أرض البرتقال الحزين

5
ﺃﺭﺽ ﺍﻟﱪﺗﻘﺎﻝ ﺍﳊﺰﻳﻦ ﻏﺴﺎﻥ ﻜﻨﻔﺎﻨﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺨﺭﺠﻨﺎ ﻤﻥ ﻴﺎﻓﺎ ﺇﻝﻰ ﻋﻜﺎ ﻝﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ ﺫﻝﻙ ﺃﻱ ﻤﺄﺴﺎﺓ.. ﻜﻨﺎ ﻜﻤﻥ ﻴﺨﺭﺝ ﻜل ﻋﺎﻡ ﻝﻴﻤﻀﻲ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻝﻌﻴﺩ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﺩﻴﻨﺘﻪ... ﻭﻤﺭﺕ ﺃﻴﺎﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﻜﺎ ﻤﺭﻭﺭﺍ ﻋﺎﺩﻴﺎ ﻏﺭﺍﺒﺔ ﻓﻴﻪ، ﺒل ﺭﺒﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻝﺼﻐﺭﻱ ﻭﻗﺘﺫﺍﻙ ﺍﺴﺘﻤﺘﻊ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﻷﻨﻬﺎ ﺤﺎﻝﺕ ﺩﻭﻨﻲ ﻭﺩﻭﻥ ﺍﻝﺫﻫﺎﺏ ﻝﻠﻤﺩﺭﺴﺔ... ﻤﻬﻤﺎ ﻴﻜﻥ، ﻓﻔﻲ ﻝﻴﻠﺔ ﺍﻝﻬﺠﻭﻡ ﺍﻝﻜﺒﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺎ ﺒﺩﺃﺕ ﺘﺘﻭﻀﺢ ﺍﻝﺼﻭﺭﺓ ﺃﻜﺜﺭ ﻓﺄﻜﺜﺭ.. ﻭﻤﻀﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻝﻠﻴﻠﺔ ﻗﺎﺴﻴﺔ ﻤﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﻭﺠﻭﻡ ﺍﻝﺭﺠﺎل، ﻭﺒﻴﻥ ﺃﺩﻋﻴﺔ ﺍﻝﻨﺴﻭﺓ... ﻝﻘﺩ ﻜﻨﺎ ﺃﻨﺎ ﻭﺃﻨﺕ ﻭﻤﻥ ﻓﻲ ﺠﻴﻠﻨﺎ، ﺼﻐﺎﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻨﻔﻬﻡ ﻤﺎﺫﺍ ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻝﺤﻜﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﻭﻝﻬﺎ ﺇﻝﻰ ﺁﺨﺭﻫﺎ... ﻭﻝﻜﻥ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻝﻠﻴﻠﺔ ﺒﺩﺃﺕ ﺍﻝﺨﻴﻭﻁ ﺘﺘﻭﻀﺢ ﻭﻓﻲ ﺍﻝﺼﺒﺎﺡ، ﺴﺎﻋﺔ ﺍﻨﺴﺤﺏ ﺍﻝﻴﻬﻭﺩ ﻤﺘﻭﻋﺩﻴﻥ ﻤﺯﺒﺩﻴﻥ... ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻴﺎﺭﺓ ﺸﺤﻥ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺘﻘﻑ ﻓﻲ ﺒﺎﺏ ﺩﺍﺭﻨﺎ... ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺒﺴﻴﻁﺔ ﻤﻥ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺍﻝﻨﻭﻡ ﺘﻘﺫﻑ ﺇﻝﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺒﺤﺭﻜﺎﺕ ﺴﺭﻴﻌﺔ ﻤﺤﻤﻭﻤﺔ... ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻑ ﻤﺘﻜﺌﺎ ﺒﻅﻬﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﺌﻁ ﺍﻝﺒﻴﺕ ﺍﻝﻌﺘﻴﻘﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺭﺃﻴﺕ ﺃﻤﻙ ﺘﺼﻌﺩ ﺇﻝﻰ ﺍﻝﺴﻴﺎﺭﺓ، ﺜﻡ ﺨﺎﻝﺘﻙ، ﺜﻡ ﺍﻝﺼﻐﺎﺭ، ﻭﺃﺨﺫ ﺃﺒﻭﻙ ﻴﻘﺫﻑ ﺒﻙ ﻭﺒﺎﺨﻭﺘﻙ ﺇﻝﻰ ﺍﻝﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻓﻭﻕ ﺍﻷﻤﺘﻌﺔ، ﺜﻡ ﺍﻨﺘﺸﻠﻨﻲ ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺘﻲ ﻭﺭﻓﻌﻨﻲ ﻓﻭﻕ ﺭﺃﺴﻪ ﺇﻝﻰ ﺍﻝﻘﻔﺹ ﺍﻝﺤﺩﻴﺩﻱ ﻓﻲ ﺴﻘﻑ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻝﺴﺎﺌﻕ ﺤﻴﺙ ﻭﺠﺩﺕ ﺃﺨﻲ ﺭﻴﺎﺽ ﺠﺎﻝﺴﺎ ﺒﻬﺩﻭﺀ.. ﻭﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﺜﺒﺕ ﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻭﻀﻊ ﻤﻼﺌﻡ، ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻝﺴﻴﺎﺭﺓ ﻗﺩ ﺘﺤﺭﻜﺕ.. ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻋﻜﺎ ﺍﻝﺤﺒﻴﺒﺔ ﺘﺨﺘﻔﻲ ﺸﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻓﻲ ﻤﺘﻌﺭﺠﺎﺕ ﺍﻝﻁﺭﻕ ﺍﻝﺼﺎﻋﺩﺓ ﺇﻝﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﻝﻨﺎﻗﻭﺭﺓ... ﻜﺎﻥ ﺍﻝﺠﻭ ﻏﺎﺌﻤﺎ ﺒﻌﺽ ﺍﻝﺸﻲﺀ، ﻭﺇﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﺭﺩ ﻴﻔﺭﺽ ﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺠﺴﺩﻱ، ﻭﻜﺎﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺠﺎﻝﺴﺎ ﺒﻬﺩﻭﺀ ﺸﺩﻴﺩ، ﺭﺍﻓﻌﺎ ﺴﺎﻗﻴﻪ ﺇﻝﻰ ﻤﺎ ﻓﻭﻕ ﺤﺎﻓﺔ ﺍﻝﻘﻔﺹ، ﻭﻤﺘﻜﺌﺎ ﺒﻅﻬﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻤﺘﻌﺔ ﻤﺤﺩﻗﺎ ﻓﻲ ﺍﻝﺴﻤﺎﺀ... ﻭﻜﻨﺕ ﺃﻨﺎ ﺠﺎﻝﺴﺎ ﺒﺼﻤﺕ، ﻭﺍﻀﻌﺎ ﺫﻗﻨﻲ ﺒﻴﻥ ﺭﻜﺒﺘﻲ ﻁﺎﻭﻴﺎ ﻓﻭﻗﻬﻤﺎ ﺫﺭﺍﻋﻲ.. ﻭﺤﻘﻭل ﺍﻝﺒﺭﺘﻘﺎل ﺘﺘﻭﺍﻝﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻝﻁﺭﻴﻕ.. ﻭﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻝﺨﻭﻑ ﻴﺄﻜﻠﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ.. ﻭﺍﻝﺴﻴﺎﺭﺓ ﺘﺼﻌﺩ ﻻﻫﺜﺔ ﺇﻝﻰ ﻓﻭﻕ ﺍﻝﺘﺭﺍﺏ ﺍﻝﻨﺩﻱ.. ﻭﻁﻠﻘﺎﺕ ﺒﻌﻴﺩﺓ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﺤﻴﺔ ﺍﻝﻭﺩﺍﻉ... ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺒﺩﺃﺕ ﺭﺃﺱ ﺍﻝﻨﺎﻗﻭﺭﺓ ﺘﻠﻭﺡ ﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ، ﻏﺎﺌﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻕ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﻭﻗﻔﺕ ﺍﻝﺴﻴﺎﺭﺓ.. ﻭﻨﺯﻝﺕ ﺍﻝﻨﺴﻭﺓ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻤﺘﻌﺔ ﻭﺘﻭﺠﻬﻥ ﺇﻝﻰ ﻓﻼﺡ ﻜﺎﻥ ﻴﺠﻠﺱ ﺍﻝﻘﺭﻓﺼﺎﺀ ﻭﺍﻀﻌﺎ ﺴﻠﺔ ﺒﺭﺘﻘﺎل ﺃﻤﺎﻤﻪ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ.. ﻭﺤﻤﻠﻥ ﺍﻝﺒﺭﺘﻘﺎل.. ﻭﻭﺼﻠﻨﺎ ﺼﻭﺕ ﺒﻜﺎﺌﻬﻥ... ﻭﺒﺩﺍ ﻝﻲ ﺴﺎﻋﺘﺫﺍﻙ ﺃﻥ ﺍﻝﺒﺭﺘﻘﺎل ﺸﻲﺀ ﺤﺒﻴﺏ.. ﻭﺃﻥ ﻫﺫ ﺍﻝﺤﺒﺎﺕ ﺍﻝﻜﺒﻴﺭﺓ ﺍﻝﻨﻅﻴﻔﺔ ﻫﻲ ﺸﻲﺀ ﻋﺯﻴﺯ ﻋﻠﻴﻨﺎ.. ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻝﻨﺴﺎﺀ ﻗﺩ ﺍﺸﺘﺭﻴﻥ ﺒﺭﺘﻘﺎﻻﺕ ﺤﻤﻠﻨﻬﺎ ﻤﻌﻬﻥ ﺇﻝﻰ ﺍﻝﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻨﺯل ﺃﺒﻭﻙ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻝﺴﺎﺌﻕ، ﻭﻤﺩ ﻜﻔﻪ ﻓﺤﻤل ﺒﺭﺘﻘﺎﻝﺔ ﻤﻨﻬﺎ.. ﺃﺨﺫ ﻴﻨﻅﺭ ﺇﻝﻴﻬﺎ ﺒﺼﻤﺕ.. ﺜﻡ ﺍﻨﻔﺠﺭ ﻴﺒﻜﻲ ﻜﻁﻔل ﻴﺎﺌﺱ..

description

أرض البرتقال الحزين هي مجموعة قصصية للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني صدرت أولى طبعاتها عام 1962 و قد حاول فيها تصوير الشخصية الفلسطينية أمام قدرها سواء في الداخل الفلسطيني مثل قصص : * ورقة من الرملة * ورقة من غزة * السلاح المحرم * الأفق وراء البوابةأو خارج فلسطين مثل قصة : * قتيل في الموصلتعد قصة أرض البرتقال الحزين العمود الفقري لهذه المجموعة حيث كانت ملتحمة بسيرة غسان كنفاني لكنها في نفس الوقت تؤرخ لمعاناة الفلسطيني المهجر بشكل عام استعمل فيها أساليب قصصية مستحدثة اذ استغل ضمير المخاطب عوض المتكلم للحديث عما شهده في طفولته وكانت شخصيته مجرد انعكاسا للأحداث وليس له اي فعل كما عبر عن موقفه من جيل أبيه المهزوم وقد حمل عبر رمز البرتقال كل ملامح الشخصية الفلسطينية.المصدر: ويكيبيديا

Transcript of أرض البرتقال الحزين

Page 1: أرض البرتقال الحزين

احلزين الربتقال أرض

كنفانيغسان

غير مدينة في العيد أيام ليمضي عام كل يخرج كمن كنا.. مأساة أي ذلك في يكن لم عكا إلى يافا من خرجنا عندما

حالت ألنها األيام بتلك استمتع وقتذاك لصغري كنت ربما بل، فيه غرابة ال عادياً مروراً عكا في أيامنا ومرت... مدينته

.. فأكثر أكثر الصورة تتوضح بدأت عكا على الكبير الهجوم ليلة ففي، يكن مهما... للمدرسة الذهاب ودون دوني

أن على صغاراً، جيلنا في ومن وأنت أنا كنا لقد... النسوة أدعية وبين، الرجال وجوم بين مرة قاسية الليلة تلك ومضت

انسحب ساعة، الصباح وفي تتوضح الخيوط بدأت الليلة تلك في ولكن... آخرها إلى أولها من الحكاية تعني ماذا نفهم

النوم أشياء من بسيطة مجموعة وكانت... دارنا باب في تقف كبيرة شحن سيارة كانت... مزبدين متوعدين اليهود

أمك رأيت عندما العتيقة البيت حائط على بظهري متكئا أقف كنت... محمومة سريعة بحركات وهناك هنا من إليها تقذف

من انتشلني ثم، األمتعة وفوق، السيارة إلى وباخوتك بك يقذف أبوك وأخذ، الصغار ثم، خالتك ثم، السيارة إلى تصعد

أن وقبل.. بهدوء جالسا رياض أخي وجدت حيث السائق غرفة سقف في الحديدي القفص إلى رأسه فوق ورفعني زاويتي

الطرق متعرجات في فشيئا شيئا تختفي الحبيبة عكا وكانت.. تحركت قد السيارة كانت، مالئم وضع في نفسي أثبت

...الناقورة رأس إلى الصاعدة

رافعا، شديد بهدوء جالسا رياض وكان، جسدي على نفسه يفرض بارد وإحساس، الشيء بعض غائما الجو كان

ذقني واضعا، بصمت جالسا أنا وكنت... السماء في محدقا األمتعة على بظهره ومتكئا، القفص حافة فوق ما إلى ساقيه

والسيارة.. جميعا يأكلنا بالخوف وشعور.. الطريق على تتوالى البرتقال وحقول.. ذراعي فوقهما طاويا ركبتي بين

...الوداع تحية كأنها بعيدة وطلقات.. الندي التراب فوق إلى الهثة تصعد

األمتعة بين من النسوة ونزلت.. السيارة وقفت األزرق األفق في غائمة، بعيد من تلوح الناقورة رأس بدأت وعندما

... بكائهن صوت ووصلنا.. البرتقال وحملن.. مباشرة أمامه برتقال سلة واضعا القرفصاء يجلس كان فالح إلى وتوجهن

قد النساء كانت.. علينا عزيز شيء هي النظيفة الكبيرة الحبات ههذ وأن.. حبيب شيء البرتقال أن ساعتذاك لي وبدا

إليها ينظر أخذ.. منها برتقالة فحمل كفه ومد، السائق جانب من أبوك ونزل، السيارة إلى معهن حملنها برتقاالت اشترين

..يائس كطفل يبكي انفجر ثم.. بصمت

Page 2: أرض البرتقال الحزين

الشرطة رجال إلى أسلحتهم يسلمون الرجال وبدأ.. ةكثير سيارات بجانب سيارتنا وقفت.. الناقورة رأس وفي

السيارات صف إلى ورأيت.. الطاولة على ملقاة والرشاشات أبنادق ورأيت.. دورنا أتى وعندما.. الغرض لهذا الواقفين

كانت، حاد بنشيج أبكي اآلخر أنا أخذت.. البرتقال أرض عن البعد في ممعنا طرقاتها معارج طاويا لبنان يدخل الكبيرة

أشجار كل.. لليهود تركها التي البرتقال أشجار كل أبيك عيني في تلتمع وكانت.. بصمت البرتقالة إلى تنظر زالت ما أمك

أمام يتمالكها لم دموع في لماعة وترتسم.. وجهه في ترتسم كانت كلها، شجرة شجرة اشتراها التي النظيف البرتقال

...المخفر ضابط

...الجئين صرنا، العصر في صيدا وصلنا وعندما

في واقفا كان.. طويل زمن منذ ينم لم كأنه وبدا، قبل ذي عن كبر قد أبوك كان.. احتوت فيمن الطريق احتوتنا

: وجهي في سينفجر فانه ما شيئا له ألقول إليه سعيت أنني تماما أتخيل وكنت، الطريق على الملقاة األمتعة أمام الشارع

مدرسة في نشأ الذي الطفل، أيضا أنا أنني بل، بوضوح وجهه على تلوحان الشتيمتين هاتين كانت.. يلعن.. أبوك يلعن

كل يسمع اهللا هذا أن في أشك وكنت.. حقيقة البشر يسعد أن يريد اهللا هذا أن في أشك ساعتذاك كنت، متعصبة دينية

يشفق الرب تمثل كانت والتي، المدرسة كنيسة في علينا توزع كانت التي الملونة الصور إن... شيء كل ويرى.. شيء

محافظة مدارس يفتحون الذين أكاذيب من أكذوبة األخرى هي كأنما الصورة هذه بدت، وجوههم في ويبتسم األطفال على

حيث من الجئ وانه اآلخر، هو منها خرج قد فلسطين في عرفناه الذي اهللا أن في أشك أعد لم.. أكثر أقساطا يقبضوا كي

يحمل جديدا قدرا منتظرين الرصيف على القاعدين، البشر الالجئين نحن وإننا، نفسه مشاكل حل على قادر غير ادري ال

... الساذج الصغير بعقل يفتك بدأ قد األلم كان: تحته الليل نقضي سقف إيجاد عن مسؤولين.. ما حالً

أن مجرد.. قلبي في الرعب تلقي كانت، رؤوسنا فوق فشيئاً شيئاً تهبط كانت التي والعتمة.. مخيف شيء الليل إن

احد يكن لم.. جاف قاس خوف ولكنه.. المخاوف شتى نفسي في يستثير كان الرصيف على الليل سأقضي أنني في أفكر

جديدا رعبا تلقي الصامتة والدك نظرة وان... إليه التجي بشرا أجد أن أستطيع أكن لم.. علي يشفق الن استعداد على

أن طامعين، األسود الطريق في يحدقون، صامتون والجميع.. النار رأسي في تبعث أمك يد في والبرتقالة.. صدري في

قد عمك كان.. فجأة القدر واتى... ما سقف إلى معه ونمضي، لمشاكلنا حلوال علينا يوزع المنعطف وراء من القدر يبدو

.قدرنا هو وكان.. قبلنا البلدة وصل

Page 3: أرض البرتقال الحزين

وجهه ويمم.. إطالقا يؤمن يعد لم، مثلنا، الرصيف على نفسه وجد عندما ولكنه، باألخالق كثيرا يؤمن عمك يكن لم

إلى إذهبوا: فصيح بلسان قائال المكور بوجهه وأشار، فيه بأمتعته وألقى، بابه وفتح، يهودية عائلة تسمنه بيت شطر

ينعم وتركوه المجاورة الغرفة إلى فذهبوا يأسه من خافوا ولكنهم، لفلسطين يذهبوا لم أنهم المؤكد من.. فلسطين

... والبالط بالسقف

بأجسادنا فامتألت األرض على نمنا الليل وفي، وأهله أمتعته مع فيها وكدسنا.. تلك غرفتنا إلى عمك قادنا لقد

.. الكراسي على جالسين ليلتهم أمضوا قد الرجال كان، الصباح في نهضنا وعندما، الرجال بمعاطف والتحفنا، الصغيرة

!!كلنا أجسادنا خاليا إلى يقودها معبدا طريقا تجد بدأت قد المأساة وكانت

أمك طلبت ثم.. ليال ثالث احتوتنا فقد ذلك ورغم، لنصفنا تتسع تكن لم تلك عمك فغرفة.. كثيرا صيدا في نسكن لم

.. فسكتت.. بالنقمة يرتجف بصوت وجهها في صاح أباك ولكن البرتقال إلى فلنراجع أو، ما عمل عن يبحث أن أبيك من

...والشهداء والسكن األرض مع خلفناها المتماسكة السعيدة والعائلة.. بدأت قد العائلية مشاكلنا كانت

وأن تسعد أن يريدها كان يوم المك اشتراه الذي الذهب باع قد انه اعرف إنني.. بالنقود أبوك أتى أين من أدر لم

هل: آخر مصدر من بد ال فكان، مشاكلنا حل على القادر الكثير بالشيء يأت لم الذهب ذلك ولكن.. زوجته بأنها تفخر

في قرية إلى انتقلنا قد أننا أذكر ولكني، ادري ال إنني ؟ نراه أن دون معه أخرجه آخر شيئا باع هل شيئا؟ استدان

أيار من عشر الخامس يوم وينتظر.. مرة ألول يبتسم العالية الصخرية الشرفة على أبوك قعد، وهناك.. صيدا ضواحي

.. الظافرة الجيوش أعقاب في يعود كي

نومي في مستغرق وأنا بقدمه أبوك لكزني، تماما عشرة الثانية الساعة وفي.. مر انتظار بعد أيار 15 يوم واتى

وانحدرنا.. كالمسعور وقمت.. فلسطين إلى العربية الجيوش دخول فاشهد... قم: الباسل باألمل يهدر بصوت قائال

ونحن نلهث وكبارا صغارا كنا.. كامال كيلومترا القرية عن يبعد الذي الشارع إلى الليل منتصف في حفاة التالل عبر

أحسسنا الشارع إلى وصلنا وحين، الناقورة رأس إلى صاعدة بعيد من تبدو السيارات أضواء وكانت.. كالمجانين نركض

إنه.. بهم يهتف انه.. صغير كطفل السيارات وراء يركض أخذ لقد.. وجودنا علينا يملك كان أبيك صياح ولكن، بالبرد

Page 4: أرض البرتقال الحزين

صائحين بجواره نركض كنا.. صغير كطفل السيارات رتل وراء يركض زال ما لكنه.. يلهث إنه.. أبح بصوت يصيح

، جيبه من يخرج أبوك كان فيما، نلهث كنا.. وصمت بجمود خوذهم تحت من إلينا ينظرون الطيبون الجنود وكان، معه

جواره إلى نركض زلنا ال نحن وكنا. بهم يهتف يزال ال كان، للجنود يرميها التبغ لفافات، الخمسين بأعوامه يركض وهو

... الماعز من صغير كقطيع

نحن وكنا، يتكلم ال صامتا أبوك كان.. خافت بصفير نلهث منهوكين الدار إلى وعدنا.. فجأة السيارات وانتهت

.. وجنتيه تمأل دموعه كانت.. عابرة سيارة أبيك وجه أضاءت وعندما.. الكالم على نقوى ال أيضا

إلى يعود الوجوم واخذ.. مرارتها بكل الحقيقة خدعتنا ثم البالغات خدعتنا لقد.. شديد ببطء األمور مضت، بعدها

بياراته في السعيد الماضي عن التكلم وفي فلسطين عن التحدث في هائلة صعوبة يجد والدك وبدأ.. جديد من الوجوه

الذين المالعين أولئك أيضا نحن وكنا، الجديدة حياته تملك التي الضخمة المأساة جدران نشكل نحن كنا.. بيوته وفي

الفطور طلب عن إلهاءنا معناه والدك أوامر على بتاء الباكر الصباح في الجبل إلى الصعود أن، شديدة بسهولة يكتشفون

...

احدهم طالبه يوم تماما أذكر إنني.. والدك استثارة على عجيب بشكل قادراً شيء أبسط كان.. تتعقد األمور وبدأت

.. وجوهنا في تلتمع عيونه ودارت.. صاعق تيار مسه كمن يرتجف بدأ ثم.. انتفض لقد.. اذكره وال أدريه ال بشيء

اإلنسان شعور من غمرة وفي.. ترضيه نهاية وجد كمن واقفا فانتفض، رأسه إلى طريقها أوجدت قد ملعونة فكرة كانت

باحثا نفسه حول يدور واخذ.. يهذي أخذ خطير أمر على إقدامه قبل بالرعب شعوره ومن، مشاكله إنهاء على بقدرته

وفي.. مخيفة عصبية بحركات فيه ما ينثر واخذ عكا من معنا خرج قد كان صندوق على انقض ثم.. نراه ال شيء عن

للخطر أبناؤها يتعرض عندما األم فيه تقع الذي االضطراب ذلك من وبدافع.. شيء كل فهمت قد أمك كانت، واحدة لحظة

آذاننا وألصقنا.. النافذة نبرح لم ولكننا.. الجبل إلى نهرب أن منا وتطلب دفعا الغرفة خارج إلى تدفعنا أخذت..

.. انتهي أن أريد... نفسي أقتل أن وأريد أقتلهم أن أريد: ( أبيك صوت إلى شديد برعب نستمع خشبها في الصغيرة

... ) أن أريد

Page 5: أرض البرتقال الحزين

مسموع بصوت يلهث األرض في ملقى وجدناه، الباب شقوق من الغرفة إلى ننظر عدنا وعندما.. أبوك وسكت

... بجزع إليه تنظر ناحية في أمك قعدت بينما.. يبكي وهو أسنانه ويمضغ

شيء كل فهمت.. بجانبه األرض على ملقى األسود المسدس رأيت عندما أنني أذكر ولكنني.. كثيرا شيئا نفهم لم

..الدار من هاربا.. الجبل في أعدو أخذت.. غرة حين على غوالً شاهد طفالً يصيب الذي القاتل الرعب ذلك من وبدافع..

سهال لذيذا شيئا تعد لم حياتنا أن أشعر كنت، ذاته الوقت في طفولتي عن أبتعد كنت الدار عن أبتعد كنت وعندما

يجب.. منا واحد كل رأس في رصاصة إال حله في تجدي تعد لم حد إلى وصلت قد األمور إن.. بهدوء نعيشه أن علينا

يتكلم عندما نسكت أن يجب.. جعنا ولو األكل نطلب أال يجب.. الئق بشكل نبدو أن على تصرفاتنا في نحرص أن إذا

...)الظهر في إال تعودوا وال الجبل إلى اصعدوا( لنا يقول عندما باسمين رؤوسنا ونهز، مشاكله عن األب

وكانت، بجواره جالسة وأمك، مريضا زال ما أبوك كان.. الدار إلى عدت.. الظالم خيم عندما.. المساء وفي

كما يلتئم لم قديم جرح أثر كأنها.. أبدا تتفتح لم كأنها ملتصقة شفاهكم وكانت، القطط عيون كأنها تلتمع جميعا عيونكم

.. يجب

كان فالح لنا قال الذي البرتقال.. البرتقال ارض عن بعيدين كنتم كما طفولتكم عن بعيدين، هناك مكومين كنتم

... بالماء تتعهده التي اليد تغيرت ما إذا يذبل انه خرج ثم يزرعه

دخلت لقد.. اليوم حتى عينيها تغادر لم مأساة دموع تمضغ أمك وكانت، فراشه في ملقى مريضا زال ما أبوك كان

المسدس ذاته الوقت في رأيت.. ذبيح بغضب يرتجف أبيك وجه نظراتي المست وحينما.. المنبوذ كأنني متسلالً الغرفة

.. برتقالة جواره والى.. الواطئة الطاولة على األسود

... يابسة جافة البرتقالة وكانت