ﺢﻳﺳﻣﻟﺍ ﺔﻣﺎﻳﻗ -...

مؤسسة القديس أنطونيوس المركز األرثوذكسى للدراسات اآلبائية

آبائيةدراسات ـ 24ـ

قيامة المسيحقيامة المسيح

دكتور نصحى عبد الشهيد 2004أبريل

ح : اسم الكتاب سي ة امل قيام

د : اسم المؤلف شهي د ال عب ى ح ص ور ن دكت

: مؤسسة القديس أنطونيوس ـ المركز األرثوذكسى الناشر(ب) ش إسماعيل الفلكى 8راسات اآلبائية بالقاهرة : للد

2414023محطة المحكمة مصر الجديدة ت: E-mail: [email protected]

دار يوسف كمال للطباعة : اسم المطبعة 4865378، 4827074ش المدارس حدائق القبة 2

: رقم اإليداع : م الدوليالترقي

mailto:[email protected]

قداسة البابا شنودة الثالثقداسة البابا شنودة الثالث

بابا األسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية

المحتويات 7 مقدمة

1B8 أوال: قيامة المسيح 8 ـ المسيح هو القيامة ألنه هو الحياة بطبيعته 1 12 ـ القيامة والصليب متالزمان 2 17 ـ القيامة محور كرازة الرسل 3 19 جسد المسيح في القيامة ـ 4

20 أ ـ األكفان والقبر الفارغ

23 ب ـ ظهور المسيح للتالميذ واألبواب مغلقة

25 ج ـ طبيعة جسد المسيح في القيامة

28 + التعرف على شخص يسوع بعد القيامة

30 + التغييرات في جسد القيامة

2B34 ثانيا: فاعلية قيامة المسيح 34 اكورة الراقدينـ المسيح ب 5 38 ـ اكتمال إعالن القيامة فى اليوم األخير 6 41 ـ قوة قيامة المسيح تعمل فى حياتنا الحاضرة 7 43 أ ـ القيامة واإليمان 44 ب ـ القيامة والمعمودية 46 ج ـ القيامة والتوبة

48 د ـ القيامة واإلفخارستيا 49 األسرار هـ ـ قوة قيامة المسيح تعمل فى بقية 51 ز ـ القيامة والمحبة 51 ح ـ قوة قيامة المسيح والشهادة 53 ط ـ قوة القيامة وحياة العفة والطهارة 53 ي ـ قيامة المسيح تهبنا رجاء ال يضمحل منذ اآلن 54 ـ فاعلية قيامة المسيح فى إنساننا الداخلى منذ اآلن 8

مقدمةعن " قيامة المسيح فى أقوال نواة هذا الكتيب هى محاضرة

اآلباء" ألقيت فى المركز األرثوذكسى للدراسات اآلبائية مساء وقد فرغت المحاضرة من شريط م 2003مايو 5االثنين الموافق

بإضافة بعض النقاط التكميلية التى التسجيل ثم قمت بمعونة الرب لم يتسع لها الوقت المحدد للمحاضرة عند إلقائها.

نتوسل إلى الرب المخلص يسوع المسيح ابن اهللا الذى أباد الموت بموته وأنار الحياة الحاضرة والحياة اآلتية بنور قيامته، أن ينعم علينا دائما أن نعرفه فى قوة قيامته، قوة حياته الغالبة، لكى نستطيع أن نسير معه ووراءه حاملين الصليب ومشتركين فى آالمه فى انتظار

المجيد المغبوط عند مجيئه الثانى من السماء. لقائهليبارك إلهنا المحب الثالوث اآلب واالبن والروح القدس فى هذا

الكتيب لبنياننا جميعا لتمجيد اسمه القدوس، بصلوات العذراء واآلباء الرسل وجميع القديسين، وصلوات قداسة البابا شنودة

اآلن والى األبد.الثالث، وإللهنا القدوس كل تسبيح وسجود تذكارنياحة األنبا بوال أول السواح

م2004فبراير 10 ش1720أمشير 2

دكتور نصحى عبد الشهيد

مؤسسة القديس أنطونيوس آلبائيةاالمركز األرثوذكسى للدراسات

آبائيةدراسات

ـ 24ـ

قيامة المسيح

0B دكتور نصحى عبد دكتور نصحى عبد الشهيدالشهيد

اره على الخطية أن عمل المسيح الخالصي وانتص

والموت يظهران بقوة فعالة وببرهان واضح في القيامة. وهذا هو ما نخاطب به المسيح في صالة

أبطلت الموت بموتك ”الساعة التاسعة قائلين: . إذن، فقوة القيامة كانت ”وأظهرت القيامة بقيامتك

موجودة في جسد المسيح منذ أن غلب الموت وغير ظاهرة إلى أن بالصليب، ولكنها كانت خفية

أظهرت هذه القيامة المجيدة في اليوم الثالث بقيامته من بين األموات. لذلك فإن قيامة المسيح هي كمال العمل الخالصى وأعلى مرحلة في هذا العمل الذي عمله الرب الكلمة المتجسد. هذا العمل الخالصي، أو

يبدأ بالتجسد ”تدبير الخالص”كما يسميه اآلباء ذروته في صعود المسيح بعد صلبه وقيامته ويصل

.. بدم ”وجلوسه في يمين اآلب، كما يقول الرسول: س ألقدا ى ا حدة إل ء أبديا نفسه دخل مرة وا ”فوجد فدا

).12:9(عب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ

يطلب هذا الكتاب من : كز األرثوذكسى للدراسات اآلبائية المر

2414023ت: : ـ 4836389بيت التكريس ت

6745219 ومن المكتبات والكنائس بالقاهرة

واألقاليم . جنيه واحدسعر النسخة:


8

قيامة المسيح :أوال

قيامة المسيح حقيقة تعلو فوق إدراك العقل البشري، وذلك ألن قيامة المسيح هي قوة ألوهيته غير المنظورة التي صارت ظاهرة في جسده الذى اتخذه من العذراء، أو هي الهوته محسوسا في جسم بشري، وبنوع خاص معلنا في مواجهة موت

الجسد.

يامة ألنه هو الحياة المسيح هو الق ـ 1 بطبيعته:

آمئ ذكر المسيح كلمة "القيامة" في حديثه عن نفسه بقوله " ب هئكحيئب ل " كإضافة إلى حقيقته األصلية لكونه هو هه ئكقيئ

الحياة وذلك بسبب اتخاذه جسدا، ولكنه أصال هو "الحياة" بل هه ئكحيئبهو خالق الحياة وأصل كل حياة كما قال " " آمئ

اآلب )، فهو الحياة بألوهيته أزليا مع اآلب، فكما أن " 6:14(يواالبن له أيضا الحياة في " هكذا أيضا فإن " له الحياة في ذاته

)، فهو الوحيد الذي له حياة في ذاته مع 26:5" (انظر يوذاتهبه اآلب، وهو الحياة الحقيقية والخالق لكل حياة ووجود، إذ "

قيامة المسيحأوال:

9

).3:1" (يوشئ مما كانكان كل شئ وبغيره لم يكن . ينبوع الحياة ومصدرها قبل أن يوجد موتالمسيح هو

فالحديث عن القيامة جاء نتيجة دخول الموت إلى الطبيعة البشرية، فهو الحياة في ذاته أزليا ولكنه عندما جاء إلى بيت

أنا هو القيامة عنيا ليواجه موت لعازر، تحدث عن نفسه بقوله " ). ولكنه قبل ذلك صرح بأنه هو الحياة، وأنه 25:11" (يووالحياة

)، وأنه 51و48و 35:6الخبز الحي وأنه خبز الحياة (انظر يو)، 33:6الخبز النازل من السماء الواهب حياة للعالم (انظر يو

فهو الذي له الحياة في ذاته. وعبارة له الحياة في ذاته تعنى أنه الحياة لغيره وال هو ذاك الذي له القدرة بطبيعته أن يعطى

يكتسبها من غيره. وان حدث موت فهو وحده الذي له القدرة في ذاته أن يالشى هذا الموت. يقول القديس أثناسيوس في كتابه

اهللا هو الذي خلق منذ البدء كل كلمة"تجسد الكلمة": [ المسيح شئ من العدم وهو وحده الذي يستطيع أن يجعل اإلنسان المائت


10

P0Fهو الحياة ذاتها] غير مائت ألنه

1P "وكلمة "ألنه هو الحياة ذاتها .

" االبن له الحياة في ذاتهتعنى تماما ما قاله الرب عن نفسه: " ). "فالحياة ذاتها" أو "له الحياة في ذاته" ال تعنى فقط 26:5(يو

أنه مجرد شخص حي، فاإلنسان كائن حي ومع ذلك يوجد موت ، إذ يأتى عليه وقت حي إنه في حياته رغم ما يقال عن اإلنسان

فيه ألنه يحمل بذرة الموت في داخله كأحد البد أن يموتعناصر وجوده البشري المائت. أما اهللا فليس كذلك إذ يقول

الذي وحده له عدم الموت ساكنا في نور ال " الرسول عن اهللا: ). ونقول في صالة التقديسات الثالث " 16:6تي1" (يدنى منه

ي الذي ال يموت"، فهذا الحي الذي ال يموت، هو قدوس الح الذي تجسد من العذراء، الذي هو الحياة بطبيعته.

فالمسيح هو الحياة وهو نبع الحياة، قبل أن يكون هناك موت وبالتالى قبل أن يكون هناك احتياج إلقامة موتى (كما في حالة

ى حياة بل لعازر). وهنا ينبغي أن نفهم معنى الحياة أنها ليست أ

القديس أثناسيوس الرسولى: تجسد الكلمة، ترجمه عن اليونانية وتعليقات د. جوزيف 1

م، 2002= =موريس فلتس، إصدار المركز األرثوذكسى للدراسات اآلبائية بالقاهرة، أغسطس 56ص 1:20فصل


11

هي حياة إلهية، أى ال يوجد بها موت بالمرة، وهي ما يسميها المسيح في اإلنجيل "الحياة األبدية". وهذه الحياة توصف بأنها أبدية، ألنها حياة اهللا األبدي الذي ال يموت، وليس بمعنى أنها استمرار حياة اإلنسان بدون موت جسدى. والرسول يوحنا قال

الحياة األبدية التي " ى عن المسيح إنه: في رسالته األول ).2:1يو1" (كانت عند اآلب وأظهرت لنا

فالمسيح هو الحياة األبدية، ولذلك فهو يحيى الكل سواء كانوا مالئكة أو بشر أو غيرهم من المخلوقات، فكل الكون وكل

به المخلوقات تستمد وجودها وحياتها منه، كما يقول الرسول "). وهكذا فإن استمرارنا في 28:17" (أعنتحرك ونوجدنحيا و

الحياة وفي الوجود لحظة بلحظة إنما يعتمد على إرادة ذاك الذي هو الحياة ذاتها والذى نستمد منه الحياة بصفة دائمة. ولهذا

" الذي هو قبل كل شئ وفيه يقوم الكليقول عنه الرسول بولس " مر في الوجود وتحفظ ). بمعنى أن كل المخلوقات تست17:1(كو

قائمة وموجودة فيه، وبدون إرادته ال تستمر في الوجود بل تتالشى. وهنا ينبغي أن نذكر أنه ال يوجد كائن أيا كان ـ حتى المالئكة ـ غير قابل لالضمحالل والتالشة إال اهللا وحده، ألنه هو


12

الكائن بذاته، هو وحده الحياة والحي الذي ال يموت، هو الذي " ". وقد يتساءل أحد، وهل المالئكة أيضا له وحده عدم الموت

يموتوا، فلو أن اهللا أراد أن يمكن أن يموتوا؟ نقول نعم يمكن أن ال يستمروا في الوجود فإنهم في هذه الحالة سيتالشون. وهذا ينطبق أيضا على النفس البشرية. فالنفس ليست خالدة بطبيعتها

الجسد، بل وبعد موت الجسد من ولكنها تستمد الحياة وهي فيمصدر الحياة الذي ال يموت، وهو المسيح الذي يحيى الكل، كما

من يؤمن بي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في قال في اإلنجيل: " من يأكل جسدى ويشرب دمي فله حياة أبدية "، و" اليوم األخير

قال )، وأيضا كما54،40:6" (انظر يووأنا أقيمه في اليوم األخير.. وكل من كان حيا وهو يؤمن الرب قبل إقامة لعازر مباشرة: "

). أى أن نفس 26،25:11" (انظر يوبي فلن يموت إلى األبداإلنسان تستمد عدم الموت والخلود من إيمانها بالمسيح الذي يعطى حياة أبدية للنفس منذ اآلن وتستمر هذه الحياة إلى األبد،

د المؤمنين به المتناولين من جسده كما أنه يعطى الخلود ألجسا). فالمسيح ابن 29:5الحياة" (انظر يوإلى قيامة ودمه بإقامتها "

اهللا الحي هو وحده الحياة بطبيعته، هو "الحياة ذاتها"، هو الحي


13

الذي ال يموت.

القيامة والصليب متالزمان: ـ 2مة في عبادة الكنيسة األرثوذكسية وتقليدها ينظر إلى القيا

على أنها ال تنفصل بالمرة عن صليب المسيح. تذكر الرسالة إلى العبرانيين أن ذبيحة المسيح على الصليب تعلن عن بداية

بعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس تمجيده فالمسيح: " من أجل )، وأيضا " 12:10" (عبإلى األبد عن يمين اهللا

ستهينا بالخزي فجلس السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب م). وفي الحقيقية فإن موت 2:12" (عبفي يمين عرش اهللا

المسيح على الصليب مرتبط بال انفصال بقيامته، وال يمكن التفكير في موته بدون التفكير في قيامته، بل إن موته شرط الزم لقيامته، كما أن موته هو الطريق إلى قيامته. وأبسط توضيح

الصليب والقيامة هو ما تسبح به الكنيسة لالرتباط الوثيق بينفي مديح القيامة "تناف" " ننظر قيامة المسيح" الذي نقول فيه: " تعالوا يا جميع المؤمنين لنسجد لقيامة المسيح ألنه من قبل صليبه دخل الفرح إلى العالم كله". فالكنيسة ال تفصل ـ في


14

رح هو من قبل العبادة والصالة ـ بين الصليب والقيامة، فالفالصليب، ومعروف طبعا أن الفرح هو من القيامة. إذن قيامة المسيح وصلبه هما وجهان لعملة واحدة. فال يمكن أبدا أن تكون حقيقة الصلب موجودة وال تكون معها حقيقة القيامة في نفس الوقت، رغم وجود فارق زمنى بين الصليب والقيامة. فبسبب

نحتاج لعمل فاصل بين وقت الصلب خبرتنا البشرية بالزمنووقت القيامة، ولكن كما نعرف من تسبحة دورة القيامة أن المسيح داس الموت بالموت: " بالموت داس الموت والذين في القبور أنعم عليهم بالحياة األبدية". فالمسيح داس الموت بموته على الصليب قبل أن يقوم في اليوم الثالث. إذن فقيامة المسيح كانت حاضرة ومختفية في جسده منذ أن غلب الموت بالصليب وانتصر على الشيطان بالصليب. ونعرف أن هذه التسبحة مأخوذة من الرسالة إلى العبرانيين في قول الرسول عن المسيح

اشترك في اللحم والدم لكي يبيد بالموت ذاك الذي له إنه: " اد الموت ). فالمسيح أب14:2" (عبسلطان الموت أى إبليس

بصليبه أو اباد الشيطان صاحب سلطان الموت، وأنعم بالحياة األبدية لنفوس أبرار العهد القديم بذهابه إليهم في عالم األموات


15

السفلى قبل أن تحدث القيامة، ونقلهم إلى الفردوس مع اللص " اليوم تكون معى فى الفردوسحسب قول الرب له: "

هكذا بصليب المسيح دخل )، أي في يوم الصلب. و 43:23(لوالفرح إلى عالم ما فوق األرض وأيضا إلى عالم ما تحت األرض. وفي عبادة الكنيسة نالحظ أن تكريم الصليب مرتبط بال

نجده في مرد دورة عيد انفصال مع تمجيد القيامة. وهذا االرتباطمن قبل صليبه وقيامته المقدسة رد اإلنسان مرة الصليب: " صالة رفع البخور: " يسوع فردوس"، وأيضا فيأخرى إلى ال

... اصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خالص المسيحجنسنا فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة.. من قبل صليبه وقيامته المقدسة رد اإلنسان مرة أخرى إلى الفردوس".

ن، آمين وايضا في القداس اإللهي نصلى قائلين: " آمين، آميبموتك يارب نبشر وبقيامتك المقدسة وصعودك إلى السموات

نعترف، نسبحك، نباركك...".إذن فالصليب والقيامة مرتبطان بشكل وثيق، وال يجب

التفكير في أحدهما بدون اآلخر، ولكن يحدث أحيانا بسبب عجز عقلنا البشري أن نركز مثال على الصليب وننسى القيامة


16

ز على القيامة وننسى الصليب. ولكن بدون أو العكس نركالقيامة ال يكون هناك غفران، ألن عمل الفداء لم يكتمل بالصليب وحده. وفي االختبار المسيحي ال توجد قيامة وتمجيد

إننا وارثون مع المسيح، بدون صليب وألم كما يقول الرسول: " ).17:8" (روإن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضا معه

صة األمر، أن عمل المسيح الخالصي وانتصاره على وخال الخطية والموت يظهران بقوة فعالة وببرهان واضح في القيامة.

ي صالة الساعة التاسعة وهذا هو ما نخاطب به المسيح فأبطلت الموت بموتك وأظهرت القيامة بقيامتك". إذن، قائلين: "

ن غلب الموت فقوة القيامة كانت موجودة في جسد المسيح منذ أبالصليب، ولكنها كانت خفية وغير ظاهرة إلى أن أظهرت هذه القيامة المجيدة في اليوم الثالث بقيامته من بين األموات. لذلك فإن قيامة المسيح هي كمال العمل الخالصى وأعلى مرحلة في هذا العمل الذي عمله الرب الكلمة المتجسد. هذا العمل

آلباء "تدبير الخالص" يبدأ بالتجسد الخالصي، أو كما يسميه اويصل ذروته في صعود المسيح بعد صلبه وقيامته وجلوسه في

.. بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى يمين اآلب، كما يقول الرسول: "


17

" األقداس (أي يمين عرش العظمة) فوجد فداء أبديا ).12:9(عب

القيامة محور كرازة الرسل: ـ 3مة المسيح هي محور ومركز وأساس ولهذا السبب صارت قيا

بشارة الرسل بالمسيح. فكانوا يبشرون الناس بأن يسوع قام من بين األموات. وقد يتساءل أحد لماذا لم يكونوا يبشرون بصلب

المسيح بدل التبشير بقيامته؟

والجواب هو أن كل الناس في أورشليم واليهودية كانوا د أمر معجزى في كونه يعرفون أن يسوع صلب ومات، وال يوج

صلب. فالجميع يقولون قد صلبنا هذا اإلنسان المدعو يسوع وتخلصنا منه، ولكن لم يكن هناك أحد يقول إن يسوع الذي صلبه رؤساء اليهود قد قام، ألنه لم يكن أحد يصدق بالمرة أنه

قام بعدما رأوه يصلب علنا ويموت أمام الجميع.الذي قام من بين األموات. وهذه فالبشارة هي بالمسيح الحي

هي البشارة األبدية التي ال تزال الكنيسة تعلنها للعالم كله مقتفية آثار الرسل، بأن يسوع المسيح غلب الموت وهو ال يزال حيا


18

بمجد عظيم وله كل السلطان وكل القوة في السماء وعلى األرض وفي حياة كنيسته وفي الحياة الخاصة للمؤمنين به،

كذلك له السلطان في الحياة العامة والسيادة على كل األمم و والرئاسات والسالطين وفي جميع األكوان، وفوق جميع السماوات. فيسوع حي وله كل السلطان والملك والربوبية في كل الخليقة كما يقول معلمنا بولس الرسول عن العمل العظيم الذي

موات وأجلسه عن إذ أقامه من األعمله اآلب في المسيح: " يمينه في السماويات فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل " اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضا

). أى له كل الرياسة والسيادة فوق كل ملك أو 21ـ19:1(أفرئيس في هذا العالم أو مالك أو شيطان في العالم غير

كل الوجود في السماوات المنظور. فهو فوق كل سلطان في وعلى األرض.

ويخبرنا سفر األعمال أن الرسل عندما أرادوا أن يختاروا واحدا بدال من يهوذا الخائن قالوا ما يفيد بأن مهمة الرسل

يصير واحدا ..أن يكونوا شهود لقيامة المسيح " األساسية هيسفر ). كما يخبرنا 22:1" (انظر أعمنهم شاهدا معنا بقيامته


19

األعمال أيضا بأن الرسول بولس عندما كرز في أثينا، كان ). 18:17" (انظر أعبيسوع والقيامةيبشر للفالسفة اليونانيين "

لذلك فالكرازة هي بقيامة المسيح، وبأن المسيح قهر الموت والجحيم والخطية، فهو الذي أبطل سلطان الشيطان العامل في

الموت والخطية والجحيم.يح أبطل الخطية بذبيحة صليبه، ثم أبطل الموت بموته، فالمس

وأبطل سلطان الشيطان بالصليب. هذه األعداء الثالثة: الخطية والموت والشيطان أبطلها المسيح بقيامته ظافرا بعد صلبه.

إذن، فاإليمان هو بقيامة المسيح الذي أكمل هذه الغلبة ة هو األمر األساسي المثلثة ألجل خالصنا. هذا اإليمان بالقيام

والجوهرى جدا في المسيحية، حتى أنه بدون هذا اإليمان بالقيامة ال تكون المسيحية سوى وهم ال جدوى منه، كما يقول الرسول

وان لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضا بولس: " ). أى بدون 17،14:15كو1" (إيمانكم أنتم بعد في خطاياكم

يامة المسيح أنتم ال تزالون في خطاياكم وهي لم تغفر اإليمان بقلكم بسبب عدم اإليمان بقيامة المسيح، فالمسيح قام ألجل

).25:4تبريرنا بعد أن أسلم ألجل خطايانا (انظر رو


20

جسد المسيح في القيامة:ـ 4البد من االعتراف أن طبيعة جسد القيامة تفوق الفهم

مما أخبرنا به اإلنجيل يمكن أن نستمد واإلدراك البشري، ولكن نورا والهاما من قيامة المسيح عن طريق استيعابنا بقدر اإلمكان

إلعالنات الوحي في اإلنجيل بقدر ما يساعدنا الروح القدس:

أ ـ األكفان والقبر الفارغ:في الحقيقة إن قيامة المسيح حدثت بشكل سرى، فلم يرها

يمات وال التالميذ وال حراس القبر: فقبل أحد في العالم ـ ال المر الفجر وقبل أن تذهب المريمات لتطييب الجسد كان المسيح قد قام وانسحب من األكفان، وترك األكفان فارغة. فقد كانت األكفان على شكل قالب يحيط بجسم المسيح منذ أن أنزلوه على الصليب ولفوه باألكفان مع صب كميات ضخمة من األطياب

لزجة التى تجعل من شرائط األكفان المحيطة بالجسم كله، الباستثناء الرأس، على شكل قالب صلب (مثل قالب الجبس)، أما الرأس فكما يقول القديس يوحنا في إنجيله فكان يوضع عليه منديل منفصل عن األكفان. عندما قام المسيح وسرت حياته

ي جسده، سحب الجسد من داخل األكفان فترك األكفان اإللهية ف


21

فارغة على شكل قالب مجوف وطرح المنديل الذي كان على الرأس بحركة االنسحاب، بعيدا عن األكفان. وهذا ما يمكن أن

كان التلميذان نفهمه من اإلنجيل للقديس يوحنا عندما يقول: " نا نفسه) بطرس وجاء يركضان معا فسبق التلميذ اآلخر (أي يوح

أوال إلى القبر وانحنى فنظر األكفان موضوعة ولكنه لم يدخل. ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودحل القبر ونظر األكفان موضوعة والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعا مع األكفان بل ملفوفا في موضع وحده. فحينئذ دخل أيضا التلميذ

). 8ـ4:20" (يوى القبر ورأى فآمناآلخر الذي جاء أوال إلفما الذي رآه يوحنا فآمن؟ إنه لم ير يسوع نفسه ولكنه رأى منظر األكفان فارغة والمنديل مطروحا بعيدا عن األكفان، فأدرك بحسه الروحانى أن يسوع قام، وآمن من شكل األكفان أنه قام

ذا قبل أن يراه. وهذا ما يقول عنه القديس كيرلس في شرحه لهاإلصحاح من إنجيل يوحنا: [ ورغم أن التلميذين لم يكونا قد

إال أنهما استدال على ألتقيا بعد بالمسيح قائما من بين األموات،


22

P1F2]قيامته من وضع األكفانP.

ووضع األكفان بهذه الصورة التى جعلت يوحنا يؤمن هو أنه اقية من المستحيل أن يخرج الجسد من قالب األكفان، واألكفان ب

موضوعة كما هي إال إذا كان هذا الجسد قد قام بسلطان وقوة صاحبه... وال يستطيع أي لصوص أو سراق أن يسرقوا هذا الجسد مع بقاء األكفان بهذا الشكل، أي دون أن تفك شرائط األكفان المحيطة بالجسم بحركة لف عكسية تماما. فمنظر

يمان بأن المسيح هو األكفان هو وحده أول إشارة موحية باإلالذي أخرج جسده من األكفان باالنسحاب من داخلها، وأزاح

المنديل في موضع آخر بعيدا عنها.وبعد أن خرج الجسد من األكفان بقوة القيامة اإللهية فإن

المسيح الحي بجسده الذي يفيض بالطاقات والقدرات اإللهية م الرومانية خرج من القبر، والقبر مغلق بالحجر واألختا

موضوعة عليه. وهذه اللحظة، لحظة قيامة المسيح وخروجه من القبر بمجد فائق لم يبصرها أحد كما ذكرت، وال يعرف أحد أين

ترجمة د. نصحي عبد للقديس كيرلس عمود الدين، قيامة المسيح (من شرح إنجيل يوحنا) 2

.6، ص2003أبريل القاهرة،الشهيد، إصدار المركز األرثوذكسي للدراسات اآلبائية،


23

ذهب المسيح بعد قيامته مباشرة.نزل مالك الرب من وبعد أن قام المسيح وترك القبر، "

" ودحرج الحجر عن باب القبر وجلس عليه، وقال السماءليس هو هنا ألنه قام كما قال، هلم أنظرا مريمات: يسوع " لل

). فالمالك 6ـ2:28" (متالموضع الذي كان الرب مضجعا فيهلم يدحرج الحجر عن القبر ليسهل على المسيح الخروج من القبر، بل العكس، المالك دحرج الحجر لكي يشهد للمريمات أن

ارغا ألن يسوع يسوع قام قبل أن يدحرج الحجر. وأصبح القبر فكان قد تركه قبل نزول المالك. ولذلك يقول المالكان للنسوة: " " لماذا تطلبن الحي بين األموات، ليس هو ههنا لكنه قام

).6ـ5:24(لو

ب ـ ظهور المسيح للتالميذ واألبواب مغلقة:مساء أحد القيامة كان التالميذ مجتمعين في العلية واألبواب

خوف من اليهود. فجاء يسوع ووقف في الوسط مغلقة لسبب الوقال لهم سالم لكم. ثم ظهر لهم مرة أخرى بنفس الطريقة في

). لم يذكر اإلنجيل 29ـ19:20األحد التالى (أحد توما) (انظر يوكيف دخل يسوع واألبواب مغلقة. ومغلقة تعنى أنها مغلقة


24

اب بالغلق، والغلق هو عمود ضخم من الخشب يوضع خلف البمن الداخل مثل أبواب األديرة القديمة. بحيث ال يستطيع أي أحد أو أي أعداء مهاجمون أن يقتحموا المكان بدفعهم للباب. وكل هذا ـ كما يذكر اإلنجيلي ـ بسبب الخوف من اليهود. فكيف جاء

" كما ووقف في وسطهم فجأة دون أن يكونوا متوقعين ذلكيسوع "P2Fلهذه اآلية ذكر القديس كيرلس في شرحه

3P هذا هو سر جسد .

قيامة المسيح الذي يفوق إدراكنا، فالمسيح بقوة ألوهيته أعطى لجسد قيامته القدرة أن يفعل ما هو مستحيل بالنسبة لألجساد الطبيعية. فهو يوجد في المكان الذي يريد أن يوجد فيه دون أى احتياج ألي فتحة أو نافذة أو باب. ويظهر نفسه للتالميذ

تحدث معهم ويريهم يديه وجنبه ويعطيهم السالم... الخ. ثم ويبعد ذلك ال يذكر اإلنجيل أين ذهب؟ وهذا ما يعبر عنه القديس كيرلس بقوله إن المسيح [أظهر في قيامته أنه قادر أن يستغنى عن أى خطة ووسيلة لتحقيق عمله. إذ أنه بقوته اإللهية الخارقة

P3Fائج]ارتفع فوق سلسلة األسباب والنت

4P.

.18السابق، ص المرجع 3 .18المرجع السابق، ص 4


25

إذن، فجسد قيامة المسيح غير خاضع للحواجز المادية [رغم أنه قام بجسد مادي صلب.. وقد فعل المسيح هذا ألنه هو

P4Fبالطبيعة الحياة وهو اهللا]

5P.

ج ـ طبيعة جسد المسيح في القيامة:نستدل من ظهورات المسيح المتعددة التى رواها اإلنجيل أن

رى بالطريقة العادية التى ترى بها المسيح بعد القيامة لم يكن ي األجسام المادية. فقد كانت رؤية المسيح بعد قيامته متوقفة على إرادة المسيح أن يظهر نفسه للمريمات أو التالميذ فرادى أو مجتمعين. وهذا نالحظه في كل الظهورات تقريبا. فمثال، عندما

أنه الرب ظهر لمريم المجدلية ظنت أنه البستانى ولم تعرف" (انظر يا مريميسوع إال عندما ناداها باسمها وقال لها: "

). وعندما ظهر لتلميذى عمواس سار معهما عدة 18ـ14:20يوساعات وهما يظنانه مسافرا غريبا ولم يتعرفا عليه إال عندما اتكأ معهما وأخذ خبزا وبارك وكسر وناولهما، فانفتحت أعينهما

). وهكذا أيضا 35ـ 13:24هما (انظر يووعرفاه ثم اختفى عن

.20و19و18المرجع السابق، ص 5


26

عندما ظهر لسبعة من التالميذ على بحر طبرية عند الفجر وكان التالميذ يصطادون في البحيرة، فوقف يسوع على الشاطئ ولكن التالميذ لم يكونوا يعلمون أنه يسوع، وبعد أن تحدث إليهم

ة من على الشاطئ وأرشدهم أن يلقوا الشبكة إلى جانب السفيناأليمن ليجدوا سمكا، فإنهم لم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك، وعند ذلك اكتشف يوحنا أن الشخص الذي يتحدث

هو معهم من على شاطئ البحيرة هو يسوع، فقال لبطرس " ". وبعد أن جذبوا السفينة إلى الشاطئ والشبكة ممتلئة الرب

ك الذي أمسكوه... بالسمك، دعاهم المسيح أن يقدموا من السم.. (انظر حد من التالميذ أن يسأله من أنت؟ولم يجسر أ

).14ـ1:21يوذ بعد هذا ويصف القديس يوحنا هذا الظهور بقوله: " آطه

ن ز زهظ مف " للتالميذ على بحر طبرية. ظهر هكذاآيصيئ ي). وبعد ذلك يصف تفاصيل الظهور الذي أشرنا إليه. 1:21(يو

ا يقول عن هذا الظهور: ليس أن ونالحظ أن القديس يوحنالتالميذ هم الذين رأوا يسوع بطريقة الرؤية العادية بل أن يسوع

. وهذا هو تحقيق ما سبق الرب أن أظهر نفسه لهمهو الذي


27

عندكم اآلن وعدهم به في ليلة آالمه، ففي تلك الليلة قال لهم: "ذئقلحزن ولكنى أيضا فتفرح قلوبكم وال ينزع أحد فرحكم زء

). فهو لم يقل لهم " إنكم ستروننى بعد قيامتى" 26:16" (يومنكم"، أي أنه هو الذي سيظهر لهم ويريهم نفسه، سآراكمولكنه قال "

وهذا ما حدث فعال. وهو نفس التعبير الذي استعمله القديس لوقا في سفر األعمال عن المسيح بعد القيامة إذ قال عن الرسل "

هل الذين ذئ حيا ببراهين كثيرة بعدما تألم وهو يظهر أيضا نفسهء). فالمسيح هو الذي أراهم نفسه حيا، 3:1" (أعلهم أربعين يوما..

ولم يروه هم من أنفسهم.

وهذا يأتى بنا إلى حقيقة هامة عن رؤية المسيح بعد قيامته. فهو لم يظهر بعد قيامته لجميع الناس كما كانوا يرونه في

ليل قبل صلبه، بل ظهر فقط للرسل وغيرهم شوارع اليهودية والجمن الشهود المختارين، لكي يشهدوا ويكرزوا للعالم بأن يسوع الذي صلب عن خطايا العالم قام وأنه حي وقد ظهر لهم، وهذا

يسوع ما قاله بطرس الرسول بكل وضوح في بيت كرنيليوس " ذيئ كيوهذا أقامه اهللا في اليوم الثالث ه شيذ طئ م ي و آ ز آعض

هل ﴾ غئمةخا زاف ئ ا اك كسههخ ليظ ئكسع ، لنا نحن الذين أكلنا كج


28

).41ـ40:10" (أعوشربنا معه بعد قيامته من األموات

+ التعرف على شخص يسوع بعد القيامة: نالحظ في عدة ظهورات أنه كانت هناك صعوبة في التعرف

على شخص المسيح بعد قيامته، بمجرد ظهوره، فمريم المجدلية ثال ظنت في البداية عندما ظهر لها أنه البستانى، وما الذي م

جعلها تظن هذا، وال تعرف أن الشخص الذي أمامها هو الرب يسوع الذي كانت تعرفه قبل صلبه. ال نستطيع أن نجزم بشيء أكيد من جهة شكل المسيح بعد القيامة، لكن بال شك أن بهاء

وجهه مما جعل الهوته كان يفيض بمهابة غير مألوفة علىمريم ال تعرفه إال عندما ناداها باسمها فعرفته من الصوت بمبادرة منه. وهكذا أيضا في حالة تلميذي عمواس، فقد ظناه مسافرا غريبا رغم أنه مشى معهما عدة ساعات في الطريق، و"

). هذا اإلمساك 16:24" (لولكن أمسكت أعينهما عن معرفتهبيعة جسد قيامة المسيح. ونحن نعجز عن المعرفة هو متصل بط

انفتحت أعينهما عن شرح كيفية حدوثه. ولم يعرفاه إال بعد أن " ).31:24" (لوعند كسر الخبز فاختفى عنهما


29

وفي ظهور المسيح للتالميذ مساء األحد حسب رواية القديس "، وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سالم لكملوقا يقول: "

جزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحا. سطهم " فلما رأوه في و فقال لهم ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم. انظروا يدي ورجلي إني أنا هو. جسونى وانظروا فإن الروح ليس " له لحم وعظام كما تروننى. وحين قال هذا أراهم يديه وجليه

).40ـ36:24(لويظنون أنهم رأوا روحا؟ وما فما الذي جعل الرسل يجزعون و

الذي جعل يسوع يقول لهم ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم؟ بال شك كان هناك نوع من الجالل والمهابة اإللهية تشع من وجه يسوع حتى أنهم ظنوا أن الشخص الذي أمامهم ليس له جسد حقيقي. بل ظنوا أنه خيال أو شبح. وهذه

ألفكار التي خطرت في قلوبهم التي يشير إليها هي التصورات وا" أي امسكوا يدي ورجلي لكي جسونىالرب. لذلك قال لهم: "

تتأكدوا إني قمت بجسد حقيقي له لحم وعظام وليس مجرد روح فأنا لست خياال بل إن لى جسد حقيقي.


30

+ التغييرات في جسد القيامة: هذا فال تكون فالمسيح قام بجسد حقيقي مادى صلب وبدون

هناك قيامة حقيقية. وهذا الجسد الذي قام هو نفس الجسد الذي تألم به ولكن حدثت فيه تغييرات بقوة القيامة ال نستطيع أن نحصرها ونحددها بعقولنا، ولكن بال شك أن شكل جسد القيامة والجمال الفائق المناسب له يفوق بما ال يقاس كل ما أظهره

ن يوما. ولكن الرب كان مهتما بأن يخفى المسيح خالل األربعيهذا المجد العظيم لسببين كما يقول القديس كيرلس: السبب األول هو [ أنه رغم أن الوقت كان مناسبا جدا أن يغير المسيح جسده إلى شكل وجمال فائق يناسب القيامة، إال أنه قرر بتدبيره

ية، لكي ال وعنايته أن يظهر جسده بشكله كما كان منذ البدايتصور أحد أنه يلبس شكال آخر غير ذلك الشكل الذي صلب

P5Fبه]

6P.

والسبب الثاني كما يقول القديس كيرلس: [ إن عيوننا نحن البشر لم تكن لتستطيع أن تحتمل مجد جسد القيامة لو أن المسيح أراد أن يعلن مجد القيامة للتالميذ قبل أن يصعد إلى

.20المرجع السابق، ص 6


31

P6Fاآلب]

7P.

ه هو نفسه يسوع الذي عرفوه قبل الصلب، وأنه ولكي يؤكد أن قام بجسد حقيقي، فإنه إضافة إلى قوله "جسونى" طلب منهم

أعندكم ههنا طعام... فناولوه جزء من طعاما ليأكل قائال: " هلسمك مشوى وشيئا من شهد عسل ل قك فخئ " غآخد هآ

). فجسد المسيح في القيامة ال يحتاج للطعام أو 42ـ41:24(لولشراب إذ هو جسم روحاني سماوى ال يتغذى على األطعمة ا

األرضية، لكنه طلب طعاما ـ كما هو واضح من رواية اإلنجيل ـ لكي يأكل أمام عيونهم لكي يؤكد لهم أنه قام بجسد حقيقي يمكن

أن يتناول طعاما .ويحدثنا القديس كيرلس عن التغييرات التي حدثت في جسد

ول: [ وبعد القيامة كان له نفس الجسد الذي المسيح بالقيامة فيقكان قد تألم، سوى أن الضعفات البشرية لم تعد موجودة فيه، ألنه لم يعد قابال للجوع أو التعب أو شئ آخر مثل هذه، ومن ثم غير قابل للفساد. وليس هذا فقط بل ايضا صار معطيا

.20المرجع السابق، ص 7


32

يضا للحياة، ألنه جسد الحياة أى جسد الوحيد الجنس. وهو أجعل يلمع بالمجد الالئق بالهوته، ويعرف أنه جسداهللا. لذلك حتى إن قال البعض إنه إلهي، كما أنه بالبديهة هو جسد بشرى إلنسان، فإنه لم يضل عن التفكير الالئق. ولذلك اظن أن بولس

وان كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الحكيم جدا قال: " ). وحيث إنه جسد اهللا الخاص ـ 16:5كو2" (اآلن ال نعرفه بعد

P7Fكما قلت ـ فهو يتعالى على كل األجساد البشرية ]

8P.

ومن كالم القديس كيرلس نعرف أن جسد قيامة المسيح لم يعد قابال للجوع أو التعب أو أي شئ آخر من الضعفات البشرية (طبعا يقصد الضعفات غير الخاطئة)، وهكذا صار جسد

ر قابل لالضمحالل والموت بل العكس [ المسيح بالقيامة غيصار معطيا للحياة ألنه جسد الحياة ]، ولهذا فإننا ننال حياة من

جسد المسيح الذي نناله في اإلفخارستيا.

وان تساءل أحد ماذا حدث للسمك المشوى والعسل الذي أكله المسيح بعد القيامة، وجسده ليس كاألجساد التي تجوع وتأكل

رسائل القديس كيرلس األسكندري، ترجمة د. موريس تاوضروس ود. نصحي عبد الشهيد، 8

.93، ص 12:45، الجزء الثالث، 1995 ار مركز دراسات اآلباء، القاهرةإصد


33

ه قائلين إنه كما حول المسيح جسده في القيامة وتهضم؟ نجيبمن الطبيعة الترابية القابلة لالضمحالل إلى جسد سماوى روحاني (ولكنه جسم حقيقي مادى صلب)، هكذا فإن الطعام الذي يأخذه بعد القيامة يستطيع أن يحوله في لحظة من طعام أرضي إلى طبيعة الجسد السماوى بدخول هذا الطعام في جسد

قيامته.وهذا يمكن أن يعطينا مؤشرا ـ وان كان غير مفهوم لعقولنا ـ

كيف يحول المسيح بروحه الخبز والخمر اللذين من نتاج األرض إلى جسده ودمه اإللهيين المعطيين للحياة في

اإلفخارستيا.


34

: فاعلية قيامة المسيحثانيا

المسيح باكورة الراقدين:ـ 5نتحدث اآلن عن فاعلية قيامة المسيح فى المؤمنين به أو

باألحرى فى أجسادهم، فالمسيح هو بذاته الحياة الذى يعطى الحياة لكل المخلوقات، كما ذكرنا فى القسم األول. ولذلك فإن

يع من بين األموات كما قيامة المسيح هى بداية القيامة للجميعلن الرسول بولس فى اإلصحاح الخامس عشر فى رسالته األولى إلى أهل كورنثوس. فالرسول بولس يربط ربطا وثيقا بدون أدنى إنفكاك بين قيامة المسيح وقيامة األموات. حتى أنه يقول

لو لم تكن قيامة أموات فال يكون المسيح قد قام، وان لم إنه " " (انظر يح قد قام فكرازتنا باطلة وباطل أيضا إيمانكميكن المس

). وهو بهذا يجعل اإليمان بقيامة المسيح وحدة 14و13:15كو1واحدة مع قيامة المؤمنين من بين األموات، حتى إذا افترضنا أنه لن تكون هناك قيامة لألموات فى المستقبل فهذا يلغى حقيقة أن

إليمان بأن المسيح قام إال إذا المسيح قد قام فعال. فال يمكن اكان هذا معناه أن تكملة قيامته ستكون بإقامة أجساد الراقدين

قيامة المسيحانيا: فاعلية ث

35

عند مجيئه الثانى. وهكذا يعلم الرسول أنه بدون وجود رجاء عند المؤمنين بأنه ستكون هناك قيامة لألموات فإن الكرازة بإنجيل

يح باطل، المسيح ستصير باطلة، ويكون إيمان الذين آمنوا بالمسألنه لو كانت قيامة المسيح تتوقف عند مجرد ظهوره هو حيا لتالميذه وال تمتد إلى نهاية الدهر الحاضر وتظهر فاعليتها فى إقامته ألجساد الراقدين، فإن اإليمان بالمسيح يكون عديم الجدوى

وان لم والفاعلية. حتى أن الرسول بولس يقول ألهل كورنثوس: " " قام فباطل إيمانكم أنتم بعد فى خطاياكميكن المسيح قد

). أى كل ما عمله المسيح بالصلب والقيامة 17:15كو1(الظافرة من الموت ال يكون له فاعلية لنوال الغفران إن لم نؤمن أن الموتى سيقومون امتدادا لقيامة المسيح. وهكذا نجد الرسول

مسيح من بين ولكن اآلن قد قام اليتهلل بتسبحة النصرة قائال: " ).20:15كو1" (األموات وصار باكورة الراقدين

الرسول يستعمل كلمة "باكورة" عن قيامة المسيح، والباكورة كلمة مستعارة من حصاد القمح فى العهد القديم. فالحقل الذى يتم حصاده تكون أول حزمة من هذا الحصاد "باكورة". والباكورة

ية إلى أن يكتمل حصاد تبشر بأنه سيتلوها حزم حصاد متوال


36

الحقل. فالمسيح هو باكورة الراقدين، أى أول من قام بالجسد الذى ال يسود عليه الموت. فهناك موتى قاموا فى العهد القديم وموتى قاموا فى العهد الجديد قبل قيامة المسيح، ولكن هؤالء ليسوا باكورة ألنهم ماتوا مرة أخرى واضمحلت أجسادهم بعدما

بعمل معجزى مثل لعازر الذى أقامه الرب بعدما أنتن فى أقيمواالقبر، فإنه بعد أن عاش فترة وصار أسقفا، فإنه تنيح ودفن جسده، ونعيد بتذكار نياحته حسب السنكسار. وهذا التذكار هو غير تذكار إقامة الرب للعازر الذى ذكره القديس يوحنا البشير

من إنجيله. 11فى إصحاح ، أن كل لفرق بين قيامة المسيح والقيامات األخرىوهذا هو ا

القيامات األخرى التى حدثت لبشر، مات أصحابها مرة أخرى، أما المسيح فهو باكورة قيامة األجساد التى ال تموت ألنها أجساد

الخلود والحياة األبدية.أن الموت بإنسان، بإنسان ويقول الرسول بعد ذلك إنه كما "

موات، ألنه كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى أيضا قيامة األالمسيح سيحيا الجميع. ولكن كل واحد فى رتبته. المسيح باكورة

). فكما دخل 23ـ21:15كو1" (ثم الذين للمسيح فى مجيئه


37

الموت إلى طبيعتنا البشرية بآدم األول، إذ أن آدم هو الذى ورثنا مستقبل مبنية الموت، هكذا فإن المسيح يعطينا القيامة فى ال

هكذا فى ومؤسسة على قيامته الشخصية، ولذلك يقول الرسول " " وهو يقصد أن المسيح سيقيم أجساد المسيح سيحيا الجميع

جميع المؤمنين فى المستقبل عند مجيئه. أى أن قيامة المسيح وقيامة المؤمنين هى حصاد واحد ولكن باكورة الحصاد هى

كل واحد فى ر عنه الرسول " قيامة المسيح نفسه. وهذا يعب " أى فى دوره. المسيح "باكورة" أى المسيح هو الباكورة رتبته

والبكر للراقدين كما ورد فى رسائل أخرى، ثم بقية الحصاد للذين للمسيح أى المؤمنين به عند مجيئه الثانى، أى أن الباكورة

" أى أعضاءالذين للمسيحالمسيح هو رأس الجسد قام أوال، ثم " الجسد سيقيمهم عند مجيئه، والفرق بين االثنين هو فى توقيت حدوث القيامة فقط، هو قام أما هم فسيقيمهم. وهذا هو رجاء قيامة األموات الذى نردده كلما نصلى ونقول " ننتظر قيامة

األموات ".فبفعل القوة المحولة النابعة من قيامة المسيح ستتغير

بيعية أجساد روحانية، وال يقصد أجسادنا فتصير أجسادنا الط


38

"بروحانية" أنها غير جسمية، بل أنها تحيا بالروح القدس وليس بمصادر الحياة البيولوجية التى تحيا بها أجسادنا على األرض.

" كما يقول والفاسد سيلبس عدم فساد والمائت عدم موت" ).53:15كو1الرسول (

انعتاق الخليقة نفسها وهذا التغير الذى سيتم لألجساد يرتبط ب ). لقد 21:8من عبودية الفساد إلى حرية مجد أوالد اهللا (انظر رو

بين الرسول أنه يوجد جسم طبيعى وجسم روحانى هكذا أيضا " يزرع جسما حيوانيا (طبيعيا) ويقام جسما روحانيا... هكذا مكتوب أيضا صار آدم اإلنسان األول نفسا حية وآدم األخير

). ويستعمل الرسول تشبيهات من 45و44:15كو1" (وحا محييار العالم الطبيعى مثل حبة الحنطة أو أحد البواقى، ولكن رغم كل هذه التشبيهات فإن القيامة العامة من بين األموات فى حقيقتها

الكاملة تظل سرا يعلو على الفهم.

اكتمال إعالن القيامة فى اليوم األخير:ـ 6امة المسيح بقوتها الكاملة فى النهاية عندما يكمل ستظهر قي

المسيح إخضاع كل األعداء حتى آخر عدو وهو الموت.


39

فبالرغم من أن المسيح غلب الموت وقام حيا ظافرا بالموت فى اليوم الثالث، إال أن الموت ال يزال يملك فى اجسادنا نحن.

أجسادنا فالبد أن يكمل المسيح نصرته بأن يبطل الموت من نحن أيضا وهذا ما يخبرنا به الرسول بولس فى نفس اإلصحاح

قوله لكم ال نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير في أهوذا سر المذكور: " بوق فيقام نه سي إف .خيرلحظة في طرفة عين عند البوق األ

ن أن هذا الفاسد البد أل .موات عديمي فساد ونحن نتغيراألومتى لبس هذا . ئت يلبس عدم موتيلبس عدم فساد وهذا الما

الفاسد عدم فساد ولبس هذا المائت عدم موت فحينئذ تصير ين أين شوكتك يا موت أ .لى غلبةإلع الموت الكلمة المكتوبة ابت

).55ـ51:15كو1" (غلبتك يا هاويةكالم الرسول هذا متصل طبعا بمجئ المسيح ثانية من

طان الموت والفساد عند السماء بالمجد العظيم لكى يالشى سلالبوق األخير. هذا هو بوق القيامة، وعندما يأتى الرب من

) ـ يقيم جميع الذين 29،28:5السماء فبصوته ـ حسب قوله (يوفى القبور، فيقام المؤمنون الذين رقدوا، عديمى فساد، أى بأجساد عديمة االضمحالل. أما المؤمنون الذين يكونون أحياء


40

ظهوره الثانى، فإنه سيغير أجسادهم من حالة على األرض عند الضعف والهوان إلى حالة المجد أى األجسام الروحانية. وكل هذا فى لحظة فى طرفة عين، أى يالشى الموت والفساد (أى االضمحالل) من األجساد التى سبق أن ماتت كما يالشى القابلية للفساد واالضمحالل من أجساد الذين كانوا أحياء عند

جيئه. وهكذا يبتلع الموت ويغلب، إذ أن حياة المسيح تبتلع مالموت بصورة كاملة، ليس موته هو فقط فهذا قد انتهى منه منذ أن قام من األموات، بل إن حياته ستبتلع موتنا نحن أيضا.

ابتلع " الذى يتهلل به الرسول بولس: وهكذا يكون هتاف النصرة ". قد كسرت شوكة موتالموت إلى غلبة. أين شوكتك يا

" هزمت قوات الجحيم والهاوية التى أين غلبتك يا هاويةالموت، " استعبدت اإلنسان.

ويقول القديس أثناسيوس عن إبطال الموت والفساد بفاعلية قيامة المسيح فى أجساد المؤمنين: [نحن الذين نؤمن بالمسيح

، ألن لن نموت بالموت الذى كان سابقا حسب وعيد الناموسهذا الحكم قد أبطل وبما أن الفساد قد بطل وأبيد بنعمة القيامة فإننا من ذلك الوقت وبحسب طبيعة أجسادنا المائتة ننحل فى


41

الوقت الذى حدده اهللا لكل واحد، حتى يمكن أن ننال قيامة ).وبعد هذا القول يستشهد القديس 1:21أفضل] (تجسد الكلمة

) الذى 15كو1بولس عن القيامة (أثناسيوس بحديث الرسول أوردناه فى اآليات السابقة. ويقول أيضا إن أجساد المؤمنين فى القيامة ستكون فى حالة أفضل من الحالة التى كان عليها اإلنسان فى الفردوس قبل السقوط، إذ يقول: [ فى المسيح كمل الجنس البشرى وأعيد تأسيسه كما كان فى البدء، بل باألحرى

نعمة أعظم من األول... ألننا بعد القيامة من بين األموات ال بنخاف الموت بعد، بل سنملك مع المسيح على الدوام] (ضد

الطبعة العربية األولى). 104، ص67:2اآلريوسين

قوة قيامة المسيح تعمل فى حياتنا ـ 7 الحاضرة:

القوة المحيية والمخلصة التى تفيض من قيامة المسيح والتى ذكرنا أنها ستعلن إعالنا كامال عند مجيئه الثانى المخوف والمملوء مجدا، فى القيامة العامة من بين األموات، هذه القوة نفسها تعمل بطريقة غير منظورة فى العالم منذ قيامة المسيح


42

وقد وصل عملها الخالصى إلى قمته فى صعود الرب إلى يمين اهللا اآلب وبذلك السماء، إذ جلس ابن اهللا المتجسد عن

أجلس إنسانيته المتحدة بالهوته، فى عرشه مع االب. وهذا الجلوس فى يمين االب بالجسد المقام والممجد والصاعد إلى السماء يعنى تمجيد ناسوت المسيح بذات القوة والمجد الذى لالهوته مع اآلب. فعندما يقول اإلنجيل ونقول أيضا فى قانون

" المسيح صعد إلى السماء وجلس عن يمين اآلب اإليمان، إن "فهذا ال يعنى تحديدا مكانيا للمسيح ألن اهللا ليس له يمين ويسار بالمعنى البشرى وليس له عرش مادى محدود يجلس عليه كما يجلس البشر، حتى يجلس المسيح الصاعد إلى السماء عن

ن يمين اهللا جانبه اليمين، بل كما يقول القديس يوحنا ذهبى الفم إتعنى قدرة اهللا وعظمته. فجلوس المسيح فى يمين اهللا يعنى أن تصير لناسوته الممجد نفس القوة والعظمة التى لالهوته مع اآلب والروح القدس. وقد تكلم كثيرون من اآلباء عن ابن اهللا نفسه فى تفسيراتهم أنه يمين اهللا أو قوة اهللا. وهذه كلها تعبيرات

قل إلينا اإلحساس الفائق الذى يعلو عن الفهم عن بشرية لكى تنقوة اهللا وعظمته وجالله. وبجلوس المسيح فى يمين اهللا أخذ


43

موعد الروح القدس من اآلب كما يقول بطرس الرسول فى سفر ) وأرسل الروح القدس وسكبه على الكنيسة، 33:2األعمال (

عال إلى والروح يعمل فيها منذ يوم الخمسين بال توقف وسيظل فا أن يأتى المسيح ثانية من السماء.

هذه القوة الخالصية قوة الروح القدس المؤسسة على قيامة المسيح والنابعة منها تخلق على األرض بداية الحياة األبدية وتعد البشر للقيامة من بين األموات. فالحياة األبدية تبدأ هنا من

اآلتى. ونعرض هنا اآلن رغم أنها ستعلن بكمالها فى الدهر بعض فاعليات قيامة المسيح فى حياتنا الحاضرة:

ـ القيامة واإليمان: أمن يؤمن بى وهذا ما نجده كثيرا فى كلمات إنجيل يوحنا "

من يسمع كالمى ويؤمن... فله ). " 47:6" (يوفله حياة أبديةحياة أبدية وال يأتى إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى

). وقال الرب أيضا إن صوته عندما كان على 24:5" (يوةالحياوالسامعون األرض بالجسد، يسمعه األموات روحيا فيحيون "

). أى يحيون بقوته وهم ينالون حياة منه فى 25:5" (يويحيونداخلهم وهم ال يزالون فى الجسد. وآيات أخرى كثيرة يرد فيها هذا


44

" لته األولى إن المعنى مثل قول القديس يوحنا فى رسا)، ويقصد 2:1يو1" (الحياة األبدية كانت عند اآلب وأظهرت لنا

المسيح نفسه اإلله الحى الذى جاء فى الجسد وجعل الحياة أنا األبدية تسكن فى قلوب الذين يؤمنون به. وقول الرب لمرثا: "

هو القيامة والحياة من آمن بى ولو مات فسيحيا. وكل من كان ). وكلمة " 26،25:11 " (يويؤمن بى فلن يموت إلى األبدحيا و

"، أى وهو على األرض فلن يموت، وهذا من يؤمن بى وهو حيمعناه أنه باإليمان بالمسيح ينال حياة أبدية منذ اآلن تجعل نفسه ال تموت، أما الجسد فبالتأكيد سيموت لكى يقوم فى حالة المجد

كما شرحنا سابقا.ة لقيامة المسيح بعمل الروح القدس فى العالم إذن فأول فاعلي

كما يقول القديس يوحنا إن . تتم عن طريق اإليمان بالمسيح" القيامة واآليات األخرى التى صنعها يسوع قد كتبت

لمةل لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن اهللا ولكى تكون لكم ؤدئ ءن ل ز ب) ائ ).31:20" (يوحيئب (آاخي

ة والمعمودية:ـ القيام بوفاعلية القيامة تظهر فى أسرار الكنيسة، وأوال فى


45

المعمودية، ففى سر المعمودية بالتغطيس فى الماء والصعود منه ثالث مرات نحن نشترك فى موت المسيح ودفنه ثم نشترك فى قيامته أيضا. وهذا ما يكتبه الرسول بولس فى رسالته إلى

اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا أم تجهلون أننا كل منرومية " لموته؟ فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من

). 5ـ3:6" (رواألموات، هكذا نسلك نحن أيضا فى جدة الحياةوهذا معناه أننا بمعوديتنا للمسيح قد دخلنا إلى موته ثم بقوة

ا شركة فى قيامة المسيح الروح القدس العامل فى المعمودية نلنوصرنا نملك جدة الحياة أى قوة الحياة الجديدة أو الحياة األبدية التى تعمل فينا لكى نغلب بقايا الموت التى ال تزال موجودة فى إنساننا العتيق. ولكن موتنا وقيامتنا مع المسيح فى المعمودية

يش تكون صادقة وحقيقية فقط حينما نموت فعال عن الخطية ونعكذلك أنتم أيضا احسبوا حياة جديدة. ولهذا يقول الرسول "

" أنفسكم أمواتا عن الخطية ولكن أحياء هللا بالمسيح يسوع ربنا). فالمعمودية هى والدة روحية إلى حياة أبدية بالروح 11:6(رو

الحق الحق أقول لك إن كان أحد ال يولد من الماء القدس " ) وهذه الوالدة نابعة 5:3" (يوت اهللاوالروح ال يقدر أن يدخل ملكو


46

... اهللا حسب من قيامة المسيح كما يقول الرسول بطرس: "رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حى بقيامة يسوع المسيح من بين

).3:1بط1" (األموات

ـ القيامة والتوبة: جقيامة المسيح التى تفيض بالحياة األبدية علينا وننالها

" من آمن واعتمد خلصمعمودية كما قال الرب " باإليمان وال)، هذه الحياة إذا حدث وتوقف سريانها فى اإلنسان 16:16(مر

الذى اعتمد فيحتاج أن يستعيد هذه الحياة التى سبق وأخذها فى المعمودية، بالتوبة. فالرب عندما كلم التالميذ قبل صعوده عرفهم

باسمه للتوبة ومغفرة أن يكرزأنه ينبغى بعد أن قام المسيح " ). وعندنا سئل بطرس يوم 47:24" (لوالخطايا لجميع األمم...

توبوا الخمسين من الجموع ماذا يفعلون لكى يخلصوا أجابهم: " وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا

). فالذى ينال نعمة الحياة 38:2" (أعفتقبلوا عطية الروح القدسبالمعمودية فى طفولته يحتاج إذا فقد شركة الحياة مع والخالص

المسيح واإليمان به واتباعه، أن يستعيد فاعلية القيامة التى كان قد حصل عليها بالمعمودية وطمرت فلم تعد فاعلة فى حياته وال


47

ظاهرة فى سلوكه. ينبغى أن يرجع بالتوبة وهذا أيضا مجال ية. فالتوبة هى معمودية ثانية لعمل الروح القدس كما فى المعمود

كما قال مجمع قرطاجنة فى القرن الرابع. إذ بالتوبة يتجدد فينا فعل الروح القدس الذى قد حصلنا عليه أوال فى المعمودية. وكما يقول القديس أنطونيوس: [ إن الروح القدس المعزى المأخوذ فى

ئاستنا األولى] المعمودية يعطينا العمل بالتوبة ليردنا ثانية إلى ر (الرسالة السابعة).

فعندما تحدث التوبة الصادقة والرجوع بقلب مخلص إلى المسيح تفيض عطية الروح القدس فى القلب من جديد. عمل الروح هذا الذى كان متعطال فى داخلنا لعدم التوبة. فعندما يستجيب اإلنسان لنداء التوبة ويرجع تظهر فيه جدة الحياة

يه بعمل الروح القدس. ويبدأ اإلنسان يعيش الحياة الكامنة فالجديدة مرة أخرى، هذه الحياة التى هى حياة المسيح القائم من

بين األموات.

ـ القيامة واإلفخارستيا: دوقيامة المسيح تعمل فى حياتنا الحاضرة من خالل سر


48

اإلفخارستيا. ففى اإلفخارستيا نحن نأخذ جسد المسيح المحيى المعطى للحياة األبدية. وهذا الجسد الذى نأخذه فى الكنيسة أى

والدم الذى نشربه بفعل حلول الروح القدس على القرابين فى القداس اإللهى، هو نفسه جسد المسيح الذى غلب الموت وقام ظافرا. ومن المسيح الحي فى يمين اآلب ـ كما ذكرنا ـ يأتى

الموضوعان على المائدة الروح القدس لكى يجعل الخبز والخمر المقدسة جسد المسيح ودمه اللذين يفيضان بقوة قيامة المسيح ويعطيان الحياة األبدية لكل من يتناول منهما. كما أن اإلفخارستيا أيضا هى إخبار بعمل المسيح الخالصى بالموت

فإنكم كلما أكلتم والقيامة والصعود انتظارا لمجيئه الثانى المجيد " " بز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن أجئهذا الخ

). واالشتراك فى جسد المسيح ودمه هو ينبوع 26:11كو1(إن لم تأكلوا جسد قيامتنا وهو عربونها، كما يقول الرب نفسه: "

ابن اإلنسان وتشربوا دمه فليست لكم حياة فيكم. من يأكل اليوم جسدى ويشرب دمى فله حياة أبدية وأنا أقيمه فى

" (يواألخير... من يأكل هذا الخبز يحيا إلى األبد). ولهذا يقول القديس إغناطيوس اإلنطاكى إن 58،54،53:6


49

جسد المسيح ودمه هما " دواء عدم الموت" أى الدواء أو المصل أو الترياق الذى نأخذه لكى يحفظنا من الموت (انظر رسالة

).2:20إغناطيوس إلى أفسس

ة المسيح تعمل فى بقية األسرار:ـ قوة قيام هـقوة قيامة المسيح تعمل أيضا فى بقية األسرار، فحياة المسيح

األبدية هى التى تفعل فى سر مسحة المرضى كما تفعل فى المعمودية ووسر التوبة واإلفخارستيا. فشفاء النفس وشفاء الجسد

ير: " يتم بقوة تخرج من جسد المسيح كما يخبرنا معلمنا لوقا البشأن الجمع طلبوا أن يلمسوه ألن قوة كانت تخرج منه وتشفى

). كما قال الرب نفسه عندما لمست نازفة الدم 19:6" (لوالجميعقد لمسنى واحد ألنى علمت أن قوة قد خرجت هدب ثوبه: "

). هذه القوة هى الحياة اإللهية التى أقامت جسد 46:8" (لومنىلبت الموت كما سبق أن المسيح بعد أن مات، وهى التى غ

ذكرنا، وهى ال تزال تفيض من جسد المسيح الحي الممجد فى السماء بعمل الروح القدس فى صالة مسحة المرضى. وعن

صالة اإليمان التى تشفى المريض والرب يقيمه، وان طريق " ).15:5" (انظر يعكان قد فعل خطية تغفر له


50

سر اإلكليل لتوحد وهكذا أيضا تعمل قوة قيامة المسيح فى العروسين بعمل الروح القدس بالصالة. هذا الروح الذى ـ كما ذكرنا أكثر من مرة ـ هو نفسه المنسكب من السماء يوم الخمسين بفضل قيامة المسيح وصعوده. وهو الذى يعد الزوجين المسيحيين لنوال إكليل الملكوت بالجهاد الروحى فى الحياة

ح القدس.اليومية بمعونة الرو وهكذا ايضا فقوة قيامة المسيح هى التى تعمل فى سر

الكهنوت بدرجاته المتعددة إلعطاء مواهب الروح القدس الساكن فى الكنيسة جسد المسيح لكل من يسام فى أى درجة من درجات الخدمة الكهنوتية حتى تصير له القدرة بعمل الروح فيه على

إتمام الخدمة التى يؤتمن عليها.

ـ وهكذا تعمل قوة قيامة المسيح بالروح القدس فى كل خدمة ومسيحية، وتعمل قيامة المسيح بالروح القدس أيضا فى حياة الصالة الحقيقية. وهكذا تفعل قيامة المسيح فى إعطائنا القوة لطاعة وصايا المسيح، وفى السلوك حسب الروح وليس حسب

الجسد.


51

ـ القيامة والمحبة: زوة قيامة المسيح بنوع خاص فى تغيير قلب اإلنسان تظهر ق

من األنانية وحب الذات إلى المحبة األخوية والعطاء. فالرسول يوحنا يعلمنا أن الدليل والبرهان على قيامتنا مع المسيح أو

نحن انتقالنا من الموت إلى الحياة هو محبة االخوة، إذ يقول: " لحياة ألننا نحب االخوة... نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى ا

). فالبرهان على 14:3يو1" (من ال يحب أخاه يبقى فى الموتأن حياة المسيح موجودة فينا وأن قوة قيامته موجودة فينا هو قوة المحبة التى غلب بها المسيح الموت بأن بذل ذاته للموت. هذه القوة التى غلب بها المسيح تصير موجودة فى المؤمنين به. إذن فمحبة االخوة هى شهادة على قيامة المسيح التى جعلتنا ننتقل

من الموت إلى الحياة، واعطتنا القوة أن نحب ونبذل.

ـ قوة قيامة المسيح والشهادة: حتظهر قوة قيامة المسيح فى مواقف الشهادة الحرجة، وهنا

يظهر كيف أن موت المسيح وقيامته قد غيرا صور الموت، فلم مرعبا بل رأينا الشهداء يزدرون بالموت ويقبلونه بفرح يعد الموت

بقوة قيامة المسيح العاملة فيهم. وهذا ما يقوله القديس أثناسيوس


52

فى كتابه "تجسد الكلمة": [ قديما، قبل المجئ اإللهى للمخلص، كان الموت مرعبا حتى بالنسبة للقديسين، وكان الجميع ينوحون

أما اآلن بعد أن أقام المخلص على األموات كأنهم هلكوا. جسده، لم يعد الموت مخيفا ألن جميع الذين يؤمنون بالمسيح يدوسونه كأنه ال شئ، بل بالحرى يفضلون أن يموتوا على أن ينكروا إيمانهم بالمسيح ألنهم يعرفون بكل يقين أنهم حينما يموتون فهم ال يفنون بل بالحرى يحيون عن طريق القيامة

، وانظر أيضا 2:27عديمى فساد] (تجسد الكلمةويصيرون 4،3:27.(

وقوة قيامة المسيح الزمة لنا أيضا فى كل مواقف الشهادة فى الحياة اليومية حتى إن لم نواجه خطر الموت الجسدى. فقوة القيامة تجعلنا ال نكذب، وال نخاف سلطان البشر بل نتكلم

وم والفقير ونتعب بالحق وال ننكره وندافع عن الضعيف والمظلفى خدمتهم، هؤالء الذين هم أولى الناس بمحبة االخوة التى هى

عالمة انتقالنا من الموت إلى الحياة.

ـ قوة القيامة وحياة العفة والطهارة: طيحدثنا القديس أثناسيوس عن وجود براهين على قوة قيامة


53

يقول: المسيح فى حياة العذارى والشبان الذين يؤمنون بالمسيح ف[ هناك اختبارات فعلية تشهد بذلك فمن يرد دعه يذهب ليرى برهان الفضيلة فى عذارى المسيح والشبان الذين يعيشون حياة

). وأيضا يقول إن الذين 2،1:48العفة المقدسة ] (تجسد الكلمةآمنوا بالمسيح يعيشون حياة أكثر عفة من اليونانيين (أى

).2:53الوثنيين) (انظر تجسد الكلمة

ـ قيامة المسيح تهبنا رجاء ال يضمحل منذ ي اآلن:

يقول القديس بطرس الرسول إن اهللا ولدنا ثانية لرجاء حى ). فبقوة القيامة 3:1بط1بقيامة يسوع المسيح من بين األموات (

يتولد فينا رجاء حار من جهة الميراث الذى ال يفنى وال يتدنس ت السماوى المحفوظ لنا. وال يضمحل الذى هو ميراث الملكو

وهذا الرجاء النابع من قيامة المسيح يتحدث عنه القديس يوحنا ذهبى الفم فى عظته عن قيامة األجساد، إذ يشرح معلقا على

عالمين أن الذى أقام الرب يسوع سيقيمنا قول الرسول بولس " أيضا ويحضرنا معكم.. لذلك ال نفشل بل وان كان إنساننا

). إن 16، 14:4كو 2" (ى فالداخل يتجدد يوما فيوماالخارج يفن


54

إنساننا الخارج يفنى أى جسدنا يضمحل طالما نحن فى غربة هذا العالم، ولكن بينما نحن نسير فى حياتنا وتقابلنا ضيقات وصعوبات وآالم تساهم فى اضمحالل الجسد أى إنساننا الخارج

ة. فحتى إن كنا " الذى يفنى، نستمد من قيامة المسيح رجاء وقو متحيرين إال أننا غير يائسين، وان كنا مضطهدين لكن غير

" بل إن رجاء متروكين، وان كنا مطروحين لكن غير هالكينالقيامة يجدد إنساننا الداخلى فى وسط هذه اآلالم والضيقات "

). 14:4كو2" (ألن الذى أقام الرب يسوع سيقيمنا نحن أيضاوقبل القيامة اآلتية فإننا ننال مكافأة وهذا يعنى أنه من اآلن

احتمال األتعاب بأن " تتجدد النفس فى وسط الضيق وتصير أكثر قوة وأكثر إشراقا" (ذهبى الفم، عظة عن قيامة األجساد،

).18،17ص

فاعلية قيامة المسيح فى إنساننا ـ 8 الداخلى منذ اآلن:

يدة عن قيامة نجد فى الكتابات الروحية للقديسين شهادات عد المسيح التى تعمل منذ االن فى نفوس وأجساد القديسين بصورة


55

سابقة على القيامة العامة. فيقول القديس مقاريوس فى عظاته الرائعة أن [ مملكة النور والصورة السماوية أى يسوع المسيح يضيئ اآلن سرا داخل النفس، ويملك فى نفوس القديسين ولكنه

س، وعيون النفس فقط هى التى ترى مخفى عن عيون الناالمسيح حقا إلى أن يأتى يوم القيامة، فإنه حينئذ ستكتسى أجسادنا بنور الرب وتتمجد به، ذلك النور المختفى اآلن فى نفس اإلنسان، حتى أن أجسادنا تملك هى أيضا مع نفوسنا التى

ر تكون قد نالت ملكوت المسيح منذ اآلن، وتستريح مستنيرة بالنو ). ويقول سمعان الالهوتى 5:2األبدى] (عظات القديس مقاريوس

الحديث فى عظته عن القيامة: [ إن سر قيامة المسيح إلهنا ال تكف عن أن تحقق نفسها فى داخلنا بطريقة سرية، إن كنا نرغب فى ذلك]. ويشرح [ كيف أن المسيح مدفون فى داخلنا

سنا يقوم من كما فى قبره، وكيف إذ يصير متحدا مع نفو وحينما يكون حاضرا ). [40ـ36:3ات ويقيمنا معه] (عظةاألمو

فينا بالروح فإنه يقيمنا من األموات، يحيينا ويعطينا اإلمكانية أن نراه تماما فى داخلنا، حيا وغير مائت وغير قابل للزوال]

). هذه األقوال لهؤالء القديسين حاملى الروح 120:13(عظة


56

صى لقوة قيامة المسيح، أى عربون القيامة تكشف الجانب الشخ وتذوقها مقدما فى داخل كل شخص.

" ها أنا أصنع كل شئ جديداويقول اهللا فى سفر الرؤيا: " ). فإن اهللا يخلق كل شئ جديدا ابتداء من قيامة 5:21(رؤ

المسيح وفاعليتها فى الكون كله، فى الكون المنظور والكون ن هذا التجديد والتغيير يرى فقط اآلن غير المنظور، حتى لو كا

بواسطة عين اإليمان. ونختم بقول القديس غريغوريوس الناطق باإللهيات: [ قيامة المسيح، فصح العهد الجديد، هى انتقال إلى وجود جديد. لقد نقلنا المسيح إلهنا من الموت إلى الحياة ومن

).2:45األرض إلى السماء] (عظة

ﺢﻳﺳﻣﻟﺍ ﺔﻣﺎﻳﻗ -...

Documents

Transcript of ﺢﻳﺳﻣﻟﺍ ﺔﻣﺎﻳﻗ -...