الإصلاح المعرفي فى العالم الاسلامى

اإلصالح المعرفي والتغريب عند النخب الفكرية في دول األركان مصر، تركيا، إيران

مقدم إىلحبث –بأنقرة 2010 ديسمبر 12 – 10في الفترة من المؤتمر العربي التركي للعلوم االجتماعية

ومركز الدراسات الحضارية ، غازي عثمانجامعة ،مركز التفكير االستراتيجي، تركيا بجامعة القاهرة

حساناهللا حسان عبد/د

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

http://www.pdffactory.com


1

∗حدود الدراسة وإطار املعاجلةيف جانبها العمراين بأسباب وترتبط األصيلة يف املنهج اإلسالمي من األفكار " اإلصالح"فكرة

ومـن اإلفـراط ، ومن االحنراف إىل الـسوية ، ا من الظلمات إىل النور وعوامل بناء األمة وإخراجه الفـساد اجلور و ومن، ومن اجلمود والتقليد إىل التطور والتجديد ، والتفريط إىل الوسطية واالعتدال

واستهداف ، وقد تعرضت أمتنا منذ ما يزيد عن قرنني إىل حماوالت لتغييبها ، إىل الصالح واإلصالح وقد أصيبت األمة يف بعض جوانبها اليت تتصل بالبناء ، وفعلها الصاحل احلضاري ، اريةاستقامتها احلض

، وقد متثل النوع األول يف سيادة اجلمود ، نتيجة لعوامل داخلية وأخرى خارجية ، املعريف للعقل املسلم وع كـان املـشر و. وهيمنة عقلية التقليد وغياب عقلية اإلبداع والعمران ، وانسداد باب االجتهاد

نتيجة تداعى اخلالفة العثمانية مث إعالن سقوطها عـام يالذي متدد يف العامل اإلسالم الفكري الغريب أثرا لظهـور سـؤال ربواألك برز متفوقا يف إنتاجه املادي والعلمي العامل األقوى والذي، م1926

. يف الفضاء املعريف اإلسالمي احلديث واملعاصر"اإلصالح"نشري فيما يلـي إىل ". التغريب"و" اإلصالح املعريف "راسة مفهومني أساسيني مها حتمل هذه الد

.بعض من معانيهما-والصالح، )1( )إزالة الفساد (ضد الفساد، ونقيضه، وإزالته " صلح"من يف اللغة " اإلصالح" ـ " الصالح"وقد قوبل . )2("السالمة من العيب "و" االستقامة" يعين -أيضا ارة بالفـساد، يف القرآن ت

)3 (.وتارة بالسيئةأن مفهوم اإلصالح يف القرآن واحد من مفاهيم املنظومة املفتاحية اجلامعـة "ويرى السيد عمر

وقد يدعى املفسد أنه مـصلح؛ ممـا . بني األفكار واألشخاص واألشياء، وهو مقابل ملفهوم اإلفساد األول ضال ومراوغ واسم . واإلصالح التوحيدي ،اإلصالح الدعي : من اإلصالح جيعلنا أمام نوعني

على غري مسمى، والثاين هو وحده اجلدير بامسه، وهو مفتاح االستقامة، والتمكني، والعزة، والتزكية، )4(".والعمران يف الدنيا، والفوز يف اآلخرة

واليت حـاول قدمها للباحثاليت الدراسة ومالحظاته القيمة أتوجه خبالص الشكر إىل األستاذ الدكتور السيد عمر على قراءته هلذه ∗

. الباحث وحده-بالطبع– يتحملهوما يعتروها من نقص إال أن القصور املوجود بالدراسة ،انمراعاا قدر اإلمك .384ص، 1997، 2، بريوت، دار أحياء التراث العريب، ط7لسان العرب، حـ. مجال الدين أبو الفضل،ابن منظور) 1( .520 ص ،1960، 2ط، دار الدعوة، استانبولاملعجم الوسيط، : جممع اللغة العربية)2(، 1992،دار القلـم ، دمـشق ، يصفوان عدنان داوود : حتقيق ،مفردات ألفاظ القرآن ، احلسني بن حممد بن املفضل ، األصفهاين )3(

.489صأمـيت يف تقرير ، اإلصالح يف األمة بني الداخل واخلارج : يف"جداالت الديين والسياسي :مداخل اإلصالح يف األمة ".سيدال،عمر)4(

.77 ص،2006، مركز احلضارة للدراسات السياسية، رة القاه،العامل




2

ـ ني واستعرض حممد بريش اثن الالت يف القرآن الكـرمي بـد " اإلصالح" وعشرين موضوعا لأن اإلصالح يف اتمع املتمثل لتعاليم القرآن الكرمي، ميارس على كافة األصعدة "ستنتج منها امتعددة

فاإلصالح من املنظور القـرآين . فرديا ومجاعيا، فهو مسة اتمع املؤمن ومشروعه املفتوح واملستمر عة الدائمة وإعادة التزود واملوائمة، مشويل، عميق اجلذور يف الذات الفردية واجلماعية، يستوجب املراج

فهو جيرى يف شرايينها جمرى الدم؛ إذ ال جمال لبقاء العضو امليت إذا ما استنفذت الطاقـات إلعـادة ويرى عبد احلميد أبو سليمان أن )1(".احلياة له، وال حل إال بتره خشية سريان املوت إىل كافة الذات

سوية ال تنفصم عن الرؤية القرآنية احلضارية ملشروع الوجـود إمنا هو مبدأ وغاية فطرية " اإلصالح" )2("اإلنساين على األرض

األول :أحدمها سليب واآلخر إجيايب، إن اإلصالح يتضمن معنيني رئيسنيومن ناحية أخرى ف العدل فيتمثل يف البناء ألسس احلق واآلخر املعىنأما، الفساد والظلم واالحنراف القائمإزالة، يعين

]إن أريد إلا اإلصلاح ما استطعت[ مع قومه شعيب عليه السالموهو الشعار الذي رفعه، والسويةفنهج اإلصالح ليس . مبا جاء به كامال"األخذ" ملا هم عليه كامال و "الترك" مبتغيا }88:هود{

؛ ولكنه تغيري كامل قاء على البعض اآلخرواإلب تغيري يف بعض جوانب البناء القائمكما يتوهم البعض .من اجلذور ميتد إىل الفروع والتفاصيل

يف أوروبا ضـد هيمنـة " اإلصالح الديين "يف الفكر احلديث حبركة " اإلصالح" وارتبط مفهوم ا على العقل اإلنساين والعمران البشري يف العصور الوسطى املظلمة يف م وتسلطه واإلقطاع الكنيسة

وقد ظهرت هذه احلركة مع ظهور املذهب الربوتستانيت مقابل املذهب الكاثوليكي املهـيمن ، باأورو .على احلياة الكنيسة آنذاك

املـادي جلانـب يف العصر احلديث با " اإلصالح"ارتبط مفهوم اإلسالمي فقد العاملأما يف وناصر الدين ، )1769(حممد على و) 1761(السلطان سليم الثالث العسكري، كما ظهر يف جتربة

مل " اإلصـالح "و يالحظ أن مصطلح . من النمط الغريب " التعليم العسكري "باقتباس ) 1831(شاه يكن له وجود عند املفكرين املسلمني يف بداية املواجهة مع الفكر الغريب وحضارته، بـل مـالوا إىل

ملاذا استبعد متامـا لفـظ " وهو ما دفع رضوان زيادة للتساؤل )3(".التجديد"استخدام وتبىن مفهوم

، مرجـع سـابق ،اإلصالح يف األمة بني الداخل واخلـارج : يف، "مفهوم اإلصالح أو حنو إصالح لفهم املصطلح " .حممد، بريش)1(

. 58صـ . أمحد عبداحلميد ، نأبو سليما )2( ، القـاهرة، دار ساينالرؤية الكونية احلضارية القرآنيـة املنطلـق األساسـي لإلصـالح اإلن

.17 ص2009السالم، انظر )3(

.2004، دار املدار اإلسالمي، بريوت، سؤال التجديد يف اخلطاب اإلسالمي املعاصر. رضوان جودت، زيادة-




3

ويرد ذلك إىل عاملني، ...،Reconstruction حلساب مصطلح التجديد Reformاإلصالحقـراءة جتربـة اإلصـالح الـديين : والثاين )1 (،"التجديد"األول، ما جاء يف األدبيات الدينية عن

)2(".املسيحي )3(،مل مع الظاهرة من منظور كلي وائي بأنه يتعا-الشطر الثاين لإلصالح- "املعريف"يوصف و

( هو مستوى اإلصالح الذي يتعامل مع كليات النموذج املعريف التوحيدي " املعريف"بـوقصدنا هنا ...).املفاهيم والتصورات واملدركات وطرائق التفكري ومصادره

يف جمالني " املعرفيةاألسس" توجهت صوب اجلهود الفكرية اليت : نقصد باإلصالح املعريفوإجرائيا نقد وتفنيد الفكر الغريب الوافد ورده إىل أصوله؛ وذلك لبيان اختالفه وتناقضه مع : األول، أساسيني

بناء القيم والتصورات واملفـاهيم واملـدركات : واال الثاين . النموذج املعريف احلضاري التوحيدي املـستوى املعـريف "الت األساسية لـ وطرق وأساليب التفكري من أجل تأسيسات منهجية يف اا

".التوحيدي واحلضاريعن تأثريات الفكـر املفاهيم اليت تعرب من احدووهو " التغريب"واملتغري الثاين هلذه الدراسة هو

" التغريـب "وقد اخترنـا ...اهليمنة الثقافية ، االستالب، الغزو الثقايف : الوافد يف العصر احلديث مثل حالة الغربة :إىلأو يف كثري من جوانبه حيث يشري من املعىن الذي نقصده اللغوي ناجممعيف ملقاربته

...البعد/ االختفاء/ الغياب / الرتوح/ االرحتال / االنفصال / يف الفكـر األكثر فاعلية يف العوامل اليت أدت إىل هيمنة سـؤال اإلصـالح " التغريب" ويبدو

مشروعه الفكري من تباينات حادة يف العقل املسلم ويف تصوراته تجهأن وذلك ملا ، احلديث اإلسالمي، انعكست بدورها على منظومته الفكرية وطريقة تصوره لألحداث والوقائع وتفسريه هلـا ومفاهيمهأن مـا ، إن من أخطر وجوه اإلفساد القيمي يف هذا الشأن " طارق البشرى بقوله إليه يشريوهو ما

، وانعكس الوضـع ، ا صار يعترب عامال خارجيا يف تقومي أحداث التاريخ نفسه كان يعترب عامال داخلي صار يعامل أحيانا كما لو كـان عـامال ، فصار ما هو عامل خارجي كاحلملة الفرنسية على مصر

وقد جرى لـه هـذا . وذلك عندما ينظر إليه البعض عنصرا مسامها وباعثا للنهوض والتقدم ، داخلياوما ترتب على ذلك ، باملعىن األممي واحلضاري " وحدة العصر " إمالء املفهوم السائد عن التقومي حتت

من اغتراب والتحاق برباط التبعية مع الغرب وااللتحاق املعىن هنا ليس التحاقا ماديا وال سياسيا وال

."أن اهللا يبعث على رأس كل مائة سنة من جيدد هلذه األمة أمر دينها" يف إشارة إىل حديث )1( . 65 ص،مرجع سابق ،اإلصالح يف األمة بني الداخل واخلارج: يف العريب حول اإلصالح،اخلطاب . رضوان،زيادة)2( . 121ص،1999دار الشروق ، القاهرة، 1موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ج. عبدالوهاب، املسريي)3(




4

ار حركـة ويضيف البشرى أيضا موضحا اتصال واستمر )1(،"اقتصاديا ولكنه التحاق يتعلق بالوعي وأحسب " التغريب وتغييب الوعي وحتقيق االنفصال عن اجلذور والتاريخ والتشتت احلضاري بقوله

مبعناها األممي واحلضاري هي " وحدة العصر احلديث"أو " املعاصرة "أن القيمة السائدة لدينا اآلن عن ما نعاين من اغتراب وهي من أسس . من أسس ما يروج من قيم ومفاهيم تنتج اختالط الوعي بالذات

وال يقتصر أثرها على إفساد نظرنا إىل واقعنا ووقائعنا من منظور خـاص بنـا .واستالب حضاري فيعيد تشكيله على غري ، ولكنه ميتد إىل نظرنا إىل ماضينا ، ويرعى صاحلنا احلضاري واملادي ، ومتميز

الواقع وحده ولكنه يقيمها يف الـوعي ال يف ، كما أنه يقيم التبعية والتجزؤ . ما قام يف الواقع املاضي )2("ذاته

استيعاب النخب العلمية املنتميـة إىل كما سار املشروع التغرييب عرب نسق منهجي يهدف إىل حتقيق رغبة رحيل املهاجر من ثقافته إىل قيم الغرب، (التثاقف : هيعرب عدة آليات الثقافات األخرى

التحول الفعلي إىل ثقافة الغرب (والتدامج ) قيم الغرب وسلوكياتهومن سلوكيات ثقافته األصلية، إىل وهو ما يتوافق مع وجهة النظر الغربيـة )3( ).الفقدان الكامل للهوية األصلية (والتشتيت ) وسلوكياته

جيب على أي دولة تريد أن تصبح غنية وقوية ، أن تتعلم كيف تعيش هأن " والذي يعىن ملعىن التغريب )4 (."لغربوتفكر مثل ا

خلق عقلية جديدة تعتمد على تـصورات "يهدف إىل ف املفكرين املسلمني يف نظر التغريب أما الفكر الغريب ومقاييسه، مث حتاكم الفكر اإلسالمي واتمع اإلسالمي من خالهلـا ـدف سـيادة

)5(".احلضارة الغربية، وتسيدها على حضارات األمم والسيما احلضارة اإلسالميةتكمن يف اخلروج مـن الـدائرة العربيـة " التغريبيني"خيلص فهمي جدعان إىل أن دعوة و

واإلسالمية خروجا كامال أو شبه كامل، وهذا اخلروج يتبلور بصفة خاصة يف التبين الكامل للقـيم )6 (،وروبا والتبعية هلاة الغربية ويف الدعوة صراحة لالرتباط بأ نياألخالقية واالجتماعية والسياسية للمد

،مرجع سابق ،مة بني الداخل واخلارج اإلصالح يف األ : يف " اإلصالح والتجدد يف أميت صناعة حملية وحضارية " .طارق، البشري) 1(

.8ص .8ص ، مرجع سابق ، "اإلصالح والتجدد يف أميت صناعة حملية وحضارية: " طارق، البشري)2( .105ص، مرجع سابق، "جداالت الديين والسياسي:مداخل اإلصالح يف األمة . "السيد، عمر)3(ـ عبد: ةترمج" سياسات اإلصالح العثماين " . جوستني ،ماكارثي)4( ، بـريوت ، 46-45العـدد ، االجتـهاد ، احلـارث فاللطي

.63ص،2000 .14، 13، ص1978، بريوت، املكتب اإلسالمي شبهات التغريب يف غزو الفكر اإلسالمي . أنور،اجلندي )5(، 1979ت والنشر، ، بريوت املؤسسة العربية للدراساأسس التقدم عند مفكري اإلسالم يف العامل العريب احلديث . فهمي ،جدعان)6(

. 324ص




5

جمموعة من األعراض تطرأ على حياتنا يف جوانبها الثقافيـة " أن التغريب إىل جالل آل أمحد شريوي )1(."واحلضارية والفكرية من دون أن يكون هلا أية جذور يف التراث، أو أي عمق يف التاريخ

العامل اإلسالمي منذ القـرن فيها رضتعوالتغريب مبا تقدم ميكن وصفه بأنه تلك العملية اليت والنظرة ، القائم على تبين القيم املادية املشروع املعريف الغريب لفرض من حماولة -والزال-الثامن عشر

األساسـية تصوراتال ميادين الفكر والعلوم اإلنسانية والطبيعة و يف ا متثال و املادية للمعرفة والكون استبدال النموذج املعريف الغـريب دف ى العقل والوجدان املسلم عل ،اإلنسان والكون و اهللا حول

.بالنموذج املعريف التوحيدي

شـيخ اإلسـالم يف ( مصطفى صربي: فهي يف هذه الدراسة املختارة" النماذج اإلصالحية "أما والـدكتور علـي ، )م1905 -1849(واإلمام حممد عبده ، )1954 – 1869(الدولة العثمانية

وهذه النماذج فضال عن أا متثل روافد فكرية متعددة كان هلا تأثريهـا ).1977-1933(شريعيتالواضح يف احلضارة اإلسالمية؛ فإا أيضا كانت نواة لتأسيس مدارس فكرية إصـالحية يف الفكـر اإلسالمي احلديث واملعاصر ميكن رصدها وتتبعها يف دراسات أخرى لتأمل الترابط والتكامل للفكر

حلركـة ) اليت تطمح هذه الدراسة إىل تقـدميها ( وذلك يف ضوء النظرة الكلية ، إلصالحي املعاصر ا .اإلصالح يف العامل اإلسالمي

اليت تواجه أمتنا هي مـشكلة اجلوهرية املشكلة أن: وتنطلق هذه الدراسة من مقولة أساسية هي مة؛ إال أن عمل هذه املؤسسات مرهـون ل عرب املؤسسات احلضارية لأل ك الذي يش " املعريف الوعي"

بصحة وسالمة العقل املسلم؛ لذا فإن املأمول يف جهود املفكرين واملـصلحني العنايـة بتـصحيح تقوم عليها بنية العقل املسلم واليت تعرضت إىل تشويه وخلط عرب القـرنني التصورات واملفاهيم اليت

عـادة ن تتجه إىل العقل املسلم ومنظومته املعرفية إل أينبغي ومن هنا فإن اجلهود اإلصالحية ، املاضيني وتصحيح ما علق به من تشوهات واحنرافات معرفية اكتشاف منوذجه املعريف احلضاري املتميز واملتفرد

.ومنهجية

أسـس : فهمي جـدعان ومن الدراسات اليت عاجلت مضامني حركة اإلصالح املعرفية دراسة وهدفت هذه الدراسة إىل تقدمي صورة إلسهامات املفكرين العـرب )2(،التقدم عند مفكري اإلسالم

.31، ص2000، )21( حيدر جنف، كتاب قضايا إسالمية معاصرة، :، ترمجةيبالتغرنزعة . جالل،آل أمحد)1( .مرجع سابق . فهمي،جدعان)2(




6

، وذلك من خـالل حتليـل )1950 – 1850(املسلمني احلديثة عرب فترة زمنية تبلغ قرن كامل األساس الـصوري "اإلسهامات الفكرية اليت قدمها هؤالء املفكرون، واليت يعتربها صاحب الدراسة

وتنطلق الدراسة من اعتقاد بأن قطيعة كاملة مع األصول . العريب كله ىل ملشروع يستهدف العامل األوـ وإن الطرح الصحيح هلذا الفكر يك. مل حتدث يف الفكر العريب احلديث إال يف دوائر حمدودة جدا ن م

أما أولئك الذين ..يف القول إن اهلواجس احلديثة قد ظلت مطلة باستمرار، يف القطاع الكبري من جتلياته ظهورهم لألصول وطرحوا مفهوم النهضة العربية على أسس مقطوعة الصلة باألصول فلـم أداروا

. توجه إليهم الدراسة، ألن الدراسة باألساس تبحث يف املنطلقات العربية للتقدمت

" أسس التقدم " عنتناولت الدراسة أكثر من أربعني مفكرا عربيا مسلما، حبثت يف إسهامام . "مع ابن خلدون ال مدافع نـابليون " تلك اليت بدأت كما يذكر صاحب الدراسة ومنطلقاته ومبادئه

ميتافيزيقا التقدم، احلقيقة والتاريخ، الـدخول يف األزمنـة : وقد طرحت هذه األسس حتت عناوين وقد توصلت الدراسة .احلديثة، التوحيد احملرر، دروب الفعل، القيم، نظرة إىل الوراء، نظرة إىل األمام

يف األعمـال ، قـد انتـهى لتحول احلادث يف مفهوم التوحيد الكالسيكيأن ا: دة نتائج أمههاإىل ع صرحية كفت فيها العقيدة على أن تكون مبادئ فلـسفية، وأصـبح . إىل صيغة دينامية حية ،احلديثة

سة أبرزت الدراكما . ة اختذت أحيانا شكل الوظيفة السياسية اخلالصة صرحيالدين ذا وظيفة اجتماعية الفـصام " حلالـة دان على أن العامل العريب لن يستطيع أن يتقدم إال إذا وضع ح يأيضا اتفاق املفكر

. بني الدين والدولة أو اإلسالم والدولة" دكنال حاولت تتبع حركات اإلصالح )1(اإلصالح والتجديد يف تركيا"أما دراسة ماجدة خملوف

أكدت الدراسة أن املشكلة اليت يعيشها املسلمون من وقد،20 – 19يف تركيا خالل القرنني الـ القرن التاسع عشر امليالدي، تكمن يف حماولة الوصول إىل صيغة حتقق هلم املوائمة بني موروثهم الثقايف

وتشري صاحبة الدراسة أنه يف ضوء هذه اإلشكالية، فإن . واحلضاري، وبني الغرب بثقافته وحضارته التجديد اليت متت يف الدولة العثمانية بدءا من القرن الثامن عشر حىت قيام بع حماوالت اإلصالح مثتت

أن حماوالت ،األول: أمرين ثابتني تشري إىلاجلمهورية التركية يف الربع األول من القرن العشريناإلصالح، مث التحديث، مث تغيري األساس أو التجديد يف الدولة العثمانية، مث االنسالخ الكامل من

لدها، كلها نبعت من النخبة على أثر هزائم الدولة العثمانية العسكرية يف حروا مع القوة جوكأن رد الفعل يتزايد بعد كل . األوروبية، أي أا جاءت كرد فعل على اهلزائم العسكرية مث املعنوية

مؤمتر اجتاهات التجديد واإلصـالح ،"م20 – 19/ هـ 14 – 13يف القرنني اإلصالح والتجديد يف تركيا ". ماجدة ،خملوف)1( .2009 يناير 21 – 19، اإلسكندرية الفكر اإلسالمي احلديثيف




7

أن حماوالت ،والثاين .هزمية عسكرية بشكل مضطرد يدفع بالدولة العثمانية من األصالة إىل التغريب . اإلصالح والتجديد كانت كلها عبارة عن جتاذب بني طرفني مها اإلسالم والعلمانية

مـداخل " ومن الدراسات اليت انشغلت مبداخل اإلصالح ومنهجياته دراسة الـسيد عمـر اهتمت هذه الدراسة بتحديد مداخل اإلصـالح )1(. "جداالت الديين والسياسي : اإلصالح يف األمة

: وقد صنفت مداخل اإلصالح إىل فئات ثالث . لني أساسيني مها اال الديين، واال السياسي يف جما مداخل اإلصالح التوحيدية، مداخل اإلصالح الوافدة، والتابعة، ومداخل اإلصالح املختلطة اليت جتمع

ـ : قسمت الدراسة مداخل اإلصالح التوحيدي إىل ستة مداخل هـي . بني املدخلني األولني دخل املاملقاصدي لإلصالح يف األمة، ومدخل التبىن املشروط للخيار الدميقراطي، ومدخل منهاجية إسالمية

مدخل الكمنويلث اإلسالمي واملدخل األصويل لإلصالح، واملعرفة، ومدخل منهج النظر لإلصالح، . لإلصالح

دخل األصوليات م: أما مداخل اإلصالح الوافدة والتابعة فقد صنفت يف أربعة مداخل وهي الغربية املعاصرة لإلصالح يف األمة، مدخل املفاصلة بني الدين اإلسالمي والسياسي، مدخل اختـزال

واملداخل املختلطة . الدين يف البعد الروحي، مدخل ختليق هويات إقليمية مضادة للعروبة واإلسالمية مية املضمون الغربيـة الوعـاء، مدخل الدستورية اإلسال: لإلصالح قسمتها الدراسة إىل أربعة أقسام

ومدخل تغيري طبيعية املؤسسة السياسية، ومدخل جدلية اإلسالم اجلامع، واملدخل احلركي لإلصالح . يف األمة

وقد اهتمت الدراسة ببيان املباين واألسس اليت تقوم عليها املداخل املتضمنة داخل هذه الفئـات . األساسية وعوامل نشأا وأبعادها يف الفضاء الفكريالثالث، وحتديد إشكاالا ومقوالا

وقد توصلت الدراسة إىل نتيجة رأت أا أهم ما ميكن اخلروج به من رسم هذه اخلريطـة أن األنظمة احلاكمة والقوى السياسية بكافة توجهاا مبا فيها "األولية ملداخل اإلصالح يف األمة وهي

را لإلصالح باجتاه املبادرات الوافدة، أكثر من توجههـا حنـو القوى اإلسالمية، قد حنت يف مباد كما أن . مداخل اإلصالح التوحيدية، على الرغم من كل ما أوردته من انتقادات للمبادرات الوافدة

املدارس الفكرية ال تزال حباجة إىل فك أسر املفاهيم اإلسالمية وإعادة بنائها من األرضية اإلسالمية، وأكدت الدراسة على أن اإلصـالح . درة، وإعادة بناء اإلدراك اإلسالمي لعامل املفاهيم من موقع املبا

.مرجع سابق، "جداالت الديين والسياسي: مداخل اإلصالح يف األمة " . السيد،عمر)1(




8

ضرورة اإلبداع املصطلحي واالستقالل، والتفوق املصطلحي علـى : احلقيقي يستدعي يف آن واحد . وأهم مصطلح هو مصطلح الذات. الصعيدين الكيفي والكمي

سالمي ومـضامينه الفكريـة واملعرفيـة، وهناك أدبيات أخرى اهتمت مبسرية اإلصالح اإل لعبـد " الشهود احلضاري لألمة اإلسالمية "دراسةومشاريعه وحركاته االجتماعية والسياسية، مثل

، اليت تضمنت دراسة حركات النهضة اإلسالمية خالل قرنني وتصف القرن وذلـك )1(ايد النجار : إىل ثالث أقسام دراستههدافها ؟ وقد قسم ملاذا مل تبلغ تلك احلركات أ : للبحث عن إجابة تساؤل

يتناول قضية فقه التحضر اإلسالمي، والثاين، عوامل التحضر اإلسالمي، والقـسم الثالـث : األول مسرية املعرفة واملنهج يف الفكر العـريب ")2(وكذلك دراسة أنور الزغيب ، مشاريع اإلشهاد احلضاري

عرفية يف مسرية الفكر اإلسالمي يف أبعادها التارخيية، والعوامل واليت حاولت تتبع املسألة امل " اإلسالميـ اليت أثرت فيها، من عصور الريادة وصوال إىل سرية التراجع والنكوص مث سرية االستعادة وال ة يقظ

والنهضة مستعرضا تيارات الفكر اإلسالمي بدءا من املتكلمني والفقهاء وصـوال جبهـود اليقظـة . احلديثواإلصالح يف العصر

أمهية الدراسة وأهدافها

:على يف إطار االجتاه املنهجي الذي يقوم تأتى الدراسة احلالية

يف -الذي هو أحد نتاجات حركة التغريـب -التجزئة والتفتت واملذهبية والتعصب مقاومة ج -1 .رؤيته احلضارية و اإلسالمي ونتاجاته املعرفية الفكريقراءة املشهد

اللغويـة والعرقيـة : األمـة روافدمهما اختلفت " األمة الوسط اجلامع " مفهوم إدراك حلقيقة -2 حتمل مها واحدا هـو اهلـم و، )التوحيد( تنبع من معني واحد هو اية األمر واملذهبية؛ إال أا يف

بكافة معانيـه ومـضامينه ) االستخالف( وتسعى إىل حتقيق مقصد واحد هو ،)الرسايل احلضاري ( .التوحيديةالقيمية و

تشكل نـسقا يت وجهود مفكريها ال ، ألمتنا ومنوذجها احلضاري املتفرد لتكامليةتعضيد النظرة ا -3 .رغم التعدد والتنوع الكائن يف سياقات نشأم الفكرية فكريا متكامال

.2006 ،2ط،دار الغرب اإلسالمي، القاهرة، )ثالثة أجزاء(الشهود احلضاري لألمة اإلسالمية. ايد عمر عبد، النجار)1( . 2007،املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، األردن، مسرية املعرفة واملنهج يف الفكر العريب اإلسالمي. أنور،يب الزغ)2(




9

اف أما األهد. لإلصالح توحيدي حتقيق مقاربة لبناء نسق معريف هوفلدراسة هلذه ا اهلدف العام أما :التفصيلية فهي

يف جهود املصلحني الذين عينتهم الدراسة وبيان مدى " األسس املعرفية "البحث عن العالقة بني -1 . التوحيدي وطرق تفعيلهيف إعادة اكتشاف النموذج املعريفجلهود مسامهة هذه ا

العـامل يتم من خالله إدراك أعمال املصلحني واملفكـرين يف " منحى معريف " اإلسهام يف بلورة -2 .اإلسالمي

يف حركة اإلصالح، ومن مث ضرورة الكـشف عنـه يف " البعد املعريف " خلق وعي حبثي بأمهية -3 . اإلنتاج الفكري لرواد اإلصالح يف الفكر اإلسالمي احلديث واملعاصر

حتفيز الباحثني لطرح صورة شاملة للمشهد الفكري اإلسالمي، وذلك ألن األمة مهما تعددت -4؛ بل واالستراتيجي )الوسط اجلامع( بتها الدولة القطرية، إال أا تظل أمة مبفهومها القرآين أوطاا وغل

... يف تركيا، هو نفسه ما عاناه يف مصر وإيران، 18أيضا، فما عاناه العامل اإلسالمي يف القرن الـ تكاملية األفكار ، وعلى)داخل املدرسة اإلسالمية(لإلصالح " الناظم الفكري "لفت االنتباه إىل - -5

. لإلصالح توحيديكن من بناء نسق معريف، مبا يم"الناظم الفكري"اإلصالحية، يف ضوء هذا منهج الدراسة وأقسامها

لإلنتاج الفكري اإلصالحي الـذي قدمـه " التحليل والتركيب "تعتمد الدراسة على منهج ومعاجلـة " التغريب"طار املقاومة حلركة إ ،األول: ن يف نتاجام العلمية، وطرحه يف إطارين واملفكر إطار االكتشاف و البناء ،والثاين. وبنيته املعرفية املتعددة اليت أحدثها يف العقل املسلم ا وجوانبه اآثاره

وبيان)املفاهيم، التصورات، املدركات، طرق التفكري" (النموذج املعريف التوحيدي "والتشييد لعناصر . احلضاري املنشودلدورها الفاعل يف البناء

وهو ما ، للدراسة بطريقة أفقية ) النماذج املختارة ( وقد سارت الدراسة يف تناوهلا جلهود املفكرين .يتوافق مع اجتاه الدراسة يف حتقيق مقاربة معرفية للمشهد الفكري اإلسالمي

التغريـب يتناول : األول القسم، ومقدمة وخامتة أقسامأربعة وتنقسم الدراسة اليت بني أيدينا إىل التصور الفكري لألزمة عند النمـاذج اإلصـالحية : والثاين، مدخل معريف ..وضرورات اإلصالح

اـال احليـوي : املنهجية املعرفية ملعاجلة األزمة احلضارية لألمة املسلمة، الرابع : املختارة، والثالث . بناء املعريف التوحيديوتشغيل املنهجية املعرفية لتلك النماذج اإلصالحية يف ال




10

املبحث األول التغريب و ضرورات اإلصالح

مدخل معريف

رصـد :، ينبغي أوال يف العامل اإلسالمي ومضامينه وضرورته " اإلصالح املعريف "إلدراك مفهوم الـذي وهو القرن، العامل اإلسالمي إبان القرن الثامن العشر العام يف لثقايف املشهد الفكري وا وحتليلكما أن ، بدايات حركة اإلصالح املعريف واليت تزامنت مع النهضة األوروبية العلمية والصناعية شهد

اخلطوط العريضة ملعامل و األفكار األساسية يف هذا املشهد يلشكت بدايات القرن الثامن عشر شهدت . الفكر اإلسالمييف " اإلصالح املعريف"

الذي كانت تعاىن منه الدولة العثمانيـة يف )1( عف الذايت يبدأ املشهد الفكري من حالة الض •دون أن يكون هناك إدراك حقيقي من قبل السلطة احلاكمة هلذا الضعف، ويرجع الثامن عشر القرن

أن التفوق األورويب مل يكن بارزا بالصورة اليت تشكل خطرا واضـحا علـى : ذلك لعاملني، األول ـ الدولة العثمانية والذي برز يتمثل يف كون الدولة العثمانية ال : عشر، والثاينتاسع الحقا يف القرن ال

يف هذا التصنيف الذي بدأ يف التراجـع ) أو اإلمرباطوريات الكربى (تزال يف تصنيف الدول العظمى . التاريخ املذكور

الرسائل مناغري أن عددا من املؤرخني املعاصرين الذين درسوا التاريخ العثماين وجدوا بعض تنذر باملخاطر الفكرية -" م1926تفكيك اخلالفة "قبل -اليت وجهت إىل السالطني يف فترة مبكرة

أصـول "ومن الرسائل املهمة يف هذا الصدد رسالة ، والتراجع يف العلوم والتقنية داخل دولة اخلالفة راتيجية قيـام احلـضارات يف إست وقد تضمنت هذه الرسالة ثالثة حماور )2(، "احلكم يف نظام العامل

: مؤسسة السلطنة اليت بدأت باالنكماش واالنزواء عن احلياة السياسية، وثانيهـا : إحداها وايارها،

ظهر بعد ذلك هذا الضعف يف املعاهدات اليت عقدا الدولة العثمانية مع النمسا وروسيا وغريهم بشروطهم واليت كانت متثـل )1(

. لدول بل وتدخل هذه الدول للحصول على امتيازات أكثر لرعاياهم داخل الدولة العثمانيـة تنازال يف كثري من بنودها لرعايا هذه ا م ذات طابع آخر يف أواخر القرن الثامن عشر وخالل القـرن التاسـع 1535كما أصبحت االمتيازات واملعاهدات اليت بدأت عام

يف الوقت الذي كانت فيه الدولة العثمانية –م 1535عشر والعشرين ، وكانت أوىل هذه املعاهدات قد عقدت بني تركيا وفرنسا يف ذروة قوا وقد حصلت كل من بريطانيا واإلمرباطورية الرومانية املقدسة وغريها من الدول األوروبية الكربى حينـذاك علـى

هدات االمتيـازات م بداية استغالل معا1774معاهدات مماثلة أو مؤكدة على هذه االمتيازات، وكان حصول روسيا على معاهدة بشكل يتعارض مع سالمة الدولة العثمانية، حيث إن ضعف الدولة العثمانية أعطى للدول األوروبية فرصـة للتـدخل يف األمـور الداخلية حبجة محاية الرعايا املسيحيني فيها، أو عن طريق منح احلماية ألعداد كبرية من رعية السلطان أو استغالل ذلك املعاهـدات

. عبـدالعزيز سـليمان ، انظر نـوار (رعايا األتراك من استرداد حقوقهم من التجار واألجانب املعتمدين على تأييد القناصل يف منع ال ) .146ص ، 1987،ن .د،القاهرة ،الشرق األوسط مشكالته احلديثة واملعاصرة

.8، ص1986عمان، اجلامعة األردنية، نوفان رجا احلمود، :، حتقيق أصول احلكم يف نظام العامل. حسن كايف،األقحصارى )2(




11

للمؤسسة العسكرية العثمانية السيما راجعهو الوضع املت : تعطيل الشورى واالستبداد بالرأي، وثالثها يث يف جمال استخدام األسلحة احلديثة واقتبـاس ما يتعلق جبمود العقلية العسكرية وعدم قبوهلا للتحد

.أساليب احلرب املتطورة – 1623(الذى شرح يف رسالة خمتصرة للسلطان مراد الرابع " قوجي بك " ما قدمه –وأيضا

" حـاجي خليفـة " أيضا، –ااالت اليت يظهر فيها الضعف وينتشر الفساد، كما كتب ) م1640ركز فيها على اجلوانب االقتصادية واإلدارية اليت يتبدى " مل إلصالح اخللل دستور الع "رسالة بعنوان

محل " تلخيص البيان يف قوانني آل عثمان"كتابا بعنوان " حسني هزار فن"فيها اخللل والفساد، وكتب قده واامه أعلى رجال السلطة نفيه بقسوة على أولئك الذين خيرقون النظام ويفسدون، ومل ينج من

)1(".دارةواإلواستمرت هذه الرسائل حىت عهد السلطان عبد احلميد الثاين والذي طلب من أحد العلماء وهو

أن يكتب له تقريرا يوضح فيه أحوال الدولة العثمانيـة ) 1895 – 1822" (أمحد جودت باشا "ضعف اليت ومطالب اإلصالح فيها ومواطن اخللل، وأكد جودت باشا يف هذا التقرير على جوانب ال

ذي بدأ يـدب يف أصابت الدولة العثمانية عرب عصور خمتلفة عاشها ورأى حالة التغريب والتغرب ال هذا التقرير يف جوانبها االجتماعية والثقافية والسياسية، وقد نبه جودت باشا يفو دولة اخلالفة لصاوأ

كوين اإلسـالمي للدولـة، مـع أن إصالح الدولة العثمانية ينبغي أن يتم يف إطار الشريعة والت "إىل االستفادة من التقدم العلمي الذى حققته أوروبا، واالستفادة من منجزات احلضارة األوروبية املادية،

وأن تستفيد من النظم العسكرية واإلدارية لكن مبا يناسـب . دون قيمها وأسسها الفكرية والثقافية يتمسك رجال الدولة باحملافظة على العرف أصوهلا وال يتعارض مع الشرع، وأنه من الضروري، أن

)2(".والتقاليد بوصفها ضوابط ال ميكن جتاهلهاوهناك رسائل أخرى تثبت مبا ال يدع جماال للريبة أنه كان هناك وعيا ذاتيا مبسألة اإلصـالح

مث ائل اهتمامام لدى العلماء واملفكرين توجهوا برسائلهم إىل أهل السلطان الذين مل يولوا هذه الرس أحـد مبتكـرات التفـوق " التغريب" إىل اإلصالح عرب اخلارج األورويب ومن خالل بعضهم توجه

.األورويب والتراجع العثماين األورويب يف الصعود، مل جيد املادي مع تنامي الضعف داخل الدولة العثمانية واستمرار التفوق

رب واألسهل يف تصورهم ملعاجلة القصور والضعف مـن ناحيـة ن إال اخليار األق يوالسالطني العثمان

: انظر) 1(

.2010رياض الريس للكتب والنشر،، ،بريوتتطور النظرة اإلسالمية إىل أوروبا. خالد، زيادةرؤية أمحد جودت باشا يف تقريره إىل الـسلطان عبـد احلميـد ، حتوالت الفكر والسياسة يف التاريخ العثماين . ماجدة، خملوف)2(

.31، ص2009هرة، دار اآلفاق العربية، ، القاالثاين




12

" النقل واالقتباس "واللحاق بالصعود األورويب أو تقليل اهلوة من ناحية أخرى، وكان هذا اخليار هو أو استرياد أفكار النهضة والتقدم بدال من معاجلة املثالب والعيوب الذاتية، وقد بدأ اسـتخدام هـذا

ال العسكري والذي القت فيه اإلمرباطورية هزائم متعددة من الداخل واخلارج النهج فيما يتعلق با مت استحـضار "حيث ) م1773 – 1757(وكانت هذه البداية يف عهد السلطان مصطفى الثالث

– لسالطني الدولة العثمانية االنموذج األورويب احلديث واستمر هذا االهتمام باال العسكري أساس وذلك حىت جمئ السلطان –اع عن نفسها وسط إرهاصات التفوق العسكري األورويب لتستطيع الدف

)1 (".حممود الثاين حيث مشلت إصالحاته جوانب إدارية وتعليمية أخرى على النظام األورويبمظاهر احلياة االجتماعية يف الدولة العثمانية، وتبدلت العادات واملظـاهر "كما مس التغريب وتبنت االرستقراطية العثمانية أسـلوب احليـاة ، عية ملسايرة احلياة الغربية والنمط األورويب االجتما

األوروبية، وبدأت الطبقة العليا من األتراك يف ارتداء الزى األورويب، واستقدام املوسيقى األوروبية، )2 (".وتأثيث البيوت على النسق األورويب

ـ " ،ظام القيم الذى مل يسلم منه داخل ن " التغريب"كما تغلغل ن بارتـداء وحيث ألزم املوظفـ ،املالبس األوروبية مع لبس الطربوش دخلت الفنون املوسيقية، مع جمئ أور تاسع عشر ويف القرن ال

أوروبية، واسترياد اآلالت املوسيقية، وانتشرت موضـة البيـانو بـني سـيدات الطبقـة تكستراكمـا شـهدت ... ىل حد تأثر املوسيقى التقليدية باألحلان الغربيةإ االرستقراطية، بل إن األمر وصل

)3 ("....الزخرفة والعمارة الغربيتان توسعا سريعاأو " التنظيمـات "فيما عرف يف الدولة العثمانية حبركة " التغريب"ومتثلت النقلة النوعية حلركة

يد رجال الدولة من اإلصـالحيني ، حيث انتقلت مشروعات التغريب، إىل )1839("خط كلخانة "عدم االنقياد إىل الشرع الـشريف أن على يؤكد خط كلخانة وعلى الرغم من أن املؤمنني بالغرب،

وضعف وأن املقصود من هذا اخلط كان السبب فيما أصاب الدولة خالل القرون املاضية من تدهور وم من مبادئ كان جيب على الدولة العثمانية ومع ما حيتويه هذا املرس. هو إحياء الدين والدولة وامللة

إال ، )1856(وهو ما ظهر أيضا يف اخلط اهلمايوين –األخذ ا من أجل تدعيم البناء الداخلي للدولة أن هذه املراسيم كانت سبيال لالعتماد الكامل على القانون األورويب وفتح الباب مليـدان اسـترياد

.موذج املعريف اإلسالمي ومتيزه وتشكل البناء العقلي ألفراده األفكار اليت كان خيتص ا به الن

.149، ص1996، الرياض، مكتبة العبيكان، الدولة العثمانية يف التاريخ اإلسالمي احلديث. إمساعيل أمحد، ياغى)1( .22ص، مرجع سابق، )م20 – 19/ هـ14 – 13(اإلصالح والتجديد يف تركيا يف القرنني . "ماجدة، خملوف)2(ـ ).شرافإ(روبري ، مانتران)3( بشري السباعي، القاهرة، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيـع : ، ترمجة 2تاريخ الدولة العثمانية، ج

.473، ص1993




13

ومن االنعكاسات الفكرية املهمة يف ميدان الفكر اإلسالمي آنذاك ظهور حماوالت لتقنني الفقـه السيما بعد قيـام احملـاكم ، اإلسالمي وحماولة طرحه يف صورة تالئم األوضاع واملتغريات اجلديدة

فتشكلت جلنة من بعض الفقهاء برياسة وزير العدلية لصياغة جمموعة من أحكـام ، النظامية يف تركيا األحكـام "وأنتجت هذه اللجنة جملة ، املسائل الشرعية على هيئة يسهل الرجوع إليها مثل القوانني

وقد صنفت جمموعة من األحكام خمتارة من املذهب احلنفـي وقامـت اإلدارة العثمانيـة ،"العدلية .ل قانون مدين مستمد من الفقه اإلسالميباعتمادها كأو

باعتبارها أول تقنني رمسي لألحكام الشرعية اجتاها عاما لتقـنني " األحكام العدلية " وقد شكلت وتنظري الفقه اإلسالمي ملواجهة الواقع املتغري من جهة وكرد فعل على حركة اجلمود الفقهي من ناحية

)1(.بية العمل يف اتمع اإلسالميأخرى والذي أتاح للقوانني األورووفيما يتعلق بنظام التعليم واملسئول عن التشكيل املعريف لإلنسان داخل اتمـع ويف ضـوء

) الناتج عن التغريـب ( الواضح حلركة التغريب جند وكما يشري جوستني ماكارثي أن التغيري لالتغلغفكتب احلساب واملثلثـات الـضرورية للهندسـة "رويب األكثر تأثريا نتج عن النظام التربوي األو

العسكرية واملدفعية كانت مكتوبة باللغات األوروبية، وخاصة الفرنسية لغة القرن التاسع عـشر يف كما بدل " )2(،"أوروبا والتعليمات لتشغيل اآلالت وكتيبات التصليح كانت أيضا باللغات األوروبية

أعطيت مكاتب احلكومة تعليمات بفتح أكثـر املـدارس . للحكومةالسلطان حممود التوجه األلسىن ومل خيـرج هـذا املكتـب . م1833جناحا مكتب الترمجة التابع لوزارة اخلارجية الذى أسس عام

وفتحت اللغة أمام . وإمنا ساهم يف تدريب اإلداريني الذين اكتسبوا توجهات غربية . مترمجني فحسب رمسيني باب الثقافة األوروبية وبسرعة أصبح خرجيو مكتب الترمجة قادة اإلداريني العثمانيني وكبار ال

.)3("السلطة التنفيذية يف الدولةومن ناحية أخرى نالحظ أنه ويف ظل االهتمام بالتعليم العسكري يف بدء االتصال بالغرب مل يتم

لني، أحدمها عسكري واألخـر فالنظام التعليمي احلديث متركز يف جما " ،االلتفات إىل التعليم الديين مدين هدفه مد اجليش واإلدارة بالكوادر الالزمة هلما ويف حدود حاجة الدولة للعمالة يف كل قطاع، وكان التعليم العسكري أيسر مناال يف واليات العراق والشام من التعليم املدين الذى كان القبول فيه

: انظر حول جملة األحكام العدلية وحماوالت تقنني الفقه) 1(

.1980العلميةبريوت دار الكتب ، درر احلكام شرح جملة األحكام). حتقيق وتعريب(فهمي ، احلسيين- . 1991، 3ط، دار النفائس، عمان، تاريخ الفقه اإلسالمي. عمر سليمان، األشقر-

.1999 ،2ط، القاهرة مكتبة وهبة، الفقه اإلسالمي والتجديد. يوسف، القرضاوي- .64ص ، مرجع سابق .جوستني، ماكارثي)2( .75ص ،سابق الاملرجع ) 3(




14

بينما ظلت املدارس الدينية اإلسالمية تقدم ،أبناء األعيانيتطلب فرزا اجتماعيا دقيقا جعله قاصرا على لطالا الثقافة الدينية التقليدية، اعتمادا على ما كان لديها من أوقاف تدر عليها من أبناء الطبقـتني

تقدم تعليما دينيـا مل يتـأثر باالجتاهـات – يف معظمها – والوسطى وظلت تلك املدارس ةالفقرية، وإىل جانب هذين النظامني قام نظام تعليمي ثالث، قدمته مدارس اإلرسـاليات اإلصالحية احلديث

. )1(التبشريية على اختالف مذاهبها كما انتشرت املدارس العلمانية اليت خترج أصحاب املهن الالزمة لتلبية احتياجات اجليش اجلديـد

املدارس اإلعداديـة تأسست، كما الذى كونه باسم العساكر احملمدية املنصورة، واحتياجات اتمع لتخريج معلمي املدارس االبتدائية، واملدارس الفنية لتنشئة املوظفني، ومدرسة احلربية لتنشئه ) ةالرشيدي(

. )2(، الضباط وأنشئت املؤسسات اليت تم بالشئون الصحية والطبية يف الدولةلتركية يف املدارس اليت يلتحق ـا أفـراد وأدخلت اللغة الفرنسية إىل املدارس إىل جانب اللغة ا وسرعان ما جرى التصريح بإنشاء مدارس .األقليات غري املسلمني واألتراك من أبناء األسر امليسورة

مؤسسات علمية على نسق ظهرت وكليات أجنبية فرنسية يف غالبيتها، وتدار من جانب املبشرين، و ار األكادمييات الفرنسية إلعداد الكتب اليت ستدرس على غر قامالذى " جملس املعارف "أورويب مثل

، والغرض األصلي منها، إجياد شكل أكادميي حيقق اتصاال باحلياة الفكرية تأسيسهايف اجلامعة املزمع م وسار هـذا 1869/هـ1286وافتتحت اجلامعة وكانت تسمى دار الفنون . والعلمية األوروبية

وجود يف املدارس والكتاتيب، وهو القاعدة بالنسبة للمناطق الريفية جنبا إىل جنب مع التعليم الديين امل – أيـضا –ومن أهم التغريات اليت أتت ا التنظيمـات . آنذاك البعيدة عن تأثري املثقفني العثمانيني

.)3(التركية الدولةاستخدام األقليات يف جمال التعليم مما يعد أمرا جديدا يف تاريخق لتخـريج ابدأ التعليم العام الواسع النط ) م1876 – 1861(ان عبد العزيز ويف ظل السلط

تعليم أوىل، خمصص من حيث املبدأ لألطفال اعتبارا من السادسة من العمـر؛ : موظفني ومشلت بنيته م، وكان جيرى 1868 سراي عام – األول يف جاالتا هوقد أنشئ الليسي . مدارس أولية عليا، كليات

ية فيه، وقد أصبح بؤرة لتفريغ مثقفني وموظفني وسرعان ما جرى التصريح بإنـشاء تدريس الفرنس وكان يتردد عليها ) فرنسية يف غالبيتها وتدار من جانب رهبانيات كاثوليكية(مدارس وكليات أجنبية

وقد أتيح للبنـات، ألول مـرة، . يف آن واحد أفراد من األقليات وأتراك من األسر امليسورة احلال وكذلك أيضا حدث يف عهد السلطان عبـد .)4(ول على تعليم حديث على النمط األورويب احلص

.48، ص2005مارس،، العدد الرابع حوار العرب، بريوت، "اإلصالح العثماين الدوافع واألبعاد. "وفرء، عباس)1( .20ص، ، مرجع سابق"اإلصالح والتجديد يف تركيا. "ماجدة، خملوف)2( .22ص، املرجع السابق) 3( .463،مرجع سابق ). إشراف(روبري ، مانتران)4(




15

والذي عرف بتبنيه الكامل ملشروع التغريب حيث حتولت يف عهـده ) م1861 – 1839(ايد يف عهده يف اسطنبول تمؤسسات الثقافة التركية إىل مؤسسات تبشر باملشروع املعريف الغريب وتأسس

ديثة حيث حيذو تعليم العلوم حذوا أوروبيا كما أمر بإنشاء أكادميية العلوم العثمانيـة أول جامعة ح ومن أبرز رمـوز التغريـب ودعاتـه يف تركيـا رشـيد .م1850عام ) أي دانيش –اجنومني (

، ) م1880- 1825(ضيا باشا ،) م1871-1826(إبراهيم شناسي ،) م1858-1800(باشا .عبداهللا جودت ،) م1885-1822(حت باشا مد،) م1888-1840(نامق كمال

وهـو ) م622(مث كان بعد ذلك احلدث األكرب يف تاريخ العامل اإلسالمي منذ نشأة دولة املدينة إعالن تفكيك اخلالفة العثمانية على يد كمال أتاتورك واليت يف ضوئها انقسم العامل اإلسـالمي إىل

، "النقل واالقتبـاس "ل اعتمد النمط األورويب عن طريق قسمني أساسيني جتاه مسألة اإلصالح، األو املـستمد مـن منوذجه املعريف على أصالة اتمع اإلسالمي و اعتمد يف توجهاته اإلصالحية : والثاين

العقيدة؛ ومن هنا اكتمل شكل االزدواجية املعرفية واختذت شكال إيديولوجيا شقت من خالهلا النسق نصف تبىن املشروع الغريب يف مبانيه وأصوله وفروعه ونـصف تـبىن ، نياملعريف اإلسالمي إىل نصف

. مواجهتهأما يف مصر وعلى الرغم من وجود حركة فتية أرادت أن تتخطى التراجع والضعف الكـائن يف •

وتعرض العقـل ، دولة اخلالفة؛ إال أنه وبسبب ما واجه هذه احلركة من عوائق مل يكتب هلا النجاح تعرضت مـصر ) م1798(فمنذ احلملة الفرنسية ، ثل باقي دول العامل اإلسالمي املصري للتغريب م

احلملة الفرنسية الذين جاءوا للتبشري بالفكر والثقافة ي كبرية من التغريب بدأت بعلماء ومفكر ةملوج )2 (: ويشري فهمي جدعان إىل أهم أشكال التغريب يف مصر وهي،)1(والقيم الغربية

أي مبعىن نبذ الشرق والعرب واإلسالم واللحـاق ، ملعىن اخلاص الضيق هلذه الكلمة التغريب با : أوالأمحد لطفي السيد وسالمة " وأبرز من مثل هذا االجتاه ، مباشرة باملدنية الغربية بكل حسناا وسيئاا

أو " القوميـة املـصرية " مفهـوم الذين ارتبط التغريب عندهم " موسى وطه حسني وحممود عزمي ومل .الضيق املعادى صراحة لكل انتماء عريب وإسالمي وشرقي تارخيي أوديـين أو أديب " عونية الفر"

. إال وجها لظاهرة التغريب" القدمي واحلديث"ومعركة ) الفصحى(يكن العداء للعربية

:انظر ) 1(

. 23، ص1999، إبريل )91(، القاهرة، العدد املسلم املعاصر، "فال باالحتالل أم باالستقالل؟االحت. "حممد، عمارة- .1998، مارس 567، القاهرة، كتاب اهلالل، العدداحلملة الفرنسية تنوير أم تزوير. ليلى، عنان-

.323ص ،مرجع سابق . فهمي، جدعان)2(




16

فة الليربالية وهى الدعوة إىل حترر العقول من كل سلطة عقلية سابقة والنظر إىل موضوعات املعر : ثانياوممن ارتبط امسهـم ـذه . واتمع واإلنسان نظرة عقلية متفردة مدعومة بالفكر الوضعي اخلالص

". إمساعيل مظهر وطه حسني"األفكار " وتأسيس ،" القانون الوضعي " العلمنة وتبلورت يف الدعوة الصرحية إىل تأسيس الدستور على : ثالثا

فصل الدين " ن اإلسالمي أي دور فيه أو بتعبري مشهور ليس للدي " عصرية غربية "الدولة على قواعد " .قعلى عبد الراز"وممن ارتبط امسهم ذه االجتاه ، "عن الدولة

ونالحظ أن اإلشكالية املعرفية الكربى اليت واجهت العقل املصري وكانت مصدرا ملعاناته عن تشكيل نيامني للتعليم مسئولالفكرية تكمن يف تلك االزدواجية اليت بدأت تتكون مع إجياد نظ

والذي يقوم على -الذي بدأ مع جتربة حممد على-التعليم املدين : البنية املعرفية للعقل املصري مهاوالتعليم الديين الذي أصبح جبموده وانسداد روافد االجتهاد فيه وفشل حماوالت ، تباع النمط الغريبا

بدأت مصر تعرف ذلك "ويف ضوء ذلك ، اقع الراهنإصالحه مبا جعله يشكل عبئا وليس حال للوثقافة دينية تقليدية جامدة، وثقافة علمية غربية متجددة، : االزدواج اخلطري بني منطني من الثقافة

وكان هلذا أسوأ اآلثار والشرور اليت عانت منها مصر، فقد فتتت من وحدة الفكر بني أبناء اتمع )1 (". كانوا يستطيعون عبوره أخدودا ثقافيا قل منتوخلق

واسـتقدام ، مـن جهـة يف ضوء غياب التحصني املعريف بتعاث إىل أوروبا ال ونتيجة لسياسة ا يف وضع الربامج الثقافية والتربوية يف مصر من جهة أخرى تكونت يف مصر هماألوروبيني الستخدام

ملعريف الغريب من الدعوة إىل العلمانية بيئة خصبة للتغريب ظهرت فيها كافة أفكار ودعوات املشروع ا والتبشري بسيادة الفلسفة ،وفصل الدين عن الدولة، وحترير املرأة والدعوة إىل السفور وحماربة احلجاب

م 1891وإمساعيـل مظهـر ، م 1850شبلي مشيل (املادية وتبىن نظرية دارون يف النشوء واالرتقاء ).م1887وسالمة موسى،

ة إىل االنسالخ عن قيم األمة وتراثها واللحاق بأوروبا والسري على خطاهـا كما ظهرت الدعو ، والدعوة إىل احلرية والتحـرر مـن القـيم )م1889طه حسني (وأخذ كل ما فيها حبلوها ومرها

كل ، )م1872أمحد لطفي السيد (اإلسالمية، ونشر دعوات متزيق وحدة األمة مثل الوطنية والقومية أفكار التغريب وتوطني مفاهيمه، وكان لذلك تأثريه الواضح علـى النظـام ذلك شكل بيئة لترسيخ

املعريف والتربوي يف مصر، يشري على خليل مصطفى إىل أهم آثار حركة التغريب على الفكر التربوي :)2(يف مصر فيما يلي

.337، ص1985، القاهرة، عامل الكتب، ليم يف مصرتاريخ التربية والتع. سعيد إمساعيل، على)1(، 1986، القاهرة، دار الفكر العريب، أصول الفكر التربوي احلديث بني االجتاه اإلسالمي واالجتاه التغرييب . على خليل ، مصطفى)2(

). باختصار (262، 242ص




17

ـ -1 اعي ازدواجية النظام التعليمي بني تعليم ديين وتعليم مدين، فأصبح يعاىن من الفـصام االجتم . والفصام الشخصي

ترديد أفكار الغرب واعتماد الدراسات التربوية على الفكر الغريب اعتمادا كامال، مما كان له من -2وعامل الشخصية املصرية املسلمة علـى أـا ،أثر بالغ، فقد أقام التعليم املصري على أساس غريب

. شخصية غربية متاماان ذلك عن طريق إحالل اللغة اإلجنليزية مكاا كما حاول حماولة إقصاء اللغة العربية، سواء ك -3، أو بإضعافها عن طريق الدعوة إىل استخدام اللغة العامية، مبا يفصل اإلنسان املسلم عـن " وبدنل"

.عقيدته القرآنية ووالئه لإلسالم . عزلة التربية والتعليم عن اتمع وقضاياه ومشكالته احلقيقية -4ب اإليرانية الروسية وما تبعها من هزمية لإليرانيني ومعاهدة تركمان چاى كان للحر ويف إيران • دورا كبريا يف التوجه حنو النمط الغريب -واليت سنت مبوجبها امتيازات كثرية لألجانب -) م1828(

ومل يعد لدي اإليرانيني من خيار سوى إعداد جيش علي الطراز احلديث . يف وسائل احلرب وفنوا يف عهد ) س. هـ1867 –م 1851(يف منتصف القرن التاسع عشر " دار الفنون" مدرسة فأنشؤوا

الرياضـة واهلندسـة، والطـب : هي " سبعة أقسام"الدولة القاجارية ، وتضمنت يف دورا األويل )1(". علوم العسكرية"واجلراحة، والصيدلة، وعلوم املعارف، وثالثة أقسام أخري خاصة بـ

من استقدام مدرسني أجانب هلذه العلوم وانتقاء الطالب من غري املدارس الدينيـة وعلي الرغم ؛ إال أنه مل يعترض أحد مـن علمـاء "دار الفنون " شهدته مدرسة ذيوالتحول اإلداري والقانوين ال

إال أنه ، وذلك لرغبتهم يف إعداد جيش قوي يتم به مواجهة الروس مرة أخري " الروحانيون"الدين من قبل رجال الدين إال لفترة حمدودة انتهت ببدء الـدورة " دار الفنون " مع مدرسة تعايش ال مل يتم

واليت تأسست فيها جمموعة من األقسام الدراسية األخرى يف هـذه ) م 1859( الثانية هلذه املدرسة ، "تمثيـل املـسرح وال "املدرسة تم بتشكيل القيم وتتدخل يف الثقافة واألخالق، وهذه األقسام هي

ويف هذه املرحلة بدأ الصراع بني رجال الدين كمدافعني عـن )2(". املوسيقي"، "النحت والتصوير "الذين درسوا يف أوروبا " املتغربني"وما حيمله من قيم وخصائص، وبني فئة ) الديين(التعليم التقليدي

ن مدارس أخري علـي ذات هذه العلوم اجلديدة وعادوا لتدريسها يف مدرسة دار الفنون وما تبعها م فبعد نصف قرن مت إنشاء عدد من املدارس املشاة، فأنشئت مدرسة احلقوق والعلـوم . النمط الغريب

سنوات وتنتمي إيل التعليم العايل، مث أنـشئت يف عـام 4ومدة الدراسة فيها ) م1899(السياسية

ژوهشكده تعليم وتربيت پ، طهران، خ معاصر إيراندار الفنون گفتارى درهويت دار الفنون وجايگاه در تاري. مهدى، إشراقي )1( .27، ص)م2004(

.53، صسابقال رجعامل )2(




18

ملدرسة العالية للزراعـة سنوات، كما أنشئت ا ) 5(مدرسة الطب ومدة الدراسة فيها ) م 1908(واملدرسـة البيطريـة عـام ) م1926(ومدرسة املهندسني عـام ) م1922(واحلرف املهنية عام

). م1932(واستقدام معلمني ومناهج ودراسات غربية كـان مـن " دار الفنون " ويعترب اإليرانيون أن افتتاح

يف إيران السيما فيما يتصل مبنظومـة القـيم العوامل املؤثرة والفعالة يف انتشار وترويج الفكر الغريب وكان أغلبهم من أسر معروفة طالب 1100وقد وصل عدد اخلرجيني خالل أربع سنوات . والثقافة

وذات نفوذ كبري وشغل أغلبهم مناصب عليا يف الدولة وكانوا يف نفس الوقت يسعون لنشر الثقافـة .)1(الغربية

حبها من إنشاء دور للنـشر والطباعـة، وتأسـيس ا ص ماار الفنون ومن النتائج املهمة إلنشاء د الصحف وهو التطور اجلديد علي احلياة الثقافية يف إيران يف ذلك الوقت، علي الرغم من احملـاوالت السابقة ملريزا صاحل الشريازي يف إنشاء الصحف، إال أنه مع نشأة دار الفنون تأسست دور الطباعـة

الصحيفة العلمية، الـصحيفة الرمسيـة : د صدرت يف البداية ثالث صحف والنشر بصورة أسرع وق كما كان الستقدام مدرسني أجانب دوره يف االجتاه حنـو الترمجـة ، احلكومية، والصحيفة القومية

وتعلم اللغة الفرنسية وهي لغة التعليم األويل يف مدرسة دار الفنون مث تبعتها اللغة اإليطالية واألملانية، بحت هذه اللغات تدخل ضمن املنهج واملقرر الدراسي للمدرسة وما تبعها مـن مـدارس كما أص

هذا باإلضافة إيل دور هؤالء املعلمني يف نشر القيم والثقافة الغربيـة . أنشئت علي نفس النمط الغريب ن داخل قاعات الدرس للطالب الذين مل يتلقوا أي نوع من التعليم الديين، كما أن مدرسة دار الفنو

. الدرس الديين– أيضا –يف منهجها ومقرراا غاب فيها ومتثلـوا ، )الفكر الغـريب ( ويف هذه األثناء ظهر جيل جديد من املثقفني اإليرانيني الذين تبنوا

أفكاره السيما ما يتعلق بالنظرة إىل الدين ومهامه ووظائفه يف حياة اإلنسان لدرجة وصلت إىل معاداة فقد تأثر اجليـل األول " ره أس التخلف كما فعل التنويريون الغربيون مع الدين املسيحي الدين باعتبا

ومن هنا . من تيار التنوير اإليراين بروحية معاداة الدين واملؤسسة الدينية اليت كانت سائدة يف أوروبا راء ليتجـاوزوا اختذ هؤالء موقفا معاديا من الدين، وتوجهوا حنو األصول القومية، فقفزوا إىل الـو

: انظر )1(

). م1675 (1354، طهران، كتاخبانه مركزي ، امري كبري ودار الفنوناوندي وديگران، هوشنگ-




19

اإلسالم بوصفه مرحلة تارخيية دخيلة من عمر إيران واإليـرانيني، ويعـودوا إىل تـاريخ األجـداد )1(."الساسانيني

ن مبن يروجـون للفكـر الغـريب يومصطلح املستنري ، وقد ارتبطت املؤسسات التعليمية احلديثة ذلك ما كتبه جالل أمحد عن هذه احلالة ومن ، وباستعداء الدين واستبعاده من حركة النهضة اإليرانية

واملصطلح يشري بوضـوح إىل ) املستنريون خدمة وخيانة " ( درمخت وخيانة روشنفكران "فيما أمساه . هؤالء الذين مييلون للغرب ويرجحون أفكاره وينقلوا

عرفة الدينية إقصاء امل " دار الفنون "الرغم من حماوالت السلطة احلاكمة منذ إنشاء مدرسة على و بلـغ م1966إال أنه وحسب اإلحصاء الرمسي لعام "أو حتويلها إيل معارف ضمن التعليم احلديث منهم من العنصر النـسائي 174 ألف شخص، 12تعداد رجال الدين العاملني يف إيران أكثر من

تعدادها إيل ألف شخص، أما املدارس الدينية فقد وصل 15وبعد سبع سنوات ارتفع الرقم األول إيل . )2( آالف منهم يف مدينة قم وحدها6 ألف طالب كان أكثر من 140مدرسة تضم حوايل 299

يدخل التعليم يف إيران مرحلة جديدة، حيث بدأ ) م1979-1924(يف عهد الدولة البهلوية و ـ 1313(عهد إنشاء اجلامعات، حيث أنشئت جامعة طهران عام ـ ) م1924-ش. ه ت واليت مثل

، "كلية علوم املعقول واملنقول "كليات هي ) 6(نقطة حتول يف تاريخ التعليم يف إيران ومت ا تأسيس كلية احلقوق والعلوم "، "كلية الطب" "كلية اآلداب والعلوم التربوية" "كلية العلوم الطبيعية والرياضية"

" .الكلية الفنية واملهنية "، "السياسية من إنشاء جامعة طهران، مت تأسيس الس املركزي للجامعات يف حوايل عاما 30وبعد حوايل

دف دراسة وحبث أوضاع اجلامعات ومؤسسات التعليم العايل يف ) م1965-هـش1344(عام ـدف حتديـد ) م1968-ش.هـ1346(إيران، مث مت تأسيس وزارة العلوم والتعليم العايل عام

جملس النشر "، "الس املركزي للتعليم " العلمي، مث إنشاء وتنظيم أمور اجلامعات ومؤسسات البحث ومع أمهية هذه .، وكل هذه االس كانت تابعة لوزارة التعليم العايل "جملس التعليم الطيب "، "والطبع

املؤسسات حلركة النهضة إال أن إقصاء الدين واملعارف الدينية منها جعلها ترتبط يف أذهان اإليرانيني غريب؛ فضال عن أن الذين يعملون ذه املؤسسات كان يغلب علـيهم الطـابع الثقـايف بعملية الت

. والفكري الغريب واستبعاد الدين كما ذكرنا سابقاومل تتوقف حماوالت السلطة يف سبيل هذا اإلقصاء حيث اختذ الشاه جمموعة من اإلجراءات اليت

ويشري . طالبا784عدد طالا يف أواخر عهده إيل كان من شأا تقليص املدارس الدينية حىت وصل

مركز احلضارة لتنمية الفكر ،بريوت ،راقط حممد حسن ز: ترمجة ، األسس الفكرية للثورة اإلسالمية. حممد شفيعي، فر)1( .112ص ، 2007، اإلسالمي

.183، ص1989، بغداد، األمانة العامة للشباب، دراسات يف تاريخ إيران احلديث واملعاصر. كمال مظهر، أمحد )2(




20

توفري الكوادر " بعض الباحثني اإليرانيني إيل أن األهداف احلقيقية إلنشاء اجلامعة اإليرانية تتحدد يف الفنية والتخصصية اليت تسد احتياجات اجلهاز احلكومي يف الدولة باإلضافة إيل النواحي العـسكرية

ل تأسيس أقسام دراسية وختصصية توفر القوة اإلنسانية املدربة يف هـذه والصناعية، وذلك من خال )1(". امليادين واليت مل تكن موجودة يف احلوزة العلمية أو نسق التعلم الديين احلوزوي

ختريج خنبة بريوقراطية حكومية لـسد "ويذكر صديق أن اهلدف األصلي من تأسيس اجلامعة هو ، أمـا )2("ري املستحدث من قبل رضا شاه لوي والذي نقله من أوروبـا احتياجات اجلهاز اإلدا

الترويج للقيم والثقافة الغربية و إقصاء كل مـا " سلطان نزداد فريى أن جامعة طهران أنشئت بغرض )3(". هو مقدس وديين يف اتمع اإليراين

ق والنظـام التعليمـي وشـروطه ليس فقط يف النس ) احلوزة( اجلامعة التعليم الديين قابلتوقد وطريقته اجلديدة؛ بل أيضا من حيث االجتاه الفكري، فما لبثت الثقافة الغربية وبالتحديد املاركـسية

األساتذة، املقررات واملناهج العلمية، الطالب حىت إن : من التغلغل يف الوسط اجلامعي جبميع عناصره 1941(الب اجلامعة اإليرانية يف الفترة من من ط % 80أن أكثر من "بعض اإلحصاءات تشري إيل

)4 (".كانوا ينتمون فعليا إيل حزب توده الشيوعي) 1953 – دور اجلامعة اإليرانية يف التـرويج للفكـرة إىل" نزعة التغريب "هويشري جالل آل أمحد يف كتاب

ستنريين املتغربني العائـدين أما اجلامعة الوطنية فهي حانوت امل "...الغربية وخدمة مصاحل الشاه فيقول وقد دعاهم الفتتاح هذا احلانوت اخلاص، كثرة ما شاهدوه ومسعوه من ترهات التقاليد ..من اخلارج

أما ...فلم يأنفوا من التوسل مبسئولني من هذا النوع لتأسيس هذه اجلامعة. املتحجرة يف جامعة طهران فنجد ..ا لألحباث العلمية والدراسات املعمقةجامعة طهران واليت من املفروض أن تكون مركزا ضخم

ال خترج يف النهايـة ) كليات العلوم الصناعية (الفروع اجلامعية اخلاصة بالتقنية والصناعة وامليكانيكا سوي حرفيني جيدين للصناعات الغربية، وال أثر فيها للبحوث العلمية احلديثـة، أو االكتـشافات

القائمة، وال أي شئ آخر ليس مث سوي مصلحي ومـشغلي واالختراعات، وال حلول للمشكالت )5(".املكائن والصناعات الغربية

، سال يازدهم، 35مشاره ، طهران،فصلنامه دانشگاه اسالمى، "بررسى رابطة نظام لوي ودانشگاه در إيران." سعيد، گلگار)1(

.127، ص) م2007 (1386، باييز 35مشار 1383ژوهشكده امام مخـيىن وانقـالب إسـالمي، پ، طهران انقالب فرهنگي در دانشگاهها إيران . حممد شرف ، زاده بردر )2(

.96، ص)م2004(، طهران، نشر علم نقالب إيراناسراري از سقوط شاه ونفش آمريكا وانگيس در ا: خاطرات دوسفري. منصور، سلطانزاد)3(

.28، ص)م1993 (1372 .134مرجع سابق، ص. سعيد، گلگار)4( . 130-129ص، مرجع سابق، نزعة التغريب. جالل، آل أمحد)5(




21

إنشاء بديل يف اجلامعة اإليرانية للتعلـيم الـديين يف ) م1944-1878( وقد حاول رضا خان دف تربية جيل جديد من رجال الدين علي العلوم احلديثة، " املعقول واملنقول "احلوزة، فأسس كلية

. ميكنه من مزامحة رجال الدين يف احلوزة مباكان استبداد رضا خان واعتداده القومي إيذانا بوالدة جيل جديد من القوميني يعتقدون أن سـر

تقدم الغرب يكمن يف تطور مؤسساته السياسية، وبالتايل يقتضي اللحاق به تأسيس دولة مركزية قوية ومن هنا استندت دعوة رضا خان . تبسة من الغرب املتقدم تقوم على أساس ثقافة سياسية جديدة مق

وقد حظيت سياسة رضا خان يف مواجهة علماء احلـوزة ...احلداثة، والقومية : على ركيزتني، مها وحماربة التقاليد والقيم اإلسالمية بتأييد كل من االحتاد السوفييت وبريطانيا، وقد كان مدافعا صرحيا بل

)1 (".جم احلوزة وعلماء الدين يف منشوراته أو صحافته ومؤيدا لكل من يها ومل يستطع رضا خان استبدال ثقافة اتمع اإليراين بثقافة جديدة بالكامل، ولكنه على الرغم من

، أو على األقل أوجد أرضيتها املؤسسة هلا، وذلـك مـن " ازدواجية ثقافية "ذلك استطاع إحداث أمره برتع حجاب النساء، اعتداؤه على احلـوزة " اليت اعتمدها ومنها خالل جمموعة من اإلجراءات

وعلماء الدين، إحياؤه لتاريخ إيران ما قبل اإلسالم، تأسيسه لنظام قضائي جديد مستقل عن احملاكم ، الشرعية التقليدية، تأسيسه لنظام تعليمي جديد، إقراره لقوانني جديدة، إقراره للمركزية الـسياسية

من اإلجراءات اليت كانت دف يف روحها إىل مواجهة احلوزة واملؤسسة الدينية، ومـن وغري ذلك )2 (".جهة مصدرها كانت مستوحاة من جتربة أتاتورك يف تركيا

خان يف البعثات التعليمية اليت كانـت رضا التعليم يف عهد الشاه يفالتغريبية الرتعة ظهرت كماكما حاول الـشاه " توفري مناصب هلؤالء الطالب يف املؤسسة التعليمية، يرسلها الشاه إيل أوروبا مث

جماة الرتعة الدينية يف إيران واليت كانت تقودها مدارس احلوزة العلمية، ففرض املالبس العصرية علي إال بعد احلصول علي إذن رمسي – وحظر لباس رجال الدين –رجال الدين ال سيما القبعة البهلوية

وألغي بعض املناسبات الدينية وأصبح الذهاب إيل احلج بتصريح خاص، وقلص عدد املدارس بذلك، صدور مرسوم " – أيضا –التغريبومن مظاهر ،)3(" الدينية، وام رجال الدين بالتخلف واخلرافة

.112ص ، مرجع سابق، األسس الفكرية للثورة اإلسالمية. حممد شفيعي، فر)1( .129-128ص ،سابقالرجع امل)2(، أكتـوبر )250(الكويت ،عـامل املعرفـة، العـدد ،)1979 – 1906(إيران السياسي بني ثورتني تاريخ. آمال، السبكى )3(

1999 . .87، ص




22

بتحرمي احلجاب علي املرأة يف إيران وحظره علي التلميذات واملعلمـات يف 1935 يناير 7ملكي يف )1( ."أثناء الدرس

" تفريس التعلـيم " بعملية إىل تبىن الرتعة القومية يف التعليم من خالل القيام -أيضا-واجته الشاه الـيت يقطـن حىت–فرض اللغة الفارسية علي مجيع املدارس املوجودة يف إيران "عن طريق وذلك

ا مهما يف وضع املناهج واملقـررات كما أصبح حلزب النهضة القومي يف إيران دور -غالبيتها عرب وترجيح العنـصرية " )2 (،"الدراسية، ونشر األفكار القومية عند الناشئة يف مراحل التعليم املختلفة

القومية علي الديانة اإلسالمية يف تعريف اهلوية الوطنية اإليرانية يف التاريخ ماضيا وحاضرا ،وإعطاء ومدح األفكار واألهداف املسيطرة يف تلك الفترة ،من دون ذكر " دمية الق" إليران ىاألمهية القصو

)3 (."السلبيات واملفاسد السياسية واالجتماعية هلا م حتدي الشاه رجال الدين وقام بتغيري التقومي اإلسالمي الرمسي الذي كان يبدأ 1976ويف عام

كانت " اإلمرباطورية األمخينية قبل ألفني ومخسمائة سنة من هجرة النيب من مكة إيل املدينة إيل والدة مؤسـس هـذه -لدي الشاه رغبة يف الرجوع إيل ما قبل اإلسالم، وأراد أن يلتحق بنسب قورش

وكان هدف الشاه من هذه ، )4 (" لكي خيفف من الطابع اإلسالمي للشعب اإليراين - يةروطاإلمربا وبالنظام العلماين الذي كان بالضرورة علي حساب سـلطة ربط إيران باحلضارة الغربية "السياسات . )5("رجال الدين

تنفذ إيل تصورات العقـل املـسلم أرادت أن خنلص من هذا املشهد إىل أن حماوالت التغريب وقد أحدث ذلك جمموعة من ، اختراق بناء الثقافة اإلسالمية وحصنها ت حاول اوأ، ونظامه القيمي كان أبرزها تلك االزدواجية املعرفية اليت أحدثت انقـساما يف ، اإلسالمي لبناء املعريف اخلروقات يف ا

أطلقت علـى أحـدمها وشقت نظامه املعريف ونسقه الفكري إىل نصفني ، العقل املسلم مل يلتئم بعد مل يكن له وجود يف الواقع اإلسـالمي ا صراع -حماوالت تغريب –وابتدعت ، واآلخر دنيوي ، ديين

.والدين والعلم، والدين والتقدم، بني الدين واحلياة:ارتهوحض

.96، ص ت.، القاهرة، الدار العربية لنشر الثقافة العاملية، دإيران املعاصرة .أمحد، معوض )1(طهران ، مركز انتشارات آموزشى، مشاره رورش، پ آموزش و ما هنامه ، "قطعنامه هشتمني كنفرانس ارز شياىب انقالب آموزشى ) 2(

.13ص . )م1970(ش .هـ1349،)174( ، بريوت ،مركز دراسـات اإليرانية-العالقات العربية : يف" صورة العرب يف الكتب املدرسية اإليرانية ." غالم على حداد ، عادل)3(

.281 ،ص 1996الوحدة العربية ، .49، ص1992، بريوت، دار الساقي الشاه إىل سجون الثورةمن بالط : إحسان نراقي) 4( .203ص، 1989، 22 القاهرة، كتاب احلرية عدد إيران بني التاج والعمامة،: أمحد مهابة) 5(




23

ومن مث جاءت هذه الدراسة إللقاء الضوء على بعض اجلهود اليت حاولت القضاء على مكونات والتأكيد على العناصر املعرفية للحضارة اإلسالمية يف تكاملها وانـسجامها يف ضـوء ، هذا الصراع

.النموذج املعريف التوحيدي




24

املبحث الثاين لألزمة احلضاريةيالتصور الفكر

)* ()1954 – 1869 ("سالمشيخ اإل" مصطفى صربي :أوال من حتديد دقيق للعوامـل الـيت أدت إىل لإلصالح يف بناء رؤيته املعرفية" مصطفى صربي "ينطلق

يـشري يف ختلف املسلمني األكثر تأثريا اليت يراها والعوامل، األزمة اليت تعيشها األمة اإلسالمية آنذاك حمور التقليد للغرب وما تبعه من انتشار واسع حلركة وتيار التغريـب بـني : هي عدة حماور إليها يف

الفـساد : ، واحملور الثـاين "الدينو جمدد"، "لرد جمد –ديين "هوكتب فيه مؤلف " اددون املسلمون " . حمور فصل الدين عن السياسة: والثالثاألخالقي والتربوي والعلمي،

فساد أخالقهم وضعف إميام :السبب احلقيقي لتأخر املسلمني منذ زمان "ويذكر يف هذا الصدد قوله ومن مجلة األسباب عدم وقوف كل أحد منهم عند حده فيتدخل بعلوم من ... بالقدر وقوة جهلهم

لوم الدينية اليت أصبح محاها عرضة للناس يدخله مـن ال صلة له ا وال يتركها لعلمائها والسيما الع يشاء ويركض برجله يف طوله وعرضه من غري حاجة إىل استئهال له وقضاء عمر يف دراسته يف حني

عليه ومن مل يبال ذا النظام ورط نفسه وال يضع هأن الغرب آمن بنظام التخصص وأسس بنيان رقي . )1(" ملا يقع فيه من األخطاءاحدوذلك ألن اخللل يف هـذا ،ويذكر أن خطته اإلصالحية ترمى إىل إصالح اجلانب الثقايف واملعريف

العمل ، ومن مث فخطته تتحدد يف وتصوراته ومفاهيمه جعل العقل املسلم يرتبط بعقل الغرب اجلانبغـة االنصراف عن تقليد الغربيني الذى دب دبيبه وهبت عاصفته مث رست ورسخت يف أدم "على

نترك التقليد يف العقلية الدينية وتقـدير صـلتها –أيضا -و... كتابنا العصريني وبعض علماء الدين بالعلم يف معناه الصحيح، فنملك استقاللنا يف العقيدة اليت هي أساس األعمال الصاحلة واليت يتقـدم

يكـون مـسلما متعلمـا املتعلم إمنا استقالهلا على االستقالل السياسي لألمم اإلسالمية، واملسلم

م، وتـوىل 1890م يف توقاد باألناضول، وأصبح أستاذا حياضر يف مسجد حممد الفـاتح عـام 1869ولد مصطفى صربي عام ) *(

قيمـة االجتـهادات "، "جمددو الـدين "من مؤلفاته العلمية . وكان له نشاط سياسي وفكري بارزان . م1919مية يف املشيخة اإلسال " مسألة ترمجة القـرآن "، ) "م1924(النكري على منكري النعمة من الدين واخلالفة واألمة "و" العلمية للمجتهدين احملدثني يف اإلسالم

القول الفصل بني الذين يؤمنون بالغيـب "، )م1934(قويل يف املرأة "، و )م1952" (قدرموقف البشر حتت سلطان ال "و ) م1931() 1950" (موقف العقل والعلم والعامل من رب العـاملني وعبـاده املرسـلني "مث موسوعته الفكرية ،) " 1942" (والذين ال يؤمنون

. فلسفية والسياسيةوتتكون من أربع جملدات كبرية ضمت كل آرائه الفقهية واالجتماعية وال، م 1981، 2ط،دار إحياء التراث ، بريوت ،1ج موقف العقل والعلم والعامل من رب العاملني وعباده املرسلني . مصطفى صربي )1(

.17ص




25

ما ظنـك فباالستقالل يف العقيدة الدينية وال جيوز للمسلم املتعلم تقليد غريه من املسلمني يف العقيدة )1( ."بتقليد غري املسلمني

من طبيعتـه االجتماعيـة اومن ناحية أخرى فإن فصل الدين عن الدولة أنقص من اإلسالم جزء فإن فصل الدين عن الدولة أضر باإلسالم من "الم عن غريه من األديان، والسياسية وهو ما مييز اإلس

غريه من األديان لكون اإلسالم ال ينحصر يف العبادات بل يعم نظره املعامالت والعقوبات وكل مـا يدخل يف اختصاص احملاكم والوزارات وجمالس النواب والشيوخ، فهو عبـادة وشـريعة وتنفيـذ

على كل ما حتتاج إليه الدولة واألمة من القوانني فهو مستغن بنفسه عـن فاإلسالم ينطوي ...ودفاع )2 (. " يف هذه اخلصلة أي ملةال يدانيهغريه : تتمحـور يف والـيت " صـربي مصطفى "هذه باختصار مالمح األزمة احلضارية كما تصورها

جتماعية والسياسية وهو مـا التغريب، الفساد األخالقي والتربوي، وفصل الدين عن شئون احلياة اال : ميادين عدة هذه األزمة يفتقدمي بناء فكرى يعاجل فيه فيها حاولاليتحاول معاجلته يف رؤيته املعرفية

اإلنسان املسلم وتصوراته، األمة املسلمة ونظمها االجتماعية والسياسية، التهديد اخلارجي واختراقاته . الثقافية وشبهاته الفكرية والعقدية

م 1981، 2ط،دار إحياء التـراث ، بريوت ،1ج موقف العقل والعلم والعامل من رب العاملني وعباده املرسلني . مصطفى صربي )1( . 13ص ، .295مرجع سابق ص، 4ج موقف العقل والعلم والعامل.مصطفى،صربي) 2(




26

)1( )م1905 -1849(حممد عبده :انياثاإلسـالم بـني العلـم (كما يف "حممد عبده "ـ الواضح للغرب يف اإلنتاج الفكري ل لظهوررغم ا

اإلسـالم ( اإلصـالحي، و ه تضمن ردودا مثلت األركان األساسـية يف مـشروع يوالذ) ةنيواملدوقد مثلت هذه . األوروبيةصر النهضة تفنيدا لتكوينات عقلية ع – أيضا – تضمن يوالذ) والنصرانية

اإلسـالمي، لنمـوذج املعـريف من ا يقوم عليها كل ألصول املعرفية اليت اقارنة مل تقعيدا – أيضا –يضع عليها " مطية"مل جيعل من الغرب " حممد عبده "رغم كل ذلك إال أن ...الغريب لنموذج املعريف او

. أسباب التراجع والتخلف لألمةوتكويناا حماوال ليس فقط التعرف ، البحث يف الذات املسلمة وما وراءها إيل" مد عبده حم"اجته هو العامل املشترك يف الوجهني " الدين"وكان . أسباب أزمتها؛ بل أيضا إدراك نوافذ إصالحها يعل

العقـل ومكانته ووظيفته املعرفيـة يف " الدين"وبالتحديد املوقف من ). األزمة واإلصالح (السابقني ينطلق بالعقل يف سعة العلم، ويسيح بـه يف يالدين هو الذ ف " وطرائق فهمه ومنهجية تناوله املسلم

أثر من آثار اهللا، أو يكشف به سرا من أسراره يف ي أطباق السماء، ليقف به علعد به إيل صاألرض وي عقول تقتطف من مثارها خليقته، أو يستنبط حكما من أحكام شريعته، فكانت مجيع الفنون مسارح لل

فلما وقف الدين، وقعد طالب اليقني، وقف العلم وسـكنت . ما تشاء، وتبلغ من التمتع ا ما تريد )2(". رحيه، ومل يكن ذلك دفعة واحدة ولكنه سار سري التدريج

حممد " رآه يهو الذ " اجلمود"العقل املسلم، و " مجود"عن وظيفته كان بسبب " الدين"إن توقف : يف اللغة ضـد " اجلمود"و، لألمة يحلالة التراجع والتقهقر احلضار " ذاتيا"و" داخليا"تفسريا " دهعب

)3( .داحلركة، والتدفق، واخلصب ، والنماء، واجلو

باجلامع األمحدي بطنطا تلقى دروس الفقه والشريعة وحفظ القرآن الكرمي ،م1849 -هـ 1266يف عام " حممد عبده "ولد اإلمام )1(

. 1877وحصل على الشهادة العاملية منه عام ، ةوالنحو والبالغ فدرس الفقه والتفسري واللغة 1865مث انتقل إىل الدراسة باألزهر عام ؛ لذا مت نفيه إىل بـريوت مث إىل فرنـسا 1882بدأ حياته اإلصالحية مهتما باإلصالح عرب السياسة وكان من املؤيدين للثورة العرابية

.داحيث التقى هناك جبمال الدين األفغاين وأصدرا سويا العروة الوثقى واليت توقفت بعد مثانية عشر عد، حتقيـق وشـرح "البصائر القصريية للطوسي "، حتقيق وشرح "رسالة التوحيد "قام حممد عبده بكتابة وشرح عدد من الكتب منها ويف هـذا " اإلسالم والنصرانية بني العلم واملدنية " كتاب ، وج البالغة للشريف الرضي للجرجاين،" أسرار البالغة "و" دالئل اإلعجاز "

ام حممد عبده بإجراء مقابلة بني الدينني اإلسالمي واملسيحي وأثرمها يف العلم واملدنية، تقرير إصالح احملـاكم الـشرعية الكتاب قام اإلم ، القـاهرة ،مذكرات اإلمام حممد عبده سرية ذاتية ، )عرض وحتقيق وتعليق ( .طاهر الطناحي: انظر حول سريته الذاتية (. 1899سنة

).1993مارس ،507العدد، كتاب اهلالل .169، ص1960، 114، القاهرة، كتاب اهلالل، العدد اإلسالم بني العلم واملدنية. حممد، عبده)2( :انظر )3(

.348، ص1997، 2، بريوت، دار أحياء التراث العريب، ط2لسان العرب، حـ. مجال الدين أبو الفضل، ابن منظور




27

يف مكانه ومل يعد قادرا ت ب أن العقل املسلم قد توقف وث : جبمود العقل هنا "حممد عبده "ويقصد مبا أفقده النماء واخلصب املنتظر الناتج عن إعمال العقل يف النظـر يف يفكر احلركة والتدفق ال لىع

احلياة الفكرية ي هيمن عل يالذ" اجلمود"أنتجت هذا " حركة العقل "وغياب . دينه ومتطلبات معاشه ". الال عمل"و" الال فعل"و" السكون"واالجتماعية للمسلمني فأصاا

ومنها . أصاا اجلمود يف املشهد اإلسالمي ااالت اليت –ال عد إمج ب –" حممد عبده "وقد صنف –ست فقط أداة تعبري ولكنها ي ميكن وصفه باألزمة اللغوية املعرفية، فاللغة ل ما أو" اجلمود يف اللغة :"

ارتباطا وثيقا بني حالة اللغة وحال اتمـع أن هناك علماء اجتماع اللغة ي وعاء تفكري، وير -أيضاغة ظاهرة اجتماعية ترتبط بناها ارتباطا وثيقا بني الفكر السائد يف جمتمع معني، وهو ما يؤكـد فالل"

.)1("افتراض العالقة الطردية بني التخلف يف جمال اللغة والتخلف احلضاريغياب التطوير عن اللغة وإمهال البحث فيها، واالرتقاء ـا لتحقيـق " حممد عبده "نعىوهلذا

وهكذا . "...عتد به األجيال الالحقة من أهلهات للعصر، حيث إن لكل عصر لغته وهذا ما مل مواءمتها بل وال مبا كان حيف؛ النظر يف كالم من يليه وهو غري مبال بسلفه األوليكل متأخر يقصر فهمه عل

غة مبقـدار بالقول من أحوال الزمان، فهو ال ينظر إال للفظ وما يعطيه، فتسقط مرتلته يف حتصيل الل جعلوا دروس اللغة لفهم عبارة بعض : ما نراهم عليه اليوم وصل حال الناس إيل عده عن أهلها حىت ب

غاية يف فهم ما وراءها فدرست علوم األولني املؤلفني يف النحو وفنون البالغة، وإن مل يصلوا منها إيل )2 (".وبادت بضاعتهم

عن النظر واالسـتنباط يف " لمسالعقل امل "تهاد وغياب غلق باب االج إيل" حممد عبده "كما نبه دوره يف سياقات يوالركون، بل واالنكفاء والتسليم الكامل لفقه أد) القرآن والسنة(مصادر التشريع يف أسـر " العقل املـسلم "ع و وليس من أجلنا حنن، ومن مث فإن وق ا من أجله ئنشاجتماعية خمتلفة أ

احنسار الشريعة، وفقدان الثقة ا والتماس احلق يف غريهـا، إيل يأد" كهفه"ويف " الفقهي ياملاض" ". اجلمود يف الشريعة" ذلك ىومسكانت الشريعة اإلسالمية :قبوهلا يسر محل الناس عل ععة جر إيليأحكام الشرفهم هذا اجلمود يف

أن يـضطروا إيل حىت لها أيام كان اإلسالم إسالما مسحة تسع العامل بأسره، وهي اليوم تضيق عن أه إليها، وأصبح األتقياء من محلتها يتخاصمون ييتناولوا غريها وأن يلتمسوا محاية حقوقهم فيما ال يرتق

)3 (. سواهاإيل

أزمة اللغة ومشكلة التخلف يف بنية العقل العرىب املعاصر، جملـة : مد يونس على حممد حم : سوسيولوجيا اللغة نقال عن . بيار، آشار)1(

.66، ص29، ع87، ججامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة وآداا .170ص، ،مرجع سابقاإلسالم بني العلم واملدنية. حممد، عبده) 2( .173ص، سابقالرجع امل)3(




28

يف زمن خمتلف ويف مكان نتجت الفقهية، اليت لآلراءالتقليد املذهيب هيمنة " حممد عبده "ويرفض بلغت حد التقديس عنـد الفقهـاء وقوف عليها، هذه اآلراء اليت األوضاع املعاصرة وال عنخمتلف

تباينها واختالفها واضطراب اآلراء يالوقوف عند عبارات املصنفني عل "ياحملدثني الذين يصرون عل )1 (."فيها

" االنفصال "أكثر أشكال األزمة احلضارية خطورة، وذلك ألنه يؤدي إيل" اجلمود الفقهي"ويعد فيها ضعفا حلل مشكالته احليويـة املعاصـرة ي ير انفصال املسلم عن عقيدته اليت : زدوج، األول امل

االنفصال عـن الواقـع :والثاين ، " احلق"أو " احلل" هذا ي غريها للحصول عل واملعاشة واللجوء إيل ضرورة يير" حممد عبده "املعاش والتخلف عنه لصاحل واقع آخر يبعد عنه عشرات القرون؛ لذا فإن

البد من التفريـق بـني " من ناحية االرتباط بالعبادة والتقديس، يالفصل بني الوحي والتراث البشر )2 (". كان مصدر نشوء وانطالق هذا التراث يف فترة التكويني، والوحي اإلهلي الذيالتراث البشراجلمود "إيل" حممد عبده "، فقد أشار " األزمة التربوية " - أيضا - احلضارية مظاهر األزمة ومن

، وكل من هذه األمناط ، واألجنيب املدينو،الديين: متعددة من التعليم ا أنشأ لنا أمناط يالذ" يف التعليم حالة مث أشار إىل. عقيدا أو معارفها وعلومها أو يف شخصيتها وطريقة تفكريها قد أضر األمة إما يف

: عليها، ذلك اجلمود الناتج عن عـاملني " اجلمود" جنايات يف تفرقها ومتزقها أكربى رأ اليت" األمة"- هذه اجلناية وأعظم ما يف" فرق األمة ومزق أواصر وحدا ويقول يف ذلك يمذهب الذ تال: األول

جناية التفريق ومتزيق نظام األمة وإيقاعها فيما وقع فيه مـن - االجتماع اإلسالمي يأي اجلمود عل أما العامل الثاين فهو انفـصال شـرط )3 (".ملذاهب والشيع يف الدين سبقها من االختالف وتفرق ا

البنيـة يم عظيم قـو سكانت امللة كج ..." يف الدين عن الرياسة السياسية "الفقاهة" و "األعلمية"صحيح املزاج، فرتل به من العوارض ما أضعف االلتئام بني أجزائه، فتداعت للتناثر واالحنالل وكاد

وبدأ هذا االحنالل والـضعف يف روابـط امللـة . حدة وتضمحل هيئة اجلسم يكل جزء يكون عل اإلسالمية عند انفصال الرتبة العلمية عن رتبة اخلالفة وقتما قنع اخللفاء باسم اخلالفة دون أن حيوزوا

)4 (". اهللا عنهميشرف العلم والتفقه يف الدين واالجتهاد يف أصوله وفروعه كما كان الراشدون رض كما حعيشها األمـة وذلـك ت احلكام ودورهم يف األزمة احلضارية اليت يعل" حممد عبده "لم

هي فيها، ملا هلم من سلطة وحكم وتأثري وقدرة، إال أن عـدم إخراجها من احلالة اليت يبقدرم عل

.162ص، سابقالرجع امل)1( 63، ص2008، القاهرة، دار تنوير للنشر والتوزيع، حنو التجديد واالجتهاد. طه جابر،ىنالعلوا )2( .171ص، ،مرجع سابقاإلسالم بني العلم واملدنية. حممد، عبده)3( .34، ص1957، القاهرة، دار العرب، العروة الوثقى، احنطاط املسلمني وسكوم وسبب ذلك :حممد عبده ) 4(




29

مـشاركتهم يف إيل ييف حياة اتمـع أد " احلكومة"احلقيقي لدورهم ودور " الفهم "يقدرم عل ي وقد كانوا أقدر الناس عل–أما احلكام " ويقول يف هذا الصدد.حدوث هذه األزمة وكانوا سببا هلا

انتشال األمة مما سقطت فيه من اجلهل مبا فرض عليهم يف أداء وظائفهم ما أصاب اجلمهور األعظم وس خلشونة سلطام، خري األبدان ألهوائهم، وإذالل النفس احلكم إال تمن العامة ومل يفهموا من معين

كتابـا، وال ستـشريون وابتزاز األموال إلنفاقها يف إرضاء شهوام، ال يرعون يف ذلك عدال، وال ي النفاق والكذب والغش واالقتداء ـم يف يا محلوها عل مب أفسدوا األخالق كافة يتبعون سنة، حىت

)1 (. "ا العذاب ما فشت يف أمة إال حل لم وما يتبع ذلك من اخلصال اليتالظ

)2 ()م1977-1933(على شريعيت :ثالثا

اليت أزمة أمة وأزمة مذهب، إال أن تشابك األسباب وتداخل العوامل : األزمة عند شريعيت أزمتان ، فهو تارة ينتقـل شريعيت إىل األزمتني ال يساعد على حتقيق االنفصال بينهما يف كتابات وفكر أدت

ذهب وأخرى من املذهب إىل األمة يف حال اتصال وجدل صاعد وهابط للبحث يف من األمة إىل امل مؤكدا على وحدة األزمة للذات املسلمة وعابرا بفكره . عناصر األزمة وحتديدها، وإدراك مظاهرها

. من مذهبه إىل أمته الـذى أحدمها خارجي، يتمثل يف الغـرب الرأمسـايل : أن هناك عامالن لألزمة شريعيتيرى

يستهدف يف برناجمه الشرق كله دف حتويله من حيث الشكل واملظهر إىل النمط الثقايف الغريب ببث وذلك من خالل تـسخري " فلسفة أصالة االستهالك "و" الروح املادية احلقرية "– شريعيتسب حب –

تقنية والفـن واألدب، من قوة العلم والفلسفة وال "كافة وسائله وإمكاناته املادية والفكرية والنفسية، وعلم االجتماع والتاريخ وعلم النفس وسالح احلرب والسالم والسياسة، وذلك دف تنازل األمم

.101ص، ،مرجع سابقالم بني العلم واملدنيةاإلس.حممد ، عبده)1(أـى ، م1933وذلك يف عـام ، وهي قرية من قرى منطقة خراسان يف إيران ، ) مزينان ( ولد على بن حممد تقي شريعيت يف ) 2(

امعـة بعثـة علميـة ونظرا لذلك منحته اجل، وحصل على املركز األول يف قسم اللغة الفارسية وآداا ، م 1958دراسته اجلامعية عام أسـس عـام ، مث فصل منـها ، م مث عاد يعمل أستاذ علم جبامعة مشهد 1959الستكمال دراسته باخلارج ؛ فتوجه إىل فرنسا يف عام

وقد حاول شريعيت يف هذه املؤسسة تقعيـد " العودة إىل الذات" واليت اختذه منها معهدا علميا لنشر أفكاره " حسينية إرشاد " 1969نظرا لتمـدد أفكـاره بـني . بويا إسالميا فريدا يليب احتياجات اتمع املسلم املعاصر يف النواحي الفكرية والثقافية و النهضويةنظاما تر

مث 1977مث مسحت له السلطة بالسفر إىل لندن عـام ، جن مثانية عشر شهرا الشباب اإليراين مت القبض عليه من قبل سلطات الشاه وس املناحي الفكرية إال أا مجيعـا تعـاجل مـسألة ة مؤلفا متعدد 120خلف لنا شريعيت ما يقرب من . شهر من سفره وجد مقتوال بعد

. إلصالح املعريفا




30

". تشكل شخصيتها واستقالهلا اليتكلها عن أصالتها وخصائصها املعنوية والتارخيية والدينية والقومية

)1( حلضاري هو رغبة الغرب يف سـحق اهلويـة وبىن عليه هاجسه ا شريعيتبه عليه ينالتهديد الذى

كـل حـصون حتطيم والثقافة وحتقيق اهليمنة الكاملة، وقولبة اإلنسان غري الغريب يف صورة غربية، و ذوى طابع ... حبيث تصبح البشرية كلها يف قالب واحد مفروض عليها "االستقالل والتميز احلضاري

وقناعة وفكر واحد، ويصريون مستهلكني واحد وروح واحدة وحاجة واحدة وأسلوب حياة واحد )2 (". العامليمتشاني يف ظل النظام القاروىن

بأنه األكثر خطورة يف أزمتنا احلـضارية ألن العـدو شريعيتأما العامل اآلخر فهو داخلي ورآه عركـة فاإلسالم مل يهزم يف م ، يكون أكثر تأثريا وامتدادا – الذى يكون من نفس الدين –الداخلي

قصد أو بدون قصد عن علم أو جهل كان حيقـق أهـداف بخارجية ولكنه هزم داخليا، فالداخل ـ شـريعيت ضعاف األمة وسحق هويتها، وأحد أبرز هذا الداخل ما أمساهم إالغرب يف أشـباه " بـ

م تتـبىن ، فاالستعمار احتاج إىل فئة تقوم بدور املثقفني يف اتمع املسل "املثقف املزيف "أو " املثقفني –وكان دور أشباه املـثقفني "... درك حقيقتها أو غايتها تالرؤية الغربية ومنهجها املادي دون أن

احيقهم وأقنعتهم وموسيقاهم وأدوارهم وأطوارهم وأقنعتهم وبيام سالذين ارتدوا مالبس املثقفني وم العقائد اإلفرجنيـة، وتـرويج أكثر يسرا، فقد كان دورهم هو إشاعة األفكار األوروبية املنتقاة و –

وجتديد وتغيري خرية أبنـاء اجليـل . ة والعالقات االجتماعية واألخالق والسلوك الغريب اأسلوب احلي داخل اتمع، وذلك من أجل إجياد ، الشاب واملتعلم يف اتمعات غري األوروبية إىل أشباه األوروبيني

، وبالتايل التسخري الثقايف والسياسي واالقتصادي قاعدة نفوذ ودخول وجسر اتصال وتفاهم مع الغريب قامت حتت أمساء كاذبة كالتقدم اليتهذه هي حركة التشبه االستعمارية !.. احملكمة" التعصب"لقالع

والتطور والثقافة، وبدأت بأول شرط للتمدن والتشبه األورويب املتقدم وصاحب الفكر العلمي اجلديد ثقافة وكل األصول وبصورة خاصة إلغاء كل القيم الفنيـة والتقليديـة الثورة على التاريخ وال :وهو

واألخالقية للتشبه، وكانت أول خطوة على هذا الطريق حماربة اإلميان الديين ونشر نوع من عـدم التعصب املطلق، وأعلنت هذه احلركة أن العلوم احلديثة قد جعلت الدين يف أوروبـا نوعـا مـن

.)3("اخلرافةوعمقـه " من تشبه بقوم فهو منـهم " r حلديث النيب ي البعد احلضار شريعيتيستدعي وهنا

ة ما يسميه علماء االجتماع وخاصـة فظ هو نفسه يف معناه ول –شبه ت أي امل –فهذا " االجتماعي،

.2ص، 1984، مركز البحوث واملعلومات، ؟ احتاد اجلمعيات الطالبية اإلسالمية يف أوروباماذا جيب عمله. على، شريعيت)1( .2ص، املرجع السابق)2( .6ص، ؟مرجع سابقماذا جيب عمله.على، شريعيت)3(




31

ون لالستعمار ويقسم املستعمر األورويب األمة املـستعمرة إىل جنـاحني وصـفني داملفكرون املعا أي مجـاهري الـشعب هايل األصليون األ:قافيني متضادين يف الفكر والروح واحلياة مهااجتماعيني وث

املتشبهون، أي املتـشبهون والذين يبقون كما كانوا وهم الذين نصفهم بالقدم أو التدين وغري ذلك، املرأة باألوروبيني، وهم الذين نسميهم باملتجددين واملعاصرين واملتفرجنني؛ بل ونطلق عليهم املثقفني و

معىن مزيف الذى يعلى مـن بأنه هذا املعىن للمثقفني شريعيت صف وي )1(."املعاصرة والرجل املعاصر الذى ليس له جذور " املتشبه" يطلق عليه اسم شريعيتعليه، بينما " املثقف"قيمة املتغرب بإطالق لقب

ال غربيا وال شرقيا، ال متقدما وال إنه ليس أوروبيا وال آسيويا وال أفريقيا، " أو أصل أو هوية أو متيز )2 (".متجددا؛ بل هو ال شئ

الذين يقومون بدور متثيلـي " الروحانيون املزيفون"، هم نيوالطرف الداخلي اآلخر هلؤالء املتغرب آخر وإن بدا متناقضا إال أنه يتكامل ويتحد ويتجه إىل نفس املقصد يف إضعاف األمة واستـسالمها

وىف نفس الوقت وعلى نفس خشبة املسرح ويف عرض مقابل يوجد "... والثقايف ي احلضار وتراجعها شكل متناقض يؤدون عرضا معاكسا والوجوه هنا مجيعها وجـوه القديـسني وممثلون آخرون ذو

ورجال الدين وحديثهم يدور عن اهللا واليوم اآلخر، واجلنة والنار والثواب والعقاب والوحي والنبوة واإلمامة والوالية والتقوى والروحانية واملعنوية واألخالق والزهـد والرياضـة الروحيـة، والقرآن

إن دور هـؤالء أكثـر صـعوبة وتعقيـدا، إنـه دور !! واإلعراض عن الدنيا والزخارف املاديـة ون حقائق فوخي!! إن على هؤالء الفنانني أن يقضوا على الدين جبانب تروجيه والدعاية له !!تيكيكديال

دين وفكر رواده وكتابه ومينعون العقول من معرفة ذلك من خالل تعظيم الشعائر الدينية العظيمـة ال )3 (".وتقديس الكتاب السماوي والتربك به

وما يدور بينهما من " الروحانيون املزيفون " و "أشباه املثقفني "ن ان الطرف ا هذ يؤدي شريعيت عندو وتزييفه األمر الذى أوجد تغييب الوعي احلضاري لألمة الدور يف يف النهاية نفس " حرب مصطنعة "

حقيقة األزمة وهذه هي. قطيعة معرفية واجتماعية بني املسلم وحقيقة دينه ومنابع فكره ومباين عقيدتهمن " املتجهل الديين "من ناحية، و " املتشبه"و" املتغرب" وهي تغييب الوعي على يد شريعيتكما يراها

م املعاصـر، واجلـامعي العامي والعال..." ا أوجد صراعا مزيفا داخل األمة بني ناحية أخرى، وهو م ورجل السوق، والشيخ والشاب، واملتعلم القدمي واجلديد، والعامل الديين وغـري الـديين، وشـغل باخلصومة ساعدي اجلسد الواحد وجناحي الطائر الواحد، يف مواجهة اخلصم اليقظ واملهاجم احملتال

، وبالتعصب األكثر جهال ضد الديينوشغلنا حبرب التقدم والتطور، وبالتعصب اجلاهل شبه والقوى،

.4ص، املرجع السابق) 1( .املرجع السابق، نفس الصفحة )2( .10ص، ؟مرجع سابقماذا جيب عمله. علي،شريعيت)3(




32

الدين وطرح مسائل فرعية وذهنية واحنرافية من أجل التغاضي عن الواقعيات العينية واآلالم الواقعيـة ثقافـة ومثقفينـا تتعلق بإمياننا وجمتمعنا ومصرينا احلايل واملستقبلي، وشغل مثقفينا اجلدد باسم ال اليت

)1 (".القدامى باسم القضايا الدينية بطريقة أخرى أثر فيها التغريب وأعوانه من الداخل بشكل واضح وهـى ميـادين اليت امليادين شريعيتوحيدد

والنظم الطبقية والثقافات األجنبية الديينبفعل االستبداد السياسي و " وذلك السلوكوالعقائد،واألفكار،لداخليني واملتعصبني اجلهلة وخطط االستعمار يف أفكارنا وعقائدنا وعاداتنـا وعالقاتنـا والعمالء ا

)2 (."االجتماعية ورؤيتنا الفكرية وجنا األخالقي والتربوي اإلسالميعلى القيام بدوره بفاعلية يف اتمع " الدين"عدم قدرة يف " الدييناجلمود " حالة شريعيتويصور

يقدمونه بصورة دم حقيقته، ومن مث يبدو أن هناك دينان يتصارعان " نيالروحاني"هوذلك ألن وسائط يدعون إليها غالبا يف اليتإن الدين ذه الطريقة " أو كما يقول شريعيت .الدين املزيف والدين احلقيقي

ـ ا لألذهان واحنطاط ا للعقل، وحشو اتمع يكون عامل شلل ـ اجت ا وتـشاؤم ا لإلرادة ويأس اماعيد على تكـرار وع وتوجيه الوضع والتسليم والتحمل وتقويه عبادة األوهام واخلرافات، وت اوإصالحي

املكررات غري املعقولة واألعمال والعادات غري املفهومة، وإثارة اخلوف والضعف الذى ال أساس له، االنشغال مبا ليس موجودا بأصدقاء وأعداء ال وجود هلم أو جمهولني واخلالصة يكون عامل وانشغاال

أو ما ليس الزما، وغفلة عما هو موجود وضروري، وبالتايل يكون هو الدين الذى يستفيد منه ثالثة : أما الشخص الوحيد الذى يصبح ضحية له فهو .. فرعون وقارون وبلعم باعورا.. أشخاص فقط هم

.)3( "!!الناس اليتزمة احلضارية وهو االزدواجية املعرفية والثقافية ىل مظهر آخر من مظاهر األ إ شريعيتمث يشري

إن " فيـذكر نسقه املعـريف التوحيـدي حماولة تشويه تعيش فيها األمة نتيجة اختراق العقل املسلم و جامعتنا ولدت ومنت غريبة وبعيدة عن املراكز التعليمية القدمية واملوجودة، بل وعلى الرغم منها، ومل

متواجدة يف إكمال أو استمرار الثقافة القدمية أو يف مسرية تطورها، لقد كانـت تكن ثقافتنا اجلديدة ىل الغرب، وهذا ما جعلهما يعيشان بعيدا عـن بعـضهما، إظاهرة أعطت ظهرها لثقافتنا واجتهت

حدى بالد أفريقيـا أو أمريكـا إوجعل جامعتنا وكأا مؤسسات تعليمية أوروبية أقيمت حديثا يف إن أحدا ال حيس بأن هذه اجلامعات ترث ما ال يقل عن ألف . فوق أرض بكر ال تاريخ هلا الالتينية، و

سنة من التجارب املتصلة للجامعات، وبقيت مراكزنا للعلوم القدمية منغلقة على نفـسها ومل تفـتح احلديثة نافذة أمام الرياح الفكرية والعلمية اجلديدة، حيث ال يشعر أحد مطلقا بأا جتاوز اجلامعات

.29ص، ؟مرجع سابق عملهماذا جيب. علي،شريعيت)1( .23ص، 2006، دار األمري، بريوت ،األمة واإلمامة. على، شريعيت)2( .30ص، ؟مرجع سابق عملهماذا جيب. علي،شريعيت)3(




33

على مدى نصف قرن وإن الغرب جاء من كل صوب حىت اقتـرب مـن وراء اجلـدران القدميـة للمدرسة، وقد ترك هذا البعد وهذه الغربة أثرا عميقا على التربية الثقافية والشكل االجتماعي جلماعة

واحنصار كل ني غريبني ومتضادين يف جمتمعناياملثقفني وشجع ذلك على تكوين اجتاهني علميني وفكر . )1(" جمموعة داخل حدودها الثقافية ونظرا اخلاصة ا

أصابت العقل الشيعي عقب اليت فتتمثل يف حالة اجلمود والتقليد – شريعيتأما أزمة املذهب عند ، الديين ودوره يف النص )2( حترم االجتهاد وتذم العقلاليتاختفاء اإلمام الثاين عشر، وتدشني الروايات

، وما تبعها مـن حتـرمي العمـل "التقية واالنتظار "مث دخول اتمع الشيعي إىل مرحلة جديدة هي دولة؛ بل حترمي أداء بعض الفروض كصالة اجلمعة وزكـاة اخلمـس، وغـرس اللسياسي، وإقامة ا

الصفوية االستكانة واجلمود يف احلياة االجتماعية هذا باإلضافة إىل الدور السليب الذى قامت به الدولة . )م905-1500(

هما إياها بتحريف التشيع، وتكريس حالة ت هجوما كبريا على الدولة الصفوية م شريعيتقد شن و – أصابت العقل الشيعي لتحقيق أهداف سياسية وأكد أن الدولـة الـصفوية اليتاجلمود والركون

جعلت التشيع يف إيران مثـل –عثمانية نتيجة الرتباطها بأوروبا وحتالفها معها للقضاء على الدولة ال املسيحية يف أوروبا جبعله نوعا من التحذير الدائم للعقل وحتويل منهجه الثوري إىل طقوس وممارسات يتم فيها تفريغ الشحنة النفسية والثورية بعيدا عن اهلدف األساسي، وخلق وابتداع األساطري لتعظيم

لك أو استباحة حتوير تفسري اآليات القرآنيـة لـصاحل هـذه واالضطرار يف ذ ،ا ومكانة قاألئمة خل . اخلرافات

فعملت الصفوية –لك الطقوس تإن ما مت التركيز عليه يف احلقبة الصفوية هو الشكل الظاهري ل ما بوسعها من أجل تكريس هذه الطقوس وتوسيعها ومن مث سعت إىل توظيفها ألهداف سياسـية

ن التعريف باإلسالم وتربية الناس على مفاهيمـه عاضها احلكومية بعيدا تضليلية تصب يف صاحل أغر ع منحى آخر، وانسلخ عن يواختذ التش ... من هنا كانت بداية االحنراف للمسار الشيعي ... السامية

)3 (.املنحى الثوري الذى كان يعترب من أبرز معامل هويتهنفني رئيسني مها التشيع العلوي والتشيع الصفوي ومن اجلدير بالذكر أن شريعيت قسم التشيع إىل ص

ويرى أما ال يرتبطان بفترة ، منهما لتحقيقها لوذلك يف ضوء املضامني واألهداف اليت يسعى ك ، " األول ، ومها على طـريف نقـيض ، زمنية أو جغرافيا مكانية ؛ ولكن يرتبطان بفهم حقيقة التشيع

.32ص، ؟مرجع سابق عملهماذا جيب. علي،شريعيت)1(، 20 سلطنة عمـان، العـدد التسامح،، "إشكالية العقل عند فقهاء الشيعة بني التقليد واالجتهاد :" حسان عبد اهللا حسان :انظر ) 2(

2007. .219، ص2002حيدر جميد، بريوت، دار األمري، : ، ترمجةالتشيع العلوي والتشيع الصفوي. على، شريعيت)3(




34

معرب " الصفوي"والثاين، وهره وأصالة فكرته يف أي زمان ومكان معرب عن حقيقة التشيع وج" العلوي .عن احنراف التشيع وحتريفاته يف كل زمان ومكان

لتخـدير النـاس " املنافقون" من نفس العامل الذى استغله شريعيت يف رؤيته اإلصالحية وينطلق ، "دين االستحمار "يف مقابل " يدين الوع "و" دين املسئولية " هنا بالكذب واجلهالة، وهو الدين ولكنه

وهو احملرك األساسي حنو التغيري مبا ،الوعي واملقاومة والثورة إلمكانات فالدين عنده هو املولد الذايت ، يبثه يف الناس من دافعية وأمل يف تغيري األوضاع املقلوبة وتصحيح االحنرافات التارخيية والفكريـة

.يوي احلضاريوالدين مجلة عند شريعيت هو الفاعل احلالذى ميكنه حمو دين التخدير واجلهل والفقر واالستسالم من أعماق الروح ومن إن عامل األعجاز

نراها خالل حياة البشر اليتوهذه هي الكلمة العجيبة . الدين والدين فقط) الدين(صلب احلياة هو ة وحتفظ وترعى يف هدوء وب متيت وحتي يف نفس الوقت وتنوم وتوقظ، وتقيد بقيود العبودياليتو

وتاريخ البشر كله عبارة عن حكاية جهاد دين ضد األديان وليس الدين ضد ...احلرية وتعلم التمرد )1(.من ال دين له

لثاملبحث الثا

.31ص، مرجع سابق ؟ماذا جيب عمله. علي،شريعيت) 1(




35

منهجية اإلصالح املعريف صربيمصطفى : أوال

،ثل جانبا أساسيا لإلصالح املعريف عنده مث" األسس املعرفية "جمموعة من " مصطفى صربي "طرح

:وهذه األسس هيالكلمـة " عامة باستخدام وحدة حتليـل معرفيةيف قراءة حتليلية :املفاتيح املنهجية لرؤيته املعرفية -1

األسس املعرفية لإلنتاج الفكري ملصطفى وحدات مثلت املفاتيح املنهجية اليت نالحظ أهم " واجلملة – الدليل احلـسي – املنطق – الدليل العقلي – اإلميان بالغيب - العامل -علم ال -العقل: هي صربي

– علم الكالم – القضاء والقدر – املعجزات – النبوة – وجود اهللا – الفلسفة الوضعية –التجربة اإلسـالم –األخـالق - التغريـب – اإلحلاد – الدين والسياسة – اخلالفة –احلكومة اإلسالمية

"مصطفى صربي "هذه دارت عليها أطروحات . لتشريع اإلسالمي والقانون الوضعي ا –والنصرانية . الفكرية ومناقشاته وخطته يف اإلصالح املعريف

النظرة الشاملة لإلسالم، حيث يؤكد أنه ليس عبادة فقط، أو دين فحسب، بل هو دين ودولة، -2رض، وهو ما يناقض املفهوم الغريب ماء ورابطة يف األسوشريعة وقانون، وعبادة واجتماع، وعالقة بال

لبيـان "مصطفى صربي "للدين الذى حاول املشروع التغرييب نقله إىل العقلية املسلمة لذا فقد تعرض املفهوم الشامل لإلسالم السيما االجتماعي والسياسي واملدين يف أكثر من موضع، واستدعاه يف أكثر

. هو األساس يف املشروع احلضاري اإلسالمي"اإلسالم الشامل " من قضية فكرية باعتبار مبدأ اخللل يف "مصطفى صربي "حيث أرجع يف ميدان السياسة اإلصالح يف ثقايفال –عريف املنطلق امل -3

فاملسألة السياسية ترجع أساسـا " يف السياسة إىل اخللل يف التكوين الثقايف وتقليده اإلعجاب بالغرب فاإلصالح الثقايف أصل اإلصالح السياسي، هلذا رتـب . نهاإىل خلل ثقايف جيب أن يبدأ اإلصالح م

راد فرضه على البيئة العثمانية الشيخ األولويات يف بداية عهده مبدافعة العمل السياسي األعوج الذى ياجلديدة، ولكن ملا يئس من جناح حماوالت اإلصالح السياسي املباشر سواء بطريق احلوار واملطارحة

طريق اإلصالح العلمي بالتأليف والنصح املستمر للمسلمني وعلمائهم مؤكدا أن مال إىل ... الفكرية )1 (.عهدها باإلصالحتمشكلتنا ثقافية بالدرجة األوىل وجيب

كانت تكتب اليت(العربيةاحلروف ب من استبدال احلروف الالتينية حذر – أيضا –ويف هذا االجتاه ديدا للهوية اإلسالمية والتاريخ اإلسالمي مبا يضر الشخـصية حيث رأى يف ذلك ) التركيةاللغة ا

ديسمرب، -، العدد اخلامس، أكتوبر حـراء، القاهرة، "شيخ اإلسالم مصطفى صربي : رائد الفكر اإلسالمي احلديث . "عمار،جيدل)1(

. م 2006




36

ولـري " تنشأ يف ضوء هذا التبدل منقطعة الصلة عن ثقافتها وتارخيها اإلسالمي، اليتالتركية املسلمة .)1("الترك احلديث من أراد أن يرى قوما ال تاريخ هلم

حترير العقل املسلم ال ضرورة على أكد مصطفى صربي : التحرر يف احلصول على املعرفة الدينية -4 وترك التقليد للغرب وللعقل املسيحي يف منهجية احلـصول علـى سيما فيما يتعلق باملعرفة الدينية

ورأى ذلك االستقالل املنهجي أهـم مـن ، لتباين غاية املنهجني الغريب والتوحيدي ،املعرفة الدينية هي أساس األعمال اليتملك استقاللنا يف العقيدة فن، ...أن نترك التقليد يف العقلية الدينية و"السياسي )2 (". استقالهلا يتقدم على االستقالل السياسي لألمم اإلسالمية اليتالصاحلة و

ال يتعب ا اإلنسان اليتإذ العمل مبىن على العقيدة " ،)أو العقيدة بالتطبيق (ربط العلم بالعمل -5 تكون له منها قوة ينشرح ا صدره ويـستعني علـى القيـام أصال بعد استيقاا بعقله وفهمه؛ بل

ليست يف سهولة الناحية االعتقادية النطوائها على تكاليف وتضحيات وبانضمام اليتبالناحية العملية العمل إىل العقيدة حيصل الكمال يف اإلسالم وينتفع املسلم العامل بدينه يف الدنيا قبل أن ينتفع بـه يف

)3 (. "اآلخرة ألفكار حركات واجتاهات التجديـد، املنهج النقدي " مصطفى صربي "استخدم : املنهج النقدي -6

، بل اعتربها هذه األفكار وتصوراا حول األزمة احلضارية وطرق معاجلتها ملناهج مل يستجب حيث ناقلة وحمققة ألهداف املشروع التغرييب من خالل هذا التجديد، وميكن تفسري مواقفه ضـد هـذه

مبثابة إجابة عن سؤال مل تطرحه التربة اإلسـالمية، كان التجديد يف القرن العشرين "ركات بأن احلوهذا ما دعا الكثريين داخل احلقل اإلسالمي التقليدي إىل التشكك فيه واخلوف من نتائجه واـام

)4 (".دعاته rالنيب ة يف حديث أن تكون حركات التجديد املوجودة هي املقصود "مصطفى صربي "ونفى

كون املعىن الذى يقصده العصريون "إن اهللا يبعث هلذه األمة رأس كل مائه سنة من جيدد هلا دينها " إن اإلسالم مل ميدح التجديد يف الدين قـدر –من التجديد ال يتحد مع التجديد املذكور يف احلديث

على أن أكثر ما رأينـا مـن ". الناركل بدعة ضاللة وكل ضاللة يف "ما ذم البدعة فيه وحذر منها ى أصحاب هذا االجتـاه وقد مس)5 (".التجديد فإمنا العامل فيه التقليد وكم فرق بني التقليد والتجديد

هذا النهج انتقد على وبناء،"العصريون"و" اددون"و" املتفرجنون"و" الطائفة العصرية"يف كتاباته بـ

.346ص، ، مرجع سابق4، جـموقف العقل والعلم.مصطفى، صربي) 1( .13، ص1ق، جـاملرجع الساب) 2( .14املرجع السابق، ص)3( .46، صمرجع سابق. رضوان جودت، زيادة)4( .7ص، 1952، املطبعة السلفية، القاهرة، موقف البشر حتت سلطان القدر. مصطفى، صربي)5(




37

قدمت من أصحاب هذا التيار لبعض العقائد الدينية كما جاء ليتا" العلمية"الشيخ بشدة التفسريات . "ة النبوية حتت ضوء العلم والفلسفةالسري "عند حممد فريد وجدي يف

اإلسالم ال حيتاج إىل إصالح، ولكن املسلمني أنفسهم هم الذين يف حاجة إىل اإلصالح، أمـا -7صه يف البعد التربوي والنفـسي الـذى شخ اإلصالح للمسلمني الذين هم يف حاجة إليه ف هذا طبيعة

إن املسلمني أنفسهم يف حاجة إىل اإلصالح وأساس مرضهم ضعف القلب " .يفتقده املسلمون اليوم ويزيديبهم الذى يتعهد مداوام أن ال يسلك عكس طريقها بالناشئ من ضعف الدين فيجب على ط

لوم، فينبغي للمسلم أن يرى ملته فوق كل يف إضعافه، بل يسعى إلحياء عزة النفس اإلسالمية يف ق ومـا ... غري ملته عليها بأن يتشبه بغري املسلمني حملة ويتشدد يف اجتناب تقاليد تعد عالمة أنه يرج

ة أميا إهانة على عزة النفس اإلسالمية، ينإىل ذلك مما يتضمن إكبارهم واستصغار اإلسالم، ضربة مه )1( . "ال يلزم شئ من تبديل األزياء"تأثري قول املتفرجنني وا مبحذور هذا التقليد حتت خفواست

االجتماعية والثقافية، ومما أشار إليه يف هذا الصدد ااسياق املستوردة يف ضوء ملفاهيمالنظر إىل ا -8 مبعناه الغريب يف العصر احلديث والذي اقتصر يف منهجه ومضمونه علـى اجلانـب "مـالعل"مفهوم

على اختالف وتباين مفهـوم "مصطفى صربي " وأكد. ثبت بالتجربة احلسية احلسي املادي أو ما . يف الثقافة الغربية ويف الثقافة اإلسالمية" العلم" ال الـيت يف غري موضع أن القضايا "مصطفى صربي " يؤكد: املنطق مقياس احلكم على الظواهر -9

قية، وهذا ما أرادت الفلسفة املادية ية وهي غري منطميقبلها املنطق ال تكون علمية، فكيف تتسم بالعل تغيريه حيث تؤكد أن ال معقول غري حمسوس بينما ينحاز للدليل املنطقي الذى يستنبط دون أن يكون

إبطال العلم املخالف للمنطق الذى وضعه العقالء لتمييز صحيح " لذلك فهو يرى ،هناك حمسوسات )2 (."الفكر من سقيمة

القضايا الفكرية ملسلمني إليه، واستحداث مباحث جديدة يف ضوء إحياء علم الكالم حلاجة ا -10وما " احلسي" "التجرييب" مبعناه" أثارا الفلسفات الغربية ، السيما ما يتعلق بأحادية مفهوم العلم اليت

. نشأ عنه من هيمنة للفلسفة الوضعية وسيادا على العقل الغريب واملتغربني يف العامل اإلسالميفهل للخلف من املسلمني بعد اتصاهلم بفلـسفة "ءل حول ضرورة إحياء علم الكالم بقوله ويتسا

الغرب كسب لإلسالم يستحق أن يسمى علما مدونا يستطيع أن يصارع به حىت نفس تلك الفلسفة كما استطاع السلف مصارعة فلسفة اليونان يف علم الكالم، حىت وال شعبة من العلـم املـدون أو

.232املرجع السابق، ص)1( .122، مرجع سابق ص1 ، جموقف العقل والعلم. مصطفى، صربي) 2(




38

دة من املسائل العلمية تكون سالحا يف أيدينا ندافع به عن ديننا عند احلاجة أو نـصل إىل لة واح أمس . كما أنه اعترب رواج علم الكالم مؤشر لقوة اإلسالم. )1("حقيقة من احلقائق العالية؟

مصطفى صربي "املطارحات الفكرية لآلراء واألفكار والنظريات الفلسفية، اتسمت كتابات -11 اختلف اليتام أسلوب احملاورة واجلدل الفكري لألفكار والنظريات الفلسفية السيما تلك باستخد "

معها وأفرد هلا صفحات طويلة من كتاباته بنقلها بنص قائلها دون حتريف فيها، مث يعقبها بـالتعليق ة الـذين ومن املفكرين والفالسف . ا ملا تتضمنه من آراء وأفكار تتباين مع منهجه الفكري فندعليها م

دارون ومـن – أوجـست كونـت – سبنسر –من الغرب ديفيد هيوم : طرح أفكارهم للجدل ، حممد فريد وجدي، حممد حسني هيكل، زكى مبارك، أمحد أمني، شبلي مشيل، ننطوأفرح : الشرق

. على عبد الرازقت ملوضـوعا من مناقشات هذا املنهج فيما عقده "مصطفى صربي "استخدم :املنهج املقارن -12

اإلسالم والنصرانية، الدليل العقلي والدليل التجرييب، التـشريع اإلسـالمي والقـانون ، مثل متباينةة احلديثة، التقليد اجلائز واحملرم، اخلالفة والوراثة، العلم باملفهوم نيالوضعي، املرأة يف اإلسالم ويف املد الدميقراطية اإلسالمية والدميقراطيـة يف الغرب واإلسالم، " الدين"الغريب واملفهوم اإلسالمي، مفهوم

هذه املقارنات قوة لكتاباته وتنقية للمفاهيم اإلسالمية وبناء تصور فكرى أعطتوقد . اخل...الغربية، الـيت واضح عن هذه القضايا واملوضوعات املختلفة، من خالل إبراز أوجه التباين واالختالفـات

. أظهرا هذه املقارنات الفكريةال سيما الفكرة اإلسالمية وال يتعارض معها، الئمي واالنفتاح على الفكر اإلنساين مبا االستفادة -13وإين أرى هذا : "عاب على بعض السلف حترمي علم املنطق ويشري إىل ذلك بقوله قد و، املنطق علم

فإذا ... التعييب وذاك التحرمي نفسهما عيبا جيب ترتيه اإلسالم الذى يباهي بكونه دين العقل عن مثله كان يف الفلسفة ما يؤيد الدين أو املذهب احلق يف الدين فال لوم على عامل كالمي إذا ذكرمهـا يف

.)2("الكالم استظهارا به لدينه أو مذهبه

حممد عبـده: ثانيا

.113، ص2ج،املرجع السابق)1( .205ص، ، مرجع سابق1موقف العقل والعلم ج.مصطفى، صربي) 2(




39

الـيت " اجلمود والتقليـد " حالة :ألولا، يف اإلصالح بعاملني أساسيني " حممد عبده "تأثرت منهجية :والثـاين ، العقل املسلم ومنهجيته يف الـتفكري ي علت هيمنامل اإلسالمي منذ قرون، واليت يعيشها الع

لسان هانوتو ورينان يكعقيدة مضادة للتمدن كما جاء عل واامه اهلجمة املضادة لإلسالم من الغرب . واللورد كرومر

احتياج الفكر ى رأ يف ضوء جمموعة من الكليات اليت يمنهجه اإلصالح " حممد عبده "حددوقد أن الدفعة األساسية ي، كما رأ"التغريب" و"التقليد" ويالفكر" االستبداد"اإلسالمي هلا للتخلص من

ـ "يف عملية اإلصالح البد وأن تكون عقلية معرفية يتم فيها تفعيل الـنص " ودوره يف يالنظر العقلونـشري .يجدات احلياة من ناحية أخر من ناحية، واالستجابة ملست " اجلمود"وذلك ملواجهة " اإلهلي : يف منهجيته لإلصالح املعريف" حممد عبده" طرحها أهم الكليات اليت إيليفيما يل

حبيث يكون هذا العلم حمققا لغايات جديدة ترتبط : إصالح علم الكالم وإعادة بناء علم التوحيد -1ه، حىت ينطلق فردا عامال إجيابيا يف جمتمعه بالواقع اإلنساين، فيحرر اإلنسان من كافة األغالل اليت تغل

ولن يكون ذلك بالوقوف بعلم التوحيد عند أساليبه التقليدية؛ بل بتفسري املشكالت العقدية تفـسريا إجيابيا يدفع إيل العمل، وحيث عليه، تفسريا حيرر الطاقات اإلنسانية لريد إيل العقيدة فاعليتها وقوـا

. )1(اإلجيابية

يف مشروعه اإلصالحي من اعتقاد مهم " حممد عبده "ينطلق : إصالح املسلمني عن طريق دينهم -2هو أنه ال جيب االحتجاج باملسلمني علي اإلسالم، وأن املسلمني هم الذين حيتاجون إيل اإلصـالح

ورأي " الدين"وليس الدين، وهذا اإلصالح املطلوب للمسلمني يكون عن طريق مصدر قوم وهو إصالحهم عن طريق اإلصالح املعتمد علي "إصالح املسلمني عن طريق دينهم أيسر وأصح من "ن أ

)2 (".تقليد النموذج األورويب

"الوحي" فيه ىجا له رأ " االنسجام واملواءمة "من مبدأ " حممد عبده "اختذ : االنسجام واملواءمة -3 العقل والدين ألول مـرة ىتآخ"اإلسالم يمتوافقا مع كافة مكونات الكون والوجود واإلنسان، فف

إال من – مرسل، بتصريح ال يقبل التأويل، وتقرر بني املسلمني كافة نيب لسان ييف كتاب مقدس، عل أن من قضايا الدين ما ال ميكن االعتقاد به إال من طريق العقـل، كـالعلم -ثقة بعقله وال بدينه ال

، 1998، القاهرة، دار قباء للطباعـة والنـشر والتوزيـع، إعادة بناء علم التوحيد عند األستاذ اإلمام : حممد صاحل حممد ، السيد)1(

.24ص .66، ص2002، 56 – 55 بريوت، العددان االجتهاد،، "العرب وحتوالت خطام. "رضوان، زيادة)2(




40

لمه مبا يوحي به إليهم، وإرادته الختصاصهم برسـالته، إرسال الرسل، وع يبوجود اهللا، وبقدرته عل )1 (." الرسالة، وكالتصديق بالرسالة نفسها مما يتوقف عليه فهم معينك وما يتبع ذل

ـ إن الدين اإلسالمي دين توحيد يف العقائد ال دين تفريق يف القواعد، العقل من أ د أعوانـه، ش يات شياطني أو شهوات سالطني، والقرآن شاهد عل غ أركانه، وما وراء ذلك فرت يوالنقل من أقو

والكتاب أمر بالنظر واستعمال العقل فيما بني أيدينا مـن ...كل بعمله، قاض عليه يف صوابه وخطله قني مبا هدانا إليه، وانا عن التقليـد مبـا يظواهر الكون، وما ميكن النفوذ إليه من دقائقه حتصيال لل

شيع ما كانوا عليه من ذلك واستتباعه هلـدم تبخذ مبا عليه آباؤهم، و عن أحوال األمم يف األ ىحك، وحق ما قال، فإن التقليد كما يكون يف احلق يأيت يف الباطل، وكما يمعتقدام وإحماء وجودهم املل

)2 (. ال اإلنسانيكون يف النافع حيصل يف الضار فهو مضلة يعذر فيها احليوان وال جتمل حبمل ير صراعا بني اإلسـالم والتطـورات فإنه " حممد عبده " هذه الرؤية اليت يقدمها انطالقا من

يليت شعر "... هذه التطورات والعلم احلديث نبتا طبيعيا للنهج اإلسالمي يالعلمية احلديثة؛ بل رأ حجـره يف بـت اإلسالم وغذيت بلبانه وتر ي علوم قد أرضعت ثد إذا كان هذا حالنا بالنسبة إيل

علوم جديدة مفيدة هي مـن فما حالنا بالنسبة إيل .. ألف سنة يلدت يف إيوانه منذ زمن يزيد عل وتق )3 (."البد لنا من اكتساا وبذل اهود يف طالا...لوازم حياتنا يف هذه األزمان

مـن يف حتديد مكانة العقل يف البناء العقيدي "حممد عبده "انطلق : العقل يف بناء العقيدة كانة م -4، مما جيعله صاحلا ي والعلم االجتماعي والقانون اخللقي بذور الدين العقلي عليأن اإلسالم ينطو" دأمب

حراسته وتفسريه، فتضع بذلك أساسا تتويل ألن يكون أساسا للحياة احلديثة، وألن يوجد النخبة اليت 4 (."تمع مستقر ومتقدم(

انتهجها القرآن الكرمي ليس مع اليت"الربهان"و" احلجة" حممد عبده على مبادئ-أيضا- ويؤكد حيث– أيضا – ولكن مع املخالفني – يف االعتبار ذه العقالنية والذين هم أويل–املؤمنني به فقط

مل يطلب التسليم به ... جاء القرآن فانتهج بالدين منهجا مل يقم عليه ما سبقه من الكتب املقدسة " مذاهب املخالفني، وكر عليها باحلجة، وخاطب العقل، ي وبرهن، وحكىدعا، رد أنه جاء حبكايته

أنظار العقول، وطالبها يواستنهض الفكر، وعرض نظام األكوان وما فيها من األحكام واإلتقان عل أنه يف سياق قصص أحوال اليقني بصحة ما ادعاه ودعا إليه، حىتباإلمعان فيها، لتصل بذلك إيل

.19، ص1994حممد عمارة، دار الشروق، القاهرة، : حتقيق ، رسالة التوحيد.حممد، عبده) 1( .32املرجع السابق، ص) 2( . 11،ص1981، القاهرة دار ضة مصر للطبع والنشر، اإلمام حممد عبده عبقري اإلصالح والتعليم. عباس حممود، العقاد)3(، 1986، 4، ترمجة كرمي عزقول، بـريوت، دار النـهار، ط 1939- 1798الفكر العريب يف عصر النهضة . ألربت، حوراين)4(

. 94ص




41

سنة اهللا التي قد خلت من قبل ولن [ )1(قرر أن للخليفة سنة ال تتغري وقاعدة ال تتبدلالسابقني كان ي بكل صراحة ووضوح إيل" حممد عبده"ومن هنا فقد أشار .}الفتح{] ) 23(تجد لسنة اهللا تبديلا

فأول ، لتحصيل اإلميان يظر العقلالن: ومشروعه اإلصالحي، األولأصلني مهمني يف جه املعريف ظاهر الشرع عند يتقدمي العقل عل: والثاين... ،يأساس وضع عليه اإلسالم هو النظر العقل

)2 (".التعارض أحادية الـتفكري، - أيضا –نبذ و، "التقليد واجلمود " حممد عبده "نبذ : قبول التعدد واالختالف -5

وهي كلها مبادئ " التساحمية"و" خرقبول اآل "و" االختالف"و" التعددية"انطالقا من ج االعتقاد يف اإلسالمي واليت " ياملنهج الفكر "ي الوسطية اإلسالمية كمبدأ مهيمن عل قرآنية، ويف ضوئها أشار إيل

".والنهي عن الغلو يف الدين"، "البعد عن تكفري املخالف "يتؤكد عل، وهو ما من يطريق لإلصالح يف مشروعه الفكرالتربية ك" حممد عبده"اختذ : الشامل اإلصالح -6

وانشغاله يف بداية حياته باملقاومـة التغيري بالتدريج، ورغم تأثره جبمال الدين األفغاين جيعلشأنه أن متاما ونبـذه ومل يـر فيـه املنـهج القـومي ملـشروعه السياسي اخلط ابتعد عن السياسية، إال أنه

الذي نعىن بـه يف -إىل اإلصالح السياسي من املدخل املعريف ولكنه يف نفس الوقت دعا .اإلصالحيميز حممد عبده يف تأصيله هلذا املفهوم بني " السيما عند مناقشته ملفهوم االستبداد حيث -هذه الدراسة

االسـتبداد (ويعرف . والعزم يف تنفيذ القرار بعد إبرامه ، يف مراحل صنع القرار السياسي ) الشورى(. الواحد يف الكل بإرادة مطلقة إن شاء وافق الشرع والقانون وإن شاء خالفهما تصرف: بأنه) املطلق

وتقييده . والشريعة توجب تقييد احلاكم بالسنة والقانون ...وهو حمظور ملنافاته حكمة اهللا يف التشريع ليس جمرد علمه بالشريعة؛ بل بطائفة تأمر باملعروف وتنهى عن املنكر وتراقبه حىت ال خيرج عن حد

)3(".الشرع أحد حاكما كان أم حمكوما

عـن ناتج بشريا ل ما جاء يف التراث باعتباره نتاجا فكريا كب" حممد عبده "لم سمل ي :نقد التراث -7يف فترة زمنية وظروف اجتماعية خاصة كانت نتائجها ختتص ذا الزمـان " بالوحي" "العقل"التقاء

مرحلة تعبري عن مرحلة زمنية معينة ال يصلح استدعاؤها إيل ، والتراث والظرف االجتماعي واملكان

. 18ص، ،مرجع سابقرسالة التوحيد. حممد، عبده)1( .119ص، ،مرجع سابقاإلسالم بني العلم واملدنية. حممد، عبده)2(التنشئة السياسية لدى مدرسـة :" نقال عن السيد عمر ،1881 ديسمرب 12الوقائع املصرية " يف الشورى واالستبداد ." حممد، عبده)3(

.23ص ، املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، القاهرة ، مدرسة املنار ودورها يف اإلصالح اإلسالمي احلديث: يف) مقاربة أولية(املنار : وانظر أيضا يف هذا الصدد

.104ص، مرجع سابق، العروة الوثقى، "داألمة وسلطة احلاكم املستب." حممد، عبده




42

يف زماننـا " العقل"و" الوحي" بني ي ولكن ميكن التماس املنهج منه أي جتديد اللقاء مرة أخر يأخر . املعاصر

التفكري النظري حقه ولكنه أخذ منه حـق " حممد عبده " حيث أعطى :اجلمع بني النظر والعمل -8رشيد املستنري، واستخلص منه العقيدة اإلسالمية خالصة من عقبات اجلمـود العمل على اإلصالح ال

واخلرافة اليت تصدها عن التقدم وتقعد ا عن مسايرة الزمن والتأهب للحياة بأهبة العقـل البـصري تلك القوة –والضمري احلر والكفاية اخللقية واملادية ملناهضة القوة املستطيلة عليها بسالح القلم واملال

)1 (.اليت أنزلت املسلمني يف العصر احلديث مرتلة املغلوبني املستعبدين

القرآن عند حممد عبده مرجعا أساسيا لإلصالح املعريف لذلك : حترير فهم القرآن من الصوارف -9وأشار إىل ضـرورة درس ، حرص على تنقية طريقة فهمه ووسائل ذلك الفهم وعىن بالدرس القرآين

يدا عن املتغريات الدخيلة اليت انشغل الناس ا وأكثروا منها فحالت بينـهم وبـني القرآن وتناوله بع وحيدد تفسري املنار مثانية صوارف يف كتب التفسري تشغل القـارئ عـن " مقاصد الكتاب وهدايته

لحات طومص، ونكت املعاين ، مباحث اإلعراب وقواعد النحو : املقاصد القرآنية واهلداية القرآنية هي وخترجيـات ، وتضمني التفسري خالصة للعلوم الرياضـية واإلسـرائيليات ، وجدل املتكلمني ، انالبي

)2(".وتأويالت املتعصبني للفرق واملذاهب، واملقلدين، األصوليني والفقهاء

علي شريعيت: ثالثا ،اداواستع"العودة إىل الذات "ي ه اإلصالح املعريف عند شريعيت مشروع الفكرة األساسية يف بإحياء الثقافة احمللية واالنطالق من األصالة الطريق الوحيد لتحقيق ضة إسالمية حقيقية وذلك هيف

، إن شـراء "أو الغـريب "التارخيية واملعنوية تمعنا، وليس بالتلبس بذات أخرى ذات املتـشبه بـه الثقافة واحلضارة، أي شراء إن تصدير اإلنتاج يف "التكنولوجيا والتقنيات ال تصنع حضارة بل تبيدها

ال يعـود علـى ااحلضارة، أي تصدير مظاهر احلضارة املتقدمة واستريادها، هو صفقة دائما وتكرار م تستورد احلضارة من اخلارج مث تقو اليتإن اتمعات ...املشترى منها إال أكاذيب متكررة خداعة

للتفكري والفكر، وبدون إرسـاء هـذه بتجميعها وتركيبها دون جذور ودون استعداد ودون تغيري احلضارة على أسس وقواعد ثابتة من أعماق تراا الثقايف والتارخيي والقومي، ال تصري ذات حضارة،

)3 (. "ليس هذا فحسب، لكنها تفرط يف فرصة أن تكون يوما ما ذات حضارة

. 174ص، مرجع سابق . العقاد، عباس حممود) 1( .23ص، مرجع سابق، )"مقاربة أولية(التنشئة السياسية لدى مدرسة املنار." السيد، عمر)2( . 99–98ص، 2007،دار األمري، بريوت، إبراهيم الدسوقي شتا: ،ترمجةمسئولية املثقف. علي،شريعيت) 3(




43

ذه الذات ما علق ا من جا فكريا وعلميا ينفض عن هشريعيتولتحقيق هذا اهلدف قدم لصقت ا عرب احلوادث املختلفة السيما ما علق ا من جهل وخرافة شوائب واحنرافات وحتريفات أ

تعريف األمة :املرحلة األوىل" : خطته اإلصالحية يف مرحلتني أساسيتنيشريعيتوحيدد .وتقليد وتغييبواملدكنني باسم الدين، الذين " فتح الدكاكني"جالة املغرضة، وتعرية التدكني دبالعناصر املشبوهة واليا أيها الذين آمنوا إن كثريا من األحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس [يقول القرآن عنهم

دين وهداية األمة الذين يرتدون لباس العلم وال }34:التوبة{ ]بالباطل ويصدون عن سبيل اهللااملقدس، والذين يشوهون بأالعيبهم وتغريرهم للعامة الوجه الطاهر لعلماء اإلسالم احلقيقيني الواعني

ويف .امللتزمني، فيحولون بينهم وبني األمة ويسلمون زمام عقل ودين اجلماهري بأيدي اجلهل والشركمن نقص وحتريف نتيجة االحنرافات ... ،دعو إىل تطهري ما أحسه دخيال على الدينأ:املرحلة الثانية

)1 (. " ترسخت عرب السنتنياليت ئواخلرافات والتحجر والتعليم السيالوعي بالذات، معرفة اإلسالم وإعادة اكتشافه أو : هي هذا النهج يف عدة حماورشريعيتويرسم

.ونقد التراث ، ة والغنية بوعي الذات األصيلة القوييهدراسة اآلخر والتعرف علووالدته من جديد، تمعنا وأمتنا " عودة الروح "شريعيت؛ أو عودة الوعي أو كما يقول الوعي بالذات:احملور األول

السبيل الوحيد للعالج هو بعث هذه الروح يف هذا اجلسد الذى "لتحقيق سالمته وضمان صحته تعود األجيال احلائرة خر أجوف كجسد بال روح حىت أصبح نصفه مشلوال وفاسدا ونصفه اآل

ب القوام والقوة للشخصية اليت –تثة من كل جذورها املعنوية والثقافية والغريبة عن نفسها وا اإلنسانية ألية أمة إىل نفسها وإىل ذاا الثقافية وأصالتها التارخيية واألخالقية وتصل إىل ذاا ووعيها

بدال من العدمية اخلطرية والعبثية واخلواء والفراغ وجتد سبيلها حنو رؤية واضحة ومفتوحة ومسئولةوتستطيع الوقوف والصمود والسري على أقدامها وجتديد . الفكري والفلسفي الروحي واحلرية واليأس

.)2(" إنسانيتها احملطمة وإعادة حياا املعنوية والثقافيةإعـادة " ملشروعه اإلصالحي هو شريعيت الشعار الذى أعلنه ،إعادة اكتشاف اإلسالم :احملور الثاين

حتمـل العدالـة واإلميـان اليته األوىل ت يف رسال " أو الوالدة اجلديدة لإلسالم "،"اكتشاف اإلسالم أنه شريعيتحيث يؤكد . عمليا لدراسة اإلسالم ومعرفته و علمياواهلداية، وقدم يف ضوء ذلك منهجا

عقدية وإنسانية وحضارية، والذي ، جوانب متعددة ال ميكن معرفة اإلسالم مبنهج واحد، فاإلسالم ذوعدا غائبا يرى أن هناك ب شريعيتينظر من زاوية واحدة ال يرى إال جانب واحد من اإلسالم، إال أن

البعد االجتماعي والتارخيي والسيكولوجي ويشتمل على مسائل ترتبط "يف اإلسالم ال يزال جمهوال هو

.23 – 22ص، ،مرجع سابقاألمة واإلمامة. علي،شريعيت)1( .30 – 29ص، ؟مرجع سابقماذا جيب عمله. علي،شريعيت)2(




44

وبقى هذا البعد جمهوال ألن هذه العلوم اإلنسانية؛ علـوم . وعلم النفس بعلم االجتماع وعلم التاريخ )1 (." التاريخ واالجتماع والنفس، هي جديدة وأكثر جدة من العلوم الطبيعية

بنظرة عصرية التعرف عليهمن أجل دراسة اإلسالم بشكل صحيح ودقيق و" أنه شريعيتويقرر دراسة القرآن وهو عبارة عن املبادئ واآلثار الفكرية والعلمية : األوىلالطريقة،توجد طريقتان رئيسيتان

حدثت فيه منـذ البعثـة اليتاستعراض املسرية التارخيية لإلسالم، وتتبع التطورات : لإلسالم، الثانية هنا عن التفسريات الكالمية والفقهية القدمية شريعيتيبتعد و )2 (".احملمدية إىل اليوم وما حدث بينهما

" املـسرية التارخييـة "و" معرفـة اآلثـار "يف تفسري اإلسالم ويطرح منهج علم االجتماع وأدواته . يف وقته احلاضرباعتبار هذا املنهج أنسب املناهج لتفسري اإلسالم تفسريا عصريا" التطورات"و

يم واملقارنة من على التصنيف والتقسقوم منهجا للمعرفة الدينية يف علم االجتماع ي شريعيت عتمدوي اإلله أو اآلهلة يف كل دين، أي ذلك الرمز الذى وضع للعبـادة عنـد -1: معرفية خالل مخسة أطر كتاب كل -3 نيب كل دين، أي الشخص الذى يبلغ رسالة الدين إىل الناس، -2. أتباع هذا الدين

كيفية ظهور نـيب -4. به تباعه بالعمل أدين، أي املنهاج التشريعي الذى يأيت به هذا الدين، ويأمر تالمذة وحواريو كل دين، أي النماذج -5). شكله وطريقته وأسلوبه (كل دين، وخطابه يف الدعوة

. جتسد الدين وخترجت من مدرسته الفكرية والروحيةاليتوالوجوه نيـة ومقارنته بالكتب الـسماوية والدي والقرآن ، معرفة اهللا "ومن مث فإن معرفة اإلسالم تتطلب

األخرى، مث معرفة شخصية نيب اإلسالم ومقارنته بسائر املصلحني الكبار للبشرية على مدار التاريخ، تبـاع أوهكذا معرفة شخصية اإلسالم البارزة، وخرجيي مدرسته الفكرية والروحية، ومقارنتـهم ب

)3 (".املذاهب األخرى وحواريي األديان األخرى للغرب باعتباره عامال مهما يف فهم ذاتنا شريعيت ينظر ،فة الغرب حتصني الذات مبعر : احملور الثالث

ومن ناحية أخرى يؤكد على ضرورة التحصني الثقايف واملعريف حنو الغرب ومعرفته أحد هذه الطرق فمن أجل النضال ضد التغرب علينا أن نعرف الغرب، وهذه املعرفة تكون عن "،املهمة حنو التحصني

األوىل املعرفة الصحيحة والعميقـة بالثقافـة واحلـضارة : كامليتني إىل الواقع طريق قطع مرحلتني ت )4 (".املعرفة الصحيحة والعميقة بتارخيه وعلم االجتماع اخلاص به وثقافته ودينه:األوربيتني،والثانية

نا فـإن املعريف والذايت حنو الغرب، ومن ه بعد نعود إليها البد وأن تتحصن بال اليتإن قوة الذات إنه ال يستطيع . بل العكس متاما "؛ يعارض االنزواء أو التقوقع داخل الذات يف مواجهة الغرب شريعيت

.11ص، 2004دار األمري ، بريوت، ترمجة حيدر جميد ،منهج التعرف على اإلسالم.علي،شريعيت)1( .14ص، سابقالرجع امل)2( .17 -16املرجع السابق، ص)3( .240 ص1993 ،2الزهراء لإلعالم العريب ط، القاهرة، إبراهيم الدسوقي شتا: ، ترمجةودة إىل الذاتالع. علي،شريعيت)4(




45

وهكذا )1 (".الصمود إال من يعرف الصمود، وال يعرف الصمود إال من يعرف قدرة من يواجه جيدا رفتنا لذاتنا وعودتنـا بأن معرفة الغرب وإدراكه بصورة حقيقية هو جزء من وعيينا ومع شريعيتيؤمن

منهجا أو طريقا ميكن من خالل إدراك الغرب ومعرفته أو اإلطالع على خطى شريعيتلذا طرح . هلا :)2(سري الغرب

. تاريخ الغرب، السيما التطور االجتماعي وتطور احلضارة األوروبية -1أ من عصر النهضة حىت عصرنا تبداليتمسري احلركة الفكرية يف الغرب، مع التركيز على العصور -2

: وذلك من خالل دراسة املوضوعات التالية. احلاضر . عصر النهضة مع التركيز على األبعاد االقتصادية-أ

، مع مقارنتها باإلسالم والدور الذى لعبته يف تنمية احلـضارة الـصناعية ة معرفة الربوتستانتيني -ب . والنضج العلمي واملادي يف أوروبا

. بنية الفكرية والثقافية للغرب املعاصر أسس ال-ج . األحداث االجتماعية، واملفكرين السياسيني واالجتماعيني يف الغرب-د

الستعادا وذلك من خالل طريقا " الذات نقد" من شريعيت اختذ ،نقد التراث اإلمامي : احملور الرابع وما " بالنص الروائي" السيما ما يتعلق طرأت على املذهب الشيعي،اليتتفنيد االحنرافات والتحريفات

طلـع افكل من "ا أصيال يف النهج الشيعي خطفيه من مبالغات وأساطري، مؤكدا أن خط النقد يعد على كتب العلماء الكبار من الشيعة يرى بوضوح أن من أبرز مسات البحث العلمـي يف التـراث

التراث ميتلك كما...وأفكار بعضهم البعض شكال واالعتراض على آراء الشيعي هو كثرة النقد واإل الشيعي طرقا علمية وقواعد فنية دقيقة يف تشخيص صحة الرواية وسقمها، ويعد هذا الباب واـال

ويرى أن معايري هذا النقـد )3(".العلمي من أعظم املزايا العلمية للمسلمني والشيعة على وجه خاص ديث، وعلم الرجال، والعقل، والقرآن، وإمجاع العلمـاء، البد أن تستند إىل األسس العلمية لعلم احل

. والسنة الصحيحة

.90ص ،2005،دار األمري ،بريوت إبراهيم الدسوقي شتا،: ترمجةبناء الذات الثورية. علي،شريعيت)1( .92ص، سابقالرجع امل)2( .125ص، سابق،مرجع الشيع العلوي والتشيع الصفوي. علي،شريعيت)3(




46

الرابعاملبحث قضايا اإلصالح املعريف

مصطفى صربي: أوال

السؤال العقـدي الـذى هو يف مسألة اإلصالح"مصطفى صربي" السؤال األكثر إحلاحا على اليتادة املسلمني إىل عقيدم يف منابعها األوىل وختليصها من الشوائب تبلور يف البحث عن كيفية إع

التغريب واتصال الـشرق بـالغرب وتـأثره (علقت ا نتيجة األوضاع الفكرية والثقافية املعاصرة الكيفيـة ومثل البحث عن هـذه ). فصل الدين عن الدولة(واألحوال السياسية ) بفلسفاته وأفكاره

عن آليات ه الذى حترك فيه، كما مثل البحث اال احليوي عند وإلصالح املعريف األساسي ل سؤالال . هذا اإلصالح املعريف دائرة االهتمام ذات األولوية يف إنتاجه الفكري

والـذي ) 1( ،"اجلهاد العلمي الديين " مهمته األساسية يف "مصطفى صربي "وبناء على ذلك جعل لمتعلم املسلم من املسائل العلمية والفلسفية لتسلم عقيدته لة يت املعرف تلبية االحتياجا "يسعى فيه إىل

املعرفـة "و" الـدين " هي ه فالدائرة املركزية لفكر )2 (".الدينية وتصمد أمام تيارات الزيغ العصري باعتبارمها الطريق األساس لنهضة األمة املسلمة وسالحها األقوى يف مواجهة بـاقي األمـم " الدينية

، ألن اإلسـالم نيك بديننا وأخذ القوة من قوته حىت القوة الدنيوية إىل حد أن نغلب الغـالب التمسف" ".اربون األمم بسالح العقل حي الذين...الب الدنيا ها للعقل الذى يغلب بفضله غ فقأقوى األديان وأو

)3( حني وضـرورة بني كثري من املـصل " املعرفة الدينية "يكاد يكون االتفاق على وجود خلل يف

إصالحه العامل األساس يف النهوض احلضاري لألمة، فحني تقوم العقيدة بوظيفتها يف النفس املسلمة ثر يـذكر يف الفعـل أوحني تتعطل دافعيتها للنفوس فال يكون هلا "تكون باعثا هلا للعمل والنهوض

ض الستئنافه من جديد احلضاري يكون إذن التراجع واالحنسار يف التحضر، ويكون العجز عن النهو وقد كان اخللل الذى أصاب األمة اإلسالمية يف حتملها لعقيدا عامال حامسا يف احنسارها احلضاري

ليه األمر من احنراف يف التصور العقدي، أو من سطحية يف التحمل اإلمياين تراخى ـا إسواء ما آل

.2جع السابق، صمر، 1 جـ والعلمموقف العقل. مصطفى، صربي)1( . 2املرجع السابق، ص)2( .10املرجع السابق، ص) 3(




47

نفسه الذى يعوق األمة اليوم عن االنطالق هو هوهذا اخللل مبظهري . الدافع اإلرادي للعمل احلضاري )1(. "من جديد للنهوض احلضاري فيكون إذن إصالح هذا اخللل عامال أساسيا من عوامل النهضة

إحياء علم الكالم والدعوة لتجديده-1 يف لإلصالح املعـريف " صربيمصطفى " استخدمها اليتمن الضروري أن نشري هنا إىل أن اآللية

الذى اعتربه الطريق األهم الذى ينبغي على املصلح أن يسلكه " علم الكالم " هي ةالعقدييدان املعرفة مة عن عقائد املسلمني عافدللم" علم الكالم "وهو يف ذلك مقلدا للمتكلمني األوائل والذين استخدموا

يني وتوضـيح العقائـد لتبو،ناحية من أمام الفلسفات اليونانية وغريها مما تعارض مع عقائد اإلسالم علم "حسب " املتكلم"، وذلك باعتبار أن ناحية أخرى نم للمسلمني أنفسهم يف صورا الصحيحة

. الناس" املخاطب"و" النص الديين"وسيط بني اخلطاب " الكالم ،تثبيتـها بالناحية االعتقادية وصرفت كل جهدي يف وهلذا عنيت "ويشري يف هذا الصدد بقوله يهـا مـن قلت أن حماويل التجديد يف أحكام علم الفقه طلبا للسهولة واملصلحة العامة غري عاد وإمنا

ترثون أيضا تغيري وجتديد يف عقائد اإلسالم الدين، يريدون اخلروج على الدين نفسه ألنا نراهم قد جي مـن العقدي، وخوفـه " مصطفى صربي "يوضح هذا النص هاجس و )2( ."الثابتة بالكتاب والسنة

تأثرت بالغرب ومناهجه سواء اليتلم بالعقيدة إزاء حركات وتيارات التجديد ميكن أن ت اليتاملخاطر ـ ؛ الفكر املرتبط به مناهج ، أو حماولة إصالح مجلة "الدين" كان شكل هذا التأثر بالتربؤ من ن لذا ش

ووضعهم مجيعهم " ينجمدد "اعتربهممحالت فكرية واسعة على كل املفكرين الذين " صربيمصطفى " أن العلم األجنح ملواجهتهم هـو علـم – أيضا –ورأى ، مع أنصار املشروع التغرييبيف سلة واحدة

وهو أشرف العلـوم لكونـه أسـاس ... فال يعادل علم الكالم غريه من العلوم اإلسالمية " الكالم مام بعلم الكالم يف بالد املسلمني بل إنه اعترب تراجع االهت .)3("األحكام الشرعية ورئيس العلوم الدينية

)4 (."لتراجع مكانة اإلسالم بني األمم"مؤشرا بعلم الكالم يف عدة صور منها مواجهة الطعن يف علم الكـالم " صربيمصطفى "وجاء اهتمام

موقف العقل والعلـم " تناول يف اجلزء األول من موسوعته الكالمية حيث.ورد الشبهات عنه نفسه إنه علـم و ، تتعلق بعلم الكالم ومنها، عدم إسالميته اليت يف حيز كبري منه حول الشبهات )5("ملوالعا

، 2001، 14، بـريوت، العـدد قضايا إسـالمية معاصـرة ، "دور اإلصالح العقدي يف النهضة اإلسالمية : "عبد ايد النجار ) 1(

.204ص . 15ص،، مرجع سابق1عقل والعلم جموقف ال.مصطفى، صربي)2( .202املرجع السابق، ص) 3( .90 – 91ص ،سابقالرجع امل)4( .270 – 198ص ، املرجع السابق: انظر) 5(




48

قاموا بالنقل والتقليد " املتكلمون األوائل "يوناين باألساس العتماده على الفلسفة واملنطق، وأن رواده اقشة هـذه الـشبهات لذلك انربى يف من . كثرة املسائل الكالمية واالختالف فيها ولفالسفة اليونان،

مؤكدا أن علم الكالم باألساس علما إسالميا وإن استخدم أدوات ومنهجيات من خـارج الفكـر ويتناول كل علم ... يتعلق بإثبات العقائد الدينية تعلقا قريبا أو بعيدا" موضوعه"اإلسالمي وذلك ألن

لطبيعي إذا كان فيه ما يصلح للنظر يف شرعي أو غري شرعي يتعلق بالعقائد اإلسالمية، حىت إن العلم ا هالرواد األوائل من املـتكلمني موضـوع درس عقائد اإلسالم فهو داخل يف علم الكالم، وقد جعل

. ليشمل املوجود واملعدوم" املعلوم"وال تنس أن فالسفة . .".مؤمنة بالتوحيد فيقول ملن يناظره فلسفة كما أنه اعترب الفلسفة اليونانية ونان الذين دخلت فلسفام يف كالم املتأخرين مثل أرسطو وأفالطون كانوا قبل كل شئ موحدين الي

مثبتني اهللا الواجب الوجود وواضعني منطق االستدالل العقلي الذى البد أن يستند إليه من يريد إثبات )1 (".وجود يف نفسه ويف إزاء منكريه استنادا إمجاليا أو تفصيليا

قـضايا ال يف ضوء هو دعوته لتجديد مباحث علم الكالم صربيوات الرائدة ملصطفى ومن الدع يف عهد – مل تكن مطروحة من قبل اليت و الوضعية يف الغرب الفلسفات اليت أفرزا املستجدةالفكرية

ـ –املتكلمني األوائل الـيت ، وأن لكل عصر أفكاره ومباحثه "وظيفية األفكار "وهو ما يؤكد قناعته بوهي دعوة إىل تطوير وجتديد ملباحث هذا العلم ومناهجه املستخدمة يف . ب أن يتناوهلا علم الكالم جي

– عاشها، ويـدعو اليتكرية بالسياقات االجتماعية والفكرية فظهر تأثر جهوده ال يما ك. آن واحد الكالم املدافع سةدراإجياد جيل جديد ينهض ذه املهمة الكالمية حنو اإلسالم متمثال يف إىل –أيضا

.عن العقيدة فإذا كانت مباحث الطبيعيات يف علم الكالم ال تسد حاجة العصر احلاضر فال أقـل مـن أن

لني وجوههم عن الكالم جاعلني من العلـم الطبيعـي و أعني املمال أماثتكون هذه املباحث جوابا ما علم الكالم املنتقل إلينا من علمائنا باسم كالم أما إن مباحث الطبيعيات يف ... مزامحا له مفضال عليه

املتأخرين ال تسد حاجة العصر احلاضر، فال لوم على علماء الكالم من ذلك وهم كانوا حاكمني يف علوم زمام حىت جعلوا ما ليس بإسالمي من العلوم إسالميا وأدخلوه يف علم الكالم ومحلوا بتأسيس

)2 (.اخللفهذه السنة واجبا كبريا على

.205املرجع السابق، ص )1( .206ص، سابقالرجع امل)2(




49

نقد أصول املشروع املعريف الغريب-2 ـدف التغـرييب املشروع الغريب و فكرفكرته اإلصالحية يف مواجهة ال " صربيمصطفى "واصل

وبدأ ذلـك بنقـد ،احليويسالمي اإلعريف امللبناء ل اعتربها العامل األول اليتإصالح اآلثار املعرفية ـ عدان ثنني ي اها الفكرة الغربية احلديثة وحددها بأصلني قامت علي اليتاألصول الفكرية ن أسـس محدث ذلك يف الغرب منذ عهد قد و ،االستناد إىل الدليل التجرييب وحده : األول،املشروع الغريب

بيكون، حيث توجهت عناية الغربيني إىل األدلة التجريبية أكثر من عنايتهم باألدلة العقلية على الرغم وجود اهللا ال يستند إىل األدلة التجريبية لكون اهللا متعاليا عن متناول التجربة، وكان من من أن إثبات

قصر التسمية بالعلم يف عرف الغربيني على العلوم املستندة إىل التجربة احلـسية "أهم آثار ذلك هو ه عرف لنـا كأن) أي املتغربني(من طرف هؤالء الكتاب ) أي املسلمني (ونقل ذلك العرف بعينه إلينا

املثقفني ثقافة عصرية يف موقف العقل والعلم مع عقلية الغرب الدينية، تتفق عقلية " حيث ،)1( " أيضافالدين منبوذ العقل عنـد مالحـدم، . ام العلمية كلها مترمجة من تأليفات علمائه بلكون مكتس

متساندان يف اإلسالم لكـن هم، يف حني أن الدين والعقل ي عند متدين هوالعقل منبوذ الدين ومبغوض للدين غري مغلوب، ايستخرج مالحدم من العقل عدو .جيل املتتلمذين على الغرب يف غفلة من هذا

ومنشأ الغلط لكل . ويتأسف املتمسكون منهم بدينه لضعف العقل وعدم كفايته دليال يقوم عليه الدينويطلق على ذلك االنتقـال .)2("رب املسيحي أو الغمن هذين الفريقني تقليد فريق من الغرب الالديين

وذلك بالنظر إىل مفهوم العلم يف الفلسفة اإلسالمية والذي يعىن صفة ". خطأ فاحش "املفاهيمي بأنه مرتبة من املعرفة ال حتصل إال بالدليل العقلي ال " أي هذا النقيض "توجب متيزا ال حيتمل النقيض وهو

إثبات وجود اهللا يف الفلسفة اإلسالمية يتطلب دليال عقليـا ال وهذا هو سر كون " بالدليل التجرييب . جتريبيا

الصراع بني العقل والدين، يرسم الفكر الغريب شكل العالقة بني العقـل والـدين يف : الثايناألساس ميضى تاريخ أفكارهم الفلسفية بني حماربة العقل حماباة للدين ومتابعة العقل رغبة "صورة صراع حيث

االت احلربية الصاعدة والنازلة بني سج احلصول على اليقني ومل يلحظ قراء الفلسفة الغربية هذه ال يفالعقل والدين من غري تنبيه من ناقليها من الغرب إىل الشرق، على اختصاص هذه احلالة بدين تلـك

)3(". البالد الصادرة عنها هذه األفكار الفلسفية املختلفة وهو املسيحية

.106ص ، 2ج،املرجع السابق) 1( .92ص، املرجع السابق)2( .107ص ، مرجع سابق، 2العلم جموقف العقل و.مصطفى، صربي)3(




50

ضرورة البحث يف السياقات املعرفية واالجتماعية لنشأة املفاهيم "مصطفى صربي " رأىهنا ومن خلـال وجودما تسبب يف ما مل حيدث يف الفكر الغريب قبل استريادها ونقلها إىل العقل املسلم وهو

.مةمعرفيا وثقافيا يف التكوين الفكري للشخصية املسلمة وللمشهد الثقايف اإلسالمي بصفة عا تطبيقيـة توضـح اآلثـار املعرفيـة تبعد ذلك إىل مناقشة أطروحا" صربيمصطفى "مث انتقل

التفـسري العلمـي للعقائـد "للمشروع الغريب يف بلدان العامل اإلسالمي وذلك فيما عرف باجتـاه . أي حماولة إخضاع العقائد اإلسالمية للتفسري العلمي التجرييب" اإلسالمية

السرية النبويـة " طرحها للمناقشة كانت آراء حممد فريد وجدي يف كتابه اليتفكار ومن أهم األ وشبلي ". الوحي احملمدي"و" حياة حممد" حسني هيكل يف كتابيه د وحمم ،"حتت ضوء العلم والفلسفة

أثارت جدال واسـعا يف الفتـرة اليتارون، وغريهم من الكتاب والكتابات ديل يف ترمجته لنظرية مش .اكرة من انتشار التغريب وحركات وأفكار اإلصالح يف العامل اإلسالميالب

قامت عليهـا مـن اليتاألسس قد نب واجه مصطفى صربي اإلشكالية العلمية واإلميان بالغيب وأفرد لذلك اجلزء من ناحية أخرى ناحية، وبإثبات مسألة اإلميان بالدليل العقلي واالستدالل املنطقي

موقف العقل من الدين، موقـف والذي تناول فيه " والعامل موقف العقل والعلم "وسوعته الثاين من م على أنه مل يستبعد املنهج التجرييب بصورة مطلقة حيث . العلم من الدين، وموقف التجربة من الدين

لم عـن ن نزع اسم العكأنه مي"أشار إليه يف دليل نظام العامل، وانتهى يف عالجه هلذه اإلشكالية بقوله وال ميكن نزع اسم العلم عن ...معناه احملدث اخلاص بعلم الطبيعة لعدم كون قوانينه قوانني ضرورية

معناه األصلي الذى هو أقوى والذي ينطبق على العلم بوجود اهللا لكونه معرفة مـستندة إىل سـببها عقلية ال ميكن ختلف مسبباا ااملستلزم ملسببه، وذلك أن أسباب املعرفة يف العلم الطبيعي ليست أسباب

فإن مل حيـدث . هي غري مضمونة النتائج ضمانا أبديا اليتعنها وإمنا هي أسباب مبنية على التجارب شئ يغري ما ثبت بالعلم الطبيعي فقد تأيت معجزة تغريه وتنقضه، وال تأيت معجزة تنقض قوانني العلوم

)1 (".العقلية اإلشكالية السياسية -3 تعـرض يف الواقع املعـاش قا من منهجيته الكالمية يف الدفاع عن العقائد اإلسالمية ومتثالا انطال فصل الـدين " وهي احلديث واملعاصر للفكر اإلسالمي سجاال عد األكثر ملسألة ت " صربيمصطفى "

ملفاهيم من البيئة لتغلغل املشروع التغرييب السيما فيما يتصل بعملية نقل ا ا استمرار ا يعد مم" عن الدولة . دون مراعاة للبىن املعرفية والتصورات األساسية للمجتمع اإلسالميالغربية إىل البيئة اإلسالمية

.453ص، مرجع سابق،2ج موقف العقل والعلم.مصطفى، صربي)1(




51

يف البدء يوضح منهجه يف معاجلة هذه اإلشكالية وملاذا وضعها يف املباحث الكالمية املتصلة بالعقائد إن السبب الذى حداين إىل حشر " دنيوية فيقول وهي مسألة يبدو من مظاهرها أا تتعلق باملصلحة ال

هي موضوع هذا الكتاب املتصل بعلم اليتمسألة فصل الدين عن السياسة مع مسائل اإللوهية والنبوة لى الرغم من عدم كون مسألة الفصل والتحذير منه من مسائل هذا العلم الباحث يف عأصول الدين

وذلك أن ترجع مسألة عدم ،عقائد اإلسالم وإمنا مسألة الفصل والتحذير منه ترجع إىل ناحية العمل جواز فصل الدين عن السياسة إىل مسألة وجوب نصب اإلمام املعدودة من املـسائل الكالميـة ألن

من نصب اإلمام من جانب املسلمني تقييد احلكومة بأن تكون أعماهلا يف حدود الـشريعة املقصود )1( ."اإلسالمية فيكون هذا اإلمام خليفة عن رسول اهللا ذا التقييد

حيـث يـدمج البنـاء املعـريف ومن ناحية أخرى يؤكد على ضرورة اشتغال العلماء بالسياسة إن " وبني العلماء وممارسة الدور االجتماعي ويشري إىل ذلك بقولـه ، بني الدين والسياسة :اإلسالمي

املساعي املتعلقة مبصلحة العامة إن جتردت عن السياسة تذهب هباء وهواء، وكل نصيحة ال تؤيدها والذين جردوا الدين يف ديارنا عن السياسة كانوا هم وإخوام ...السياسة فهي مبرتلة تضرع العاجز

ال بالسياسة لعلماء الدين حبجة أنه ال ينبغي هلم وينقص من كرامتهم، ومرادهم حكر ال يرون االشتغ فالعلماء املعتزلون عن السياسة ...السياسة وحصرها ألنفسهم وخمادعة العلماء بترتيلهم مرتلة العجزة

من اهللاهداين صاحليهم وطاحليهم على أن يكون األمر بأيديهم، وملا أن كأم تواطئوا مع كل ساسة ذوى املبادئ الالدينية وواجب علماء الدين لقاءهم ما تنحيت عـن قدمي إىل التنبه ملكائد السياسيني

ااهدة يف غمرات السياسة ال على اختاذ الدين آله للساسة، بل على جعل الـسياسة آلـة للـدين )2( ".مستخدمة يف تعزيزه وتنفيذه لكوا أقوى اآلالت ممثلة لقوة احلكومات

" تفكيك اخلالفـة " مبكرا ومن خالل قراءة سياسية واعية ملشروع " مصطفى صربي " وقد تنبه ، "مةالنكري على منكري النعمة من الدين واخلالفة واأل "وذكر ذلك يف أكثر من موضع السيما كتابه

ارتضت اإلسالم دينـا اليت حتكم األمة اليت اإلسالمية هاقوانين اخلالفة و يشري إليها هنا اليت" النعمة"وإنا إذا اعتقدنا أن دين اإلسالم نعمة للمسلمني وسعادة هلم يف دنياهم وأخراهم وأنه " وعقيدة ومنهجا

داخل يف مشخصات شعوب املسلمني الذين يشعرون ا أنفسهم ويعدوا من مزاياهم النفسية، فال إىل ما وراء حدود الدين كما أن كوا يناىف حريتهم واستقالهلم كون حكومتهم ممنوعة من التخطى

وهنا مزلقة فكرية .ممنوعة بالطبع عن العمل مبا يغاير الوطنية والشعائر امللية ال يناىف احلرية واالستقالل وهي أن إذا أحببنا احلرية وأطربنا مكاا عند النفوس الشريفة فالبد أن نريد ـا : جيب أن ننبه عليها

.286، هامش ص مرجع سابق،4ج موقف العقل والعلم.مصطفى، صربي)1(األسرار اخلفيـة وراء إلغـاء . مصطفى، حلمي: ضمن ، النكري على منكري النعمة من الدين واخلالفة واألمة . مصطفى، صربي)2(

.177هامش ص، م2004، الكتب العلميةدار، بريوت، اخلالفة العثمانية




52

ت ال حرية احلكومات يف القيام بأمور األمة، حـىت إن الزيـادة يف حريـة حرية األمم جتاه احلكوما احلكومة تضر حبرية األمة وتنقصها، وهلذا جيب أن تكون احلكومة يف معامالا مع األمـة مقيـدة

)1 (."بقوانينها كون :"ومنها" سلمةاملاألمة " إىل الشروط اليت ميكن من خالهلا حتقيق مفهوم – أيضا –مث أشار

أفرداها منتسبني إليها ومقيدين ا باختيارهم التام غري خماطبني يف ذلك بأمر أحد أو يه يبلغ درجـة السلطة، فهذه ديانة األمة بالنظر إىل أحواهلم االنفرادية، مث إن هلم حالة اجلمعية وحالة احلكومة، ودين

اجلمعية معا؛ بل كان شديد العناية والعالقة اإلسالم ملا مل يعزب عن عنايته ورقابته حال اإلفراد وحال كان شرطا لصحة أن تعد األمة أمة مسلمة إسالم فردهـا أن باألحوال االجتماعية واملدنية فال جرم

أيضا –احلكمي وشخصيتها االجتماعية والسياسية كإسالم أفرادها اجلزئية بكون هذا الفرد احلكمي ية ومعترفا ا، فإذا أذعنت األمة ألحكام اإلسالم وحدانا ومل تذعن قادا ألحكام الشريعة اإلسالمن م–

) 2 (". متثل فرد األمة احلكمي ما صح إسالمهااليتهلا يف حالة اجلمعية واحلكومة مسألة اخلالفة وما حدث هلا من افتراق بينها وبني السلطة وهو ما قـام بـه – أيضا –تناول

عبارة عن كون " فيعرف اخلالفة بأا م1926ل إعالن إسقاط اخلالفة عام يف تركيا قب " نيياالحتاد" يف حتقيق اخلالفـة رعايـة فالالزم... يف القيام بأحكام الشرع rحكومة ما نائبة مناب رسول اهللا

ـ على قـدر تلـك " اخلالفة"احلكومة لشرائطها اإلسالمية فيكون اتصاف احلكومات اإلسالمية بإشارة إىل ( )3(. سب باعتبار املعترب كالوراثة أو التوجيه من قبل شخص أو مجاعةال تكت الرعاية، وهي

إىل آراء كما أشـار ، ) نقل احلكومة والسلطة إىل الس الوطين وبقاء اخلالفة دون حكم أو سلطة علـى عـدم اكد مؤ)4( . نقدا مطوال او أفرد هل ) اإلسالم وأصول احلكم (على عبد الرازق يف كتابه

كانا " اخلالفة واحلكم"فصل بني اخلالفة واحلكم فهذا خيالف السرية النبوية وإمجاع األمة، حيث إن اليف األمـة ومل r ، واخلالفة قامت عرب التاريخ اإلسالمي بالنيابة عن النيبrمتحدين منذ زمن النيب

. يفترقا، ألنه إذا انتقلت احلكومة عن اخلالفة افترقت عن الدين

)التشريع اإلسالمي والقانون الوضعي( التشريعية إلشكاليةا-4قضية أخرى متفرعة عن مسألة فصل الدين عن الدولة أو اخلالفة عـن " صربيمصطفى "طرح

العمل بالدسـتور إىلالسلطنة، وما تبعهما يف البلدان اإلسالمية من إلغاء احملاكم الشرعية، والدعوة

.182 ص، مرجع سابق،النكري على منكري النعمة من الدين واخلالفة واألمة. مصطفى، صربي)1( .180املرجع السابق، ص)2( .106ص ، سابقالرجع امل)3( .376- 319ص ، مرجع سابق ،4ج، موقف العقل. مصطفى ، صربي: انظر)4(




53

واتسم الطرح هنا باملقارنة بني منطي التشريع . التشريع اإلسالميوسن القوانني الوضعية وإلغاء العمل ب السيما ما يتعلق بطبيعـة هـذين النـوعني والكلية مبينا الفوارق األساسية ) اإلسالمي والوضعي (

. منهما على حتقيق الغاية املنوطة بفكرة القانون يف إطالقهاومصدرمها وقدرة كلاألمة أو احلكومة عن الرتوع إىل أهوائها فمستبعد جدا ومستغرب فإذا كانت غاية القوانني وزع

فيلزم أن يكون لسن القوانني حدود يوقف عنـدها ... وتبديله مىت شاءت هوزعها مبا تستقل يف سن وبعبارة أخرى يلزم أن يوجد قوانني أساسية ال يتخطاها نظام القوانني وال يسوغ هلم تبديلها حـىت

وعة فيها ويستفيد قوة الوزع منها، وتلك القوانني األساسية أكملها ما كانـت تنتهي القوانني املوض مساوية ملا أن تغيريها ليس يف وسع النشر فهي أحرى أن تكون ختوم االستناد وتتخذ آخـر مفـزع

.)1(إلصالح الفساد الناشئ من أنفسهم ومنهم نظام القوانني من األهواء، احترام املكلفني له لقداسـته، هات وخلو الثب إىل ويف مسات التشريع اإلهلي باإلضافة

" مصطفى صـربي " وقد استشهد ،ومنع التالعب به والزيغ واألهواء، وضمان العدالة وعدم التحيز ي والذ )2 (".نظرية احلقوق يف اإلسالم "باشا الرومي بعنوان صاوا يدعى –غري مسلم بكتاب ملؤلف

أرستها الشريعة اإلسالمية وطبقها اليتمن خالل القوانني " الميةالنظرية احلقوقية اإلس "ح ياهتم بتوض – أيضا –كما أشار الكتاب . املسلمون يف جتارم وصناعتهم وأعماهلم املختلفة يف الشرق والغرب

نشأة الفقه يف اإلسالم، وتأثري الشريعة اإلسالمية يف تكـوين ةإىل متيز فلسفة الفقه اإلسالمي وتارخيي . لتجارية يف القرون الوسطى، ومتيز الشريعة على القانون الروماينالعادات ا

حممد عبده: ثانيا

بإصالح العقل املسلم، وإصالح معارفه األساسـية، – يف ضوء ما سبق –" حممد عبده "انشغل للقاءايف ضوء " التهافت"و" اجلمود والتقليد " أصاا تلك اليت وأدواته" الفقهاء"ووسائط فهم النص

تعتمد يف يف عملية اإلصالح اليت "لـعقلل "ىمكانة قصو " حممد عبده "يوقد أعط . الواقع املشهود باملركـز يف مـشروعه ) أي العقـل ( إصالح املعارف، والوسائط، واآلليات، واعتربه :ياألساس عل

ـ لتحقيق النهضة والتقدم املنشود؛ لذا فقد ي يسع ي التوحيد والذ ياإلصالحي القائم عل يحرص عل الوضع القائم وما فيه من دنق: األويل: مهمتني أساسيتني " العقل" فيه يتوىل "يعقد/معريف"بناء نسق

يف ضوء فهـم الـدين "يالعقد/ املعريف"إعادة تشكيل هذا النسق : ، والثانية ونقضه "مجود وتقليد "يف مـشروعه " هحممد عبـد "كما يهدف . مباشرة وكما فعل السلف مصادره األويل بالرجوع إيل

.184 – 183ص، ،مرجع سابقالنكري على منكري النعمة. مصطفى، صربي)1( .306 –302ص ، مرجع سابق،4،جموقف العقل والعلم .مصطفى، صربي: انظر)2(




54

" االغتراب" ضروب يبناء منظومة عصرية ميكن أن تسهم بدور رئيس يف التغلب عل " اإلصالحي إىل ومن الوظائف األساسية هلذا النسق )1 (". كانت مهيمنة يف ذلك الوقت وتفصل بني اإلنسان وعاملهاليت

هما ينديد االرتباط الوجداين ب و جت عقيدته ومصادر فكره إعادة اإلنسان املسلم إيل " العقدي /املعريف" واقعه املشهود وذلك يف ضوء التجديـد إعادة اإلنسان املسلم إيل يهذا من ناحية،ومن ناحية أخر

ومن ناحية ثالثة إعادة االعتبار والثقة للمنهج اإلسالمي باعتباره .العقلي والوجداين هلذا النسق املذكور .يويته املفقودةواستعادة ح، منهج حياة كما أنه منهج لآلخرة

يوضحها لنا يف " حممد عبده "دين اإلصالح األساسية، فإن ايفيما يتعلق مب ومن الناحية املوضوعاتية طريقة سلف األمة قبـل ي حترير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين عل : األول" مناح أساسية ةثالث

ي، واعتباره ضمن موازين العقل البشر ينابيعها األوىلظهور اخلالف، والرجوع يف كسب معارفه إيل وضعها اهللا لترد من شططه، وتقلل من خلطه وخبطه، لتتم كلمة اهللا يف حفـظ نظـام العـامل اليت

احترام البحث يف أسرار الكون، داعيا إيل يعد طريقا للعلم، باعثا عل هذا الوجه ي يوأنه عل .اإلنساين... وكل هذا أعده أمرا واحدا . ا يف أدب النفس وإصالح العمل احلقائق الثابتة، مطالبا بالتعويل عليه

ىالناس مجيعا يف عم... وهناك أمر ثالث،أما األمر الثاين فهو إصالح أساليب اللغة العربية يف التحرير تقوم عليه حيام االجتماعية، ومـا أصـام الـوهن يله، ولكنه هو الركن الذ قعنه وبعد عن تع

ـ طوذلك هو التمييز بني ما للحكومة من حق ال . خبلو جمتمعهم منه والضعف والذل إال ياعـة عل )2 (". احلكومةيالشعب وما للشعب من حق العدالة عل

ثالثـة حتقيـق – يف ضوء هذه التحديدات السابقة - حممد عبده يف مشروعه اإلصالحي ىتوخ )3( :أهداف متكاملة

. ه وأشكاله جبميع صوري والفكرحماربة التقليد املذهيب -1 كتب القرآن والسنة، وليس إيل طريقة سلف األمة، أي الرجوع مباشرة إيل يفهم الدين عل -2

.الذين عمقوا الفوارق املذهبية وتوغلوا يف الفروعاالعتداد بدور العقل يف بناء املعرفة وقيادة اتمع اإلنساين، ألن الدين مل جيئ إال هلداية هذا -3

أراد اهللا ا أن يرد من غلواء العقل اليتيين من موازين العقل البشر العقل نفسه، باعتبار الد . ىيف تقدير سلطانه وإنكار منابع املعرفة األخر

والتعليميياإلصالح التربو -1

.38، ص1999، القاهرة، العدد األول، أكتوبر الفلسفة والعصر، "النـزعة العقلية عند حممد عبده. "يوسف، سالمة)1( .13-11ص ،هـ1344 املنار، دار ،القاهرة ،1ج، تاريخ األستاذ اإلمام. حممد رشيد، رضا)2( . 172، ص2000، الدار البيضاء، دار الثقافة، 2العقل والنقل يف مناهج التفكري اإلسالمي،جـجدل . حممد، الكتاين)3(




55

دور التربية والنظام التعليمي يف تغيري اتمعات، بل هي رائدة هذا تشري الدراسات والبحوث إيل جمتمع يكما أن أ . عتبار أن الفرد املستهدف منها هو أساس تقدم وضة أي جمتمع ائدته با قالتغيري و

حينما أراد البحث عن السبب يف ختلـف " حممد عبده "ه كوهذا ما أدر . يهو انعكاس لنظامه التربو نا أحوال املسلمني للبحث عـن أوإذا استقر "... ختلف نظام تعليمهم الديين رآه يف ياملسلمني والذ

، إما بإمهاله مجلة كما هو ذا اخلذالن ال جند إال سببا واحدا، وهو القصور يف التعليم الديين أسباب ه والتعليم الـديين )1 (". القومية كما يف البعض األخر هيف بعض البالد وإما بالسلوك إليه من غري طريق

بل أصبح ) الدارس ( للطالب ي والعقد يمل يعد يهتم بالبناء العلمي والتربو " حممد عبده "كما وصفه ي املضامني السطحية للمعارف املقدمة فيه، واعتماده عل يله جمرد وسيلة لكسب العيش، باإلضافة عل

نشأة ىلإ دى أ احلفظ واالستظهار دون الفهم، وفضال عن ذلك فإن القصور الواضح يف التعليم الديين سالمية يف تربية النشء، ويف مقابل التعليم املنظومة القيمية اإل ي من التعليم أكثر ضررا عل يأمناط أخر

نشأت يف الغرب أي يف بيئات اجتماعية استوردت العلوم اليت تأسست املدارس احلكومية اليت الديينحممد " اإلسالمي، ويصف وثقافية خمتلفة مبا ال يتوافق مع بيئة وطباع األئمة السيما يف منوذجها املعريف

كما )2 (".إال فسادا ) أي األمة (كخلط غريب ال يزيد طبائعها "إلسالمية هذه العلوم يف البيئة ا " عبده مبدارسـه الغربيـة منط آخر من التعليم تزيد خماطره عن النوع السابق وهو التعليم األجـنيب نبه إيل

. وعينيس بقعة من البقاع إال فيها مدرسة لألمريكانيني، أو الي ىال تر "...والتبشريية، ويقول يف ذلك واملسلمون ال يستنكفون من . من اجلمعيات الدينية األوروبية يلغرارية، أو الفرير،أو جلمعية أخر أوا

ـ تلك املدارس طمعا يف تعليمهم بعض العلوم املظ إرسال أوالدهم إيل ون نفعهـا يف معيـشتهم أو ن )3 (".سبوا ضرورية لسعادم يف مستقبل حيام حيحتصيلهم بعض اللغات األوروبية اليت

يف وصفه حلالة التعليم يف العامل اإلسالمي آنذاك جيد أنه كان " حممد عبده " ما أورده والناظر إيل يعيش فعال يف فالحقا أثبتت الشواهد أن التعلم الديين . صاحب نظرة عميقة ومستقبلية يف آن واحد

تستطع إال أا مل )5( املتعددة م الكتابات الكثيفة واالقتراحات غور)4( . اآلن أزمة ال زالت حىت

.78، ص1993حممد عمارة، القاهرة، دار الشروق، : حتقيق وتقدمي ،3حـ، األعمال الكاملة. حممد، عبده)1( .17، صالعروة الوثقى،" ماضي األمة وحاضرها".حممد، عبده)2( .77، مرجع سابق، ص3لة، حـاألعمال الكام) 3( يف إيران حيث أجنز بعض التطورات يف هـذا امليـدان خـالل ومن اجلدير بالذكر هنا اإلشارة إىل بعض التغريات يف التعليم الديين )4(

:انظر) 2010 – 1979(الثالثني عاما األخرية . 2010،ابريل 40العدد، كتاب املسبار، ديب، "اهج والتحديثالنشأة واملن: التعلم الديين يف إيران . "حسان عبد اهللا ، حسان-

: انظر)5( . 2009، القاهرة، دار السالم، التعليم الديين بني التجديد والتجميد: طه جابر، العلواىن-




56

ومن مث ظل التعلـيم " تراجع ال "و" تقليدالمود و اجل " مشكالت من ما وقع فيه التعليم الديين أن حتل . يعيش أزمة مل تنتهالديين يعيش العامل اإلسالمي حالة االزدواجية املعرفية بني هذا النمط مـن التعلـيم يومن ناحية أخر

يهمل العلوم واملعارف الدينية، وتزداد الفجوة بينهما يالذ) املدين (ي احلكوم ي الرمس والتعليم) الديين( أما التعليم األجنيب . كلما بعدت السنون وهو ما أوجد شقا معرفيا يف الشخصية املسلمة مل يلتئم بعد

ـ يقد التفتت إليه كثري من األقالم واألفكار آنذاك نظرا ملخاطره عل فوالتبشريي دة والفكـرة العقي األبعاد باإلضافة إيل .)1(اإلسالمية مبا حيمله من أفكار وقيم غربية ختتلف مع األفكار والقيم اإلسالمية

يف ري للتـأث ةوقد استخدم التغريب التعليم كأدا. يف اتمع املسلماالجتماعية والثقافية للتعليم األجنيب . اهلوية اإلسالمية

وجهـة (يف " جـب "باعتباره كما ذكـر يف العامل اإلسالمي تغريب ل يعد التعليم أحد أدوات ا ـ ي تعمل عل أهم العوامل اليت ") اإلسالم ي تغريب العامل اإلسالمي وتقوم به جهـات متعـددة وعل

يف ) األجـنيب (وقد رأينا مراحل دخول هذا التعليم ...مستويات خمتلفة من املدرسة والكلية واجلامعة أحدثه يف عقول الزعماء العلمانيني وقليل من الزعماء الدينيني يأينا األثر الذ بالد اإلسالم املختلفة ور

)2(".يف العامل اإلسالميـ الديين ياإلصالحية للنظام التعليمي والتربو " حممد عبده "أما عن وجهة نظر ي، فتؤكـد عل

ط، الوسـائل، املنـاهج، األهداف، اخلط : جلوانب العملية التعليمية يالنظرة الشاملة واإلصالح الكل دون االهتمـام ي تم باجلانب الشكل انتقد النظرة اجلزئية اليت حيث . ، السياسات نياملقررات، املعلم

بعـض الكتـب وإن جمرد إصالح اجلداول بإدراج"جبوهر التعليم نفسه وعناصره األساسية وأهدافه دروس بعض يف املساجد ويف ه املعهودة طرق يالفقهية يف فنون املدارس اإلسالمية مع بقاء التعليم عل

)3(.فإن ذلك يكون أشبه بالباطلة يف عدم ترتيب األثر املطلوب عليها... العلماءيق ـضة ق هو العامل األول لتح كان حممد عبده يؤمن إميانا عميقا بأن إصالح التعليم الديين

مـع كما فعل املسلمون األوائل – أيضا -قها أبدعته وسبياملسلمني واللحاق بأوروبا يف علمها الذ

، 32رانية، املنار، جمـتعليم أوالد املسلمني يف املدارس الالدينية احلكومية وغريها أو مدارس النص: انظر فتوى حممد رشيد رضا)1( . هـ 1350، 181 – 178، ص3ج القـاهرة، ، ، ترمجة حممد عبد اهلـادي أبوريـده نظرة يف احلركات احلديثة يف العامل اإلسالمي .. وجهة اإلسالم . هاملتون، جب)2(

.214، ص1933املطبعة اإلسالمية، .80ص، ، مرجع سابق3، جـاألعمال الكاملة. حممد، عبده)3(




57

ولو ... خري صالح حلال املسلمني الدينية الدنيوية - األزهر ي أ –إن إصالحه "علوم اهلند واليونان )1(". طلب العلوم الصحيحة، كما هبوا لذلك يف أول نشأمصلح حال األزهر، هلب املسلمون إيل

يف أن يكـون جامعـة بـاملعين مد عبده حملراءت حينئذ وميكن أن نلخص رسالة األزهر كما ت تعدهم ألن يكونوا رجاال عاملني، فيكون هنـاك فيها الطالب الثقافة الصحيحة اليتيالصحيح، يتلق

بـث اآلراء يقضاة ذو نزاهة، وأساتذة باحثون وعلماء متخصصون ومرشدون خملصون، يعملون عل )2(". البدع واألباطيليلرفيعة ومكافحة اخلرافات، والقضاء عل األخالقية االدينية السليمة، واملعاين

تقنني الدراسة ومراحلها ومدا وذلـك ويف ضوء هذه الرؤية اإلصالحية دعا حممد عبده إيل والنظر بالعمل والتطبيق ،تقليال للهدر يف اجلهد والوقت والتكلفة، مث ربط التعليم بالتربية واألخالق

قول، مث ع الي به العقيدة، ويستحكم سلطاا علىفن تقو " أن تتضمن املناهج اجلديدة إيليوهذا أدع فـن ه منه، مث إيليتحفظا ملا يصل إلس تربية تذكر مبا تنال النفس من ذلك الفن، فيكون التذكار م إيل

ن التعلـيم تربية حتفظ ذلك، مث يكو مث إيل ...عرف به أحوال النفس وأخالقها وهو ما ت الفقه الباطين فاملقصد بالذات ... الشرع احلنيف وفق قواعدها مستندين إيلي هذه الفنون املذكورة والتربية عليعل

علمان، ومها أصالن وجمموعهما ركن من اإلصالح، والركن اآلخر يف التربية مبا يهديان إليه حـىت الغرض منهما، ي علير يقوملكة راسخة تصدر عنها األفعال بال تعمل، مث يتبعها فن آخ تصري العلوم

)3(". وهو فن التاريخ الديين علوم مقاصد، وعلوم رسائل، فأطيلت مدة تقسيم العلوم إيل إيل– أيضا –كما دعا حممد عبده

كالتوحيد والتفسري واحلديث والفقه وأصوله واألخالق، أمـا علـوم ": علوم املقاصد "الدراسة يف غة ومصطلح احلديث وضم إليها اجلرب واحلـساب وهـذه العلـوم كاملنطق والنحو والبال "الوسائل

)4(". يلزم طالب شهادة العاملية بأداء االمتحان فيهابقسميها هي اليت من حيـث النـوع فيه نظام تعليمي للدراسة يف األزهر تنقسم حممد عبده إيل – أيضا –دعا

الصناع والزراع والتجار ومن (، فهناك العمال مناهجه ومقرراته مبا يتناسب مع اهلدف من التعليم منه تدبر أمور الدولة، وهناك طبقة العلماء من أهل اإلرشاد والتربيـة وهناك طبقة الساسة واليت ) يتبعهم

– أيضا– مث دعا)5(". حتديد ما يلزم لكل واحدة" التعليم املناسب لكل من هذه الطبقات و ىلإ شارفأاملتوسطة، والثالثـة : التعليم االبتدائي، والثانية : ثالث مراحل األويل تقسيم السلم التعليمي إيل إيل

.543، مرجع سابق، ص1تاريخ األستاذ اإلمام، حـ. حممد رشيد، رضا)1( .190ص،د ت، القاهرة، الس األعلى للثقافة، اإلمام حممد عبده رائد الفكر املصري. عثمان، أمني)2( .81 – 80ص ، مرجع سابق،3األعمال الكاملة، حـ. حممد، عبده)3( . 191مرجع سابق، ص. عثمان، أمني)4( . 80ص، ، مرجع سابق3، حـاألعمال الكاملة. حممد، عبده)5(




58

وهو ما مل يكـن معروفـا يف " االمتحان"واجتياز هذه املراحل يكون عن طريق نظام التقومي .العالية . األزهر آنذاك

ظيفتـهم إعادة إعدادهم مبا يتناسب مع و ضرورة" حممد عبده "رأى" تأهيل املعلمني "ويف ميدان نظـر يف فالبد أن ي " وكذلك وضع قواعد وسياسات قبول هلم ،فقهاءك أعطيت هلم ومكانتهم اليت

مث طرح حممد عبده جمموعة مـن )1(". انتخام من املستعدين للفهم وقبول اإلصالح بقدر اإلمكان إلغاء بعـض :منها ، و "دار العلوم "توافر يف مدارس إعداد املعلم آنذاك مدرسة ت جيب أن املعايري اليت

ري طرق التدريس السيما ما يتعلق بتفسري ي تدخل يف املقررات واملناهج، تغ الكتب الفقهية العقيمة اليت طاء اإلجازات العلمية للتدريس يف إعالقرآن واألحاديث، أن يكون املسئول األول فيها عاملا بالدين،

.تربية العملية يف نظامها األساسياألزهر، اعتبار احملور األخالقي يف التقومي، إدخال ال

دي ــاإلصالح العق-2

هو مدار النهضة عند حممد عبـده والركيـزة األساسـية يف مـشروعه – كما تقدم –الدين يف حياة املسلمني؟ نظر حممد عبـده إيل " الدين" حممد عبده ىاإلصالحي، ولكن من أي جانب رأ

أهم ما . وما جاء به " فهم الدين "نه بسبب اخللل املوجود يف اخللل املوجود يف حياة املسلمني وأكد أ ـ " علم التوحيد "، هو إصالح ي به يف اإلصالح العقد اعتىن للفعـل يةفالتوحيد هو املركزية األساس

. هو املركزية األساسية للتوحيد" العقل"كما أن . اإلنساين ة به شوائب كـثري ت اختلط يالذ" يدعلم التوح " منه يعاين يحاول حممد عبده معاجلة اخللل الذ

حدثت للمسلمني، السيما تلك احلوادث اليت يجعلته حييد عن حتقيق أهدافه، وأعاقت التصور العقد ، وانتشار فكر ي والسياس اخلالفة، والتفرق املذهيبى انفصمت ا عريف صدر اإلسالم، واحلروب اليت

مم يف اإلسالم حاولت خلط ما لديها من عقائد الروايات، ودخول أ " اختراع"و" التكفري"و" الغلو" هـو -أيـضا كما أشار إليها حممد عبده – اكتنفت هذا العلم ومن املخاطر اليت . وأفكار باإلسالم وكانت اآلراء يف اخللفاء واخلالفة تسري مع اآلراء يف "ي العقد اإليديولوجي بالديين ياختالط السياس

أصل ي عل ال ينطبق حىت فخلطوا مبعارف الدين ما ... تقاد اإلسالمي االع من مباين العقائد كأا مبىن )2(". من أصول النظر

مث ..." أوجده الساسة فيه بقوله ي اإلسالمي واخللل الذ ي املشهد العقد – حممد عبده –ر وويص ما العقلية بني املسلمني حتت محاية اجلهلة من ساستهم، فجاء قوم ظنوا يف أنفسهم ىانتشرت الفوض

. 118 ص،، مرجع سابق3، حـاألعمال الكاملة. حممد، عبده)1( .25ص، ، مرجع سابقرسالة التوحيد. حممد، عبده)2(




59

باحتماله، غري أم وجدوا من نقص املعارف بلمل يعترف به العلم هلم، فوضعوا ما مل يعد لإلسالم ق أنصارا، ومن البعد عن ينابيع الدين أعوانا، فشردوا بالعقول عن مواطنها، وحتكمـوا يف التـضليل

)1(". م والدين العداوة بني العلى قلدوا بعض من سبق يف دعولوا يف ذلك حىتغوالتكفري، ووجهل املـسلمني " السياسة" لعبت فيه ي الذ ي العقد هيتخمرجا من هذا ال " حممد عبده "ومل جيد

رفع " حيثيف القرآن" الرتعة العقلية"وإحياء " العقل"مل جيد إال خمرج . يا أساس ادور" نقص املعارف " أمر السعادة والتمييز بني احلق والباطل إليه يالقرآن من شأن العقل وما وضعه من املكانة حبيث ينته

ي أساس من العقل فقرر أن النظر العقل ي تأسيس االعتقاد وجتديده عل إيل ىوسع )2(". والضار والنافع عقل أن يذهب النظر يف احلقائق، ويسريها ي كل ذ يوالواجب عل . املكلف يمن أول الواجبات عل

خصوصا ودعوة الدين إيل. " واإلثباتي النفيطعية عل وجه أدق حبسب طاقته ويقيم الرباهني الق يعلال مشروطة بشرط، للعلم بأن كل نظر صحيح فهو مؤد والفكر يف املخلوقات مل تكن حمدودة حبدود

)3(. "يف التجريد وال دنو يف التحديد ما وصفه بال غلوي االعتقاد باهللا علإيلعلم "من ناحية، وتأسيس " علم التوحيد "ه إصالح بيانا مهما حاول في " حممد عبده "وقد كتب

" رسـالة التوحيـد " فكتب ي قواعد عقلية ذات أبعاد اجتماعية وثقافية من ناحية أخر يعل" الكالم" القضاء والقدر"يف مقدمتها ومتثالته يف " التوحيد ": حتديد جمموعة من املفاهيم األساسيةيمشتملة عل

ق صاخل مما الت "...النبوة" "املمكن والواجب "و"الصفات "و"احلرية "و"أفعال اإلنسان "و"أفعال اهللا "ووقد كان املشترك يف تناول كافة هذه املوضوعات الكالمية العقدية هـو . بأصول وفروع هذا العلم

حتت قاعدة ي احلياة العقدية واالجتماعية للمسلمني مرة أخر إيل" حممد عبده " أعاده ي الذ "لـالعق" ". شرعيا"و" قرآنيا"وجوبا " يقلالع وجوب النظر"

واملـرته عـن "العقـل " يالقائم عل " التوحيد" مفهوم حاول حممد عبده أن يعيد املسلمني إيل أن تفعيل دور ى أملت به فرأواملرته عن احلوادث والعلل اليت ،املذهبية لصراعات اخلالفات السياسية وا

عند حممـد " التوحيد"إال أن . بوجود اهللا ومعرفته داتقالعايف و" التوحيد"العقل والعقالنية يف دعوة ـ –ولكن نظر إليه . فقط عبده مل يكن ذا بعد وجداين والـشامل أي االجتمـاعي ي يف بعده الكل

علينا اعتقاده أن الدين اإلسالمي دين يوالذ"... والثقايف باعتباره توحيد ووحدة وحرية يوالسياس )4(". أركانهي العقل من أشد أعوانه والنقل من أقو،ق يف القواعدتوحيد يف العقائد ال دين تفري

. 31 ص،، مرجع سابقرسالة التوحيد. حممد، عبده)1( .20املرجع السابق، ص)2( .29املرجع السابق ،ص)3( .32املرجع السابق ،ص)4(




60

القيام بفرض جممع عليه، "وهي " علم التوحيد "الغاية من " رسالة التوحيد "وحيدد حممد عبده يف بصفاته، الواجب ثبوا له، مع ترتيهه عما يستحيل اتصافه به، والتصديق برسله وهو معرفة اهللا تعايل

الدليل، ال استرساال مع التقليد حسبما أرشدنا ي تطمئن به النفس اعتمادا عل ي اليقني الذ وجه يعلفقد أمر بالنظر واستعمال العقل فيها بني أيدينا من ظواهر الكون، وما ميكن النفوذ إليه إليه الكتاب،

ال األمم يف األخذ مبـا عن أحو ىمن دقائقه، حتصيال لليقني مبا هدانا إليه، وانا عن التقليد مبا حك ـ )1(". يعليه آباؤهم، وتبشيع ما كانوا عليه من ذلك واستتباعه هلدم معتقدام وإحماء وجودهم املل

طاقـة حمـررة مـن الطـراز فهو " أربع معان للتوحيد عند حممد عبده ويشري فهمي جدعان إيل مراتـب ى أمس رتفاع باإلنسان إيل وتطهري العقول من األوهام الفاسدة والعقائد اخلرافية واال ...األول

كانت تكبلها سواء متثلـت يف اإلنسان وإطالق إرادته من القيود اليت رد احلرية إيل : ثانيا ،الكرامة التقليـد واختالعـا يحربا عل : ثالثا والتوحيد يعين ... اخلفيةى القو الرؤساء الدينني والكهنة أو يف

والتوحيـد يعـين . ا كان له من دعائم وأركان يف عقائد األمم ألصوله الراسخة يف املدارك ونسفا مل يمبقتـض ... االحتاد واأللفـة والتجمـع الوحدة، والتنابذ والفرقة والتخالف إيل رد الكثرة إيل :رابعا

رم منهما مها استقالل اإلرادة واستقالل الرأي والفكر التوحيد يتم لإلنسان أمران عظيمان طاملا ح" .)2(

أي حرية اإلنـسان يف " احلرية"قضية : مناقشة يف رسالة التوحيد إيل " حممد عبده "ا تعرض كم فيها ي رأواليت" القضاء والقدر" اإلسالم فيما يتصل بعقيدة اامات توجه إيل يأفعاله وكانت ردا عل

وهـم القعود عن العمل والكـسل ىلإ هم تدعو بأاوبعض املسلمني أخطئوا يف فهمها الغرب أن" الـسكوين " النقيض متاما من هذا الفهم ي عل هبأن" القضاء والقدر "يصحح أوال مفهوم ف". اجلربية"االعتقاد بالقضاء والقدر إذا جترد عن شناعة اجلرب يتبعه صفة اجلـراءة "عن العمل بقوله "التراجعي"و

ات، واحتمـال املكـاره، الثب ي االعتقاد يطبع النفس عل ا هذ ...واإلقدام، وخلق الشجاعة والبسالة اخلروج من كل ما يعز عليهـا، بـل اجلود والسخاء، ويدعوها إيل ىيها حبل لومقارعة األهوال، وحي

قد دعاها لالعتقاد ي عن نضرة احلياة، كل هذا يف سبيل احلق الذي بذل األرواح، والتخليحيملها عل اإلنسان يف خلق أفعاله وأن هـذه حرية يويؤكد حممد عبده يف جانب آخر عل ) .")3ذه العقيدة

احلرية ليست شركا باهللا، ألن الشرك اعتقاد بشريك هللا يف الكون واخللق، ويقرر نظرته هلذه املسألة أن العبد يكسب بإرادته وقدرته ما هو ،األول : ركنا السعادة وقوام األعمال البشرية "أمرين مها يف

.32ص، ،، مرجع سابقرسالة التوحيد. حممد، عبده)1( ) .باختصار (201 – 200مرجع سابق، ص: فهمي جدعان) 2( .53ص، ،مرجع سابقالعروة الوثقى، "القضاء والقدر."حممد، عبده)3(




61

ي مرجع جلميع الكائنات وأن من آثارها ما حيول بني العبد أن قدرة اهللا ه ،وسيلة لسعادته، والثاين )1(". اهللا ميكن له أن ميد العبد باملعونة فيما مل يبلغه كسبهيوبني إنقاذ ما يريده، وأن ال شئ سو

التفسري القرآين منوذجا ،االجتهاد -3 العلماء املتقدمني، وترديـد وليس التقليد عنده خيتص بتقليد شن حممد عبده حربا علي التقليد،

تقليد املسلمني للغربيني يف املسائل غري دليل وحسب، وإمنا ميتد التقليد عنده إيل يآرائهم املذهبية، عل جمتمعام، من غري أن تكون مالئمة هلذه اتمعات، مبا فيها القوانني الوضعية املنافية ينقلوا إيل اليت

ر ضفالكل تقليد م . رقية، والعادات واملظاهر الغربية عن هذه اتمعات للشريعة أو لروح التقاليد الش ة نباتمع؛ ألن التقليد األول للسلف جيمد حياته الفكرية، والتقليد الثاين لألوروبيني يفتح منافذ اهليم

)2(. الدخيلياألجنبية والتأثري احلضار: وجه أخص يته من حيث هو كمبدأ، مث عل عليه لذا نعى التقليد، ي ي عل نعىوحممد عبده إذ ي

عيـة حرفيـة هلـا شـبه قداسـة ب تتمثل يف ت كان عليها يف زمنه، وهي اليت صورته اليت ي عل نعىي يعية ملذاهب واجتاهات ولدا أو مالت ا عن خط االستقامة عهود الـضعف الفكـر بت...وسلطة

يف ي كثرة االفتراض النظر يب قامت عل وتبعية لكت ... يف اجلماعة اإلسالمية ي، واالقتصاد يوالسياس ا، وهدفت إيل تفصيل اآلراء، وبتوكيـد عدت بذلك احلياة عن سريها الواقعي، وغمضت يف أسلو

)3(. اخلصومة املذهبية اجلاحمة لتفعيل العقـل ودوره يف احليـاة العقديـة ياملوضوع الرئيس " حممد عبده " االجتهاد عند مثل

كـل الـذين اتبعـوا آبـاءهم نعى علىن أطلق سلطان العقل من كل تقليد و واالجتماعية، فالقرآ جاء منطلقا وتعبريا يف آن واحد عن تصوره – أيضا –وأجدادهم واهتدوا بآثارهم، واالجتهاد عنده

ي النابع من اإلسالم كمرجعية عقدية وفكرية، بعيدا عن التمذهب والتفرق الـذ ي واحلضار الكوين أن نـدرك أوال تـصور -أيضا-ومن املهم. عن مقاصد اإلسالم يف كثري من جوانبه فيه خروجا يرأ

ومكانته ووظيفته العقدية واملعرفية، حيث يراه كتاب هداية وج لالجتماع " القرآن"حممد عبده عن حممد -كان حيث "وسبيال للسعادة واإلصالح وهو ما يؤكده الشيخ حممود شلتوت عن هذا التصور

أنه أساس يه أصال للدعوة الفكرية اإلصالحية مهما تشعبت فروعها، وكان ينظر إليه عل يرا -عبده كتـاب – كما أنزله اهللا – أنه يالقوة ومصدر العزة للدولة اإلسالمية واملسلمني مجيعا فاستقبله عل

، والـيت ال تليق جباللـه هداية وتشريع وأخالق، وي عن اختاذه لغري ذلك من األغراض املادية اليت

. 64،مرجع سابق، صرسالة التوحيد.حممد، عبده)1( .184ص، مرجع سابق . حممد، الكتاين)2( .134مرجع سابق، ص.حممد، البهي)3(




62

مركـز تصرف املسلمني عن االنتفاع دية وإرشاده، ونبه املسلمني عامة وأهل العلم خاصـة إيل يات والعمليات، حبيث جيـب أن يتحـاكم إليـه م كل ما سواه يف العل يالقرآن، وأنه املسيطر عل

، ي شافع وال ي وأن يتركوا مجيع األقوال لقوله فليس أمام حكمه حنف هاملختلفون، وأن خيضعوا حلكم )1(. "يل ، وال معتزوال سين

ى جـر األحكام العملية اليت " للقرآن وكيف أن ييف تقسيمه الكم " حممد عبده "ويؤكد ذلك ما أقل ما جاء يف القرآن، وإن فيه من التهذيب ودعوة األرواح إيلي تسميتها فقها هياالصطالح عل

طريقة احلياة االجتماعية ما ال املعرفة وإرشادها إيل أوج فيه سعادا ورفعها من حضيض اجلهالة إيل عنه من يؤمن باهللا واليوم األخر، وما هو أجدر بالدخول يف الفقه احلقيقي، وال يوجد هـذا يستغين

)2(". اإلرشاد إال يف القرآنـ يكرا القول الذ ن فتح باب االجتهاد، م وبكل قوة إيل حممد عبده لذلك دعا اب شاع بأن ب

اجلمـود " إشكالية يالتغلب عل " حممد عبده " فيه ي رأ يواالجتهاد هو النهج الذ .االجتهاد قد أغلق أوقف احلياة اإلسـالمية يالذ" التقليد" أوقف العقل عن التفكري والفاعلية، وي، اجلمود الذ "والتقليد

ضـرورين ني طـرف يقوم به االجتهاد هو الوصل بني يعن التطور والصريورة اإلنسانية، فالدور الذ " و" الدين" أو بني" الوجود" و" الوحي": "ومتكاملني وال جيوز حبال من األحوال الفصل بينهما ومها

. "الدنياوهو " العقل"وتفعيل " االجتهاد"آلية " حممد عبده" استخدم فيها امليادين اليتىميكن تناول إحد

يف هذا امليدان عدة مؤشرات طرحها حممد عبدهيف ميدان التفسري القرآين، وذلك من خالل البحث فهم الكتاب من حيث هو دين " كما يقول وهيحتديد مقاصد التفسري القرآين: ومنها.التفسريي

منه وما ى ما فيه سعادم يف حيام الدنيا وحيام اآلخرة، فإن هذا هو املقصد األعليرشد الناس إيلأن يكون املقصود بالفهم هو " حممد عبده "ية لتحصيله وينفوراء هذا من املباحث تابع له ووسيل

ال يسألنا يوم القيامة عن أقوال الناس وما إن اهللا تعايل" مبا جاء يف الكتب السابقة ىالتسليم األعم بني لنا ما نزل يالذ r نبيه أنزله إلرشادنا وهدايتنا وعن سنة ي الذهفهموه وإمنا يسألنا عن كتاب

. }44:النحل{ ]أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهمو[)3 (."إليناألن القرآن رسالة لإلنسان يف كل زمان " أسباب الرتول "ىمبا يسم " حممد عبده "ولذلك مل يعترب

من الناس أن كل واحد ى أو طائفة دون غريها بل رأ ي فئة دون أخر ي فهمه عل رومكان، ومل يقص عمـال إويكون ذلـك ب . يف ذلك بني عامل وجاهل –عليه أن يفهم آيات اهللا حبسب طاقته ال فرق

.17/7/1944، 576، القاهرة، العدد ، الرسالة" التفسرياإلمام حممد عبده وطريقته يف. "حممود، شلتوت)1( .10القاهرة، ص،162، سلسلة الذخائر، عبدا لغينمصطفى لبيب : تقدمي ، تفسري سورة الفاحتة وجزء عم. حممد، عبده )2( .18املرجع السابق، ص) 3(




63

مبينـا يفاهللا أمرنا بالفهم والتعقل لكالمه ألنه إمنا أنزل الكتاب نورا وهد "العقل يف فهمه وتدبره .)1("للناس شرائعه وأحكامه وال يكون كذلك إال إذا كانوا يفهمونه

شرب القلب أن يبني باإلمجال ما ي ،املرتبة الدنيا : إيل قسمني التفسري مراتب" حممد عبده "يقسم و رة لكـل سيتوهذه املرحلة م ( اخلري وترتيهه ويصرف النفس عن الشر وجيذا إيل عظمة اهللا تعايل –

مـع (اظ املفردة فهم حقائق األلف ،أحدها : عدة أقسام تنقسم إيل ،واملرتبة العليا ). أحد من الناس أن يفهم اللفظ "ويرجح ). الوقت احلايل مراعاة تغري األلفاظ واملصطلحات عند املفسرين القدماء إيل

أن القرآن يفسر بعضه "انطالقا من مبدأ . يتضمنها املختلفة اليت من القرآن نفسه وموارده فيه واملعاين العلم ، علم أحوال البشر، ورابعها،، وثالثها األساليب ،ثانيها، وهو ما يعرف بالتفسري القرآين " ببعض

إيليويشري حممد البه.)2(وأصحابهr العلم بسرية النيب،بوجه هداية البشر كلهم بالقرآن، وخامسها )3(:وهي" النص القرآين"يف تفسري " حممد عبده" طرحها جمموعة من القواعد اليت

أو حبمل ، النصما بالتوسع يف معين إالكرميإخضاع حوادث احلياة القائمة يف وقته لنصوص القرآن - . الشبيهيالشبيه عل

رك بعض آخر منه، كما أن تاعتبار القرآن مجيعه وحدة واحدة متماسكة ال يصح اإلميان ببعضه و - . فهم مجيعهيفهم بعضه متوقف عل

ع النصوص اليت اعتبار السورة كلها أساسا يف فهم آياا، واعتبار املوضوع فيها أساسا يف فهم مجي - . وردت فيه

جماال لتـدريب امللكـة كونإبعاد الصنعة اللغوية عن جمال تفسري القرآن، وإبعاد تفسريه عن أن ي - . اللغوية

. نزلت فيهاعند تفسري اآليات اليت. اإلسالمعدم إغفال الوقائع التارخيية يف سري الدعوة إيل -غير [ يف تفسري قوله تعايلقاله حممد عبدهالقواعد ما ومن النماذج التفسريية يف ضوء املؤشرات و

همليوب عضم }7:الفاحتة{ ]املغهم الذين خرجوا عن احلق بعد علمهم به والذين بلغهم شرع "بأ مبا ورثوه من القليل، ووقفا عند ي ودينه فرفضوه ومل يتقبلوه انصرفا عن الدليل، ورضاهللا تعايل

)4(". غري رشيدى هوي علالتقليد، وعكوفا يصنف منهم من بلغتهم الرسالة وصدقوا ا بدون نظر يف أدلتها وال وقوف علف" الضالون"أما

أصوهلا، فاتبعوا أهواءهم يف فهم ما جاءت به يف أصول العقائد وهؤالء هم املبتدعة يف كل دين،

.8ص، سابقمرجع ، تفسري سورة الفاحتة وجزء عم. حممد، عبده ا)1( . 16 -12ص ، املرجع السابق) 2( .137مرجع سابق، ص. حممد، البهي)3( .59ص ،مرجع سابق،تفسري سورة الفاحتة وجزء عم. حممد، عبده)4(




64

قادهم كما تدل عليه مجلة القرآن، وما كان ومنهم املبتدعون يف دين اإلسالم وهم املنحرفون يف اعت منها ي مشارب يغص مبائها الوارد وال يرتوعليه السلف الصاحل وأهل الصدر األول ففرقوا األمة إيل

)1( .الشاربن ترميهم بحجارة م) 3(وأرسل عليهم طيرا أبابيل[ قوله تعايلل هوأيضا ما جاء يف تفسري

حيمل جراثيم ي من جنس البعوض أو الذباب الذ–راملذكو–من اعتبار الطري .}الفيل{ ) ]4(سجيل حتمله الرياح فيعلق بأرجل هذه يبعض األمراض، وأن هذه احلجارة من الطني املسموم اليابس الذ

مل –وأيضا )2(. بإفساد اجلسيم وتساقط حلمهىاحليوانات، فإذا اتصل جبسد دخل يف مسامه وانته أن الكوثر ي عدوه را يف اجلنة ورأيالذ" الكوثر " املقصود بـيكتف بأقوال السابقني يف تفسري

وأن الكوثر النبوة أو العلم ...عناه الشئ البالغ من الكثرة حد اإلفراطمو. صيغة مبالغة من الكثرة" أنه ال يفهم ذلك حيث" اجلنةر يف " أنه شئ حمدد ي من قصروا تفسريه عليعل وعاب)3("واحلكمة . من اآلية

القيم احلاكمة لنظرية املعرفة -4 والقيم احلاكمة هلا من تأثري الظروف "نظرية املعرفة "حول " حممد عبده" آراء – أيضا –مل تسلم

فمن ناحيـة . ومشروعه اإلصالحي ي أثرت بصفة عامة يف منهجه الفكر االجتماعية والفكرية اليت وما يتولد عنها من نظرة مادية للمعرفة حتصر أصحاا يف االعتقاد فقط " الفلسفة الغربية " بشدة انتقد

ـ "زاده اعتقادا بضرورة " أن هذا بكل ما هو مادي ورفض ما دون سواه، ويشري العقاد إيل "نـالدي ين ناحية أخروهذه النظرة جعلت م .)4("لصالح النفوس البشرية وهداية األمم يف حياا االجتماعية

واختذ اإلمام " "للمعرفة البشرية "كمركز أساس يف القيم احلاكمة " التوحيد "ييؤكد عل " حممد عبده " سالحا أكثر مضاء، وحجة أبلغ إقناعا، ملواجهة األفكار املادية اجلديدة بصورة من هذا املبدأ اإلمياين

.)5("عامة بني "التكامل"فكرة " بداهة يهو تأكيده عل" حممد عبده" عند املعريفىوالفكرة األساسية يف املنح

" املعرفـة البـشرية " وكل ما يتعلق ذه الشبكة املنظمـة لعمليـة ) اإلميان / العقل ( )العلم/الدين (

.62، صمرجع سابق ،تفسري سورة الفاحتة وجزء عم. حممد، عبده)1( .156املرجع السابق، ص) 2( .165املرجع السابق، ص)3( .182ص،مرجع سابق . عباس،العقاد) 4(عدد خاص (120 – 119، القاهرة، العدد املسلم املعاصر ، "حول رؤية اإلمام حممد عبده لعالقة الدين بالعلم . "أمحد، فؤاد باشا )5(

. 162، ص2006، )عن الشيخ، حممد عبده




65

الوسطية اإلسالمية إذن هي الفـارق . واليت شكلت صراعا يف الفلسفات الغربية وعناصرها املختلفة لنظريـة "من قـيم " حممد عبده "ووضعيتها املنطقية وبني ما طرحه " بيةالفلسفة الغر " بني ياألساسسالمة املنهج لكل من العقل واإلميان فهـذا " التكامل" مبدأ لتحقيق " حممد عبده "واشترط ". املعرفة

فاملسلمني ما عادوا العلم وال العلم عـاداهم إال " للدين تحقيق الفهم احلقيقي ل يهو الشرط األساس علم عنهم علم الدين بعد عنهم بعدرافهم عن دينهم، وأخذهم يف الصد عن علمه، فكلما من يوم احن

. )1("وكانوا كلما توسعوا يف العلوم الدينية توسعوا يف العلوم الكونية. الدنيا وحرموا مثار العقل،وال شترط أن يدرك العقل جوهر عملـه ووظيفتـه ي" التكامل" مبدأ " فإن – أيضا –كذلك

البد أن ينتهي أمر العـامل " وإذا حتقق ذلك فإنه . يتعداها بالبحث يف قضايا ال ختضع إلدراكه وقدرته صـح ي احلديث الذ سنة القرآن والذكر احلكيم، ويأخذ العاملون مبعين ي تآخي العلم والدين، عل إيل

)2 (."تفكروا يف خلق اهللا وال تفكروا يف ذات اهللا"معناه : مييز بني نوعني من موضوع املعرفـة ومهـا " حممد عبده " بدور العقل وحدوده جند واتصاال

ما يستطيع العقل الوصول إليه هو معرفـة عـوارض بعـض ىالعوارض، واجلواهر ويؤكد أن أقص الوصول إيل إىل قدرة العقل ي تقع حتت إدراك اإلنسان باختالف مصادر معرفته، وينف الكائنات اليت

مل جيعـل إن اهللا " مع سالمة املنهج اإلسالمي يف املعرفـة وهذا يتالءم . أو جواهرها " األشياء هكن" )3 (".عرفة العوارض واخلواص م اكتناه شئ من الكائنات، وإمنا حاجته إيل لإلنسان حاجة تدعوه إيل

ما فيـه أن العقل وحده ال يستقل بالوصول إيل "من " حممد عبده " ما قرره – أيضا –ويتصل بذلك )4 (."بل البد معها من السمع إلدراك املسموعات...سعادة األمم بدون مرشد

نظريـة يف " حممد عبده "واليت يطرحهابني عناصر نظرية املعرفة " التكاملية" فكرة ونصل هنا إيل وكيف أا " املعرفة البشرية " يوضح فيها املصادر الرئيسة لتحصيل واكتساب واليت "اهلدايات األربع "

اإلنسان أربع هدايات يتوصل منح اهللا تعايل فقد . " تتكامل لتحقيق الغاية منها وهي سعادة اإلنسان ، الثانية.هداية الوجدان الطبيعي واإلهلام الفطري وتكون لألطفال منذ والدم ، أوالها: سعادته ا إيل

ويشارك فيها اإلنسان احليوان هداية احلواس واملشاعر وهي متممة للهداية األويل يف احلياة احليوانية، وهي هداية أعلي من هداية احلـس ... هداية العقل ،الثالثة. األعجم بل هو فيها أكمل من اإلنسان

يغلـط حيث : الدين ،اهلداية الرابعة .واإلهلام وهو الذي يصحح غلط احلواس واملشاعر ويبني أسبابه ستخدام حواسه وعقله فيما فيـه سـعادته إدراكه كما تغلط احلواس وقد يهمل اإلنسان ا العقل يف

.201ص، ،مرجع سابقاإلسالم بني العلم واملدنية. حممد، عبده)1( .188املرجع السابق، ص) 2( .51ص، ،مرجع سابقرسالة التوحيد. حممد، عبده)3( .118املرجع السابق، ص) 4(




66

تورده الشخصية والنوعية ويسلك ذه اهلدايات مالك الضالل فيجعلها مسخرة لشهواته ولذاته حىت ترشدهم يف ظلمات أهوائهم هداية الدين) هذه اهلداية الرابعةلذلك احتاج اإلنسان إيل (موارد اهللكة مث إن مما . هلم ليقفوا عندها ويكفوا أيديهم عما وراءها عقوهلم وتبني هلم حدود أعما يإذا غلبت عل

عرف لـه األكوان ينسب إليها كل ما ال ييأودع يف غرائز اإلنسان الشعور بسلطة غيبية متسلطة عل وال . ألا هي الواهبة كل موجود ما به قوام وجوده وبأنه له حياة وراء هذه احليـاة احملـددة بسب

خلقه وسواه بتلك اهلدايات الثالثة إنـه يف أشـد يلك السلطة الذ ت صاحب إىليستطيع أن يصل )1 ( ". وقد منحه اهللا إياها– الدين – هذه اهلداية الرابعة احلاجة إيل

يقرر التقاء العقل مـع فإنه كحاكم لنظرية املعرفة عند حممد عبده "التكامل" مبدأ وانطالقا من الفطرة والغريزة، أما الصراع والتنـاحر كمـا يما وذلك مبقتض الوجدان دون صراع أو تناحر بينه

أي وجود )2 (." النفوس يعروض العلل واألمراض الروحية عل "اعتقدته الفلسفة املادية فإنه يرجع إيل منهما كما حددته الفطرة واخللقة، لذا فهو يربط بني ارتقاء اإلنسان خلل يف إدراك حقيقة وظيفة كل

ي وتنقية وجدانه مما علق به من شوائب مادية نتجت عن النظرة احلسية للمعرفة وبني يف العلم احلقيق يظنه مسيو ي النحو الذي يستحيل عليه أن يلبس لباس املادة عل يالذ " إدراك اهللا أو التوحيد الواجب

)3 (." وأمثاله ألن ما ال حد له حمال أن حتيط بوجوده احلدودتوهانوفهناك معرفة "إمنا تأيت من وجه آخر يراه حممد عبده فيما يتعلق بطبيعة املعرفة، " يةالتكامل"وهذه

بعيدة، واحلواس تستطيع إدراك النوع األول، بينما العقل خيـتص بالقـسم يقريبة ومباشرة، وأخر هـذا وهو امتداد لتقريراته السابقة حول وظيفة وسائل املعرفة اليت تتباين يف مدركاا ولكن .الثاين

منحنا العقل للنظر يف الغايات، األسباب واملـسببات، " التباين مؤد بالضرورة إىل التكامل واالنسجام فهمـا عينـان ... والوجدان إلدراك ما حيدث يف النفس والذات –والفرق بني البسائط واملركبات

كل منـهما وال البعيد، وهي يف حاجة إيل متد إيل ي القريب، وأخر يللنفس ينظر ما، عني تقع عل والوجدان السليم أشد ، فالعلم الصحيح مقوم للوجدان ى يتم هلا االنتفاع باألخر تنتفع بإحدامها حىت

والدين الكامل علم وذوق، عقل وقلب، برهان وإذعان، فكر ووجدان فإذا اقتصر دين .أعوان العلم ولن يتخالف العقل ،ى األخر يقائمتيه، وهيهات أن يقوم عل ى أحد األمرين فقد سقطت أحد يعل

) 4 (." يكون اإلنسان الواحد إنسانني، والوجود الفرد وجودينوالوجدان حىت

.52- 51ص، ،مرجع سابقتفسري سورة الفاحتة وجزء عم. دحمم، عبده)1( .187ص، ،مرجع سابقاإلسالم بني العلم واملدنية. حممد، عبده)2( .81املرجع السابق، ص) 3( .187ص، سابقالرجع امل)4(




67

احلديث ليست هي يف العصر نهج الغريبيها امللعتمد عا اليت" التجربة"ونستنتج من هذا النص أن ـ فـوق " احلقـائق إدراك يتلك املعتمدة عند حممد عبده فهو يعتقد اعتقادا جازما بقدرة العقل عل

ـ وأنه املقياس األول للمعرفة ألن احلس يعطينا ظاهر " التجربة ياألشياء القريبة بينما العقل قـادر علالعلم "أو " الوجدان والعقل"أو " احلس والعقل"إال أن احلقيقة عنده هي مجاع بني . الغايات النفاذ إيل

". والدين العقل املسلم هو ما يتعلق بتغافل العقـل يها لد حيتصح" حممد عبده " حاول ومن املفاهيم اليت

" موضـوع " العقل املسلم السيما يف يعل" باتثال"وهيمنة مفاهيم " السننية"أو " السببية"املسلم عن إمنا ترتبط بأسباب وسنن وليست مطلقة " اخلريية" أن هذه أقرها القرآن؛ حيث أشار إيل اليت" اخلريية"

يف فهم ما ورد يف دينه من أن املسلمني خري األمـم، وأن العـزة والقـوة أخطأ املسلم فقد "لذاا وإن مل ه الشأن تابعة للفظ ةن أن اخلري مالزم لعنوان املسلم، وأن رفع فظمقرونتان بدينهم أبد الدهر،

)1 (".يتحقق شئ من معناهـ أصل آخر وضع لتقومي ملكات األنفس "إن االعتبار بسنن اهللا يف اخللق طريـق ي القائمة عل

ومن حضر ي ذلك هو أصل العربة بسنة اهللا فمن مض–اإلسالم وإصالح أعماهلا يف معادها ومعاشها قد خلت من قبلكم [ آثار سريهم فيهم فمما جاء يف الكتاب العزيز مقررا هلذا األصل من البشر ويف

سنة اهللا في الذين [ }137:آل عمران{ ]ان عاقبة املكذبنيسنن فسريوا في األرض فانظروا كيف كسنة اهللا التي قد خلت من قبل ولن تجد [ }62:األحزاب{] خلوا من قبل ولن تجد لسنة اهللا تبديلا

هذا يصرح الكتاب أن هللا يف األمم واألكوان سـننا ال تتبـدل ويف. }23:الفتح{ ]لسنة اهللا تبديلا شرائع أو ي تسم حسبها تكون اآلثار، وهي اليتي عليها الشئون وعلي جتروالسنن الطرائق الثابتة اليت

ن نظام اجلمعية البشرية وما حيـدث أ به الكتاب ي يناد يإن الذ . نواميس، ويعرب عنها قوم بالقوانني ما يطلب السعادة يف هذا االجتماع أن ينظر يف أصول يحد ال يتغري وال يتبدل، وعل فيها هو نظام وا )2 (". عليه سريته وما يأخذ به نفسه يرد إليه أعماله ويبينهذا النظام حىت

.100، ص،مرجع سابقاإلسالم بني العلم واملدنية. حممد، عبده)1( .21 – 20ص، سابقالرجع امل)2(




68

على شريعيت: ثالثا براز فجاءت هذه املؤلفات دف إىل إ، "اهلدفية " اتسمت كتابات شريعيت ومؤلفاته خباصية

إن الكتاب الواحد تربز فيه عدة أفكار : بل ال نبالغ إذا قلنا... تراثأو نقد، أو معاجلة واقع، فكرة ،أو مقالة ،سواء كان ذلك يف حماضرة أو درس، قد وضعه شريعيت ليحققه ترمى إىل معاجلة هدف ما

كما ، املفكرين عندرف عليه معا بعيدا عن اإلنشاء املتعا والعمليكما اتسمت كتاباته بالطابع العلمي . أو تأمال جيعلك تقرب أكثر من فكره ، طالع يف كل فقرة فكرة جديدةن أن ناميكن

" اإلسالم "احلضارية يف فكر شريعيت اهتم بإبراز " مركزيته"و ، "حمورية الدين" انطالقا منوضع منهجية للتعرف وأهم ما عىن به هو و، "املعرفيةاملسألة " كمنهج فكرى وتربوي وحضاري يف

كما أنه ، )له أمهية أعظم من الفلسفة والعلم ( وذلك ألن شريعيت يرى أن املنهج ، على اإلسالمومن هنا فقد رأى شريعيت أنه من الضروري وضع ، " إجياد التقدم أو االحنطاط " العامل األساسي يف

فاإلسالم ليس : م يف مقابل احملدوديةمشولية اإلسال:وأهم قواعد هذا املنهج هي ، منهج ملعرفة اإلسالم متعددة وشاملة له جوانببل، دينا حمدودا يف جانب واحد من جوانب احلياة والكون واإلنسان

، ويوضح أبعاد احلياة اإلنسانية ، يف منهج عالئقي ،فاإلسالم يوضح العالقة بني اإلنسان وربه . فهو دين احلضارة والتمدنولإلسالم بعد حضاري، وطريقة املعيشة على األرض

بعدا استراتيجيا مهما يف فكر شريعيت وارتبط من ) العودة إىل الذات ( مثلت فكرة وقد وهي نفس األفكار تقريبا اليت ظهرت عند أصحاب االجتاه اإلسالمي ، أخري بفكرة بناء الذات ناحية

" شريعيت نفس هذا العنوان وقد محلت إحدى كتابات، ال سيما سيد قطب ، يف فترة الستينياتبناء ": أمهها، بينما أوضحت كتابات أخري مفاهيم أساسية يف بناء الذات ، "العودة إىل الذات وقد تضمنت هذه املؤلفات عدة أفكار ومفاهيم و ."االستحمار النباهة و" ، "الذات الثورية

. إلسالميا لإلصالح "األسس املعرفية" أسهمت بشكل جلي يف حتديد تأطروحاأي العودة " الذات أصالةتتضمن العودة إىل " العودة إىل الذات " يوضح شريعيت أن قضيته و

أو نظام عقيدة ، أو وراثة، وإىل اإلسالم ال كتقليد ، "إىل الثقافة اإلسالمية واأليديولوجية اإلسالميةوأحدث املعجزة يف ، الوعي وإميان بعث،بل إىل اإلسالم كأيديولوجية، موجودة بالفعل يف اتمع

يف " الذات اإلسالمية"كما أن عناية شريعيت بالذات واهتمامه ا جاء إلبراز تفرد ، هذه اتمعات: ويف ذلك يقول ، " اإلسالمية " مكوناا وعناصرها عن غريها من الذوات اليت ال حتمل هذه الصفة

عل شعارنا هو العودة إىل هذه الذات نفسها ؛ إن منطقنا هو الذات اإلسالمية نفسها وينبغي أن جن" وهي الثقافة الوحيدة اليت ال تزال حية حىت ، ألا الذات الوحيدة القريبة لنا ومنا من بني كل الذوات

."وهي الروح واإلميان واحلياة الوحيدة يف اتمع اآلن ، اآلن




69

يــاإلصالح الدين-1ه استبداد رجال الدين والذين تـسلطوا هاجيف مو " ديين كهنويت استبداد " انتقد شريعيت ما أمساه

على العقل الشيعي يف ظل التأثرات السلبية ملفهوم الغيبة يف اتمع الشيعي واليت امتدت لعدة قـرون وظـل العقـل ،تعطلت فيها كثري من الفعاليات االجتماعية والسياسية بدعوى انتظار اإلمام الغائب

ورأى شريعيت أن هذا االستبداد ناتج عن ظاهرة أخـرى ،بس الفكري املذهيب الشيعي رهني هذا احمل يشري إىل من حيمـل علمـا دون أن وهو مصطلح منحوت من القرآن الكرمي -"االستحمار " هي النباهـة "تزييف ذهن اإلنسان ونباهته وشعوره، وحرف مساره عن " ويقصد به شريعيت - )1(ينتفع

" هاتني النباهتني "وأي دافع عمل على حتريف . ، فردا كان أم مجاعة "الجتماعيةالنباهة ا "و" اإلنسانيةوإن كان من أكثر الدوافع قدسية وأقدسـها ! أو فرد أو جيل أو جمتمع عنهما، فهو دافع استحمار

إن أي عمل ومهمة سوى هاتني النباهتني، أو ما يعد يف طريقهما، ما هو إال وقوع يف العبودية، . امسا )2 (".وإن كان عمال مقدسا وموضوعه مهم جدا . هاب ضحية لقوة العدو و االستحمار املطلقوالذ

" تأميم الـدين "وذلك يف ضوء ومن هذه الظاهرة خرجت ظاهرة أخرى هي االستحمار الديين هذا الـدين أطلـق عليـه ،وفقهائه " وعاظ السلطان " حيث أصبح الدين مهنة وحرفة خرج منها

هذا الـدين " شريك املال والقوة .. الدين احلاكم .. الدين االستحماري .. الدين املضلل " شريعيت .تشويه الرؤية التوحيدية واحلضارية ،تغييب العقل ، تزييف الدين احلقيقي : حيقق أزمات ثالث هي

امـا استحمار قدمي و استحمار حديث كاالستعمار مت " االستحمار نوعان كما يصوره شريعيت وو االستحمار كما ذكرنا دافع الحنراف، أو طلسمة الذهن وإهلائـه عـن . فمنه قدمي ومنه حديث

هـذا . ، وإشغاله بكل حق أو باطل، مقدس أو غري مقدس "الدراية االجتماعية "و" الدراية اإلنسانية " )3(".استحمار حديث"و " استحمار قدمي"إال أن هناك . تعريف جامع لالستحمار

بعد انقضاء فترة األنبياء العظام الذين بلغوا الـدين واضـحا " فتبدأ الدين االستحماري خيية أما تار وصادقا يف ذروة احلقيقة، وقع مصري الدين يف أيدي قوات استحمارية مضادة لإلنسان، تتسمي بأمساء

). القسيسني(طبقة ، و )الرهبان(، وطبقة )الصوفية(، والطبقة )املعنوية(، والطبقة )الروحانية(كالطبقة ألن الـدين يعـتين – االستحمار الفردي واالجتماعي –فاختذوا من الدين وسيلة الستحمار الناس

ل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل احلمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين مث[وهو املشار إليه يف قوله تعاىل ) 1(

الظالمني مدي القوهاهللا لا يات اهللا ووا بآي5:اجلمعة{] كذب { . 100 ص، 2004، دار األمري، بريوت، هادى السيد ياسني: رمجةت ،النباهـــة واالستحمار. علي ،شريعيت) 2( .108املرجع السابق، ص) 3(




70

" الدراية االجتماعيـة "و" الدراية اإلنسانية"ويهتم بكليهما، وباألخص اإلسالم احلنيف، الذي يشمل )1 (".الدراية الفردية"و

أمناطا من الدين تفوقت ، باسم الدين " االستحمار"و" الستبداد ا" وقد نتج عن هاتني الظاهرتني الوضع القائم عرب يسعى دائما إىل تربير "على الدين احلقيقي مها الدين التربيري أو دين الشرك الذي

ترويج املعتقدات ذات الصلة مبا وراء الطبيعة ويسعى إىل حتريف االعتقاد باملعاد واملقدسات والقوى ليقنع الناس بأن وضعهم الراهن هو الوضع األمثل الذي جيب ويشوه املبادئ العقائدية والدينية الغيبية

والدين األفيوين .)2("أن يرضوا به ألنه مظهر إلرادة اهللا تعايل وهو املصري احملتوم الذي كتبه اهللا عليهم هو قول صـحيح ال " اء ليخضع الناس للذل واهلوان واجلهل والتخلف واملصري اهول ج "يذالهو

)3 (.ميكن إنكاره والنيل منه يف أيدي السلطة املستبدة أداة لتطويع الناس ألهوائهم وذلـك -طبقا ملا سبق -وقد أصبح الدين

الـدين "بعد تفريغه من مضمونه احلقيقي واألصلي لذلك فهو يفرق بني حقيقة الدين اليت تتمثل يف الـذي " الدين األفيوين "و" الدين التربيري "فات املوجودة، وبني الذي يرفض ويقاوم االحنرا " الثوري

يكون هدفه األساسي تربير االحنرافات القائمة وإخضاع الناس هلا باسم الدين، نظرا ملا حيتله الدين من ". دينا مزيفا مضلال"مكانة كبرية يف وجدان املسلمني وهو ما حيذر منه شريعيت ويعتربه

املعطيات الفكرية واالجتماعية وجد شريعيت ضرورة اإلصالح الديين وذلك إلزالة يف ضوء هذه ، و الفاسد هنا كما يؤكد -واإلصالح ضد الفساد ونقيضه ،كافة العوائق يف طريق النهضة املنشودة

والذي اختلط بأصوله ونقائه شوائب فكرية عديدة، لذلك " فهم الدين "شريعيت ليس هو الدين وإمنا ".إعادة النظر يف رؤيتنا وفهمنا للدين"يؤكد أن املقصود باإلصالح الديين فهو

تنقية سياق التفكري الديين والعودة به إىل منبعـه " الديين بأنه ح وحيدد شريعيت املقصود باإلصال وطرد وإبعاد العناصر اخلارجية اليت امتزجت منذ زمن طويل بسياق فكرنا . اإلسالمي الصايف األصيل

، والتمييز الطبقي، ةالعقيدي والديين، العناصر اليت صنعتها النظم االستبدادية، والثقافات األرستقراطي علـى امتـداد قـرون تارخينـا " اجلهل"كل فكر مصلحي زرع يف أرض :واملصاحل السياسية، أعين

)4 (".اإلسالمي، صالح وليس اإلسالم يف ذاتـه إن العقل املسلم وآلياته وأدوات تشغيله هو الذي حباجة إىل اإل

طبقا لسنن التغري االجتمـاعي ، وهنا تبدو احلاجة أصيلة إىل تطوير رؤيتنا حنو أنفسنا وديننا والعامل

.109املرجع السابق ، ص) 1( . 42 ص، 2003 ،دار األمري، بريوت، حيدر جميد : ترمجة ،دين ضد الدين. علي،شريعيت)2( . 47 – 46ص،املرجع السابق )3( .11ص، ابقمرجع س، األمة واإلمامة. علي،شريعيت)4(




71

ومصادرنا الفكرية الغنية من جهة أخرى وذلك لتحقيق اللقاء النـاجز ، وحاجات العصر من ناحية حيث ال إصالح ديين يف اإلسالم، مبعـىن " متغرياته والفاعل بني اإلسالم والواقع املعاش مبستجداته و

إعادة النظر يف رؤيتنا وفهمنا الديين، والعـودة إىل اإلسـالم احلقيقـي، "إعادة النظر يف الدين، بل والتعرف على ... واملعرفة الدقيقة والعلمية لإلسالم ... والوقوف على الروح احلقيقي لإلسالم األول

. )1("ملسئولاإلسالم الفاعل اإلجيايب اأن اإلصالح الديين حينما نستخدمه مع اإلسالم فال يعين إصـالح " -أيضا– ويضيف شريعيت

الدين، بل هو ألصق مبعين النهضة اإلسالمية، اليت جتسد فعاليتها عن طريق النضال ضـد اخلرافـات الطبقية والصنفية، والنفي احلاسـم واجلمود و االستحمار والرجعية والتعصب األعمى، و املصلحية

توجيه النظم الطبقيـة واالسـتبدادية، وختـدير :لكل ما يطرح وميارس باسم اإلسالم والتشيع من علـى اسـتخدامه أداة للحلـف " اهللا"اجلماهري، ومسخ العقل وحرية الفكر وواقعيته، وقصر اسم

سببا للبكاء، " الشهادة" يف التوسل، و واسطة" األئمة"وسيلة لالستخارة، و " القرآن"والقسم، واختاذ أداة لتوجيه احلاكمية القهرية للظلم واحملكومية اجلربية للعدل، واإلبطال التام لكـل " اإلمام املنتظر "و

. )")2ضة وقيام وإلغاء مسؤولية كل حركة وإقدام ـ األساس تقوم على يف" منهجية"هي دعوى " إسالمية ةبروتستانتي"ومن هنا فإن دعوة شريعيت ل

من أسر الفهم التراثي املرتبط بالظرف الزماين واملكاين وعوامل معرفية وتارخيية " الفهم الديين "حترير . العودة األصيلة إىل املنابع األوىل لإلسالم يف صفائها ونقائها، مث ،وأيضا بالفهم االستبدادي ، متعددة

كما فعل العلمانيون بل كانت ثورة على اجلمود . المإن ثورة شريعيت الفكرية مل تكن ثورة على اإلسعامـة "أو " رجال الـدين "والتقليد واخلرافات واالستبداد الذي طرأ على الفكر الديين سواء عند

، هذه الثورة تنشد استعادة وإحياء منظومة القيم اإلسالمية الناهـضة والعـاجزة يف الواقـع "الناسرية واجلهاد واستبدال الطاقة النفسية املنتصرة باحلالة الوجدانيـة املساواة واألصالة واحل : االجتماعي

وهذا من وجهة نظـر طريـق ". الروح االجتهادية والنقدية"املهزومة من املسلمني أي بعث وإحياء التحرر واإلصالح واإلبداع الذي ينجح يف جتاوز حالة التراجع واالرتقاء والصعود للنهضة اإلسالمية

: )3( شريعيت معامل هذه الربوتستانتية واليت يعول فيها على دور املفكر كما يلي وحيدد،املنشودة باستخراج الكنوز الثقافية العظيمـة تمعنـا – وهو املهندس الثقايف يف اتمع –يقوم املفكر -1

. وتنقيتها، وتبديل هذه املواد اليت سببت االحنطاط واجلمود إىل طاقة وحركة

. 14ص ، مرجع سابق، األمة واإلمامة. علي،شريعيت)1( . 16املرجع السابق، ص) 2( .236،ص1988، 2الزهراء لإلعالم العريب ط، القاهرة ، األيديولوجية..اجلذور..الثورة اإليرانية.إبراهيم الدسوقي،شتا )3(




72

جتماعية والطبقية من باطن جمتمعه إىل ضمري هذا اتمع ووعيـه بالقـدرة ينقل التناقضات اال -2املتاحة له عن طريق الفن والكتابة واحملاضرات وغريها من اإلمكانات، ويلقى وعيـه االجتمـاعي، وعلمه النبوي الباعث للحياة يف ليل الناس وشتائهم، هذه هي نفس النار اإلهلية اليت يبثها برومثيوس

.لإلنسانشـاطئ "و" جزيرة أهل الفكـر "يعقد جسرا من القرابة واأللفة والتفاهم واملشاركة اللغوية بني -3

اللذين ابتعدا كل عن اآلخر، ويزداد ابتعادمها مبرور الوقت، وذلك ليجعل الدين الذي نزل يف " الناس . األصل للحياة واحلركة يف خدمة احلياة

4- ا وتدافع عن يرتع سالح الدين من أيدي القوة اليت سذا السالح حىت متارس سلطا لحت زورا . سيطرا، وذه الوسيلة جيرد معارضيه من أسلحتهم، وتكون القوة الالزمة لتحريك الناس يف يده

عن طريق القيام ببعث – وهي القوى اليت ال يزال املفكر يقوم بتعضيدها –يشل قوى الرجعية -5ياة واحلركة والقوة والعدالة، ويقوم بتخليص الناس من األسباب وضة دينية، أي عودة إىل دين احل

اليت أدت إىل ختديرهم وتوقفهم واحنرافهم وخداعهم، وجيعل نفس هذه العناصر وسيلة إحياء وتوعية وحركة ونضال ضد اخلرافات، واستنادا على ثقافته األصلية يقوم بتجديد مولده وإحياء شخـصيته

اإلنسانية، وبطاقة هويتها التارخيية واالجتماعية يف مواجهة اهلجـوم الثقـايف الثقافية، وجيدد هويته . للغرب

فالتشيع هو مذهب االعتـراض –وخباصة شيعية " بروتستانتية إسالمية "وأخريا بتأسيس حركة -6تبـدل الـروح –اجلهاد واالستشهاد املستمران : األصالة واملساواة واإلرشاد، وتارخيه : وأسسه هي

ة املخدرة االستسالمية للدين الفعلي املوجود عند اجلماهري، إىل روح اجتهاديـة واندفاعيـة التقليديواعتراضية ونقدية، ويستخرج هذه الطاقة العظيمة املتراكمة يف أعماق جمتمعـه وتارخيـه، ويقـوم

. يلهبتصفيتها، ويهب اتمع منها مواد مولدة للحركة وعناصر باعثة للحرارة، فينور عصره ويوقظ جفحقيقة الدين عنده هي الثـورة ، وقد جعل شريعيت من الثورة واملقاومة احلقيقة األصيلة لإلسالم

الـوعي : ومن مث فاإلسالم يكسب معتنقيـه ، على األوضاع ومقاومة االحنراف والرضوخ والتربير الـدين –ا الـدين إن السمة األساسية هلـذ " واالعتراض ، والطاقة احملررة ، واملسئولية ، والنقد ،

بدأ الرضوخ لألمر الواقع أو اختاذ مبنه يتفادى تربير الوضع القائم تربيرا دينيا وال يؤمن إ –التوحيدي الحظوا حركة األنبياء، سوف يتضح لكم أن األديان التوحيدية، . موقف الالمباالة حيال ما حييط به

ائب والتحريف، تتسم عادة بطابع رافـض خاصة يف مراحل ظهورها األوىل أي فترة نقائها عن الشو للوضع القائم ونزعة ثورة ومترد على كل جور وفساد، وهذا التمرد والطغيان يأيت متـصاحبا مـع




73

" العبودية واخلضوع ملوجد الكون، واالنقياد لقوانني الوجود اليت تتجلى فيها اإلرادة والقدرة اإلهليتان )1( .

اجتماعي طبقي فاسد يسوغ لبعض الطبقات استغالل الطبقـات نه حركة ثورية ملواجهة وضع إودف هذه احلركة إىل استبدال الوضع القائم بوضع آخر مثايل وحتقيق هدف حمدد للحياة . األخرى

ـ وهو حترير قوم من األسر وإرشادهم إىل األرض املوعودة وتأسيس جمتمع يقوم على دعامة العق دة يعبادة الطاغوت، والقضاء على الطواغيت الذين يربرون شـىت أنـواع والرسالة االجتماعية الرافضة ل

. العنصرية والتمييز، ومن مث إقرار مبدأ التوحيد لكي تتجلى فيه الوحدة البشرية والعدالة االجتماعيـة )2(

ولكن أي نوع من ، ويقوم املفكر بالدور الرئيسي يف عملية اإلصالح املعريف الديين عند شريعيت هو وحده القادر على محل رسالة النهضة " املفكر املسلم "كرين؟ يصرح شريعيت بكل وضوح بأنه املف

اإلسالمية واإلصالح االجتماعي وما يتطلبه من توعية اجلماهري وإعادة تشكيل أفكارها من جديـد هـم ألن املفكرين املسلمني ،وتكوين مفاهيمها اليت مسخت بسبب املفكرون املقلدون واملتعهدون ،

وحدهم الذين يدركون حقيقة اإلسالم وعندهم القدرة على الوصول إليها وتوصيلها إىل اتمع الذي ممن ال تكبله مصلحة الـصنف " جيب أن يكون -حبسب شريعيت -وهذا املفكر املسلم ، فصل عنها

التها، ويعد ومنفعة الشغل حفظ السمعة الدينية، ومن يرى حرمة حلوزتنا العلمية الدينية، ويعتقد بأص املسجد واملنرب واملدرسة احلوزوية معقال لصيانة الثقافة اإلسالمية ولالستقالل املعنوي، وملجأ جلماهري

علـى اخلطيـب – يف خلق النهضة اإلسالمية وإيقاظ األمة وحتريك الفكر –األمة، ويعقد األمل فال ينبغي لنا أن نتجنب النقد، –وطالب العلوم اإلسالمية بشكل أكرب مما يأمل يف اجلامعي وأستاذه

)3( ...".وجيب علينا السعي ذا االجتاه ما أمكننا السعي، وإن كان الثمن التضحية بالنفسعلي ة رؤية شاملة منفتحة ومتطورة وقدر اذ" جيب أن يكون -قائد النهضة – واملفكر املسلم

إحساس باالرتبـاط التـارخيي ا منطقيا، وذ إدراك أوضاع العصر واتمع الذي يعيش فيه وحتليلها والطبقي والقومي والبشري ورؤية واجتاه اجتماعي حمدد، والبد له أيضا من إحساس باملسئولية وهي

)4 (".وليدة نفس ذلك الوعي اإلنساين اخلاص، الوعي بالذات والوعي بالعامل والوعي باتمع

.41ص، ،مرجع سابقدين ضد الدين. علي،شريعيت) 1( . 42لسابق، صاملرجع ا) 2( . 22، ص األمة واإلمامة. علي،شريعيت)3( . 22املرجع السابق، ص ) 4(




74

داـــاالجته-2تلت مكانا بارزا يف جتديد الفكر الديين عند شـريعيت دعوتـه إىل إحيـاء من الدعوات اليت اح

وقد دعا شريعيت إىل االجتهاد ليس يف ميدان الفقه فقط وهو املعىن القريب هلذا املصطلح، ،"االجتهاد " لفقهولكنه دعا إىل التجديد واالجتهاد يف املنظومة الثقافية اإلسالمية يف مداها الواسع والذي يبدأ من ا

لعملية التنوير اليشمل ميدان الفكر كله ؛ لذا فإن اتهد باعتباره قائد " الزمان واملكان "مبراعاة بعدى باإلدراك العلمي للعصر، والرؤية -باإلضافة إىل الشروط التقليدية -واهلداية يف اتمع البد وأن يتمتع

ث الثقافية والفكرية واالجتماعية والسياسية كل األحدا "املستقبلية، أما االجتهاد فيشمل عند شريعيت ".واالقتصادية واإلنسانية

ويرى شريعيت ضرورة االجتهاد واحلاجة إليه يف ضوء تطور احلياة االجتماعية والواقـع املعـاش إن حقيقة االجتهاد تكمن " بصورة مل تعد كتب الفقه القدمية قادرة على تلبية احتياجات هذا التطور

قوانني واملقررات العامة للشريعة وأحكام الفقه املدونة قد ال تـستوعب مجيـع احلـاالت يف أن ال االجتماعية بالتفصيل نظرا لتعدد خصوصيات الزمان واملكان وتبدهلا وتبدل النظم االجتماعية الـيت

طلبـات تنبثق عنها ما جيعل احلاجة ملحة لفتح باب االجتهاد املتحرك لكي يليب اتهد عرب ذلك املت )1 (".املستجدة

-من الناحية الفقهية مضيفا إليه البعد االجتماعي واملعاصـرة - ويعرف شريعيت االجتهاد وشروطه استنباط األحكام علي حسب القواعد العامة ومع األخذ بعني االعتبار روح الشريعة الـسمحاء "بأنه

دا إيل األصول األربعة متمثلـة بالكتـاب وأهدافها وخصاهلا الكلية من العدل واملساواة وذلك استنا والسنة والعقل و اإلمجاع، ليخرج بأحكام وفتاوى تتالءم مع الواقع الراهن وقادرة علي تلبية وإشباع الطلبات املتنوعة للتزود بأحكام الشريعة يف خمتلف الوقائع ويف كافة ااالت القضائية واالقتـصادية

)2(".والسياسية وغريها " ن الناحية العلمية يرى شريعيت أن عملية االجتهاد البد أن يتوافر فيها شرطان مهـا مراعـاة وماالجتهاد هو البحث العلمي حبرية من قبل باحث مسئول، ولـيس الباحـث "،" الناس " و" احلرية

الذي يريد أن يكشف احلقائق من أجل الكتب واملختربات واجلامعات، بل والباحث الـذي يقـوم ثه من أجل الناس، ومصري الناس، والفهم األفضل للعقائد، والعرض اجلديد للحلول، واالستجابة ببح

)3 (".ملطالب العصر، وطرح ضروريات احلياة االجتماعية، وتنوير جمتمعه وهداية الناس

.277،صالتشيع العلوي والتشيع الصفوي. علي ،شريعيت) 1( . 277املرجع السابق، ص ) 2( . 261ص ، 1996إبراهيم الدسوقي شتا، القاهرة، دار األمني : ترمجة ،عن التشيع والثورة.علي ،شريعيت)3(




75

هو تأكيد ألصالة فكرة التجديد يف اإلسالم ومقاومـة التقليـد -أيضا– واالجتهاد عند شريعيت واالجتهاد هو "وإعادة ثقة املسلم بدينه وشريعته ، وأن الشريعة صاحلة لكل زمان ومكان ، اجلمودو

املسئولية املتميزة والثقيلة للمذهب الشيعي واليت توضع علي كاهل العامل احملقق حىت مينح فهم املذهب لعلم ووعـي النـاس، وتفسريه يف األذهان واألفكار، واإلدراك العلمي للعصر تطويرا حبسب تقدم ا

إمكان كشف وفهم أفـضل سرييوجيعل تطبيق اإلسالم ومدرسته ممكنا جييب حاجة العصر ومبيزان لتلك احلقائق، وأهم من كل هذا أن الرسالة العظيمة للعامل أنه جيب أن يقدم أحكاما وتفـسريات،

، مث يطرح )1("ذا العصر وجيله وفهما جديدا مناسبا للعصر، ومناسبا حلاجة العصر وضروريات أهل ه "...شريعيت دعوة إلعادة تفسري العقائد وجتديد الفقه اإلسالمي مبا يتفق مع تغري احلاجات وتطورها،

ودور .. ينبغي أن يتطور وتتفتح روح الفقه اإلسالمي ورؤيته وتفسريه للعقائد واستنباط األحكـام ـ ..الفقه اإلسالمي علي يد جمتهد مسئول ر ومـسئول حبـسب تغـري االحتياجـات أي باحث ح

يطرح االجتهاد نفس مسئولية العـامل يف اهلدايـة .. رة أخري م..ومن هنا . والضروريات وتطويرها ذه اخلصوصية والثقـل .. الفكرية والعلمية للمجتمع وطوال تطور الزمان وتغري القيم واالحتياجات

)2(".والصراحة رتبط بالقضايا الـيت ـم الواقـع ومن الناحية املوضوعاتية يرى شريعيت أن االجتهاد جيب أن ي

ومن القضايا اليت رأى شريعيت ضرورة أن يتناوهلا العقل ، ويستجيب ملتغرياته و مستجداته اإلسالمي ، وغزو الثقافة الغربيـة ، وتفرقها ، وختلف الدول اإلسالمية ، الصهيونية واالستعمار :ياالجتهاد

،واالسـتغالل ، ورفض التـاريخ ومـسخه ، ومسخ الثقافة اإلسالمية وغربة اجليل اجلديد املتغرب ...واملشكالت الطائفية، واالحنطاط الفكري للمسلمني

أوالها شريعيت اهتمامه نظرا الرتباطها التارخيي بالعقل من أكثر القضايا اليت " النتظارا" وعقيدة الشيعي وتأثرياا السلبية املتعددة على مستوى الفرد واجلماعة الشيعية واليت أدت إىل تعطيل كامـل

وقد طـرح شـريعيت اسـتبدال .لكافة مناشط احلياة االجتماعية والسياسية وكرست قيمها الدولة و احلركة والعمل بالكسل والتعطل الذي أرادته الدولة الـصفوية ،نتظار السليب االنتظار االجيايب باال بعودة اإلمام تعطيل اإلسالم ببعده االجتماعي وعدم إعادته إىل مسرح احلياة إال "واليت عملت على

. )3( " وظهوره من جديد الغائب يف وم يف جوهره على التحـول العقلـي وقدم شريعيت طرحا منهجيا يعاجل به مسألة االنتظار يق

، فبدال من أن نسأل عن كيفية الغيبة ونوع احلياة لإلمام الغائـب ، التساؤالت املرتبطة ذه املسألة

. 261ص ، سابقمرجع ،عن التشيع والثورة.علي ،شريعيت)1( . 261املرجع السابق، ص ) 2( .262ص، ،مرجع سابقالتشيع العلوي والتشيع الصفوي. علي،شريعيت)3(




76

أية قيمة إلميان أي إنسان أو مجاعة أو أمة أساسا بإمـام الزمـان " نطرح القضية بشكل آخر وهي مث نستنبط ! تها من وجهة نظر احلياة االجتماعية املعاصرة ؟ وما قيم .. وباالنتظار وبثورة آخر الزمان

وأن نفهم مسئولياتنا جتاه هذه العقيدة يف عصر .. املفاهيم واألهداف املوجودة يف هذا املبدأ العقائدي إىل " االنتظـار الـسليب " ومن هنا فإنه يؤكد على ضرورة حتول )1(،"ونفهمها ونعمل ا ..الغيبة

.ضاع القائمة واالحنرافات ويقاوم االحنطاط الفكري والقيمي اعتراض على األو وكان هلـا تـأثري قيمـي يف العقـل - يف هذه القضية - ومن أبرز األفكار اليت دشنها شريعيت

ترعـى املبـادئ -يف ظل الغيبة–واالجتماع الشيعي املعاصر ما يتعلق بضرورة ووجوب إقامة دولة فاألمة اإلسـالمية " وتكون عن طريق االنتخاب والدميقراطية ، لغائبو تنوب عن اإلمام ا ،اإلسالمية

تضطلع مبهمة اختيار أشخاص يتحلون بالورع والتقوى والعلم والوعي والكفاءة للقيام بدور النيابـة ومعىن ذلك أن مهام القيادة تنـاط . عن النيب أو اإلمام يف قيادا على الصعيد الفكري واالجتماعي

ون بواسطة الناس الذين يصبحون وفق ذلك بديال عن النص اإلهلي يف حتديد مـورد بأشخاص ينتخب إن مرحلة الغيبة يف الواقع مرحلة الدميقراطية اليت تكون فيها .القيادة املعنوية واملادية للمجتمع املسلم

ظروفهـا مهمة انتخاب القائد مهمة اجتماعية يشترك مجيع أبناء اتمع يف إعداد مقدماا ويئـة .)2("ومزاولتها عمليا

هذا الطرح الذي قدمه شريعيت ميثل ثورة فكرية يف الفكر اإلمامي املعاصر حيث أجاز إنشاء دولة باختيار الناس بدال من اختيار اهللا واعتربها ، بل طالب بوجودها بعد أن كانت حمرمة ؛يف ظل الغيبة

والية " هي األفكار اليت اعتمدها اخلميين فيما يتعلق بنظرية وهذه ،ا إهلي نصبامهمة اجتماعية وليست كما مثلت هذه األفكار الشريعتية رصيدا فكريـا وتـأطريا ، "احلكومة اإلسالمية "يف كتابه "الفقيه

.م 1979فلسفيا واجتماعيا للثورة اإلسالمية يف إيران عام

"بناء الذات "اإلصالح التربوي -3 شريعيت يف صورة مفكر ومصلح تربوي ينطلق يف تصوراته مـن نب اإلصالحي يظهر يف هذا اجلا

" بناء الـذات "يطرح املبادئ والقيم واملفاهيم والتصورات حول ، أصالة القرآن والتصور اإلسالمي الـذي ( اإلنسان التكاملي إىلانطالقا من تصوره لإلنسان ووظيفته وماهية وجوده وتكوينه نزوعا

مشروع العودة إىل " واملستنري يف هذا املشروع ، مث يوضح لنا دور املفكر املسؤول ، )لكمال يسعى ل

.131ص، ،مرجع سابقعن التشيع والثورة.علي ، شريعيت) 1( .269ص، ،مرجع سابقالتشيع العلوي والتشيع الصفوي. علي، شريعيت) 2(




77

والذي ميثل الركن األصيل يف عقـل شـريعيت ، "بناء الذات " والذي ينطلق من هذا البناء " الذات :لي كما يفيوميكن طرح تصور شريعيت لإلصالح التربوي على املستوى التنظريي الفلس.اإلصالحي

انطلق شريعيت من الرؤية القرآنية يف تصور اإلنسان، التكوين واملاهية والوظيفة، اإلنسان :أوالنه أإال ، وليس موجودا مثاليا شأنه يف ذلك مثل كل املخلوقاتا عينياباعتباره موجود، وتكوينه

متفق متاما مع هذا منطلق القرآن الكرمي يف فهم اإلنسان "صاحب رسالة إنسانية ويشري إىل أن إننا خلقنا اإلنسان : أي }4:التني{ ]لقد خلقنا اإلنسان في أحسن تقومي[التفسري، يقول تعاىل

. بالنسبة الستعداده وإمكانيات تكامله يف أعلى مرتبة علمية، مث رددناه بعد ذلك إىل أدىن الدرجاتد ومطلق، وخارج عن النظام املادي والعلل والعوامل العينية فالقرآن، ال يتناول اإلنسان كمثل جمر

. كما أنه ال يتناوله كظاهرة عفوية تظهر من التسلسل اجلربي للتاريخ أو الطبيعة أو الوراثة. والعلميةإن خلقة . أي أن اإلنسان بالقوة ظاهرة سامية فوقانية لكنه بالفعل ظاهرة مادية ترابية بيولوجية

رآن ليست من جبلة مادية فحسب، بل مادية دنيوية، أي أنه واقعيا من تراب، ومعنويا اإلنسان يف القلكنه بالقوة يستطيع أن يرتفع إىل حدود العلة ). مسنون ومحأ صلصال كالفخار(يف أدين مرتبة

ع، املستقلة عن القوانني املادية، ويصل إىل مرحلة استثمار اجلرب الطبيعي والوراثة والتاريخ واتمويكون مدبر الدنيا املادية، أي صاحب السيادة على الوجود، ويقطع هذه املسرية العلمية من التراب

.)1( "إىل اهللااإلنسان ميثل إرادة كاملة ال تنتهي وميثل " واإلنسان عند شريعيت خملوق ذو إرادة ووعي وحرية

حب معرفة ذاتية عن نفسه وعن الكـون، الرفض، ويسعى المتالك الفكر، والطلب املطلق، وهو صا واإلنسان صـاحب .وذلك الذي يطلقون عليه التعصب فهو شئ آخر، ويقولون إنه ليس جيدا ...

اختيار ويفكر يف بناء املستقبل، ومتعبد، ومعىن أنه متعبد هلذا ليس من األدلة الكالمية والفلسفية بـل )2(."هو دليل العينية والواقعية

إن "اإلنسان على األرض حبسب شريعيت تعىن أن اإلنسان ميكن أن يتحول إىل خملوق إهلي وخالفة معين خليفة اهللا بالنسبة لإلنسان يعين أصالة الفرد مبعىن أن اإلنسان ميكن أن يكون صاحب إرادة قوية

تـه فـوق فهو يستطيع أن يسخر اجلرب له وأن تكون إراد . متميزة عن مجيع قوانني الطبيعة مثل اهللا إن معىن خليفة اهللا مل يكن يف اإلرادة فقط، بل إنه جيب أن يكون شبيه اخلالق يف بعض صـفاته .اجلرب

مثل صنع اإلرادة واخللق أيضا، إن اإلنسان يستطيع أن يكون شبيه اخلالق يف مجيع صفاته،فهو موجود )3 ( ".موجود مطلقيف هذا العامل أي أنه موجود نسيب ميكنه إن يتحول إىل موجود إهلي أي

.20ص ،،مرجع سابقات الثوريةبناء الذ. علي، شريعيت) 1( .556ص ،2008، دار األمري، بريوت، حسني النصريى: ترمجة،1تاريخ ومعرفة األديان، جـ. علي، شريعيت)2( .261ص1/2 ،مرجع سابق تاريخ احلضارة. علي،شريعيت) 3(




78

إحدى األفكار املتجذرة يف املذهب اإلمامي تلك اليت ترتع دائمـا حنـو ، اإلنسان الكامـل :ا ثانيويوضح شريعيت دوافع اإلنسان حنو هذا الـرتوع يف صـورة ، " اإلمـام"اإلنسان الكامل أو حنو

لدائم من اإلنسان الناقص، ومن نفرته واستياؤه ا"حاجات نفسية واجتماعية ووجدانية باألساس وهي و حاجته الفطرية لتجسيد القيم املعنوية الرفيعة واملقدسة يف حياته بشكل حمسوس وواضح ،نقصه هو

كيف أفكر أنا، : من قبيل –" األنا" وهو ذو عالقة أكرب ببحث قيادة –اإلجابة عن استفهامات و،تطلع إىل النجاة عرب الكمال والتمتـع بالفـضائل الذي أتنفر مما هو قائم، ومما أنا يف أسره، والذي أ

)1(. "وبلوغ الكماالت املطلوبة و املاورائية؟ وكيف أكون؟ وكيف أنقذ؟يسعى حنو هذا الكمال ويتوق إليه بأنه اإلنـسان التكـاملي على اإلنسان الذي ويطلق شريعيت

إىل " املعلول" واملادية، ويتغري من صورة الساعي حنو احلرية، يسبق كل هذه العوامل اجلربية والعلمية "، فإمنا نقصد "إنسان"ومن هنا فإننا حينما نذكر لفظة . بقدر نضج إرادته ووعيه الذايت " العلة"صورة

اكتشاف تلك العلة اليت لعبت يف مسرية الطبيعة والتاريخ دور العامل واخلـالق والـصانع واملـدبر ستطيع أن يسيطر على املسار املادي والعلمي للتاريخ بقدر ما ومثل هذا اإلنسان ي .واملستخدم الواعي

)2( ."تعبأ إرادته باإلضافة إىل وعيه ومعرفته املادية والطبيعية إعداد الذات ثوريا يف صورة " وهو عبارة عن ، حيدد شريعيت املقصود ببناء الذات ،بناء الذات : ثالثاويؤكد على خاصـية ، )3( "لوجودي للذات تكامله أن يوهب اجلوهر ا :أي، وهدف،وأصالة ،أصل

" اهلدفية واأليديولوجية يف بناء الذات ويعىن ذلك أن هذا البناء يتم من أجل الوصول إىل هدف مـا تطرح مسألة بناء الـذات إال بعـد بالنسبة لنا ال ، ببناء الذات حتديد األيديولوجيا قبل القيام وينبغي

د شريعيت هذه األيديولوجية بأا األيديولوجية اإلسالمية فهي الوحيدة وحيد )4(."وجود اإليديولوجية نفسها، وينبغـي أن جنعـل الذات اإلسالمية إن منطلقنا هو " اليت تتالءم معنا ومع تارخينا وعراقتنا

شعارنا هو العودة إيل هذه الذات نفسها، ألا الذات الوحيدة القريبة منا من بني كل الذوات، وهي فة الوحيدة اليت ال تزال حية حىت اآلن وهي الروح واإلميان واحلياة الوحيدة يف اتمع اآلن ذلك الثقا

)5 (".اتمع الذي ينبغي للمفكر أن يعمل من خالله ويعيش وينبض أن اإلنسان صاحب دور يف مـسريته "وهو ،وتنطلق فلسفة بناء الذات من خالل مبدأ أساسي

علـة يف اواعتبارمه وإرادته وذلك انطالقا من وعى اإلنسان ،تغيري نظامه االجتماعي ويف ، التارخيية

.94ص، ،مرجع سابقاألمة واإلمامة. علي،شريعيت)1( .19ص، رجع سابق،مبناء الذات الثورية. علي،شريعيت)2( .17املرجع السابق، ص) 3( .23املرجع السابق ، ص)4( . 50ص ، ، مرجع سابقالعودة إيل الذات. علي، عيتيشر) 5(




79

)1( ."التــاريخ والتطــورات االجتماعيــة مــسرية

واجلانـب ، واإلحساس العرفـاين ، احلرية: وحيدد شريعيت بناء الذات يف ثالثة أبعاد أساسية هي أي أن تقـدم ، تناسق وباستمرار بثالثة يتم معا و ويؤكد أن بناء الذات يف هذه األبعاد ال ، األخالقي

كما تشري أحكام اإلسالم ، اإلنسان يف بعد منها يفسر كمرحلة منفصلة عن املشاركة يف بنية العصر اليت حتتوي على ، فاإلنسان عندما يصل إىل سن التكليف يؤمر على الفور مبسئولياته الفردية ، إىل ذلك

فقـد ، اليت تشكل رسالته االجتماعية والسياسية ، سئولياته اجلماعية بناء الذات يف نفس الوقت مع م .لف فيه باألمر باملعروف والنهي عن املنكريف نفس الوقت الذي ك، لف بالصوم والصالة ك

: بناء الذات الثوريةأصالة تربزأا شريعيت على اليت أكد املفاهيم األساسية ومن اهللا الذي هو . هو االتصال الوجودي املستمر بني اإلنسان واهللا هنابادة املقصود من الع و: العبادة -1

بدونه يغوص كل شيء يف مـستنقع و، وكل قيمنا اإلنسانية ، منبع الروح واجلمال واهلدف واإلميان وحتطيم القوالب االجتماعيـة ، والعبادة جهاد يف حمو األلوان العارضة ، واالبتذال الالمعىن العبث و والوصول إىل حالـة أكثـر ، واستخراج الكنوز اخلفية للوعي ، وصقل الوجودية احلقيقية ،الضيقة

)2( .تقدمية من تلك اليت وصل إليها عظماء العارفني يف موروثنا ويوضح شريعيت معين العمل يف اإلسالم مبفهومه الواسع ؛ فإنه يتضمن العمل الـديين :العمل -2

، إن كل عمل صاحل "ومبعين أكثر تفصيال ، ل االقتصادي وكذلك العم ، ص والعمل الفكري لاخلا نوم حىت،الدينية أو يف سبيل الناس يفسر كنوع من العبادة ، سواء كان اقتصاديا أو سياسيا أو صحيا

)3 (."هاملؤمن وطعامه وكسبه لعيش اإلنسان مع العبـادة أكد شريعيت على ضرورة تكامل مفهوم النضال االجتماعي :النضال االجتماعي -3

.ن الوعي الذايتوذكر أن النضال االجتماعي أعظم العوامل اليت تكو، والعمل بأنه اتمع الذي يشعر "جمتمع النباهة "يعرف شريعيت :ستحمارالا على القضاء و النباهة تنمية -4

لراهنة بالنسبة وعالقته باتمع واملقدرات ا ، فيه الفرد مبرحلة املصري التارخيي واالجتماعي للمجتمع وشعوره ، والشعور بانضمامه وارتباطه باتمع ، وعالقته املتقابلة بأبناء شعبه وأمته ، إليه وإىل جمتمعه

أمـا .من أجل اهلداية والتحرير واحلركة الشاملة جتاه شعبه وأمته ، مبسئوليته كرائد وقائد يف الطليعة ، "النباهة اإلنسانية " وحتريف مساره عن ، رهتزييف ذهن اإلنسان ونباهته وشعو "االستحمار فمعناه

.17ص، ، مرجع سابقبناء الذات الثورية. علي، عيتيشر) 1( . 45املرجع السابق، ص )2( . 52املرجع السابق،ص )3(




80

فهـو ، "هاتني النباهتني " وأي دافع عمل على حتريف ،فردا كان أو مجاعة ، " والنباهة االجتماعية )1(." استحمار دافع

مثل الغرب عند شريعيت هاجسا أساسيا يف مشروع بناء الذات فمن :التحصن ضد الغــرب -1إال أنه حيذر أيضا ، بل أكد على ضرورة معرفته والتعرف على تارخيه وفلسفته ناحية كما أشرنا من ق

ويرى أننا جيب أن نكون على ، من خماطر التقليد والتغرب ويعتربه أكثر العوامل خطرا على هذا البناء " إحساس باخلطر الدائم من الوقوع يف فخه الذى يسعى إىل القضاء على اهلوية والذات ومسخهما

ل خطوة يف طريق بناء الذات هي أن نقوم دائما بتقوية هذا اهلاجس أو اخلـوف الـداخلي يف إن أو )2 (."االغتراب عن الذات " ذواتنا من أن نسقط فريسة

إىل التطبيق العملي " العودة إىل الذات " من التنظري الفكري ملشروعه اإلصالحي انتقل شريعيت مث وقد حاول شريعيت يف ،كمهد علمي تطبيقي ألفكاره اإلصالحية " م1969حسينية إرشاد "فأسس ،

قعد نظاما تربويا إسالميا فريدا يليب احتياجات اتمع املسلم املعاصر يف النـواحي أن ي هذه املؤسسة واملتأمل لتفاصيل الربنامج جيد أن شريعيت قد طـرح مبكـرا فكـرة .الفكرية والثقافية و النهضوية

-تبناها املعهد العاملي للفكر اإلسالمي وعدد من الباحثني واملفكرين يف العامل اإلسالمي اليت -األسلمةكما أنه أقام برناجما إسالميا للتعلـيم والبحـث ، عملي للمناهج والعلوم اإلسالمية علمي و بشكل

، سالمية والدعوة وهذه الثالثة هي اليت تعين بتشكيل العقل املسلم الذي هو أساس ومدار النهضة اإل : ما يلي "رشادإحسينية " اليت قامت عليها الفكرية والفلسفيةومن األسس

.االعتقاد يف أمهية البحث العلمي اإلسالمي -1" القلم " و" العلم" و" التفكر والتعقل " و"النظر " االنطالق من القرآن الذي يؤكد على مفاهيم -2 ".التفقه يف الدين "و"املعرفة " و"البحث عن احلقيقة " و" التعليم " و" الكتابة " واالنفتاح على اآلخر يف طلب العلم لتحصيل واستيعاب العلوم والتجارب لكافـة احلـضارات -3

.والثقافات املتقدمة وتنقيته من الشوائب والتقاليد املتوارثة والنظريات الفلـسفية ، العودة إيل املنابع األوىل لإلسالم -4

.ا هي اإلسالم املختلفة واليت اعتقد البعض أالتأكيد على االجتهاد باعتباره العامل الوحيد املؤدي إىل تطور وتكامل املعرفة العلمية يف اإلسالم -5 .وهو الضامن للحياة واحلركة والتجدد الدائم للمجتمع املسلم ،

. 101 ص،رجع سابقم،النباهة واالستحمار .علي، عيتيشر)1( . 23 ص ،مرجع سابق ،بناء الذات الثورية.علي ، عيتيشر)2(




81

من أربعة أقسام رئيسية تعمل بصورة )1( "حسينية إرشاد " ويتشكل برنامج العمل يف مؤسسة -2 وهذه التشكيالت هي ، اإلسالمية " العودة إىل الذات " متكاملة ومترابطة لتحقيق اهلدف األعلى وهو

: ، الثقافة والعلوم اإلسـالمية ،التاريخ ،معرفة اإلسالم (قسم األحباث ويشمل ستة فروع حبثية -1

) .اآلداب والفنون ،الدول اإلسالمية ،العلوم االجتماعية ، تعليم الداعيـة ،دراسة القرآن ، دراسة اإلسالم (ة فروع تعليمية قسم التعليم ويتضمن مخس -2

) .ليزي اللغة واألدب العريب واإلجن، اآلداب والفنون الرسم والتصوير ، الفيلم واملسرح ، الشعائر ،الوعظ واخلطابة (قسم الدعوة ويتكون من أقسام -3 ) .احلج ،

.161-67ص " ماذا جيب عمله ؟"طرح شريعيت تفاصيل هذا الربنامج وطريقة عمله يف كتابه )1(




82

خامتة الدراسة

والتحليل سؤال اإلصالح املعريف عند بعض املفكرين أصحاب التوجه تناولت الدراسة بالرصد وأبرزت الدراسة املـستوى املعـريف ، وعلي شريعيت ، وحممد عبده ، اإلسالمي وهم مصطفى صربي

، تصورام حول األزمة احلـضارية ألمتنـا : ألفكارهم اإلصالحية من خالل ثالثة حماور رئيسة هي . وإشكاالت اإلصالح لديهموقضايا، ومنهجيتهم يف اإلصالح

إليه الدراسة من نتائج يتمثل يف اإلشارة إىل عنصرين مثال مدار النظرة املعرفية ت وأبرز ما توصل وذلـك مـن ، الفكري هومشروع" الغرب " املوقف من : لإلصالح لدى هذه النماذج املختارة ومها

ـ ، وأيضا القراءة التخويفيةغريبية دمي قراءة له ختتلف عن القراءة االستالبية الت تقخالل نافكلتا القراءتوقد انطلقت هذه القراءة من . العقل املسلم يف مآزق ومرتلقات وتشوهات مل يتعاف منها بعد اأوقعت

القراءة تلكوطرحت هذه اجلهود ، الذي هو أيضا جزء من الوعي بالذات املدركة " الوعي باآلخر " لفكر الغريب يف ضوء سياقاته الفكرية واالجتماعية والتارخيية الـيت إدراك ا: يف ضوء عدة حمددات هي املقابل لـه النظر إىل املنهج الغريب انطالقا من النهج التوحيدي احلضاري ، جتلى فيها منوذجه املعريف

املفاهيم والقيم والتصورات ( مث اخللوص إىل العناصر املعرفية ومضامينها الكلية ، هألطروحاتواملتمايز وتفنيدها يف ضوء رؤية مرتكـزة علـى اليت تشكل النموذج املعريف الغريب ) مناهج النظر والتفكري و

.منوذج متجاوزال ، بني هؤالء املفكرين "الناظم الفكري "املشترك الثاين يف وهو " الدين " العنصر الثاين فهو أما

ـ ويف األمة سيما ما يتعلق باعتباره سبيال ومصدرا ألي إصالح مبتغى املعـريف األول ا مصدر بنائه اتفقت املشاريع اإلصالحية الـيت طرحـت يف ويف هذا اإلطار ،ووعاء تصوراته ومفاهيمه األساسية

: اإلصالح املعريف وهي مسألةالدراسة على عدة منطلقات أساسية يفنموذجها ومرجعا ل ،ي ومولدا ذاتيا للوع لبناء النهضة املنشودة اضرورة العودة إىل اإلسالم مصدر -1

وعند ، )العودة إىل اإلسالم األول( عند مصطفى صربي يف تظهرهذه الضرورة و ،املعريف التوحيدى .)العودة إىل الذات(وعند شريعيت يف ، )العودة إىل فهم السلف األول للدين(حممد عبده يف

م ومنابع فكره األصيلة بني املسل -انقطعت عرب قرون تلك اليت - االتصال والتفاعل قنواتإحياء -2وذلك دون وسائط أو حصون كانت حاجزا ملباشرة العقل املـسلم وظائفـه ، ها وتفعيل "الوحي"

، املعطلون لعلم الكـالم ( هذه احلصون واملوانع كانت عند مصطفى صربي .احليوية يف إطار الوحي ، واملتـشبهون ، يون الزائفون الروحان( وعند شريعيت ) التقليد واجلمود ( وعند حممد عبده ) واملتغربون

).واملستبدون




83

التأكيد على إصالح وإحياء علم الكالم وجتديد مباحثه مبا يتناسب مـع التحـديات الفكريـة -3واملعرفية املستجدة واليت تتصل بالنموذج املعريف الغريب و حماولة فـرض هيمنتـه علـى الثقافـات

املسلمة يف تفاعلها مع الغـرب ومـشروعه مبا حيقق الوعي احلضاري للذات ، واحلضارات املعاصرة . الفكري

قدمتها هـذه اجلهـود " األسس املعرفية " ويف ضوء هذا املنطلقات ميكن استنباط جمموعة من :الستعادة حيوية البناء املعريف ومعاجلة تشوهاته من خالل عدة حماور

التـصورات واملفـاهيم : وعناصره األساسية" النموذج املعريف التوحيدي" إعادة اكتشاف -1 . وطرق التفكري

التخلية مث : وهو ما يتطلب طريقني ، و استعادة بنائها " اإلصالح املعريف " حمورية الذات يف -2والتحلية بالعناصر والتـصورات األساسـية يف ، التخلية مما الصق ا من شوائب ، التحلية

.منهجنا احلضاريتعادة اللقاء املباشر بني العقل املـسلم وبـني إصالح منهج النظر للوحي مبا يمكن من اس -3

. الوحي .وتناوله بعيدا عن القداسة املفرطة أو اإلمهال والترك الكامل، جتديد منهج النظر يف التراث -4كعامل أساس يف بناء املنظومة الفكرية و " االجتهاد"املسلم وإحياء دوره يف " العقل" تشغيل -5

.القيمية التوحيدية وتشغيلها




84

مراجع الدراسة

، 2بريوت، دار أحياء التراث العـريب، ط لسان العرب، . مجال الدين أبو الفضل ،ابن منظور -11997.

الرؤية الكونية احلضارية القرآنية املنطلق األساسي لإلصالح . أمحد عبداحلميد ، نأبو سليما -2 .2009، القاهرة، دار السالم،اإلنساين

.1992، بريوت، دار الساقي الشاه إىل سجون الثورةمن بالط : إحسان نراقي -3 .1989 ، 22 القاهرة، كتاب احلرية عدد إيران بني التاج والعمامة،: أمحد مهابة -4، بغـداد، األمانـة العامـة دراسات يف تاريخ إيران احلديث واملعاصر . كمال مظهر ، أمحد -5

.1989للشباب، ، الفنون وجايگاه در تاريخ معاصر إيراندار الفنون گفتارى درهويت دار. مهدى، إشراقي -6

).م2004(ژوهشكده تعليم وتربيت پطهران، صـفوان عـدنان : ، حتقيق مفردات ألفاظ القرآن ، احلسني بن حممد بن املفضل ، األصفهاين -7

.1992،دار القلم، دمشق، يداوود، عمـان، نوفان رجا احلمود:، حتقيق أصول احلكم يف نظام العامل . حسن كايف ،األقحصارى -8

.1986اجلامعة األردنية، ، )21( حيدر جنف، كتاب قضايا إسالمية معاصرة، :، ترمجة يبنزعة التغر . جالل ،آل أمحد -9

2000. .د ت، ، القاهرة، الس األعلى للثقافةاإلمام حممد عبده رائد الفكر املصري. عثمان، أمني -10اإلصالح يف األمة بـني : يف، "مفهوم اإلصالح أو حنو إصالح لفهم املصطلح . "حممد، بريش -11

. 2006، مركز احلضارة للدراسات السياسية، ، القاهرةتقرير أميت يف العامل، الداخل واخلارجاإلصالح يف األمة : يف " اإلصالح والتجدد يف أميت صناعة حملية وحضارية " .طارق، البشري -12

. 2006، رة للدراسات السياسيةمركز احلضا، ، القاهرةتقرير أميت يف العامل، بني الداخل واخلارج، ترمجة حممد نظرة يف احلركات احلديثة يف العامل اإلسالمي .. وجهة اإلسالم . هاملتون، جب -13

.1933القاهرة، املطبعة اإلسالمية، ، عبد اهلادي أبوريده ، بريوت املؤسسة أسس التقدم عند مفكري اإلسالم يف العامل العريب احلديث . فهمي ،جدعان -14

.1979للدراسات والنشر، العربية




85

، بـريوت، املكتـب اإلسـالمي شبهات التغريب يف غزو الفكر اإلسالمي . أنور ،اجلندي -151978.

، القـاهرة، "شيخ اإلسالم مصطفى صـربي : رائد الفكر اإلسالمي احلديث . "عمار،جيدل -16 . م 2006 ديسمرب، -، العدد اخلامس، أكتوبرحـراء

.هـ1344 املنار، دار ، القاهرة،1ج، مامتاريخ األستاذ اإل. حممد رشيد، رضا -17ژوهشكده امـام پ، طهران انقالب فرهنگي در دانشگاهها إيران . حممد شرف ، زاده بردر -18

).م2004 (1383مخيىن وانقالب إسالمي، املعهد العاملي للفكر ، األردن، مسرية املعرفة واملنهج يف الفكر العريب اإلسالمي . أنور ،الزغيب -19

. 2007،اإلسالميريـاض الـريس للكتـب ، ،بـريوت تطور النظرة اإلسـالمية إىل أوروبـا . خالد، زيادة -20

.2010والنشر،دار املـدار ، بريوت، سؤال التجديد يف اخلطاب اإلسالمي املعاصر . رضوان جودت ، زيادة -21

.2004، اإلسالمي، 56 – 55 بـريوت، العـددان االجتـهاد، ، "العرب وحتوالت خطام . "رضوان، زيادة -22

2002. اإلصالح يف األمة بـني الـداخل : يف اخلطاب العريب حول اإلصالح، . ـــــــ -23

.2006، مركز احلضارة للدراسات السياسية، ، القاهرةتقرير أميت يف العامل، واخلارج الكويـت ،عـامل )1979 – 1906(تاريخ إيران السياسي بني ثورتني . آمال، السبكى -24

. 1999، أكتوبر )250(املعرفة، العدد ، القاهرة، العدد األول، الفلسفة والعصر ، "النـزعة العقلية عند حممد عبده . "يوسف، سالمة -25

.1999أكتوبر اسراري از سقوط شاه ونفش آمريكا وانگيس در : خاطرات دوسفري . منصور، سلطانزاد -26

. )م1993 (1372، طهران، نشر علم انقالب إيران، القـاهرة، دار قبـاء توحيد عند األستاذ اإلمام إعادة بناء علم ال : حممد صاحل حممد ، السيد -27

.1998للطباعة والنشر والتوزيع، الزهراء لإلعـالم ، القاهرة ، األيديولوجية..اجلذور..الثورة اإليرانية .إبراهيم الدسوقي ،شتا -28

.1988، 2العريب ط




86

، مريدار األ ، بريوت، هادى السيد ياسني : ترمجة ،النباهـــة واالستحمار . علي ،عيتيشر -29

2004 . ـ . ــــــ -30 ، دار األمري ، بريوت، حسني النصريى : ترمجة،1تاريخ ومعرفة األديان، ج

2008. .2006، دار األمري، بريوت ،األمة واإلمامة. ــــــ -31حيدر جميد، بريوت، دار األمري، : ، ترمجة التشيع العلوي والتشيع الصفوي . ــــــ -32

2002. مركـز ، معيات الطالبية اإلسالمية يف أوروبا ؟ احتاد اجل ماذا جيب عمله . ـــــــ -33

.1984، البحوث واملعلوماتدار ، بـريوت ، إبـراهيم الدسـوقي شـتا : ،ترمجـة مسئولية املثقف . ــــــــ -34

.2007،األمريإبراهيم الدسوقي شتا، القاهرة، دار األمني : ترمجة ،عن التشيع والثورة .ــــــــ -35

1996. الزهـراء ، القـاهرة ، إبراهيم الدسوقي شتا : ترمجة، العودة إىل الذات . ــــــــ -36

.1993 ،2لإلعالم العريب طدار ،بـريوت إبـراهيم الدسـوقي شـتا، : ترمجـة بناء الذات الثورية . ـــــــ -37

.2005،األمري .2003 ،دار األمري، بريوت، حيدر جميد : ترمجة ،دين ضد الدين. ـــــــ -38دار األمـري ، بـريوت ، ة حيدر جميـد ترمج ،منهج التعرف على اإلسالم .ـــــــ -39

2004. ، 576، القاهرة، العـدد ، الرسالة "اإلمام حممد عبده وطريقته يف التفسري . "حممود، شلتوت -4017/7/1944. ، حلمـي : ضمن ، النكري على منكري النعمة من الدين واخلالفة واألمة . مصطفى، صربي -41

.م2004،دار الكتب العلمية، بريوت، ةاألسرار اخلفية وراء إلغاء اخلالفة العثماني. مصطفى .1952، املطبعة السلفية، القاهرة، موقف البشر حتت سلطان القدر. ـــــــ -42أربعـة ( موقف العقل والعلم والعامل من رب العاملني وعباده املرسـلني .ـــــــ -43 .م1981، 2ط،دار إحياء التراث، بريوت ،)أجزاء




87

-العالقات العربية : يف" يف الكتب املدرسية اإليرانية صورة العرب ." غالم على حداد ، عادل -44 .1996 ، بريوت ،مركز دراسات الوحدة العربية ،اإليرانية

، العدد الرابـع حوار العرب ، بريوت، "اإلصالح العثماين الدوافع واألبعاد . "رءوف، عباس -45 .2005مارس،

، قضايا إسالمية معاصـرة ، "دور اإلصالح العقدي يف النهضة اإلسالمية : "عبد ايد النجار -46 .2001، 14بريوت، العدد

.1960، 114، القاهرة، كتاب اهلالل، العدد اإلسالم بني العلم واملدنية. حممد، عبده -47حممد عمارة، القـاهرة، دار الـشروق، : حتقيق وتقدمي ،، األعمال الكاملة . ــــــ -48

1993. سلـسلة ، بيب عبدالغين مصطفى ل : تقدمي ، تفسري سورة الفاحتة وجزء عم . ــــــ -49

.القاهرة،162، الذخائر، القـاهرة، دار العروة الوثقى ، احنطاط املسلمني وسكوم وسبب ذلك . ـــــــ -50

.1957العرب، .2008، القاهرة، دار تنوير للنشر والتوزيع، حنو التجديد واالجتهاد. طه جابر،العلواىن -51 .1985، القاهرة، عامل الكتب، رتاريخ التربية والتعليم يف مص. سعيد إمساعيل، على -52اإلصالح يف األمة بني : يف"جداالت الديين والسياسي:مداخل اإلصالح يف األمة . "السيد،عمر -53

. 2006، مركز احلضارة للدراسات السياسية، ، القاهرةتقرير أميت يف العامل، الداخل واخلارجمدرسة املنار ودورها يف : يف) مقاربة أولية (التنشئة السياسية لدى مدرسة املنار :" ـــــ -54

.املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، القاهرة ، اإلصالح اإلسالمي احلديث55- ، املـسلم املعاصـر ، "حول رؤية اإلمام حممد عبده لعالقة الدين بـالعلم . "أمحد، فؤاد باشا -56

.2006، )عدد خاص عن الشيخ، حممد عبده (120 – 119القاهرة، العدد بـريوت ،حممد حسن زراقط : ترمجة ، ألسس الفكرية للثورة اإلسالمية ا. حممد شفيعي ، فر -57

.2007، مركز احلضارة لتنمية الفكر اإلسالمي،طهران رورش، پما هنامه آموزش و، "قطعنامه هشتمني كنفرانس ارز شياىب انقالب آموزشى -58

.)م1970(ش .هـ1349،)174(، مركز انتشارات آموزشى، مشاره الدار البيضاء، دار الثقافة، ل العقل والنقل يف مناهج التفكري اإلسالمي، جد. حممد، الكتاين -59

2000 .




88

، فصلنامه دانشگاه اسالمى ، "بررسى رابطة نظام لوي ودانشگاه در إيران ." سعيد، گلگار -60 ) . م2007 (1386، باييز 35، سال يازدهم، مشار35طهران،مشاره

، االجتهاد، احلارث فعبد اللطي : ترمجة" ين سياسات اإلصالح العثما " . جوستني ،ماكارثي -61 .2000، بريوت ، 46-45العددـ ).إشراف(روبري ، مانتران -62 بشري السباعي، القاهرة، دار : ، ترمجة 2تاريخ الدولة العثمانية، ج

.1993الفكر للدراسات والنشر والتوزيع .1960 ،2ط، دار الدعوة، استانبولاملعجم الوسيط، : جممع اللغة العربية -63، "م20 – 19/ هـ 14 – 13اإلصالح والتجديد يف تركيا يف القرنني . "ماجدة، خملوف -64

ينـاير 21 – 19، اإلسـكندرية مؤمتر اجتاهات التجديد واإلصالح يف الفكر اإلسالمي احلديث 2009.

رؤية أمحد جودت باشـا يف ، حتوالت الفكر والسياسة يف التاريخ العثماين . ــــــ -65 .2009، القاهرة، دار اآلفاق العربية، ن عبد احلميد الثاينتقريره إىل السلطا

دار الـشروق ، القاهرة، 1موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ج . عبدالوهاب، املسريي -661999.

أصول الفكر التربوي احلديث بني االجتـاه اإلسـالمي واالجتـاه . على خليل ، مصطفى -67 .1986، القاهرة، دار الفكر العريب، التغرييب

.ت.، القاهرة، الدار العربية لنشر الثقافة العاملية، دإيران املعاصرة .أمحد، معوض -68دار ، القـاهرة ، )ثالثة أجـزاء (الشهود احلضاري لألمة اإلسالمية . ايد عمر عبد، النجار -69

.2006 ،2ط،الغرب اإلسالمي 1354ي ، طهران، كتاخبانـه مركـز ، امري كبري ودار الفنون اوندي وديگران ، هوشنگ -70

).م1675(، الريـاض، مكتبـة الدولة العثمانية يف التاريخ اإلسالمي احلـديث . إمساعيل أمحد ، ياغى -71

.1996العبيكان،




الإصلاح المعرفي فى العالم الاسلامى

Documents

Transcript of الإصلاح المعرفي فى العالم الاسلامى