املنطقة، الثاين: ضبط السلوك اإلرسائييل الذي أخذ يزعج اإلدارة األمريكية وال يساعد عىل استقرار املنطقة، الثالث: منح الدول العربية فرصة التوجه نحو تركيا واالبتعاد عن إيران وعمل جتمع ســني بقيادة تركيا والسعودية يواجه التجمع املذهبي الشيعي بقيادة

إيران وحليفتها سوريا وذراعها )حزب اهلل( يف لبنان.


259 258

وإن اختيار واشنطن تركيا للقيام بدور ضابط اإليقاع اإلقليمي يف املنطقة له داللة عىل أن واشنطن نأت بنفسها عن قوى عربية يف املنطقة، ولكنها ختلت عن بعض القوى لصالح قوة جديدة هي تركيا، من أجل التفرغ إلســرتاتيجيتها اجلديدة يف جنوب رشق آســيا، واملساعدة يف تكوين ما اصطلح عىل تســميته »مرشوع الرشق األوسط الكبري« الــذي كانت اإلدارة األمريكية تنادي به قبل عقدين من الزمن؛ لذلك يرى الباحث أن تركيا قد ختلت عن سياســية احلياد السلبي الذي مارسته طيلة سبعة عقود، وسعت إىل التدخل اإلجيايب يف الرشق األوسط، من خال ما تضطلع به أنقرة من األدوار فيام يتعلق بكثري من امللفات، كامللف العراقي، وامللف الســوري، وامللف اللبناين، وقضية الرصاع العريبـ اإلرسائييل، وتســوية اخلاف الفلسطينيـ الفلسطيني، وفتح ومحاس، وأخريا تطور العاقات الرتكية مع دول اخلليج العربية، والعاقات مع إيران )كاخيا، 2012م(.وعليه، فإن الباحث يرى أن تبني تركيا إســرتاتيجية االســتبدال واإلحال هذه جاء من خال التيقن الرتكي للحقيقة الكامنة يف الدولة الرتكية التي شكلت يف الذهنية السياسية للقوى الدولية واإلقليمية صورة مؤداها أنه آن األوان لكي تلعب تركيا دورها اإلقليمي املناسب حلجمها وقوهتا العسكرية واالقتصادية، وموقعها اجليو إسرتاتيجي، فتمت ترمجة ذلك الشعور اليقيني إىل إسرتاتيجية عملية قابلة للتطبيق بعدما تأكدت تركيا

من أن اجلميع ينظر إليها باعتبارها دولة مؤثرة يف اإلقليم.وإن املنظور اإلسرتاتيجي للقوى الدولية واإلقليمية لرتكيا وأمهيتها اإلسرتاتيجية

يتلخص فيام ييل:

املنظر األول: يكمن يف األمهية اإلسرتاتيجية لرتكيا من منظور االحتاد األوريب، ويتمثل هذا املنظور من خال النظر إىل النموذج الرتكي عىل أنه نموذج يتمحور حول ثاث قيم أسياسية، هي: الديمقراطية، والعلامنية، واإلسام، وأن هذا املنظور يمثل النامذج التالية

:)www.moqatel.com(ـ يمثل نموذجا لإلساميني، من خال هنجي الواقعية واالعتدال.

ـ يمثل نموذجا للديمقراطية اإلسامية املعتدلة، الذي يتم فيه التناوب عىل السلطة بني األحزاب املختلفة، واندماج التيار اإلسامي يف العملية الديمقراطية، وهو

259


258

النموذج الذي تبحث عنه كل من الواليات املتحدة األمريكية واالحتاد األوريب، سعيا إىل تعميمه عىل منطقة الرشق األوسط.

ـ يمثل نموذجا اقتصاديا.ـ يمثل نموذجا لقدرة اهلوية اإلســامية عىل التكيف وتقديم القيم األساســية يف

املجتمع كاحلرية وحكم القانون والعدالة واإلصاح والشفافية.ا مهام ملنظومة حلف الناتو يمكن االعتامد عليه. ـ يمثل نموذجا عسكري

املنظور الثاين: وهو املتمثل يف األمهية اإلســرتاتيجية لرتكيا من وجهة نظر القوى العظمى والدول الكربى، وسنأخذ وجهة نظر كل من: الواليات املتحدة وروسيا:

وجهــة النظر األمريكية: تنظر الواليات املتحدة األمريكية إىل تركيا عىل أســاس توافق أو تقارب األمهية اإلســرتاتيجية واجليوإســرتاتيجية لرتكيا مع االحتاد األوريب؛ حيث إهنام يمثان جرسا لإلسرتاتيجية العسكرية األمريكية، يتحقق معه جتاوب وتفاعل

إسرتاتيجيات يف املحيطني األطليس واهلندي معا.

كذلك فإن الواليات املتحدة توظف األمهية اإلسرتاتيجية لرتكيا لتحقيق التوجهات األمريكية العاملية، مثل ضامن حرية املاحة لألســطول األمريكي عرب املمرات املاحية الدولية، خاصة مضيقي البســفور والدردنيل، إضافة إىل حتقيق االقرتاب األمريكي من احلدود الدولية للدول الكربى، سواء املنافسة )روسيا االحتادية( أو الصاعدة )الصني( من .)www.moqatel.com( خال إقامة القواعد العسكرية الضخمة عىل األرايض الرتكية

أما وجهة النظر الروســية لألمهية اإلسرتاتيجية لرتكيا فتتمثل يف القناعة الروسية التامة هبذه األمهية، خاصة أهنا جزء من احلزام اإلقليمي األمريكي، وهذا ما يزعج روسيا االحتادية، لكنها حريصة أشــد احلرص عىل عاقاهتا اإلسرتاتيجية مع تركيا؛ ألن موقع تركيا اإلسرتاتيجي يرشف عىل البحر املتوسط ويتحكم يف مضيقي البسفور والدردنيل اللذين يمثان الطريق البحري الوحيد لألســطول الرويس من البحر األسود إىل املياه

.)www.moqatel.com( الواقعة يف بحار وخلجان منطقة الرشق األوسط

املنظور الثالث: يتمثل يف اإلسرتاتيجية املتبادلة بني تركيا والقوى اإلقليمية الرئيسة


261 260

يف املنطقة؛ حيث ترى أن تركيا وإيران بينهام تشابه كبري، فإيران تشبه تركيا؛ حيث ال يمكن حتديدها بمنطقة ما، أو حرصها يف إقليم جيوسيايس واحد.

فاملقارنة التي يمكن إجراؤها بني الوضع اجليوسيايس لكل من تركيا وإيران تظهر السامت اجليوإسرتاتيجية إليران، التي تشابه إىل حد ما السامت اجليوإسرتاتيجية لرتكيا،

وهذا يظهر من األمور التالية )أوغلو، 2010م، ص 462، 463(:ـ تقع إيران، مثل تركيا، عىل خط املرور األسايس لاتصال اجلنويب، اآلسيوي ـ األورويب.ـ متتلك كلتا الدولتني حدودا مبارشة مع القوقاز، التي تشكل خط االنتقال املركزي الشاميلـ اجلنويب للقارة األم أوراسيا، وكذلك فإن تركيا جتاور منطقة البلقان التي تشكل الضفة الغربية خلط االنتقال اجلنويب، أما إيران فتجاور خط آسيا الوسطى

ـ أفغانستان ـ اهلند، الذي يشكل الضفة الرشقية خلط االنتقال الشاميل اجلنويب.ـ تتصل تركيا باثنني من البحار )األسود واألبيض املتوسط(، من أصل أربعة بحار وخلجان مهمة يف القارة األورآســيوية، وكذلك تتصل إيران باثنني من البحار

مها: بحر قزوين واخلليج العريب.

فإذا كانت هذه سامت مشرتكة بني الدولتني، فهناك اعتامد متبادل بينهام أيضا؛ حيث نجد أن تركيا تعتمد بشــكل كيل عىل النفط اإليراين وتسعى إىل استبدال الغاز الطبيعي اإليــراين بنظريه الرويس، كام تنظر إيران إىل تركيا عىل اعتبار أهنا البوابة الرئيســة الربية هلــا مع دول القارة األوربية. إال أن تنامي العاقــات البينية بني الدولتني كان يف أوجه يف جمال التعاون األمني، خاصة ما يتعلق بالقضية الكردية، وخماطر تقســيم العراق وما ينتــج عنه من قيام دولة كردية من ناحية، واملخاوف من زيادة تنامي نفوذ حزب العامل الكردســتاين وهتديد األمن واالستقرار الداخيل لكل من تركيا وإيران من ناحية أخرى

.)www.moqatel.com(

ومن خال ما تقــدم، يرى الباحث غياب الرؤية العربية لألمهية اإلســرتاتيجية لرتكيا، ربام يعود ذلك إىل املرياث التارخيــي الذي خلفه احلكم العثامين للوطن العريب، ا مضطربا بني اخللفية التارخيية /السيكولوجية والواقع اجلغرايف. لقد الذي ســلك خطا، متعددة اجلوانب كام هي اليوم، فالنظرة الســابقة كانت النظرة العربية إىل تركيا، تارخيي

261


260

للقوميني العرب شــكلت نظرة سلبية لرتكيا؛ حيث اتسمت نظرة القوميني العرب عن تركيا يف إظهار العثامنيني عىل أهنم استعامريون تسببوا يف ختلف العرب، وباملقابل كانت النظرة الرتكية للعرب متأرجحة ما بني االبتعاد عن الرتاث العثامين واإلحساس بالغدر

واخليانة يف أعقاب الثورة العربية.

وإن تطور النظرة العربية إىل تركيا بــدأ نتيجة لعدد من العوامل املتوازية، بعضها متعلــق برتكيــا ذاهتا، والبعض اآلخــر متعلق باملنطقــة العربية، وهــذه العوامل هي

)ألتون إيشيك، 2010م، ص108(:ـ العوامل املتعلقة برتكيا: أســهمت تطورات كثرية تتعلق برتكيا يف حتسني صورهتا يف العامل العريب، منها: وصول حزب العدالة والتنمية إىل احلكم يف عام 2002م، قــرار الربملان الرتكي يف عام 2003م االمتناع عن التعاون مع الواليات املتحدة األمريكية يف حرهبا عىل العراق، كذلك موقف تركيا حيال احلرب عىل غزة، وما

سمي حادثة دافوس عام 2009م.ويضيف الباحث هنا: املوقف الرتكي الصلب من اعتداء إرسائيل عىل أســطول احلرية ، وإيقاف التعاون العسكري واالقتصادي معها، الذي اعترب أنه أقوى موقف من دولة إقليمية مهمة يتخذ ضد إرسائيل، ولعل تبادل الكلامت الغاضبة من قبل رئيس الوزراء الرتكي رجب طيب أردوغان مع رئيس دولة إرسائيل شيمون برييز خال امللتقى االقتصادي العاملي يف دافوس عام 2009م، يف لقاء عام ومناقشــة

مفتوحة بشأن غزة، جعل منه زعيام شعبيا يف األوساط اجلامهريية العربية.ـ العوامل املتعلقة باملنطقة، خاصة تلك املتعلقة بنظرة العرب إىل تركيا، وبروز عدد من التطورات يف املنطقة، مثل اهنيار عملية الســام العريب ـ اإلرسائييل منذ عام 2000م، والغزو األمريكي للعراق عام 2003م، وصعود إيران كقوة إقليمية، واالنقســامات الداخلية العربية، وثورات الربيع العريب، إضافة إىل املوقف من

سوريا اآلن.

ممــا تقدم، يرى الباحث أن نظرة كثري من العــرب إىل تركيا كانت تتجىل يف املثال اجليد الذي اســتطاعت تركيا أن متثله للغرب من جهة، والدول العربية واإلسامية من


263 262

جهة أخرى، بتأكيد قدرهتا أن تطبق قيم اإلســام يف احلياة العملية مع اســتيعاهبا قيم ن لرتكيا أن تكون مثاال لنموذج حيتذى يف العامل العريب. الديمقراطية، ما مك

ولقد تم تشــكيل النظرة العربية إىل تركيا من خال نظرات وحسابات انطلقت من منظور عريب وإسامي، وهلذا فإهنا ليست مفاجأة أن نجد خروقا يف تلك النظرات بني الدول تبعا للفوارق يف املراكز األيديولوجية داخل العامل العريب )اللباد، 2009، ص 55 ـ 60(.

إسرتاتيجية التوازن والتقارب )إسرتاتيجية البدائل(

بدأت تظهر تغريات يف السياسة الرتكية منذ هناية عقد الثامنينيات مع التغريات يف النظام الدويل واإلقليمي؛ إذ أثر ذلك يف نظرة تركيا إىل الرشق األوسط، إثر انتهاء احلرب الباردة، وهو ما أتاح ألنقرة إمكانية االهتامم بالقضايا اإلقليمية. وحصلت هزتان يف تلك الفرتة مها: اهنيار االحتاد السوفيايت وأزمة اخلليج، وقد تأثرت تركيا بشدة هباتني اهلزتني،

وزادت حرب اخلليج من اهتامم تركيا بالرشق األوسط.

وقد تشكل رأيان أساسيان، األول هو: السياسة التي اختذت العراق وشامله مركزا هلا؛ حيث متت قولبة السياسة القديمة حسب الظروف اجلديدة، وتم الرتكيز عىل احللول العسكرية يف ما يتعلق بذلك. وينحو التيار الثاين إىل طرح آراء بديلة خمتلفة، ترى أن تركيا تأخر اهتاممها بالرشق األوســط، ومن اخلطأ حتديد نظرهتا إىل املنطقة من خال العراق

وشامله فقط.

وتشري ألتون إيشيك )2010م، ص110( إىل أن هذا التيار طرح آراء خمتلفة أكدت الروابط التارخيية والثقافية وتم التشديد عىل تطوير السياسات إىل ما وراء العراق، وأن تقوم هذه النظرة عىل الفرص بدال من التحديات والتهديدات. وتم النظر إىل املنطقة ليس من منظور احللول العسكرية فقط، بل بمفهوم أمني أوسع. وتم طرح عاقات تركيا باملنطقة

من خال تعريف أمني جديد، يتضمن املسائل السياسية واالقتصادية واالجتامعية.

وبدأت تركيا تتبع سياسة جديدة جتاه الوطن العريب أساسها التوجه »جنوبا« لبناء عاقات أوسع مع العرب. وقد أدى ذلك إىل نشوء مناظرة يف الفكر اإلسرتاتيجي العريب حول الدور الرتكي يف الرشق األوســط والوطن العريب، وما إذا كانت تركيا تعد بديا

263


262

ا للدول العربية تعتمد عليه يف حتقيق أهدافها. وقد أسفر ذلك النقاش عن آراء إسرتاتيجيمتباينة )السيد سليم، 2010م(:

ا للوطن العريب، وأهنا متارس ذهب األول إىل أن تركيا ليســت بديا إســرتاتيجيسياسة »خداع واســتغال للعرب، وهي بذلك متارس نوعا من الوصاية اجلديدة عىل العرب، وأهنا تســتفيد من عاقاهتا العربية لتحسني أوراقها التفاوضية مع أوربا ودعم عاقاهتا اإلسرتاتيجية مع الواليات املتحدة، والضغط عىل إرسائيل كي تقدم املزيد من التنازالت خلدمة املصالح الرتكية احليوية يف املنطقة وليس خلدمة القضية الفلســطينية. أما الثاين فيقول: إن تركيا متر بتحوالت إسرتاتيجية عميقة أساسها التحول التصاعدي الواضح يف اقتصادها، والتحول السيايس نحو سيادة القانون والدستور وإضعاف دور ا. العسكر وحتييد املشكلة الكردية، كام أهنا تتجه نحو العامل العريب بوصفه رشيكا إسرتاتيجي

5 ـ مستقبل العالقات العربية ـ الرتكية

تشــري التحركات الرتكية املتعددة األبعــاد يف حميطها اجلغرايف إىل أهنا ال تنبع فقط من اعتبارات سياسية عامة أو سياسات داخلية تكتيكية، بل إىل نظرة إسرتاتيجية شاملة تستهدف تثبيت أنقرة باعتبارها قوة مركزية مؤثرة يف منطقة الرشق األوسط، ويساعدها عىل نمو هذا الدور أنه يأيت يف ظل ظروف إقليمية ودولية مواتية للغاية، ال سيام أن واشنطن تبدي ارتياحا هلذا الدور وتنظر إليه بشكل إجيايب؛ حيث إن أنقرة قد أصبحت، من وجهة ا ال يمكن االســتغناء عنه يف أي ترتيبات. وبعبارة أخرى النظر األمريكية، حمورا إقليمييمكن القول: إنه يف ظل توجهات اإلدارة األمريكية اجلديدة، إدارة أوباما، ستبقى تركيا ا يف تنفيذ إسرتاتيجياهتا يف منطقة الرشق األوسط، خصوصا متثل لواشنطن عنرصا حيويأن مشاركة أنقرة يف تســوية كثري من األزمات الراهنة تسهم يف احلد من النفوذ اإليراين

بإجياد توازن جديد يف منطقة الرشق األوسط )كاخيا، 2012م(.ولعل أبرز دالالت تنامي الدور الرتكي يف منطقة الرشق األوســط، حسب رؤية الباحث، أنه قد جاء ليمأل الفراغ اإلسرتاتيجي يف املشهد العريب، أي أنه قد جاء ليعكس حالــة التفكك التي وصل إليها النظام اإلقليمي العريب وعجزه عن مواجهة التحديات


265 264

األمنية والسياسية، ويرتبط الدور الرتكي املتعاظم بام طرأ عىل حقبة ما بعد احلرب الباردة من مستجدات ومتغريات، لعل أبرزها ظهور قوى إقليمية جديدة تؤدي أدوارا حمورية

يف منطقة الرشق األوسط.وال شك يف أن روح االعتدال التي بدأت تسيطر عىل السياسة الرتكية جتاه املنطقة العربية هي عامل مساعد يف التمكني العريب من التوظيف الرتكي يف الرصاع مع إرسائيل ا ويف كثري من املواقف العربية الازمة والرضورية إلدخال تركيا باعتبارها العبا إضافي

يف منطقة الرشق األوسط، خاصة بعد تنامي القوة اإليرانية.وماذا تعني العاقات العربية ـ الرتكية بالنسبة للعرب؟ وهل يمكن تنسيق موقف عريب إزاء العاقات العربيةـ الرتكية؟ وما شكل التنسيق والعاقات؟ هل يصلح النموذج

الرتكي مثاال للحركات اإلسامية العربية؟إن التوجه الرتكي نحو الوطن العريب هو توجه إسرتاتيجي، فقد كانت هناك تيارات عربية مشككة يف إسرتاتيجية هذا التحول باعتباره وسيلة للضغط عىل االحتاد األوريب. لكن التيار املشكك تراجع بشكل واضح حتت تأثري املؤرشات الدالة عىل حدوث هذا التحول.ا يوسع من والعاقات العربية ـ الرتكية تعني بالنسبة إىل العرب رشيكا إسرتاتيجينطاق البدائل املتاحة، ويســهم يف تعديل املوازين اإلقليمية، واالســتفادة من اخلربات التنموية واإلصاحية الرتكية، فضا عن أن تركيا هي إحدى البوابات املهمة أمام العرب لارتباط مع آسيا الوســطى بطريق »احلرير اجلديد« عرب آسيا )املركز العريب لألبحاث

والدراسات، الدوحة، 2011م(.وهناك توافق عريب عىل بناء عاقات مشاركة مع تركيا، لكن هناك مشكات تتعلق برتمجة هذا التوافق إىل سياسات تطبيقية لعدة اعتبارات، أمهها: أن سياسات الدول العربية جتاه تركيا ومصاحلها معها ليســت متامثلة، كام أهنا تتسم بالقطرية الفردية. إضافة إىل أننا بصدد عاقة غري متجانسة، حيث يوجد يف تركيا حزب سيايس له برنامج شامل للتغري ا ليحصل عىل ثقة الناخبني األتراك. لكن األمر يف إطــار ديمقراطي، كام أنه ينافس دوريليس كذلك بالنسبة للدول العربية؛ حيث ال يسود مثل هذا الربنامج وإن كان يف مرحلة

الضغوط الدولية.

265


264

كام أن حزب العدالة والتنمية يف تركيا يقدم رؤية هلوية تركيا يف العامل وليس للعاقة بني الدين والدولة، فهذه القضية حمســومة يف تركيا قبل وصول احلزب إىل احلكم، لكن يف البلدان العربية ال تزال قائمة وال يزال هذا املوضوع غري حمســوم، ســواء من الناحية

الدستورية أو املامرسة.

كام ال بد من اإلشارة إىل أمهية التنسيق العريبـ الرتكي يف املجال املائي باعتبار تركيا دولة منبع وكذلك يف جمال ترشــيد استخدام املياه وإنتاجها من خال تقنيات حتلية مياه دث ســابقة خطرية البحر، مع التحذير من قبول مرشوع بيع املياه للدول العربية ألنه حيلتبيع دول منبع أخرى املياه للدول العربية. كذلك رضورة بناء عاقات أساســها شبكة مشرتكة من املصالح، مستفيدة من التشابه الثقايف واحلضاري والتارخيي العريبـ الرتكي.

ى العثامنية اجلديدة. والتحذير من بناء عاقات عربية ـ تركية تقوم عىل مفهوم ما يسم

غري أن هناك من يرى أن »النموذج الرتكي شــأنه شأن النامذج األخرى، ال يمكن أن يكون قابا لاستنســاخ« لعدة عوامل منها )املركز العريب لألبحاث والدراســات،

الدوحة، 2011م(:ـ أن الســياق التارخيي والثقايف لتجارب التحديث خيتلف يف تركيا عام هو موجود

يف الوطن العريب.ـ أن احلركة اإلسامية يف تركيا جاءت يف ظل وجود دولة حقيقية قائمة ومؤسسات متجذرة، وقبلت بام هو قائم من علامنية ممأسسة، مع السعي إىل تلطيف العلامنية

املوروثة يف اجتاه املصاحلة مع اهلوية.ـ أن احلركة اإلسامية يف تركيا تطورت يف ظل وجود هامش كبري من الديمقراطية أتاح ظهور أحزاب ذات طابع إســامي انخرطت يف العملية السياسية الربملانية ف إىل مهومهم، ما أنتج والبلدية بــام يمثل نزوال إىل حاجات املواطنني والتعــر

نموذجا واقعيا.غــري أن ثمة اجتاها يرى أن هناك مبالغة يف النظر إىل النموذج الرتكي ويرى أنه غري صالح ألنه »تفتيتي«، ويربط استفادة احلركات اإلسامية من النموذج الرتكي باالبتعاد عن العنف واستخدام الساح الذي جلأت إليه جمموعات إسامية يف العقود القريبة املاضية.


267 266

ويــرى البعض أن حزب العدالة والتنمية ال ينظر إىل الدولة إال كجرس للعبور إىل اإلرث التارخيي، العثامين اهلوية، وال يمكن لألتراك أن يتجاوزوا العرب ألهنم جزء من ز نظرهتم عىل أن النموذج الرتكي قابل لاســتلهام من قبل بعض هــذا اإلرث. كام ترك

احلركات اإلسامية يف الوطن العريب.

6 ـ اخلالصـة

أدركت تركيا أن قيمتها ومكانتها اإلقليمية والدولية تأتيان من خال قدرهتا عىل بناء حتالفات متعددة يف الســياق اإلقليمي والدويل، حتــى إن بدت هذه التحالفات يف ا رؤية البعض متناقضة ومتعارضة، أو ال يمكن اجلمع بينها، خاصة يف بيئة وعرة سياسي

كمنطقة الرشق األوسط.

ويف هذا اإلطار، ترى تركيا أن عاقتها مع أي طرف أو حمور إقليمي أو دويل ليست بديا عن العاقات مع طرف آخر؛ فانضــامم تركيا لاحتاد األوريب لن يؤثر برأهيا عىل دورها يف الرشق األوسط، وحتالفها مع أمريكا ال يؤثر عىل سعيها إىل التعاون مع روسيا، وعاقتها مع العرب ال تعني قطع كل الوشــائج والروابط مع إيران أو إرسائيل، فأنقرة ـ كام وصفها مهندس السياسة اخلارجية الرتكي أمحد داود أوغلوـ جيب أن توصف بأهنا

بلد مركز، وتكون بذلك مسهمة يف التفاعل الدويل ال عبئا عليه.

كام أن التحرك الســيايس الرتكي للعب دور الوســيط أو ما اصطلح عليه الطرف الثالث، خاصة بعد ظهور الفراغ الســيايس يف املنطقة، إثر االحتال األمريكي للعراق، ــت يف العامل العريب، وعــدم القدرة عىل معاجلة مشــكات املنطقة، مثل القضية والتفتالفلســطينية ومســألة العراق، والتدخات اإليرانية يف اخلليج.. ذلك كله دفع بقوة إىل ا نتيجة لفراغ القوة يف املنطقة، ما أدى التوجه للتعامل مع تركيا باعتبارها خيارا إسرتاتيجيإىل مــلء هذا الفراغ عن طريق قوى إقليمية أخرى مثل إيران، وهذا بدوره دفع العرب وتركيا إىل النظر لبعضهام البعض بطريقة تبادلية فيها من التقارب أكثر ما فيها من التباعد.

267


266

املـراجـع

الكتب العربية

أوغلو، أمحد داود )2010م(. »العمق اإلســرتاتيجي: موقع تركيا ودورها يف الساحة الدولية«، بريوت: الدار العربية للعلوم.

تركزيان، آرام )2010م(. »التعاون االقتصادي العسكري بني تركيا والبلدان العربية: إىل أين سيصل؟«، مؤسسة كارنيجي للسام الدويل )صدى(، 15ديسمرب.

ألتون إيشيك، مليحة )2010 م(. »تركيا بعيون عربية«، القاهرة: مركز الرشق للدراسات لإلقليمية واإلسرتاتيجية.

ألتون إيشيك، مليحة )2010م(. »احلوار العريب ـ الرتكي بني املايض واحلارض«، ندوة احلوار العريب ـ الرتكي بني املايض واحلارض، بريوت: مركز دراسات الوحدة

العربية.جبلن، روبرت )1981م(. »احلرب والتغيري السيايس يف السياسة العاملية«.

خليل، حممد عبد القادر )2013م(. »العاقات الرتكية ـ اإلرسائيلية مشــوبة بكثري من احلذر«، معهد الدراسات العربية، 4 إبريل.

السيد سليم، حممد )2010م(. »اخليارات اإلسرتاتيجية للوطن العريب وموقع تركيا فيه«، ندوة احلوار العريب ـ الرتكي بني املايض واحلارض، بريوت: مركز دراســات

الوحدة العربية.كاخيا، إبراهيم إســامعيل )2012م(. »قراءة إســرتاتيجية.. اليقظــة الرتكية واملوقع

اإلقليمي«، جملة الدفاع العريب، 7 يناير.اللباد، مصطفى )2009م(. »فهم تركيا: منظور مرصي، حتليل نظرات داخلية تركية«،

جملد 11، القاهرة: مركز الرشق للدراسات اإلقليمية واإلسرتاتيجية.


269 268

املجالت العلمية:السقا، حممد إبراهيم، »هل يتكامل العرب مع تركيا؟«، املجلة االقتصادية اإللكرتونية،

العدد 6647 ، 2011/12/23م.فرحان حممد فايز. »مستقبل االنتشار النووي يف شامل رشق آسيا«، جملة السياسة الدولية،

العدد 167، يناير 2007م.

التقارير الدورية:تقرير البنك الدويل، »الناتج املحيل اإلمجايل«، 1 يوليو 2009م.

تقرير التوقعات االقتصادية الصادر عن صندوق النقد الدويل، أبريل 2012م، عن معهد .)Turk Stat( اإلحصاء الرتكي

تقرير التوقعات االقتصادية ملنظمة التعاون والتنمية رقم 86 ، 2011 ـ 2017م.تقرير الكونجرس األمريكي حول مستقبل االقتصاد العاملي: القوى االقتصادية الصاعدة

والسياسة التجارية للواليات املتحدة األمريكية، 2012/12/21م.تقرير صندوق النقد الدويل، املؤرشات االقتصادية األساسية، أكتوبر 2010م.تقرير صندوق النقد الدويل، الن... اتج املحيل اإلمجايل، 24 أبريل، 2008م.

الندوات العلمية:نــدوة »العرب وتركيا.. حتديات احلارض ورهانات املســتقبل« 2011م، املركز العريب

لألبحاث ودراسة السياسات، الدوحة.

الصحف:جريدة أخباراخلليج، »مرشوع اجلســور الدولية«، العــدد12621، اجلمعة 12 أكتوبر

2011م، البحرين. جريدة النهار، 2005/6/16م، حمارضة صموئيل هنتنجتون »السياســة العاملية ودور

تركيا يف املستقبل«، بريوت.

269


268

املصادر األجنبية:D.S .Rajan, U.S. China and Development in Southeast Asia Analysis,

Eurasia Review, January 30,2012

The Economist, «How to Get A Date: The Year when the Chinese Economic

Will Truly Eclipse America is in Sight», December13,2001

Hillary Clinton, «America’s Pacific Century», Foreign Policy, November,

2011

U.S.-ASEAN Cooperation: Fact Sheet, Office of the Spokesperson,

Washington, DC. July 22,2011 www.state.gov/r/pa/prs/ps/200/

www.globalfirepower.com/countries-comparison-detail.asp

www.onislam.Net/Arabic/newsanalysis,32010/1/

21/Turkey EU.www.mogatel.com/openshare/behoth/siasia

Turkey-of.en.wikipedia.org/wiki/geography.

271

عرض كتاب:

املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجونتأليف د. نوف حممد العتيبـي)*(

املديرية العامة للسجونمراجعة أ. د. يرسي سعيد حسنني)**(

أستاذ ورئيس قسم علم االجتامع ـ كلية العلوم االجتامعية واإلدارية

ـ جامعة نايف العربية للعلوم األمنية

صــدر

[email protected] )*([email protected] )**(

هذا الكتاب عن مركز الدراســات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم األمنية ضمن سلسلة إصدارات اجلامعة برقم 584 وقد اشتمل عىل 164 صفحة من القطع املتوسط ويتكون من مقدمة ومخسة فصول، تناول الفصل األول مشكلة الدراســة وأبعادها، والفصل الثاين خصص لإلطار النظري والدراسات السابقة، أما الفصل الثالث، فقد تناول اإلجراءات املنهجية، ويف الفصل الرابع تم عرض وحتليل بيانات الدراسة ومناقشتها وعرض نتائجها. أما الفصل اخلامس واألخري فقد تناول خالصة نتائج الدراسة وتوصياهتا، وقد ذيلت الدراسة بمجموعة من املراجع العربية بلغت

نحو 63 مرجعا باللغة العربية، هذا باإلضافة إىل ملخص للدراسة باللغة اإلنجليزية.وباستعراض الفصل األول: وهو بعنوان مشكلة الدراسة وأبعادها نجد أن مشكلة الدراســة تبلورت يف التساؤل الرئيس اآليت: ما واقع املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف الســجون ومعوقاهتا من وجهة نظر املامرسني املهنيني للخدمة االجتامعية يف سجون الرياض ؟ ومن خالل هذا التساؤل تم حتديد جمموعة من التساؤالت الفرعية من أمهها:ـ ما أهداف املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون ؟ وما مبادئها ومهاراهتا


273 272

األساســية ؟ وما مهام وأدوار املامرس املهني؟ ومــا نامذجها ومعوقاهتا املرتبطة بالسجني، واملامرس املهني واملتصلة بإدارة السجن ؟

كام هدفت الدراســة إىل التعرف عىل واقع املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون ومعوقاهتا من وجهة نظر املامرسني املهنيني للخدمة االجتامعية يف سجون الرياض. وذلك من خالل حتديد أهداف املامرســة ومبادئهــا وبيان مهاراهتا يف الســجون. مع توضيح مهام املامرس املهني وأدواره املهنية، وكذلك تقديم نامذج املامرسة وحتديد معوقاهتا ذات الصلة بالسجني أو املامرس أو املتصلة بإدارة السجن.أما عن أمهيـــة الدراسة النظرية فيمكن القـول: إهنا تقـدم أساسا مهنيا ملامرسة

اخلدمة االجتامعية يف السجون قائام عىل األساس املعريف أو املهاري والقيمي.ـ أما عن األمهيــــة العملية للدراســـة، فمن املأمول أن تسهم نتائجها يف حتسني

وتطوير املامرسة املهنية وتطوير مهارات العمل يف جمال املؤسسات العقابية.ولقد اعتمدت الدراسة عىل جمموعة من املفاهيم اآلتية:

1 ـ املامرسة املهنيةجمموعة من املامرســات املهنية التي يقوم هبا االختصايص االجتامعي بالســجون ضمن مهام وظيفته، وهتدف إىل توفري الرعاية االجتامعية لنزالء السجون وإعادة تأهيلهم

ليصبحوا أفرادا صاحلني يف املجتمع.

2 ـ املامرس املهنيهو الشــخص املؤهل علميا ومهنيا للعمل بالســجون، وهو املسؤول عن تقديم

اخلدمات االجتامعية للسجناء، ويسهم يف إعادة تأهيلهم خالل مدة العقوبة.

3 ـ السجونالسجن هو املكان املعد لتقويم السجناء، وتأهيلهم وهتيئتهم لالندماج يف املتجمع

بعد اإلفراج عنهم.

4 ـ السجنيمن قام بفعل جيرمه القانون وتم إيداعه الســجن )رجــال كان أو امرأة( وقيدت

حريته، وخيضع لنظام السجن ولوائحه.

273

عرض كتاب املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون... أ. د. يرسي سعيد حسنني

272

أما الفصل الثاين: وهو بعنوان اإلطار النظري والدراسات السابقة:

فقد تضمن:

1 ـ املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية بالسجون وتشتمل عىل:

أ ـ خصائص اخلدمة االجتامعية يف السجون التي تتلخص يف: أهنا عملية تقوم عىل التخطيط والتنظيم وفق السياسة العامة للمجتمع، وتعتمد عىل اجلهود املادية والبرشية، وتعمل عىل إزالة العقبات التي تعرتض األفراد واجلامعات، ومتول

من موارد املجتمع نفسه، ويتم تنفيذها من خالل إدارة السجن.ب ـ أهــداف اخلدمة االجتامعية يف الســجون: مســاعدة املســجونني عىل تنمية شــخصياهتم ومقابلة حاجاهتــم، وإتاحة الفرص هلم الكتســاب املهارات املختلفة، وغرس القيم االجتامعية كالعدل والصدق واألمانة واستغالل وقت

فراغهم بام يعود عليهم وعىل املجتمع بالنفع.ج ـ عوامل نجاح برامج اخلدمة االجتامعية يف السجون، حيث إنه من أهم عوامل نجاح برامج اخلدمة االجتامعية، اإلعداد املناسب للربامج، والتنفيذ الصحيح هلا، ومتابعة سري العمل أثناء تنفيذها، والتقييم املستمر لتعديل ما يتطلبه األمر.دـ صفــات املامرس املهني للخدمة االجتامعية بالســجون: أن يكون لديه الثبات واالتزان يف الشخصية، وأن يكون عىل قدر مرتفع من الذكاء، وأن يكون لديه قــدرة تنفيذية فاعلة، مع إتقانه للمهارات املهنية، واحرتام القيم واالجتاهات

االجتامعية، والتجاوب مع السجناء، باإلضافة إىل الكفاية واخلربة.هـ ـ مهارات املامرس املهني للخدمة االجتامعية يف الســجون: وتتضمن املهارة يف إنشاء عالقة مهنية إجيابية، واملهارة يف حتليل املواقف، واملهارة يف تفهم مشاعر السجناء، واملهارة يف تطوير الربامج، واملهارة يف االستفادة من موارد املؤسسة، واملهارة يف التقويم، هذا باإلضافة إىل املهارات املعرفية واالبتكارية واإلدراكية،

والتأثريية، والقيادية.

و ـ املبادئ األساسية للمامرســة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون: وتتضمن


275 274

مبادئ اجتامعية مهنية تشتمل عىل: املوضوعية، التقبل، العالقة املهنية، الرسية وتقرير املصري، واملسؤولية االجتامعية، والدراسة املستمرة.

أما املبادئ املهنية اإلدارية فتتضمن: إقامة عالقة إجيابية هادفة، االلتزام بأهداف املؤسسة، املشاركة، االتصال، التنسيق، التقييم.

ز ـ أدوار املامرس املهني للخدمة االجتامعية يف السجون: يتمثل دور االختصايص يف املامرســة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون من خالل املراحل التالية، مرحلة الدراسة االجتامعية حلالة النزيل، ثم مرحلة التشخيص والتوجيه، ثم

مرحلة العالج، والعالج ينقسم إىل عالج ذايت وآخر بيئي.

2 ـ نامذج املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية املطبقة يف السجون، وتتضمن:

.Crisis Intervention أ ـ نموذج التدخل يف األزماتب ـ نموذج العالج السلوكي.

3 ـ السجون باململكة العربية السعودية، ويتضمن:

ـ تطوير السجون من العقاب إىل اإلصالح والتأهيل.ـ ثم استعراض أنواع السجون.

ـ وأخريا اخلدمات التي تقدمها السجون للنزالء وأرسهم.

4 ـ الدراسات السابقة

حيث اطلعت الباحثة عىل عدد من الدراســات السابقة التي تناولت دور املامرس االجتامعي يف املؤسسات اإلصالحية، حيث أشار معظمها إىل موضوع الدراسة بشكل عام أو تطرقت إليه من جانب موضوعي مغاير، وقد بلغت هذه الدراسات 7 دراسات

مجيعها باللغة العربية.

أما الفصل الثالث: فكان بعنوان »اإلجراءات املنهجية للدراسة«:ـ حيث اتبعت الدراســة احلالية أســلوب الدراســات الوصفية باستخدام املسح

275

عرض كتاب املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون... أ. د. يرسي سعيد حسنني

274

االجتامعي الشامل.ـ حيث متثل جمتمع الدراسة يف مجيع املامرسني املهنيني للخدمة االجتامعية يف سجون

الرياض وعددهم 36 ممارسا وممارسة.ـ وعىل هذا األساس فإن احلدود البرشية للدراسة متثلت يف املامرسني املهنيني العاملني

بسجون الرجال والنساء بمدينة الرياض.ـ أما احلدود املكانية، فهي سجن النساء بامللز، وكذلك سجن الرجال بامللز وسجن

احلائر.ـ أما احلدود الزمنية للدراسة فكانت من 1433/5/1هـ ـ 1433/7/1هـ.

ـ أما أدوات الدراسة فقد اقترصت عىل االستبانة كأداة جلمع بيانات الدراسة وقد خضعت إلجراءات الثبات والصدق.

SPSS ـ وقد اســتخدمت الدراسة العديد من املعاجلات اإلحصائية وفقا لربنامجمثل املتوسط احلسايب واالنحراف املعياري واختبار )ب( وحتليل التباين األحادي.

ويف الفصل الرابع وعنوانه: عرض وحتليل بيانات الدراســة ومناقشــتها فقد تم استعراض خصائص جمتمع الدراسة، والنتائج املتعلقة باإلجابة عن تساؤالت الدراسة، من حيث أهداف املامرســة املهنية يف السجون واملبادئ األساســية للمامرسة املهنية يف السجون، واملهارات األساسية للمامرسة املهنية يف السجون، ومهام وأدوار املامرس املهني ونامذج املامرسة ثم اختتم الفصل بمعوقات املامرسة ذات الصلة بالسجون، وذات الصلة

باملامرس االجتامعي وأخريا ذات الصلة بإدارة السجن.

أما الفصل اخلامس واألخري: فقد خصص خلالصة نتائج الدراسة وتوصياهتا حيث توصلت الدراسة إىل جمموعة من النتائج من أمهها:

ـ أهم أهداف املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون.ـ املبادئ األساسية للمامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون.

ـ املهارات األساسية للمامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون.ـ مهام املامرس املهني للخدمة االجتامعية يف السجون.


276

ـ أدوار املامرس املهني للخدمة االجتامعية يف السجون.

ـ نامذج املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية يف السجون.ـ معوقات املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية ذات الصلة بالسجني.

ـ معوقات املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية ذات الصلة باملامرس املهني.ـ معوقات املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية ذات الصلة بإدارة السجن.

كام توصلت الدراسة إىل جمموعة من التوصيات صيغت بنفس تقسيم النتائج السابقة.

بعد استعراض الدراســة واالطالع عليها وفحصها فحصا علميا يتضح أن هذه الدراسة تنتمي إىل دراســات اخلدمة االجتامعية التي تتبنى نظرية املامرسة العامة كاجتاه حديث يف املامرسة املهنية للخدمة االجتامعية بدال من الرتكيز عىل طرق اخلدمة االجتامعية يف املامرســة، ومن ناحية أخرى ركزت الدراســة عىل جمال رعاية املسجونني، وهو من

املجاالت احليوية ملامرسة اخلدمة االجتامعية.

ولقد اتبعت الدراسة قواعد املنهج العلمي وتم تقسيمها إىل جزء نظري وآخر ميداين متبعة يف ذلك األساليب العلمية املتعارف عليها يف بحوث اخلدمة االجتامعية من حيث

خطوات البحث االجتامعي وصوال إىل النتائج العلمية التي توصلت إليها الدراسة.

وعىل هذا فإن هذه الدراسة تناولت موضوعا مهام بالنسبة للخدمة االجتامعية وجمال رعاية املسجونني من ناحية أخرى، واتبعت منهجية علمية وتوصلت إىل نتائج علمية ال بأس هبا، ويف احلقيقة نحن يف حاجة ماسة لتناول موضوع املامرسة املهنية لتطوير أساليبها وحتسني أداء املامرسني االجتامعيني يف كل جماالت اخلدمة االجتامعية وخصوصا يف جمال اجلريمة واالنحراف، وعموما يشــكل هذا الكتاب إضافة علمية تضاف لرتاث اخلدمة

االجتامعية وأدبياهتا.

277

تقرير عن مؤمتر:»دور اإلعالم العريب يف التصدي لظاهرة اإلرهاب«

أ.د. عبد احلفيظ سعيد مقدم)*(عميد مركز الدراسات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم األمنية

عــرف


اإلرهاب يف العقدين األولني من القرن احلادي والعرشين تطورات رهيبة، حيث ازدادت خماطره، وتعقدت عملياته، خاصة بعد اســتغالله لوسائل اإلعالم واالتصال اجلامهريية احلديثة التي يستخدمها اإلرهابيون يف تنفيذ نشــاطاهتم اإلجرامية، ويف التجنيد والتمويل والدعم اللوجيســتي، وإطالق الدعاية واإلشــاعة واحلرب النفســية؛ لرتهيب الناس ومحلهم عىل الضغط عىل نظام احلكم يف

دوهلم؛ لالستجابة لطلباهتم املتطرفة. فاإلعالم هو سالحها يف كل هذا.

وانطالقا من هذا، ونظرا للدور الذي يمكن أن يؤديه اإلعالم ووســائل االتصال احلديثة يف التصدي لإلرهاب وإدانته وعزله وفضح أساليبه ومعتقداته، ويف صياغة رأي عام مضاد لإلرهاب، ويف نرش ثقافة التسامح والوسطية واالعتدال يف املجتمع، نظمت جامعة نايف العربية للعلــوم األمنية بالتعاون مع األمانة العامة ملجلس وزراء اإلعالم العرب، خالل الفرتة من 24 ـ 26 صفر 1436هــ املوافق 16 ـ 18 ديسمرب 2014م.

مؤمتــرا حول »دور اإلعالم العريب يف التصدي لظاهرة اإلرهاب« هيدف إىل دعوة األكاديميني والباحثني واخلرباء يف جمال اإلرهاب واإلعالم مع صانعي القرار يف املجال الســيايس واألمني، لتشــخيص الواقع احلايل لإلعالم العــريب يف تعامله مع اإلرهاب والكشف عن استخدامات اجلامعات اإلرهابية لتكنولوجيا اإلعالم واالتصال احلديثة واإلنرتنت يف تنفيذ عملياهتا اإلجرامية، وكذا البحث عن ســبل التصدي هلذه الظاهرة من خالل االستخدام الفعال لإلعالم وتكنولوجيا االتصال احلديثة، ومن خالل رسم


279 278

إســرتاتيجية إعالمية عربية متكاملة تقوم عىل التخطيط العلمي واإلعالمي والسيايس واألمني لقهر ليس اإلرهاب فقط، وإنام الفكر الضال واملتطرف اللذين يغذيانه.

وبناء عىل التنسيق املشــرتك مع األمانة العامة ملجلس وزراء اإلعالم العرب، قام املركز بتشكيل جلنة علمية من املتخصصني يف جمال اإلعالم لوضع تصور علمي لألهداف

واملحاور األساسية وبرنامج العمل.

أهـداف املؤمتـر:سعى املؤمتر إىل حتقيق األهداف التالية:

1 ـ دعم التواصل بني املؤسسات اإلعالمية واألمنية للتصدي لإلرهاب.2ـ كشف طرق استخدام اإلرهاب لتكنولوجيا اإلعالم احلديثة يف التجنيد والتمويل

وتنفيذ العمليات. 3 ـ ترسيخ قيم التسامح والوسطية واالعتدال.

4ـ االستفادة من التجارب احلديثة يف جمال استخدام اإلعالم اإللكرتوين للتصدي لإلرهاب.

5 ـ تفعيل اإلسرتاتيجية اإلعالمية العربية املشرتكة ملواجهة ظاهرة اإلرهاب.

حمـاور املؤمتـر1 ـ استخدام اجلامعات اإلرهابية واملتطرفة لوسائل اإلعالم واالتصال احلديثة.

2 ـ اإلرهاب يف اإلعالم العريب واألجنبي.3ـ املسؤولية االجتامعية والقانونية واألمنية لوسائل اإلعالم يف الوقاية من اإلرهاب.

4 ـ جتارب إعالمية عربية يف مكافحة اإلرهاب.

وقد اســتقبلنا وهلل احلمد عددا كبريا من األوراق العلمية، وقد تم اختيار ســت عــرشة ورقة تتوافر فيها الرشوط العلمية، وما يتناســب مع أهــداف املؤمتر وحماوره، والوقــت املتاح. وقد توزعت األوراق العلمية عىل أربعة حماور أساســية: ركز املحور

279

تقرير عن مؤمتر »دور اإلعالم العريب يف التصدي لظاهرة اإلرهاب«... أ.د. عبد احلفيظ سعيد مقدم

278

األول عىل األوراق التي تناولــت دور اإلعالم اجلديد يف نرش ظاهرة اإلرهاب وكيفية اســتخدامه من طرف اجلامعات اإلرهابية يف عمليات التجنيــد والتحريض واإلقناع والتمويل وتنفيذ عملياهتا امليدانية. وتضمن املحور الثاين ثالث أوراق تناولت إشكالية اإلعالم العريب يف مواجهة ظاهرة اإلرهاب. وتناول املحور الثالث األوراق التي ركزت عىل املســؤولية االجتامعية لوســائل اإلعالم يف الوقاية والتصــدي لظاهرة اإلرهاب. أما املحــور الرابع فقد تناول بعض التجــارب اإلعالمية العربية، وكــذا التعاون بني املؤسسات األمنية واإلعالمية لبناء إسرتاتيجية إعالمية عربية للتصدي لظاهرة اإلرهاب. وانتهى املؤمتر بمجموعة من التوصيات توزعت عىل ثالثة حماور أساسية نستعرضها فيام

ييل:

أوال: املحور الديني والترشيعي واالجتامعي

التوصية )1(

إبرام اتفاقية عربية تنظم عمل وســائل اإلعالم واالتصال التقليدية منها واحلديثة بشكل حيافظ عىل التوازن بني حتقيق األمن الوطني وحرية التعبري.

التوصية )2(

حتديد مالمح اخلطاب الديني اإلعالمي الذي يسهم يف تكوين رأي عام إسالمي موحد، ويعتمد الوسطية واالعتدال وقادر عىل جماهبة التحديات التي هتدد الدول العربية

منفردة وجمتمعة، وحيرتم مكونات املجتمع العريب عىل اختالف أنواعها.

التوصية )3(

وضع سياســات إعالمية تتوافق مع السياســات االجتامعيــة والرتبوية والدينية عىل مســتوى الوطن العريب يشارك فيها املعنيون من قادة الرأي يف املجتمع من تربويني

واجتامعيني وإعالميني ورشعيني.


281 280

ثانيا: املحور التنظيمي

التوصية )4(

إنشاء احتاد عريب للصحافة اإللكرتونية يعنى بتنظيم وتوجيه ورقابة وضبط الفضاء الصحفي اإللكرتوين عىل املستوى العريب.

التوصية )5(

إعادة تكوين املؤسســات اإلعالمية العربية بالشكل الذي جيمع شتاهتا، ويوحد أهدافها وغاياهتا بام يســهم يف مكافحة اإلرهاب وحتقيق األمن الوطني للدول العربية

جمتمعة ومنفردة.

التوصية )6(

دعم جهود جامعة نايف العربية للعلوم األمنية يف تأهيل وتدريب العنارص األمنية واإلعالمية التي ســوف تنخرط يف العمل اإلعالمي األمني وفق أحدث املســتويات

التأهيلية اإلعالمية.

التوصية )7(

العمل عىل تفعيل اإلســرتاتيجية اإلعالمية العربية ملكافحة اإلرهاب التي تعتمد عىل أسس تتمثل يف املنطلقات واألهداف واإلمكانات والقيود.

التوصية )8(

العمل عىل التقييم املســتمر لألداء اإلعالمي العــريب يف مواجهة اإلرهاب طبقا ملجموعة من اآلليات واألسس ـ كمنطلق لتصحيح املسار اإلعالمي بصفة مستمرة بام

يتواءم مع املتطلبات األمنية للمنطقة العربية.

281

تقرير عن مؤمتر »دور اإلعالم العريب يف التصدي لظاهرة اإلرهاب«... أ.د. عبد احلفيظ سعيد مقدم

280

التوصية )9(

إطالق فضائية عربية متخصصة يف الشأن األمني ناطقة باللغتني العربية واإلنكليزية, بحيث تكون نافذة أمنية صادقة يلتف حوهلا اجلمهور العريب ملتابعة أخبار األمن يف وطننا العريب، ونافذة للتواصل مع اجلامهري من خالل توعية أمنية ومواجهة إعالمية لألزمات

األمنية بصورة مواكبة لعرص الفضاء املفتوح.

التوصية )10(

تفعيل املواقع اإللكرتونية اخلاصة بمكافحة اإلرهاب عىل مواقع خمتلف الوزارات واألجهزة املعنية بالدول العربية، وإنشاء مواقع إلكرتونية وصفحات عىل مواقع التواصل

االجتامعي ملجاهبة اجلريمة املنظمة.

ثالثا: حمور التعاون العريب والدويل

التوصية )11(

التعاون بني اإلعالم العريب واملؤسســات اإلعالمية عىل املستوى الدويل يف إطار منظومة قيمية أساسها املصلحة املشرتكة.

التوصية )12(

تفعيل التعاون الدويل ملحارصة اجلرائم اإلرهابية عىل شبكة اإلنرتنت، عن طريق تبادل املعلومات، والتعاون القضائي، وتسليم املجرمني.

التوصية )13(

ختصيص جائــزة ألفضل عمل إعالمي يف جمال مكافحة اإلرهاب عىل مســتوى الوطن العريب.

• The researcher will be informed about the result of assessment verdict in no more than three months period.

• In case the research is approved for publication, the publishing rights will be reserved for the University. Therefore, the research will have no permission for publication in any other publishing house, both as a hard or soft copy.

• In case the research receives no permission for publication, the JOURNAL is not obliged to return it to its author. It will be sufficient for the researcher to receive information for its non-acceptance.

• The researcher will be provided with two copies of the volume in which the research is published. This will be in addition to twenty extracts of his research. Financial reward will be granted after publication.

publisher; and city of publication.• If the reference source is a journal research, details given should follow this sequence

––– family name of the researcher; his first name; year of publication; research title; journal name; issue number; paginations; and place of issuance.

• If the reference source is a conference or a symposium, the citation should include ––– family name of the contributor; his first name; year of its conduct; title of the paper presented; title of the conference or symposium; and date and venue.

• If the reference source is taken from a website, pertinent details should observe this order ––– family name of the writer; his first name; title of research or article; internet website; and date accessed.

• If alien terms occur in the texts of the research, these terms should be written in Arabic and Latin words between two brackets. The term, per se, should be recorded as a whole at its occurrence.

Fifth: Receipt of Research:• The researcher should upload a soft copy of his research written on Windows

Microsoft Word to “Baheth” system on the website: http://baheth.nauss.edu.sa/• The researcher will be informed on the receipt of his research. Also, he will be

informed on the assessment results. This will assist him for making necessary changes. Later, he will be informed on either the approval or refusal for printing through the “Baheth”. Similar message will be transmitted through mobile phone of the researcher.

• The researcher should enclose a letter addressed to the Editor-in-Chief. The letter should solicit his permission for the printing of his research. It should include a word on the date the research was finalized.

• The researcher should present a written confession that his research was never published before nor was it sent to any other periodical for possible publication.

• The researcher should submit his one page Curriculum Vitae (C.V.). It should incorporate his full address ––– P.O. Box; Fax; Telephone and e-mail.

Sixth: Assessment and Publishing Requirements:• Editorial board will make a preliminary assessment for researches and studies. It

should examine its suitability for publication.• Researches and studies meeting the basic conditions should be sent to two assessors.

Each one will write a report about its worth for publication.• In the event of any disagreement between two assessors on the worth of the research

for publication, a third assessor will be appointed. His verdict will be considered final.

• Editorial board maintains the right to refuse any assessment if it feels that it reflects lack of careful attention.

2. Question and objectives / or hypotheses.3. The importance of the study and its determinants.4. Study procedures: include (research method, population and sampling, data

collection method and its validity and reliability, operational definitions of terms, method of data analysis.

5. Results: Description of the results.6. Discussion: include interpretation and discussion of the results in the light of

literature review.7. References.9. Appendixes: data collection instruments.

- If research is a theoretical study: The draft should include the following parts:1. An introduction of the subject including the research problem.2. Literature review on the subject to give the reader a picture of what has been done

on the topic.3. Review of the elements contained in the subject, including the properties,

relationships, contradictions, gaps and aspects of consistency.4. Proposed outline or steps to resolve the problem.5. Conclusion: include a summary of the basic ideas with comments and appropriate

conclusions and recommendations.6. A list of references.

Fourth: Documentations:The JOURNAL observes the documentation format of the American Psychological

Association (APA). A summary detail is in order:• Ample consideration should be assigned on inserting the number of Quranic verse

(Aya) and its Sura name. Equal attention should be given while recording a Hadith text. Its authenticity should be supported with relative source and other details.

• Reference citation inside the text should be pointed out with the family name of the author. This should be followed with the year of publication between two brackets. This is in the event of a direct reference citation. An example may be given: Ahmad pointed out (2013).

Conversely, indirect reference citation should be inserted together. Illustrative example is: (Ahmad, 2003). In case of a quote, the number or numbers of pages should be inserted within two brackets. Example is in sight (Ahmad,2013:26).

• Bibliographic sources should be incorporated at the end of the research in alphabetical order. Other relative details are as follow:

• If the reference source is a book, the information should be given in this order ––– family name of the author; his first name; year of publication; book title; edition;

Publication RulesFirst: The Journal publishs authentic researches and studies.

That cover the following areas:• Security areas and other specializations ––– social, psychological, educational,

administrative, economic, strategic and legislative ––– related to security in its comprehensive concept;

• Critical reviews of Arabic and foreign books related to security in its comprehensive concept; and

• Academic reports on meetings, training courses and reports related to security in its comprehensive concept.

Second: Publication Terms:• The academic material should bear no repugnancy with the spirit of Islamic Sharia;• Correct and sound writing style should be maintained;• The accuracy of punctuation marks should be observed;• The research subject should be in coordination with its contents;• The research should be authentic and never published before or sent for publication

to any other publisher. Also, it should be taken from no other source, book, thesis or dissertation;

• Number of pages should not exceed thirty (8000 words) including references and appendices. Reviews of books and reports should not exceed five pages;

• The research abstract should not exceed 200 words and keywords should be within 6 words;

• Researches should be written in Arabic language using the Simplified Arabic font size 14, margins should be 2 cm up and down and left, 3 cm right and a space and a half should be left between lines;

• Researches written in English language should use Times New Roman font size 12, margins should be 2.54 cm in each side and double space between lines.

• The research tools ––– if any ––– should be enclosed with the research.• The researcher should mention his/her name and address directly after the research

title in both Arabic and English. His/her e-mail address should follow;Third: Contents:• The research should include two abstracts one in Arabic and the other in a foreign

medium--- English or French;• If the search is an empirical study, the research draft should include the following

parts:1. Introduction: Introducing the subject, including the problem with the theoretical

background and literature review integrated.

Opinions published in the JOURNAL reflect the opinions of authors and not necessarily the standpoint of Naif Arab University for Security Sciences.

ARAB JOURNALFOR SECURITYSTUDIES & TRAINING

This is a periodic, academic and a refereed JOURNAL. It is published thrice a year by the Naif Arab University for Security Sciences. It seeks to publish

researches in the criminal, social, psychological, administrative, strategic and legislative sciences related to security in its comprehensive concept.

General Supervisor

Dr. Jamaan Rashid Ben Ragosh

President, Naif Arab University for Security Sciences

Editor-in-Chief

Prof. Abdelhafid Said Mokadem

Dean, Studies and Research Center

Editing Editor

Dr. Muhammad Fadul Al-Murad

Editing Secretary

Muhammad Shukri Hashim Muhanni

Volume 31 . No. 63 . September 2015

المجلة العربية للدراسات الامنية والتدريب العدد 63

Law

Transcript of المجلة العربية للدراسات الامنية والتدريب العدد 63