٣٤١ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

استغالل األراضي في مصر الحديثة

أ.د/ محمد مدحت مصطفى

أستاذ االقتصاد الزراعي بجامعة المنوفیة

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٤٢

إذا كانت أنماط حیازة األراضي الزراعیة تنعكس بشكل مباشر على أنماط

استغالل تلك األراضي، فإن التعرف على الفئات االجتماعیة للفالحین یمكن أن

. ومن الناحیة القانونیة نجد أن الئحة الفالح یكمل صورة هذا االستغالل

م أعطت األقسام حق تأجیر أراضي ١٨٣٠هـ/ ینایر ١٢٤٥الصادرة في رجب

"یصرف أن األبعادیة للفالحین بهدف استصالحها وزراعتها حیث نصت علي

باإلیجار لمن یرید الزراعة بحسب واقع األرض ألجل رغبة الفالح ومنفعته

لصاحب األثر أن الالئحة السعیدیة. كما أجازت رضوسلوك زراعة هذه األ

یؤجر أطیانه لمن یرید لمدة تتراوح ما بین سنة وثالث سنوات، كما أجازت

تجدید عقد اإلیجار لمدة ثانیة برضي الطرفین المتعاقدین بشرط أن یكون

اإلیجار أو الزراعة بموجب سند دیواني یتم تحریره بواسطة المدیریة.

هـ ١٢٨٢رجب ٢٥في الالئحة السعیدیة تم تعدیل اعیلعهد إسمفي

م بحیث سمحت لمن یجند من أصحاب األراضي ١٨٦٥دیسمبر ١٤الموافق

الخراجیة بالتصرف في أراضیه باإلیجار أو بالمزارعة علي أن یظل التكلیف

باسمه ویستردها متي عاد من الجندیة. كما سمح دیوان عموم الجفالك والعهد

% من أراضي الجفالك للفالحین والعاملین بها. ومن الجدیر ١٠أجیر السنیة بت

قد تمكنوا من حیازة مساحات من األراضي موظفي األقالیم بالذكر هنا أن

الخراجیة عن طریق شراء حق المنفعة من الفالحین، كما اعتادوا على استغالل

لبیع لهم مما نفوذهم المستمد من الوظیفة وسطوتهم في إجبار الفالحین على ا

م بمنع الموظفین بصفة مطلقة من ١٨٥٦دفع الدولة إلى إصدار قرار عام

من أربابها، وتم تأكید هذا القرار على األراضي الخراجیة شراء حق المنفعة

م، واستمر هذا الوضع قائما ١٨٦٤عام أراضي رهن الغاروقةوتوسیعه إلى

م، ن ثم عاود ١٨٨٤ایر ین ٢٢حتى تم إلغاؤه بمقتضى أمر عال صادر في

٣٤٣ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

موظفي األقالیم استغالل سطوتهم ونفوذهم مما دفع مجلس النظار إلى حظر

سبتمبر ٧وكان ذلك في اإلیجار والمزارعةتعاملهم في تلك األراضي بطریقي

م. وبناء على ذلك استقر األمر بالنسبة لتعامل الموظفین في األراضي ١٨٨٩

األراضي من الغیر والمشاركة في زراعتها، الخراجیة على منعهم عن استئجار

بید أن حقهم في شراء منفعة األراضي الخراجیة الذي تقرر بموجب األمر

م لم یطرأ علیه أي تعدیل، وبذلك كان لهم ١٨٨٤ینایر ٢٢العالي الصادر في

أن یؤجروها للغیر ویشاركوا في زراعتها دون قید، وقد طبقت على أراضي

اجیة سائر أحكام تلك األراضي التي ملكت لهم باألمر الصادر الموظفین الخر

م، ١٨٦١منذ عام سمح للموظفین بشراء أراضي المیريم. وقد ١٨٩١عام

وذلك تنفیذا لألمر الصادر في تلك السنة ببیع أطیان المیري ألي مستخدم

مر یرغب فیها بغض النظر عن الجهة التي تقع بها هذه األطیان. كما أن األ

الذي منعهم من شراء حق المنفعة على األراضي الخراجیة من األهالي لم

یمنعهم من شراء أراضي المیري الواقعة في دوائر اختصاصهم، بل أنه استثنى

هذه األراضي صراحة من الحظر الذي قرره.

عقود اإليجار في مصر الحديثة

ستطیع أن نتبین م ن١٨٩٩/١٩٠٠بدراسة عقود إیجار ألرض زراعیة عن عام

مجموعة الحقوق وااللتزامات التي كان یتم االتفاق علیها في ذلك الوقت، ومنها

[... كما حق المالك في طرد المستأجر في أي وقت یشاء حیث نص العقد

وأن الطرفان المستأجر والمؤجر اتفقا اتفاق خصوصي علي أن هذه األطیان

جارة فعلي المستأجر تسلیمها إلیه إذا لزمت للمالك قبل انتهاء مدة هذه اإل

بدون معارضة وال طلب أدني تعویض ویكون ملزوم بسداد كامل ما یكون

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٤٤

مستحق لغایة یوم التسلیم وما یكون موجود فیها من المزروعات یصیر

، كما ألزم العقد المستأجر تقدیرها بمعرفة آل خبرة من أرباب الفالحة ]

[... وان كان بها بعض في نص العقد باستصالح قطع البوار فیها حیث جاء

قطع مستملحة فعلیه إصالحها وزرع ما یوافق زرعه فیها واذا أهمل في ذلك

. أما في ]ك عن كل فدان یتركه بور مبلغ ...یكون ملزوم بغرامة للمال

إیجارات الوجه القبلي فقد أضیف إلي العقود بندا خاصا بالضامن جاء فیه

ي هذا العقد وعلمت ما اشتمل علیه وضمنت وكفلت [... أقر بأنني اطلعت عل

المستأجر لألطیان الواضحة بهذا العقد ضمان حضور وغروم وتضامن

یجعلني أنا والمستأجر كشخص واحد في تنفیذ كافة أحكام هذا العقد، وأتعهد

بأن أدفع ما یتأخر علیه من اإلیجار والفواید والتعویضات وجمیع ما ینشأ من

العقد بدون تعلل بصدور أحكام علي مضموني أو طلب عدم تنفیذ هذا

تجریدة، ولیس لي أن أحتج بأي مهلة أو أي عمل یعمله المؤجر مع

ومالحظة دفع اإلیجار في المستأجر بل أتعهد من اآلن بمراقبة سیره

].مواعیده

العمالة الزراعیةت الفالحین یمكن التعرف على أوضاع العمالة الزراعیة بعد التعرف على فئا

من حیث ملكیة األرض وعالقات اإلنتاج حتى یمكن التعرف على الفئة

االجتماعیة التي تشكل المصدر الرئیسي لهذه العمالة. یمكن تقسیم الفالحین

عند نهایة القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرین إلي الفئات االجتماعیة

التالیة:

ون أراضیهم بأنفسهم وبمساعدة أسرهم وهؤالء كانوا یزرع الفالحون المالك:-

وذویهم، وقد یستعینون ببعض العمل المأجور في فترات جمع المحصول.

٣٤٥ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

وهؤالء كانوا یزرعون مساحاتهم الصغیرة ثم یعملون الفالحون شبه المعدمین:-

بعض الوقت لدى كبار المالك أو أغنیاء المزارعین. أو یستأجرون مساحات

ي جانب ملكیتهم القزمیة.أخرى صغیرة یزرعونها إل

وهم الذین ال یملكون أرضا علي اإلطالق، ویمكن أن الفالحون المعدمون:-

نمیز داخلهم بین ثالث فئات هي:

وهم الذین اعتادوا استئجار مساحات صغیرة من الفالحون المستأجرون: -

األرض، ویدفعون إیجارها نقدا مقدم أو عند جمع المحصول.

وهؤالء یعملون بصفة دائمة في ن بمزارع كبار المالك:العمال المرتبطو -

الملكیات الكبیرة ویقیمون في المساكن المبنیة في العزب، ویعملون إما

بالحصة أو بالیومیة.

وهم یعملون في األرض نظیر جزء من المحصول یقدر عمال الحصة: -

بالربع أو الخمس أو السدس حسب خصوبة األرض ونوع المحصول.

ا تتم خاصة القسمة في المحاصیل الغذائیة، أما محصول القطن وعادة م

فیستولي علیه المالك بالكامل ویبیعه بالسعر الذي یراه مناسـبا ثم یحاسب

عماله علي نصیبهم في الثمن.

، الذین عادة یستأجرون مساحات بالتملیةوهم المعروفون عمال الیومیة: -

و وأوالده أرض المالك نظیر صغیرة من أرض المالك في مقابل أن یزرع ه

أجر یتفق علیه ، یخصم من قیمة اإلیجار المفروض دفعه عند نهایة

العام.

الذین یحصلون علي قوتهم من خالل عمال التراحیلوهم عمال المیاومة: -

عملهم الیومي بأجور زهیدة تختلف من منطقة ألخرى ومن وقت آلخر.

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٤٦

كانوا هم المصدر األول للعمالة یتضح من ذلك أن الفالحون المعدمون

. الزراعیة وعلى ذلك یتعین دراسة تلك الفئة من الفالحین بشيء من التفصیل

فالفالحون المعدمون هم الفالحون الذین ال یملكون أرضا ولیس لهم سوى

قوة عملهم التي یستخدمونها في مجال الزراعة وما یتصل بها من أعمال

من الفالحین طوال القرن التاسع عشر بسبب . وقد تزاید ذلك القطاعأخرى

التطورات التي حدثت في نظام حیازة األرض حیث تحول قطاع كبیر من

فالحي أراضي العهد إلي فالحین معدمین، كما كانت الضرائب المتزایدة،

والسخرة، والتجنید سببا في ترك الكثیر منهم ألراضیهم وتسحبهم منها ولجوئهم

ي مزارع كبار المالك من أصحاب األبعادیات وخاصة في أعداد كبیرة إل

األجانب منهم حیث یجدون لدیهم الحمایة من أعمال السخرة وغیرها. وفضلوا

٣٤٧ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

بذلك أن یتحولوا إلي فالحین معدمین یعملون في دوائر وتفاتیش كبار المالك

على أن یكونوا مالكا مكبلین بقیود األرض وما یترتب علیها من ضرائب

م تم مناقشة ١٨٣٧غیرهما من االلتزامات التي أثقلت كاهلهم. في عام وسخرة و

...أن كثیر من األنفار وبعض المشایخ یتركون [الظاهرة وقال مدیر نبروة

زراعتهم ویأخذون مواشیهم وعیالهم ویتوجهون لیخدموا بالجهات المذكورة

ن یعمرون بقصد الحمایة ...فیصیر التنبیه علي نظارهم بأن یسلموا المتسحبی

في بالدهم حیث علیهم أطیان وأموال وبقایا كثیرة وترك أطیانهم بال تخضیر

.وأموالهم بال تحصیل لیس جائزا]

وهناك قطاع آخر من المعدمین تكون في إطار نظام العهد فقد أرغم

الفالحین المدینین للحكومة علي البقاء في قراهم علي أن یعملوا لدى المتعهدین

لعهدة التي عجز أصحابها عن زراعتها كعمال میاومة أو علي في أراضي ا

أساس المشاركة علي أن یقدم المتعهد البذور ورأس المال بینما یزرع الفالحون

وفي ظل هذا النظام فقد الفالحون حریتهم .األرض نظیر جزء من المحصول

.بعد أن فقدوا أراضیهم وانحدروا إلي مرتبة األتباع

ظاهرة الهرب واللجوء إلي كبار المالك بغرض ضمان ونظرا التساع

حیث رفض إعطاء أراضي أثریة محمد عليفقد اعترف بها األمن والحمایة

للفالحین الذین یعملون لدى كبار المالك، وجاء بخصوص ذلك فیما صدر

" یقتضي توزیع أطیان علي م ١٨٢٩هـ / ١٢٤٥ربیع أول ١٣بتاریخ

…، وال طلب للمیرى علیهم لیكونوا أصحاب أثر الفالحین الذین ال أثر لهم

أما ما یوجد في بعض البالد من المزارعین الذین لهم خمسمایة وألف فدان

وزیادة، وعندهم فالحون باألجرة أو بالشركة فیقتضي قیدهم عند المأمور

. وناظر القسم بأنهم لیسوا خالیین من األشغال

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٤٨

القرن التاسع عشر نجد أن خالل أوضاع العمال األجراءبدراسة

بعضهم مستقر بأراضي كبار المالك ویقیمون بها إقامة دائمة في مساكن

"مفردها فالح تملي أو فالح بالتملیة أو القراریةالتفتیش أو الدایرة وعرفوا

قراري"، والبعض اآلخر رحل یجلبون من خارج التفاتیش خاصة في موسمي

"مفردها فالح أجري أو األجریة أو الرحل الزراعة والحصاد، ویطلق علیهم

م أشیر إلي أن هناك ١٨٣٧عام الئحة الجفالكفالح ترحیله". وعند صدور

نوع من الفالحین المقیمین بالجفالك یزرعون األرض مقابل جزء من المحصول

یتفاوت ما بین سدس المحصول ونصفه، وتنزع منهم األرض في حالة إهمال

[بخصوص المزارعین المستخدمین في وا إلي عمال أجریة، الزراعة لیتحول

یوما أو كل ١٥الشفالك ومرتب لهم السدس تقرر أن تصرف لهم نقدیة كل

شهر، وكل ما یصرف لهم من مئونة یكون من أصل األجرة. وقد اقتضت

إرادة الخدیوي أن الذي یتحصل من محصول الذرة الصیفي یعطى لهم الربع،

لي فیعطى لهم النصف. وفي آخر كل سنة یعمل معهم حساب كل أما الذرة النی

واحد عن محصول زراعته وعن مقدار ما یخصه من السدس والربع والنصف

في الذرة ویخصم علیهم ما تعاطوه من الدراهم أجرة وأصناف مئونة، وكل

مزارع إذا كان یتبقى له شيء یصرف له في یده. والمزارع المتكاسل یرفع من

یرتب كأحد األجریة وتعطى األرض لغیره ممن عندهم رغبة واجتهاد].خدمته و

م تم االتفاق علي أن یتقاضى الفالحون الذین ١٨٤٠وفي عام

یعیشون في ضیاع الوالي نصف أجرهم نقدا، ونصفه عینا في كل یوم ثالثاء

بارات للحدث. أما من ١٠بارة للشاب، ١٥بارة للرجل البالغ ، ٣٠بمعدل

بارة في الیوم، ٤٠فقد كانوا یتقاضون إبراهیم باشاا یعیشون في ضیاع كانو

٣٤٩ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

منها في شكل حصة من الخبز والباقي نقدا في مواعید منظمة، كما كانوا ٣٠

. یتقاضون جزءا من المحاصیل ویسمح لهم باالحتفاظ ببعض المواشي والدواجن

ة تنظم العالقة م صدرت أول الئح١٨٤٦هـ/١٢٦٢ذي القعدة ٢٦وفي

بین الفالحین والدولة عند رغبة هؤالء في زراعة أجزاء من أطیان الدولة بطریق

المشاركة، وجاءت في خمسة بنود حددت أن تكون محصوالت الحبوب مناصفة

بین المیري والفالحین علي أن یقدم المیري التقاوي الالزمة للزراعة بینما یقدم

اعة بما فیها درس المحصول علي أن یخصم الفالحون الخدمات الالزمة للزر

من نصیب الفالحین ما یصرف لهم أثناء الزراعة، وأن یجرى تقسیم ثمن

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٥٠

محاصیل الخضر مناصفة بعد بیعها، وحددت الالئحة مدة المشاركة بین

.الفالحین والمیرى بأربع سنوات

"دائرة" البرنس حسین كامل باشا فيمأمور دایرة محمود عطیةیذكر

إن األنفار هي روح األطیان والماء حیاتها، واذا لم ……[ خطاب ألبنائه

توجد فیها أو خرجت منها األنفار تموت ولو كانت المیاه موجودة فیها لهذا

یجب علي أصحاب األطیان أن تكون أفكارهم متجهة إلي كیفیة ربط األنفار

ش جبارس أن أغلب أصحاب األطیان المتسعة بما فیها تفتی ……باألطیان

ملك البرنس حسین كامل كانوا یمنحون "أطیان معاش" للفالحین وذلك

للتحایل علي إیجاد األنفار التملیة وضمان بقاؤهم في التفتیش. ویتم تقسیم

أنفار الفالحین إلي أربعة درجات : یمنح أنفار الدرجة األولي فدانا وربع

ة الثالثة ثالثة أرباع الفدان، فدان، وأنفار الدرجة الثانیة فدان، وأنفار الدرج

وأخیرا یمنح أنفار الدرجة الرابعة نصف فدان، ویدفع الفالحون نصف أو ثلث

ما تساویه هذه األرض من إیجار مقابل أن یتعهد بالعمل في أرض البرنس

بأجرة یومیة تساوى ثلثي أجرة النفر الذي یستحضر من الخارج "كانت أجرة

روش، وأجرة التملي قرشان". إال أن هناك بعض النفر من الخارج ثالثة ق

المعاش وال یدفعون أجرة أصحاب األطیان ال یأخذون إیجارا من أطیان

[... إن وجود األنفار ویؤكد مأمور الدایرة علي أهمیة التملیة فیقول]. للتملیة

باألطیان وتشغیلهم بصفة تملیة هو روحها ألن بوجودهم یصیر عمل كل

أما األنفار غیر المقیمین باألطیان الذین یصیر استحضارهم الزما في وقته

من الخارج واستئجارهم بحسب اللزوم فهم أحرار یشتغلون عند من شاؤا ممن

یجدون راحتهم عنده في االشتغال أو بزیادة األجر خصوصا في وقت لزومهم

ویقدر عدد ]. كفایة لعمل ما یكون الزما بوقته وذلك لتعذر إیجاد أنفار

٣٥١ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

لفالحین التملیة الالزمین لكل مائة فدان وفقا ألسلوب الزراعة في ذلك الوقت ا

بخمسة عشر فردا، علي أن یكون من بینهم ستة أنفار درجة أولي، وكل من

الدرجات الثانیة والثالثة والرابعة ثالثة أنفار. ذلك یعني أن كبار المالك یتنازلون

.نا لتوفیر العمالة المستقرة% من مساحة أراضیهم ضما١٣عن استغالل نحو

أبعادیة ریاض باشا بمحلة وفي دائرة أخرى كان الفالحون التملیة في

فردا، قام الباشا بتوزیع ٦٠٠یكونون مائة أسرة تضم نحو روح مدیریة الغربیة

قیراطا علي كل أسرة لزراعتها لحسابها الخاص مقابل إیجار سنوى قدره ١٨

فردا ١٥٠جار السائد نظیر أن تتعهد األسر بتقدیم قرش وهو أقل من اإلی٢٠٠

للعمل بأرض األبعادیة بشكل دوري فیما بینهم لقاء أجر یومي یتراوح بین

قرش، وتقدیم أطفالهم للعمل في نقاوة ورق القطن وجني المحصول ٢.٥- ١.٥

.)٣٩( بارة ٦٠بارة حیث القرش یساوى ٦٠-٢٠لقاء أجر یومي یتراوح بین

تغص بأعداد كبیرة من الفالحین العزبالقرن التاسع عشر كانت وعند نهایة

ففي مركز قویسنا بمدیریة كعمال تملیة.المعدمین الذین یقومون علي زراعتها

المنوفیة كان عدد الفالحین الذین یقیمون بعزبة محمد بك الشنواني البالغ

واني البالغ فالح، وفي عزبة إبراهیم عمر المل ٣٥٥فدان یبلغ ٢٥٠مساحتها

فالح، وفي عزبة ٤٩٠فدان كان عدد الفالحین العاملین بها ٤٣٠مساحتها

٤٢٤فدان بلغ عدد الفالحین بها ٢٤٨القمص یوحنا غطاس البالغ مساحتها

فدان بلغ عدد الفالحین بها ٤٢٠فالح، وفي عزبة راتب باشا البالغ مساحتها

فدان بلغ عدد ٥٩٨ساحتها فالح، وفي عزبة أحمد یوسف علما البالغ م ٣٨٠

یتبین من ذلك أن نصیب الفدان من العمال .فالح ٨٢٢الفالحین العاملین بها

عامل ، أي ١.٧١عامل إلي ٠.٩١التملیة في هذه العزب المذكورة تراوح بین

في تقریره عن سنة كرومرفي المتوسط عامل تملي لكل فدان. ویعرض

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٥٢

انا ویعمل في أطیان غیره، فهو یستأجر م لحالة فالح تملي ال یملك أطی١٩٠٣

قرشا من أجره الیومي لدى المالك ١٧٠فدانا ونصف فدان ویدفع إیجار الفدان

یوم عمل بحیث یتبقى للفالح ٢٥قرشا في الشهر نظیر ٢٥الذي یعطیه

خمسة أیام للعمل في قطعة أرضه المستأجرة. وهذا الفالح دائما تقل إیراداته

.ا یظل هذا الفالح مدینا كل عام ویزداد ارتباطه بالمالك الكبیرعن نفقاته لذ

الذین كانوا یعملون في أراضي كبار الفالحین المعدمینوثمة نوع آخر من

وكانوا یجلبون من خارج بأجریة أو عمال التراحیلالمالك وهم من عرفوا

لعاملة التفتیش للمعاونة في األعمال التي تتطلب عددا كبیرا من األیدي ا

وخاصة في موسمي الزراعة والحصاد، وهذه الفئة من الفالحین كانت واستمرت

دهرا طویال من أتعس الفئات، حیث عانى أفرادها كثیرا من عدم استمراریة

العمل فضال عن ظروفهم القاسیة وانخفاض أجورهم مما كان ال یقیم أودهم،

هدین ومقاولي األنفار. هذا باإلضافة إلى تعرضهم الستغالل جیش من المتع

أكثر انتشارا في الوجه القبلي، بینما كان العمال األجریة"وكان الفالحون من "

أكثر انتشارا في الوجه البحري حیث تحتاج "العمال التملیة"الفالحون من

زراعات القطن لعنایة مستمرة. وال توجد إحصاءات عن عدد هؤالء العمال الذین

سعیا وراء الرزق، ولكن هناك من یقدر عددهم عند ینتقلون من مكان آلخر

ألف عامل زراعي متوسط أجر العامل ٦٦٠بدایة القرن التاسع عشر بنحو

وفي .منهم ثالثة قروش، بینما قدر عددهم عند نهایة القرن بنحو ملیون شخص

العمال م أن عدد ١٨٧٣تقریر لقنصل عام الوالیات المتحدة إلي حكومته عام

عامال تراوحت أجورهم بین ٤٢١٢٧٣في ثمانیة مدیریات بلغ رحلاألجریة ال

.ان علیهم إحضار طعامهمقرش وك ٢.٥- ١.١

٣٥٣ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

السخرة والفالحون

قائمة في مصر حتى تم إلغاؤها في العقد األخیر من السخرة العامةظلت

القرن التاسع عشر. وال توجد بیانات تفصیلیة عن أعداد الفالحین الذین

موا في أعمال السخرة العامة، ولكن توجد أعداد من تم استخدامهم في استخد

كانت السخرة من أهم أسباب تسحب الفالحین بعض المشروعات، وبشكل عام

م كان عدد ١٨٤٧. ففي عام وهجرهم لقراهم مما یدل علي مدي قسوتها

ألف نفر وهناك أمر ١٨٢.٠٧٧الفالحین المطلوبین لحفر ثالث ترع في الدلتا

م بأن ١٨٤٦سبتمبر ٢٤من الكتخدا نائب الوالي إلي عمدة قلیوب بتاریخ

یخرج في ألف نفر إلي فم ترعة الشرقاویة لسد مقطع جسیم بها مع التحذیر من

اإلبطاء.

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٥٤

) عدد العمال األجریة الرحل ومتوسط أجورهم٩/٤جدول رقم (

م. ١٨٧٣في عام

األجر الیومي عدد العمال المدیریة

بالقروش

األجر الیومي عدد العمال المدیریة

بالقروش

١.٢٥٠ ٢٢٧٤٧ البحیرة ٢.٠٠٠ ١٠٠٠٠٠ الغربیة

١.١٢٥ ٢٩٨٤٧ أسیوط ١.٥٠٠ ١٠٠٠٠٠ الشرقیة

٢.٥٠٠ ٣٤٧٥٩ اسنا ٢.٠٠٠ ٥٩٤٣٠ المنوفیة

١.٢٥٠ ٢٢٨٨٨ قنا ٢.٠٠٠ ٤٠٠٠٠ الدقهلیة

المصدر:

م، ١٩٨٣، دارالمعــارف، القــاهرة، القــرن التاســع عشــرالریــف المصــري فــي النصــف الثــاني مــن علــي شــلبي، -

.٢٥٩ص

زادت األعباء الملقاة علي عاتق الفالحین بالسخرة، عهد عباسوفي

فقد ألقیت علیهم أعباء حراسة جسور النیل، وابادة الجراد، ومد خطوط السكك

ألف نفر إلي جهة المالحة، ١٥الحدیدیة التي بدأت في عهده حیث أرسل

آالف نفر لجهة طنطا ألعمال سخرة السكك الحدیدیة. ومع ارتفاع وأربعة

[ م جاء به ١٨٥٤مایو ١٦أمرا إلي مدیر الجیزة بتاریخ عباسالشكوى أصدر

علمنا بأن األنفار المطلوبة ألعمال الترع والجسور والقناطر والسكك الحدید

ل یحصل ظلم حینما یجمعون من القرى ال یراعى العدالة والحق والمساواة ب

وغدر في حق الفقراء ویراعي المحسوبیة للمشایخ فعلیه مراعاة منطوق

هـ عن ١٢٦٤الالئحة الذي یقضي بجمع الثلث من عدد النفوس طبقا لتعداد

. ورغم أن اللوائح الخاصة بتشغیل الفالحین في أعمال السخرة كل قریة ]

لوثائق تشیر إلي تقضي بضرورة تغییرهم كل شهر إال أن هناك العدید من ا

ینایر ٢٦عكس ذلك فهناك خطاب من المعیة إلى مدیریة المنوفیة بتاریخ

م أوضح أن أحد الفالحین العاملین في القناطر الخیریة لم یتم تغییره منذ ١٨٥٣

فالحا من مدة خمسة عشر شهرا، والباقي لمدد تراوحت ٦١ست سنوات، وعدد

٣٥٥ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

ول مدة السخرة كانت هناك أیضا شهرا وثالثة شهور. باإلضافة لط ١٤بین

م عندما ١٨٥٢قسوة العمل مما كان یدفع بالفالحین إلي الهرب كما حدث عام

فالح من سخرة السكك الحدید في مدیریة الغربیة، ولم یتبقى من ٨٠٠هرب

أضیف عهد سعیدفالح. وفي ١٦٥١فالحا من أصل ٢٩سخرة الشرقیة سوى

فزادت أعباء السخرة زیادة كبیرة. كما تم ویسقناة السإلي الفالحین عبء حفر

یوما حیث تم رفع ٢٢ألف فالح خالل ١١٥تطهیر ترعة المحمودیة علي ید

م إلي عام ١٨٥٦ملیون متر مكعب من الطمي. وفي الفترة ما بین عام ٣

ألف نفر للعمل في حفر ٣٠ألف إلي ٢٥م كان یخصص ما بین ١٨٦٣

ن مثل هذا العدد في الطریق إلي منطقة العمل مما القناة، وبینما همیعملون كا

، هذا إلي جانب امل بعیدون بصفة مستمرة عن قراهمألف ع ٦٠یعني أن هناك

تزایدت األعباء الملقاة عهد إسماعیلالسخرة في األعمال العامة األخرى. وفي

م كان المطلوب حفر ورفع أتربة تعادل ١٨٦٧علي كاهل الفالحین ففي عام

٣٠لف قصبة مكعبة بالوجه البحري وكان عدد المطلوبین لهذا العمل أ ٣٠٠

ألف فالح لمدة ثمانیة شهور، وفي الوجه القبلي كان المطلوب حفره ورفعه

ألف فالح لمدة ٢٧ألف قصبة مكعبة وكان عدد المطلوبین لهذا العمل ٣١٩

ضرار من معاناة وأ عهد إسماعیلستة شهور. ولم یكن ما أصاب الفالحین في

نتیجة لتزاید أعمال السخرة فقط بل في التوقیت الذي یتم استدعائهم فیه حیث

تكون أراضیهم في أشد الحاجة إلي إلیهم بینما كان الفالح متأكدا قبل ذلك من

أنه لن یستدعى للسخرة في مواسم الزراعة والحصاد، وقد أدى ذلك األمر إلى

من حصاد غاللهم بعد جهد خراب واسع النطاق حیث لم یتمكن الفالحون

م استجابت الحكومة لكبار المالك حیث قررت ١٨٨٠وتكلفة الزراعة. وفي عام

علي فالحي العزب سواء كانت أراضیها "بدل العونة" إمكانیة دفع البدل النقدي

عشوریة أم خراجیة، ولم تسمح الحكومة بتعمیم البدل النقدي علي جمیع

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٥٦

علي جمیع "بدل العونة"السماح بدفع م تقرر١٨٨٧الفالحین. وفي عام

قرشا للفرد الواحد في مدیریات ٤٠الفالحین لمن یرغب في ذلك، وبلغت قیمته

قرشا في الوجه القبلي ولكن سوء األحوال المالیة للفالحین ٣٠الوجه البحري،

لم تمكنهم من دفع البدل وبذلك استمرت أعمال السخرة. وبعد ذلك أصبحت

في نفس المركز الذي یقیمون به أو علي األكثر في نفس السخرة محلیة

م ١٨٨٨سبتمبر ٢٤المدیریة وذلك بناء علي قرار مجلس النظار الصادر في

والذي یمنع أخذ أنفار من مدیریة لألشغال بمدیریة أخري إال في األحوال

م صدر أمر ١٨٨٩دیسمبر ١٩الجسیمة كالغرق والشرق والحریق. وأخیرا في

اء السخرة في جمیع أنحاء البالد مع اإلبقاء علي نوع واحد منها هو عال بإلغ

الخاص بحراسة جسور النیل وحفظها واستبدل بالعونة والبدل النقدي ضریبة

جدیدة فرضت علي األطیان العشوریة والخراجیة في حدود أربع قروش ونصف

ألف ١٥٠القرش للفدان الواحد ، بحیث ال یزید مجموع المحصل منها علي

جنیه مصري سنویا تضاف إلى مبلغ ربع ملیون جنیه خصصت ألعمال

المقاوالت. وبررت الحكومة إبقاءها علي سخرة حراسة الجسور أثناء الفیضان

ألف جنیه وهو ٦٠٠بأن اإللغاء التام للسخرة یتطلب اعتماد مبلغ سنوي قدره

.ما تعجز المیزانیة عن تحمله

سوى األطفال الذین یقل عهد محمد علية في لم یكن یعفي من السخر

عمرهم عن ثمانیة سنوات، والشیوخ الذین یزید سنهم عن سبعین سنة، والعلماء،

عهد سعیدوالعجزة. في عهد عباس أعفي حالقو الصحة من السخرة. أما في

فقد أعفي من أداء السخرة العساكر الذین تم تسریحهم من الجیش في عهده

رفع سن عهد إسماعیلدة خدمتهم عن عشر سنوات. وفي بشرط أال تقل م

سنة، وأنقصه من كبار السن إلى الذین ١٥الذین یعفون من السخرة إلى

٣٥٧ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

سنة، وأضاف أصحاب الحرف والفقهاء وخدم األضرحة ٥٠یزیدون عن

والمساجد والقسس وخدم الكنائس والخفراء، وقد تحدد ذلك كله بأمر عال صدر

دیسمبر من نفس العام أضیف إلي الفئات ٣١م. وفي ١٨٨١ینایر ٢٥في

المعفاة العمد والمشایخ وأوالدهم ماداموا مستمرین في الخدمة وتسقط عنهم إذا

تمنع استخدام عصر محمد عليفصلوا من وظائفهم. مع أن التشریعات منذ

هـ/ ١٢٤٥األهالي في السخرة الخاصة حیث نص قانون الفالحة الصادر في

"إذا كان شیخ البلد یأخذ جمل الفالح بالجبر علیه ویستعمل ي أنه م عل١٨٣٠

في نقل زرعه بدون أجره فتحصل منه أجرة المثل مثلین حسب الجاري

هـ/ ١٢٥٥شعبان ٢٦ثم عدل ذلك القانون في بالمملكة وتعطى لصاحبها"

"إذا كان شیخ القریة أو غیره یستخدم الفالح بال أجره علي وجه م إلي ١٨٣٩

سخرة في أشغال كحمل الزرع وحصاده فمتي ثبت علیه ذلك یغرم األجرة ال

كاملة لذلك الفالح ویحبس من خمسة عشر یوما لغایة خمسة وأربعین أو

"ال یجوز ، كما یضرب من اثني عشر جلدة لغایة خمسین عقابا علي تعدیه"

أو حسبما هو جار قدیما تشغیل األهالي مجانا في شئ یخص متعهدي البالد

. رغم كل وكالئهم أو المشایخ أو القائمقامات أو عمد البالد وسائر الحكام"

تلك القوانین إال أن واقع الحال كان غیر ذلك حیث استمرت السخرة الخاصة

استمرت ظاهرة هجرة .)٤٤(بصور مختلفة وباستخدام وسائل ضغط متعددة

، إال أنها تباینت األراضي وهروب الفالحین من القرى طوال القرن التاسع عشر

في حدتها من سنة ألخرى. وظلت أسبابها التاریخیة كما هي قسوة الضرائب،

وأعمال السخرة. ونظرا ألنه ستتم دراسة الضرائب الزراعیة تفصیال في باب

مستقل فإنه سیجري اإلشارة إلیها فقط عند دراسة عالقتها بموضوع هجرة

توفیر األموال الالزمة لتمویل م زادت الضرائب بحجة١٨١٧األرض. ففي عام

الحرب في الجزیرة العربیة مما دفع الفالحون إلي الهرب من األراضي. وفي

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٥٨

م سافر أحمد باشا حاكم البحیرة بنفسه إلي اإلسكندریة ١٨٢٧أغسطس ٣١

لیجبر كل من هربوا إلي اإلسكندریة علي العودة إلي قراهم، وتكرر الهرب عام

م ١٨٣٧ملیون لایر، وفي عام ٣.٥رات الضرائب م بعد أن بلغت متأخ١٨٣٢

ألف ١٩٠انخفض الفیضان وعجز الفالحون عن دفع قدر من الضرائب بلغ

كانت عهد سعیدفتسحبوا من األراضي. وفي قرش" ٥٠٠"الكیس یعادل كیس

األحوال أفضل نسبیا حیث كثیرا ما كان یسقط الضرائب المتأخرة في السنوات

وهرب غالبیة عهد إسماعیلعادت للزیادة الكبیرة في العجاف، إال أنها

الفالحین من قراهم، ومن تبقي منهم وقع فریسة للمرابین. ویذكر نائب القنصل

" أن الفالحین یهجرون ممتلكاتهم م ١٨٧٩البریطاني في تقریر له عام

الصغیرة هربا من الظلم الذي ینالونه علي أیدي المشایخ لیصبحوا عماال

لدى الذوات واألوربیین ، كي یكفل هؤالء لهم الحمایة من زراعیین

یوضح الجدول التالي تطور الضرائب المفروضة علي قریة بنى مشایخهم".

غالب بمدیریة أسیوط، حیث یتبین معدل الزیادة الرهیبة في حجم تلك الضرائب

علي هذه القریة التي بلغ زمامها واحد وستون فدانا فقط.

ونالفالحون والديلجأ الفالحون الذین لم یتسحبوا من األرض ویهجروا القرى إلي االستدانة حتى

یمكن لهم مواجهة األعباء القاسیة المفروضة علیهم من الضرائب الجدیدة،

باإلضافة لحاجتهم المستمرة لتمویل الزراعة بشراء تقاوي ومستلزمات اإلنتاج.

التجار بضمان المحصول بعد ولجأ الفالحون ألحد سبیلین: أما االقتراض من

تقدیر قیمته قبل النضج الكامل، أو رهن أراضیه للمقرضین ضمانا لسداد الدین

خاصة بعد أن منحت القوانین الجدیدة الفالحین حق رهـن األراضي. وبتتبع

نظـام االحتكار نرى الفالحین یبیعون محمد علـيذلـك الموضـوع بعد أن ألغـي

٣٥٩ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

أمرا إلي محمد علي، فأصدر جانب منهمر خاصة األمحصوالتهم مقدما للتجا

م بالتنبیه علي التجار ١٨٤٢بوغوص بك مدیر األمور اإلفرنجیة في عام

األجانب بعدم إتیان ذلك، وأن الحكومة لن تتدخل فیما ینشأ بین الدائن والمدین

نزاع. إال أن ذلك لم یمنع الفالحین من السعي إلي بیع محصوالتهم مقدما من

عصر جتهم الشدیدة إلي المال، ورغم ذلك فإن دیون الفالحین في أواخر لحا

لم تكن تشكل خطرا علي أوضاع عصر عباس األولوفي محمد علي

الفالحین االقتصادیة ولم تهدد بنزع ملكیة أراضیهم لصالح الدائنین المرتهنین

خاصة وأن عدد األجانب في عهدهما كان محدودا.

تدفق األجانب بأعداد هائلة علي البالد، ولكن عصر سعیدابتداء من

في الوقت الذي خفف فیه من وطأة الضرائب علي الفالحین في بدایة عهده

فإنه طالبهم بسداد هذه الضرائب نقدا، ومع انخفاض حجم النقد المتداول

اضطر الفالحون لبیع محصوالتهم مقدما إلي التجار أو االقتراض بالربا

% شهریا أي ما یعادل ٩الفائدة في بعض المناطق الفاحش حیث بلغت

دیسمبر ١٣أمرا إلي كافة المدیریات في سعید% سنویا، حتى أصدر ١٠٨

م یقضي بمنع بیع محصوالت الفالحین مقدما إلي التجار، كما سمح ١٨٥٥

بسداد جزء من الضریبة عینا. ولكي یضمن سالمة تنفیذ أمره تنازل عن

ذلك العام، كما أمر بتعدیل مواعید سداد أقساط متأخرات الضرائب حتى

الضرائب حتى تتناسب مع مواعید نضج المحاصیل. أما أول األخطار التي

هددت ملكیة الفالحین فكان البند الثامن من الالئحة السعیدیة الذي نص علي

أن األطیان التي مضي علي رهنها خمسة عشر عاما وال یزال موضوع الید

نفعتها من حق الدائن المرتهن، وكان هذا النص أول إجراء علیها تصبح م

مع عهد إسماعیللتجرید الفالحین من أراضیهم لحساب أصحاب الدیون. وفي

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٦٠

م یؤكد أن جبایة الضرائب ١٨٨٠زیادة الضرائب، ثم صدور قانون في مارس

نقدا هي الوسیلة الوحیدة المعترف بها.

المفروضة علي قریة بني غالب بمدیریة أسیوط، ) تطور قیمة الضرائب١٠/٤جدول رقم (

م).١٨٩١ـ ١٨٤٦خالل الفترة (

إجمالي الضرائب زمام القریة السنة

قرش بارة فدان قیراط سهم المیالدیة

١٨٤٦

١٨٥٥

١٨٥٨

١٨٦٢

١٨٦٥

١٨٧٦

١٨٩١

٢٠

٨

-٨

٨

٨

٨

٨

٩

-

١

٢

٢

٢

٢

٦٤٨

٦٤٨

٦٩٩

٧١٠

٧١٠

٧١٠

٧١٠

٩

٣٠

٢٢

٣٩

١٥

٢١

٢٠

٢٨١٤٦

٣٦٢٧٨

٤٦٨٨٠

٤٩٩٤٥

٦٦٤٠٧

٨٨٥٠٠

٩٠٩٣٩

ــرن التاســع عشــر علــي شــلبي،المصــدر: ــاني مــن الق ــي النصــف الث ــف المصــري ف ، دارالمعــارف، القــاهرة، الری

. ٢٢٢م، ص ١٩٨٣

وقع الفالحون مرة أخرى في مصیدة الدیون، وارتفعت الفوائد إلي ما

بین المرابین وموظفي % سنویا، وساعد علي ذلك التواطؤ ١٤٠- ١٢٠یعادل

الدولة الذین یجمعون الضرائب حیث غالبا ما یتوافق نزول المرابین إلي القرى

مع میعاد نزول الموظفین لجمع الضرائب. وكان من الصعب علي الفالحین

الحصول علي حقوقهم في ظل نظام القضاء القنصلي حیث استأثرت المحاكم

یع المنازعات الخاصة باألطیان م بنظر جم١٨٥٠القنصلیة ابتداء من سنة

ومنها الرهن ونزع الملكیة، وكان الفالح المصري إذا خسر دعواه أما األجنبي

وأراد استئناف الحكم فعلیه أن یستأنفه أمام محاكم البلد التابع لها الخصم. ومع

انخفاض أسعار القطن بعد انتهاء الحرب األهلیة األمریكیة انخفضت أیضا

الزراعیة وتزایدت مشاكل نزع األراضي لصالح المرابین األجانب قیمة األراضي

٣٦١ .استغالل األراضي في مصر الحدیثة

سدادا. فقامت الحكومة بدفع دیون المرابین األجانب بسندات علي الخزانة بفائدة

% وتتولى الحكومة التحصیل من الفالحین خالل سبع سنوات بفائدة ٧قدرها

طاعوا تدبیر %، وقد استفاد من ذلك القرار كبار المالك الذین است١٢قدرها

أمورهم خالل تلك الفترة بینما نزعـت ملكیـة صغار المـالك وفـاء للدیـن الذي لم

یتمكنـوا من سداده. وهناك العدیـد من الوثائق التي توضح حجم المساحات التي

استولى علیها المرابین في القرى نتیجة عدم وفاء الفالحین بالدین. ومع تطور

لت الشركات األجنبیة مجال الرهن العقاري ففي عام الزراعة وانتعاش السوق دخ

م قامت شركة التجارة المصریة وهي شركة إنجلیزیة بتسلیف الفالحین ١٨٦٥

بمدیریة البحیرة ما یزید عن ثالثین ألف جنیه في مقابل أطیان ارتهنتها بتصدیق

مدیریة البحیرة ومحكمتها. ویعد البنك العقاري المصري الذي تأسس في

أول وأهم البنوك التي عملت في حقل الرهن العقاري، إال أن هذا البنك م١٨٨٠

وغیره اهتم فقط بإقراض كبار المالك وبرهن األراضي التي تثبت ملكیتها بعقود

جنیه مصري خفضت بعد ٣٠٠رسمیة. فكان أقل مبلغ یمكن إقراضه هو

اقة صغار تدخل الحكومة إلي مائة جنیه، ولكن ظل هذا المبلغ أیضا فوق ط

المالك لیستمر تعاملهم مع المرابین األجانب وغیرهم. وقد ارتفعت قیمة الرهون

م إلي ١٨٧٦العقاریة المسجلة بالمحاكم المختلطة من نصف ملیون جنیه عام

م، من بینها خمسة مالیین جنیه دیونا علي ١٨٨٢سبعة مالیین جنیه عام

ى في ذلك العام بثالثة إلي أربع الفالحین، وقدرت دیون الفالحین المرابي القر

مالیین من الجنیهات. وبلغت مساحة األراضي الزراعیة التي باعتها المحاكم

فدانا، وفي عام ٢٢٠٤٧م جبرا عن أصحابها ١٨٨٣المختلطة في عام

فدانا، وفي ١٧٨٢٨م بلغت ١٨٨٥فدانا، وفي عام ١٨١٤٨م بلغت ١٨٨٤

ا تمت عملیة تجرید صغار الفالحین فدانا، وهكذ ١٢٩٦٩م بلغت ١٨٨٦عام

.من أراضیهم لتتجمع في أیدي كبار المالك من المرابین

أ. د محمد مدحت مصطفى ٣٦٢

نشأة واقرار الملكیة الفردیة لألراضي الزراعیة نقال عن كتاب للمؤلف بعنوان

م.٢٠١٣، دار رؤیة للطباعة والنشر، اإلسكندریة، في مصر