االفتتاحية: السنة األوىل

ثقافية . فنية . فلسطينية حترير وإخراج فين: سليم البيك العدد الثامن كانون2/ 2011

r o m m a n . s a l e e m @ g m a i l . c o mh t t p : / / w w w . h o r r i a . o r g / r o m m a n . h t m

إمـيـل تــومـا: ريادة يف السياسة

ويف النقدجان جينيه يف

ذكراه املئوية)بغين(.. مع حيب..

أمل مرقس

سمر حزبونص -

الكوالج خا

قالوا لنا تلك مشس متوتفقلت لنا بل توارت لتولد

إبراهيم نصراهلل هنا

عن )احلكيم( لنصراهلل

إبراهيـم نصراهلل : املشاغـب البـريء الـذي نـحب بقلم: رابعة محو

قريبا جدا

تكم���ل »رم���ان« هن���ا س���نتها األوىل بعد أن صدر عددها الصف���ر يف 01/01/10. كان من املف���رض أن يكون هذا العدد احتفاليا بعيدها األول، وكنت -بصراحة- أنتظره، لكن لسبب ما مل يكن كذل���ك، رمبا مل أجد حاجة لالحتفال بها وأنها مل تقدم بعد للثقافة والفن الفلس���طينيني

ما أراه يستحق االحتفال.األوىل أن تكون هذه املناس���بة فرصة للمراجعة النقدي���ة ملا »أجنزته« أو أخفق���ت يف إجنازه هذه اجلري���دة اإلنرنتي���ة، ولعل أحد أهم أس���باب جناحاتها كانت مواد الغالف، احملور الرئيس���ي للجري���دة وأهم ما حت���وي، وكذلك اس���تمرار اجلريدة بصيغتها اجلدي���دة واملبتدعة، كونها إنرنتي���ة: ال الكرونية تتوس���ل صيغة املوقع االلكروني للوصول إىل القراء، وال مطبوعة، بل جريدة PDF تأخذ من »املطبوعة« التصميم الفين اجلمالي وتتوس���ل اإلنرنت لتصل لقرائها. وكنت يف افتتاحيات س���ابقة ذكرت »مربرات« هذه الصيغة، و »رمان« املثال األول )والوحيد( يف الصحافة العربي���ة على حد متابعيت القاصرة

نسبيا.أما بالنس���بة لإلخفاقات، فأكربها كان فش���ل اجلريدة يف االنتقال من املبادرة الفردية إىل العمل و »التورط« اجلماعي اجلدي يف حتريرها أو )على األقل( املش���اركة يف إعدادها، »رغم« احلماسة قصرية األم���د والنفس عند البعض. قد ال نلوم أحدا م���ن هؤالء طاملا أن العم���ل يف )والكتابة ل�( »رمان« تطوعي حب���ت، إضافة إىل افتقارها إلغراءات )أوال( النشر السريع والفضفاض الذي متنحه مواقع اإلنرنت و)ثانيا( »الشرعية« اليت متنحها الصحف املطبوعة. وهنا أس���تثين بعض

األمساء اليت ترددت يف أعداد اجلريدة.ثم هنال���ك إخفاقات أخرى كفش���ل اجلريدة يف التحول للعمل اجلماعي، ثم فش���لها يف التحول للعم���ل اجلماع���ي، وأخريا فش���لها يف التحول

للعمل.. اجلماعي.وكل إخفاق آخر الحق لذلك.

»رمان« مس���تمرة بكل األحوال رغم ما تتكلفه م���ن جهد ووقت، ألني أتيقن يوما بعد يوم بأن احلاجة امللحة لصحيفة ثقافية فنية فلسطينية متخصصة تنقض مشروعية السؤال عن احتمال توقفها، رغم تواضع هذه ال� »رمان« يف إمكانية

اإلجابة على هذه احلاجة وإحلاحاتها.االحتف���ال األمجل لعيد اجلريدة األول س���يكون حتما هذا احلوار على يس���ار هذه الصفحة، كل

احملبة والتقدير البراهيم نصراهلل.

الغالف

الروائي والشاعر الفلسطيين إبراهيم نصراهلل لـ : باكتمال الرواية اجلديدة، ستغطي )امللهاة( ما يقارب 250 سنة

السنة األوىل

أجرى الحوار: سليم البيك

1. س��نبدأ من الرواية التي باش��رت في كتابتها منذ أش��هر، وذل��ك بعد أبحاث اس��تغرقتك س��نينا لتكون مادت��ك قبل الكتابة، م��اذا تحدثنا ع��ن الرواية؟ وهل

هي كتاب جديد ضمن )الملهاة الفلسطينية(؟- م��ن الصع��ب الحديث عن عمل قب��ل أن يتم، ولكن أحداث الرواية تدور في فلس��طين، بش��كل أساس، وفي سورية ومصر بشكل جزئي. كانت رحلة البحث تجربة اس��تثنائية بالنس��بة لي، فألول م��رة أتعامل مع زمن بعيد، وش��خصيات حقيقي��ة، كما أن التعامل

م��ع المخطوطات كان يحدث أيضا للمرة األولى، وهي تجربة صعبة، فحين تستطيع فك خط مخطوطة ما، تفاجأ بمخطوطة أخرى تعيدك للبداية بخطها المختلف، والتحدي األكبر هو إع��ادة بناء الحياة، بكل

تفاصيلها على مدى قرن كامل.أم��ا ع��ن مس��ألة وجودها ضمن الفلس��طينية، الملهاة مش��روع

فهذا ما سيكون فعال.

2. لماذا مش��روع )الملهاة(، هل م��ن رس��الة أردت قولها عبر سلس��لة الروايات التي

تحكي عن القضية بأزمنة وأمكنة مختلفة؟- مشروع الملهاة هو تأمل للحالة الفلسطينية إنسانيا وفنيا واجتماعيا ووطنيا، عبر مائة وخمس وعش��رين س��نة، وحي��ن تكتم��ل الرواي��ة الجديدة، س��يغطي المش��روع مس��احة زمنية يصل طولها إل��ى مائتين وخمسين سنة تقريبا. وبقدر ما هو )المشروع( رحيل في الزمان، فهو رحي��ل في األمكنة أيضا التي عاش

فيها الفلسطينيون أو اضطروا للعيش فيها.أم��ا م��ا أردت قول��ه فه��و كثي��ر ج��دا، فهن��اك مئات الش��خصيات واألحداث، لك��ن المحصلة النهائية هي أننا ش��عب له وطن وله تاريخ ممت��د وثقافة، وفيه ما في البشر كلهم من صفات، بعيدا عن الصورة النمطية

التي حشر فيها الفلسطيني كثيرا.لكن األمر المهم أيضا أنه مشروع فني أدبي يسعى للتعبير عن هذه القضية وهذا الش��عب بفنية عالية، ألنن��ي عل��ى يقين، وكم��ا قلت منذ زم��ن طويل: إن القضايا الكبيرة تحتاج إلى مستويات فنية عالية للتعبير عنها. مع أنني أرى أن كل القضايا الصغيرة تغدو كبيرة

أيضا، إذا كان التعبير عنها عالي المستوى.

3. يق��ال ب��أن التاري��خ الحقيق��ي للش��عوب يقرأ من كت��ب األدب ال التاري��خ، هل س��تطيق )الملهاة( هذا

الحمل؟- الرواية هي ما نس��يه المؤرخون، هذا ما قيل دائما، وقي��ل إن مغرف��ة الروائ��ي تصل إلى ما ل��م تصله مغرفة المؤرخ! الرواية قادرة على استيعاب كل ش��يء، ولكن ذل��ك يحتاج لفهم خاص لمسألة التاريخ في العمل الروائي. وهناك مفاهيم متباينة

في هذا المجال.لكن الملهاة بش��كل أساس��ي التاريخ اإلنس��اني ف��ي رحي��ل وتفاصيل��ه، الت��ي تتقاط��ع م��ع مفاصل التاريخ. أهم ما يمكن أن يقوم به الروائي هو الحفاظ على الروائية وش��روطها، وهي أداته الرواي��ة هنا، لكي ال يبتلع التاريخ الحدث اإلنس��اني والشخصيات؛ وإال سيتحول إلى مؤرخ، ومؤرخ فاشل

أيضا.دائما رأيت أن التاريخ أش��به بالس��كر في الش��اي،

تتذوقه ولكنك ال تراه.وفي ظن��ي أن روايات الملهاة اس��تطاعت أن تحمل بش��ر اليوم إلى بشر األمس، ولعل أجمل ما سمعته م��ن تعليق��ات الش��باب تعليق��ا يق��ول: إن المله��اة الفلس��طينية كانت أش��به بآلة الزمن التي حملتهم

ليعيشوا الحياة التي عاشها آباؤهم وأجدادهم.وبالمناس��بة، جيل الش��باب يهمني كثي��را رأيه، وأنا س��عيد أن��ه يش��كل قطاعا عريض��ا م��ن قرائي في

فلسطين وخارجها.

لعله��ا م��ن األم��ور التي بف��رح ه��ذه س��تذكرها ال��� "رمان"، أنه��ا لم تكد تنه��ي عامها األول حتى حظيت بح��وار خاص مع الروائي والشاعر إبراهيم بكل ويمكنن��ا، نص��راهلل، اطمئن��ان، أن نضيف إلى والش��اعر"، "الروائ��ي الش���امل/ "المثق��ف العضوي"، فلنصراهلل كتبا وكتاب��ات في النق��د الس��ينمائي والفني واألدبي وفي الس��ير وغيره��ا، ولعله من أهم الكتاب/المثقفين الفلسطينيين الذين نق��رأ لهم متيقنين، ب��كل اطمئنان، من أن المستوى الفني والجمالي لما نقرأ يضيف ل�، ال ينقص من، عمقه التاريخي والوطني وانتماء كاتبه لشعبه من جهة، واإلنسانية

من جهة ثانية.أوافق تماما الصديق��ة رابعة حمو، الباحثة الفلس��طينية في األدب الحدي��ث، والتي ستقرأون لها هنا دراسة عن أدب نصراهلل، حين قالت لي بالعامية الفلس��طينية بأن

خاص - رمانإبراهيم "رايق وراقي".

لكن األمر المهم أيضا أنه مشروع فني أدبي يسعى للتعبير عن هذه القضية وهذا الشعب بفنية عالية، ألنني على يقين، وكما قلت منذ زمن طويل: إن القضايا الكبيرة تحتاج إلى مستويات فنية عالية للتعبير

عنها. مع أنني أرى أن كل القضايا الصغيرة تغدو كبيرة أيضا، إذا كان التعبير عنها عالي المستوى.

مشروع الملهاة هو تأمل للحالة الفلسطينية إنسانيا وفنيا

واجتماعيا ووطنيا، عبر مائة وخمس وعشرين سنة، وحين تكتمل

الرواية الجديدة، سيغطي المشروع مساحة زمنية يصل طولها إلى

مائتين وخمسين سنة تقريبا

الغالف

4. بت أخيرا تمي��ل إلى الروايات كبيرة الحجم كما في )زم��ن الخيول البيضاء( وربم��ا روايتك التي تعمل عليها اآلن، هل أتى ذلك لش��عورك بأن هنال��ك الكثير ليقال عن تاريخنا الفلس��طيني؟ هل حق��ا هنالك الكثير مما ال نعرفه؟ ولماذا التركيز مؤخرا على المراحل التاريخية

في ما قبل النكبة في فلسطين؟- ل��م يكن هناك قرار في أي يوم م��ن األيام أن أكتب رواية طويلة، بل كان لدي قرار بأال أكتب رواية يزيد ع��دد صفحاتها عل��ى مائة وثمانين صفحة، ورواياتي الثالث

األولى كانت كذلك.ولكنني حينما كتبت طيور الحذر، وصلت لهذا العدد من الصفحات، واكتش��فت أن الرواية ل��م تنته، وهك��ذا تع��دت ثالثمائ��ة صفحة

بقليل.ث��م ع��دت وكتب��ت رواي��ات في ح��دود 140 صفحة مثل )أعراس آمن��ة(. لك��ن ط��ول الرواية ليس بيد الكاتب أحيانا، كما حدث في )زم��ن الخيول البيض��اء(، ويحدث اآلن ف��ي الرواية الجدي��دة، ألننا

نتح��دث عن رواية أجيال وأحداث تدور في أزمنة كثيرة. لك��ن الطول في النهاية أو القص��ر ليس هو المهم في ظني، المهم أن تستطيع الرواية شد القارئ إليها، وقد فوجئت أن عددا كبيرا من القراء كانوا مستائين ألن زمن الخي��ول انتهت. مع العلم أننا عملنا الكثير عند إخراجها

ككتاب عل��ى تقليل عدد صفحاتها، ففي اإلخراج األول كان عدد صفحاتها 730 صفحة.

5. ألم ترهقك )الملهاة(؟- المله��اة مرهقة ألنها بحاجة إل��ى بحث كبير، ولكنها على المس��توى الفني متعة، ألنني بين رواية وأخرى

أحاول ابتكار أشكال جديدة وأتعرف إلى بشر وأصبح مسؤوال عنهم.

أح��س بأن لدي مئات األبناء اآلن، وهذا أم��ر غري��ب، بعضه��م أكبر من��ي عمرا وبعضهم أصغر، نس��اء ورج��اال، وأحس بمس��ؤولية كبي��رة تجاههم وق��د أتيت

بهم إلى هذا العالم.بالطبع، هناك الطيبون وهناك األش��رار وهناك الشجعان وهناك الجبناء، وهناك

الجميالت وهناك األقل جماال.ولذل��ك اإلره��اق لي��س واردا بالمعنى الحرف��ي، إذ ال يمك��ن أن نقول إن مصر أرهقت نجيب محف��وظ، ألن مصر التي ف��ي أعمال��ه، ليس��ت بالض��رورة مصر نفس��ها، إنه��ا مص��ره ه��و، كم��ا هي فلسطين فلس��طيني أنا في الملهاة، وحينم��ا يكت��ب روائ��ي آخ��ر رواية عن

فلس��طين فهو يقدم لنا فلس��طينه هو، ال فلسطيني أنا، حتى لو تقاطعنا كثيرا، ألننا نقدم رؤانا لفلس��طين، والرواي��ة ه��ي رؤية ورؤيا، وخارج هذا ليس��ت أكثر من

حكاية، أو حكايات.

6. لك أيضا سلس��لة روايات تعرف ب� )الش��رفات(. ماذا تقصد ب� )الشرفات( وما الذي يميز بينها وبين سلسلة

)الملهاة(؟- مش��روع )الش��رفات( ه��و الوج��ه اآلخ��ر للمله��اة الفلس��طينية، إن��ه الوجه العربي، وقد أحسس��ت أننا ال نس��تطيع أن نفه��م ما حدث ويحدث لفلس��طين إال إذا فهمن��ا م��ا يحدث لإلنس��ان العرب��ي. ولذل��ك كان��ت أحداث الرواية األولى )ش��رفة الهذيان( تدور في أجواء )حروب الخليج(! وما فعلته في البش��ر، والثانية )ش��رفة رجل الثل��ج( تدور حول أعتى أنواع سحق روح اإلنسان إل��ى كائ��ن العرب��ي وتحويل��ه هالمي عاطفيا ووطنيا وإنسانيا. فقد مض��ى الزمن ال��ذي كانت الدول��ة ت��رى في��ه المناض��ل أو السياسي أو المثقف باعتبارهم الخطر، لقد حولت في الحقيقة كل إنس��ان إلى خط��ر يهددها،

وهكذا سحقت شعوبها.أما )ش��رفة العار( فهي حول ما يس��مى )جرائم الشرف( وهي تأم��ل لحال المرأة وما تعانيه من ظلم وقهر، خارج هذه الجرائ��م وداخله��ا، وفي ظني أنن��ا ال يمكن أن نتحدث عن مجتمع سوي قادر على التقدم وقادر على الحياة

ما دامت المرأة مسحوقة فيه إلى هذا الحد.

في الحقيقة أكثر ما يؤلمني في هذه القضية

هو تواطؤ الدولة مع مجتمع القبيلة بشكل سافر، وجبن مؤسسات

التشريعية، ممثلة بالنواب وتخلفهم وهم يسايرون حكم القبيلة، حين يقرون

قوانين تخفف الحكم على القتلة

إن المشكلة الكبرى التي نعانيها اليوم كعرب بمن

فيهم الفلسطيني هي ضياع القيم وغيابها.

ولذلك يهمني كثيرا أن تكون القيم الكبرى جزءا مما أكتب، شعرا وسردا.

وهي بالمناسبة المرة األولى التي أكتب فيها عن

شخص قائد.

الغالف

7. بالنسبة ل� )شرفة العار(، ما الذي أردت قوله في جريمة تضاهي كل الجرائم بشاعة؟

- ف��ي الحقيقة أكثر ما يؤلمني في هذه القضية هو تواطؤ الدولة مع مجتمع القبيلة بشكل سافر، وجبن مؤسسات التشريعية، ممثلة بالنواب وتخلفهم وهم يس��ايرون حكم القبيلة، حين يق��رون قوانين تخفف الحكم عل��ى القتلة. وأراهم بذلك يضعون الس��الح في ي��د القات��ل ويدفعونه الرت��كاب جريمته بال قلق

على مصيره.ويؤرقن��ي أيضا أن المجتمع يتصرف في هذه القضية باعتباره أقوى من الدول��ة وأقوى من القانون وأقوى

من الدين.ويؤرقني أن كثيرا من الجرائم ترتكب باس��م الشرف لكن ال عالقة للش��رف بهذا، فأحيانا تصفى األخوات ألس��باب مادية بحتة، وأحيانا لمجرد الش��ك، الذي

يسكن نفس رجال مرضى.

8. ه��ل هنال��ك في قصائ��دك ما يوازي مش��روعك الروائ��ي في )المله��اة الفلس��طينية(؟ وهل تميل أكث��ر إلى إبراهيم الش��اعر أم الروائي؟ ومن منهما

يستن�زفك أكثر ومن منهما األقرب إلى نفسك؟- هن��اك أعمال ش��عرية، وال أقول دواوين ش��عرية، أعتبره��ا جزءا م��ن المله��اة الفلس��طينية، ويمكن أن تن��درج تحت هذا العنوان ببس��اطة، مثل )الحوار األخي��ر قبل مقتل العصفور بدقائ��ق( و )الفتى النهر والجنرال( و )بس��م األم واالب��ن( و )مرايا المالئكة( واألخيران س��يرتان، األول ش��عرية )واقعية( ألمي،

والثانية )متخيلة( للشهيدة الطفلة إيمان حجو.وكذلك هناك رواية )مجرد 2 فقط( التي أعتبرها جزءا أساس��ا من الملهاة، رغم أنها ل��م تندرج تحت هذا العن��وان، ألنها كتبت قبل تبلوره. وهي تس��د فراغا كبي��را فيه، ألنها تتح��دث عن المذاب��ح التي تعرض لها الفلس��طينيون على مدى خمس��ين عاما، وقد أضمها للملهاة في طبعة الحقة، ألنني ال أظن أنني

سأعود للكتابة عن المذبحة من جديد.أما أليهما أميل: الشعر والرواية، فهذا سؤال صعب، إذ ال يمكننا أن نسأل الطائر أي جناحيك أغلى وأقرب

إليك، إنهما هو.

9. ق��د تبع��د قصائ��دك ع��ن التاريخ واله��م الوطني واالجتماعي، جانحة نحو الذاتي بخالف رواياتك، هل هذه هي طبيعة األشياء، أقصد عند الشعر والرواية،

أم أن األمر أتى عن وعي مقصود لهذا الفصل؟- تجربتي الشعرية مرت بمراحل كثيرة، وتنوعت، وأنا مع تنوع الكاتب داخل تجربته، فمن القصائد القصيرة ذات الموضوعات اإلنسانية، إلى القصائد الملحمية، إل��ى قصائ��د الرباعيات، إلى قصائد الس��يرة، وصوال إلى ديواني األخير )لو أنني كنت مايس��ترو(، هناك

ف��اروق وادي

في س��فره األول إل��ى الصحراء األكثر قس��وة ونأي��ا.. الصحراء المس��رفة في الرمل والكآبة والوحش��ة، اكتشف الشاب، في لي��ل الغربة الطويل، أن للقصائ��د أجنحة، وأنها قادرة على بلوغ أمكنة ال تتبلغها الكائنات. فكان أن اس��تجاب لما اقترحه الشعر

، وحلق معه إلى أقاصي الخيال.��عر لم يكن لين��أى بعي��دا دون أن يلتقط رؤاه لك��ن عصفور الشونبض قلبه من بدن األرض، من ذرات التراب ونبض البشر. وكان عليه أن يكون قادرا، بمنقاره الحاد الصغير، على كسر األقفاص الت��ي حاولوا زج القصيدة بي��ن جدرانها، وأن يواصل تغريده دون

وجل.***

عندما امتهن إبراهيم نصر اهلل الخيال، ورباه كما يربي العصافير والسالحف، لم يكن يظن أن القصيدة، التي تحلق معه ويحلق معها في الفضاءات التي ال يحدها س��ياج، س��وف تحمله إلى

تلك البقاع البعيدة المنتشرة على حواف الخرائط.ذات ليل��ة، كنا نس��هر معا، نوغ��ل في الليل وأحاديث الس��فر والكتاب��ة، وكان إبراهيم يواصل بس��ط خرائطه وس��رد حكايات رحلته مع القصيدة نحو قلوب البشر. تحدث عن أمسيات شعرية قريب��ة وبعيدة: قريبة ف��ي المكان وبعيدة ف��ي الزمان، وأخرى عر إلى قريبة في الزمان وبعيدة في المكان، حيث طار مع الشبالد لم تكن لتخطر ببال، حتى في األحالم المتطرفة إلنس��ان

ال يكف عن حلم الطيران.كنت أصغي إلى سيرة إبراهيم نصر اهلل الطائرة، عندما قلت له إن التجربة التي تحكي رحلة القصيدة ومعاركها للوصول، وقدرة

عر على السفر، تستحق أن تكتب. الشولقد احتجت إلى بضع سنوات ألقرأ كتابا كنت أول المحرضين على كتابته، وجاء تحت عنوان "أقل من عدو.. أكث��ر م��ن صدي��ق" ، فبدا لي، بعد أن فرغت م��ن قراءته، أنني أقرأه للمرة الثانية، بعد أن كنت قد س��معت تفاصيله مروية، مع التأكيد على أن الحكائين بالكتابة يظلون أجمل وهم يمارسون حرفتهم من خاللها، أكثر

من أحاديث الشفاه. ***

ل��م يكن من الس��هل على صوت الش��اعر أن يحلق في س��احات مدن ال تعرف لغته وال يع��رف لغتها ليلقي بقصيدت��ه ألهلها، إال ألنه، هو نفس��ه، خاض من قبل معركة وص��ول القصيدة إلى الناس في مكانه ومكانها، رة التي لم يتردد إبراهيم في خوضها بشرف يستحق منا التنويه كاسرا دوائر القهر. وهي من المعارك المبك

واإلشادة، ومنه الكتابة والشهادة.ربم��ا يكون أح��د قادة األعداء المنتصرين، هو الذي أعاد لفت انتباهنا، بع��د هزيمة حزيران، إلى تلك الفعالية الخفي��ة للقصي��دة، وقدرتها على الوصول إل��ى الوجدان، لينبعث منها رهط من الش��باب المدججين بالوعي والس��الح، حين قال إن قصيدة لش��اعرة فلسطينية تنبت عشرة فدائيين. لكن الجنرال العدو، نبه في الوقت

عر! عر، إلى تلك الطاقة الهائلة الكامنة في روح الش نفسه، أعداء الشلقد أخذت القصيدة تتش��كل في وعي ش��اعر ش��رع يتش��كل، بإيمان مطلق بفاعلية الش��عر. وفي األزمنة ��عر، كان إيمان الش��اعر بأن خوض أمس��ية شعرية التي كان يحاصر فيها اإليقاع والمعنى، ويداهم بيت الشيعادل عملية فدائية، ألن إشعال الموسيقى في الظالم، ظل يعني كسرا مؤزرا لحاجز الخوف.. ولكل أشكال

السجن والمالحقة والحصار.***

كت��اب إبراهي��م نصر اهلل هذا قد يكون في عنوانه العريض عن الس��فر؛ عن اإلنس��ان؛ ع��ن األنا واآلخر الذي عر؛ عن حكاية القصيدة ليس عدوا مطلقا وهو أكثر من صديق؛ عن تجربة الشعر في الحياة والحياة في الشوس��يرتها حتى بلوغها وجدان اآلخر.. تحرضه على اليقظة حتى يرانا عبر منجزنا اإلبداعي واإلنس��اني، ومن خالل خطاب بسيط يقول: لقد بذلنا جهدا لنتمكن من أن نرى روحكم، فاصغوا إلى همس أرواحنا حتى تزيلوا

الغشاوة وتروننا كما نحن، دون أفكار مسبقة وخياالت متطرفة.الرحلة في الكتاب ال تأخذ خطا مستقيما، زمانيا كان أو مكانيا، فهي تستند إلى تقنية روائية ال تتخلى عن حريتها باالرتداد أنى ش��اءت، واالس��تجابة لغواية الحديث عن تجربة س��بقتها وسكنت في الذاكرة، أو كادت تتوه في ثنايا النسيان، دون أن تفقد رحلة الكتاب خطها األساس، وأعني رحلة الكاتب إلى "كولومبيا"، التي بدأ بها صفحاته األولى وأنهي صفحاته األخيرة، من غير أن تفقد نفسها حين تخلى الصفحات الطوال للحديث

عن رحالت وتجارب عديدة تقطعها وتتقاطع معها.وألن كاتب الرحلة يمتلك حساسية الشاعر ولغته الشفيفة وبراعة السرد الروائي وعين الفنان التي تواصل س��يرتها اللماحة، فإن التفاصيل تتطوع دائما لتش��كيل المش��هد. وألن الكتاب يحتشد بمثل هذه التفاصيل، عر واللقطة المكتملة، أو ربما إننا سنراها في المستقبل فإننا نكتفي باإلشارة إلى شذرات منها تقارب الشوقد تحولت إلى قصيدة أو مشهد روائي، دون أن يعني ذلك شرطها للتحقق، ألنها حين اكتفت بذاتها � كما وردت في الكتاب � ضمنت تحققها الفني: جذع ش��جرة هرمة في مدريد يمر كلمح البصر ويتش��بث بش��باك ��عر ويعش��ق التبغ بشراس��ة؛ صبية عمياء تأتي مصغية إلى الشعر الذي ينصاع لها العين؛ ش��اعر يكره الشويعبر تجاويف العين؛ عجوز على مش��ارف عقده الس��ابع يقف كالعمالق بلحيته البيضاء ليطلق مع القصائد، ��عر، وبحماسة ال تلين، فقاعات الصابون لألطفال، دون هدف أو مقابل. وغيرها العشرات من في س��احة الش

التفاصيل الثرية التي تحيل حديث الرحلة فنا حاذقا، وتجعل السفر طوافا دائما تمنحه الكتابة بقاء.***

يقول الشيخ محي الدين بن عربي: "السفر إذا لم يسفر ال يعول عليه"...أم��ا س��فر إبراهيم، في القصيدة التي منحت��ه أجنحة، وفي الخريطة التي انبس��طت أمامه ليطوف أرجاءها

القصية، فقد أسفر عن كتاب جميل، يمكن وصفه، دون تردد، بسفر السفر. وإذا كان لي أن أبتهج، بشكل استثنائي وخاص، فألن تحريضي إبراهيم، في تلك الليلة البعيدة، لكتابة هذا

الكتاب، لم يذهب سدى!

ـفر حني يسـفر السل��م يكن الفتى الخارج من بحيرات الطين في المخيم ليالحق العصافير في الجبال الجرداء التي توغل في جنوب المدينة، وقد اتخذ قراره تعليم الطير حذر الوقوع في الشراك المنصوبة، يحلم أكثر من أحالم العصافير ذاتها: مزيدا من األجنحة للتحليق

بحرية في آفاق لم يبلغها مسافر!

األدب الحقيقي هو ما يصوغ هويتنا الوطنية واإلنسانية، ولم يلعب أي كتاب دورا مهما مثل ذلك الذي لعبه )كتاب( األدب الفلسطيني الذي

كتبه عشرات المبدعين الكبار

مس��احة زمنية كبيرة: ثالثون س��نة على األقل. وفي كل مرحل��ة عمري��ة هناك أس��ئلة مختلفة ت��ؤرق روح

الشعر والشاعر.وال أبال��غ إذا قلت إن أكثر م��ا فعلته في رواياتي هو أن أخفف الجانب السياس��ي، ليحتل الجانب اإلنس��اني المش��هد، فرواية مثل )أعراس آمنة( مثال، ليست عن غ��زة وحصاره��ا وأوضاعها فق��ط، إنها ع��ن الموت بكل أبعاده، ورواية مثل )طيور الحذر( ليس��ت عن المخيم، ب��ل عن الطفولة الت��ي تعقد حلفا م��ع األجنحة وفكرة الحري��ة، ورواية مثل )زمن الخي��ول البيضاء( رواية حب

وبطولة وعشق للخيل وفلسطين. وهكذا. ولع��ل بقي��ة رواياتي كذلك، ألن روح ش��عري تتس��لل إليها وتسكنها دائما، كما يتسلل السرد ليسكن عديد

قصائدي وأعمالي الشعرية.إن ش��خصية ريحانة مثال، وهي الشخصية األقرب إلي ف��ي زمن الخيول، ولدت قبل ذلك في رباعية ش��عرية، تحدث��ت ع��ن أربع ش��خصيات: قاتل، وقتي��ل، وحبيبة-

زوجة، وحصان.

10. أتذكر قبل حوالي س��نة، أهديتني تسجيال صوتيا لك تلقي فيه قصيدتك )الحكيم( من ديوانك األخير )لو أنني كنت مايس��ترو(. ما الذي يمثله لك جورج حبش كش��خصية سياس��ية/ثقافية/فكرية وه��و القائل بأننا لم نخس��ر الجبهة الثقافي��ة، وأنها هذه معركتنا. وأنت بنتاجك في الرواية والش��عر والدراس��ات أحد أس��باب

قوتنا في هذه المعركة؟- الحكي��م قيمة كبي��رة ال يمكن أن يك��ون للزمن الذي نعيش طعمه لو لم يوجد مثل هذا الرجل فيه، ومن هم مثله. إن المش��كلة الكبرى الت��ي نعانيها اليوم كعرب بم��ن فيهم الفلس��طيني ه��ي ضياع القي��م وغيابها. ولذل��ك يهمني كثيرا أن تكون القي��م الكبرى جزءا مما أكتب، ش��عرا وس��ردا. وهي بالمناس��بة المرة األولى

التي أكتب فيها عن شخص قائد.غس��ان كنفان��ي يعن��ي لي الكثي��ر في ه��ذا المجال أيض��ا، ورواية )أعراس آمنة( تحية له، ألنني على يقين م��ن أن األدب الحقيق��ي هو ما يصوغ هويتن��ا الوطنية واإلنس��انية، ول��م يلعب أي كت��اب دورا مهما مثل ذلك ال��ذي لعب��ه )كت��اب( األدب الفلس��طيني ال��ذي كتبه

عشرات المبدعين الكبار.

11. م��ا الذي يمكن ل��ألدب أن يقدمه في حرب ثقافية م��ع جهة كالصهيونية بكل ما لديها من نفوذ ورأس��مال

ومؤسسات منظمة؟- لنس��أل أنفسنا السؤال مقلوبا: ما الذي قدمه األدب الصهيوني لهذا الكيان العنصري المسمى )إسرائيل(؟ لقد س��اهم في بناء هذه الدولة أكثر مما س��اهم أي

جندي أو مس��توطن، بل إنه يد المستوطن التي تقتل وتقتلع الزيتون لبناء مستوطنة.

ولذا، ليس لدي شك أبدا في قدرة األدب الفلسطيني عل��ى زرع الزيت��ون المقتلع من جديد في روح البش��ر ف��ي انتظار اليوم الذين يعيدون في��ه زراعته في مكانه بأيديه��م. وإذا م��ا كان ألدبن��ا م��ن أهمي��ة، فهي تلك األهمي��ة الكبرى المتمثلة في أنه لم يس��مح بهزيمة القضية الفلسطينية وعدالتها في أرواح الفلسطينيين والعرب واإلنس��ان في كثير من بالد العالم. لقد حسم الصهاينة كثيرا من المعارك العسكرية لصالحهم، لكنهم لم يس��تطيعوا حس��م المعرك��ة مع حبنا لفلس��طين

وتمسكنا بها جيال بعد جيل.

12. للوبي الصهيوني كلمة مسموعة عند صناع السينما في هوليوود، والس��ينما أحد أش��كال المواجهة، كيف

ترى السينما الفلسطينية في العقدين األخيرين؟- أعتقد أنه ال يمر أسبوع واحد إال ويكون هناك فيلم أو كتاب أو مسرحية عن )مآس��ي( اليهود. وهم يملكون كل ش��يء في الحقيقة، ويعملون كمؤسسات كبرى، وهذا غير موجود لدينا، ألن السلطة الفلسطينية تنظر للفن المعبر عن ش��عبنا كمحاولة م��ن الفنانين لتعكير

صفو عالقتها بالعدو!ولذلك كل العمل اإلبداعي الفلس��طيني اليوم، ش��به فردي، باستثناءات قليلة، مثل مؤسسة عبد المحسن قط��ان التي تق��وم بدور عظي��م في المج��االت الفنية

واألدبية والتعليمية كافة.أتابع الس��ينما الفلس��طينية بصورة ممتازة، ويقلقني تذب��ذب المس��توى، وعدم وج��ود تصاعد فن��ي يمليه التراك��م. تب��دو التج��ارب مقطوعة عن بعضه��ا البعض، وألنن��ي أش��اهد أفالما كثي��رة من العال��م، أجرؤ على القول إننا لم نحقق ش��يئا كبي��را. هناك بعض األعمال الجي��دة فعال، لكن يلزمن��ا الكثير، ولعل مس��ألة إصرار الس��ينمائيين الفلس��طينيين على كتابة أفالمهم جزء م��ن ركاكة هذه األفالم في حاالت كثيرة، إنهم ال يرون هذا الكم الهائل من األعم��ال القصصية والروائية التي لدين��ا. أعجب مثال كيف لم يتق��دم مخرج لتقديم رواية )المتشائل(، والتي نجحت كثيرا كمسرحية حين قدمها وم��ا زال الفنان محمد البكري؟ كما أن قصص غس��ان، والت��ي هي أغنى بكثير من تجربت��ه الروائية يمكن أن تغني الس��ينما، وحتى بع��ض رواياته التي قدمت في الس��ابق س��ينمائيا، من الممكن اليوم إعادة إنتاجها، وإعادة االعتبار فنيا لبعضها. أظن أن الركاكة في حاالت كثيرة تعود إلى سبب واحد هو أن كثيرين من مخرجينا

ال يقرأون.

13. أصدرت حديثا كتاب )صور الوجود/ السينما تتأمل(، ويحوي مق��االت في النق��د الس��ينمائي، وقبله كتاب )هزائم المنتصرين/ الس��ينما بين حرية اإلبداع ومنطق السوق(. أود أن أسألك عن نوعية األفالم التي تحبها، وع��ن أكث��ر األفالم الت��ي أحببتها، ومن ه��م مخرجيك

وممثليك المفضلين؟- أرى كل األفالم، وأحب بعضها، أراها ألن علي أن أرى ما يشكل البشر هذه األيام، والسينما جزء أساس في هذا المجال، وه��ذا ما أحتاجه كروائي، واعني، حتى، السينما التجارية، كما أرى أفالم أوروبا والعالم الثالث.

أتمنى أحيانا أن أكتب عن بعض األفالم التي أشاهدها، ولكن الوقت أصبح يضيق واألدب بحاجة إلى عمل كثير

إيرلندا - مع تمثال الشاعر باتريك كافاناه

الغالف

ألن السلطة الفلسطينية تنظر للفن المعبر عن شعبنا كمحاولة من الفنانين لتعكير صفو

عالقتها بالعدو!

ألني ما زلت أتمنى أن أخرج فيلمي الخاص، وما زالت األمنية القديمة في مجال الموسيقى أساسية،

ولكن من الصعب اآلن البدء

ومتواصل.ولومي��ت وفيللين��ي تورنات��وري كمخرجي��ن: أح��ب وأكي��را والمودف��ار وكارل��وس س��اورا وسكورس��يزي كيراس��اوا، وألن باركر، وم��ن العرب أحببت أعمال جيل السبعينات، رضوان الكاش��ف ومحمد خان وداوود عبد السيد وعاطف الطيب وأحب حديثا أعمال محمد أمين

وكاملة أبو ذكري وسواهم.وم��ن الممثلين، جاك نيكلس��ون ودي نيرو وباتش��ينو وإدوارد نورت��ون وكابريو ف��ي أدوراه األخيرة، ومن العرب أحمد زكي ومحمود عبد العزيز ومحمود مرسي وأحمد مرعي وممثالت الس��تينات. ومن الممثالت: تش��ارليز ثورن وس��كارلت جوهانس��ون، هما جم��ال فائض عن

الحد ومواهب أصيلة أيضا.أم��ا األفالم، فأحب لورنس العرب، وابنة ريان، ولم أزل، وفيلم س��ينما باراديسو وأس��طورة 1900، وحدث ذات مرة في أمريكا وسلس��لة الع��راب وعربيا: القاهرة 30 ولي��ل وقضبان والحرام والفتوة والزوجة الثانية، والبريء والكيت كات وليه يا بنفس��ج وإخراجا أنا مفتون بأعمال الراح��ل صالح أبو س��يف وقد أهدي��ت كتابي األول عن

السينما إلى روحه..الحقيق��ة من الصع��ب أن يعدد المرء، ولك��ن باختصار:

أحب السينما.

14. ه��ل م��ن راب��ط بين ف��ن الس��ينما وبي��ن الكتابة الروائية، خاصة وأني الحظت روحا سينمائية في بعض

رواياتك؟- بالطبع، فالرواية كانت المعلم األول لكتاب السيناريو، ولكنه��ا اليوم تع��ود وتتعلم منهم. وعالقتي بالس��ينما انعكس��ت بص��ورة كبيرة ف��ي أعمالي، ومن��ذ البداية، وأظن أن غياب أثر الس��ينما عن كتاباتي سيحدث فيها

نقصا كبيرا.

15. لو كان لك أن تختار، أكنت اخترت أن تكون أديبا كما أنت، أم سينمائيا، أم مايسترو؟

- كنت سأختار كل شيء.

16. لماذا؟- ألن��ي ما زلت أتمن��ى أن أخرج فيلم��ي الخاص، وما زالت األمنية القديمة في مجال الموسيقى أساسية، ولك��ن من الصعب اآلن البدء. ولذلك كان ديواني األخير )لو أنني كنت مايسترو( مشغوال باألمنيات التي تركتها

ورائي وتركها البشر وراءهم على أكثر من مستوى.

17. ما أنواع الموس��يقى التي تحب؟ وهل من أسماء لموسيقيين أو مغنيين تحب أن تسمع لهم؟

- أحب موسيقى الش��عوب، أحسها رحالت رائعة في دبي��ب أرواحهم عل��ى صفحة الجمال، وأعم��ال بيزيه، وتشايكوفس��كي، وياني، وموس��يقى الج��از والعزف المنف��رد عل��ى العود والغيت��ار. وأحب االس��تماع لكل

األغني��ات، الخفيف��ة والثقيلة، وال أعتب��ر أغنية لطيفة جزءا من هزائمنا. لكن يبقى هناك مكانة خاصة لفيروز وأم كلث��وم وعب��د الوهاب وعب��د الحلي��م ووردة وفايزة أحمد ونجاة، وأحب كاظم الس��اهر وعلي الحجار وزياد الرحباني ووديع الصافي ونصري شمس الدين ومحمد عبده وطالل مداح وأبو بكر سالم وشيرين وأنغام وأصالة

ولطيفة التي فتنتني تجربتها مع زياد الرحباني....

18. س��أرجع إلى األدب، لمن تحب أن تقرأ؟ وما الكتب الت��ي أثرت ب��ك؟ وه��ل تتاب��ع الكتابات الفلس��طينية

الشابة؟ وما رأيك بها؟- أح��ب أن أق��رأ الكتاب ال��ذي يثير غيرتي وش��هيتي ككات��ب، أحب الكتب التي أتعل��م منها. منذ فترة كنت أقرأ رواية ماريو فارغاس يوسا )الفردوس على الناصية األخ��رى( فتنتني قدرته في الرواية على أن يكون ناقدا في الفن التش��كيلي إلى ه��ذا الحد، وهو يتحدث عن

بطل روايته: غوغان، وهو فنان مفضل لدي.أم��ا الكت��ب التي أث��رت فهي كثيرة، وليس ش��رطا أن تكون أعماال أدبية، فحين اكتش��فت أنني سأكون كاتبا وجدت أن علي أن أقرأ كل شيء، فابتدأت من المالحم والمس��رح اإلغريقي حتى مسرح العبث مرورا بالشعر

والرواية.بالنس��بة للكتابات الفلسطينية الشابة أتابعها، وهناك أس��ماء رائع��ة، لك��ن م��ا يحزنني ف��ي جي��ل الكتاب الشباب العرب أن كثيرين منهم يبدأون حياتهم بالتمرد كمش��روع لهم، ولي��س بالكتابة المتم��ردة فعال، إنهم غاضب��ون ويري��دون إزاحة من س��بقوهم م��ن الطريق بأسهل الوس��ائل: عدم قراءتهم!! ولكن كثيرا من هذه المواهب في النتيجة ال تقدم شيئا. ببساطة ألن الذي

ال يستطيع أن يتعلم ال يستطيع أن يعلم.

19. لم��ن ال يعرف، أنت أيضا ترس��م وتص��ور ولك نتاج في ذلك، هل هي هدنة تعقدها بين كتابة وأخرى؟ أم

استكمال للكلمة المكتوبة ولكن عبر الفنون البصرية؟- ربم��ا هي الظروف التي تس��اعد أحيان��ا، فمنذ زمن ل��م أرس��م، لك��ن التصوير هوايت��ي التي تأخ��ذ حقها في الس��فر، حيث أصور كثيرا ف��ي البالد التي أزورها، ومقياس نجاح ومحبة أي بلد أزوره هو عدد الصور التي التقطه��ا له��ذا البلد. وحي��ن أعود والكامي��را خالية من

الصور أعرف أن الزيارة كانت متواضعة جدا.لك��ن التصوير فتح عيني جيدا على ما كنت أمر به من قبل وال أراه، وبالتالي فتح عين كتابتي وكلماتي أكثر.

خاص - رمان

الغالف

بعض المواقع الثقافية مؤثرة، ومتابعة بشكل جيد، واستطاعت أن تكسر مافيات الصحف

الورقية التي تعاني منها كثير من صحفنا، بسبب تحولها إلى ممالك للقائمين عليها وأصدقائهم. في اإلنترنت ديمقراطية مهمة وجرأة عالية على

كسر االحتكار.

عن حرب الناصرة-حيفا الثقافية

بصفتي نصراويا فخورا!! كنت سأشعر بالحن��ق واإلهان��ة عندما ق��رأت في إحدى الصحف المحلية أخيرا تصريحا لش��اعرة فلسطينية هامة تقول فيه "حيفا ماضية في اس��تبدال الناصرة م��ن حيث الحراك الثقافي العربي"..ما علينا ..ولكنني لم أشعر بالغضب وقتها بقدر ما شعرت باالستغراب من هذه القدرة عل��ى إطالق تصريحات تمح��ي اآلخ��ر وتلتف علي��ه عالنية وبشكل ال يتصف بأية حكمة أو حنكة و حت��ى بع��دا أعم��ق م��ن الكلمات المتراص��ة على التوال��ي، وأعود هنا إل��ى كلم��ة "اس��تبدال" وه��ي من أخطر أس��ماء األفعال بالعربية وهي تعن��ي أن هنالك ش��يء في طريقه إل��ى ال��زوال أو الفن��اء وأن ثم��ة من س��يحل مكانه وهذا يعب��ر تماما عن ثقاف��ة اإلقصاء وإلغاء ما ال نتفق مع��ه أو ما ال يعجبنا ..ووفق طرح هذه الشاعرة فإن سكان مدينة الناصرة وضواحيها البالغ عددهم حوالي 200 ألف نسمة سينتقلون الى مدينة حيفا البالغ عدد س��كانها العرب 30 الفا ليمارسوا الحراك الثقافي ..وهنا أعترف انه ليس أغبى من التصريح س��وى التفس��ير

نفسه...أو محاولة فهم حيثياته...بدأ التنافس الثقاف��ي بين المدينتين )ويا ريت كل الصراعات اللي عن��ا هيك(، ا بعد النكبة والغري��ب أن حرب التصريحات الصحفي��ة وغيره��ا جاءت أكبر م��ن الفعل الثقاف��ي الفعلي نفس��ه ، ففي كل فرصة مواتية كان أحد األش��خاص يعلنها بش��كل جارف أن هذه هي العاصم��ة الثقافية لعرب الداخل وتل��ك العاصمة الثقافية )عأس��اس القاه��رة وبيروت يعني( وذلك بدون معطيات أو بحث معمق في دوافع إطالق األلقاب لهذا الطرف أو ذاك..وكأن الفعل الثقافي يتدفق كالسيل من بين أصابعنا دون أن نستطيع فعل شيء...فال يعقل أنه كلما صادف أس��بوعا يقدم فيه عرضا جديدا لمسرحية إضافة الى معرض فني وكونس��يرت موسيقي تتحول المدينة المضيفة ال��ى "الحاض��رة الثقافي��ة" هذا عوض��ا عن مس��ح المدينة األخ��رى عن الوجود الثقافي ...بفعل تصريحات ركيكة...وهنا أس��أل ؟ لماذا ال يستثمر األش��خاص في إبداعاتهم الفنية، األدبي��ة والس��ينمائية بإتقان وحب وص��دق ويتركون التقييم الجغرافي لمس��كن المبدع ...للزمن!!! وس��ؤال آخر!!لماذا نتجاهل من قاموسنا مصطلح "التكامل" بمعنى أن يقوم كل مكان بما يتميز به بالفعل وليس بما يطمح اليه وال يستطيع إليه س��بيال...فحيفا بحاجة للقاعدة السكانية العربية األكبر ك��ي تتحول الى المركز الثقاف��ي وهذا ما تملكه الناصرة أما األخي��رة فتحت��اج إلى ث��ورة اجتماعية حقيقية ونبش ش��به عني��ف في النس��يج العمراني والس��كاني والمؤسس��اتي ك��ي تفض بكارتها المديني��ة وهذا ما تملكه حيفا الى حد ما )كبنيان على األقل(، ال تستطيع حيفا أن تستبدل الناصرة في الحراك الثقافي كما إدعت الش��اعرة، أوال، ألن الرصيد األنس��اني العربي في حيفا هش جدا)لألسف( بفعل وحش المدينة اليهودية المحيط��ة والمتداخلة وثاني��ا ألن كل حراك ثقافي حقيقي وجارف بحاج��ة لخاصرة جماهيرية صلبة وكبيرة تتفاعل مع الفعل الثقافي وتغذيه وتتغذى منه وإال تحول "الحراك الثقافي" الى "غيتو" وهذه بصراحة من س��مات مجتم��ع الجمعيات األهلي��ة الحيفاوية مقابل

النصراوية. االمتحان هو ليس س��رعة تتوي��ج األماكن دون فحوى حقيقية، بل بالمنافسة اإليجابية واإلبداع الحقيقي والصادق والمختلف والثوري في مج��االت األدب، الموس��يقى، المس��رح، الس��ينما، النحت، التش��كيل وكل م��ا هو مهم..أو غي��ر مهم أحيانا. وم��ا إدغام حيفا داخل أسم الرابطة الجديدة للكتاب الفلسطينيين في الداخل دون مب��رر )مع أنه تم تأس��يس الرابطة في ع��كا( والتصريح بأن مقر التلفزيون العربي الجديد سيكون في حيفا )أذكركم 30 ألف عربي مقاب��ل 200 الف( س��وى عملية إقص��اء والتفاف خبيث��ة وواضحة

ومقصودة على الناصرة ودورها. )مالحظة: أأسف لمن يعيش عنوة خارج فلسطين على سخافتي/

نا هذه(

20. لعلي ال أكشف س��را إن قلت بأن على حس��ابا لك وأن��ا الفيس��بوك، الكثيرين بأن واثق ف��ي س��يتوقفون هن��ا، الح��وار

س��يذهبون إل��ى بروفايالتهم ويرس��لون لك طل��ب إضافة، ث��م يرجعون إلين��ا. كيف هي عالقت��ك باإلنترنت؟ هل تق��رأ الصحف، مثال، إنترنتي��ا أم ورقي��ا؟ هل هنال��ك مواقع معينة

صارت زيارتها عادة يومية عندك؟- أق��رأ صحيفة واحدة ورقية، )مش��ترك فيها في األردن(، أم��ا بقية الصحف فأقرأ ما أريده منه��ا على اإلنترنت. أما المواقع فأزورها بين

حين وآخر.لك��ن مس��ألة الفيس��بوك مس��ألة أخ��رى:

من أش��هر فبع��د حس��اب فت��ح في��ه، بضغ��ط م��ن كل أحس أوالدي، غريب بأنن��ي مرة البيت، ف��ي ه��ذا كلما بحرج وأحس فتحت��ه، ولذا قد ال الحساب يس��تمر أن بخاصة طوي��ال. وربما الفيس��بوك،

س��واه، فيه الكثير من الوهم، وبخاصة وهم الصداق��ة، فقد يكون لدى ش��خص خمس��ة آالف صديق مس��جل، وهو يعيش وحيدا. إنه وهم امت��الء. أرجو بالطب��ع أن يكون اآلخرون أكثر س��عادة في��ه، وأن تك��ون تجربتهم غير

تجربتي.

21. اسمح لي أن ب��� )رمان( أتحرش عنه��ا وأس��ألك ثقافي��ة كصحيف��ة وع��ن إنترنتي��ة، الصح��ف/ مجم��ل الثقافي��ة المواق��ع

الت��ي تتوس��ل اإلنترن��ت لتصل إل��ى القراء، أي��ن ترها ف��ي زحمة المؤسس��ات الضخمة للصح��ف الورقي��ة، والت��ي، أيض��ا، ب��ات لها نس��خها اإلنترنتية؟ وهل ينطب��ق األمر ذاته

على الكتاب؟- أح��ب )رم��ان( فه��ي أنيقة وغني��ة، ونادرة ه��ي الصحف الت��ي تجمع هذي��ن الجانبين. بعض المواقع الثقافية مؤثرة، ومتابعة بشكل جيد، واس��تطاعت أن تكسر مافيات الصحف الورقي��ة التي تعاني منها كثي��ر من صحفنا، بس��بب تحولها إلى ممال��ك للقائمين عليها

وأصدقائهم. في اإلنترن��ت ديمقراطية مهمة وجرأة عالية

على كسر االحتكار.

22. فلننتق��ل إلى أس��ئلة أقل وط��أة ربما.. هل تش��اهد التلفزي��ون؟ وم��ا البرامج التي

تشدك؟- أشاهد التلفزيون قليال، أحب قنوات األفالم، ولكن في بعض الليالي أجد أن ستة أو سبعة أفالم معروضة، سبق لي وأن شاهدتها، لكن ما يس��تهويني كثيرا: األفالم الوثائقية على

ناشونال جيوغرافيك وسواها.

23. بالنسبة للطبيخ، وهذا أمر يعز علي، ما الذي تحبه من أكالتنا الفلسطينية، وما هي

المطاعم التي تفضلها؟- المقلوبة والمس��خن والملوخي��ة والقدرة، وال��زرب إن وج��د. وأح��ب المطع��م الصيني بش��كل خ��اص، واإليطال��ي حي��ن أكون في

إيطاليا.

24. كي��ف تقضي وقت��ك إن لم تكتب أو تقرأ أو تشاهد أفالما.. حين تقرر أن ترتاح لساعة

من كل ذلك، ماذا تفعل؟- في أحيان كثيرة كنت أذهب لصيد س��مك صغير ال يستحق عناء الرحلة في جدول صغير جنوب مدينة مادبا، وغير ذلك لقاءات األصدقاء القريبين والسير في الشوارع، قيعان المدن

واألس��واق الشعبية، فأنا رجل مشاء.

25. م��ا المدن الت��ي أحببتها؟ وما أكثر ما أحببت فيها؟

- أحبب��ت فينيس��يا وفلورانس س��ردينيا، وجزي��رة ونابول��ي وأحب القاهرة جدا رغم أزماتها وأحب دمشق وعمان. فتنتني القدس وبيت لحم كثيرا. ومؤخرا زرت مدينة )كارتخينا( في

كولومبيا وكان لها وقع ساحر.كل مدينة من هذه وس��واها، لها س��حرها، ولذل��ك كان ال ب��د م��ن كتابة ذل��ك كله في كتابي )الس��يرة الطائ��رة( الذي يحكي قصة

حياتي في السفر.

26. الكثير من قرائنا هم من الشباب، وأنت من األسماء األدبية التي نفتخر بفلسطينيتها، م��ا الذي تقوله لكتاب ش��باب يمشون في الطريق الذي تنيره أنت وآخرين لهم، والذي شقه لكم قبل ذلك غس��ان كنفاني

واميل حبيبي وآخرين؟كات��ب خطه��ا كلم��ة كل -قبل��ك هي خط��وة كان عليك ولكن��ه أن��ت، تخطوه��ا أن خطاها عن��ك، ومنحك تجربته مكثف��ة، ابدأ بمن س��بقك، ال تتحدث عن الكتاب��ة بل تكتب الكتاب��ة التي تتح��دث عنها كبدي��ل مختلف أو كاس��تكمال لرحلة من سبقوك. وتذكر أن نص��ف كت��اب العالم من حداثيين وس��واهم، يتمنون أن يكونوا هم من كتب )دون كيخوته( أو )هاملت(، رغم مرور مئات الس��نوات على

كتابتها.

27. سأعتذر لك عن أسئلتي الطويلة والمتعبة، خاصة وأنك منشغل اآلن في كتابة روايتك الجدي��دة. هل من كلمة أخيرة

تود قولها لقراء )رمان(؟

أحيي دائما قوة الحياة التي تعاكس كس��لنا وعمان��ا ومواتن��ا، ولذل��ك كتب��ت ف��ي ديوان

عواصف القلب:

لو أن الريح أتت تسألنا أن تتفجر أو تهدأل��و أن األش��جار على الت��ل أتت تس��ألنا أن

تخضرل��و أن العصف��ور لكي ينش��د طالعنا يلتمس

العذرالنطف��أ العال��م وبقين��ا غرب��اء معا ف��ي هذا

القبر!

صفحة نصراهلل على الفيسبوكfacebook.com/inasrallah

الغالف

لكن ما يحزنني في جيل الكتاب الشباب العرب أن كثيرين منهم

يبدأون حياتهم بالتمرد كمشروع لهم، وليس بالكتابة المتمردة فعال

مسألة الفيسبوك مسألة أخرى: فبعد أشهر من فتح حساب فيه،

بضغط من أوالدي، أحس كل مرة بأنني غريب في هذا البيت، وأحس

بحرج كلما فتحته، ولذا قد ال يستمر الحساب طويال

كل كلمة خطها كاتب قبلك هي خطوة كان عليك أن تخطوها أنت، ولكنه خطاها عنك، ومنحك

تجربته مكثفة

نقد

*رابعة حم�و

ف��ي متف���رد ذات��ه، مجتم��ع ف��ي مواهب��ه، ف��ي ن��ادر أصالت��ه، متوقد عطائ��ه، ف��ي كذا هو الروائي لفلس��طيني اإبراهي��م نصراهلل الذي يعد حاله فريده بين المبدعين العرب المعاصرين في عالمنا األدبي. فهو يجيد صنع��ة الش��عر وما أملح ش��عره، ويتقن فن الروايه وما أغزر انتاجه، ويتحدث في الس��ينما كناقد فني ومخرج سينمائي محترف وم��ا أثقب عينه، ويش��ارك في التصوي��ر ومعارض��ه الت��ي تنوع��ت فيه رؤاه وتوزع��ت علي��ه درجات ص��وره في مخيلته الفنية التي رفدت عالمه األدبي بمكنون��ات هذه التقنية. تلك هي صفات األديب الشامل، ويكفي أن نتعرف على جوائ��زه المتنوع��ة بين الش��عر والرواية والس��ينما حت��ى ن��درك أننا أم��ام حالة أدبية ن��ادرة ال تتكرر كثيرا، حق علينا أن نوليها ما تستحق من اإلهتمام والمعاينة والتفصيل، ال تنس��لخ ف��ي موهبتها عن وس��يرة ومس��يرة جيل المخضرمين من األدباء الفلسطينيين ولكنها قدمت إليهم بدم��اء جدي��دة لتضخه��ا في ش��يرانهم اإلبداعي نوعا وكما وكيفا. هذه الموهبة الت��ي ال تغن��ي خ��ارج س��ربها أتم��ت هجرتها وحطت رحالها بين أس��ماء أكبر رواده��ا وألقت ما في جعبتها على أرض

حلمه��ا وفردوس��ها الت��ي المفق��دود، االدب��اء عك��ف في الفلس��طينيين معماره��م تكوي��ن عل��ى الروائ��ي تجس��يده م��ن أكبر أدقه إل��ى تفاصيله فكان��ت وأصغ��ره. روايات شهيد الكلمة

غسان كنفاني حافلة بمعاصر األلم ووجع اإلغت��راب وصوره المتنوع��ة الظهار الهم الفلس��طيني لمن هجروا من الفردوس المفقدود. فكانت رواياته صورا لعذاباتهم في دول اإلغتراب وانعكاسا لما تسجله عينه في تس��جيل واقع ش��عب تكالبت علي��ه ق��وى االس��تعمارالعالمي وأصبح غائبا حاضرا يعيش هائما على وجهه في بقاع األرض األرب��ع. وحمل جبرا ابراهيم جبرا ف��ي رواياته ذات الجرح وذات الهم، وس��طر من معاناة شعبه صورة التصادم اليومي، ورسم وصور وأرخ ملحمة العذاب الفلسطيني بكل ما فيها من مرارة وبؤس وش��قاء، ليصي��ر ابداعه الروائي أش��به بلوحة لضمير المثقف الفلسطيني، هذا الضمير الذي عكس��ه للعال��م بكل ألمه وجراحات��ه، هزائمه وانتصاراته. في حين كت��ب صاحب المتش��ائل إمي��ل حبيبي ملحم��ة النكب��ة الفلس��طينية وقضي��ة الش��عب الفلس��طيني المتج��ذر ف��ي وطنه وأس��معنا ص��وت الباقين الرابضين على صدوراالحتالل في الوطن بعد عام الرحي��ل الكبير في 1948، في اس��لوب روائي ساخر ممزوج بالكوميديا السوداء ليعل��ي فيها صوت الباقي��ن فوق ضجيج

المحت��ل وزي��ف ادعائاته. وج��اء ابراهيم نص��راهلل في ابداعه االدبي ليكش��ف لنا ع��ن حالة فنية نادرة ألديب أقل ما يليق به أن نطلق عليه ف�ذ لتقدم لنا مشروعا روائي��ا متمي��زا يضيف لبن��ة جديدة على الرواية الفلس��طينية ودماءا فتية لجهود اآلباء المؤسس��ين، تحم��ل في جيناتها الروائي��ة بصماته��م جميعهم ث��م لتنفرد فيما بعد لتحمل أصالتها وصوتها المتفرد ف��ي براع��ة س��ردها وأناق��ة أس��لوبها وزخ��م الروائي��ة احداثه��ا وتسلس��ل شخصياها التي تعج في صفحات رواياته وتتح��رك بأريحة بين أروقته��ا. ولعلنا ال نخط��ئ إن قلنا أن حس ابراهيم نصراهلل الروائي وذائقته األدبية وذوقه الفني جاء مكم��ال في س��يرورته وترددات أحدثه مسيرة الروائي غسان كنفاني ومش��روعه الفني بعد المنية أي��د أن خطفته في ريعان ش��بابه ولم يتح له الق��در أن يتمم ه��ذا المش��روع، وكأن نصراهلل قد احتضن في الوعي��ه عالم غس��ان كنفان��ي الروائي وأدرك بحس��ه األدبي أن هذا المشروع العظي��م ل��م ينجز وه��م بإكمال��ه، في أس��لوب روائي ملفت وسرد أخآذ. ومن ذا يس��تطيع اإلقت��راب من عالم ش��هيد الكلمة إن لم يك��ن يجاريه في الموهبه الفني��ة والبراعة؟ وم��ن ذا يأخذ بتالبيب هذا المشروع إن لم يكن كاتب ذو أصالة كابراهي��م نص��ر اهلل؟ ولع��ل مش��روع "الملهاة الفلس��طنية" العالم��ة الفارقة في المعمار الروائي لنصر اهلل التي شرع في خط لبناته األول��ى منذ العام 1996 برواي��ة "طيور الح��ذر" ثم اتبعه��ا برواية "طف��ل الممحاة" لتلحقه��ا رواية "زيتون الش��وارع" ث��م "أعراس آمن��ه" و"تحت شمس الضحى"، وأخيرها وليس أخرها "زمن الخيول البيضاء". وقد عكف الكاتب عل��ى تنبيهنا ف��ي نهاي��ة كل روايه من هذه الرواي��ات أن يثبت لنا تعريف معنى كلمه "المله�اة" وكأن الكلمة غرزت في أرض الرواية كإش��ارة تنبيه للقارئ على ما س��يقع ف��ي يديه، وما س��تراه عيناه وما س��تقرأه ش��فاه. هذه المفردة بحد ذاته��ا تثير فينا الدهش��ة والغرابة. فهي ج��اءت موازية لمكانة المأس��اة التي ما

انف��ك جمي��ع أدباء وش��عراء فلسطين في ترسيخها في أدبه��م وأش��عارهم، فجاءت لتم��م نص��راهلل "مله���اة" لن��ا مأس��اة فلس��طين في تراجيديتها ولتس��يرجنبا إلى جنب مع مأساتها. وكأن استبدال كلمة "المأس��اه" و"التراجيدي��ا" الت��ي تواضع عليه��ا األدب العالم��ي لرس��م الهزيمة الحتمية ألبطالها، وقفل باب النجاة أو أي احتمال للنصر بكلمة" مله�اة" المناقضة لها والمتتمة لعالمها منحت هذا الروائي الكبير التحكم بمصائر شخصوصه وتعددها وفتحت باب الصراع على دفتيه، وأتاحت ل��ه التعام��ل م��ع القضي��ة الفلس��طينة بطريقه مغايرة ال تتش��ابه في نسيجها مع روايات األدباء الفلس��طينين اآلخرين والتي كانت مح��ور رواياتهم تتحدث عن القضية الفلس��طينية وتركز ف��ي قالبها

عل��ى الروائ��ي اله��م األكب��ر وهو على القضية هم أبطاله��ا حس��اب أم��ا وش��خوصها. سسلس��ة ف��ي المله��اه رواي��ات لفلس��طينية افق��د وقف نصراهلل عل��ى الكثي��ر من

التفاصيل الدقيقة ألبطال الرواية وتعامل مع هؤالء الشخصيات على أنها شخصيات لها همومها اليومية التى تؤرقها وتشغل تفكيره��ا وتتصارع فيما بينها كما تتصارع

مصائر الناس على أرض الواقع.وال يس��عنا في ه��ذه العجال��ة أن نقف عل��ى أدق تفاصي��ل سلس��لة الملهاة لنص��راهلل ولكننا س��نقف الفلس��طينية عل��ى أعتاب ه��ذا العالم ونلق��ي نظرة بانورامي��ة عليه، علها تكش��ف مس��تور واقعها. ونب��دأ مع أولى رواي��ات الملهاة "طيور الح��ذر" التي يرص��د فيها نصراهلل وقص��ة الفلس��طيني الش��تات فك��رة المعاناة ف��ي مخيم��ات الالجئين ونكبة ع��ام 1967، فيتح��دث فيها ع��ن عالقة الطفل الفلس��طيني مع أمه منذ أن كان جنينا في بطنها وكأن نصر اهلل أراد يثبت ف��ي أذهاننا صورة للعالقة المميزة التي تربط األم الفلس��طينية مدرس��ة النضال األول��ى ومعلمتها مع طفلها منذ أن كان جنينا في بطنه��ا، فتفتتح الرواية أبوابها على صوت هذا الطفل الذي يسرد علينا قصته ومش��اعره من��ذ خروجه من رحم أمه إلى هذا فضاء هذا العالم الفس��يح، وتتصاعد وتيرة مشاهدها ووتطورأحداثها

في س��رد روائي آخاذ لتصل في ذروتها الى ث��ورة ه��ذا الطف��ل عل��ى الصمت والخ��وف والرغب��ة الجامح��ة بتغي��ر هذا الواق��ع الترهي��ب الذي فرضت��ه الظروف عليه وذلك بقراره أن يحطيم جدران بيته، جدران الخوف والصمت حتى يقطع آذان هذه الجدران التي كانت تسترق السمع على أمنياته وأحالمه ليعلن بذلك تمرده وعصيان��ه على الخوف بع��د أن أعلن أن الج��دران اآلن أصبحا بال آذان. أما في الرواي��ه الثانية من مله��اة نصر اهلل فهي "طفل الممحاه". التي قس��مها الكاتب إلى عدة دروس تس��توقف من عناوينها الق��ارئ طويال على معاني ودالالت هذه "درس كالتال��ي: المنس��قة ال��دروس الزغب..درس التعب" ثم "درس الحسب من غير نس��ب"، وأيضا "درس الرسائل والهوى درس الرت��ب"، و"درس الغضب" وأخيرا "درس العجايب والعجب". وتتعرض ه��ذه الدروس في التط��ور مجمله��ا الذى س��يمر بأحد الذي��ن الجن��ود ش��اركوا في حرب 48 فلس��طين بداي��ة م��ن بيئت��ه البسيطة المحلية بقصرالمللك مرورا س��يعمل ال��ذى عن��ده لفت��رة إنته��اء ب��دوره ف��ي حرب 48 . أم��ا الرواي��ة الثالث��ه وه��ي "زيتون الش��وارع" ينتقل بنا نصراهلل إلى معاناه المرأة الفلس��طينية من خالل روايه تعج باألبط��ال النس��اء. لتصف في س��ردها سباب ضياع فلس��طين من خالل غياب العالقه الواضحهه بين "القائد" و"المقود" وما يلفت النظ��ر ما تفتح به هذه الرواية في أولى أسطرها جملة أشبه ما تكون حكمة نستشرف منها سير أحداث هذه الرواي��ة التي يقول فيه��ا الكاتب:المكان الضيق ال جدران له الم��كان الضي��ق لي��س في��ه إال الزوايا.. أم��ا الرواي��ة الرابع��ة وقب��ل األخيرة في السلس��لة فكانت كتاب يح��وي روايتين اثنتي��ن هم��ا "أع��راس آمن��ة" و"تح��ت شمس الضحى" تس��ردان واقع القضية الفلس��طينيه ف��ي آخ��ر مجرياته��ا وما ي��دور ف��ي مدينت��ي غ��زة ورام اهلل من انقس��ام للواقع الفلس��طيني وتجس��د فك��رة االنبع��اث الفلس��طيني المتجدد عل��ى ه��ذه االرض في فكرت��ي الموت والش��هاده، التضحية والفداء المس��تمر لدماء الشهداء الذي حمم أرض أألجداد. وآخر هذه السلسلة رواية "زمن الخيول

إبراهيـم نصراهلل : املشاغـب البـريء الـذي نـحب"اذا م�ا الخيل ضيعها أن�اس حمين�اها فأشرك�ت العي�اال

نق�اسمها المعيشة ك�ل يوم ونكسوها البراق�ع والجالال"

)زمن الخيول البيضاء(

وقف نصراهلل على الكثير من التفاصيل الدقيقة ألبطال الرواية وتعامل مع

هؤالء الشخصيات على أنها شخصيات لها همومها اليومية التى تؤرقها وتشغل تفكيرها وتتصارع فيما

حس ابراهيم نصراهلل الروائي وذائقته األدبية وذوقه الفني جاء

مكمال في سيرورته وترددات أحدثه مسيرة الروائي غسان

كنفاني ومشروعه الفني

غسان كنفاني

إميل حبيبي

نقد

البيضاء"، التي يثي��ر عنوانها القارئ في مفتاح دالل��ي يغريه بالبح��ث عن هوية هذه الخيول، وعن الزمن الذي كانت فيه الخيول بيضاء، عبر صفحاتها الخمسمائة الت��ي تعدى به��ا العم��ل أن يكون عمال أدبيا روائيا تقليدي��ا يحاول أن يقترب من القضي��ة الفلس��طينية إلى كون��ه رواية ملحمي��ة، تؤس��س لحكاية فلس��طينية طويله وعامرة بالحياة واإلنسانية وسرد قصص الصم��ود والهزائ��م، ولعل أهم ما أسست له هذه الرواية هو أنها انطلقت من النقطة التي بدأ عندها إميل حبيبي في نس��ج عالمه الروائي وهو صراع من بق��ي من الش��عب الفلس��طيني على أرض��ه بع�د نكبة عام 1948، لتس��ير بنا في اتجاه معاكس بالزمن، في أس��لوب الف��الش باك إلى أحداث م��ا قبل النكبة عبر سرد روائي شاعري متدفق للصورة التي كانت عليها فلسطين قبل االحتالل وهي فترة قلما تناولها كتاب فلس��طين وروائيوها بش��كل مفص��ل كابراهيم نصر اهلل ف��ي روايته هذه، وبه��ذا تكون هذه الرواي��ة قد س��دت الف��راع ف��ي الذاكرة الفلس��طينية الروائية باستحضار الوطن قبل ع��ام النكبة، وأتمت رواي��ة التغريبة الفلسطينية بكل محطاتها، ووقفت عند كل أحداثه��ا الزمني��ة. وما يلف��ت النظر في ه��ذه الرواية بدايتها التي يفتتح بها نصراهلل عالمه الروائي، محيال فيها قارئه عل��ى قول عربي مأث��ور: "لقد خلق اهلل الحصان من الريح، واإلنسان من التراب"، ثم أضاف عليه: البيوت من البش��ر، وهو في ذلك يمس��ك بيد قارئه ويضعه على أول��ى عتب��ات روايته في نس��ج عالقة ثالثي��ة بين الحصان واالنس��ان والبيوت،

تتقاس��مت الت��ي فيم��ا بينها صفحات خالل م��ن الرواي��ة كت��ب ثالث��ة حملت العالقة ه��ذه طابع ف��كان الكتاب األول: كتاب الريح، والثاني: الت��راب، كت��اب كت��اب والثال��ث: البش��ر. وم��ن هذه نصر يس��رد األبواب اهلل حكاية فلسطين

منتق��ال فيها من باب إلى باب ومن حالة إلى حالة، ومن زمن إلى زمن، فتتالحق األحداث وتتصاعد وتيرة العمل ليصل في ذروته إلى عام النكبة وضياع فلسطين. وما يلفت النظر في جميع فصول وجميع أجزاء سلس��لة الملهاة الفلسطينية أن الفض��اء الروائ��ي لم يقتصرعل��ى مكان واح��د ب��ل تن��وع ف��ي فضائ��ه المكاني ف��ي أكثر من م��كان، فتدوراالحداث في المخيمات الفلسطينية لتعكس لنا حجم المأساة لهذه المخيمات ولتجذر بالوقت ذاته أن المخي��م أصبح جزءا ال يتجزأ من المكان الفلسطيني ولتسلط الضوء على ش��ظف العيش وصعوبة الحياة في هذا المكان المؤق��ت- الدائم في فكر وثقافة اإلنس��ان الفلسطيني. كما نجد أيضا أن الفضاء المكاني ي��دور في بعض البلدان العربي��ة، وآخرها ف��ي مدينتي غزة ورام اهلل، لكأن نصراهلل أراد أن يجس��د أحداث رواياته وتنوعها على تأكيد حالة الشتات الفلس��طيني في أماكن الغربة واللجوء من جانب ومن جانب آخر أن الوطن أيضا يعيش االقتالع والسلب والضياع والتمزق بي��ن طرفي ص��راع األخوة. كم��ا تناولت ملهاته ش��خصيات متنوع��ه من أطفال، وشباب، ونساء، وشيوخ، وطبقات ثقافية متصارعة عمال، موظفين، فقراء، وأغنياء. وتناولت أحداثها مفاصل هامة من تاريخ القضية الفلسطينية كثورة 1939-1936، م��روروا بنكبة عام 48، إلى حرب67، ثم التبش��ير باالنتفاضة االول��ى عام 87 ثم إنتفاضة األقصى عام 2000 وأخيرا حالة االنقس��ام االخي��ر بين مدينت��ي رام اهلل وغ��زة. وبهذا تكون هذه الملهاة ملحمة فلسطينية بدأت بسبر أغوار الزمن على

مدار125 عاما من��ذ بداية الصراع وحتى زمنن��ا الحال��ي أتت على أغل��ب أحداث فلس��طين وتفاصيلها وأثرها على فئات المجتمع المختلفة في إطار فني عالي هارب من قولبة الحدث التاريخي وسرده بصورة فج��ة وتقديمه للقارئ بأس��لوب جديد يلقي الضوء عل��ى هذه المفاصل من عم��ر القضي��ة الفلس��طنية. وبذلك يك��ون ابراهي��م نص��راهلل قد أتم م��ا بدأه غس��ان كنفاني في سعيه لتجسيد أثر كبرى ثورات فلس��طين عام 1936 على مسار أحداث فلس��طين واتمام سيرورة الزمن حتى عصرنا الحالي وما تنازع هذه القضية من شد وجذب أثر على تاريخها وبعدها السياسي الذي انعكس بطبيعة

الحال على مواقف شخصياته الروائية.

أسلوب�هطبع نصراهلل كتاباته الروائية بنكهة خاصة ميزته عن أي روائي آخر. ولعل أول هذه السمات أنها ال تقدم الحكاية إلى قارئها على طبق من ذهب بل تدفعه للمشاركه في تأويل وفهم أحداثها. بأن ترسم صورة ناقص��ة تدفع القارئ لتخي��ل هذا النقص حتى يتس��نى له فهم تتابع س��رد هذه الرواية، وهذا االس��لوب الس��ردي جعل القارئ يقبل على قراءة الرواية بش��غف من أوله��ا إلى آخرها حت��ى يتمكن من فه��م أحداثها وقفلته��ا الدرامية. وتدفعه أيض��ا لق��راءة الروايه أكثر م��ن مرة حتى يس��تطيع فهم احداثها وربطه��ا ببعضها البع��ض لتتض��ح ل��ه ص��ورة العم��ل أكثر فأكث��ر، فيكون نصراهلل ق��د أدخل عنصر التش��ويق الذي يش��عر ب��ه كل من يقرأ عالمه الروائي، الذي يتلهف قارئه لقراءة أي عمل يخصه. أما ثاني سمات كتابات الروائي��ة نص��راهلل طاب��ع تأخ��ذ أنه��ا الح��س الش��عري، فه��ي جميل��ه في طرحه��ا، أنيقة في مفرداتها، موسيقية في حواراتها وكأنها أصال وضعت أعمال في الشعر أو أعمال روائية ض��اق عليها الشعر فقفزت بأريحية إلى عالم الرواية. ولعلن��ا ف��ي كثير من األحيان نش��عر أن حورات ش��خصوها وأبطالها مكتوبة بلغة الشعر أو كأنهم شخوص قدموا من عالم الش��عر. ويرجع هذا التالح��م بين عالم الش��عر وعال��م الرواية أن نص��راهلل قدم م��ن جمهورية الش��عر وحصد العديد من الجوائ��ز في هذا المجال ث��م إنتقل إلى عال��م الرواية وهذه موهب��ة قلما أتقنها كاتب ف��ي حمل بطيختن بيده والس��ير بخطى واثق��ة مع اإلثنتي��ن دون أن يقع في ش��رك المفاضلة بي��ن أحدها على األخرى، بل ألغى الفوارق بين الموهبتين ووظ��ف كلتيهما ف��ي عالمه الش��عري وعالمه الروائي، فأدهش كروائي وأبدع كش��اعر، فاس��تحق بجدارة ثق��ة قرائه ومحبتهم ألعماله الشعرية والروائية. أما ثالث مميزات نص��ر اهلل فهو التجديد في االس��لوب الذي يبني ب��ه الكاتب عالمه الروائ��ي. حيث عم��د إل��ى التنويع في الس��رد والحكي وترتيب األحداث. فمثال انفت��ح نصه ف��ي رواية "ب��راري الحمى" عل��ى الصح��راء، كم��كان بك��ر، وعل��ى حرك��ة الداخل الذي يوازي المحيط العام للرواية فكان لزاما عليه إيجاد لغة خاصة تقترب من الش��عر، ولهذا نلمح الشعرية الطاغي��ة في هذه الرواية لتتناس��ب مع مكانه��ا وبيئته��ا. أما في روايت��ه )ع���و( فقد تغيرت اللغة، فأصبحت أكثر تقش��فا في صورها الشعرية من ذي قبلها، ذلك الن جمي��ع أحداثه��ا ت��دور ف��ي المدينة ولع��ل االصطدام مع عمران المدينة يولد الكابوس، عك��س االصطدام مع الطبيعة األولى الذي يولد األسطورة والخيال هو حصان الش��عر. وبين لغة الكابوس ولغة

األس��طورة تكون هي ذات المسافة بين لغ��ة النث��ر ولغة الش��عر. أما ف��ي رواية "طي��ور الحذر" كان يمكن أن يكون العمل فنتازيا لو استخدمت اللغة نفسها التي استخدمت في "براري الحمى"، فالبطل هن��ا طفل، ول��ذا ال بد من ايج��اد صغية تناس��ب مع مكون��ات لغ��ة الطفل تكون قادرة عل��ى التعبير عن صدق��ه وبرائته. أم��ا حضور تيار الوعي ف��ي رواية "مجرد 2 فقط" به��ذه الكثافة فقد كان جزءا من مواجهة خطر اإلبادة، ولذلك عمد نصراهلل إل��ى تكثي��ف األزمنة كي يش��كل زمنه النفسي القادر من خالله مواجهة خطر اإلب��ادة في زمنه الحالي. فهو يس��تعيد تواريخ��ه الماضيه كلها بافراحها واحزانها وعذاباته��ا، وكأنه "يتجمه��ر" أمام عدوه ك��ي ال يبقى وحي��دا أو أع��زال أو ضحية س��هلة أم��ام المذبح��ة. وف��ي "حارس المدين��ة الضائع��ة" نق��ف مع ش��خصية مستلبة لذلك ال يحضر الماضي إال مجزئا كقط��ع م��ن الفسيفس��اء، ألن مأس��اة ه��ذا البطل تكمن في رؤيت��ه للجزئيات، دون أن يس��تطيع أن يشكل منها وحدة واح��دة منصهرة ككل وعال��م موحد. أما في "طفل الممحاة" استخدمت الكاتب اس��لوب الس��يرة الذاتي��ة، ألنه��ا بني��ة مس��تطردة تتيح لكاتبها التقدم والتأخر، تكت��ب م��ن ناحي��ة لح��دث وتمحي من ناحية اخرى حدث آخر. ولذلك ليعبر عن واقع ما في حياته حدث س��ابقا وال يعود إليه��ا بعد ذلك أب��دا، كما لو أن��ه يكتبها ويمحوه��ا ف��ي آن، فه��و أش��به بحافلة تس��ير في خ��ط مس��تقيم، تتوقف عند كل محط��ة تصادفها، لكنه��ا ال تعود ألي م��ن هذه المحطات م��ن جديد. وإذا كان ير الذاتية، فإنه هذا الشكل مناسبا للسبالوق��ت ذاته أفقر ش��كل فني يمكن أن يوجد، حتى يتالءم مع شخصية "العريف فؤاد" التي تتشابه بهذا الفقر، لذا جاءت بنية السيرة الذاتية األكثر قدرة ال للتعبير ع��ن حياته التي ال يدركها وحس��ب، بل للتعبير عن جوه��ره ككائن ممحو تماما. وأخيرا رواية "زمن الخيول البيضاء" التي عمد فيها نصر اهلل إلى اعتماد االسلوب التوثيق��ي م��ن خ��الل ش��خوص روايته وس��رد س��يرة أبطاله وقصصه��م وكأنه بالوق��ت ذات��ه يوث��ق لتاريخ لفلس��طين وسيرتها قبل النكبة، ولعل هذه الخاصية هي الت��ي دفعت المخرجي��ن الدرامين للتحم��س النتاجها كمسلس��ل درامي تلفزيوني يوثق فلس��طين وش��عبها لما قب��ل النكبة. وقد قدم نصر اهلل مش��روعا جدي��دا بدأه من��ذ عامين تقريب��ا وهو ما ين��درج تحت مس��مى "أدب الالمعقول" بدأها بروايه "شرفه الهذيان" التي تقوم أحداثها على أس��لوب جديد يختلف عن ما س��بقه من روايات يعتمد فيها الكاتب اسلوب االنقطاع والتواصل فال تتابع في س��يرورة األحداث او تعالق ف��ي الحوار. تتن��اول أحداث هذه الرواي��ة ما يدور من الس��احة العالمية بعد أحداث س��بتمبر، ولعل نصراهلل اختار هذا النوع من الكتابه بطريقة أدب الالمعقول واس��تخدم هذه التقنية في الكتابه لتتناس��ب ال معقول عالمنا الحالي فنرى روايته مليئة بالصور واللوحات الفنية واإلحاالت إلى مشاهد معينة في أفالم عالمية مش��هورة وصور حقيقي��ة ه��ى جزء م��ن صل��ب الروايه مث��ل صور تفجير برج��ى نيويورك وصورة

إستشهاد محمد الدرة في حضن أبيه.

وبعد، وقفنا على بعض روايات ابراهيم نصراهلل، ولم يسعنا ضيق صفحاتنا أن نقف على عالمه الش��عري الذي يحتاج إلى وقفة متأنية وطويله، ولكننا نستذكر وإياه ذكرى من رحلوا وتركوا ورائهم سيرهم العطرة ودروس النض��ال لألجي��ال القادمة لتعي وتتذك��ر وتعمل، ونس��تحضر معه ذكرى »ج�ورج حبش« ذاك الحصان األصيل في قصيدة »الحكي�م« م��ن ديوانه » لو أني كنت مايس��ترو« بمناس��بة ذكرى وفاته

التي س��يطل رأس��ها علينا في 26 من هذا الشهر، والتي يقول فيها نصر اهلل:

*باحثة في االدب العربي الحديثجامعة السوربون - ب�اريس

لكأن نصراهلل أراد أن يجسد أحداث رواياته وتنوعها على تأكيد حالة

الشتات الفلسطيني في أماكن الغربة واللجوء من جانب ومن جانب آخر أن الوطن أيضا يعيش االقتالع

والسلب والضياع والتمزق بين طرفي صراع األخوة

د في كل شيء تتعدوتسكن في أرض قلبك بحرا ونهرا

ومعن��ى له��ذا الجم��ال الذي يجع��ل الورد أطيب

د في سحب ودروب تتعدوفي شجر للقصائد أقرب

ولم تك نجما على مسرح الوقتأو مطرا عابرا في الكالم

وال خطوة تستدر الحقيقة في شبه حلموال وطنا عالقا في الغمام

وال نصف اسم لهذا الحمام األليف المهذبقالوا لنا الماء في النهر عذب

فقلت لنا الماء في البحر أعذب!!*****

على حافة الحلم تجلس أرضعلى حافة الوقت

ال في البحار البعيدة بحروال في الحديقة ورد

مت مذبحة تتهادى على حافة الصباح على العش��ب منفى وفي خطوات الص

يسيلوفي الحلق رمل، خيام،

ماء وأكثر من وجهة أغلقت بالدوء: وف��ي الكلم��ات القليلة ما في ف��م الض

ماء!فضاء غريب يحلق فوق الرؤوس

على جسد مترع بالرصاصنهار يجف على خنجر وهواء مقيد

قالوا لنا تلك شمس تموتفقلت لنا بل توارت لتولد

*******المنازل بيضاء

فوق التالل البعيدةور وء يمشي كطفل على حافة الس والض

خلف المنازل أشجار حورورف طيور على موعد مع فتاة جليلية

وجهها فرح كاسمهاوعلى بعد حقلين

ثمة مرج فسيح يرى راكضا مع خيول أثيرية طائرة

قالوا لنا ذاك محض سرابفقلت لنا بل بالد على حلمها ساهرة

******قرب باب العمود

هنال��ك ف��ي الق��دس نصف س��ماء معلقة بأصابع فالحة

عبرت نصف جيشوأسبوع موت

وخمس جهاتالة لتؤدي الص

قرب باب العمود تحدق في الظل يمش��ي بطيئا على خوذة العسكري

على فوهة البندقيفالوقت لما يحن، بعد، كي تلتقي اهلل، قال

غاة!! الطماء الصغيرة ترتاح نصف نهار على وجع الس

العتباتهذه األرض، قالوا لنا: حقل موت

فقلت: حياة***

ألرتب اسمك في مقطعين وبعض حروفسأحتاج خمسين عاما وست حروب

وألف بدايةلم نكن زبدا قرب شاطئ بحر

وال مقطعا زائدا في روايةوال كوكب��ا عالقا بغريب أض��اع الطريق إلى

روحهوهو يبحث عن أفقه في النديم!

وال محض ريش على سفح ذاكرة مرةجرح القلب فيها هبوب النسيم!!

وال قمرا في مهب الغوايةقالوا لنا هذه الريح سد

فقلت لنا هذه الريح رايةد في كل شيء تتعد

وتسكن في أرض قلبك بحرا ونهراومعن��ى له��ذا الجم��ال الذي يجع��ل الورد

أطيبفلم تك نجما على مسرح الوقت

أو مطرا عابرا في الكالموال نصف اسم لهذا الحمام األليف المهذب

قالوا لنا الماء في النهر عذبفقلت لنا الماء في البحر أعذب!!

نقد

د. محمد خليل

تلقى إميل توما تعليمه االبتدائي في مدرسة الطائفة األرثوذكسية في حيفا، لتلقي القدس إلى مدينة بعدها انتقل "المطران مدرسة في الثانوي تعليمه الداخلية، اإلنجليزية التبشيرية جوبات" التي كانت تعرف، وقتذاك، بكلية صهيون لكنه صهيون. جبل على لوقوعها نظرا توقف عن الدراسة ولم يتسن له إتمام في الثورة اندالع مع الثانوي تعليمه فلسطين عام 1936. تأثر إميل توما بالمد الفلسطينية، الوطنية للحركة الثوري وبمعلم اللغة العربية في تلك المدرسة؛ اللبناني والماركسي التقدمي األديب بذرة زارع يعد الذي خوري رئيف فلسطين في والشيوعية االشتراكية عبد الشيوعي الصحافي وزميله آنذاك توما سافر 1937 عام في بندك. اهلل العلم، طلب في سعيا بريطانيا إلى الحقوق في جامعة بكلية التحق حيث

لكن "كمبريدج"، توقفت، دراسته مرة أخرى، في عام 1939 بسبب اندالع العالمية الحرب الثانية. يقول صديقه زاهي دربه ورفيق لي "قال كركبي تعلم كما مرة: درست في مدرسة صهيون وفي جامعة ال ولكني كمبريدج، شهادة. أية احمل في فدراستي توقفت صهيون الثورة، وفي بسبب توقفت كمبريدج بسبب دراستي الحرب نشوب

العالمية الثانية"! عام أواسط في

في االستشراق بمعهد التحق 1965موسكو للدراسات العليا، حيث

من الدكتوراة شهادة 1968 عام نال قسم التاريخ في المعهد تقديرا لرسالته ومشاكل العربية الشعوب "مسيرة

الوحدة العربية". مع نهاية عام 1939 انضم إميل توما إلى الفلسطيني الشيوعي الحزب صفوف السري حيث قام باالشتراك مع رفيقي دربه؛ توفيق طوبي وبولس فرح بتأسيس نادي "شعاع األمل" في حيفا، الذي ما لعمال شركات مقر إلى تحول أن لبث الزيوت وعمال المعسكرات في المدينة. تأسيس في توما إميل ساهم كما العرب" العمال وجمعيات نقابات "اتحاد الذي أصبح الحقا النواة لتأسيس "مؤتمر

العمال العرب".إميل جهود وبفضل رائدة، خطوة في توما ومشاركة رفيقي دربه توفيق طوبي "اتحاد أصدر وآخرين، حبيبي وإميل العدد العرب" العمال وجمعيات نقابات األسبوعية، "اإلتحاد" جريدة من األول كان أيار 1944، حيث حينذاك، في 14

ومحررها الرسمي صاحبها توما إميل يعمل بدأ 1949 العام ومنذ المسئول، في هيئة تحرير الجريدة. فيما بعد أصبحت "اإلتحاد" جريدة يومية ما زالت تصدر إلى اليوم في مدينة حيفا. كما ساهم توما عام 1943 مع عدد من رفاقه ومن بينهم في أيضا حبيبي وإميل طوبي توفيق حيث الوطني" التحرر "عصبة تأسيس تم انتخابه أمينا عاما للعصبة. في 6 تموز صحافيا مؤتمرا توما إميل عقد 1947في القدس تحدث فيه عن ظروف نشأة المجتمع في الوطني التحرر عصبة البرنامج السياسي العربي، كما عرض والبرنامج االجتماعي االقتصادي لعصبة التحرر وسياستها الخارجية، ودورها في رفضه الوطنية مواقفه ومن المجتمع. في اليهودية" "الدولة إقامة مشروع فلسطين بوصفه مشروعا إمبرياليا سعى إليه االستعمار "األنجلو – أمريكي" لضرب حركة التحرر العربية في المنطقة، فيما توما إميل أعلنه الذي البيان عرف بعد في مؤتمره الصحفي ب� "وثيقة إميل توما". وقد عرف عن إميل توما أنه كان من بين المعارضين لقرار تقسيم فلسطين في الصادر 181 رقم عن 1947/11/29لهيئة العامة الجمعية األمم المتحدة. مع وقوع النكبة عام 1948، غادر فلسطين توما إميل أبناء من غادر من مع إلى الالجئين شعبه لبنان حيث سجن هناك لالعتقال معسكر في مدة بعلبك بمدينة عدد مع أشهر ثالثة الوطنيين أصدقائه من مثل: التقدميين الكريم عبد الشاعر )أبو سلمى(، الكرمي بسبب وذلك نقارة، حنا والمحامي الفلسطينية الجماهير بين نشاطهم الالجئة في لبنان، من أجل عودتها إلى أرض الوطن، عاد بعدها إلى حيفا مسقط رأسه. وكان من الطبيعي أن ينخرط في اإلسرائيلي، الشيوعي الحزب صفوف الذي التأم في مؤتمر الوحدة في تشرين لمدة م يقد لم لكنه .1948 عام األول طويلة في صفوف الحزب )حتى انقسام لقرار المعارض موقفه بسبب )1965التقسيم، كما يبدو. وعن بعض ما حدث

في ذلك المؤتمر صديقه يقول دربه ورفيق

زاهي كركبي:"وطلب من إميل انتقادا يقدم أن لمعارضته ذاتيا التقسيم، قرار قدم أنه ومع الذاتي االنتقاد أنه إال المطلوب حرم من أن يكون

هذا واستمر الحزب. قيادة في عضوا المنع حتى عام 1965 أي 15 عاما. ولم ينتخب إميل للجنة المركزية للحزب إال بعد االنقسام عام 1965. لقد كان قرار إبعاد إميل عن القيادة هذه السنوات الطويلة، في رأيي، قرارا ظالما غير واقعي"! في العام 1981 بدأ إميل توما التحضير لعقد المؤتمر القطري األول للجماهير العربية كان الذي الداخل، في الفلسطينية الناصرة، مدينة في عقده المقرر من قرار بسبب يعقد لم المؤتمر لكن التعسفي، اإلسرائيلية الحكومة رئيس أنظمة استخدام بيغن، مناحيم آنذاك، الطوارئ وإصداره مرسوما يمنع بموجبه مواده جميع مع ويعلنه، المؤتمر عقد

السياسية والتنظيمية، خارج القانون.الشيوعي الحزب توما إميل مثل مؤتمرات من عدد في اإلسرائيلي األحزاب الشيوعية والعلمية والسياسية في العالم. يعد إميل توما مفكرا أيديولوجيا األولى. الدرجة من وسياسيا ومؤرخا وكاتب ومؤرخ كمفكر توما إميل ساهم الشيوعي الحزب قيادة في سياسي الديمقراطية والجبهة اإلسرائيلي، الدفاع لجنة وفي والمساواة، للسالم عن الدفاع في كذلك األرض، عن الوطن، في المتبقية العربية الجماهير الفلسطينية الحفاظ على هويتها وفي في عمله خالل من بها، والتمسك "الجديد". كما "االتحاد" ومجلة صحيفة مرحلة في العربية الثقافة عن دافع حاول فيها االحتالل اإلسرائيلي طمس العدمية ونشر العربية والثقافة الهوية

القومية.على حفرت وقد الكلمات ضريحه أحببت "لقد اآلتية شعبي حبا ملك علي وآمنت مشاعري إيمانا الشعوب بأخوة عميقا ال تحفظ فيه"!

إميل إن القول يمكن جل جعل قد توما في وكتاباته مؤلفاته خدمة القضايا العربية وعلى رأسها القضية

إمـيـل تــومـا: ريادة يف السياسة ويف النقد

ولد إميل توما في 1919/3/16 لعائلة فلسطينية ميسورة في مدينة حيفا وتوفي في 1985/8/27 في المستشفى المركزي في العاصمة الهنغارية بودابس��ت بس��بب مرض عض��ال ألم به، وقد نقل جثمانه إلى حيفا مس��قط رأس��ه ودف��ن فيها. وال��ده جبرائيل حنا توم��ا ووالدته ماري حبيب خوري. زوجته حايا توما وهي فنانة وناش��طة في السالم والديمقراطية، توفيت ف��ي 2009/6/15 عن عمر ناهز 78 عاما ودفنت في مقبرة الروم األرثوذكس في كفار س��مير بمدينة حيفا، إلى جانب

زوجها ورفيق دربها.

* م�ؤلفات�ه:

ألف إميل توما خمس��ة عش��ر كتابا، وكتب مئات المقاالت في األدب والنقد األدبي والسياسة والتاريخ والحضارة،

أما كتبه فهي:ف��ي التاريخ��ي والتط��ور الع��رب -1الشرق األوسط، دار "االتحاد"، حيفا،

19602- ثورة 23 تموز في عقدها األول، دار

"االتحاد"، حيفا، 1962.3- جذور القضية الفلس��طينية، حيفا،

.19684- السياس��ة األمريكية في الش��رق األوس��ط، مطبع��ة "االتح��اد"، حيفا،

.19735- يومي��ات ش��عب، )30 عام��ا على

"االتحاد"(، عربسك، حيفا، 1973. 6- س��تون عاما على الحركة القومية العربية الفلسطينية، البيادر، القدس،

.19787- الحركات االجتماعية في اإلسالم، منش��ورات ص��الح الدي��ن، الق��دس،

.19798- العملية الثورية في اإلس��الم، دار

الفارابي، بيروت، 1981.9- طري��ق الجماهير العربية الكفاحي

في إسرائيل، أبو سلمى، 1982.10- فلس��طين في العه��د العثماني،

الفجر، القدس، 1983.11- الحرك��ة القومية العربية والقضية

الفلسطينية، األسوار، عكا، 1984.12- تاريخ مس��يرة الش��عوب العربية

الحديث، األسوار، عكا، 1985.13- الصهيوني��ة المعاصرة، األس��وار،

عكا، 1985.14- منظمة التحرير الفلسطينية، دار

"االتحاد"، حيفا، 1986.15- مخت��ارات في النق��د األدبي، دار

"االتحاد"، حيفا، 1993.وق��د ص��درت األعمال الكامل��ة في 5 مجلدات عن معهد إميل توما لألبحاث

بمدينة حيفا عام 1995.

مع وقوع النكبة عام 1948، غادر إميل توما فلسطين مع

من غادر من أبناء شعبه الالجئين إلى لبنان حيث سجن هناك

في معسكر لالعتقال بمدينة بعلبك مدة ثالثة أشهر مع عدد من أصدقائه الوطنيين التقدميين مثل: الشاعر عبد

الكريم الكرمي )أبو سلمى(، والمحامي حنا نقارة، وذلك

بسبب نشاطهم بين الجماهير الفلسطينية الالجئة في لبنان،

من أجل عودتها إلى أرض الوطن

خص إميل توما القضية الفلسطينية بأربعة مؤلفات هي: "جذور القضية

الفلسطينية" و "60 عاما على الحركة القومية العربية الفلسطينية" و "منظمة التحرير الفلسطينية" و

"الحركة القومية العربية والقضية الفلسطينية"، لهذا أطلق بعضهم

عليه لقب: مؤرخ القضية.

الفلسطينية.ترجمت مؤلفاته إلى عدة لغات عالمية من بينها: الروسية واأللمانية. كما ترجم بعضها إلى العبرية. ولو تأملنا هذا التكوين اإلبداعي لدى إميل توما، لوجدناه تكوينا متنوعا وفي مجاالت متعددة، ابتداء من الكتابة في األدب والنقد األدبي والثقافة ما أهم من ولعل والسياسة. والتاريخ يميز كتابات إميل توما، دأبه على بعث األمل وروح التفاؤل، ونشر الخير، والثقة الطبقة وأهداف اإلنسان لصالح انتصارا الواقع تغيير إلى يدعو كما العاملة وتحسينه إصالحه إلى أو االجتماعي،

في أقل تقدير. األدب حول نقدية متابعات له صدر ما السيما المحلي الفلسطيني الشعر مجال في النكبة بعيد منه والسينما والمسرح والرواية والقصة المنهج ضوء في كتبها وقد وغيرها. الواقعي االشتراكي، وإن كان يبدي، من حين آلخر، بعض التساهل والمرونة في هو ذلك يؤكد كما النقدية، المقاييس نفسه بقوله "لم نحاول في دراسة هذه النقدية المقاييس استخدام القصص العالم في النقاد يستخدمها التي العربي أو في العالم الرحب. كذلك، لم المدارس ضوء على مناقشتها نحاول نستخدم فلم المتصارعة.. األدبية في االشتراكية الواقعية أو الواقعية.. تأثرت كما عليها". الحكم أو تقويمها عن فضال النقدية، توما إميل متابعات التاريخي. بالمنهج االشتراكية الواقعية على تلك مقاالته عبر القارئ يتعرف في الواقعية المدرسة تطور مراحل األدب والثقافة. يقول توما مما يقوله عن األدب الفلسطيني المحلي من خالل ما كتبه في مجموعة من المقاالت عنوانها األدب "مثل الثوري": العربي "الشعر العربي... األدب انقسم مكان كل في إلى أدب ثوري ملتزم، صبت فيه جداول متباينة من حيث وعي أصحابها وجمالية بالوالء أصحابه التزم وأدب إنتاجهم.. للبالط.. وأدب غير ملتزم تنوع فيه مدى الضياع والتجرد والهيام" )الجديد، عدد1، أنه الواضح من كان وإن !)1965 ص7،

يحصر كالمه في المضمون.يركز توما في كتاباته على المضمون أو وظيفة بأن إيمانه من انطالقا الموقف، المضمون في تكمن األدبي النص وعليه شيء. كل وقبل أوال والموقف النص النقدية كتاباته في يناقش فإنه األدبي من جهة مضمونه ومغزاه وأبعاده أوضح ذلك هو نفسه، وقد السياسية، النقد في التطبيقية كتابته خالل من مجموعة على مقالته في األدبي محمد علي طه القصصية "لكي تشرق تشرق لكي مجموعة )مع الشمس" .)1964 آذار العدد3، الجديد، الشمس من هنا، تجد أن اهتمامه ينصب بالدرجة األولى على المضمون، حتى إنه ال يكاد

يذكر الشكل إال عرضا.يشار إلى أن إميل توما اهتم بالمدرسة يول ولم االشتراكية، والنظرية الواقعية أي والنقدية األدبية المدارس سائر اهتمام تقريبا، ودعوته الدائمة إلى أدب األحداث مستوى إلى يرتقي ملتزم وتحدياتها. أما قيمة األدب، في منظوره، فإنها تتقرر موضوعيا يليها سائر االعتبارات التزام يشدد على ضرورة كما األخرى. قضايا شعبه إلى جانب ووقوفه الكاتب وهمومه، واإلنسان بالمطلق، كذلك إلى جانب قوى الخير والحرية واإلنسانية، في الوثقى العروة مؤكدا وزمان، مكان كل تناوله خالل من والمجتمع األدب بين لموضوعات عصره وقضاياه. وفي منظوره أن األدب انعكاس لموقف األديب الفكري من واقع الحياة في المجتمع. وقد تمثل "األدب مع شعار تجاوبا األدبي االلتزام العربية األدبية الساحة على الملتزم" سنة البيروتية اآلداب مجلة صدور مع 1953 لصاحبها سهيل إدريس، كما طوره الفيلسوف الفرنسي سارتر في مقابل

"أدب البرج العاجي"، الذي ينأى بنفسه أخرج قد كان وإن المرحلة، هموم عن الشعر من نطاق االلتزام وحصره في فن النثر. إال أنه ما لبث أن تراجع عن موقفه هذا وعاد وأدخل الشعر في نطاق مبدأ االلتزام وقد طور سارتر رؤيته تلك بكتابه هذا نهج توما يكون وقد األدب؟". "ما وأخرى موضوعية، ظروف بفعل التوجه خاصة شروطا فرضت قسرية، مرحلية المحلية، األدبية الحركة مسيرة على التي كان من أهمها تداخل السياسي

باألدبي واألدبي بالسياسي.

البحث عة هوية فلسطينية محلية عن البحث هاجس أن المتابع ويلحظ في يالزمه انفك ما المحلية الهوية كتاباته النقدية مثال ذلك مقالته )قصص تموز/آب العدد7 الجديد، هوية، بدون 1969( التي تعد من أهم مقاالته التي االسم تحت األدبي النقد في كتبها مما وهي خلدون"، "ابن المستعار إليها. اإلشارة وتجدر االنتباه يسترعي القصصية المجموعة خاللها من تناول وقد أخرى" وقصص المسحورة "البئر حدة أكثر بأنها المقالة تلك اتسمت وجرأة وعمقا من سابقاتها. كذلك، سخر فيها وفند ما ورد في مقدمة المجموعة من مزاعم بأن أحد العوامل التي شجعت على نشوء األدب الفلسطيني المحلي، هو نشاط كتاب العربية وشعراؤها ممن العراق يهود من فلسطين إلى قدموا المضحك "من يقول الخمسينات. في

على – المبكي ال البلية شر أن اعتبار أن – يضحك ما االستعالء يدخل القومي بهذا الشكل تقويم عند الصبياني األدب العربي... وكأن التمدين" "رسالة شملت اإلسرائيلية التراكتور" "إيصال ال العربية القرية إلى بعث بل فحسب من العربي األدب أخذ كما جديد" ابتعادهم عن عليهم

الواقع!في منهجه عن توما إميل أفصح وقد النقد األدبي مركزا على ميزتي الصدق والجرأة وتقديمهما على ما عداهما حيث يقول "إنني أنتسب إلى طينة من النقاد وإذا وجرأته.. بصدقه األدب يقيسون مقومات فقد الميزتين فني عمل فقد

األدب"! ما يعرف عن إميل توما، في نقده األدبي، والواقعية الواقعية بهاجس أنه مسكون ال فهو تحديدا، االشتراكية )الجديدة( يزن إال بميزانها، وال يقيس إال بمقياسها. سريع استعراض عليه يغلب كان وإذا أكثر يفرد ال فإنه للمضمون، ومقتضب من بضع جمل للكالم في الشكل، دون

أن يأتي على ذكر النواحي الفنية. وليد أنه على األدب إلى توما ينظر للظروف وأن األيديولوجية، صاحبه رؤية دورا المادية واألوضاع الموضوعية حاسما في بلورة تلك األيديولوجية التي يرى كما مجتمع، كل في األدب تنتج أن للعوامل االجتماعية واالقتصادية دورا وتأثيرا المجتمع، تشكيل في أساسيا كتاباته في بحثه يركز الفن. في كبيرا على موقف األديب من المجتمع وعلى المضمون االجتماعي لما يكتب. ويلحظ ودراسته وتحليله نقده على القارئ لنص أدبي ما أنه يبحث عن قيم ترقى بالقارئ إلى مستوى الواقع الذي يعيش بين ظهرانيه انتصارا لقيم الحق والحقيقة والخير في وجه الباطل والشر والظلم مع والمحلية الموضوعية للظروف مراعاته وكل األدبية الظاهرة فيها تنشأ التي ذاته السياق في أيضا يشار أدبي. أثر إلى أنه كان دائما حريصا في كتاباته من

خالل تحليل األفكار والمواقف على شحذ وعي القارئ، وفي الوقت نفسه ينطلق من هدف أن اإلنسان في المركز، ولعل إنسانية نزعة على لديه النقد ارتكاز خالصة، من أهم ما يقدمه في طروحاته النقدية. ذلك ما يلحظه المتتبع لكتاباته الفلسطيني العربي األدب في بالذات

المحلي. كما يؤكد أن أي نص أدبي، مهما بلغت ال جمالية أو فنية من اللغوية صياغته ؛ مضمون من يحويه بما إال له قيمة يجب والمضمون الثمين. النص جوهر الواقع األولى، بالدرجة يعكس، أن وتأمالت ومعاناة تجارب من يحويه بما وقد فيه. الساكن اإلنسان ويالمس الواقعي األدبي، النقد هذا على يؤخذ االشتراكي، كثرة االهتمام والتركيز على المضمون السيما لجهة الصراع الطبقي، دون االلتفات إلى سائر القيم الشكلية والفنية األخرى، وبطبيعة الحال أن يأتي ذلك على حساب جمالية النص وفنيته

وقيمه األخرى.الذاكرة أعالم من بارز علم توما إميل من المتبقي للجزء والوطنية الثقافية في الفلسطيني العربي الشعب أبناء وطنه، له أياد بيضاء على مسيرة الحركة األدبية والثقافية المحلية، لما قدمه من إسهامات جلى من مؤلفات ومقاالت في مختلف مجاالت الكتابة األدبية والثقافية والتاريخية والسياسية. وتكشف كتاباته، السيما الدراسات منها، عن عمق نظرته إلى األمور وأصالة تجربته فيها، مما جعل في البالغ األثر لها صيانة الهوية والحفاظ البقاء وعلى عليها وجه في البالد، في أدوات القمع والتشريد بدأ وقد والحصار، الكتابة منذ زمن مبكر الظروف أحلك وفي إميل كان والمواجهة. نشاطه يواصل توما في واجتهاد بحيوية المتواضع مكتبه في ويشارك نهارا، األدبية الندوات عقد واللقاءات والثقافية يؤكد ما ليال. السياسية واالجتماعات على أنه لم يقتصر اهتمامه على مجال واسع نشاط له وإنما والكتابة، البحث في المجال السياسي أيضا، لذلك أمكن الحقل في رائدا توما إميل يعد القول: والنقد األدب مجالي في اإلبداعي وموجها مؤرخا يعد مثلما تماما األدبي

في نشاطه االجتماعي والسياسي.

في التأريخأصدر معهد إميل توما لألبحاث السياسية الكاملة األعمال حيفا في واالجتماعية كذلك، أجزاء. أربعة في توما إلميل الذي العربية" الشعوب "مسيرة كتابه العربية الشعوب مسيرة تاريخ يسجل لألقطار العثماني االحتالل بدء منذ العربية إلى تاريخ هذا اإلصدار. لم يهمل الكاتب في كتابه هذا أي نضال أو حركة للتحرر من االحتالل العثماني إال ذكرها، ضد والنضال الحركات يستعرض كما االستعمار الب��ريطاني والفرنسي للدول

العربية.الفلسطينية القضية توما إميل خص القضية "جذور هي: مؤلفات بأربعة الحركة و "60 عاما على الفلسطينية" القومية العربية الفلسطينية" و "منظمة التحرير الفلسطينية" و "الحركة القومية لهذا الفلسطينية"، والقضية العربية أطلق بعضهم عليه لقب: مؤرخ القضية.

"جذور مؤلفه في توما إميل يحلل القضية الفلسطينية" الحركة الصهيونية رجعية عنصرية كحركة وممارسة، فكرا تقوم عقيدتها على خادمة لالستعمار، وعلى فلسطين كل على االستيالء تشريد الشعب العربي الفلسطيني من

وطنه.

ت�وم�ا والثقاف�ة العربي�ةقبل المتعاقبة األحداث أن في ال شك في األثر أكبر لها كان وبعدها النكبة تكوين حياة إميل توما الثقافية والفكرية، جلده على ذاق فلسطيني كمثقف تشريد ذلك في بما وأهوالها النكبة توما إميل واكب الوطن. وضياع شعبه مسيرة حياة الجزء المتبقي من الشعب وطنه، أرض على الفلسطيني العربي منذ بداية تشكلها مباشرة عقب النكبة عام 1948، فقدم إسهاما كبيرا في الدفاع بها والتمسك الفلسطينية، الهوية عن "االتحاد" صحيفة في عمله خالل من الثقافة عن دافع كما "الجديد" ومجلة االحتالل فيها العربية في مرحلة حاول والثقافة الهوية طمس اإلسرائيلي وأدت القومية. العدمية ونشر العربية مهما دورا و"الجديد" "االتحاد" من كل من كوكبة نمو وفي المجال، هذا في الشعراء والكتاب الوطنيين الذين ابتعدوا يعب��رون وكانوا قومي، تعصب كل عن شعبهم مشاعر عن كتاباتهم في في توما إميل يعتمد وآماله. وهمومه التاريخية كتاباته في لألحداث تحليله على االجتماعية الحركات عن السيما التاريخية، والمادية الديالكتيكية المادية والصراع الماركسية الفلسفة ضوء في الطبقي. وتعد تلك النظريات أو المناهج من المؤثرات األساسية التي ساهمت في تكوين فكره النقدي والثقافي على

السواء.كان أنه توما لكتابات المتتبع ويلحظ بالمجتمع األدب عالقة على فيها يركز والواقعية الجديدة، الواقعية منظور من بالنظرية تهتدي التي االشتراكية، األدب، تفسير في الجدلية المادية والطبقة الفرد، اإلنسان بدور وإيمانها وأن المجتمع. في البروليتاريا، العاملة، روح تعكس صادقة مرآة الفن يكون الجماهير والقيم االجتماعية، فإذا ابتعد عنها ابتعد عن الصدق. وفي الوقت ذاته إلى األدب كونه عامال من عوامل ينظر والتزام الشعوب تحرير أجل من الكفاح قضاياها، فإن ما يعنيه أو يهمه بالدرجة شامل تغير نحو سعيه هو األولى للفرد وأجمل، أفضل حياة سبيل في

والمجتمع على السواء.إلى وطريقته منهجه في توما ويعمد تتبع عوامل التأثر والتأثير، ومن ثم تحليل أسباب القضية المطروحة ونتائجها على فكره مع ينسجم بما البحث، بساط

االجتماعي والنقدي والثقافي.

مصادر الدراسة:

أرض من أعالم عرفان: حمد، أبو *السالم، جامعة حيفا، حيفا، 1979.

داخل األدبي النقد محمد: خليل، *طبعة قرن، نصف في 48 فلسطين جديدة، دار الهدى للطباعة والنشر كريم

2001، كفر قرع. * غنايم، محمود: الجديد في نصف قرن، مسرد ببليوغرافي، مركز دراسات األدب كفر الهدى، دار و بيرل بيت العربي،

قرع، 2004. * فرهود، كمال قاسم: موسوعة أعالم الحديث، ط3، العصر في العربي األدب

مج1، مكتبة كل شيء، حيفا، 1998.محمود: عباسي و شموئيل موريه، *في العربي األدب في وآثار تراجم إسرائيل 1948-1986، ط3، دار الشرق،

شفاعمرو، 1987.* الجديد، العدد3، حيفا، آذار 1964.

تموز/آب حيفا، العدد7، الجديد، *.1969

---------- عن االتحاد الفلسطينية / حيفا

ويلحظ المتتبع لكتابات توما أنه كان يركز فيها على عالقة

األدب بالمجتمع من منظور الواقعية الجديدة، والواقعية

االشتراكية، التي تهتدي بالنظرية المادية الجدلية في تفسير األدب، وإيمانها بدور

اإلنسان الفرد، والطبقة العاملة، البروليتاريا، في المجتمع

نقد

بع��د اس��طواناتها الث��الث "أمل" و"ش��وق" و"نعنع ي��ا نعنع"، والتي نقلت األغنية الفلس��طينية بش��كل عام وما يمكن أن يطلق علي��ه األغنية العربية الملتزم��ة وكذلك أغاني التجديد التراثي��ة العربية، إلى مس��تويات جمالية وفني��ة متقدمة في األداء والكلمة واللحن والتوزيع، تنهي الفنانة الفلسطينية أمل مرق��س هذه األي��ام العمل على اس��طوانتها األخيرة "بغني" برفقة طاقم من الموس��يقيين والملحنين القديرين مكون من الفنانين نسيم دكور ومهران مرعب، ومهندس الصوت والمنتج الموسيقي كيفين س��ليم وشاحر كاوفمان، وذلك في قريتها كفرياس��يف في الجليل شمال فلس��طين. ويتم العمل على هذه االس��طوانة بش��كل اس��تثنائي حيث يتم تسجيلها في أجواء بيت كفرساوي أثري وعريق هو بيت السيد رجا سعيد، وال��ذي يعود تاريخ بنائ��ه في حارة المراح إل��ى أكثر من 250 عاما. ويعج البيت في هذه األيام بالموس��يقيين وآالت العزف: الوترية والنفخية، النحاسية والخشبية وآالت اإليقاع باإلضافة ال��ى أجه��زة التس��جيل ذات التقني��ات عالية الج��ودة والتي تسجل األغنيات في فضاءات مختلفة في البيت من عقد الدار إلى الحوش وف��ي القبو وعند بئر الماء، لتضيف إلى األغنيات خلفي��ات صوتة م��ن الطبيعة القروي��ة الفلس��طينية. وتحوي االس��طوانة التي س��تصدر مطلع العام القادم إحدى عش��رة أغنية أشرف على توزيعها الفنان عازف القانون مهران مرعب، وهي: "بغن��ي" كلمات والحان مهران مرع��ب، "أمل" كلمات خير فودي والحان نس��يم دكور، "أباي" كلمات الشاعر مروان مخول والحان سمير مخول، "كم البعيد بعيد؟" كلمات الشاعر محم��ود درويش والحان نس��يم دكور، "مس��اء صغير" كلمات محم��د درويش الحان مهران مرع��ب، "ازرعوني زنبقا" كلمات توفيق زياد، "ش��يء في الحرب" كلمات توفيق زياد الحان نزار زري��ق وأمل مرقس، "أنا رايحة" كلم��ات مرزوق حلبي والحان نس��يم دكور، "باب الهوى" كلمات مرزوق حلبي، "على هذه األرض" كلم��ات محمود درويش والح��ان فيوليت بارا، "خليني

حدك" كلمات مهران مرعب والحان نسيم دكور.وقد كثفت مرقس العمل على اسطوانتها في األشهر األخيرة حيث تفرغت لتس��جيله على أن يصدر مطل��ع العام المقبل، وذلك بع��د حفالت عدة كانت أحيتها ف��ي مهرجان ووماد في نيوزلندا وأس��تراليا، والباس��ك في إس��بانيا، ومهرجان الحرية في النرويج، وس��ان سبستيان في إسبانيا، ومهرجان الحرية واإلبداع في قطر، ومهرجان دبي للسينما وفي بالد أخرى، وقد مثلت مرقس من خالل حفالتها وورش��ات العمل الموسيقية التي ش��اركت فيه��ا، الصوت والفولكلور الفلس��طيني بأجمل

صوره.صفحة أمل مرقس في موقع ماي سبيس:http://www.myspace.com/amalmurkus

المحرر

قريبا جدا:)بغين( ألمل مرقس

ريمون مرجية

قصدنا منزل الفنانة الجليلية في كفرياسيف، كان الجو غريبا، اضواء عيد الميالد، في ش��وارع القرية ممزوجة بحزن وحداد على وفاة القس شحادة شحادة، التقيناها بع��د عودتها م��ن تقديم واج��ب العزاء، داخ��ل المنزل اختلف الوضع، م��ع فتحها للباب خرج صوت عزف على القان��ون يرحب بنا، واضواء ش��جرة المي��الد تلون غرفة الجل��وس باالحم��ر واالخضر، خطوة واح��دة واذ بالكلب "مارل��ي" يأتي راكضا، تنحن��ي مرقس لتلتقطه، يحرك

ذيله يريد المداعبة، تحتاج لعدة دقائق لتهدئته و"افهام��ه" ان الوقت غير مناس��ب االن لذلك، وهن��اك ضيف، وبعد ان فهم الرس��الة على ما يبدو، تمدد على االرض تحت الطاولة، يستمع لم��ا يدور ف��ي الغرفة من حدي��ث، فيما واصل صوت القانون في تكوين خلفية موس��يقية غير

متوقعة لمقابلتنا الصحفية.

"بغني"ه��و ألبومها الرابع، يض��م 11 أغنية جديدة، بكلمات والحان فلس��طينية 100%، أم��ا العن��وان " بغن��ي" فهو اسم إحدى األغنيات، كتبها ولحنها مه��ران مرعب، تق��ول " من روحي بغن��ي ألرض��ي الل��ي من��ي، م��ن

روحي فني ألرضي التمني، لناسي وأهلي وللناسي المحبة، لتاللي ولسهلي ولجبالي وللتربة". تنشد ابنة كفرياس��يف االغنية واالبتسامة عريضة على وجهها " وتردف " معظم النصوص الموجودة تشدد على أهمية

األغنية في حياتنا".خم��س اغان اخ��رى ه��ي قصائ��د للراحلي��ن محمود دروي��ش وتوفيق زياد، فتغني لالول " كم البعيد بعيد؟" الحان نس��يم دكور و "مساء صغير" من قصيدة االرض، لحنها مه��ران مرعب و"على هذه االرض ما يس��تحق

الحياة" بصبغة أمريكية التينية وبالتحديد تشيلية قامت هي نفسها باعدادها، وتشدو للقائد النصراوي الراحل "ازرعوني" و "ش��يء في الحرب" االولى الحان نسيم

دكور والثانية من الحانها.

انا رايحةعلى عكس نمط أغاني الحب الدارجة في ايامنا هذه، تقس��و أمل على حبيبه��ا في "انا رايح��ة" من كلمات الكات��ب الصحف��ي مرزوق حلب��ي والحان نس��يم دكور، اغني��ة للف��راق تعكس بها االدوار، تتخ��ذ المرأة الق��رار، هي القوية، بينم��ا الرجل يقف ضعيفا متوس��ال باكيا " ان��ا رايحة ع مطارح بعيدة وعارفة انك منك س��عيد بس انا رايحة... رايحة وعارفة راح تبك��ي وتقول��ي الزم نحك��ي، يمكن الزم

بس بقلك من اسا انا رايحة."

أبايبع��د الغن��اء للوط��ن واالرض والحبي��ب، تغن��ي مرقس لوالدها، في اغنية "أباي" كتبها الش��اعر مروان مخول خصيصا للوالد نمر مرقس، الذي يعتبره بمثابة والد له، ولحنها س��مير مخ��ول، يقول فيها " قبل الندى رس��م الصب��اح ابي على حيطان روحي والمدى، مثل الصدى عتق الكالم جموح احرفه الطليقة، في سراح الميجانا

)بغين(.. مع حيب..أمل مرقس

خالل األس��ابيع القليل��ة القادمة يرى النور عمل فني جديد، من الجليل، كفر ياس��يف، تم تحضيره على م��دار ايام طويلة، ش��ارك العشرات في صناعته، من داخل بيت عرب��ي قديم زاد عمره عن 200 عاما، عنوانه "بغني" وجهته للناس واالرض، للحب والحياة، توجهه لك��م الجليلية، كما يحب المعجبون أن

يلقبونها، وينشرح قلبها عند سماعها، أمل مرقس.

-اممية؟-طبعا وافتخر

بذلك

خاص - رمان - أثناء التسجيل

خاص - رمان - أثناء التسجيل

موسيقى

قبل الن��دى.. اباي اباي يكفيني اني كلما ابكي على كتفيك يغويني الدفا".

أكل وضحك وغناءما يجعل األلبوم الجديد مميزا ليس كلماته والحان��ه الجليلية وحس��ب، وإنم��ا مكان تسجيله، داخل بيت عربي، يملكه صديق العائلة اسامة رجا سعيد، بناؤه وتفاصيله توف��ر ما تعجز اكثر التقنيات تطورا تقديمه، فما يقدمه سقفه العالي من صدى صوت ال يضاهي��ه أي اس��تديو، بئر الم��اء البالغ عمقه 7 امت��ار وصوت قطرات المياه وهي تتساقط في داخله، تتداخل مع صوت االت الع��زف وهي تعانق ص��وت مرقس، جعلوا االلبوم " اس��تثنائيا في الس��احة العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص".

ل��م تقتص��ر فوائد التس��جيل داخ��ل منزل قدي��م ف��ي كفرياس��يف عل��ى النواحي الفني��ة الموس��يقية، بل تعدتها لتش��مل االجتماعية، اولها اقح��ام البيئة المحيطة به��ذا الج��و " عندما أس��جل داخ��ل بيت في بل��دي، افعل البيئة من حولي، اجلب الج��و والعمل الفني ال��ى الحي" وبما ان العم��ل كان داخ��ل بيئة منزلي��ة حميمة، كانت س��يرورة العمل كذلك، فكان اهالي العازفي��ن والتقنيي��ن باالضاف��ة الى عائلة مرقس تأتي بش��كل دائم الى "االستديو المنزلي" تحضر طعام الغداء، يأكلون سويا

من "المشهيات" الجليلية. م��ع ذل��ك، ال يعن��ي ان العم��ل الجليلي بكل نواحيه، سيكون متواضعا تقنيا، على العكس، فقد اس��تعانت الفنانة بمهندس صوت ق��دم من الوالي��ات المتحدة، يدعى كيفي��ن س��ليم، وه��و امريكي م��ن اصل لبنان��ي، قضى 15 يوما في كفر ياس��يف عاش داخل البيت\ االس��تديو، وبعد انتهاء التس��جيل ع��اد الى ب��الده ليق��وم بوضع اللمس��ات النهائية على العمل في أفضل

االستيدوهات األمريكية .

التراث يحميتتك��ون عائل��ة مرق��س الصغي��رة من زوج وولدي��ن بيولوجيين، وثالث ابناء ترتبط بهم روحيا، يضاف اليهم ابن رابع سيولد قريبا، هم البوماته��ا التي أصدرته��ا حتى االن، ورغم ان الوالدة ال تميز بين أبناءها، تعتبر مرقس ان "بغني" له ميزات خاصة، به تنوع

في الملحنين، وتجديد في مضامين األلحان والنصوص، باختص��ار، تقول، هو عب��ارة عن" نضوج فني". لكن في نف��س الوقت، هو ايضا مغامرة، اوال العمل الجديد تدفع مرق��س تكاليف��ه من جيبه��ا الخ��اص، واذا اخذنا بعين االعتبار ان س��وق الفنان المحل��ي ضيق، ومن يدعى الى مهرجانات وحف��الت في الداخل او الخارج، يدعى لتأدية اغان تراثية ووطنية ملتزمة، ليبقى امام االعمال الجدي��دة والخاص��ة للفنانين حيز اقل لالنتش��ار، تدرك مرق��س ان تقديم االغاني التراثي��ة تحمي مأديها " أن اغن��ي أغان جديدة هو نوع م��ن المغامرة والتحدي، انا مع هذا التوجه" وتواصل " التراث مخزون جميل ومغري لكل فنان، لكن هناك مبالغة من فنانين وفنانات بإعادة غن��اءه، ه��ذا يعود على م��ا يبدو للتأكيد عل��ى الهوية والتراث، كما ان تس��ويقه س��هل مقارن��ة مع االغاني الجديدة، يمكن ان يختبئ الفن��ان وراء االغنية التراثية لكنه��ا بنفس الوقت أصع��ب أداءا"، وتلخص الموضوع "

ان��ا م��ع المغامرة، اقدم عمال فنيا غي��ر محمي من أي مذهب".

انطالق��ا م��ن هذا، كيف تقيمين البوم س��ناء موس��ى االخير؟

الحقيقة لم اس��معه بعد، لالس��ف لم اس��تطع حضور حفلتها ايضا، لكنها فنانة جميلة وتغني بش��كل جميل

جدا.وكيف عالقتك بباقي الفنانين؟

عالقتي جيدة مع الجميع.ال��ى جان��ب الغن��اء، تعملي��ن ايض��ا كإعالمي��ة باذاعة

الشمس، هل يؤثر ذلك على عالقتك مع زمالئك؟

كال، في االذاعة ال امنع أحدا من الظهور، بل على العكس، هناك فنانون رفضوا ذلك.

أسماءهم!ال حاجة لكش��ف أس��ماءهم. اود التشديد، عمل��ي اإلعالمي ال يولد لي أي مش��كلة، ب��ل يعزز عالقاتي م��ع الفنانين والناس. في برنامجي اجري المقابالت مع الجميع تقريبا،

مع تحفظ على البعض.مطربو االعراس؟

ليس بالضرورة، س��بق واجري��ت مع فيوليت س��المة ومصطفى دحلة وخلي��ل ابو نقوال،

فهم يقومون بالغناء على المسارح.هل يمكن ان تغني في االعراس؟

مس��تحيل. غني��ت فق��ط في ع��رس اختي ف��ي فقرة وغنيت ايضا في جيل 5 س��نوات باعراس الجيران )ضاحكة(، وتتابع مستدركة " مطرب��و االعراس هم نتيج��ة لظرف معين، ان��ا متأك��دة انهم يس��تطيعون الغن��اء على المس��ارح وهناك من يقوم بذلك فعال، وهم لديهم جمهورهم العريض، ال مش��لكة لدى بالمطربين فهم ليسوا مسؤولين، مشكلتي م��ع األع��راس، باتت كثي��رة وكبي��رة ومليئة

بالضجيج".

الفن ليس للعيشتغني أمل مرقس في االمسيات والمهرجانات، في البالد والخارج ايضا، وتش��دد ان عروضها في العالم ال تقدمها بالضرورة امام الجاليات العربية " اغني لالس��تراليين في اس��تراليا ولألوروبيين في اوروب��ا، والجميل انهم اينما حللت يعتقدون انني ابنة المكان، االيطاليون ظنوا اني ايطالية، والبرازيليون انني برازيلية" وتشرح بافتخار " هذا الني اغني لالنسانية،

للناس والحب والحياة".اممية؟

طبعا وافتخر بذلك.وهل يوفر الفن دخال كافيا؟

ال اعم��ل في الفن من اج��ل العيش، اعتمد اساس��ا على اج��ري من اذاعة الش��مس، الني اوال لس��ت امرأة متطلب��ة، قنوعة، وما احصل عليه من حفالتي في الخارج استثمره

في اسطواناتي القادمة."حفالتي في الخارج"؟

نع��م، هن��اك يدفعون اكث��ر، لكن��ي مع ذلك اعتبر نفسي محظوظة وسعيدة باالطر التي

تدعوني الحياء االمسيات في البالد.

في البيت عائلة وموسيقىالى جان��ب فنها وعملها، امل مرقس، هي زوجة لنزار زري��ق، مهندس معماري، وام لي��ارا )20 عاما( وفراس )15( تح��اول ان تك��ون معهم، دون ان تظل��م فنها، ان تك��ون هنا وهناك، "ان اقس��م وقتي واوهب نفس��ي للبيت واالوالد والزوج والفن ايضا" مدركة ان ذلك صعب

جدا، واحيانا ال تنجح في ذلك. العائلة من ناحيتها، ال تصعب االمور على الوالدة/الزوجة كثيرا، بل يمكن القول ان تس��هل المهمة، عندما يعزف كل فرد من افرادها على احدى االت الموسيقية، فراس عل��ى القانون )هو من كان يعزف عند دخولنا للمنزل(، ويارا على البيانو، اما الزوج نزار فيطرب امل بعزف العود، ويضعها امام تحدي كلماته التي غنت منها عدة اغاني مثل "ش��وق" عنوان ثاني البوماتها، فكما تقول مرقس

نفسها " الموسيقى تسكنهم بدرجات عالية".

التراث مخزون جميل ومغري لكل فنان، لكن هناك مبالغة من فنانين وفنانات بإعادة غناءه، هذا يعود على ما يبدو للتأكيد على الهوية

والتراث، كما ان تسويقه سهل مقارنة مع االغاني الجديدة، يمكن ان يختبئ الفنان وراء االغنية التراثية لكنها بنفس الوقت أصعب أداءا

خاص - رمان - أثناء التسجيل

خاص - رمان - أثناء التسجيل

عندما أسجل داخل بيت في بلدي، افعل البيئة من حولي، اجلب الجو والعمل الفني الى الحي

موسيقى

وقفة

سلمان ناطور

ال نش��مت الش��تعال الن��ار، ف��األرض أرضنا والش��جر شجرنا والطيون طيوننا وهكذا الثعالب والعقارب والنحل والف��راش وما ليس منا ولنا هو م��ا يقيمونه على هذه األرض الطيب��ة م��ن هشاش��ة وزيف وطق��وس للموت ونص��ب للهمجية وكره ألصحاب البالد المقيمين عليها

والمبعدين عنها.م��ن حقنا نحن أهل ه��ذه األرض أن نتهمه��م بارتكاب جريمة بحق االنسانية على احتراق الكرمل أيضا ألنهم

احتلوا هذه القطعة من الجنة ولم يصونوها.***

مش��هد الداخل الثقافي هو مشهدنا نحن الذين بقينا في الوطن على أرضه وتح��ت س��مائه، وكان علينا أن نحافظ على أنفسنا وكان علينا أن نحافظ عليه أو على ما تبقى من فلسطينيته، ترابا

وحجرا وتراثا ولغة. بن��ا واذا النكب��ة صحون��ا م��ن ه��ول عل��ى الخ��ط األمامي ف��ي المواجهة السياس��ية والفكري��ة والحضارية ضد الصهيوني��ة، مقطوعين ع��ن أمتنا األم وال نتواصل إال عبر أثير مش��بوه ومربك وقصائد تتس��لل إلينا من فضائنا الكبير اعتبرناه��ا ش��يفرة العالق��ة الحميمة

بيننا وبين أهلنا وشعبنا وامتدادنا األفقي.كان عل��ى هذه القصائ��د أن تزاحم في وعينا ما اندس فينا من أش��عار لحايم نحم��ان بياليك المهاجر من بالد الصقيع وشرنيخوفس��كي وغيرهما ممن صاغوا هوية المس��توطن الجديد. وأن��ا الذي ارس��لني أهلي يافعا إل��ى حيفا لم يقل ل��ي أحد إن بيت ش��اعرنا القومي ابي س��لمى، المهج��ر من حيفا الدافئ��ة، ال يبعد عن

مدرستي أكثر من خمسين مترا.هكذا وجدنا أنفسنا في وطننا لكننا منفيون فيه. نصارع لنبقى ولنحيا أوال ولنعيد تشكيل هويتنا وثقافتنا ثانيا.

هي ثقافة المنفى ألن ثقافة الوطن ال تكتمل إال بثالثة: على أرض هي لك ووس��ط ش��عب هو لك وفي نظام ه��و لك ولنا أرض وش��عب وأما النظ��ام فهو عدو فرض حاله علينا وحد من حركتنا وقولنا وال يربطنا به س��وى ما ييس��ر أمر يومنا، يس��لب منا نصف جهدنا وأكثر وال

يعطينا إال فتات ما بقي عنده من صرف على حاله.كتبن��ا ع��ن األرض وغنينا له��ا كما يليق به��ا ويليق بنا ونظمن��ا القصائد النارية دفاعا عن ش��عبنا وحبا له، كل ذلك في غياب مؤسس��ة توفر ما على المؤسس��ة أن

توفره. هي ثقافة بال مؤسس��ة وال مش��روع. رومانسية إلى حدود العبث، ساخرة حد البكاء ومقاومة بال هوادة. وما أدل على منفويتها أكثر من صرخة ش��اعرنا: سجل أنا عربي ورقم بطاقتي خمس��ون ألف، فأين تجدون على الكرة األرضية شاعرا يقول لحاكمه سجل أن أنا هو أنا، إال اذا قال له حاكمه وهو يجلده: أنت لس��ت هو أنت.

والبيت ليس بيتك. أين تجدون على الك��رة األرضية جماعة أصالنية تعلن

والءها لوطنها وشعبها صباح مساء كما يعلن فلس��طينيو الداخ��ل:

نحن ج��زء ال يتجزأ من ش��عبنا الفلسطيني وأمتنا العربية وهنا وطننا وال وطن

لنا سواه. نعلنها للجالد الذي يهدد بترحيلنا ونعلنها لش��عبنا منذ وضعتنا وثائق أوس��لو في خانة الش��أن االس��رائيلي، ونعلنها ألمتنا العربية التي حشرتنا أنظمتها في الغيتو الصهيوني ثقافة وانتماء لكي ال نكون جزء من مشروع

ثقافي عربي وحدوي. حررونا من قس��م الوالء المصطنع فهو يؤس��س لثقافة المنفى، ولنك��ن مدماكا من مداميك المشروع الثقافي العربي الوحدوي،

كما ينبغي أن نكون. لتكن مؤسسته الثقافية مؤسستنا،

كما ينبغي أن تكون. ليكن الوطن العربي من محيطه إلى

خليجه فضاءنا، كما ينبغي أن يكون. ولتكن عالقتنا ليس تواصال بل وحدة

وتالحما وانصهار.الذات ال تتواصل مع ذاتها.

الذات متحدة بذاتها. األن��ا يتواص��ل م��ع اآلخ��ر، وه��ل أنا الباقي في الكرمل فلسطينيا وعربيا ه��و اآلخر حين يلتقي بابن الخليل والقدس ودمش��ق

والقاهرة؟ علينا أن نكون كما ينبغي أن نكون.

س��نفكك معضلة االنتماء الثقافي حين نزيل من وعينا الحدود والحواجز والخطوط والجدارات والوثائق المزيفة. حي��ن ننظر إلى وح��دة الثقافة ال إل��ى أجزائها. وحين

نشحنها بفكر تنويري ، متحرر وخالق أصيل.ثقافتنا في الداخل ثقافة منفى لكنها ذاكرة وطن. هي

ذاكرة األدب وأدب الذاكرة. ل��م نك��ن مرفهين في س��تين عاما لكي نكتب رواي��ة خيالية عن قصص حب ع��ذري او اباحي أو علم خيالي أو ثرث��رة أدبية ألننا منش��غلون حتى العظ��م بواقعن��ا األغرب م��ن الخيال وبهمن��ا الوج��ودي ال��ذي يس��تحوذ عل��ى مش��اعرنا ووجدانن��ا وأقالمنا أيض��ا فتصدر عنا الرواية التس��جيلية أو الواقعي��ة النمطية الت��ي نجلد بها احيان��ا حي��ن نواجه بالس��ؤال: لماذا ال تخرجون م��ن واقعكم؟ ومنهم من يس��ألنا بب��راءة ألنه يريدن��ا أن نكون طبيعيين في واقع مس��تحيل ومنهم من يريدنا بخبث أن نتخلى عن دورنا التاريخي. ونح��ن ماضون في عصف

ذاكرتن��ا لصياغة رواية نواجه بها أولئك الذين زيفوا رواية هذا الوطن وسيرته.

مش��هدنا الثقافي في الداخل يس��تعيد ما كانت عليه فلس��طين قبل النكبة، ويوثق م��ا هي عليه اليوم. وما

كانت فلس��طين صحراء وجباال جرداء ب��ل منارة ثقافية ش��عت على الش��رق والغ��رب بم��ا ابدعته م��ن ادب ومس��رح وموس��يقى وفكر تنويري كان يق��ود إلى بناء ش��رق عربي حداثي ينافس أوروب��ا التي دمرتها حرب

مصالح وعنصريات أوقعت خمسين مليون ضحية. وحلت النكبة لتوقف هذا المد الحضاري.

نكتب ع��ن حيفا وع��كا والقدس ويافا بما نش��رته من أدب وبما أنش��أته من ورشات ابداعية وبما شيدته من

عمارات وبما زرعته من زيتون ولوز وتين ورمان.نكت��ب ع��ن رحل��ة الصح��راء الت��ي قطعها االنس��ان الفلس��طيني وال يزال يمش��ي بين ص��واب وتيه وبين يأس وأم��ل وبين تراجع ثم تقدم ثم تراجع وتقدم، دون كيشوتي االرادة وس��يزيفي المنال، وهو أنا وأنتم في ما نأكل ونشرب ونتأمل ونغضب ونحلم ونتألم ونقاوم .

انه أدب عن موت االنسان لكن عن حياته أيضا. ال نتوق��ف عند ذاكرة الموت بل نبني ذاكرة الحياة معها

لكي ال ننتحر أو نرتكب الجريمة. ه��ذا ه��و درس الثقافة بعد أوس��لو، أو ردا عليها لكي

تكون ثقافتنا ثقافة وطن وذاكرة وطن.***

احترق الكرمل وقبل أن تخمد النار بدأ المس��ؤولون عن احتراقه يتراشقون التهم ويستخلصون العبر.

انتقلت النار إلى مكاتبهم ووزاراتهم ومس��ؤوليهم ولن يخمده��ا أن علقوا تهمة احتراقه برقبة طفل عربي من

أهله وهو منها براء. كلهم مدانون بارتكاب الجريمة، ليس فقط ألنهم أهملوا وناموا في س��اعة الحراسة، بل ألنهم منذ ستين عاما

وأكثر تعاملوا مع طبيعة بالدنا بثقافة ليست ثقافتها. فتحوه��ا بمفاتي��ح الثقاف��ة األوروبي��ة اس��تعالء على

الشرق وإمعانا بحق القوة ال قوة الحق. لق��د جعلوا ش��جرة الكين��ا بطال ثقافيا نس��جوا حولها االس��اطير ع��ن قدرته��ا ف��ي تجفي��ف المس��تنقعات الت��ي وصف��وا بها بالدن��ا وانهارت هذه األسطورة قبل سنوات عندما اكتشف خبراؤهم أن تجفيف الحولة أحدث خلال قاتال ف��ي الطبيعة واعترف��وا بخطئهم وخطيئتهم وبدأوا يعيدون المياه إلى ما بق��ي من أرض الجليل التي بنوا عليها

مستوطناتهم وفنادقهم. وجعلوا ش��جرة الصنوبر األوروبي بطال ثقافيا فقلعوا أشجار الزيتون والسنديان والتي��ن والرم��ان الت��ي زرعه��ا أهلن��ا وغرسوا أشجار الصنوبر اإلبرية واليوم، بعد الحريق، اكتشف خبراؤهم أن هذا الش��جراألوروبي ال يتناس��ب وطبيعة بالدن��ا ألنه س��ريع االش��تعال وأوصوا

باقتالع ما بقي منه على قيد الحياة. هذه هي عبرة الصنوبر وانهيار األس��اطير في ما قالته

طبيعة بالدنا لفاتحيها من الغرب. فليعرفوا طبيعة بالدنا وليسألوا أهلها عن مفاتيحها.

ثقافة الداخل: عن املنفى يف الوطنشهادة ألقيت يف افتتاح مؤمتر الثقافة الفلسطينية بعد

أوسلو، جامعة اخلليل / كانون األول 2010

جئتك��م من جب��ال ووديان الكرمل ال��ذي ظل يحترق أربعة أيام متواصلة.

هام��ات الش��جر األخض��ر تحول��ت إلى له��ب حارق وسرعان ما صارت حطبا وعيدانا سوداء، وضعتنا نحن الن��اس العاديين أم��ام عجز قاتل، كن��ا ندركه تماما، مقتنعين أننا ال شيء أمام الطبيعة حين تغضب ولكنها وضع��ت هذه الدول��ة المنتفخة أيضا أم��ام حقيقتها،

وهي أنها ال شيء أمام الطبيعة حين تغضب.

أين تجدون على الكرة األرضية جماعة أصالنية تعلن

والءها لوطنها وشعبها صباح مساء كما يعلن

فلسطينيو الداخل: نحن جزء ال يتجزأ من شعبنا الفلسطيني

وأمتنا العربية وهنا وطننا وال وطن لنا سواه.

نعلنها للجالد الذي يهدد بترحيلنا ونعلنها لشعبنا

منذ وضعتنا وثائق أوسلو في خانة الشأن االسرائيلي، ونعلنها ألمتنا العربية التي

حشرتنا أنظمتها في الغيتو الصهيوني ثقافة وانتماء

لكي ال نكون جزء من مشروع ثقافي عربي وحدوي

أنط�وان شلح�ت

ويتمي��ز هذا االتح��اد بتصور فك��ري يرى في األدب والفكر والثقافة بمثابة خندق أساس��ي يمكن م��ن خالل��ه أن يحافظ األدباء الفلس��طينيون في الداخل على تماسكهم وهويتهم الوطنية والقومية وال س��يما بمفهوميها الثقاف��ي والحضاري، ويحت��رم التعددي��ة الفكري��ة والعقائدي��ة

والحزبية.كم��ا أنه يتميز بتص��ور تنظيمي يتيح من جه��ة أولى إمكان ض��م أكاديميين إليه، بحي��ث تنبثق عنهم لجنة أكاديمية تقوم بمواكب��ة األدب الفلس��طيني المحل��ي بش��كل خ��اص بحث��ا ونق��دا وتقويم��ا، ويخص��ص من جهة أخ��رى لمن يصفهم بأنه��م أدباء من الرعيلي��ن األول والثاني "وصل��وا إلى مكانة عالية في المش��هد الثقافي الفلسطيني والعربي والعالمي" موقعا خاصا كمجلس استش��اري فعلي ه��و المرجعي��ة الفكرية العلي��ا لالتحاد، وتبق��ى مكانته��م ف��ي ه��ذا المجلس دائمة، وهم فوق اإلطار التنظيمي العام وغي��ر خاضعين له، عدا إمكان الترش��يح واالنتخ��اب، فهم ينتخب��ون وال ينتخبون، لتبق��ى مكانتهم ثابتة، فوق المنافس��ة

والتغيير.ويحم��ل االتحاد الجديد مش��اريع عينية كثيرة وطموحة، على غرار: إصدار مجلة أدبي��ة فصلية تعنى بنش��ر م��واد أعضاء االتحاد بشكل خاص، ونشر وإبراز األدب الفلسطيني والعربي، والتواصل مع كتاب العال��م العربي، والعالم األوس��ع؛ إقامة موقع الكتروني فعال لالتحاد، وتس��ويقه عربيا وعالميا؛ العمل على تمويل طباعة إص��دارات أعض��اء االتحاد في دور نش��ر عربية؛ التواصل مع المؤسس��ات األدبية محليا فلس��طينيا وعربيا؛ إقامة مهرجان أدبي س��نوي وأمسيات ش��عرية وأدبية ف��ي فترات غي��ر متباع��دة؛ العمل على فتح مقر خاص في إحدى المدن العربية؛ إصدار أنتولوجيا لألدب الفلس��طيني في الداخ��ل في دار نش��ر مرموقة؛ التواصل الفعلي مع األوس��اط األدبي��ة والثقافية فلس��طينيا، عربيا وعالمي��ا؛ التواصل مع الهيئات األكاديمية والمؤسسات األدبية والثقافي��ة في البالد وفي مناطق 1967 وعربي��ا وعالمي��ا؛ التواصل م��ع الهيئات المهرجان��ات م��ي ومنظ المس��ؤولة الشعرية واألدبية عربيا وعالميا؛ التواصل مع اتحادات ورابطات الكتاب في فلسطين والع��ام العرب��ي والعال��م؛ التواص��ل مع

لجنة المتابعة العربي��ة في الداخل، واللج��ان الوطنية غير الحزبية، ألجل الفاعلة في المناسبات المش��اركة الوطنية والقومية؛ العمل على قضية الترجمة والنش��ر في صحف أجنبية بم��ا في ذل��ك عبرية؛ إقام��ة مكتبة

وطني��ة تؤرش��ف كل ما ص��در في البالد والشتات لكتاب فلسطينيين وما سيصدر

عن االتحاد والمؤسسات الفلسطينية.ولقد شهدت الحركة األدبية الفلسطينية ف��ي الداخل ف��ي الماضي غي��ر البعيد بض��ع تج��ارب في ه��ذا المضم��ار بدأت بالقدر نفس��ه من الطموح، لكنها اندثرت والحزبية، الخالفات السياس��ية بسبب وبس��بب "الحروب الصغي��رة" بين األدباء أنفس��هم. وعلى ما يبدو ف��إن القائمين عل��ى ه��ذه المب��ادرة الجديدة ليس��وا الف��راغ لم��لء بالحماس��ة مدفوعي��ن

الناشئ عن انعدام إطار جامع فحسب وإنم��ا يحاولون أيضا عبر من االستفادة الس��ابقة التجارب عثرات يتجنبوا كي

الطريق الالحقة.فم��ن ذل��ك، م��ع الجل��ي أن طري��ق الوليد هذا االتح��اد كله��ا تك��ون ل��ن بالورود، مفروش��ة م��ا إذا وحت��ى أش��واكا اس��تثنينا

كثي��رة تحيل إلى النف��وس الفاعلة، كما ه��ي الحال ف��ي أي مجتمع، تبقى ثمة أش��واك كثيرة أخرى في تل��ك الطريق، ف��ي مقدمها مس��ألة العالق��ة البنيوية لالتحاد مع المؤسسة اإلسرائيلية أو مع اتح��ادات الكتاب األخرى في إس��رائيل. وه��ي مس��ألة ال ب��د م��ن أن تنعك��س في الوقت نفس��ه على عالق��ة االتحاد م��ع العالم العربي. وبن��اء على ذلك فإن أول موضوع س��يكون هذا االتحاد مطالبا بحسمه هو موضوع االستقاللية الثقافية، ال��ذي يحيل إل��ى ما هو أعم وأش��مل، أي مس��تقبل المجتم��ع الفلس��طيني في الداخ��ل في ظل المفترقات الراهنة التي وصلت إليها القضية الفلس��طينية. وم��ن المعروف أن موضوع االس��تقاللية الثقافي��ة ال يحظ��ى بإجم���اع- ك��ي ال أق��ول إنه موض��ع جدل وخ��الف كبيرين- في صفوف القوى السياس��ية- الفكرية الفاعلة لدى الفلسطينيين في الداخل،

والتي تتوزع على ثالثة تيارات رئيس��ية هي اإلسالمي والش��يوعي والقومي. وبينم��ا ي��رى التيار األقدم )الش��يوعي( أن��ه ال غضاضة بتات��ا في الحصول أو في تحصي��ل أم��وال دع��م من المؤسس��ة المواطن��ة، واق��ع بحك��م اإلس��رائيلية بالمس��اواة يحظ��ى أن إل��ى ويتطل��ع في مواجهة سياس��ة إس��رائيلية عامة قائمة عل��ى اإلقصاء والتهميش والتمييز العنصري، فإن التيارين اآلخرين وال سيما التي��ار القومي يريان أن هذه األموال وإن كانت حقا يجب أال يضيع وأن يكون وراءه مطال��ب، لن تكون بحال متنائي��ة األح��وال م��ن العام��ة الغاي��ات ع��ن اإلسرائيلية للمؤسسة المجتمع تناص��ب التي الفلسطيني في الداخل العداء الشديد، خصوصا اإلقص��اء سياس��ة وأن والتميي��ز والتهمي��ش العنص��ري فيم��ا يتعلق بالحقوق الجماعية لهذا ازدادت ق��د المجتم��ع غلواء في اآلونة األخيرة يؤكدان ت��زال. كم��ا وال أن��ه عل��ى المس��توى المدن��ي يجاب��ه الفلس��طينيون، أفرادا وجماع��ة، تمييزا عنصريا ش��امال ف��ي غالبي��ة المجاالت الحياتية في إسرائيل: الحق في األرض، والتعلي��م، واللغ��ة، والعم��ل، واالقتصاد، التحتي��ة، والبن��ى والبيئ��ة، والثقاف��ة، والص�حة، والتمثيل السياس��ي، وإمكان الوص��ول إلى المعلوم��ات، والمخصصات الحكومي��ة والميزاني��ات المختلفة. وفي ل��ة، فإن المجتمع الفلس��طيني المحصفي الداخل يعيش في مستوى معيشة منخفض؛ فنس��بة البطالة ونسبة الفقر مرتفعتان إلى درجة بالغة وخطرة، وتفتقر الكثي��ر من بلدات��ه وقراه إل��ى الخدمات التحتي��ة والبن��ى التربوي��ة، الصحي��ة، األساسية التي من شأنها أن تبعث األمل في إمكان أي تغيير مس��تقبلي. وبإيجاز يمك��ن القول إن المجتمع الفلس��طيني في الداخل محتجز في إسار مواطنة من الدرج��ة الثانية هي بمثاب��ة عثرة أمامه لنيل حقوق��ه وحقوق أبنائ��ه، الجماعية

والفردية. وفي ض��وء هذا، فإن المجتمع الفلس��طيني يواج��ه أوال ودائما تحديين يسيران بش��كل متداخل: التحدي األول ف��ي مواجه��ة ذات��ه- بن��اء مؤسس��اته والثقافي��ة االقتصادي��ة السياس��ية، المختلف��ة الت��ي تس��تطيع أن تعبر عن انتمائه، احتياجاته وتطلعاته خصوصيته، الت��ي يقف في صلبها الح��وار البناء بين مختلف تياراته السياسية الفاعلة، وبناء ديمقراطيت��ه االجتماعية وف��ي مقدمها المس��اواة بين المرأة والرجل. والتحدي الثاني- في مواجهة اآلخر، المتمثل في الدولة بسياساتها ومؤسساتها وفكرها.قبل حوالي أربعة أعوام صدر عن الكنيس��ت اإلسرائيلي قانون يقضي بإقامة مجمع للغة العربي��ة في الداخ��ل، ليهتم بش��ؤون اللغة العربية وإعالء ش��أنها، ألنه��ا لغة المواطنين العرب، ولغة معترف بها رس��ميا في الدولة. وق��د أثار األمر س��جاالت لم تنت��ه في ما إذا كان يج��ب االنخ��راط في هذا المس��عى أم ال، أيضا في ضوء رهنه برضا المؤسس��ة عن المش��تغلين فيه، وكانت النتيجة اس��تبعاد كفاءات مش��هود لها م��ن هذا المجمع على الرغم من استقطابه لغيرها، ثم إقامة مجمع لغة عربية آخر في إحدى الكليات األكاديمية العربية، في وقت اس��تمرت في��ه المبادرات الخاص��ة في هذا الش��أن. وق��د يدعي قائل إن في النتيجة العملية ما يش��ف عن نشوء حالة من التعددية، غير أن الواقع يبقى أعقد من ذلك كثي��را، والمجمع اللغوي الذي أقيم وفق أص��ول لعبة المؤسس��ة اإلس��رائيلية يحمل ف��ي طيات��ه الغاية البديل��ة من غاية االس��تقاللية الثقافية على الرغ��م من أنها س��تكون نس��بية بحكم الظروف الموضوعية

التي تحف بكينونة فلسطيني 48.وبالنس��بة التح��اد الكت��اب فإن م��ا يجب أن يقال هو: لكل ش��يء زمان وم��كان، ومثلما أن للكفاح الش��عبي زمان��ا ومكانا- علما بأن معركة الفلس��طينيين ف��ي الداخل مفتوحة عل��ى األزمنة واألمكن��ة كلها- ف��إن للكفاح الحقوقي زمان��ا ومكانا أيضا، والوضع األفضل يك��ون عندم��ا ندرك أن��ه ما م��ن تناقض بين هذي��ن الكفاحين اللذين يكم��الن بعضهم�ا، وأن التعام��ل معهم��ا كنقيضي��ن ين��م ع��ن تقصير في المسؤولية الجماعية، باعتبار أن تأسيس اتحاد للكتاب يشكل مرحلة متقدمة من التحلي بهذه المس��ؤولية ومن النمذجة عليها في حقل ليس من المبالغة النظر إليه

على أنه بمثابة جدار أخير.ثمة هاجس آخر: إن مسألة تواصلنا الثقافي م��ع العالم العربي هي مس��ألة محس��ومة تاريخيا ومبدئيا، فضال عن أنها تتم بأش��كال مختلف��ة في الح��دود الدنيا. م��ع ذلك، فإن الس��ؤال هو: ه��ل هي مدرج��ة في جدول أعمال القي��ادة العربية في الداخل؟. إن هذا التساؤل ال يأتي من فراغ، ذلك بأنها لو كانت مدرجة فمن الحتم أن يسفر ذلك عن اعتماد خطة أو برنامج عمل في سبيل دفعها قدما. وربما ح��ان الوقت من ضرورة الهجس بخطة كه��ذه، على أن تطرح أيضا بمبادرة منا على أجن��دة وزراء الثقافة الع��رب، وعندها ال مفر كذلك من اإللحاح على مطلب إزاحة "عقبات قانوني��ة" عربية تحد بدورها من تكريس هذا التواص��ل، حتى عل��ى المس��توى الفردي. والتقصير في هذه المس��ألة أيضا هو تقصير ف��ي المس��ؤولية الجماعية. وه��ذا التحدي ه��و من صنف التحدي��ات التي ال مفر من أن يتص��دى لها اتحاد الكتاب الوليد في مواجهة

ذاته الخاصة والعامة.

نش��رت المقالة بصيغتها الموجزة في جريدة الحياة

احتاد الكتاب الفلسطينيني يف حيفاوهواجس االستقاللية الثقافية لعرب 48

رأي

قب��ل أن يرح��ل ع��ام 2010 أعلن في مدين��ة عكا عن تأس��يس "اتحاد الكتاب العرب الفلس��طينيين- حيفا"، وذل��ك بع��د جهود ومس��اع حثيث��ة، واتص��االت مطولة ومتش��عبة تولى دفعها قدما على نحو خاص الش��اعر س��امي مهنا )الذي اختير في الجلس��ة التأسيس��ية

رئيسا لالتحاد(.

أول موضوع سيكون هذا االتحاد مطالبا بحسمه هو

موضوع االستقاللية الثقافية، الذي يحيل إلى ما هو أعم

وأشمل، أي مستقبل المجتمع الفلسطيني في الداخل في ظل المفترقات الراهنة التي وصلت

إليها القضية الفلسطينية

رأي

سناء الخوري

حي��ن انطلق »قديتا. نت«، منتصف آب )أغس��طس( الماضي، راهن على إعطاء مساحة لألقالم الشابة. قصائد وقصص قصيرة وخواطر ونصوص لراجي بطحيش،

وسليم البيك، وأسماء عزايزة، وهشام نفاع، وغيرهم في زاوية »أدب«.رغم المس��احة المخصصة للمساهمات النقدية، تبقى المساحة الذاتية طاغية على المواد المنش��ورة عل��ى حائط »قديتا. نت«. »قررنا منذ البداية، أننا لس��نا موقعا إخباريا. لهذا ال ننش��ر األخبار السريعة واليومية. نريد الموقع واحة يتخلص

فيه��ا المتصف��ح من األخب��ار وضجته��ا. نحن ال نس��عى وراء أي موضوعية أو صياغات »إخبارية مهنية««، يشرح عالء حليحل.

لكن انحياز الموقع إلى الذاتية، يأتي من قلب الراهن في الوقت عينه. مقاالت في السياسة في ذكرى أبو عمار، وخواطر في ذكرى االنتفاضة األولى والنكبة، إضافة إلى تلك الش��هادات الس��اخرة والمؤلمة التي اقترحها الموقع يوم صدقت حكومة االحتالل على مش��روع قانون يلزم فلس��طينيي الداخل أداء قسم الوالء للدولة اليهودية الديموقراطية. يومها قرأنا تحت عنوان »نحن نقس��م«:

مبدعون شباب يعلنون والءهم للسمك، والقهوة، والشاورما!

في زوايا »قديتا.نت« أيضا كل ما تريد معرفته عن اإلصدارات الموسيقية، والمواعيد األدبية، واألعمال المس��رحية في الداخل. هكذا، ورغم اختياره سياسة تحريرية بعي��دة عن اآلنية والخبري��ة، يبقى الموقع نافذة حقيقية على راهن فلس��طين،

وآالم شبابها.لك��ن هذا ليس إنجازه الوحيد. منذ انطالقت��ه، راهن الموقع على تحدي الخطوط الحم��راء. زاوية »مثلي��ون ونصف« مثال، س��ببت منعه في الس��عودية والكويت، وصارت مس��احة مفتوحة لكل أشكال الغزل المثلي، واإليروتيكي غالبا، بالعامية

الفلسطينية، أو بالفصحى.»نح��ن ن��رى مثال أن حقوق المثليين ال تقل أبدا عن حقوق الفلس��طينيين تحت االحتالل«، يوضح حليحل. »نحن متجندون برؤانا وأفكارنا ونظرتنا الكونية الواسعة لمفهوم الحقوق ومفهوم اإلنس��ان، ولس��نا »ملتزمين« بالمعنى الدارج للكلمة:

اآلن يوجد احتالل وال ينبغي التطرق إلى قضايانا االجتماعية الداخلية«.ف��ي تعليق��ه على ش��ريط »ميرال« لجوليان ش��نابل، س��أل س��ليم البيك: »ليش قضيتن��ا كتير سكس��ي، وإحنا أل؟« قد يك��ون الرهان األكبر الذي كس��به »قديتا. نت« أنه تحول منبرا حرا لشباب فلسطينيين، يحكون، من دون أدلجة وكليشيهات

وقيود، معنى أن تكون فلسطينيا اليوم. www.qadita.net

----------عن األخبار اللبنانية

»قديتا. نت«: نافذة )ثقافية( إىل فلسطنيقديتا قرية فلسطينية، هجر أهلها عام النكبة. »قديتا. ن��ت« موقع جدي��د على الش��بكة العنكبوتي��ة، منحه الكاتب والصحافي عالء حليحل، اس��م قريته وألوانها. كأن المس��احة االفتراضية »تعوي��ض )مرحلي؟(« عن »حضور جسدي غائب«، وعن حضور جغرافي مؤجل.

قد يكون الرهان األكبر الذي كسبه »قديتا. نت« أنه تحول منبرا حرا لشباب فلسطينيين،

يحكون، من دون أدلجة وكليشيهات وقيود، معنى أن

تكون فلسطينيا اليوم.

محمد بكري

أثناء االجتياح اإلس��رائيلي العس��كري المسمى ب�"الجدار الواقي" عام 2002، ش��اركت بمظاهرة حضره��ا المئات من اليهود والع��رب المطالب��ة بوقف الحرب عل��ى حاج��ز الجلم��ة ش��مال ش��رق جني��ن، فم��ر جن��دي إس��رائيلي وفتح النار عشوائيا باتجاهنا، وأصيبت الفنانة فلنتينا أبو عقص��ة وخضعت للعالج في

المستشفى لفترة طويلة.ه��ذا التصرف الوحش��ي لذلك الجندي ومس��المين، أبري��اء مواطني��ن اتج��اه جعلن��ي أتس��اءل كي��ف يتص��رف هذا الجن��دي داخل مخي��م جني��ن، فقررت دخ��ول المخي��م وقم��ت بتصوي��ر فيلم "جنين جني��ن"، فقامت الدنيا ولم تقعد

ومنعت الرقابة اإلسرائيلية عرض الفيلم لمدة سنتين، بحجة "أنه أحادي الجانب ويربك المش��اهد ويوهم��ه بأن الجيش اإلس��رائيلي ارتكب جرائ��م حرب بحق الفلس��طينيين!!". فالتمست لمحكمة الع��دل العليا ضد ق��رار الرقابة وحصلت عل��ى مصادقة بع��رض الفيل��م ونوهت

لمحكم��ة االعلي��ا بالنص الحرفي "ال ألحد مونوبول

)ملكية مطلقة( على الحقيقة". ل��م تنته الحكاية هن��ا، وبإيعاز من قوى الظالم ش��كاني خمس��ة م��ن الجنود اإلس��رائيليين، بتهمة القذف والتشهير بس��معتهم، مطالبي��ن بمبل��غ مليونين

وس��بعمائة ألف ش��يكل!!. وبع��د عدة جلس��ات ف��ي المحاك��م، كان آخره��ا في المحكم��ة المركزية في بيتح تكفا، خسر الجنود القضية. وبإيعاز مجدد من المستشار القضائي للحكومة في حينه )م��زوز(، لم يرضخ ه��ؤالء الجنود للقرار واس��تأنفوا لمحكمة الع��دل العليا التي ستنظر بإلتماسهم بتاريخ 2011-1-19

أي بعد أسبوعين تقريبا من اليوم.الخمس��ة الجن��ود أن ذك��ره الجدي��ر المشتكين، ال يظهرون في فيلم "جنين جنين" كليا، ال باالسم وال بالصورة، مما يؤكد أن القضية برمتها هي انتقام لكسر ابتزازي وممارس��ة ش��وكتي ومحاولة

سياسة الترهيب وكم األفواه.إنن��ي فنان ملتزم بقضية اإلنس��ان، أي إنس��ان، بغض النظر عن لونه أو انتمائه القوم��ي والعرقي، فقد ش��اركت بعدة أفالم تتعلق بحقوق اإلنسان، منها فيلم يتحدث ع��ن مذبحة أألرمن عام 1914، من إخراج أإلخوة تافياني. وفيلم آخر عن مذبحة اليهود التي ارتكبها النازيون إبان الحرب العالمي��ة الثانية. وفيلم آخر عن مذبحة األكراد عام 2010 ومس��رحيات

عن األبرتهايد في جنوب أفريقيا.لقد ترددت كثيرا قبل أن أخط هذا البيان ولكنن��ي رأيت م��ن واجب��ي أن أوضح للقاص��ي والداني ما ي��دور، بالرغم من مالحقت��ي عل��ى كاف��ة األصع��دة منذ ع��ام 2002 م��ن قب��ل دولة إس��رائيل، في وس��ائل اإلعالم ومن على منصات الكنيس��ت. ل��ن أصمت، م��ا دام الظلم يس��ود ف��ي عالمنا، فه��ذا حق��ي أوال كإنس��ان وواجبي كفن��ان، وأقول لهم: "كف��وا أيديك��م وألس��نتكم عن��ي، أنا

إنسان".

أنا إنسانمن��ذ االجتي��اح الغاشم لمخيم ع��ام جني��ن 2002، تواص��ل اإلعالم وسائل ئيلية ا س��ر ال امالحقة عدسة بك��ري محم��د في المحاكم وفي الشارع اإلسرائيلي، ف��ي حمل��ة تحري��ض عنصرية س��افرة، ضمن سياسة كم األفواه التي تمارسها

ضد الجماهير العربية وقياداتها.

بالرغم من مالحقتي على

كافة األصعدة منذ عام 2002 من قبل دولة إسرائيل، في

وسائل اإلعالم ومن على منصات

الكنيست. لن أصمت، ما دام

الظلم يسود في عالمنا، فهذا

حقي أوال كإنسان وواجبي كفنان،

وأقول لهم: "كفوا أيديكم

وألسنتكم عني، أنا إنسان".

دمشق - سانا

2010/12/14 يع��ود األدي��ب والمس��رحي الفرنس��ي جان جينيه إلى الذاكرة بمناس��بة مرور مئة عام على والدته في باريس فهو المتمرد بشعرية عالية والمناصر لإلنس��انية أينما حلت والمناهض لكل أش��كال الظلم والعنصري��ة ابتداء من تلك التي مورس��ت س��بعينيات الق��رن الفائت ف��ي بلده األم فرنس��ا م��رورا بالواليات المتحدة األمريكي��ة وعنصريتها ضد الزنوج وليس انتهاء بالممارسات الهمجية لالحتالل الصهيوني ضد الشعب

الفلسطيني. إنه أكبر كتاب عصره هي عبارة الفيلس��وف جان كوكتو إلى القضاة الذي��ن أرادوا محاكمته فتراجعت المحكمة عن الحكم عليه بالس��جن مدى الحياة إنه جان جينيه الرجل األسطورة الذي ولد في التاسع عشر من كانون األول ع��ام 1910 ألبوي��ن غي��ر معروفين ونش��أ لقيطا متشردا فأمضى أياما كثيرة في السجن كان لها تأثيرها علي��ه حيث بدأ الكتابة هن��اك وأغلب أعماله كانت في الزنزان��ة كقصيدته الطويلة الرج��ل الذي حكم باإلعدام التي نش��رت ع��ام 1942 وأيضا روايته األولى س��يدتنا

ذات األزهار الغنية باستعاراتها وبراعة تراكيبها. ويق��ول جينيه إن��ي وحيد في هذا العال��م وال أعلم إذا كنت ملكا ألزهار الطبيعة أم ش��يطانا لها فهي شعري ومنها تمتد ج��ذوري إلى التراب الذي تغذى من عظام األطفال والشباب أريد أن أنتمي للطحالب والسراخس

كي أبتعد عن البشر. في كتاباته وأش��عاره ومس��رحه يلحظ القارئ معاناته والظ��روف الصعبة التي عاش��ها وإرادت��ه الواضحة في تحوي��ل الرذائل إلى فضائل الس��يما أنه كان يظهر في أدوار ممثلي��ه على المس��رح وهذا جعل��ه الصوت الحر الذي دوى في فضاء األدب العالمي حيث أثار مسرحه الكثير من الصخب وأزعجت مواقفه السياسية الكثيرين.يق��ال ان كوكت��و هو أول من اكتش��ف جيني��ه وأعجب بأعمال��ه لكن لقاءه ب� جان بول س��ارتر عام 1942 كان أق��وى حيث قامت بينهما صداقة متينة جدا ولمس فيه س��ارتر شخصية وجودية تماما حيث قال عنه لقد حول

يأسه وتمرده إلى انتصار شعري. وانش��غل جينيه في السنوات التي تلت حركة الطالب في أيار 1968 بالدفاع عن القضايا السياس��ية فساند إضرابات الط��الب وفي عام 1970 تعاض��د مع مفكرين أمث��ال رونالد كاس��تر ومارغري��ت دوراس وبيي��ر فيدال ناكيت للدفاع عن العمال كما اشترك في حركات دعم السجناء ثم سافر إلى الواليات المتحدة ليدعم حركات

الزنوج حيث أخذ يتحدث باسمهم ضد البيض. ومن تلك التجارب برز العديد من إبداعاته في المس��رح كمسرحية الشرفة التي يصور فيها أحداثا تاريخية في عشرينيات وثالثينيات القرن الماضي كالثورة اإلسبانية ومسرحية الزنوج وفيها يصور إفريقيا بعد الحرب العالمية الثانية وأيضا الس��تائر عن حرب تحري��ر الجزائر وأعمال كثي��رة مثل طق��وس الجنازة ويومي��ات لص وفي جميع

مسرحياته كان يمزج بين الشعر والمسرح. أم��ا نضاله الذي بل��غ أعلى ذراه فهو م��ن أجل حقوق الش��عب الفلس��طيني وكلفه ذلك حق��دا كبيرا انصب علي��ه خاصة بع��د وفاته حيث كان أول ش��خص غربي يدخل مخيمات صبرا وشاتيال بعد المجزرة التي ارتكبها اإلس��رائيليون ليروي ما رآه من فظاعات في كتابه أربع س��اعات في ش��اتيال وربما كانت كتابت��ه بعيد خروجه م��ن مخيم ش��اتيال في أيلول1982 م��ن أهم ما كتبت ع��ن المج��زرة التي ارتكبت بح��ق اآلالف من الالجئين

الفلس��طينيين الس��يما أنها تمت بعد رؤيته بأم العين ألبشع جرائم البشرية.

يق��ول جيني��ه.. إذا نظرنا بانتباه إلى مي��ت فإن ظاهرة غريبة تلفت نظرنا فغياب الحياة في هذا الجسد يعادل الغياب الكلي لهذا الجس��د ووسط جميع الضحايا التي تعرضت للتعذيب ال يستطيع ذهني أن يتخلص من تلك النظرة الالمرئية كيف كان ش��كل ممارس التعذيب من هو إنني أراه وال أراه إنه يفقأ عيني ثم يتساءل صاحب الخادم��ات كم يلزم من األمت��ار لتكفين مثل هذا العدد

الكبير من الموتى وكم من الصلوات. ويعب��ر أيضا عن همجي��ة القاتل بقول��ه.. إن قاتلين قد أنجزوا العملي��ة لكن جماعات عديدة من فرق التعذيب هي في غالب الظن التي كانت تفتح الجماجم وتشرح األفخاذ، وتبتر األذرع واأليدي واألصابع وهي التي كانت تجر بواسطة حبال محتضرين معوقين رجاال ونساء كانوا

ال يزالون على قيد الحياة. إن هذه الشهادة الش��خصية نشرها األديب الفرنسي جان جينيه في مجلة الدراسات الفلسطينية بالفرنسية ثم نشر نصها العربي في العدد السابع من مجلة الكرمل عام 1983 مبينا مقدار الالإنسانية في أفعال القتلة من القوات اللبنانية واإلسرائيليين والتي تفوق أي تصور جعلته ينتقل من الصورة التي تنقلها وس��ائل اإلعالم إلى أخرى أكثر صدقا الس��يما في ظل حساس��يته الش��عرية العالية في نقل مسرح تلك

الجريم��ة البش��عة بكل م��ا تحويه م��ن س��ينوغرافيا خاصة بالم��وت بصيغته الجماعية كما أن معايش��ته لحياة الالجئين الفلس��طينيين لشهور ومش��اهدته لمعاناتهم هي ما دفعه

لكتابة األسير العاشق عام 1986. كت��ب جينيه خمس مس��رحيات فق��ط و كان له��ا تأثير مهم وخاصة خالل الخمس��ينيات والس��تينيات ومن��ذ ذلك الحين انتعشت مسرحيتا الخادمات والشرفات في العالم وترجمتا إلى عدة لغات وبعد نش��ره كوري��ل من بريخت تخلى جينيه ع��ن الرواي��ة وكرس نفس��ه لكتابة الدراما التي ش��كلت له وس��يلة يظهر فيها من خالل هيئ��ات أخرى يتحدث بأصواتها

دون الحاجة إلى أن يؤكد هويته مباشرة. أم��ا روايات جينيه فلم تكن في الواقع منش��غلة برواية قصة وإنما تس��تمد أصالتها في مش��اهدها أو صورها التي تصوغ سلسلة اإليماءات التمثيلية القليلة المهمة والمحشوة من خلل سرديتها وتمنح تلك المشاهد أهمية واضحة اإليماءات ذات الرمزي��ة المعق��دة والش��عائر المليئ��ة بالمغ��زى التي تنت��ج تأثيرات غريبة في الرواية وتجد مكانها الش��رعي في مسرح األسطورة الذي تعود تقاليده إلى المسرح اإلغريقي

والصيني . وقبل وفات��ه أوصى جينيه أن يدفن ف��ي المغرب البلد الذي أحبه أكثر من كل البلدان األخرى التي زارها وأقام فيها وهو يرقد اآلن بمدينة العرايش الواقعة على بعد س��تين كيلومترا

جنوب طنجة.

جان جينيه يف ذكراه املئوية.. أهم كاتب غربي

فضح املمارسات اإلسرائيلية

من )أربعساعات يفشاتيال(:

أدب

منذ انقطعت الطرق، وصمت التليفون، وحرمت في مرة ألول أحسستني، بالعالم، االتصال من

حياتي، أصير فلسطينيا وأكره إسرائيل.***

لكن جماعات عديدة من فرق التعذيب هي، في وتشرح الجماجم تفتح كانت التي الظن، غالب وهي واالصابع، واأليدي األذرعة وتبتر االفخاذ، محتضرين حبال، بواسطة تجر، كانت التي قيد على يزالون ما كانوا ونساء رجاال معاقين،

الحياة.***

أم��ا عن النس��اء وجمالهن، فإن تفس��ير تألقهن سيس��تلزم مناقش��ة طويلة ومعقدة. أكثر من الرج��ال وم��ن الفدائيي��ن ف��ي المعرك��ة، كانت عل��ى ق��ادرات يبدي��ن الفلس��طينيات النس��اء الت��ي التجدي��دات المقاوم��ة، وتقب��ل مس��اندة تحملها الث��ورة. كن قد عصين الع��ادات: نظرة مباشرة مس��اندة لنظرة الرجال، رفض للحجاب،

ش��عورهن مرئي��ة، وأحيان��ا مكش��وفة تمام��ا، ع. أصوات من دون تصد

***الفدائيون كان نفسها، الشاكلة على مخيمات من انعتقوا وقد الفلسطينيون، تلك ونظامه، المخيم أخالق ومن الالجئين، في االستمرار ضرورة فرضتها التي األخالق جد العار، من نفسه اآلن في وانعتقوا العيش،

جميلين.

د. عائشة البصري

ولد جينيه في التاس��ع عش��ر من ش��هر كانون األول/ ديس��مبر س��نة 1910 من أب مجه��ول وأم تخلت عنه بع��د مض��ي بضعة أش��هر عل��ى والدته ليصب��ح تحت وصاية المؤسس��ة العامة لرعاي��ة اللقطاء التي عهدت به بدورها الى أس��رة في إحدى قرى منطقة المورفان الفرنس��ية ليتربى في ظلها حتى يبلغ الثالثة عش��رة م��ن عمره. وم��ا أن أجبر على ترك هذه األس��رة التي أحبته وأحس��نت إلي��ه إال أن تحول الفت��ى جينيه الى متم��رد وثائ��ر وغاضب عل��ى جميع أع��راف وأخالقيات المجتمع ومؤسساته الحكومية التي الحقته وحاكمته باس��تمرار. هكذا دخل جينيه حلقة التشرد والتوقيفات واإلحتج��ازات الت��ي انتهت به في مؤسس��ات العقاب بما فيها س��جن القاصرين الذي كان يعرف باإلصالحية الزراعي��ة والذي س��يقبع فيه الش��اب منذ الخامس��ة عش��رة من عمره الى أن يبلغ التاس��عة عش��رة حين

التحق بالجيش الفرنسي.

جينيه جندي في أرض العربمن أجل الخروج من سجن القاصرين قبل سن الحادية والعشرين، إرتأى جينيه أن يستبق استدعاءه للخدمة العسكرية في آذار/ مارس 1929. إذ تطوع في الجيش لمدة س��نتين في صفوف الفيل��ق األجنبي الذي كان يتكون من فرنسيين وأجانب في خدمة حمالت فرنسا اإلس��تعمارية. لم يكن دافع جينيه نزعته الوطنية بقدر ما دفع به اليأس والعوز لإلرتماء في حضن جيش ووطن

سيمقتهما الحقا.حط الجندي جينيه الرحال بدمشق في كانون الثاني/ يناير 1930 إبان االستعمار الفرنسي لسورية وسرعان ما اختلط عليه حقده على فرنسا بميوله نحو ضحاياها. ف��ي حديث له م��ع الصحافي الفرنس��ي بيرتران بوارو ديلب��ش في كانون الثان��ي/ يناي��ر 1982 وصف جينيه الش��عور المربك ال��ذي انتابه حينذاك ودف��ع به لخيانة فرنس��ا من أجل كس��ب حب الع��رب قائ��ال: 'لقد كان شباب دمشق يستمتعون كثيرا بإطالعي على الدمار ال��ذي ألحقته بالمدينة مدافع الجن��رال غورو. إذ صارت ل��دي رؤية مزدوجة للبطل والش��خص الحقير والمقيت في نفس الوقت الذي كان يمثله غورو. هكذا س��رعان ما أحسس��ت بوقوفي الطبيعي إلى جانب السوريين. ربما كان هذا اإلحساس في البداية يتسم بشيء من المكر لكوني كنت أرغب أن ينظروا إلي نظرة حس��نة، وأن يحبون��ي وأن يس��محوا ل��ي بأن أش��اركهم لعبة

الورق'.تج��ددت تجربة حب��ه للرج��ل العربي المم��زوج بالمكر والش��عور بالذنب بتجديد الجن��دي جينيه لتطوعه في صفوف الجيش الفرنس��ي. فف��ي حزيران/ يونيو 1931 عاد جينيه ليتطوع من جديد في صفوف فوج المش��اة المغارب��ة وه��ي وحدة م��ن جيش فرنس��ا كان مقرها ف��ي مكناس. هك��ذا كان أول لقاء لجيني��ه مع المغرب والمغارب��ة كجن��دي محب مذنب خجول قضى تس��عة ش��هور ما بين مدينتي ميدلت ومكناس قبل أن يتطوع مجددا في صفوف فرقة مش��اة جزائرية مقرها بمدينة تول الفرنس��ية، ث��م فرقة جن��د المش��اة الكولونيالية بإيكس س��ان بروفان��س. لكن يب��دو أن تطوعه لخدمة فرنسا بعيدا عن مستعمراتها لم يرق لجينيه الذي قرر أن يهرب من الجندية في حزيران/ يونيو 1936 ليسدل الس��تار على مرحلة العسكرية التي دامت زهاء ست س��نوات. فضل جنية إلتزام الصمت عن ماضي الجندية ب��ل إنه اختزله في 'بضعة ش��هور' ف��ي كتابه 'مذكرات لص' الذي يروي فيه ابن فرنسا الشقي سيرته الذاتية

كما ت�روى أساطير اإللياذه واألوديسة. يقول:'إن الش��عور بالكرام��ة ال��ذي يمنحه الزي العس��كري للف��رد، والعزل��ة ع��ن العالم الت��ي يفرضهاه��ذا الزي باإلضافة الى مهنة الجندي نفس��ها، وهبتني قس��طا م��ن الراحة والثقة بالنفس حت��ى ولو أن الجيش يوجد

على هام��ش المجتمع-. مما خفف من وضعي كطفل تم إذالله بشكل طبيعي. هكذا استمتعت برفق استضافة الرجال

لي'.ال ش��ك أن جيني��ه يقلل هنا من ش��أن ماضي الجندية الذي يتناقض مبدئيا مع صورة الكاتب الهامش��ي التي رس��مها لنفسه، ليفسح مجاال أكبر لكل ما يغذي ويخدم أسطورة اللقيط، اللص، السجين، المناهض لإلستعمار والمناصر المثلي، للمس��تضعفين. ربم��ا ح��اول جينيه أن يتحاش��ى أن يذكره البعض بأنه قبل أن يثور على فرنسية فرنسا فإنه كان جزءا من آلتها اإلستعمارية وإن كان ذلك على مضض وأن يذكره آخرون بأنه ربما كان قد خ��ان العرب قبل أن يصاحبهم. لكن مثل هذه اإلتهامات قد تبطلها فلسفة األديب نفس��ها الت��ي تمج��د الخيان��ة كفضيلة مقدس��ة بل تحتف��ي بازدواجية الخيانة الت��ي طبعت عالقته بالعرب والغرب في آن واحد. فإن كان الكاتب قد خان العرب بخدمته لفرنس��ا اإلس��تعمارية فانه قد

خان هاته األخيرة أيضا بمناصرته لشعوب مستعمراتها وبحبه للرجل العربي على وجه الخصوص.

فعلى كل من يعش��ق جان جيني��ه أن يدرك بأنه ليس للوفاء واإلخالص وغيرهما من القيم المعتادة مكانة في كتاباته التي تنبذ القيم التي يصفها جينيه بالبورجوازية ليستبدلها بالخيانة والسرقة والحب المثلي في العالم الهامشي الشهواني المنشق الذي نصبه لقرائه؛ عالم يصعب فيه فصل مس��اندة جينيه للقضية الفلسطينية والمقاومة الجزائرية وحقوق المهاجرين المغاربيين عن نظرته العاش��قة والمثلية للعالم. فف��ي مقابلة له مع هوبرت فيشت في العام 1976 أفصح جينيه عن مدى تداخل مواقفه السياسية وميوله الجنسية: 'كنت ربما س��أقف معهم )الجزائريين( في كاف��ة األحوال غير أنه ربم��ا مثليتي هي الت��ي جعلتن��ي أرى أن الجزائريين

ليسوا مختلفين عن باقي الرجال'.لقد كان لإليروسية )الش��هوانية( العربية التي ألهمت أندريه جي��د وغيره من األدباء الغربيين وقع خاص على جيني��ه لدرجة جعلت الحب واألدب والسياس��ة تمتزج عن��ده امت��زاج العاطف��ة والجس��د بالفك��ر. فليس من الغري��ب في ش��يء أن تكون عالقته بعب��د اهلل بن تاكا الشاب األلماني من أصل جزائري الراقص على الحبال قد ألهمت��ه كتاب 'الراقص على الحب��ال' الذي يعد من أعم��ق ما كتب عن جمالية الرق��ص، فكان النتحار عبد اهلل ف��ي ربيع 1964 أثر بلي��غ على الكاتب الذي أحرق

مخطوطاته قبل أن يحاول اإلنتحار بدوره.

مع الفدائيين الفلسطينيين فقد جيني��ه رغبته وقدرته على الكتابة إثر هذا الحادث المأس��اوي ولم يعرف للكتابة والحياة معا طعما إال بعد لقائ��ه بالفلس��طينيين ف��ي أوائل الس��بعينات وزيارته للفدائيين والعيش في مخيماتهم ومعاينة مجزرة صبرا وش��اتيال التي دونه��ا بطريقته في 'أربع س��اعات في ش��اتيال' ، كما روى عش��قه للفلس��طينيين من خالل 'األس��ير العاش��ق' آخر كتاب ل��ه يتداخل في��ه التاريخ

والشعر والسياسة.ال ش��ك أن مناصرة جينيه للقضية الفلس��طينية تدخل في اطار رف��ض الهامش للمركزية الغربية التي عاقبته بينم��ا تدعي الحرية وآلة الحرب العالمية التي تس��اند الع��دوان بينم��ا تدعي الس��الم. لكن ه��ذه اإلعتبارات ال تنف��ي الجان��ب اإليروس��ي الذي جعل��ه يقدم حبه للفلسطينيين على شرعية القضية بعينها :'الحق كل الحق مع الفلسطينيين ألني أحبهم' يقول جينيه. كما يضي��ف قائال في أربع س��اعات في صبرا وش��اتيال :'إن الوضوح البديهي العجيب لما حدث، وقوة تلك السعادة

المرافق��ة لوجودهم )الفلس��طينيين(، يس��ميان أيضا: الجمال'. وعن جمال الفلس��طينيين و'شهوانية' الثورة الفلس��طينية تحدث جينيه بإسهاب بشكل أدهش بل

أحرج أكثر من قارئ: 'إن التأكي��د على وج��ود جمال خ��اص بالثوريين يطرح صعوب��ات كثيرة. م��ن المعلوم � بل م��ن المفترض � ان األوالد الصغ��ار، أو المراهقي��ن، يعيش��ون في أوس��اط عتيقة قاسية، ولهم جمال في الوجه والجسد والحركة والنظرات، يقرب كثيرا من جمال الفدائيين )...( كانت قد ترسبت كل الحساسية الشهوانية التي حررتها الثورة والبنادق. علينا أال ننس��ى البن��ادق. فقد كانت كافية، وكل واحد كان مفعما بالرغبات. )ترجمة من كتاب 'أربع ساعات في صبرا وشاتيال' نشرت في مجلة 'الكرمل'،

العدد السابع، 1983(الحقيق��ة أن��ه حين يتعلق األمر بجان جينيه يس��تحيل اخت��زال عالقته بالفلس��طينيين في القضية نفس��ها � بغ��ض النظر عن إيمانه بصوابه��ا � بل يجب األخذ بعين اإلعتب��ار بقيمه األخ��رى مثل الجمال والم��وت والعنف والعزل��ة: 'ه��ل كنت ألحب الفلس��طينيين لو لم يجعل منهم الظلم ش��عبا مش��ردا؟' يتس��اءل جيني��ه الذي طالم��ا ردد ' أنا مع كل انس��ان وحي��د'، 'أحب من أحب وهم دائما أشخاص جميلون وأحيانا مضطهدون لكنهم صامدون في ثأرهم'. حس��ب منط��ق جينيه، يحق لنا أن نتس��اءل بدورن��ا: هل كان لجيني��ه أن يحب المغرب الى اللحد لوال تعلقه بتشرد وفقر محمد القطراني ذلك الش��اب العرائشي الذي يحكى أن الكاتب كان قد عثر عليه مستلقيا على األرض نائما في أحد أزقة المدينة القديمة في طنجة؟ ألم يجد الكاتب نفسه منجذبا إلى هذا الش��اب الفقير الذي فر من الجندية ألنه ربما ذكره

بجينيه الجندي الهارب اللص الشريد؟'لم يكن محمد القطراني مثليا جنس��يا، غير أن جينيه أفهمني مرارا وتك��رارا بأنه لم يكن يمارس الجنس مع هذا الش��اب. أقدم على تزويجه م��ن امرأة كانت جارة ألس��رته وأنجب منها طفال س��ارع جينيه إلى تسميته بعز الدين وهو اإلسم الشخصي لممثل منظمة التحرير الفلسطينية في باريس 'عز الدين القلق' الذي اغتالته المخاب��رات العراقية عام 1978'. يقول الطاهر بن جلون في أحد مقاالته موضحا، بل معقدا عالقة جينيه بالعرب التي قد يرى فيها البعض شيئا من اإلحراج بيد أن كاتب 'يوميات لص' ال يرى فيها إال مزيدا من الحرية: 'كلما كبر ذنب��ي في عيونكم، أفترض أن تكون حريتي أكبر' يقول جينيه الذي يحبه كل من يضع الحرية فوق كل اعتبار.

----------عن القدس العربي

يف الذكرى املئوية مليالده:جان جينيه، اجلندي العاشق

مضت مائة عام على ميالد األديب الفرنس��ي ج��ان جينيه في باريس ومضى زه��اء ربع قرن على مقامه بيننا في مقبرة متواضعة تطل على زرقة المحيط األطلس��ي وصخبه من أعلى ربوة هادئة بمدينة العرائش المغربية. للتمعن في سر العشق الذي دفع بالكاتب إلى هاته الهجرة العكس��ية التي أقصى من خاللها ذاته من الغرب والشمال ليهبها إلى الش��رق والجنوب مع��ا ، ال بد من الوقوف على ماض��ي جينيه الجندي الذي جعله يتعرف على العرب ألول مرة ليحبهم ثم يتمادى في غضبه

ونقمته على الغرب.

أدب

جان جينيه

مرت عشر سنوات ولم أعرف عن الفدائيين ش��يئا س��وى أنهم كانوا في لبن��ان. كانت الصحاف��ة األوروبي��ة تتح��دث عن الش��عب الفلس��طيني، بوقاح��ة، بل وباس��تخفاف.

وفجأة: بيروت الغربية.للصورة الشمس��ية بعدان، وكذلك لشاشة التلفزي��ون، إال أنهم��ا كالهم��ا ال يمكن ان داخلهم��ا. يط��وف او االنس��ان يعبرهم��ا م��ن جدار الى ج��دار، داخل زق��اق األرجل المقوس��ة أو المدعمة الت��ي تدفع الحائط، وال��رؤوس المتكئ��ة بعضه��ا عل��ى بع��ض، والجثث المسودة المنتفخة التي كان علي أن أتخطاها، كلها كانت جثث فلس��طينيين

ولبنانيين.إن الصورة الشمس��ية ال تلتقط الذباب، وال رائح��ة الموت البيضاء والكثيفة. إنها ال تقول لنا القف��زات التي يتحتم القي��ام بها عندما

ننتقل من جثة الى أخرى.الح��ب والموت، هات��ان الكلمت��ان تتداعيان بس��رعة كبيرة عندما تكت��ب احداهما على الورق. لقد كان علي أن أذهب الى ش��اتيال ألدرك بذاءة الحب وبذاءة الموت. فاألجساد، ف��ي الحالتي��ن لي��س لديها ما تخفي��ه. كان جس��م رجل فيم��ا بين الثالثين والخامس��ة والثالثين ممددا عل��ى بطنه، والجزء الوحيد م��ن وجه��ه، ال��ذي تمكنت من رؤيت��ه، كان بنفسجيا وأس��ود. وفوق الركبة بقليل، كان فخ��ذه المثن��ي يكش��ف جرحا تح��ت الثوب المم��زق. ما أصل الجرح: حربة، أم س��كين، أم فأس، أم خنجر؟ ذباب فوق الجرح وحوله. وال��رأس أكبر م��ن بطيخة، بطيخة س��وداء.

سألت عن اسمه.� فلس��طيني، أجابن��ي رجل فرنس��ي في

األربعين وقال: انظر ما فعلوا.وسط جميع الضحايا التي تعرضت للتعذيب، وبالقرب منها، ال يستطيع ذهني أن يتخلص من تلك »النظرة الالمرئية«: كيف كان شكل ممارس التعذيب؟ من هو؟ إنني أراه وال أراه. إنه يفقأ عيني، ولن يكون له أبدا ش��كل آخر س��وى الشكل الذي ترسمه وضعية أجساد الموت��ى، وإش��اراتهم الخش��نة، وهم تحت

الشمس، تنهبهم أسراب الذباب.لننظر الى المسألة عن قرب: منظمة التحرير الفلس��طينية تغ��ادر بي��روت بكرام��ة، فوق باخرة إغريقية ترافقها حراس��ة بحرية. بشير الجمي��ل يزور بيغن في إس��رائيل متخفيا ما أمكن. القوات الدولية )األميركية والفرنسية واإليطالية( تنهي وجودها يوم االثنين وتغادر. ي��وم الثالثاء يقتل بش��ير، وصباح يوم األربعاء تدخل القوات اإلسرائيلية الى بيروت الغربية. وبم��ا أن الجنود اإلس��رائيليين أتوا من جهة الميناء، فقد كانوا يزحفون على بيروت صباح دف��ن بش��ير الجميل. وم��ن الطاب��ق الثامن للعمارة التي أسكنها، كنت أراهم، بواسطة منظار مقرب، يصلون في شكل صف هندي: ص��ف واح��د. تعجبت م��ن أن ال ش��يء آخر يحدث، ألن بندقي��ة منظار جيدة كانت قادرة على ان تسقطهم جميعهم. لكن وحشيتهم

كانت تسبقهم.كانت إسرائيل قد تعهدت أمام فيليب حبيب، ممثل الحكوم��ة األميركية، بأال تدخل بيروت الغربية، وتعهدت ان تحترم سكان المخيمات الفلس��طينية المدنيي��ن. وق��د وع��د حبيب عرفات بإطالق س��راح تس��عة آالف سجين معتقلين في إسرائيل... لكن، يوم الخميس

بدأت مذابح شاتيال وصبرا.أتنق��ل من جثة الى أخرى، ولعبة الوزة هذه س��تنتهي حتما الى هذه المعجزة: شاتيال وصب��را يمحي��ان. كانت المرأة الفلس��طينية مس��نة، في غالب الظن، ألن الش��يب كان يمازج ش��عرها. كانت مم��ددة على ظهرها. اندهشت، أول األمر، لوجود جديلة غريبة، من قماش وحبل، ممتدة من معصم الى معصم

آخر، رابط��ة بذل��ك الذراعي��ن المتباعدتين، وكأنهما مصلوبتان. والوجه األس��ود المنتفخ مستدير نحو السماء، كاشفا عن فم مفتوح مألت��ه قتامة الذب��اب، وأس��نانه ظهرت لي ج��د بيضاء. كان ه��ذا الوجه يب��دو، من دون ب، أو ان تتح��رك عضلة في��ه، إما كأن��ه يقطيبتس��م، أو يصرخ صرخة صامتة مسترسلة. كانت جواربها من الصوف األسود، والفستان ذو األزه��ار الوردية والرمادية مش��مرا قليال، أو أن��ه جد قصي��ر، لس��ت أدري، مما يجعله يكشف عن أعلى ربلتي الساقين السوادوين

المنتفختين.� انظر يا سيدي، انظر الى يديها.

لم أكن قد الحظت ذلك، فأصابع يديها، كانت مروحية الشكل، واألصابع العشرة مقطوعة بمق��ص. ال ش��ك ان جن��ودا ق��د اس��تمتعوا وهم يكتش��فون هذا المقص ويس��تعملونه،

ضاحكين مثل أوالد وهم يغنون فرحين.في اليوم التالي لدخول اإلسرائيليين أصبحنا سجناء، إال أنه خيل إلي بأن الغزاة لم يكونوا موضع خش��ية بقدر ما كان��وا موضع احتقار، وكان��وا يبعث��ون على الغثيان أكث��ر مما كانوا يحدثون الرعب. لم يكن أي جندي يضحك أو يبتسم. والزمن هنا لم يكن بالتأكيد زمنا لنثر

حبات األرز والورود.من��ذ انقطع��ت الط��رق، وصم��ت التليفون، وحرم��ت من االتصال بالعالم، أحسس��تني، ألول مرة في حياتي، أصير فلس��طينيا وأكره

إسرائيل.إن التأكيد على وجود جمال خاص بالثوريين يط��رح صعوب��ات كثيرة. م��ن المعل��وم � من المفت��رض � ان األوالد الصغار، أو المراهقين، يعيش��ون في أوس��اط عتيقة قاسية، ولهم جمال في الوجه والجسد والحركة والنظرات، يق��رب كثيرا من جم��ال الفدائيين. وقد يكون تفس��ير ذلك هو اآلتي: بتكسيرهم لألوامر، والقي��ود العتيقة، أخذت حرية جديدة تش��ق طريقه��ا عبر الجل��ود الميتة، وس��يجد اآلباء والجدود مش��قة ف��ي إطفاء بري��ق العيون،

وكهرباء األصداغ، وحبور الدم في النسوغ.خ��الل ربي��ع ع��ام 1971، عندما كن��ت أزور القواعد الفلس��طينية، كان الجمال منتشرا بذكاء وس��ط غابة تنعش��ها حرية الفدائيين. وف��ي المخيم كان الجمال مختلف��ا، مكتوما بعض الشيء، ينشر ظالله من خالل سيادة النس��اء واألطفال. كان��ت المخيمات تتلقى نوع��ا من الضوء الصادر عن قواعد القتال. أما عن النس��اء وجمالهن، فإن تفس��ير تألقهن سيس��تلزم مناقش��ة طويلة ومعق��دة. أكثر من الرج��ال وم��ن الفدائيين ف��ي المعركة، كانت النس��اء الفلس��طينيات يبدين قادرات على مس��اندة المقاومة، وتقبل التجديدات الت��ي تحملها الثورة. كن قد عصين العادات: نظرة مباش��رة مساندة لنظرة الرجال، رفض للحجاب، شعورهن مرئية، وأحيانا مكشوفة

ع. تماما، أصوات من دون تصدكل ي��وم، خ��الل ش��هر كام��ل، ودائم��ا في »عجل��ون«، كن��ت أرى ام��رأة نحيف��ة لكنها قوي��ة، مقرفصة، في الب��رد، كأنها في وضع االس��تعداد النطالق مفاجئ. كان��ت المرأة ترتدي فس��تانا أس��ود مزينا بش��رائط على حافت��ه وعند االكم��ام. كان وجهها قاس��يا، لكن��ه لم يك��ن حق��ودا، متعب��ا لكن��ه ليس مضجرا. كان المس��ؤول ع��ن المغاوير يهيئ غرفة خالي��ة تقريبا، ثم يش��ير إليها فتدخل ال��ى الغرف��ة، وتغل��ق الباب، لك��ن من دون مفت��اح. ث��م تخرج من غي��ر ان تتفوه بكلمة، ومن غير ابتسامة على محياها.. كانت تعود منتصبة، الى جرش، حيث مخيم »البقعة«. وقد عرفت، فيما بعد، ان المرأة كانت عندما تدخ��ل ال��ى الغرفة المخصصة له��ا في مقر الحراس��ة، ترفع فس��تانيها األسودين وتفك جميع األظرفة والرسائل التي كانت مخاطة داخلهما، وتطرق الباب طرقا خفيفا لتس��لم الرسائل الى المسؤول، ثم تخرج وترحل من

دون أن تتفوه بكلمة. كانت تعود في الغد.منذ مس��اء يوم الخميس. يا لها من حفالت وم��ن مآدب فاخ��رة تلك الت��ي أقيمت حيث الموت كان يبدو وكأنه يش��ارك في مسرات الجنود المنتش��ين بالخم��رة وبالكراهية. وال ش��ك انه��م كانوا منتش��ين، أيض��ا، بكونهم ق��د نالوا إعجاب الجيش اإلس��رائيلي، الذي كان يستمع وينظر ويشجع ويوبخ المترددين ف��ي قتل األبري��اء. إنني لم أر ه��ذا الجيش اإلس��رائيلي رؤي��ة العي��ن واألذن، غير أنني

رأيت ما فعله.في الليل، تحت ضوء الصواريخ اإلس��رائيلية الت��ي كان��ت تني��ر المخيمين، فإن خمس��ة عشر راميا، أو عشرين، ولو بأفضل األسلحة، ما كان بوسعهم أن ينجحوا في تحقيق هذه المجزرة. إن قاتلي��ن قد أنجزوا العملية، لكن جماع��ات عدي��دة م��ن ف��رق التعذيب هي، ف��ي غالب الظن، التي كانت تفتح الجماجم وتش��رح االفخ��اذ، وتبت��ر األذرع��ة واألي��دي واالصاب��ع، وهي التي كانت تجر، بواس��طة حبال، محتضرين معاقين، رجاال ونس��اء كانوا

ما يزالون على قيد الحياة.إن الموتى الذين أجدهم، عادة، وبس��رعة، مألوف��ون، بل ودي��ون، ولم أس��تطع أن أميز فيهم، وأنا أنظر الى قتلى المخيمات، سوى كراهية وس��رور أولئك الذي��ن قتلوهم. حفلة وحش��ية جرت هناك: س��مر، نشوة، رقص، غن��اء، نداء، عوي��ل، تأوهات... على ش��رف متفرجين كانوا يضحكون وهم جالس��ون في

الطابق األخير من مستشفى عكا.قب��ل ح��رب الجزائ��ر، ل��م يكن الع��رب، في فرنس��ا، جميلي��ن. كانت حركاته��م بطيئة، متلكئة، ووجههم جانبيا باستمرار... وفجأة،

لهم االنتصار. تقريبا، جمالفدائي��ون كان نفس��ها، الش��اكلة عل��ى

الفلس��طينيون، وق��د انعتقوا م��ن مخيمات الالجئي��ن، ومن أخالق المخيم ونظامه، تلك األخالق التي فرضتها ضرورة االستمرار في العيش، وانعتقوا في اآلن نفس��ه من العار،

جد جميلين.فالفتيات الفلسطينيات يصبحن جد جميالت عندما يتمردن على األب، ويكسرن إبر التطريز ومقصاته فوق جبال عجلون والس��لط وإربد. وعلى الغابات نفسها، كانت قد ترسبت كل الحساس��ية الش��هوانية التي حررتها الثورة والبنادق. علينا أال ننسى البنادق. فقد كانت

كافية، وكل واحد كان مفعم الرغبات.ف��ي ش��اتيال م��ات الكثي��رون م��ن ه��ؤالء الفدائيين، ولكن صداقت��ي ومودتي لجثثهم اآلخ��ذة بالتعفن، كانتا أيض��ا كبيرتين. ألنني كنت قد عرفتهم من قبل. إنهم، وقد انتفخوا، واسودوا، وعفنتهم الشمس والموت، يظلون

فدائيين.بالق��رب من نهر األردن، كان الفدائيون يبدون متأكدين من حقوقهم، ومن سلطتهم، لدرجة أن وص��ول زائر، ليال أو نه��ارا، الى أحد مراكز المراقبة، كان مناسبة لحضور الشاي، وتبادل الحدي��ث المصح��وب بالضح��كات، والقبالت األخوية )الش��خص الذي كان��وا يقبلونه كان يرحل تلك الليلة، ويخت��رق نهر األردن ليضع قنابل داخل فلس��طين، وفي غالب األحيان ل��م يكن يعود(. وج��زر الصمت الوحيدة كانت هي القرى األردني��ة: كان الفدائيون يغلقون أفواه��م عندما يصلون إليه��ا. كانوا جميعهم يظهرون وكأنهم محمولون قليال فوق س��طح األرض بتأثي��ر كأس نبيذ نف��اذ. ما الذي كان يس��بغ عليه��م ذل��ك المظهر؟ انه الش��باب الالمبالي بالم��وت، والذي كان يحصل على أس��لحة تش��يكية وصينية تتيح له ان يطلق الرص��اص في الهواء. محميين بأس��لحة لها دوي عال، لم يكن الفدائيون يخشون شيئا.

لم يكن الفدائيون يريدون السلطة، فقد كانوا يمتلكون الحرية.

عند عودتي من بيروت، وفي مطار دمشق، قابل��ت فدائيي��ن ش��بابا نج��وا م��ن الجحيم اإلس��رائيلي. كان عمرهم س��ت عش��رة أو سبع عش��رة س��نة: كانوا يضحكون، وكانوا ش��بيهين بفدائيي عجلون. انهم سيموتون مثله��م. فالمعركة من أج��ل البالد يمكن أن تمأل حياة جد غنية، لكنها قصيرة. وهذا، كما

نذكر، هو اختيار أخيل في ملحة اإللياذة.

األدي��ب نش��رها ش��خصية ش��هادة *الفرنسي جان جينيه في مجلة »الدراسات الفلس��طينية» بالفرنس��ية، ثم نش��ر النص العربي في مجلة »الكرمل«، العدد السابع،

1983----------

عن ملحق فلسطين / السفير

أربع ساعات يف شاتيال بالنسبة إلي، أن تكون كلمة »فلسطينيون« موضوعة في العنوان، أو في صلب مقالة، أو على منش��ور سري، فإنها تس��تحضر في ذهني مباش��رة الفدائيين في مكان معين ه��و: األردن، وخالل فت��رة يمكن تحديدها بس��هولة. ففي هذه الفترة وفي ذلك المكان، عرفت الثورة الفلس��طينية. إن الوضوح البديهي العجيب لما حدث، وقوة تلك الس��عادة

المرافقة لوجودهم، يسميان أيضا: الجمال.

أدب

كتب

الناصرة - رمان

عن دار أزمنة في عمان صدر مع مطلع الع��ام 2011 الكت��اب النث��ري الجدي��د اب��ن الفلس��طيني الكات��ب للزمي��ل الناصرة راجي بطحي��ش، تحت عنوان "بر-حيرة- بحر". وعرف الناش��ر الكتاب ال��ذي يقع في 110 صفح��ة على أنه بورتري��ه منث��ور، فيما قام��ت بتصميم )ابن��ة الفلس��طينية الفنان��ة غالف��ه الناص��رة أيض��ا( والمقيمة ف��ي لندن،

غريس عبدو."بر-حيرة-بح��ر" هو محاولة من الكاتب للقي��ام بعملية مونت��اج لحياته وأماكن تواج��ده، حي��ث يجل��س عل��ى م��دار الصفح��ات م��ع المونتي��ر ف��ي غرف��ة المونت��اج ليزرع داخله مزيدا ومزيدا من الحيرة. وينجح االثنان أحيانا ويفش��الن ف��ي معظ��م الوق��ت حين تق��ف لهم بالمرص��اد عوام��ل تلع��ب دور البطولة في الكتاب، كفصول الس��نة )لذلك تم تقس��يم الكتاب إلى أربع��ة أبواب تعبر عن الفص��ول األربعة للس��نة(، إضافة إلى األماكن حيث يلبس النص بشكل كامل أحجبة المكان الذي يتحدث عنه وعبأه الشعوري ويتمحور الكتاب خاصة حول مثلث "ت��ل أبيب-حيفا-الناصرة"، ف��ي محاول��ة لنقش الش��كل الحالي لم��دن وطرق��ات ومالم��ح فلس��طين 48، كم��ا تش��كل مس��ألة "االرتط��ام اإلنساني" مع الغريب-العدو في النص بمثاب��ة الوق��ود ال��ذي يش��حن محرك السرد ليقوده نحو االنفجار أو التفكك. "بر-حيرة-بح��ر" ه��و كتاب ع��ن الهوية الجنس��ية واإلغ��واء والم��وت والكآب��ة واألبوة والثق��ل التاريخي العائلي وعن

بيوت فارغة غادرها الجميع وعن فئات آخذة بالتالشي.

يذك��ر أن الكات��ب هو م��ن المجموعة المؤسس��ة لموق��ع "قديت��ا" الثقافي والسياس��ي )www.qadita.net( وهو يقوم حاليا بتحرير زاوية "مثليون ونص" الت��ي أثارت ضجة كبيرة وجدال واس��عا لم��ا تطرحه من مواضيع تخص الهويات الجنسية المتعددة وتسلط الضوء على الجنس-الكويرز" في مجتمعات "أحرار فلس��طين والعالم العرب��ي، كما يطل الكاتب بشكل دوري على قراء الجريدة

عبر زاويته "من فرط الرمان".صدر للكات��ب أيضا: "الظ��ل والصدى"، ش��عر، الناصرة 1998؛ "العري وقصائد أخرى"، ش��عر، دار الش��روق- عمان، ربي��ع للش��تاء..ظل "حديق��ة 2002؛ الش��روق-عمان، دار نث��ر، ض��اع"، ب��دل قصصي��ة: "مجموع��ات 2003؛ الضائع ")2005(؛ "غرفة في تل أبيب" )2007(؛ ملح كثير..أرض أقل" )2009( الصادرة جميعها عن المؤسسة العربية

للدراسات والنشر- بيروت.م��ن "بر-حي��رة- بح��ر" نخت��ار المقطع

التالي:مشهد حالم وضبابي من أجواء المدينة

التي أنهكها الحر2

ها أنا أقف عند موق��ف الحافالت. يعبر ب��اص رق��م 40، تضع الفتاة الش��احبة خده��ا عل��ى الزج��اج المل��وث.. في الداخل تحتمي عيونها بجسور وأنفاق المدينة وبانعكاسات أبراجها المنتصبة الجاه��زة لإلي��الج ف��ي ثق��ب التاري��خ والجغرافي��ة ف��ي أي��ة لحظ��ة معطاة. تحتمي بجس��ر المش��اة فوقها وفوق

الحافلة.. يقطع صخ��ب جماعة الفتية الالجئي��ن من دارف��ور حب��ل أفكارها.. يتح��دث زعي��م الش��لة ع��ن مغامراته هو وأمه حين عبرا الحدود الس��ودانية اإلس��رائيلية فالمصري��ة المصري��ة فاإلس��رائيلية الفلس��طينية فالعربي��ة اإلسرائيلية فالفلسطينية الفلسطينية فالشرقية الغربية فاإلسالمية اليهودية فالمواالتي��ة الس��عودية فاإليراني��ة المعارضاتية.. ف��ي طريقهم إلى أرض البرتقال المهن��دس وراثيا يقول الزعيم الدارف��وري: "هل تش��اهدون؟ رصاصة

الجندي المصري ال تزال في جيبي!"تحتمي الفتاة الشاحبة بخياالت جسر عمالق تتوارى جث��ث القطط المتعفنة بي��ن أعمدت��ه.. تحتم��ي م��ن لحظ��ة حميمي��ة واحدة س��تجمعها بعد قليل مع أمه��ا وأخيها حول ذكري��ات طفولة بعيدة في قرية قرب تشرنوبيل، عندما تحولت الطابة الحمراء إلى كتلة صفراء

من الحيرة.

بر-حرية-حبر..جديد راجي بطحيش

ب��كل عدد وم��ن هالقرنة الصغي��رة رح أحكيلكو ع��ن غن��اي إله��ا ح��كاي أو "خريفي��ة" ع قولة س��تي اهلل يرح��م روحه��ا، رفيا الكبي��رة. كانت دايم��ا تحكيل��ي "تعي ت��ا أخرف��ك هالخريفية" وتخرفني عن البالد والعباد؛ عن أيام الصبا بعكا وعن سيدي -أش��هر خياط قنابيز بعرابة بهديك األيام- والخيالة وأع��راس زمان وأيام العصملي وغيرهن كتير، وأكي��د في خراريف غير الغناني مت��ل األمث��ال الش��عبية وع��ادات أه��ل بالدنا بالزمان��ات )ع قولة الصبوح��ة: إيام اللولو!( بس حبي��ت البدايات تكون مع الغناني اللي انحفرت

بالذاكرة الفلسطينية.خريفية هالعدد عن زجلية "يا حاللي يا مالي"، الل��ي بتت��ردد دائم��ا باألع��راس الفلس��طينية وبينزلوا الش��باب عليها ب�"الس��حجة العربية". هالزجلية صارت توخد طابع مختلف من مناسبة لمناسبة، إشي اجتماعي إشي وطني إشي سياس��ي، ب��س بالنهاي��ة كلهن بيلتق��وا ب�"يا

حاللي يا مالي".بيقول��وا هالل��ي بيقولوا إنو ف��ي قرية من قرى فلسطين عاش زلمة حياة فوق الريح، قصر إلو أول ما إلو آخر، حاش��ية وحرس، مال ومواشي وأراضي، بعيد ومعزول عن أهل قريته، ال بيسأل فيهن وال بيتلفت ألحوالهن الصعبة. كانوا الناس بهالقرية عايش��ين ع الزراعة وترباية المواشي متلهن متل غيرهن بالقرى التانية، وبسنة من الس��نين ابتل��ى ربنا البالد بجف��اف وقلة مطر، فنش��فت اآلب��ار ويبس الزرع ت��ا راح منو اللون، تغيرت أحوال الناس وانقلبت البس��اتين الخضرا ألرض ج��ردا، جاع��وا الن��اس وانتش��ر المرض

ونفدت المونة وصاروا بأسوأ حال.بلش��ت الن��اس تتوج��ه لقص��ر الغني مش��ان يستعطفوه، بلكي زعل ع حالهن وشفق عليهن وأعطاهن ولو ش��ي بسيط من الرزق اللي ربنا حطو بين إيديه، بس س��المتكو وتعيش��وا، دان م��ن طين ودان من عجي��ن، ردهن خايبين وزاد

الضيم. وبي��وم م��ن األي��ام طل��ع البخيل مع حاش��يته العريضة تا يش��قر ع المواش��ي ويتفقد الحالل بين حقول القرية ووديانها، بنفس الوقت كان كم واحد من ش��بان القرية متفقين عليه وناطرينو، هجموا عليه وعالحرس وربطوهن عند عين مي بالوادي وأخ��دوا كل الحالل والغنم ووزعوهن ع أه��ل القرية، وبعدها راحوا ع القصر وجمعوا كل األكل والش��رب اللي فيه وقسموهن ع الفقرا والمس��اكين، وفرحوا الن��اس وأجاهن الخالص

بعد صبر طويل.بنفس النه��ار صار إنو مرقت قافل��ة تجارية من جنب العي��ن والقوا البخيل واللي معو مربطين، فكوه��ن ودغري ركض البخيل تا يش��وف ش��و ص��ار بالحالل وما القى منو ش��ي، فصار يضرب ك��ف بكف ويصرخ "يا حاللي!" والحاش��ية تعيد من وراه "ي��ا حاللي!"، وبعده��ا وصل ع القصر وخب��روه الخدم إنو المال وكل ما في القصر من أكل وش��رب راح، رجع يض��رب كف بكف ويصيح "يا مالي!" والحاشية تعيد من وراه "يا مالي!"، وض��ل ين��دب ويصي��ح "يا حالل��ي! ي��ا مالي!" ويضرب كف بكف من الن��دم، ومن يومها صارت مثل وأغنية خالدة بتتردد باألعراس وجلس��ات السمر كنوع من التذكير بمصير أي غني بخيل

ما بيتلفت للمحتاج تا يعينو..

الزجلية بالطابع االجتماعيhttp://www.youtube.com/watch?v=JHH2zUcz5rU

الزجلية بالطابع الوطنيhttp://www.youtube.com/watch?v=s4j3WuTwOLالزجلي��ة

بالطابع السياسيhttp://www.youtube.com/watch?v=m5nf9KfaDEsالمصدر:

روايات متناقلة من مواقع مختلفة

مفيد صيداوي

يكت��ب عن المس��يرة ومن س��اروها بمحبة وبإعج��اب وبإبداع أدب��ي ولغ��وي يذكرني جدا بكتاب��ات الش��اعر المناضل معين بسيس��و وأن��ا أق��رأ دفاتره الفلس��طينية , النب��رة , التحدي , اللغ��ة التي يفرضها الحدث , يذكرني بكتاب "البدايات "للرفيق

يعق��وب زيادي��ن الطبي��ب الش��يوعي األردني الذي ل��م يترك مبضع الطب وال الرس��م النضالي بالكلمات , أذكره مع رفيقي الذي عايش��ت إرهاصاته للكتابة عن الحزب والرفاق في كتاب "الش��جرة وارفة الظالل "المرحوم د. أحمد سعد الذي احببت في��ه تواضع��ه وأصالته , وأذكره مع كتاب "ال��درب والرفاق "عن رفاق الحزب الش��يوعي اللبناني , أذكره بتواضع وأنا أذكر كيف جمع��ت مقالتي في كتاب " كتابة على جدار الجامعة "وذللت المصاعب بين مطبعة وأخرى وكيف اقترضت تكاليف طباعته من أحد األصدقاء وهو يحكي نفس الحكاية وبنفس النغمة , أذكره في أنغام كتاب " يوميات ختيار لم تمت أجياله" للرفيق توفيق كناعنه وكتاب "يوم األرض" للرفيق عمر س��عدي وغيرهم ربما لم أحصل على كتبهم وربما نسيتهم فأطلب منهم المعذرة , د. خالد تركي ينتمي لهذا الدرب ولهذه الكوكبة ولذلك تش��عر

بصدقه العاطفي بحماسه الشيوعي . ل��م يبالغ في تس��ميتهم "حماة الديار" هؤالء الش��باب الذين س��هروا الليالي ليكتبوا منشورا على ضوء شمعة وأحيانا بخط اليد , هؤالء الذين سهروا للتخطيط لمظاهرة جبارة في قراهم ضد الحكم العس��كري وللدفاع عن طفل وعن طفلة , ألم يقل ش��اعرهم ش��اعرنا توفيق زي��اد "وأعطي نص��ف عمري للذي

يجعل طفال باكيا يضحك " . كتب عن الذين "ش��قوا لنا الطريق بعرقه��م وكدهم وأناروا لنا

دربنا بنور عطائهم وتفانيهم ... " من اإلهداء . كت��ب عن الذين حلموا بتحطي��م القيود وببناء الكون جديدا حرا خاليا من الظلم والظالم وأوالد الحرام , حلموا بجنة على هذه األرض الطيب��ة خميل��ة من الهناء والس��عادة وعدم اس��تغالل اإلنسان ألخيه اإلنسان في كل مكان على وجه البسيطة .

خالد تركي يعط��ي للحالمين الذين ربما لم يحققوا حتى اآلن ه��ذا الحلم الجمي��ل كل التقدير واإلحترام , ب��ل يدعو إلكمال المس��يرة نح��و تحقيق الحلم , البعض يعاق��ب الحالمين ويريد دفن كل تراثهم ويريد السخرية من حلمهم الجميل , في إحدى تنقالتي مع رفيقي غازي ش��بيطة ) س��كرتير منطقة المثلث سابقا ( , والرفيق رمزي خوري طيب الذكر مررنا بشخص وقد أصب��ح غنيا من منطقة عكا ولكنه يعرف الرفيق رمزي , وإذا به يسأل بلهجة فيها نوع من اإلستعالء والسخرية قائال : أما زلت تناضل يا أبا منذر ؟ فأجابه حاال : بكل تأكيد حتى ينتهي الظلم , وس��ندافع أيضا عن أصحاب رؤؤس األم��وال الصغيرة جدا من

العرب ... فصمت الرجل . خال��د تركي في كتاب��ه " يؤثث " هذه المكتب��ة العامرة والتي يجب أن تزي��د لهذا الدرب فمحاوالت الهم��ز واللمز والنيل منه كثي��رة ومصادرها عديدة ولإلجيال الجديدة التي يحاولون جرها إل��ى الجريمة والعنف والس��موم حاج��ة موضوعية لمثل هذه المؤلف��ات , وهي – أي المؤلفات – معين ال ينضب, فهنيئا لك

أيها الطبيب العلمي واألدبي وإلى األمام ومبروك . http://www.aljabha.org/files/ :الكتاب متوف��ر على ه��ذا الراب��ط

homat-aldiyar.pdf

)محاة الديار( خلالد تركيإبداع يف حفظ تارخينا الغين

الدكت��ور خالد تركي طبيب يس��هر عل��ى مرض��اه في المستش��فى الطليان��ي في حيف��ا , ولكنه مبدع ف��ي لغته العربية التي أش��عر وأنا أق��رأه أنه��ا تنس��اب انس��يابا من دماغ��ه وعقله إلى قلم��ه إن صح تعبي��ري , وه��و رفي��ق درب مقتنع بدربه ومسيرته حتى النخاع , تشعر أحيانا بانه ال يتوقف للتفكير بعضا ليراج��ع لحظة من أخطاء المس��يرة ربما الت��ي النضالية تك��ون ق��د حدث��ت , لم��ن يق��ول وكأن��ه م��ن مزي��دا يق��رأه م��ن مزي��دا الثب��ات بالدرب أوال اإللتصاق , وربما يقول هنا في ه��ذا الوطن الممهور في رفاقنا بتضحيات والمثل��ث الجلي��ل والنق��ب , نعم النقب كان لن��ا رفاق ومازال لن��ا رفاق وس��يبقى لن��ا رفاق رغ��م أنف والهادمين الرجعيين العراقي��ب بي��وت وخاص��ة , وغيره��ا مسيرة البقاء والتجذر بالوط��ن ال حاج��ة لإلرتباك " فنح��ن نورنا الس��بيل في لهيب

المستحيل بين نقب وجليل " .

األخرية