مجلة زهور العدد الرابع غشت 2012

1زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012دد

لعذا ا

هيف

مجلة إخبارية، اجتامعية وثقافية، تصدر عن جمعية زهور للعدالة االجتامعية والتنمية املستدامة، شهرية ومؤقتا فصلية.

العدد الرابع، السنة األوىل، شتنرب 2012.

املدير املسؤول: محمد املداين

رئيس التحرير: محمد أديب السالوي

اإلدارة والتحرير:19 حي خيرب- موالي ادريس زرهون

الهاتف: 89 49 40 61 06

الربيد اإللكرتوين:[email protected]

الهاتف: 28 66 36 61 06

نتقدم باعتذار خاص لكل قرائنا األعزاء وباألخص لصاحب الرقم الهاتفي الخطإ ال��ذي تم إدراجه س��ابقا ضم��ن أرقام

املجلة عن غري قصد، وشكرا جزيال

اإليداع القانوين: 2012 PE 0042

ردمد:2028 - 8190

اإليداع القانوين للصحافة: 03/2012

التوزيع:SaPress

الطبع واإلخراج :

RABAT NET MAROCAv. Hassan II Cité Al Manar n° 6/3 - Rabat05 37 20 46 32 - 06 61 20 37 [email protected]

Imprimerie

زهور- املحور الأول: الرباط التاريخ العميق

- املحور الثاين: الرباط بأقالم معاصريها

- الرباط العاصمة.. االنتقال املدوي في التاريخ وفي اجلغرافيا.- الرباط عاصمة ثقافية.

- حي القناصل.. ذاكرة الرباط التاريخية.- الرباط حتتضن الشمس وتتوسد احمليط.

- الرباط مدينة ال تشبه املدن.- زمن الرباط نهر بال ضفاف.

- املحور الثالث: حوار

األستاذ عبد الكرمي بناني رئيس جمعية رباط الفتح.

- املحور الرابع: من أعالم الرباط

- زاوية زهور : الكلمات

االنتهازية.

- مقالت واأبحاث:

الذكرى املئوية إلعالن الرباط عاصمة للمملكة املغربية

الصناعة املعجمية العربية تكشف للعالم هويتنا العلمية

النادي األدبي اجلراري الرباطي

- العدد املا�ضي يف امليزان:

إثراء في البحوث وتكامل في احملاور.

- منرب املجتمع املدين:

اجلمعية ماذا يعني هذا املصطلح؟ احللقة 2

- وبعد...

»كن ربانيا وال تكن رمضانيا«شارع الحسن الثاين - إقامة املنار رقم 6/3 - الرباط

زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 2

ولدت مجلة زهور، بعد مش��اورات متعددة مع كثري من املثقفني، ومناقش��ات مستفيضة لفكرة إصدار منرب ثقايف/اجتامعي؛ الهدف منه ليس فقط تس��جيل إس��م إضايف عىل قامئة وس��ائل اإلعالم يف بالدنا، ولكن الغاية األسمى من خالله، هي أن يستطيع القارئ الكريم، الذي يعترب حجر الزاوية يف الفكرة/املرشوع، الحصول عىل وسيلة إعالمية مميزة، قادرة عىل خلق قيمة ثقافية مضافة معتربة، وابتكار مقاربة جديدة لكشف خبايا هويتنا ومكنونات حضارتنا، وإبداع منهجية عرصية ومتجددة ملناقش��ة ومعالج��ة قضايا واقعنا االجتامعي بصدق وموضوعية، وبالتايل جذب هذا القارئ وتوس��يع دائرته، ومن تم املساهمة بشكل

فعال يف تشجيع القراءة وإنعاش الثقافة.

وق��د س��عت املجلة منذ عددها األول، لبل��وغ هذه الغاية، إىل تبن��ي الجودة ال الكم يف املضمون، وضبط املعايري املهنية ال االرتجال يف اختيار املحاور، والكفاءة واإلتقان يف انتقاء األقالم ال الش��هرة أو الدبلوم، مع اعتامد حد أدىن من التميز يف اإلخراج والطباعة، احرتاما لقرائها، واس��تجابة ملتطلبات املواصفات التي يجب أن تستوفيها كمجلة مغربية عرصية، تتطلع ألن تصبح سفرية خفيفة الظل، غزيرة العطاء، جميلة الصورة، حسنة القوام، بليغة اللغة، فصيحة اللسان لبلدها بالوطن العريب الكبري، وحتى عند الجمهور العريب خارجه.

ولرمب��ا قد تدرجت ق��درة أرسة املجلة يف احرتام وضبط هذه املعاي��ري بالدقة املطلوبة يف العدد األول، ثم الثاين، ليتحس��ن الوضع بصف��ة ملحوظة خالل العدد الثالث، وهذا يشء عادي وطبيعي متر منه كل املشاريع، إال أن ما ميز ومييز مجلة زهور، هو طبيعة التطور املتدرج واملس��تمر الذي يالحظ عىل مس��توى جودتها كام وكيفا وش��كال من عدد آلخر، معتمدة يف ذلك عىل إمكانياتها الذاتية املحدودة واملتواضعة ال غري، وهو ما يفرس نجاعة

تدبريها وفعالية نظام عملها.

وقد أدى هذا املسار الذي جعل من املجلة اآلن - خالل عددها الرابع – يف مرحلة متقدمة من الخربة يف العمل، والجودة يف التدبري، والنضج يف اإلنتاج والعطاء، إىل الدفع بنا لإلعالن عن سياسة مجلتنا بصفة رسمية ألول مرة، خاصة وأننا عىل مرمى حجر من افتتاح املوسم

الثقايف الجديد.

وتتلخص هذه السياسة يف ما ييل:

- االهتامم بالرتاث الحضاري والثقايف والتاريخي للمدن املغربية، وبعض املدن العربية؛

- إبراز معامل هويتنا اإلسالمية العربية بالخصوص، والتعريف بها؛

- تشجيع املبادرات واإلبداعات الثقافية والفنية الوطنية والعربية؛

- متابعة املستجدات الفنية والثقافية الوطنية والعربية والدولية؛

- نرش ثقافة حقوق اإلنسان، وتبسيط املساطر املتعلقة بها، ومتابعة أحداثها؛

- متكني جمعيات املجتمع املدين من التعبري عن ذاتها، وطرح مشاكلها، وتقديم آرائها؛

- الوعظ والنصيحة واإلرشاد من خالل املؤسسات الرسمية املختصة.

ومام الش��ك فيه، أن منربا إعالميا بهذه املواصفات سيس��اهم، باإلضافة إىل تنمية القراءة وإنع��اش الثقافة ومن خالل ذل��ك، يف التعريف باملغرب ومميزاته، خاصة لدى أش��قائنا العرب واملسلمني، مام قد يؤثر تأثريا إيجابيا يف جلب االستثامر، وتنمية السياحة الثقافية، وخلق وتنظيم التظاهرات الفنية، وتش��جيع التبادل الفك��ري واألديب... وهذه كلها مهام تتحمل مسؤوليتها قطاعات حكومية بعينها، انتظرنا وسننتظر إىل أن تنتبه، أو بعضها عىل األقل، إىل هذه املجلة، وتس��توعب دورها، وتقدر مجهوده��ا، لتدعمها ماديا ومعنويا يك تتمكن أخريا من أن تخدم املجتمع بطريقة حضارية تس��اعد عىل االستقرار، وتدعم عمل املؤسس��ات، وتش��جع عىل الحوار، وتعرف بحقوق االنس��ان، وتحد ما أمكن، من العنف والتط��رف والتعصب، والجهل الثق��ايف الذي أضحى حاليا األكرث خط��ورة، واألخطر فتكا،

بالشعوب واملجتمعات والدول.

فاحتة

w�«b*« bL�� ∫ ‰ËR�*« d�b*« ≠ 2012 d�M�� l�«d�« œbF�« ØØ WOKB� U��R� —bB� W�dN� WF�U� WO�UL��« WO�UI� WK��

UL�—œ 15 ∫ sL��« Zohour Magazine

لوحة الغالفاللوح��ة حتم��ل اس��م الرباط العتيق، و هي من إبداع الفنان عصام��ي، الس��قاط، ندي��ر م��ن مواليد مدينة فاس س��نة

.1980

والفنان ي��كاد يكون مختصا ف��ي رس��م االت��ار احلضاري��ة للم��دن املغربي��ة. أجن��ز هذه اللوحة ملجلة زهور بطلب من

أسرة حتريرها.

سياستنا، والسياسة الرسمية؟!

3زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012

محور خاص

الرباط... التاريخ العميق

زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 الرباط.. التاريخ العميق4 محور خاص..

الرباط... التاريخ العميق

تأخذ من أقواس قزح أنصع بياضه وتعتلي في شموخ رابية الزمن، مدينة حفيلة بتاريخها القديم والحديث، راكمت عبر القرون الخوالي ما تفرق في غيرها من جسوم الجمال وعبقرية

الفضاءات. إنها العاصمة العامرة المشرعة على عوالم اإلدارة والعلوم والفنون والصناعات اليدوية والتكنولوجيا والرياضة والثقافة والقضاء، والمعالم األثرية المماثلة من المدن المعروفة في عالم

اليوم.يجمح الخيال في لحظة تلقي مشاهد الفضاء التاريخي المغربي المشرف على ضفاف نهر

أبي رقراق؛ ساحات رحيبة من أعلى رابية محادية للوادي من جهته اليمنى، تنتصب مسالتها “سواريها” المثقلة بتضاريس القرون وبجغرافيا التحدي، التي ال يفكر فيها بعيدا عن عبقرية اإلنسان المغربي الذي جعل من الزمن مكونا جوهريا يحمل عناصر خصوصيته الثقافية الغنية

بحموالته الدالة... تلك هي أنظمته التواصلية في المعرفة والثقافة والفكر واألدب والعلوم السياسية... إلخ.

5زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 الرباط.. التاريخ العميق محور خاص.. تعتببر مدينة الرباط )عاصمببة املغرب( ثاين أكببر مدينة يف اململكة املغربية، تقع عىل سبباحل املحيط األطليس يف سببهل منبسط فسيح، وعببىل الضفة اليرسى ملصب نهر أيب رقراق الببذي يفصل املدينة عن سال املدينة القدمية. يبلغ عدد سكانها أكرث من مليون ونصف نسمة. اشببتهرت يف املايض بصناعة النسببيج وتحتضن يف الزمن الراهن، أكر جامعببة مغربية/ جامعة محمد الخامس أول جامعة حديثة باملغرب

الحديث.

أسببس املوحدون العاصمببة الحالية للمغرب يف أواسببط القرن الثاين عببر، حيث بنببى فيها عبد املؤمن “رباط الفتببح” وهي نواة مدينة محصنة شببملت باإلضافة إىل القلعة، مسببجدا ودارا للخالفة، ويعتر حفيده يعقوب املنصور، مؤسسببها الحقيقي إذ ذكر عدة مؤرخني أن اكتببال بناء املدينة كان عىل عهد أيب يوسببف املنصببور، مبا يف ذلك

السور والبوابات.

ويذكر التاريخ أن مدينة الرباط عرفت خالل العهد املوحدي إشببعاعا تاريخيا وحضاريا، حيث تببم تحويل الرباط )الحصن( عىل عهد عبد

املؤمببن املوحببدي إىل قصبة محصنة لحاية جيوشببه التي كانت تنطلببق يف حمببالت جهادية

صوب األندلس. ويف عهد حفيده يعقوب املنصور، أراد أن يجعل منها عاصمة لدولته، فأمر بتحصينها بأسببوار متينة، وشيد بها عدة بنايات، من أشهرها مسجد حسان بصومعته الشامخة. ويف القرن الرابع عر بدأت الرباط تعرف اضمحالال بسبببب املحبباوالت املتتالية للمرينيني

لالستيالء عليها، وتحويلهم إياها إىل مقرة ملكية.

يف املحور التايل، جولة رسيعة يف فضاءات تاريخها العميق.

1/ شالةبقي موقع شببالة يف الرباط مهجورا منذ القببرن الخامس حتى القرن العارش امليالدي حيث تحول إىل رباط يتجمع فيه املجاهدون ملواجهة قبيلة برغواطة. لكن هذه املرحلة التاريخية تبقى غامضة إىل أن اتخذ السببلطان املريني أبو يوسف يعقوب سببنة 1284م من املوقع مقرة لدفن ملوك بني مرين وأعيانهم، حيث شببيد النواة األوىل ملجمع ضم

مسجدا ودارا للوضوء وقبة دفنت بها زوجته أم العز.

حظيت شالة يف عهد السببلطان أيب الحسن باهتام بالغ.


وبنى ابنه السببلطان أبو عنان بها املدرسببة شببال املسجد والحام والنزالببة، وزيببن أرضحة أجداده بقبببب مزخرفة تعتببر منوذجا حيا للفن املعاري املتميز لدولة بني مرين. تراجعت شببالة مبارشة بعد قببرار املرينيني إعادة فتببح مقرة القلة بفاس، فأهملببت بناياتها، بل وتعرضت يف بداية القببرن الخامس عر امليالدي للنهب والتدمري إال أنها احتفظت بقدسببيتها العريقة وعاشببت بفضل ذكريات تاريخها القديم عىل هامش مدينة رباط الفتح، لتصبح تدريجيا مقرة ومحجا

لساكني املنطقة، ومعلمة تاريخية متميزة تجتذب األنظار.

يف القببرن الرابع عر امليالدي )و تحديدا سببنة 1339( أحيط املوقع بسور خايس األضالع مدعم بعرين برجا مربعا وثالث بوابات، أكرها وأجملها زخرفة وعارة الباب الرئييس للموقع املقابل للسور املوحدي لرباط الفتح. أما داخل املوقع فقد تم تشييد أربع مجموعات معارية مستقلة ومتكاملة تجسد كلها عظمة مقرة شالة ومكانتها عىل العهد املريني. ففي الزاوية الغربيببة للموقع ترتفع بقايا النزالة التي كانت تأوي الحجاج والزوار. ويف الجزء السفيل تنتصب بقايا املقرة املرينية املعروفة بالخلوة، والتي تضم مسببجدا ومجموعة من القبب، أهمها قبة السلطان أيب الحسن وزوجته شمس الضحى، واملدرسة التي تبقى منارتها املكسببوة بزخرفة هندسية متشابكة ومتكاملة وزليجها املتقن الصنع، منوذجا أصيال للعارة املغربية يف القرن الرابع عر. ويف الجهة الجنوبية الرقية للموقع يوجد الحام املتميز بقببه النصف دائرية، التي تحتضن أربع قاعات متوازية: األوىل لخلع املالبس والثانية باردة والثالثة دافئة والرابعة أكرث سببخونة. أما حوض النون، فيقع يف الجهة الجنوبية الغربيببة للخلوة، وكان يف األصل قاعة للوضوء ملسببجد أيب يوسف، وقد نسجت حوله الذاكرة الشعبية خرافات وأساطري جعلت

منه مزارا لفئة عريضة من ساكنة الرباط ونواحيها.

****

كانت شببالة عبارة عن حقول فالحية ومراع خصيبة لقطعان املاشية، وعمد يعقببوب املنصور املوحدي إىل إقامة دعائم أسببوارها، منبهرا بجال هذه الفضاءات، وواصل أبو سعيد )1331( بناء سورها املحيط وأكمل بناءه أبو الحسببن )1339( وتتوسببط هذه األسببوار السميكة صومعببة مربعة منقوشببة بخزفيات متعددة األلوان، تعشببش فوقها طيور اللقالق. وبداخل شالة صهريج وقاعات جنائزية وزاوية ومحراب وسقوف مكسوة بخطوط وكتابات ونقوش. وقد حىص الوزان، “ليون اإلفريقي” حني زار هذا املوقع التاريخي الجميل، اثنني وثالثني قرا، مل يبق منها سوى أحجار ملغزة بفعل عوامل التعرية واألعشاب السائبة،

أمببا املعامل املاثلة فهي عبارة عن قبب بيضاء عليها أعشبباش هائلة لطيور اللقالق. ويتعني زيارة شالة يف موسم الربيع حيث تزهر أكام ورودها وتتفتح أزهارها وتعبق بأريج النعان واألقحوان والياسببمني والرياحني واللبالب والبنفسببج، وتورق ورقات أشجار الزيتون وتتدىل العناقيببد وتتدىن حبات املببوز من أيدي القاطنببني... يغمرهم خرير

الجداول النابعة من “عني شالة”...

ومعلوم أن شببالة كانت محط مروع للرتميم والصيانة يف مثانينيات القرن املايض، من أجل أن تكون مركزا للثقافة والفن اإلسالمي القديم ومركزا سببياحيا بفضل أطاللها القدمية والقروسطية داخل فضاء نبايت

وطبيعي متنوع.

2/ قصبة األودايةكانببت قصبببة األودايببة يف األصل قلعببة محصنة، تم تشببييدها من طببرف املرابطني ملحاربة قبائل برغواطيببة، وازدادت أهميتها يف عهد املوحدين، الذين جعلوا منها رباطا عىل مصب وادي أيب رقراق لشببن حمالت عسببكرية ضد اإلسبببان، وأطلقببوا عليها إسببم املهدية. بعد املوحديببن، أصبحت مهملة إىل أن اسببتوطنها املوريسببكيون الذين جاءوا من األندلببس، فأعادوا إليها الحياة بتدعيمها بأسببوار محصنة وجعلها مقرا لدويلة أيب رقببراق التاريخية. ويف عهد العلويني، عرفت قصبببة األوداية عدة تغيريات وإصالحات ما بني سببنة 1757 و1789، وكذلك ما بني سنة 1790 و1792. وقد عرف هذا املوقع تاريخا متنوعا ومتميببزا، يتجىل خصوصا يف املباين التي تتكببون منها قصبة األوداية. فسورها املوحدي وبابها األثري )الباب الكبري( يعتران من رموز الفن املعاري املوحدي، باإلضافة إىل مسببجدها املعروف بالجامع العتيق. أما املنشببآت العلوية فتتجىل يف األسببوار الرشببيدية، والقرص األمريي

الذي يقع غربا وكذلك منشآتها العسكرية كرج صقالة.

تقع قصبة األوداية شال رشق مدينة الرباط فوق جرف صخري يطل عىل الساحل األطليس ومصب نهر أيب رقراق. تحيل كلمة األوداية عىل إسببم قبيلة صحراوية كانت تسببكن القصبة وأدمجت ضمن الجيش

العلوي للدفاع عن املدينة ضد هجات القبائل املجاورة.

ال نعببرف إال اليشء القليل عن تاريخ املوقببع قبل مجيء املوحدين، ويذكر املؤرخون أن األمري املرابطي تاشببفني بن عيل بنى سنة 1140م عببىل مصب نهببر أيب رقراق رباطا عسببكريا ودينيا أطلق عليه إسببم قرص بني تاركببة: وقد مكنت الحفريات التي أجريت مؤخرا بالقرب

الرباط.. التاريخ العميق محور خاص..


مببن الببباب الكبري مببن العثور عىل بقايببا أثرية تعود لهببذه القلعة الوسيطية.

إال أن التاريببخ الحقيقي للموقع يبتدئ مع مجببيء املوحدين. ففي سببنة 1150م أمببر عبد املومن بن عيل أول الخلفبباء املوحدين، ببناء قلعببة عىل الضفة اليببرسى ملصب أيب رقراق وسبباها املهدية لعبت هببذه القصبة دورا هاما حتى وفاة مؤسسببها، حيث فقدت أهميتها وأهملت لتحل محلها مدينة رباط الفتح الجديدة التي بناها يعقوب

املنصور.

ويف سببنة 1609م ، ملا طرد فليب الثاين املوريسكيني من إسبانيا، حل حوايل 2000 ممن يعرفون )بهورناتشببريوس( بالقصبة حيث استقروا بها واسببتقطبوا اآلالف من املطرودين ليعززوا مكانتهم. وحتى يأمن خطرهم، عمد السببلطان السعدي املوىل زيدان إىل دمجهم يف جيشه وكلفهم بالدفاع عن مدينتي الرباط وسال. كانت القصبة يف حالة خراب، فقام املوريسكيون برتميم األسوار وعدة بنايات، ومقابل ذلك منحهم السببلطان حق استخالص الرضائب عىل السلع داخل امليناء. مل تستمر هذه الوضعية إال بضع سببنوات إذ استقل املوريسكيون عن السلطة املركزية وكونوا ما يعرف بجمهورية أيب رقراق املسببتقلة واتخذوا من القصبببة عاصمببة لهم. وقد كانت هذه اإلمببارة الصغرية تعيش عىل

مداخيل امليناء وتتعاطى للقرصنة عىل السواحل األطلسية.

ومع وصببول العلويني إىل الحكم، انتهت هببذه الفرتة املضطربة من تاريخ مصب أيب رقراق حيث سببيطر املوىل رشببيد سنة 1666م عىل القصبة ووضع املورسكيني تحت سلطته. وبالرغم من استمرار نشاط القرصنة يف املنطقة، فإن السببلطان متكن من ضبط األوضاع وعرفت القصبة يف عهده عدة أشببغال للتوسعة، حيث مدت األسوار يف اتجاه الجنوب الرقببي ودعمت برجني كبريين، كببا رشع يف بناء اإلقامة

امللكية التي استمرت أشغالها تحت حكم املوىل إساعيل.

وخالل الفرتة املمتدة من سببنة 1757م إىل سنة 1789م قام السلطان سببيدي محمد بن عبد الله برتميم تحصينببات القصبة وإعادة تهيئة امليناء لدرء مخاطر وهجات املسببيحيني كا جهز أسببطوال وجيشببا لوضع حد لنشاط القرصنة والسيطرة عىل النشاط التجاري، لكن أهم إنجازاته العسببكرية متثلت يف بناء برج الصقالة الذي وضع تصميمه

املهندس الشهري محمد اإلنجليزي.

وتحببت حكم املوىل يزيد )1792-1790م( شببهدت القصبة بناء عدة معامل أهمها املخازن التي تعلو ساحة امللوحة. أما املوىل عبد الرحان

)1859-1822م(، فقد قام بتعمري القصبة مبجموعة من وجهاء وأعضاء قبيلة الودايببة املعقلية الصحراوية، وكلفهم مبهببام الرطة واملراقبة

واستخالص الرضائب وتسيري الشؤون العامة.

تجمع قصبة األوداية بني الحصون واألبراج وتطل عىل جنبات الساحة القدمية لسببوق الغزل “سوق الصوف” حيث كانت النساء الناسجات )1920( يأتببني مرتني يف األسبببوع ليبعن منسببوجاتهن كا تطل عىل شببارع “القناصل” حيث كان يقيببم األوربيون )1911(. كانت هناك 17 أرسة أوربية وإقامات لقنصليات فرنسا وإنجلرتا وهوالندا، يتلبس دور القصبة بياض ملفت، إنها نوسببطالجيا األحجار واألسوار واأللوان العتيقببة، وعىل مببدار عصور، شببكلت هذه القصبة مركزا عسببكريا خصوصا بعد إقامة األندلسببيني عىل ضفة النهر اليرسى خالل القرنني السادس والتاسببع عر، وأخذت القصبة إسمها عىل عهد املوىل عبد الرحببان، ومعلببوم أن األوداية اسببتفادت من عدة أشببغال للرتميم

والتوسيع والتجديد عىل يد ملوك الدولة العلوية.

متحف األوداية تجسببيد لعنارص التأثيث داخل البيت املغريب، يضم إىل فضاءاتببه آالت موسببيقية وجواهر بربرية وأوان فخارية فاسببية وزرايب فخمببة، واملتحف مرع عىل حدائق أندلسببية وافرة الخرضة واملبباء والظالل... ويعتر متحف األوداية )1915( واحدا من املتاحف األركولوجية/ اإلثنوغرافية، كمتحف البطحاء بفاس )1920( ومتحف دار اليس سببعيد بفاس كذلك )1932( ومتحببف باب العقلة بتطوان )1929( وأما متحف الرباط فهو واحد من بني املتاحف األركيولوجية )1920( وهو مؤسسببة ثقافية تضطلع مبهام حفببظ الرتاث وحايته وترميمه وعرضه بقصد الدراسة والنر، واستثاره يف مجاالت ثقافية

واقتصادية واجتاعية.

3/ جامع حسانيعببد واحدا من بني املباين التاريخية املتميزة مبدينة الرباط التي تقع عليها عني الزائر، شببيد من طرف السلطان يعقوب املنصور املوحدي، كان يعتببر من أكر املسبباجد يف عهده. لكن هببذا املروع الطموح توقف بعد وفاته سنة 1199م، كا تعرض لالندثار بسبب الزلزال الذي رضبه سببنة 1755م. وتشببهد آثاره عىل مدى ضخامة بنايته األصلية، حيث يصل طول املسببجد إىل 180 مرتا وعرضه 140 مرتا، كا تشببهد الصومعة التي تعد إحدى الشقيقات الثالث لصومعة الكتبية مبراكش، والخريالدا بإشبيلية عىل وجود املسجد وضخامته. هي مربعة الشكل تقف شببامخة حيث يصببل علوها 44 مرتا، ولهببا مطلع داخيل ملتو، يؤدي إىل أعىل الصومعة ومير عىل سببت غرف تشببكل طبقات. وقد زينت واجهاتها األربع بزخارف ونقوش مختلفة عىل الحجر املنحوت

وذلك عىل النمط األندليس املغريب من القرن الثاين عر.

فعىل رابية تطببل عىل نهر أيب رقراق الذي يفصل بني مدينتي الرباط وسببال، تقع صومعة حسان شببامخة يف الزمان واملكان، ال يضاهيها يف هذه املكانة إال قصبة األوداية املقابلة لها واملحاذية للمحيط والنهر.

يف العببام 593 للهجرة )1198-1197 للميالد( أصدر مؤسببس مدينة الرببباط الخليفة املوحدي الثالث يعقوب املنصور أمرا بتشببييد هذا الجامببع العظيم عببىل مرتفع مقابل ملدينة سببال مطببل عىل الضفة



الجنوبية لنهر أيب رقراق وعىل مقربة من مصب املحيط األطليس.

وقببد زينت الواجهات األربع لصومعته بزخارف ونقوش مختلفة عىل الحجر وذلك عىل النمط األندليس املغريب من القرن الثاين عر.

كان هذا املسببجد يعتر أكر مسجد بالعامل اإلسالمي مبساحة 26 ألفا و100 مرت مربع. لكن انشببغاالت الدولة املوحدية مبشبباكل األندلس وإغاثة السببلطان املوحدي لهم من زحف املسيحيني حال دون إمتام

بنائه.

ويؤكد الباحث املؤرخ إبراهيم حركات) ( أن جامع حسان يستمد فنه يف الجملة من مسبباجد األندلس والقريوان والرق اإلسالمي، وهكذا يأخذ الجامع شببكله العام من هندسببة الجوامع األندلسية، ومن بني مؤثراته الرقيببة السببيقان املواجهتان لجدار القبلببة ومن مؤثرات القريوان عقود املنار املتجاورة وقد نضيف إليها عدم تساوي األعمدة ولببو أنها كانت عن قصد يف جامع حسببان، رمبببا لرتفع فوق صغارها قباب تتساوى يف ارتفاعها مع السقف املنصوب فوق األعمدة الكبرية،

وليك ال يضفي تساوي العقود عىل املسجد طابعا رتيبا.

ويتوفر املسببجد عىل آبببار داخلية لحفظ امليبباه وترصيفها، وبالتايل لالستعانة بها باإلضافة إىل مياه القنوات الخارجية التي ال يبدو لها مع ذلك أثر، كا ال نشبباهد أثرا لفسقيات الوضوء التي يبدو من تصميم الجامببع أنه مل يكن لها مكان يف وسببطه الذي كان معدا للتسببقيف

كمعظم مساحة الجامع.

ويالحببظ أن محببراب الجامع الذي يقع يف أقببىص البالطة املركزية ال يتجه نحو الجنوب الرقببي، فجدار القبلة ينحرف كثريا نحو الرق، وهو مربع الشببكل بخالف باقي املسبباجد املغربية. ويتجه الصحنان الجانبيان عر مثانية أساكب وثالث بالطات ويحيط بها أعمدة ترتفع

عليها عقود.

ونظببرا الرتفبباع البناء فببإن بعض أبواب املسببجد كان يصعببد إليها بدرجببات مل يبق منها اآلن إال سببافلها يحيط بهببا جدران من الجص وكانت سبعة من هذه األبواب ترف عىل الصحن. وكانت األبواب يف غاية الضخامة حسببب تقدير بعض الخراء. فقد كان ارتفاعها يتجاوز ارتفاع الجدار نفسببه أي 10 أمتار، كا كان عرضها يداين عرة أمتار

ونصفا.

أمببا تيجببان األعمدة فتختلببف زخرفتها، فبعضها يشبببه تيجان باب

الرواح وبعضها يشبه تيجان أعمدة مسجد قرطبة.

أما بيت الصالة فيشببكل تصميا عىل شببكل )T(، ولكن الغريب أن أكرث األسبباكب الكرى هي التي تحادي الصحن املجاور للمنار. ويبلغ مجموع أسبباكب بيت الصببالة 18 منها ثالثة يف الجنوب وسبببعة يف الشببال تحتوي عىل تسع عرة بالطة. أما األسبباكب الوسطى التي يجاورهببا صحنان صغريان فتشببتمل عىل إحدى عببرة بالطة وهذا

بقطع النظر عن األروقة الجانبية األخرى.

4/ أبواب الرباطتنفتح مدينة الرباط، عىل تسعة أبواب هي:

1/ باب البحر: يفيض إىل نهر أيب رقراق وزنقة الصباغني وزنقة القناصل، كان محاطا مبركز للمراقبة الجمركية، ومل تعد الكتابة املخطوطة عليه قابلة للقراءة بفعل تآكلها برطوبة البحر. يف طرفه اآلخر ينتصب برج “لال القاضية” وهو عبارة عن برج بسببيط كان يسببتعمل للمراقبة... وكان املاء -يف القرن املايض- يغمر هذه الباب التي كانت تعتر قدميا

الرابط الوحيد بني الوادي واملدينة.

2/ ببباب لعلو: تؤرش عىل مدخل الشببارع الذي سببيصبح عام 1912 الفضبباء األكرث حركيببة يف مدينة الرببباط؛ فنببادق ومطاعم ومرسح “أبولو” والعارات اإلدارية واملتاجر ومطابع الجرائد، وحيه املشببهور

هو املعروف باسم لوبريا.

3/ باب األحد: سببميت كذلك النعقاد سببوق بها أيببام اآلحاد، توجد عىل مقربة من السببوق املركزي الحايل، ومع بداية الحاية، شببهدت السبباحة الكرى أمام باب األحد بناء أول محطة للركاب تربط الرباط

بالدار البيضاء.

4/ ببباب الرواح: أو باب الريح تنتصب يف شببموخ عند ناصية شببارع النرص، وهي تذكر مبعار باب قصبة األوداية، وقد تم توسببيع الباب ليتكيف مع حركية السببري، وعىل الجهة املقابلة للباب توجد املدرسة

الوطنية لإلدارة وتضم املعهد العايل لإلدارة.

5/ باب زعري: أو باب “لحديد” ويبعد بثان مائة مرت عن باب الرواح، قبالة باب شببالة، يحمل إسببم “لحديد” ألن ساكنة زعري الوافدة عىل املدينة كانت تضببع أدواتها وآالتها الحديدية عنببد هذه الباب، قبل

الدخول إليها، شكلت هذه الباب مركزا معروفا للمراقبة.

6/ باب التنب: والذي يسببمى حاليا باب الجديد، انتصبت بالقرب من



سببوق التنب الذي صار سوقا بلدية منذ 1912، وهو يوجد عىل ناصية الشارع الذي يفيض إىل زنقة الجزاء “لكزا” كا يسميها أهل الرباط.

7/ ببباب لبويبة أو الباب الصغببرية: كانت عبارة عن قبة يف مثل قامة رجل، وهي تؤدي إىل زنقة “سيدي فاتح” وتشهد رواجا تجاريا نشيطا، بها بائعو الفواكه الطازجة والجافة والعطور والفطائر والثياب والخبز

وورق “البسطيلة”.

8/ باب شالة: توصل إىل املسجد األعظم...

ومببن األبواب الرباطية كذلك نذكر ببباب “القبيبات”، وباب “متارة”، وباب “مراكش، والباب الراين، باب تامسنا وتوجد بالصور العلوي.

5/ أسوار الرباط:

السور األندلسيعىل عهد السعديني شيد السور األندليس من طرف املورسكيني، ويقع عببىل بعببد21م تقريبا جنوب باب الحد، ليمتد رشقا إىل برج سببيدي مخلببوف، وهو ميتببد عىل طول 2400م. وقد تم هببدم جزء من هذا السور 110م مبا فيه باب التنب، والذي يعتر الباب الثالث لهذا السور مببع باب لبويبة وباب شببالة وهو عىل غرار السببور املوحدي مدعم بعدة أبراج مسببتطيلة الشببكل تقريبا، ويبلغ عددهببا 26 برجا، تبلغ

املسافة بني كل برج 35 مرتا.

السور الموحديوعىل عهد السلطان يعقوب املنصور املوحدي شيد سور عرف بالسور املوحدي، بلغ طوله 2263م. وهو ميتد من الغرب حتى جنوب مدينة الرببباط، ويبلببغ عرضه 2.5م وعلببوه 10 أمتار، وهببو مدعم بأربعة وسبببعني برجا، وتتخلله خمسة أبواب ضخمة )باب لعلو، باب الحد،

باب الرواح، باب زعري، وباب األوداية(.

“الرواح” ورغببم أن الرباط مدينة حديثببة بال تاريخ عميق إال أن بايبيو”األوداية” اللذان يقعان يف الجانب الغريب من هذا السور، ويتميزان بهندسببتها املعاريببة التاريخيببة وزخارفها املشبببكة وأفاريزها املنقوشببة بعبارات كتبببت بالخط الكببويف، يعتران مببن اإلنجازات املتميزة للفن املوحببدي يف أوج ازدهاره، وقد تحول البابان حاليا إىل صاالت للمعارض التشببكيلية خاصة الرسببم، حيث يعرض بأروقتها

أشهر الرسامني املغاربة والعامليني.

6/ مساجد الرباط وجوامعهاانتببرت العببارة الدينية يف مدينببة الرباط بشببكل كبري، ومتيزت عائرها بالتنببوع، وباإلبببداع الزخريف، حيث تضببم مدينة الرباط العديد من املسبباجد والجوامع واألرضحة األثرية املنترة يف شتى

أرجائها، ومنها:

مسجد القصبة أو الجامع العتيقويقببع بقصبببة الوداية، شببيده الخليفة عبد املومن بببن عيل عام

545هب/ 1150م، وبذلك يعتر أقدم جامع بني يف مدينة الرباط.

جامع حسانوهو املسببجد الثاين الذي بناه املوحدون، بعد مسببجد القصبة حيث شببيده أبو يوسببف يعقوب املنصور )ثالث خلفاء املوحدين( يف عام

592هب/1184م بعد انتصاره يف معركة األرك.

الجامع الكبير أو المسجد األعظماملؤرخ محمد بوجندار يعزو بناء هذا املسجد املتواجد بباب شالة، إىل السلطان املريني عبد الحق املريني، يف أواخر القرن السابع الهجري.

وقد خضع هذا الجامع إىل ترميات وإصالحات عىل يد ملوك الدولة العلوية، يف القرون الثالثة األخرية.



جامع موالي سليمان، أو جامع السويقةويعود تاريخ بنائه إىل سنة 1226هب/ 1812م عىل يد السلطان العلوي املوىل سليان، ويوجد يف قلب “سويقة” الرباط، ما يعطيه شخصية

شعبية يف مدينة الرباط العتيقة.

جامع السنةيذكببر املؤرخ الرباطي محمد بوجندار، أن تشببييد هذا الجامع الذي يقع خلف القرص املليك، كان يف سببنة 1199هب/ 1785م عىل يد امللك

سيدي محمد بن عبد الله.

مسجد أهل فاس:ويقع يف سبباحة القرص املليك، ويعتر من مآثر السلطان سيدي محمد بببن عبد الله يف القببرن الثامن عببر، وبعد أن تببم ترميمه عىل يد السلطان محمد بن عبد الرحان، قام امللك محمد الخامس بتجديده

ليصبح مسجد القرص املليك.

مسجد ملينويقع قرب نزهة حسببان، ينسببب بناؤه إىل أرسة ملني األندلسببية يف أوائل العهد العلوي وقد تم ترميمه وإصالحه العديد من املرات خالل

القرن املايض.

مسجد سيدي الغندورويقع بالقرب من باب الحد الذي يرجع تاريخ بنائه إىل عام 1344هب/

1926م.

مساجد أخرىويوجد مبدينة الرباط مساجد عديدة أخرى، منها:

- جامع موالي امليك )بشارع سيدي فاتح(- مسجد بدر

- مسجد الشهداء- مسجد العطارين )شارع القناصل(

- مسجد لال سكينة- مسجد القبة )حي تحت الحام(

- مسجد درب موالي عبد الله )شارع لعلو(- مسجد مورينو )سيدي فاتح(

- مسجد دينية )حي تحت الحام(- مسجد بالمينو )درب الحوت(

- مسجد الرسايري )بشارع محمد الخامس(- مسجد البيضاء )شارع بوقرون(- مسجد وقاصة )شارع وقاصة(

- مسجد قورية )شارع السويقة(- مسجد اللوبرية )قصبة األوداية(

- مسجد الباشا )شارع سيدي فاتح(- مسجد درب النجار )زنقة الخرازين(

- مسجد أم الكنابيش )جوار مسجد الالقضية(- مسجد بناين )شارع بوقرون(

- مسجد الجنائز )حومة درب الفايس(- مسجد لالعائشة )زنقة سيدي الركني(

- مسجد الحاج العريب )شارع محمد الخامس/ الجزاء(

- مسجد محمد بن عمرو )حي مرشة(

7/ مغارات الرباط

مغارة دار السلطانتقع مغارة دار السلطان جنوب الرباط عىل الساحل األطليس. طبقات املوقع بينت وجود مستويات ترجع إىل فرتات: العرص الحجري األعىل ثم الفرتة العاتريية. تكتيس هذه املغارة أهمية كبرية، حيث تم العثور بها سببنة 1975 عىل بقايا جمجمة إنسببان يرجع إىل الفرتة العاتريية.

وهي إلنسان عاقل مع وجود بعض الخصائص البدائية بالجمجمة.

مغارة المهربينتوجد هذه املغارة عىل بعد 17 كيلومرت جنوب الرباط، بشاطئ متارة قرب الطريق الساحلية بني العاصمة والدار البيضاء، وعىل حافة تعلو

عن سطح البحر بحوايل 14 مرتا وسط قبيلة أوالد بوشيخة.

وقببد أجريت بهذه املغارة سببنة 1955 تنقيبات مببن طرف الفرنيس M.J.Roche تحببت إرشاف مديريببة اآلثببار املغربيببة، ثببم جددت التنقيبات بها سببنة 1975 تحببت إرشاف وزارة الثقافة، وقد عرث فيها عببىل بقايا عظمية برية يرجع تاريخها إىل العصور الحجرية بحقبها

األوىل والوسطى والحديثة.

مغارة الصباحعببرث سببنة 1997 بإقامة الصباح عببىل مغارة بها بقايببا أثرية عظمية وخزفية يرجع تاريخها إىل العصور القدمية وهي ال زالت تحت البحث

والدراسة.

مقبرة اإلنسان الحجرييقببع هذا املوقع عىل بعد 30 كلم مببن الرباط وهو عبارة عن مقرة

تم اكتشببافها سببنة 1980. أسفرت حفرياتها سببنة 1982 عىل نتائج

مهمة تخص العرص الحجري الحديث حيث تم اكتشبباف بقايا إنسان

ومجموعة مببن البقايا األثرية البالغة األهمية: أواين خزفية، أواين من

العاج وحيل... إلخ



8/ سقايات الرباطعرفت مدينة الرباط كباقي املدن املغربية الكرى، قبل توزيع شبببكة أنابيب املبباء الصالح للرب عببىل املنازل، مجموعة من السببقايات العمومية، تنتر يف مختلف األحياء الرئيسببية نذكر منها السببقايات

الشهرية:

سقاية القصبة/ داخل حي قصبة االوداية.

سقاية سوق الغزل/ أمام سجن لعلو وبجوار نظارة األحباس القدمية.

سقاية السوق التحتي/ بجوار مسجد سوق القناصل.

سببقاية درب الزناقي/ عند ملتقببى درب الزناقي ودرب يورط ماعون ودرب الحوت.

سقاية بن امليك/ بزنقة سيدي امليك قرب دار املريني الكرى.

سقاية بوقرون السفيل/ بشارع بوقرون قرب مطعم باعمر سابقا.

سقاية بوقرون العليا/ بشارع بوقرون بجوار دار كرات.

سببقاية سببويقة السببفىل/ عند مدخل زنقة سببيدي بلعباس بشارع السويقة.

سببقاية السببويقة العليا/ بالقرب من مطعم بامهاود سببابقا شببارع السويقة.

سقاية سيدي فاتح/ أمام زنقة تحت الحام بشارع سيدي فاتح.

سقاية باب لعلو/ عند مدخل شارع الجزاء بالقرب من حي لوبرية.

سقاية لكزا/ مبدخل زنقة سيدي احمد بن عيل شارع الجزاء.

سقاية باب شالة/ أمام املسجد الكبري وقد تحولت إىل مكتبة.

سقاية سوق السباط/ بزنقة الخرازين داخل سوق السباط.

9/ ضريح محمد الخامس

رشع يف بنبباء رضيح محمد الخامس ومسببجده ومتحفه سببنة )1962( مبشاركة أزيد من أربعائة حريف وصانع مغريب ميثلون كل أقاليم اململكة، حيث انكبوا عىل إبراز هذه املجموعة املعارية الفنية املتناسقة يف توازن وترابببط تامني، يجمعان بني الوظائف الهندسببية والدينيببة والتاريخية، شببغلت فيها نقوش وزخارف عىل الخشببب والنحبباس والجبص، وتبلغ مسبباحة املجموعة املكونة من الرضيح واملسببجد واملتحف 6500 مرتا مربعا ويشكل الرضيح الذي تبلغ مساحته 1650 مرتا مربعا، أهم أثر بني هذه املجموعة وممثال ملعاملها وهو يحتوي عىل العنرص الرئييس للبناية: قاعة الرضيح، يبلغ طولها سببتة عر مرتا وعرضها 9,15 مرتا، تحيط بها رشفببة رواقية متكن الزوار من مشبباهدة واضحببة للرضيح، وتزين هذه القاعببة قبة هائلببة تعتر من العنارص املميزة للمعار اإلسببالمي يف فن النقش...وتببم تلبيس القاعة بالصوان اإلبرادوري بزرقة شبببيهة بصفحة مائية شببفافة، وتحتضببن قاعة الرضيببح أعالم كل العبباالت واألقاليم

املشاركة يف املسرية الخرضاء الظافرة الستعادة الصحراء املغربية.

أما املسببجد املجاور فيشببغل موقعا وسببطا بني الرضيح واملتحف عىل مسبباحة 2200 مببرت مربع، ويضببم جميع مكونات الهندسببة املعارية

اإلسالمية الخاصة باملباين الدينية.

ومببن أجل توفري تببوازن فضايئ يف هببذا الرتكيب البنايئ، شببيد املتحف عىل مسبباحة 1500 مرت مربع مقابال للرضيح، وهذا املتحف يسببتهدف املحافظببة بكيفية دامئة عىل التحف التذكارية للمغفور له جاللة محمد الخامببس إىل جانب الذخائر الثقافيببة والتاريخية والفنية التي يزخر بها

املغرب.

يبلببغ طول الرواق 26 مرتا وعرضببه 15,5 مرتا وعلوه 9 أمتار ابتداء من الفناء املرتفع وهو يشببتمل عىل 48 قوسببا مرفوعة عىل 56 عمودا يطل الزائر منها عىل صحن واسببع يزينه صهريج مزخرف بالزليج، كا يحتوي املتحببف عىل قاعات مهيأة للعروض مع احتفاظ كل قاعة بطابع زخريف

خاص.


زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 بأقالم معاصريها12 الرباط..

الرباط العاصمة:االنتقال المدوي في

التاريخ... وفي الجغرافيامحمد أبو ياسني األندلسي

13زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 بأقالم معاصريها الرباط..

ال أحببد يف ذلببك الزمن، كان يببدري ما هي حسببابات »الحاكم

الفرنببيس« يف اتخاذ هذه الخطوة الجريئة... هل من أجل إعطاء

عاصمة اململكة مفهومها السببيايس/ االقتصادي/ الثقايف، كا هو

يف الغببرب الببذي تعاقد معنا مببن أجل التنظيببم واإلصالح، كا

تدعببي وثيقة عقببد الحاية؟ أم من أجل تهميببش مدينة فاس،

التي ارتفعت فيها كل األصوات العربية والربرية واليهودية ضد

فرنسببا وعساكرها... هل من أجل إعطاء اتفاقية الحاية موقعها

الصحيببح عىل أرض الواقببع؟ أم من أجل إعطبباء املغرب صيغة

جغرافية/ سياسية جديدة؟

األكيد، أن اختيار املارشال اليوطي للرباط عاصمة جديدة للمملكة

املغربية، سنة 1912، قد وضع يف حسابه كل ذلك، إضافة إىل قرب

هذه املدينة التي عانت عقودا طويلة من التهميش والنسببيان...

من مدينة الدار البيضاء، التي جعل منها املرشال الفرنيس الرافعة

االقتصادية األوىل... واألساسية، للمغرب الجديد.

بعد خروج السببلطان موالي حفيظ من حلبة الرصاع السببيايس،

اسببتقدمت اإلقامة الفرنسببية السببلطان الجديد، املوىل يوسف

1913 إىل الرباط، ليجعل منها عاصمة رسببمية ململكته الريفة،

فاختببار منطقة تواركة لبنبباء مقره وكل مببا يحتاجه من مرافق

إدارية ودينية وثقافية، لترصيف مسؤولياته.

يف ذات الوقت عمل املارشببال اليوطي، عىل اختيار موقع قريب

من القرص املليك إلدارته كمقيم عام للجمهورية الفرنسية )املقر

الحايل لوزارة الداخلية( إلرشافه عىل عمل السلطة املخزنية.

وهكذا تببم يف بداية األمر )يف عرينيات القرن املايض( تشببييد

حي الوزارات، ويقع بني جامع السنة وباب زعري، وتشييد اإلقامة

العامة الفرنسببية ومختلف املديريات التي كانت تحت إرشافها،

كا تم تشييد إدارة املعارف والفنون الجميلة، ومعهد الدراسات

العليببا والخزانة العامة للكتببب واملسببتندات واملعهد العلمي،

وبعض املالعب الرياضية ما بني باب الرواح وباب مراكش.

وما بني سببنة 1914 وسنة 1930، تم تشببييد الحي األرويب )بني

السببور األندليس وجامع السببنة من جهة، وبني السور املوحدي

وحي حسببان، من جهة أخرى(. ويحتضن إضافة إىل املؤسسببات

واملكاتب العمومية الكرى، فندق حسببان )1914(، بناية الريد

)1918(، إعداديببة مببوالي يوسببف )1919(، املكتببب الريف

للفوسببفاط )1920(، محطببة القطببار الرباط املدينببة )1924(،

كاتدرالية سان بيري )1924(، البنك املخزين )1925(، قرص العدالة

)1926(، فندق باليببا )1926(، الخزينة العامة )1928(، إذاعة

منذ أن وضع السلطان يعقوب املنصور املوحدي في أواسط القرن الثاني عشر امليالدي تخطيطاتها األول��ى، بقيت مدينة الرباط لعقود طويلة وهي تنتظر دورها لتأخذ مكانتها في التاريخ... وفي

اجلغرافيا.ف��ي العهد املوحدي، عرفت هذه املدينة بعض اإلش��عاع التاريخي واحلض��اري املتميز، إال أنها س��رعان ما تراجعت على يد أمراء الدولة املرينية، ولكنها لم تيأس، ولم تستس��لم لقنوطها، بل

كانت إرادتها على االنتصار راسخة، وعملها من أجل العودة إلى الواجهة دؤوبا.س��نة 1912، وبع��د االنتهاء من مراس��م توقيع اتفاقي��ة احلماية مبدينة فاس، بني الس��لطات املغربية والفرنس��ية، اتخذ »احلاكم الفرنس��ي« )اجلنرال اليوطي( ق��راره األول، املتعلق بإخراج مدينة الرباط من براثن النس��يان، وجعلها عاصم��ة للمملكة، خاصة بعدما اختلطت األصوات واملصالح والرغبات... وحتى اإليديولوجيات على ساحة مدينة فاس، التي ضاقت بأهلها حتى

االختناق.


املغببرب )1928(، مكتب األبحاث واملسبباهات )1928(، لييس كورو )1924(.

وباملوازاة مع ذلك تم تشببييد شبكة من الشوارع واألزقة ومتديد خطوط السببكك الحديدية، وإقامة جسور لربط املدينة بالضفة اليمنببى لنهر أيب رقببراق، إضافة إىل وضع الحجر األسببايس لحي

األحباس )ديور الجامع( حاليا.

وقد أدى هذا الوضع إىل تشببييد مجموعة واسعة من العارات الحديثة إليواء اإلدارات املركزية املدنية والعسببكرية والقضائية، التي كان القرص املليك، وسلطات الحاية يف حاجة إليها، كا أدى من جانب آخر إىل اسببتقدام رشائح واسببعة من األطر واألعوان

)مغاربة وفرنسيني( للعمل يف املؤسسات الجديدة للدولة.

والشببك، أن أهل مدينة الرباط، بفطنتهم، قببد جعلوا من فكرة العاصمة، شغلهم منذ البداية، إذ ركزوا بها كل األنشطة السياسية والثقافية واالقتصاديببة واإلدارية التي تجعل منها مدينة ناجحة بكل املقاييس، وفتحوا أبوابها عىل مصارعها للواردين واملهاجرين

والباحثني عن عيش أو عمل أو وظيفة.

وذكببر املؤرخ ابن زيدان، أن اعتالء محمد الخامس العرش سببنة 1927، قد أعطى الرباط العاصمة، وجها مشببعا جديدا. فقد قام بدوره ببناء وتجديد العديد من املنشآت الحضارية والدينية التي ملعت وجه العاصمة، مثل مسببجد سيدي الغندور )باب األحد(، وتأسببيس جامع القرية الحبسببية )باب تامسنا(، وإنشاء مكتب لتعليم القرآن بقربه، وإنشاء املكتبة الوطنية )إزاء الجامع الكبري(، وإصالح مسجد بريو بحي العلو وبناء منارته، وترميم جامع السنة األثري الضخببم وإصالحه إصالحا متقنا، وتجديد مسببجد دينية ومسجد مورينو ومسجد بالمينو ومسجد الزناقي ومسجد قورية ومسببجد حومة الجزاء، كببا قام امللك محمببد الخامس برتميم قنطرة وادي أيب رقراق وإصالحها، وبناء مشور القرص املليك عىل أبدع طراز، من جهة أخرى أسس معهدا خاصا لألمراء إزاء القرص املليك، ودشن مدرسة للبنات بقرية أحباس الرباط، ودشن كذلك املدرسة املحمدية الحبسببية، وغريها من اإلنجازات التي أعطت

الرباط حضورها املعاري/الحرضي كعاصمة للمملكة.

- 2 -

هكببذا كرسببت مدينة الرببباط وضعها كعاصمببة للمملكة بعد أربعببة عقود من الزمببن. أما حني حصل املغرب عىل اسببتقالله سنة 1955، فعملت اإلدارة املغربية الجديدة عىل تحويل إدارات الحاية الفرنسية، إىل وزارات ومديريات ومصالح... وإىل سفارات

وقنصليات جعلت منها مدينة تنافسية بكل املقاييس.

وهكببذا متيزت الرباط، بعد االسببتقالل، من الناحيببة التنظيمية

والهندسية بضمها مقرات الوزارات التي تم خلقها يف هذه الفرتة، وتشييد مقر الرملان الذي توسط شارع محمد الخامس، باإلضافة إىل بناء مقر األركان العليا للقوات املسلحة، وبناء مقرات املحاكم

العليا للمملكة...

لكن مع توسببع مدينة الرباط وتطور النظام السببيايس يف البالد، أصبح من الرضوري وضع تصور جديد لهذه العاصمة، يأخذ بعني االعتبار اتسبباع حجمها إن من الناحية السببكانية أو االقتصادية أو اإلداريببة، وهو ما جعل توسببيع العاصمة أمببرا رضوريا، لبناء مقرات سببكنية وإدارية يف حي الرياض يف مقابل مدينة العرفان، ما يعني يف لغة تخطيط املدن، إعادة هيكلة العاصمة السياسية بتصور يقوم عىل تقسيم املدينة وفق اعتبارات وظيفية جديدة، حيث تم تقسببيم العاصمة عىل املستوى املعاري إىل تجمعات

بأقالم معاصريها الرباط..


كرى متخصصة، هناك تجمع يضم مختلف املؤسسات السياسية للمملكببة، يف مقابل تجمعببات تضم املؤسسببات القضائية، إىل جانب االحتفاظ مبدينة العرفان كتجمع للمؤسسببات التعليمية والتكوينية، وتجمع للمؤسسببات الطبية، إىل جانب خلق تجمع ملدينة رياضيببة وهكذا ... أما فيا يخببص التجمعات الرتفيهية،

فقد يف مروع أيب رقراق يف املستقبل القريب، بهذا الغرض.

- 3 -

والحقيقة، أن مدينة الرببباط، أصبحت بعد حصول املغرب عىل استقالله مجاال واسعا لرتكيز الرساميل والخرات ووحدات اإلنتاج الخدماتية والثقافية، لتتمكببن كعاصمة للمملكة من توفري أكر قدر من فرص العمل لسبباكنتها وللوافدين عليها، حتى يتسببنى لها اإلطالع مبهام التنمية، ليس فقط عىل مسببتوى مجالها الرتايب/

اإلداري، ولكن عىل مسببتوى البببوادي املجاورة لهببا أيضا، وهو مببا عرضها إىل الكثري مببن النقد من طرف الباحثببني األكادمييني املختصببني يف تخطيط العواصم، ذلك ألن هذا االختطاط ال ميكن أن يتببم بالصدفة، ولكنه يتم وفقا العتبارات جغرافية وسياسببية

واقتصادية، حددتها علوم التاريخ والجغرافيا.

إن بنبباء العواصببم يتم وفق مفاهيببم هذه العلببوم، يف املواقع اإلسببرتاتيجية ذات املقومات الطبيعيببة والبرية. فمن األفضل أن تكون العاصمة وسط البالد، تتمتع بظروف مناخية وطبيعية مالمئة، وبخزان وطني لألحداث السياسية والتاريخية التي عاشتها البالد عببر تطوراتها، فمدريد وباريس وروما وبيكن وموسببكو/ كالقاهرة ودمشببق وبغببداد، تبلور هذه الببروط بقوة، وتؤكد أن العاصمببة ال ميكن أن يتم تخطيطها خارج هذه املواصفات...

ودون هذه الروط.

- 4 -

السببؤال: هل يعنببي ذلك أن اختيببار الرباط عاصمببة للمملكة املغربية قبل قرن من الزمن، كان يعر عن جهل املارشال اليوطي

بعلوم تخطيط العواصم..؟

وملبباذا إذا تحولببت هذه املدينببة برسعة، من مدينة هامشببية، إىل عاصمببة إدارية، ثم إىل عاصمة سياسببية ناجحة ومؤثرة رغم

افتقادها ملختلف االعتبارات املذكورة؟

وإذا كان نجاحها خالل قرن من الزمن يتجىل يف امتالكها شخصية عاصمة املغرب الذي يتجدر تاريخه يف آالف السنني، فا الرصيد الرمببزي والتاريخي والعلمي والسببيايس الذي اتكأت عليه خالل

هذه الفرتة من التاريخ لتحتل موقع العاصمة..؟

إن تتبببع تاريببخ الحركببة الثقافية/السياسببية/االجتاعية بهذه املدينببة خالل القرن العرين، يعطي االنطباع للدارس واملالحظ منذ الوهلة األوىل، أن »األرسة الرباطية« التي تنحدر غالبيتها من األندلس، قد نفضت بذكاء وحرفية الغبار عن وجه هذه املدينة،

مبارشة بعد إعالنها عاصمة للمملكة.

لقد أوت الرباط األندلسببيني الذين لجؤوا إليها بعد طردهم من إسبانيا واسببتقروا فيها عىل موجات متالحقة بني القرنني الثالث عببر والرابع عر، وجبباءت أوىل هذه املوجات عببام 1239م، وكانت تضم مهاجرين من بلنسية وأنحاء أندلسية أخرى. وضمن املوجة األخرية، وصل آالف املوريسببكيني الذين طردوا بقرار من امللك فيليب الثالث يف عام 1609م واسببتقروا يف البداية بقصبة األودايببة وبنوا املدينببة الحالية، وال يزالببون يحتفظون بفنونهم وصنائعهببم الرفيعة، وال تزال كنية بعض العائالت شبباهدة عىل

أصلها األندليس)1(.



إن األرس الرباطية/ األندلسببية/ الشبباعرة/ املتعلمببة واملتفقهة، شببكلت منذ يوم إعالن الرباط عاصمة للمملكة، نخبة مسؤولة عن إخراج هذه املدينة من عزلتها الطويلة، وانخراطها يف فاعلية

سياسية وثقافية، جعلتها يف املقدمة.

يف عرينيات القرن املايض، وبعد سنوات قليلة من إعالن الرباط عاصمببة للمملكة، ظهرت عىل يد هببذه النخبة األندية الثقافية والرياضيببة واالجتاعية التببي أعطتها وجها نريا مضيئا ومشببعا بالحركة... وبالشبباعرية املفرطة، فنادي الشاعر أبو جندار الذي أسسببه محمد بن الحاج مصطفببى بوجنببدار )1926-1882م( كان أول نادي ثقايف يف املغرب، أسببس سنة 1908، ولكنه انطلق بأنشطته سببنة 1913، ليحتضن نخبة راقية من األدباء والفنانني والعلاء والكتاب)2(، فأضحى منطا فريدا مل يكن له مثيل يف سائر مدن املغرب، إذ اكتسب شهرة واسعة بفضل النخبة السامية من رواده. أما نادي الباحث املؤرخ واألديب عبد الله الجرياري الذي تم تأسيسه سنة 1930 فقد أضحى ملتقى لرجال التعليم واألدب والوطنية مببن مغاربة ووافدين، حيث ارتبببط مبكتبته/ الخزانة العباسببية التي أحيطت بعناية خاصة كا عكسببت موسببوعية ثقافية نادرة. وهناك أيضا مجلس سببيدي املدين بالحسني، وهو مجلس فقهي/ علمي/ صويف/ سببيايس، ظهرت مالمحه األوىل يف عرينيات القرن املايض، ليلعب دورا طالئعيا يف تشببكيل النخبة الثقافية التي رفعت موقع الرباط مبكرا إىل مصاف املدن الفاعلة

واملؤثرة...

ويف ثالثينيات القرن املنرصم، حيث كانت الحاجة ماسة إىل تشكيل أداة تنظيمية قوية ملواجهة االستعار باألسلوب السيايس، ظهرت عببىل أرض الرباط/ العاصمة، مجموعة من الجميعات والحركات الفكرية والثقافية والتعليمية التي جعلت من املسألة السياسية

أحد اهتاماتها.

ففببي أعقبباب حركة االحتجاج التببي عرفتها هببذه املدينة، ضد »الظهري الربري« )سنة 1930( ارتفعت درجة التسييس الجاعية، متجلية يف تنظيات الزوايا والطوائف الصوفية واألندية الثقافية، التببي جمعت بببني ظهرانيها عنببارص متعلمة وواعيببة ومؤمنة، بلورت فيا بعد العديد من التنظيات الحزبية السياسية، نذكر من بينها »حزب األحرار املسببتقلني« الذي أسسه األستاذ محمد الرشببيد ملني )2001-1916( سببنة 1937، والذي طوره األسببتاذ أحمد رضا كديرة سببنة 1964 إىل الحزب اإلشببرتايك الدميقراطي، وحزب االسببتقالل الذي أسسه الحاج أحمد بالفريج سنة 1944،

ليصبح أقوى التنظيات السياسية يف املغرب املعارص.

- 5 -

يف العاصمة الرباط، أعلن اسببتقالل املغرب سببنة 1955، أي بعد

أقل من خمسببة عقود عببىل وجودها كعاصمببة للمملكة. هي من أسببتقبل السببلطان محمد الخامس بعد رجوعه من املنفى، وعببىل أرضها ومبشبباركة أبنائها تم تشببكيل الحكومببة املغربية األوىل، واألحزاب السياسية األوىل، والجامعات واملعاهد العلمية األوىل واملستشببفيات األوىل، وعىل أرضها اتخببذ املغرب قراراته الصعبة والصائبببة حول االقتصاد والتعليم والثقافة والسياسببة، وعببىل أرض هذه املدينببة ازدادت العديد من املنظات العربية واإلفريقية والدولية، يف عهد امللك الحسن الثاين وتم عقد العديد مببن املؤمترات التي كانت قراراتها وتوصياتها مؤثرة يف السياسببة

العاملية، خالل النصف الثاين من القرن العرين )املنرصم(.

إضافببة إىل ذلك تعتر الرباط اليوم، عاصمة ثقافية بامتياز، فهي مدينة املتاحف، حيث يضم موقع االوداية، متحفا أثريا يف مبنى يعود للقرن السابع )تم ترميمه حاليا(، يعرض قطعا فنية مختلفة من الخزف والحيل واملجوهببرات واملالبس التقليدية واملطرزات والسجاد واإلسطرالبات وبعض املخطوطات من العرص املوحدي.



وعىل شبباطئ نهر أيب رقراق يوجد متحف الفنون الشعبية قبالة مجمببع الصناعببات التقليدية، حيث ميكن تأمببل الحرفيني أثناء عملهببم، كا يوجد متحببف اآلثار القدمية يف املدينببة الحديثة، ويقببدم للزائر منبباذج من القطببع التي تعود إىل عببرص ما قبل التاريخ، وأخرى تعود إىل العرص اإلسببالمي الوسببيط. إضافة إىل ذلببك، تضم املدينة عددا من املببدارس املختصة يف تكوين األطر العليببا: املدرسببة املحمدية للمهندسببني/ معهد الحسببن الثاين للزراعة والبيطرة/ جامعة محمد الخامس، كا تضم الرباط أكر مرسح باملغرب وهو مرسح محمد الخامس، وعدة قاعات رسمية للمعارض التشكيلية، منها دار الفنون، وقاعة باب االرواح، وقاعة باب الكبري، وقاعة محمد الفايس، وقاعة محمد الباحنيني. أما يف ما يتعلق بالقطاع املسببتقل، فتعد الشقة 22 من أبرز الفضاءات

الفنية التي تحتضن ثقافيا وإبداعيا، فنانني مغاربة وعامليني.

نعببم، مدينة الرببباط بهندسببتها العتيقة، وهندسببتها املخزنية الجديدة، وبشببخصيتها املنغرسة يف أحالم أيب رقراق، ورومانسية

األوداية وجالية شالة وصومعة حسان ودار السلطان... ال تشبه أية عاصمة أخرى يف العامل، إنها ذات شخصية مستقلة، تنام باكرا وتسببتيقظ باكرا بفعل ضجيج القادمني إليها من شببال اململكة ومببن جنوبهببا... فهي مدينة ال تببأيت إليك وال تببأيت ألحد، وإمنا أنت واآلخببرون من يأتون إليها لطلب ودهببا، ولإلنحناء احرتاما

لقامتها.

مل يتصور املرشال اليوطي، أن تصري مدينة الرباط بهذه الصورة... فهو أرادها عاصمة منعزلة، ولكن أهلها جعلوا منها رغم الخالف واالختالف، عاصمة منفتحة مشعة، تحظى باحرتام األهل والغرباء

عىل السواء.

باحث، من أرسة تحرير مجلة زهور

ببببببببببببببببببببببببببببببببب هوامش ببببببببببببببببببببببببببببببببب

أورد العالمة األسببتاذ عبد العزيز بن عبد الله، يف الجزء األول من موسببوعة الرباط )ص

44( جببردا كامببال للعائالت األندلسببية التي وصلت الرباط من األندلس واسببتقرت به،

ننره يف هذا الهامش مرتبا حسب الحروف األلف بائية، تعميا للفائدة:

أ - ابزاز/اسكالنيط/اطويب/األبيض/امريكو/اجنوي/املراس/اقانيا/احساين.

ب- بالفريج/بالمينو/بركاش/برقوق/بنقصابة/بسببريا/بريو/بندورو/بنعبد اللببه /بببرادو/

بريطل/ بنيوسف/ بوعالكة/ باينا/ بونو/ برييس/بنطوجة/ بندهاق/ بالنسيانو/ الباعودي/

بوجندار/ بنعبو/ بنمنصور.

ت - مترو/تكيطو/ تكو/ تويرتو/ تيليو/ الرتييك.

ج - جريو/ جديرة/ جوريو

ح - الحداد.

د - دينية/ دياس/ الدك/ الدمينكو/ الدغمي.

ر - رودياس/ الروندة/ الرينكا/ الرفاعي/ روكسو/ الرييش/ الرحاين.

ز - الزط/ زطوط/ الزبدي/ الزبيدي.

س - سليطان/ سباطة/ سنسياط/ سنتيناك/ سكوردوس/الساملي.

ش - شليطو/ الششرتي/ شعبان/ الرقي/ الشياظمي.

ص - الصايغ.

ض - ضاكة.

ط - طريدانو/ الطيفو

ع - العفري/ عاشور/ العمري.

غ - الغرناطي/ الغندور/ غزيل.

ف - فنجريو/ فنيش/ فرشادو/ فاتح.

ق - القرطبي/ قريون/ قوريا/ القرصي/ القرقوري.

ك - كريسبو/ الكويندي.

ل - لوباريس/ المريو/ اللويش/ لزارو.

م - مارسببيل/ ملني/ مورينو/ موالطو/ املدور/ املريني/ متجينوس/ املعموري/ املسناوي/

منينيش/ املوذن/ املسطايس/ املالقي.

و - وا الزهرا.

ي - اليابوري.

إضافببة إىل نببادي محمد بوجندار، عرفت الرباط يف النصببف األول من القرن العرين،

أندية ثقافية وعلمية ذات توجهات مختلفة، نذكر منها أندية عبد الكريم الوزاين/ أحمد

بنبباين/ محمد ملني/ محمد املدين بالحسببني/ محمد بن عيل دينية/ أحمد الزبدي/ عبد

اللببه الجرياري/ محمد بن عبد اللببه الجرياري/محمد بن الطيب الوزاين. لتعميق البحث

ميكن مراجعة كتاب ذ. عبد الله الجرياري/ أضواء عىل الرباط، املدينة والجهة ص 14.



عبد الكريم برشيد*

الرباط عاصمة ثقافية


19زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 بأقالم معاصريها الرباط..

لقد تعودنا أن نقول بأن الرباط عاصمة إدارية، لذا نستحرض عادة، يف هذا الفضاء ما هو شكيل وثانببوي وعابر، ونغيب ما هو أسببايس وأبدي ورسمدي؛ نؤكد عىل اليومببي، وننىس أو نتناىس تاريببخ هذه املدينة املزدوج، تاريخها الضارب يف عمق املببايض، وذلك التاريخ اآلخر، املمتد يف

جسد اآلين واآليت معا.

إن املدينة -أية مدينة- ليسببت أحجارها، وحتى األحجار فيها، ال ميكن أن تكون خرساء وصاء وعمياء وباردة ومحايدة والمبالية، فهي منحازة - وبالرضورة - إىل نفسها، وهي متلك أن تنطق، وأن تحببدث الناس بكل العالمات املمكنة... تحدثهم بلغة األشببياء، وبأبجدية األلوان والظالل

واألشكال والكتل، وبالكتابة الجسدية البليغة.

إن املدينة - أية مدينة - هي عمقها، وهي الخفي الذي يتجىل يف املظاهر العيدية، ويتشكل يف الساعات االستثنائية، والتي هي ساعات احتفالية وكرنفالية بالرضورة، والتي ميكن أن تتشخص يف األجسبباد الحية، فتكون أساء حقيقية، لها طول وعرض وعمق، وتكون هذه األساء فاعلة

ومنفعلة، ومؤثرة ومتأثرة وكاتبة ومنكتبة، وحارضة ومستحرضة.

زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 بأقالم معاصريها20 الرباط.. يف هذا الفضاء املديني إذا، والذي هو فضاء احتفايل، يسببتعيد الجسببد الحي إحساسببه بذاته، ويتعرف عىل مالمحه التي نسبباها أو ضيعها، ويتصالح مع ظلببه الهارب واملنفلت. ولعل هذا هو ما يتحقببق - كله أو بعضه - يف أعياد

ومهرجانات ولقاءات الرباط الثقافية.

إن الرباط تاريخ قبل كل يشء، ويف هذا التاريخ يسكن اإلنسان. وأعرف، متاما كا تعرفون - أن األسبباس يف هذا اإلنسان، هو أساس ثقايف قبل كل يشء، إنه ال أحد يأيت من فراغ، أو ميكن أن مييض نحو الفراغ املطلق، واألساس دامئا، يف كل األشياء ويف كل األجساد هو التحول. لكن هل ميكن أن يتم هذا التحول - وبشببكل حقيقي - إال من خالل التفاعل والتصادم والتازج والتثاقف؟ وهذا

أهم ما ميكن أن يتحقق يف هذا الرباط الفكري والحضاري.

إن الرببباط ذاكببرة موشببومة، ووجدان ينبببض بالحياة، وشبببكة دقيقة من العالقات؛ شبببكة تربط النبباس بالنبباس، والكائن باملمكببن، واملايض باآليت، والواقعي باألسببطوري، والحيس باملتخيل، والجسد بالظل، والفاعل باملنفعل، واملقيم بالعابر، واألسايس بالثانوي، والثابت باملتغري، واالقتصادي باالجتاعي،

واملعريف بالجايل.

وهببذه املدينة، هل ميكن أن نلحق بها مهرجانا من املهرجانات، وأن ننسببب إليها تظاهرة ثقافية عابرة، وهي نفسببها كائن ترايث وثقايف ووجود حضاري؟ وجود ميكن أن يتشببكل يف مهرجانات ويف ملتقيات ويف مسريات ويف تجليات

إبداعية.

هذه املدينة فضاء مفتوح عىل كل الجهات، مفتوح عىل الشال والجنوب عىل الرق والغرب، وعىل الواقعي والخيايل، وعىل األريض والساوي، وعىل الديني والدنيوي وعىل املكتوب والشببفهي، وهي ملتقى طرق متقاطعة ومتداخلة؛

طببرق تأيت من األمكنة األخرى ومببن األزمنة األخرى ومن املدن األخرى ومن القارات األخرى، ومن الثقافات األخرى ومن الحضارات األخرى.

إن املببدن كالناس متاما، إنها كائنات ثقافيببة وحضارية، ومن خالل فضاءاتها ومهرجاناتها ومسببارحها وقاعاتها اإلبداعية، تستعيد مدينة الرباط حقيقتها الضائعببة، وتتمرد عىل عاداتهببا، ويصبح من حق املوظفببني فيها أن يهجروا األوراق وامللفببات - مؤقتببا- وأن يعيشببوا لحظات ممتعببة، وذلك يف حرضة اإلبداع واملبدعني، وأن يتحرروا من الرتاتبية اإلدارية، وأن يستعيدوا االنتساب إىل نفببس الفضاء العمراين، وأن يقضوا السبباعات الطوال يف صحبة الشببعراء واملغنيني والراقصني والتشكيليني واملرسحيني والحكواتيني والعاشقني والحاملني

واملجانني...

إن الرببباط، كعاصمببة إدارية، هي غري الرباط الثقافيببة، فتلك مدينة وهذه مدينببة أخببرى. لقد ارتبط هذا الفضبباء العمراين يف أذهببان الناس باملتاعب اإلدارية وباألوراق واألختام واملشاكل التي تدمر األعصاب، ويشء جميل حقا أن تسرتيح هذه املدينة قليال، وأن تعود إىل وجهها اإلنساين، وأن تكون فضاء

للخيال... واالحتفال مرة بعد أخرى...

هببذه املدينة، كان لها يف املببايض بوابات كبرية، وكان لهببذه البوابات أقفال صدئببة، وهي اليوم- كببا كانت دامئا- مغلقة مقفلببة، ال ميكن أن تنفتح إال

بسلطة الشاعر، وأمر املمثل، وإرادة املغني املبدع.

وللمسؤولني عن املدن - مدننا - أقول:

إحذروا زحف األحجار، وهجوم االسببمنت والحديد، وتناثر العلب الحجرية املغلقة، واكتساح قبور الدنيا، التي نسميها بيوتا وما هي ببيوت.

* مفكر/ كاتب مرسحي/ مبدع االتجاه االحتفايل


حي القناصل )السوق التحتي(ذاكرة الرباط

التاريخية

عرفت مدينة الرباط العتيقة منذ تأسيس��ها مجموعة من األحياء والفضاءات، خاصة تلك التي تعرف باألس��واق، ومن بينها: س��وق الغزل، سوق القنانيط، س��وق الرحبة، سوق احلد، لكن أشهرها هو سوق القناصل أو ما يصطلح عليه بلسان احلرفيني« السوق التحتي»، والذي يعد ذاكرة تاريخية، وذاكرة ش��عبية بامتياز. وإذا شئنا أن نرس��م لهذا الفضاء حدودا تقرب القارئ من معامله، فإنه ينطلق شماال من باب «وقاصة»، احملاذية لس��وق الرحبة واملؤدي إلى ب��اب الوادي أو باب البحر كما هو متداول، و«س��وق الس��باط» الذي ميتد إلى اخلرازين والسويقة، ويحد جنوبا بس��وق الغزل القدمي، الذي كان يتواجد أمام أسوار القصبة/ األوداية، ال يفصله عنها إال باب هو عبارة عن مدخل للسوق، كان قائما قبالة ضريح س��يدي فرج، حيث اندثرت الباب، أوال ثم الضريح ثانيا. وتتخلل الش��ارع مجموعة من الدروب واألزقة ذات الصلة بأحياء املدينة العتيقة أش��هرها القراش��ليني، ودرب احلوت، ودرب الزاوية

التيجانية، إضافة إلى درب املرسى، ودروب أخرى كثيرة.



وتجتمببع يف شببارع القناصل خصائببص متعددة: عمرانيببة وتجارية وحرفية وإدارية، واجتاعية وثقافية ووطنية كثرية، ال مجال لتفصيلها اآلن. فقببد متيز مبعامله وحوانيته ومعاملببه وفنادقه )فندق بنعيىس، فندق اليهودي، فندق الخياطني وفندق القيسارية(، هذه األخرية التي اشتهرت ببيع الثياب الفاخرة املحلية واملستوردة، و)مسجد العطارين( أو مسجد السوق كا يطلق عليه اليوم و)مسجد الجزارين( و)سقايته لالقضية( و)مقهى الغار ومقهي سببيدي عمرو...(. كا نشط القناصل مجموعة من الحرف األساسببية، وأصنافا متعددة مببن التجارة. وقد أفرز يف فرتات تاريخية متعاقبة، مجموعة خاليا تعاطت أشببكاال من الصناعة والتجارة الحرفية مبفهومها املوسوعي، تلبية لحاجيات سكان املدينة، قبل أن يأخذ هذا الشارع فيا بعد طابع االختصاص والتميز الحريف، إذ صار مركزا للمنتوجات التقليدية كالجلود وصناعة الحصري

والحياكة، والحدادة والصباغة والدرازة، والزرايب وغريها.

وقببد حافظت سبباحته ذات الشببهرة الدولية، عببىل تقليدها املميز واملعروف )بداللة( الزربية الرباطية. هذه الزربية التي ظلت صامدة، بفضببل فنيتها وجودة إبداعها وخصوصيتها املحلية التي تنفرد مدينة الرباط بإنتاجها. وقد متكن السوق من الحفاظ عىل هذا التقليد، منذ عقود خلت وإىل اليوم، رغم التطور الذي حول القناصل إىل مجموعة مببن البزارات، أثرت بشببكل ملحوظ عىل التوزيببع التقليدي املنظم

للحرف داخل املدينة، ومعامل السوق التي بدأت يف االندثار.

ويعود إسببم القناصل الذي أضفى عىل هذا الجزء من املدينة خاصية إدارية وحضارية منذ عهد السببلطان محمد ابن عبد الله والسببلطان املببوىل عبد الرحمن، إىل كونه صار مقببرا ملجموعة من قناصل الدول األوربية: هوالندا، فرنسا، السويد، أملانيا، الدامنارك... وبعد أن أصبحت رباط الفتح عاصمة للمملكة بدءا من سنة 1912م، استحدثت بشارع السببوق وحواشببيه، مرافق ومعامل هي األوىل زمن الحاية، من بينها

عىل سبيل املثال:

البنك املخزين، القباضببة، مركز التلغببراف، دار البلدية، إدارة املرىس، املينبباء، إدارة الحبببوب، مخازن الحبوب، الجببارك، دار الصانع، دار

القايض، الخريية اإلسالمية... وأغلبها صار يف عداد اآلثار.

ولعببل أبرز ما تحتفظ به الذاكرة، ويرويببه باعتزاز كل من جايل أو عايش نشبباط الحركة التجارية والحرفية بهذه السببوق منذ نشأتها، هببو ذلك اإلرث األخالقي املفعم بقيم التعايش والتسبباكن والتعاون اإلنسبباين الرفيع بني مختلف الرائح، حيث كان التنافس عىل أعال الر واإلحسببان، سمة بارزة وشببمت رجال السوق، ويظهر ذلك جليا

من خالل:

1/ ظاهرة الراكة الحرفية والتجارية، إذ مل يكن يخلو فندق أو دكان، مببن رشاكة بني اثنني أو ثالثة أفببراد، قد ميثلون أبناء عمومة، أو أفراد أرسة كاملببة ملا كانت تفرضببه، ب يومئذ ب طبيعة الحيبباة االجتاعية

واالقتصادية املتساكنة.

2/ ظاهببرة التالحم الجاعي العفوي، حببول القضايا الوطنية الكرى

بكل مكوناتها وأبعادها عىل امتداد زمن الحاية. فقد كانت الحاجة ماسببة إىل االتحبباد وإىل الوحدة عببىل كل صعيد، اجتاعيا وشببعبيا وحرفيا وتجاريا، فظهر يف سوق القناصل رجال ساهموا بحق يف صنع

ملحمة التحرير واالستقالل.

وإذا كان شببارع القناصل قد عرف تطورا ملموسببا يف معامله، وترميم بعضها، خاصة املسجد والسقاية، وساحة الزرايب، وكذا جهته الرقية املطلة عىل الببوادي بعد فتح نفق القصبببة/ األوداية، وتحويل ضفة الببوادي إىل منتببزه يتنفس من خاللببه أبناء القناصل وأبنبباء املدينة العتيقببة هببواء التجديد املنعش، فإن مثة معامل كببرى أخرى مازالت تسببتغيث، وتنتظببر رد االعتبار وبببث روح الحياة فيهببا من جديد، لتسببتعيد دورها التاريخي الرفيع، بطرق قد تسببتجيب لروح العرص وتتأقلم مع متطلبات الحداثة. ويتعلق األمربالفنادق الحرفية، والدور التقليديببة الكبرية ذات الطابع األندلببيس، و بعض املرافق التي تعتر

جزءا مها من ذاكرة مدينة الرباط العتيقة.

فمتى سببيلتفت أصحاب القرار - بجد ومسببؤولية - إىل هذه الذاكرة الحضارية )السببوق التحتي(، التي شببهدت حركة ازدهار مشعة، عز

رمبا، أن تتكرر يف زمن الحداثة والعوملة االقتصادية؟!

د. مصطفى الجوهري

الرباط.. بأقالم معاصريها

< التعريف بالتراث وتثمينه،< احملافظة على الهوية والدفاع عنها،

< طرح أهم القضايا االجتماعية ومناقشتها،

< خلق منبر خاص باملجتمع املدني،

< نشر ثقافة حقوق اإلنسان،

< التوعية والنصيحة واإلرشاد.

جملة ثقافية اجتماعية �شاملة

ت�شدر غرة كل �شهر عن جمعية زهور للعدالة االجتماعية والتنمية امل�شتدامة

زهور : تنوير وجتديد وح�ضور


الرباط مدينة تحتضن

الشمس وتتوسد المحيط



تلك هي الرباط، املدينة التي متتد مبحاذاة املحيط األطليس، وتحتضن سبباكنة تناهز املليون ونصف نسمة عىل امتداد مساحة أفقية متيزها سهول وغابات ووديان وفنادق ضخمببة وأحياء عتيقببة، وكل ما ميكن أن يطمح إليه الزائببر. وللرباط وجهات ثابتة وأخببرى متغرية، فهي املدينة اإلدارية بكل مكوناتها، فيها دواوين الحكومة واملدارس العموميببة اإلدارات وفيهببا املتنوعببة، والخاصة، والسفارات األجنبية. وهي أيضا املدينة الشببعبية التي تؤوي بعض أحيائها األغنيبباء، ورجببال األعببال، واملسببؤولني الكبار. تلك هي روعة الرباط التي تنسجم فيهببا كل هببذه املكونببات، وتختلببط يف هدوء وانسببيابية، كأنهببا للتعايش بنيت، وملحو الفوارق شيدت، ولالندماج البري

أوجدت.

أمببام هببذا الخليببط العجيب للسبباكنة املختلفة يف الرببباط، يحتار الزائر من أين يبببدأ جولتببه يف أحياء أجمببل عاصمة يف الغرب اإلسببالمي، هل من األحياء العتيقة حيث االرتببباط بالجببذور، أم من األحياء االرسببتقراطية حيث ترز بحيبباء مظاهر الحضارة الغربيببة مخافة االغرتاب، أم من املآثر التي تفصببل بني منطقة وأخرى من مناطق الرببباط، كأنها تأىب أن ترتك للزمان فرصة ملحو التعايش بني أبنائها. إنها صورة حية تجسدها مآثر الرباط التاريخية، شالة، األوداية.. رضيح حسببان، وبينها يشببكل العمران حلقات متواصلة وجميلة، تجذب السببائح.. وتزيد من ألفة ابببن البلد. وإذا كان منطق األشببياء يقتيض أن يتم دخول املنازل مببن أبوابها فإن منطببق الرباط ال يعرتف باألبواب.. فهببي مفتوحة أمام كل من يريد اكتشاف أرسارها وخباياها، والنهل

من معني روعتهببا. ومنطق الرباط يفرض عليك أن تندمج وسببط هذا الكم البري املتعايببش داخلها، وأن تعببر أغوار هذه العوامل يف انسببجام رغببم اختالف أمناطها، كانت البدايببة باملعببامل التاريخية الكرى يف الرباط، وشببالة هذه املدينة املنسية يف أرشببيف التاريخ فوق هضبة عىل نهر أيب رقراق الجميل... إنه منظر رائع ذلك الذي يتيح لك وأنت يف شببالة، أن متتع النظر يف األفق الرحب املمتببد أمامك؛ حزام أخرض ومراع كثرية، يخرتقها نهر أيب رقراق ليصب مياهببه يف املحيط، بعد أن يسببقي األرض والبهيمة من هذا السببيل املنسبباب الذي

ينبع من جبال األطلس الشامخة.

مدينة املرينيني

شببالة مدينة املرينيني، أو بالتحديد مدينة أيب الحسببن املرينببي؛ مرفببأ للراحببة من صخب املدينة وضجيجها، ومحطة لفسحة يتمتع فيها النظر بأجمل الصور التاريخية والطبيعية. فمدافن املرينيني تبقى شاهدة عىل عظمة املدينة التي أبلت بالء حسببنا يف وجببه الحمالت الصليبية، أما أسببوارها

فهي عالية تتيح الرتقب والحيطة.

أفواج السببياح منترة هنببا وهناك، هذا يأخذ صورا وذاك يتابع يف اندهاش روايات الدليل املرافق، أما الوافدون املغاربة فقد تجمعوا يف حلقات عائلية عند زوايا وأركان شببالة، وأطلقوا العنببان ألطفالهم ميرحون وسببط أشببجار البلوط والزيزفون. وشالة القلعة األثرية التي اتخذت من ربوة شال رشق املدينببة مكانها املفضل لتسببتعرض تاريخها املجيد، تقودك عر شببارع طويل ميببر مبحاذاتها إىل منطقة حسببان الغاصة بالعمببران واإلدارات، فببرتى خالل فرتات خروج املوظفببني من العمببل اكتظاظا ال

م. أبو فيصل*



نظببري له، كأنك أمام خلية نحل نشببطة، أنبباس يتحركون يف كل اتجبباه، وازدحببام األزقة باملارة يجعل مببن الرباط مدينة تحيي حارضهببا وتتوق إلضافة أمجاد أخرى ملاضيهببا العريق، ورسعان مببا يعود الهدوء ليلببف املكان وتتوارى األفببواج البرية فتبدو لك أطالل حسببان ورضيحها وقد أنريت األضواء يف كافة جوانبه، إنببه عامل نوراين تسببطع أضواؤه من بعيد، لتظهر أطالل حسببان وصومعتها وجنباتها، للوافدين من كل اتجاه، لزيارة معلمة أخرى تزخر بها الرباط؛ حي حسببان الذي يببؤوي رضيح امللك الراحل محمد الخامس، اتخذت هي األخرى ربوة من الشال تطل عىل جزء من املدينة العتيقة سببال، وعىل نهر أيب رقراق. تتميز منطقة حسببان ورضيحها بالصومعة التي يتفق جل املؤرخني أن نصفها ذهب، مبعنى تناثر وتاليش مع مرور الزمن، ونجد كذلك أن أسوار

املسجد القديم تآكلت ومل تبق إال أنصافها.

وتقببودك الخطى إىل الرضيح، ويذهلك مببا ترى من فن العارة اإلسببالمية مبختلف مكوناته اإلبداعيببة ورخامه الفريد وقرميده األخرض الذي يشكل انعكاس الضوء عليه صورة حية ملنظر خالب، تخرج مببن الرضيح إىل واجهببة أخرى لتتأمل مشبباهد طبيعية للضفببة اليببرسى أليب رقراق، تالحببظ القوارب الصغببرية تتحرك ذهابا وإيابا بني الضفتني، وشببقاوة األطفال الذين يسبحون عىل ضفة النهر ويعاكسون التيار، وما أعذب منظر قائد املركب وهو يصارع مبجدافيه املياه، وقد شمر عن ساعديه لنقل مجموعة من الببركاب إىل الضفة األخرى، ذلك أن مجموعة من سببكان املدينة يستهويهم أن يسببتعملوا املراكب الصغرية يف تنقالتهم من أجل

االستمتاع والفرجة.

مل يكن هناك بد من أن أوفر لنفيس مثل هذه املتعة، فأخذت مع الراكبني قاربا صغريا، وقد أتاح يل ذلك طرح مجموعة من األسئلة عىل قائد املركببب الذي تعرفت من خالله، أنه اتخذ هذه املهنة التي ال يرىض عنها بديال ملدة ثالثني سببنة، وأن زبائنه من الطلبة

واملوظفني والسياح.

األوداية... تحيك أرسارها للمحيط

حينا تزور مآثر األوداية، هذه املنطقة التي تعتيل نهر أيب رقراق، وتطل عىل املحيط، تبدو لببك من بعيد بجدرانها الضخمة فضاء مميببزا، يصعب عليك أن تقاوم رغبببة اقتحامه، فتلج من البوابة الكببرى التي ال تحتاج إىل حببراس، ليظهر لك املنظر املثري؛ أقبية متداخلة بعضهببا ببعض، تفصل ما بني الواحدة واألخرى حدائق جميلببة تضم أشببجارا متنوعة، وداخببل األقبية اتخببذ الفنانون من هذا الفضاء الواسببع ملصقات لعببرض لوحاتهم وإبداعاتهم، ويف بهببو القبو الكبري يبدو متحف األوداية الشببهري الذي يعرض للزائرين مختلف أشكال األلبسة التقليدية، وهذه دروع وأسلحة

يف قبببو آخر معروضة للناظرين، وتحت املعروضات هذه، توجد بطاقببات تحدد أماكن وجود مثل هذه النوادر يف مناطق املغرب

املختلفة.

أمببا مقهى األوداية الشببهري الذي يطل بببدوره عىل املحيط فهو مقهببى غاص بالزائريببن، ورواده أغلبهم من السببياح، أما نادلها الشهري فقد أرتدى الزي التقليدي املغريب بإرصار منه للحفاظ عىل تقاليببد املكان، تجلس يف املقهببى فيعرض عليك النادل مروبني فقببط إمببا القهوة أو الشبباي وال يشء غري ذلك، فهببذا املكان ال يعرتف بوجود املروبات الغازية، وبديهي أن الحلوى املعروضة

هي أيضا متأصلة يف املوروث التقليدي للرباطيني والسالويني.

تتوه يف أزقة األوداية الضيقة وأرجائها ليستوقفك منظر جوقة من السياح تأخذ صورا تذكارية مع سقاء يتأبط قربة سوداء بداخلها مياه عذبببة. رشق األدواية ميتد املحيط األطليس بأمواجه العاتية املتكرسة عىل الصخر، وتكسو الرمال الذهبية مساحة ممتدة عىل طول مئات األمتار، اتخذت مجاال لالصطياف والراحة، وعىل طول السبباحل مقاه تعرض مأكوالتها ومروباتها للمصطافني الهاربني

من القيظ إىل رطوبة املحيط. تعر يف تثاقل الرصيف الرميل لتصببل إىل ميبباه املحيط، يف هببذا املكان أو يف مكان آخر ليس ببعيد وقف قبل قرون عقبة بن نافع الفهري، ونزل من عىل صهوة جواده وقال: “لببوال هببذا البحر السببتمر نري لإلسالم إىل بقية أرجاء

العامل”.

بجببال االسببتمتاع بعببد املحيببط، تقببودك الخطببى بأزقتها العتيقببة املدينة إىل أن تحببس التببي امللتويببة جدرانها قد تتالقى من شدة املكان برهبة فتشعر ضيقها لتتسببلل من هذه الوحشية املدينببة تفرضهببا التببي القدمية، فتجد نفسببك بعد برهة يف سببوق لبيع الزرايب الكل التقليدية، واملنتوجات مكدس هنا يف هذه الساحة الفسببيحة، وعمليببات البيع



والراء جارية عىل قدم وسبباق، هذا يبيع زربية رباطية، واآلخر يعرض سببتائر من صنع تقليدي حيكت بعناية فائقة، وآخر يبيع يف انراح أواين قدمية. بهرجة عىل امتداد الشببارع الطويل الذي ينتهببي بك إىل “الصاغة” حي صانعي الذهببب، الذين انزووا يف هذا املكان وفتحوا دكاكينهم الصغرية املستقبلة لطوابري املشرتين، حتى صياغة الذهب يف “سببوق السببباط” وهو السوق الرئييس يف املدينببة العتيقة التزموا يف صياغببة معروضاتهم بأصالة البلد وتقاليد الرباط، أساور، وسالسل محبوكة بدقة، يقول لك الصائغ، أن لهببا طابعببا رباطيا خاصا، وأغلبية زبائن هذا املكان نسبباء ال ميللن من التمعن يف أسبباور الذهببب املعروضة من خالل زجاج واجهة الدكاكني. سوق السباط الشارع املزدحم يف أغلب األوقات والذي تخرتقه أزقة ملتوية تقودك إىل هذا الحي أو ذاك، تجمهر

شعبي لكل أنواع التجارة.

فكل ما ترغب فيه تجده يف هذا السوق اليومي املفتوح للزائرين واملتجولببني، منتببدى للبيع والببراء وبورصة ال تدخببل يف إطار املؤسسات االقتصادية املعروفة، أو لنقل سوقا مفتوحا لكل يشء،

أمببا األمثان فهي ترتاوح بني دكان وآخر، لتجد نفسببك بعد وقت قصري أمام شببارع طويل تظهر عاراته الشاهقة يف تناسق بديع،

دكاكني فخمة ومقاه عرصية، فهو جو آخر تتميز به الرباط.

وتكمببل جولتك يف نواحي املدينة بعد زيارة كل األماكن الجميلة فيها، وعىل بعد عرات األميال من املدينة تبدو السهول خرضاء بعشبها املزهر وأشجارها الباسببقة، فهذه غابة املعمورة بأشجار البلببوط والفلني الكثيفة تغطي أفق البرص.. وقد اتخذت كمكان

هادئ للزائرين من صخب املدينة وضجيجها.

فاملعمببورة هي أفق رحب لالسببتجام الربيعببي والصيفي، لها نسببيم عليل يداعب يف لطف أوراق الشجر، وتلح سحابة عنيدة عىل إرسببال أوىل زخات املطر، فتتذكر الغببروب وتجنح بالخيال إىل روعة املكان، هذه هي الرباط الحاملة التي تحتضن الشببمس

بكف، لتتوسد باألخرى عرض املحيط.

* مراسل متجول لجريدة الرق األوسط



الرباط... مدينة ال تشبه المدن

شاكر نوري

م��ا كان ليقدر ل��ي الذهاب إلى املغرب لو لم يكن ذلك إكراما لصديقت��ي املغربية التي تعرفت إليها على مقاعد الدراسة اجلامعية في إحدى جامعات باريس.

فقد بدأت حديثها، في إحدى األمس��يات، ونحن نحتسي الشاي بالنعناع، عن املغرب، وعن مدينتها الرباط، وعن بيتها العائلي القدمي في »األوداية«. كنت أنصت إليها بانتباه، ألنها وهي تتحدث عن هذه املدينة، تبدو وكأنها ترسمها بقدسية، لقد ثبت كل ما وصفته في ذهني كلوحات نفذتها عبقرية فنان. بدأنا احلديث، في تلك األمس��ية، عن األعش��اب التي تش��في األمراض، وسرعان ما وجدت نفسي في قلب هذه املدينة بني أناس عش��قت طباعهم، وفي كل خطوة كنت ألتمس الروح العربية تتنفس هنا

وهناك، سواء في القصور التي دعيت إليها أو في مدن الصفيح التي جتولت في دروبها.



حدتثنببي عن بيتهم القديببم يف » األوداية«، عببن غرفه التي ال تحىص، ونوافذه التي تطل عىل البحر، فلقد شببيدت هذا القرص العتيق يف مخيلتي »طابوقببة طابوقة« إىل أن زرته معها يف ذلك الحببي القديم الذي مل يعد سببوى ملجأ للنبباس الفقراء، بعد أن هجرته العائالت الكبرية وشببيدت قصورهببا يف ضواحي الرباط،

بعيدا عن أسوارها القدمية باملدينة الحديثة.

بالرغببم من أن صديقتي دعتني إىل بيتها، فقد فضلت أن أذهب إىل الفندق، لكنني رضخت إلرادتها بعد أن أمضيت ليلتي األوىل يف ذلببك الفندق الذي مل أتبني له إسببا عىل الرغببم من الالفتة

الضوئية التي تحمل إسمه يف أعىل بناية قدمية.

يف الصباح، انطلقت ألتجببول، قبل أن أذهب إىل بيت صديقتي، فالرباط هي املسبباحة الشاسببعة املرتامية األطراف، لكن روحها تكمن يف مدينتها القدمية، يصل إليها الزائر عر شببارع الحسببن الثاين ثم سببور األندلس، فالسوق املغطى قبل أن يدخل مبارشة إىل السببوق العتيق أو »السببويقة«. إنني ال أرى أكداس البضائع املوجودة يف املتاجر، لكني أرى حشود الناس يتدفقون إىل أعاق السوق، من السويقة إىل سوق السباط، ومنه إىل زنقة القناصلة، أتجول وأقرتب من الوصول إىل قصبة الوداية املطلة عىل املحيط األطلببيس، ألقى نظرة عىل أقدم مسببجد يف الرباط، وأعود ثانية إىل السببويقة، ألرى البر أنفسببهم الذين رأيتهم... إنهم جذبوا انتباهي بشببكل ال أسببتطيع تجاهلهم: العميان، بائعات الخبز،

بائعوا املاء، الشحاذون، الصغار، بائعوا التوابل.

يف هذه السببوق تصورت العامل بأكمله يعلن يوم عطلة من أجل التفكري بالسببكون! يف ضجيج السببويقة، تتدافع

األجسبباد، وتلتصق األكتاف. عندما أملس جسببد امرأة، تنظر يل من وراء أصحابها وهي تبتسم، رغبة واحدة تتأرجح يف رؤوسهم؛ وهي معرفة اإلنسان الغريب، ال أعرف كيف أن النساء املغربيات يعرفن الشببخص الغريب رغم تشببابه مالمح الوجببه العريب يف مشببارق األرض ومغاربها، رمبا يعرفن ذلببك عن طريق النظرات واالبتسببامة أو كا يخيل إيل، بأن للنساء طاقة خفية يكشفن بها اإلنسببان الغريب، قلت إنني أفكر بالسكون وسط هذا الضجيج، وقصدي يف ذلك السببكون الكامن يف نفببوس العميان، وبائعات الخبز، وبائعي املاء، وبائعي التوابل، والشببحاذين الصغار يف هذا

السوق الضيق.

العميببان، يبدو من هيئاتهم بأنهم يشببحذون عادة عىل شببكل مجموعات تتكون من حوايل عرة أشببخاص، ملتصقني بعضهم بالبعببض اآلخر، واقفني كصف واحد كأنهببم ينتظرون أمام فرقة إعببدام، إنهم عببىل األكرث، واقفون عببىل أقدامهم طببوال النهار كالحرس، أجسببادهم مشبببعة بالقدر... ال ترتعش إىل مصائرها املجهولة، من بعيد أراهم مجموعات تتقاسببم ممرات السويقة. كان يخيببل إيل بأننببي أرى عدة مجموعببات، ويف الحقيقة، هي مجموعة واحدة تنتقل من مكان إىل آخر، تتناهى إىل أسبباعي أصوات ابتهاالت وصلببوات وتنهيدات عميقة، تخرج من حناجر جريحة صدئة أتعببب أوتارها الزمن. ال تدرك هذه األشببياء، إال

عندما متر أمامها بذهن نقي، صاف.

أنصببت إىل ابتهاالت العميان، تأتيني كأناشببيد عتيدة، باعتبارها آخببر رثاء ميكببن أن يقدمه لنببا، أولئك الغارقببون يف الظلات،

بالقدر مشبع مثلهم متامببا، ال فرق بيني وبينهم، إنني إنني من أنهم يرقبونني كا أرقبهم، ينتصبون واثببق

االحتفببايل السببوق هببذا يف



زمن الرباط... نهر بال ضفاف


كتاثيببل رخامية. كنت أفكر يف نفيس وأقول: هل نتجاوز الظالم أم نعيببش فيه؟! كنت أرى داخببل أولئك العميان، وأنا أحدق يف محاجببر عيونهم الداكنة، أحجارا كرمية، تشببع نببورا، وال يبهت ضوؤهببا أبدا، ال أحد يببرى بريق األحجار الكرمية سببواي، بينا مييض املارة غري عابئني بهببذا الضوء املختفي املتدفق من أعاق أولئك العميان املسببكونني بالطأمنينة، تتدفق األناشببيد دون أن يقاطعها أحد، سوى سببعال بعض العميان الهرمني، وحني يشعر العميان اآلخرون بهذا السعال، فإنهم يرفعون أصواتهم ليحافظوا عىل اإليقاع، أصوات تسببعة أو عرة عميان اندمجت يف صوت واحببد... صوت األوتار املتوجعة، وبني آونة وأخرى، متتد شبببكة من األيببادي إىل اآلنية النحاسببية. يف فرتات االسببرتاحة، يتوقف العميان عن اإلنشبباد، ليتلمسوا قاع اآلنية، ومثة من يعرف قيمة القطببع النقدية مببن الرنني الذي تحدثه حني يقببذف بها املارة، ويف آخببر كل مقطع من االبتهاالت، ميد العميببان أيديهم، خيبة األمل ترتسببم عىل وجوههم، وهم ميسحون العرق املتصبب من أجسادهم ووجوههم عندما يتحسسون قاع الطاسة الفارغة، كل ذلك يعتمد عىل مببا يقذف به املارة من كرمهم، وعادة يقذفون القطع النقدية الضئيلة القيمة التي ال تسبباوي شيئا إال أنها حني تتجمع يف الطاسببة النحاسببية،، تصبح ذات قيمة. اليشء يعبأ به العميان، رأسببالهم الوحيد هو حناجرهم القوية، إنهم ميتلكون األلحان املحببة إىل النفببوس، ال ميكنك أن متر من جوارهم دون أن تفكر بالطاسببة النحاسببية التي متتلئ وتفرغ من وقت آلخر. إنهم ال يسعون إىل أن يصبحوا أثرياء، لكنهم يف الوقت نفسه

صارمون فيا بينهم عىل التقسببيم العببادل ملحصول اليوم، قال يل صديببق يعيش هناك، إنهم عندما اكتشببفوا ذات يوم، حامل الطاسة، يدس بعض القطع النقدية يف جيبه املخفي، طردوه من صفوفهم، وأخذوا يلعنونه يف ابتهالتهم وأناشببيدهم، بل أكرث من ذلك، ينرون حكايته يف السببويقة. عندما ينتهون وقت الظهرية مببن غنبباء االبتهاالت، يدخلببون يف زقاق طويببل، يف آخره يقبع مطعببم صغري، يأكلون فيه لقاء أجر شببهري، أما يف الليل، عندما تقفر السوق، يتفرقون وكل منهم يذهب إىل مكان، وهو يداعب القطع النقدية يف جيبه، هكببذا يغيبون يف الزقاقات املظلمة إىل أن يطلببع النهار ثانية فيلتحقون بسببويقة الرببباط، كا يلتحق

الجنود بثكناتهم.

بائعات الخبز: يزركشن أطباق الخبز حسب الرغبات.

بائعو املاء: يتأملون العيون الظامئة.

بائعو التوابل: رائحة عبقة تنتر عىل ذرات الرياح.

الشحاذون الصغار: شياطني يكشفون الجيوب مبكر.

إنببه سببوق عتيق، يف مدينببة ال أحد يسببتطيع تحديببد عمرها الحضبباري... وال العمراين. إنها رباط الفتببح املطلة عىل التاريخ

اإلنساين.

* شاعر وصحفي عراقي


رببباط الفتببح/ رببباط العاصمة، تسببرتيح عىل شبباطئ املحيط األطلنتييك، شببال الخط العريض بدرجببة 37,81 وغرب الخط الطويل بدرجببة 10,19 وعببىل الضفة الجنوبية لنهببر أيب رقراق وطولببه 250 كيلومرت، و »لرمبا« أصل التسببمية مببن رقرقة املاء

وصفائه كا عرفه بذلك أبو العباس النارصي والحسن الوزان، أما عند اإلدرييس فيعرفه بب »وادي أسمري« وعند املراكيش بب »وادي الرمان« وعند ابن حوقل »وادي سببال« ولرمبا يكون لهذا الوادي أسبباء أخرى لكن الذي يهببم أكرث هو أن يظببل »األب رقراق«

زمن الرباط... نهر بال ضفاف

عبد اهلل ورياش*

هكذا هي عواصم العالم، تكون أش��به بلوحات زيتية تتداخل فيها كل األلوان بحيث يصعب على »الغشيم« أن يقرأ بالعني املجردة حدود االختالف واالتفاق: مفارقات عجيبة... حياة تسيح عبر شبكة إدارية معقدة... وأفكار، رغم أنها تشبه وسادات محشوة بالتني القاسي،

ليس مبقدور املرء سوى أن يسند رأسه إليها.



يتدفببق صافيا يف عروق رباط الفتببح دون أن تلوثه أيادي الربح الرسيع...

قال الشببيخ عز الدين أبو الحسببن ابن األثري صاحب »الكامل«: »بنببى يعقوب املنصور مدينة محاذية لسببال من أحسببن البالد

وأنزهها«.

وقال أبو العباس شمس الدين: »بنى »املنصور« بالقرب من مدينة سال، مدينة عظيمة ساها رباط الفتح عىل هيئة االسكندرية يف االتساع وحسن التقويم وإتقان البناء وتحسينه وتحصينه، وجاء يف »املعجببب يف تلخيص أخبار املغرب« أليب عبد الواحد بن عيل التميمي املراكببيش ما قوله: »بنى املصامدة )أي املوحدون( عىل ساحل هذا البحر مدينة عظيمة وسموها رباط الفتح، وقال ابن حوقل يف »املسببالك واملالك« ملا أجرى ذكر وادي سبببو: »ومن ورائه إىل ناحية برغواطة عىل نحو بريد، وادي سبو وإليه تنتهي

سكنى املسلمني، وهو رباط يرابط فيه املسلمون«.

... نعم، الزمان نهر بال ضفتني

واملببكان جببرس للهوية املسببتمرة فينا... ومن يسببقط يف حضن الحياة مستسببلا أو مؤمنببا بنهاية التاريخ، حتببا- واملضارع... واألمر!! وحيببث توجد مثة تاريخ حتببى وإن أرخ لوجودنا فوق

هذا الكوكب مبا قبل أو بعد التاريخ..

اكتشببف الباحث الفرنيس »ماريس« ما يعرف بإنسان الرباط ومل يبق منه إال الفك السببفىل وشببظية من الحنك، كا عرث الباحث »روش« سببنة 1656 عىل فك سببفىل، قرب )متارة( يقارب النوع

النيانديرتايل.

ووقع العثور سببنة 1977 بشبباطئ الهرهورة عىل مغارة ومقابر ومسبباكن يرجع عهدها إىل عصور مببا قبل التاريخ بحوايل عرة آالف سببنة... وتشهد هذه الكشوف األثرية عىل أن مكان الرباط

وناحيته كان مسكونا منذ العصور املوغلة إىل القدم.

ورب قائل:

الناس مثل حباب

والدهر بركة ماء

فعامل يف طفو

وعامل يف انطفاء

فكم من حياة مرت من هنا وكم من قوم متسكوا بتالبيبها، إرصارا عىل أن متكث يف ديارهم، لكن قدر اإلنسان أن يرحل وقدر الحياة -إىل أجل غري مسمى- أن تعود يف غفلة هذا اإلنسان لتبيع الخبز والهببواء! للقاطنني الجدد... فحياة رببباط الفتح تاريخها، وتاريخ

رباط الفتح حياتها، املستمرة يف ألياف )الرباطيني(.

وتشببهد عىل ذلك اآلثببار واملآثر كقصبة األودايببة التي كانت يف عهدهببا األول عبارة عببن حصن بناه الرومان، ويف عهد اإلسببالم كانببت عبارة عن رباط يرابط فيه املسببلمون بقصد الجهاد ضد الرغواطيني، ويف عهد املرابطني أصبحت عىل شكل قصبة صغرية يسكنها )رهط من صنهاجة( ومل تتخذ شكلها الحارض إال يف عهد املوحدين بحيث اتخذها عبد املؤمن دارا ومعسكرا وأذن للناس

يف عارتها...

قببال املؤرخ أبببو جندار: »وأول مببا بناه فيها قببرصه الفخيم ثم مقصورة العظيم، جعله ديوانا يجتمع فيه الوزراء األعالم، وإيوانا

يأوي إليه حملة السيوف واألقالم«.

أما شببالة فهي مدينة أزلية، كانت موجودة قبل العهد املسيحي مبئات السببنني وصببارت زاويتها فيببا بعد أقدس أثببر تاريخي

بالرباط، وتعرف يف التاريخ القرطاجي باسم »سلفيس«.

ويف التاريخ الروماين باسببم »سببالكولونيا« وجاء يف مسببالك ابن حوقل، تسببمية شببالة، بسببال القدمية ويف كتاب االستبصار ذكر أن سببال، إسببمها بالعجمي شببالة، وهي مدينة أزلية فيها اآلثار لألوائل. ويف جغرافية اإلدرييس، أن مدينة شببالة تقع عىل ميلني من البحر وموضعها عىل ضفة أسببمري الببذي يتصل اآلن مبدينة

سال الحديثة.

ومببا يواجه زائر رببباط الفتح أيضا، أبوابها كببباب القصبة/ باب العلو/ باب الحببد/ باب الرواح/ باب الجديد/ باب البويبة/ باب الشببالة/ باب املالح الجديد/ ثببم أبواب السببور العلوي، كباب القبيبات/ باب تامسنا/ باب متارة/ باب مراكش/ باب الراين/ باب املصىل، أما أسببوار رباط الفتح فتبتدئ من برج الرصاح إىل جهة الجنببوب الرقي ثببم تنحرف نحو الشببال إىل أن تصل للوادي من قلعة شببالة، ويفصل بينها السور األندليس املمتد من باب الحببد إىل برج سببيدي مخلوف املطل عىل الببوادي، وقد أحدثه األندلسببيون أوائل القرن الحادي عر)...( ثم سور أشبار املطل عىل البحر وهو من بناء السلطان املوىل عبد الرحان ويف وسطه بني بببرج الدار عام 1824 )حسبببا رواه املؤرخ محمد بن عيل الدكايل( ثم السببور العلوي الخارجي... وسور أكدال الكبري الذي ميتد من باب زعري إىل قرب باب املصىل... أما السببور الرشببيدي

فإنه يحادي حديقة األوداية وساحة سوق الغزل.

إنها تركيبة حضارية متتد من التاريخ إىل التاريخ.

* كاتب وباحث يف التاريخ

الرباط.. بأقالم معاصريها

33زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 حوار

س: تحتفل مدينة الرباط هذه السببنة بذكراها املائة، كعاصمة للمملكة املغربية، ما هي قراءتكم لهذا الحدث الذي يعيد هذه املدينة بال شببك، إىل جذورها املوحدية... حيببث كانببت دامئا بوابببة مغربية تطل عىل الرتابببط الحضاري القائببم بني املغرب

وأوربا..؟

ج: ال ميكببن أن نذكر مدينة الرببباط دون أن نتحدث عن جذورها التاريخيببة قبل املوحدين، فقد كانت عىل الدوام محط اهتام كل الببدول التي تعاقبت عىل املغرب من الوندال والفينقيني والرومان، وأكر دليل عىل ذلك، هو مدينة شببالة التي بناها الرومان وميناءها عببىل نهر أيب رقراق وجدار »الليمس« الذي كان مير جنوب مدينة

الرباط، وهو -كا يعلم الجميع- الجدار الذي كان بالنسبة للرومان يفصببل العامل املتحرض عببن بقية العببامل. وكانت كل الببدول التي حكمت املغرب من األدارسة إىل السعديني، تطمح يف جعل الرباط عاصمة لدولهم، لكن هذه املحاوالت كلها فشلت ألسباب متعددة، وهنببا نقف عنببد ابن تومرت وبنبباء املهدية، ملا جمببع أعوانه من علاء وحكام، استشببارهم عن املوضع الذي يصلح لقاعدة حكمه، أشببارواعليه باملوقع -الرباط عاليا- قائلني: سيكون لهذا املوقع شأن عظيم للدولة وهو ما يؤكده اكتشبباف سببور تاشفني املجاور لباب

الأ�ضتاذ عبد الكرمي بناين..

رئي�س جمعية رباط الفتح

الرببباط، كانببت محببل اهتببام الوندال والفنيقيني والرومببان وكل الدول املتعاقبة

عىل املغرب، من األدارسة إىل العلويني.

اليببوم تحولت الرببباط إىل منارة مشببعة للعلببم والثقافة، وعلينببا جميعا املحافظة

عىل مآثرها.

يتحدث األستاذ عبد الكرمي بناني رئيس جمعية رباط الفتح، للتنمية املستدمية، )وهي من أش��هر جمعيات املجتمع املدني باملغرب(، في احلوار التالي، عن اجلذور التاريخية ملدينة الرباط، وعن األدوار التي لعبها األندلسيون واملوريسكيون في إعطاء هذه املدينة

حلتها الرائعة.ومن جانب آخر يتحدث األس��تاذ بناني في هذا احلوار، عن عناية الدولة العلوية بهذه

املدينة، لتصبح منارة مشعة للعلم والثقافة، وقاعدة منفتحة على املغرب والعالم.فيما يلي نص هذا احلوار:


من أعالم الرباط المعاصرين

مقاالت وأبحاث الكبري مدخل القصبة/ األوداية. وسيقرر فيا بعد أبو يوسف يعقوب املنصببور بناء مدينة عرصية ويرف بنفسببه عىل وضع تصاميمها؛ شببوارع عريضة وأزقة منفتحة بعضها عىل بعض وفضاءات للنزهة وما إىل ذلك. وسببيعطيها إسببا مناسبا ملا كان يسببعى إليه -رباط الفتح- لتتالءم مع اللقب الذي اختاره لنفسببه املنصور. وسببتعرف الرباط مع مجيئ األندلسيني واملورسببكيني ازدهارا حضاريا متميزا سببينعكس فيها عىل العمران والفنببون والصناعات، وهي العنارص التي أكسبببتها حلتهببا الجميلة والرائعة. إال أن العلويني سببيولونها اهتاما خاصا، وما شيدوا بها من معامل عمرانية وثقافية وعسكرية أكر شاهد عىل عنايتهم بها ملعرفتهم العميقة مبوقعها اإلسرتاتيجي، كموقع لحراسة السواحل والسهول، وكذلك ملناخها املعتدل وجال الطبيعة بها، وهو األمر الذي سهل عىل »ليوطي« )الحاكم الفرنيس(

اختيارها عاصمة للمملكة، بعد موافقة السلطان موالي يوسف.

س: الرببباط العاصمة، أعلنببت يف يونيو املنرصم تراثا إنسببانيا عامليا من طرف منظمة »اليونسببكو«، أال ترون أن هذا اإلعالن، عىل

أهميتببه، قد جاء متأخرا عن موعببده، عىل اعتبار أن هذه املدينة تحتضن منذ أمد بعيد، آثارا إنسانية يعود بعضها

إىل ما قبل العرص الحجري األول... ويرجع بعضها اآلخر إىل العصببور املوحدية واملرينيببة والعلوية، وجميعها تعطببي االنطببباع أن الرببباط كانت وما تببزال تراثا إنسانيا بامتياز من حيث موقعها الجغرايف، وكذا من

حيث تكوينها الحضاري؟

ج: كببا يقال، كل يشء يببأيت يف وقته، وكا سبق أن قلت، اهتم امللوك العلويون بالرباط

اهتامببا خاصا، وسببعوا دامئببا إىل االرتقبباء بها والعناية مبعاملها وبساكنتها لتصبح عاصمة ذات إشعاع

عاملببي، ونحن اليوم نشبباهد ونعاين يوميا - ونحمببد الله أن أنعم علينا بالحياة لنعيش هذه الفرتة- ما خططه امللك محمد السببادس حفظببه الله من مشبباريع تنموية وعمرانية وثقافيببة بامتياز، فإيل جانببب موقعها كقاعببدة للملك ومركز سببيايس ومنهجي، أصبحت الرباط منببارة مشببعة للعلم والثقافببة: املرسح الكبببري، املتاحف الجديدة، البنايات العرصية، وكل املشبباريع ذات الدالالت العميقة التي أرادها لها جاللة امللك، فكان من الطبيعي، إىل جانب حمولتها الحضارية الضاربة جذورها يف التاريخ، أن تقر اليونسببكو تصنيفها كرتاث إنسبباين عاملي، وقد تتبعنا بشببغف كبري كيف تم التصويت عىل هذا القرار الشببهر املايض بسان بيتريسبورغ بروسيا، باإلجاع، والكلات التي ألقيت من طرف أعضاء اللجنة املعنية لإلعراب عن إعجابهببم بجودة وقببوة، امللف الذي تقدم بببه املغرب، وإعجابهم كذلببك باملكونات الغنيببة واملتعددة لهذه املدينببة الجميلة، و قد عروا جميعهم عن اسببتحقاق الرباط بأن تحمل لقب تراث إنساين

عاملي.

مببا يهم اآلن، هببو ما يجب علينا جميعا القيببام به للمحافظة عىل مآثرهببا والعنايببة بها والتعريببف بها والتنقيب عن مببا خفي منها والعناية الشمولية باملعامل واملنشآت الكرى التي يسهر جاللة امللك عببىل إقامتها عببن كتب. يجب من أجل ذلك اسببتنهاض كل الهمم والفعاليات االقتصادية والثقافية واإلدارية لتحصني هذا املكتسببب الوطني املتفرد لتسببتمر الرباط حاملة بببكل اقتدار وجدارة للقبها الجديد، وليسعد كل سببكانها وكل زائريها من الوطن ومن خارجه

مبا تحبل به من جال ورقي وانسجام.

س: بني سببنة 1912 وسببنة 1956 (من عقببد الحاية إىل إعالن اسببتقالل املغرب)، اسببتطاعت الرباط تشكيل نخبة ثقافية/فكرية/سياسببية عىل قدر كبري من الحنكة والدهبباء، لعبت أدوارا طالئعية يف بناء املغرب الحديث، السببؤال هل اسببتطاعت جمعيتكم حتى اآلن تكريم هذه النخبة، واالحتفال بها ومبا يليق مبقامها من تقدير

واحرتام؟

ج: نعم يف هذه الحقبة الغنية بالتطورات السياسببية واالجتاعية، انفتحببت الرباط عىل كل الوطن وأصبحببت قبلة للزعاء والوطنيني بجميع أصنافهم ومشبباربهم، فتشكلت نخب متميببزة من علبباء ومفكرين وباحثني وسياسببيني، أطروا بدهاء وذكاء كبريين كل املراحببل واملحطات التي مببر منها الوطن فالوطنيببون االسببتعار. وطببأة تحببت املجاهدون كونوا جيال جديدا من الشباب تكوينا رصينا ملواجهة املرحلة، وما أصعبها مببن مرحلة. ومببن هنا )الرببباط( انطلقت األفكار األساسببية والعمليات امليدانية للعمل الوطني، االنتفاضة ضد الظهري الربري، املظاهرات الضخمببة للمطالبببة باإلصالحات، تأسببيس كتلة العمل الوطني، ثم حزب االسببتقالل، بعد ذلك وثيقة املطالبة باالسببتقالل وتأسببيس جريدة العلم فتأسببيس املدارس الحرة. وال ننىس يف كل هببذا، الدور املحوري الببذي لعبه ابن هذه املببدارس الرائد الكبري املرحببوم ج أحمد بالفريببج، إىل جانب الزعبباء اآلخرين بطبيعة الحال، فكان لزامببا علينا يف جمعية رباط الفتح أن نكرم كل هؤالء املجاهديببن، الوطنيني منهم واملفكرين، الذين لعبوا أدوارا طالئعية يف بناء اإلنسببان املغريب الحديث -إن صح هذا التعبري- فكل سببنة، تكون ذكرى 29 يناير 1944 مناسبببة لتكريببم مجموعة من هؤالء الببرواد، واالحتفاء بعملهم ومنجزاتهم، وهي كذلك وسببيلة جميلة وطريفة عرصية لتدوين منجزاتهم، وكتابة جزء من تاريخنا املعارص من خالل اسببتحضار الذاكرة لحياة هذه الشخصيات الفذة، وال زلنا

سائرين عىل هذا النهج منذ 25 سنة.

مببببن انطلقت هببنببا

األفببببكببببار األسبباسببيببة امليدانية والعمليات

للعمل الوطني.

حوار


من أعالم الرباط المعاصرين

أجنبت مدين��ة الرباط خالل الق��رن املاضي/ الق��رن العش��رين، نخبة واس��عة م��ن األدباء املفكرين والفقهاء، الذي��ن طبعوا الزمن املغربي املعاصر بعطاءاته��م الفكرية/ احلضارية/... والثقافية، املتميزة بأصالتها، وبتش��بثها بقيمها اإلس��المية..، وأيضا بانخراطه��ا في قضايا

العصر احلديث وشؤونه املختلفة.

الدكتور مصطفى اجلوهري، وهو أحد املثقفني اخلبراء بتاريخ العاصمة الرباط، وبتراث نخبتها وعطاءاتها وإسهاماتها الثقافية املختلفة، يعرفنا ف��ي هذا العرض املمتع، بنخب��ة من أعالم هذه املدينة خالل القرن املاضي، إذ اختار لنا العالم، والسياس��ي، والفقيه، وامل��ؤرخ، والواعظ، وجميعهم يش��كلون مناذج مخت��ارة من رواد/

عاصمة اململكة.د. مصطفى الجوهري*

مقاالت وأبحاث


عبد اهلل الجراري عالمببة املغببرب وأديبببه، مؤرخ وكاتب مبدع، شبباعر ومرسحي. وهو ميثل مدرسببة موسوعية يف واإلبداع، الفكر مختلف جوانب مريب أجيببال، ومجاهد وطني إذ يعببد أول املنتفضني ضد )الظهري الربببري(، كا قاوم االسببتعار. مؤسببيس مببن كذلببك يعتببر التعليببم الوطني الحببر، وتعليم البنات. عمل مفتشا عاما للرتبية

والتعليم.

يعتر أيضا من مؤسببيس البنيات األوىل للنهضببة الثقافية يف املغرب، كا تؤكد ذلك مشبباركاته يف عدد مببن اللجان العلميببة واملنتديات الوطنية

والدولية، إضافة إىل ناديه األديب العتيد الذي أسسه سنة 1930م.

ولد مبدينة الرباط سببنة 1905م وتويف بها سببنة 1983م. تتميز شخصيته بواجهببات متعببددة وطنية إصالحيببة دينية واجتاعيببة وعلمية وفنية وتاريخية وتربوية، انعكست عىل كتاباته وعطاءاته الكثرية، التي اتجهت إىل مختلف حقول املعرفة إبداعا وكتابة وبحثا ودرسا ومحارضة وتأليفا... وترزها مؤلفاته وتصنيفاته التي تجمع بني املخطوط واملرقون واملطبوع

من بينها:

• تفسري القرآن الكريم )ثالثون حلقة(.• من أعالم الفكر املعارص بالعدوتني الرباط وسال )جزآن 1971-1977(.

• ذكريات االعتقال• شعراء املغرب األقىص )وأدباؤه املعارصون )مرقون(.

• من رجال الثقافة والفكر بالرباط وسال )مرقون(• دروس التاريخ املغريب )خمسة أجزاء طبع طبعات متعددة(

محمد المكي الناصريعالمببة ومفكر تنويري وأسببتاذ جامعي، كاتب ومؤلف وخطيب وشبباعر ومجاهد وطني، وزعيم سببيايس؛ إذ يعتر مؤسس حزب وصحببايف املغببريب(، )الوحببدة متمببرس. فقد أسببس مجموعة من الصحببف باللغات: )العربية والفرنسببية واإلسبببانية( وأسس كذلببك مجموعة مببن املطابع: مطبعة الوحدة املغربية بتطوان، ومركببز الطباعببة املغربية بطنجببة، ومطبعة دار الشببعب بالرباط. من مؤسيس التعليم الحر، ومؤسببس لعدة جمعيات وطنية وعربية ودولية،

ومؤسس لعدة جرائد )صوت الشعب(، )منر الشعب(، )منر الرابطة(.

ولد مبدينة الرباط سببنة 1906، وتويف سنة 1994م تابع دراسته وتكوينه بالرببباط والقاهرة وباريببز وجنيف، وتقلد مناصب سياسببية يف الدولة: عامل، سببفري/ وزير األوقاف والشؤون اإلسالمية ووزير الشؤون الثقافية، رئيس رابطة علاء املغرب، رئيس املجلس العلمي بالرباط، عضو أكادميية اململكة املغربية، خطيب مبسببجد حسان، وعضو مجلس الدستور. شارك يف عببدة مؤمترات علمية وثقافية وطنيببة ودولية، ونر وعرب مجموعة من األبحاث والدراسببات مبختلف الجرائد واملجالت، كجريدة )الوحدة(، ومجلة )املعرفة املرصية(، ومجلة )املغببرب الحديث(، ومجلة )أكادميية

اململكة(.

من بني مؤلفاته:• حياة سقراط، القاهرة 1930م.

• حرب صليبة يف مراكش، القدس 1931م.• فرنسا وسياسيتها الرببرية يف املغرب األقىص، القاهرة 1932م.

• األحباس اإلسالمية يف اململكة املغربية، تطوان 1935م.• طيف مؤامرة الظهري الرببري )ترجمة( تطوان 1941م.

• الدعوة اإلسالمية، فلسفتها السديدة وسياستها الرشيدة.

محمد بن عبد العزيز بنعبد اهللولد مبدينببة الرباط سببنة 1934م. عامل وباحث وموسوعي وأديب متميز وأستاذ مريب، ووطني غيور. اشتغل أول شبابه، بالتدريس مبعهد امحمد جسوس الذي أسسببه الوطني الكبري أحمد بالفريج ما بني 1948 و 1964م، وبعدها سببيلتحق بببوزارة األوقاف والشببؤون اإلسببالمية، حيث تكلف بإدارة ورئاسة تحرير مجلة )دعوة الحق( ألكرث من عقدين ونصف، والتببي أعطاها كل جهده وعصارة فكره وطورها شببكال ومضمونا، ومثل الببوزارة يف العديد من املؤمتببرات والندوات العلميببة الدولية والوطنية، اضافببة إىل إرشافه الرتبوي عىل بعثات األسبباتذة لتدريببس أبناء الجالية املغربيببة القاطنببة بالخارج. كا انتمببى إىل النادي الجببراري منذ بداية خمسببينات القرن املببايض وكان بارزا فيه، ونببر مجموعة من األبحاث والدراسات بجريدة )العلم(، وجريدة )األيام(، ومجلة )الشباب(، ومجلة

)دعوة الحق(، وله مؤلفات عديدة مخطوطة ومطبوعة منها:

• الوقف يف الفكر اإلسالمي )جزآن( 1996م.• املاء يف الفكر اإلسالمي واألدب العريب )أربعة أجزاء( 1996م.

• الرعاية اإلسالمية يف رعاية الوقف 2006م.ومن بني مؤلفاته املخطوطة:• أوقاف الحرمني الرشيفني.

• رحلتي إىل االتحاد السفيايت )نرش بعض حلقاته يف دعوة الحق(.

• األدب الجغرايف/ أدب الرحلة الحجية والحجازية.

مقاالت وأبحاث مقاالت وأبحاث

37زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 مقاالت وأبحاث مقاالت وأبحاث

أحمد بالفريجيعتر الزعيم أحمد بالفريج من كبار قادة الحركة الوطنية املغربية، ورمزا المعا مببن رموزهببا. كان من جيل الببرواد الذين سبباهموا يف النهضة والرتبويببة والسياسببية الفكريببة ببالدنا، كا يعتر من قادة التحرير

يف الوطن العريب.

ولببد بالرببباط سببنة 1908م وتويف سببنة 1990م، درس مبدرسة )أبناء األعيببان(، ثببم ثانوية )كببورو(، ثم ثانويببة )هببري الرابببع( بباريز، ثم جامعببة )الرسبون(. سبباهم يف تأسببيس عببدد من الخاليببا والجمعيات والتنظيات الحزبية والسياسببية والرتبوية الوطنية والدولية، نذكر منها عىل سبببيل املثال: )جمعية طلبة املسببلمني إلفريقيا الشببالية بباريز(، و)الزاوية(، والجامعة اإلسبببانية اإلسالمية مبدريد، وكتلة العمل الوطني، والحزب الوطني، وحزب االسببتقالل الذي كان أول أمني عام له، وكان من أبرز مهنديس ومحرري عريضة املطالبة باالسببتقالل يف 11 يناير 1944م. كا أسببس يف سببنة 1934م أول مدرسببة حرة وعرصية يف املغرب بنظام مزدوج وهي )مدرسببة امحمد جسببوس( املعروفة بالرباط. وقد تعرض أحمببد بالفريح مرات متعددة، لالعتقال والسببجن واملنفى داخل الوطن

وخارجه.

بعد االسببتقالل، تقلد مناصب مهمة. فهو أول وزيببر للخارجية 1956م، ثم رئيس أول حكومة لحزب االسببتقالل سببنة 1958م، فممثال شببخصيا للمغفور له الحسببن الثاين سببنة 1961م، ليعببود إىل وزارة الخارجية من جديببد )1963-1961م(. وقببد ظببل ممثال شببخصيا للملك، حتى سببنة

1972م.

أمببا عمله الثقايف، فقد امتد إىل مجاالت فكرية وأدبية وإعالمية متعددة، خاصببة وأنه يجمع بني الثقافة العربية اإلسببالمية املتينببة، وبني الثقافية الغربية األوربية، حيث سبباهم بشببكل ملموس يف بناء النهضة املغربية الحديثة، سببواء عن طريق الدرس أو املحببارضة أو الخطابة أو الصحافة أو املرسح أو الكتابة األدبية. كا سبباهم يف تأسيس مجموعة من الجرائد واملجببالت السياسببية والثقافية املغربية كمجلة: مغببرب، جريدة العلم، جريدة األطلس، مجلة السالم، مجلة الفتح، مجلة الزهراء، مجلة الشبيبة

)الشباب(...

ومن إنتاجاتببه وكتاباته مجموعببة كبرية من املقبباالت باللغتني العربية والفرنسببية املبثوثة عىل أعمدة املجالت والجرائد السببالفة الذكر، ومن

تأليفه:

• عاصفة يف املغرب سنة 1930م.• تأسيس الدولة املوحدية.

• األرسى املسلمون يف أوربا.

محمد المدني بن الحسنيعالمة مشببارك، محدث وحافظ، ومدرس مرز. اعتببره العالمة عبد الله الجراري )نابغة العرص وواعيتببه(. خطيببب وباحث وأديب، وشبباعر ومؤلببف غزيببر، شببغل مناصب مهمببة منها توليه القضبباء باملحكمة العليببا بالرباط، لكنه انرصف إىل التدريس والتلقني فتخرج عىل يديه مجموعة من العلاء، فأصبح صاحب )مدرسة فقهية( متميزة، بل صببار مفخرة علاء الرباط وأمتنهببم علا وتكوينا وحفظا وتأليفا. ويف علوم الحديث ال ينافس، ولد مبدينببة الرباط، وتويف بها سببنة 1959م، له مؤلفات مخطوطة ومطبوعة

وتقاييد وتقاريظ ورشوح وتعليقات وأراجيز علمية كثرية.

ومن مؤلفاته:• الفتح القديس عىل قافية األوىس.

• ارتشاف األسالف من أسباب الخالف.• أخبار البخاري.

• املرقاة )أرجوزة(.

• الفوائد اللطيفة يف ذكر كتب السنة الرشيفة )نظم(.

عبد العزيز بنعبد اهللواحد من كبببار رجال الفكببر والثقافة املغربية الحديثببة املعببارصة، يتميز مبوسببوعية ثقافته. إنتاجببه غزير يف مختلف أصنبباف املعرفة، وإن كان التاريخ ميثببل طليعتها، فهو مؤرخ الحضارة املغربيببة بدون منببازع، موثق متميببز، وأديب مبببدع. متصببوف وشبباعر، لببه ديببوان ضخم سيكشببف للنقاد سمة أخرى مل تكن معروفة له خالل حياته. أستاذ جامعي ومحارض يف عدد من الجامعات، وعضو أكادميية اململكة املغربية، ويف عدد من املجامع العربية واملنظات واملوسوعات ودوائر املعارف والدوريات

العربية واألجنبية.

ولد مبدينة الرباط سببنة 1923م، وتقلببد وظائف متعددة، آخرها مديرا عاما ملكتببب تنسببيق التعريب يف الوطن العببريب )1983-1962م(. اشببتغل أيضا باإلعالم، وخاصة بجريدة العلم منذ تأسيسببها، كا كان مديرا ملجلة )اللسان

العريب(، ومؤسسا ملجلة القدس... تويف سنة 2012م.

عببرف بإنتاجه املتعدد والغزيببر، إذ بلغت مؤلفاته أكببرث من مائة وعرين مؤلفا، ويشببتهر أيضا بإعببداده للكثري من املعاجم واملوسببوعات واملعلات املغربية والعربية ومن بني مؤلفاته عىل سبيل املثال ال الحرص ودون ترتيب:

• شقراء الريف )رواية(• تاريخ املغرب )جزآن(

• سال أوىل حارضيت أيب رقراق• سبتة ومليلية معقالن مغربيان أماميتان عىل البحر املتوسط

• معلمة اليهود• معجم الفنون الجميلة واإلذاعة والتلفزيون

• معجم النبات والزهور


المهدي بنبركة األسببتاذ املهببدي بنركببة واحد من رواد الحركة الوطنية املغربية وأحد قادة التحريببر الوطني والدويل. ولد بالرباط سببنة 1920م. تابع دراسته بكل من مدرسة العلو، وكوليج موالي يوسببف، وثانويببة كورو ثببم بكلية العلببوم بالجزائر. يشببهد كل الذين واجتهاده وذكائببه بتفوقه يعرفونه وامتيازه يف علوم الرياضيات. اشتغل كورو، بثانويببة للرياضيات اسببتاذا

واملعهد املليك.

انطلق نشاطه السيايس يف سن مبكرة، منظرا ومؤسسا ومسؤوال )سواء يف كتلة العمل الوطني( أو )الحزب الوطني( أو )حزب االستقالل( أو)االتحاد املغريب للشغل(، ثم فيا بعد يف )حزب االتحاد الوطني للقوات الشعبية( املنشببق عن )حزب االسببتقالل(، سببنة 1959م، كا كان عضوا مؤسسببا ومشاركا يف عدد من الهيآت، واملنظات املغاربية، واإلفريقية، واألوربية،

واألسيوية، والعربية، وغريها.

تببوىل مجموعة من املهببام الوطنية والسياسببية والثقافيببة واالجتاعية واإلعالمية، فساهم يف تأسيس جريدة العلم، ويف تأسيس التعليم الوطني الحر، ويف تعليم البنات، ويف تأسببيس جمعية قدماء الثانوية اليوسببفية، كا ترأس املجلس االستشبباري بعد االستقالل، وسبباهم أيضا يف مروع بناء )طريق الوحدة(، وكان يف عهد الحاية قد تعرض لالعتقال والسجن خالل أحداث الرباط 29 يناير 1944م، ويف مناسبات مختلفة، ثم للمنفى القرصي فيا بعد االستقالل سنة 1963م. وهو باختصار من نبغاء املغرب ودهاته الذين أدهشببوا بأفكارهم وآرائهم ساسببة االسببتعار، كا يقول

العالمة املؤرخ عبد الله الجراري.

ويف أكتوبر 1965 تم اختطافه يف العاصمة الفرنسية باريس، وقد تعددت الروايات حول اختطافه واغتياله.

ويجمع كل الذين درسببوا وجايلوا املهدي بنركة عببن متانة ثقافته التي تتسببم باملوسببوعية، وإن كان بارزا يف الثقافة السياسية واالقتصادية كا يتضح من مشبباركاته ودراساته وأبحاثه يف عدد من املهرجانات املحلية،

واملؤمترات الدولية )اإلفريقية- العربية – األسيوية واألوروبية(...

ترك مجموعة من املقاالت والدراسات واملحارضات واالستجوابات تكشف فكببره املتقد، واسببتقراءه للتحوالت الثقافيببة والتاريخيببة واالقتصادية

الوطنية والدولية من بني مؤلفاته:

• األزمة الوزارية أسبابها ونتائجها الرباط 1958م

• نحو بناء مجتمع جديد 1958م

• االختيار الثوري 1962م )طبع طبعات مختلفة(

• إرسائيل والتغلغل الصهيوين يف افريقيا، القاهرة 1965م

• بناء الوطن معرفة أقوي��اء النفوس )الدار البيضاء 1986م( وله كتابات

أخرى باللغة الفرنسية.

عباس الجراريعالمة ومفكر إسالمي، باحث وكاتب ومحارض وخطيببب شبباعر مبببدع، وأسببتاذ جامعي ودبلومايس، وفاعل جمعببوي ومثقف وطنببي، ومؤلف غزير. عميببد األدب املغريب، ورئيس النببادي الجببراري، وعضببو أكادميية اململكببة املغربية. ولد مبدينة الرباط سببنة 1937م، تلقببى تعلميه األوىل مبدرسببة )أبناء األعيببان(، ثم بثانوية مببوالي يوسببف، وجامعببة القاهرة،

وبارس.

اشببتغل أوال بالسببلك الدبلومايس، ثم بالتدريس الجامعي بكلية اآلداب بفاس والرباط؛ بجامعة محمد الخامس، ثم باملدرسة املولوية، وبعدد من الجامعببات الوطنية والدولية. عضو يف عدد من املجامع العربية: باألردن وسببوريا والقاهرة واألسببكندرية، وعضو مؤسببس رشيف ومشارك يف عدة هيآت ومنظات وجمعيات وطنية ودولية )جمعية رباط الفتح، جمعية البحث يف آداب الغرب اإلسببالمي، جمعية املؤرخني املغاربة، اتحاد كتاب

املغرب، املجلس األعىل للرتبية والتكوين...(

تقلببد مهام سببامية: رئيس املجلببس العلمي لوالية الرببباط، ثم عضو يف الديوان املليك، فمستشببار لجاللة امللك محمد السادس. حصل عىل عدة

أوسمة أكادميية، وطنية وعربية ودولية.

أمببا كتاباته وأبحاثه ومقاالته ومحارضاتببه وحواراته وتقدمياته وتقاريره، فهي كثببرية يصعب حرصها النتشببارها يف الصحف واملجببالت املغربية والعربية والدولية وبلغات مختلفة، يضاف إليها تآليفه الكثرية يف مختلف أصنبباف املعرفببة والبحث األكادميي، ما يكشببف جهوده يف التأسببيس والتنظببري للثقافة املغربية بكل تجلياتها ومكوناتها اإلصالحية وخصوصية

هويتها الذاتية والجاعية مغربيا وعربيا وإسالميا وإنسانيا.

ومن مؤلفاته دون تصنيف:• القصيدة: الزجل يف املغرب 1970م

• الفكر اإلسالمي واالختيار الصعب 1979م.• أثر األندلس عىل أوروبا يف مجال النظم واإليقاع 1982م

• أضواء عىل الرباط: املدينة والجهة 2002م• الدولة يف اإلسالم رؤية عرصية 2004م

• مكانة القدس يف الثقافة املعارصة 2003م• الوجود اإلسالمي يف اوروبا 2008م

• منظور اإلسالم يف البيئة وعلمها اإلسكولجيا 2011م• ثقافة اإلصالح وإصالح الثقافة 2011م

للدكتور العالمة عباس الجراري فيا أعلم، أكرث من خمسني تأليفا مخطوطا ومرقونببا جاهزا للنر يف مختلف أصناف املعرفببة، نتمنى أن يطيل الله

عمره إلخراجها، إثراء للخزانة املغربية، والثقافة العربية اإلسالمية.


الذكرى المئوية إلعالن الرباط عاصمة

للمملكة المغربية


الذكرى المئوية إلعالن الرباط عاصمة

للمملكة المغربية للمدن تاريخ كتاريخ املجتمعات والدول، ولها حياة كحياة األفراد واألسر، كما وأن لها ذاكرات حتمل في طياتها معطيات

ومتغيرات.وتعتبر الذكرى املئوية ملدينة الرباط كعاصمة للمملكة املغربية إحدى حلقات ذاكرتها، ذكرى مسيرة قرن من الزمن، عرفت خالله هذه املدينة حتوالت جوهرية وتطورات كبرى وسريعة في مجمل امليادين والقطاعات، سواء منها املجالية والسكانية

أو اإلدارية والعمرانية، أو الثقافية، أو االقتصادية واالجتماعية.فقد عرفت مدينة الرباط عبر مسارها التاريخي حقب منوها الطبيعي من فترة التأسيس إلى غاية تواجدها اليوم في مركز الصدارة بني مدن املغرب وعواصم العالم، حيث نش��أت في البداية كقلعة للجهاد في عهد املرابطني ضد البرغواطيني، ثم صارت رباطا للفتح في عهد املوحدين لدعم املسلمني باألندلس، لتنفتح خارج أسوارها املوحدية مع مطلع القرن العشرين،

بعدما حظيت بوظيفتها السياسية واإلدارية، وتتوجت كعاصمة للمملكة املغربية بتاريخ 28 يوليوز سنة 1912م.

ذ. خليل جزوليت

وللوقببوف عىل أوجه املقارنببة بني مرحلتني متميزتببني يف عمر مدينة

الرباط :

- مرحلببة إعالنهببا عاصمة للمغرب يف عهد السببلطان موالي يوسببف

.)1912-1927(

- مرحلة العقد العارش مببن عمرها كعاصمة مركزية ملختلف الجهات

الوطنية يف عهد امللك محمد السادس )منذ اعتالئه العرش سنة 1999

إىل اليوم 2012(.

ولتوضيببح مدى التباين الحاصببل يف تطورها بني املرحلتني، لنقارن بني

املعطيات العامة بني العهدين املذكورين:

كيف كانت مدينة الرباط أيام عقدها األول من خالل مختلف امليادين؟

ثم كيف أصبحت أيام عقدها العارش من عمرها كعاصمة للمغرب؟


أوال- حسب التطور المجالي والسكانيكانت مسبباحة العاصمة مدينة الرباط عند مطلع عقدها األول قرابة 400 هكتار لتصبح يف عقدها العارش مع بداية األلفية الثالثة: 11.513 هكتار.

أما عدد سكانها فقد كان حوايل: 25.000 نسمة سنة 1912م ، بينا أضحى

اليوم وحسب آخر إحصاء منجز سنة 2004 يساوي: 620.996 نسمة.

ثانيا- الجانب السياسي واإلداريكانت مدينة الرباط مع انطالق إعالنها عاصمة للمملكة، خاضعة سياسببيا كباقي بالد املغرب لسلطة الحاية، حيث كانت سياسيا تحت نفوذ سلطتني مركزيتني سببلطة املخزن وعىل رأسببه السلطان )املوىل يوسببف( وبجانبه الصدر األعظم، وسببلطة اإلقامة العامة وعىل رأسببها املقيم العام الفرنيس

)روبري ليوطي(، مساعدون من مديري مصالح الحاية املركزية.

كببا كانت الرببباط إداريا تحت نفوذ سببلطتني محليتني: سببلطة الباشببا )الصديق بركاش(، والقايض الرعي )امليك البيطاوري(، واملحتسب والناظر،

إىل جانب سلطة القنصل الفرنيس )Leriche( ومساعديه.

أمببا يف العقببد العارش من الذكببرى املئوية للعاصمة حيببث املغرب ينعم باالستقالل، فهناك عىل الصعيد املركزي، نظام مليك دستوري يرتأسه امللك، بجانبببه حكومة تتوىل السببلطة التنفيذية، وبرملان من مجلسببني: مجلس النواب ومجلس املستشببارين يتوىل السببلطة التريعيببة، ومجلس أعىل

للقضاء مدعم مبحاكم متنوعة.

وعببل الصعيد املحيل تنبباوب خالل هذا العقد عىل تدبري شببؤونها العامة مجموعة من العال )محمد كديرة، مصطفى السبباهل، ثم حاليا حسببن العمببراين(، ومجلببس للمدينة يرتأسببه عمدة؛ )عمر البحببراوي عن حزب الحركة الشببعبية سابقا، فتح الله ولعلو عن حزب االتحاد االشرتايك للقوات

الشعبية حاليا(.

ثالثا- التطور العمراني والبيئيعرفببت الرباط يف ذكرى سببنواتها األوىل للميالد كعاصمببة للمملكة إعادة لهيكلتهببا التحتيببة وبداية الببروع يف انفتاحها خارج االسببوار املوحدية، واتسبباع رقعة مجالها العمراين والبيئي، ويف هذا االطار يشري املؤرخ محمد

بوجندار:

“... إذا ألقينببا نظببرة عمومية حول ما اشببتملت عليه )الرببباط( من آثار االستعار... نجدها تنقسم اىل ثالثة مناطق:

منطقببة رشقية وهي منطقة حسببان واإلقامة العامببة القدمية والجديدة، ومساكن أكدال الكبري، ودار املخزن أو تواركة.

منطقة غربية وهي منطقة املدينة األصلية، والقصبة، واملرىس، واملدرسببة، واملقرة العمومية.

منطقببة جنوبيببة وهببي منطقببة األقيانوس )األقببواس حاليببا(، واملحطة العسببكرية، واملستشفيات الطبية، ودار لقبيبات السببلطانية، وعدة أبنية

أوربية، وبساتني وأجنة رباطية.

تقدر مساحة املنطقة األوىل بثالمثائة وسبعة وخمسني هكتارا )357هب(

ومساحة املنطقة الثانية باثنني وتسعني هكتارا )92 هب(

ومساحة املنطقة الثالثة بأربعائة وخمسني هكتارا )450هب(

فيكون املجموع مثامنائة وتسعة وتسعني هكتارا )899 هب(

تتخللها عدة حومات وشببوارع قدمية وحديثة، أبهجها اليوم شببارع محمد الخامببس، فقد كرثت األبنية الجميلة يف ذلك الشببارع البهيج... فهو يوجد بوسببط املدينة وبالقرب من سببوقها البلدي الجديد. به توجد بناية الريد الضخمة، وبنايببة البنك املخزين العجيبة... وقببرص املحكمة )مقر الرملان

حاليا(... وغريها...”

وبناء عىل النص أعاله، فقد اتسببعت مساحة الرباط خالل العقد األول من 400 هكتار إىل حوايل 900 هكتار، أي أنها قد انضافت إليها أحياء وشوارع



جديببدة خارج السببور األندليس واألسببوار املوحدية، فظهببر حي املحيط بشببوارعه الرئيسببية )ماري فويي، فوش كورو، جوفر، إضافة إىل شارع دار

املخزن أو حي اإلليزي املغريب(.

أما اليوم فقد أصبحت العاصمة تضم خمس جاعات ومركزا مستقال:

جاعة الرباط – حسببان ومسبباحتها 867 هكتارا، وتشمل كال من املدينة العتيقة، وحي قصبة األودايببا، والحي الوزاري، وحي املحيط، مع لقبيبات

والعكاري.

جاعببة يعقوب املنصور ومسبباحتها 1.338 هكتارا، وتشببمل عدة أحياء منها دوار الرجاء يف الله، حي األقواس، األمل، الشببباب، القامرة، الشبانات،

الكورة، املسرية، الفتح، املنزه...

جاعببة اليوسببفية ومسبباحتها 1.188 هكتارا، وتشببمل حببي الطيارات واليوسفية، مابيال، التقدم، النهضة، الولجة، أيب رقراق...

جاعببة أكدال – الرياض، ومسبباحتها 2.355 هكتببارا، وتضم كال من حي أكدال العرفان، الرياض.

جاعة السوييس ومساحتها 5.647 هكتارا، وتضم برئ قاسم، حي السفراء، دار السالم...

املركز املستقل ومساحته 118 هكتارا ويضم حي تواركة.

وبذلك تكون مسبباحة العاصمة الرببباط يف ذكراها العارشة قد وصلت إىل 11.513 هب.

وفيا يتعلق باملجال البيئي، فقد اقترصت الرباط يف العقد األول عىل ثالث حدائق عمومية: حديقة املثلث “le triangle de vues” )نزهة حسببان(، حديقببة بلفدير “Belvedére” )نزهة ابن سببينا(، وحديقببة التجارب، اىل جانب مجموعة من البسبباتني واألجنة والسببواين الخاصة كسببانية غربية،

وسانية ملينة، وسانية العوفري، واملعموري وغنام... الخ.

ويف عقدهببا العببارش انضافت إىل تلببك الحدائق العموميببة مجموعة من املجاالت الخرضاء مبختلف الجاعات كحديقة ابن تومرت، حديقة املصىل بباب زعري، حديقة املشور، حديقة سيدي خليفة، إىل جانب الحزام األخرض الذي تزيد مسبباحته عن 1.000 هكتار من املساحة الخرضاء، حيث يصل

متوسط املجال األخرض للفرد إىل 20 م2.

رابعا- على مستوى المنشآت الثقافية واالقتصادية واالجتماعيةالمنشآت الثقافية

انحببرص التعليم يف العقد األول من تاريخ العاصمة يف كتاتيب قرآنية )كان عددهببا حوايل 20( ومدارس ابتدائية ) ال تزيد عن 3( وثانويتني )كوليج م.

يوسف / لييس غورة(.

أمببا خالل العقد العببارش فقد أصبح عدد املؤسسببات التعليمية والثقافية مرتفعببا جببدا، حيث صببارت الرباط تتوفر عببىل أزيد من 150 مدرسببة ابتدائية،68 منها عمومية، وعىل أزيد من 50 إعدادية )33 منها عمومية(، وأكرث من 40 ثانوية تأهيلية )25 منها عمومية(، وجامعتني للتعليم العايل، وأزيببد من 25 معهدا عموميا للتعليم العببايل، باإلضافة إىل املعاهد العليا

الحرة والخاصة.

وبجانب املؤسسببات التعليمية، هنبباك دور للثقافة منتببرة يف مختلف املقاطعات، ومكتبات وطنية وخاصة، وقاعات للسببينا ومسببارح، ودور

للفنون ومتاحف ونوادي.

المنشآت االقتصاديةإذا كانت العاصمة الرباط قد اشببتهرت عند مطلع القرن العرين بتواجد حرف للصناعة التقليدية مبختلف أنواعها )الخرازين، الدباغني، القراشليني،

النجارين، الحدادين...( ومتاجر بدائية.

فإنها اليوم عند مطلع األلفيببة الثالثة، تضم عدة مرافق صناعية وتجارية، حيث صببارت بها مناطق صناعية كرى )املنطقة الصناعية “فيتا”، املنطقة الصناعيببة “فاضلة”، املنطقببة الصناعية “التقدم”...(، ومسبباحات تجارية متوسببطة وكرى )أسببواق السببالم، مرجان، ميكامول، البيل يف، أسيا...(، ومتاجببر عرصية، ومراكز متثل بعض الببدور التجارية العاملية، باإلضافة إىل مكاتب لركات االسببترياد والتصدير، وكريات األبناك واملؤسسات املالية، ومجموعة كبرية من الفنببادق واملطاعم الفاخرة، ورشكات عاملية يف مجال

الخدمات، ومحطات إعالمية، ومراكز للرتفيه...

المؤسسات االجتماعيةباسببتثناء بعض دور اإلحسببان والتكافل االجتاعببي التي كانت تعمل يف الخفاء خالل العقد اآلول، فقد شببهدت الرببباط خالل العقد األخري ظهور الكثري من املؤسسببات الخريية، ودور األيتام والعجزة، واملراكز االجتاعية، ودور الطلبة والطالبات، زكتها خالل السببنوات الخمس األخرية املشبباريع املنبثقببة عببن املبببادرة الوطنية للتنميببة البريببة )INDH(، إىل جانب التغطيببة الصحيببة واالجتاعية التببي أضحت تقدم من طببرف صناديق التعاضديات االجتاعية ومؤسسببات املعاشببات، كا أنشببئت الكثري من الجمعيات الثقافية والتنموية والحقوقية والبيئية، وتأسست دور للشباب

بجل األحياء، وتكونت عدة نوادي رياضية وترفيهية... الخ.

وكخالصة ميكن القول أن مدينة الرباط، كعاصمة للمغرب، حققت يف مدى قصري مل يتعد عرة عقود من الزمن، إنجازات قياسببية، عمرانية، وثقافية، واقتصادية، مل تسببتطع رقعة مسبباحتها املحاطة بالحزام األخرض والغطاء الغابوي الطبيعي من جهببة، واملحارصة بالحاجز النهري واملحيط األطليس

من جهة ثانية، أن تستوعبها.

هببذه، باختصار شببديد، هي مدينة الرببباط اليوم يف ذكراها املائببة بعد إعالنها عاصمة للمملكة املغربية، فهنيئا لها بهذه الذكرى وكل عام وأهلها بكل خري ...

المراجعمحمد بوجندار “ مقدمة الفتح يف تاريخ رباط الفتح” 1924

املندوبية السامية للتخطيط “املغرب باألرقام لسنة 2008”Robert Chastel » Rabat- Salé Vingt siècle de l’Oued Bouregreg «Mission Scientifique du Maroc » Rabat et sa Région « Edition Ernest Leroux 1918Atelier Parisien d’Urbanisme, A.P.U.R.R.G.P.H. 2004 H.C.P



الصناعة المعجمية العربية، تكشف للعالم هويتنا

العلمية- 1 -

مببن الوجهة التاريخية، نجببد اللغة العربية، قبل عدة قببرون تقف يف التصنيف املعجمببي، إىل جانببب اللغتني الصينيببة والهندية اللتني صنعتببا املعجم األول يف التاريببخ البري، فالعرات من املعجات، إىل جانب العديد من كتب املفردات اللغوية يف الحقلني العام والخاص، تشهد عىل تقدم العرب ولغتهم تاريخيا يف هذا

املجال، يف حني أن أمثال هذه األعال مل يكن لها وجود يف غرب أروبا.

ومن الوجهة التاريخيببة أيضا، نجد صناعة املعاجم قد ظهرت صارخة يف العصور املتأخببرة بالعديد من الجهات، متأثرة بالتجربة العربية، وهو ما يكشببف لنا عن مسببرية طويلة وتجارب كثببرية يف مختلف اللغات، التببي حاولت/ تحاول تجميع مفرداتها يف معاجم وقواميس، حسببب املوضوعات بشببكل دقيق، وهو ما يعني -علميببا- التزامها بالنهج الذي اتخذه علاء اللغة العرب، يف صناعة املعاجم، قبل

أربعة عر قرنا.

ومن الوجهة التاريخية كذلك، نجد أن العرب يف نهاية العصور الوسطى قد حققوا فتحببا مبينا يف تاريخ علم املعجات وطرائق املعاجم وانتشببارها، حتى أصبحت كلمببة )قامببوس( التي تعنببي البحر، مصطلحا يحمببل الداللة الفصيحة لسببعة وضخامببة املخزون اللغوي للغة الضاد، إذ مل يكد يحل القرن التاسببع عر، حتى أضحينا نرى آالفا مؤلفة من النسخ املنترة يف كل مكان، للقواميس العربية. ويف الحقيقببة، إن العرب منذ البداية حاولببوا أن يضعوا مخططا معجميا كامال تنتظم فيه كل مفردات اللغة، حتى أغرقوا يف حشببدها وإثرائها، معتمدين يف ذلك عىل ذهنية رياضية منظمة، ما جعلهم يتميزون يف هذا املجال عن سائر األمم، إذ أن اللغويني يف سببائر اللغات مل يخططوا للمعجم الكامل الشامل، كا ذهب العرب يف منهجهم، بل كان هدفهم األسبباس رشح الكلببات الصعبة والنادرة يف نصوص

تراثهم.

محمد أديب السالوي[email protected]


43زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 مقاالت وأبحاث مقاالت وأبحاث - 2 -

يعنببي ذلك بوضوح، أن التأليف املعجمببي يف الثقافة العربية حظي بنصيببب وافر من العناية واالهتام، منذ القرون األوىل للهجرة، فكان الخليببل ابن أحمببد الفراهدي )175-100هب( رائببد هذا الصنف من املؤلفببات، حيث وضع يف زمن مبكر »معجم العني« الذي مازال حتى اليوم، مرجعا أساسيا يف نهجه وموضوعه، لتأيت بعده مصنفات عديدة أخرى، نذكر من بينها عببىل الخصوص الجمهرة البن دريد والتهذيب لألزهري، واملحيط للصاحب بن عباد، واملجمل البن فارس، والصحاح للجوهببري والعباب للصفاين واملحيط للفببريوز أبادي... وغريها كثري، مببا حول »املعجم« العببريب، إىل صناعة علميببة يف الثقافة العربية، يف وقببت مل تكن هذه الصناعة معروفة أو متداولة، سببوى عند أقدم

الحضارات اإلنسانية، ونعني بها الصينية والهندية.

والشببك، أن مظاهر النهضببة الحضارية التببي عرفتها الدولة العربية اإلسببالمية، يف انطالقتها األوىل، قد جعلت

الحاجة ماسببة إىل توفري هذه الصناعة، ليس فقببط من أجل تسببهيل مهام الدارسببني

للعلببوم والفنون، ولكن أيضا من أجل تشببجيع طالب املدارس والجامعات عببىل اسببتعال املصطلببح العريب الدقيق يف املعاين الدقيقة، إذ كان لذلببك األثر البليغ يف نر املعارف وتعريببب اإلدارة والحيبباة العامة يف غالبيببة البالد التببي اتخذت من

اإلسالم دينها الرسمي، كا كان أثرها بليغببا عىل الحركببة الثقافية يف الرق

العريب وآسببيا وإفريقيببا، يف تلك املرحلة الهامببة من التاريخ، وهو ما يكشببف لنا عن

مسببرية طويلة وتجارب كثرية ومتعددة يف الصناعة املعجمية، أثرت بجالء ووضوح، يف كافة املنجزات التي حققتها

الثقافة العربية، منذ ميالدها األول وحتى اليوم. وميكن حرص مجاالت الصناعة املعجمية العربية يف سبعة أصناف، هي:

1( معاجم للناطقني بلغة املنت؛2( معاجم للغة املكتوبة، ومعاجم للغة املحكية؛

3( معاجم للتعبري، ومعاجم للفهم؛4( معاجم لالستعال العام ومعاجم للرتجمة اآللية؛

5( معاجم تاريخية، ومعاجم وصفية؛6( معاجم لغوية، ومعاجم موسوعية؛

7( معاجم متخصصة.

-3-يطلق العرب كلمة املعجببم عىل الكتاب املرجعي الذي يضم كلات اللغببة، ويثبببت هجاءها ونطقهببا وداللتها واسببتخدامها ومرادفاتها

واشتقاقها أو أحد الجوانب من ذلك، عىل األقل.

وترجع كلمة معجم إىل الكلمة العربية »أعجم« وتعني إزالة غموض الداللة.

ويرجببع تاريخ هذه الكلمة/ املعجم، إىل القرن الثاين الهجري عىل يد الخليببل بن أحمد الفراهدي الذي جعلها عنوانا لكتاب العني، إال أنها تحولت تاريخيا إىل صناعة ثقافية/فكرية وإىل أحد الفروع التطبيقية من البحث اللغوي، وإىل علم بعد ذلك يطلق عليه علاء هذا الزمن، علم املعجات ويتناول أنببواع املعجات ومكوناتها وطرق إعدادها، عىل أن املعاجم العربية األوىل اسببتجابت للبداوة الجاهلية، وما كان مببن مناذج الحضارة يف جوانب أخرى مببن املجتمع الجاهيل القديم، فكانت مرآة تعكس املجتمع القديم ببدوه وحرضه، إضافة إىل الرثوة اللغوية واألدبية والفكرية والرتاثية لدى العرب قبل اإلسالم وبعده، إال أنها تجاوزت ذلك بعببد امتداد الدولة العربية خارج الجزيرة العربيببة لتعكس التطببور الثقايف/الحضبباري للغة العربيببة، ومن خاللها تطور اإلنسببان العريب ومجتمعه الجديد. من الناحية التاريخية، يعود ظهببور »البحببث املعجمي« يف الثقافببة العربيببة، إىل القببرن الثاين ميببالدي، حيث /الثامن الهجببري انكب العديد من الباحثني العرب عببىل جمببع اللغببة العربيببة يف معاجببم عامة ومتخصصة، انطالقا مببن ثالثببة مراجع أساسببية وهي القرآن الكريببم، واألحاديث النبوية

الريفة، والشعر الجاهيل.

وابتداءا من القرن الثالث الهجري/التاسع امليالدي، اتخذ البحث املعجمي، شكال جديدا ومتطورا، بعدمببا انفصل عن املسببألة الدينية التي سبباهمت يف والدته، فنظم هذا البحث نفسببه تحت تأثريات أخرى، وهي إعادة النظر يف تناول العنارص التقليدية وضبطها وفقا ملواصفات اللسببان العريب، ومن تم متخض القرن الرابع الهجري/العارش امليالدي، عن ثببورة معجمية، تحت ضغببط الحاجة التطبيقيببة التي أوجدتها

النهضة الحضارية/الثقافية، يف العواصم العربية اإلسالمية.

يعنببي ذلك، أن عناية العلاء العببرب األقدمني، مل تقترص عىل تأليف املعاجببم اللغوية الشبباملة التببي تعكس تطور لغة الضبباد، ولكنهم اتجهببوا يف وقت مبكببر إىل وضع املعاجم املتخصصببة، التي جمعت ألفاظ العلوم، أو مصطلحات الفنون والصنائع ومرافق الحياة، بعضها أشار إىل األمثال واملعربات واأللفاظ املشرتكة بني العربية وغريها من اللغات، فكان من الطبيعي، أن تفسببح املعاجم العربية الكالسببيكية املجال يف املجتمع العببريب، للمعاجم الحديثة، وهو ما كرس الصناعة

املعجمية يف الدراسات اللغوية العربية لقرون من الزمن.

يطلق الع��رب كلم��ة املعج��م عل��ى

الكتاب املرجعي الذي يضم كلمات اللغة، ويثبت هجاءها ونطقها وداللتها واس��تخدامها

ومرادفاتها واش��تقاقها أو أحد اجلوانب من ذلك، على األقل.

وترج��ع كلمة معج��م إلى الكلم��ة العربية إزال��ة غموض »أعج��م« وتعني

الداللة.


بذلك ظل العرب، وحتى أواخر القرون الوسببطى، السببباقني يف وضع املعاجم اللغوية، سببواء منها اللغوية العامة، أم املتخصصة يف العلوم والفنببون والصناعببات والرتاجم وغريها، يف وقببت مل يكن للغرب أي عالقببة بهذا املضار الذي تحول إىل صناعة ثقافية مزدهرة يف تاريخنا

الحضاري.

ويرى العديد من الباحثني يف علوم اللغة والصناعة املعجمية، أن هذه األخرية، منت منوا مسببتقال يف العامل العريب، عببن علم اللغة، معتمدة عىل االقتنبباع والتقليد، إذ كانت يف معظمها ال متت بصلة لألكادميية، ولكنها اسببتفادت باسببتمرار من االجتهادات الخاصة لعلاء اللغة يف صنع النظريات وتطبيقها، ما أعطى الصناعة املعجمية موقعا متميزا

يف الثقافة العربية.

-4-ومبراجعة رسيعة لتاريخ املعجم العريب يف نشببأته األوىل، سنجد –كا

سبقت اإلشببارة- أن كتاب العني لب الخليل ابن أحمد الفراهيدي ) 175-100هببب( وهو من الرواد األوائببل الذين وضعوا األسببس املعجميببة للصناعببة املتينببة العربية، سيظل املرجع والنموذج األسببايس لهذه الصناعببة، ليس فقط مبنهجببه العلمي ومداخله اللغوية، ولكببن أيضا مبا احتواه مببن كنوز لغويببة، مازالت حية نابضببة تفرض نفسببها عىل كل بحث علمي/ لغوي حتى اليوم.

وعببىل أن االجتهببادات العلمية العربيببة قد عرفت بعض الفتور

بعد ظهور كتاب العني يف القرن الثالث الهجري، إال أنها عرفت نهضتها يف القرنببني الرابع والخامس، عىل يد علبباء اللغة يف األندلس، الذين اجتهدوا يف توسببيع الصناعة املعجمية العربية وتطويرها، بالكثري من

الحاس واالبتكار، ما أضفى عىل هذه الصناعة حلتها اإلبداعية.

خالل هذه الفرتة من التاريخ، تم وضع العديد من املعاجم املتطورة، نذكببر منها عىل الخصببوص: معجم البارح أليب القببايل البغدادي )ت 365هببب( ومعجم موعب اللغة أليب غالب متيم الشببباين )ت 436هب( ومعجم املحكم البن سيدة أبو الحكم عيل ابن إساعيل )ت 458هب( إضافة إىل معاجم املعاين، وجميعها ارتكز عىل ضبط مواد اللغة انطالقا من مخارج األصوات يف موادها واشتقاقاتها وأبنيتها، وعىل إبراز طاقة اللغة العربيببة يف تراثها وحكمتها وإجادتها يف ضبط أبنيتها املتعددة للمعاين الكثرية، باإلضافة إىل املؤلفات النقدية حول املعاجم ومناهجها العلمية التي اشببتغل عليها الباحثون األندلسببيون خالل هذه الفرتة، وهو ما كان -يف وقته- جديدا وحداثيا يف الثقافة العربية. إن الصناعة

املعجميببة العربية خالل الزمن األندليس، امتدت إىل العلوم والفنون، فظهرت معاجم للفقهاء، وأخرى للمؤلفني والشعراء، وبعضها للعلاء

والحكام، وغريها من املعاجم املوسوعية واألكادميية.

ويف القرنني املاضيني، نشببطت هذه الصناعة بشكل ملفت للنظر، إذ جمببع الباحث املغريب الصديق بلعريب، معجم املعاجم العربية خالل مائة عببام )1969-1869م(، هذا املعجم الذي يعكس بجالء ووضوح نهضة هذه الصناعة يف العرص الحديث، وقد شملت معاجم املطبوعات العربية واملستعربة، ومعاجم األدباء ورجال الفقه والقانون والرتاجم العربيببة واألجنبية، إضافة إىل املعاجم العسببكرية، والفنية والفقهية والجغرافيببة وغريهببا ، إذ انرصفت همم اللغويببني العرب، مع بزوغ فجر النهضببة العربية الحديثة، أوائل القرن التاسببع عر، إىل إعادة تأليف املعاجم العربية عىل نسق جديد، يتفق مع مستجدات الحياة العرصيببة، وما تتطلبه من تيسببري للبحث، وتسببهيل للمراجعة، عىل الطلبة والقراء، الباحثني وعموم وإعادة النظر يف داللة الكلات الجديدة، ووضع التعابري الالئقة ألداء املعاين الحديثة يف مختلف

املجاالت وامليادين.

-5-يف العببرص الحديببث، كان مببن الطبيعببي أن تفسببح الصناعببة الكالسببيكية، العربية املعجمية املجال للمعجم العريب الحديث، الذي االحتببكاك بعببد خاصببة العربية سياسببيا للثقافة حدث بالغببرب وثقافيببا واقتصاديببا وحضارته خالل القببرون الثالثة انعكس سببلبا املاضيببة، والذي

وإيجابا عىل اللغة العربية.

لقببد جاءت اإلشببارات األوىل، لتطوير الصناعببة املعجمية العربية يف مطلببع القرن الثامن عر، من مرص ثم لبنان وسببورية والعراق، عىل يببد ثلة من العلاء والباحثني العببرب الذين رافقوا وتتبعوا عن كثب الحمالت الفرنسببية واإليطالية والريطانية عببىل العامل العريب، خالل

هذه الفرتة من التاريخ.

ويؤكد الباحث أحمد شببفيق الخطيببب )عضو رشف يف مجمع اللغة العربيببة ببباألردن (، أن أعال املسببترقني كانت حيويببة وبناءة يف تطوير الصناعة املعجمية العربية، مبا اتسمت به من منهجية علمية، يف البحث والتدقيق والتحقيق، ومراجعة األصول، وخاصة يف استقراء آالف الكلببات املسببتعملة بعد عرص واضعي املعاجم، واسببتخالص معانيهببا، فببكان هؤالء املسببترقون، القدوة الحسببنة للببرواد من

املعجميني العرب املجددين.

أحمد شفيق اخلطيبعبد اهلل العاليلي


45زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 مقاالت وأبحاث مقاالت وأبحاث وانطالقا من هذه الفرتة، يرى العديد من املؤرخني، أن اهتام املعاجم العربية املجددة، يف املرق العريب، تركز عىل املصطلح الفني/ العلمي/ التقني/ الحضبباري، الذي يواكب الحضارة الحديثببة، بكافة ميادينها ومجاالتهببا املتعددة واملتداخلة، فظهرت ألول مرة معاجم متخصصة للطالب، وأخرى للصيادلة واألطباء، ومعاجم مدرسية وأخرى هندسية وصناعيببة وفنية، وهو ما أضفى عىل الصناعة املعجمية العربية نقلة نوعية هامة، أعادت هذه الصناعة إىل الواجهة، يف محاولة إلنقاذ لغة الضاد من آلة الهيمنة االسببتعارية، فظهر سنة 1869 معجم محيط املحيط لبطرس البسببتاين يف أسببلوب جديد متميز، لتتواىل بعد ذلك معاجببم أخرى متأثرة باملناهج الغربية، يف اختصار الكلات والتقليل من الشواهد، واإلعتناء باأللفاظ واملعاين املبارشة، نذكر من بينها عىل الخصببوص: أقرب املوارد لسببعيد الرتوين، ومعجببم الطالب لجرس لعام التويري ومعجم املنجد لألب لويس املعلوف، ومعجم البستان

لعبد الله البستاين وغريها كثري.

ويف بدايببة القرن املببايض، عندما وصلت اآللة االسببتعارية إىل إحببكام سببيطرتها عىل

الخريطة العربية، وإبعبباد لغة الضاد عن اإلدارة والتعليم والبحث العلمي الوطببن أقطببار عديببدة مببن يف العريب، انتبه مجمع اللغة العربية بالقاهببرة، إىل خطببورة املوقببف، ليقوم مبجهببود كبري إلعببادة بناء املعجم العريب، عىل قاعدة املواجهة

واملقاومة، حيث وضع سلسببلة من املعاجببم الصغببرية للعلببوم والفنون

واآلداب، بأسلوب حدايث/ جديد، بهدف عببودة الروح إىل لغة الضاد، وجعلها تسبباير

مستجدات الحضارة الغربية الحديثة.

ولقببد كان عمل أعضاء هببذا املجمع محفزا ملجمع دمشببق، ومجمع بغداد، واملكتب الدائم للتعريب بالرباط، لتبني نفس املنهج، يف تأليببف معاجم متخصصة يف كل ما يهم الحياة والحضارة والعلوم، يف محاولة جادة لقطع الطريق عىل هيمنة اللغات الغربية من جهة، وتأكيد قببدرة وجدارة لغة الضاد عىل الفعببل والتفاعل مع الحضارة

الحديثة من جهة ثانية.

-6-وجديببر بنا يف هببذه اإلضبباءة، أن نتوقف قليال عند أهببم العناوين الصادرة عببن الصناعة املعجمية العربية خالل هببذه الفرتة الحالكة

من التاريخ العريب.

أ/ يف نظببر الباحببث املغببريب ذ. الصديببق بببن العببريب، إن معجببم تبباج العروس/ للشببيخ محمد مرتببى الزبيدي )آخر القببرن الثامن عببر/1790م(، والذي طبع ألول مرة سببنة 1888م، كان آخر حلقة

يف سلسببلة املعاجم العربية الكرى التي عرفتهببا اللغة العربية، منذ أن ألببف الخليل ابن أحمد الفراهيببدي، معجم العني، يف القرن الثاين

الهجري/ الثامن امليالدي.

ب/ من أوائل املعاجم العربية املجددة يف هذه الفرتة، معجم محيط املحيببط الذي وضعه املعلم بطرس البسببتاين )لبنان( سببنة 1870م، معتمببدا عىل قاموس الفريوز بببادي، ومضيفا إليه ثروة من املفردات والتعابري املعببارصة والدارجة واملولدة التببي أهملها جامعو املعاجم العربية السابقة، كا ضمنه الكثري من الفوائد والشوارد واصطالحات العلوم والفنون والصيغ الفلسببفية، والكثري من الشببواهد من القرآن

الكريم والحديث النبوي الريف والشعر العريب وأمثال العرب.

وميتاز هببذا املعجم عن املعاجببم التي سبببقته، برتتيبه عىل حروف املعجببم، باعتبار الحرف األول، وبجمعه لكثري من اصطالحات العلوم والفنون، واأللفاظ املعربة، وبرحه ألصول األلفاظ األعجمية

وتفسريها.

ج/ مببن املعاجببم املوسببوعية التي صدرت ببببريوت خببالل هببذه الفببرتة )سببنة 1958م(، معجببم منث اللغة للشببيخ أحمد رضا، وقد وضعه بتكليف من املجمببع العلمي العريب بدمشببق يف خمسببة مجلدات، اسببتقطب مادته اللغوية، من لسببان العرب وتاج العروس، إضافة إىل ما صاغه املؤلببف مببن مصطلحببات علمية وفنية وحضارية، وما وضعه مجمعا القاهرة ودمشق يف مختلف عهودها، ومببا وضعه الشببيخان أنسببتاس الكرميل وأحمد تيمور من الكلببات املنتخبة للمعاين

املستحدثة.

وقببد اعتر العديببد من النقاد وفقهاء اللغة هببذا املعجم، من أفضل املعاجم العربية التي ألفت يف العرص الحديث عىل اإلطالق.

د/ من معاجم هذه الفرتة أيضا املعجم الوسببيط الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة يف مطلع سببتينات القرن املايض )يحتوي عىل 30 ألببف مادة ومليون كلمببة و600 صورة(، وهو يف نظر العديد من الخببراء املختصني، معجم اسببتثنايئ بكل املقاييس، ملببا يتضمنه من مميزات منهجية، سببواء يف ترتيب عنارصه اللغوية، أو يف الكم الهائل

لهذه العنارص.

وحسببب العديد مببن علاء اللغببة والباحثني فإن املعجم الوسببيط تخطى الحدود الزمانية واملكانية الضيقة، التي وقفت عندها املعاجم اللغويببة العربيببة حديثها وقدميها، فأثبت مببا تقتضيه الرضورة، ما وضعه املولببدون واملحدثون، معربا ودخيال، وأفسببح املجال أللفاظ الحضببارة يف الحياة العامة، واملصطلحات يف مختلف العلوم والفنون،

ن إحيوية كانت املستشرقني أعمال

وبناءة في تطوير الصناعة املعجمية العربية، مبا اتس��مت به من منهجية علمي��ة، في البحث

والتدقيق والتحقيق، ومراجعة األصول، وخاصة في استقراء آالف الكلمات املستعملة بعد عصر واضعي املعاجم، واس��تخالص معانيه��ا، فكان هؤالء

املستش��رقون، القدوة احلس��نة للرواد من املعجميني العرب املجددين.


مسرتشببدا مبا أقره مجمع اللغة العربية يف القاهرة، مسببايرة للنهضة العلمية والفنية اشتقاقا وقياسا وتعريبا ونحتا وتراكبيا، ليزيد يف ثروة

اللغة، ويفي مبطالب العرص الحديث.

هب/ مببن معاجم هذه الفرتة أيضا، املعجم العريب األسببايس، الصادر عببن املنظمة العربيببة للرتبية والثقافة والعلوم )اإلسيسببكو(، والذي شببارك يف وضعه جاعة من كبار اللغويني العرب يف مثانينيات القرن املايض وهو عمل مخصص لغببري الناطقني باللغة العربية ومتعلميها، أراده واضعببوه مرجعا ميرسا، يببروض العربية، ويدلل صعابها، يحدد معاين األلفاظ والعبارات واملصطلحات تحديدا دقيقا، إذ يضم حوايل خمسببة وعرين ألف مدخل مرتبا ترتيبببا ألفبائيا، ينطلق من جذر الكلمة مفببرسة بدقة وإيجاز، معززة بالشببواهد واألمثلة من القرآن الكريم والحديث النبوي الريف واألمثال والعبارات السببياقية ولغة املعببارصة، وهو ال يسببتنكف يف معببارشة حميمية لحركببة اللغة، إذ

يورد الكلات املولدة واملعربة والدخيلة التببي دخلت الحياة واستعملها املفكرون واملثقفون أو أقرتها مجامع اللغة العربية، ويف ذات الوقت يتجنب املهمل واملهجور من األلفاظ، فال يورد إال ماهببو معروف ومتداول أو شائع، أو ما هو جدير بأن يعرف من مفببردات اللغببة العربية، العلاء ألسببنة الجارية عببىل واألدباء واملثقفببني واإلعالميني يف واملبسببوطة وأقالمهببم، املؤلفات والبحوث والدراسات

األكادميية.

و/ مببن أبرز املعاجببم اللغوية الصادرة خالل هذه الفرتة أيضا، والتي تشببكل عنوانا بارزا يف الصناعة

املعجمية العربية يف الزمن الراهن:

1 - املنجد: وهو من تأليف األب لويس معلوف/ طبع ألول مرة سنة 1908 يف بريوت.

2 - املعجم: وهو من أكر املعاجم العربية الحديثة من وضع الشببيخ عبد الله العالييل، ألفه عىل نسق جديد، صدرت أجزاؤه األوىل ببريوت

سنة 1954.

3 - املعجببم الكبري: وهببو من وضع مجمع اللغببة العربية بالقاهرة، صدر قسمه األول مبرص سنة 1956.

4 - لسببان العرب املحيط: وقد أعده يوسببف خيبباط مرتب بطريقة جديدة مبتكرة، يضم 2500 صورة و48 خريطة، مع جدول باملفردات حسب الرتتيب القديم، ويضم كل ما أنتجته املجامع العلمية واللغوية مببن مصطلحات علمية وفلسببفية وفنية حسببب ورودهببا باللغات

العربية والفرنسببية واإلنجليزية والالتينية /يقع يف ثالثة مجلدات من الحجم املوسوعي/ طبع ألول مرة سنة 1968.

ز/ أمببا مببا يتعلق باملعاجببم العلمية املتخصصة، فمببن اإلنصاف أن ننببوه هنا باملجهودات التي بذلتهببا مجامع اللغة العربية، يف القاهرة ودمشببق وعان، بالتعبباون مع املكتب الدائم لتنسببيق التعريب يف الوطن العريب بالرباط، والتي أسببفرت خالل العقود الخمسة املاضية عن وضع سلسببلة واسببعة من املعاجم املتخصصببة، نذكر منها عىل

الخصوص :

1. معجم مصطلحات حفر اآلبار النفطية2. معجم املصطلحات الكهربائية واإللكرتونية

3. معجم البرتوكياويات4. معجم مصطلحات امليكانيكا

5. معجم الطاقة النووية، الكيمياء، الطب اإلشعاعي6. معجم الفقه والقانون

املصطلحببات معجببم .7الجغرافية

8. معجم العلوم االجتاعيةاملصطلحببات معجببم .9

الفلسفيةالنفببس علببم معجببم .10

الرتبوي11. معجم علم الرتبية

12. معجم الرتبية والتعليم13. معجم علوم الرتبية

املصطلحببات معجببم .14العلمية

15. معجم التجببارة واالقتصاد واملعارف

16. معجم البيئة17. معجم األنواع النباتية بجزيرة العرب

18. معجم العلف واملراعي19. معجم مصادر الزيوت والدهون

20. معجم املصطلحات السلكية والالسلكية21. معجم املصطلحات اإلعالمية

22. معجم مصطلحات الدم23. معجم الحرات

24. معجم أمراض األذن واألنف والحنجرة25. معجم املصطلحات التقنية

26. معجم املعاين27. معجم مصطلحات ضبط الجودة

28. معجم مصطلحات الخرسانة29. معجم القياس النفيس

يوسف خياطالشيخ أحمد رضا


47زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 مقاالت وأبحاث مقاالت وأبحاث 30. معجم الكهرباء31. معجم النجارة

32. معجم الصناعة املعارية33. معجم الطباعة

34. معجم األعال الجمركية 35. املعجم العسكري.

-7-السببؤال الببذي تفرضه هببذه املراجعببة الرسيعة: هببل تكون هذه املجهببودات الجبارة التي بذلت لتطويببر الصناعة املعجمية العربية،

كافية إلنقاذ اللغة العربية من الرتاجع؟ ..

إننببا اليوم أمام نهضة كميببة يف املجال املعجمي، يشببارك يف إذكائها الفقهاء والخراء والعلاء والكتاب واألدباء، والجامعات واألكادمييات

ومجامع اللغة العربية يف القاهرة ودمشق وبغداد وعان، واملكتب الدائم للتعريب بالرباط، حيث تحتضن

املكتبببة العربيببة اليوم عرات بببل مئات املعاجببم العامببة واملتخصصببة، بعضها

وضع مبناهج علمية متطورة وبعضها اآلخر استفاد من التجارب املرتاكمة

يف صناعة املعجم العريب.

هببل يكفببي ذلببك إلنقبباذ اللغة العربيببة من الرتاجع، وإعادتها إىل سبباحة العمل العلمي، يف املدارس

واإلدارات واملعاهببد والجامعببات واملقاوالت، كلغة تستجيب ملتطلبات

الحضارة الحديثببة، ومتطلبات العوملة ورشوطها املوضوعية؟

وبالنظببر إىل التطورات املتالحقببة التي عرفتها الصناعببة املعجمية يف العرص الحديببث، يالحظ العديد

مببن الخببراء ، أن املعاجببم العربيببة، قدميهببا وحديثها ورغم تطورها الكمي والنوعببي، مازالببت يف حاجببة ماسببة إىل وضببع جديد، يالئببم عرص العوملة؛ مازالت يف حاجببة إىل تصحيح وتنقيح وتوضيح حتببى تكون وافيببة بالغرض ويستفاد منها، فهي يف نظرهم، مازالت عاجزة عن الوصول إىل الهدف، قارصة عن الوفاء مبا يراد منها من صحة ودقة وجببالء، خاصة يف العلببوم والصناعات

والفنون واآلداب.

يببرى الخراء العرب أيضببا، أن املعجم العريب، وبالرغم من أقدميته واتسبباعه

وشموليته، مازال يعاين من العديد من السلبيات منها:

أ/ إنببه مازال يعتر اللغة العربية، لغة أزلية ثابتة، ال تتغري أو ال يحق لها أن تتغري عا هي يف اللوح املحفوظ، فليس فيها اشتقاق وال تنشؤ

كا تنشأ األحياء وتتطور، فهي بذلك أصبحت لغة جامدة.

ب/ إن املعجببم العريب صار عىل قاعدة مملة، ينقل بعضه عن بعض بتقيد شديد.

ج/ إن كلات هببذا املعجم مازالت تفرس يف املعجم العريب تفسببريا ال يفهببم، كا تفرس الكلات تفسببريا دوريا، أو تفرس بكلات أشببد

غموضا.

د/ إن قببارئ املعجم العريب، ال يسببتطيع معرفة األلببوان املركبة، وال معرفة املشبببع وال القبباين وال الشببديد، وال يعرف ما هببو األغر أو األصهببب أو األصحببر أو األغبس أو األدبس أو األدهببر أو األقهب أو

األكهب.

ه/ وعىل األغلب يفضل املعجم العريب املجازي عىل الحقيقي، فإذا أردت الحقيقي وقعت

يف حيص بيص.

و/ ال تببأيت غالبية املعاجببم العربية بأمثلببة لتوضيببح املعنببى وتغفل الكثري من صيببغ األفعال، وبعضها

ال يفرق بني الصفة واالسم.

ويف نظر هببؤالء الخراء أيضا، فإن بقاء املعجببم العريب عببىل ما هو عليه من الخلط والتشويش، هو من أعظم أسببباب تراجببع مصطلحاتنا يف العرص الحديث، كا يروا أن عدم الدقة يف معاين الكلات، والخلط بني معنى وآخر، وسببوء الفهم، أورثببت تشويشببا يف الفكر، وعدم الدقببة يف التفكري، وهببو ما يفرض عببىل الصناعة املعجمية العربيببة اليوم، وضببع معاجم جديدة تتفببادى هذه العيوب والنقائص، وتأيت باملفببردات مرتبة ترتيبا سببهال، رشحها مييببز كل مفردة عن غريها، ال لبس بها وال إبهام، وال يتطرق الشك إىل معناها وال خببالف حول داللتها، وهو ما يعني حسب رأيهم، أن يكون املعجم العريب الجديد، مروحا بلغة مأنوسة، وبكالم ميببت إىل الواقببع بصلببة، وتكون صور املعاين فيه مألوفة، مببع إعطاء األمثلة

الكثرية للرح والتوضيح.

نن��ا إاليوم أم��ام نهضة كمي��ة في املجال

املعجمي، يشارك في إذكائها الفقهاء واخلبراء والعلماء والكتاب واألدباء، واجلامعات واألكادمييات

ومجام��ع اللغ��ة العربية ف��ي القاهرة ودمش��ق وبغداد وعمان، واملكتب الدائم للتعريب بالرباط، حيث حتتضن املكتبة العربية اليوم عش��رات بل مئ��ات املعاجم العامة

واملتخصصة، بعضه��ا وضع مبناهج علمية متطورة وبعضها اآلخر استفاد من التجارب املتراكمة

في صناعة املعجم العربي.

العالمة عبد العزيز بن عبد اهلل


الرباط

ريـرا

النـادي اجل

ال أحد ينكر أن األندية األدبية شكلت ظاهرة متميزة يف الثقافببة املغربية، فقد كان لببكل عامل أو أديب أو فنان مجلس خاص، وحظيت مدينة الرباط مبجموعة مببن األندية أو املجالس الخاصة، وأذكر من األسبباء التي عرفببت مبجلسببها أو ناديها عىل سبببيل املثال: محمببد بوجندار، محمد بنعبد اللببه، محمد الرغاي، عبد اللببه الجراري، عبد الله ملببني، أحمد بناين، عبد الكريم الببوزاين، أحمد بن عيل دينية، محمد بربيش، محمد املدين بن الحسببني، وأحمببد الزبدي وآخرين، ويف طليعببة هببذه األنديببة، يظهببر نببادي الجراري ملؤسسببه العالمة عبد الله الجراري الذي حافظ عىل

اسببتمراره منذ تأسيسه سببنة 1930م، ألكرث من مثانية عقود مسبباها بشببكل فعال يف إذكاء مختلف مكونات الثقافة املغربية وقضاياها العامة، وسببيحاول هذا العرض املوجز تقديم تعريف مقتضب للنادي الجراري منذ تأسيسه وعىل امتداد نشاطه ودوره املعريف ورسالته الثقافية املتجددة يف عهد رئيسه الدكتور عباس الجراري، فكيف تم ظهور

النادي وكيف حافظ عىل إشعاعه إىل اليوم؟

النادي الجراري، مرحلة التأسيس

أسببس مؤرخ الرببباط العالمة عبد الله الجراري ناديه األديب سببنة 1930 بعد خروجه من السببجن، لكونببه كان أول املنتفضني ضد الظهري الربري والثائرين ملقاومته ومن املبدعني لشعاره )قراءة اللطيف( كا تؤكد الكثري مببن الوثائق. ويضاف إىل هذا العامل أجواء الحركة اإلصالحية السببلفية

التي عرفتها مدينة الرباط عىل يد مجموعة من الشيوخ والعلاء.

ولعل أبرز سببمة ميكن اسببتقراؤها ملن يحاول تأمل هذه املعلمة الثقافية املتفردة، هي االلتزام واالستمرار والتواصببل والحرص عببىل موعد اللقبباء الذي ينظم بعد عرص كل جمعة، واتسببام صاحبه بفضيلة العلم والكرم والعطاء، ما فتح أمام مريديه جوانب مهمة من الجببدل واملصارحة والتعليق وتشببجيع اإلبداع، والبحببث يف مداخيل وقضايا متباينببة، مع ما يتخلل ذلك من لحظات ملحة هادفة، وفرتات تكرس الرتابة

لتحقيق )املتعة واملؤانسة( املطلوبة.

وقد ارتبببط النادي الجببراري الرباطي مبجموعة من الخصائببص الثقافيببة والذاتية التي تسببتحق التأمل

وهي كثرية، أختزل منها البعض فيا ييل:

1/ عناية صاحبه بتدوين حلقات النادي، ما أدى إىل إنتاج مدونة خاصة سبباها )املجالس األدبيببة(، حافظت، بل أرخت لقضايببا ثقافة املنتدى

مبختلف أشكالها، وأضحت وثيقة تاريخية نادرة.

2/ إبببداع صاحبه الشببعري، الذي أفرزته جلسببات النببادي، والذي ظل مغمورا لدى كثري من الباحثني.

3/ ارتباط النادي بخزانة مؤسسببه، التي تثري انتببباه رواده ملا تضمه من كتب ومصادر ومخطوطات، تكشف مدى تعلق العالمة عبد الله الجراري

بجمع الكتب، وبالقراءة والتحصيل الذايت.

4/ تنوع وتعدد رواد النادي الجراري، الذي مل يكن محصورا يف فئة معينة أو مقترصا عىل رجال العدوتني الرباط وسببال، بل جمع روادا من مختلف مناطببق املغرب، وكذا مببن الدول العربية واإلسببالمية؛ اهتمببوا بالفكر

مجالس قوم ميألون املجالسا وذك�رن��ي حل��و الزم��ان وط��ي��ب��ه وب��را ومع��روف��ا وإلف��ا م��ؤان��س��ا حديثا أو أشعارا أو فقها وحكمة

النادي األدبي الجراري الرباطي

أقدم األندية المغربيةد. مصطفى الجوهري*



الرباط

ريـرا

النـادي اجلوالثقافة والوطنية، كا ضم كذلك طلبة وأناسا عاديني.

ولعببل أهم ما قببد يالحظه الدارس املهتم بظاهببرة األندية املغربية، هو

توقف نشاطها واختفاء آثارها مبارشة بعد وفات أصحابها، وهي مالحظة

تكاد تنسببحب عىل جميع األندية واملجالس، إال أن نادي الجراري ب فيا

أحسببب ب الوحيد الذي ظل صامدا، مستمرا يف نشاطه إىل اليوم، ويعزى

ذلك لكونه حافظ عىل اسببتقبال رجال الفكر واألدب والوطنية والباحثني

من الطلبة، بالشكل الذي كان عليه زمن مؤسسه رحمه الله.

النادي الجراري، مرحلة االمتداد

تشببكل سببنة 1983م منعطفا جديدا يف حياة النادي الجراري بعد وفاة

مؤسسببه، حيث انتقلت رئاسببة املجلس/ النادي إىل االبببن البار العالمة

الدكتببور عببباس الجراري، الببذي أىب إال أن يحافظ عىل اسببتمراره وعىل

أصالته وعطائه، وفاء ملدرسة والده وأصدقائه ومريديه ورجاله األعالم.

وال أملببك إال أن أعببرتف، أنه يصعب عيل اختببزال املرحلة الجديدة التي

اسببتوفت ثالثببة عقببود بالتببام والكال يف عببرض أو مقببال أو كتاب،

نظببرا للنفس الثقببايف الطويل، والرتاكم املعريف املنجببز عىل امتداد هذه

العقببود الثالثببة، والتي عرفت تطببورا ملحوظا من مسببتويات متعددة

طعمها الدكتور عباس الجراري بخصائصه الذاتية ومشبباركاته الفعالة يف

إدارة جلسبباته ومطارحاته، وإضافاته التببي جددت خصائص النادي من

مستويات مختلفة شكال ومضمونا، ميكن اعتبارها منوذجا متفردا يف تاريخ

األندية املغربية قدميها وحديثها.

وقبل الحديببث عن هذه الخصائببص الجديدة، أود اإلشببارة إىل ظاهرة

عشببت بداياتها األوىل وهي تطعيم النادي بعنارص جديدة من الشببباب

)طلبة وأسبباتذة جامعيني(، واملهم عندي ليس هو عنرص الشباب يف حد

ذاتببه، بل املقصود هو التجربة الجديدة التي خطط لها اسببتاذنا الجليل

مبسؤولية وذكاء وانفتاح، قل ما التفت إليها من درسوا أو كتبوا عن النادي

الجراري. وهي ظاهرة التعايش والتوحد والحوار الثقايف بني جيلني: جيل

الشببيوخ، وجيل الشباب، ألن النادي يف مرحلته الثانية مل يشكل القطيعة

مع رواده ممن عايشوا تجربة التأسيس بكل حموالتها، بل ربطوا الحارض

باملببايض ربط معاينة ومارسببة. وأشببهد أنني رويت كغببريي من صفاء

معارفهم وأحاديثهم يف مختلف املجاالت معاينة ومارسببة، وأشهد أنني

رويببت كغريي من صفاء معارفهم وأحاديثهم يف مختلف مجاالت الحياة

العامة بتواضع كبري وروح عملية وطنية صادقة، ستظل موشومة يف ذاكرة

الشباب األول ممن عاشوا التجربة منذ انطالقتها األوىل.

والحق أن االسببتاذ الرئيس د. عباس الجببراري، أعطى للنادي نبضا خاصا

تفرزه الصور الحية الناطقة بواقع جلسببات النببادي يف مختلف أبعادها

الفكريببة ويف مرجعياتها وقيمها التي تأسسببت عببىل الحوار واملصارحة

واإلبداع الشببعري، والبحث الرصني، والقببراءة املنهجية، والرأي الهادف،

والكرم الحامتي بأنواعه، ما ال يعرفه إال قلة من املريدين.

وأعببود اآلن ألثببري معكم بعببض الخصائببص املميزة للنببادي يف مرحلته

الجديدة باقتضاب شديد:

1/ فضبباء النادي الجديد بحي الرياض الذي أطلقنا عليه »زهرة اآليس«

والذي يضم أجنحة متعددة تشكل متحفا خاصا يضم وثائق وصور وآالت

ومصاحببف وكل ما له صلة بآليببات وأدوات املتاحف الكبرية، إضافة إىل

صالة الجلسببات وأخرى للصالة، وما إىل ذلببك. هنالك أيضا جناح خاص

باملكتبة العباسببية التي تسببتحق لوحدهببا، التأمل مبحتوياتببه املعرفية

الرثية.

2/ استقبال النادي ملريدين من مختلف مدن اململكة ودول العامل العريب

واإلسالمي واألوريب واألمرييك )من املرق وتركيا والسويد وأملانيا وفرنسا

وإسبببانيا وأمريكا وكندا وإفريقيا ومن الببدول املغاربية: الجزائر تونس

وموريتانيا...(، وفعاليات وهيئات ومنظات ومؤسسات مغربية ودولية،

وفرق ومجموعات صوفية، موسببيقية، وشخصيات من عامل الفكر والفن

والدبلوماسية...

3/ انفتبباح النادي عىل املجتمع املدين، من خببالل تنظيم ندوات فكرية

براكة وتعاون مع جمعيات رباطية وأخرى خارج الرباط كمثال: مبراكش

وآسفي وأكادير، وتزنيت وتارودانت، وفاس، وشفشاون... وكذا امللتقيات

الدوليببة كاملؤمتر الدويل األول لقيم املواطنببة وحوار الحضارات، وهو ما

يؤكد خاصية هذا االنفتاح.

4/ نببدوات النادي املوجهببة للعموم والتي تعرف ب)نببدوات عبد الله

الجراري( التي بلغت حلقتها الخامسة، وهي منشورة.

5/ منشببورات النادي الجراري، وهي وحدهببا تعكس الجهد الذي يبدله

الدكتور عباس الجراري يف تعميم النهوض بالثقافة املغربية، حيث شببكل

الكتاب أحد مكونات هذا التعميم. ويسببتفيد من هذه املشورات، التي

بلغت إىل حدود اليوم ما يناهز 56 منشورا، رواد املنتدى مجانا.

6/ وفاء ملريدي النادي، من أساتذة وعلاء شيوخا وشبابا الذين ساهموا

يف حلقاته بشكل ملحوظ، وحافظوا عىل الحضور املتواصل حتى آخر يوم

من حياتهم، خصصت لهم جلسببات وندوات فكريببة وتأبينية للتعريف

مبكونات عطاءاتهم العلمية والثقافية والجمعوية.

7/ إحداث جائزة عبد الله الجراري يف الفكر واألدب، وهي من املحطات

الجديدة يف حياة النادي الجراري التي انطلقت دورته األوىل سنة 2010م.

وهي جائزة تشكل بالنسبببة يل قفزة نوعية باعتبار أبعادها ومرجعياتها

وأهدافها العملية، وخصوصيتها املغربية املنفتحة عىل الثقافة اإلنسانية.

والحببق أن هذه الومضات املقتضبة، ال تفي بالقصد ألن محطات النادي

الجببراري كثرية، تجسببد بعمق مظاهببر االنفتاح والتجديد، واملسبباءلة

والبحث عن التميز املتمثل يف الحوار العلمي التلقايئ، والقراءة املتحررة،

ومعالجة القضايببا بآليات منهجية ذاتية وجاليببة، وذلك بفضل حكمة

تدبببري رئيس النببادي لحلقاته، والذي أعطاها قيمببة علمية حقيقية من

خالل تدخالته وتشببجيعاته ومشبباركاته التي رسببمت جوانب تنظريية

للتفاعل الثقايف، واملوضوعية املعرفية املقنعة واملبددة لالختالف، حفاظا

عببىل اإلئتالف الذي هو سببمة النادي، بل وحفاظا عببىل املروع الثقايف

الكبببري للنادي الجراري العتيد، والببذي يعد بحق أقدم األندية األدبية يف

املغرب الراهن.

* عضو نادي الجراري


1

يف اللغة العربية، تشببتق كلمة االنتهازية يف معناها اللغوي من مادة )نهز( التي تعني اغتنببم. واالنتهاز هو املبادرة، ويقال انتهز الفرصة أي اغتنمها وبادر إليها، وهببي يف معناهببا االصطالحي ال تختلببف كثريا عن املعنى اللغوي املشببار إليه، فاإلنسببان العاقل هو الذي يغتنم الفرص ويسببتثمرها مببن أجل أهداف معينة )1(، وهببي بذلك، تختلف باختالف منطلقاتها، فقد تكون محدودة ضيقة األفق ال تخببرج عن إطببار املنفعة الذاتية القصببرية األمد، أو قد تكببون ذات أهداف سببامية ومثل عليا، يكافح اإلنسان يف سبببيل تحقيقها ويضحي بالغايل والنفيس

زهور، مجلة تحرير أسرة ستحاول الزاوية، هذه في ?الكلمات مفاهيم عند قليال التوقف والمهتمين القراء بين إشاعة األكثر بالفكر والثقافة والسياسة، في نطاق رؤيتها

الموضوعية لهذه المجاالت.في هذا العدد، نحاول مالمسة مصطلح االنتهازية، ال باعتباره فقط مصطلحا فلسفيا/ سياسيا/ ثقافيا، تتداخل ولكن المفاهيم، من العديد الواسعة مساحته على أيضا باعتباره مصطلحا على صلة وثقى بحقوق اإلنسان

وقيمها المتداخلة والمتشابكة.فتح الزاوية من خالل هذه زهور مجلة بذلك، ستسعى الباب على مصراعيه للحوار والنقاش مع قرائها األعزاء حول المفاهيم التي ستطرحها تباعا من خالل الكلمات،

ق ? انطالقا من هذا العدد، واهلل الموف

الكلمــــات

زاوية زهور زاوية زهور

51زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 زاوية زهور زاوية زهور من أجلهببا، وعند ذلك يصبح اسببتغالل مثل هذه الفرص املتاحة عمال مروعا، بل وواجبا رشعيا قد

يحاسب اإلنسان عىل التفريط به وتفويته.

واإلنتهازيببة يف قواميببس اللغة العربيببة القدمية والحديثببة، تقببرتب معانيهببا من الصيببد والدربة واملهارة يف الحصول عىل الفريسة، وتالمس االحتيال

عليها لإليقاع بها واصطيادها.

واالنتهازية يف لسببان العرب البن منظور، ولرمبا يف كل القواميس اللغوية العاملية األخرى، تأيت مبعنى واحببد: انتهز الفرصة يف محيطببك/ يف موقعك/ يف منصبك/ يف الحزب الببذي تنتمي إليه، كن محتاال بال أخالق لتحقيق أحالمك وهواجسك وتطلعاتك.

2

واالنتهازي يف نظر علاء النفس، إنسببان خبيث يف دهائه، يتمتع مبرونة عجيبة، غري مبديئ، براغايت، العب ماهر، يجيد لعب كل األدوار، يكرس نفسببه ومواهبه ومعارفه ملنافعه الشخصية، ميارس نشاطه وفق أيديولوجية اعتياديببة، وهو أفضل من يقوم بتزييف الحقيقة، وخداع وتضليل اآلخرين، حيث أنه يزيف الواقع برمته مقابل مصالح شخصية ولو بسيطة، ويضحي مبصالح اآلخرين يف سبيل تحقيق مصالحببه الذاتية الضيقة. فهو يسببتخدم الواقعية واملثالية تبعا للحالببة أو املوقف والفائدة. ومبا أن هدفه يف العيش هو براغايت يف األصل، فهو يعمل عببىل أن تتطببور أدوات املجتمببع دون أن تتطور لغته املرافقة طبيعيا لتطور األدوات، بحيث يخدم ذلك حياته الراغاتية، كا يسعى دامئا إىل تجميد املفاهيم وفركتها، لتخدم أهدافه املرحلية، ويزين الواقع بغية إقناع اآلخرين مبا يخدم مصالحه، حتى وإن كانت كرامة هؤالء مسحوقة وحياتهم معذبة، وهو العدو اللببدود للحقيقة؛ يبذل كل جهده ليك

ال تظهر عىل السطح.

غالبا ما يكون االنتهازي ذا شخصية جذابة ومثرية، ورمبا قد يتمتع بصالحيات واسعة وسلطات تجعل الكثرييببن يتهافتون من حوله. وهببو يف انتهازيته يحيط نفسببه -عببن قصببد- باألشببخاص املالمئني

ملارسة تسلطه بأقىص ما ميكن من االنتهازية.

االنتهببازي يف نظر علاء االجتبباع، مجرد من أي مبدأ أو عقيدة أو فكببرة أو مذهب معني، رسعان مببا ينقلب عىل ادعاءاتببه وال ميانع يف الخروج عن الجاعة التي يدعببي االنتاء إليها، بل من صفاته الغدر والخيانببة للفئة أو الحببزب الذي يحتضنه، أو حتببى لبنببي جلدتببه أو ألبناء شببعبه)2(. فهو يجيببد لعببب كافببة األدوار واقتنبباص كل الفرص لتحقيق مكاسببب ومنافع شخصية حتى لو كانت

مروعه/ غري رشيفببة وغببري أخالقية، وغببري قانونية. واالنتهازي يف نظر يردعه ال الريعة، علاء

ديببن وال قانببون وال عرف، لذلببك نجده يف العديد من األمم فريوسببا رشسا يحطم

صمودهببا، ويفقدها القدرة عىل التمييز بني الحقيقة والزيف.

3

االنتهازيببة يف العببرص الحديببث، كببا يف العصور الغابرة، مل تشكل طبقة أو فئة وإمنا كانت ومازالت تأيت من عمببوم الطبقببات والفئببات. الفرق كبري بينهببا وبني الطبقات الرجعية املعادية للتقدم، ألن الطبقات التي تدافع عن القديم يكون لها موقف واضح ورصيح تدافع عنه وتعتقد أنه هو الصحيح

والصواب.

االنتهازيببة ليس لهببا موقف رصيببح وواضح، ألن مواقفهببا وآراءها ال تنبع مببن معتقداتها، بل من مصالحها املتصارعببة واملتقلبة، فهببي تقول اليوم ما تنقضه غببدا، وتفعل ما قد تنكر فعله بعد غد، وهي ال تطببرح آراءها كنظريببة متكاملة بل عىل

شكل مواقف آنية.

ال متتلببك االنتهازيببة أي يشء ميكببن أن تقدمببه للمجتمببع، وال ميكببن أن تكون عامببال إيجابيا يف مرحلة من املراحل، وال تطرح نفسببها كنظام بديل ألي يشء، والسبببب يف ذلببك أنهببا ال تهتم بتنظيم املجتمع أو بإصالحببه، وإمنا بتحقيق مصالح أنانية

خاصة بها فقط.

االنتهازية، ظاهرة برية تطفح يف النفوس الريرة،

زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 زاوية زهور52 زاوية زهور تظهببر عىل السببطح يف الظببروف العصيبببة كنوع مببن أنواع النفبباق واملداهنة، يتوسببلها املتملقون واملتزلفون لتحقيق مكاسببب وامتيازات معينة، لها عواقبها وانعكاسبباتها السلبية عىل املجتمع، ولذلك يعترهببا علبباء النفس، صفببة دميمة يلجببأ إليها

السفهاء لتعويض شعورهم بالنقص.

-4-

االنتهازية... كلمة واسببعة املحيببط يف االنتشببار السيايس، فهي كلمة تختلط تنتمي عديببدة، بكلببات السياسية قواميسنا كل إىل وترتابببط معهببا، ولكنهببا تبقببى وحدها التي تعر عن نفسها من خالل أفعال مؤثرة

يف األخالق والقيم والسلوكات .

يف كل املجتمعات السياسية، يكون أمهر االنتهازيني، هو من يصطاد الفرصة يف وقتها املناسب، وقد تكون فريسببة هذا الصنف من السياسيني من املقهورين والجائعببني، أو من الزعاء والببوزراء والقياديني. ال فرق عندهم بني هذه الفريسة أو تلك، فاالنتهازية السياسببية، سببلوك ال يفرق بني الخاص والعام، وال بني فقري وغني. إنها ظاهرة قدمية جديدة، تواجدت بكل فرتات التاريخ باملؤسسات والجهات السياسية وعىل تضاريس الجغرافيببة، منت وترعرعت داخل املجتمعات املتخلفببة واملتقدمة، ولهببا يف التاريخ

أعالم وأخبار وحكايات.

عندمببا ترسبت »االنتهازية« إىل املجاالت الحيوية/ السياسببية واالقتصادية بأوربا، خالل القرن الثامن عر، وأصبح االنتهازيون يلعبون أدوارا خبيثة عىل ساحة األحزاب السياسية ومنظات املجتمع املدين، انصببب اهتام العلاء عىل الدراسببات النفسببية التي تفرس سببلوكيات الذين يطمحببون إىل قيادة مواقع القرار السببيايس بالبالد، لتطهريها املبكر من الترصفات املشينة، يف محاولة إلعداد أجيال سياسية نقية، تستوعب بالعقل واملشاعر قوانني وتوجهات الدميقراطية، لالنتقال بأوربا إىل مرحلة جديدة من تاريخها، ال أثر فيها لالنتهازية، وال لقوالبها وأحالمها

املريضة، خاصة وأنها كانت تسعى إىل دخول عرص جديد، يحتاج إىل سببالمة األبدان والعقول التي من شببأنها قيادة الدميقراطية والدميقراطيني إىل مراكز

املسؤولية.

وبالرجببوع إىل التاريخ السببيايس ألوربا خالل هذه الفرتة، سببنجدها قد توفقت يف تأسببيس نظريات جديدة للنضال السيايس، قامئة عىل سالمة املناضل العقلية والسلوكية، وبراءة رسيرته السياسية، حيث نجحببت إىل حببد كبببري يف إبعاد كل مصبباب بداء االنتهازية عن مراكز املسببؤولية، وهو ما أمن لهذه القارة العجوز مركزها الحضاري، رغم ما أصابها من

رصاعات وحروب خالل القرنني املاضيني.

-5-

وكببا تتموقع عىل صببدر الحياة السياسببية، تأخذ االنتهازيببة موقعها بقلب الحياة الثقافية عر العامل ويف منطقتنببا العربيببة عىل وجببه الخصوص. فقد أضحت األوسبباط الثقافية بالعببامل العريب تحتضن أصنافببا مببن االنتهازيني يببكادون ال ميلكون هوية فكرية واضحة املعامل، يقدمون أنفسببهم من خالل تنظريات فكرية قد تشمل شتى املجاالت وامليادين، فهم يساريون تقدميون عندما يجدون أنفسهم مع القوى اليسارية التقدمية، وهم قوميون عرب عندما يجتمعون مببع القوميني العرب، وهم متأسببلمون ملتحون عند استغاللهم للدين، وهم ملكيون »أبناء

املخزن« عندما يتعلق األمر مبصالحهم الذاتية.

املثقف/ االنتهازي يتخذ مواقف سياسية أو فكرية ال يؤمن بها، يف سبببيل تحقيق أهدافه الخاصة، أو من أجل حاية مصالحه الشخصية... يتخذ مواقفه وآراءه الفكريببة والثقافيببة والسياسببية، حسببب طبيعة الظروف، أمال يف الحصول عىل منفعة ذاتية واملحافظة عليها، دون أن يكون مؤمنا باملواقف أو

األفكار التي يعلن عنها.

يعود ذلك يف نظر علبباء االجتاع)3( إىل الخلفية الفكرية والثقافية التي نشأ وترعرع يف أحضانها هذا النوع من املثقفني. ومها ازدادت أوضاعهم تعقيدا باختالط الرؤى الثقافية علميا أو فلسفيا، فإن مبدأ »الالمبدأ« يسببهل لهم الطريق، ويوفر عليهم عناء

53زهور العدد الرابع - السنة األولى - غشت 2012 زاوية زهور زاوية زهور تأنيب الضمببري إن كان لهم ضمري أصال، فالتجاذب والتقاطع والتداخل مع فكر مغاير ليس صعبا عىل هذا الصنف من املثقفني، السببيا أنهم يستطيعون من خالل تغيري لونهم بسببهولة، أن يرسموا رؤاهم السياسببية وفقا لتلك العالقببة القامئة عىل املصالح املتداخلببة واملتبادلببة حتى وإن اختلفببت املنابع

واملدارس واالتجاهات.

-6-

االنتهازيببة، ال تنحدر من طبقة أو فئة يف املجتمع، فهببي تنتمي إىل كل الطبقببات والفئات، وتوجد يف

عمق كل الرائح، وميكن حرص مواقعها يف:

1/ الفئببة الوسببطى: وهي بيئة جيببدة لنمو هذه الظاهرة، ففي زوايا الفئة الوسببطى رشائح وفئات كثرية تعيش بطرق غري مروعة، تقوم حياتها عىل اقتناص الفببرص اإلدارية والتجارية، وعىل االحتكار والسببمرسة والوسبباطة واملحسببوبية والعالقببات املشبببوهة مع الببركات األجنبية. همهببا الوحيد التقرب مببن الطبقة السياسببية الحاكمة، ونسببج عالقببات ودية معها بشببتى الوسببائل، األمر الذي يتيببح لالنتهازيني دخول الحياة السياسببية لحاية مصالحهم الخاصة، وبالتايل نر الفسبباد مبختلف

أشكاله يف املجتمع.

2/ الفئببة املثقفببة: وهببي مصببدر مهببم لظهور االنتهازية ألن املثقف يف الوسببط املتخلف غالبا ما يسببتغل ثقافته لتحقيق مآربه الشخصية، وهذا ال يعني بأن الثقافة العامة هي التي تخلق االنتهازية، بل هي عامل مسبباعد ومهم ملن تتوافر فيه الروح االنتهازية، وذلك ألن البعض من هذه الفئة يحاول أن يحقق مصالحه بواسببطة انخراطه يف النشبباط السيايس أو يف النشاطات األخرى. فمثال: املوظفون امللتفببون حول الببوزراء واملدراء، الذيببن يتملقون من أجل الرتقيات والتنفيعات، وأيضا فئات واسعة من الشببعراء واألدباء والكتاب الذين يسببتعملون أقالمهم للمديببح والثناء أو للذم والقدح حسبببا

تقتضيه املصلحة.

3/ األحزاب واملنظات السياسببية: ويعود السبب يف ظهور هذا املرض ببعضهببا إىل ضعف التأطري...

وإىل االنحطاط األخالقببي لدى بعض األفراد الذين يشببكلون أطر األحببزاب أو املنظات السياسببية، وإىل عدم تلقي الرتبية العلمية والسياسببية بشكل صحيببح نتيجببة عببدم اقرتانها برقابببة صارمة عىل السببلوك واملارسببات، وإىل اسببتعال املحسوبية والوالءات الشخصية الضيقة يف توزيع املسؤوليات، ما يؤدي إيل فقدان سببيطرة القيببادة عىل أطرها الفاعلة، إن مل تكن مشاركة لها يف تحقيق مثل هذه

عندمببا تنتقل من املصالح. فاألحزاب والحركات ىل حالة املعارضة واالضطهاد إالسببلطة، تصبح مارسة

معرضببة النبثبباق امليوالت لدى الكامنببة االنتهازيببة الذيببن األفببراد بعببض

»ناضلوا« يف صفوفها، ولكن ليس االنتصببار هو الذي يخلق ذلك بل الضعف الخلقي وعدم توازن الشخصية، ما يجعل االنتهازية واقعا حيا يف ذاتهببا. واألمثلة كثرية عن األفراد املنحدرين مببن طبقببات فقرية، عملببوا يف صفببوف األحزاب وأصبحببوا يف قبضببة االنتهازيببة مبجببرد أن صاروا مسببؤولني، كا أن منظببات املجتمع املدين، تعتر أيضا وسببطا مالمئا لظهور الكثري من الشببخصيات

االنتهازية يف صفوفها)4(.

يف الحيبباة العامة، تتحول »االنتهازية« إىل سببلوك بببرى، ترتبط بشببكل خاص بريحببة من الخلق : الكذابببون/ املضللببون/ املتملقببون/ املحتالون/ املخادعببون/ الوصوليببون. وكل أصحبباب املصالح الذيببن ال تهمهببم األخببالق وال قيمهببا يف اصطياد الفرص وانتهازها. فهي )أي االنتهازية( تسببتقطب نخبة معينة من الناس تعببوض لهم »هورمونات« الشببعور بالكبت واإلحباط، واإلحساس بالسطحية

والدونية .

وألنها عىل مسببتوى كبري من الخطورة، فقد صنفها علاء النفس ضمببن األمراض الفتاكببة التي تنخر

املجتمعات وتهدد سالمتها من الداخل.

بببببببببببببببببب الهوامش بببببببببببببببببب1 -مجلة النبأ )القاهرة( العدد 47 غشت 2000.

2 - صالح كرميان، عن االنتهازية واالنتهازيون، )سيدين/ الواليات املتحدة األمريكية( 1987.

3 - طريق الحقيقة/ موقع االنرتينت )الحرية( 20/5/2004.


إثراء في البحوث وتكامل في المحاور

و إغناء للمكتبة الثقافية

العدد الماضي في الميزان

محمد السعيدي)*(

قراءة في العنوانعنوان املجلة عتبة فنية حتيلنا على احلدائق الغناء ذات البعد اجلمالي، واجلو األريجي. والزهور س��مة حضارية تدل بألوانها الزاهية، وأنواعها القزحية على مكونات النفوس الش��فافة، واألحاسيس العاطفية اجلياشة، مما حفز الشعراء األقدمني واحملدثني للتغني بجمالها، والترمن بشذاها، ومما ألهم الفنانني التشكيليني للنهل من فيضها واالقتباس من معينها.

واإلحالة غنية مبعانيها االنسانية، مشرقة بعذوبة رحيقها، متدثرة بحلل األخوة واحملبة والسالم..!ولله در أبي متام وهو يردد:

في زهور كاحلدق الروافي )شديدة الصغر( تختال )الزهور( في صفوف األلوان ومن احملدثني تغنى السالوي عبد الرحمن حجي:

أم أري��ج الزه��ور ف��ي الب��س��ت��ان ن�ف��ح��ة الس��ح��ر أم زالل ال��ب��ي��ان إنها نفحات سحرية ثقافية، وبيان للقول معرفية في بستان الفكر الراقي واإلبداع الفني

السامي تستظل بظالله »زهور«.

الغالف واإلخراجتتوفر في الغالف جل الش��روط الفنية اجلمالية من حيث مناس��بة الصورة حملاور العدد عن فاس الهوي��ة والتاريخ. تنبعث معلمة القرويني من قلب املدينة األصيلة في صورة ترحيبية جتمع بني جيلني من املرتادين ألبهائها الفخمة، وفي ذلك إشارة قوية الستمرارية ترابط املاضي باحلاضر باملستقبل، وآية ذلك أن مقاالت العدد

تبلور هذا الترابط املتني وتعكسه غاية في الرقة والبيان.وليس من ش��ك في أن اإلخراج الفني واكب صفحات العدد بشكل ينم عن ذوق تشكيلي ال يخفى على القارئ اللبيب، واملتذوق األريب، فقد جاءت ألوانه متس��قة األجزاء متناس��قة العناصر مع محتوي��ات البحوث، حتاول مس��ايرة آخر ما جد في عالم اإلخ��راج الصحفي/الثقافي ذي املدارس

املتعددة املشارب واملناهل.


محاور العدداألول: عن فاس »والكل يف فاس«، كا قال املؤرخ ابن املؤقت املراكيش

وكا ترنم شاعر من املغرمني بجالها وبهائها:

يا قاصد فباس تنعببم بببببها دارا وسل عن حبيب حل بها وما سبببارا

رف نداها مرشببد للذي حبببببارا وإن كنت ال تدري مناهج سبلها فعي

الثاين: زاوية عن مفاهيم الحرية

الثالث: واقعنا اللغوي يف زمن العوملة

الرابع: متابعات إعالمية

الخامس: املجتمع املدين

وقد حاول رئيس التحرير أن يكون للمحاور ترابط فيا بينها فوفق يف ذلك كل التوفيق كا سرى من خالل قراءتنا للعدد.

فاتحة ذ. محمد المداني:رصخة مدوية، وأنة موجعة، وتشخيص لوضع املدينة التاريخية وكشف لكل الذين يعترون أنفسهم مسؤولني إداريني، أو ممثلني منتخبني، أو أمئة الثقافة وحاميل مشاعلها، يتوهمون أنهم يعيشون »فوق«. رحم اللببه زمانا كان فيه حببكام فاس وأعيانها وعلاؤها الكبار وأسبباتذتها العظام يتواضعون فينسببون أنفسببهم ويرفعون رصوحا فال ينسبونها إليهم بالء، و«شتان بني السنابل العامرة والفارغة«، ولله در طه حسني الببذي وضع هذه الناذج يف مواضعها يف قولته التاريخية: »لنا حاملو

شهادات ال حاملو ثقافات« وللمقولة سياقها التاريخي.

المحور األول: فاس الهوية والتاريخهببي إطاللة دققببت القول حول أسببوار املدينببة وأبوابهببا وأبراجها وقصباتها ودورها وقصورها ومدارسها وأسواقها وحدائقها. وهي جولة

شاملة بعبق التاريخ، متهد ملا سيأيت متهيدا لينا سهال.

محطات أساسية يف تاريخ فاس العاصمة العلمية للمملكة

لألسببتاذ الباحث والدكتببور الحصيف موالي أحمببد العلوي، الباحث األكادميي مبعهد الدراسببات األكادميية بباريس، والذي ينتمي إىل أرسة لها تاريخ يف العلم والوطنية. املقالة اسببتعراض لتاريخ املدينة الحافل باألمجاد انطالقا من األدارسببة، مرورا باملرابطني واملوحدين واملرينيني، وانتهبباء بالسببعديني والعلويني، مركببزا عىل تألقهببا يف عهدي جاللة املرحومني محمد الخامس والحسببن الثاين، كمركز للثقافة واإلشببعاع، مذكرا بكل األعالم الذين درسببوا ودرسببوا بجامعتها كموىس ميمونيد الذي اعتىل أول كريس للطببب والتريح بها. واملقالة ثرية مبضامينها، غنية مبحطاتها املشببعة يف تاريخ الحارضة الفاسية، إذ تعتر جوهرة يف

عقد زهور فاس.

فاس؛ األندلس والوجدان المشتركلألستاذ الباحث الدكتور رشيد بناين: عميد الدراسات املرسحية وخبريها

املتمكن من أدواتها.

لقد ركببز عىل معجون خمرية األندلس يف تأسببيس الحارضة بأبعادها

الحضاريببة والثقافية )2000 بيت أندليس/300 بيببت قريواين(، فيهم علاء وصناع وكتاب، طبعوا برقة الطباع ورهافة اإلحساس... يجسدون ألوان العارة وأشكال اللباس والعادات واملطبخ واملوسيقى... واملقالة عبارة عن مقارنة بني الداء والرتياق يف األندلس من خالل وصف أنيق

العبارة، جميل الصورة.

المحور الثاني: فاس في أعين اآلخرافتتح هذ املحببور بقصيدة للدكتور عبد العزيز التويجري تضفي عىل

العدد نكهة آرسة:

يزهو بها من للحضارة يعشق أو كان يل فضل ففضلك أسبببق

فاس المتمنعةلببب »هري بوسببكو«، هببي بعينيه ورعببة مبعابدها، غنيببة بتجارتها، ومقدسببة يف عمقها. ألبوابها دالالت: باب الفتوح، باب االنتصارات – باب محروق، باب املحاسبببة القضائية – باب الجيسببة، باب الحرب.

إنها غري منفتحة... دوما متمنعة!

فاس عبر أختام الحلملفينادي كالدرون /تعريب مصطفى القرصي، رحم الله الكاتب املتألق والباحث املتنور، صاحب السبق والفضل يف ترجمة أشواك األمل لبودلري إىل اللغة العربية، وديوان بن ابراهيم للغة الفرنسببية بأسلوب شعري مشببوق/ املقالة إمنا هي لوحات فنية رائقة املبنى، شببعرية اللحن، ال

تخلوا من نفحات فلسفية.

فاس، معنى الزمانلألستاذ شاكر نوري/ األديب والشاعر العراقي املتميز. ففاس مستوطنة يف الروح، وقد قام الكاتب ببسببط ظالل أرواح مدن كبرية بسطا رمزيا موحيببا: الرببباط، الجزائر، طنجببة، كزابالنكا، أصيببال، العرائش، فاس. »تخيل إلينا أننا يف جوف رمانة« ناقال عن »هوغوفون هوفانسببتال« النمسبباوي«، إنها تتحول إىل أفق انتظار بوجههببا املنحوت من النبل

والسحر والجال/ أسلوب شيق ال يخلو من مسحات شعرية!

المحور الثالث: جامعة القرويينجامعة القرويين

للكاتب اإلنجليزي الشهري روم الندو، الذي له عدة مؤلفات عن املغرب ورجاالتببه، ترجم لببه إىل اللغة العربية واحد مببن كبار كتاب املغرب: محمببد الخطيب. ينقل لنببا يف هذا املقال، القرويببني بعيني أنجليزي متخصص يف الدراسات املغربية. فهي تضم آالف املخطوطات /نسخة خطية من تاريخ ابن خلدون/ .. يؤكد عىل أسببتاذية ابن خلدون، ابن الخطيببب، ابن حببزم، ابن العريب/ كا يركز عىل تطور علوم الدراسببة بها لتدعم بالحساب والهندسة والتنجيم والطب والتصوف/ مستعرضا مناهجها ودور علائها، وكذا نشببأة حزب االستقالل بني جنباتها، كا أشاد بتغري املغرب بعد االستقالل نحو األفضل وانكباب مسؤوليه عىل تحديث الدراسببة بهذه الجامعة والسعي لجعلها من أرقى الجامعات الحديثة/ وللكاتب »روم الندو« مواقف إيجابية ومؤيدة كثرية للمغرب



وملكه محمد الخامس إبان األزمة املغربية/الفرنسية.

أسرار خزانة القرويينللعالمببة املرحوم العابد الفايس، وهو الخبري املتضلع والعارف املتمكن لخباياها، فقد كان رحمه الله مهووسببا مبا تشتمل عليه من كنوز وما تحتويه من نفائس، متخصصا يف جال الخط ودقة الصنعة وهندسببة املقاييس وجودة الحر. وقد أسببدى جاللة املرحوم الحسن الثاين لهذه الخزانببة خدمببة كرى وذلببك بتزويدها بآخر ما تم اكتشببافه يف عامل اآلليات لصيانة مكنوناتها، والحفاظ عليها واستنسبباخها. فأضحى كل مببا تحتوي عليه مببن مجلدات ومخطوطات عببىل رق الغزل، مصونا،

محفوظا لألجيال الالحقة.

المحور الرابع: زاوية زهور؛ مفاهيم كلمة الحريةهي دراسببة ملصطلح الحرية الذي له صلة قوية بالفلسببفة وبحقوق االنسببان. وتدخل هذه الدراسببة ضمن معجم موسببوعي يعتر بحق مرجعا أكادمييا تضعه مجلة زهور رهن إشارة الدارسني ورجال البحث

– يرثي املكتبات الثقافية يف يرس ولني.

المحور الخامس: أبحاث ودراساتواقعنببا اللغوي يف أيام العوملة ملحمد أديب السببالوي، الغني عن كل تعريببف مبا قدم ويقدم للثقافة العربية من دراسببات قيمة، وبحوث أكاميية، مسايرا بها كل التطورات التي يعرفها املجتمع الدويل والعريب. واملوضببوع الذي يتناوله يف هذا البحث له جذور اقتصادية وحضارية وسياسببية يف عرص التقدم العلمي والتكنولوجي. وتعتر هذه الدراسة للباحث محمد أديب السببالوي، امتدادا لكتاباته املعمقة واملسببايرة آلخر املسببتجدات يف عامل القببرن الواحد والعرين، ليسبباهم بها يف النهوض باللغة العربية، والدفع بها للتخلص ما آلت إليه، ومواكبة ما

وصلت إليه بعض اللغات األجنبية من تقدم وازدهار.

المحور السادس: متابعات إعالميةهببذا املحور يتابع أهم األحداث العربيببة والدولية فيا يتعلق بهوية املدن العربية والالمركزية واعتاد أسببلوب التخطيط يف إطار التنمية املستدامة. املقاالت تتابع أخبار منظمة املدن العربية وتواكب آخر ما جد يف عامل املنتدى الحرضي العاملي الذي سببينعقد مابني 1 و7 شتنر 2012، كا تقدم ورقة تعريفية لرنامج األمم املتحدة للمسببتوطنات

البرية لكل غاية تثقيفية وإعالمية.

المحور السابع: منبر المجتمع المدنيإطاللببة عىل املجتمببع املدين املغريب خببالل العقديببن األخريين، وما يضطلع به من مسببؤوليات لنر ثقافة حقوق االنسان وتثبيت دعائم الدميقراطية وترسيخ مفهوم التضامن. كا يركز املقال عىل دور اإلعالم والتواصل يف تأهيل الجمعيات، حيث سيسببعى هذا املنر إىل تسليط األضواء عىل كل ما يتعلق بتأسببيس الجمعيات و الرفع من مسببتوى تنظيمهببا وتنمية قدراتها. وتفتح املجلة مببن خالل هذا املحور الباب عىل مرصاعيه أمام قرائها الكرام إلسهاماتهم املتعلقة باملوضوع تعميا

للفائدة.

محور الختام: وبعد ...خصببص هذا املحور ملوضوع العدل من خالل اآليببة الكرمية: ﴿كونوا ﴾، تفضل بتقدميه األستاذ صالح زارة: خطيب مسجد امنيي بٱلقسببط قيوبببدر بالرباط. ويوضح املوضوع قيمة العببدل وأهميته يف حياة األمم والشعوب، مستشهدا بقصة خروج جيوش املسلمني من سمرقند بعد فتحها اسببتجابة لقضاء عادل كان سببببا يف إسالم شببعب بأكمله عن قناعة بعدل اإلسالم ونبل مقاصده. وبذلك يكون الختام مسكا، وتكون مجلة زهور قد استوفت واجبها بكلمة توجيه وإرشاد، الهدف منها هو

تهذيب النفوس وإصالحها.

الخالصة: إضافة غنية بمعطياتهاإن العدد، شببكال ومضمونا، يعتر إضافببة ثرية، غنية مبوادها، متنوعة مبلفاتها، متكاملة متناسببقة مبواضيعها عن فاس عر العصور بعظائها ومآثرهببا. كا تعتر امللفات امللحقة بالعدد عببن الحرية والجمعيات وعن واقعنا اللغوي يف زمان العوملة، دراسات أكادميية مرجعية قيمة.

ويبدو أن أرسة املجلة قد سعت، خدمة لتنمية روح الثقافة، ومساهمة منها يف تشببجيع القراءة ونرهببا بني املثقفني واملهتمببني، بل وعامة القراء، قد سعت إىل اإلبقاء عىل مثن النسخة ثابتا دون زيادة، رغم ما عرفه العدد األخري من تطور كا/كيفا، إذ انتقل من 32 ص يف العددين األول والثاين إىل 52 ص، بورق صقيل وإخراج فني راق، توسببعت فيه

دائرة األقالم املتميزة، وازداد عدد امللفات وتعمقت وارتقت.

لكن: أزمة القراءة/أزمة تشجيع الثقافة!؟هل نعيش أزمة قراءة يف املغرب عىل غرار ما تعيشببه الكثري من دول عاملنببا العريب؟ أم أن لكل مجتمببع أزماته الخاصة بببه!؟ الناتجة عن

عوامل متعددة ومتنوعة!؟

هببل، والحال عىل مببا عليه، تقوم األجهببزة املهتمببة بالثقافة عندنا، بتشببجيع اإلصدارات مبا يليق بها، وبتحفيز املؤلفني للمزيد من التألق واإلرشاق!؟ عببىل غرار ما هو عليه الوضببع، عىل األقل يف بعض الدول

املشابهة لنا اقتصاديا واجتاعيا!؟

أما آن األوان ملؤسساتنا املالية واالقتصادية، وقطاعنا الخاص، ورؤساء جامعاتنا، ووالتنا وعالنا، وبرملانيينا، ورؤساء مجالس جهاتنا ومدننا... أن يعببوا كلهببم ومبا فيببه الكفاية دور الثقافببة، قبببل أن يهتموا بها ويسبباهموا يف تشجيعها بالطريقة املناسبة والناجعة، ال عر ذر الرماد يف العيون عىل أقىص تقدير، ويف حاالت يطبعها االرتجال وتتحكم فيها

املصالح الضيقة، وتسند فيها األمور إىل أعدائها وأعداء أهلها؟

سببؤال ستجيبنا عليه األيام، ولنا أمل يف أن تتغري األوضاع نحو األفضل، ألنه ويف كل األحوال ليس لنا إال هذا الحل ... وما دام يف املغرب رجال ونسبباء مؤمنون، وطنيون، أكفاء، شجعان، رحاء مع املستضعفني من أبنائه، أشببداء عىل الفساد واملفسدين، ال محتضنني له وال مهادنني ...

وعىل الله فليتوكل املومنون.



أضحت الجمعيببات لبنة أساسببية، يكتمل بها ومببن خاللها بناء مجتمع واع، منضبط، منفتح، ومنتج. فبواسببطة الجمعيببات األهلية املنظمة والفعالببة، يسببتطيع املجتمع أن يؤطر نفسببه بنفسببه، مببا يؤهلببه ملعرفة مشبباكله معرفة دقيقة، وتشخيصها تشخيصا موضوعيا، وتدارس واقببرتاح الحلول املناسبببة والناجعببة، وهذا ما يساعد مؤسسببات الدولة - أي دولة- عىل ربح الكثببري من الوقت والجهد واملببال، يف الحصول بدقة عىل النتائج املسطرة، إن هي استطاعت أن تستفيد من هذا املعطى مبهنية وتبرص وحسن نيببة، يف تخطيببط وبرمجة وتنفيببذ ومراجعة،

سياساتها وبرامجها املركزية واملحلية.

فببإذا كان دور الدولة هو تدبري الشببأن العام، بتوفببري أمببن وقوت الشببعب، وتأمني سببالمة وصحببة أفببراده، وضان قضبباء نزيببه يعدل بني أبنائببه، وبناء منضومة تربويببة/ تعليمية/ تكوينيببة/ ثقافية، تؤهل قببدرات وكفاءات كل عنارصه، وتعمل عىل وضع اسرتاتيجية محكمة وواضحة لبناء وتطوير اقتصاده، وتثمني القيمة املضافة لشببغيلته وأطببره وأسبباتذته وفنانيه ومثقفيببه ورياضييببه...، واملحافظة عىل ثرواته

وصيانة مكنوناته ...

وإذا كان دور األحببزاب السياسببية هببو تأطري املواطنني، والقيام بأبحاث ودراسببات، وتنظيم ندوات ولقبباءات، والتغلغل عر قنوات منظمة وفعالة، يف أعاق الشببعب لالسببتاع لنبضات قلبببه، والتعرف عن قرب، عببن همومه وآماله، ووضببع آليببات واضحة وعادلة إلنتاج أحسببن الرامج، وانتقاء أفضل العنارص البرية وأنبلها، لتخببوض بهببا اسببتحقاقات الرف مببن أجل تحمل مسببؤولية تدبري الشأن العام، مسلحة يف ذلك، مبا يكفي من املوارد السياسببية والفكرية واملنهجيببة والتقنيببة والبريببة ... حتى إذا ما فازت وأسببندت إليها مهمة تدبري الشأن العام،

ال ترتدد، وال تتناقض ...

وإذا كان دور القطبباع الخاص هو بناء اقتصاد وطني قببوي ومهيكل، قادر عببىل إنتاج الرثوة

وخلق مناصب للشببغل... ومؤهل للمسبباهمة يف املشبباريع االجتاعية والثقافيببة والرياضية

الوطنية مساهمة فعالة ومنتظمة...

وإذا اهتمببت النقابببات املهنيببة، باختصببار، بالدفاع عببن حقوق وكرامة الطبقة الشببغيلة، والنضال من أجل وضع أسببس عدالة اجتاعية شاملة وسليمة... وبناء توازن اجتاعي يحمي االسببتقرار ويوفببر الظببروف املالمئببة لالبتكار

والخلق واإلبداع،

فببإن دور الجمعيببات هببو العمل عببىل تأطري كل أبناء الشببعب؛ مبن فيهم السياسببيون وغري السياسيني، النقابيون وغري النقابيني... القرويون كا الحرضيني، الحاكمون مع املحكومني، وذلك من خالل هذه الوحدات )الجمعيات( املنظمة )ألن عملهببا يجببب أن يكون منظببا(، والتي هي يف تدبريهببا أقل رصامة من املقاولة الحرة، ويف تسببيريها أكببرث لينا مببن اإلدارة العمومية، ويف حجمهببا أقل عددا من األحزاب السياسببية والنقابببات املهنية، ويف طبيعتهببا أكرث قربا من النبباس وهمومهببم، أما من حيببث العالقة بني أفرادهببا، فإن كانت أقل متاسببكا من األرسة أو العائلة، فإنها أقببوى ترابطا وأفضل تنظيا من الحببي أو القبيلة أو العشببرية... رأس مالها هو مصداقية أعضائها، وسالحها هو خرة منتسبيها، وشعارها الحقيقي هو العمل من أجل الوطن،

بدون مقابل، ومها كان الثمن.

وقبل أن نتكلم عببن قانون الجمعيات، وكيفية تدبريهببا، وطرق محاسبببتها، ومنهجيببة انتقاء مشبباريعها... سببنتكلم يف هببذه الحلقببة عن مواصفات املسببؤولني األساسببيني فيهببا فقط، ألن ذلك هو االنطالقببة الحقيقية لبناء جمعية

سليمة وصالحة.

عندما يتحمل مسببؤولية تدبري شؤون جمعية، كبرية كانت أو صغرية، حرضية كانت أو قروية، تنمويببة كانببت أو ثقافية، حقوقيببة كانت أو رياضيببة، جمعية لآلباء أو اتحببادا للمقاوالت.. عندما يتحمل املسببؤولية أنبباس يتوفرون عىل الروط األساسية للعمل الجمعوي، ويتخلقون

باألخالق الحميدة، ويعملون مع الناس ومن أجل الناس، تصبح حينئببذ الجمعية، أداة اجتاعية فعالة، تساعد عىل تأطري الفرد وتفتحه وتنمية قدراته، وتوعية املجتمع وتنظيمه، ونر ثقافة حقوق اإلنسببان، وتثبيببت العدالة االجتاعية، وتعميق مبببدإ التعاون والتضامببن والتآزر بني األفراد والجاعات... تصبح الجمعية باختصار، وسيلة فعالة، تعرف كيف تستفيد من محيطها بكل معطياته، وكيف تتفاعل مع بيئتها - كيفا كانت هببذه البيئة - بطريقة إيجابية، من أجل تنميببة روح املواطنة الصادقة، واملسبباهمة يف

التنمية الحقيقية للفرد واملجتمع والوطن.

وليك يتحقق كل ذلببك، عىل املتطوعني لتحمل مسؤولية تدبري هذه الجمعيات )كل الجمعيات( أن تتوفر فيهم رشوط بدونها، قد تصبح الجمعية حزبا صغببريا، أو أرسة عنرصية كبرية، ويف بعض األحيان نقابة متطرفة، أو عصابة قانونية مؤثرة، أو رمبا عشببرية من عشائر الجاهلية األوىل، وما

إىل ذلك من األشكال واأللوان.

وتتلخص هذه الروط بالنسبببة للمسببؤولني األساسيني يف العمل الجمعوي فيا ييل:

1 – الكفاءة املهنية يف التدبري؛

2 – الخرة والتجربة امليدانية؛

3 – النزاهة األخالقية؛

4 – التوفر عىل هامش مناسب من التفرغ؛

5 – التحيل بروح املسؤولية.

هذه الروط ال يجب أن تتوفر بالرضورة يف كل أعضاء املكتب مثال، إمنا يف بعضهم )األساسببيني منهم(، وعند ذاك قد تصبح الجمعية بالنسبببة للمسببؤولني اآلخرين واملنخرطني وكل الركاء، بببل وباقي املجتمببع، ليس فقببط أداة للتنمية وحسببب، ولكن كذلك فضاء للتكوين والتأطري والتحصيل والتثقيف. وما أسمى الجمعية حني

ترقى إىل هذا املستوى!

وإىل اللقبباء يف الحلقببة القادمببة بحببول الله وقوته.

الجمعية، ماذا يعني هذا المصطلح؟احللقة الثانية

منبر المجتمع المدني

بقلم محمد املداني


منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة»اليونسكو«

تأسست منظمة األمم املتحدة للتربية والعلم والثقافة: اليونسكو، عام 1945 وهي تتأل��ف اليوم من 193 دولة عضوة. جتتمع الهيئتان اإلداريتان للمنظمة، واملكونتان من املؤمتر العام واملجلس التنفيذي، بش��كل منتظم للس��هر على حس��ن سير عمل

املنظمة ووضع أولوياتها وحتديد أهداف األمانة التي يرأسها املدير العام.

طريقة عملها

يجتمع املؤمتر العام مرة كل سببنتني لتحديد السياسببات العامة، والخطوط الرئيسببية لعمل املنظمة، كا يقرر برنامج اليونسكو وميزانيتهببا للفببرتة املقبلببة واملمتدة عىل سببنتني. أمببا املجلس التنفيببذي فيجتمببع مرتني يف السببنة، للمراقبببة والتأكد من أن القرارات املتخذة من قبل املؤمتر العام أصبحت قيد

التنفيذ.

هامقر

يقع مقر اليونسببكو يف العاصمة الفرنسية باريس، مببنى حديث واستثنايئ. افتتح يف عام 1958 وتم ترميمه مؤخرا. للمنظمة أيضا

أكرث من 50 مكتبا ميدانيا يف جميع أنحاء العامل.

متابعات إعالمية


صادفت هذه الدورة احتفال اليونسببكو بالذكرى السنوية األربعني العتبباد اتفاقية الببرتاث العاملي )وضع االتفاقيببة الخاصة بحاية الرتاث العاملي عام 1972(. وقد شكلت التحديات التي تواجه عملية صببون الرتاث محببط تركيز حفل افتتاح الدورة السادسببة والثالثني للجنة الرتاث العاملي التي بدأت أشغالها يوم األحد 24 يونيو 2012

واستمرت حتى 6 يوليوز 2012.

و يف افتتبباح الدورة، ألقت رئيسببة لجنة الببرتاث العاملي، »إليونورا فالينتينوفنا ميرتوفانوفا«، كلمة رحبت فيها باملشبباركني، ثم شددت عىل أهمية املصداقية التي تتسببم بها اتفاقيببة الرتاث العاملي. كا رصحببت قائلة: »مثة واقببع ال يقبل الجدل، يجببب أن نراعيه دامئا هو أن القيمة العاملية االسببتثنائية ملواقع الرتاث العاملي تقوم عىل القيم والخرات املحلية، وترتكز باألساس عىل جهود الصون املحلية. وميكن القول باختصار، إن الشببعوب املحلية واألصلية هي الجهات

الرئيسية التي تجعل من هذا الرتاث العاملي حقيقة ملموسة«.

أما املديرة العامة لليونسببكو، »إيرينا بوكوفا«، فسلطت الضوء، من جهتها، عىل التحديات املتنامية املرتبطة بعملية صون مواقع الرتاث العاملي يف ظل الضغببوط املتزايدة التي يواجهها العامل اليوم. حيث شببددت عببىل أن »عملية إدراج املواقع يجب أن تتسببم مبصداقية تامببة يف جميع مراحلها«، مضيفببة أن »الدول األطراف يف االتفاقية

هي املسؤولة بصورة رئيسية عن هذا املوضوع«.

كا تطرقت املديرة العامة لليونسببكو إىل »الفكببرة الثورية« التي ترتكز عليهببا اتفاقية الرتاث العاملي، مشببرية إىل أن هذه االتفاقية أفضببت »عىل مدى السببنوات األربعببني األخرية إىل رسببم خارطة جديدة للعببامل عنوانها السببالم، ما أتاح إقامة شبببكة للمبادالت

الثقافية تشمل ما يناهز 1000 موقع حول العامل«.

وذكرت بوكوفا مببدأي االمتياز العلمي والنزاهة اللذين تقوم عليها عملية إدراج املواقع الجديدة، داعية جميع الجهات املعنية إىل »أن تفكر وتعمل بطريقة استرافية لبث روح جديدة يف اتفاقية الرتاث العاملي، والتصدي لتحديات القرن الحادي والعرين، وال سيا تلك

املرتبطة بالتنمية املستدامة وبناء السالم«.

من جهته، شدد وزير الثقافة يف االتحاد الرويس، فالدميري

ميدينسببيك، عىل التحديات الناجمببة عن تدمري القيببم التقليدية املرسببخة يف عملية صون الرتاث الثقايف يف عرص العوملة، قائال حول هذا املوضوع: »إن العامل بات متحدا ومنقسا يف آن واحد«. كا أكد

بدوره، عىل أهمية الرتاث الثقايف يف تشجيع التبادل بني الشعوب.

وقببد أقيم حفل افتتاح الدورة السادسببة والثالثببني للجنة بحضور رئيسببة املجلس التنفيذي لليونسببكو: أليسببندرا كومينز، ومحافظ

مدينة سان برتسبورغ: جيورجي بولتافشينكو.

وخالل أسبببوعني من العمل املتواصل، أضافت اللجنة 26 موقعا إىل قامئة الرتاث العاملي لليونسببكو؛ خمسببة مواقع طبيعية، وعرون موقعببا ثقافيا من بينها مدينة الرباط - املدينة التاريخية والعاصمة الحالية للمملكة املغربيببة، وموقع واحد مختلط )ثقايف وطبيعي(. فباتت بذلك قامئة اليونسببكو للببرتاث العاملي، تتضمن 962 موقعا، وأضحببى عدد البلدان التي لديها مواقببع يف القامئة، 157 بلدا، مع

إدراج مواقع يف الكونغو وباالوس وفلسطني والتشاد.

واختتمت الببدورة 36 للجنة الرتاث العاملي، مبزيد من القلق حيال الببرتاث الثقببايف يف مايل، حيث أعببرب األعضاء الواحببد والعرون املشبباركون، عن قلقهببم العميق حيال مصري تببراث مدينة متبكتو. لإلشببارة فقد قامت جاعات مسببلحة باملوازات مع انعقاد الدورة باعتداءات عديببدة عىل مواقع الرتاث وأرضحببة األولياء، وهدمها. وقببد اعتمببدت اللجنة قرارا يديببن أعال التدمببري، ويدعو للقيام

بأعال ترميم وإعادة بناء حينا تسمح الظروف بذلك.

وقببد تقرر عقد الدورة القادمة للجنببة الرتاث العاملي، بني 17 و27 يونيببو 2013، يف مدينة فنببوم بنه )كمبوديا(، تحت رئاسببة رئيس

الوزراء الكمبودي، سوك آن.

قائمة التاث العاملي باملغرب

< مدينة فاس )1981( < مدينة مراكش )1985(

< قرص آيت بن حدو )1987( < مدينة مكناس التاريخية )1996(

< مدينة تطوان )قدميا تيطاوين( )1997( < موقع ولييل األثري )1997(

< مدينة الصويرة )قدميا موغادور( )2001( < مدينة مازاكان الرتغالية )الجديدة( )2004(

< مدينة الرباط )2012(

الدورة ال�ساد�سة والثالثون للجنة التاث العاملي

24/6/2012 – 6/7/2012 »�سان بت�سبورغ« - رو�سياالتكيز ين�سب على مو�سوع التنمية امل�ستدامة

متابعات إعالمية


وبعد..

الن�صيحة الأوىل: اثا﴾ ة أينكي ا من بيعببد قو زليهي ت غي ضي تببي نيقي ال يقول تعبباىل: ﴿ويالي تيكونوا كي)سببورة النحل، اآليببة:92(. إن مثل من جلس طوال شببهر كامل يصنع ملبسببا من الصوف باملغزل، حتى إذا قرب الغزل من االنتهاء، نقض ما صنعه،كمثل حال بعضنا، رسعببان ما يعود إىل املعايص والذنوب مبجرد انتهاء شهر رمضان. فهو طوال الشهر يف صالة وصيام وقيام ودعاء. وهو بهذا قد أحسببن غزل عباداته، ولكنه ينقض كل هذا الغزل بعد رمضان، بيل والسبببب يف ذلك هو اتباعه للشيطان. فال تكن من هؤالء. سئلي الشا ق عن قوم ال يصلون إال يف رمضان، فقال »بئسي القوم، ال ييعرفوني لله حي

ها«. نية كل د وييجتيهد الس ب الحي الذي ييتيعي ان، إن الص ضي هر ريمي إال يف شي

الن�صيحة الثانية:بيعوه ات ه في ن بليس ظي لييهم إ قي عي د د صي احذر الشببيطان! يقول تعاىل: ﴿ويليقين يؤمن ان إال لنيعليمي مي ن سلطي لييهم م اني ليه عي ا كي ني المؤمننيي يمي ريقا م إال فيفيظ﴾ )سببورة ء حي ىلي كل يشي كي عي ب ري ببك وي ا يف شي ن هوي منهي باآلخببرية مما دو خذوه عي ات دو في اني ليكم عي يطي سبأ،اآليتان:21-20(، وقال تعاىل: ﴿إن الشري﴾ )سببورة فاطر، اآلية:6(. ببع اب الس يا ييدعو حزبيه لييكونوا من أيصحي إمنالشببيطان عدو يغفل عنببه الكثري، رغم علمنا بعداوتببه لنا. أليس عيبا أن يتقن الشببيطان فببن التخطيط، وصناعة األهببداف، واإلرصار عليها، ونجهلهببا نحن؟ للشببيطان هدف واضح وهو أن تقببع يف املعايص التي تكون سببا يف دخولك النار. ونحن؟ ما رسالتنا يف الحياة؟ ما أهدافنا؟ ما

واجبنا تجاه ديننا؟ أم أننا نعيش لنأكل ونرب ومنرح فقط؟

الن�صيحة الثالثة:إيبباك وضعف العزمية! أخي املسببلم، أختي املسببلمة، لتقوية إميانك،

عليك بهذه الطاعات الخمس :

1( املحافظببة عىل الصلببوات الخمس جاعة وخصوصببا صالة الفجر. فنحن أثبتنا ألنفسببنا يف رمضان أننا قادرون عىل أداء صالة الجاعة يف املسببجد، وقادرون عىل صالة الفجر يوميا، فلنحافظ بعد رمضان عىل ذلببك قدر اسببتطاعنا، وأال نؤخرها فال ندع

فرصة للشيطان.

2( قببراءة القرآن: ال تكن ممن يقرؤون القرآن يف رمضان فقط. فالقرآن أنزل لنتلوه يف رمضان وغري رمضان. فاجتهد-أخي، أختي- يف أن تخصص وقتا من يومك تجعل منه وردا يوميا ثابتا، حتى تثبت لنفسببك أنك قد

تغريت فعال.

3( ذكببر الله: اجتهد بعببد رمضان، عىل أن تحافظ عببىل أذكار الصباح واملساء، استغل وقت فراغك يف ذكر الله.

4( الصحبة الصالحة: يقول النبي صىل الله عليه وسببلم »املرء عىل دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل«. اخرت من يعينك عىل طاعة الله، اخرت

صاحبا إذا رأى منك معصية حذرك، ودلك عىل طريق الخري.

كم ادعوين أيسببتيجب ليكم﴾ )سببورة ب الي ري قي 5( الدعبباء: يقول تعاىل: ﴿وين ليم ييسببأل الله غافببر: اآلية 60(، ويقببول صىل الله عليه وسببلم: »ميليه«. فاحرص بعد رمضببان عىل الدعاء، أم ليس لك عند الله ببب عي ييغضيحاجة بعببد رمضان؟ كلنا فقراء إىل الله، وهببو الغني الحميد. خصص وقتا للدعاء، وال ينبغي أن مير عليك يوم دون أن تدعو، سببائال الله جل

وعال، أن يثبتك عىل الطاعة .

الن�صيحة الرابعة: اجعل رمضان نقطة بداية، ال نقطة نهاية! الصوم مدرسة وفرصة للتغيري، نتعلببم منه املحافظة عىل الصلوات الخمببس، ونتعلم منه الذكر وقيام الليل وقراءة القرآن، ونسببتخلص منه مهارات دنيوية مختلفة. إن مثل الذي يصوم ويشببحن بطاريات اإلميببان يف رمضان ويصبح بعدها قادرا عىل امليض يف طريق الهداية والتوفيق، ثم يتوقف ويهمل نفسببه ويتبع الشببيطان، كمثل رجل ميتلك سببيارة أدخلها إىل مركببز الصيانة إلصالح أعطابهببا، وبعببد إصالحها وتزويدهببا بالبنزين، حتببى أضحت جاهزة لالسببتعال، مبا يتطلببب ذلك من راحة ورسعة وقببوة وأمان، تركها ومل

يستعملها.

نسببأل الله تعاىل أن يثبت قلوبنا عىل دينه، وأن يتقبل منا رمضان، وأن م عىل يعيننا عببىل طاعته يف رمضان ويف غري رمضان، وصل اللهم وسببل

سيدنا محمد وعىل آله وصحبه.

د.صالح زارة ،خطيب مسجد بدر، الرباط

»ا اني ن رم�س

ا ول تك اني ن رب

ك

«

الحمد لله رب العاملني، نحمده حمد عباده الش��اكرين. ونصيل ونس��لم عىل أرشف املرس��لني وخاتم النبيني س��يدنا محمد، وعىل آله وصحبه أجمعني. وبعد، أيها اإلخوة املؤمنون، هاهو رمضان قد فارقنا بعد أن حل ضيفا عزيزا غاليا علينا، لكن هل تركنا وهو راض عنا؟ أم رحل يبيك حرسة علينا وعىل أحوالنا؟ من األش��ياء التي تفرح يف رمضان مشهد املسجد وهو ميلء باملصلني، ولكن ومع أول أيام العيد، يتكاسل بعض الناس يف

الطاعات، فمنهم من يؤخر الصالة ومنهم من يضع املصحف يف املكتبة لرمضان القادم، ويرتك الدعاء ...

ولتثبت عىل الطاعات بعد رمضان، أقدم إليك، أخي املسلم، أختي املسلمة، أربع نصائح فال تفرط فيها:

مجلة زهور العدد الرابع غشت 2012

Documents

Transcript of مجلة زهور العدد الرابع غشت 2012