جامعة نايف العربية للعلوم األمنية

كليـة الدراسـات العليـا قسم العدالة الجنائية

تخصص السياسة الجنائية

مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد مقابلة بالمواثيـق الدولية والقوانين الوضعية

العدالة الجنائيةبحث استكماال لمتطلبات درجة الماجستير في

إعـــداد الطالب الرحمن علي الدوهان محمد عبد

٤٢٢٠٢٠٨الرقم الجامعي :

إشـــــراف المستشار الدكتور / فؤاد عبد المنعم أحمد

هـ١٤٢٥-١٤٢٤

٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المقدمة

الحمد هللا رب العالمين، والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين، نبينا ، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، وبعد: ، ومن دعا بدعوته وصحبهمحمد وعلى آله

مميزات وأهداف ال توجد في ذو فإن النظام العقابي في الشريعة اإلسالمية األنظمة العقابية الوضعية ، وتطبيق النظام اإلسالمي في العقاب هو تطبيق للعدالة

في أكمل صورها.منطلق ض الجزاءات البدنية منلقد توسعت الشريعة اإلسالمية في فر و

، كعقوبة القتل على القيم وصيانة األخالق والمصلحةأهداف العقوبة في الحفاظ والرجم والقطع والجلد ، وبذلك تختلف عن االتجاهات الحديثة في السياسة الجنائية

العمليلها محدودة جدا في نطاق الواقع أو تجع، التي تتبنى فكرة منع تلك العقوبات . والشارع قد فرض الجزاءات البدنية لحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والعرض

."المصالح الضرورية"، وهي ما يطلق عليه عند علماء األصول والمالكما في -، أو مفوضة -كما في الحدود -عقوبة الجلد قد تكون مقدرة و . -التعزير

ت عنه مشروع الذي نهعبء الفعل غير اليتحمل الجاني في العقوبة و تحمل من الجرائم ، وبذلك الزنا والقذف وشرب الخمر وغير ذلك كالشريعة اإلسالمية

، وسد المنافذ المؤدية إلى اإلجرام في الحفاظ على كيان اإلنسان افي جوهرهالعقوبة ا تجاوز حدي، و يرتكب جرائم االعتداء على األعراضإذ أن من ، الخطيرة اصوره

يحقق ردعه وردع يجب أن يواجه بعقاب المفروضة لحفظ النسل والعقل دودمن الحويسلم الفرد والمجتمع ، حتى تتحقق العدالة على أكمل وجه اآلخرين عن القيام بمثله

من األضرار الناتجة عن االنتقام والفساد والظلم.ما قد اخترت موضوع مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد ومقابلتها بو

ورد في المواثيق الدولية والقوانين الوضعية لرد شبهة القائلين بأن الجلد عقوبة مهينة

٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

للتطبيق العملي ، وأن الزمن قد وحاطة بالكرامة اإلنسانية ، وليست صالحة على ذلك فإن هذا الموضوع لم ، وال تواكب المدنية الحديثة. وزيادة تجاوزها

كتب الكثير من المتقدمين. ينل نصيبه من العناية حتى فيومن هنا عزمت على البحث في هذا المجال ، وعلى اهللا المعتمد ، ومنه

، ويوفق لصالح القول والنية والعمل ، واياه أسأل أن يعصم من الزلل أستمد المعونة اب ، وهو حسبنا ، ونعم الوكيل.ت، عليه توكلت واليه م ، ال إله إال هو

٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الفصل التمهيدي مدخل إلى الدراسةال

ويتضمن المسائل اآلتية :

أوال : مشكلة الدراسة :يثير البعض جانبا من االعتراضات على عقوبة الجلد ، ويصفونها بأنها قاسية ، ومهينة ، وحاطة بالكرامة اإلنسانية ، وتتعارض مع حقوق اإلنسان الدولية.

، والحكمة من وراء تشريعها وبحث مقاصد الشارع من تقرير وتطبيق هذه العقوبة يؤدي إلى الرد على هذه االعتراضات.

حادا في العصر الحديث السيما آخر فإن عقوبة الجلد تثير جدال ومن جانب على التشريعات الوضعية التي ذلك انعكس وقد في الندوات والمؤتمرات الدولية ،

من نطاق األخذ بها إلى ق ي في هذا المجال ، فبعضها ض مختلفة اعتمدت سياسات ، وبعضها أبقاها كعقوبة رادعة. بعيد وبعضها ألغاها حد

وهي عقوبة أساسية في النظام العقابي -يضاف إلى ما تقدم أن عقوبة الجلد لم يتخل عنها الكثير من الدول حتى اليوم ، وان جاء تطبيقها متسما◌ -اإلسالمي

وفي قمع التمرد ، رية قا في القوانين العسك، فما زال الجلد مطب بعدم العمومية في بعض الدول.واالضطرابات

عقوبة نموذجيةد ع ونظرا لفعالية عقوبة الجلد في تحجيم اإلجرام فإنها ت الدولة ، وال فالردع العام والخاص ، وتنفيذها ال يستغرق وقتا ، وال يكللتحقيق

طبيعية.يحرم الجناة من العودة فورا إلى الحياة العة من عقوبة الشريالضوء على مقاصد ى الباحث تسليط لذا كان لزاما عل

وما تتبناه المؤتمرات والمواثيق الدولية حيالها الوضعية ،ومقابلتها باألنظمة الجلد بشكل متكامل. وذلك لإلسهام في تجلية أحكام الشريعة اإلسالمية في مجال عقوبة

تقريرها.، وكشفا عن الحكمة من الجلد

٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ثانيا : أهمية الدراسة : تتحصل األهمية فيما يلي:

أن دراسة مقاصد الشريعة تبين للباحث األهداف السامية التي ترمي إليها -١رت ر الشريعة اإلسالمية في األحكام، وتوضح لـه الغايات الجليلة التي ق

، فيزداد إيمانا وقناعة وثباتا. ألجلهاال تزال - السيما عقوبة الجلد -موضوع المقاصد الشرعية الكتابة في أن -٢

، وتحتاج إلى مزيد عناية من الباحثين ، والتعمق فيها إلى أقصى قليلةداللتها وحكمة تشريعها ، وارشاد الناس لمحاسنها ، وأنها فعالة وحاسمة ،

وتحقق الردع بشقيه الخاص والعام .

ء يهدفون في األساس إلى محاربة ما يواجهه العالم اإلسالمي من أعدا -٣، ومن ذلك تشكيكهم في ، ليخرجوه في صورة مشوهة اإلسالم والكيد ألهله

، وأنها لم تعد صالحة لهذا مدى فاعلية العقوبات التي شرعها اإلسالم ومهينة ، ، وانها قاسية مواكبة الحضارة المزعومة ع، وال تستطي الزمان

وحاطة بالكرامة اإلنسانية.

العقوبات البديلة كالسجن والغرامة.من أفضلية هذه العقوبة عن غيرها إبراز -٤

أساس العدل والمساواة في الحياة، تقوم حقوق اإلنسان في اإلسالم على -٥واجبة التطبيق ، وملزمة إلزاما إلهيا ، وهذا بخالف ما نصت وهي حقوق

ال ضامن لها في عليه المواثيق الدولية التي ترد تلك الحقوق إلى وصايا حقوق اإلنسان.

أن هجر المشرع الوضعي للعقوبات البدنية يرجع إلى شدة التعذيب -٦وهذه االعتبارات غير قائمة في النظام . المصاحب لها وبشاعة تنفيذها

العقابي اإلسالمي .

يرددها أعداء اإلسالم من الشبهات عدد الجلد يثار بشأنها دائما أن عقوبة -٧كذلك بعض نيل منه ، ولألسف الشديد يرددها له ومحاولة ال بهدف الكيد

المسلمين الذين يجهلون الحكمة من تقرير هذه العقوبة . لذا لزم بيانها

وبيان وجه الحق فيما يثار حولها من شبهات.

٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ثالثا : أهداف الدراسة :

يمكن إجمال أهداف الدراسة فيما يلي: ريم الزنا والقذف وشرب الخمر. التعرف على مقاصد الشارع من تح -١

التعرف على مقاصد الشارع من تقرير عقوبة الجلد. -٢

التعرف على ضمانات المجلود في مرحلة التنفيذ العقابي.-٣

بيان الشبهات التي أثيرت حول عقوبة الجلد والرد عليها. -٤

.غيرها من الجزاءات كالسجن والغرامةعلى التطرق ألفضلية عقوبة الجلد -٥ التعرف على عقوبة الجلد في العصور القديمة والحديثة. -٦

التعرف على موقف المواثيق الدولية العالمية واإلقليمية من عقوبة الجلد. -٧

رابعا : تساؤالت الدراسة: ما مقاصد الشارع من تحريم الزنا والقذف وشرب الخمر؟ -١

ما مقاصد الشارع من تقرير عقوبة الجلد؟ -٢

ضمانات المجلود في مرحلة التنفيذ العقابي؟ ما هي-٣

ما الشبهات التي أثيرت حول عقوبة الجلد والرد عليها؟ -٤

غيرها من الجزاءات كالسجن والغرامة؟عن ما مزايا عقوبة الجلد -٥ عقوبة الجلد في العصور القديمة والحديثة؟ما مدى تطبيق -٦

قليمية من عقوبة الجلد؟ما موقف المواثيق الدولية العالمية واإل -٧

: خامسا : منهج الدراسةسوف أتبع في هذا البحث المنهج االستقرائي الوصفي النقدي بالرجوع إلى

ط كتب الفقه أو األصول ، ومحاولة استنبا سواء ، أمهات الكتب والمصادر األصليةمقاصد مع مراعاة حدود اإلسالم من المحاسن ، حكمة التشريع ، وما تحتوي عليه

الدراسات الحديثة -بمشيئة اهللا–، ولن أغفل ، والمبادئ العامة الحاكمة لها الشريعة ، وما استفدت منها أشرت إليه. بالجدة التي تتميز

٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: تحديد أهم مصطلحات الدراسة :سادسا تعريف العقوبة : -١

عقبه الجزاء تعقب فعل السوء بالجزاء ، فكأن فعل السوء ي : ايقصد به: في اللغة ال: عاقبه بذنبه معاقبة وعقوبة وعقابا أي أخذه ق فيؤخذ المذنب ليعاقب على ذنبه ، ي

0Fبه ، والعقاب والمعاقبة أن تجزي الرجل بما فعل سوءا ، واالسم العقوبة

)١( الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على : " عرفها عبد القادر عودة بأنها :واصطالحا

)٢(1F" رععصيان أمر الشا )٣(2F ينزل بالجاني زجرا له " " العقوبة في ذاتها أذى : وعرفها أبو زهرة بقوله : تعريف المقاصد لغة -٢

جمع مقصد ، من قصد الشيء ، وقصد له ، وقصد إليه قصدا ، : المقاصد لغة : هو طلب صدوالق ، واكتنزه وأثبته .. ، بمعنى طلبه ، وأتى إليه من باب ضرب

3F، أو االكتناز في الشيء أو العدل فيه يء ، أو إثبات الشيء الش

)٤( الغايات واألهداف والنتائج والمعاني : ومقاصد الشريعة في اصطالح العلماء هي

، وسعت إلى تحقيقها وايجادها ، وأثبتتها في األحكام التي أتت بها الشريعة4Fوالوصول إليها في كل زمان ومكان.

)٥( لغة : تعريف الجلد -٣

الطبعـة ،ي المصـري ،بيـروت، دار صـادرن محمـد بـن مكـرم اإلفريقـ) لسان العرب، ألبي الفضل جمال الدين ب١(

، مادة (عقب ).٦١٩ -٦١١، ص ١م، ج١٩٩٤ -هـ ١٤١٤، الثالثة، دار إحيـاء التـراث العربـي بيـروت ، ة) التشريع الجنائي اإلسالمي مقارنـا بالقـانون الوضـعي، عبـد القـادر عـود٢(

.٦٠٩، ص ١،جم ١٩٨٥،م ، ص ١٩٧٠دار الفكــر العربــي ، ،لقــاهرة محمــد أبــو زهــرة ،) الجريمــة والعقوبــة فــي الفقــه اإلســالمي ، ٣(٦. ، دار الفيروز آبادي الشيرازي، بيروت ) القاموس المحيط ، مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم٤(

مادة قصد . ، ٣٢٧، ص ١، ج ١٤١٥الكتب العلمية ، م، ص ١٩٨٥ ، الشـركة التونسـية للتوزيـع ،تـونس عاشـور، ) مقاصد الشريعة اإلسالمية، محمد الطاهر بـن٥(

١٣.

٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

، ومثله مصدر جلده بالسوط يجلده جلدا بمعنى ضربه بالسوط وأصاب جلده . يقال : جلدته بالسيف ، أي أصاب ظهره ورأسه وبطنه قولهم: ظهره ورأسه وبطنه

أي بالسيوف مجالدة وجالدا : م، وجالدناه والسوط جلدا إذا ضربت جلده(ضاربناهم.

5F

١(

الجلد في الشرع:

نصا يعرف الجلد شرعا ويحدد –رحمهم اهللا تعالى -الفقهاء لم أجد لدىبأنه إحداث ألم للمجرم بضربه : ف ر ع مفهومه لدى علماء الفقه، ولكن يمكن أن ي

، على صفة مخصوصة. بسوط أو نحوه

تعريف الميثاق: -٤

النظام السياسي بإنشاء تنظيم دولي معين، ويعني به اتفاق موسع ياشتهر فهاء حالة من القلق وعدم االستقرار وتحديد قواعد معينة في مسار السياسة الدولية إلن

(كميثاق عصبة األمم وميثاق األمم المتحدة.6F

٢(

.٤٨١، ص بن منظورال ،لسان العرب )١( .٢١٥م ص ١٩٨٥ ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة ،أحمد سويلم العمري ) معجم العلوم السياسة،٢(

٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: الدراسات السابقة : سابعاللـدكتوراه والماجسـتير وثيقـة الصـلة بموضـوع الرسـالة ، رسـائل وقفت على عدة

اجستير ، متبعا المنهج التاريخي.الدكتوراه أوال ثم رسائل المرسائل عرض أو

األولى :الدراسة اسم الباحث: يوسف حامد العالم.

)7F١( األهداف العامة للشريعة اإلسالمية.عنوان الرسالة: -هـــ١٣٩٠تــاريخ مناقشــة الرســالة ومكانهــا: كليــة الشــريعة اإلســالمية، جامعــة األزهــر،

م. ١٩٧٠ : وكانت خطة البحث على النحو التالي

الباب األول: في األهداف والمصالح إجماال. الفصل األول: في األهداف.

الفصل الثاني: في المصلحة. الباب الثاني : في المصالح تفصيال .

الفصل األول: في المحافظة على مصلحة الدين. الفصل الثاني: في المحافظة على مصلحة النفس. قل.الفصل الثالث: في المحافظة على مصلحة الع

الفصل الرابع: في المحافظة على مصلحة النسل.الفصـــل الخـــامس: فـــي المحافظـــة علـــى المـــال مـــن جانـــب الوجـــود ومـــن

جانب العدم.

-: وأهم النتائج التي توصل إليها الباحث

ل مقاصد الشريعة عند اإلمـام العـز أخرى مث ئلجرى االكتفاء برسالة واحدة في المقاصد الشرعية. وتوجد رسا )١(

، لعمــر بــن صــالح عمــر ، رســالة دكتــوراه منشــورة ، مقدمــه لكليــة الشــريعة والقــانون فــي جامعــة أم مبــن عبــد الســالهـ . ورسالة أخرى بعنوان مقاصـد الشـريعة عنـد ابـن تيميـة ، ليوسـف أحمـد البـدوي ، ١٤٢٣درمان اإلسالمية ،

م.١٩٩٩الجامعة األردنية، في لكلية الشريعةرسالة دكتوراه منشورة مقدمة

١٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

مصـالح العبـاد الدنيويـة واألخرويـة كبيـرة أو أن الشريعة اإلسالمية وافية بجميـع -١هــو إســعاد العبــاد فــي الــدنيا ثة . وأن هــدفها األعظــم أو مســتحد صــغيرة ، ثابتــة

ن الســـعادة المطلوبـــة ال تتحقـــق إال بمتابعـــة أحكامهـــا ، وقواعـــدها، أواآلخـــرة ، و ومبادئها، وموافقة مقاصدها ، ولذا كانت معرفة المقاصد أمرا البد منه.

صـال منهـا انف، ن فـي الـبالد اإلسـالمية آثـار سـيئةإساءة مفهـوم الـديعلى ترتب -٢ -هـو اإلسـالمو –الـدين الكامـل إليمان عن العمل، والقول عـن الفعـل، مـع أن ا

، ويقتضي توافق القول مع الفعل.يشمل اإليمان والعمل

لقد عني اإلسالم بالنفس اإلنسانية، ووضع لها من التشريعات مـا يحقـق جميـع -٣ هـــاومســـكن، ومـــا يمنـــع عن وكســـاء، المصـــالح فـــي جميـــع األطـــوار مـــن غـــذاء،

، وشـرع مـن العقوبـات مـا يكـون زاجـرا ورادعـا لمـن يعتـدي االعتداء بأي صـورة عليها ، والزاجر قد يكون عقابا في الدنيا أو عذابا في اآلخرة.

عنـي بـه ووضـع لــه و ، أما العقل فقد ميز اهللا به اإلنسـان عـن سـائر الحيوانـات -٤، مثــل وجــوب زالــةالكثيــر مــن التشــريعات الكفيلــة بحفظــه مــن اإلضــعاف أو اإل

التعليم وتحريم المسكرات والمخدرات، والعقاب على شرب المسكر.

، وحـرم الزنـى أما النسل فقد وضع اهللا لـه طريقا للدوام واالستمرار وهـو الـزواج -٥، وشـــرع ومقدماتـــه مـــن أجـــل المحافظـــة علـــى هـــذا الطريـــق بعيـــدا عـــن العبـــث

ريق ويسلك غيره متعـديا بـذلك مـا بدون رأفة لمن يعبث بحرمة هذا الط عقوبات ه الشرع للمحافظة على النوع اإلنساني. دحد

أما المال فهـو قـوام الحيـاة، وضـرورة مـن ضـرورات الوجـود البشـري، ولـذا عنـي -٦به الشرع اإلسالمي، ووضع لـه مـن القواعـد واألحكـام لكسـبه، وتملكـه، وأنفاقـه،

وتنميته.

١١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

-الدراسة ودراستي: أوجه الشبه واالختالف بين هذهفــي تنــاول الباحــث المقاصــد العامــة للشــريعة اإلســالمية إجمــاال، وفصــلأوجــه الشــبه:

ــــنفس، العقــــل، النســــل والعــــرض، المــــال) التــــي أولتالمصــــالح ــــدين، ال الشــــريعة هــــا( ال ، وبين مقصود الشارع من تحريم الزنا والقذف والخمر. اإلسالمية رعايتها

ة من جوانب عده أبرزها:وتختلف الدراسة الحالي التركيز على مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد. -١، ومقابلتهـــا بمـــا ورد فـــي التعمـــق فـــي دراســـة هـــذه العقوبـــة ومقاصـــدها الشـــرعية -٢

المواثيق الدولية والقوانين الوضعية.

فاعلية هذه العقوبة في تحجيم اإلجرام. -٣

البديلـة التـي سـنها المشـرع الوضــعي تميـز هـذه العقوبـة عـن غيرهـا مـن العقوبـات -٤ كالسجن والغرامة.

إلقاء الضوء على الشبهات المثارة حول عقوبة الجلد، والرد عليها . -٥

ومبـــرراتهم والـــرد –إلقــاء الضـــوء علــى موقـــف شـــراح القــوانين مـــن هـــذه العقوبــة -٦ عليها.

:الدراسة الثانية

8F

)١( اسم الباحث: فكري أحمد عكاز.

فلسفة العقوبة في الشريعة اإلسالمية والقانون.عنوان الرسالة: : جامعة األزهر ، كلية الشريعة والقانون . مناقشة الرسالةمكان

-خطة الدراسة : قسم الباحث دراسته إلى مقدمة، وأربعة أبواب، وخاتمة، وذلك على النحو التالي:

: الباب األول : أغراض العقوبة وتفريدها في الشريعة والقانونالفصل األول: ماهية العقوبـة فـي الشـريعة والقـانون، وبيـان الحكمـة مـن

تحديد بعض العقوبات في الشريعة اإلسالمية.

م ، الطبعـة األولـى. ولـم يعثـر ١٩٨٢هـ ١٤٠٢) قامت دار عكاظ للنشر والتوزيع بطباعة هذه الرسالة عام ١( الباحث على تاريخ مناقشة الرسالة .

١٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الفصل الثاني: أغراض العقوبة في الشريعة والقانون. الفصل الثالث: التفريد الجنائي في الشريعة اإلسالمية.

واالصطالح. جرائم الحدود. ، تعريف الحدود في اللغة : باب الحدودالباب الثاني مميزات عقوبات الحدود.

الفصل األول: في حد الزنا . الفصل الثاني: في حد القذف. الفصل الثالث: في حد الشرب. الفصل الرابع: في حد السرقة. .ة الفصل الخامس: في حد الحراب

الفصل السادس: في حد البغاة. الفصل السابع: في حد الردة.

عقوبة القصاص. : الباب الثالث : التعزير.الباب الرابع

-أهم النتائج التي توصل إليها الباحث هي:

أن عقوبــات الحــدود وعقوبــات القصــاص عقوبــات محــددة قــدرا ونوعــا وصــفة، وال -١أو ، أو تغيرهـــا ، يجـــوز للقاضـــي وال لألمـــة أن تلغـــي عقوبـــة مـــن هـــذه العقوبـــات

صفتها. تغيرأو مقدارها ، من تنقص أو ، فيها تزيد ــــات الحــــدود والقصــــاص بمثابــــة القاعــــدة العامــــة لنظريــــة العقــــاب فــــي -٢ أن عقوب

فباالهتـــــــداء بمواصـــــــفات الجريمـــــــة فـــــــي جـــــــرائم الحـــــــدود ، الشـــــــريعة اإلســـــــالمية أو الوالي أو الهيئـة هذه الجرائم يهتدي القاضي عقوبات والقصاص وبمواصفات

الخاضـعة لنظريـة ، عموما التنظيمية في وضع العقوبة المناسبة للجرائم األخرى التعزير في الشريعة اإلسالمية.

، أو زمـان مكـان عامـا بالنسـبة ألي إلغاؤهـا إلغـاء زأن عقوبة القتـل ثابتـة ال يجـو -٣لشـــرع أو مصـــلحة يقرهـــا ا هوقـــد ثبـــت أن إلغاءهـــا ال تقـــوم عليـــه حجـــة وال تقتضـــي

. حاجة الجماعة الحقيقية

١٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

إلــى كثــرة المشــوهين. بــل يــؤدي تشــريع مثــل ؤدي تــأن عقوبــة القطــع لألطــراف ال -٤، وأن عـدم تقريرهـا يكـون سـببا فـي قتـل هذه العقوبات إلى التقليل مـن المشـوهين

ـــة عـــدد مـــن األنفـــس ـــر هـــذه العقوب ـــة تقري ـــديهم فـــي حال يفـــوق عـــدد مـــن تقطـــع أي الشرعية.

صــالحة ، مؤبــدة الثبــوت أن نظريــة العقوبــة فــي الشــريعة اإلســالمية نظريــة ثابتــة -٥تحمــل بـــين طياتهــا عوامــل ثباتهـــا وصــالحيتها التــي تجعلهـــا ، مؤبــدة الصــالحية

صالحة لكل زمان ومكان.

فـي الشـريعة اإلسـالمية ال تـأبى أن تأخـذ بـأي فكـر حـديث فـي أن نظرية العقوبـة -٦العامــة والثابتــة للفكــر علــى القواعــد دعــام مــادام هــذا الفكــر ال يتمــر العقوبــة بوجــه

. العقابي اإلسالمي بين هذه الدراسة ودراستي:أوجه الشبه واالختالف

للحكمــة مــن تحديــد بعــض العقوبــات فــي الشــريعة اإلســالمية ، ومميــزات أنــه تطــرق عقوبة الجلد، واشارات بسيطة للجلد في القوانين الوضعية.

-:فيميزها أما هذه الدراسة التركيز على مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد. -١ والرد عليها. ، هات المثارة حيالهاسرد الشب -٢

التعمق في معرفة موقف المواثيق الدولية العالمية واإلقليمية من هذه العقوبة. -٣

أفضلية عقوبة الجلد على الغرامة.بيان -٤

الدراسة الثالثة:

. بن صالح الحديثي هللاسم الباحث: عبدا إلسالمي.وموجباتها في الفقه ا ةنيلتعزيزات البداعنوان الرسالة:

تاريخ مناقشة الرسالة ومكانها: رسالة دكتـوراه منشـورة، جامعـة اإلمـام محمـد بـن سـعود هـ.١٤٠٦اإلسالمية، كلية الشريعة، الرياض،

خطة الدراسة:

١٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

قسم الباحث دراسته إلى: مقدمة، وباب تمهيدي، وثالثة أبواب رئيسية، وخاتمـة، وذلـك على النحو التالي :

زيرات البدنية المباشرة، وفيه الفصول التالية:الباب األول: التع الفصل األول: التعزير بالقتل. الفصل الثاني: التعزير بالجلد.

الباب الثالث: التعزيرات البدنية غير المباشرة. الفصل األول: التعزير بالحبس. الفصل الثاني: التعزير بالنفي.

الفصل الثالث: التعزيرات البدنية األخرى. ب الثالث: تنفيذ التعزيرات البدنية.البا

الفصل األول: من يملك حق التنفيذ. الفصل الثاني: عوارض التنفيذ.

الفصل الثالث: سقوط التعزيرات البدنية. : وأهم النتائج التي توصل إليها الباحث

أن الجلد من أشهر العقوبات التعزيرية لما يتميز به مـن التـأثير فـي المجلـود، -١مــع نــوع الجريمــة وجســامتها ، وكثــرة لــة علــى العــدد الــذي يتناســب ق واعتمــاده

وسهولة تنفيذها.أن جلد شارب الخمر اختص من بين سائر الحدود بجواز الزيـادة عليـه عنـد -٢

توســـيع فـــي ا أم الخبائـــث ، فلعـــل للشـــارع قصـــدألن الخمـــر هـــي ، االقتضـــاء عن تناوله.سبل الردع والزجر

إلــى ردع المجــرم وزجــره –فيمــا تهــدف إليــه -تهــدف أن العقوبــة فــي الشــرع -٣كما تهدف إلى تكفير الذنب المترتب على الجريمة إذا صلحت نيته وصـدقت

توبته.

أن العقوبة في الشرع تتفاوت فتتناسب مع أنواع الجرائم وأصناف المجرمين. -٤

يجــوز بكــون الفعــل مباحــا فــال د يــق أن التوســع فــي أنــواع العقوبــات التعزيريــة م -٥ محرم. أن يعاقب اإلنسان بفعل بأي حال

١٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

أوجه الشبه بين هذه الدراسة ودراستي:

، وكيفية جلد التعزير. ، وحكمة مشروعية التعزير بالجلد تناول الجلد تعزيرا ودراستي تختلف من عدة جوانب لعل أبرزها:

إبراز مقاصد الشريعة من تحريم الزنا والقذف وشرب الخمر. -

كرة المقاصد الشرعية من عقوبة الجلد.تتناول ف - .تتعلق بعقوبة الجلد مواثيق دولية وقوانين وضعيةمن صدر فيما التنقيب - أفضلية هذه العقوبة على غيرها من العقوبات كالسجن والغرامة. -

9Fالدراسة الرابعة :

)١(

اسم الباحث: مطيع اهللا دخيل اهللا الصرهيد اللهيبي ات المقدرة وحكمة تشريعها في الكتاب والسنة .العقوبعنوان الرسالة:

ـــاريخ مناقشـــة الرســـالة ومكانهـــا: رســـالة ماجســـتير منشـــورة، جامعـــة أم القـــرى ، كليـــة ت هـ.١٣٩٧الشريعة والدراسات اإلسالمية ، قسم الدراسات العليا الشرعية،سنة

وكانت خطة الدراسة من: مقدمة، وسبعة أبواب، وخاتمة، على النحو التالي: الباب األول: في معنى العقوبة، وأقسامها، والحد وأنواعه.

الباب الثاني: في معنى الردة وحدها، وبيان الحكمة من مشروعيتها.الباب الثالث: في معني المحاربة أو الحرابة، وأنواعها، وحدودها، وبيان الحكمة من

مشروعية الحد فيها. وحكمة مشروعية عقوبة السرقة. الباب الرابع: في معنى السرقة، وبيان حدها،

الباب الخامس: في معنى الزنا، وبيان حده، وحكمة مشروعية عقوبته. الباب السادس: في معنى القذف وشروطه، وحده، وبيان حكمة مشروعية.

الباب السابع: في معنى الخمر، وحده ومقداره، وبيان حكمة مشروعيته.

:الدراسة و أبرز نتائج

السعودية . هـ ، دار تهامة للنشر والتوزيع ، جدة ، المملكة العربية ١٤٠٤) طبعت الرسالة عام ١(

١٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

على أتم الوجوه وأكملها، وأوفقها للعقول السليمة، فقد جاءت الخالق تشريعاتأن -١راعى فيها جميع الجوانب التي تصلح من شأن البشرية وتعلو بها إلى حيث

التي فرضها اهللا لتؤدي دورها العقوبات : الكمال. ومن تلك التشريعات الحكيمة اإلصالحي المنشود من وراء تنفيذها.

تحافظ على الضروريات التي البد منها في قيام مصالح العباد شرعت العقوبات ل -٢ الدينية والدنيوية.

من جميع العوائق التي أن العقوبات إذا طبقت في أمة من األمم، كانت خالية -٣من جميع الشوائب التي تعكر عليها تعوق تقدمها إلى الكمال اإلنساني، سليمة

نما شرع هذه العقوبات إنما أراد أن تطبق ن الشارع الحكيم حيإصفوها وأمنها. ف ، ولم يشأ أن يجعلها في عالم النظريات. في عالم الواقع

-أوجه الشبه واالختالف بين هذه الدراسة ودراستي:

، والقذف، والخمر. تناول الحكمة من مشروعية عقوبة الزنا -وتختلف دراستي من حيث أنها تنصب على:

مـن التشـكيك فـي مـدى فاعليـة عقوبـة الجلـد، -ميالعـالم اإلسـال –ما يواجهه -١ والرد عليها.

حيــــال اثيــــق الدوليــــة والقــــوانين الوضــــعية إلقـــاء الضــــوء علــــى مــــا ورد فــــي المو -٢ . عقوبة الجلد

غيرهـــا مـــن العقوبـــات البديلـــة التـــي ســـنها المشـــرع علـــى أفضـــلية هـــذه العقوبـــة -٣ الوضعي.

التعرف على مقاصد الشارع من عقوبة الجلد. -٤

دراسة الخامسة : ال

اسم الباحث: حسن بن عبده العسيري .

١٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

عقوبة الجلد فقها وسياسة. عنوان الرسالة : رســالة ماجســتير غيــر منشــورة، جامعــة اإلمــام محمــد تــاريخ مناقشــة الرســالة ومكانهــا:

هـ.١٤٠٤بن سعود اإلسالمية،المعهد العالي للقضاء، الرياض، خطة الدراسة: استه إلى: تمهيد، وثالثة أبواب ، وخاتمة ،على النحو التالي:قسم الباحث در

: ئم التي يعاقب عليها بالجلد حدا الباب األول: في الجرا الفصل األول: في جريمة الزنا.

الفصل الثاني: في جريمة القذف. الفصل الثالث: في جريمة شرب الخمر

: في غير الحدود الباب الثاني: في الجرائم التي يعاقب عليها بالجلد الفصل األول: في الجرائم التي يعاقب عليها بالجلد تعزيرا.

الفصل الثاني: في الجرائم التي يعاقب عليها بالجلد سياسة. الباب الثالث: فيما يجب مراعاته عند تنفيذ عقوبة الجلد ،ويشتمل الفصول التالية:

: في اآللة. الفصل األول لجلد.: في كيفية ا الفصل الثاني : في المجلود. الفصل الثالث

الفصل الرابع: في الجالد. الفصل الخامس: في مكان الجلد.

الفصل السادس: في نماذج من المجلودين حدا أو تعزيرا . ، وتتضمن نتائج الدراسة . الخاتمة

أهم نتائج الدراسة:

مــن القســوة ا يــرت حــول عقوبــة الجلــد وأن فيهــا شــيئتنــاول الباحــث الشــبهات التــي أث التالي:د الباحث تلك الشبه على النحو ن ... وف روح العصر، وال توافق والشدة ولكن لتهذيب النفوس وذلك بالقدر الالزم. ، عقوبة الجلد لم تشرع لإلتالف -١، وهــو يســلك ســبل اإلجــرامالجلــد مــع مــن يقــارف جريمــة الزنــا و توافــق عقوبــة -٢

١٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الجلــد وبالتــالي تكــون عقوبــة ، نســانيتهالــذي قــد ابتعــد عــن الفضــيلة وأهــدر إ الذين تأصل الشر في نفوسهم.بعض الجناة حتمية ال بديل عنها لردع

إذا كـــان النقـــد ال يوجـــه إلـــى العقوبـــة المقيـــدة للحريـــة، وهـــي تتوجـــه إلـــى أعـــز -٣: س مقوماته كإنسان، وفضال عن ذلـك، وتنصب على أقد شيء في اإلنسان

، فاألجـدر أال يوجـه إلـى بدنـه وفيهـا عيـوب شـتىفهي كثيرا ما تؤثر تبعا فـي عقوبة الجلد.

تناسب عقوبة الجلد مع القاذف وشارب الخمر، وال قسوة في تطبيـق العقوبـة -٤ن تطبيــق واقامــة الحــد فيــه الرحمــة وال ينكــر ذلــك إبحــق مــن يقتــرف ذلــك، بــل

إال من عميت بصيرته، واستحكم الشيطان في عقليته.

ف بين هذه الدراسة ودراستي :أوجه الشبه واالختال

يجب مراعاته عند وما تناول الحكمة من تشريع عقوبة الزنا والقذف والشرب ، . تنفيذ عقوبة الجلد ، وذكر إجماال بعض الشبه المثارة حيال عقوبة الجلد

منها :، وتختلف دراستي من عدة جوانب

إبراز محاسن ومقاصد الشريعة من عقوبة الجلد. -١لدولية والقوانين الوضعية على العقوبات البدنية في المواثيق ا لقاء الضوءإ -٢

عقوبة الجلد.السيما

مميزات عقوبة الجلد عن عقوبة السجن والغرامة. -٣

: الدراسة السادسة اسم الباحث: عثمان بن محمد أسلم.

عقوبة الجلد في الشريعة اإلسالمية.عنوان الرسالة: محمد بن جستير غير منشورة، جامعة اإلمام الة ومكانها: رسالة ماتاريخ مناقشة الرس

١٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

هـ.١٤١٢الرياض ،قسم الفقه المقارن،،المعهد العالي للقضاءاإلسالميةسعود خطة الدراسة :

، على النحو التالي: وخاتمة قسم الباحث دراسته إلى :مقدمة، وخمسة فصول ، الفصل األول: في الجلد ومشروعيته وصفته.

فصل الثاني : في ثبوت عقوبة الجلد باألدلة.ال الفصل الثالث: في بيان صفة الجلد وكالم العلماء فيه وما يجلد به .

الفصل الرابع: في الجرائم المعاقب عليها بالجلد إجماال. الفصل الخامس: الجلد بالتعزير.

: أهم نتائج الدراسةريعة اإلسالمية بالكتاب والسنة ثابتة في الش أن الجلد كعقوبة جسدية وتعزيرية -١

واإلجماع.ألنه سدية لجرائم الزنا والقذف والشرب ،مناسبة ومالءمة عقوبة الجلد الج -٢

الوسيلة المالئمة لردع الجاني وزجره و إصالحه.

، عزيرية التي تصلح وتالئم المجرم مالءمة عقوبة الجلد التعزيرية في الجرائم الت -٣ لردعه وزجره .وقد تكون الوسيلة الوحيدة

أوجه الشبه واالختالف بين هذه الدراسة ودراستي: مجاالت عقوبة الجلد ، وبيان صفته ، وكالم العلماء فيه. تكلم عن

ى بما يلي : عن فت أما الدراسة الحالية: .ةوأهمية تطبيقها في الشريعة اإلسالمي التطرق إلبراز محاسن الجلد ، -١ ق دولية وقوانين وضعية.مواثيمن عنها ما صدر دراسة -٢

إبراز محاسن عقوبة الجلد عن غيرها من العقوبات البديلة التي سنها المشرع -٣ الوضعي كالسجن والغرامة.

العالم اإلسالمي من تشكيك في مدى فاعلية هذه العقوبة وتنفيذها هما يواجه -٤ والرد على تلك الشبه.

.يضمانات المجلود في مرحلة التنفيذ العقاب -٥

٢٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

راسة السابعة:الد اسم الباحث: محمد سالم العسيري.

التعزير بالجلد وتطبيقاته على أحكام القضاء بالمحكمة المستعجلة : عنوان الرسالة بالرياض.

الرياض ، نايف العربية للعلوم األمنية شة الرسالة ومكانها:جامعةتاريخ مناق م.٢٠٠٢-هـ١٤٢٣

خطة الدراسة: على النحو التالي:، قدمة، وفصل تمهيدي،وأربعة فصول قسم الباحث دراسته إلى: م

الفصل األول: جرائم التعزير، وما يجب فيها. الفصل الثاني: عقوبة التعزير بالجلد.

الفصل الثالث: استيفاء عقوبة التعزير بالجلد. الفصل الرابع: الدراسة التطبيقية.

أهم نتائج الدراسة: كما -إلى ردع المجرم وزجره-ا تهدف إليهفيم –أن العقوبة في الشرع تهدف -١

تهدف إلى تكفير الذنب المترتب على الجريمة إذا صلحت نيته وصدقت توبته.أن الجلد من أشهر العقوبات التعزيرية لما يتميز به من التأثير في المجلود، -٢

واعتماده على العدد الذي يتناسب قلته وكثرته مع نوع الجريمة وجسامتها، ولسهولة نفيذها.ت

أن بعض البالد غير اإلسالمية ال تزال تأخذ ببعض العقوبات المعترف بها -٣في أوقات الحرب واالضطرابات -ومنها عقوبة الجلد-في الشريعة اإلسالمية

والسجون وللعسكريين.

أوجه الشبه واالختالف بين هذه الدراسة و دراستي : ائها.التعزير بالجلد واستيفعقوبة تطرق لكيفية تنفيذ

على :تركز أما هذه الدراسة فسوف إبراز مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد. -١ مقاصد الشارع من تقريرها، والرد على الشبهات المثارة حيالها. -٢

٢١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

مقاصد الشارع من تحريم الزنا والقذف وشرب الخمر . -٣

موقف المواثيق الدولية العالمية واإلقليمية من هذه العقوبة. -٤

خطة الدراسة : : ثامنا فصل تمهيدي، وأربعة فصول رئيسية، على النحو و تتكون هذه الدراسة من مقدمة،

التالي: المقدمة.

ل التمهيدي: المدخل إلى الدراسة ، وفيه : الفص تحديد مشكلة الدراسة. .١ أهمية الدراسة .٢

أهداف الدراسة . .٣

تساؤالت الدراسة. .٤

منهج الدراسة. .٥

الدراسة .تحديد أهم مصطلحات .٦

الدراسات السابقة. .٧

خطة الدراسة. .٨

من تحريم الزنا والقذف وشرب الشريعة اإلسالمية الفصل األول: مقاصد الخمر،وفيه أربعة مباحث هي :

.لحاكمة لها في الشريعة اإلسالميةالعقوبة والمبادئ االمبحث األول: المبحث الثاني: مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الزنا.

المبحث الثالث: مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم القذف. المبحث الرابع: مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم شرب الخمر.

الفصل الثاني: مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد،وفيه أربعة مباحث: : مقاصد الشريعة اإلسالمية.المبحث األول لد في الشريعة اإلسالمية.: عقوبة الجالمبحث الثاني

المبحث الثالث : مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد.

٢٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الرابع : ضمانات المجلود في مرحلة التنفيذ العقابي.الفصل الثالث: موقف القوانين الوضعية و المواثيق الدولية من عقوبة الجلد،

وفيه ثالثة مباحث هي: لقوانين الوضعية قديما وحديثا:المبحث األول: الجلد في ا

المبحث الثاني: الجلد في السجون المبحث الثالث: موقف المواثيق الدولية من عقوبة الجلد.

:مبحثان الفصل الرابع: تقويم عقوبة الجلد، وفيه المبحث األول: الشبهات المثارة حول عقوبة الجلد والرد عليها.

. لى غيرها من الجزاءاتع أفضلية عقوبة الجلدالمبحث الثاني: النتائج والتوصيات. : وتشمل الخاتمة

المصادر والمراجع.

٢٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الفصل األول

مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الزنا والقذف وشرب الخمر

:، هي يتضمن هذا الفصل أربعة مباحث ــي الشــريعة ــا ف ــادئ الحاكمــة له ــة والمب المبحــث األول: العقوب

إلسالمية.ا المبحث الثاني: مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الزنا. المبحث الثالث: مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم القذف. المبحــث الرابــع: مقاصــد الشــريعة اإلســالمية مــن تحــريم شــرب

الخمر.

٢٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث األول

العقوبـــة والمبادئ الحاكمة لها في الشريعة اإلسالمية مطلبين:إلى ويقسم هذا المبحث

المطلــــب األول: معنــــى العقوبــــة فــــي اللغــــة واالصــــطالح الشــــرعي والقانوني.

المطلــب الثــاني: المبــادئ التــي يقــوم عليهــا العقــاب فــي الشــريعة اإلسالمية.

٢٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: والقانوني معنى العقوبة في اللغة واالصطالح الشرعي المطلب األول: : للغةأوال: معنى العقوبة في ا

اسم مصدر من عاقب يعاقب عقابا ومعاقبة. في أصل اللغة تستعمل لتدل على تأخر شيء عن غيره: يقـال "عقب "ومادة

عقب الشيء وعاقبته وعقباه: بمعنـى آخـره، ومنـه عقـب القـدم أي مؤخرتهـا، كمـا يقـال: لد الرجل عقبـه أي أوالده عقب الشيء الشيء يعقبه: إذا خلفه وجاء بعده، ومنه قيل لو

الذين يبقون بعده.(والعقاب والمعاقبة أن تجزي الرجل بما فعل سوءا، واالسم العقوبة

10F

١(

(، وتعقبه: أخذه بذنب كان منه. : جازاه والعقبى: جزاء األمر. وأعقبه11F

٢( (باســـتقراء الداللـــة اللغويـــة مـــن كتـــب اللغـــةو

12F

: طلـــق علـــى نخلـــص إلـــى أن العقوبـــة ت ) ٣ ذ به اإلنسان على فعل المعصية. اخ ؤ الجزاء الذي ي

. ٦١٩، ٦١١، ص ١) لسان العرب ،ابن منظور ، ج(١

. ١٤٢، ص ١) القاموس المحيط ، الفيروز آبادي الشيرازي ، ج ٢(

) لالستزادة من معرفة التعريف اللغوي انظر : ٣(، بيـروت تحقيـق :عبـد السـالم هـارون ، معجم مقاييس اللغة ، أبو الحسين أحمد بـن فـارس بـن زكريـا ، •

. ٧٨، ص ٤دار الجيل ،الطبعة الثانية، جالصحاح ، المسمى " تاج اللغة وصحاح العربية " ، بحواشي عبد اهللا بـن بـري بـن عبـدالجبار المقدسـي •

. ١٦٤،ص ١هـ ، ج ١٤١٩المصري أبي محمد بن أبي الوحش ، بيروت، دار إحياء التراث العربي ،

م الحســين بــن محمــد المعــروف بالراغــب األصــفهاني ، تحقيــق: صــفوان أبــو القاســ ،مفــردات ألفــاظ القــرآن • "عقب". ، مادة ٥٧٥م ، ص ١٩٩٧ - هـ ١٤١٨، الطبعة الثانية،عدنان داوودي، دمشق ،دار القلم

هــادي حســن حمــودي ، منشــورات معهــد :،أبو الحســين أحمــد بــن فــارس بــن زكريــا ، تحقيــقمجمــل اللغــة • .٣٩٠، ص ٣هـ ، ج ١٤٠٥ربية للتربية والثقافة والعلوم ،الكويت، الع المنظمةطوطات العربية،المخ

٢٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ثانيا : العقوبة في االصطالح : : تعاريف كثيرةبعرفت العقوبة في االصطالح الشرعي

إلى معنى العقوبة بقوله " الحدود زواجر وضعها اهللا تعـالى للـردع الماوردي فقد أشار (عن ارتكاب ما حظر وترك مـا أمـر بـه ".

13F

قصـد بالحـدود هنـا العقوبـات كمـا يـدل وي ) ١عليـــه ســــياق الحـــديث ، إذ أشــــار إلـــى أن الحــــدود والتعـــازير تجتمــــع فـــي أنهــــا "تأديــــب

(استصالح وزجر يختلف بحسب اختالف الذنب " . 14F

٢( إلـى نـوعين –فـي سـياق تعريفهـا –العقوبـة شيخ اإلسـالم ابـن تيميـة وقد قسم

–بمــا كســب نكــاال مــن اهللا ، جــزاء علــى ذنــب مــاض فقــال: "العقوبــة نوعــان إحــداهماواجــب ، والثــاني العقوبــة لتأديــة حــق كجلــد الشــارب والقــاذف وقطــع المحــارب والســارق

(وترك محرم في المستقبل".15F

٣ (

إلـى أن " العقوبـة علـى فعـل محـرم أو تـرك واجـب، والعقوبـات وأشار ابن القيم ديرهــا وأجناســها وصــفاتها بــاختالف أحــوال منهــا مقــدر ومنهــا غيــر مقــدر، وتختلــف مقا

(الجرائم كبرها وصغرها وبحسب حال المذنب نفسه ". 16F

٤(

فها (بقوله " العقاب في ترك الواجب وفعل المكروه ".القرافي وعر17F

٥(

تعريــف العقوبــة بأنهــا " األلــم الــذي حاشــية الطحطــاوي علــى الــدر المختــار وجــاء فــي (جناية ". ا على الق يلحق اإلنسان مستح

18F

٦(

) األحكـام السـلطانية والواليـات الدينيــة ، أبـو الحسـن علــي بـن محمـد بـن حبيــب البصـري البغـدادي المــاوردي، ١(

. ٢٧٦-٢٧٥بيروت، دار الكتب العلمية ، ص

. ٢٩٣) المرجع السابق ، ص ٢(

في إصالح الراعي والرعية ، لشيخ اإلسالم أحمد بن عبد الحليم بن عبدالسالم بن تيمية ) السياسة الشرعية ٣( . ١٢٥هـ ، ص ١٤٠٥بشير محمد عيون ، دمشق ، مكتبة دار البيان ، :، تحقيق

الطــرق الحكميــة ، شــمس الــدين أبــو عبــد اهللا محمــد ابــن أبــي بكــر المعــروف بــابن قــيم الجوزيــة ، تحقيــق : ) (٤ . ٣٣٦ – ٣٣٥رس الحرستاني ، بيروت ، دار الجيل ، ص عصام فا

ــــــد الــــــرحمن الصــــــنهاجي المشــــــهور ٥( ــــــن إدريــــــس بــــــن عب ــــــي العبــــــاس أحمــــــد ب ) الفــــــروق ، شــــــهاب الــــــدين أببيـروت ،مؤسسـة الرسـالة، ،عمـر حسـن القيـام :تحقيـق،بالقرافي،وبحاشيته إدرار الشـروق علـى أنـواء الفروق

. ٣١٩، ص ٤جم، ٢٠٠٣ -هـ ١٤٢٤

) حاشية الطحطاوي على الدر المختار ، أحمد بن محمد بن إسماعيل الطحطاوي الحنفي ، بيروت ، لبنـان ٦( . ٣٨٨، ص ٢هـ ، ج ١٣٩٥، دار المعرفة للطباعة والنشر ،

٢٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

بأنهـا عبـد القـادر عـودة وعرفها العلماء المعاصرون بعدة تعاريف مـن أهمهـا، تعريـف ("الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع".

19F

١ ( (بأنها " أذى ينزل بالجاني زجرا له ". زهرة وأب ويعرفها

20F

٢(

بيان الصلة بين المعنى اللغوي واالصطالحي:قــديمها وحـــديثها مــن اخــتالف، فــإن هـــذا –يلحــظ فـــي هــذه التعريفــات رغــم مــا

الخالف راجـع إلـى أسـلوب الخطـاب ولـيس إلـى ماهيـة التعريـف، إذ تـدل جميعهـا علـى أن العقوبــة جــزاء لمــا يرتكبــه ، يوافــق فــي جــوهره المعنــى اللغــوي، وهــو " معنــى واحــد

المرء من الذنوب ". إلـى تعريـف العقوبـة الشـرعية –ات العلمـاء بعد استقراء تعريفـ –ويميل الباحث

بأنها: مــا اقتــرف مــن معصــية ألوامــر الشــارععلــى الجــزاء الــذي يســتحقه الجــاني

. ونواهيه، زجرا له وردعا لغيره

. ٦٠٩، ص ١) التشريع الجنائي اإلسالمي ، عبد القادر عوده، ج ١(

. ٦ي ، أبو زهرة ، ص ) الجريمة والعقوبة في الفقه اإلسالم ٢(

٢٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ثالثا: العقوبة في االصطالح القانوني: : ومنها للعقوبة في القانون الوضعي عدة تعريفات ،

(اضـي مـن أجـل الجريمـة ويتناسـب معهـا"الجزاء الذي يقرره القانون ويوقعه الق" -١21F

١ (

. يتضــمن إيالمــا -مــن كــل أو بعــض الحقــوق الشخصــية -" انتقــاص أو حرمــان -٢

ويـتم توقيعهـا بـإجراءات - كنتيجة قانونيـة لجريمتـه -ينال مرتكب الفعل اإلجرامي (. "خاصة وبمعرفة جهة قضائية

22F

٢ (

" الجزاء الجنائي الذي يفرضه المشرع على من يرتكب فعـال يعـده جريمـة، وتوقعـه -٣ (. "الهيئات القضائية وفقا لإلجراءات المحددة في القانون

23F

٣( ها وان اختلفـت فـي صـياغت، ومن هذه التعريفات التي ال تختلف في مضمونها

: أن ببعض الرؤى حيال العقوبة في الجانب القانوني، ولعل من أبرزهانخرج ــــين أساســــي مــــن عناصــــر العقوبــــة، وضــــابط اإليــــالم عنصــــر" – ١ للتمييــــز بينهــــا وب

، وبدونه تتجرد العقوبة من أبرز خصائصها. )24F٤("الجزاءات األخرىطــورة الجــاني، بحيــث السياســة الجنائيــة تقتضــي أن يتناســب اإليــالم مــع درجــة خ" – ٢

)25F٥( "ال يكون أكثر مما هو ضروري وال أقل مما هو الزم.اإليـــالم أثــــر مقصــــود إلنــــزال العقوبــــة علــــى الجــــاني جــــزاء مــــا اقتــــرف مــــن إيــــالم – ٣

للمجني عليه، وافساد لمصالح الجماعة، ويتطلب األمر أن يقابله شر في صورة إيالم هو العقوبة.

م ١٩٨٢العربية،الطبعـة الخامسـة ، ) شرح قانون العقوبات ، محمود نجيـب حسـني ، القـاهرة ، دار النهضـة١(

. ٦٦٧، ص ٥٨٠م ، ص ١٩٧٩) قانون العقوبات ، القسم العام ، مأمون محمد سالمة ، القـاهرة ، دار الفكـر العربـي ، ٢(

. ة للعقوبة ، آمال عبد الرحيم عثمـان ، مصـر ، المجلـة الجنائيـة القوميـة ، المجلـد التاسـع النظريات المعاصر ) ٣(

. ٢٣٣م ، العدد األول والثاني ، ص ١٩٧٦عشر ، مارس ، يوليو ،

ســقوط الحــق فــي العقــاب بــين الفقــه اإلســالمي والتشــريع الوضــعي ، نبيــل عبــد الصــبور النبــراوي ، القــاهرة ، )٤( . ٢٦هـ ، ص ١٤١٦ربي ، دار الفكر الع

) األحكـــام العامـــة للنظـــام الجنـــائي فـــي الشـــريعة اإلســـالمية ، عبـــد الفتـــاح مصـــطفى الصـــيفي ، القـــاهرة ، دار ٥( . ٤٨٥ – ٤٨٤م ، ص ٢٠٠١النهضة العربية ،

٢٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

٣٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

التي يقوم عليها العقاب في الشريعة اإلسالمية: المبادئ : المطلب الثانيمتكاملـــة مـــن األحكـــام التـــي شـــرعها اهللا تتضـــمن الشـــريعة اإلســـالمية مجموعـــة

، والنظـــام العقـــابي جـــزء مـــن هـــذه الشـــريعة، يســـتمد منهـــا لعبـــاده لتنظـــيم شـــئون حيـــاتهم ه وغاياته. ه ومبرراته. ويستقي من أدلتها أحكام شرعيته وأهداف

كان جوهر العقوبة هو اإليذاء أو اإليـالم الـذي ينبغـي أن يلحـق بالجـاني واذا" ، بل هـو مبـرر بأهـداف ، فإن مثل هذا اإليالم ال يقصد لذاته من أجل جريمة اقترفها

(. " سامية تتصل بخصائص التشريع اإلسالمي ذاته26F

١ ( ومـن أبرزهـا ، وثمة مبادئ رئيسية تحكم طبيعة العقوبة في الشـريعة اإلسـالمية

ما يلي:

أوال: مبدأ شرعية العقوبة: يعــد هــذا المبــدأ مــن القواعــد األساســية فــي التشــريع اإلســالمي، حيــث ال جريمــة وال عقوبـة إال بمقتضـي الـنص عليهـا، فالقاضـي لـيس حـرا فـي إيجـاد عقوبـة خاصـة لـم

فــي ، ســواء شــارع، وال يجــوز أن يوقــع عقوبــة خالفــا لمــا حــدده ال يــرد نــص بتجريمهــا النوعية أو المقدار.

دقيقـا فـي جـرائم وقد التزمت الشريعة اإلسالمية بهـذا المبـدأ، الـذي طبـق تطبيقـا محــددة فــي إذ وردت جميــع هــذه الجــرائم وعقوباتهــا فــي نصــوص ، الحــدود والقصــاص الكتاب أو السنة.

ـــاب أو الســـنة ـــرد فيهـــا نـــص مـــن الكت ـــم ي ـــر التـــي ل ـــد أجيـــز أمـــا جـــرائم التعزي فق، ولكنها حريـة ، وتحديد عقوباتها للقاضي بعض الحرية أو المرونة في تقدير بعضها

، بــل تنــدرج تحــت أو ضــوابط قيــود لال تخضــع تحكميــة ، وليســت ســلطة غيــر مطلقــةضـــوابط كليـــة يســـمح للقاضـــي فـــي إطارهـــا باســـتنباط العقوبـــة التـــي يراهـــا أكثـــر تحقيقـــا

زجر. لمقصد الشارع في الردع وال

. ١٢٨م ، ص ١٩٨٩) علم العقاب ومعاملة المذنبين، عدنان الدوري ، الكويت ، منشورات ذات السالسل ، (١

٣١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

والعلـــة فـــي تـــرك تحديـــد وتقـــدير العقوبـــات التعزيريـــة للقضـــاة: أن تكـــون لـــديهم "وفـــــي معاملـــــة الجـــــاني وفقـــــا لظروفـــــه ، الحريـــــة فـــــي تقـــــدير خطـــــورة الفعـــــل اإلجرامـــــي

الشخصية والبيئية. كقاعـــدة عـــدم رجعيـــة التشـــريع الجنـــائي أي عـــدم ســـريان القـــانون العقـــابي علـــى

، واإلســـالم لـــم يعاقـــب علـــى األفعـــال علـــم النـــاس بـــه األفعـــال التـــي تســـبق صـــدوره أوالمرتكبـــة فـــي الجاهليـــة كشـــرب الخمـــر والميســـر والربـــا قبـــل نـــزول النصـــوص القرآنيـــة

27F."بتحريمهـــا

وهـــذا أبلـــغ داللـــة علـــى أن تطبيـــق الشـــريعة اإلســـالمية يبـــدأ منـــذ نـــزول ) (١ النص وعلم الناس به .

ثانيا : مبدأ شخصية العقوبة :

–الجريمــة–فــي الشــريعة اإلســالمية ال تصــيب إال مــن ارتكــب موجبهــا العقوبــةوال تتعداه إلى غيره . إذ تنطـوي العقوبـة علـى إهـدار لحـق مـن حقـوق مرتكـب الجريمـة

، ويترتــب عليــه أن تطبــق علــى المســئول عــن الفعــل غيــر أو لمصــلحة مــن مصــالحه المشروع دون غيره .

استنادا إلى نصوص شرعية متعددة . وقد التزمت الشريعة اإلسالمية بهذا قل أغيـر اهللا أبغـي ربـا وهـو رب كـل شـيء، وال تكسـب كـل نفـس إال يقول عز وجل

وقـــال النبــــي صـــلى اهللا عليــــه وســـلم موضــــحا ) )28F٢عليهـــا وال تـــزر وازرة وزر أخــــرى شخصية المسئولية الجنائية في الحديث الذي رواه عبد اهللا بن عمـر: (ال يؤخـذ الرجـل

(بجريرة أبيه وال بجريرة أخيه) . 29F

٣ (

ومـا ٤٨٥م، ص ١٩٦٠محمـد سـالم مـدكور ، مصـر ،الطبعـة الثانيـة ، ،نظرية اإلباحة عند األصـوليين )١(

بعدها . . ١٦٤) سورة األنعام ، اآلية ٢(

ـــدين الســـيوطي وحاشـــية اإلمـــام الســـندي ، تحقيـــق٣( ـــو :) ســـنن النســـائي بشـــرح الحـــافظ جـــالل ال عبـــد الفتـــاح أبائر اإلســالمية) ، ( دمشــق : مكتــب المطبوعــات اإلســالمية) ، الطبعــة الثانيــة ، غــده،(بيروت : دار البشــ

. وهــذه الزيــادة ١٢٧،ص٧) ، ج٤١٢٨كتــاب تحــريم الــدم ، بــاب تحــريم القتــل ، رقــم الحــديث ( هـــ.١٤٠٩) ، كتــاب ٦٦رقــم الحــديث ( ،انفــرد بهــا النســائي ، وأصــل الحــديث فــي الصــحيحين. انظــر: صــحيح مســلم

يــان معنــى قــول النبــي صــلى اهللا عليــه وســلم: ( ال ترجعــوا بعــدي كفــارا يضــرب بعضــكم رقــاب اإليمــان ، ب .٨٢، ص ١بعض) ، ج

٣٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ومبــدأ شخصــية العقوبــة يطبــق تطبيقــا دقيقــا فــي الشــريعة اإلســالمية مــن يــوم " ، وهـــو تحميـــل العاقلـــة الديـــة مـــع لمبـــدأ العـــام إال اســـتثناء واحـــد وجودهـــا، ولـــيس لهـــذا ا

(" الجاني في شبه العمد والخطأ 30F

١(. ن قبيــل ســحب العقوبــة مــن الجــاني وايجــاب الديــة علــى عاقلــة الجــاني لــيس مــ"

إليهــا وال مــن قبيــل إشــراكها فــي عقوبــة الديــة، وانمــا هــو مــن قبيــل المواســاة والمعونــة، وألن المخطئ من حقه أن يعان وأولى الناس بعونه أقرباؤه.

كمــا ؛ عليــه يجابهــا دون ذنــب صــادر ممــن وجبــت إالمواســاة قــد يــأتي الشــرع بو الفقير المحتاج ، فالنفقة أساسها المعونة والمواسـاة ريبهفي إيجاب النفقة على الغني لق

")31F

٢( .

ثالثا : مبدأ عمومية العقوبة :

المسـاواة فـي : من األسس التـي قامـت عليهـا العقوبـة فـي الشـريعة اإلسـالمية " ، وال اعتبـــــار النتمـــــاء اإلنســـــان الطبقـــــي الـــــذي راعتـــــه تطبيقهـــــا علـــــى النـــــاس جميعـــــا

) 32F٣(." القديمة في نصوصهاالتشريعات الوضعية والمسـاواة تكــون فــي جــرائم الحــدود والقصــاص والديــة لجميــع األفــراد المخــاطبين

، واألمثلــة كثيــرة يزخــر بهــا الفقــه دون تمييــز بيــنهم لجــنس أو لــون أو مكانــة اجتماعيــةاإلسالمي، وأبلغ داللة على ذلك مـا رواه البخـاري ومسـلم عـن عائشـة رضـي اهللا عنهـا

أن قريشا أهمهم شـأن المـرأة المخزوميـة التـي سـرقت. فقـالوا : ومـن يكلـم فيهـا رسـول ( اهللا صلى اهللا عليه وسلم ؟ فقالوا: ومن يجترئ عليها إال أسـامة حـب رسـول اهللا صـلى اهللا عليه وسلم، فكلمه أسامة، فقـال رسـول اهللا صـلى اهللا عليـه وسـلم: " أتشـفع فـي حـد

فقـال: " أيهـا النـاس، ، ، ثـم قـام صـلى اهللا عليـه وسـلم فاختطـب من حدود اهللا تعالى؟ "إنمــا أهلــك الــذين مــن قــبلكم أنهــم كــانوا إذا ســرق فــيهم الشــريف، تركــوه، واذا ســرق فــيهم

.٣٩٥ – ٣٩٤، ص ١) التشريع الجنائي اإلسالمي ، عبد القادر عوده ،ج ١() العقوبـــة فــــي الشــــريعة اإلســـالمية ضــــمن مجموعــــة بحـــوث فقهيــــة ، عبــــد الكـــريم زيــــدان ، دمشــــق ، مؤسســــة ٢( . ٢٩٣م، ص ١٩٧٥ -هـ ١٣٩٥لرسالة،افلسفة العقوبـات فـي القـانون والشـرع اإلسـالمي ، علـي محمـد جعفـر ، بيـروت ، المؤسسـة الجامعيـة للدراسـات )٣(

. ٤٦ – ٤٥هـ ، ص ١٤١٧والنشر والتوزيع ،

٣٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الضــــعيف أقــــاموا عليـــــه الحــــد. وايـــــم اهللا لــــو أن فاطمـــــة بنــــت محمـــــد ســــرقت لقطعـــــت (يدها).

33F

شـفاعته، وبـين أن سـبب فقد أنكر صلى اهللا عليـه وسـلم علـى أسـامة بـن زيـد )١خــراب األمــة وضــياعها هــو التفرقــة بــين أفرادهــا فــي إقامــة حــدود اهللا، معلنــا أنــه ســيقيم

الحد حتى لو كان الجاني بضعة منه. وكما لم تفرق الشريعة الخاتمة بين شريف القوم ووضيعهم في تطبيق الحد، لـم

ري القصـــاص بـــين الـــوالة " ويجـــ: يقـــول ابـــن قدامـــة . تميـــز الـــوالي عـــن عامـــة النـــاس(والعمال ورعيتهم ".

34F

(لعموم قولـه صـلى اهللا عليـه وسـلم (المؤمنـون تتكافـأ دمـاؤهم).) ٢35F

٣ (

وقوله صلى اهللا عليه وسـلم: (أقيمـوا حـدود اهللا فـي القريـب والبعيـد، وال تأخـذكم فـي اهللا (لومه الئم ).

36F

٤ ( فالمسـاواة فيهـا غيـر أما العقوبات التعزيريـة فهـي عقوبـات غيـر مقـدرة أصـال،"

مطلوبة، إذ تراعي العقوبة التعزيرية شخصـية مرتكـب الفعـل وجسـامة وخطـورة األفعـال ، وهــذا مــا يضــفي عليهــا المرونــة المطلوبــة لتحقيــق وظائفهــا فــي المترتبــة علــى جنايتــه

ديـب البغـا ، صحيح البخاري ، لإلمام أبي عبداهللا محمد بن إسـماعيل البخـاري الجعفـي ، تحقيـق : مصـطفى )(١

ــم ، –دمشــق ، ٣) ، ج ٣٢٨٨م : كتــاب األنبيــاء ، رقــم الحــديث (١٩٨١ -هـــ ١٤٠١بيــروت : دار القلمحمـد :. صحيح مسلم ، لإلمام أبي الحسين مسلم بـن الحجـاج القشـيري النيسـابوري ، تحقيـق ١٢٨٢ص

م ١٩٨٠ -هــ ١٤٠٠ة واإلرشـاد ، فؤاد عبدالباقي ، السعودية ، رئاسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء والدعو ـــم الحـــديث ـــاب قطـــع الســـارق الشـــريف وغيـــره والنهـــي عـــن الشـــفاعة فـــي الحـــدود ، رق ـــاب الحـــدود ، ب : كت

. ١٣١٥، ص ٣)، ج ١٦٨٨(

) المغنــي ، لموفــق الــدين أبــي محمــد عبــد اهللا بــن أحمــد بــن محمــد بــن قدامــة المقدســي ، تحقيــق : عبــداهللا بــن ٢(، ـهـ١٤١٩بـد الفتـاح محمـد الحلـو، الريـاض ، دار عـالم الكتـب، الطبعـة الرابعـة ، عبد المحسن التركي ، ع

. ٤٨٠، ص١٢ج

) ، راوي الحـــديث علـــي بـــن أبـــي طالـــب رضـــي اهللا عنـــه ، كتـــاب ٤٧٣٤ســـنن النســـائي ، رقـــم الحـــديث ، ( )(٣ي: " الحــديث . وقــال األلبــان ١٩، ص ٨القســامة ، بــاب القــود بــين األحــرار والمماليــك فــي الــنفس ، ج

إرواء الغليــل فــي تخــريج أحاديــث منــار الســبيل ، محمــد ناصــر الــدين األلبــاني ، :صــحيح " ، راجــع . ٢٦٥، ص ٧) ، ج ٢٢٠٨المكتب اإلسالمي ، كتاب الجنايات ، باب شروط القصاص ، رقم الحديث(

: الكتـب السـتة وشـروحها ، تحقيـق سنن ابن ماجه ، للحافظ أبي عبـد اهللا محمـد بـن يزيـد ، موسـوعة السـنة ) ٤() ، راوي ٢٥٤٠هـ رقم الحديث ( ١٤١٣محمد فؤاد عبد الباقي ، تونس ، دار سحنون ، الطبعة الثانية ،

. وذكـره السـيوطي فـي ٨٤٩،ص ٢الحديث عبـادة بـن الصـامت ، كتـاب الحـدود ، بـاب إقامـة الحـدود ، جغير في أحاديث البشير النـذير، جـالل الـدين بـن أبـى الجامع الص :الجامع الصغير، ولم يحكم عليه. راجع

. ٨٥)، ص١٣٦٥بكر السيوطي ، بيروت ، دار الكتب العلمية، رقم الحديث (

٣٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الزجــر والتأديــب. والتشــريعات الوضــعية تراعــي هــذا المبــدأ مــن خــالل األخــذ بــالظروف مخففــة وتقريــر العقوبــة بــين حــد أقصــى وأدنــى، وتــرك الحريــة للقاضــي فــي المشــددة وال

(. " فرض العقوبة المناسبة بما يناسب دوافع ارتكاب الجريمة37F

١(

رابعا: مبدأ فردية العقوبة:

مـــن مقاصـــد التشـــريع الجنـــائي اإلســـالمي األخـــذ بمبـــدأ تفريـــد العقـــاب، إذ يعتـــد ــــى بظــــروف الجــــاني الشخصــــية، وطبيعــــة الفعــــل ــــى التشــــديد عل اإلجرامــــي، ويميــــل إل

المجـرمين الخطــرين تحقيقــا لمطالــب األمــن بالحــد مـن الجريمــة، وقــد يميــل فــي مواضــع أخرى إلى التخفيف تشجيعا لهم على عدم معاودة ارتكابها.

ـــة علــى تفريــد العقــاب، فقــاطع الطريــق " والفقــه اإلســالمي زاخــر باألمثلــة المدللإذا أخــذ المــال ولــم يقتل،ويقتـل إذا قتــل ولــم يأخــذ المــال ، تقطـع يــده ورجلــه مــن خـالف

(. " وينفى إذ أخاف ولكنه لم يأخذ المال ولم يقتل نفسا 38F

٢ ( أمـــــا التعـــــازير فالمجـــــال فيهـــــا واســـــع للقاضـــــي الختيـــــار مـــــا يناســـــب الجـــــاني "

والجريمة، ألن التعازير متنوعة ومتدرجـة مـن حيـث شـدتها وخفتهـا، وتبـدأ بـالتوبيخ وقـد (" صــل حــد القتــل ت

39F

والمرونــة فــي التعــازير تســمح للقاضــي بتطبيــق عقوبــات مختلفــة ).٣حتــى فــي حالــة االشــتراك فــي جريمــة واحــدة ألكثــر مــن مــتهم، فللقاضــي ســلطة تــوبيخ أحـــدهم وحـــبس اآلخـــر وجلـــد الثالـــث. وهـــذا تطبيـــق واقعـــي وعملـــي لمبـــدأ تفريـــد العقـــاب

الشرعي.

، بتصرف بسيط . ٤٦) فلسفة العقوبات في القانون والشرع اإلسالمي ، ص ١(

ة ، دار الشروق ، الطبعـة الثانيـة موقف الشريعة من نظرية الدفاع االجتماعي، أحمد فتحي بهنسي ، القاهر ) ٢(. وراجع في تفصيل ذلك :السياسة الشرعية ، ابن تيميـة ، ص ٦٢ – ٦٠م ، ص ١٩٨٠ -هـ ١٤٠٠،

وما بعدها . ٨٦

. ١٢٣ – ١٢٢السياسة الشرعية ، ابن تيمية ، ص )٣(

٣٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الثــــاني

قاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الزنا.م

ويقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب: وعقوبته.، واالصطالح الشرعي ، المطلب األول: تعريف الزنا في اللغة

المطلب الثاني: نظرة اإلسالم للغريزة الجنسية. المطلب الثالث: منهج اإلسالم الوقائي في محاربة الزنا.

الشريعة اإلسالمية من تحريم الزنا. المطلب الرابع: مقاصد

٣٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

تعريف الزنا في اللغة ، واالصطالح الشرعي ، وعقوبته.المطلب األول: أوال :معنى الزنا في اللغة:

(الزنا فـي اللغـة: يمـد ويقصـر 40F

والمـد ألهـل نجـد . ، ، فالقصـر ألهـل الحجـاز ) ١أة. والمـــرأة تزنـــي وكـــذلك المـــر . تقـــول: زنـــى الرجـــل يزنـــي زنـــى مقصـــور، وزنـــاء ممـــدود

(مزاناة وزناء أي تباغي. 41F

وفي المعجم الوسيط: " زنى زنـى، وزنـاء: أتـى المـرأة مـن )٢(غير عقد شرعي. ويقال: زنى بالمرأة. فهو زان "

42F

٣( ثانيا: معنى الزنا في االصطالح الشرعي:

ذكر الفقهاء تعاريف متعددة للزنا منها: في الفقه الحنفي: – ١

بأنه: " إدخال المكلف الطـائع قـدر حشـفته قـبال مشـتهاة حـاال الهمام ابنعرفه (أو ماضيا بال ملك وشبهة أو تمكينه من ذلك أو تمكينها ".

43F

٤ (

(الزنا بأنه: " الوطء في قبل خال عن ملك وشبهة " الجرجاني عرف و 44F

٥( في الفقه المالكي: – ٢

ب حشــفة آدمــي فــي فــرج آخــر دون " الزنــا الشــامل للــوطء مغيــابــن عرفــة:قــال (شبهة حله عمدا"

45F

٦(.

. ٢٦، ص ٣) معجم مقاييس اللغة ، ابن فارس ، ج ١( . ١٨٨٨، ص ٥ ) الصحاح ، الجوهري ، ج٢(

ـــة ، اإلدارة العامـــة للمعجمـــات ٣( ـــراهيم مصـــطفى وآخـــرون ، القـــاهرة ، مجمـــع اللغـــة العربي ) المعجـــم الوســـيط ، إب .٤٠٣، ص ١، ج ١٩٧٢واحياء التراث ، نشر : تركيا ، المكتبة اإلسالمية ، الطبعة الثانية ،

ـــدين بـــن محمـــد بـــن عبـــد الواحـــد السيواســـ٤( ي المعـــروف بـــابن الهمـــام الحنفـــي ، مصـــر، ) فـــتح القـــدير ، كمـــال ال . ٢٤٨، ص ٥م ، ج ١٩٧٠ -هـ ١٣٨٩مصطفى البابي الحلبي وأوالده ،

م ، ١٩٨٣ -هـــــ١٤٠٣) التعريفــــات ، الشــــريف علــــي بــــن محمــــد الجرجــــاني ، بيــــروت ، دار الكتــــب العلميــــة ، ٥( . ١١٥ص

هللا مام ابن عرفة الوافيـة " أبـو عبـدابيان حقائق اإلشرح حدود ابن عرفة ، الموسوم " الهداية الكافية الشافية ل ٦ ) (محمد األنصاري الرصاع ، تحقيق : محمد أبو األجفان والطاهر المعموري ، لبنان، دار الغرب اإلسالمي

. ٦٣٦، ص ٢، ج

٣٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

في الفقه الشافعي: – ٣: " هــو إيــالج الــذكر بفــرج محــرم لعينــه، خــال عــن الشــبهة مشــتهى النــوويقــال

(طبعا"46F

١(. الفقه الحنبلي: – ٤

(الزنا بأنه: " فعل الفاحشة في قبل أو دبر " البهوتي عرف 47F

٢( جــاني هــو أجمــع التعريفــات وأكثرهــا اختصــارا، إذ ويــرى الباحــث أن تعريــف الجر

فصــل اآلخــرون معنــى كلمــة " الــوطء" بقــولهم " إيــالج الــذكر.. مغيــب حشــفة.. إدخــال المكلــف الطــائع قــدر حشــفته "، وليســوا مطــالبين فــي تعريــف الزنــا بهــذا التفصــيل. وزاد

مـــن شـــابهه، ابـــن الهمـــام " المكلـــف الطـــائع " وهـــي زيـــادة معتبـــرة يخـــرج بهـــا المجنـــون و والمجبــر المكــره علــى الفعــل، غيــر أن تلــك الزيــادة مــن المســلمات فــي عمــوم الشــريعة

فيمكن االستغناء عنها في تعريف خاص.

: عقوبة الزنا: ثالثا فـــرق اإلســـالم فـــي عقوبـــة الزنـــا بـــين المحصـــن وغيـــر المحصـــن، فجعـــل عقوبـــة

، وعقوبـة ن العلمـاء فـي التغريـبالف بيعلى خ –الزاني البكر: جلد مائة وتغريب عام فاجلـدوا كـل الزانيـة والزانـي الزاني المحصن: الرجم حتى المـوت. والـدليل قولـه تعـالى

) )48F٣واحد منهما مائة جلدة

) نهايــة المحتــاج إلــى شــرح المنهــاج ، شــمس الــدين محمــد بــن أبــي العبــاس أحمــد بــن حمــزة بــن شــهاب الــدين ١(

لـــي المنـــوفي المصـــري األنصـــاري ، الشـــهير بالشـــافعي الصـــغير ، بيـــروت ، طبـــع دار إحيـــاء التـــراث الرم ٤٠٣ – ٤٠٢، ص ٧العربي ، نشر المكتبة اإلسالمية ، ج

الــروض المربــع شــرح زاد المســتقنع ، منصــور بــن يــونس بــن إدريــس البهــوتي ، بحاشــية عبــد اهللا عبــد العزيــز )٢(. كشــاف القنــاع عـن مــتن اإلقنــاع ، منصـور بــن يــونس بــن ٣٠٩محمديـة ، ص العنقـري، مطبعــة الســنة ال . ٢٩٩٥،ص ٥إبراهيم أحمد عبد الحميد ، الرياض ، دار عالم الكتب ، ج :إدريس البهوتي ، تحقيق

. ٢النور ، آية ) سورة٣(

٣٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

فقـد جعـل اهللا لهـن سـبيال ، وقول النبي صلى اهللا عليه وسلم ( خذوا عني، خـذوا عنـي (لثيب: جلد مائة والرجم ) البكر بالبكر: جلد مائة ونفي سنة. والثيب با :

49F

١( .

المطلب الثاني: نظرة اإلسالم للغريزة الجنسية: بقـاء : أوجد اهللا غريـزة الجـنس لمقصـد عظـيم، وحكمـة بالغـة، وهـدف سـام هـو

النوع اإلنساني، واستمرار الحياة البشرية وفق نظام معين. ولم يشأ اهللا عـز وجـل كبـت ، إطالقهـا واال لمـا أقـر لنـا نظـام الـزواج ة، ولـم يشـألما أودعها في الطبيعـ الغرائز واالفـي إطـار شـرعي مـنظم يسـتفيد منـه اإلنسـان ويفيـد اإلنسـانية بتحقيق الرغبة ولكنه أمر

(. مجتمعه في آن واحد50F

٢( واإلسالم بعـد اعترافـه بـالغرائز والحاجـات، وتقريـره عـدم جـواز كبتهـا، وبعـد أن

واز طغيانهـا، واسـتعباد اإلنسـان لهـا، وضـع حـدودا مقررا عدم ج، رسم طريق إشباعها ، لعلمه بما يمكن أن يعترض اإلنسان من مغريات تجذبه بعيـدا عـن تضبطها وتهذبها

المـــنهج الربـــاني، األمـــر الـــذي يحتـــاج إلـــى ضـــابط إلحـــداث التـــوازن بـــين هـــذه الغرائـــز ذلـــك فـــي والحاجـــات وبـــين مثيراتهـــا فـــي الكـــون ووســـائل اإلغـــراء إلشـــباعها، ويتضـــح

العقوبة الزاجرة الرادعة لكل مـن سـقط فـي مهـاوي الجريمـة حتـى ال يعـود الرتكابهـا مـرة أخرى. كما تمنع من لم يرتكبها من ارتكابها حين يتذكر ألم العقوبة ونكال المعصية.

وقـــد عنـــي اإلســـالم باألســـرة عنايـــة فائقـــة، وجعلهـــا أســـاس المجتمـــع، ولبنـــة مـــن ألنه الوسيلة القويمة إلنشاء جيـل يتعهـده الزوجـان ويقومـان لبنات األمة، وشرع الزواج

على تربيته على مبادئ األخالق الفاضلة، وألنه الطريقة المثلى لتقـويم غرائـز اإلنسـان وحاجاته العضوية.

يقــول محمــود شـــلتوت " ومــا الــزواج فـــي واقعــه إال ظــاهرة مـــن ظــواهر التنظـــيم يره من أنواع الحيوان، ولوال الـزواج الـذي لفطرة أودعت في اإلنسان كما أودعت في غ

، ج ، باب حد الزنامت ، كتاب الحدود ) ، راوي الحديث:عبادة بن الصا١٦٩٠صحيح مسلم ، رقم الحديث ( )١(

. ١٣١٦، ص ٣

) جريمة الزنا بين الشرائع السماوية والقوانين الوضعية ، عبـد الوهـاب عمـر البطـراوي ، الغردقـة ، دار الصـفوة ٢( . ٣٤هـ ، ص ١٤١١للطباعة والنشر والتوزيع ،

٣٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

هو تنظيم لتلك الفطـرة المشـتركة بـين اإلنسـان والحيـوان لتسـاوى اإلنسـان مـع غيـره مـن أنــواع الحيـــوان فــي ســـبيل تلبيــة هـــذه الفطـــرة عــن طريـــق الفوضــى والشـــيوع، وعندئـــذ ال

العقـــل يكــون اإلنســان ذلـــك المخلــوق الـــذي ســواه اهللا، ونفـــخ فيــه مـــن روحــه، ثـــم منحــهوالتفكير، وفضله على كثير من خلقه، واستخلفه في أرضه، وسخر لـه عـوالم كونـه ثـم هيأ له مبادئ الروابط السامية التي يرتفع بهـا عـن حضـيض الحيوانيـة البحتـة، وتـدعوه

(. " إلى التعامل مع بني نوعه في عمارة الكون وتدبير المصالح وتبادل المنافع51F

١( لتــي ترســخ العالقــة بــالطريق الشــرعي، وتــدعو إلــى أن وثمــة كثيــر مــن اآليــات ا

تكون العالقة الزوجية على أساس مـن المشـاعر اإلنسـانية الرفيعـة المبنيـة علـى الحيـاة واآلمال واالآلم والمستقبل المشترك.

ومن آياته أن خلق لكـم مـن أنفسـكم أزواجـا لتسـكنوا إليهـا وجعـل بيـنكم {قال تعالى :

(. }ذلك آليات لقوم يتفكرون مودة ورحمة، إن في 52F

٢ (

" فـأول ارتفـاق الرجـل بـالمرأة: سـكونه إليهـا :يقول اإلمام القرطبي في تفسير هذه اآليـةمما فيه من غليان القوة، وذلك أن الفرج إذا تحمل فيـه، هـيج مـاء الصـلب إليـه، فإليهـا

يسكن وبها يتخلص من الهياج "

وجعـل بيـنكم مـودة {د في تفسير قوله تعالى:وقال ابن عباس رضي اهللا عنهما ومجاه

(الولد. : الجماع، والرحمة : المودة } ورحمة53F

٣ (

.) 54F٤( }هن لباس لكم وأنتم لباس لهن {وانظر إلى قوله تعالى :

١٤٢هـ ، ص ١٤١٤، ) اإلسالم عقيدة وشريعة، محمود شلتوت، بيروت، دار الشروق ،الطبعة الثالثة عشر ١(

.

. ٢١) سورة الروم،آية ٢(

الجــامع ألحكــام القــرآن، أبــو عبــد اهللا محمــد بــن أحمــد األنصــاري القرطبــي، تحقيــق : عبــد الــرزاق المهــدي ، )٣( . ١٩، ص ١٤هـ ، ج١٤٢٠الطبعة الثانية ، اب العربي ، توزيع مكتبة الرشد ،دار الكت ،الرياض

. ١٨٧ية ) سورة البقرة ، اآل٤(

٤٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ن أصـــل اللبـــاس فـــي الثيـــاب، ثـــم " إ :يـــة يقـــول القرطبـــي فـــي تفســـير هـــذه اآل، النضـــمام الجســـد وامتزاجهمـــا ســـا ســـمي امتـــزاج كـــل واحـــد مـــن الـــزوجين بصـــاحبه لبا

بيها بالثوب... وكل واحد منهمـا سـتر لصـاحبه عمـا ال يحـل... وألن كـل شوتالزمهما ت ) 55F١(." واحد منهما ستر لصاحبه فيما يكون بينهما من الجماع من أبصار الناس

. ٣١٢، ص ٢) الجامع ألحكام القرآن ، القرطبي ، ج١(

٤١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المطلب الثالث: منهج اإلسالم الوقائي في محاربة الزنا: فريــدا، بإغالقــه جميــع المنافــذ المؤديــة الرتكــاب ســلك الشــارع اإلســالمي مســلكا

سيجة المنيعة والسـدود المحكمـة حتـى ال زنا، وعمل على صيانة المجتمع باألجريمة ال يتسرب ما يهدم كيانها ويقوض أركانها.

(. }وال تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيال {يقول عز وجل: 56F

١(

" وفيــه دليــل علــى أن الزنــا قبــيح :يــةيقــول أبــو بكــر الجصــاص فــي تفســير اآلو قبــل ورود هللا ســماه فاحشــة، ولــم يخصــص بــه حالــةفــي العقــل قبــل ورود الســمع، ألن ا

(الســمع أو بعــده " 57F

ويقــول عبــد الــرحمن الســعدي رحمــه اهللا : " النهــي عــن قربــان )٢مـن الزنا أبلغ من مجرد فعله، ألن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه، فان

(حام حول الحمي يوشك أن يقع فيه ". 58F

٣(

وهــذا دأب المــنهج اإلســالمي فإنــه إذا أراد تحــريم رذيلــة قــام بقطــع كــل الطــرق " المؤديـــة إليهـــا، ووضـــع أمامهـــا العديـــد مـــن العوائـــق المجهضـــة كنـــوع مـــن الكفـــاح ضـــد

(" الجريمة ابتداء 59F

٤ (

. ٣٢) سورة اإلسراء، اآلية ١(، يــق : محمـد الصــادق قمحـاوي ، بيــروت) أحكـام القــرآن ، أبـو بكــر أحمـد بــن علـي الــرازي الجصـاص ، تحق ٢(

. ٢٤، ص ٥دار إحياء التراث العربي ، ج محمــد زهــري :فســير كــالم المنــان ، عبــد الــرحمن بــن ناصــر الســعدي ، تحقيــقتيســير الكــريم الــرحمن فــي ت (٣)

. ١٠٦، ص٣م ، ج١٩٨٨ -هـ ١٤٠٨النجار ، جدة ، دار المدني ، بقوله : " إن مـن الخيـر أن تمنـع الجـرائم قبـل وقوعهـا مـن أن –بكاريا –وهو ما يشير إليه الفقيه اإليطالي ٤)(

لغايــة المنشــودة مــن كــل تشــريع جيــد ،حيــث تقــرر للبشــر أكبــر قــدر مــن تعاقــب عليهــا بعــد أن تقــع ، تلــك ام ، ١٩٨٥الســعادة بأقــل قــدر مــن الشــقاء " . الجــرائم والعقوبــات، ســيزار بكاريــا، ترجمــة يعقــوب حيــاتي ،

، وفي نحو ذلك يشير الباحث الكندي ورئيس تحرير مجلة الجريمة والعدالة التي تصدرها جامعـة ٢١ص س .هـــ جيــراردين أن التشــريعات الوقائيــة أكثــر أثــرا مــن التشــريعات الجزائيــة فيقــول : " إن أوتــاوا األســتاذ

األثــر الرئيســي لتطبيــق الشــريعة اإلســالمية فــي نظــام العدالــة الجنائيــة فــي المملكــة هــو فــي البــرامج الوقائيــة س.هـــ ،ة العربيــة السعوديةأكثــر منــه فــي توقيــع العقوبــات القانونيــة " . انظــر: الجريمــة والعدالــة فــي المملكــ

ص ،م ١٩٧٨يوليــو -هـــ يونيــو ١٣٩٨مجلــة الفيصــل ، الســنة الثانيــة ،العــدد األول ، رجــب ،جيــراردين١٢١ .

٤٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

هج وقــائي متكامــل، وهــذه ولتحقيــق ذلــك عمــل الشــارع علــى تنقيــة أجــواء المجتمــع بمــن بعض من الصور المثالية التي انفرد بها المجتمع المسلم.

أوال : تحصين الفرد المسلم بالعقيدة اإلسالمية :

لقد اتبع اإلسالم سياسة وقائية رشيدة عن طريق العقيـدة التـي تقـوم بـدور بـارز فـي .محاربة الجريمة الجنسية في أعماق النفس وقبل أن يفكر فيها

ولقــد أكــد الشــارع علــى تقويــة الــوازع الــديني، وضــرورة تحصــين الفــرد المســلم روحــا وعقــال وجســدا بالعقيــدة اإلســالمية ومقتضــياتها اإليمانيــة حمايــة لــه مــن االنجــراف وراء ـــى هـــذا التهـــذيب التربـــوي اإليمـــاني ـــة، واألفكـــار الهزيلـــة، وترتـــب عل التصـــورات الباطل

ضـوية البشـرية لتصــبح سـدودا محكمـة أمــام تيـارات الــردى ضـبط الغرائـز والحاجــات العآخـــر فـــالفرد المســـلم دومـــا يـــرى أن اهللا مطلـــع عليـــه يراقبـــه فـــي والرذيلـــة. ومـــن جانـــب

حركاتـه وســكناته، فــال يقــدم علـى المعصــية خشــية مــن اهللا، وطمعـا فــي الثــواب، فيكــون مثاال للخلق القويم الذي يأمر بالخير وينأى عن الشر.

وعلـــى ، ن اإلســـالم يقـــيم بنـــاءه علـــى الوقايـــة مـــن األســـباب الدافعـــة إلـــى الجريمـــة إ

تهذيب النفوس، وتطهير الضمائر، وعلى مراقبة اهللا في السر والعلـن مراقبـة يكـف بهـا صاحبها عن الحرام بمجرد النهي عنه والتحذير منه في كتـاب اهللا أو سـنة نبيـه. وأبلـغ

ــ داللــة ن شــعيب عــن أبيــه عــن جــده رضــي اهللا عنــه قــال: علــى ذلــك مــا رواه عمــرو بكان رجل يقال له مرثد بن أبي مرثد، وكان رجال يحمـل األسـرى مـن مكـة حتـى يـأتي (

وكانـت امـرأة بغـي بمكـة يقـال لهـا "عنـاق"، وكانـت صـديقة لـه، وأنــه بهـم المدينـة. قـال:ط مـن كان وعد رجال من أسـارى مكـة بحملـه، قـال: فجئـت حتـى انتهيـت إلـى ظـل حـائ

حوائط مكة في ليلة مقمرة. قال : فجاءت "عناق" ، فأبصرت سـواد ظلـي بجنـب حـائط ، فلمـا انتهـت إلــي عرفتـه ، فقالــت : مرثـد ؟! فقلت:مرثــد. فقالـت : مرحبــا وأهـال ، هلــم

().فبت عندنا الليلة . قال: قلت يا عناق حرم اهللا الزنا60F

١ (

عـزت الـدعاس ، تـونس ، دار سـحنون ، الطبعـة :) سنن أبـي داود ، أبـو داود سـليمان بـن األشـعث ، تحقيـق ١() ، كتـاب النكـاح ، بـاب فـي قولـه تعـالى:{ الزانـي ال ٢٠٥١م : رقـم الحـديث (١٩٩٢ -هـ ١٤١٣الثانية ،

٤٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: األبواب الميسرة له ، وفتح كل ثانيا: الترغيب في الزواجلقد رسم اإلسالم طريقة إشباع الغريزة الجنسية بالزواج الشرعي، ونـدب إليـه، وفـتح

أنكحــوا و {: كــل األبــواب األخــرى. يقــول عــز وجــل ، وأوصــد كــل األبــواب الميســرة لــه

) 61F١(.}نكم والصالحين من عبادكم وامائكميامى ماأل

هن أجــورهن بــالمعروف محصــنات غيــر فــانكحوهن بــإذن أهلهــن وآتــو {وقــال تعــالى:

(. }مســافحات وال متخــذات أخــدان 62F

{: عربــي فــي تفســير هــذه اآليــةبــن الايقــول ) ٢

، وال يقـولن كيـف أتـزوج ولـيس لـي مـال ، دليل على تزويج الفقيـر }نكحو األيامى أو

( فإن رزقه ورزق عياله على اهللا تعالى.63F

٣( زوجــوا مــن ال زوج لــه مــنكم فإنــه طريــق ويقــول القرطبــي فــي تفســير هــذه اآليــة :"

(التعفف"64F

٤(. (. عفاف ابنه إذا احتاج إلى النكاح"يقول ابن قدامه " ويلزم الرجال: إو

65F

٥( وفــــي ظــــل اإلســــالم ال يوجــــد الفقــــر الــــذي يعجــــز الشــــباب عــــن بنــــاء أســــرة جديــــدة

بـين واإلنفاق عليها ألنه يعمل على توزيع الثروة في صورة تضمن العدالة االقتصادية الجميع.

كمــا أن ، ومــن جانــب آخــر: فبيــت المــال مكلــف بمعاونــه مــن يريــد الــزواج مــن الفقــراء القتصـاد فـي المهـور. فقـد روى عقبـة بـن عـامر رضـي اهللا عنـه قـال إلى االشارع ندب

. سنن الترمذي ، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سـورة ، ٥٤٣ – ٥٤٢، ص ٢ينكح إال زانية } ، ج

تحقيق : إبراهيم عطوة عوض، موسوعة السنة ، الكتب السـتة وشـروحها ، تـونس ، دار سـحنون ، الطبعـة ) ، كتاب تفسير القرآن ، بـاب ومـن سـورة النـور ، ج ٣١٧٧قم الحديث (م : ر ١٩٩٢ -هـ ١٤١٣الثانية ،

) ، كتاب النكاح ، باب تـزويج الزانيـة ، ج ٣٢٢٨. سنن النسائي ، رقم الحديث ( ٣٢٩ – ٣٢٨، ص ٥ . وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". ٦٦، ص ٦

. ٣٢سورة النور، اآلية )١(

. ٢٥) سورة النساء، اآلية ٢(

، تحقيـق محمـد علـى البجـاوي ، بيـروت ) أحكام القرآن ، أبـو بكـر محمـد بـن عبـد اهللا المعـروف بـابن العربـي ، ٣( . ١٣٨٠، ص ٣هـ ، ج ١٤٠٨دار الجيل ،

. . ٢١٨، ص ١٢) الجامع ألحكام القرآن ، القرطبي ، ج ٤(

. ٣٧٩، ص ١١) المغني ، ابن قدامة ، ج ٥(

٤٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

(: قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم " خير النكاح أيسره ". 66F

وقال صلى اهللا عليه )١(لب منه أن يزوجه بامرأة : ( تزوج ولو بخاتم من حديد ) وسلم للرجل الذي ط

67F

٢ ( ل تيســير ولــي األمــر مــن أجــل الحصــول علــى المــال الحــالل للراغــب مــن بــومــن ق

جــاء رجــل إلــى النبــي صــلى اهللا عليــه (أبــو هريــرة رضــي اهللا عنــه قـال: هالفقـراء مــا رواى اهللا عليــه وســلم: وســلم فقــال: إنــي تزوجــت امــرأة مــن األنصــار، فقــال لــه النبــي صــل

"هل نظرت إليها ؟فإن فـي عيـون األنصـار شـيئا " قـال: قـد نظـرت إليهـا. قـال: " علـى كم تزوجتها ؟ " قال على أربع أواق. فقـال لـه النبـي صـلى اهللا عليـه وسـلم علـى أربـع أواق ؟ كأنمـــا تنحتـــون الفضـــة مـــن عـــرض هـــذا الجبـــل . مـــا عنـــدنا مـــا نعطيـــك.ولكن

تصيب منه ". قال : فبعث بعثا إلى بني عبس . بعـث ذلـك بعث عسى أن نبعثك في(. ) الرجل فيهم

68F

٣ ( مـــن هـــذا جميعـــا نخلـــص إلـــى أن الجانـــب االقتصـــادي ال يقـــف عائقـــا عـــن الـــزواج فـــي

اإلسالم. ، الــزواج طلبــا لمرضــاة اهللا وقــد خطــأ الرســول عليــه الســالم مــن أراد اإلعــراض عــن

أمـــا واهللا إنـــي ألخشـــاكم هللا ، اضـــا عـــن هديـــه وســـنته فقـــال : (عر ا ذلـــك ترهبنـــا و وســـمىنســاء ، فمــن رغــب عــن واتقــاكم لــه ، لكنــي أصــوم وأفطــر ، وأصــلي وأرقــد ، وأتــزوج ال

( ) .سنتي فليس مني69F

٤( كنا مع النبي صلى اهللا عليـه وسـلم بن عمر رضي اهللا عنهما قال: (وعن عبد اهللا

صــــلى اهللا عليــــه وســــلم يــــا معشــــر الشــــباب مــــن شــــبابا ال نجــــد شــــيئا، قــــال رســــول اهللا

،٢ولـم يسـم صـداقا حتـى مـات ،ج) ، كتـاب النكـاح، بـاب فـيمن تـزوج ٢١١٧حـديث ( ) سنن أبي داود، رقم ال١(

. ٢٤٧)، ص٤٠٤٧. وقال السيوطي في الجامع الصغير : حديث حسن ، رقم الحديث ( ٥٩٠ص

) ، راوي الحــديث : ســهل بــن ســعد ، كتــاب النكــاح ، بــاب المهــر ٤٨٥٥صــحيح البخــاري ، رقــم الحــديث ( )٢( . ١٩٧٨، ص ٥حديد ، ج بالعروض وخاتم من

) ، كتاب النكاح ، بـاب نـدب النظـر إلـى وجـه المـرأة وكفيهـا لمـن يريـد ١٤٤٢) صحيح مسلم ، رقم الحديث ( ٣( .١٠٤٠، ص ٢تزوجها، ج

) ، راوي الحديث : أنس بن مالـك ، كتـاب النكـاح ، بـاب الترغيـب ٤٧٧٦) صحيح البخاري ، رقم الحديث ( ٤() ، كتـــاب النكـــاح ، اســـتحباب ١٤٠١. صـــحيح مســـلم ، رقـــم الحـــديث ( ١٩٤٩ص ، ٥فـــي النكـــاح ، ج

.١٠٢٠، ص ٢عن المؤنة بالصوم ، ج ، واشتغال من عجزاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنةالنك

٤٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يسـتطع فعليـه (بالصوم فإنه له وجاء).

70F

١( كما أوجب اإلسالم على من لم يـتمكن مـن الـزواج لعـدم القـدرة أن يضـبط شـهواته،

ويتسامى ويتعفف عن إشباعها بغير الطريق الشرعي.

مــــــن وليســــــتعفف الــــــذين ال يجــــــدون نكاحــــــا حتــــــى يغنــــــيهم اهللا {يقــــــول عــــــز وجــــــل :

أمـر اهللا تعـالى كـل " }وليسـتعفف {في قوله تعـالى : يقول القرطبي . )71F٢(}فضله

ر أن يســـتعفف. ثـــم لمـــا كـــان أغلـــب تعـــذ مـــن تعـــذر عليـــه النكـــاح وال يجـــده بـــأي وجـــه ، فيرزقــه مــا يتــزوج بــه ، أو فضــله عــدم المــال وعــد باإلغنــاء مــنالنكــاح الموانــع علــى

ال يجــدون {، أو تــزول عنــه شــهوة النســاء. يجــد امــرأة ترضــى باليســير مــن الصــداق

، فحذف المضاف . وقيل : النكـاح هاهنـا مـا تـنكح بـه المـرأة أي طول نكاح }نكاحا

)72F٣(."من المهر والنفقة ، كاللحاف اسم لما يلتحف به . واللباس اسم لما يلبس

ـــه تعـــالى:ويقـــول ـــة " }حتـــى يغنـــيهم اهللا مـــن فضـــله {القاســـمي فـــي تفســـير قول ترجي

، لطفــا ، ليكــون انتظــار ذلــك وتأميلــه للمســتعفين وتقدمــة وعــد بالتفضــل علــيهم بــالغنى، ، وربطــا علـــى قلــوبهم. وليظهـــر بــذلك أن فضـــله أولــى باإلعفـــاء لهــم فــي اســـتعفافهم

وامـر. حيـث أمـر أوال بمـا يعصـم مـن وأدنى من الصلحاء . وما أحسن ما رتب هذه األ، الــذي يحصــن ، وهــو غـض البصــر. ثــم بالنكـاح الفتنـة ، ويبعــد عــن مواقـع المعصــية

األمــارة الــنفس علــىء بــالحالل عــن الحــرام. ثــم بالحمــل االســتغنابــه الــدين ، ويقــع بــه بالسوء وعزفها عن الطموح إلى الشهوة عند العجـز عـن النكـاح ، إلـى أن يرزقـه القـدرة

)73F٤(." عليه

) ، كتـاب الصـوم ، بـاب الصـوم لمـن خـاف علـى نفسـه العزوبـة ، ١٨٠٦) صحيح البخاري ، رقم الحـديث ( ١()، كتاب النكاح، باب اسـتحباب النكـاح لمـن ١٤٠٠صحيح مسلم، رقم الحديث ( . ٦٧٤-٦٧٣، ص ٢ج

.١٠١٨، ص٢تاقت نفسه إليه، ج . ٣٣) سورة النور ، اآلية ٢( .٢٢١، ص ١٢القرطبي ، ج ،الجامع ألحكام القرآن ) ٣(مــد فــؤاد عبــد تفســير القاســمي، المســمى " محاســن التأويــل "،محمــد جمــال الــدين القاســمي، تحقيــق مح )٤(

. ٤٥٢٠-٤٥١٩، ص ١٢هـ، ج ١٣٧٨الباقي، بيروت، دار إحياء الكتب العربية ،

٤٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ثالثا : األمر بالمعروف والنهي عن المنكر : ، ولعظمتـه قدمـه عـز وجـل األمر بالمعروف والنهي عـن المنكـر أهميتـه عظيمـة

كنــتم خيــر أمــة أخرجــت للنــاس تــأمرون بــالمعروف{علــى اإليمــان فــي قولــه تعــالى :

رة علــــى يمــــان منفعتــــه مقصــــو وذلــــك ألن اإل )74F١(}وتنهــــون عــــن المنكــــر وتؤمنــــون بــــاهللا

إذ ، أمـــا األمـــر بـــالمعروف والنهـــي عـــن المنكـــر فتعـــود علـــى المجتمـــع عامـــة المؤمن، يترتب عليه الصالح العام والوقاية من المعاصي والجرائم.

، وانما يشـمل األفعـال واألقـوال، يقـول واألمر بالمعروف ال يكتفي باألفعال فحسب

ويكـــون بتلقينـــه )75F٢(}أذى يتبعهـــا صــدقة خيـــر مـــن معــروف ومغفـــرة قـــول {عــز وجـــل :

األخالق ومحاسن العادات حتى يقوى جانب الخوف من اهللا وغضبه وعذابه فإذا قـوي هذا االعتقاد تمكنت األخـالق الفاضـلة منـه، حتـى إن زل فـالعودة قريبـة والتوبـة مرتقبـة

بمشيئة اهللا.

تشدد في العقاب الحدي :رابعا : الا المـنهج اإلسـالمي التشـدد فـي عقوبـة جريمـة يعد من السياسة الوقائية التـي اتبعهـ

ســدا ها االجتمــاعي. فكــان ذلــك فــي ذاتــه الزنــا ألن العقوبــة الحديــة تقــاس بمقــدار ضــرر ير المجتمع اإلسالمي من الرذيلة.ضد الجريمة ابتداء لتطه

ا بالغـ ا نفسـي ا آخر فإن لعامل الرهبة والخوف من العقـاب علـى الزنـا أثـر ومن جانب ــ ، ومتــى عــن مقارفــة هــذه الفاحشــة، والعاقــل ن المــرء بــأن العقــاب مالقيــة انصــرف أيق

يوازن بين الجناية وعقاب الحد فيقدم دفع المضرة على جلب اللذة الوقتية.يقـــول محمـــد حســـين الـــذهبي: " إن تقاصـــر العقوبـــة عـــن الجريمـــة حســـيا أو معنويـــا

، ألنــه يهــون عليهــا اإلقــداميفســد علــى الــنفس أمرهــا فــي مواقــف الصــراع أو االختيــار، ويضـــعف فيهـــا عوامـــل اإلحجـــام، بحيـــث تتـــوافر الجـــرأة الالزمـــة لتحطـــيم كـــل الضـــوابط

(التي تحول بين صاحبها وبين اقتراف ما يريد". 76F

٣ (

. ١١٠سورة آل عمران،آية) ١(

. ٢٦٣سورة البقرة ، آية ) ٢( . ٥٦هـ، ص ١٣٩٨) أثر أقامة الحدود في استقرار المجتمع، محمد حسين الذهبي ، دار االعتصام ، ٣(

٤٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

إن الفـرد المســلم يكفيــه التهديــد بالعقوبــة، والتلــويح بــالزواجر.. إنــه يخشــى الفضــيحة دمت العصور، فيعمل على اجتناب هذه المعصية.ومالحقة العار له وألوالده مهما تقا

خامسا: األمر بغض البصر: يقــــول عــــز حــــرم اإلســــالم النظــــرة إلــــى امــــرأة أجنبيــــة وأمــــر بغــــض البصــــر .

قــل للمــؤمنين يغضــوا مــن أبصــارهم ويحفظــوا فــروجهم ذلــك أزكــى لهــم إن اهللا {:وجــل

)77F١(.}روجهنيغضضن من أبصارهن ويحفظن ف خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات

من اهللا تعالى للمؤمنين أن يغضـوا مـن أبصـارهم عمـا حـرم علـيهم، ويحفظـوا فهذا أمر فروجهم من الزنا وأخطاره.

هــذا أمــر مــن اهللا تعــالى للنســاء المؤمنــات يقــول ابــن كثيــر فــي اآليــة األخــرى "فة نســاء الجاهليــة وفعــال لهــن عــن صــ زواجهــن عبــاده المــؤمنين، وتمييــزوغيــرة منــه أل

(". المشركات78F

٢(

وقــدم ســبحانه وتعــالى غــض البصــر علــى حفــظ الفــرج ألن " يقــول القاســمي: و لعـــــالج القلـــــب، وفيـــــه حســـــم النظـــــر بريـــــد الزنـــــا، وغـــــض البصـــــر مـــــن أجـــــل األدويـــــة

ويقول ابن القيم : " أما اللحظات: فهي رائد الشهوة ورسـولها، وحفظهـا )79F٣(."لمادتها ره أورده موارد الهلكات. أصل حفظ الفرج، فمن أطلق بص

، ثـم د خطـرة لـو والنظر أصل عامة الحوادث التي تصـيب اإلنسـان، فـالنظرة ت :، فيقع الفعل والبد، ما لم يمنع منـه مـانع، وفـي هـذا قيـل تقوى فتصير عزيمة جازمة

(الصبر على غض البصر أيسر من ألم ما بعده " 80F

٤( .

. ٣١ – ٣٠يتان ) سورة النور، اآل ١(

سامي بـن محمـد :) تفسير القرآن العظيم ، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ، تحقيق ٢( . ٤٤، ص ٦م ، ج ١٩٩٩ -هـ ١٤٢٠السالمة، دار طيبة ، الطبعة الثانية ،

. ٤٥٠٦، ص ١٢تفسير القاسمي، ج )٣(كافي لمن سأل عن الدواء الشافي " ، شمس الدين أبو عبد اهللا محمـد بـن أبـي ) الداء والدواء . أو " الجواب ال ٤(

هـــ.، ١٣٧٧بكـر الزرعــي الدمشــقي ، تحقيــق: محمــد محيــي الـدين عبــد الحميــد ، مصــر ، مطبعــة المــدني ، . ٢٢٣-٢٢١ص

٤٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ف البصر عن امرأة أجنبيـة،ويظهر ذلـك وأمر النبي صلى اهللا عليه وسلم بصر ســـألت رســـول اهللا اهللا عنـــه قـــال : (فـــي الحـــديث الـــذي رواه جريـــر بـــن عبـــد اهللا رضـــي

(، فأمرني أن أصرف بصري) صلى اهللا عليه وسلم عن نظر الفجاءة81F

١( النظـــرة هـــي أول مراحـــل التهيـــيج الجنســـي، ويبـــدأ مفعولهـــا مـــن بعيـــد مخترقـــا كـــل إذ "

(. " إلى القلبالحواجز للوصول 82F

٢( ومن هنا كانت حكمة اإلسالم البالغـة حـين جمـع إلـى تحـريم الزنـا تحـريم مادتـه

من نظرة إلى محرم أو ميوعة في الخطاب، أو خلطة باألجنبيات.

سادسا◌: سد الذريعة إلى الزنا، ومنها: نـت فـي أعمـال ال يجوز للرجل االختالء بالمرأة األجنبيـة ولـو كاالخلوة باألجنبية: –أ

الخير. يقول ابن القيم " إنه صلى اهللا عليه وسـلم حـرم الخلـوة باألجنبيـة ولـو فـي قـراءة (القرآن ".

83F

٣( وذلك خشية من الطمع فيها وارتكاب الرذيلة معها. سفر المرأة بال محرم: –ب

ر يقــول الرســول صــلى اهللا عليــه وســلم: ( ال يحــل ألمــرأة تــؤمن بــاهللا واليــوم اآلخــر تســاف(مسيرة يوم إال مع ذي محرم).

84F

٤( حتـــى ال يكـــون ذلـــك ذريعـــة للوقـــوع فـــي شـــراكها خـــروج المـــرأة متطيبـــة متزينـــة: –ج

وقوعا يترتب عليه العالقة اآلثمة ومخاطرها المترتبة.المـرأة إذا خرجـت إلـى المسـجد أن تتطيـب أو تصـيب يقول ابن القـيم : " ونهـى

الرجــــال وتشــــوفهم إليهــــا، فــــإن رائحتهــــا وزينتهــــا بخــــورا، وذلــــك ألنــــه ذريعــــة إلــــى ميــــل

اب ، بـاب ) ، راوي الحديث : جرير بن عبـد اهللا البجلـي ، كتـاب اآلد ٢١٥٩) صحيح مسلم ، رقم الحديث ( ١(

. ١٦٩٩، ص ٣نظر الفجاءة ، ج . ٨٢م، ص ١٩٧٩) حياتنا الجنسية ، فردريك كهن . ترجمه انطوان فيلو ، بيروت ، ٢(ـــي بكـــر الزرعـــي الدمشـــقي ٣( ـــو عبـــد اهللا محمـــد بـــن أب ) إعـــالم المـــوقعين عـــن رب العـــالمين ، شـــمس الـــدين أب

١٣٧٤ ن عبد الحميد ، مصر ، مطبعة السعادة ،المعروف بابن قيم الجوزية ، تحقيق محمد محييي الدي . ١٥١، ص ٣م ، ج١٩٥٥ -هـ

) ، راوي الحــديث : أبــو هريـرة ، كتــاب الحــج ، بــاب ســفر المــرأة مــع ١٣٣٩) صـحيح مســلم ، رقــم الحــديث ( ٤( . ٩٧٧، ص ٢محرم إلى حج وغيره ، ج

٤٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وصــورتها وابــداء محاســنها تــدعو إليهــا، فأمرهــا أن تخــرج تفلــة وأال تتطيب...كــل ذلــك (سدا للذريعة وحماية عن المفسدة ".

85F

١ (

حتــى ال يظنــوا فيهــا ظــن الســوء ويكــون الخضــوع بــالقول أثنــاء مخاطبــة الرجــال: –د

يـــا نســـاء النبـــي لســـتن كأحـــد مـــن النســـاء أن {ول عـــز وجـــل :بدايـــة لعالقـــة آثمـــة. يقـــ

( }اتقيتن فال تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وقلن قوال معروفا 86F

٢ (

يقـول أبـو بكـر الجصـاص: " وفيـه الداللــة علـى أن ذلـك حكـم سـائر النسـاء فــي علـــى يوجـــب الطمـــع فـــيهن، ويســـتدل بـــه تهــذيبهن عـــن إالنـــة القـــول للرجـــال علـــى وجـــه

(رغبتهن فيهم ". 87F

٣ ( قـــال الســـدي : فـــال تخضـــعن بـــالقول بـــن كثيـــر فـــي معنـــى اآليـــة اويقـــول الحـــافظ

فيطمـــع {وغيـــره: يعنـــي بـــذلك ترقيـــق الكـــالم إذا خـــاطبن الرجـــال، ولهـــذا قـــال تعـــالى:

قـوال حسـنا جمـيال معروفـا }وقلـن قـوال معروفـا {أي دغـل }الذي في قلبـه مـرض

نــى هــذا أنهــا تخاطــب األجانــب بكــالم لــيس فيــه تــرخيم أي ال تخاطــب ، ومع فـي الخيــر(المرأة األجانب كما تخاطب زوجها".

88F

٤(

: أمر الشارع بالتفريق بين األوالد في المضاجع –هـ فال يترك الذكر مع األنثـى فـي فـراش واحـد، لـئال يـؤدي إلـى المواصـلة المحرمـة لسـبب

. دةاتحاد الفراش، وال سيما مع طول الم

ألنـه يــؤدي إلــى " :المفــاخرة بالجمــاعلشــارع كــال مــن المــرأة والرجــل عــن نهــي ا -و تحريك النفوس والتشهي، وقد ال يكون عند الرجل من يغنيه عن الحـالل فيتخطـى إلـى

(. " الحرام89F

٥(

. ١٦١، ص ٣) إعالم الموقعين ،ج ١( . ٣٢ ) سورة األحزاب، اآلية ٢(

. ٣٥٩، ص ٣) أحكام القرآن ، للجصاص ، ج ٣(

. ٤٨٤. ص ٣تفسير ابن كثير ، ج )٤(

. ١٦٥، ص ٣إعالم الموقعين، ابن القيم ،ج )(٥

٥٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

(: أبطل الشارع أنواعا من األنكحة التي قد يتراضاها الزوجان -ز 90F

١( ســـدا لذريعـــة الزنـــا حتـــى ال يتراضـــى الزوجـــان علـــى ، ومثالـــه النكـــاح بـــال ولـــى

كمـــا ، ، ويشـــهد علـــى ذلـــك رجـــالن فاســـقان مـــن أصـــحابهما التنـــاكح مقابـــل أجـــر زهيـــد أبطل اإلسالم نكاح المتعة والتحلل للسبب ذاته.

نهي اإلسالم عن االختالط بين الجنسين: -ح جريمــة الزنـا، فهــو ن االخـتالط مـن شــأنه أن يـوفر المكــان المناسـب الرتكـاب أل

بؤرة كل شر، ورأس كل رذيلة. : أصـل كـل " ال ريب أن تمكن النساء من اختالطهن بالرجـال :يقول ابن القيم

شــر وبليــة، وهــو مــن أعظــم أســباب نــزول العقوبــات العامــة، كمــا أنــه مــن أســباب فســاد وهـو مـن لكثـرة الفـواحش والزنـا، أمور العامة والخاصة. واختالط الرجال بالنسـاء سـبب

أســباب المــوت العــام والطــواعين المتصــلة......فمن أعظــم أســباب المــوت العــام كثــرة (الزنا بسبب تمكـين النسـاء مـن اخـتالطهن بالرجـال."

91F

قـد روى عقبـة بـن عـامر أن و )٢فقــال رجــل مــن . إيــاكم والــدخول علــى النســاء(رســول اهللا صــلى اهللا عليــه وســلم قــال:

)92F٣( . )الحمو الموت أفرأيت الحمو ؟ قال األنصار:وروى ابــن عبــاس رضــي اهللا عنهمــا عــن النبــي صــلى اهللا عليــه وســلم قــال: (ال يخلون رجل بامرأة إال ومعها ذو محرم، وال تسافر المـرأة إال مـع ذي محـرم. فقـام رجـل فقال: يا رسول اهللا، إن امرأتـي خرجـت حاجـة، وانـي اكتتبـت فـي غـزوة كـذا وكـذا. قـال

(أتــــك). انطلــــق فحــــج مــــع امر 93F

وبهــــذا يتضــــح إن الشــــارع الحكــــيم بمقاصــــده قــــد منــــع )٤ االختالط ألنه ابتغى من وراء ذلك وقاية للمجتمع من شر جريمة الزنا ابتداء.

حظر مهيجات الغرائز الجنسية : -ط

. ١٦٨، ص ٣) المرجع السابق ، ج ١(

. ٣١٢الطرق الحكمية ، ابن القيم ، ص ) (٢

، ٤بـاب تحـريم الخلـوة باألجنبيـة والـدخول عليهـا، ج ) ، كتـاب السـالم،٢١٧٢) صحيح مسلم ، رقـم الحـديث ( ٣( . ١٧١١ص

، ٢)، كتـــاب الحـــج ، بـــاب ســـفر المـــرأة مـــع محـــرم إلـــى حـــج وغيـــره، ج ١٣٤١صـــحيح مســـلم، رقـــم الحـــديث( )٤( . ٩٧٨ص

٥١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

حظــر الشــارع كــل مــا مــن شــأنه أن يثيــر غريــزة الفــرد المســلم ويصــل بهــا إلــى عــة للزنــا، وأبلــغ داللــة علــى ذلــك: تحــريم المجــالت درجــة الســعار، لعلمــه بــأن ذلــك ذري

الهابطــة الدنيئــة، واألفــالم المنحطــة المثيــرة، ومــا أشــبهها مــن المهيجــات العنيفــة كــدور اللهو والمراقص الداعرة والمسارح والسينما الخليعة والتـي تعمـل علـى عـرض الشـهوات

المريضة، واألجسام العارية في وضع مثير. ـــــول المـــــودودي: إنمـــــا تنبعـــــث مـــــن تـــــأثير اآلداب والصـــــور والســـــينما والمســـــرحية " يق

والرقص، وما إليها من مظاهر التهتك والتبذل . ثم هناك الجرائـد اليوميـة واألسـبوعية، والمجــالت الشــهرية، ونصــف الشــهرية المصــورة، التــي تظهــر كلهــا بقصــص ومقــاالت

(". ناهية في الفحش وصور عارية فاضحةمت94F

١( ع أيضا الغناء بالكلمات الرخيصة، واألشعار الغرامية الخليعة...وقد حظر الشار

يقــول ابــن تيميــة فــي فتاويــه: " ومــن أقــوى مــا يهــيج الفاحشــة إنشــاد أشــعار الــذين فــي قلـــوبهم مــــرض مـــن العشــــق، ومحبـــة الفــــواحش، ومقـــدماتها باألصــــوات المطربـــة، فــــإن

فـــواحش، فعنــــدها يهــــيج المغنـــي إذا غنــــى بـــذلك حــــرك القلــــوب المريضـــة إلــــى محبــــة المرضــه، ويقــوى بــالؤه، وان كــان القلــب فــي عافيــة مــن ذلــك جعــل فيــه مرضــا كمــا قــال

(". . ورقية الزنا ما يدعو إلى الزنابعض السلف: " الغناء رقية الزنا..95F

٢( وأخيـــرا.. هـــل تعـــي المجتمعـــات أهميـــة تلـــك التـــدابير فـــي محاربـــة جريمـــة الزنـــا

، وبتطبيقها يتطهر المناخ االجتماعي مـن األدران وتسـود المالذ اآلمن انهأوتالشيها، و األسرة السعادة والرخاء، وينال المجتمع لذة األمن واالستقرار !!

-هـــــ ١٤٠٦الحجــــاب ، أبــــو األعلــــى المــــودودي ، الســــعودية ، الــــدار الســــعودية للنشــــر ، الطبعــــة الثالثــــة ، )١(

. ٩٢م ، ص ١٩٨٦، رحمن بـن محمـد بـن قاسـم وابنـه محمـد) مجموع فتـاوى شـيخ اإلسـالم أحمـد بـن تيميـة ، جمـع وترتيـب عبـد الـ ٢(

. ٣١٤ – ٣١٣، ص ١٥المغرب ، مكتبة المعارف ، ج

٥٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

اصد الشريعة اإلسالمية في تحريم الزنا: المطلب الرابع: مقتعد جريمة الزنا من أشنع الجـرائم التـي ترتكـب عـدوانا علـى الجـنس البشـري، واجتثاثـا

جريمـة الهبـوط إلـى مسـتوى الحيوانـات. وهـي للنوع اإلنساني، وانتهاكـا لكـل قيمـة عليـا،

كــان فاحشــة وســاء وال تقربــوا الزنــا إنــه {وقــد قــال جــل شــانه فــي عظــيم جــرم الزنــا :

. )96F١( }سبيال

وال تأخـذكم بهمـا رأفـة فـي ديـن {وقال الخالق تبارك وتعالى في شأن الزنـاة :

. )97F٢( }اهللا إن كنتم تؤمنون باهللا واليوم اآلخر

إن الزنا نكسة حيوانية مضادة للفطرة اإلنسانية ، متنافيـة مـع األهـداف السـامية قلـــت يـــا رســـول اهللا أي : ( اهللا بـــن مســـعود عبـــدقـــال التـــي مـــن أجلهـــا خلـــق اإلنســـان .

الــذنب أعظــم عنــد اهللا ؟ قــال:"أن تجعــل هللا نــدا وهــو خلقــك". قــال : قلــت لــه : إن ذلــك لعظيم . قال:قلت: ثم أي ؟ قال:"أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك". قال : قلت لـه

(: ثم أي ؟ قال:" ثم أن تزاني حليلة جارك). 98F

٣( تحـريم وغلظـة العقوبـة لجريمـة الزنـا يرجـع إلـى حكـم بالغـة وما رأينـاه مـن شـدة ال

ومقاصد شريفة، لعل من أهمها: أوال: الزنا سبب لنزول غضب اهللا عز وجل:

السـابقة أن العقـاب يتضح من استقراء التاريخ واستعراض وقائع ما جرى لألمـمخــــرى: التحلــــل مــــرتبط بفاحشــــتين: األولــــى: التحلــــل الــــديني (الكفــــر بــــاهللا)، واألاإللهــــي

(األخالقي (الزنا). 99F

٤ ( وقد ربط اإلسالم ربطا جازما بين هاتين الجريمتين.

. ٣٢سورة اإلسراء ،آية )١(

. ٢سورة النور ، آية )٢(

، ص ٥داب ، بــاب قتـل الولـد خشـية أن يأكـل معــه، ج )، كتـاب اآل٢٦٥٥صـحيح البخـاري، رقـم الحـديث ( )٣() ، كتـــاب اإليمـــان ، بـــاب كـــون الشـــرك أقـــبح الـــذنوب وبيـــان ٨٦. صـــحيح مســـلم ، رقـــم الحـــديث ( ٢٢٣٦

. ٩٠، ص ١أعظمها بعده ، ج نحـــو قـــانون دفـــاع اجتمـــاعي إســـالمي سياســـة جنائيـــة إنســـانية وســـطية عالميـــة رشـــيدة ، دراســـة مقارنـــة ، عبـــد )٤(

. ٤٩٤م ، ص١٩٩٥الوهاب عمر البطراوي،الطبعة الخامسة ،

٥٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

(يقول الرسول صلى اهللا عليه وسلم: ( ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) . 100F

١( وقـــد حلـــت عقوبـــات اهللا تعـــالى بـــاألمم الســـابقة لكفرهـــا بـــاهللا، وابائهـــا علـــى أنبيائهـــا فـــي

ب ذلــــــك تحلــــــل خلقــــــي أكمــــــل صــــــورة مبــــــارزة اهللا تعــــــالى ، وصــــــاح اهللادعوتهــــــا إلــــــى إلى قوم لوط وبني إسرائيل. دبالعصيان، فحل عليهم غضبه. من قوم نوح وهود وثمو

مـــــن المـــــدنيات الســـــابقة وقـــــد كـــــان التحلـــــل الخلقـــــي ســـــببا فـــــي ســـــقوط كثيـــــر " وانين الوضــعية ، وفــي العصــر الحــديث خففــت القــ كاإلمبراطوريــة الرومانيــة والفارســية

عقوبــة الزنــا وجعلتهــا فــي أضــيق الحــدود، ونســي اإلنســان فــي ظــل الحضــارات الماديــة تلــك الوقــائع التاريخيــة واســتهان الكثيــر بجريمــة الزنــا فأصــبحت المجتمعــات أكثــر نهمــا

ق فـي العالقــات الجنســية غيـر المشــروعة، وانغمــس الصــغار والكبـار فــي الــدعارة بطــر (مـــرض اإليـــدز " علـــيهم بهيميـــة.... فأرســـل اهللا

101F

وهـــو بمثابـــة إبـــادة جماعيـــة ليكـــون )٢ ، ويدمر من انتشرت بينهم تلك الفاحشة. إنذارا إلهيا

إيجــاد عــالج حاســم لهــذا المــرض، –رغــم تطــور الطــب –ولــم يتســن لإلنســان فصنف ضـمن األمـراض المستعصـية التـي تهـدد إنسـان الغـرب بالفنـاء، وتجعلـه يعـيش

ب.. والسعيد من يتعظ بغيره والشقي من اتعظ به غيره. حياة الهلع والرع

)، راوي الحــديث: أبــو هريــرة، كتــاب األشــربة، بــاب قولــه تعــالى : { ٥٢٥٦صــحيح البخــاري، رقــم الحــديث ( ) ١(

) ، كتـــاب ٥٧. صـــحيح مســـلم ، رقـــم الحـــديث ( ٢١٢٠، ص ٥إنمـــا الخمـــر والميســـر واألنصـــاب } ، ج ، ١معصـية علـى إرادة نفـي كمالـه ، ج يمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالاإليمان ، باب بيان نقص اإل

. ٧٦ص ) أجمعت كافة المؤتمرات والنـدوات علـى حقيقـة واحـدة : أن مـرض انعـدام أو نقـص المناعـة المكتسـبة سـببه ٢(

م ، ١٩٨٧،ؤتمر الــدولي لمــرض اإليــدز ، بــاريسالعالقــات الجنســية غيــر المشــروعة ، راجــع توصــيات المـــــدولي ، الكويـــت ، ـــة ١٩٨٦المـــؤتمر ال ـــة األمـــراض المعدي ـــة مراقب ـــر هيئ م ، ١٩٨٨عـــام C.D.Cم، تقري

فـــي الـــدفاع االجتمـــاعي اإلســـالمي ، سياســـة انظـــر:م . ١٩٩٥المـــؤتمر الـــدولي لإليـــدز فـــي أفريقيـــا عـــام م ، ١٩٩٦،بعـة الثالثـةطعالمية جنائية رشيدة لمنع اإلجـرام ، عبـد الوهـاب عمـر البطـراوي ، دار الفكـر، ال

. ١٧٧ص

٥٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

يـا أمـة محمـد، م في صالة الكسوف أنه قال: (وفي خطبته صلى اهللا عليه وسلإن من أحد أغير من اهللا أن يزني عبده أو تزني أمته، يـا أمـة محمـد، واهللا لـو تعلمـون

().، ولضحكتم قليال. أال هل بلغت ؟ما أعلم لبكيتم كثيرا 102F

١ ( وفـي ذكـر هــذه الكبيـرة عقــب صـالة الكسـوف ســر بـديع لمــن تأملـه، ألن ظهــور

بـن مالـك ، وهو من أشراط السـاعة، كمـا روي عـن أنـس الزنا من أمارات خراب العالمأال أحـــدثكم حـــديثا ســـمعته مـــن رســـول اهللا صـــلى اهللا عليـــه رضـــي اهللا عنـــه أنـــه قـــال: (

ل: " إن مـــن أشـــراط الســـاعة أن يرفـــع وســـلم، ال يحـــدثكم أحـــد بعـــدي، ســـمعته منـــه يقـــو العلــم، ويظهــر الجهــل، ويفشــو الزنــا، ويشــرب الخمــر، ويــذهب الرجــال، وتبقــى النســاء

() حتــى يكــون لخمســين امــرأة قــيم واحــد103F

فعنــد ظهــور الزنــا ، وهــذه ســنة اهللا فــي خلقــه )٢(، وغضبه ال بد أن يصيب أهله بعقوبة. يغضب اهللا

104F

٣(

فسدة الشرك باهللا وقتل النفس: ثانيا: الزنا يلي ملعظــيم جــرم الزنــا كــان ترتيبــه بعــد اإلشــراك بــاهللا وقتــل الــنفس فــي الكبــر. قــال

(اإلمام أحمد: " ليس بعد قتل النفس شيء أعظم من الزنا ". 105F

٤(

والــذين ال يــدعون مــع اهللا إلهــا {وقــد أكــد اهللا ســبحانه وتعــالى حرمتــه بقولــه :

تـــي حـــرم اهللا إال بـــالحق، وال يزنـــون، ومـــن يفعـــل ذلـــك يلـــق آخـــر، وال يقتلـــون الـــنفس ال

) 106F٥(. }أثاما، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إال من تاب.....

) ، راوي الحـديث : أم المـؤمنين عائشـة ، كتـاب الكسـوف ، بـاب صـالة ٩٠١) صحيح مسلم ، رقم الحديث ( ١(

.٦١٨، ص ٢الكسوف ، ج ) ، كتــاب العلــم ، بــاب رفــع العلــم وقبضــه وظهــور الجهــل والفــتن فــي ٢٦٧١) صــحيح مســلم ، رقــم الحــديث ( ٢(

٢٠٥٦ص ، ٤آخر الزمان ، ج

. ٢٨٥) الداء والدواء ، ابن القيم ، ص (٣

٢م ، ج ١٩٧١) غذاء األلباب لشرح منظومة اآلداب ، محمد السفاريني الحنبلي ، مصر ، مؤسسة قرطبة ، ٤( . ٤٤١، ص

. ٧٠ – ٦٨) سورة الفرقان ،اآليات ٥(

٥٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وفي آية أخرى قدم اهللا تعالى النهي عن الزنا، على النهي عن القتـل، حيـث يقـول عـز

ال تقتلـوا الـنفس التـي حـرم اهللا وال تقربوا الزنـا إنـه كـان فاحشـة وسـاء سـبيال، و {وجل :

(. }إال بـــالحق 107F

يقـــول الـــرازي فـــي تفســـير هـــذه اآليـــة: " لقائـــل أن يقـــول: إن أكبـــر )١

بــذكر النهــي عــن لســبب فــي أن اهللا تعــالى بــدأ أوال الكبــائر بعــد الكفــر بــاهللا القتــل، فمــا امـــن دخـــول ن فـــتح بـــاب الزنـــا يمنـــع ؟ وجوابـــه : أوثانيـــا بـــذكر النهـــي عـــن القتـــل، الزنـــا

، اإلنســــان فــــي الوجــــود، والقتــــل عبــــارة عــــن إبطــــال اإلنســــان بعــــد دخولــــه فــــي الوجــــود، فلهذا السبب ذكر اهللا الزنـا ودخوله في الوجود مقدم على إبطاله واعدامه بعد وجوده

(أوال، ثم ذكر القتل ثانيا " 108F

٢(. والد وفي آية أخرى ذكر اهللا تعالى النهي عن الزنا بين النهي عن قتل األ

وال تقتلوا أوالدكم من إمالق ، نحن {والنهي عن قتل النفس، فقال عز وجل :

، وال تقتلوا النفس التي نرزقكم واياهم ، وال تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن

) 109F٣(.}حق ، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلونحرم اهللا إال بال

هـي عـن الزنـا: " وتوســيط يقـول القاضـي أبـو السـعود فـي بيــان حكمـة توسـيط النإن ، فــ ، فــي حكــم قتــل األوالد النهــي باعتبــار أنهــا مــع كونهــا فــي نفســها جنايــة عظيمــة

) 110F٤( ." أوالد الزنا في حكم األموات

إال إن الشــارع فــرق فــي نظرتــه –ورغــم أن الزنــا فــي مرحلــة تاليــة بعــد القتــل " جريمة القتل العمد. بين جريمة الزنا، وهي جريمة ال تنتهي بقتل، ونظرته إلى

. ٣٣ – ٣٢سورة اإلسراء، اآليتين )١(هــ ، ١٣٥٧مى " مفاتيح الغيب " ، أبو بكر الرازي ، القاهرة ، مطبعة الهيئة المصـرية ، التفسير الكبير المس )٢(

. ١٩٩، ص ٢٠ج . وكذلك ذكر اهللا النهي عن الزنا بين النهي عن قتل األوالد وقتل النفس في سورة ١٥١سورة األنعام : اآلية )٣(

. ٣٣، ٣٢، ٣١اإلسراء اآليات

د أو " إرشــاد العقــل الســليم إلــى مزايــا الكتــاب الكــريم " ، أبــو الســعود بــن محمــد العمــادي ) تفســير أبــي الســعو ٤(، ص ٢الحنفي ، تحقيـق عبـد القـادر أحمـد عطـا ، طبـع مطبعـة السـعادة ، نشـر مكتبـة الريـاض الحديثـة ، ج

٣٠٣ .

٥٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وفــي حــد القتــل العمــد )111F١( }وال تأخــذكم بهمــا رأفــة {فــي حــد الزنــا يقــول عــز وجــل:

ــي لــه مــن أخيــه شــيء فإتبــاع بــالمعروف وأداء إليــه بإحســان {يقــول : ) 112F٢( }فمــن عف

) 113F٣(}ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنينو {وفي حد الزنا ال بد من عالنية الحد :

ما السر في هذه التفرقة ؟ القصاص.. فوليس األمر في ، ال يلبــث أن يعوضـها مــيالد جديــد إن القتـل هــو نـزع للبنــة واحـدة مــن صــرح المجتمـع

ـــه ـــائج الزنـــا أشـــبه بقتـــل أمـــا الزنـــا فهـــدم للصـــرح كل ـــة لألســـاس والقاعـــدة ونت ، ألنـــه خل(جماعي، وهنا تظهر معان رفيعة تحكم النظر اإلسالمي"

114F

٤ (

: اة ولد الزنا: معان ثالثا ليس النسب فضلة يتزين بها اإلنسان، وانما هـو جـذر رئـيس فـي بنـاء إحساسـه

، وانتمــاء المــرء إلــى أســرة تحوطــه برعايتــه وتغــذوه بثقافتهــا هــو الصــورة األصــيلة بذاتــه التي يكتسب من خاللها اإلنسان إنسانيته.

نبتـه جـذورا فـي الوجـود، وولد الزنا يبزغ إلى الوجود ال يعرف له نسبا، وال يجد للـم يقترفــه، وهـو هـائم ال يرتكــز إلـى قــرار. وبـائس يحمــل وصـمة أبديــة ال تفارقـه، لجــرم

وآفة ال علم له بها. وال ريب أن ذلك يصيب صميم ذاته بالخواء والشذوذ، ويجعله تربة طيعـة تنمـو

مي إليـه، ونسـب لم يمنحه أبسط حقوقه: أن يكون له اسم ينت فيها األحقاد على مجتمع يفخر به !!

ويســـتوي فـــي اإلحســـاس بـــذلك ابـــن البيئـــة الشـــرقية اإلســـالمية، وابـــن الحضـــارة الغربيـــة، إذ أن اإلحســـاس باالمتـــداد فـــي التـــاريخ مـــن خـــالل النســـب الشـــريف الواضـــح

أصلي للذات اإلنسانية ال يرتبط بثقافة خاصة، وال بأمة محددة. مطلب

. ٢) سورة النور ، اآلية ١(

. ١٨٧) سورة البقرة، اآلية ٢(

. ٢اآلية ) سورة النور ، ٣(

. ٣٦) أثر إقامة الحدود في استقرار المجتمع ، محمد حسين الذهبي ، ص ٤(

٥٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

أن حـــاالت األبـــوة المجهولـــة قـــد ارتفعـــت ارتفاعـــا وقـــد صـــرح الفقـــه الفرنســـي بـــ" (. " مذهال والمطلوب معالجتها

115F

١(

ويقــول نيكــول: " وهــؤالء األطفــال غيــر الشــرعيين يربــون فــي مؤسســات أو عنــد )116F٢( معقدي الشخصية منحرفي النفسية ". عائالت غريبة، ولهذا السبب ينشأون

جـــارب الحـــرب األخيـــرة بـــين أطفـــال وتقـــول آنـــا فرويـــد دورثـــي برلنجهـــام: " قـــد أثبتـــت تالمحاضــن، أن الطفــل الــذي تتنــاوب تربيتــة عــدة حاضــنات تختــل شخصــيته وتنفــك وال

(تنمو فيه مشاعر الحب والتعاون ". 117F

٣(

(رابعا: الزنا يورث الفقر والحاجة: 118F

٤( ، وذلـــك ألن الزانـــي مشـــتت الفكـــر فـــي طلـــب شـــهوته، ينفـــق عليهـــا مـــا جمـــع

ل بـه ذلـك إلـى و منصـرفا عـن اإلنفـاق علـى أهلـه ومـن يعـول، فيـؤ ويتكلف لها ما لديـه، الفقر بعد الغنى والحاجة بعد الثروة.

119Fخامسا : الزنا مجمع خالل الشر كلها :

)٥( يقول اإلمام ابن القيم : " الزنـا يجمـع خـالل الشـر كلهـا مـن قلـة الـدين، وذهـاب

معـه ورع، وال وفـاء بعهـد، وال صـدق ، فـال تجـد زانيـا الورع، وفساد المرؤة، وقلـة الغيـرة، فـــي حـــديث، وال محافظـــة علـــى صـــديق، وال غيـــرة تامـــة علـــى أهلـــه. فالغـــدر والكـــذب

. ١٧٧) في الدفاع االجتماعي اإلسالمي ، البطراوي ، ص ١(

١٠٨هـ، ص ١٤٠٦) األمراض الجنسية، نبيل صبحي الطويل ، بيروت ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الثامنة، ٢(.

نا فرويد دورثي برلنجهـام ، نقـال عـن كتـاب العدالـة االجتماعيـة فـي اإلسـالم ، سـيد آتأليف ) أطفال بال أسر ، ٣( . ٦٦، ص ١٣٨٦قطب ، الطبعة السابعة ،

.٢٣٦) الداء والدواء ، ابن القيم ، ص ٤(ســـمير :شـــمس الـــدين محمـــد بـــن أبـــي بكـــر قـــيم الجوزيـــة، تحقيـــق لإلمـــامروضـــة المحبـــين ونزهـــة المشـــتاقين، )٥(

.٢٣٢هـ ، ص ١٤٢١مصطفى رباب، بيروت، المكتبة العصرية ،

٥٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وذهاب الغيرة من القلب ، وعدم األنفة للحرم ، وعدم المراقبة ، وقلة الحياء ، والخيانة .من شعبه وموجباته "

تصادية المرسومة: سادسا: تقويض األهداف اإلنسانية واالجتماعية واالقــا، ومتفاعــل يمثــل البنــاء األســري النــواة األصــلية لبنــاء مجتمــع متماســك أخالقي

إنسانيا، ونام اقتصاديا. ــــا بضــــربه ألســــس بنــــاء األســــرة يهــــوي بهــــذه العوامــــل مجتمعــــة ، إذ تجــــد والزن

ممــا ، وال يكتفــي بمــا مــنح ، ال يــأمن فيهــا المــرء علــى عرضــه عالقـات إنســانية متنــافرة، وال يحـــل لـــه. وتـــرى مجتمعـــا ال تحكـــم أفـــراده غايـــات مســـتديمة بـــل نزعـــات عارضـــة

. ، بل رغبات وقتية هائمة تتصارع على شهوة عابرة تضبطه معايير ثابتةواألسـرة كيـان اقتصـادي يجمــع فيـه اآلبـاء ثــروتهم ليسـلموها لألبنـاء، مضــاعفين

أمـوالهم فيمـا يعـود علـى األمـة بـالربح ، ومستثمرين أعمارهم و من إنتاج المجتمع الكلي والفائدة.

، فمــا يجمعــه الزانــي ال ينفقــه إال علــى قضــاء شــهوته، والزنــا مقــوض لــذلك كلــه تاركا وراءه مسئوليات أسرته وأهداف مجتمعه.

(سابعا : اختالط األنساب :

120F

١( يــــؤدي الزنــــا إلــــى اخــــتالط األنســــاب فــــي المجتمــــع، ويترتــــب علــــى ذلــــك فســــاد

اعي وخلــل أســري تتبــدى بعــض آثــاره فــي إدخــال المــرأة علــى بناتهــا مــن لــيس مــن اجتمــإخوانهن، وأن يحمل المرء اسم غير أبيه، وما يمكـن أن يـرد علـى ذلـك مـن زواج األخ

ميراثــــه إلــــى أخــــذه ميراثــــا لــــيس مــــن حقــــه، وضــــياع بأختــــه مــــن دون علمهمــــا. إضــــافة الحقيقي عليه.

: ثامنا : انقراض الجنس البشريبتفشــي جريمــة الزنــا تتعطــل وظيفــة الــزواج التــي اختارهــا اهللا عــز وجــل للعالقــة السليمة بين المرأة والرجل لإلبقاء على النوع اإلنساني وفق ما رسمه له البارئ تعالى.

. ٢٣٦) الداء والدواء ، ابن القيم ، ص ١(

٥٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ويؤدي ذلك إلى إعراض كـل منهمـا عـن الـزواج لحصـولهما علـى المتعـة الجنسـية عـن لد األجيال ويقلل من النسل، وهذا اعتداء صارخ علـى طريق الزنا مما يوقف مسيرة توا

ســنة اهللا فــي الكــون وهــدم لوظيفــة االســتخالف فــي األرض التــي خلــق اهللا تعــالى مـــن أجلها آدم، وأسكن نسله أرضه، ودعا إليها أنبياؤه.

ـــانون ـــه إليـــه العاقـــل، يقـــول ســـوروكون " إن مـــن ق ـــان، يتنب ـــاد للعي وذلـــك أمـــر بإذا لبت نداء الشهوات النفسية وانقطعت إلى التشـرد والجـنس غفلـت الفطرة أن أية أمة

عن إنجاب الذرية، وتخليد النسل، وحسبت األطفال عرقلة فـي سـبيل حريتهـا، ولـذاتها، ورخائهــــا االقتصــــادي، وهــــذا الســــلوك المعــــادي لقــــانون الفطــــرة يرغــــب العــــاكفين علــــى

د أفـراد األمـة يصـبح ثابتـا ال عبودية الشهوات الجنسية.. ويكون من نتيجة ذلـك أن عـديتقدم وال يتأخر في بدء األمر، ثم يأخذ في االنحطاط والتردي حتـى يبلـغ بهـا حيـث ال

(تقدر على قضاء حاجاتها األساسية الالزمة " 121F

١(

وقـــد بـــرز ذلـــك للعيـــان فـــي المجتمـــع الغربـــي المعاصـــر الـــذي جعـــل تلبيـــة نـــداء ذلــك اإلجهــاض واســتخدام موانــع الحمــل، دون نظــر الرغبــة مقصــدا لــه وأبــاح مــن أجــل

إلى النتائج المترتبة على ذلك من قلة في النسل، وضعف في القوة الكلية للمجتمع.

تاسعا : انتشار الزنا يؤدي إلى ازدياد الجرائم : ثمة عالقة طردية بين انتشار الزنا في مجتمع ما وزيـادة جرائمـه األخـرى، ذلـك

مجمــع للشــرور النفســية، واالنحــالل الخلقــي العــام، ســواء –كرنــا آنفــا كمــا ذ –أن الزنــا مــن -مـن ســرقة أو قتـل –فـي الزانــي والزانيـة اللــذين ال يتورعـان عــن مقارفـة الجريمــة

أجل الوصول إلى اللذة اآلثمة، أو فـي الوضـع االجتمـاعي الـذي يجبـر عليـه ابـن الزنـا . فيجعله تربة خصبة لألفعال المضادة للمجتمع

حركـــة تحديـــد النســـل ، أبـــو األعلـــى المـــودودي ، لبنـــان ، مؤسســـة الرســـالة ، نشـــر الشـــركة المتحـــدة للتوزيـــع ، )١(

. ٥١ – ٥٠هـ ، ص ١٣٩٥ –م ١٩٧٥

٦٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الثالث مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم القذف

: ويقسم هذا المبحث إلى مطلبين

،المطلــــب األول: معنــــى القــــذف فــــي اللغــــة واالصــــطالح الشــــرعي وعقوبته.،وحكمه

المطلب الثاني: مقاصد الشارع من تحريم القذف .

٦١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

، وحكمــه ،طالح الشــرعيواالصــ، المطلــب األول : معنــى القــذف فــي اللغــة وعقوبته:

معنى القذف في اللغة: : أوال القاف والذال والفاء أصل يدل على الرمي والطرح، يقال: قذف الشيء يقذفه "

(" قذفا إذا رمى به122F

)123F٢(}أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم{، ومنه قوله تعالى:) ١

(" لعيب كما استعير الرمي. واستعير القذف للشتم وا أي اطرحيه فيه" 124F

٣(.

نرميه " : ) 125F٤( }بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه {يقول عز وجل :

وقذفه بالمكروه: . قذفه بالكذب : أصابه. يقال : قذفه بالشيء : به فيمحقه. يقال(" نسبه إليه. والمحصنة: رماها بالزنا

126F

٥( .

ثانيا: معنى القذف في االصطالح الشرعي:بأنــه األحنــاف ، فقــد عرفــه علمــاء المــذاهب األربعــة تعريفــات عــدة للقــذف أورد

(وعلى هذا فإن الحد ال يجب إال بالقذف بصريح الزنا، "الرمي بالزنا صريحا" 127F

٦(.

. ٦٨، ص ٥) معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، ج١( .٣٩) سورة طه، اآلية ٢( مادة "قذف" ..٦٦١ ) مفردات ألفاظ القرآن، األصفهاني، ص ٣( . ١٨) سورة األنبياء ، آية ٤( . ٧٢١، ص ٢) المعجم الوسيط ، إبراهيم مصطفى وآخرون ، ج٥(مشــه حاشــية شــهاب ) تبيــين الحقــائق شــرح كنــز الــدقائق ، فخــر الــدين عثمــان بــن علــي الزيلعــي الحنفــي ، وبها٦(

. ١٩٩، ص٣الــدين أحمــد الشــلبي، القــاهرة ، دار الكتــاب اإلســالمية ، مطــابع الفــاروق ، الطبعــة الثانيــة ، جكذلك انظر : االختيار لتعليل المختار ، عبد اهللا بن محمود بن مـودود الموصـلي الحنفـي ، تعليـق حمـود أبـو

.٩٣، ص٤م، ج١٩٧٥ -هـ ١٣٩٥دقيقة ، بيروت ، دار المعرفة ، الطبعة الثالثة ،

٦٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

بأنه " نسبة آدمي مكلف غيره حرا عفيفا مسـلما بالغـا أو صـغيرا يطيـق المالكية وعرفه (" ، أو قطع نسب مسلم الوطء بالزنا

128F

١(. )129F٢( ." الرمي بالزنا في معرض التعيير ال الشهادة بأنه " الشافعيةويعرفه

ــة أمــا ، ولــم تكتمــل فقــد عرفــوه بأنــه "الرمــي بزنــى أو لــواط، أو شــهادة بــه عليــهالحنابل(البينة"

130F

٣(. : مناقشة التعاريف

باستعراض تعاريف الفقهاء للقذف: ي بالزنا.نجدها جميعا متفقة على أن القذف رم -١ولم تورده بقية المذاهب اعتمادا على ، ذكر المالكية " نفي النسب " في التعريف -٢

أن كل نفي للنسب يتضمن الرمي بالزنا لكن اإلشارة إليه أبلغ.، وايـــراد الشـــروط غيــــر ، ولكـــن يعيبـــه اإلطالـــة تعريـــف المالكيـــة أقـــرب للشـــمولية -٣

ــــي التعــــاريف ــــوب ذكرهــــا ف ــــه المطل ــــيس في ــــد اكتمــــال ، ول ــــى الشــــهادة عن مــــا يشــــير إل(نصابها.

131F

٤( علـى مـا تقـدم يحسـن االقتصـار فـي التعريـف علـى القـول بـأن القـذف هـو وبناء

، أو نفي النسب ، أو الشهادة بذلك ولم تكتمل البينة ". "الرمي بالزنا أو اللواطنــد يوجــب الحــد ع وهــو قــذف –فهــو يشــمل الرمــي بالزنــا واللــواط ونفــي النســب

ويشمل أيضا الشهادة به عند عدم اكتمال الشهود أربعة .، ) 132F٥( الجميع

، ٢) جــواهر اإلكليــل شــرح مختصــر خليــل، صــالح بــن عبــد الســميع اآلبــي األزهــري، بيــروت، دار المعرفــة، ج١(

.٢٨٦ص .٤١٥، ص ٧) نهاية المحتاج ، الرملي ، ج ٢( . ٣٠١٠، ص ٥) كشاف القناع عن متن اإلقناع ، البهوتي، ج ٣(، بكــر بــن عبــد اهللا أبــو زيــد ، الريــاض ، دار العاصــمة للنشــر والتوزيــع ، ) الحــدود والتعزيــرات عنــد ابــن القــيم٤(

. ١٩٩-١٩٨هـ ، ص ١٤١٥الطبعة الثانية ، . ٣٩٤، ص ١٢) المغني ، ابن قدامة ، ج ٥(

٦٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: ثالثا :حكم القـذف ـــذنوب القـــذف محـــرم (، وهـــو مـــن كبـــائر ال

133F

، وقـــد دل علـــى تحريمـــه الكتـــاب )١ والسنة واإلجماع.

إن الذين يرمون المحصنات الغافالت المؤمنـات لعنـوا فـي {يقول اهللا تعالى:

اجتنبــوا الســبع وقــال صــلى اهللا عليــه وســلم: ( ) 134F٢( }آلخــرة ولهــم عــذاب عظــيم الــدنيا وا

؟ قــال: الشـرك بــاهللا ، ، قــالوا: يـا رســول اهللا الموبقـات ، والسـحر، وقتــل الــنفس ومـا هــنوقــذف التــي حــرم اهللا إال بــالحق، وأكــل الربــا، وأكــل مــال اليتــيم، والتــولي يــوم الزحــف،

() تالمحصنات المؤمنات الغافال135F

٣(. (وقد أجمعت األمة على تحريم القذف

136F

٤(. رابعا :عقوبة القـذف:

للقذف عقوبتان: أصلية وتبعية، وهذا مستفاد من قول اهللا سبحانه وتعالى:

والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة وال تقبلوا {

تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن اهللا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إال الذين

. فقد بينت اآلية الكريمة أن الشريعة اإلسالمية رتبت على القذف )137F٥( }غفور رحيم

، وهي رد الشهادة، تبعية: والثانية ن جلدة.ثمانو وهي، أصلية : األولى : عقوبتين بصريح اآلية واستدلوا . بسلب العدالة عنه حتى يتوب إلى اهللا تعالى، والحكم بفسقه

(السابقة138F

٦(.

، لنــووي ، بيــروت ، المكتــب اإلســالمي) روضــة الطــالبين وعمــدة المفتــين ، أبــو زكريــا محييــي الــدين بــن شــرف ا١(

. ١٠٩، ص ١٠م ، ج ١٩٨٥ -هـ ١٤٠٥ة ، الطبعة الثاني .٢٣) سورة النور، اآلية ٢() راوي الحديث : أبو هريرة ، كتاب اإليمان ، باب بيان الكبـائر وأكبرهـا، ج ٨٩) صحيح مسلم ، رقم الحديث (٣(

. ٩٢، ص ١ . ٣٨٣، ص ١٢) المغني ، ابن قدامة ، ج ٤( . ٥، ٤) سورة النور، اآليتان :٥( . ١٨٨، ص ١٤، ابن قدامة ، ج ) المغني٦(

٦٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

يقول القاسمي : " وتخصيص النساء لخصوص الواقعة ، وألن قذفهن أغلب (وأشنع "

139F

١(

غ بسوط متوسط ، يؤلم فيه ، وال يبال" }فاجلدوهم ثمانين جلده {ويقول السعدي :

" القذف حد، ال اإلتالف، وفي هذا تقرير التأديببذلك، حتى تبلغه ، ألن القصد )140F

٢(.

المطلب الثاني: مقاصد الشارع من تحريم القـذف:

: : منع شيوع الفاحشة في المجتمع اإلسالمي أوال في األمة وشيوعها في يتجلى اهتمام الشريعة اإلسالمية بمنع الفاحشة

تشديدها لعقوبة القذف. ولعل من المسلم به أن إشاعة الفاحشة دعوة إلى إتيان هذا سد الشارع األبواب المفضية إليها.، وب الفاحشة نفسها

إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا {: يقول اهللا عز وجل

( }، واهللا يعلم وأنتم ال تعلمون لهم عذاب أليم في الدنيا واآلخرة141F

٣(

}إن الـــذين يحبـــون أن تشـــيع الفاحشـــة {يقـــول الســـعدي فـــي قولـــه تعـــالى :

فـــي الـــذين آمنـــوا {نيعة المســـتقبحة ، فيحبـــون أن تشـــتهر الفاحشـــة أي : األمـــور الشـــ"

أي : موجع للقلب والبدن، وذلـك لغشـه إلخوانـه المسـلمين ، ومحبـة }لهم عذاب أليم

الشــر لهــم ، وجراءتــه علــى أعراضــهم . فــإذا كــان هــذا الوعيــد، لمجــرد محبــة أن تشــيع ذلــك، مــن إظهــاره، ونقلــه الفاحشــة ، واســتحالء ذلــك بالقلــب، فكيــف بمــا هــو أعظــم مــن

كمــا صــان دمــاءهم عبــاده المــؤمنين ، وصــيانة أعراضــهم لهــذا مــن رحمــة اهللا... و ؟!!

٤٤٤٩، ص ١٢تفسير القاسمي ، ج )١( ٣٨٣، ص ٣تفسير السعدي ، ج ) ٢( .١٩) سورة النور، اآلية ٣(

٦٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

هم ألخيــه مــا يحــب لنفســه، ، وأمــرهم بمــا يقتضــي المصــافاة ، وأن يحــب أحــد وأمــوالهم . )142F١( " ما يكره لنفسهويكره له

ة وجريمـــة وبهـــذا اعتبـــرت الشـــريعة الولـــوغ فـــي أعـــراض النـــاس إشـــاعة للفاحشـــ .)143F٢( تستوجب العذاب األليم في الدنيا واآلخرة

يقــول القاضــي أبــو الســعود، فــي تفســير اآليــة المــذكورة: "المــراد بشــيوعها شــيوع (خبرها

144F

٣( . فيهـا ويقول شيخ اإلسالم ابن تيميـة: " فكـل أحـد يحـب سـماع سـورة يوسـف لمـا

، وال يختـــارون حشـــة، لمحبتـــه لـــذلك ورغبتـــه فـــي الفامـــن ذكـــر العشـــق ومـــا يتعلـــق بـــه )145F٤( ."سماع سورة النور إعراضا عن دفع هذه المحبة ، وازالتها فهو مذموم

ويقــول ســيد قطــب فــي حكمــة الشــارع مــن تحــريم القــذف " ذلــك أن اطــراد الــتهم يـــوحي إلـــى النفـــوس المتحرجـــة مـــن ارتكـــاب الفعلـــة أن جـــو الجماعـــة كلـــه ملـــوث، وان

كـان يتحـرج منهـا، وتهـون فـي حسـه بشـاعتها بكثـرة الفعلة فيها شائعة، فيقدم عليها منتردادها، وشعوره بـأن كثيـرين غيـره يأتونهـا، والجماعـة تمسـي وتصـبح وهـي تتـنفس فـي

.)146F٥("و الملوث الموحي بارتكاب الفاحشةذلك الجوالذي ينظر في هذا التدبير الحكيم بعين العقل البعيد عن الهوى، المجرد من

ن ما قضى به اإلسالم في هذا، هو القضاء الذي ينبغي أن الفلسفة المريضة، يرى أتأخذ به اإلنسانية، وتحصن به وجودها السليم، سواء أكانت تدين بدين سماوي أو

وضعي... وأسباب ذلك:

٣٨٩، ص ٣) تفسير السعدي ، ج ١(

المقـــدمات الممهـــدات لبيـــان مـــا اقتضـــته رســـوم المدونـــة مـــن األحكـــام والشـــرعيات والتحصـــيالت المحكمـــات )٢(سائلها المشكالت ، أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي ، تحقيق محمد حجي،بيروت ، دار ألمهات م

. ٢٦٠، ص ٣م ، ج ١٩٨٨-هـ ١٤٠٨الغرب اإلسالمي ،

١٠١، ص ٤تفسير أبي السعود ، ج )٣(

، ١٤٠٤لميـة ، يـروت ، دار الكتـب الع)تفسير سورة النور ، أحمد بن عبـد الحلـيم بـن عبـد السـالم بـن تيميـة ، ب٤( . ٥٥-٥٤ص

، ٦) فـــي ظـــالل القـــرآن، ســـيد قطـــب ، بيـــروت ، دار العربـــي للطباعـــة والنشـــر والتوزيـــع، الطبعـــة الرابعـــة ، ج ٥( . ٦٣ص

٦٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الساعي إلى فضح الناس في جلد القاذف المتجرئ على نهش األعراض،: أوال " لتي تتشهى الخوض في األعراض، وتدنيس ، ا أللسنة السوء الكثيرة قطع بغير بينة :

األبرياء.في رجم من ثبت عليه ما قذف به من زنى، قطع لجراثيم الشر، فال يتفشى ثانيا:

هذا الوباء في المجتمع.أن هذا المقذوف الذي قامت البينة على إتيانه الفاحشة، وهي شهادة أربعة ثالثا:

جهرة على احشة فأتاها بهذه المعالنة بالفشهود عليه ، إنما كان ذلك ألنه فضح نفسه ، حتى رأى الناس من غير حياء، فنزل بهذا إلى مرتبة الحيوان األعجم أعين الناس

دعوة إليها، وتحريض عليها، هو –فوق أنه فاحشة في نفسه –منه ما رأوا... وهذا

)147F١( ." واستخفاف بناموس المجتمع الذي يعيش فيهوعاقبت على ،يعة الحكيمة حرمت إشاعة الفاحشة ومن هنا يتبين أن الشر

ذلك، كسياسة وقائية لمكافحة الجريمة األعظم " الزنا "، فكل ما قل قوله قل فعله.

ثانيا : حفظ عرض اإلنسان وصيانة كرامته : ، استخلفه في كونه، وقضى أن يكون محفوظ اإلنسان كائن كريم على اهللا

ة، ومنحه لوازم الوفاء بمسؤولياته القيادية في األرض كلها، الكرام مصون ، العرض أحد األعمدة التي يقوم عليها هيكل المجتمع الذي تحكمه وكان حفظ عرض اإلنسان

، ولذا زاد بعض المتأخرين كابن السبكي والطوفي على الضروريات هذه الشريعةرغم أن كثيرا من . اضالخمس المرعية من قبل الشريعة نوعا سادسا وهو حفظ األعر

والواقع أن األعراض مما اتفق على تحريمها ووجوب حفظها . األصوليين لم يذكروه العرض بالقذف والسباب.ثلم اهللا ولم يبح ،

قال الزركشي : "... فإن عادة العقالء بذل نفوسهم وأموالهم دون أعراضهم، بالحفظ من غيره ، فإن وما فدى بالضروري أولى أن يكون ضروريا ... وهو أحق

) الحــدود فــي اإلســالم : حكمتهــا ، وأثرهــا فــي األفــراد والجماعــات واألمــم ، عبــد الكــريم الخطيــب ، دار العــواد ١(

. ٣٠هـ ، ص ١٤٠٠للنشر والتوزيع ،

٦٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

، وال يكاد أحد يتجاوز عن الجناية اإلنسان قد يتجاوز عمن جنى على نفسه أو ماله، ، ولهذا كان أهل الجناية يتوقعون الحرب العوان المبيدة للفرسان على العرض

، استمرت الحرب بينهم أربعين سنة ألجل ، فهؤالء أهل عبس وذبيان ألجل كلمةوذلك ألن ، ، واليها تضاف هذه الحرب ، وهما داحس والغبراء فرسا سبق فرس

(" المسبوق وهو حذيفة بن بدر اعتقد مسبوقيته عارا يقبح عرضه 148F

١(. ، وتنتهـك حرماتـه مـن غيـر جريمـة قاطعـة أو إن المجتمع الذي تثلم أعراضه"

ح ، فتصــب ، وتمــتهن فيــه صــيانة الحرمــات واقعــة مؤكــدة تخــف عنــده مــوازين األعــراضتلــك األعــراض نهبــا للنــاهبين، ومطمعــا مســتباحا للطــامعين.. األمــر الــذي ال يقــام فيــه

(" إلنسانية اإلنسان وزن وال يحسب آلدميته حساب149F

٢( .

ثالثا: حماية األفراد من اآلم الشك والقلق:أوجبت الشريعة اإلسالمية صيانة عرض اإلنسان ، وحمته من الوقوع فريسة

لقلق الناشئة عن جريمة القذف.آلالم الشك وا، أو تعرضت عفته فالمقذوف بشر إن أسيئت سمعته أو دنست كرامته

لالمتهان تجده مشغول الفؤاد شارد الذهن مشوش التفكير تساوره الظنون وتأخذ به ، وذلك كله أثر كلمة الكتها األلسن وتناقلها ، وتارة يكذب كل مأخذ، فتارة يصدق

ة سموم تنفث روائح الجريمة في أركان المجتمع.الناس لتكون بمثابلقد أنزلت تلك الكلمات المشاعة الذل والمهانة بأفراد كان ماضيهم المجد

، وهدم كيان أسر. ، وحطمت نفسيات أفراد والكرامة، وبها دمرت بيوت عامرة

) البحر المحيط في أصول الفقه ، الزركشي ، بدر الـدين محمـد بـن بهـادر بـن عبـداهللا الشـافعي ، تحقيـق عبـد ١(

الســـتار أبـــو غـــده وراجعـــه عبـــدالقادر عبـــداهللا العـــاني ، طبـــع وزارة األوقـــاف والشـــؤون اإلســـالمية بالكويـــت ، .٢١٠، ص ٥م ، ج١٩٩٢ -هـ ١٤١٣، الطبعة الثانية

. ٢٩د في اإلسالم : حكمتها ، وأثرها في األفراد والجماعات واألمم ، عبد الكريم الخطيب ، ص ) الحدو ٢(

٦٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

لذلك حرص الشارع على حماية أفراده بعقوبة الجلد الرادعة صيانة " ن أن تسلب كرامتها، وحماية ألصحابها من اآلالم العظيمة التي لألعراض م

)150F١( ." يتجرعونها مراعاة ألحاسيسهم واحتراما لمشاعرهم(: رابعا: منع مفسدة رمي األبرياء بالباطل

151F

٢( حمى الشارع اإلسالمي أفراده من أن تلقى عليهم التهم جزافا بدون أدلة

أشرب قلبه حب الشر إللصاق التهم المزيفة قاطعة، حتى ال يكون ذلك ذريعة لمن واألوصاف المكذوبة، ملوثا سمعة أبنائه، مجرحا أعراض أفراده، مفرقا جماعاته.

؛ فكان لزاما من حماية سمعتهم بعقوبة رادعة للقذفة إن رمي األبرياء ظلم ا أنفسهم ، ويصونو الذين ال يتورعون عن اتهام األبرياء ليمتنعوا عن الرمي بهتانا

ومجتمعهم من الرذيلة.وبالتالي قطعت الشريعة ألسنة السوء، وأوصدت الباب في وجه المرضى

)152F٣( الذين يلتمسون للعفيفات المطاعن ولألبرياء العيب. : القذف مفض إلى المخاصمة والمقاتلة: خامسا

، واطالق راعى الشارع في عقوبة القذف مصلحة الجماعة وأمنها وسالمتهااللسان في المحصنين والمحصنات يترتب عليه الحقد والغل وحب االنتقام، ويصبح

، فيحل التنافر المجتمع مفكك الروابط تملؤه اإلحن والعداوات، وتتأجج نار الضغينةمحل الصفاء ويتشتت الشمل ويهدم الكيان، ويفرق وحدة األمة، ويجر ذلك للثأر

ثورة غاضبة يترتب عليه قتل وسفك الدماء، والتشفي من المقذوف بارتكاب جرائم فيوهذا ما حرص عليه الشارع في تقرير هذه العقوبة وقاية لجرائم ال تحمد عقباها، ومن

آخر شفاء لما في صدور من قذفوا ورفعا لقدرهم وردا العتبارهم بين الناس. جانب

) أثر تطبيق الشريعة اإلسالمية في منع وقوع الجريمة ، صـالح ناصـر الخـزيم ، السـعودية ، دار ابـن الجـوزي ١(

يتصرف. ٨٧هـ ، ص ١٤٢٢، .١٠٠) العقوبة ، أبو زهرة ، ص ٢( بتصرف. ٨٧، الخزيم ، ص ةطبيق الشريعة اإلسالمي) أثر ت٣(

٦٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الرابع اصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الخمرمق

ويقسم هذا المبحث إلى مطلبين:

ــي اللغــة واالصــطالح الشــرعي ــب األول: تعريــف الخمــر ف ، المطل وعقوبته.، وحكمه

المطلب الثاني: مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الخمر.

٧٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وحكمـــه ،المطلـــب األول: تعريـــف الخمـــر فـــي اللغـــة واالصـــطالح الشـــرعي بته:وعقو

: الخمر في اللغة : أوال ، والمخالطـــة فـــي ســـتر. الخــاء والمـــيم والـــراء أصــل واحـــد يـــدل علـــى التغطيــة"

(، " فالخمر : الشـراب المعـروف 153F

سـتر الشـيء ، ويقـال لمـا يسـتر : وأصـل الخمـر " )١لكــن الخمــار صــار فــي التعــارف اســما لمــا تغطــي بــه المــرأة رأســها وجمعــه ،بــه خمــار

(. }وليضربن بخمرهن على جيوبهن {ل تعالى : خمر ، قا154F

٢(

" ســميت الخمــر خمــرا، ألنهــا تركــت فــاختمرت، واختمارهــا تغيــر ريحهــا. وقــال الــرازي : ــر إناءك،والمخــامرة وقيــل ســميت بــذلك لمخامرتهــا العقــل، والتخميــر التغطيــة، يقــال خم

(المخالطة ". 155F

٣ ( ر وتؤنـــث، فيقـــال: هـــو الخمـــر، وهـــي الخمـــر، " الخمـــر معروفـــة تـــذكقـــال الفيـــومي : و

ويجـوز دخـول الهـاء، فيقـال الخمـرة، علـى أنهـا قطعـة مـن الخمـر، ويجمـع الخمـر علـى (. " الخمور

156F

٤(

. ٢١٥، ص ٢) معجم مقاييس اللغة ، ابن فارس ، ج١( . ٣١سورة النور ، اآلية )٢(

محمــود خــاطر ، مراجعــة لجنــة مــن :) مختــار الصــحاح ، محمــد بــن أبــي بكــر بــن عبــد القــادر الــرازي ، ترتيــب٣( ١٨٩م ، ص ١٩٧٦القـاهرة ، الهيئـة المصـرية العامـة للكتـاب ، مركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية ،

. المصـــباح المنيـــر فـــي غريـــب الشـــرح الكبيـــر ، أحمـــد بـــن محمـــد بـــن علـــي المقـــري الفيـــومي،بيروت ، المكتبـــة ) ٤(

. ١٨٢ -١٨١، ص ١العلمية ، ج

٧١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الخمر في االصطالح الشرعي: : ثانيا -على قولين:في تعريفه اختلف العلماء

قـــذف فيـــرى الحنفيـــة أن الخمـــر مـــا اعتصـــر مـــن مـــاء العنـــب إذا اشـــتد وغلـــى و (بالزبد، بطبعه دون عمل النار.

157F

١( ويـــرى الجمهـــور أن الخمـــر " هـــو كـــل مـــا أســـكر ســـواء ســـمي خمـــرا أو لـــم يســـم خمـــرا، وسواء كان مـن عصـير العنـب أو مـن عصـير أي مـادة أخـرى كـالتمر والزبيـب والقمـح والشــعير واألرز. أي كــل مــا أســكر كثيــره وان كــان القليــل منــه ال يســكر، فكــل مســكر

(خمر. عندهم158F

٢ (

ثالثا: حكم شرب الخمر: (شــرب الخمــر حــرام، وهــو كبيــرة مــن كبــائر الــذنوب،

159F

وقــد دل علــى تحريمــه )٣ الكتاب والسنة واإلجماع.

يا أيها الذين آمنوا إنما الخمـر والميسـر واألنصـاب {قوله عز وجل: فمن الكتاب:

نمـا يريـد الشـيطان أن يوقـع واألزالم رجس من عمل الشيطان فـاجتنبوه لعلكـم تفلحـون. إبينكم العداوة والبغضـاء فـي الخمـر والميسـر ويصـدكم عـن ذكـر اهللا وعـن الصـالة فهـل

(. }أنتم منتهون 160F

٤(

يقــول القاســمي فــي تفســير هــذه اآليــة : " ألن الخمــر تضــيع العقــل ، ومــا دون المــال. فـأقيم مقامـه فـي الشــرع الكامـل. والميسـر يضـيع السـكر داع إلـى مـا يســتكمله ،

. ٨١ – ٧٩، ص ٥) فتح القدير ،ابن الهمام ج ١(

ي خليــل لســيدي عبــد البــاقي الزرقــاني علــى مختصــر اإلمــام أبــي الضــياء ) شــرح الزرقــاني علــى مختصــر ســيد٢(، ص ٨م ، ج ١٩٧٨ -هــ ١٣٩٨سيدي خليل ، وبهامشـه حاشـية سـيدي محمـد البنـاني ، بيـروت ، دار الفكـر ،

. ٤٩٦-٤٩٥، ص ١٢. المغني، ابن قدامة ، ج١٦٨، ص ١٠ضة الطالبين ، النووي ، جرو . ١١٢ . ٤٩٣،ص ١٢ج المغني ، ابن قدامة )٣( . ٩١، ٩٠سورة المائدة، اآليتان ) ٤(

٧٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ه لمـا هـو أدنـى منـه . واألزالم تضـيع العلـم للجهـل ـواألنصاب تضيع عزة اإلنسان بتذلل .)161F١( ن. وما ذكر هو شذره من مفاسدها "مبالثمن والمث

ومن السنة: أن رســول اهللا صــلي اهللا عليــه وســلم –رضــي اهللا عنهمــا –حــديث ابــن عمــر

لـه ( كـل مسـكر خمـر، وكـل قال: ( كـل مسـكر خمـر، وكـل مسـكر حـرام ) وفـي روايـةخمـــر حـــرام ) وفـــي روايـــة أيضـــا: (كـــل مســـكر خمـــر، وكـــل مســـكر حـــرام، ومـــن شـــرب

(الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب، لم يشربها في اآلخرة )162F

٢(. (فقد انعقد إجماع األئمة على تحريم شرب الخمر. ومن اإلجماع:

163F

٣ (

رابعا: عقوبة شارب الخمر:

(حنيفــة ذهــب أبــو 164F

(ومالــك )٤165F

(وأحمــد فــي روايــة عنــه )٥166F

إلــى أن عقوبــة شــرب )٦ جلدة.الخمر ثمانون

(وقال الشافعي 167F

(وأحمـد فـي روايـة أخـرى عنـه )٧168F

إن حـد شـرب الخمـر أربعـون )٨وال بأس عند الشافعي أن يضرب اإلمام المحـدود ثمـانين جلـدة إن . أربعون جلدة فقط

. ا زير ويكون ما زاد عن األربعين جلد تع، رأى ذلك

.٢١٤٣، ص ٦تفسير القاسمي ، ج )١(ل مســكر خمــر ، وأن كــل خمــر ) ، كتــاب األشــربة ، بــاب بيــان أن كــ ٢٠٠٣صــحيح مســلم ، رقــم الحــديث ( )٢(

. ١٥٨٧-١٥٨٦، ص ٣ج حرام. . ٤٩٤ – ٤٩٣، ص ١٢) المغني ، ابن قدامة ، ج ٣(مبســوط ، لمحمــد بــن أحمــد بــن ســهل السرخســي ، بيــروت ، دار المعرفــة للطباعــة والنشــر، الطبعــة الثالثــة ، ) ال٤(

. ٣٠، ص ٢٤هـ، ج١٣٩٨محمـــد أمـــين ولـــد ماديـــك :) الكـــافي فـــي فقـــه أهـــل المدينـــة المـــالكي ، يوســـف بـــن عبـــدالبر القرطبـــي ، تحقيـــق٥(

. ١٠٧٩-١٠٧٨، ص ٢م، ج١٩٧٨ هـ١٣٩٨الموريتاني، الرياض، مكتبة الرياض الحديثة ،

) المبــدع فــي شــرح المقنــع ، ألبــى إســحاق برهــان الــدين بــن محمــد بــن مفلــح ، دمشــق ، المكتــب اإلســالمي ، ٦(. الهدايــــة ، لمحفــــوظ الكلــــوذاني، المملكــــة العربيــــة الســــعودية ، مطــــابع القصــــيم ، ١٠٣، ص٩هـــــ، ج١٣٩٩ .١٠٧، ص٢هـ،ج١٣٩٠

. ١٧٢ -١٧١، ص١٠) روضة الطالبين ، النووي ، ج٧( .٣٣٧، ص ٢٨. مجموع فتاوي ابن تيمية ، ج ١٠٧، ص٢) الهداية ، الكلوذاني ، ج ٨(

٧٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

دليل : من قدر حد الخمر بثمانين جلدة : اســتدل أصــحاب هــذا الــرأي بإجمــاع الصــحابة فــي آخــر عهــد عمــر رضــي اهللا

، فقد استشار عمر رضي اهللا عنه الصحابة في حـد الخمـر فقـال عبـدالرحمن بـن عنه(: اجعله كأخف الحدود ثمانين. عوف

169F

فضـرب عمـر ثمـانين وكتـب بـه إلـى عمالـه. )١ي أن عليـا رضـي اهللا عنـه قــال فـي المشـورة: أرى أن تضــربه ثمـانين ، فإنـه إذا مــا ورو

شـــربها ســـكر ، واذا ســـكر هـــذى ، واذا هـــذى افتـــرى أو كمـــا قـــال ، فجلـــد عمـــر فـــي (الخمر ثمانين .

170F

٢ ( واســتدل مــن جعــل حــد الخمــر أربعــين جلــدة بفعــل النبــي صــلي اهللا عليــه وســلم.

وال يمكــن ادعــاء اإلجمــاع ألن عليــا رضــي اهللا عنــه وهــو ، فعــل غيــرهلوال يجــوز تركــه أحــد الــذين أشــاروا علــى عمــر بجعلــه ثمــانين قــد ضــرب الحــد أربعــين فــي عهــد عثمــان

رضي اهللا عنه، وقال: هذا أحب إلي. ، ثم اإلجماع ال يمكن أن يقع على ما خالف فعل النبـي صـلي اهللا عليـه وسـلم

(عنه أنها تعزير. فلزم حمل الزيادة من عمر رضي اهللا 171F

٣(

،ج لـك ، كتـاب الحـدود ، بـاب حـد الخمـر) ، راوي الحديث : أنس بـن ما١٧٠٦صحيح مسلم ، رقم الحديث ( )١(

.١٣٣٠، ص ٣هـــاب عبـــداللطيف ، القـــاهرة، المجلـــس موطـــأ مالـــك ، روايـــة محمـــد بـــن حســـن الشـــيباني ، تحقيـــق : عبـــد الو )٢(

) ، راوي الحـــديث: ٧١٠م ، رقــم الحــديث ( ٢٠٠١هـــ ١٤٢٢األعلــى للشــؤون اإلســالمية، الطبعــة الســابعة ، ــديلي، بــاب الحــد فــي الشــراب ، ص أنــه فــي ســنن أبــى داوود والنســائي :. وقــال المحقــق٢٢٥ثــور بــن زيــد البالثمانين. وانعقد اإلجماع من الصحابة على ذلـك. وذكـره اجتمع المهاجرون واألنصار على الجلد في الخمر

ابــن عبــد البــر ، ومــا يــروى أن الوليــد جلــد أربعــين فــي خالفــة عثمــان ، ال يمنــع مــن تمــام اإلجمــاع بعــد عهــد عثمان ، وتبعهم على ذلك التابعون .

. ٤٩٩، ص ١٢.المغني ، ابن قدامة ، ج ١١٣، ص ٨)شرح الزرقاني ، ج٣(

٧٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الخمر المطلب الثاني :تغتالــه، ألنــه منــاط التكليــف، وبــه حمــى الشــارع اإلســالمي العقــل مــن كــل آفــة

، ومــــن خاللــــه منحــــه القــــدرة علــــى فهــــم الخطــــاب ميــــز اهللا اإلنســــان علــــى بقيــــة خلقــــه وتوقي كل شر. الشرعي، وبه يعمل على االنتفاع من كل خير

الصــد و فيــه مــن وقــوع العــداوة والبغضــاء ، ن الســكرإي : " يقــول القفــال الشاشــعظـــــم حجـــــة اهللا علـــــى أالـــــذي هـــــو ، وزوال العقـــــلعـــــن ذكـــــر اهللا، وعـــــن الصـــــالة ،

(عباده"172F

١( " لشــيئين ذكرهمــا فــي كتابــه وهــي –كمــا يقــول ابــن القــيم –وقــد حــرم اهللا الخمــر

المســـلمين، والصـــد عـــن ذكــــر اهللا وعـــن الصـــالة وذلــــك إيقـــاع العـــداوة والبغضـــاء بــــين يتضــمن حصــول المفســدة الناشــئة مــن النفــوس بواســطة زوال العقــل وانتفــاء المصــلحة

(التي ال تتم إال بالعقل ". 173F

٢ ( ويفصل ما أجمله في موضع آخـر فيقـول " إن اهللا تعـالى حـرم الخمـر لمـا فيهـا

....والتحريم لكافــة المحرمــات علــى هــذه مــن المفاســد الكثيــرة المترتبــة علــى زوال العقــلاألمة هـو تحـريم حفـظ وصـيانة ال تحـريم عقوبـة. وتحـريم الخمـر صـيانة للعقـول وحفـظ

(لها مما يضر بها " 174F

٣( . وقـــد نقــــل ابــــن كمـــال باشــــا عــــن األصـــوليين قــــولهم: إن الســــكر حـــرام فــــي كــــل

قـــل، كمـــا أن شـــريعة، ألن الشـــرائع مصـــالح العبـــاد ال مفاســـدهم، وأصـــل المصـــالح الع(أصل المفاسد ذهابه، فيجب المنع من كل ما يذهبه أو يشوشه

175F

٤( .

محاســن الشــرائع ،أبــو بكــر محمــد بــن علــي بــن إســماعيل المعــروف بالقفــال الشاشــي الكبيــر ، مخطــوط كتــاب )١(

وحيـــث أن البـــاب الرابع"الجنايـــات" مـــن / أ.٧، ل ص ٦٩مـــد بـــن ســـعود اإلســـالمية، بـــرقم بجامعـــة اإلمـــام محالمخطوطـة قــد / أ .مـع اإلحاطـة بـأن ١المخطوطـة لـم يحقـق ويرقم.فقـد جـرى ترقيمهـا اعتبـارا مـن اللوحـة ل

) . ١هامش ( ١٠٣حققت حتى باب النكاح ، انظر: ص مدارج السالكين بين منـازل إيـاك نعبـد وايـاك نسـتعين ، ابـن قـيم الجوزيـة ، مصـر ، مطبعـة السـنة المحمديـة ، )٢(

. ٣٠٦، ص ٣الطبعة الثانية ، ج

. ١٥١، ص ٣إعالم الموقعين ،ابن القيم ، ج )٣(في تحـريم الخمـر ، شـمس الـدين أحمـد بـن سـليمان بـن كمـال باشـا ، الريـاض ، مخطـوط بجامعـة تعليم األمر )٤(

أ ) . ١١ –ب ٣/م ، ق ٤٨٦١الملك سعود ، برقم (

٧٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ويقــول اإلمــام الــدهلوي: " بــين اهللا تعــالى أن فــي الخمــر مفســدتين: مفســدة فــي فيمـا يرجـع إلـى تهـذيب نفسـه يالحق القـوم ويعـدو علـيهم، ومفسـدة ، فإن شاربها الناس

(ل عقله الذي به قوام اإلحسان".، فإن شاربها يغوص في حالة بهيمية، ويزو 176F

١( واإلنسان يبحث عن قيمته من خالل الجماعات التـي ينتمـي إليهـا، فتشـبع لديـه

فــي إنفــاق معياريــة عامــة يشــاركه اآلخــرون فــي تحقيقهــا، ومتعــة حاجتــه إلــى وجــود قــيم ، مقارنـا مـا يـراه ، ويحدد من خاللها تصوره عن ذاته الوقت في تواصل إنساني حميم

لنفسه بما يراه له اآلخرون. وحـــين يصـــاب التواصـــل اإلنســـاني بثغـــرة، يجـــد المـــرء نفســـه فـــي وحـــدة قاحلـــة، واغتــراب نفســي ممــض، يهــون عليــه إزاءه الســير فــي أي ســبيل طالمــا كــان منتهــاه أن

يخرجه من تلك األزمة. وأمام ألم الواقع يطلب المرء لنفسه العزاء في أحالم الخيال.

خطوات المرء في طريق اإلدمان؛ إذ يلتمس في تغييـب وعيـه أن ومن هنا تبدأ ....يجد اللذة التي افتقـدها فـي واقعـه، غيـر أنـه ال يجـد إال سـراب لـذة يغريـه بالمعـاودة

، فيزيـــد مـــن جرعـــة المخـــدر طلبـــا للـــذة أكبـــر .... ، ليجـــد قـــدر اللـــذة يتضـــاءل فيعـــاودوتنتهـي بإلغـاء الواقـع ، اطي هربـا مـن الواقـع تبدأ بالتع مفرغة ، في دائرة وهكذا دواليك

والعيش في سراب اللذة. علـى كاهلـه والمدمن هنا ال يركز إال على لذته المتوهمة فحسب مغفـال مـا يقـع

الـدنيا واآلخـرة) ، في العمـل لدينـه ودنيـاه، وتحقيـق المكانـة فـيمن واجبات نحو نفسه (ـــهونحـــو أســـرته ( ـــه بني ـــة زوجـــه وتوجي ويرا لـــه ومســـاهمة فـــي تطـــمجتمعـــه () و فـــي رعاي

، وينسـحب مـن مجتمعـه إلـى .. وال يزال ينصرف عـن واجباتـه إلـى لذتـه. )االرتقاء بهحتـــى يغلـــق علـــى نفســـه بـــاب التواصـــل اإلنســـاني إال مـــع مـــن يشـــابهه ، داخـــل نفســـه

ويعيش سرابه.

-هـــــ١٤٢٠عثمــــان جمعـــه ضــــميريه، :حجـــة اهللا البالغــــة ، شــــاه ولـــي اهللا ابــــن عبــــدالرحيم الـــدهلوي ، تحقيــــق )١(

. ١٠٧٤، ص ٢والتوزيع ، جر للنشر ، الرياض ، مكتبة الكوثم١٩٩١

٧٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

فــي خــالل ذلــك تســقط وظيفتــه الزوجيــة، فــال تــرى زوجتــه نفســها مــع رجــل قــادر النفقة عليها، والعناية بها، واشباع رغبتها، وتربية بنيها. على

وينظـــر بنـــوه فـــإذا هـــم أمـــام أب منســـحب عـــن عـــالم الواجـــب والمســـئولية، مقبـــل ، وال هدف أمامـه يسـير إليـه إال زيـادة جرعـة ، ال معيار لديه يزن به أموره على لذاته من يزيده تغييبا عن الحياة. ، وال همة له إلى فعل شيء إال االجتماع ب ما يتعاطاهيكــف المــدمن عــن أن يكــون وحــدة إنتاجيــة فــي مجتمعــه، عبــر مســيرته تلــك .. و

، وتفسد وال تصلح. ، وتستهلك وال تنتج ويتحول إلى عالة تطلب وال تعطيوتتحــول تجمعــات اإلدمــان إلــى أوكــار لكــل أســباب الفســاد األخــرى، فقلمــا رأينــا

مانـه الزنـا ( ألن تغييـب عقلـه أفقـده معيـار الخلـق ) والسـرقة مدمنا إال وقد جمع إلـى إد( ألنــه يطلــب مــن المــال مــا ال يملــك، فــال يجــد لــه وســيلة إال االعتــداء علــى مــا يملكــه

، وربما أفضى به غضبه في حال سكره إلى القتل. )ة نفسهم اآلخرون ليشبع نه ممارســة شــتى أنــواع فــالخمر إذن قاعــدة لكافــة المســاوئ، وشــاربها طينــة قابلــة ل

وسـار وراء سـراب رغبتـه. ، وكيف يحجـز نفسـه عـن الفاحشـة مـن غيـب عقلـه . اإلثمولهــذا نــرى صــحابة النبــي صــلى اهللا عليــه وســلم قــد أذعنــوا آليــة التحــريم حــين نزلــت "

، لمـا علمـوا مـن آفتهـا، وأدركـوا فأراقوا ما عندهم من خمور في طرقات وسكك المدينة )177F١(." من مغبة أمرها

" ومن هذه اآلفات والمضار التي تالزم شرب الخمر وتصيب شاربها:أن شــاربها ال تقبــل صــالته أربعــين يومــا، قــال عبــد اهللا بــن عمــرو بــن العــاص: -١

ســـمعت رســـول اهللا صـــلي اهللا عليـــه وســـلم يقـــول: " ال يشـــرب الخمـــر رجـــل مـــن (أمتي فيقبل اهللا منه صالة أربعين يوما ".

178F

٢ (

، م١٩٨٥العربـي ، الطبعـة الثانيـة ، تفسير المراغي ، أحمـد مصـطفى المراغـي ، مصـر ، دار إحيـاء التـراث )١(

. ١٤١ – ١٤٠ص ٢ج

) ، راوي الحــديث : عبــد اهللا بــن عمــرو بــن العــاص ، كتــاب األشــربة ، ٥٦٦٤ســنن النســائي ، رقــم الحــديث ( )٢(األرنـاؤوط: " = . وقال عبد القادر ٣١٤،ص ٨ة على صلوات شارب الخمر ، جباب ذكر الرواية المبني

، أبـو السـعادات بـن األثيـر الجـزري الحديث حسن" . راجـع جـامع األصـول فـي أحاديـث الرسـول ، مجـد الـدين، ) ٣١٢٩تحقيــق : عبــد القــادر األرنــاؤوط ، بيــروت ، مكتبــات : الحلــواني، المــالح ، البيــان ، رقــم الحــديث (

.١٠٢، ص٥فصل في تحريم كل مسكر وذم شاربه، ج

٧٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

، ويـــرى عامـــة العلمـــاء " عـــدم صـــحة صـــالة شـــاربه عـــن الصـــالة أنـــه يصـــرف -٢ . )179F١( السكران إذا أداها في حالة سكره"

يرجع ذهاب األخالق لدى متعاطي الخمر وسائر المسكرات إلى ما أثبته العلـم -٣وأيدتـــــه المشـــــاهدة أن إدمـــــان الخمـــــر يـــــؤدي حتمـــــا إلـــــى إضـــــعاف قـــــوة اإلرادة.

هوات والنــزوات واألهــواء ويســلمه ذلــك فتضــعف لــدى الســكران قــوة مقاومــة الشــ(إلى االستسالم لضروب الفتنة والغواية.

180F

٢( . الجسم، ومن أهم هذه المضار: اللخمر مضار بالغة على فسيولوجي -٤

كان السائد في الماضي أن للخمر فوائد في توسيع شرايين وأوعيـة القلـب، ولكـن - أثبـــيط خمـــائري، وتحـــدث ثبـــت حـــديثا أن الخمـــر تـــنكس أليـــاف العضـــلة القلبيـــة بت

الجلطة القلبية بشكل مباشر وغير مباشر. كــان الســائد فــي الســابق أن الخمــر تــدفئ الجســم، ولكــن ثبــت حــديثا أنهــا توســع - ب

األوعيــة المحيطــة، أمــا شــعور اإلنســان بــالحرارة الخارجيــة بعــد شــربها فهــو علــى حساب امتصاص الحرارة المركزية، وقد ينشأ عن ذلك الموت المفاجئ.

قــالوا ســابقا إن الخمــر تزيــد الشــهية لألكـــل، ولكــن أثبــت الطــب اليــوم أن الخمـــر - جتزيــد اإلفــراز المخــاطي بالمعــدة وتنبــه أعضــاء الــذوق االنتهائيــة ممــا يثــبط إفــراز

الحمض الضروري للهضم والتهابا حادا بالمعدة.

أثبــــت الطــــب الحــــديث أن الخمــــر تحــــدث إمــــا نقصــــا فــــي ســــكر الــــدم أو الــــدواء - دلسكري وذلك بإصابة أماكن تولد الجاليكوجين. وقـد يحـدث الحمـاض الالكتـائي ا

حيث يتأكسد الكحول اإلثيلي، وبتحوالت كيميائية يحدث الحماض.

محمد نجيـب المطيعـي ، الريـاض :المجموع شرح المهذب ، أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي ، تحقيق )١(

. ٨، ص ٣م ، ج٢٠٠٣ -هـ ١٤٢٣، دار عالم الكتب ،

ـــان )٢( ـــي طـــه ري ، مصـــر ، دار االعتصـــام ، المســـكرات : آثارهـــا وعالجهـــا فـــي الشـــريعة اإلســـالمية، أحمـــد عل . ١٠٨ –. ١٠٧م ، ص ١٩٨٤

٧٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

يقــول الــرأي الحــديث: إن الكحــول مثــبط للجملــة العصــبية ولــيس منشــطا... ويــؤثر -هـــالكـــــالم عكســـــيا علـــــى كـــــل أشـــــكال األداء الحركـــــي ووضـــــعية الوقـــــوف وضـــــبط

وحركــات العــين، كمــا يقلــل الكحــول مــن كفــاءات األعمــال العقليــة، ويــنقص قــوة االنتباه والتركيز، ويقلل من ملكات المحاكمة والتمييز، ويفقد القدرة علـى التفكيـر

والتعقل بوضوح. ر من األمراض أهمها: تليف الكبد،التهاب البنكرياس، فقر ينتج عن الخمر كثي -و

الكحولي، الذبحة الصدرية، السبات وفقد الوعي الكامل، مرض القلب الدم،(الخبل العقلي والشلل التشنجي"

181F

١( . للخمــر أضــرار اقتصــادية بالغــة، يقــول الشــيخ المراغــي " إن الخمــر تفنــي الثــروة -٥

وتستهلك المال، وال سيما فـي هـذا العصـر الـذي كثـرت فيـه أصـناف الخمـور وغـال ار فـي تـرويج بضـائعهم مـن هـذه السـموم بوسـائل شـتى ثمن الكثير منها وتفنن التج

(حتى أنهم يجمعون بينها وبين القيادة إلى الزنا ". 182F

٢( ومن أهم اآلثار االقتصادية لشرب الخمر:

األموال الطائلة التي تنفق ويضيعها األفراد في شراء أنواع المسكرات. "-أيديهم بصرفه وانفاقه في شراء ضياع أسر هؤالء األفراد بعد أن ينفد المال من أ -ب

الخمور. الجهــود المفقـــودة بســـبب ضــعف قـــدرة المتعـــاطين للخمــور وســـائر المســـكرات عـــن -ج

العمل واإلنتاج وصيرورتهم وعائالتهم عالة على اقتصاد البلد. األمـــــوال التـــــي تنفـــــق علـــــى اإلدارات المتخصصـــــة ســـــواء كانـــــت أقســـــاما خاصـــــة - د

والتحقيقــــات والقضــــاء فيمــــا يخــــص مكافحــــة الحشــــيش بالمكافحــــة أو إدارات الشــــرطةوسائر المخدرات والمسـكرات، حيـث تـذهب تلـك النفقـات مـن االقتصـاد الـوطني للدولـة

)183F٣( "وتضعف من مقوماتها االقتصادية.

) فقه العقوبة الحدية في التشريع الجنائي اإلسالمي، محمد عطيـة الفيتـوري ، بنغـازي، ليبيـا، منشـورات جامعـة ١(

. ٤٥٨م ، المجلد الثاني، ص١٩٩٨قاريونس ، . ١٤١، ص ٢تفسير المراغي ،ج )٢( . ١١١ - ١١٠ المسكرات ، أحمد علي ريان ، ص )٣(

٧٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الفصل الثاني مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ويقسم هذا الفصل إلى أربعة مباحث كالتالي: األول: مقاصد الشريعة .المبحث

ة الجلد في الشريعة اإلسالمية.بالمبحث الثاني: عقو المبحث الثالث: مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد. المبحث الرابع: ضمانات المجلود في مرحلة التنفيذ العقابي.

٨٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث األول ة ـــاإلسالمي د الشريعـةــمقاصـ

الثة مطالب:ويتضمن هذا المبحث ث

المطلب األول: تعريف المقاصد لغة واصطالحا. . المطلب الثاني: مراتب المقاصد مدى االرتباط بين هذه المقاصد . المطلب الثالث:

٨١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المطلب األول: تعريف المقاصد لغة واصطالحا: أوال: المقاصد لغة:

قصــــد "، يقصـــد مقصـــدا، والمقصــــد: "المقاصـــد أصـــلها مــــن الفعـــل الثالثـــي (مصــدر ميمــي، واســم المكــان منــه: مقصــد. وهــو يجمــع علــى مقاصــد

184F

وتطلــق فـــي )١كالم العرب علـى االعتـزام والتوجـه والنهـود والنهـوض نحـو الشـيء، والقصـد: االعتمـاد واألم. قصده يقصده قصدا......وقصدت قصده: نحوت نحوه.... ومن معـاني القصـد

اللغـة: اسـتقامة الطريـق، والعـدل، والوسـط بـين الطـرفين، والعـرب تقـول: بيننـا وبـين في المـاء ليلــة قاصـدة أي هينــة الســير. والكسـر، تقــول: قصــدت العـود أي كســرته، وتطلــق

)185F٢(. أيضا على االكتناز في الشيء ثانيا: تعريف المقاصد اصطالحا:

جامعــا مانعــا للمقاصـد. وســبب ذلــك لـم يــورد علماؤنــا القـدامى فــي كتــبهم تعريفـا أن صــدر هـــذه األمــة لـــم يكونــوا يتكلفـــون ذكــر الحـــدود وال اإلطالــة فيهـــا، ألن المعـــاني كانـت واضــحة عنــدهم، متمثلـة فــي أذهــانهم، ســائلة علـى ألســنتهم وأقالمهــم دون كــد أو

(مشقة. 186F

٣( ألحكـام، ومـن غير أنهم ساقوا جوهر تعريف المقاصـد فـي ثنايـا عرضـهم لحكـم

ذلك، قـول اإلمـام الغزالـي " أمـا المصـلحة فهـي عبـارة فـي األصـل عـن جلـب منفعـة أو دفـع مضــرة..... فـإن جلــب المنفعـة ودفــع المضـرة مقاصــد الخلـق، وصــالح الخلـق فــي تحصــيل مقاصــدهم، لكنــا نعنــي بالمصــلحة: المحافظــة علــى مقصــود الشــرع، ومقصــود

. ٥٠٤، ص ٢المصباح المنير ، الفيومي ، ج (١)

ـــــن منظـــــور ، ج ٢( ـــــادي ، ج ٣٥٦_ ٣٥٣، ص ٣) لســـــان العـــــرب، اب ـــــروز آب ، ١. القـــــاموس المحـــــيط ، الفي . ٤٥٤ص

) مقاصـــد الشـــريعة عنـــد ابـــن تيميـــة ، يوســـف أحمـــد محمـــد البـــدوي ، األردن ، دار النفـــائس للنشـــر والتوزيـــع ، ٣(. وانظر نحـو ذلـك : مقاصـد الشـريعة عنـد اإلمـام العـز بـن عبـد السـالم،عمر بـن صـالح ٤٥هـ ، ص١٤٢

. ٨٨-٨٧هـ ، ص ١٤٢٣بن عمر،األردن ، دار النفائس للنشر والتوزيع ،

٨٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

علـيهم ديـنهم ونفسـهم وعقلهـم ونسـلهم ومــالهم الشـرع مـن الخلـق خمسـة: وهـو أن يحفــظ ")187F١( .

وقــال اآلمــدي: المقصــود مــن شــرع الحكــم إمــا جلــب مصــلحة أو دفــع مضــرة أو (مجموع األمرين "

188F

٢( والتعبير عن المقاصد بالمعاني أمـر شـائع عنـد كثيـر مـن األصـوليين كـابن قـيم

لـــم يـــراع المقاصـــد الجوزيـــة فـــي قولـــه " ومـــا مثـــل مـــن وقـــف علـــى الظـــواهر واأللفـــاظ و (والمعاني "

189F

٣( . ومــن المعــروف أن الشــاطبي أكثــر مــن الحــديث عــن مقاصــد الشــريعة، وأدار على ذلك كتابه " الموافقات "، ورغم ذلك لم يعن بتقديم تعريف اصطالحي لهـا، ولعـل ذلــك راجــع إلــى أنــه يــرى أن االســتعمال اللغــوي مغــن عــن التعريــف االصــطالحي، وهــا

اليف الشــريعة ترجــع إلــى حفــظ مقاصــدها فــي الخلــق، وهــذه المقاصــد ال هــو يقــول " تكــتعــدو ثالثــة أقســام، أحــدها أن تكــون ضــرورية، والثانيــة أن تكــون حاجيــة، والثالثـــة أن

(تكون تحسينية 190F

٤( . (مة المصالح األخروية والدنيوية "وقال: " إن الشارع قصد بالتشريع إقا

191F

٥( .

األعمــال المعــاني بمعنــى المقاصــد، كقولــه: "وقــد أكثــر الشــاطبي مــن اســتعمال نيهـــا، وهـــي الشـــرعية ليســـت مقصـــودة ألنفســـها، وانمـــا قصـــد بهـــا أمـــور أخـــرى هـــي معا

(ألجلها" المصالح التي شرعت 192F

٦(

، : حمـزة بـن زهيـر حـافظ ، جـدة) المستصفى من علم األصـول ، أبـو حامـد محمـد بـن محمـد الغزالـي ، تحقيـق ١( . ٤٨٢ – ٤٨١، ص ٢ة للطباعة والنشر ، ج شركة المدينة المنور

: ) اإلحكــام فــي أصــول األحكــام ، ســيف الــدين أبــو الحســن علــي بــن أبــي علــي بــن محمــد اآلمــدي ، بتعليــق ٢(، هـ ، الرياض ، مؤسسة النـور١٣٨٧، عبد اهللا بن غديان ، علي الصالحي :الرزاق عفيفي ، وتحقيقعبد . ٢٧١، ص ٣ج

.١٢٧، ص ٣ابن القيم ، ج ) إعالم الموقعين ، ٣() الموافقــات ، أبــو إســحاق إبــراهيم بــن موســى اللخمــي الغرنــاطي الشــاطبي ، تحقيــق : أبــي عبيــدة مشــهور بــن ٤(

.١٧، ص ٢ج ،م١٩٩٧ -هـ ١٤١٧دار ابن عفان ،،العربية السعودية ،المملكة حسن آل سلمان . ٦٢، ص ٢) المرجع السابق ،ج ٥( .١٢١-١٢٠، ص ٣ ) المرجع السابق ، ج ٦(

٨٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

(ويقول ابن تيمية: " الحكمة هي الغايات والمقاصد في أفعاله سبحانه "193F

١( . لتـــي هـــي عللهـــا التـــي هـــي ويقــول " فـــإن قيـــل: المقاصـــد فـــي األقـــوال واألفعـــال ا

غاياتها ونهاياتها.. وهذه العلل التي هي الغايات هي متقدمة في العلـم والقصـد،متأخرة (فـــي الوجـــود والحصـــول "

194F

ـــه الشـــريعة مـــن المصـــالح ، )٢ " ومـــن أنكـــر مـــا اشـــتملت عليفهــو مخطــئ ضــال يعلــم ….. والمحاســن والمقاصــد التــي للعبــاد فــي المعــاش والمعــاد

رة ". وفــي موضــع آخــر يقــول " إن أمــره وتشــريعه ســبحانه مقصــوده فســاد قولــه بالضــرو (بيان ما ينفع العباد إذا فعلوه وما يضرهم ".

195F

٣( (وقال البناني " المقصود هو الحكمة "

196F

٤( . وقد سعى المعاصرون إلى تعريف مقاصـد الشـريعة، وتحديـد مالمحهـا، فجـاءوا

بتعريفات عدة، نسوق أهمها. بأنهـا المعـاني والحكـم الملحوظـة للشـارع فـي جميـع ر: " فقد عرفهـا ابـن عاشـو

أحــوال التشــريع أو معظمهــا بحيــث ال تخــتص مالحظتهــا بــالكون فــي نــوع خــاص مــن أحكــام الشــريعة، فيــدخل فــي هــذا أوصــاف الشــريعة وغاياتهــا العامــة، والمعــاني التــي ال

حوظــة فــي يخلــو التشــريع عــن مالحظتهــا، ويــدخل فــي هــذا معــان مــن الحكــم ليســت مل(سائر أنواع األحكام، ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها ".

197F

٥ (

) شــرح العقيــدة األصــفهانية ، أبــو العبــاس تقــي الــدين أحمــد بــن عبــد الحلــيم بــن عبــد الســالم ابــن تيميــة ، دار ١(

. ١٦١الكتب اإلسالمية ، ص

) بيان الدليل على بطالن التحقيق ، أبو العباس تقي الدين أحمـد بـن عبـد الحلـيم بـن عبـد السـالم ابـن تيميـة ، ٢( ٢٣٩-٢٣٨م ص ١٩٩٦ان المطيري ، السعودية ، مطبعة أضواء النهار ، الطبعة الثانية ، تحقيق : فيح

. ) منهاج السنة النبوية ، أبو العباس تقي الدين أحمد بـن عبـد الحلـيم بـن عبـد السـالم ابـن تيميـة ، تحقيـق محمـد ٣(

٣م ، ج ١٩٨٦ -هـــ ١٤٠٦رشــاد ســالم ، الريــاض ، مطــابع جامعــة اإلمــام محمــد بــن ســعود اإلســالمية ، . ٣٦،ص

) حاشية البناني على شرح المحلى علـى جمـع الجوامـع ، محمـد البنـاني ، مصـر ، دار إحيـاء الكتـب العربيـة ، ٤( .٢٧٦، ص ٢ج

. ٥١ص ) مقاصد الشريعة اإلسالمية ، محمد بن الطاهر بن عاشور ، ٥(

٨٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

أن: " المــراد بمقاصــد الشــريعة الغايــة منهــا واألســرار عــالل الفاســي بينمــا يــرى (التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها ".

198F

١( بأنهــــا " الغايــــات التــــي وضــــعت الشــــريعة ألجــــل تحقيقهــــاالريســــوني وعرفهــــا (لمصلحة العباد".

199F

٢( : " األهـــداف التـــي قصـــدها الشـــارع فـــي جميـــع بأنهـــا إبـــراهيم ســـلقيني وعرفهـــا

(أحكامه أو معظمها " . 200F

٣( بأنهـا: "هـي المصـالح التـي تعـود علـى العبـاد فـي دنيـاهم يوسف العـالم وعرفهـا

وأخـــــراهم، ســـــواء أكــــــان تحصـــــيلها عــــــن طريـــــق جلــــــب المنـــــافع أو عــــــن طريـــــق دفــــــع (المضار".

201F

٤(

بأنهـــا: " الغايـــات التـــي ترمـــي إليهـــا كـــل األحكـــام عمـــر صـــالح عمـــر وعرفهـــا الشــرعية أو معظمهــا، وال تخــتص بحكــم دون حكــم، وتــدعو لتحقيقهــا والمحافظــة عليهــا

(في كل زمان ومكان ".202F

٥ ( بأنهـــا الحكـــم المقصـــودة للشـــارع فـــي جميـــع أحـــوال حمـــاد العبيـــدي : " وعرفهـــا

(التشريع".203F

٦( ــوعرفهــا ــور ال اني الملحوظــة فــي األحكــام بأنهــا جملــة المعــدين الخــادمي : " ن

، والمترتبة عليها ، سواء أكانـت تلـك المعـاني حكمـا جزئيـة أم مصـالح كليـة أم الشرعية

دار الغــرب اإلســالمي ،الطبعــة الخامســة ، مقاصــد الشــريعة اإلســالمية ومكارمهــا ،عــالل الفاســي، بيــروت ، )١(

. ٧م ، ص ١٩٩٣

نظريــة المقاصــد عنــد اإلمــام الشــاطبي ، أحمــد الريســوني ، الريــاض ، الــدار العالميــة للكتــاب اإلســـالمي، ) ٢( . ٧هـ ، ص١٤١٢الطبعة الثانية ،

، ٣المية والعربية،عــــــدد مجلــــــة كليــــــة الدراســــــات اإلســــــ،) مقاصــــــد الشــــــريعة العامــــــة،إبراهيم ســــــلقينى ، دبــــــي ٣( . ٨هـ، ص ١٤١١سنة

، يـة) المقاصد العامة للشريعة اإلسالمية ، يوسف حامد العالم ، الدار العالمية للفكـر اإلسـالمي ، الطبعـة الثان (٤ . ٧٩هـ ، ص ١٤١٥

. ٧٩ص عمر بن صالح عمر،مقاصد الشريعة عند اإلمام العز بن عبد السالم ، )٥( .١١٩هـ. ص ١٤١٢الشاطبي ومقاصد الشريعة ، حماد العبيدي ، بيروت ، دار قتيبة للطباعة والنشر ، ) (٦

٨٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ســمات إجماليــة ، وهــي تتجمــع ضــمن هــدف واحــد ، هــو تقريــر عبوديــة اهللا عــز وجــل (،وجلب مصلحة اإلنسان في الدارين "

204F

١( . ـــدوي : " يوســـف الوعرفهـــا بأنهـــا الحكـــم التـــي أرادهـــا اهللا تعـــالى مـــن أوامـــره ونواهيـــه ب

(لتحقيق العبودية له، وصالح العباد في المعاش والمعاد " 205F

٢( . وبالنظر إلى ما سبق من تعريفات نرى ما يلي:

ما ساقه علماؤنـا القـدامى عـن المقاصـد، هـو جـوهر تعريفهـا، ومـا ذكـره المحـدثون -١إنمـــا هـــو مـــأخوذ بتمامـــه مـــن ســـياق كـــالم األولـــين، مـــع مـــن تعريفـــات اصـــطالحيةومــن العجيــب أن غالــب كتابــات المحــدثين تؤكــد علــى .شــيء مــن إعــادة الصــياغة

أن علماءنــا القــدامى لــم يــوردوا تعريفــا للمقاصــد، ثــم يــوردون هــم تعــاريفهم فــال تزيــد علـــى مـــا ذكـــره القـــدماء. وقـــد علـــل الريســـوني عـــدم ذكـــر الشـــاطبي لتعريـــف واضـــح للمقاصد أنه اعتبر األمر بينا، وأيضا لكون كتابه للعلماء، بل للراسـخين فـي علـوم

(الشريعة، كما نبه على ذلك في مقدمته 206F

٣( . التعــاريف الحديثــة كلهـــا مجمعــة علــى أن المقاصـــد هــي " الغايــات "، وان ســـماها -٢

فــا عــن جريــا علــى عــادة األصــوليين كمــا ذكرنــا آن -ابــن عاشــور المعــاني والحكــم الشــاطبي، وأشــار إليهــا الفاســي بأنهــا " األســرار "، ولــيس المقصــود هنــا أنهــا أســرار ال تعلـــم، وانمـــا نظـــر إلـــى أن بعـــض غايـــات الشـــريعة ال تـــدرك إال بإعمـــال الفكـــر،

فكأنها من خفائها على من ال يعلمها: أسرار. ت " واستخدم سلقيني في تعريفه كلمة " األهداف، قاصدا بها: " الغايا

ـــة التـــي تشـــمل غالـــب األحكـــام -٣ نظـــر ابـــن عاشـــور فـــي تعريفـــه إلـــى الغايـــات الكليالشرعية دون نظـر إلـى مفرداتهـا. بينمـا أشـار الفاسـي إلـى تحقـق المقاصـد فـي كـل حكــم مــن األحكــام، ولــيس بينهمــا خــالف علــى حقيقــة الشــيء، وانمــا الخــالف علــى

ى التفصيل. طريقة عرضهما من تركيز على اإلجمال، أو نظر إل

،عـدد ختار الخادمي ، قطر ، كتاب األمة) االجتهاد المقاصدي : حجيته ، ضوابطه ، مجاالته ، نور الدين م (١

. ٥٣-٥٢،ص ١م ، ج ١٩٨٨، ٦٦ . ٥٦٩يمية ، البدوي ، ص ) مقاصد الشريعة اإلسالمية عند ابن ت (٢ . ٥) نظرية المقاصد عند الشاطبي ، الريسوني ، ص (٣

٨٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

زاد الريســـوني " تحقيـــق مصـــلحة العبـــاد " إلـــى التعريـــف، وهـــي زيـــادة موفقـــة، وان -٤كانــت متضــمنة فــي التعريفــات األخــرى، إذ مــن المســلم بــه أن أحكــام الشــريعة إنمــا جـاءت موافقــة لمصــلحة العبــاد فــي العاجــل واآلجـل، وفصــل العــالم فــي تعريفــه هــذه

نافع أو دفع المضار، وهي جملة متداولة عنـد المصالح حين قسمها إلى: جلب الم األصوليين القدماء.

في تعريف الخـادمي تطويـل وتكـرار، وكـان األولـى: إحكـام الصـياغة، وذكـر الحـد -٥الجــامع المــانع مــن غيــر اســتطراد، وقــد أورد فــي تعريفــه أن هــدف المقاصــد "تقريــر

بدوي وأوردها فـي تعريفـه، العبودية ومصالح العباد " وهي الجملة التي استحسنها الوان كانــت متضــمنة فــي كــل التعريفــات الســابقة، إذ أن مصــلحة العبــاد الحقيقيــة ال

تتم إال بالعبودية الخالصة هللا تعالى. وســـلقيني وعمـــر فهـــي مـــأخوذة ممـــن ســـلف مـــع شـــيء مـــن أمـــا تعريفـــات العبيـــدي -٦

إعادة الصياغة اللفظية.

صد الشريعة هي: ومما تقدم أخلص إلى القول بأن مقاغايات الشارع مـن األحكـام الشـرعية، تحقيقـا للعبوديـة، وتقريـرا لمصـالح العبـاد فـي

المعاش والمعاد.

المطلب الثاني: مراتب المقاصد:

لقد اصطلح العلماء على تقسيم المقاصد إلى ثالث مراتب، هي: الضروريات ذا التقســـيم أن الشـــارع ثـــم الحاجيـــات ثـــم التحســـينيات، وســـبب حصـــر المقاصـــد فـــي هـــ

الحكيم إنما أراد من وضـع الشـرائع مصـالح العبـاد فـي العاجـل واآلجـل معـا. ومصـلحة الخلــق فيمــا كلفهــم بــه الشــارع مــن أحكــام شــرعية، ترجــع فــي الواقــع إلــى حفــظ مقاصــد

الشريعة في الخلق.فإن كانت مصلحة الخلق فيما شرع من أحكام، قد بلغت حـد الضـرورة، التـي "

بــد مــن وجودهــا الســتقامة المصــالح الدنيويــة، وقيــام مصــالح الــدين، كوجــوب الجهــاد ال الضروري. حفظا للدين، وشرعية القصاص حفظا للنفس، فهو:

٨٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وان كـــان الباعـــث لـــم يصـــل إلـــى حـــد الضـــرورة، لكنـــه محتـــاج إليـــه مـــن حيـــث ة التوســـعة علـــى العبـــاد، ورفـــع الضـــيق عـــن المكلـــف، المـــؤدي فـــي الغالـــب إلـــى المشـــق

الحاجي. والحرج، وال يبلغ حد الفساد في مصالح العامة فهو: أمـــا إذا لـــم تكـــن هنـــاك ضـــرورة داعيـــة إلـــى مشـــروعيتها، أو لـــم يكـــن المكلـــف محتاجا إليها من حيـث التوسـعة والضـيق، وانمـا الـداعي إليهـا هـو األخـذ بمـا يليـق مـن

(. " التحسينيمحاسن العادات فهو في 207F

١( المقاصد بشيء من التفصيل. وسوف نتناول هذه

المرتبة األولى: الضروريات:، والضـروري: كـل مـا تمـس إليـه الضـرورة هـي الحاجـة والشـدة" الضروري في اللغـة:

(. " الحاجة، وكل ما ليس منه بد، وهو خالف الكمالي208F

٢( ـــي االصـــطالح،أمـــا فالضـــروريات هـــي التـــي " ال بـــد منهـــا فـــي قيـــام مصـــالح الـــدين ف

بحيــث إذا فقـدت لــم تجـر مصــالح الـدنيا علــى اسـتقامة، بــل علـى فســاد وتهــارج والـدنيا،(وفوت حياة، وفي األخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين ".

209F

٣( حفـــظ الـــدين والـــنفس " وقـــد اصـــطلحوا علـــى تســـميتها بالكليـــات الخمـــس، وهـــي:

(. " والعقــل والنســل والمــال210F

يــا {ليهــا فــي قولــه تعــالى: وهــذه الضــروريات مشــار إ) ٤

أيهــا النبــي إذا جــاءك المؤمنــات. يبايعنــك علــى أن ال يشــركن بــاهللا شــيئا وال يســرقن وال

، وال )211F٥(}يـــزنين وال يقـــتلن أوالدهـــن وال يـــأتين ببهتـــان يفترينـــه بـــين أيـــديهن وأرجلهـــن..

يمكن أن توجد حياة إنسانية لها معني إال بالمحافظة على بقاء هذه الكليات. وتعــد هــذه المقاصــد الضــرورية الخمســة مــن أصــول الــدين، وتــأتي مرتبتهــا بعــد

أصول العقيدة، ولذلك جاء بها الرسل جميعا ولم يختلفوا في شيء منها.

. ٢٢-١٧، ص ٢)الموافقات ، الشاطبي ، ج ١(

. ٥٣٨، ص ١) المعجم الوسيط ، إبراهيم مصطفى وآخرون ، ج٢(

. ١٨-١٧، ص ٢) الموافقات ، الشاطبي ، ج٣(

محمـد سـعيد رمضـان البـوطي ، بيـروت ،مؤسسـة الرسـالة ، نشــر ضـوابط المصـلحة فـي الشـريعة اإلسـالمية ، )٤( . ١١٩الشركة المتحدة للتوزيع ، ص

. ١٢سورة الممتحنة، اآلية )٥(

٨٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ويحدد الشاطبي منزلتها فيذكر بأنها " أصـول الـدين، وقواعـد الشـريعة، وكليـات (. " الملة

212F

١( وحفظ هذه األمور المهمة يتحقق بأمرين:"

، وذلــك عبــارة عــن مراعــاة المقاصــد وهــو مــا يوجــد بوجــوده المقصــدوجــودي أحــدهما: من جانب الوجود، وتكون مراعاتها، بما يقيم أركانها، ويثبت قواعدها. وتتحقق مراعاة الضروريات من جانب الوجود بمراعاة ثالثة أمور هي:

كاإليمـان، والنطـق وهـي راجعـة إلـى حفـظ الـدين مـن جانـب الوجـود، العبادات: –أ بالشهادتين، والصالة، والزكاة، والصيام، والحج.

وهــي راجعــة إلــى حفــظ النســل والمــال مــن جانــب الوجــود أيضــا المعــامالت: –ب كانتقال األمـالك بعـوض أو بغيـر عـوض، بالعقـد علـى الرقـاب، أو المنـافع، أو

اإلبضاع. جانــب الوجـــود كـــذلك، وهــي راجعـــة إلــى حفـــظ الـــنفس والعقــل، مـــنالعـــادات: –ج

كتنــاول المــأكوالت، والمشــروبات، والملبوســات، التــي يتوقــف عليهــا بقــاء الحيــاة والعقل. ــا: عــدمي: وهــو مــا يكــون فــي عدمــه ســببا فــي وجــود المقصــود، وهــذا عبــارة عــن ثاني

مراعاة الضروريات من جانب العدم، ومراعاتها من جانب العدم يعني: لمتوقع فيها، ويتحقق ذلك بالجنايات ألنها تحفـظ هـذه األصـول دفع االختالل الواقع، وا

(. " من جانب العدم213F

٢( المرتبة الثانية الحاجيات:

(الحاجــــة جمعهــــا الحاجــــات، وحــــوائج، والحاجــــة هــــي المأربــــة 214F

، ومنــــه قولــــه ) ٣

) 215F٤( }ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم {تعالى:

. ٤٣، ص ٢) الموافقات ، الشاطبي ، ج(١

. ٢٠ – ١٨، ص ٢) المرجع السابق ، ج(٢

. ٢٦، ص ٣) لسان العرب ، ابن منظور ، ج٣( . ٨٠، آية سورة المؤمنون )(٤

٨٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المفتقــر إليهــا مــن حيــث التوســعة ورفــع الضــيق المــؤدي فــي بأنهــا " ويعرفهــا الشــاطبي (الغالب إلى الحرج والمشقة الالحقة بفوت المطلوب "

216F

١( . " الحـــاجي هـــو مــا تحتـــاج األمـــة إليــه القتنـــاء مصـــالحها وانتظـــام وقـــال ابـــن عاشـــور:

أمورهــا علــى وجــه حســن بحيــث لــوال مراعاتــه لمــا فســد النظــام، ولكنــه كــان علــى حالــة وتشــمل الحاجيــات علــى الــرخص، مــة، فلــذلك كــان ال يبلــغ مبلــغ الضــرورة. غيــر منتظ

وكــل مــا فيــه تيســير وتوســعة، وذلــك لتمكــين المكلــف مــن القيــام بمــا كلــف بــه دون أن تحول المشقة بينه وبين ذلك، ولهذا الغـرض أبـيح لـه أكـل الميتـة، وأبـيح لـه التـيمم عـن

طـر رمضـان فـي السـفر ليحـافظ علـى تعذر الطهارة بالمـاء، وأبـيح لـه قصـر الصـالة وف(أركــان الـــدين فـــي حـــدود اســتطاعته".

217F

"واألمـــور الحاجيـــة للنـــاس ترجــع إلـــى مـــا يرفـــع )٢الحرج عنهم، ويخفف عليهم أعباء التكليف، وييسر لهـم طـرق المعـامالت والمبـادالت، وقـــد شـــرع اإلســـالم فـــي مختلـــف أبـــواب العبـــادات والمعـــامالت والعقوبـــات جملـــة أحكـــام

(ود بها رفع الحرج، واليسر بالناس." المقص218F

٣( المرتبة الثالثة: التحسينيات:

منسـوب إلـى التحسـين، مـن الحسـن وهـو الجمـال، ضـد القـبح، " التحسيني فـي اللغـة: (. " يقال: حسنت الشيء تحسينا: زينته، واستحسنه:عده حسنا

219F

٤( ولــم يكــن النــاس فــي "والتحســينيات مقاصــد شــرعية، لــم تــدع إلــى مشــروعيتها ضــرورة،

حاجة إليهـا لرفـع حـرج، أو دفـع مشـقة، وهـي جاريـة مجـرى التحسـين والتـزيين فـي بـاب (مكارم األخالق."

220F

٥( بقولـــه " األخـــذ بمـــا يليـــق مـــن محاســـن العـــادات، وتجنـــب األحـــوال ويعرفهـــا الشـــاطبي

(المدنسات، التي تأنفها العقول الراجحات، ويجمع ذلك قسم مكارم األخالق. "221F

٦(

. ١٠، ص ٢الموافقات ، الشاطبي ، ج )١(

. ٨٣) مقاصد الشريعة اإلسالمية ، محمد بن الطاهر بن عاشور ، ص ٢(

. ٥٤هـ ،ص ١٤١٥) مقاصد الشريعة اإلسالمية،زيد بن محمد الرماني، الرياض ، دار الغيث ، (٣ .٢١٥ص ٤محيط ،الفيروز آبادي ، جال، والقاموس ٢٧٠ – ٢٦٩، ص ١٦،ج)لسان العرب، ابن منظور٤(مجلـة جامعـة اإلمــام ) جلـب المصـالح ودرء المفاسـد فـي الشـريعة اإلسـالمية ، علــي بـن عبـد العزيـز العميرينـي ،٥(

. ٦٩ص هـ،١٤١٢محمد بن سعود اإلسالمية،الرياض،العدد الخامس،محرم،

.٢٢، ص ٢الموافقات ، الشاطبي ، ج )٦(

٩٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

أن التحسـينيات " ترجـع إلـى كـل مـا يجمـل حـالهم وتجعلـه علـى الرمـاني يذكر و وفـــاق مـــا تقتضـــيه المـــروءة ومكـــارم األخـــالق، وقـــد شـــرع اإلســـالم فـــي مختلـــف أبـــواب العبـــادات والمعـــامالت والعقوبـــات أحكامـــا تقصـــد إلـــى هـــذا التحســـين والتجميـــل، وتعـــود

(اهج وأقومها ". الناس أحسن العادات، وترشدهم إلى أحسن المن222F

١( ومثـــل لهـــا فـــي العبـــادات بإزالـــة النجاســـات، وســـتر العـــورة، وأخـــذ الزينـــة، وفـــي العادات بآداب األكل والشرب، ومجانبة المآكل النجسات، وفي المعـامالت بـالمنع مـن

منصب اإلمامة. ةبيع النجاسات، وسلب العبد منصب الشهادة، والمرأــول: األمــور التــي تتطلبهــا المــروءة واآلداب والــذوق أن التحســينيات هــي وخالصــة الق

العام، ويحتاجهـا النـاس لتسـيير شـئون حيـاتهم علـى أحسـن حـال وأفضـل أسـلوب وأقـوم نهــج، واذا فقــدت ال تختــل شــئون الحيــاة وال يتعرضــون للضــيق والحــرج ولكــن يحســون

بالضجر وتأنف فطرتهم من فقدها.

د: المطلب الثالث: مدى االرتباط بين المقاص

بعــد هــذا العــرض المــوجز لمقاصــد الشــريعة اإلســالمية، يمكننــا اآلن أن نبســط ـــى النحـــو ـــبعض. وذلـــك عل ـــاط بعضـــها ب الحـــديث فـــي هـــذه المقاصـــد لنبـــين مـــدى ارتب

التالي: لمقاصد الثالثـة ليسـت كلهـا فـي مرتبـة واحـدة أو درجـة متماثلـة بـل هـي متفاوتـة ا أوال:

ن ثمــة ارتباطــا بينهــا، فالمقاصــد الضــرورية تعتبــر األغــراض، متباينــة المنــازل، غيــر أأصــال للمقاصــد الحاجيــة والتحســينية، ولــو فــرض اخــتالل المقصــد الضــروري وتخلفــه

ألدى ذلك إلى اختالل الحاجي والتحسيني وتخلفهما. المقصــــد الضـــــروري يعتبــــر كاألصـــــل " ثانيــــا : العالقـــــة بـــــين الضــــروري وغيـــــره :

ي. فــــإذا أردنــــا الحفــــاظ علــــى الضــــروري كــــان علينــــا أن للمقصــــدين الحــــاجي والتحســــيننحـافظ علـى الحــاجي، وكـذلك األمــر فـي الحـاجي الــذي ينبغـي الحفــاظ علـى التحســيني ـــــت أن التحســـــيني يخـــــدم الحـــــاجي، وأن الحـــــاجي يخـــــدم ـــــه. واذا ثب لكـــــي نحـــــافظ علي

. ٥٩ية ، الرماني ، ص ) مقاصد الشريعة اإلسالم١(

٩١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الضروري، فـإن الضـروري هـو المطلـوب األصـلي، والمحافظـة عليـه تسـتلزم المحافظـة ) 223F١(." لى الحاجي والتحسيني كذلكع

ـــــــــا : ـــــــــنفس، ثالث حـــــــــين عنـــــــــي اإلســـــــــالم بهـــــــــذه الضـــــــــروريات الخمـــــــــس (الـــــــــدين، الالعقل،العرض،المـال) لــم يكتــف لصــيانتها وحمايــة جنابهـا. باألجزيــة األخرويــة كمــا هــو الشـأن فــي بعـض التشــريعات األخالقيـة فــي الشـرائع الســماوية ، وال بالعقوبـات الدنيويــة

الرادعــة والزاجــرة مــن معــاودة الجريمــة ، كمــا هــو الشــأن فــي القــوانين الوضــعية . غيــرولكنــه جمــع بــين األمــرين: الجــزاء األخــروي الــذي توجــل منــه القلــوب وتقشــعر األبــدان، والعقوبــة الدنيويــة الزاجــرة الرادعــة التــي تحــول بــين الجــاني ومقارفتــه للجريمــة أو العــودة

إليها.تــداء علــى هــذه المصــالح التــي جــاءت الشــريعة لحمايتهــا، والغــرض : الجريمــة اعرابعــا

من العقاب في الشريعة المحافظة على المصالح المعتبرة في اإلسالم. ولـــذا قـــال اإلمـــام الغزالـــي بعـــد أن تحـــدث عـــن الكليـــات الخمـــس " وتحـــريم تفويـــت هـــذه

يعة مـــن األمـــور الخمســـة والزجـــر عنهـــا يســـتحيل أال تشـــتمل عليـــه ملـــة مـــن الملـــل وشـــر الشرائع التي أريد منها إصـالح الخلق،ولـذا لـم تختلـف الشـرائع فـي تحـريم الكفـر والقتـل

(والزنا والسرقة وشرب الخمر". 224F

٢(

. ٣١، ص ٢) الموافقات ،الشاطبي ، ج ١(

. ٤٨٣، ص ٢)المستصفى ، الغزالي ، ج ٢(

٩٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الثاني ـةعقوبـة الجلـد في الشريعـة اإلسالمي

:مطلبين همايتضمن هذا المبحث المطلب األول: الجلد في اللغة والشرع.

.والتعازير الثاني: مشروعية الجلد في الحدود المطلب

٩٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

:والشرع المطلب األول: الجلد في اللغة الجلد في اللغة :

ــدا أي ضــربه بالســوط وأصــاب جلــده، ومثلــه " ــده بالســوط يجلــده جل مصــدر جل قولهم: ظهره ورأسه وبطنه، أي أصاب ظهره ورأسه وبطنه.

ـــدا ـــدة يقـــال: جلدتـــه بالســـيف والســـوط جل ـــدناهم بالســـيوف مجال ـــده، وجال إذا ضـــربت جل )225F١(."والجلد بفتح الالم: القوة والشدة، والجلد: واحد الجلود وجالدا، أي ضاربناهم.

الجلد في الشرع: عندما يذكر الفقهاء تعريف الجلـد فـإنهم يبحثـون عـن أحكامـه ويصـرفون النظـر

قــال لجلــد هــو المقصــود شــرعا.عــن تعريفــه لوضــوح معنــاه اللغــوي، فــالمعنى اللغــوي ل

(. }الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائه جلدة {تعالى: 226F

٢(

(ويقصد بالجلد في هذه اآلية ضرب الجلد بما يؤلم من سوط ونحوه. 227F

٣ ( ويميل الباحث إلى وضع تعريف للجلد بأنه:

بضربه بسوط أو نحوه، على صفة مخصوصة ". " إحداث ألم لمجرم

. ٢٨٣، ص ١. القاموس المحيط ، الفيروز آبادي ، ج ٤٨١، ص ١) لسان العرب ، ابن منطور ، ج ١( . ٢) سورة النور، آية ٢(

. ١٦٣، ص ١٢) الجامع ألحكام القرآن ، القرطبي، ج ٣(

٩٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: والتعازير المطلب الثاني: مشروعية الجلد في الحدود أوال : مشروعية الجلد في الحدود :

الجلد عقوبة مشروعة في بعـض جـرائم الحـدود، فهـي فـي الزنـا والقـذف مشـروع

(. }فاجلــدوا كـــل واحـــد منهمــا مائـــه جلـــدةالزانيـــة والزانـــي {بالكتــاب، لقولـــه تعــالى: 228F

١ (

ـــه تعـــالى : ـــذين ير { ولقول ـــدوهم وال ـــأتوا بأربعـــة شـــهداء فاجل ـــم ي ـــم ل مـــون المحصـــنات ث

(. }ثمانين جلدة 229F

٢(

فقـد قـال صـلى اهللا ، وهي في شرب الخمر مشـروعة بالسـنة واجمـاع المسـلمين عليــه وســلم: ( مــن شــرب الخمــر فاجلــدوه، فــإن عــاد فاجلــدوه، فــإن عــاد فــي الثالثــة أو

ـــاقتلوه ) ةالرابعـــ (ف230F

ـــه ضـــرب فـــي الخمـــر بال) ٣ ـــد والنعـــال ، وثبـــت أن (جري231F

ـــد )٤ ـــه جل ، وأن الشارب غير مرة ، هو وخلفاؤه والمسلمون من بعده .

:الجلد في التعازير مشروعيةثانيا :

العقوبة التعزيرية بالجلد مشروعة بالكتاب والسنة واإلجماع على النحو التالي:

روهن فـي والالتـي تخـافون نشـوزهن فعظـوهن واهجـ {قولـه تعـالى: : من الكتاب أوال:

. )232F٥( }المضاجع واضربوهن.....

دليل على مشروعية التعزيز بالجلد. } واضربوهن {فقوله تعالى :

. ٢) سورة النور، آية ١(

. ٤) سورة النور، آية ٢(

) ، راوي الحــديث " قبيصــة بــن دؤيــب ، كتــاب األشــربة ، بــاب ذكــر ٥٦٦١) ســنن النســائي ، رقــم الحــديث ( ٣() ، ٤٤٨٥. ســـنن أبـــي داود ، رقـــم الحـــديث ( ٣١٣، ص ٨الروايـــات المغلظـــات فـــي شـــرب الخمـــر ، ج

. قال عبـد القـادر األرنـاؤوط فـي الحكـم ٦٢٥، ص ٤د ، باب إذا تتابع في شرب الخمر ، ج كتاب الحدو جامع األصـول ، ابـن األثيـر ، رقـم الحـديث :على الحديث: " والراجح انه منسوخ". راجع في تفصيل ذلك

. ٥٨٨، ص ٣)، ج١٩١٤(لحـــارث ، كتـــاب الحـــدود، بــــاب ) ، راوي الحـــديث :عقبـــة بـــن ا٦٣٩٣صـــحيح البخـــاري ، رقـــم الحـــديث ( )٤(

. ٢٤٨٨، ص ٦الضرب بالجريد والنعال ، ج . ٣٤) سورة النساء ، اآلية ٥(

٩٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ما رواه البخـاري ومسـلم عـن أبـي بـردة األنصـاري رضـي اهللا عنـه قـال: ومن السنة: رة أسواط إال في حد مـن ال يجلد أحد فوق عشلنبي صلى اهللا عليه وسلم يقول: (كان ا( ).اهللا حــــدود

233F

فــــدل الحــــديث علــــى مشــــروعية العقوبــــة التعزيريــــة بالجلــــد دون العشــــر )١ جلدات في غير الحدود.

مـــا رواه حبيـــب بـــن ســـالم عـــن النعمـــان بالجلـــد." أن رجـــال يقـــال لـــه عبـــد الـــرحمن بـــن و حنين، وقع على جارية امرأته، قال: فرفع إلى النعمان بـن بشـير فقـال: ألقضـين فيـك

إن كانــت أحلتهــا لــك جلــدتك مائــة، وان لــم صــلى اهللا عليــه وســلم: ( رســول اهللابقضــاء . ()فوجدوه قـد أحلتهـا لـه، فجلـده مائـهتكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة،

234F

فـدل الحـديث )٢علــى مشــروعية العقوبــة بالجلــد . ألن الحــد هنــا درء للشــبهة فعــزر الجــاني بالجلــد مائــه

(جلدة. 235F

٣( مــروا صـبيانكم إذا بلغــوا سـبعا واضــربوهم عليهــا م (ول الرســول صـلى اهللا عليــه وسـلقـو

(إذا بلغـــوا عشـــرا.....) 236F

ـــة ) ٤ ـــة التعزيري ـــى مشـــروعية العقوب الحـــديث ، فـــدل الحـــديث عل بالجلد ، والجلد نوع من الضرب والمقصود به هنا التأديب .

، ص ٦) ، كتــــاب المحــــاربين ، بــــاب كــــم التعزيــــر واألدب ، ج ٦٤٥٦) صــــحيح البخــــاري، رقــــم الحــــديث ( ١(

، ص ٣تعزيــر ، ج )، كتــاب الحــدود ، بــاب قــدر أســواط ال١٧٠٨. صــحيح مســلم ، رقــم الحــديث ( ٢٥١٢١٣٣٣ – ١٣٣٢ .

، ٤) ، كتـــاب الحـــدود ، بـــاب فـــي الرجـــل يزنـــي بجاريـــة امرأتـــه، ج٤٤٥٨) ســـنن أبـــي داؤود ، رقـــم الحـــديث ( ٢(. ١٢٤، ص ٦) ، كتـــاب النكـــاح ، بـــاب إحـــالل الفـــرج ، ج٣٣٦١ســـنن النســـائي ، رقـــم الحـــديث (٦٠٤ص

مصــطفى عبــد القــادر عطــا ، بيــروت ، :ذكــر الحــاكم النيســابوي فــي المســتدرك علــى الصــحيحين، تحقيــقم. بــأن الحــديث صــحيح اإلســناد ولــم يخرجــاه ( الشــيخان ) ووافقــه ١٩٩٠هـــ ، ١٤١١دار الكتــب العليمــة ،

.٤٠٦، ص ٤) ، ج٨٠٩٠الذهبي ، رقم الحديث ( . ٢١٢، ص ٤) فتح القدير ، ابن الهمام ، ج ٣(أحمـد عبـد الـرحمن البنـا ، بـاب أمـر الصـبيان ،حنبـل الشـيباني ) الفتح الرباني لترتيب مسند اإلمام أحمـد بـن ٤(

. ذكــر الحــاكم فــي المســتدرك: " بــأن الحــديث ٢٣٧، ص ٢بالصــالة ومــا جــاء فــيمن رفــع عــنهم القلــم ، ج.وقــال ٣١١، ص١) ، ج٧٠٨صــحيح علــى شــرط الشــيخان ولــم يخرجــاه، ووفقــه الــذهبي" ،رقــم الحــديث (

.٥٠٠) ، ص ٧١٧٤ السيوطي حديث صحيح، رقم الحديث (

٩٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ــا ــار الصــحابة: ثالث تــدل علــى مشــروعية العقوبــة التعزيريــة بالجلــد، فقــد دل عليــه : آثــــاء الراشــــدين والصــــحابة رضــــي اهللا عــــنهم ومــــن جــــاء بعــــدهم مــــن حكــــام عمــــل الخلف

المسلمين، ومن ذلك: مــا روي أن معــن بــن زائــدة عمــل خاتمــا علــى نقــش خــاتم بيــت المــال، ثــم جــاء بــه -١

ـــه ـــه مـــاال، فبلـــغ عمـــر بـــن الخطـــاب رضـــي اهللا عن صـــاحب بيـــت المـــال، فأخـــذ منائه أخرى، فكلم فيه من بعـد فضـربه مائـة فضربه مائة، وحبسه، فكلم فيه فضربه م

(ونفاه. 237F

١( ما روي عن عمر وعلي رضي اهللا عنهما أنهما جلدا رجال شرب الخمر في نهـار -٢

(رمضان، فضرباه ثمانين وعزراه عشرين. 238F

٢(

. ٥٢٥، ص ١٢) المغني ، ابن قدامة ، ج ١() الكتاب المصنف في األحاديث واآلثار ، أبو بكر عبـد اهللا بـن محمـد بـن أبـي شـيبة ، تحقيـق : مختـار أحمـد ٢(

، الندوي، الهند ،الدار السلفية ، توزيع : الرياض ، رئاسـة إدارة البحـوث العلميـة واإلفتـاء والـدعوة واإلرشـاد. المصــنف للحــافظ الكبيــر ، أبــو بكــر عبــد الــرزاق بــن همــام الصــنعاني ، ٥٢، ص ١٠هـــ . ج١٤٠١

م ، ١٩٧٢-١٣٩٢تحقيــق : حبيــب الــرحمن األعظمــي ، بيــروت ، المجلــس العلمــي، المكتــب اإلســالمي ، . ٢٣١، ص٩، ج٣٨٢، ص٧ج

٩٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الثالث مقاصد الشريعة اإلسالمية

لجلـــــدمن عقوبـــة ا

٩٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

مــــة علـــى أنهــــا معــــول مــــن معـــاول الهــــدم يحــــول بــــين نظـــر اإلســــالم إلــــى الجرياإلنســـان والقـــيم المثاليـــة التـــي يســـعى إليهـــا فـــي الكـــون، والمتمثلـــة فـــي إعـــالء كلمـــة اهللا

وتعمير الكون العمارة المثلى. ـــات عامـــة ـــارة حـــول حكـــم التشـــريع اإللهـــي فـــي العقوب وفـــي ظـــل الشـــبهات المث

الحاضــر مـن أفكــار فاســدة، وتيــارات وعقوبـة الجلــد خاصــة، نتيجـة مــا شــاع فـي الوقــت ـــات ـــة، كـــان لزامـــا علينـــا إيـــراد المقاصـــد الشـــرعية مـــن العقوب معاديـــة، واعتقـــادات باطلالبدنية التي لم تشرع إال ألسباب اقتضتت تشريعها ومقاصـد عمـد الشـارع إلـى تحقيقهـا

حكمـــا أي لمجـــرد إخضـــاع المكلفـــين لهـــا، وانمـــا شـــرعت ألســـباب هـــدفها ت" فلـــم تشـــرع (النهائي: الرحمة بالعباد، والعمل على صالحهم ".

239F

١( وتهــدف أحكــام الشــرع إلــى تحقيــق مصــالح العبــاد بــدفع الضــرر والحــرج عــنهم

وجلب النفع لهم، ويؤكد فقهاء المسلمين هذه الحقيقة.قــال العــز بــن عبــد الســالم "إن الشــريعة كلهــا مصــالح، إمــا درء مفاســد أو جلــب

(مصالح" 240F

اإلسالم ابن تيمية " إن الشـريعة اإلسـالمية جـاءت بتحصـيل ، ويقول شيخ )٢(المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها "

241F

٣( . " والعقوبــــات الشــــرعية فــــي اإلســــالم ليســــت تشــــريعا أصــــيال وابتــــدائيا، وليســــت تأسيســا لمــنهج االنتقــام والتشــفي والتعــذيب، وانمــا هــي أحكــام اســتثنائية موضــوعة فــي

ة، ولمعالجــة بعــض األحــوال الطارئــة فــي حيــاة الفــرد والمجتمــع، بغــرض ظــروف خاصــاســتدامة صــالح األمــة كافــة واســتبقاء ســالمتها ومعافاتهــا وأمنهــا فــي النفــوس، والعقــول واألعـــراض واألمـــوال، وتمكـــين دينهـــا وعقيـــدتها، وتقريـــر فضـــائلها وأخالقهـــا وقيمهـــا...

(ئدها الشرعية" فالعقوبة الشرعية تهدف إلى جلب مقاصدها وفوا242F

٤( .

. ٩) فلسفة العقوبة في الشريعة والقانون ، فكري عكاز ، ص ١(اعـد األحكـام فـي مصـالح األنــام ، أبـو عبـد اهللا محمـد عــز الـدين بـن عبـد العزيــز بـن عبـد السـالم الســلمي ، قو )٢(

. ٥تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ، القاهرة ، أم القرى للطباعة والنشر ، توزيع مكتبة ابن تيمية ، ص . ١٣١، ص ٢منهاج السنة ، ابن تيمية ، ج )٣(يفهــا ، أمثلتهــا، حجيتهــا )، نــور الــدين بــن مختــار الخــادمي ، الريــاض ،دار أشــبيليا المقاصــد الشــرعية ( تعر ) ٤(

. ٥٨ – ٥٧هـ ، ص ١٤٢٤للنشر والتوزيع ،

٩٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وقد شرع الخالق جل وعال عقوبة الجلد لصيانة المجتمع بأسـره ، والوصـول بـه

أال {إلى قمم الفضيلة وأعلى مراتب األمن والطمأنينة. وهو بمـا يصـلح عبـاده أعلـم،

. )243F١( }يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير

ـــر العقوبـــة نظـــرت الشـــريعة إلـــى محـــاور عـــدة نســـان الـــذي : إلـــى اإل وفـــي تقري، والى من وقع عليه أثر المجـرم متضـررا ارتكب الجرم ظالما لنفسه متعديا على غيره

حزينا مكلوما، والى المجتمع الذي وقعت فيه فاختل أمنه وتقوضت أركانه. : ونعرض فيما يلي ألجل هذه المقاصد

أوال : الردع والزجـر :دا مـــن أهـــم مقاصـــد الشـــريعة اإلســـالمية تمثـــل الوظيفـــة الزجريـــة الرادعـــة مقصـــ

لعقوبـــة الجلـــد، حمايـــة لمصـــالح المجتمـــع وكفالـــة عـــن الســـقوط فـــي الرذائـــل. " والـــنفس البشرية مجبولة على االرتـداع بالعقـاب، واالنزجـار بالتأديـب، واذا لـم تـؤدب ولـم تزجـر

وأمنــه سـارعت إلــى االعتـداء ومقدماتــه، وانطبــع فيهـا معنــي االســتخفاف بحقـوق اآلخــر وعرضــه وكرامتــه، واســتقر فــي كيانهــا ســلوك التهــاون والالمبــاالة إزاء واجــب التكليــف،

(في الحقوق والواجبات، وفي المكاسب وااللتزامات ".244F

٢( " شــرعت العقوبــات فــي الجنايــات الواقعــة بــين النــاس : الشاشــي يقــول القفــال

األعــراض بالقــذف ، بالقتــل والجــراح، وفــي بعضــهم علــى بعــض فــي النفــوس واألبــدان... فـأحكم جـل وعـز معـاني األحكـام ختالس سرقة والنهب واالوالشتم، وفي األموال بال

لتــزول العواقــب، وتنقطــع ...عبــاده الحاجــة إليــه مــن وجــوه الـردع عــن هــذه الرذائــلفيمـا بويقتنـع بمـا القـه، األطماع عن المظالم والتغاصب، ويقتصر كل إنسان على ما دبره خ

(آتاه "245F

٣( ا مـــا استحســـنه ابـــن القـــيم حيـــث أشـــار بقولـــه : " فكـــان مـــن بعـــض حكمتـــه وهـــذ

ســـبحانه ورحمتـــه أن شـــرع العقوبـــات فـــي الجنايـــات الواقعـــة بـــين النـــاس بعضـــهم علـــى

. ١٤سورة الملك ، آية )١( . ٥٨المقاصد الشرعية ، الخادمي ، ص )٢(

/ ب . ١محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل )٣(

١٠٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

كالقتــل والجــراح والقــذف والســرقة، واألمــوال،بعــض، فــي النفــوس واألبــدان واألعــراض األحكــام، وشــرعها علــى فــأحكم ســبحانه وجــوه الزجــر الرادعــة عــن هــذه الجنايــات غايــة

(والزجر". الوجوه المتضمنة لمصلحة الردع أكمل 246F

١(

وللردع في الشريعة هدفان: أحدهما يعود إلى الجـاني ويسـمى " الـردع الخـاص "، واآلخر يرجع إلى المجتمع ويسمى " الردع العام ".

لمهـا ويستهدف الردع الخاص: كف المجرم عن المعـاودة إلـى جرمـه، " فـإن العقوبـة وأومــا يترتــب عليهــا مــن أذى مــادي ومعنــوي تصــده عــن العــودة مــرة أخــرى إلــى اقتــراف

(الجريمة ". 247F

٢( أمــا الــردع العــام فهــو صــمام األمــان للمجتمــع كلــه، إذ يــرى أفــراده مغبــة مخالفــة الشـرع مجسـدة أمــامهم فـي صــورة واقعيـة، ومـن المعلــوم فـي النظريــات النفسـية الحديثــة

وهــو الســباق لكــل –مــن أقــوى صــور التعلــيم. وقــد ســبق اإلســالم أن التعلــيم بــالنموذج

وليشــهد عــذابهما { : إلــى إرســاء ذلــك بقولــه تعــالى فــي عقوبــة الزانــي والزانيــة –خيــر

. )248F٣( }طائفة من المؤمنين

قــال ابـــن العربـــي: " وفقــه ذلـــك أن الحـــد يـــردع المحــدود ومـــن شـــهده وحضـــره، (يعتبر به من بعده ". يتعظ به ويزدجر ألجله، ويشيع حديثه ف

249F

٤( ويراعي اإلسالم في ذلك أن المسلم قد تسف به شهوته عن المثال المطلـوب، وتدفعــه رغباتــه إلــى التحقــق، منتهكــة حــدود اهللا، وتــرك المــرء مــع شــهواته مصــارعا لهــا دون معين خارجي: إضعاف لقوته، وتعـريض لـه إلـى السـقوط، ومـن هنـا كانـت علنيـة

معينا لنـوازع الخيـر فـي الـنفس المسـلمة، زاجـرا لنـوازع الشـر التـي يمكـن تطبيق العقوبة أن تنشأ فيها، لما ترى من سوء المآل وفساد العاقبة.

. ٩٥، ص ٢القيم ، ج إعالم الموقعين ، ابن )١(

البحــر الرائــق شــرح كنــز الــدقائق ، زيــن الــدين بــن إبــراهيم بــن محمــد المعــروف بــابن نجــيم المصــري الحنفــي، )٢(. في أصول النظام الجنائي اإلسـالمي ، محمـد سـليم العـوا ، ٣، ص ٥بيروت ، دار الكتب العلمية ، ج

.٧٤م، ص ١٩٨٣، الطبعة الثانيةالرياض ، دار المعارف ، . ٢النور ، آية ) سورة٣(

. ١٣٢٧، ص ٣أحكام القرآن ، ابن العربي ، ج )٤(

١٠١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وفكــرة الــردع العــام فكــرة وقائيــة " تتحقــق عــن طريــق تهديــد النــاس كافــة بإيقــاع التهديـد فـال العقوبة على من يخالف منهم أوامر الشرع ونواهيـه. ولكـي يتحقـق للعقوبـة

ـــد أن تكـــون مهـــددة بضـــرر يلحـــق بـــالفرد يفـــوق النفـــع الـــذي يبغـــي تحقيقـــه مـــن وراء ب(الجريمة. وبهذا يشكل التهديد بتوقيع العقاب الباعث المانع من ارتكاب الجريمة".

250F

١ (

ولذا يجب أن تتناسب العقوبة مع مدى أهمية الحق المعتـدى عليـه، وان يشـعر وهـــو يمثـــل ، ر مـــن خضـــوعهم للعقـــاب إذا ارتكبـــوا الجريمـــة األفـــراد جميعـــا بأنـــه ال مفـــ

اليقين من توقيع العقوبة عند مخالفة القانون، وبالتالي فـإن تحقيـق الـردع العـام يتوقـف على عنصرين:

أوال: تناســبهما مــع أهميــة الحــق المعتــدى عليــه وفداحــة األضــرار الناجمــة عنهــا ومــدى خطورة الجاني.

وهو تيقن الجاني بأنه لن يفلت من العقـاب ، وأن ال مخـرج لـه ثانيا : عنصر اليقين "(منه إذا ارتكب الجريمة " .

251F

٢( وقد راعى الشارع فـي مواجهتـه للجريمـة الخلقيـة أن يكـون مجـرد تشـريع العقوبـة رادعا عن مواقعة اإلثم، فال يقدم الزانـي علـى جريمتـه إال طلبـا للـذة واسـتمتاعا بالنشـوة

صـــحبها، وال ينصـــرف عـــن الجريمـــة إال أللـــم يزيـــد عمـــا يتوقعـــه مـــن لـــذة. فكـــان التـــي تتقرير عقوبة الجلد مائة جلدة للزاني غير المحصن، ليكون ألم الجلـد دافعـا لـه للتراجـع

عن جريمته. وغـــــرض القـــــاذف: إيـــــالم المقـــــذوف نفســـــيا وتحقيـــــر شخصـــــه بـــــين بنـــــي قومـــــه

جـزاء لـه، ومحققـة لإليـالم البـدني والنفسـي وعشيرته، فكانت عقوبة الجلـد ثمـانين جلـدةبصورة تفوق اإليالم النفسي للمقذوف. ويؤدي التفكيـر فـي ألـم العقوبـة إلـى االنصـراف

غالبا عن الجريمة.

يوليو –العقوبة وخصائصها في التشريع اإلسالمي ، مأمون محمد سالمة ، المجلة الجنائية القومية ، مارس )١(

. ٢١٩، ص ١٩م ، مجلد ١٩٧٦

ية والتشــريعات الغربيــة ، محمــد أبــو العــال عقيــدة ، دبــي ، مجلــة ) فلســفة العقوبــات البدنيــة فــي الشــريعة اإلســالم٢( . ٢٤٥هـ . ص ١٤١٨األمن والقانون ، السنة الخامسة ، العدد الثاني ، ربيع األول

١٠٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

، ليعــيش ســادرا فــي وال يقبــل شــارب الخمــر عليــه إال ليغيــب بــه عــن آالم واقعــهجســـمه مـــن الخلـــل العضـــوي ، مـــع مـــا يجلبـــه علـــى أحـــالم لـــذة متوهمـــة ال أســـاس لهـــا

، ومــا يجــره علــى ســلوكه مــن ســقوط خلقــي عــام، إذ لــيس لمــن ضــعف عقلــه والــوظيفيقدرة على التحكم في سـلوكه، وقـد ناسـبت العقوبـة الجـرم فـي ردهـا للشـارب إلـى الواقـع بعقوبة أشد ألما مما هرب منه، توقظه من غفلته، ليعيش حياة واقعه ال أوهام خياله.

ريـرهم للحكـم البالغـة فـي تشـريع العقوبـات، تنـاول فقهـاء المسـلمين وفي سـياق تق وظيفة الردع (العام والخاص) للعقوبة .

ي مــن الجــرائم بقولــه: " وأمــا الجنايــات فهــعــن ذلــك الشاشــي فقــد عبــر القفــال للخــــالق فــــي إخــــوانهم ، وأهــــل جنســــهم فــــي أبــــدانهم ، وأمــــوالهم التــــي ارتكبهــــا العصــــاة

للنـاس عـن التظـالم والتواثـب ، وهـذا كلـه واجـب فـي عنهـا وكفـا فوضعت الحـدود ردعـا ( ال به "إالعقول ال تتم السياسات الفاضلة

252F

١( : " حدود الشرع موانع قبل الفعل وزواجر بعده. أي أن العلـم ويقول ابن الهمام

(بشرعيتها يمنع اإلقدام على الفعل، وايقاعها بعده يمنع من العودة إليه ". 253F

٢( لمـــاوردي: " والحـــدود زواجـــر وضـــعها اهللا ســـبحانه وتعـــالى للـــردع عـــن ويقـــول ا

ارتكاب ما حظر، وترك ما أمر، لما في الطبع من مغالبة الشهوات الملهية عـن وعيـد اآلخرة بعاجل اللذة. فجعل اهللا تعـالى مـن زواجـر الحـدود مـا يـردع بـه ذا جهالـة، حـذرا

مـا حظـر مـن محارمـه ممنوعـا، ومـا من ألم العقوبة وخيفة من نكـال الفضـيحة، ليكـون(أمر به من فروضه متبوعا، فتكون المصلحة أعم والتكليف أتم "

254F

٣ ( . ويقــــــول العــــــز بــــــن عبــــــد الســــــالم: " إن اهللا ســــــبحانه وتعــــــالى وضــــــع الحــــــدود

تبـــاع أســـباب الرشـــاد اوالعقوبـــات العاجلـــة زجـــرا عـــن الســـيئات، فالواجـــب علـــى العبـــاد (وتنكب أسباب الفساد "

255F

٤(.

. ١١٤هـ ، ص ١٤١٢) محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، تحقيق كمال حاج غلتو العروسي ، ١(

. ١١٢ ، ص ٤) فتح القدير ، ابن الهمام ، ج ٢( . ٢٧٦-٢٧٥األحكام السلطانية ، الماوردي ، ص )٣(

. ١٧، ص ١قواعد األحكام ، العز بن عبد السالم ، ج )٤(

١٠٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وقـــال الشـــاطبي: " واقامـــة الحـــدود والقصـــاص مشـــروعة لمصـــلحة الزجـــر عـــن (راق الدماء، وهو في نفسه مفسدة".الفساد، وان أدى ذلك إلى إتالف النفوس واه

256F

١( . ـــاس بعضـــهم ـــك الن ـــاة والمفســـدين، ألهل ـــة الجن ـــوال عقوب ـــيم : " ول ـــن الق ويقـــول اب

عـام والوحـوش أحسـن مـن حـال بعضا، وفسد نظام العـالم، وصـارت حـال الـدواب واألنبنــي آدم. ومــن المعلــوم أن عقوبــة الجنــاة والمفســدين ال تــتم إال بمــؤلم يــردعهم، ويجعــل الجـاني نكـاال وعظـة لمـن يريــد أن يفعـل مثـل فعلـه، وعنـد هــذا فـال بـد مـن إفسـاد شــيء

(. " منه بحسب جريمته في الكبر والصغر، والقلة والكثرة257F

٢( سالم قد تعامل مع الجرائم على مستويات متراتبة: ونلحظ مما سبق أن اإل

المســتوى األول: مجــرد تقنـــين العقوبــة جــزاء علـــى الجــرم: وفــي ذلـــك غنــى لمــن تأملـــه ليرتدع عن الجريمة.

المســتوى الثــاني: الــردع العــام للمجمــوع مــن خــالل تطبيــق العقوبــة علــى المجــرم، وفــي ذلك ردع لهم من خالل نموذج متجسد.

الثالث: التحول من الردع العام إلى الردع الخاص، وذلك حين ال يجدي مـع المستوىالجـــاني زواجـــر إقـــرار العقوبـــة، وال روادع رؤيـــة تطبيقهـــا علـــى غيـــره،

فيتحول هو إلى جان معاقب يرتدع برؤيته اآلخرون. و فـــي ذلـــك التقســـيم مراعـــاة بالغـــة الحكمـــة لطبـــائع الخلـــق، فمـــنهم مـــن تردعـــه الفكـــرة

ركة، وآخر ال يردعه إال النموذج المجسد، وثالث ال يردعـه عـن الفعـل إال العقـاب المد الموقع عليه.

ثانيا : إقرار العدل والمساواة في المجتمع :

. فـالفرد جـزء مـن المجتمـع سالمية مقاصـدها علـى إقـرار العـدلبنت الشريعة اإلأكثـــر ممـــا حـــدد لـــه مـــن لـــه مـــا ألفـــراده مـــن حقـــوق وواجبـــات، ومـــأمور بـــأن ال يتجـــاوز

حقوق، وأال يقصر في أداء الواجبات المناطة به.

. ٣٧٤، ص ١الموافقات ، الشاطبي ، ج )١( . ١٠٣ – ١٠٢، ص ٢إعالم الموقعين ، ابن القيم ، ج )٢(

١٠٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

فإذا ما اختل التـوازن بـاإلخالل بـالحقوق والواجبـات أو باالعتـداء علـى حقـوق اآلخـرين ،تســـلب الحقـــوق ويعتـــدي علـــى القـــيم وتنشـــر الجـــرائم، فكـــان البـــد مـــن تطبيـــق عقوبـــات

جتمع. لردع المتجاوزين واقامة العدل بين جوانب الم" ولـــيس شـــيء أســـرع فـــي خـــراب األرض، وال أفســـد لضـــمائر الخلـــق مـــن الجـــور، ألنـــه لـــيس يقـــف علـــى حـــد، وال ينتهـــي إلـــى غايـــة، ولكـــل جـــزء منـــه قســـط مـــن الفســـاد حتـــى

(يستكمل ". 258F

١( وعنــــدما يرتكــــب الجــــاني ضــــررا يحــــق المجتمــــع، فــــإن مــــن العدالــــة أن يعــــوض

والعقوبـة خيـر وسـيلة لمواجهـة هـذا األذى الجاني مجتمعـه مـا اقترفـه بحقـه مـن ضـرر، لتحقيق العدالة ومنع الفساد في األرض.

ولــوال دفــع اهللا النــاس بعضــهم بــبعض لفســدت األرض، ولكــن اهللا {يقــول عــز وجــل:

(. }ذو فضل على العالمين 259F

٢(

ولــيس ثمـــة فــرق فـــي تطبيــق العقوبـــة بـــين حــاكم أو محكـــوم، وال بــين شـــريف ووضـــيع، ون أو جنس أو غنى أو فقر. ودون تمييز لل

قــال صــلى اهللا عليــه وســلم: ( أقيمــوا حــدود اهللا فــي القريــب والبعيــد، وال تأخــذكم (في اهللا لومه الئم ) .

260F

٣( وقــد عــدت الشــريعة الشــفاعة فــي إســقاط الحــد، أو العــدول عنــه جــورا مهلكــا، ألنــه مــؤد

إلى التهاون في إرساء وتطبيق العدل. إهمــال وافســاد وابطــال السياســة التــي ال إن تــرك معاقبــة الجنــاة " لشاشــي افــال قيقــول ال

باطــل ، وذلــك إال بهــا -مــع اخــتالف همــم أهلهــا والتفــاوت فــي أخالقهــم -تقــوم الــدنيا (في العقول ".

261F

٤(

،بيروت ري الماوردي ، تحقيق: مصطفي السقاالبص أدب الدنيا والدين ، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب )١(

. ١٤١هـ ، ص ١٣٩٨، دار الكتب العلمية ، الطبعة الرابعة ،

. ٢٥١سورة البقرة ، آية )٢(

. ٣١) الحديث سبق تخريجه ، ص ٣(

/ أ . ٤محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل )٤(

١٠٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وبإرساء عقوبة الجلد ونشرها في المجتمـع تحقيـق للعـدل، ونشـر لألمـن، واقـرار ــــ ــــر الفتن ــــى داب ــــوق، وقضــــاء عل ــــه فــــي للحق ــــدى علي ــــوم المعت ــــي مهــــدها، ورد للمظل ة ف

األعراض واألخالق.

ثالثا : تحقيق مقاصد الشريعة بحفظ العقل والنسل :لمجتمــع لإن مــن مقاصــد الشــريعة اإلســالمية العامــة حفــظ المصــالح الضــرورية

اإلسالمي، وهي: الدين والنفس والعقل والنسل والمال. لــك المصــالح التــي جــاءت الشــريعة لحمايتهــا، واذا كانــت الجــرائم اعتــداء علــى ت

(فال بد من عقاب رادع يمنع اآلثم من أن يستمر في إثمه وغيه. 262F

١( " وما من حكم إال وهو يحقق مصلحة أساسها المحافظة علـى الـدين أو الـنفس أو العقــل أو النســل أو المــال، ويبــدو هــذا مــن الشــريعة فــي جملــه مقاصــدها، وال يمكــن

(عي إال وهو متجه إلى ناحية من هذه النواحي ". أن يكون حكم شر 263F

٢( ــا علــى المجتمــع والمحافظــة علــى العقــل حفظــه مــن أن تنالــه آفــة تجعــل صــاحبها عبئ

وهي تتجه إلى أنواع ثالثة: ، ومصدر شر وأذى للناس أن يكـــــون كـــــل عضـــــو مـــــن أعضـــــاء المجتمـــــع اإلســـــالمي ســـــليما يمـــــد المجتمـــــع – ١

عقـــل كـــل عضـــو مـــن أعضـــاء المجتمـــع لـــيس حقـــا بعناصـــر الخيـــر والنفـــع، فـــإنخالصا له بل للمجتمع حـق فيـه باعتبـار أن كـل شـخص لبنـة مـن بنائـه إذ يتـولى

بعمله سداد خلل فيه، فمن حق المجتمع أن يالحظ سالمته. أن مــن يعــرض عقلــه لآلفــات يكــون عبئــا علــى الجماعــة، واذا كــان عبــؤه عليهــا – ٢

كام اإلسالمية الرادعة التي تمنعه من أن يعـرض عند آفته فعليه أن يخضع لألح عقله لآلفات.

" أن مــن يصــاب عقلــه بآفــة مــن اآلفــات يكــون شــرا علــى المجتمــع ينالــه بــاألذى – ٣واالعتــداء، فكـــان مــن حـــق الشـــارع أن يحــافظ علـــى العقـــل بالعقــاب الـــرادع علـــى

تناول ما يفسده ليكون ذلك وقاية من الشرور واآلثام.

. ٢١الجريمة ، أبو زهرة ، ص )١(

. ١٢٥عامة للشريعة اإلسالمية ، يوسف العالم ، ص المقاصد ال )٢(

١٠٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ـــذلك عاقبـــت الشـــريعة والشـــرائع ـــى العـــالج ول ـــى الوقايـــة كمـــا تعمـــل عل تعمـــل عل(اإلسالمية من يشرب الخمور أو يتناول أي مخدر يصيب العقل".

264F

١( وجريمة الزنا هي اعتداء علـى أحـد المصـالح التـي جـاءت الشـريعة اإلسـالمية بالحفـاظ

ورها، وحتــى نصــع صــأعليهــا ، وهــي حمايــة النســل والنــوع اإلنســاني لتــدوم البشــرية فــي ـــــائهم ـــــال، ويحرمـــــون عطـــــف آب ـــــة، وتتشـــــرد األطف ال تخـــــتلط األنســـــاب، وتضـــــيع الذري

(الضياع ورعايتهم فيؤول أمرهم إلى 265F

. ويحل بالبشرية الدمار والخراب ويعم الفساد.)٢لذا فقد حرم الشارع الزنا، وقرر عقوبة رادعه لمرتكبه، وهي الجلد والرجم لحفـظ النسـل

اس بحرمته. من االعتداء أو المسجــــاء فــــي التحريــــر وشــــرحه: " وحفــــظ النســــب بكــــل مــــن حرمــــة الزنــــا بالكتــــاب والســــنة

، ألن المزاحمة على اإلبضـاع تفضـي إلـى اخـتالط األنسـاب، المفضـي إلـى واإلجماعانقطــاع التعهــد مــن اآلبــاء، المفضــي إلــى انقطــاع النســل، وارتفــاع النــوع اإلنســاني مــن

(الوجود ". 266F

٣(

والــذين ال يــدعون مــع اهللا إلهــا آخــر وال يقتلــون الــنفس التــي حــرم {لى: يقــول اهللا تعــا

( }اهللا إال بالحق وال يزنون267F

ويرى ابن تيمية لهذا الترتيب وجها معقوال وهو: )٤

" أن الخلــق خلقهــم اهللا لعبادتــه، وقــوام الشــخص بجســده، وقــوام النــوع بالنكــاح والنســل، فسـاد النفـوس الموجـودة والزنـا : ، وقتـل الـنفس فساد المقصود الذي لـه خلقـوا: فالكفر

فســاد فــي المنتظــر مــن النــوع. فــذاك إفســاد الموجــود، وذاك إفســاد لمــا لــم يوجــد، بمنزلــة ، أو منع المنعقد أن يوجد، واعدام الموجود أعظـم فسـادا، فلهـذا من أفسد ماال موجودا

والـروح الـذي هـو ملـك كان الترتيب كـذلك. ولـه وجـه آخـر وهـو: أن الكفـر فسـاد القلـب

) العقوبة في الشريعة اإلسـالمية والقـوانين الوضـعية ، رمضـان علـى الشرنباصـي ، بإشـراف مركـز تبـادل القـيم ١(

. ١٩٢م ، ص ١٩٧٨بالشعبة القومية لليونسكو ، الهيئة المصرية للكتاب ، . ٥٥ة اإلسالمية ،علي بن عبد العزيز العميريني ، ص) جلب المصالح ودرء المفاسد في الشريع ٢(

التقريــر والتحبيــر شــرح ابــن أميــر الحــاج علــى تحريــر اإلمــام الكمــال بــن الهمــام ، وبهامشــه شــرح اإلمــام جمــال )٣( ١٩٨٣ -هــ ١٤٠٢الدين األسنوي المسمى " نهاية السول " بيروت ، دار الكتب العلمية ، الطبعـة الثانيـة ،

. ١٤٤، ص ٣م ، ج

. ٦٨سورة الفرقان ، اآلية )٤(

١٠٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الجســد، والقتــل إفســاد للجســد الحامــل لــه، واتــالف الموجــود، وأمــا الزنــا فهــو فســاد فــي صـــفة الوجـــود ال فـــي أصـــله،لكن هـــذا يخـــتص بالزنـــا،ومن هنـــا يتبـــين أن اللـــواط أعظـــم

(فسادا من الزنا ".268F

١( نظــام األســرة هكــذا كانــت نظــرة اإلســالم للزنــا وتشــريعه للعقوبــة الرادعــة حفظــا للنســل و

لبنة األولى للمجتمع، بل أن الشرع منع مجرد إشاعة الفاحشة وذلك بتقريـر لالتي هي احد القـذف علـى مـن قـذف محصـنا بالزنـا ليحـافظ علـى أعـراض النـاس مـن الخـدش أو

التجريح واالمتهان.

. ٤٣١-٤٣٠، ص ١٥) مجموع الفتاوى ، ابن تيمية ، ج١(

١٠٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

رابعا : حفظ نظام المجتمع : ق المجنـــــي علـــــيهم، راعـــــت عقوبـــــة الجلـــــد اآلثـــــار المترتبـــــة علـــــى انتهـــــاك حقـــــو

واألخطــار المحدقــة بهــم، فكــان فــي تطبيقهــا حفــظ لنظــام المجتمــع مــن الفســاد وصــيانة لمقوماته االجتماعية ورعاية ألفراده، واتضح ذلك في المقصدين اآلتيين:

أنــه يكفــل لنظــام المجتمــع االحتــرام والطاعــة، فهــو يضــمن لــه الحرمــة، ويلجــئ " أوال:وى عليـه مـن ثـواب للمطيـع، وعقوبـة للعاصـي، وبدونـه يفقـد الناس إلـى طاعتـه لمـا يحتـ

(" النظام صفة اإللزامية269F

١( أن مسيرة الحياة االجتماعية تتصف باالنتظام والثبات واالسـتقرار ولـو اسـتبعدت : ثانيا

العقوبـــة عـــن واقـــع المجتمـــع واســـتبدلت بتـــدابير جزائيـــة أخـــرى الختلفـــت مـــوازين الحيـــاة نخرم نظامها، وضاعت مصالحها. اية، و واضطربت الحياة اإلنسان

إن المقصـــــد العـــــام للشـــــريعة اإلســـــالمية هـــــو عمـــــارة األرض، وحفـــــظ نظـــــام " التعايش فيها، واستمرار صالحها بصالح المستخلفين فيهـا، وقيـامهم بمـا كلفـوا بـه مـن عــدل واســتقامة، ومــن صــالح فــي العقــل وفــي العمــل، واصــالح فــي األرض واســتنباط

)270F٢( "ير لمنافع المجتمعلخيراتها وتدب

خامسا: حماية حقوق اإلنسان:قرر البارئ عز وجل حقوق اإلنسان لخلقه، وبينها في شـرعه، وجعلهـا واجبـات دينيــة فــرض أداءهــا علــى العبــاد لتســلك طريقهــا للتطبيــق الفعلــي، مــع الثــواب لفاعلهــا،

والعقاب لمن يعتدي عليها. اية تلك الحقوق، منها: وثمة إجراءات اتخذها الشارع لرع

الشــارع الحكــيم فــي شــروط إثبــات جريمــة الزنــا بصــورة ينــدر معهــا إثبــات شــدد :أوال◌ الجريمــة إال إذا جــاهر بهــا صــاحبها جهــارا يخرجــه عــن حــد قضــاء الشــهوة إلــى فضــح الذات، وتشريعه لتلك الشروط أبلغ داللة على رعاية اإلسالم لحق اإلنسان، حتـى وان

كان مجرما.

. ٦٦٥ -٦٦٤، ص ٢هـ ، ج١٤١٨المدخل الفقهي العام ، مصطفى أحمد الزرقاء ، دمشق ،دار القلم ، )١(

. ٤٥مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها ، عالل الفاسي ، ص )٢(

١٠٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

أن منهج اإلسالم لرعاية المصالح سلك طريقين : : ثانيا تشريع األحكام التي تؤمن تكوين هذه المصالح وتوفر وجودها ." األول:

تشــــريع األحكــــام التــــي تحفــــظ هــــذه المصــــالح ، وترعاهــــا وتصــــونها ، وتمنــــع الثــــاني :ا أو االعتــداء االعتــداء عليهــا ، أو اإلخــالل بهــا ، وتــؤمن التعــويض عنهــا عنــد إتالفهــ

(" عليها271F

١(. وبذلك تصان حقوق اإلنسان وينعم بها، ويتمتع بإقرارها عمليا في واقع الحياة.

المؤمن محصن بحماية إال إذا انتهك حدا مـن حـدود اهللا أو تعـدى علـى حقـوق : ثالثا الغير فيؤاخذ بالعقوبة .

وســلم فــي حجــة الــوداع: اهللا بــن عمــر قــال: قــال رســول اهللا صــلى اهللا عليــه عــن عبــد(أال أي شـــــهر تعلمونـــــه أعظـــــم حرمـــــة " ؟ قـــــالوا:أال شـــــهرنا هـــــذا، قـــــال: " أال أي بلـــــد تعلمونــه أعظــم حرمــة "؟قــالوا:أال بلــدنا هــذا، قــال:" أال أي يــوم تعلمونــه أعظــم حرمــة"؟ ـــيكم دمـــاءكم وأمـــوالكم قـــالوا: أال يومنـــا هـــذا، قال:"فـــإن اهللا تبـــارك وتعـــالى قـــد حـــرم عل

فـي شـهركم هـذا أال هـل بلغـت ا كحرمـة يـومكم هـذا فـي بلـدكم هـذا كم إال بحقهـوأعراضبعـــدي ؟ كـــل ذلــك يجيبونـــه : أال نعــم ، قـــال : " ويحكــم أو ويلكـــم ال تــرجعن ) "(ثالثــا

() . كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض272F

٢( قـد يتسـاءل عــن كيفيـة الجمـع بــين تطبيـق العقوبـات والمحافظــة للوهلـة األولــى والنـاظر

لــى حرمــة المــؤمن كمــا ورد فــي الحــديث..... واإلجابــة : أن للمــؤمن حرمــة فــي دمــه عبـالتزام الشـريعة، وجعـل بها ، وأمر بحفظ حقوقه ، ثم كلفـه وماله وعرضه ، أكرمه اهللا

الحصانة الممنوحـة لـه مشـروطة بـذلك ، والمقصـد منهـا تحقيـق المحافظـة علـى حقـوق هـا، وانتهـك شـيئا منهـا زالـت عنـه الحصـانة حتـى األفراد والمجتمع ، فإن لم يحـافظ علي

يؤخذ منه الحق وتطبق عليه العقوبة . : وبذا يكون قد قرر اإلسالم مبدأين هامين من مقاصد العقوبة الشرعية

لمحافظة على حقوق اإلنسان والتأكيد على أهميتها وخطرها ومنزلتها. :ااألول"

٦١م ، ص ١٩٧٢العامة لوحدة الدين الحق ، وهبة الزحيلي،دمشق ، المكتبة العباسية ، ) األصول١()، كتاب الحدود، باب ظهر المؤمن حمى إال في حد أو حـق ، ج ٦٤٠٣)صحيح البخاري ،رقم الحديث ( ٢(

. ٢٤٩٠، ص ٦

١١٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

هـي المحافظـة علـى حقـوق األفـراد والمجتمـع أن هـذه الحقـوق يقابلهـا واجبـات : الثاني (" نتهك حدا أو حقا ألحد عوقب عليه افمن

273F

١(. ساوت العقوبة في الشريعة بين الشريف والوضيع ألن المقصود المحافظة علـى رابعا:

حقوقهم جميعا. ـــم يكتـــف اإلســـالم بحفـــظ حقـــوق المحافظـــة علـــى حقـــوق أهـــل الذمـــة :: خامســـا إذ ل

ب، وانما أكرم جنس اإلنسـان فـي ذاتـه ، وحفـظ لـه مقومـات حياتـه ، ومـن المسلم فحسأظهــر الــدالئل علــى ذلــك : حســن التعامــل مــع أهــل الذمــة الــذين يقيمــون بــين ظهرانــي المســلمين ،فقــد ضــمن لهــم حفــظ أنفســهم وأعراضــهم وأمــوالهم ، واذا دخــل أهــل الذمــة

ورسـوله صـلى اهللا عليـه وسـلم تحت أحكامنا حفظنا لهم حقـوقهم مـا دامـوا فـي ذمـة اهللا .

وقد ذكر الفقهاء رحمهـم اهللا وجـوب المحافظـة علـى حقـوقهم فـي ضـمان الـنفس بحكــم -أي أخــذ أهــل الذمــة -والعــرض والمــال ، قــال البهــوتي: " ويلــزم اإلمــام أخــذهم

اإلســــالم فــــي ضــــمان الــــنفس والمــــال والعــــرض، واقامــــة الحــــدود علــــيهم فيمــــا يعتقــــدون . ) 274F٢( تحريمه كالزنا "

أن رسـول اهللا صـلى اهللا عليـه وسـلم على هذا حديث عبد اهللا بـن عمـر: (ويدل أتي بيهودي ويهودية قد زنيا فانطلق رسـول اهللا صـلى اهللا عليـه وسـلم حتـى جـاء يهـود فقــــال: " مــــا تجــــدون فــــي التــــوراة علــــى مــــن زنــــا ؟ " قــــالوا: نســــود وجوههمــــا ونحملهمــــا

إن كنــتم صــادقين؟ فجــاءوا ال: " فــائتوا بــالتوراةونخــالف بــين وجوههمــا ويطــاف بهمــا قــوها حتى إذا مروا بآية الرجم وضع الفتى الذي يقـرأ يـده علـى آيـة الـرجم، وقـرأ بها فقرأ

ما بـين يـديها ومـا وراءهـا، فقـال لـه عبـد اهللا بـن سـالم وهـو مـع رسـول اهللا صـلى اهللا رجم، فأمر بهما رسول اهللا صلى عليه وسلم: مره فليرفع يده. فرفعها، فإذا تحتها آية ال

نقدية " ، عابد بن محمد السفياني ، حكم الزنا في القانون وعالقته بمبادئ حقوق اإلنسان في الغرب " دراسة )١(

. ٥٦ – ٥١هـ ، ص ١٤١٨

حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع ، جمع عبد الرحمن بـن محمـد بـن قاسـم العاصـمي النجـدي الحنبلـي )٢( . ٣٠٩، ص ٤هـ ، ج ١٤٢٣، الطبعة التاسعة ،

١١١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

اهللا عليــه وســلم فرجمــا، قــال عبــد اهللا بــن عمــر: كنــت فــيمن رجمهمــا، فلقــد رأيتــه يقيهــا (من الحجارة بنفسه ).

275F

١( فيما يلي: ذلك ظهر ويبناء تنفيذ عقوبة الجلد على اعتبارات إنسانية، سادسا:

أو المضروب نفسه، وهي على الضارب أو األداة اشترط الشارع شروطا سواء – ١تمثــل حصــانات للجنــاة، فــإذا تخلــف أي شــرط وأصــيب الجــاني بــأذى يعــد ذلــك

جناية في حقه، ويعرض فاعله للمساءلة. الـبطن –الفـرج –هناك مواضع ال يجوز جلدها في بـدن اإلنسـان مثـل ( الوجـه -٢

ـــى اإلتـــالف، ومقصـــد العقوبـــة تطهيـــر -الـــرأس – الصـــدر ) ألنهـــا مفضـــية إل لجاني وردع غيره ال التشفي واالنتقام. ا

المناســبين لتوقيــع العقــاب علــى –المكــان والزمـان –راعـت الشــريعة اإلســالمية – ٣ــــي رســــمتها الشــــريعة ــــة الت ــــار التربوي ــــا لآلث ــــاأللم، تحقيق ــــى يشــــعر ب الجــــاني حت

لمقاصد عقوبة الجلد. يــذ، فقــد اختلــف الصــحابة تمتــد المعــاني اإلنســانية لعقوبــة الجلــد إلــى مــا بعــد التنف –٤

ـــيهم فـــي شـــأن مـــاعز، فقـــال قائـــل " لقـــد هلـــك ، لقـــد أحاطـــت بـــه رضـــوان اهللا علخطيئتــه، وقــال آخــر: " مــا توبــة أفضــل مــن توبــة مــاعز " فكانــت كلمــة الفصــل

لقـد تـاب (لمعلم اإلنسـانية وراعـي حقـوق اإلنسـان الرسـول صـلى اهللا عليـه وسـلم: . )276F٢( )توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم

لقـــد تابـــت توبـــة لـــو قســـمت بـــين (وقـــال عليـــه الصـــالة والســـالم فـــي حـــق الجهنيـــة ســبعين مــن أهــل المدينــة لوســعتهم، وهــل وجــدت توبــة مــن أن جــادت بنفســها هللا

(تعالى 277F

٣( (

، ج كام أهل الذمة واحصـانهم إذا زنـواأح ) ، كتاب المحاربين ، باب٦٤٥٠صحيح البخاري ، رقم الحديث ( )١(

) ، كتـاب الحـدود ، بـاب رجـم اليهـود أهـل الذمـة فـي ١٦٩٩. صحيح مسلم ،رقم الحديث ( ٢٥١٠، ص ٦ . ١٣٢٦، ص ٣الزنا ، ج

ـــم الحـــديث ( ٢( ـــاب الحـــدود ، بـــاب مـــن ١٦٩٥) صـــحيح مســـلم ، رق ) ، راوي الحـــديث : ســـليمان بـــن بريـــده ، كت . ١٣٢١، ص ٣نا ، ج اعترف على نفسه بالز

) ، راوي الحـــديث : عمـــران بـــن حصـــين ، كتـــاب الحـــدود ، بـــاب مـــن ١٦٩٦) صـــحيح مســـلم ، رقـــم الحـــديث ( ٣( . ١٣٢٤، ص ٣اعترف على نفسه بالزنا ، ج

١١٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وممــا ســبق يتبــين أن مراعــاة حقــوق اإلنســان أصــل فــي اإلســالم وليســت طارئــا سة لقضاء مآرب خاصة. يتجمل به المفكرون، وال حجة يتذرع بها السا

ـــى ـــه نـــص عل ـــم يتـــرك اإلســـالم حـــق اإلنســـان عرضـــة لالســـتنباط الفكـــري، ولكن ولرعايتهـا وحمايــة جنابهـا بنصــوص قاطعـة ال تقبــل التأويـل أو التغييــر، وان دينـا يــتلمس مراعــاة نفــس اإلنســان فــي كــل شــيء حتــى فــي حالــة معاقبتــه إيــاه لــدين رحمــة ونبــراس

عدالة. تهذيب الجاني وتطهيره : سادسا :

إن الشـــريعة اإلســـالمية راعـــت حـــق المـــرء حتـــى فـــي حـــال جنايتـــه، ولـــم تشـــرع العقوبة انتقاما منه بل زجرا له وردعا لغيره، وقد فهم الصحابة رضوان اهللا عليهم ذلـك

اهللا عليـــه وســـلم يقـــول : (يـــا المعنـــى فهمـــا عميقـــا، فجـــاء مـــاعز إلـــى رســـول اهللا صـــلى ( ).طهرني من الزنا رسول اهللا،

278F

١( ولـــو كـــان مقصـــد العقوبـــة إهانـــة المجـــرم أو إهـــدار قيمتـــه أو االنتقـــام منـــه لمـــا

تصور أن يسعى الجاني بنفسه إلهدار قيمة نفسه !! ولقــــد ظهــــر اســــتهداف اإلســــالم تهــــذيب الجــــاني وتطهيــــره قبــــل جنايتــــه، وحــــال

في معايشته لمجتمعه. جنايته، وأثناء تطبيق العقوبة عليه، وبعد تطبيقها فقد منع الشارع أسباب الفتنة قطعا لدابرها، وحماية لضعيف النفس مـن الوقـوع

فيها، ثم ندب الشـارع إلـى السـتر فقـال صـلى اهللا عليـه وسـلم:( ال يسـتر عبـد عبـدا فـي (الــدنيا إال ســتره اهللا يــوم القيامــة ).

279F

وقــال: ( تعــافوا بالحــدود فيمــا بيــنكم، فمــا بلغنــي )٢(من حد فقد وجب )

280F

. وغلظ في طرق اإلثبات، وجعل الشهود عليه بين أمـرين: إمـا )٣ أن يكتملوا أربعة أو يجلدوا حد المفتري.

١١٥) انظر تخريج الحديث ، ونصه كامال ، ص ١(

تــاب البــر والصــلة واآلداب ، بـــاب ) ، راوي الحــديث : أبــو هريــرة ، ك٢٥٩٠) صــحيح مســلم ، رقــم الحــديث ( ٢( ٢٠٠٢، ص ٤بشارة من ستر اهللا عيبه في الدنيا بأن يستر عليه في اآلخرة ، ج

) ، راوي الحـديث : عبـد اهللا بـن عمـرو بـن العـاص ، كتـاب الحـدود ، ٤٣٧٦) سنن أبي داود ، رقـم الحـديث ( ٣(كـر الحـاكم فـي المسـتدرك:" بـان الحـديث . وذ ٥٤٠، ص ٤باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان ، ج

.٤٢٤، ص ٤)، ج٨١٥٦صحيح في اإلسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي" ، رقم الحديث (

١١٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وفـــي تطبيـــق العقوبـــة راعـــى الرحمـــة بـــه والشـــفقة عليـــه. ثـــم حـــث المجتمـــع علـــى تقبـــل ديـة الجاني بعد تنفيذ العقوبة، وعدم التضـييق عليـه فـي رزقـه مـن أجـل سـد السـبل المؤ

(لإلجرام. 281F

١ ( ، أن عـــرفهم علـــى : " بلـــغ مـــن ســـعة رحمتـــه جـــل ثنـــاؤهالشاشـــي يقـــول القفـــال

لســان رســول اهللا صــلى اهللا عليــه وســلم أن الحــدود كفــارات ... يشــير بــذلك إلــى زوال بتبعــات الجنايــات المحــدود فيهــا فــي الــدنيا .....إذا كانــت المؤاخــذة عــنهم فــي اآلخــرة

(بة واإلنابة ".من المحدودين التو 282F

٢( يقـــول ابـــن القـــيم رحمـــه اهللا : " ثـــم بلـــغ مـــن ســـعة رحمتـــه وجـــوده أن جعـــل تلـــك العقوبـات كفــارات ألهلهــا وطهــره تزيــل عـنهم المؤاخــذة بالجنايــات إذا قــدموا عليهــا ، وال سيما إذا كان منهم بعدها التوبة النصوح واإلنابـة ، فـرحمهم بهـذه العقوبـات أنواعـا مـن

)283F٣( ." لدنيا واآلخرةالرحمة في ايقــــول ابــــن تيميــــة: " إن العقوبــــات الشــــرعية كلهــــا أدويــــة نافعــــة يصــــلح اهللا بهــــا

ومـا {مرض القلوب، وهي من رحمة اهللا بعباده، ورأفته بهم، الداخلة في قوله تعـالى:

فمن ترك هذه الرحمة النافعة لرأفـة يجـدها بـالمريض )284F٤( }أرسلناك إال رحمة للعالمين

ان علـــى عذابـــه وهالكـــه، وان كـــان ال يريـــد إال الخيـــر، إذ هـــو فـــي ذلـــك فهـــو الـــذي أعـــجاهل أحمق، كما يفعله بعض النساء والرجال بمرضاهم، وبمـن يربـونهم مـن أوالدهـم، وغلمــانهم وغيــرهم فــي تــرك تــأديبهم وعقــوبتهم علــى مــا يأتونــه مــن الشــر، ويتركونــه مــن

(م، وهالكهم ". الخير، رأفة بهم، فيكون ذلك سبب فسادهم، وعدوانه285F

٥ ( ـــارة ألحـــد وجهـــين ، ألن العاصـــي إمـــا ـــدهلوي : " والحـــد يكـــون كف أن يقـــول ال

ه ، مسـلما وجهـه هللا ، فالكفـارة فـي حقـه توبـة عظيمـة ... يكون منقادا ألمر اهللا وحكمت

النظــام العقــابي اإلســالمي : دراســة مقارنــة ، أبــو المعــاطي حــافظ أبــو الفتــوح ، مصــر ، دار التعــاون للطبــع )١(

. ١٥١م ، ص ١٩٧٦والنشر ، توزيع دار األنصار ، / أ . ٢) محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل٢(

.٧٥-٧٤، ص ٢) إعالم الموقعين، ابن القيم ، ج٣( ١٠٧) سورة األنبياء ، اآلية ٤(

. ٢٩٠، ص ١٥فتاوى ابن تيمية ، ج )٥(

١١٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

لعمـل يقتضـي فـي حكمـة اهللا أن واما أن يكون إيالمـا لـه وقسـرا عليـه ، وسـر ذلـك أن ا( أو ماله، فصار مقيم الحد خليفة اهللا في المجازاة. في نفسه يجازى

286F

١( وفـي العقوبـة تطهيـر للــنفس مـن أثـر الــذنب، تفـتح لـه بــاب التوبـة النصـوح التــي تفيء بصـاحبها إلـى رحـاب اهللا جـل وعـال، وتجعلـه محـال لبركتـه بعـد أن كـان مسـتحقا

بــي صـــلى اهللا أن امــرأة مـــن جهينــة أتـــت الن(بــن الحصـــين: نلغضــبه. فقــد روى عمـــراعليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالـت: يـا نبـي اهللا أصـبت حـدا فأقمـه علـى فـدعا نبـي اهللا صلى اهللا عليـه وسـلم وليهـا، فقـال: " أحسـن إليهـا فـإذا وضـعت فـائتني بهـا " ففعـل فــأمر بهــا نبــي اهللا صــلى اهللا عليــه وســلم فشــكت عليهــا ثيابهــا ثــم أمــر بهــا فرجمــت، ثــم

قـال لـه عمـر: تصـلى عليهـا يـا نبـي اهللا وقـد زنـت ؟! فقـال : "لقـد تابـت صلى عليهـا. ففضــل مــن أن توبــة لــو قســمت بــين ســبعين مــن أهــل المدينــة لوســعتهم، وهــل وجــدت أ

(. )جادت بنفسها هللا تعالى287F

٢( وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: جاء ماعز بن مالك إلـى النبـي صـلى اهللا

هللا طهرنــي. فقــال : " ويحــك ، ارجــع فاســتغفر اهللا وتــب عليــه وســلم فقــال: يــا رســول اإليــه"، قــال : فرجــع غيـــر بعيــد ، ثــم جـــاء فقــال : يــا رســـول اهللا طهرنــي . فقــال النبـــي صـلى اهللا عليـه وسـلم مثـل ذلـك ، حتـى إذا كانـت الرابعـة قـال لـه رسـول اهللا صــلى اهللا

صـلى اهللا عليـه وسـلم: عليه وسلم: " فيم أطهرك ؟ " فقال: من الزنا. فسأل رسـول اهللاأنه ليس بمجنـون. فقـال : " أشـرب خمـرا" ؟ فقـام رجـل فاسـتنكهه، "أبه جنون "؟ فأخبر

فلــم يجــد منــه ريــح خمر.قال:رســول اهللا صــلى اهللا عليــه وســلم: " أزنيــت ؟ فقــال: نعــم. ) 288F٣(فأمر به فرجم ".

اهللا عليـه : قـال كنـا عنـد النبـي صـلى وعن عبادة بن الصـامت رضـي اهللا عنـهوا، وال تزنـوا، ال تشـركوا بـاهللا شـيئا، وال تسـرق وسلم في مجلس فقال: " بايعوني على أن

. ١٠٦٢، ص ٢حجة اهللا البالغة ، شاه ولي اهللا الدهلوي ،ج )١(

) ، راوي الحـــديث : عمـــران بـــن حصـــين ، كتـــاب الحـــدود ، بـــاب مـــن ١٦٩٦)صـــحيح مســـلم ، رقـــم الحـــديث ( ٢( . ١٣٢٤، ص ٣اعترف على نفسه بالزنا ، ج

ـــم الحـــديث ( ٣( ـــاب الحـــدود ، بـــاب مـــن ١٦٩٥) صـــحيح مســـلم ، رق ) ، راوي الحـــديث : ســـليمان بـــن بريـــده ، كت . ١٣٢١، ص ٣اعترف على نفسه بالزنا ، ج

١١٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

مــنكم فــأجره علــى اهللا، ومــن أصــاب مــن ذلــك شــيئا فعوقــب بــه فهــو كفارتــه، فمــن وفــى(ومن أصاب من ذلك شيئا فستره اهللا عليه، إن شاء غفر له، وان شاء عذبه".

289F

١( طالب رضي اهللا عنه قال: قال رسول اهللا صلى اهللا عليـه وروى علي بن أبي

وســلم: "مــن أصــاب حــدا فعجــل عقوبتــه فــي الــدنيا فــاهللا أعــدل مــن أن يثنــي علــى عبــده العقوبــة فــي اآلخــرة، ومــن أصــاب حــدا فســتره اهللا عليــه وعفــا عنــه، فــاهللا أكــرم مــن أن

(يعود إلى شيء قد عفا عنه ". 290F

٢( ــــوي الســــام ــــي فضــــاء وهــــذا الهــــدي النب ي يســــمح للــــذات اإلنســــانية أن تحلــــق ف

الفضـــائل بعـــد أن تســـقط فـــي حمـــأة الرذيلـــة، ثـــم ال تعيـــد المـــرء إلـــى ســـابق عهـــده قبـــل المعصـــية بـــل ترفعـــه إلـــى منزلـــة مـــن لـــو قســـمت توبتـــه علـــى ســـبعين مـــن أهـــل المدينـــة

لوسعتهم. سابعا: تحقيق السعادة للعباد في المعاش والمعاد:

ي العقوبة سعادة ما دام متصال بطاعة اهللا لشعوره: يجد الفرد المسلم ف بمصدرية العقوبة من اهللا العلى القدير الذي ال يرقى إلى قراره نقد معيب. – ١شـــعوره باســـتحالة اإلفـــالت مـــن قبضـــته ألن أمـــره إذا أراد شـــيئا أن يقـــول لـــه كـــن – ٢

فيكون. ــدنيا واآلخــرة، وفيــه مــا – ٣ يكفــي لاللتــزام بــأوامره حــين شــعوره بشــمول ســلطانه فــي ال

تغيب كل رقابة دنيوية !! وكــم يــؤدي الجهــل بمقاصــد العقوبــة ومضــامينها مــن قلــب الحيــاة مــن ســعادة إلــى شــقاء وقلق مستمر ال يزيله إال الفهم الواعي للمعاني اإلنسانية التربوية من وراء تطبيـق هـذه

العقوبة دنيويا أو أخرويا.

. ٢٤٩٠، ص ٦) ، كتاب الحدود ، باب الحدود كفارة ، ج ٦٤٠٢صحيح البخاري ، رقم الحديث ( )١( ،٥ يزنـي الزانـي وهـو مـؤمن ، ج) ، كتـاب اإليمـان ، بـاب مـا جـاء : ال٢٦٢٦) سنن الترمذي ، رقم الحديث ( ٢(

ـــذهبي فـــي ١٦ص ـــم يخرجـــاه ووافقـــه ال ـــأن الحـــديث صـــحيح اإلســـناد ول . وذكـــر الحـــاكم فـــي المســـتدرك:" ب. وحكـــم عليـــه الســـيوطي :" بأنـــه صـــحيح" . راجـــع الجـــامع ٤٨، ص ١) ، ج١٣يث (التلخـــيص"، رقـــم الحـــد

.١٤) ، ص ٨٤٤٨الصغير للسيوطي، رقم الحديث (

١١٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

عليــه وســلم:( اعملــوا فكــل ميســر، أمــا أهــل الســعادة فييســرون يقــول الرســول صــلى اهللا (لعمـــل أهـــل الســـعادة، وأمـــا أهـــل الشـــقاوة فييســـرون لعمـــل أهـــل الشـــقاوة )

291F

،ثـــم قـــرأ : )١

فأمـــا مـــن أعطـــي واتقـــي، وصـــدق بالحســـنى ، فسنيســـره لليســـرى ، وأمـــا مـــن بخـــل {

(. }واستغنى ، وكذب بالحسنى، فسنيسره للعسرى292F

٢(

هــم، وهــذا بــين لــيس وراء ل ا ن فــي معاقبــة المفســدين إصــالحإ: " شــي الشايقــول القفــال ـــك االمتنـــاع والعمـــل بـــه، إال أمـــزاج النـــاس، واهمـــالهم، واباحـــة التظـــالم، والتهـــارج، وذل

(محظور في العقول "293F

٣( ويقــول ابــن تيميــة : " المقصــود هنــا أنــه صــلى اهللا عليــه وســلم بــين أن العواقــب التــي

(عمال التي يصيرون بها إلى ذلك".قاوة ييسرون لها باألخلق لها الناس سعادة وش294F

٤( ومـن دسـى نفسـه أظلـم قلبـه ، فمن زكـى نفسـه ، وأصـلح عملـه سـعد فـي الـدنيا واآلخـرة

بالمعصــية ، وانحرفــت جوارحــه عــن الخلــق القــويم وشــقي بقــدر ذلــك فــي الــدنيا ، "واذا مـع مـا فيـه مـن الشـر "، علم اإلنسان أن السيئة من نفسه لم يطمع في السـعادة التامـة

)295F٥(. }من يعمل سوءا يجز به {: تعالى بل علم تحقيق قوله

)296F٦(.}فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره {وقوله تعالى:

ـــم تصـــل إلـــى الســـعادة والوحـــدة واســـتقراء التـــاريخ يـــدل علـــى أن أمـــه اإلســـالم ل وآداب هذا الدين منهاجا ونبراسا. والوئام إال بعد أن أخذت من أحكام

يقول محمد الطاهر بن عاشور: " وبذلك تكـون الشـريعة مسـتهدفة تحقيـق مقصـد عـام، وهو إسعاد األفراد والجماعة، وحفـظ النظـام، وتعميـر الـدنيا بكـل مـا يوصـل إلـى الخيـر

) ، راوي الحــديث : علــي بـن أبــي طالــب ، كتــاب القــدر ، بــاب كيفيــة ٢٦٤٧صـحيح مســلم ، رقــم الحــديث ( )١(

٢٠٣٩، ص ٤ه وسعادته،ج الخلق اآلدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوت

. ١٠ – ٥سورة الليل ، اآليات )٢(

/ ب . ٣محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل )٣(

) التحفـة العراقيـة فـي األعمــال القلبيـة ، أحمـد بـن عبــد الحلـيم بـن عبـد الســالم بـن تيمية،ضـمن مجمـوع الرســائل ٤( . ١٥، ص ٢، ج القاهرة ، إدارة الطباعة المنيرية المنيرية ،

. ١٢٣سورة النساء ، آية )٥(

. ٨، ٧ نسورة الزلزلة، اآليتا )٦(

١١٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ارين والكمال اإلنساني، حتى تصير الدنيا مزرعة لآلخـرة، فيحظـى اإلنسـان بسـعادة الـد .")

297F

١( والعقـــل يشـــهد بمـــا دل عليـــه الشـــرع، إذ مـــا مـــن صـــاحب عقـــل ســـوي، وفطـــرة "

ســليمة يبلغــه الشــرع المطهــر، إال ويقطــع بــأن أحكامــه جــاءت حاويــة لجميــع المصــالح والخيــــر، قاطعــــة لجميــــع المفاســــد والشــــر. " فالشــــرائع كلهــــا وبخاصــــة شــــريعة اإلســــالم

جــــــل، أي فــــــي حاضــــــر األمــــــور جــــــاءت لمــــــا فيــــــه صــــــالح البشــــــر فــــــي العاجــــــل واآل(وعواقبها".

298F

٢( وبتأمل سيرة الصحابة رضوان اهللا عليهم الذين ارتـووا مـن المعـين النبـوي، نـرى

الصحابي الذي يخطئ فيزني، ثم يقارن بين عقوبة اآلخرة وعقوبـة الـدنيا، فتهـون عليـه الحــد عليــه نفســه أن يبــذلها تكفيــرا عــن ســيئته، وتطهيــرا لروحــه، ويتكلــف طلــب إقامــة

حتى يلقى ربـه وهـو راض عنـه، لينتهـي بعـد ذلـك بشـهادة نبويـة مباركـة (لقـد تـاب توبـة (لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم)

299F

٣( ـــاه فـــي ـــذ اســـتخلف اهللا أب ـــزمن الماضـــي " من ـــداده فـــي ال إن شـــعور المســـلم بامت

صــغر هــذه الحيــاة األرض، ودوامــه فــي المســتقبل " البعــث بعــد المــوت " ليطلعــه علــى التي يعيشها، وأين تكون نقطة بين األزل واألبد !!

وحين ينظر المرء إلى الحياة بهذه الصورة يهون لديه ألم عـارض ( جـزاء وفاقـا علــى طلــب لــذة عارضــة ) أمــام مغفــرة اهللا تعــالى ورضــوانه، ويجــد مــا يلقــاه مــن مشــقة

العقوبة هينا في جنب التكفير عن سيئته. : تطهير المجتمع من الرذائل وحماية الفضائل : ثامنا

ــــي منــــه إن مــــن أهــــم مقاصــــد اإلســــالم: بنــــاء المجتمــــع اإلســــالمي الــــذي تختف الرذائل، وتسود فيه القيم واآلداب والفضائل.

. ٦٣مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ص )١(

. ١٣) المرجع السابق ، ص ٢(

) ، راوي الحـــديث : عمـــران بـــن حصـــين ، كتـــاب الحـــدود ، بـــاب مـــن ١٦٩٦) صـــحيح مســـلم ، رقـــم الحـــديث ( ٣( . ١٣٢٤، ص ٣ه بالزنا ، ج اعترف على نفس

١١٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وغــرس اإلســالم فــي نفــوس أفــراده تقويــة الــوازع الــديني، وحــثهم علــى فعــل الخيــر والبعــد واإلغراق في الرذائل والملذات. عن الشر واالنغماس في الشهوات

وحث اآلحاد على التواصي بالحق والصبر، وأقام الدولة لتردع العاصي بقوة السـلطان (وشرع العقوبات التي تحمي الفضيلة واألخالق.

300F

١( وال ينظـــر اإلســـالم فـــي تشـــريعه للعقوبـــة إلـــى مقـــدار الجريمـــة بالنســـبة للمجنـــي

ار الجريمــة فــي المجتمــع ســواء أكانــت قريبــة أم عليــه، وانمــا ينظــر فيهــا إلــى مقــدار آثــ بعيدة.

والفضــيلة التــي عمــل اإلســالم علــى حمايتهــا هــي الفضــيلة الخلقيــة التــي تــنظم السلوك اإلنسـاني العـام مـن غيـر نظـر إلـى إرضـاء النـاس أو مالءمتهـا ألغراضـهم إذا

خيـرا كانـت كانت فاسدة، فال تخضع الشريعة اإلسالمية لألوضاع وال ألعراف الناس، أو شرا، وانما تتجه إلى الحقيقة المجردة، تتجه إلى الفضائل تحميهـا وتـذود عنهـا والـى

(الرذائل تمنعها وتقضى عليها. 301F

٢( ولعــل أبــين مثــال علــى ذلــك أن الشــريعة اإلســالمية تعاقــب علــى الزنــا فــي كــل

–ظــام اهللاألنــه خــروج علــى ن –األحــوال والصــور ألنهــا تعتبــره جريمــة تمــس األخــالق ـــــك ناشـــــئ عـــــن أن واذا فســـــدت األخـــــالق فســـــدت الجماعـــــة وأصـــــابها االنحـــــالل، وذلالعقوبـات الشـرعية تقـوم علـى الـدين اإلسـالمي، والـدين يـأمر بمحاسـن األخـالق ويحـث ـــى تكـــون الجماعـــة الصـــالحة، أمـــا ســـبب اســـتهانة األنظمـــة علـــى الفضـــائل ويهـــدف إل

قوم على أسـاس مـن الـدين، وانمـا تقـوم علـى البشرية باألخالق، فألن هذه األنظمة ال ت(أساس الواقع وما تعارف الناس عليه من عادات وتقاليد.

302F

٣( وهكـذا تعمـل عقوبــة الجلـد ضـمن منظومــة العقوبـات البدنيـة التــي قررهـا الشــارع علــــى تطهيــــر المجتمــــع اإلســــالمي مــــن الرذائــــل ورعايــــة كــــل القــــيم واآلداب والفضــــائل

ي إلى السالمة والنقاء. وصوال بالمجتمع اإلسالم

. ١٩٧العقوبة ، أبو زهرة ، ص )١(

. ١٧) المرجع السابق ، ص ٢(

. ٧١ – ٧٠، ص ١التشريع الجنائي اإلسالمي ، عبد القادر عوده ، ج )٣(

١١٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

تمع : من مشاهدة صورة حية واقعية تطبيقية للمجتاسعا :تمكين الفرد الفـرد المسـلم مـن مشـاهدة صـورة حيـه واقعيـة تطبيقيـه للمجتمـع ن قيمة التطبيق تمكـن إ

. فراده بالعيش في ظل حضارة مثاليةاإلسالمي الذي انتفع أباب الجريمة بقطع األعذار أمامـه حتـى فحين يوصد اإلسالم في طريق اإلنسان "

ــــه الســــقطة ــــه إذا مــــا كانــــت من ــــرر العقوبــــة المناســــبة ل فــــي ال يعــــاني آالم شــــرها، ويقنشـئ فـي أبنائـه المشـاعر الخلقيـة العاليـة، ويربـي فـيهم مهاويها. فإنه في الوقـت نفسـه ي ــالقــيم اإلنســانية النبيلــة، فــال يع ان يتخــبط فــي ر إنســان بإثمــه، وال يتــرك فريســة للشــيطي

(. "ردغـة الجريمـة303F

بـل إنـه ينـزلهم فــي المجتمـع اإلسـالمي منـازل األعضـاء المكــرمين )١رســول اهللا صــلى اهللا عليــه وســلم فــي فقــد نهــى . مــرة أخــرى ال منــازل الجنــاة اآلثمــين

حديث أبي هريرة المسلمين عن سب مـن أقـيم عليـه حـد الخمـر حينمـا قـالوا لـه: أخـزاك (. ا، وال يعينوا الشيطان على أخيهميقولوا هكذ اهللا . بل أمرهم أال

304F

وفـي حـديث عمـر )٢بن الخطاب نهى عليه الصالة والسالم عن سـب الصـحابي الـذي شـرب الخمـر، وقـال

(صلى اهللا عليه وسلم: ( ال تلعنوه، فواهللا ما علمت إال أنه يحب اهللا ورسوله).305F

٣( عن لعن المحدود والوقـوع " نهى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم :الدهلوييقول

فيه ، لئال يكـون سـببا المتنـاع النـاس مـن إقامـة الحـد ، وألن الحـد كفـارة ، والشـيء إذا (يكن " أن لم تدورك بالكفارة ك

306F

٤(. حينمــا اهللا صــلى اهللا عليــه وســلم بعــد رجــم مــاعز بــن مالــكقــد غضــب رســول و

تر اهللا عليــه فلــم : " انظــر إلــى هــذا الــذي ســ يقــول لصــاحبهصــحابته مــن ســمع رجــال تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب ".فلم يرد عليـه الصـالة والسـالم عليهمـا، ولكنـه سـار ساعة حتى مـر بجيفـة حمـار شـائل برجلـه فقـال: " أيـن فـالن وفـالن ؟ " . فقـاال: نحـن ذان يا رسول اهللا ! " . قال:"انزال فكال من جيفة هذا الحمار ". فقـاال : " يـا نبـي اهللا ،

وما بعدها . ١٦الجريمة ، أبو زهرة ، ص )١(

الحدود ، باب الضرب بالجريد والنعال ، ) ، كتاب ٦٣٩٥) نص الحديث في صحيح البخاري ، رقم الحديث ( ٢( . ٢٤٨٨، ص ٦ج

) ، كتـاب الحـدود ، بـاب مـا يكـره مـن لعـن شـارب الخمـر وأنـه لـيس ٢٣٩٨صحيح البخاري ، رقم الحديث ( )٣( . ٢٤٨٩، ص ٦بخارج عن الملة ، ج

. ١٠٧٨، ص٢حجة اهللا البالغة ، شاه ولي اهللا الدهلوي، ج )٤(

١٢٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

منـه، والـذي أكل من هذا" ؟ قال:" فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشـد مـن أكـل من ي(نفسي بيده إنه اآلن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها ".

307F

١( وهنـــا يرســـي رســـول اهللا صـــلى اهللا عليـــه وســـلم مبـــدأ أن المـــؤمنين إخـــوة وان زلـــت قـــدم

ولـه صـلى اهللا عليـه ق أحدهم فعصى، إذ ال تنفي عنه معصيته أساس أخوته، ومـا أرق ( وســلم: ( ال تعينــوا الشــيطان علــى أخــيكم )

308F

ومــا أســماه مبــدأ ينفــي مــن نفــس القــائم )٢بالعقوبـــة افتخـــاره علـــى الجـــاني، ومـــن نفـــس الجـــاني ذلتـــه أمـــام المجتمـــع، ويعيـــده بعـــد

تطبيق العقوبة إلى مكانه السابق في األمة عضوا فاعال ال مجرما متخاذال. ابق التام بين الجريمة والعقوبة : عاشرا : التط

لقد اعتمد التشريع اإلسالمي على التطابق التـام بـين الجريمـة والعقوبـة، وترتـب علــى ذلــك نتيجــة هامــة ترتكــز علــى أن العقوبــة تحقــق كافــة مــا يرجــى لهــا مــن وظــائف

وغايات.وكلــــوا إلــــى عقــــولهم مــــن ترتيــــب هــــذه ن النــــاس لــــو إ" : الشاشــــي يقــــول القفــــال

جـــل مؤونـــة ياء ... تفاوتـــت بهـــم اآلراء، وتشـــعبت بهـــم األقـــوال، فكفـــى اهللا عـــز و األشـــ(عنهم تكلفة االستنباط في مقاديرها بأصول نصبها لهم " االجتهاد فيها، وأزال

309F

٣( وقـــد شـــرع اهللا ســـبحانه وتعــــالى العقوبـــات فـــي الجنايــــات الواقعـــة بـــين النــــاس "

اض واألمـوال، كالقتـل والجـرح والقـذف بعضهم على بعض في النفوس واألبـدان واألعـر والســــرقة، فــــأحكم ســــبحانه وجــــوه الزجــــر الرادعــــة عــــن هــــذه الجنايــــات غايــــة اإلحكــــام، وشــرعها علــى أكمــل الوجــوه المتضــمنة لمصــلحة الــردع والزجــر مــع عــدم المجــاوزة لمــا

)310F٤(." يستحقه الجاني من الردع

. ٥٨٠، ص ٤) ، كتــاب الحــدود ، بــاب رجــم مــاعز بــن مالــك ، ج ٤٤٢٨رقــم الحــديث ( ســنن أبــي داود ، )١(

) ، كتـاب الحـدود ، بـاب مـن اعتـرف ١٦٩٥واصل الحديث فـي الصـحيحين . صـحيح مسـلم ، رقـم الحـديث (، ٣. والرواية المذكورة ألبي داود. راجـع جـامع األصـول ، ابـن األثيـر ، ج١٣٢١، ص ٣على نفسه بالزنا،ج

. ٥٢٣ص

) ، راوي الحـديث : أبـو هريـرة ، كتـاب الحـدود ، بـاب الضـرب بالجريـد ٦٣٩٥)صـحيح البخـاري، رقـم الحـديث (٢( . ٢٤٨٨، ص ٦والنعال ، ج

/ ب .١)محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل ٣( .٩٥، ص ٢) إعالم الموقعين ، ابن القيم ، ج ٤(

١٢١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ب العقوبــات، ولــو وكــل ولتفــاوت مراتــب الجنايــات لــم يكــن بــد مــن تفــاوت مراتــ" إلـى عقـول النــاس معرفـة ذلــك، وترتيـب كــل عقوبـة علـى مــا يناسـبها مــن الجنايـة جنســا ووضـعا وقــدرا لــذهبت بهــم اآلراء كــل مــذهب، وتشــعبت بهــم الطــرق كــل شــعب، ولعظــم االخــتالف، واشــتد الخطــب كمــا هــو حــال األنظمــة المطبقــة فــي كثيــر مــن أنحــاء العــالم

ســنه أرحــم الــراحمين، وشــرعه أعــدل العــادلين، بعــد أن كفــاهم ســبحانه التــي رفضــت مــا مؤنــة البحــث فــي العقوبــة المناســبة وأزال عــنهم كلفتهــا، وتــولى بحكمتــه وعلمــه ورحمتــه واحاطته تقديرها نوعا وقدرا، ورتب على كل جناية ما يناسبها من القـوة ويليـق بهـا مـن

(. " النكال311F

١( لجريمـة الزنـا، وعادلـة فـي حـق الزانـي البكـر الـذي يفسـد فعقوبة الجلد مساوية "

النسل، ويشـكك فـي األبنـاء، وينخـر روابـط األسـرة التـي ينحـل معهـا المجتمـع. والعقـاب هنـا مســاو ومطــابق لتلــك الجريمـة التــي تخلــع عــن صـاحبها رقبــة اإليمــان إال أن يتــوب

". )312F٢( بــة القـــذف والوالــغ فـــي وكــذلك يظهـــر أثــر التطـــابق بــين جنايـــة الجــاني فـــي عقو

أعراض الناس والمـدنس لشـرفهم وكـرامتهم وأعراضـهم، وكـذلك جنايـة السـكر والمتعـدي علــى أفضــل مــا كــرم بــه اهللا اإلنســان وشــرفه وهــو العقــل ومــا ترتــب عليــه مــن عقوبــة

مناسبة عادلة.إن عقوبة الجلد تتناسب مـع قـدر الضـرر النـاجم عـن الجـرائم المرتكبـة تناسـبا "

إشــفاء غــيظ المجنــي عليــه وذويــه والمجتمــع، بــل والشــعور بالعدالــة لــدى العامــة، يكفــل وعندما نوازن بين العقوبة وما رتبته الجريمة من أضرار فردية واجتماعيـة نجـد العقوبـة

(" مناسبة ومالئمة313F

٣( .

. ٩٦، ص ٢) المرجع السابق ، ج ١( . ٤٨ة ، أبو زهرة ، ص) الجريم٢() آفــاق تطــوير العقوبــة وأبعادهــا المســتقبلية ومــردوده علــى ترشــيد السياســة الجنائيــة ، أحمــد ضــياء الــدين محمــد ٣(

.١١٥هـ، ص١٤١٨، رمضان ١٩٩٨، يناير ١٣خليل، مجلة مركز بحوث الشرطة ، اإلمارات، عدد

١٢٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ويــدل التطــابق التــام بــين الجريمــة والعقوبــة علــى عــدل وفضــل اهللا تعــالى فيمــا

وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمـن عفـى وأصـلح فـأجره علـى {قال تعالى: يشرعه لعباده،

)314F١( }اهللا

ومن صور التطابق بين الجريمة والعقوبة مالءمة المكـان الموقـع عليـه العقوبـة " فلــم يشــرع فــي الكــذب ، مــن جســد الجــاني للجــرم الــذي قــام بــه، مــن غيــر تجــن عليــه

في السرقة إعدام النفس، وانما شرع لهم في ذلك قطع اللسان وال في الزنا الخصاء والمـــا هـــو موجـــب أســـمائه وصـــفاته مـــن حكمتـــه ورحمتـــه ولطفـــه واحســـانه وعدلـــه، لتـــزول النوائــب ، وتنقطــع األطمــاع عــن التظــالم والعــدوان، ويقتنــع كــل إنســان بمــا آتــاه مالكــه

(وخالقه فال يطمع في استالب غيره حقه" 315F

٢( . ارع قد فرق بين الجلد والرجم في الزنا، وان كان والدليل على ذلك أن الش

كالهما عقوبة تعم جميع البدن، ألن اللذة واالستمتاع بالزنا يعم جميع البدن، غير أنهما افترقا في اإلحصان وعدمه، فالمحصن الذي يجد ما يعف به نفسه، ثم ال يكفه

ذلك عن غشيان محارم الناس، ال عذر له في مواقعة جرمه. البكر.. فهو بين دافع الغريزة وضابط الشرع، ال يجد لنفسه ما يستغني بهأما وقد راعت العقوبة حال الجاني وحق المجتمع، فحقنت دمه، ولم تدعه ليستمرئ ،

جرمه ويعاود اقترافه، فأوقعت عليه عقوبة تناسب حاله: جلد مائة، وتغريب عام. بقضــاء ، والتلــذذ ي بجميــع بدنــه" أمــا الزانــي فإنمــا يزنــ: الشاشــي يقــول القفــال

الزانيـة المزنـي بهـا إيـاه، فهـو إال بمراضـاة عأن فعلـه ال يقـشهوته تعـم البـدن، واألغلـب فعوقب بما يعم بدنـه مـن الجلـد مـرة والقتـل ، غير خائف ما يخافه السارق من الطالب

لتعــاون ، لمــا فيــه مــن اخــتالط األنســاب التــي يبطــل معهــا التقــارب وا بــالرجم مــرة أخــرىارك فـي معانيهـا أو ، وفـي هـذا هـالك للحـرث والنسـل، فشـ والنهاض على أحيـاء الـدين

عــن مثــل فعلــه فيــه هــالك مــا ذكرنــا، فزجــر عنــه بالقصــاص ليرتــدع أكثرهــا القتــل الــذي ، ويبقى الحرث والنسل وعمـارة الـدنيا التـي تتوصـل إلـى إقامـة العبـادات فيعود من يهم

.٤٠) سورة الشورى، آية ١( . ٩٥، ٩٣، ص ٢م ، ج) إعالم الموقعين، ابن القي٢(

١٢٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ولــذلك فصــل فــي الزنــى فــي أحــد حاليــه وهــو أن يكــون ، الموصــلة إلــى نعــيم اآلخــرةفعلم ما يقع به من العقاب على الفروج المحرمة،... وكانت الحالـة ، محصنا قد تزوج

، فوقـع لـه بعـض األخرى أن يكون بكرا لم يعلم ما علمه المحصن، وال عمل ما عملـهودة لالســتمتاع العـذر ممــا أوجــب التخفيـف بحقــن دمــه، وعوقـب بالجلــد ردعــا عـن المعــا

فــي موضــعه للتخفيــف جــامعا تــرى ظــاهر الحســن كمــعمــل ، ... وهــذا وجــه بــالحرام(والتغليظ في موضعه "

316F

١( حادي عشر: توطيد األمن واستتباب دعائمه:

لــيس لمجتمــع أن تســتقر أركانــه، ويتضــاعف نمــوه، ويســعى نحــو تحقيــق أهدافــه واســتقرار المجتمــع هــدف تتطلــع مــا لــم يثبــت دعائمــه علــى أمــن دائــم وأمــان مســتقر. "

إليـــه جميـــع الـــنظم، وتســـعى مختلـــف التنظيمـــات االجتماعيـــة إلـــى بلوغـــه بإتبـــاع شـــتى الوسائل والمنـاهج.... واألمـن أعـز شـيء فـي هـذه الحيـاة، وال يحـس بـه ويـدرك أهميتـه

( إال من افتقده ".317F

٢(

تنتشر فيه وليس لمجتمع بقاء ما لم يكن له أمن عام " تطمئن إليه النفوس، و الهمم، ويسكن فيه البريء، ويأنس به الضعيف، فليس لخائف راحة، وال لحاذر طمأنينة، وقد قال بعض الحكماء:" األمن أهنأ عيش والعدل أقوى جيش "، ألن الخوف يقبض الناس عن مصالحهم، ويحجزهم عن تصرفهم، ويكفهم عن أسباب

(المواد التي بها قوام أودهم، وانتظام جملتهم" 318F

٣ (

)ثمانمائة وتسعا وسبعين ٨٧٩وقد وردت كلمة "أمن" ومشتقاتها في القرآن الكريم( " )319F٤(." مرة

/ ب .٥) محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل ١( .١٦٥هـ ص١٤٠٦ ) نظام اإلسالم العبادة والعقوبة، محمد عقله، ، عمان، األردن، مكتبة الرسالة الحديثة ،٢( .١٤٤) أدب الدنيا والدين ، الماوردي، ص٣(، وهـي إحصـائية ٧٦١اإلسـالمي، محمـد عطيـة الفيتـوري ، ص) انظر فقه العقوبة الحدية فـي التشـريع الجنـائي ٤(

قام بها الفيتوري مستعينا بـ : هـ.١٤٠١ ٢المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد وعبد الباقي، بيروت، دار الفكر، ط -١ظ لألســتاذ محمــد تفسـير وبيــان القـرآن الكــريم مــع أسـباب النــزول للسـيوطي مــع فهــارس كاملـة للمواضــيع واأللفـا -٢

حسن الحمصي، دمشق، دار الرشيد .

١٢٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

يقول سيد سابق: " إقامة الحدود فيها نفع للناس، ألنها تمنع الجرائم، وتردع العصاة، وتكف من تحدثه نفسه بانتهاك الحرمات، وتحقق األمن لكل فرد في نفسه

( وحريته وكرامته ".وعرضه وماله وسمعته 320F

١( لقد راعى اإلسالم كل ما ينغص على األفراد والجماعات أمنهم، ووضع له

حدودا حتى ال يظن أحد أنه بمقدوره أن يعتدي على حرمات المستضعفين ثم يترك وشأنه، كما دلت نصوصه على أن الهدف األساسي للعقوبة هو مكافحة الجريمة

ا، وحماية المجتمع من أخطار المجرمين حتى يستتب والقضاء عليها أو التقليل منه األمن واالستقرار في ربوعه.

وقد استطاع النظام اإلسالمي من خالل العقيدة التي أتى بها أن يحقق االستقرار للجماعة المسلمة على نحو ال يمكن أن يتحقق ألية جماعة غيرها، وهذا

الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم {االستقرار هو ما يعبر عنه قوله سبحانه وتعالى:

)321F٢( . }بظلم أولئك لهم األمن وهم مهتدون

ووفق هذا المنهج القرآني تتحدد شروط تحقيق األمن بما يأتي: ، والى جانبها التشريع والقانون العام داخل الجماعة. وجود العقيدة -١ إيمان الجماعة بهذه العقيدة واقتناعها بها. -٢(العدالة على الجماعة وهي تطبق ذلك القانون سيطرة روح -٣

322F

٣(. لقد أجمع العقالء على أن أحسن نظام جنائي هو الذي ينتهج في كفاح "

الجريمة ومحاربتها، وأن يحفظ الحقوق ألصحابها، ويحقق العدل واألمن واالستقرار، )323F٤(." والشيء تعرف قيمته بآثاره ونجاحه، واخفاقه بعواقبه ونتائجه

. ٢٤١، ص ٢م ، ج ١٩٩٨ -هـ ١٤١٩) فقه السنة ، السيد سابق ، بيروت ، دار الفكر ، الطبعة الثانية ، ١( . ٨٢) األنعام ، آية ٢( . ٨١) النظام العقابي اإلسالمي ، أبو المعاطي حافظ أبو الفتوح ، ص ٣(العقوبــات الشــرعية عــن العقوبــات الوضــعية، عبــد العزيــز بــن فــوزان الفــوزان، مجلــة ) الخصــائص التــي تميــز١(

هـــ، ١٤٢٤، شــعبان ١٩٢البيـان، مجلــة إســالمية تصــدر عــن المنتــدى اإلسـالمي، الســنة الثامنــة عشــرة، العــدد . ١٨م، ص٢٠٠٣أكتوبر

١٢٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

أن تستشري، قصب السبق في مكافحة الجريمة قبلكان لشريعة اإلسالم وقد وقطع دابرها قبل أن تبزغ، وقد صاغت على ذلك مجتمعا كان أكثر المجتمعات أمنا، وأسماه طمأنينة، حتى لقد ربط نبيه صلى اهللا عليه وسلم بين تمام دينه وانتشار

حتى يسير الراكب من صنعاء إلى وليتمن اهللا هذا األمر (األمن في األمة فقال )324F١( ) حضرموت ما يخاف إال اهللا والذئب على غنمه

ثاني عشر: شفاء غيظ المجني عليه: وال دم يطــل، وال جريمــة تقيــد ، لــيس فــي نظــام العقوبــات اإلســالمي حــق لمســلم يضــيع

ضد مجهول. يزان دقيـق ألمـن إن عناية الشريعة اإلسالمية بشفاء غيظ المجني عليه وعالجه لهي م

األمـــة، إذ ال يفكـــر المعتـــدى عليـــه فـــي االعتـــداء طالمـــا تكفـــل الشـــارع بتقريـــر العقوبـــة المناسبة الناجعـة مـن أجـل تهدئـة النفـوس، وانتـزاع عوامـل الثـأر واالنتقـام. "ألن طبيعـة

والغضـب ممـن يعتـدي خطـأ فتنـدفع إلـى ، النفوس الحنق على من يعتدي عليهـا عمـدا انتقام ال يكون عـادال أبـدا، ألنـه صـادر عـن حنـق وغضـب تختـل معهمـا االنتقام، وهو

الرويـــة وينحجـــب بهمـــا نـــور العـــدل، فـــإن وجـــد المجنـــي عليـــه أو أنصـــاره مقـــدرة علـــى االنتقام لم يتـأخروا عنـه، وان لـم يجـدوها طـووا كشـحا علـى غـيظ حتـى إذا وجـدوا مكنـة

فـال تكـاد تنتهـي .)325F٢( }ف فـي القتـلفـال يسـر {بادروا إلى الفتك، كما قـال اهللا تعـالي:

ىالثــارات والجنايــات وال يســتقر حــال نظــام األمــة، فكــان مــن مقاصــد الشــريعة أن تتــولهـي هـذه الترضـية، وتجعـل حـدا إلبطـال الثـارات القديمـة، ولـذلك قـال رسـول اهللا صــلى

(اهللا عليه وسلم في حجة الوداع: " وان دماء الجاهلية موضوعة " 326F

٣) (327F

٤(

ب فضـائل الصـحابة، بـاب ) ، راوي الحـديث : خبـاب بـن األرت ، كتـا٣٦٣٩صحيح البخاري، رقـم الحـديث ( )١(

. ١٣٩٨، ص ٣عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة ، ج اهللاما لقي النبي صلى

. ٣٣اإلسراء ، اآلية )٢(

ب حجـة النبـي صـلى اهللا عليـه الحـج ، بـاكتـاب ) ١٢١٨جزء من حديث رواه اإلمام مسلم ، رقم الحديث ( )٣( . ٨٨٦، ص ٢ج وسلم ،

م ، ١٩٩٩هـــ ١٤٢٠بــن عاشــور تحقيــق ودراســة محمــد الطــاهر الميســاوي ، دار الفجــر، مقاصــد الشــريعة ال )٤( . ٣٨٢ص

١٢٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: "وقـــد اتلـــف علـــى الجـــاني علـــى نحـــو مـــا اتلـــف علـــى الشاشـــي لقفـــال يقـــول اإزالــة األلــم ، وضــممنا إلــى ذلــك مثــل جنايتــه المجنــي عليــه، ليكــون ردعــا عــن معــاودة

)328F١(.بلغ في االستصالح"أعن المجني عليه بما جبرناه من ظالمته، وهذا ال شك به ف شـفاء لغـيظ الطـرف وفي إقامة عقوبة الجلد علـى الجـاني فـي حـد الزنـا والقـذ

المضـــرور، وشـــفاء لصـــدور األقـــارب، فـــالمزني بهـــا والمقـــذوف ال يشـــفي غيظهمـــا، وال يطفــئ نــار القلــوب المكلومــة إال أن تــرى الجــاني قــد عوقــب جــراء جنايتــه علــى رؤوس

األشهاد جزاء ما ثلم من أعراضهم. الــذي لحنقهــا عليــه جلــده إراحــة لضــمير األمــة وتبديــد " أمــا شــارب الخمــر فــإن

، وأهــل ألن يكــون مســتقبال مصــدرا وجدتــه لمــا أعلمهــا بشــربه للخمــر أنــه عضــو فاســد )329F٢( "لكل صور الشرور

خيــــر مــــن أن يتــــرك المجنــــي عليــــه يتلظــــى فيثــــور وأخــــذ الظــــالم بجريــــرة ظلمــــهويصـــرفه تفكيـــره فـــي لحظـــات عارمـــة إلـــى جريمـــة جديـــدة !!! ومـــن ثـــم تحـــل الفوضـــى

اب والدمار. وينتشر الفساد ويكون الخر

طبيعة اإلنسان ونفسيته: راعاةثالث عشر: مصـــحيح بتكـــوين اإلنســـان وعقليتـــه، وتقـــدير دقيــــق جـــاءت العقوبـــات عـــن علـــم

لغرائــزه وميولــه وعواطفــه، ووضــعت علــى أســاس العلــم بــالنفس البشــرية، وهــي عقوبــات تشريعية ألنها شرعت لمحاربة الجريمة.

فهـــم نفســـية المجـــرم هـــي العقوبـــة التـــي يكتـــب لهـــا فالعقوبـــة التـــي تقـــوم علـــى " النجاح، ألنهـا تحـارب اإلجـرام فـي نفـس الفـرد، وتحفـظ مصـلحة الجماعـة، ثـم هـي بعـد

/ ب .٤) محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل ١(عقوبــة الجلــد وكيفيــة تنفيــذها فــي الفقــه اإلســالمي ، عبــد الــرحمن ســليمان الــربيش ، المجلــة العربيــة للدراســات )٢(

، ١٧هــ ، السـنة ١٤٢٣، محـرم ، ٣٣، ع ١٧نايف العربية للعلـوم األمنيـة ، ج األمنية والتدريب ، جامعة . ٤٥ص

١٢٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ذلــك أعــدل العقوبــات، ألنهــا ال تظلــم المجــرم، وال تهضــمه، وال تحملــه مــا ال يطيــق فــي تـــه ســـبيل الجماعـــة، وكيـــف تظلمـــه، وقـــد بنيـــت علـــى أســـاس قدرتـــه، واشـــتقت مـــن طبيع

ونفسيته؟ وهى عادلـة أيضـا بالنسـبة للجماعـة، ألن عـدالتها بالنسـبة لألفـراد هـي عدالـة لمجموعهم، وألنها تحفـظ للمجتمـع حقـه وال تضـحى بـه فـي سـبيل الفـرد والجماعـة معـا.

. " ألنها تـؤدي إلـى ازديـاد الجـرائم، واخـتالل األمـن ثـم تـوهين النظـام وانحـالل المجتمـع)330F

١( ريعة اإلســـالمية عقوبـــة الجلـــد علـــى أســـاس محاربـــة الـــدوافع وقـــد وضـــعت الشـــ"

التي تدعو للجريمة، بالدوافع التي تصـرف عنهـا، فالـدافع الـذي يـدعو الزانـي إلـى الزنـا ــدافع الوحيــد الــذي يصــرف هــو اشــتهاء اللــذة ، واالســتمتاع بالنشــوة التــي تصــحبها، وال

ان بنشـوة اللـذة إذا تـذوق مـس يمكـن أن يسـتمتع اإلنسـ اإلنسان عـن اللـذة هـو األلـم، والفالشــريعة حينمــا وضــعت عقوبــة الجلــد ، العــذاب األلــيم، والجلــد مائــة جلــدة يحقــق ذلــك

للزنــا لـــم تضـــعها اعتباطـــا، وانمـــا وضـــعتها علـــى أســـاس مـــن المعرفـــة بطبيعـــة اإلنســـان والفهــم لنفســيته وعقليتــه، وهــي حينمــا قــررت عقوبــة الجلــد للزنــا دفعــت العوامــل النفســية

ي تدعو إلى الزنا بعوامـل نفسـية مضـادة تصـرف عنـه، فـإذا تغلبـت العوامـل الداعيـة التعلى العوامل الصارفة، وارتكـب الزانـي جريمتـه مـرة، كـان فيمـا يصـيبه مـن ألـم العقوبـة

. )331F٢("لذة ويحمله على عدم التفكير فيهاوعذابها ما ينسيه التحقيـره، تـذكر العقوبـة وحينما يفكر شخص في قذف غيره مـثال بغيـة إيالمـه و "

التــي تجمــع بــين إيــالم الــنفس والبــدن، وتــذكر الذلــة والصــغار الــذي سيشــعر بــه حينمــا يجابـه بعقوبــة التفسـيق، وعــدم قبــول الشـهادة فــي المجتمــع اإلسـالمي كلــه.... إذا تــذكر

انصــرف عــن ارتكــاب الجريمــة، وســعى إلــى العمــل المثمــر البنــاء فــي طاعــة اهللا ذلــك األحكام الشرعية العملية التنظيمية المتمثلة في مـنهج الحيـاة اإلسـالمية الذي تتكفل به

، والــذي بــه يقطــع العــذر أمــام ، والتــي تشــكل الجانــب اإليجــابي مــن مقاصــد الشــريعةالجاني عن ارتكاب جنايته. أما إذا تغلبت العوامل الداعية إلى الجريمة ذات مرة على

مة، فإن ما يصيب بدن الجـاني مـن ألـم العقوبـة العوامل الصارفة عنها، فارتكبت الجري

، مع تصرف يسير. ٦٤٤، ص ١التشريع الجنائي اإلسالمي ، عبد القادر عوده ، ج ١)(

. ٦٣٦، ص ١المرجع السابق ، ج ٢)(

١٢٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وما يلحق شخصه مـن نكـال الفضـيحة ومقاطعـة المجتمـع لـه، وضـغط عقـاب التفسـيق علـى نفسـه، فـي كـل ذلــك مـا يصـرفه نهائيـا عـن التفكيــر فيهـا، والتوبـة إلـى اهللا والبــراءة

.)332F١( "منها ومن شرهاهـو رغبتـه –لغالـب األعـم فـي ا -والدافع الذي يدفع شارب الخمر إلى شـربها"

في أن ينسى آالمه النفسية ويهرب من عذاب الحقائق إلى سعادة األوهام التـي تولـدها نشوة الخمر وقد حاربت الشريعة اإلسالمية هـذا الـدافع فـي نفـس شـارب الخمـر بعقوبـة الجلد، فهو يريد أن يهرب مـن اآلم الـنفس، ولكـن عقوبـة الجلـد تـرده إلـى مـا هـرب منـه

ف لــه األلــم إذ تجمــع لــه بــين ألــم الــنفس وألــم البــدن. وهــو يريــد أن يهــرب مــن وتضــاععــذاب الحقــائق إلــى ســعادة األوهــام وعقوبــة الجلــد تــرده إلــى العــذاب الــذي هــرب منــه،

(. " وتجمع له بين عذاب الحقائق وعذاب العقوبة333F

٢( عقابــا ، فأقرتــه بالجلــد علــى قــوم يــأنفون العقوبــة لقــد جــاءت الشــريعة اإلســالمية

لهــم علــى الجــرم المنكــر ، ليكــون ذلــك أبعــد أثــرا فــي ردعهــم عنــه وكفهــم عــن مقاربتــه ، : " وكـــان القـــوم يـــأنفون مـــن أن ينـــالوا بالجلـــد، ولعـــل الشاشـــي القفـــال وفـــي هـــذا يقـــول

(الواحد منهم كان يؤثر القتل على العدد القليل منه " 334F

٣( افع النفســـية التــــي تـــدعو إلــــى وبـــذا تكـــون الشــــريعة اإلســـالمية قــــد حاربـــت الــــدو

الجريمة بالدوافع النفسية المضادة التي تصـرف بطبيعتهـا عـن الجريمـة والتـي ال يمكـن أن يقوم غيرها من الدوافع النفسية مقامها.

وقــــد تحــــدثت الكثيــــر مــــن النظريــــات النفســــية المعاصــــرة عــــن الثــــواب والعقــــاب لبشــرية، فــرأت المدرســة الســلوكية باعتبارهمــا آليتــين رئيســتين فــي التعامــل مــع الــنفس ا

األمريكية أن فـي الثـواب تعزيـزا للسـلوك، واحتماليـة تكـراره، وأن العقوبـة تكـف صـاحبها عن السلوك المقترن بها، وتنفره منه.

. ٦٤٦، ص ١المرجع السابق ، ج )١(

. ٦٥٠ – ٦٤٩، ص ١المرجع السابق ، ج )٢(

/ أ .٧) محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل ٣(

١٢٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

بينما تنظر المدرسة المعرفيـة إلـى األفكـار التـي يحملهـا الفـرد فـي داخلـه ليعمـل تــرد كــل خلــل نفســي إلــى أصــله المعرفــي بصــورة معينــة، ويمــارس ســلوكا خاصــا، وهــي

(في فكر اإلنسان وبنائه المنطقي 335F

١( . وقد كان ميزان اإلسالم دقيقا في تعامله مع الذات اإلنسانية بمـا يناسـبها، فـأقر مبدأ المثوبة على فعل الخير الذي يسمو بالمجتمع، والعقوبة الصارفة عن الشـر الـذي

لمعرفـــي للجريمـــة بإبانتـــه لعلـــل األحكـــام وغاياتهـــا، بقـــيم األمـــة. وعـــالج الجانـــب ا ف ســـي إن هــو –حتــى يحجــم المــرء حــين يحجــم عــن الجــرم وهــو يــدرك علــة إحجامــه، ويقــدم

وهو مستيقن من ضرره على ذاته وأمته. –أقدم عليه رابع عشر: الرحمة باألمة:

ـــــد ـــــة الجل ـــــى ال يستشـــــري الرحمـــــة باألمـــــة: مـــــن مقاصـــــد الشـــــريعة لعقوب ، حت، ويعـم الفسـاد، وتنتشـر الرذيلـة، وتختفـي القـيم العاليـة الرفيعـة، وتقـوض دعـائم الضالل

المجتمع. إن تصور مجتمع خال من الشذاذ فـي الحيـاة الـدنيا شـيء مـن قبيـل األحـالم، "

والتحليق في الخيال لما في الطبع من مغالبة الشهوات الملهية عن الوعيد، فكـان البـد وبــات تنبــه هــذا اإلنســان إذا مــا غفــل واســتجاب لنزواتــه والحالــة هــذه مــن أن توضــع عق

(. " رحمة به وحماية لمجتمعه من الشر والفساد336F

٢( يقـــول ابـــن تيميـــة: " إن إقامـــة الحـــدود مـــن العبـــادات كالجهـــاد فـــي ســـبيل اهللا ، فينبغـــي أن يعـــرف أن إقامـــة الحـــدود رحمـــة مـــن اهللا بعبـــاده، فيكـــون الـــوالي شـــديدا فـــي

خذه رأفة في دين اهللا فيعطله، ويكون قصده رحمـة الخلـق بكـف النـاس إقامة الحد ال تأعــن المنكــرات ال شــفاء غيظــه وارادة العلــو علــى الخلــق، بمنزلــة الوالــد إذا أدب ولــده،

لفســد الولــد، وانمــا يؤدبــه ورأفــة فإنــه لــو كــف عــن تأديــب ولــده كمــا تشــير بــه األم رقــة ر أن ال يحوجـــه إلـــى تأديـــب، وبمنزلـــة ، مـــع أنـــه يـــود ويـــؤث رحمـــة بـــه واصـــالحا لحالـــه

)العــالج الســلوكي للطفــل : أســاليبه ونمــاذج مــن حاالتــه ، عبدالســتار إبــراهيم وآخــرون ، الكويــت ،سلســلة عــالم ١(

. ( بتصرف ) ٤٥، ٣٦م ، ص١٩٩٣، ١٨٠المعرفة، ع حمــد عبــد اهللا الــزاحم ، القــاهرة ، دار المنــار ، الطبعــة آثــر تطبيــق الشــريعة اإلســالمية فــي منــع الجريمــة ، م )٢(

. ٩٤هـ ، ص ١٤١٢الثانية ،

١٣٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الطبيــب الــذي يســقي المــريض الــدواء الكريــه، وبمنزلــة قطــع العضــو المتآكــل....ونحو (ذلك"

337F

١( إن المقصد العام من الحدود: إنما هو الرحمة بـالمجموع، وردع الـذين توهمـوا "

(. " الحرية كما تتوهمها األفاعي والعقارب والوحوش338F

٢( لد من رحمة اهللا بعبادة، ومن أراد أن يتأمـل فـي هـذه الرحمـة وتشريع عقوبة الج

فيجب أن ال يقصر ناظره على تنفيذ الجلد مجردا مما قبله وبعده. واذا كانـت العقوبـة بكــل صـورها أذى لمـن تنــزل بـه، فـإن مــن مقاصـدها الرحمــة

بالعباد جميعا، جناة ومجنيا عليهم وسائر المجتمع. من أهمها: ، شتى الجناة في صور وتكون العقوبة رحمة ب

وجــــود العقوبـــــة الرادعـــــة يصـــــرف المجـــــرمين عـــــن التفكيـــــر فـــــي اإلقـــــدام علـــــى -١الجريمـــة، فـــإذا ســـاورتهم أنفســـهم بأفكـــار شـــريرة فـــي فتـــرة ضـــعف تـــذكروا األلـــم

فانكفوا عنها.مبــــدأ درء الحــــدود بالشــــبهات، وهــــو مــــن المســــائل الفقهيــــة المتفــــق عليهــــا بــــين -٢

( المســلمين.339F

وهــو قاعــدة فقهيــة نجــد أصــلها فــي الحــديث النبــوي الشــريف، ، )٣الــذي روتــه الســيدة عائشــة رضــي اهللا عنهــا: ( ادرؤا الحــدود عــن المســلمين مــا استطعتم،فإن كان له مخرج فخلوا سبيله،فإن اإلمام يخطئ في العفو خير مـن

(أن يخطئ في العقوبة)340F

٤(

. ١٠٥السياسة الشرعية ، ابن تيمية ، ص )١(

) وجوب تطبيق الشـريعة اإلسـالمية والشـبهات التـي تثـار حـول تطبيقهـا ، المجلـس العلمـي بإشـراف إدارة الثقافـة ٢( . ٥٩ – ٥٨م ، ص ١٩٨٤ -هـ ١٤٠٤اإلسالمية ، والنشر بجامعة اإلمام محمد بن سعود

هـ، المسألة ١٤٠٨) اإلجماع ، البن المنذر، تحقيق : فؤاد عبد المنعم ، قطر ، دار الثقافة ، الطبعة الثالثة ، ٣( . ١١٣) ، ص ٦٣٩رقم (

. ٣٣، ص ٤ج ) ، كتـاب الحـدود ، بـاب مـا جـاء فـي درء الحـدود ، ١٤٢٤، رقم الحـديث ( ) سنن الترمذي٤(قال الحاكم في المستدرك: "هذا حديث صحيح اإلسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي فقال: قال النسائي : يزيد

ـــاني فـــي إرواء الغليـــل ـــال األلب ـــاد شـــامي متـــروك. وق ـــن زي ـــم الحـــديث ( : " الحـــديث ضـــعيف "ب ،)٢٣٥٥. رق .٢٥، ص ٨ج

١٣١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ريمـة، وتميـل إلـى التبرئـة اشتراط وسـائل إثبـات يصـعب مـن خاللهـا تكييـف الج -٣ال اإلدانــة. إذ ال تثبــت عقوبــة الجلــد إال بــاإلقرار أو شــهادة أربعــة. ولــم يكتــف

ة مـــرات لعلـــه يرجـــع عـــن إقـــراره. ألن مـــاإلســـالم بـــذلك، بـــل راجـــع المقـــر بالجري أساس العقوبة هي الرحمة والميل للبراءة.

هد مخيـر إذا شـهد ومن صور الرحمة بالمتهم في الشريعة اإلسـالمية، أن الشـا -٤، لقولـه جــل شـأنه فــي محكــم وقـوع الجريمــة بـين أداء الشــهادة حسـبة هللا تعــالى

وبــين أن يتســتر علــى المــتهم، لقــول ، )341F١( }وأقيمــوا الشــهادة هللا {التنزيــل:

(ر مسلما ستره اهللا يوم القيامة)الرسول صلى اهللا عليه وسلم: (من ست342F

٢( .

ذا ما وقع في الجريمة ليعود فردا صالحا في العقوبة تهذيب واصالح للجاني إ -٥ مشاركا في البناء المثمر للمجتمع.

أما كونها رحمة بالمجني عليهم فذلك: بإشفاء صدورهم من الغيظ، واطفاء نـار قلوبهم المكلومة بعقاب الظالم بجريرة ظلمه.

وأمــا كونهــا رحمـــة للمجتمــع فـــإن فــي تطبيـــق العقوبــة اســـتتباب األمــن، وتوطيـــد عائمه ووقايته من األضرار وما يحدق به من أخطار. د

إن الرفق بحق الجناة اعتداء وقسوة في حق المجتمع ال رحمة به، إذ ليس مـن الرحمـة الرفــق باألشــرار الـذين ينقضــون بنــاء المجتمــع باالعتـداء عليــه، إن الرفــق بحــق

هؤالء قسوة في مضامينها فمن ال يرحم ال يرحم. جــروح المجــروحين الكريمــة الشــريفة التــي تنبعــث فترقــأإن العاطفــة " : أبــو زهــرةيقــول

ـــى تقـــويض الرحمـــة ـــوب فـــي الشـــريعة اإلســـالمية. ولكـــن بشـــرط أال تـــؤدى إل أمـــر مطل

ـــذلك يقـــول ســـبحانه وتعـــالىالعامـــة التـــي تفـــرض العقوبـــة ا ـــة. ول الزانيـــة والزانـــي {لعادل

. ٢) سورة الطالق ، اآلية ١() ، راوي الحــديث : عبــد اهللا بــن عمــر ، كتــاب المظــالم ، بـــاب ال ٢٣١٠البخــاري، رقــم الحــديث ( ) صــحيح ٢(

) ، كتــاب البـــر ٢٥٨٠. صــحيح مســلم ، رقـــم الحــديث ( ٨٦٢، ص ٢يظلــم المســلم المســلم وال يســـلمه ، ج . ١٩٩٦، ص ٤والصلة واآلداب، باب تحريم الظلم ، ج

١٣٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

كنـتم تؤمنـون فـي ديـن اهللا إن فاجلدوا كل واحد منهمـا مائـه جلـدة وال تأخـذكم بهمـا رأفـة

. )343F١(}باهللا واليوم اآلخر

وبهذا يتبين أن الرأفة بالجناة تتنافي مع اإليمـان بـاهللا واليـوم اآلخـر، مـع أن اهللا تعــالى وصــف المــؤمنين بــأنهم رحمــاء بيــنهم. فــدل هــذا علــى انــه لــيس مــن الرحمــة فــي

) 344F٢( "شيء الرفق بالجاني.

. ٢النور ، آية )١( . ١٤بو زهرة ، ص العقوبة ، أ )٢(

١٣٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الرابع ضمانات المجلود في مرحلة التنفيذ العقابي

ويقسم هذا المبحث إلى مطلبين: ومواضع الجلد من البدن . ،وطريقته ،المطلب األول : آلة الجلد

وتأخير الجلد للعذر . ، المطلب الثاني : هيئة المجلود

١٣٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

فيذ العقوبة آخر مرحلة تقـوم بهـا أجهـزة العدالـة الجنائيـة فـي مجابهتهـا يمثل تن" للجريمــة. وال شــك أن كــل المبــادئ الهادفــة إلــى حمايــة الحريــات الفرديــة ســعيا لحمايــة

تصـــبح عديمـــة الفائـــدة إذا شـــاب -التـــي تقرهـــا الشـــريعة اإلســـالمية -حقـــوق اإلنســـان " عليــه المقــررة فــي الشــريعة اإلســالميةمرحلــة التنفيــذ تعســف واهــدار لحقــوق المحكــوم

)345F

١( . وال يعنــــي تجــــريم المجــــرم ومعاقبتــــه علــــى إســــاءته إلــــى مجتمعــــه ســــلب حقوقــــه

، تمثــل فــي ، بــل هــو إنســان مســلم ذو حقــوق يجــب أن تراعــى وتصــان واهــدار آدميتــه ذاتها ضمانات للمحكوم عليه أثناء مرحلة تنفيذ عقوبة الجلد. ويتمثل ذلك فيما يلي:

ومواضع الجلد من البدن: ،وطريقته ، المطلب األول: آلة الجلد أوال: آلة الجلد:

اشترط في السوط الذي يعاقب به أن يكـون قد و يرعى اإلسالم حق الجاني ، " بــال ثمــرة، ألن اتصــال الثمــرة بمنزلــة ضــربة أخــرى فتصــير كــل ضــربة ضــربتين، وفــي

(. "ذلك زيادة على العدد الذي قرره الشارع 346F

٢( . كمــا اشــترط فيــه أن يكــون وســطا لــيس بالجديــد الجــارح وال الخلــق الــذي يقــل "

(" ألمه 347F

أن رجـال اعتـرف ( . ودليل ذلك ما رواه مالـك فـي الموطـأ عـن زيـد بـن أسـلم )٣على نفسه بالزنا على عهد رسول اهللا صـلى اهللا عليـه وسـلم فـدعا لـه رسـول اهللا صـلى

ي بســـوط مكســـور، فقـــال: فـــوق هـــذا. فـــأتي بســـوط جديـــد لـــم اهللا عليـــه وســـلم بســـوط فـــأت تقطع ثمرته، فقال: دون هذا. فأتي بسوط قد ركب به والن، فأمر بـه رسـول اهللا صـلى

() اهللا عليه وسلم فجلد 348F

٤( .

ضـمانات المحكـوم عليــه فـي مرحلـة التنفيــذ العقـابي ، بحـث فقهــي مقـارن ، الشـحات إبــراهيم محمـد منصــور، ) ١(

. ٣م ، ص ١٩٩٦القاهرة، دار النهضة العربية ، ، ةب العلميـبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، أبـو بكـر بـن مسـعود بـن احمـد الكاسـاني ، بيـروت ، دار الكتـ ) ٢(

. ٦٠، ص ٧م ، ج ١٩٨٦

. ٥١٠-٥٠٩، ص ١٢المغني ، ابن قدامة ، ج ) ٣() ، كتاب الحدود ، باب اإلقرار في الزنى . وقال المحقق : الحـديث مرسـل ٦٩٨) موطأ مالك ، حديث رقم (٤(

عند جميع رواة الموطأ كما قال ابن عبد البر.

١٣٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ضــرب بــين ضــربين، " وقــد روي عــن علــي بــن أبــي طالــب رضــي اهللا عنــه أنــه قــال: (" وسوط بين سوطين

349F

١( .

ا : طريقة الجلد : ثانيينبغي أن يستشعر الجالد أنه إنما يقيم حد اهللا على أخ لـه فـي اإلسـالم، فلـيس

جلده تشفيا وال استعالء وانما هو إقامة لشريعة، وتنفيذ لحكم. ينبثــق التطبيــق العملــي مــن هــذه النيــة : فيجــب أن يكــون جلــده وســطا ال هــو و "

د يــده بالســوط بعــد الضــرب، بــل عليــه أن يرفــع بالشــديد وال الخفيــف، ولــيس لــه أن يمــالسـوط ألعلـى بعـد أن يمـس جسـد المحـدود، ولــيس لـه أن يرفـع يـده إلـى مـا فـوق رأســه بحيـث ال يبـدو إبطــه عنـد رفــع يـده. فيرفــع ذراعـه ال عضــده، كمـا ينبغــي أن ال تشـد يــد

(" المحدود بل تترك مطلقة يتقي بها، فإذا وضعها على موضع ضرب غيره350F

٢( .

ثالثا : مواضع الجلد من البدن : راعــى الشــارع فــي تطبيــق عقوبــة الجلــد إيقــاع األلــم الــرادع للمجلــود عــن معــاودة الجريمة، والمعاقب له على فعلها، غيـر أنـه منـع التجـاوز فـي ذلـك إلـى الحـد الموصـل

إلى هالك النفس المعصومة. الجلــد، وهــي الــرأس ولــذا أجمــع الفقهــاء علــى اتقــاء المقاتــل مــن الجســم حــال"

والوجه والفرج، ثم اختلفوا في تعيـين مواضـع الجلـد مـن الجسـد إلـى مـن يـرى الجلـد فـي عمـــوم الجســـد إال المقاتـــل، وهـــم الجمهـــور، ومـــن يقصـــره علـــى الظهـــر والكتفـــين وهـــم

(" المالكية 351F

٣( .

. ٥١٠، ص ١٢المغني ، ج ) ١(تاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ، شرح محمد الخطيب الشربيني على مـتن منهـاج الطـالبين ) مغني المح٢(

. ١٩٠، ص ٤، أبو زكريا بن شرف النووي ، مع تعليقات جويلي إبراهيم الشافعي ، دار الفكر، ج مطبعة دار الكتـاب ) مختصر الطحاوي ، ألحمد بن محمد الطحاوي ، تحقيق : أبى الوفاء األفغاني ، القاهرة، ٣(

، ألحمــــد بــــن محمــــد ابــــن إســــالم = الطحــــاوي. مختصــــر اخــــتالف العلمــــاء ، ٤٢٦هـــــ، ص١٣٧٠العربــــي ، ، الطبعــة بشــائر اإلســالمية ، بيــروتعبــداهللا نــذير أحمــد ، دار ال :اختصــار أحمــد بــن علــي الجســاس، تحقيــق

١٣٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

صــلى اهللا اهللا رســول : قــال واســتدل الجمهــور بحــديث أبــي هريــرة مرفوعــا قــال (وســلم : ( إذا ضــرب أحــدكم فليجتنــب الوجــه ) عليــه

352F

. وقــول علــي ابــن أبــي طالــب )١. وقولـــه للجـــالد: "فـــي الجســـد حـــظ، إال الوجـــه والفـــرج رضـــي اهللا عنـــه:" لكـــل موضـــع

("اضرب وأعط كل عضو حقه، واتق وجهه ومذاكيره 353F

٢ ( ." أمــا المالكيــة فــأجروا حــديث ابــن عبــاس رضــي اهللا عنهمــا أن النبــي صــلى اهللا

(عليــه وســلم قــال: ( البينــة أو حــد فــي ظهــرك) 354F

علــى ظــاهره، فقصــروا موضــع الجلــد )٣(على الظهر، وما اتصل به من الكتفين

355F

٤( .

ويظهر لنا من تأمل أقوال الفقهاء ما يلي: أنهــم أجمعــوا علــى مــا هــو مــن مصــلحة المجلــود، وهــو حمايــة نفســه مــن مظنــة -١

للضرب. الهالك بتعريض رأسه أو فرجه أو وجههكـان –عـدا المقاتـل –أن اختالفهم في تحديد موضـوع الجلـد مـن بقيـة الجسـد -٢

راجعا إلى مراعاة ما هو أرأف بالمجلود، وأحفظ له.

بمعرفــة مقصــد الشــارع مــن تطبيــق العقوبــة يتبــين أنــه ينبغــي لمنفــذ العقوبــة أن -٣إن رأى جلــد فيــه يراعــي مــا يناســب حــال المجلــود، فــال يعــاود الجلــد فــي مكــان

د ، لمحمـد بـن أحمـد بـن رشـد . بدايـة المجتهـد ونهايـة المقتصـ ٢٨٨، ص٣م ، ج١٩٩٦هـ ١٤١٧الثانية ،

. ٢٨٢، ص ٤هـــ ، ج١٤١٥الحفيــد ، تحقيــق محمــد صــبيحي حســن حــالق ، القــاهرة ، مكتبــة ابــن تيميــة ، . التنبيـه فـي الفقـه علـى مـذهب اإلمـام الشـافعي ، ١٠٧٠، ص٢الكافي ، يوسف بن عبد البر القرطبي ، ج

م ، ص ١٩٥١هــــ ١٣٧٠ي وأوالده بمصـــر ، إلبـــراهيم بـــن علـــي الشـــيرازي ، مطبعـــة مصـــطفى البـــابي الحلبـــ ١٧، مكـة المكتبـة التجاريـة ، جوردي ، تحقيق محمـود مطرجـي وآخـرون. الحاوي، لعلي بن محمد الما١٤٨

.١٠٠، ص ٢. الهداية ، للكلوذاني ، ج٥٠٨، ص ١٢المغني ، ابن قدامة ، ج .٣٢٠، ص ٢٠١٦، ص ٤لنهي عن ضرب الوجه ، ج ) ، كتاب البر ، باب ا٢٦١٢صحيح مسلم ، رقم الحديث ( ) ١(محمــد عبــد القــادر عطــا ، :الســنن الكبــرى ، اإلمــام أبــو بكــر أحمــد بــن الحســين بــن علــي البيهقــي ، تحقيــق ) ٢(

م ، رقـــــم األثـــــر ١٩٩٤ -هــــــ ١٤١٤وبحواشـــــيه تعليقـــــات ابـــــن التركمـــــاني ، بيـــــروت ، دار الكتـــــب العلميـــــة ، . ٥٧٦، ص ٨ي صفة السوط والضرب ، ج ) ، كتاب األشربة ، باب ما جاء ف١٧٥٨١(

. ٩٤٩،ص ٢)، كتاب الشهادات، باب إذا ادعى أو قذف، ج ٢٥٢٦صحيح البخاري، رقم الحديث ( )٣( . ٢٣٦، ص ٦المدونة الكبرى ، سحنون بن سعيد ، بيروت ، دار الفكر ،ج ) ٤(

١٣٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

في ذلك إضرارا به، ويجتنب مواطن الجرح في بدنه خشية أن يزيد فـي إيالمـه عن الحد المقصود شرعا.

، وتأخير الجلد للعذر : المطلب الثاني: هيئة المجلود أوال: هيئة المجلود:

ال خـــالف بـــين العلمـــاء فـــي وجـــوب ســـتر عـــورة المجلـــود، ولكـــنهم اختلفـــوا فـــي ك من الثيـاب بـين مـن يـرى تجريـده لمالمسـة الجلـد جسـده مباشـرة، تجريده مما سوى ذل

(وهـــم الحنفيـــة356F

(والمالكيـــة )١357F

(، ومـــن يـــرى عـــدم التجريـــد وهـــم الشـــافعية )٢358F

(والحنابلـــة )٣359F

٤( ، بـل تكــون عليـه مالبســه الخفيفــة التـي ال تمنــع األلــم. ومحمـد بــن الحسـن مــن الحنفيــة

علـيهم أنـه قـد جـرد محـدودا مـن وذلك ألنه لم ينقل عن أحـد مـن الصـحابة رضـوان اهللاثيابه، قال ابن مسعود رضي اهللا عنه : " ال يحل في هذه األمة تجريـد وال مـد وال غـل

(وال صفد " 360F

٥(

والـراجح فــي هــذا الخـالف قــول مــن ال يـرى التجريــد إذ ال دليــل عليـه مــن كتــاب وال سنة، وأثر ابن مسعود رضي اهللا عنه دليل واضح على مخالفته.

أمــا المــرأة فقــد اتفــق العلمــاء علــى أنهــا ال تجــرد بالكليــة، بــل يتــرك عليهــا مــا " )361F٦(."يسترها لكونها عورة، وينزع عنها ما يمكن أن تتقي به الضرب من فرو وغيره

ثانيا: تأخير الجلد للعذر:

. ٦٠، ص ٧بدائع الصنائع ، الكاساني ، ج )١( .٣٨٢، ص٤. بداية المجتهد ، ابن رشد ، ج١٠٧٠، ص ٢، ج الكافي ، القرطبي )٢( . ١٤٨. التنبيه ، الشيرازي ،ص١٧٢، ص ١٠) روضة الطالبين ، النووي ، ج٣( . ١٠٠، ص ٢. الهداية ، الكلوذاني ، ج٥٠٨، ص ١٢المغني، ابن قدامة، ج )٤( ما جاء في صفة السوط والضرب، )، كتاب األشربة، باب ١٧٥٧٧) السنن الكبرى، البيهقي، رقم األثر (٥(

. ٥٦٦، ص ٨ج ــــدائع الصــــنائع، الكاســــاني، ج ٦( . روضــــة الطــــالبين ، ١٠٧٠، ص٢. الكــــافي ، القرطبــــي ، ج ٦٠، ص ٧) ب

.٥١٠، ص ١٢. المغني، ابن قدامة، ج ١٧٢، ص ١٠جالنووي ،

١٣٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ال يقــام حــد الجلــد فــي الحــر الشــديد وال البــرد الشــديد إذا خيــف علــى المحــدود ، كمــا ال يقــام علــى المــريض الــذي يرجــى شــفاؤه حتــى يبــرأ، وال علــى النفســاء الهــالك

(حتى ينقضي النفاس، وعلى هذا جمهور أهـل العلـم362F

(خالفـا لـبعض فقهـاء الحنابلـة )١363F

٢( الــذين ال يــرون تــأخير الجلــد بســبب المــرض أو البــرد، وبــدل التــأخير يقــام الحــد بســوط

يم الحد بأطراف الثياب ونحوهـا ممـا يقـدر ، فإن خيف من السوط أق يؤمن معه الهالك . )364F٣( المحدود على تحمله دون خوف هالكه

وبتأمل ما سبق نرى حفظ الشريعة لحقـوق المعاقـب، ومراعاتهـا إلنسـانيته، ويظهـر

ذلك بجالء فيما يلي: عدم تجاوز العقاب ما وضع ألجله مـن الزجـر والتأديـب، وتناسـب العقوبـة مـع -١

مقدار الجرم. الشارع على أن تكـون األداة متوسـطة بـين الشـديد القاسـي واللـين الـذي حرص -٢

ال يبلغ حد الزجر.

مراعــاة الشــارع فــي موضــع الجلــد أن يكــون أكثــر أجــزاء اإلنســان تحمــال لأللــم -٣ وأبعدها عن مظنة الهلكة.

لم يأذن الشارع بتجريد المجلود من ثيابه حفظا له مـن مهانـة تعريتـه أو كشـف -٤ . عورته

إشـعار الجالـد بـأخوة المجلــود لـه، ويتبـدى ذلـك فــي نهـي النبـي صـلى اهللا عليــه -٥وســلم للصــحابة عــن ســب المعاقــب فــي الخمــر حــين قــالوا لــه " أخــزاك اهللا ".

(فقال صلى اهللا عليه وسلم " ال تعينوا الشيطان على أخيكم " 365F

٤( .

. الحـاوي ، المـاوردي ٣٢٢، ص٤. حاشية الدسوقي، الدسوقي ، ج١٧٤، ص٣تبين الحقائق ، الزيلعي ، ج ) ١(

/ أ .١٤. محاسن الشريعة ، القفال ، ل ٥١-٥٠، ص ١٧، ج .٣٢٩، ص ١٢المغني ، ابن قدامة ، ج ) ٢( وما بعدها . ٨٤، ص ٨شرح الزرقاني ،ج ) ٣( .١٢١الحديث سبق تخريجه ، ص )٤(

١٣٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

م من مقامـات بلغت سماحة النبي صلى اهللا عليه وسلم أن يشهد للمعاقب بمقا -٦(بأنه يحب اهللا ورسوله –كما في حديث عمر –اإليمان حين شهد له

366F

١( .

ـــه فـــي تطبيـــق الحـــد إن كـــان مريضـــا أو -٧ ـــالمجلود وشـــفقته علي ترفـــق اإلســـالم بكانــت حائضــا أو نفســاء، وتلطفــه فــي مراعــاة حــال الجــو مــن اعتــدال أو شــدة

حر أو برد. ع مـــا شـــرع مـــن العقـــاب تأديبـــا ال كـــل ذلـــك يطلعنـــا علـــى أن اإلســـالم إنمـــا شـــر

األخوة وليس انحدارا به إلى درك الحقد واالنتقام. ىر تشفيا، وسموا بالمجتمع إلى ذ

كتـاب الحـدود ، بـاب مـا يكـره ) ، راوي الحديث : عمـر بـن الخطـاب ، ٦٣٩٨) صحيح البخاري، رقم الحديث (١(

. ٢٤٨٩، ص ٦من لعن شارب الخمر وأنه ليس بخارج عن الملة ، ج

١٤٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الفصل الثالث موقف القوانين الوضعية والمواثيق الدولية

من عقوبة الجلد. يتضمن هذا الفصل ثالثة مباحث هي :

قوانين الوضعية قديما وحديثا .المبحث األول : الجلد في ال : الجلد في السجون . المبحث الثاني

المبحث الثالث: موقف المواثيق الدولية من عقوبة الجلد .

١٤١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث األول : الجلد في القوانين الوضعية قديما وحديثا .

وينتظم هذا المبحث في مطلبين هما : ديمة.المطلب األول: عقوبة الجلد في العصور الق

المطلب الثاني: عقوبة الجلد في العصر الحاضر.

١٤٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المطلب األول: عقوبة الجلد في العصور القديمة :، ةعقوبــة الجلــد واحــدة مــن أبــرز الصــور العقابيــة فــي منظومــة العقوبــات البدنيــ

–وقد حفل بها التاريخ البشري في مختلف مناطقه ، وشتى حضـاراته ، وكـان تنفيـذها بالغ القسوة ، مفرطا في الشدة . -كثير من الحاالت في

ففـي وقد استخدم التعذيب منذ القدم كعقوبة في ظـل العديـد مـن الحضـارات ، "

كــــان الســــجناء يفضــــلون المــــوت علــــى الحيــــاة داخــــل الســــجن نظــــرا مصــــر القديمــــة (" للمعاملة القاسية وغير اإلنسانية التي يعاملون بها

367F

١( .

ظهر تجريم السرقة في قـانون دراكـون الـذي نـص علـى عقوبـة ان اليونوعند " اإلعدام ألي نوع من أنواعها ، وفي قانون األلواح االثني عشـر عنـد الرومـان أحيطـت الملكية بحماية كبيرة ، فالسارق الذي يضبط في جريمة السـرقة يصـبح عبـدا للمسـروق

ســروق منــه أن يعمــد إلــى جلــده منــه ، هــذا إذا كــان الســارق حــرا ، واذا كــان عبــدا فللم(. " واعدامه

368F

٢( .

.. حيــث كــان الرومــان يفرقــون بــين رومــا القديمــة "وقــد مــورس التعــذيب فــي الحـــر والعبـــد ، إذ كـــان األخيـــر دومـــا موضـــعا للتعـــذيب مـــن ســـيده لمـــا ســـاد بيـــنهم مـــن

عقـب ملكية السيد لعبيده .. ومن ضـمن الملكيـة : أن يفعـل السـيد بالعبـد مـا يشـاء وال معليـه فــي ذلــك ، ثـم مــا لبــث التعــذيب أن صـار وســيلة مــن وسـائل الدولــة فــي العصــور الوســطي تمارســه بمقولــه كشــف الحقيقــة .. حتــى أمســى التعــذيب معترفــا بــه مــن أكثــر

(جنائية " ة لتحقيق ما توهموه من عدالة الدول مدنية.. إذ صار وسيل369F

٣ ( العســيرة انتظــارا لبيــان حكــم اهللا وكــان يــتم تعــريض المــتهم لــبعض االختبــارات"

في شأنه ، كأن تقيد يد المتهم اليمنى إلى قدمه اليسرى ، ثم يلقـى بـه فـي مـاء نهـر أو حــوض مــاء فــإذا غــرق المــتهم كــان هــذا دلــيال علــى إدانتــه ، أمــا إن طفــا علــى الســطح

حســن ســعد محمــد عيســى ، القــاهرة ، ،الحمايــة الدوليــة لحــق اإلنســان فــي الســالمة الجســدية ، دراســة مقارنــة )١(

. ٢٦٥م ، ص ١٩٩٩دار النهضة العربية ، .١٠- ٩اإلسالمي ، على محمد جعفر ، ص فلسفة العقوبات في القانون والشرع )٢( .٢٦٤الحماية الدولية لحق اإلنسان في السالمة الجسدية ، حسن سعد محمد عيسى ، ص )٣(

١٤٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

كانــت ، و تــه . وكــان المــتهم يعــرض علــى النــاررغــم ذلــك فهــو بــريء وقــد أنقــذه اهللا لبراء(العقيدة السائدة أن النار ال تحرق بريئا ".

370F

١(

ـــة ـــر اإلنســـانية مثـــل عقوب ـــات غي كمـــا عرفـــت رومـــا القديمـــة أشـــكاال مـــن العقوبالصلب التي يتم من خاللها وضـع الضـحايا رأسـا علـى عقـب أو دفعهـم بالخـازوق فـي عــــوراتهم أو بســــط األذرع فــــوق الخشــــب . وكمــــا قــــال الفيلســــوف ســــينكا عــــن صــــنوف

وأجهــزة اخترعوهــا لتعــذيب كــل عضــو أســالكا وســياطا وهنــاك رأيــت (التعــذيب هــذه : كما عرفت روما أساليب وحشية في تنفيذ عقوبة اإلعـدام مثـل المـوت . )وكل مفصل

بواسطة " الحقيبة " والتـي كانـت بمقتضـاها يوضـع المحكـوم عليـه بعـد جلـده جلـدا بـالغ ديـك وكلـب أو قـرد ، ثـم تخـاط الحقيبـة ويلقـى القسوة في حقيبة من جلد ثور مـع حيـة و

(" بها في نهر التيبر أو في البحر371F

٢( .

فقــد حفلــت بالعديــد مــن صــور التعــذيب العصــور الوســطى األوروبيــة أمــا البدني البشع ، فقد كانت الحاالت التـي تجيـز الحكـم باإلعـدام متعـددة . وكـان القـانون

يزيد عن مائة حالة منها بعض السرقات . أما الفرنسي القديم يقرر عقوبة اإلعدام لما القانون اإلنجليزي فكان يقرر اإلعدام في مائتي حالة من بينها السرقات البسيطة .

وكـــان الحكـــم باإلعـــدام واســـع االنتشـــار : فيـــروى أن أحـــد قضـــاة القـــرن الســـابع عشر قد حكم باإلعدام على عشرين ألف شخص خالل أربعين عامـا◌ هـي مـدة توليـه

وظيفة القضاء . ، عاديــة واذا كانــت حكومــة اإلعــدام علــى هــذا القــدر مــن االنتشــار إزاء جــرائم

فكيف يكون استخدامهم لعقوبة الجلد إذن ؟!

تعـــذيب المـــتهم لحملـــه علـــى االعتـــراف ، الجريمـــة والمســـئولية : دراســـة تحليليـــة علـــى ضـــوء أحكـــام القـــانونين )١(

م ١٩٩٤، عمر الفاروق الحسـيني ، القـاهرة ، الطبعـة الثانيـة ، المصري والفرنسي وآراء الفقه وأحكام القضاء .١٥-١٤، ص

.٩٥-٩٣) مدخل تاريخي لدراسات حقوق اإلنسان ، محمود سالم زناتي ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، ص٢(

١٤٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ولم يقتصر األمر على تعدد العقوبات البدنية واتساع مجال تطبيقها ، بـل كـان عليــه بصــورة غيــر تنفيــذها يــتم بصــورة وحشــية ، ويســبق هــذا التنفيــذ تعــذيب المحكــوم

إنسانية . م كانـــت عمليـــات التشـــويه كعقوبـــة مـــا تـــزال مســـتمرة ، فلقـــد ١٦٣٠"وحتـــى عـــام

ثبتــت التهمــة علــى رجــل كنيســة اســمه الــدكتور اليتــون ، والتهمــة هــي مهاجمــة كنيســة إنجلتــرا بعمــل مطبــوع ، وذلــك حــين كتــب دعــوى " صــهيون ضــد األســاقفة ، جــرد مــن

جنيــه ، ووضــع علــى المشــهرة ، وكــان المهــين أكثــر هــو منصــبه ، وغــرم بعشــرة آالف تسلســل العقــاب : وســم اليتــون وجلــد بالســياط ، وحكــم عليــه بالســجن المؤبــد بعــد جــدع أنفه وقطع إحدى أذنيه . وبعد أن قضى فـي السـجن أحـد عشـر عامـا أعيـد النظـر فـي

ه كانــا الحكــم وأطلــق ســراحه ، وقــرر مجلــس العمــوم أن تشــويه الــدكتور اليتــون وســجن" (غير شرعيين.

372F

١( " أمـــا العقوبـــات العســـكرية والبحريـــة فقـــد كـــان أكثرهـــا شـــيوعا إلـــى مـــا قبـــل فتـــرة قصيرة هو الجلد ، وكانت " الهرة ذات األذيال التسعة " سوطا مستخدما بوفرة ، وكـان استخدامه تعذيبا أكثر قسوة مما يعرف الكثيـرون اآلن ، وسـبب قلـة المعرفـة هـذه عائـد

(حد كبير إلى الجهل " إلى373F

٢( "ولــو راجعنــا ســجل القـــانون العســكري القــديم فـــي ماساشويســتس ، والــذي يعـــود

م لوجدنا المدخل التالي الـذي يفصـل حكمـا كـان يطبـق علـى أحكـام ١٧٦٢تاريخه إلى ــــت ــــرت مــــاك ناي ــــد روب ــــات " يجل المحكمــــة العســــكرية ، والتهمــــة هــــي : إهمــــال الواجب

العاري بسوط الهرة ذات األذيال التسعة ، ويجلد جون كـوبي ثمانمائة جلدة على ظهره ســــتمائة جلــــدة بالطريقــــة ذاتهــــا ، وبيتــــر مــــاك أليســــتر ثالثمائــــة جلــــدة بالطريقــــة ذاتهــــا، وسيشــرف المســاعد علــى تنفيــذ الحكــم بمرافقــة طبــل االســتعراض فــي الســاعة الخامســة

(من مساء هذا اليوم ، وسيحضر التنفيذ طبيب جراح " . 374F

٣(

م ١٩٨٤ التعذيب عبر العصور : بيرنهـاردت ج . هـروود ، ترجمـة : ممـدوح عـدوان ، سـوريا ، دار الحـوار ، )١(

.٦٩ -٦٨، ص .١٦١ص ،) المرجع السابق٢( .١٦١، ص المرجع السابق)٣(

١٤٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

تهب بصورة ملموسـة مـن جـانبين فـي أواخـر القـرن بدأت رياح التغيير وقد " الســـابع عشـــر وأوائـــل القـــرن الثـــامن عشـــر المـــيالدي ، أمـــا الجانـــب األول فهـــو جانـــب " رجال القانون في فرنسا ، وأما الجانب الثاني فهو جانب فالسفة ذلـك العصـر وأدبائـه

)375F

،فقـــد هـــاجم األول قســـوة العقوبـــات . كفـــولتير، ومونتســـيكو ، وجـــان جـــاك روســـو. )١ــــة وهــــاجم العقوبــــات ،وثــــار مونتســــيكو ضــــد فكــــرة االنتقــــام الجمــــاعي كغــــرض للعقوب

،ودعا جان جاك روسو الدولة إلى احترام حقوق الفرد المقدسـة ،المخزية أو المشينة وأن تكون معتدلة في توقيع العقاب.

بنتـام" –ائي الحـديث " بكاريـا "كذلك ساعدت أفكار كل من رائدي القانون الجنـ فقــد نــادى بكاريــا " بمبــدأ شــرعية الجــرائم والعقوبــات لمنــع ،فــي تطــوير الفكــر العقــابي

وهــاجم العقوبــات اإلعــدام ، وهــاجم العقوبــات البدنيــة وبالــذات عقوبــة ،تعســف القضــاء قيـــام القاســـية لكونهـــا منافيـــة وحاطـــة بالكرامـــة اإلنســـانية، وكانـــت هـــذه األفكـــار ممهـــدة ل

الثــورة الفرنســية التــي أعلنــت مبــدأ شــرعية الجــرائم والعقوبــات فضــال عــن مبــدأ شخصــية ، وأحلـت عقوبـة العقوبـات البدنيـةالعقوبة ، ومبدأ المساواة أمام العقوبة ، وألغت معظـم

(. " السجن محلها 376F

٢(

.١٨تعذيب المتهم لحمله على االعتراف ، الجريمة والمسئولية ، عمر الفاروق الحسيني ، ص )١(

نقــال ٢٦٦ص ،محمـد أبـو العــال عقيـدة ،) فلسـفة العقوبـات البدنيــة بـين الشـريعة اإلســالمية والتشـريعات الغربيــة (٢ chapitre ١٩٦٦ Beccaria Traite des delits et des peines Trad Fr. Paris Cujasعـن

١١١ et XVI. P. ٦٧ et ٩٥.

١٤٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المطلب الثاني: عقوبة الجلد في العصر الحاضر : ى ضــرورة معاقبــة المجــرم علــى جرمــه ، إال أنهــم رغــم اتفــاق علمــاء العقوبــة علــ

اختلفوا في إيقاع عقوبـة الجلـد عليـه بـين مؤيـد ومعـارض ، وسـنعرض وجهـة كـل فريـق فيما يلي :

المعارضون لعقوبة الجلد :

يعارض جمع من علماء العقاب هذه العقوبة معللـين ذلـك بـأن مضـارها أكثـر " ممـا يـؤدي إلـى ،م عليـه حـين يتعـرض للجلـد فهي تحط من كرامـة المحكـو ،من نفعها

كمــا أنهــا مــن جهــة أخــرى تحــط مــن ،النفــور مــن األلــم البــدني لشــدة وقعــه علــى البــدنن الجــزاءات البدنيــة عمومــا تخلــق جــوا مــن إثــم ،معنويــات المحكــوم عليــه بهــذه العقوبــة

،ابيــــةالكراهيــــة فــــي العالقــــة بــــين المحكــــوم علــــيهم والقــــائمين علــــى إدارة المؤسســــة العق )377F١(." وتجعل التعاون بين الفريقين عسيرا مما يهدد بإفساد جو التهذيب والتأهيل

الــــبعض مــــن ســــوء اســــتعمال العقوبــــات البدنيــــة إذا أوكــــل تطبيقهــــا ويخشــــى "للسلطات القضائية واإلدارية ، ويرى أن استعمالها يؤدي إلى رجـوع تـدريجي إلـى عهـد

فينشــــأ نــــوع مــــن المبــــاراة فــــي القســــوة بــــين الوحشــــية ويكــــون باعثــــا علــــى حــــدة الطبــــاع ولهــــذا االعتبــــار يقــــرر أنــــه مــــن المعارضــــين إلعــــادة العقوبــــات ،المشــــرعين والجنــــاة

"( .ةالبدني378F

٢(

أما أثرها النفسي على المعاقب والمعاقب فيرى علمـاء اإلجـرام مـن أنصـار هـذا أنهـا تحـط مـن قــدره العقوبـة البدنيـة تجعـل الرجـل العنيـف أكثـر قسـوة ، كمـا " الـرأي أن

لـــدى نفســـه بحيـــث تزيـــل لديـــه البقيـــة الباقيـــة مـــن احتـــرام الـــذات ، وبالتـــالي فهـــي غيـــر إنسانية وحاطة بالكرامة وقاسية ، وتوقيعهـا كجـزاء تـأديبي فـي السـجون يجعـل السـجين عنيفــا كمــا يجعــل منفــذها مــن القــائمين علــى الســجن أكثــر قســوة ، وتنمــي لــدى الســجين

.١٨٧ص،محمد محيي الدين عوض،مبادئة األساسية في القانون األنجلو أمريكي ،) القانون الجنائي (١ .٥٣ص،٥ج،جندي عبد الملك،) الموسوعة الجنائية (٢

١٤٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

لحقـــد ، وتنـــزع منـــه جـــذور الكرامـــة وتعـــوق أي محاولـــة إلعـــادة تكييفـــه روح الكراهيـــة وا(" اجتماعيا

379F

١( .

المؤيدون لعقوبة الجلد :

العلمـــاء رغـــم مـــا ذكـــره المعارضـــون لعقوبـــة الجلـــد مـــن حجـــج إال أن جمعـــا مـــن بما يلي : يؤيدون تطبقيها معللين

ذه ميـزة يجـب تسـخيرها وهـ ،الخوف مـن ألـم الجلـد هـو أول مـا يخافـه المجرمـون " -١ )380F٢( ." لردع كل من تسول له نفسه ارتكاب جرم ما

ولـم ،تأصـل اإلجـرام فـي ذاتـه لمجـرم –حماية حقـوق اإلنسـان –أن التذرع بفكرة -٢يكفــه رادع ديــن أو ضــمير هــو حمايــة حــق مــن أهــدر الحــق ، وغــض للبصــر عــن

حقوق األمة التي اعتدي عليها. والواقـع العملـي " وبة السجن بديال عن العقاب البـدني . ساق المشرع الوضعي عق -٣

يــدل علــى عــدم كفاءتهــا ، ممــا حــدا بالمشــرع الوضــعي أن يبحــث عــن بــدائل مثــل مــن ءأو اإلعفــا ،أو الحكــم بتــدبير احتــرازي ،إيقــاف تنفيــذ العقوبــة الســالبة للحريــة

نظـــــام أو ،العقوبـــــة أو تأجيـــــل النطـــــق بهـــــا إذا اســـــتوفى الجـــــاني بعـــــض الشـــــروط وأخيــرا ســوف يعــود للعقوبــات البدنيــة ومنهــا عقوبــة ،أو الغرامــة ،االختبــار القضــائي

)381F٣( ." الجلد

اهرة اإلجــرام،إن السياســة العقابيــة عنــد أي مشــرع تــؤثر ســلبا أو إيجابــا علــى ظــ" -٤وأبلــغ داللــة علــى ذلــك أنــه فــي أثنــاء الحــرب العالميــة األخيــرة عــادت معظــم بــالد

وطبقتهـــا علـــى المـــدنيين فـــي جـــرائم التمـــوين والتســـعير، ،ة الجلـــد العـــالم إلـــى عقوبـــ

.٥٣ص،٥ج،مرجع السابق) ال (١ ،هـــ١٤١٢،دار النهضــة العربيــة،بيــروت ،أحمــد فتحــي بهنســى ،) الموســوعة الجنائيــة فــي الفقــه اإلســالمي (٢

.٣٤ص ،٢جبتصـرف ١٦٧-١٦٦ص ،محمـد أبـو العـال عقيـدة،) فلسفة العقوبة في الشريعة اإلسالمية والتشريعات الغربية (٣

يسير.

١٤٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وبالتالي أثبــت الواقــع أنهــا عقوبــة تحمــل النــاس علــى ،وكــان نتاجهــا يفــوق الوصــف( . " نطاعة القانو

382F

١( والحـزم فـي التنفيـذ بـال محابـاة يحفـظ للقـوانين ،إن العقوبة المالئمة للجرم رحمـة " -٥

مر هيبة .. فإذا تراخـت العقوبـة أو أفرطـت حـادت ويضفي على والة األ ،الرهبة )383F٢(." عن الرحمة وشابها شيء من الظلم

ويعيــب المؤيــدون لعقوبــة الجلــد علــى أهــل الــرأي األول االزدواجيــة بــين التشــريع والتطبيـــق ، إذ تحفـــل النصـــوص التشـــريعية بصـــور مثاليـــة عـــن العقوبـــة ، بينمـــا يمتلـــئ

. الواقع العملي بما يخالف ذلك وعلــى الـــرغم مــن جهـــود فالســفة ســـابقين أمثــال بيكاريـــا فــي محاربـــة التعـــذيب "

البـــدني إال أن التعـــذيب بـــات ســـمة مميـــزة لـــبعض أنظمـــة الحكـــم فـــي كثيـــر مـــن الـــدول الســيما األنظمــة العنصــرية، وأصــبح الفــارق بــين األمــس واليــوم فارقــا نظريــا فقــط ، بــل

(" تكن معروفة من قبل إن األبشع أن هناك صنوفا من التعذيب لم384F

٣( .

" عن الدولـة التـي تعتبـر فيهـا السـلطة الدولة الوصية اب بلفظ " ت ويعبر الك " نفســها وصــية علــى الشــعب ، وفــي ممارســتها لهــذه الوصــاية تلجــأ إلــى كــل األســاليب المتاحة لهـا ،وال بـاس أن يكـون مـن بينهـا التعـذيب ، ويقـدم هـؤالء الكتـاب أمثلـة للدولـة

ة فـــي القـــرن العشـــرين باالتحـــاد الســـوفيتي وألمانيـــا النازيـــة ، وبصـــفة عامـــة كـــل الوصـــي الدول ذات النظام الدكتاتوري أو العنصري .

والمالحظ في كل هذه الدول أن التعذيب عـاد مـرة أخـرى إلـى الظهـور . حقيقـة أنــه لــم يــنص عليــه كنظــام قــانوني فــي أي تشــريع مــن تشــريعات هــذه الــدول كمــا كــان

لحال في القرون الوسطى ، ولكنه أصبح أسلوب عمل لسـلطات األمـن فـي هـذه عليه ا الدول.

،القــاهرة ،الحســيني ســليمان جــاد ،الفقــه اإلســالمي دســتوريتها وعالقتهــا بالــدفاع الشــرعى) العقوبــة البدنيــة فــي (١

بتصرف يسير. ١٥٦ص ،دار الشروق

مـايو -هــ ١٤٢٣ربيـع أول ،مكتبة الدار العربية للكتـاب ،القاهرة ،فؤاد شاكر ،) عالم الجريمة وقائع وطرائف (٢ . ٢٥٧- ٢٥٦ص ،م ٢٠٠٢

.٢٦٥-٢٦٤لحق اإلنسان في السالمة الجسدية ، حسن سعد محمد عيسى ، ص الحماية الدولية ) ٣(

١٤٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

كـــذلك فقـــد جـــاء القـــرن العشـــرين بظـــاهرة أخـــرى اقتـــرن فيهـــا التعـــذيب بـــالثورات ـــا وفيتنـــام ـــدة ، كـــالجزائر والبرازيـــل واليونـــان وتركي والحـــروب التحريريـــة فـــي بلـــدان عدي

لســــطين ، ومــــن الواضــــح أنــــه وان اتفــــق (جنوبهــــا وشــــمالها) واألراضــــي المحتلــــة مــــن فالتعـــذيب فـــي الحـــالتين مـــن حيـــث انطوائـــه علـــى االعتـــداء علـــى حقـــوق الفـــرد وحقـــوق اإلنســان بصــفة عامــة إال أن الهــدف منــه فــي الحالــة األولــى يختلــف عنــه فــي الحالـــة الثانيـــــة . فتعـــــذيب الثـــــوار أو ســـــكان األراضـــــي المحتلـــــة الواقـــــع علـــــى أيـــــدي ســـــلطات

ف منه إخماد روح الثورة وفـرض األمـر الواقـع الـذي يريـده المحتـل، وهـو االحتالل الهديمــارس ضــد الشــعب الثــائر كلــه بــال تحديــد أو تمييــز ، أمــا فــي الحالــة الثانيــة فــالفرض أنه يمارس داخل دولة ذات سيادة ، وتتواله سلطات األمـن فيهـا ضـد متهمـين محـددين

. بقصد حملهم على االعتراف بما هو منسوب إليهموقــد يكـــون ذلـــك بمناســـبة تحقيـــق قـــائم معهـــم ، أو تمهيـــدا إلجـــراءات التحقيـــق ، وفي الحالتين فإن ذلك يمثل اعتداء على حـق مـن حقـوق الفـرد باعتبـاره إنسـانا ، وهـي

(. "الحقوق التي تتسابق الجهود الدولية من أجل الحفاظ عليها وحمايتها 385F

١( موجـــودة فـــي قـــانون العقوبـــات الســـوداني ويالحـــظ أن العقوبـــة البدنيـــة ال تـــزال"

(" )٣٥( المـــــــادة ،م ١٩٩١لســـــــنة 386F

٥٣وقـــــــانون العقوبـــــــات الباكســـــــتاني "مـــــــادة " . )٢ ، عقوبــــات" ٦٨م " المــــادة ١٩٥٩وقــــانون عقوبــــات شــــمال نيجيريــــا لســــنة ،عقوبــــات"

عقوبات" . ١٧م " المادة ١٩٥٨وقانون العقوبات االتحادي لنيجيريا وليجوس لسنة ١٧٢أ ، ١٢٠جـــودة فـــي بعـــض الـــبالد ذات القـــانون القـــاري كإثيوبيـــا ( م ومو

م) . ١٩٥٧عقوبات ، لسنة وقـــد ألغـــت الهنـــد الجلـــد بالنســـبة للكبـــار مـــن قوانينهـــا منـــذ زمـــن طويـــل ( بإلغـــاء

بإلغـــــاء ١٩٥٥وبقــــي بالنســــبة لألحــــداث إلــــى أن ألغــــي ســــنة ،م )١٨٦٤قــــانون ســــنة م.١٩٠٩لسنة ٤القانون رقم

. ٢٣-٢٢تعذيب المتهم لحمله على االعتراف ، عمر الفاروق الحسيني ، ص )١(

مــذكرات مقدمــة لطلبــة قســم العدالــة الجنائيــة بجامعــة نــايف ،محمــد محيــي الــدين عــوض ،) السياســة الجنائية (٢ . ٦٥ص ،م ١٩٩٧-هـ ١٤١٨،العربية للعلوم األمنية

١٥٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وفـي ســنة ،كانـت عقوبـة الجلـد مقــررة كعقوبـة جنائيـة إنجلتـرا وأســتراليا وفـي وقـد نفـذ قـانون القضـاء ،" بإلغـاء توقيـع هـذه العقوبـة نم أوصت لجنة "كاد وجـا١٩٣٨

(م هذه التوصية فألغى هذه العقوبة نهائيا ١٩٤٨الجنائي اإلنجليزي لسنة 387F

١(

جلـدة علـى ٢٤بما ال يزيد على ويطبق قانون العقوبات اليوغندي عقوبة الجلد " سـنة ٤٥وال يجوز توقيعها على الذكور ممـن يزيـد سـنهم علـى ،الذكور دون اإلناث

)388F

٢(

وكــان ،م ١٩٣٧يطبــق عقوبــة الجلــد حتــى ســنة القــانون المصــري وكــان " (. " وسيلة يعول عليها في تأديب األحداث ثم ألغيت تقليدا للغير

389F

٣(

ــــي " ــــة االعــــراق وف ــــانون العقوبــــات البغــــدادي كانــــت عقوب ــــررة فــــي ق لجلــــد مق(. " م١٩٥٨وألغيت في سنة ،الملغى

390F

٤(

المـــادة ٨٩، فتطبـــق حــد شــرب الخمـــر بــنص القــانون الليبـــي رقــم ليبيــا أمــا " م فـــي شـــأن اقامـــة حـــد الزنـــا ١٩٧٣لســـنة ٧٠م والقـــانون رقـــم ١٩٧٤الخامســـة لســـنة

)391F٥(." قامة حد القذف إفي هـ ١٣٩٤لسنة ٥٢المادة الثانية ، والقانون رقم

ــة الســعودية وتطبــق عقوبــة الجلــد فــي " كجــزء مــن نظامهــا المملكــة العربي(. " العقابي المستند إلى الشريعة اإلسالمية

392F

٦(

فقد كان الجلد مطبقا في والية واحدة فقـط الواليات المتحدة األمريكية أما " كـن تطبيـق هـذه العقوبـة علـى م كان من المم١٩٥٢من الواليات المتحدة ، وحتى سنة

من يضرب زوجته في ماريالند ، ولكنهـا نـادرا مـا كانـت تطبـق فعـال ، وهـي جـائزة فـي

.١٨٦ص ،محمد محيي الدين عوض،) القانوني الجنائي مبادئه األساسية في القانون األنجلو أمريكي(١ـــــــــــه ) (٢ ـــــــــــانون العقوبـــــــــــات الســـــــــــوداني معلقـــــــــــا علي ـــــــــــي الـــــــــــدين عوض،ق ـــــــــــاهرة ،محمـــــــــــد محي المطبعـــــــــــة ،الق

. ١٠٦صم،١٩٧٠،العالمية

.١٥٥ص ،الحسيني سليمان جاد،توريتها وعالقتها بالدفاع الشرعي في الفقه اإلسالمي دس ةالعقوبة البد ني ) (٣ .٣١٠ص،ةالدار الجامعي،بيروت ،أكرم نشأت إبراهيم ،القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن ) (٤ومــا ٣٢٥م ، ص١٩٧٧،دار المطبوعــات الجامعيــة،اإلســكندرية،عــوض محمــد ،دراســات فــي الفقــه الجنــائي ) (٥

بعدها.

م ١٩٩٧ ،دار النهضـــة العربيـــة ،القـــاهرة،محمد محمـــد فرحات،المبـــادئ العامـــة فـــي الفقـــه الجنـــائي اإلســـالمي ) (٦ .٤٧٣ص ،م١٩٩٨

١٥١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

متهمــين أدينــوا فــي"دالور" فــي المــدة مــن ســنة ٧٣٠٢"دالور" لعــدة جــرائم ، فمــن بــين % منهم فقـط . ٢٢لجرائم يعاقب عليها بالجلد ضرب مثال ١٩٤٢م حتى سنة ١٩٠٠

% ٣٠م ، و ١٩١٠% فــي ســنة ٥٥م ، و١٩٠٠% فــي ســنة ٧٠النســبة وبلغــت هــذهم ، وآخـر جلـد ١٩٤٠% فـي سـنة ٧، و ١٩٣٠% في سـنة ١٥م ، و١٩٢١في سنة

م . ١٩٥٢بالسوط في هذه الوالية كان سنة وقــد قامــت حركــة إلجــازة عقوبــة الجلــد فــي عــدة واليــات عقــب الحــرب العالميــة

ة بــذلك قــد فشــلت ، لكــن أحــد هــذه القــوانين األولــى، ولكــن مشــروعات القــوانين الخاصــم ، ونــص علــى الجلــد كعقوبــة وجوبيــة ١٩٢٥المبــالغ فيهــا قــد أجيــز فــي منيســوتا ســنة

جريمــة، تبــدأ مــن القتــل حتــى قيــادة الســيارات فــي حالــة ١٢مــع الحــبس أو الغرامــة فــي لغـاء السكر . ومع هذا ، فإن مشروع القانون الـذي قـدم إلـى المشـرعين فـي "دالور" إل

عقوبة الجلد قد سقط بأغلبية كبيرة . )393F١(."م١٩٢٠وفي الواقع فإن عدد الجرائم التي تطبق فيها عقوبة الجلد قد زادت سنة

ـــة ،" وقـــد أدرك الشـــعب األمريكـــي ـــة المعاصـــرة أهمي وصـــناع السياســـة الجنائييـــة عقوبـــة الجلـــد كبـــديل لعقوبـــة الســـجن فـــي العديـــد مـــن الجـــرائم. فقـــد وافـــق برلمـــان وال

Mississippi وقـد ، ةعلى مشروع بقانون يعطي القضاء حق الحكم بالعقوبات البدنيـإعطــاء NEW YORK اقتــرح كــذلك مــؤخرا احــد أعضــاء مجلــس الشــيوخ فــي واليــة

القاضي حق إيقاع عقوبة الجلد على بعض الجناة من األحداث الذين تتـراوح أعمـارهم اثنـــــان مـــــن أعضـــــاء برلمـــــان واليـــــة ســـــنة . وفـــــي نفـــــس االتجـــــاه اقتـــــرح ١٨-١٣بـــــين

Tennessee علـــى أن يـــتم تنفيـــذ ،معاقبـــة مـــن يرتكبـــون جـــرائم التخريـــب والســـرقة بالجلـــدكـــذلك فقـــد مـــنح ،أو فـــي المحكمـــة ،أو فـــي أحـــد األســـواق ،العقوبـــة فـــي ميـــدان عـــام

مبادئ علم اإلجرام : إدوين هـ . سذرالند ، ودونالد كريسبي ، ترجمة ومراجعة محمود السباعي وحسن صادق )١(

م ، ١٩٦٨تراك مـع مؤسسـة فـرانكلين للطباعـة والنشـر ، المرصفاوي ، القاهرة ، مكتبة األنجلو المصرية باالش . ٣٥٠-٣٤٩ص

١٥٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

رؤســــاء أقســــام الشــــرطة حــــق توقيــــع عقوبــــة الجلــــد حتــــى أربــــع جلــــدات علــــى صــــغار (المجرمين "

394F

١(.

مبينــا للتنــاقض بــين نصــوص القــوانين وتطبيقــات –حســن أبــو غــدة ويــذكر سأل المسؤول بالسجن المركزي بالكويـت عمـا إذا كـانوا يؤدبـون السـجناء " أنه -الواقع

بالضـــرب ، فأجابـــه واثقـــا مـــن نفســـه : لقـــد قمـــت بجـــوالت اســـتطالعية فـــي العديـــد مـــن ة فيها ، وبخاصة في الواليات المتحـدة السجون في العالم ، وتعرفت على النظم المتبع

وبريطانيا . ولقد حضرت مؤتمرات لمدراء السجون وأسـتطيع أن أقـول لـك : ال تصـدق أن الضرب غير معمول به في أي سجن من سجون العالم ألننا نواجه مواقـف صـعبة ال يجدي معها سـوى الضـرب، والضـرب فقـط ، وان األلـم البـدني فـي بعـض الحـاالت

(" العالج من وسائل التأديب األخرى أنجع في395F

٢( . "والجدير بالذكر أنه ال يزال في بـالد النظـام األنجلـو أمريكـي فريـق مـن الفقهـاء

ويــرى أنهــا ،يؤيــد بقــاء العقوبــات البدنيــة فــي قــانون العقوبــات حتــى فــي انجلتــرا نفســها نســية وتلــك تتضــمن ردعــا فعــاال وضــروريا بالنســبة لــبعض أنــواع الجــرائم كــالجرائم الج

( التي تنطوي على العنف وجرائم االعتياد على السرقة والنهب".396F

٣( بل إن إحصاء قد أجري في بريطانيا مؤخرا أظهـر أن الغالبيـة مـن الـذين سـئلوا

ويعللـون هـذه ،خالل إجرائه من البالغين قد أيدوا عـودة العقوبـات البدنيـة لـبعض الجرائمبات البدنيـة سـوف يـؤدي إلـى تـأثير جمـاعي مضـاد الرغبة بأن إعالن العودة إلى العقو

للنسبة المتزايدة من الجرائم بصفة مستمرة.رئــيس القضــاء فــي إنجلتــرا بــالعودة إلــى العقوبــات البدنيــة .Lord Parkerوقــد طالــب

م أصـدره أحــد مشــاهير ١٨/٦/١٩٦٠وكـذلك أعلــن هـذا فــي حكــم قضـائي صــادر فــي ،

نقــال عــن مقــال ٢٦٧ص،محمـد أبــو العــال عقيـدة،) فلسـفة العقوبــة فــي الشـريعة اإلســالمية والتشــريعات الغربيــة (١

م ١٩٩٥،برسبتم–يوليو –النظام العقابي الجديد في الواليات المتحدة األمريكية ،في المجلة الدولية لعلم اإلجرام

A . NORMANDEAU: La nou -١٥٠ velle penology aux Etats unis d،amerique Rev، int

،dw crim pol. tech.N.٣. p، ٣٥٠ ets. .٥١٩حسن أبو غده ، ص ،أحكام السجن ومعاملة السجناء في اإلسالم )٢(

. ١٨٧– ١٨٦ص،حمد محيي الدين عوض م،مبادئه األساسية في القانون األنجلو أمريكي ،) القانون الجنائي(٣

١٥٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

إن الـذين يطـالبون أن ينعـدم " حيـث قـال: .MR. Harold Sturgeالقضـاة فـي لنـدن )397F١( ." عنصر األلم من كل عقوبة يبدو أنهم محدودو الفهم

ويقـــول صـــاحب كتـــاب" اإلنســـان ذلـــك المجهـــول" يمكـــن منـــع اإلجـــرام والجنـــون بمعرفـــة ـــــة أفضـــــل ـــــي التعليم ،اإلنســـــان معرف ـــــرات ف واألحـــــوال ،وتحســـــين النســـــل واحـــــداث تغي

اء يجــب التصــرف فــي المجــرمين تصــرفا فعــاال .. ولعلــه وفــي تلــك األثنــ ،االجتماعيــة مـــن األفضـــل إلغـــاء الســـجون .. ويمكـــن أن يســـتعاض عنهـــا بمؤسســـات أصـــغر وأقـــل نفقـــات .. ومـــن المحتمـــل أن تكييـــف المجـــرمين المنحطـــين بالســـوط أو بـــإجراء علمـــي

)398F٢( ." آخر تعقبه فترة قصيرة في المستشفى تكفي لتوطيد األمن

أنــه ال بــد مــن تناســب بــين طبيعــة الجريمــة نالمصــلحين الفرنســيي ويــرى أحــد" احتـــرام والـــذي يســـيء ،طـــر يتلقـــى آالمـــا جســـدية فالشـــخص الخ ،والعقوبـــة المقـــررة لهـــا

وتوقيع الغرامـة ،والحرق لمن يضرم النار ،والموت لمن يقتل ،الحرية يحرم من حريته )399F٣( ." بتزازاالعلى من يقوم بأفعال

" الباحثين بين منع الجلد بصورة عامـة واباحتـه مطلقـا بـأن رأوا بعضوتوسط حصــر عقوبــة الجلــد فــي الجــرائم ذات الصــبغة المتســمة بالقســوة أو عــدم المبــاالة حيــث ــد للســكارى والفاســقين ومرتكبــي أعمــال يقــول بعــض الجنــائيين بتخصــيص عقوبــة الجل

ويضـيفون إلـى ذلـك قـولهم ،النهب وكسر األسوار واتـالف المزروعـات وقتـل المواشـي أنه إذا كان تفوق العقوبات البدنية على غيرها يظهـر جليـا عنـدما يكـون الغـرض حفـظ ـــد يجـــب أن يكـــون مـــن وســـائل النظـــام بـــين طائفـــة فاســـدة كمـــا فـــي الســـجون فـــإن الجل

إذ الضــرب يمتــاز علــى كــل ،التأديــب الجوهريــة فــي العقوبــات التــي يقصــد بهــا التربيــة )400F٤( ." ر األطفال بخوف حقيقيالعقوبات بأنه يشع

.٢٨١-٢٨٠ص ،محمد العوا ،) في أصول النظام الجنائي اإلسالمي (١ .٨٤ص،محمد علي التسخيري ،) نظرة في نظام العقوبات اإلسالمي (٢ .١٣١ص ،م١٩٩٥ ،بيروت ،ترجمة.على مقلد ،ميشيل فوكو ،) المراقبة والمعاقبة (٣ . ٥٣ص ،٥ج،دي عبد الملك) الموسوعة الجنائية، جن (٤

١٥٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الثاني : الجلد في السجون وينتظم هذا المبحث في مطلبين :

. المطلب األول : الجلد كعقوبة تأديبية في السجون . المطلب الثاني: التعذيب في المعتقالت والسجون

١٥٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المطلب األول : الجلد كعقوبة تأديبية في السجون : كثيــــر مــــن البــــاحثين فــــي حقــــوق اإلنســــان عمــــا إذا كانــــت العقوبــــات يتســــاءل ال

التأديبية المفروضة في السجون حاطة بالكرامة اإلنسانية أم ال ؟فـــذهبت أحكـــام عديـــدة للمحكمـــة " وقـــد تباينـــت اآلراء فـــي اإلجابـــة عـــن ذلـــك .

وبــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان وقــرارات اللجنــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان إلــى أن العقالتأديبيــة ليســت عقوبــة حاطــة بالكرامــة اإلنســانية فــي حــد ذاتهــا، لكنهــا يمكــن أن تنقلــب إلــى عقوبــة حاطــة بالكرامــة اإلنســانية إذا كــان مــن شــأنها إذالل الشــخص الــذي وقعــت عليــه . ويحــدث ذلــك األثــر بســبب ظــروف توقيعهــا وذلــك بكــون األداة قاســية ، أو أن

تكون طريقة الضرب شديدة .صدرت أحكام للمحكمة واللجنة المشار إليهـا بصـدد الضـرب فـي المـدارس وقد

وضرب األحداث والجانحين في سجون األحداث.وقــد بلــغ األمــر بالمشــرع الســويدي حــد منــع أوليــاء األمــور أنفســهم مــن ضــرب أبنائهم ، ورتب عليهم مسئولية جنائية قد تعرضهم لفقدان واليتهم علـى األبنـاء ، وذلـك

م . ١٩٧٩سنة Parenthhoodله لقانون الوالية على النفس في تعديوعنــدما تــذمر أوليــاء األمــور مــن ذلــك باعتبــاره مخالفــا للحــق فــي احتــرام الحيــاة األسرية المنصوص عليه في االتفاقية األوروبية لحقـوق اإلنسـان ، ورفعـوا دعـوى أمـام

أسـاس أن هـذا القيـد الـذي المحكمة األوروبية لحقـوق اإلنسـان : رفضـت الـدعوى علـى . )401F١("األبوية مقبول في مجتمع ديمقراطيأورده القانون السويدي على السلطة

الجلد في السجون األمريكية : -أأجاز المشرع األمريكي الضرب بالسياط الـذي تمارسـه اإلدارة العقابيـة كجـزاء "

مشـروعا إذا كـان مشـروطا وجعلـه ،وعدم اعتبار هذا اإلجراء مخالفا للدستور ،تأديبي بـ :

،بتصرف ٥٧-٥٥م ، ص ١٩٩٤الكويت، غنام محمد غنام ،الكويت،جامعة ،) حقوق اإلنسان في السجون (١

١٥٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

فإيقـاع الجـزاء علـى مخالفـات بسـيطة يجعلـه ،التناسب بين الجزاء والخطـأ -١ مخالفة للدستور األمريكي.

أن تــــوفر اإلدارة العقابيــــة وســــيلة للــــتظلم مــــن هــــذا الجــــزاء لضــــمان عــــدم -٢ التعسف في استعماله .

ــــإذا ك -٣ انــــت هــــذه أن تكــــون األداة التــــي يمــــارس بهــــا الضــــرب معقولــــة . فالوســـيلة مـــن الغلظـــة بحيـــث تـــؤلم المســـجون ألمـــا فظيعـــا فـــإن جـــزاء الجلـــد

يصبح مخالفا للدستور .

أن يكون عدد الضربات معقوال. -٤

أال يمارس الضرب على جسم المسجون عاريا . -٥

فإن جزاء الضرب بالسياط يعتبـر مخالفـا ،فإذا تخلف شرط من هذه الشروط للدستور األمريكي .

ومــا قــام بــه القضــاء األمريكــي مــن محاولتــه وضــع ضــوابط تصــبح بمقتضــاها ـــة ـــوافرت فيهـــا عـــدة شـــروط أو تعتبـــر عقوب العقوبـــة البدنيـــة قاســـية وغيـــر إنســـانية إذا تدستورية هو إعمال صحيح من جانب هذا القضاء لسلطته التقديرية في تفسـير الـنص

(" نسانية أو القاسية الدستوري الذي يحظر العقوبة الحاطة بالكرامة اإل402F

١(. ٧" بنـد ٤٣وذلك في المادة " " ) 403F٢( ." كانت عقوبة الجلد مطبقة " : وفي مصر - ب

جلــدة حالــة ٣٦م بجلــد المســجون بمــا ال يزيــد عــن ١٩٥٦لســنة ٣٩٦فــي القــانون رقــم أو التمرد وما إلى ذلـك ،االعتداء على الموظفين المنوطين بحفظ النظام في السجون

ت الضرورة التي يقررها وزير الداخلية . وألغيت هذه العقوبة لمخالفتها للمـادة من حاالمــن القــانون ونصــها " أن كــل مــواطن يقــبض عليــه أو يحــبس أو تقيــد حريتــه بــأي ٤٢

قيد يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة اإلنسان وال يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا.

٥٨-٥٧المرجع السابق ، ص ) (١ـــوائح الســـجون فـــي مصـــر (٢) ـــر ســـالم ،قـــوانين ول ـــل وأمي ـــد اهللا خلي ـــة والفكـــر نقابـــة المحـــام،عب ـــة المكتب ين ،لجن

ما بعدها و ١١٥صالقانوني،

١٥٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ـــائمون علـــى الســـجون الع ـــى وقـــد رفـــض الق نـــف المـــادي كأســـلوب لإلشـــراف علوانما ألنه غير فعال مـن ناحيـة ، ويـؤدي ،المسجونين ليس ألنه فقط يؤذي مشاعرهم

)404F١( .نف من جانب النزالء من ناحية أخرى "إلى تنمية روح المقاومة والعويالحــظ أن عقوبــة الجلــد التــي كانــت ســائدة فــي جميــع جيــوش العــالم لقــرون "

وهــــي مقــــررة فــــي قــــانون األحكــــام العســــكرية " )405F٢(." ا أو تكــــادعديــــدة قــــد ألغيــــت منهــــ غير أنه فرض لتوقيعها جملة قيود ، هي : ،المصري

جلدة .٥٠أن توقع بمعرفة المجالس العسكرية وال تزيد في هذه الحالة عن -١جلــدة بصــفة شخصــية لــبعض ١٥- ٥إذا وقعــت بطريقــة إيجازيــة فتتــدرج مــن -٢

لكبيرة الذين يقدرون المسئولية.وخاصة ذوي الرتب ا ،القادة

)406F٣( ." أن يحضر الطبيب أثناء الجلد لمالحظة درجة لياقة المسجون الطبية -٣

.١٨٦ص،محمد محيي الدين عوض ،القانون الجنائي مبادئه األساسية في القانون األنجلو أمريكي ) (١ .١٨٧ص،المرجع السابق )٢ (

.٢٥ص، ٢ج،أحمد فتحي بهنسي ،الموسوعة الجنائية في الفقه الجنائي اإلسالمي ) (٣

١٥٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المطلب الثاني : التعذيب في السجون والمعتقالت : ورغــم تصــديق ،يصــنف التعــذيب بأنــه أكثــر األمــور الحاطــة بحقــوق اإلنســان "

يــة التــي تجــرم التعــذيب . إال أن الواقــع العملــي الكثيــر مــن الــدول علــى االتفاقيــات الدول )407F١( ." يفصح بأن أكثر من نصف دول العالم تمارسه باستمرار

وقد صدقت لجنة الصليب األحمر حين وصفت التعذيب بأنه السرطان الذي " )408F٢( ." يهاجم أساس الحضارة

قســوة والعقوبــات "وتزخــر تقــارير منظمــة العفــو الدوليــة بالعديــد مــن أشــكال التعــذيب وال ،الفظيعة والتي تجري على نطاق واسع في العـالم "فـي أسـيا وأفريقيـا وأمريكـا الالتينيـة

( حتي الدول المتقدمة ليست بمنأى من هذه اآلفة ".409F

٣(

" فقد وردت أنباء عن تعرض أشخاص للتعذيب أو المعاملة السيئة علـى أيـدي بلدا. ١٢٥لحكومية في ا تقوات األمن أو الشرطة أو غيرها من السلطاأو األوضــاع ،أو نقــص الرعايــة الطبيــة ،وكانــت صــنوف التعــذيب أو المعاملــة الســيئة

سببا أساسيا أو يشتبه في أنهـا سـبب ،القاسية أو غير اإلنسانية أو المهينة في السجون" ( بلدا. ٥١لوفاة أشخاص أثناء احتجازهم في

410F

٤(

ــــر الســــنوي لمنظمــــة الع ــــة لســــنة " ويوثــــق التقري ــــو الدولي م مــــا رصــــدته ٢٠٠٠فوحـــاالت اإلعـــدام ،بلـــدا ٣٨المنظمـــة مـــن حـــاالت اإلعـــدام خـــارج نطـــاق القضـــاء فـــي

٦١عـن لبلـدا وحـاالت سـجناء الـرأي العـام فيمـا ال يقـ ٣١بموجب أحكام قضائية فـي

حقــوق اإلنســان دراســات حــول الوثــائق العالميــة ،ر الشــافعي محمــد بشــي،التعــذيب فــي المعــتقالت والســجون (١)

نقال ،٢٧٩ص ،٢ج ،م١٩٨٩دار العلم للماليين، ،بيروت ،محمود شريف بسيوني وآخرون ،واإلقليمية وتقريرها عن التعذيب في الثمانينات. ١٩٨٧ -٨٦عن تقارير منظمة العفو الدولية عن عامي

محمــد نيــازي ،المعاصــرة بــين الشــريعة اإلســالمية والقــانون الوضــعي السياســة الجنائيــة ،الــدفاع االجتمــاعي (٢) .٤٤٤ص ،مكتبة وهبة،القاهرة ،حتاتة

حظر التعذيب في القـانون الـدولي لحقـوق اإلنسـان فـي ضـوء اتفاقيـة األمـم المتحـدة لمناهضـة التعـذيب لعـام ) (٣العــدد الرابـع . ربيــع ،يــة عشـر السـنة الحاد،جامعـة الكويــت ،محمـد يوســف علـوان ، مجلــة الحقوق ،م١٩٨٤ ،Amnesty International ، La Torture نقالعـن ٥٤ص ،م ١٩٨٧ديسـمبر ،هــ١٤٠٨الثـاني

Insrument de Pouvoir fteaua combattre ،Editions de Seuil. Paris ،١٩٨٤ //:httpالــرابط ،م علــى األنترنـــت ١٩٩٩أنظــر ملخــص للتقريـــر الســنوي لمنظمـــة العفــو الدوليــة لعـــام ) (٤

www.amnesty-arabic.org/text/divers/air٩٩/pol-٩٩-٠٣-١٠air٩٩sum.htm

١٥٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

بلــدا. ٣٧وحــاال االختفــاء فــي ،بلــدا ١٣٢وحــاالت التعــذيب وســوء المعاملــة فــي ،بلــدا ري أن المنظمـــة تعتقـــد أن األرقـــام الحقيقيـــة لجميـــع هـــذه انتهاكـــات أعلـــى مـــن األرقـــام يـــ

وقـد اسـتمرت الواليـات المتحـدة فـي تنفيـذ أحكـام اإلعـدام فـي أشـخاص المذكورة بكثيـر.كمــا اســتمرت فــي حرمــان ،بجــرائم ارتكبوهــا وهــم دون الثامنــة عشــرة مــن العمــر أدينــوا

ائم يعاقــــب عليهــــا باإلعــــدام مــــن حقهــــم فــــي طلــــب المــــواطنين األجانــــب المتهمــــين بجــــر ١٩٩٩وبلـغ العـدد اإلجمـالي لمـن أعـدموا خـالل عـام ،المساعدة من قنصليات بلدانهم

( شخصا " . ٩٨في الواليات المتحدة 411F

١(

ويتـــدرج التعـــذيب مـــن أســـهل العقوبـــات كالجلـــد بالســـياط والضـــرب بــــاآلالت " مـرورا بـالتحقيق تحـت نـور كهربـائي -نالضرب على باطن القـدمي -الحديدية والفلقة

وهــاج والتعليــق بشــكل معكــوس، والكــي بأعقــاب الســجائر، والصــدمات الكهربائيــة فــي األجــزاء الحساســة مــن الجســم، واخضــاع المــتهم للضوضــاء بصــورة مســتمرة إلــى درجــة تجهد الجهاز العصبي، انتهاء بتمثيل اإلعدامات الوهمية واذالل وامتهـان النسـاء وبتـر أطراف الجسم واسـتخدام الطـب النفسـي بمـا فـي ذلـك األجهـزة الكاشـفة للكـذب واألدويـة والعقـــاقير التـــي تـــؤثر فـــي اإلرادة وغيـــر ذلـــك مـــن أشـــكال التعـــذيب الجســـدي والنفســـي

)412F٢( ." القاسية قسوة خاصة ال تعرف الروح اإلنسانية

ومن الحاالت التي يقع فيها التعذيب:

حاالت التمييز العنصري: -١

ــــو الدوليــــة ) (١ ــــر منظمــــة العف ــــم الوثيقــــة ،انظــــر تقري ــــى الــــرابط ٢٠٠٠لعــــام ١٠/٠٣/٠٠ polرق م علhttp://www.amnesty-arabic.org/text/divers/air٢٠٠٠/pol-٠٠-٠٣-١٠air٢٠٠٠ns.htm

-http://www.hrcap.org/A يب في مصر حقيقة قضائية على الرابط: التعذ ) (٢

Reports/report٢٦/report.htm وينظــر : معركــة التحقيــق بحــث مــن إعــداد أبــو جهــاد طلعــت وهــو" نـــــــــداء القـــــــــدس" علـــــــــى الـــــــــرابط : منشـــــــــور علـــــــــى موقـــــــــع حركـــــــــة الجهـــــــــاد اإلســـــــــالمي فـــــــــي فلســـــــــطين

www.qudsway.com/links/jehad/٦/html- jehad٦/٦hje٨.htm كـذلك أنظـر حقـوق اإلنسـانلرافـدين علـى الـرابط العراقي بين وحشية النظام ودور المعارضـة مقـال منشـور فـي العـدد السـابع مـن مجلـة ا

htt ://www angelfire.com/hi٤/alarfidain/issueوكـذلك تقريـر المـواطن المصـري المنشـور ٧ـــال http: //www.hrcap.org/Arabic/arabicsite.htmعلـــى الـــرابط وكـــذلك وســـائل التعـــذيب مق

٢٥٠x.com/sh-t٣zeb.html.http//www.shamsonaمنشور على موقع هدير الحق على الرابط

١٦٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

إذ ،الت مــــن نقطــــة االســــتعالء العنصــــري ويصــــدر التعــــذيب فــــي هــــذه الحــــا" ،يتصـــرف الشـــعب الحـــاكم علـــى أســـاس أنـــه أســـمى عنصـــرا مـــن الشـــعوب المحكومـــة

ويـــأتي ،فينكــر عليهـــا حـــق الحيــاة ، وتســـود ممارســـات إبـــادة الجــنس بالقتـــل الجمـــاعي ر التعــذيب متجــردا مــن التعــذيب كدرجــة تاليــة لهــذه الممارســات غيــر اإلنســانية ، ويظهــ

وتطغى مشاعر االحتقار على غيرها من المشاعر اإلنسانية . ،أي معنى للرحمة وتصف الكثير مـن ،وتتجسد جرائم التمييز العنصري في األراضي الفلسطينية

التقارير لمنظمـة العفـو الدوليـة، وهيئـة الصـليب األحمـر، ولجنـة األمـم المتحـدة المعنيـة لشـــرعية فـــي األراضـــي الفلســـطينية المحتلـــة مـــا يحـــدث مـــن تعـــذيب بالممارســـات غيـــر ا

للمــواطن الفلســطيني بــالقبض التعســفي الجمــاعي ، والضــرب المبــرح فــي جميــع أنحــاء الجســم ، واإلجبــار علــى الوقــوف فتــرات طويلــة ، والحرمــان مــن النــوم ، وتعريــة الجســد

صـــعق بالكهربـــاء فـــي مـــن المالبـــس واغراقـــه فـــي المـــاء المـــثلج ثـــم المـــاء الســـاخن ، والحلمتي الصـدر والعضـو التناسـلي ، واقحـام أجسـام صـلبه فـي الفـروج ، وهتـك أعـراض

." الفتيات الصغيرات والشابات والنساء في ظل روح عامة من العنصـرية الصـهيونية)413F

١( حاالت الحرب الدولية األهلية: -٢األسـر خـالل يمنع تعـذيب واهانـة وازهـاق أرواح المتحـاربين الـذين يقعـون فـي "

م ١٩٤٩الحــــــروب الدوليــــــة واألهليــــــة كمــــــا تــــــنص علــــــى ذلــــــك اتفاقيــــــة جنيــــــف لعــــــام ـــان عـــام ـــر المطـــول لمنظمـــة العفـــو ١٩٧٧والبرتوكـــوالن الملحق م. ولقـــد تضـــمن التقري

م تفصيالت دقيقة عمـا جـرى ١٩٨٤الدولية عن التعذيب في الثمانينات والصادر عام ،فـــي دول افريقيـــة كإثيوبيـــا وانجـــوال ويجـــري مـــن تعـــذيب بـــين فرقـــاء الحـــرب األهليـــة

ودول أمريكا الالتينية كالسلفادور وجواتيماال ونيكاراغوا وبوليفيا وغيرها . إذ تشــمل الضــرب ،وتكــاد وســائل التعــذيب تتماثــل فــي معظــم الحــروب األهليــة

ـــــع الفـــــك ، والصـــــعق ـــــة والمتطـــــورة ، وكســـــر األســـــنان ، وخل بكافـــــة الوســـــائل التقليديفي األماكن الحساسة ، واالعتداء الجنسي على الرجـال بـإيالج العصـي أو بالكهرباء

.٢٨١ص ،الشافعي بشير ،التعذيب في المعتقالت والسجون ) (١

١٦١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

القضبان الحديدية ، وهتك أعراض الفتيات والنساء ، وربط أثقال في خصيتي الرجـل إليالمه بما ال يطـاق ، وسـحق األقـدام سـحقا ، وحـرق الجلـد بالمـاء أو الزيـت المغلـي

ب له هياجا وألمـا شـديدا ، وقتلـه خنقـا ، واجبار المعتقل على شرب مواد كيماوية تسب )414F١( ." ، وبتر أعضائه التناسلية ، وحرق أصابعه

الظروف األمنية الداخلية : -٣تتعلــق هـــذه الحالــة بحمايـــة نظــام الحكـــم مــن المعارضـــين الــذين يهـــدفون إلـــى " تـي وعادة ما تستخدم الدولة قوانين الطوارئ، وتستعين باألحكام العسـكرية ال ،التغيير

)415F٢( ." تدعي الحكومة ضرورتها لحماية النظام

وثائق تحريم التعذيب : أهم الوثائق التي تتعلق بتحريم التعذيب مباشرة، وتضع قواعد تفصيلية له هي:

م لحمايـة جميـع ١٩٧٥ديسـمبر ٩فـي إعالن الجمعية العامة لألمم المتحدة " -١ة أو العقوبـة القاسـية أو األشخاص مـن التعـرض للتعـذيب وغيـره مـن ضـروب المعاملـ

)416F٣( ." أو المهينة ةالال إنسانيوغيـره مـن ضـروب المعاملـة أو العقوبـة القاسـية أو تفاقية مناهضة التعذيب ا" -٢

م ، ودخلــت ١٩٨٤ديســمبر ١٠أو المهينــة والتــي اعتمــدتها الجمعيــة فــي ةالالإنســانيأي ذيب بأنـه :م. حيـث عرفـت المـادة األولـى التعـ١٩٨٧حزيـران ٢٦حيز التنفيذ فـي

جســديا كــان أم عقليــا يلحــق عمــدا بشــخص مــا ،عمــل ينــتج عنــه ألــم أو عــذاب شــديد بقصد الحصول من هـذا الشـخص أو شـخص ثالـث علـى معلومـات أو علـى اعتـراف

أو يشـــتبه فـــي أنـــه ارتكبـــه هـــو أو شـــخص ثالـــث أو ،أو معاقبتـــه علـــى عمـــل ارتكبـــه أو عنـــدما يلحـــق مثـــل هـــذا األلـــم أو ،تخويفـــه أو إرغامـــه هـــو أو أي شـــخص ثالـــث

أو يحـرض عليـه ،العذاب ألي سـبب مـن األسـباب يقـوم علـى التمييـز أيـا كـان نوعـه

.٢٨٣ – ٢٨٢المرجع السابق ، ص ) ٢، (١

، دار حمود شريف بسيوني وآخـرون ، بيـروتحقوق اإلنسان ، دراسات حول الوثائق العالمية واإلقليمية ، م ) (٣ وما بعدها . ١٩٨ص ١جم ،١٩٨٨العلم للماليين ،

١٦٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

أو أي شـخص آخـر يتصـرف بصـفته ،أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسـمي وال يضمن ذلك األلم والعذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونيـة أو المـالزم ،الرسمية

(بات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها ". لهذه العقو 417F

١( حيث أشار إلى أن كـل عمـل ، ونالحظ في هذا التعريف شموله وشدة تفصيله

، أو ل فيــه التعــذيب للحصــول علــى اعتــرافكمــا أنــه يــدخ ،ينــتج عنــه ألــم فهــو تعــذيب والتعذيب بناء على التمييز . ،والتعذيب للتخويف ،معلومات

أنه : " منها على٢وتنص المادة "ـــة - أ ـــة أو أي ـــة أو قضـــائية فعال ـــة طـــرف إجـــراءات تشـــريعية أو إداري " تتخـــذ كـــل دول

إجـــــراءات أخـــــرى لمنــــــع أعمـــــال التعــــــذيب فـــــي أي إقلــــــيم يخضـــــع الختصاصــــــها القضائي.

ســواء أكانــت هــذه الظــروف ،ال يجــوز التــذرع بأيــة ظــروف اســتثنائية أيــا كانــت -بسياسـي داخلـي أو أيـة حالـة مـن حالة حرب أو تهديدا بـالحرب أو عـدم اسـتقرار

حاالت الطوارئ العامة األخرى كمبرر للتعذيب.

ال يجـــوز التـــذرع بـــاألوامر الصـــادرة عـــن مـــوظفين أعلـــى مرتبـــة أو عـــن ســـلطة -ج ( عامة كمبرر للتعذيب. "

418F

٢( إذ أن ،ثم يأتي دور النقابات المهنية في هذه المهمة وخاصـة نقابـات األطبـاء " -٣

أكثــر النــاس قربــا مــن الســجين الــذي يتعــرض للتعــذيب بحكــم عملهــم األطبــاء هــم مــنكأطبـــاء رســـمين فـــي المعـــتقالت والســـجون . وقـــد وضـــعت منظمـــة الصـــحة العالميـــة

ميثاقـا آلداب مهنـة الطـب م ١٩٨٢ديسـمبر ١٨والجمعية العامـة لألمـم المتحـدة فـي األطباء إلى كفالـة ويدعو ،يحدد واجبات األطباء في مواجهة المعتقلين والمسجونين

،والعقلية للمسجونين أو المحتجزين وتقـديم العنايـة الطبيـة لهـم ةحماية الصحة البد ني

ومــا بعــدها .وهــذه االتفاقيــة منشــورة علــى موقــع مكتبــة حقــوق ٢٠٠، ص١حقــوق اإلنســان ، بســيوني ، ج )٢، (١

//:httpاإلنســـــــــــــــان بجامعـــــــــــــــة مينســـــــــــــــوتا بأمريكـــــــــــــــا علـــــــــــــــى االنترنـــــــــــــــت علـــــــــــــــى الـــــــــــــــرابط

www١.umn/edu/humanrts/arab/b٠٣٩.html وعلــى موقــع معهــد حقــوق اإلنســان علــى الــرابطhttp://www.humanrightslebnon.org/arabic/covention٤.htm .

١٦٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

،ويحظر عليهم الميثاق المشاركة بأية طريقة ايجابية أو سلبية في عمليـات التعـذيب أو أن يخضعوا أو يتواطؤا مع آخرين على ارتكابهـا أو أن يسـتخدموا معـرفتهم الطبيـة

تســبب أثــارا ضــارة علــى الصــحة اعدة فــي أســاليب االســتجواب التــي يحتمــل أن للمســــــالبد ــــة للمســــجون ةني ــــأن ،أو العقلي ــــب أو يشــــارك فــــي الشــــهادة ب أو أن يشــــهد الطبي

االســــجين الئــــق لتحمــــل أي شــــكل مــــن أشــــكال المعاملــــة أو العقوبــــة التــــي مــــن شــــأنه أو العقلية. ةإحداث آثار ضارة على صحته البد ني

يتعــرض الطبيــب لضــغط أو عقــاب مــن جانــب الســلطات بســبب تصــرفاته وقــد وهنــا يجــب علــى نقابــات األطبــاء تنفيــذ توصــية جمعيــة الصــحة العالميــة فــي ،الســابقة

م حيــــــث دعــــــت النقابــــــات الطبيــــــة إلــــــى حمايــــــة أعضــــــائها بكــــــل ١٩٧٥طوكيــــــو عــــــام ى إخضـاع األطبـاء أو أفـراد عـائالتهم للتهديـد أو اإلجراءات ضد كل محاولة تهـدف إلـ

)419F١(." الوعيد واألخذ بالثأر بسبب رفضهم الموافقة على التعذيب

٢٩٠الشافعي، ص ،التعذيب في المعتقالت والسجون (١)

١٦٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الثالث موقف المواثيق الدولية من عقوبة الجلد

وينتظم هذا المبحث في ثالثة مطالب : الجلد. المطلب األول : موقف المواثيق الدولية العالمية من عقوبة

.لدولية اإلقليمية من عقوبة الجلدالمطلب الثاني : موقف المواثيق المطلب الثالث : موقف المنظمات والهيئات غير الحكومية من عقوبة

الجلد

١٦٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الدولية العالمية من عقوبة الجلد: المطلب األول : موقف المواثيق

أوال : اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان:) المـؤرخ فـي ٣-ألف ( د ٢١٧شر على المأل بقرار الجمعية العامة اعتمد ون"

م.١٩٤٨كانون األول / ديسمبر ١٠ال يجــوز إخضــاع أحــد للتعــذيب نــه علــى أنــه : وقــد نــص فــي المــادة الخامســة م

(أو الحاطة بالكرامة ". ةوال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الال إنساني420F

١( (. " ذاتـه وثيقـة ملزمـة قانونـا غير أن اإلعـالن ال يعـد فـي "

421F

وانمـا هـو عبـارة ، )٢ عن توصيات أو أحكام أدبية .

م عـن توافـق آراء المجتمـع الـدولي فـي مـؤتمر طهـران ١٩٨٦وأعرب في عام " علـــى أن اإلعـــالن العـــالمي " يعبـــر عـــن تفـــاهم مشـــترك بـــين شـــعوب ،لحقـــوق اإلنســـان

رة البشــرية، ويمثــل التزامــا علـــى العــالم فيمــا يخــص الحقــوق الثابتــة لكـــل أعضــاء األســأعضـاء المجتمــع الـدولي. ولــيس هنـا أي نــص جزائـي قــانوني يـرغم الــدول علـى الوفــاء بهذا االلتزام. وعلى نحو مـا هـو متبـع فـي المجـاالت األخـرى للقـانون والعـرف الـدوليين

الــدولي هــو أن تســحب الــدول ثقتهــا بتلــك الــدول التــي عفــإن أهــم جــزاء لــدى المجتمــ ،(. " كون عازفة عن التعاون للوفاء بالتزاماتهات

422F

٣(

وهو منشور على موقع األمم المتحدة على الرابط: ،وما بعدها ١٧، ص ١حقوق اإلنسان ، بسيوني ، ج ) (١

http://www.un.org/Arabic/aboutun/humanr.htm ةفـي موقـع مكتبـة حقـوق اإلنسـان بجامعــو umn.edu/humanrts/Arabic.html.www١ منيسوتا بأمريكا على شبكة اإلنترنت:

وفــي موقــع جمعيـــة www.hrw.org/Arabic/index.htmlوفــي موقــع منظمــة مراقبــة حقـــوق اإلنســان وفـي موقـع مركـز حقـوق اإلنسـان www.ahrla.org/index.htmlاإلنسـان: المسـاعدة القانونيـة لحقـوق

www.hrcap.org/arabicsite.htmلمساعدة السجناء

ـــــــا،نليا ليفي،حقـــــــوق اإلنســـــــان أســـــــئلة وأجوبـــــــة ) (٢ إتحـــــــاد المحـــــــامين العـــــــرب / ،هرة دار المســـــــتقبل العربـــــــي القم ١٩٧٧ ،المجلــة المصــرية للقــانون الــدولي،وحيد رأفت،.القــانون الــدولي وحقــوق اإلنســان ٢٠ص،اليونســكو

بحث منشور فـي حقـوق ،محمد سعيد الدقاق ،. التشريع الدولي في مجال حقوق اإلنسان٤٠ص،٣٣مجلد .٧٥ص، ٢محمود شريف بسيوني وآخرون ج،لمية واإلقليميةاإلنسان دراسات حوال الوثائق العا

٢١-٢٠ص،نليا ليفي ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة ) (٣

١٦٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

(ثانيا: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. 423F

١( ( ٢٢٠٠اعتمــد وعــرض للتوقيــع والتصــديق واالنضــمام بقــرار الجمعيــة العامــة

م.١٩٦٦كانون األول/ ديسمبر ١٦ألف) المؤرخ في إخضــاع أحــد للتعــذيب وال للمعاملــة زجــو وقــد نــص فــي المــادة الســابعة منــه علــى" ال ي

وال يجوز إجراء أية تجربة طبيـة ،أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو الحاطة بالكرامة أو علمية على أحد دون رضاه الحر" .

للبـالغين بالجلـد أو الضـرب هـي أول اختبـار للقاعـدة ة"وقد كانت العقوبة البدنيـ مـــــن اإلعـــــالن العـــــالمي واالتفاقيـــــة الخاصـــــة ٧-٥المنصـــــوص عليهـــــا فـــــي المـــــادتين

م فــي ١٩٦٠فــي طوكيــو ســنة عوقــد نــوقش هــذا الموضــو ،بــالحقوق المدنيــة والسياســية حلقــة األمــم المتحــدة عــن حقــوق اإلنســان حضــرها ممثلــو عشــرين دولــة انقســموا علــى

ظ العقوبــة وأثرهــا الــرادع ، والحــ هأنفسـهم فيمــا يتعلــق بــالغرض االجتمــاعي الرئيســي لهــذالمشــتركون فــي الحلقــة أن هــذا النــوع مــن العقوبــة قــد الغــي فــي معظــم الــدول الممثلــة

فيها.وانقســم الــرأي حــول وجودهــا فــي التشــريعات الجنائيــة. فــرأى بعــض المشــتركين أنها عقوبة سليمة خصوصا بالنسبة للجرائم التي تتضـمن اسـتعمال العنـف . وقـد دلـت

. ورأى الــبعض األخــر أنهــا مهــذا النــوع مــن الجــرائالتجربـة علــى أن أثــره رادع بالنســبة لعقوبة قاسية زائدة عن الحـد المعقـول لتحقيـق الغـرض منهـا . واذا أدخلنـا فـي الحسـاب نــوع وطبيعــة الجريمــة التــي تطبــق بالنســبة لهــا عــادة نجــد أن تأثيرهــا غيــر رادع وأنهــا

(على أية حال عقوبة ماسة بالكرامة اإلنسانية." 424F

٢(

لدســاتير والقــوانين األساســية للــدول بــالمواثيق الدوليــة " ومــن ذلــك نجــد أن وقــد تــأثرت ام فــي الفقــرة الثانيــة مــن المــادة ١٩٤٩"ســابقا" والصــادر ســنة ألمانيــا االتحاديــة دســتور

ةومــا بعــدها .وهــو منشــور فــي موقــع مكتبــة حقــوق اإلنســان بجامعــ ٣١، ص١بســيوني ، ج ،حقــوق اإلنســان ) (١

وفــي موقــع umn.edu/humanrts/Arabic.html.www١ : مينســوتا بأمريكــا علــى شــبكة اإلنترنــت:وفــي موقـع جمعيـة المســاعدة www.hrw.org/Arabic/index.html منظمـة مراقبـة حقـوق اإلنســان:

وفـــي موقـــع مركـــز حقـــوق اإلنســـان لمســـاعدة www.ahrla.org/index.htmlالقانونيـــة لحقـــوق اإلنســـان: www.hrcap.org/arabicsite.htmالسجناء

.١٨٥ص،محمد محيي الدين عوض،القانون الجنائي مبادئة األساسية في القانون االنجلو أمريكي ) (٢

١٦٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الثانيــة يــنص علــى" أنــه لكــل فــرد الحــق فــي الحيــاة والســالمة الشخصــية وحريــة الفــرد .الحقوق إال بناء على قانون بهذهوال يمكن المساس ،مصونة ال تمس

م فــي المــادة الســابعة١٠/٢/١٩٧٢الصــادر فــي البلجيكــي كمــا نــص الدســتور . لشخصية والعائلية مصونة ال تمس"سالمة الفرد مكفولة وحرمة الفرد ا: على أن

م فـي المـادة الثالثـة عشـر ١٩٤٨الصـادر فـي عـام اإليطالي كما نص الدستور وال يجـوز إيـذاء المحبوسـين بـدنيا ،الحـق فـي الحريـة الشخصـيةلكـل فـرد : منه على أن

(. " أو معنويا 425F

١( (أما الدساتير العربية .

426F

" الصـادر ٤٢في المادة "المصري فقد نص الدستور )٢م علــى أنــه " كــل مــواطن يقــبض عليــه أو يحــبس أو تقيــد حريتــه بــأي قيــد ١٩٧١ســنة

وال يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا" . ،تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة اإلنسان ــــي " مــــن الدســــتور ٢٢ونصــــت المــــادة" م علــــى أن " كرامــــة ١٩٧٠لســــنة العراق

وتحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي". ،اإلنسان مصونة " ٣" الفقـرة "٢٨م الـذي نـص فـي المـادة "١٩٧٣لسـنة السـوري وكذلك الدسـتور

تعــذيب أحــد أو معاملتــه معاملــة مهينــة ويحــدد القــانون عقابــا ضــد زعلــى أنــه " ال يجــو ذلك". لكل من يفع

أنـه" ال يعـرض أي إنسـان للتعـذيب ٣١المـادة الكـويتي كذلك ورد فـي الدسـتور أو للمعاملة الحاطة بالكرامة".

" بما نصه: ٢٠المادة"السوداني وفي القانون وفـي األمـان علـى شخصـه وكرامـة عرضـه إال ،" لكل إنسان الحق في الحياة والحرية

.أو تسخيره أو إذالله أو تعذيبه" وهو حر يحظر استرقاقه ،بالحق وفق القانون " : ١٣م نصت المادة"١٩٩١الصادر سنة الموريتاني وفي الدستور

يعتبر كل شخص بريئا حتى تثبت إدانته من قبل هيئة قضائية شرعية. •يعتقـل أو يعاقـب إال فـي الحـاالت وطبـق اإلجـراءات ال يتابع أحـد وال يوقـف أو •

التي ينص عليها القانون .

.١٥ص،حسن عيسي، الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في السالمة الجسدية ) (١ وما بعدها.١٧ص ، عبد الفتاح مراد،ةلمستويات الدوليللدساتير العربية وا :أنظر ) (٢

١٦٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ـــة شـــرف المـــواطن، وحياتـــه الخاصـــة، وحرمـــة شخصـــه، ومســـكنه • تضـــمن الدول يمنع كل شكل من أشكال العنف المعنوي والجسدي . ،ومراسالته

بما نصه : ١٨م ، في المادة ١٩٦١الصادر سنة الصومالي وفي الدستور يـذاء الجسـماني أو المعنـوي ضـد أي شـخص مفـروض علـى حريتـه الشخصــية أي " اإل

قيد من القيود يعتبر جريمة تستوجب العقاب" . ، ما نصه : ٣٤م ، المادة ١٩٩٦لسنة الجزائري وفي الدستور

" تضــمن الدولــة عــدم انتهــاك حرمــة اإلنســان ، ويحظــر أي عنــف بــدني أو معنــوي أو أي مساس بالكرامة ".

، فقرة د : ١٩هـ ،المادة ١٤٢٢البحريني الدستور وفي" ال يعــرض أي إنســـان للتعـــذيب المـــادي أو المعنــوي أو لإلغـــراء أو للمعاملـــة الحاطـــة بالكرامة ، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك . كما يبطـل كـل قـول أو اعتـراف يثبـت

هديد بأي منها". صدوره تحت وطأة التعذيب أو باإلغراء أو لتلك المعاملة أو الت فقرة ( د ) بما نصه : ٢٠وفي المادة

"يحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا" . : ٤٧، المادة اليمني وفي الدستور

"يحظر التعذيب لكل إنسان جسديا أو نفسيا أو معنويا ". : ٢٦، المادة اإلمارات العربية المتحدة وفي دستور دولة نسان للتعذيب أو المعاملة الحاطة بالكرامة " . " وال يعرض أي إ

: ٢٠، المادة لسلطنة عمان وفي النظام األساسي "ال يعـــرض أي إنســـان للتعـــذيب المـــادي أو المعنـــوي أو لإلغـــراء أو للمعاملـــة الحاطـــة

بالكرامة ، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك" . " : ٣٦المادة"القطري وفي الدستور

شخصية مكفولة . وال يجوز القبض على إنسـان وحبسـه أو تفتيشـه أو تحديـد "الحرية الوال يعــرض أي ،إقامتــه أو تقييــد حريتــه فــي اإلقامــة أو التنقــل إال وفــق أحكــام القــانون

إنســـان للتعـــذيب أو للمعاملـــة الحاطـــة بالكرامـــة ويعتبـــر التعـــذيب جريمـــة يعاقـــب عليهـــا القانون".

١٦٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ثالثا : معاملة السجناء :

المعقود في ،اعتمدها مؤتمر األمم المتحدة األول لمنع الجريمة والمجرمين " حماية األشخاص الخاضعين للحبس أو السجن والقواعد ،م ١٩٥٥جنيف عام

النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ." المــــــؤرخ فــــــي ٢٤-جــــــيم"د٦٦٣وأقرهــــــا المجلــــــس االقتصــــــادي واالجتمــــــاعي بقراريــــــه

م. ١٩٧٧/ مايو رآيا١٣" المؤرخ في ٦٢-"د ٢٠٧٦،م١٩٥٧تموز/يوليو ٣١) "العقوبـــة الجســدية والعقوبـــة بالوضــع فـــي زنزانــة مظلمـــة، ٣١ونصــت المــادة (

)427F١(.، محظورة كليا كعقوبات تأديبية"وأيه عقوبة قاسية أو ال إنسانية أو حاطة بالكرامة

:رابعا: التعذيب والمعاملة الالإنسانيةم ١٩٧٥كـانون األول ديسـمبر ٩مة لألمم المتحـدة فـي لجمعية العااعتمدت ا"

" علـى إعـالن حمايـة جميـع األشـخاص مـن التعـرض للتعـذيب وغيـره مـن ٣٤٥٢"القرار . " أو الحاطة بالكرامة ةإنساني ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الال

وب " أي عمـل مـن أعمـال التعـذيب أو غيـره مـن ضـر :ن أعلـى ) ٢( ونصت المـادة

هــو امتهــان للكرامــة ،أو الحاطــة بالكرامــة ةالمعاملــة أو العقوبــة القاســية أو الالإنســانيويدان بوصــفه إنكــارا لمقاصــد ميثــاق األمــم المتحــدة وانتهاكــا لحقــوق اإلنســان ،اإلنســانية

والحريات األساسية المنصوص عليها في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان" .ألي دولــة أن تســمح بالتعــذيب أو غيــره مــن ضــروب المعاملــة " ال يجــوز : ٣والمــادة

وال ،أو الحاطــــة بالكرامــــة أو أن تتســــامح فيــــه ةأو العقوبــــة القاســــية أو الــــال إنســــانيـــــة الحـــــرب أو خطـــــر الحـــــرب أو عـــــدم ،يســـــمح باتخـــــاذ الظـــــروف االســـــتثنائية مثل حال

لتبريـر التعـذيب أو االستقرار السياسي الداخلي أو أية حالة طوارئ عامة أخـرى ذريعـة أو الحاطة بالكرامة". ةغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الال إنساني

. حقــوق اإلنســان ، بســيوني ، ٥١-٤٥ص،عبد اهللا خليــل وأميــر ســالم،قــوانين ولــوائح الســجون فــي مصــر ) (١

.١٦٢،ص١ج

١٧٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وفقــا ألحكــام هــذا اإلعــالن تــدابير فعالــة لمنــع ،" علــى كــل دولــة أن تتخــذ : ٤والمــادة أو ةالمعاملــة أو العقوبــة القاســية أو الــال إنســاني بممارســة التعــذيب وغيــره مــن ضــرو

(بالكرامة داخل إطار واليتها" الحاطة428F

١(.

إعالن طوكيو: : خامسااعتمدتــه الجمعيــة الطبيــة العالميــة فــي دورتهــا التاســعة والعشــرين المنعقــدة فــي "

ــــة م. إعــــالن طوكيــــو١٩٧٥طوكيــــو فــــي اليابــــان فــــي عــــام المســــمي: خطــــوط توجيهية أو لألطبــــــاء لمواجهــــــة التعــــــذيب وغيــــــره مــــــن ضــــــروب المعاملــــــة أو العقوبــــــة القاســــــي

أو المهينة فيما يتعلق باالحتجاز والسجن. ةالالإنساني

وقد نص هذا اإلعالن على اآلتي:لـــن يقـــوم الطبيـــب أو الطبيبـــة بتشـــجيع ممارســـة التعـــذيب أو غيـــره مـــن اإلجـــراءات -١

أو المهينـة بالتغاضــي عنهـا أو باالشـتراك فيهـا مهمـا كــان ةالقاسـية أو الـال إنسـانيه بــأن شخصــا ضــحية تلــك اإلجــراءات قــد قــام بهــا أو مــن نــوع الجريمــة التــي يشــتب

التي يتهم بها أو التـي يكـون مـذنبا فيهـا ، ومهمـا كانـت معتقداتـه أو دوافعـه وذلـك في جميع الحاالت بما فيها النزاعات المسلحة والحروب األهلية.

لــــن يقــــوم الطبيـــــب أو الطبيبــــة بتــــأمين أي مكـــــان أو أيــــة أدوات أو مــــواد معرفـــــة -٢مارســة التعــذيب أو غيــره مــن أنــواع المعاملــة القاســية أو غيــر اإلنســانية لتســهيل م

أو المهينة أو لتنقيص قدرة الضحية على مقاومة هذه المعاملة .

لن يقوم الطبيب أو الطبيبة بحضور أية إجراءات يتم خاللها استعمال التعذيب -٣(أو التهديد بها". ةهينأو الم ةأو غيره من أنواع المعامالت القاسية أو الال إنساني

429 F

٢(

سادسا:اتفاقية مناهضة التعذيب:

التعـــذيب وغيـــره مـــن ضـــروب المعاملـــة أو العقوبـــة اعتمـــدت اتفاقيـــة مناهضـــة " القاســــية أو المهينــــة وعرضــــت للتوقيــــع والتصــــديق واالنضــــمام بموجــــب قــــرار الجمعيــــة

.١٩٩، ص ١المرجع السابق ، ج ) (١ htm.http://wwwjohealth.com/static/law/page١ينظر نص اإلعالن على الرابط: ) (٢

١٧١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

م تـــاريخ ١٩٨٤كـــانون األول/ ديســمبر ١٠المــؤرخ فــي ٣٩/٤٦العامــة لألمــم المتحـــدة .م١٩٨٧حزيران/ يونيه ٢٦بدء النفاذ:

وهــــذه االتفاقيــــة مخصصــــة لوضــــع آليــــات عمــــل تنفيذيــــة لمحاربــــة التعــــذيب ، ، عريـف التعـذيب الـذي ذكرنـاه سـابقا ) مـادة ، وتتضـمن ت٣٣وتتكون هذه االتفاقية من (

) منها على:٤كما تنص المادة (لتعــــذيب جــــرائم بموجــــب تضــــمن كــــل دولــــة طــــرف أن تكــــون جميــــع أعمــــال ا -١

ـــة ،قانونهـــا الجنـــائي وينطبـــق األمـــر ذاتـــه علـــى قيـــام أي شـــخص بـــأي محاوللممارســة التعــذيب ، وعلــى قيامــه بــأي عمــل آخــر يشــكل تواطــؤا ومشــاركة فــي

التعذيب.تجعــل كــل دولــة طــرف هــذه الجــرائم مســتوجبة للعقــاب بعقوبــات مناســبة تأخــذ -٢

في االعتبار طبيعتها الخطيرة " .

صت المادة السادسـة عشـر علـى كـل مـادون التعـذيب مـن أوجـه المعاملـة أو ون أو المهنية إذ أنها نصت على أنه : ةالعقوبة القاسية أو الال إنساني

تتعهد كل دولة طرف بأن تمنع في أي إقليم يخضع لواليتهـا القضـائية حـدوث أو المهينــة ةإنســانيأي أعمــال أخــرى مــن أعمــال المعاملــة أو العقوبــة والقاســية أو الــال

عندما يرتكب موظـف عمـومي ،" ١التي ال تصل إلى حد التعذيب كما حددته المادة "أو ،أو شــخص آخــر يتصــرف بصــفة رســمية هــذه األعمــال أو يحــرض علــى ارتكابهــا

. ما تتم بموافقته أو بسكوته عليهاعند ) منها على أنه :١٥كما تنص في المادة (

م االستشــهاد بأيــة أقــوال يثبــت أنــه تــم اإلدالء بهــا " تضــمن كــل دولــة طــرف عــدإال إذا كان ذلك ضد شخص مـتهم بارتكـاب ،كدليل في أية إجراءات ،نتيجة للتعذيب

(التعذيب كدليل على اإلدالء بهذه األقوال " 430F

١( .

أو المهينة: ةالمقصود بضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الال إنساني

وما بعدها . ٢٠٠، ص١حقوق اإلنسان ، بسيوني ، ج )(١

١٧٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره مـن ضـروب المعاملـة )١٦( "أوردت المادة تتعهـــد كـــل : أو المهينـــة ومـــا دون التعـــذيب بقولهـــا ةأو العقوبـــة القاســـية أو الـــال إنســـاني

دولــة بــأن تمنــع فــي أي إقلــيم يخضــع لواليتهــا القضــائية حــدوث أيــة أعمــال أخــري مــن المهينــة التــي ال تصــل إلــى حــد أو ةأفعــال المعاملــة أو العقوبــة القاســية أو الــال إنســاني

التعذيب كما حددته المادة األولي عندما يرتكب موظف عام أو شخص آخر يتصـرف بصــفته الرســمية هــذه األعمــال أو يحــرض علــى ارتكابهــا ، أو عنــدما تــتم بموافقتــه أو

. بسكوته عليها -وثمة تمييز بين المصطلحات التالية:

Rough treatmentالمعاملة الخشنة:وهـــي التـــي ال تـــدخل ضـــمن دائـــرة التحـــريم إال إذا تكاملـــت فيهـــا عوامـــل القســـوة

للفعل وكافة الظروف المحيطة بالشخص . اإلحساسوطبيعة والخالصة أن المعاملة الخشنة تتطلب شيئا من القسوة لتدخل في دائرة التحريم.

Inhuman treatment or punish ment:ةالمعاملة أو العقوبة القاسية أو الال إنساني

هــي تلــك التــي تصــم الفعــل ةإن درجــة القســوة التــي تميــز المعاملــة الــال إنســاني بالالإنســانية فتســبب آالمــا ومعانــاة نفســية وجســدية قاســية تزيــد قطعــا عــن القــدر اليســير المتســامح بــه مــن قبــل المجتمــع الــدولي والــداخلي والــذي يــدخل فــي مضــمون المعاملــة

الخشنة." مـن االتفاقيـة ال يمكـن أن تفهـم أو تحـدد بمعـزل ١٦لقول بـأن المـادة "وصفوة ا

عـــن ظــــروف ومالبســـات كــــل حالـــة علــــى حـــدة باالســــتعانة بمعـــايير مســــاعدة كوضــــع الضــــحية وقيمتــــه ونوعــــه وظــــروف المكــــان والزمــــان والقيمــــة االجتماعيــــة الســــائدة فــــي

ـــة النفســـية والصـــحي ـــه الفعـــل ، وكـــذا الحال ـــذي يرتكـــب في ـــذ المجتمـــع ال ة وأســـلوب التنفيكلهـا عوامـل يمكـن مـن خاللهـا الوقـوف علـى مـا إذا كـان فعـل ،وطبيعة العقوبـة ذاتهـا

(ما يمثل معاملة غير إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة من عدمه."431F

١(

.٢٦٣-٢٦٢ص،حسن عيسي،الحماية الدولية لحق اإلنسان في السالمة الجسدية ) (١

١٧٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

"وعلــى أيــة حــال فــان التعــذيب واإليــذاء يختلفــان عــن اإليــالم. وهــذا األخيــر هــو ( تصرح بذلك المادة األولى من االتفاقية" .الزمة من لوازم العقوبة كما

432F

١(

سابعا◌ : االحتجاز أو السجن :اعتمــــــدت مجموعــــــة المبــــــادئ المتعلقــــــة بحمايــــــة جميــــــع األشــــــخاص الــــــذين "

يتعرضون ألي شكل من أشكال االحتجاز أو السجن ونشرت على المأل بموجـب قـرار / ديســـــمبر لن األو كـــــانو ٩المـــــؤرخ فـــــي ٤٣/١٧٣الجمعيـــــة العامـــــة لألمـــــم المتحـــــدة

يحق للشخص المحتجـز أو المسـجون ) على أنه:٣٣وقد نصت في المبدأ ( م.١٩٨٨وال ســيما فــي حالــة التعــذيب أو غيــره ،أو لمحاميــه تقــديم طلــب أو شــكوى بشــأن معاملتــه

أو المهينـة. إلـى السـلطات المسـئولة عـن ةمن ضروب المعاملة القاسية أو الال إنسـانيوعند االقتضـاء إلـى السـلطات المناسـبة ،والى السلطات األعلى إدارة مكان االحتجاز

(المنوطة بها صالحيات المراجعة أو اإلنصاف".433F

٢( : ثامنا◌ : مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين

اعتمـــدت ونشـــرت علـــى المـــأل بموجـــب قـــرار الجمعيـــة العامـــة لألمـــم المتحـــدة " م.١٩٧٩ن األول/ ديسمبر كانو ١٧المؤرخ في ٣٤/١٦٩

وقد نصت في المادة الخامسة منها على أنه:ال يجوز ألي موظف من الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يقوم بـأي عمـل

ةمن أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملـة أو العقوبـة القاسـية أو الـال إنسـانيكمــا ال يجــوز ألي مــن ،اضــى عنــهأو أن يحــرض عليــه أو أن يتغ،أو الحاطـة بالكرامــة

المــوظفين المكلفــين بإنفــاذ القــوانين أن يتــذرع بــأوامر عليــا أو بظــروف اســتثنائية كحالــة أو تقلقــــل االســــتقرار ،أو إحاقــــة الخطــــر بــــاألمن القــــومي،أو التهديــــد بــــالحرب ،الحــــرب

.٤٢ص،غنام محمد غنام،حقوق اإلنسان في السجون ) (١بجامعــة مينســوتا .وهــو منشــور فــي موقــع مكتبــة حقــوق اإلنســان ١٧٣، ص ١حقــوق اإلنســان، بســيوني ، ج ) (٢

وعلــــي موقــــع جمعيــــة umn.edu/humanrts/Arabic.html.www١بأمريكــــا علــــي شــــبكة اإلنترنــــت : www.ahrla.org/index.htmlالمساعدة القانونية لحقوق اإلنسان:

١٧٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

أو لتبريـر التعـذيب ،الطـوارئ العامـة تالسياسي الداخلي، أو أية حالة أخري مـن حـاال(. " أو المهينة ةالمعاملة أو العقوبة القاسية أو الال إنساني بغيره من ضرو

434F

١(

تاسعا: األطباء وحماية المسجونين :وال ،اعتمــدت مبــادئ آداب مهنــة الطــب المتصــلة بــدور المــوظفين الصــحيين"

وغيـــره مـــن ضـــروب بســـيما األطبـــاء فـــي حمايـــة المســـجونين والمحتجـــزين مـــن التعـــذيأو الحاطـــة بالكرامـــة ونشـــرت علـــى المـــأل ةأو العقوبـــة القاســـية أو الالإنســـاني المعاملـــة

كــانون األول/ ١٨المــؤرخ فــي ١٩٤-٣٧بموجــب قــرار الجمعيــة العامــة لألمــم المتحــدة م.١٩٨٢ديسمبر

ونصت في المبدأ األول على أن: " مــــــن واجــــــب المــــــوظفين الصــــــحيين المكلفــــــين بالرعايــــــة الطبيــــــة للمســــــجونين

أن يــوفروا لهــم حمايــة لصــحتهم ،جــزين وال ســيما األطبــاء مــن هــؤالء المــوظفين والمحتوالعقليـــة ومعالجـــة ألمراضـــهم تكونـــان مـــن نفـــس النوعيـــة والمســـتوي المتـــاحين ةالبـــد نيـــ

لغير المسجونين أو المحتجزين." ونصت في المبدأ الثاني على أنه: صـــكوك الدوليـــة وجريمـــة بموجـــب ال،"يمثـــل مخالفـــة جســـيمة آلداب مهنـــة الطب

،أن يقــوم الموظفــون الصــحيون وال ســيما األطبــاء بطريقــة ايجابيــة أو ســلبية ،المنطبقــةبأعمال تشكل مشاركة في التعذيب وغيره مـن ضـروب المعاملـة أو العقوبـة القاسـية أو

(محاوالت الرتكابها. أوتحريضا على هذه األعمال أو أو تواطؤا ةالال إنساني435F

٢(

ة حقوق الطفل :عاشرا : اتفاقي

وما بعدها . وهو منشور في موقع مكتبة حقوق اإلنسـان بجامعـة ٢١٣، ص١بسيوني ، ج،حقوق اإلنسان ) (١

وعلــــي موقــــع umn.edu/humanrts/Arabic.html.www١مريكــــا علــــي شــــبكة اإلنترنــــت مينســــوتا بأ www.hrw.orgarabic/index.htmمنظمة مراقبة حقوق اإلنسان

. وهــــو منشــــور فــــي موقــــع مكتبــــة حقــــوق اإلنســــان بجامعــــة ٢١٨، ص ١بســــيوني ، ج ،حقــــوق اإلنســــان )(٢ umn.edu/humanrts/Arabic.html.www١مينسوتا بأمريكا علي شبكة اإلنترنت

١٧٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

اعتمدت وعرضت للتوقيـع والتصـديق واالنضـمام بموجـب قـرار الجمعيـة العامـة تـــاريخ بـــدء ،١٩٨٩تشـــرين الثـــاني / نـــوفمبر ٢٠المـــؤرخ فـــي ٤٤/٢٥لألمـــم المتحـــدة

ـــاذ: ـــا للمـــادة ،م١٩٩٠ديســـمبر ٢النف ويقصـــد بالطفـــل فيهـــا كـــل مـــن يتجـــاوز ،٤٩وفق ها ما لم ينص القانون على غير ذلك. الثامن عشرة كما في المادة األولي من

" منهـــا علـــى أن " تكفـــل الـــدول األطـــراف أال يعـــرض أي ٣٧وقـــد نصـــت فـــي المـــادة " أو ةطفــل للتعـــذيب أو لغيـــره مـــن ضـــروب المعاملـــة أو العقوبـــة القاســـية أو الـــال إنســـاني

وال تفـــــرض عقوبـــــة اإلعـــــدام أو الســـــجن مـــــدى الحيـــــاة بســـــبب جـــــرائم يرتكبهـــــا ،المهينـــــة تقل أعمارهم عن ثمانية عشر سنة دون وجود إمكانية لإلفراج عنهم" .أشخاص

" منها على أن : ٤٠كما نصت في المادة "" تعترف الدول األطراف بحـق كـل طفـل يـدعى أنـه انتهـك قـانون العقوبـات أو

يـــتهم بـــذلك أو يثبـــت عليـــه ذلـــك فـــي أن يعامـــل بطريقـــة تتفـــق مـــع رفـــع درجـــة احســـاس وتعزز احترام الطفـل لمـا لآلخـرين مـن حقـوق اإلنسـان والحريـات ،هالطفل بكرامته وقدر

األساســية وتراعــي ســن الطفــل واستصــواب تشــجيع إعــادة انــدماج الطفــل وقيامــه بــدور ( بناء في المجتمع" .

436F

١(

ــــــــــــــــــــــــى شــــــــــــــــــــــــبكة )(١ ــــــــــــــــــــــــل عل ــــــــــــــــــــــــوق الطف ــــــــــــــــــــــــة حق ــــــــــــــــــــــــع شــــــــــــــــــــــــبكة مراقب ــــــــــــــــــــــــي موق منشــــــــــــــــــــــــور ف

وفـــي موقـــع جمعيـــة المســـاعدة القانونيـــة ، www.inf.org.ib/child/Arabic/index.htmlاإلنترنـــت: www.ahrla.org/index.htmlلحقوق اإلنسان:

١٧٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المطلب الثاني: موقف المواثيق الدولية اإلقليمية من عقوبة الجلد :العالميــة فــي قلــى مــدى أبعــد مــن المواثيــذهبــت االتفاقــات الدوليــة اإلقليميــة إ"

ومـن حيـث قـوة اإللـزام ومـن ،نطـاق الحمايـة ثحماية حقوق اإلنسان ال سـيما مـن حيـ" ومن حيث اعتبار الفرد ممثال بشخصه ولشخصه أمام هـذه الهيئـات ،حيث الخطاب

.)437F

١( : أوال : االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان

وصــــدق ، م٤/١١/١٩٥٠ة لحقــــوق اإلنســــان فــــي أبرمــــت االتفاقيــــة األوروبيــــ" . م٣/٩/١٩٥٣ودخلت مرحلة النفاذ في،عليها كل من مجلس أوروبا

األوروبية لحقوق اإلنسان المنعقـدة فـي رومـا ةنصت المادة الثالثة من االتفاقيو ال يجـــــوز إخضـــــاع أي إنســـــان للتعـــــذيب وال للمعاملـــــة أو : م علـــــى أنـــــه ١٩٥٠ســـــنة

(امة" العقوبة المهينة للكر 438F

٢( . أنــه فــي نطــاق مجلــس أوروبــا يمكــن القــول بــأن المــادة الثالثــة ،الــبعض " ويــرى

ــــة حقــــوق اإلنســــان والحريــــات األساســــية قــــد حرمــــت العقوبــــات الجســــمانية ،مــــن اتفاقي . بعض الدول األطراف في االتفاقية والتأديبية التي تنص عليها القوانين الداخلية في

لألفـــراد قيـــة األوروبيـــة لحمايـــة حقـــوق اإلنســـان تحمـــيوالمـــادة الثالثـــة مـــن االتفا ولهــذا فـــإن هــذا الحــق نصــت عليـــه ،وأيضـــا الوحــدة األدبيــة الحــق فــي الوحــدة الماديــة

االتفاقية بعد الحق في الحيـاة مباشـرة ، وذلـك ألن واضـعي أحكـام هـذه االتفاقيـة كانـت ة التــي تعــرض لهــا األحــداث الجســيم ،فــي أذهــانهم عنــد صــياغة المــادة الثالثــة ةماثلــ

(. " اإلنسان في جسمه وعقله خالل الحرب العالمية الثانية439F

٣( أوضــحت اللجنــة األوربيــة لحمايــة حقــوق اإلنســان ، ةوفيمــا يتعلــق بالمعاملــة الالإنســاني

أنهـا المعاملـة التـي تـؤدي بصـورة اختياريـة إلـى إلحـاق أضـرار عقليـة وماديـة خطيـرة ال

،دار النهضـة العربيـة،القـاهرة،يعـزت السـيد البـر ع، حماية حقوق اإلنسان في ظل التنظيم الـدولي اإلقليمـي ) (١

وما بعدها. ٥ص ،م١٩٨٥

..٣٢٩، ص ١حقوق اإلنسان ، بسيوني ، ج )(٢

دار الهنــــا للطباعــــة، ،عبــــد العزيــــز محمــــد ســــرحان،) اإلطــــار القــــانوني لحقــــوق اإلنســــان فــــي القــــانون الدولي (٣ .٢٣١ص م،١٩٨٧

١٧٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ارة ال يمكــن تبريرهــا، انتقــادات دفعــت اللجنــة والمحكمــة يمكــن تبريرهــا، وقــد أثــارت عبــإلــى التوضـــيح بـــأن المـــادة الثالثــة هـــي تحـــريم مطلـــق وأن التصــرفات التـــي تنتهـــك هـــذا التحريم ال يمكن لهـا أن تجـد تفسـيرا فـي المعاهـدة األوروبيـة لحمايـة حقـوق اإلنسـان أو

القانون الدولي.

وروبية لحمايـة حقـوق اإلنسـان بأنـه "معاملـة فقد عرفته اللجنة األ ،أما التعذيب ال إنســـانية تهـــدف علـــى ســـبيل المثـــال إلـــى الحصـــول علـــى معلومـــات أو اعترافـــات أو

. ةتوقيع عقوبة . وهذه التصرفات هي نمط خطير من المعاملة الال إنسانيأمــا المعاملــة المنحطــة والمهينــة فقــد عرفتهــا آليــات المعاهــدة األوروبيــة لحمايــة

اإلنسان بأنها تلـك التـي تـؤدي إلـى إذالل الشـخص بشـكل كبيـر أمـام اآلخـرين ، حقوق (أو تدفعه إلى التصرف ضد إرادته وضميره"

440F

١( . ثانيا: االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان:

وقـد ،م١٩٧٨ودخلـت مرحلـة النفـاذ سـنة ،م ١٩٦٩أبرمت هذه االتفاقيـة سـنة " ـــة الـــدول األعضـــاء ـــة. انظـــر حقـــوق صـــدقت عليهـــا غالبي فـــي منظمـــة الـــدول األمريكي

الوثائق العالمية واإلقليمية. ،اإلنسان

حـق كـل إنسـان فـي أن تكـون سـالمته الجسـدية والعقليـة : نصت المادة الخامسـة علـى وعلـــى عـــدم جـــواز إخضـــاع أحـــد للتعـــذيب أو لعقوبـــة أو لمعاملـــة ،والمعنويـــة محترمـــة

عامــــل كــــل الــــذين قيــــدت حــــريتهم بــــاالحترام و ي ،أو مذلــــة ،قاســــية أو غيــــر إنســــانية (الواجب للكرامة المتأصلة في شخص اإلنسان."

441F

٢(

ثالثا: االتفاقية األمريكية لمناهضة التعذيب:

ــــره مــــن ضــــرو " ــــة األمــــم المتحــــدة المناهضــــة للتعــــذيب وغي ــــرار اتفاقي ببعــــد إقت الجمعيـــة العامـــة طلبـــ ،المعاملـــة القاســـية والالإنســـانية والحاطـــة بالكرامـــة أو المهينـــة

لمي لحقوق اإلنسان ونصوص الميثاق الـدولي الخـاص بـالحقوق االقتصـادية دراسة مقارنة حول اإلعالن العا ) (١

،مؤسسـة الرسـالة،بيروت ،سعيد محمد أحمد باناجة ،واالجتماعية والثقافية وموقف التشريع اإلسالمي منها .٥٣-٥٢هـ ، ص١٤٠٦

.٣٤٣، ص ١) حقوق اإلنسان ، بسيوني ، ج (٢

١٧٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

لمنظمات الدول األمريكية من لجنتها القانونية إعـداد مشـرع اتفاقيـة لمناهضـة التعـذيب وتمـت مراجعـة نصوصـه ،م١٩٨٠وتم إعداد المشروع في عـام ،واعتباره جريمة دولية

م ١٩٨٥وتـم إقـرار االتفاقيـة األمريكيـة لمناهضـة التعـذيب فـي ديسـمبر ،م ١٩٨٤عام التفاقيــة علــى اتفاقيــة األمــم المتحــدة مــا هــو أكثــر حســما فــي محاربــة وقــد أضــفت هــذه ا

الجريمــة مثـــل التوســع فـــي تعريــف التعـــذيب بحيــث يتســـع ليشــمل كـــل التصــرفات غيـــر " الخامســـة" علـــى أنـــه ال يمكـــن التـــذرع بـــالظروف ،وكـــذلك نصـــت المـــادة ،اإلنســـانية

سـق اتفاقيـة األمـم المتحـدة فـي وقد سارت االتفاقيـة علـى ن ،االستثنائية لتبرير التعذيب وبـة أو معظم نصوصها حيث ألزمت الدول األطراف باتخاذ كافة اإلجـراءات لمنـع العق

)442F١( ." أو المهينة للكرامة أو التي تنطوي على قسوة ةإنسانيالمعاملة القاسية أو الال

رابعا: الميثاق العربي لحقوق اإلنسان :

٥٤٢٧ر مجلــس جامعــة الــدول العربيــة عتمــد ونشــر علــى المــأل بموجــب قــرا" ا م.١٩٩٧سبتمبر ١٥المؤرخ في

منه على أنه : )١٣(وقد نص في المادة " تحمي الدول األطراف كـل إنسـان فـي إقليمهـا مـن أن يعـذب بـدنيا أو نفسـيا - أ

،حاطــــة بالكرامــــة أو أن يعامــــل معاملــــة قاســــية أو ال إنســــانية أو مهينــــة أونـع ذلـك وتعتبـر ممارسـة هـذه التصـرفات أو اإلسـهام الفعالة لموتتخذ التدابير

فيها جريمة يعاقب عنها.(ال يجوز إجراء تجارب طبية أو علمية على أي إنسان دون رضاه الحر". - ب

443F

٢(

: البيان العالمي لحقوق اإلنسان في اإلسالم:خامسا

. ١٥٩ص،حسن سعد عيسي،سالمة الجسدية) الحماية الدولية لحق اإلنسان في ال١(

) منشـــــــــــــور فـــــــــــــي موقـــــــــــــع مكتبـــــــــــــة حقـــــــــــــوق اإلنســـــــــــــان بجامعـــــــــــــة مينســـــــــــــوتا علـــــــــــــى شـــــــــــــبكة اإلنترنـــــــــــــت: (٢www١.umn.edu/humanrts/Arabic.html

١٧٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ذي ٢١اريس فـــي عقـــد البيـــان العـــالمي لحقـــوق اإلنســـان فـــي اإلســـالم فـــي بـــ" ) عـن ٧م حيث جاء في البند رقم (١٩٨١سبتمبر ١٩الموافق ،هـ ١٤٠١ سنةدة القع

حق الحماية من التعذيب بأنه:لـــذين يعـــذبون إن اهللا يعـــذب ا ال يجـــوز تعـــذيب المجـــرم فضـــال عـــن المـــتهم : " - أ

كمــــا ال يجــــوز حمــــل شــــخص علــــى االعتــــراف بجريمــــة لــــم النــــاس فــــي الــــدنيا "راه باطــل " إن اهللا رفــع عــن أمتــي الخطــأ وكــل مــا ينتــزع بوســائل اإلكــ ،يرتكبهــا

والنسيان وما استكرهوا عليه"فــان إنســانيته ،مهمــا كانــت جريمــة الفــرد وكيفمــا كانــت عقوبتهــا المقــدرة شــرعا - ب

(وكرامته تظل مصونة " 444F

١( .

سادسا : إعالن القاهرة حول حقوق اإلنسان في اإلسالم:

٥هــ الموافـق ١٤١١سـنة محـر من م ١٤تبنت منظمة المؤتمر اإلسالمي في " م " إعــالن حقــوق اإلنســان فــي اإلســالم " المعــروف بــإعالن ١٩٩٠مــن أغســطس ســنة

الـــــذي أقـــــر وثيقـــــة المـــــؤتمر اإلســـــالمي التاســـــع عشـــــر لـــــوزراء خارجيـــــة الـــــدول ،القاهرةالمنعقـدة فـي ،اإلسالمية في الـدورة التـي أطلـق عليهـا (دورة السـالم والتكافـل والتنميـة)

أغســـطس ٤ –يوليـــه ٣١هــــ الموافـــق ١٤١١مـــن محـــرم ١٣-٩الفتـــرة مـــن القـــاهرة فـــي(. " ٤٩/١٩بالقرار رقم ،م ١٩٩٠

445F

٢(

ال يجــوز القــبض علــى إنســان أو تقييــد منــه علــى أنــه : )٢٠(وقــد نــص فــي المــادة " حريتــه أو نفيــه أو عقابــه بغيــر موجــب شــرعي ، وال يجــوز تعريضــه للتعــذيب البــدني أو

أو المنافيـة للكرامـة اإلنسـانية ،ع المعامالت المذلة أو القاسـية النفسي أو ألي من أنواوبشـرط عـدم ،كما ال يجوز إخضاع أي فرد للتجـارب الطبيـة أو العمليـة إال برضـاه ،

،م٢٠٠١،القــــاهرة دار النهضـــة العربيــــة ،عصــــام زكريـــا عبــــد العزيـــز،القضائي ط) حقـــوق اإلنســـان فــــي الضـــب (١ . ٣٤٩ص

.٢٠٩مجدالوي ص،محمود إسماعيل عمار ،بين التطبيق والضياع ) حقوق اإلنسان (٢

١٨٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

كما ال يجوز سن القـوانين االسـتثنائية التـي تخـول ذلـك ،تعرض صحته وحياته للخطر(للسلطات التنفيذية ".

446F

١( لثالثـــة األخيـــرة التـــي انبثقـــت مـــن اجتمـــاع لـــدول عربيـــة ويالحـــظ فـــي المواثيـــق ا

واسالمية أنها تناولت ما تتفـق فيـه الشـريعة مـع المواثيـق الدوليـة مـن تحـريم للتعـذيب ، وصون للكرامة ، وتحاشت الحديث عن العقوبات البدنية المقررة شرعا كالقذف والـرجم

وق اإلنســـان (ديســـمبر اختلـــف فـــي الـــرأي فـــي نـــدوة حقـــوقـــد ذكـــر الـــبعض أنـــه قـــد " . ) التـــي وضـــعت ميثـــاق حقـــوق اإلنســـان العربـــي حـــول مـــدى تعـــارض العقوبـــات ١٩٨٦مـــع حقـــوق اإلنســـان بســـبب إقـــرار الشـــريعة اإلســـالمية لهـــا. وقـــد انتهـــي الـــرأي ةالبدنيـــباالسم واالكتفـاء بحظـر العقوبـات المهينـة أو ةإلى عدم ذكر العقوبات البد ني يالتوفيق

مـــن المشـــروع" . وتـــرك األمـــر لكـــل دولـــة لتحديـــد ماهيـــة ٣/٢مـــادة المحطـــة بالكرامـــة" )447F٢( ." العقوبة المهينة أو المحطة بالكرامة

سابعا : الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب :

فــي ١٨تمــت إجازتــه مــن قبــل مجلــس الرؤســاء األفارقــة بدورتــه العاديــة رقــم " م.١٩٨٦النفاذ في أكتوبر عام م. ودخل مرحلة ١٩٨١يونيو ،كينيا،نيروبي

وقد نص في المـادة الخامسـة منـه علـى أن " لكـل فـرد الحـق فـي احتـرام كرامتـه ــــه واســــتعباده ــــة وحظــــر كافــــة أشــــكال اســــتغالله وامتهان واالعتــــراف بشخصــــيته القانونيخاصــــة االســــترقاق والتعــــذيب بكافــــة أنواعــــه ، والعقوبــــات والمعاملــــة الوحشــــية أو الــــال

(. " مذلةأو ال ةإنساني448F

٣(

-http://www.oic) منشـــور ضـــمن موقـــع منظمـــة المـــؤتمر اإلســـالمي علـــى شـــبكة االنترنـــت علـــى الـــرابط: (١

oci.org/Arabic/fm/foreign-minister.htm، وعلــى موقــع مكتبــة حقــوق اإلنســان بجامعــة مينســوتاwww١.umn.edu/humanrts/Arabic.html

دراسـات ،وهـو بحـث منشـور فـي حقـوق اإلنسـان ،غنـام محمـد غنـام ،) حق المسجون في الكرامـة اإلنسـانية (٢ .٣٠١ص ،٢ج ،محمود شريف بسيوني وآخرون،حول الوثائق العالمية واإلقليمية

ن موقـــع مكتبـــة حقـــوق اإلنســـا ىومـــا بعـــدها . وهـــو منشـــور علـــ ٣٦٦، ص ١) حقـــوق اإلنســـان ، بســـيوني ، ج (٣ umn.edu/humanrts/Arabic.html.www١بجامعة مينسوتا

١٨١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

١٨٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المطلب الثالث : موقف المنظمات أو الهيئـات غيـر الحكوميـة مـن عقوبـة الجلد:

أوال : منظمة الصليب األحمر الدولية : -وهــــي إحـــدى هيئــــات المنظمــــة -تقـــوم اللجنــــة الدوليـــة للصــــليب األحمـــر "

ا لما نصـت بأعمال عدة منها زيارة أسرى الحرب المعتقلين والسجناء من المدنيين طبقوهـذه الزيـارات تشـكل حمايـة دوليـة وقائيـة مباشـرة لـئال يتعـرض ،عليه اتفاقيات جنيف

أو ةاإلنســان فــي مثــل هــذه الظــروف للتعــذيب أو المعــامالت أو العقوبــات الــال إنســاني المهينة.

وما من شك في أن اللجنة تلتزم بمنهج موضـوعي بحـت فـي كـل تـدخالتها فـي وذلـك بتجـرد وحيـدة مشـهود ،ال هم لها إال مصـلحة اإلنسـان ذاتـه النزاعات الداخلية إذ

لها من الجميـع عبـر هـذه السـنوات التـي خلـت . حتـى أن تقاريرهـا عقـب زيارتهـا سـرية وانما تبلغ السلطات داخل الدولة المعنيـة مشـفوعة بالمالحظـات ومـا ،غير قابلة للنشر

حيــث ،والمعــامالت غيــر اإلنســانية ينبغــي أن يكــون ال ســيما فــي شــأن وقــائع التعــذيب تــرى اللجنــة أن المســئولية األولــى تقــع علــى كاهــل الحكومــات التــي تســتطيع بالوســائل

وال تلجـأ ،التشريعية واإلداريـة والقضـائية منـع التعـذيب وايقـاع عقـاب رادع علـى فاعليـهلتضـليل اللجنة لنشر هذه التقارير إال في حاالت خاصة عند إرادة إخفـاء الحقيقـة أو ا

(" في الواقع من جانب الدول المعنية449F

١(

ثانيا : منظمة العفو الدولية:

،تهدف منظمة العفو الدولية إلى حمايـة حـق اإلنسـان فـي السـالمة الجسـدية " والحقـــــوق المرتبطـــــة بـــــه كـــــالحق فـــــي الحريـــــة واألمـــــان الشخصـــــي والمحاكمـــــة العادلـــــة

وعــــدم التعــــرض ،دون وجــــه حــــق والمنصــــفة وعــــدم التعــــرض لالعتقــــال أو االحتجــــاز(. " أو المهينة للكرامة ةللتعذيب أو العقوبة أو المعاملة القاسية أو الال إنساني

450F

٢(

.١٦٥-١٦٣ص ،حسن سعد عيسي،) الحماية الدولية لحق اإلنسان في السالمية الجسدية (١ومــا ٩٢م ص١٩٨١،دار النهضــة العربيــة ،القــاهرة ،مني محمــود مصــطفي،) القـانون الــدولي لحقــوق اإلنســان (٢

بعدها.

١٨٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وعلى ضوء االتفاقيات والمواثيق الدولية المذكورة يمكننا أن نلمح اآلتي :يالحظ في المواثيق الدولية أنها اعتمدت صـياغة عامـة ، للمبـادئ التـي يمكـن أن -١

ق عليها غالب األمم والشعوب . تتف

ــا واقتصــاديا وبقــدر مــا أكســبتها هــذه العموميــة مــن موافقــة األمــم المتباينــة ثقافيوقعـت فـي أزمـة اخـتالف التـأويالت أمـام –على مستوى التطبيق –وحضاريا إال أنها

كــل حادثــة فرديــة . مــع مــا يشــوب تلــك التــأويالت مــن تحيــزات إنســانية ال يســلم منهــا ـــ" نســـان بطبعـــه . والمثـــال علـــى ذلـــك : اإل ـــة ةمـــا خلصـــت إليـــه كـــل مـــن اللجن األوربي

لحقوق اإلنسان والمحكمـة األوربيـة لحقـوق اإلنسـان فـي ضـوء حظـر التعـذيب والعقوبـة أو المعاملــــة الوحشــــية أو المهينــــة فــــي المــــادة الثالثــــة مــــن االتفاقيــــة األوربيــــة لحمايــــة

١٩٧٦م ، إذ أخـذت اللجنـة فـي عـام ١٩٥٠م لحقوق اإلنسان والحريـات األساسـية لعـابإجمــاع اآلراء بوجهــة النظــر االيرلنديــة حــين خلصــت إلــى أن اســتخدام مــا أطلــق عليــه

وارغامـــه ،تتكـــون مـــن تغطيـــة رأس المشـــتبه فيـــه والتـــي ،أســـاليب االســـتجواب الخمســـة واإلخضـــاع للضوضــــاء أو ،علـــى الوقـــوف رافعـــا ذراعيــــه الصـــقا يديـــه علــــى الحـــائط

يشـكل ،والحرمـان مـن النـوم ،خب بصـورة مسـتمرة، والتقتيـر فـي المأكـل والمشـرب الصم في أيرلندا الشـمالية فـي محاولـة منهـا ١٩٧١تعذيبا لجأت إليه المملكة المتحدة عام

لقمع تمرد الجيش الجمهوري األيرلندي. م بوجهـــة النظـــر البريطانيـــة حـــين ١٩٧٨وعلـــى العكـــس أخـــذت المحكمـــة عـــام

حــــد غ" أن " أســــاليب االســــتجواب الخمســــة ال تبلــــ ٤ضــــد ١٣أغلبيــــة كبيــــرة" قــــررت بوانمــا هــي مجــرد معاملــة ال إنســانية" وكتبريــر لموقفهــا اعتبــرت المحكمــة أن ،التعــذيب

المعاناة المتأتية من جراء هذه األساليب لم تكن بهذه الحدة أو القسوة التي تتضـمنها )451F١( ." كلمة تعذيب

واحدة ، عرضت عليها قضية واحدة ، في زمنـين مختلفـين ويالحظ أن محكمة قد أعطت حكمين متباينين !!

.٧٩ -٧٨ون الدولي لحقوق اإلنسان ، محمد يوسف علوان ، ص ) حظر التعذيب في القان (١

١٨٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

–رغـــم وجـــود المحكـــات والمعـــايير –ومــرد ذلـــك إلـــى أن مرجعيـــة التأويـــل تظـــل مشوبة بتصورات وأفكار المؤول للقانون ، مما يوقع في الكثير مـن االخـتالف والتبـاين

.. وتلك طبيعة بشرية . يــــات المواثيــــق الدوليــــة ، يقــــول المعيــــار الضــــابط فــــي تأويــــل عموموبحثــــا عــــن

ونالحـــظ علـــى المـــادة الثالثـــة مـــن االتفاقيـــة األوروبيـــة أنهـــا وان " العزيز ســـرحان : عبـــد

كانـت تحــرم العقوبــات غيــر اإلنســانية واالســتثنائية ، وكــذلك المعــامالت غيــر اإلنســانية

نهمـــا ، ولــم تتضـــمن بيانــا لمـــا يعــد مـــن أو االســتثنائية إال أنهــا لـــم تضــع تعريفـــا لكــل م

قبيلهمــا ، ولــذلك فإننــا نــرى أنــه فــي تطبيــق المــادة الثالثــة يجــب أن نسترشــد بالمبـــادئ

العامة في القانون الدولي العام الخاصة بحقوق اإلنسان . وهذه المبـادئ العامـة يمكـن

بعـــد استخالصـــها مـــن األحكـــام التـــي أصـــدرتها المحـــاكم الدوليـــة ضـــد مجرمـــي الحـــرب

الحرب العالمية الثانية ... وبجانب ذلك يمكن للجنة األوروبية لحقـوق اإلنسـان وأيضـا

المحكمــــة األوروبيــــة لحقــــوق اإلنســــان أن تسترشــــد فــــي تطبيــــق المــــادة الثالثــــة بأحكــــام

التشـــريعات الداخليـــة للـــدول عامـــة ، وللـــدول األطـــراف فـــي االتفاقيـــة األوروبيـــة لحقـــوق

(" اإلنسان على وجه الخصوص 452F

١( .

ورغم كـل ذلـك ، تظـل عموميـة الـنص دافعـا إلـى اختالفـات التأويـل ، وتباينـات

األفهام ، مما يوسع الثغرة التي يلج منها من شاء ، لمحاولة تكييـف فعـل غيـر قـانوني

ليلبسه إطارا شرعيا .

بــارة مــا ذكرتــه المواثيــق الدوليــة مــن منــع العقوبــات " المهينــة والحاطــة بالكرامــة" ع -٢

تحتــوي علـــى قـــدر مـــن -حتــى عقوبـــات الســـجن –فضفاضــة ، إذ أن كـــل عقوبـــة

اإلهانــة والحــط مــن كرامــة المعاقــب ، وال ضــير .. فهــو مــن جلــب علــى نفســه ذلــك

بمقارفتــه لجرمــه . " والمشــرع ال يــذكر عــادة المقصــود بالعقوبــة القاســية أو الحاطــة

لعقوبــة البدنيــة تنتمــي إلــى هــذه بالكرامــة اإلنســانية ، وال يــذكر بصــريح الــنص أن ا

٢٣٤م ، ص ١٩٨٧) اإلطار القانوني لحقوق اإلنسان في القانون الدولي ، عبد العزيز سرحان ، (١

١٨٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

(الطائفة من العقوبات المحظورة " 453F

. رغم أنه من المفهوم في السياق ضـمنا أن " )١

اإلهانة والحط من الكرامة " المقصودان في النصـوص إهانـة زائـدة عمـا هـو مقـرر

في عقوبة الجريمة .

قوبـــة ومـــن هنـــا تخـــرج عقوبـــة الجلـــد الشـــرعية عـــن هـــذه المقـــوالت ، إذ تمثـــل ع

مكافئــة للجــرم ، محاطـــة بالضــمانات اإلنســـانية فــي التطبيـــق ، ممــا ينـــأى بهــا عـــن أن

تكــون حاطــة بالكرامــة اإلنســانية ، وانمــا الــذي يحــط بهــا هــو أمــر زائــد علــى الجلــد وهــو

قسوة األداة أو طريقة الجلد الشديدة وهذا ما ينتفي وجوده في الجلد كعقوبة شرعية لمـا

عة من صفة آلة الجلد وهيئته . نص عليه فقهاء الشري

" ية ليست حاطة بالكرامة اإلنسـانيةالعقوبة التأديبقرار اللجنة األوربية واضح بأن -٣

لكن يمكن أن تصبح غير إنسانية إذا كان من شأنها إذالل الذي وقعت عليـه كـأن

)454F٢(.سبب طريقة الضرب كأن تكون شديدة" أو ،تكون األداة قاسية

الشكوى المقدمة من والدي طفلين في إحدى مـدارس اسـكتلندا إلـى " ويدل على ذلك :

م بادعــاء أن أحــد المدرســين فــي ٣٠/٣/١٩٧٦اللجنــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان فــي

هذه المدرسة قـام بمجـازاة التلميـذين بالضـرب ، وقـد أسـس الشـاكيان شـكواهما علـى أن

م ١٥/١٢/١٩٧٧شــكوى فــي الضــرب عقوبــة بدنيــة غيــر إنســانية ، وقــد قبلــت اللجنــة ال

حالت الشكوى مرفقة بها التقرير إلـى المحكمـة أم ، و ١٦/٥/١٩٨٠وأعلنت تقريرها في

م بـأن الضـرب ٢٥/٢/١٩٨٢األوروبية لحقوق اإلنسان فأصدرت المحكمة حكمها فـي

لــم يكــن بقصـــد اإلذالل واإلهانــة بقــدر مـــا كــان للتأديـــب . ومــن ثــم فـــال يعــد عقوبـــة ال

(" إنسانية 455F

٣( .

٥٨غنام محمد غنام ، ص ،) حقوق اإلنسان في السجون (١ ٨٦ - ٨٥ص المرجع السابق ، ،) حقوق اإلنسان في السجون (٢

. ٢٦٣) الحماية الدولية لحق اإلنسان في السالمة الجسدية ، حسن عيسى ، ص (٣

١٨٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

اذا كـان ضــرب طفلـين فــي مدرسـة مبــررا بالتأديــب ، فكيـف ال يكــون جلـد مســيء إلــى و

حقــوق األمــة تأديبــا لــه ؟! وكيــف يتســع وجــه العــذر لمــدرس عاقــب طفلــين علــى خلــل

سلوكي ، ثم ال يتسع ألمة جازت مجرما على فاحشة خلقية ؟!

ع ووقائع التطبيق . يعاني واقع العقوبات المقررة من ثنائية بين مثاليات التشري -٤

إذ يتبــين بمراجعـــة تقـــارير هيئــات حقـــوق اإلنســـان أن الـــدول المتقدمــة التـــي تتشـــدد فـــي

تقــديم صــور مثاليــة لتشــريعات عقابيــة إنســانية هــي دول متقدمــة أيضــا فــي ممارســات

القمع والتعذيب ، سواء لبعض فئات مجتمعاتها أو لمجتمعات الدول األخرى .

غالبيـة الـدول إلـى االنضـمام لالتفاقـات والمعاهـدات ةارعوعلى الرغم مـن مسـ"

الدوليــة الخاصــة بحقــوق اإلنســان إال أن الواقــع قــد أثبــت إنهــا أبعــد الــدول عــن االلتــزام

ومــا أســهل إنكــار القــائمين علــي أمــر الســلطة فيهــا لوقــوع أي ،بأحكــام هــذه المعاهــدات

(. "ة من محاكم الدولرغم ثبوت وقوعه بأحكام نهائية صادر ،تعذيب في بلدهم 456F

١(

األصل أن يكون الميزان العادل في التشريع العقـابي : أن يشـرع مـا يمكـن تطبيقـه -٥

علـــى أمثـــل صـــورة إنســـانية . ولـــيس مـــا يتعـــذر بصـــورة مـــن الصـــور تحقيقـــه فيفـــتح

البـاب لمخالفـة التشــريع بحجـة ضـرورات الواقــع . ( وذلـك مـا رأينــاه جليـا فـي وقــائع

ـــد بالضـــمانات الشـــرعية التعـــذيب فـــي الســـجون ) . وذلـــك متحقـــق فـــي عقوبـــة الجل

للمجلــود ، والتــي تحقــق أعلــى مــا يمكــن مــن حفــظ حــق األمــة ، مــع عــدم التجــاوز

صـلى اهللا على حق الجاني في كرامته ، وأي كرامة أعلـى مـن أن يقـول رسـول اهللا

لقـد تابـت توبـة (.. أو .. )457F٢( )ال تعينـوا الشـيطان علـى أخـيكمعليه وسلم لصـحابته (

() لو قسمت على أهل المدينة لوسعتهم458F

أفـراده حتـى !! وشـتان بـين تشـريع يراعـي )٣

وتجنيـه ،رغـم تعديـه علـى أنظمتـه ، واسـاءته لذاتـه في حال عقوبة المجرم مـنهم ،

،عبــد اهللا محمــد حســن ،) اإلســالم وحقــوق اإلنســان الفرديــة ومــدي نصــيب المصــريين مــن حريــاتهم الشخصــية (١

.٢١٨م ص١٩٩٩،الطبعة الثانية . ١٢١) الحديث سبق تخريجه ، ص (٢ ١١٢ص ،) الحديث سبق تخريجه ٣(

١٨٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وبــين تشــريع بشــري يصــيب أفــراده بصــنوف التعــذيب التــي تبــرأت منــه ،علــى أمتــه

ناء حضارات القرن الواحد والعشرين !!المجتمعات البدائية وطبقها أب

١٨٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الفصل الرابع تقويم عقوبة الجلد

ويقسم هذا الفصل إلى مبحثين: المبحث األول: الشبهات المثارة حول عقوبة الجلد والرد عليها. المبحث الثاني: أفضلية عقوبة الجلد على غيرها من الجزاءات.

: الشبهات المثارة حول عقوبة الجلد والرد عليها : المبحث األوليثيــر أعــداء اإلســالم العديــد مــن الشــبهات تجــاه عقوبــة الجلــد بهــدف الكيــد لهــذه

١٨٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الشـريعة، ومحاولــة النيــل منهــا، ويتــابعهم فــي ذلــك بعــض كتــاب المســلمين الــذين جهلــوا مقاصد الشريعة من العقوبات عامة، وعقوبة الجلد خاصة.

بصــفة عامــة جــدال حــادا ال تــزال آثــاره قائمــة فــي ةلعقوبــات البدنيــوقــد أثــارت افـي كثيـر ةالندوات والمـؤتمرات الدوليـة، وانعكـس هـذا الجـدل علـى التشـريعات الوضـعيأو حــدت –مــن الــدول التــي اعتمــدت سياســات بديلــة متباينــة، وألغــت العقوبــات البدنيــة

دها في ثنايا الدراسة. سنور ةرغم ما لها من مزايا عديد –من استخدامها

، مفنـدين مـا اسـتندت إليـه، مظهـرين مـا وسنتعرض فيما يلي ألبـرز هـذه الشـبه تميزت به العقوبة البدنية عن بدائلها المطروحة.

: : قدم وجمود العقوبةالشبهة األولى

ــ تيثيــر مناصــرو هــذه الشــبهة بــأن عقوبــة الجلــد مــن منظومــة العقوبــا" ةالبدنيمدة المتسمة بالثبات، فهي لـم تتطـور وتتبـدل وتسـاير المتغيـرات والظـروف القديمة الجا

الجديــدة للعصــر. واذا كانــت صــالحة للبيئــة البدويــة مــن األعــراب قبــل ألــف وأربعمائــة للتطبيــق إلنســان القــرن العشــرين. وكيــف يليــق بهــم أن يخضــعوا حعــام، فإنهــا ال تصــل

(. " الصحراء، وأحراش الجزيرةلقانون نشأ بين جبال مكة والمدينة، وجالميد 459F

١( داللـة علـى غوبتأمل هذه الشبهة نجدها سـاقطة ال تقـوم علـى أسـاس قـويم، وأبلـ

ذلك:تقيـــيم التشـــريعات واألحكـــام ال يكـــون مـــن خـــالل معيـــار الزمـــان الناشـــئ فيـــه أو أوال:

زان المنقـــول عبـــر األجيـــال، وال بالبقعـــة التـــي جـــاءت منهـــا أو كانـــت فيهـــا، ولكـــن الميـــوالـدور الجـوهري الـذي تقـوم بـه فـي الـدفاع عـن فعاليتها وصالحيتها،العادل هو مدى

٠المجتمع ضد الجريمة

-هـــــ ١٤٠١انظــــر: شــــبهات حــــول اإلســــالم، محمــــد قطــــب، القــــاهرة، دار الشــــروق، الطبعــــة الرابعــــة عشــــر، )١(. علــى طريــق العــودة لإلســالم " رســم لمنهــاج وحــل لمشــكالت" ، محمــد ســعيد رمضــان ١٥٧م، ص ١٩٨١

الحـدود .١٢٢م ، ص ١٩٨٥ -هــ١٤٠٥البوطي، دمشق، مؤسسة الرسالة للنشر والتوزيع ، الطبعة الرابعـة، ـــق األمـــن واالســـتقرار للمجتمـــع، الغز ـــد، الريـــاض، مكتبـــة المعـــارف ، الـــيالشـــرعية وأثرهـــا فـــي تحقي خليـــل عي

. ٥٤م، ص١٩٨١ -هـ١٤٠١

١٩٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

فالعاقل نصير الحق، وناشد الحكمة أنى وجدها، ومـن أي شـخص جـاء بهـا " وفــي أي زمــان أو مكــان وقعــت فيــه، وهــو عــدو للباطــل بصــرف النظــر عــن مصــدره،

(. " إليه وعمل بهوعن زمانه ومكانه، ومن دعا 460F

١( ، فلـــيس كـــل قـــديم مـــردودا، وال كـــل جديـــد مقبـــوال، وال مـــن نشـــأ فـــي وبالتـــالي"

(. " البادية فاسدا، وال من نشأ في الحضر صالحا 461F

٢( ، ال يعتريهــا نقــص وال عيــب كاملــة شــاملة جامعــةنزلــت الشــريعة اإلســالمية ثانيـــا:

واألجناس، مناسـبة لكـل العصـور واألزمـان، فجاءت لجميع األجيال والبيئات والثقافات مـــع التطـــورات، مقابلـــة لكافـــة المســـتجدات، محققـــة للمصـــالح، دارئـــة للمفاســـد، متســـقة

فأصـــبحت صـــالحة للتطبيـــق فـــي كـــل زمـــان ومكـــان، وال يمكـــن أن يقـــوم غيرهـــا مكانهـــا حكيم خبير. عألنها من تشري

تكاد تهتـدي إلـى مبـدأ عـادل وليس أدل على هذه الحقيقة من أن اإلنسانية ال " ونظرية معقولة إال وشـريعة البـاري كانـت السـابقة إليـه، وال تكـاد تكتشـف الخطـأ والظلـم

)462F٣(." في مبدأ أو قاعدة إال وكان اإلسالم قد تنزل بنبذه والنهي عن تبنيهإن نبـــذ القـــديم والترحيـــب والتهليـــل بالجديـــد أمـــر يخـــالف المنطـــق والعقـــل، وهـــو ثالثـــا:

تجابة لــوهم مــن األوهــام النفســية التــي تتشــوق للجديــد ظنــا منهــا بأنــه ال يــزال يحــتفظ اســ بذخره ومكنون خيراته، وتعاف القديم لتوهمها بأن الزمن استحلب خيراته وفوائده.

ولئن كانت النفس البشـرية تخيـل لصـاحبها أن القـديم قـد زال نفعـه، وجنيـت ثمـاره، فـإن ل قــديم وجديــد بجــدواه وآثــاره، ورب جديــد كــان مصــدر العقــل الســديد يقــرر أن قيمــة كــ

شــقاء وخــراب علــى البشــرية، ورب قــديم شــهد لــه العقــالء والواقــع المعــاش أنــه مصــدر خير وينبوع سعادة.

فهــل قــاطع أصــحاب النفــوس التــي تشــمئز مــن القــديم هــذه المقومــات األساســية للحياة لقدمها ؟ وهل تحولوا ساعة عن التعامل معها ؟

.٥٤) الحدود الشرعية وأثرها في تحقيق األمن واالستقرار للمجتمع، الغزالى خليل عيد، ص١( . ٤١٣ث فقهية ، عبد الكريم زيدان ، ص) العقوبة في الشريعة اإلسالمية ، ضمن مجموعة بحو ٢(م، ماجـــد محمـــد ١٩٨٧لســـنة ي) الحـــدود فـــي الفقـــه اإلســـالمي ومـــا عليـــه العمـــل فـــي قـــانون العقوبـــات اإلمـــارات٣(

. ٢٢٠- ٢١٩م، ص ١٩٩٧ -هـ١٤١٧، عأبورخية، بيروت، مكتبة الفالح للنشر والتوزي

١٩١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

عقوبــات المقــدرة فــي الشــريعة، إنمــا هــي عقوبــات علــى جــرائم ثابتــة ال يتبــدل وال(، وتطورت الحياة والنظم وجه المفسدة فيها مهما اختلفت العصور والبقاع

463F

١( . لو جارينا هذه العقول القاصرة في ضرورة مسايرة القـوانين والتشـريعات للعصـر، رابعا:

فما هو المعيار المناسب لذلك ؟ -ن المعيـــار زيـــادة اإلجـــرام ، وانتشـــار الفســـاد، وتفشـــي الظلـــم فالعقوبـــة إذا كـــا -١

، ال ةعلــى أنهــا يجــب أن تعلــو إلــى المزيــد مــن الشــد -تحكمــون بهــا أنــتم قبلنــا والخفـة حتـى وصـل األمـر لتـدليل المجـرم والحنـو نأن تدنو إلى شـيء مـن اللـي

عليه. لحضــــاري فالــــذي شــــرع أمــــا إذا كــــان المعيــــار هــــو التقــــدم التقنــــي واالزدهــــار ا -٢

العقوبــات هــو مــانح البشــرية مــا وصــلت إليــه، وال يمكــن أن تكــون هــذه العقــول (القاصرة أعلم ممن خلقها، وأكثر إدراكا لمصالح البشر وسعادتها.

464F

٢(

إن مصـادر التشــريع اإلسـالمي، والتـي ترجــع كلهـا إلـى الكتــاب والسـنة عــين " خامسـا:، وبـــالتقنين لكـــل مـــا تقتضـــيه حاجـــات تشـــريعبتطـــور الال ينضـــب ماؤهـــا، وهـــي كفيلـــة

األمم في مختلف العصور. "ولو أراد المسلمون أن يماشوا األزمان ويسـايروا المصـالح بتشــريعهم فلــن يجــدوا مــن الشــريعة ومصــادرها مــا يحــول بيــنهم وبــين ذلــك، بــل يجــدون

(. " فيها نورا يهديهم ومرونة تذلل لهم سيرهم وتقرب غايتهم465F

٣( ةاس مناصـرو هـذه الشـبهة عقوبـة الجلـد علـى غيرهـا مـن العقوبـات الوضـعيقـ سادسا:

التـــي تتبـــدل وتتغيـــر وتتطـــور وتتهـــذب مـــع العصـــور واألزمـــان، تحقيقـــا لمـــا هـــو أجـــدى ونظرة خاطئة إلى الشـريعة اإلسـالمية، ومكمـن الخطـأ –باطل –وأكمل. وهذا القياس

بتصرف بسيط.، ١٢٦ – ١٢٢، ص يعلى طريق العودة لإلسالم، البوط )١(

) دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية ، عبد العزيز بن فوزان الفوزان ، مجلة البيان ، المنتدى ٢(، بتصـرف ١٧م ، ص ٢٠٠٣نوفمبر -هـ ١٤٢٤، رمضان ١٩٣اإلسالمي ، السنة الثامنة عشر ، العدد

يسير. . ٦٧األردن ، مكتبة المنار، ص) شبهات حول التشريع اإلسالمي، محمد نبيل غانم، ٣(

١٩٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

دات البشـرية القاصـرة التـي تتـأثر العادلة علـى االجتهـا –عز وجل –قياس شريعة اهللا (بما حولها من مؤثرات شخصية أو اجتماعية أو بيئية.

466F

١( –وهـي عقوبـة السـجن – ةإن العقوبة البديلة التـي حلـت محـل العقوبـات البدنيـسابعا:

المقصودة منها في إصالح وتهذيب المسجونين، بل دمـرتهم نفسـيا ضلم تحقق األغراليعــودوا للمجتمــع أكثــر احترافــا لإلجــرام. ممــا اضــطر السياســة وصــحيا وبــدنيا وخلقيــا،

الجنائيــة فــي الغــرب إلــى البحــث مــن جديــد عــن بــدائل لهــا، ومنهــا عقوبــة الجلــد وجــرى وهـــذا يؤكـــد –الواليـــات المتحـــدة األمريكيـــة –ذلـــك فـــي أكثـــر الـــدول تقـــدما فـــي الغـــرب

.(صحة وصالحية المنهج العقابي اإلسالمي467F

٢(

نية: قسوة عقوبة الجلد: الشبهة الثاومنهـــا عقوبـــة الجلـــد ، وأنهـــا ال ، الـــبعض عـــن قســـوة العقوبـــات البدنيـــةيتحـــدث

(تساير روح العصر، وتتنافى مع مبادئ حقوق اإلنسان.468F

٣( وطرق مختلفة منها:، ويمكن الرد على هذه الشبهة من وجوه عدة

لتشــــــريعات، واحتــــــرام حقــــــوق انتظــــــام الحيــــــاة ال يكــــــون إال بــــــااللتزام بــــــالقوانين وا أوال:اآلخــرين، فمــن خــرج علــى هــذه األطــر متجنيــا علــى نفســه وغيــره، كــان ردعــه متحتمــا

شرعا وعقال. وال ردع بدون قسوة وايالم.إذن فالعقوبة ليست مكافأة على فعل خير، بل هي مقابلـة لفعـل فاسـد وضـار "

نظير ما اقترف من إيالم للمجني عليه.م هو األبرز في تكوين العقوبة، وبدونه تتجـرد العقوبـة مـن وعنصر القسوة واألل

وزجر الجاني وردع اآلخرين تحذيرا لهم من مغبـة مالقـاة المصـير ٠أبرز خصائصها نفسه مقصد أصيل للعقوبة الشرعية.

) اإلســالم بــين جهــل أبنائــه وعجــز علمائــه، عبــد القــادر عــوده ،الريــاض ،طبــع ونشــر الرئاســة العامــة إلدارة ١ (

.٦٤هـ ، ص ١٤٠٤البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد ، ٢٦٩محمد أبو العال عقيدة ، ص ) فلسفة العقوبات البدنية في الشريعة اإلسالمية والتشريعات الغربية ،٢ (. ٤٠٩) انظر : العقوبة فـي الشـريعة اإلسـالمية ضـمن مجموعـة بحـوث فقهيـة ، عبـد الكـريم زيـدان ، ص ٣ (

١٥٠. شبهات حول االسالم ، محمد قطب، ص ١٢٣على طريق العودة لإلسالم، محمد البوطي ، ص .

١٩٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وعقوبة الجلد ليسـت غايـة بحـد ذاتهـا، وانمـا يتضـمن تقييمهـا علـى أسـاس مـدى تجـاه، وفـي تحقيـق العدالـة اإلنسـانية، فلـيس المهـم مظهرهـا فعاليتها وتأثيرها في هذا اال

المهــين والــرادع، ألن كــل جــزاء فيــه قــدر مــن اإلهانــة والــردع ولــو بنســب متفاوتــة، إنمــا )469F١(." المهم أن تقوم بوظيفتها الجوهرية في الدفاع عن المجتمع ضد الجريمة

على جريمة ما ؟ولكن ما هي الدرجة التي يجب أن تقف عندها قسوة العقوبة "إن الــذي يحــدد هــذه الدرجــة هــو تصــور مــدى خطــورة الجريمــة التــي اســتلزمتها، أي أن القســوة يجــب أن تكــون مالئمــة للجريمــة، فتزيــد بزيــادة خطورتهــا وشــدة آثارهــا،

وتنقص بنقص ذلك. وهذه الحقيقة محل وفاق عند جميع المشتغلين بالتشريع والتقنـين، مهمـا اختلفـوا

لســفة العقــاب . وان اخــتالف القــوانين العقابيــة الوضــعية أكبــر شــاهد علــى فــي تحليــل ف ذلك.

فــإذا كــان فــي النــاس مــن يصــف العقوبــات الشــرعية بقســوة زائــدة علــى مقتضــى ذلـك أنهـم يخطئـون فـي تقـويم خطـورة الجـرائم بهذه القاعدة التـي ال خـالف فيهـا، فسـب

ي ذلــك نظــرة المشــرع لهــا، وتقويمــه التــي رتبــت عليهــا هــذه العقوبــات دون أن يعتبــروا فــ لخطورتها.

والعجيـــب أن خصـــوم الشـــريعة اإلســـالمية يـــدركون هـــذه الحقيقـــة، ويفقهـــون هـــذا المعنى ، عندما يكون البحث متعلقا بقانون من القوانين الوضعية .

فرب كلمة ال نرى لها بأسا، يتفوه بها فرد من رعايا دولة تطبق قانونا وضعيا، تواجهـه بها عقوبة اإلعدام . بسب

ورب فاحشة عظمى يجب مكافحتها، تشيع بين رعايا تلك الدولة، فال يؤبه بهـا وال يلتفت إليها بأي نقد أو استنكار !!

ـــــدافعوا عـــــن كـــــال ـــــى خصـــــوم الشـــــريعة اإلســـــالمية مـــــن أن ي ـــــيس أيســـــر عل ولبهـا إلـى المذهبين، بأن كل أمة إنما تسـن قوانينهـا حسـب مبادئهـا وفلسـفتها التـي تنظـر

اإلنسان والكون والحياة.

التشـريع الوضـعي، علـى محمـد جعفر،مجلـة األمـن والقـانون ، كليـة بين الشريعة اإلسالمية و ة) العقوبات البد ني١( ٦٥م ، ص ١٩٩٩يوليو -هـ ١٤٢٠ شرطة دبي ، السنة السابعة ، العدد الثاني ،ربيع األول ،

١٩٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

من قوانين الردع والزجر، حسـب نظرتهـا إلـى ءأفيحق لكل أمة أن تسن ما تشاثم ال يحـق لخـالق الكـون أن -خطأ كانت النظرة أم صوابا –اإلنسان والكون والحياة

يشرع هو اآلخر قوانين الردع والزجـر بمـا يتفـق مـع مقاصـد شـريعته، ويتسـق مـع نظـام )470F١("لكون، ويحقق مصالح عباده !!ا

إذا أردنا أن نعرف قسوة العقوبة، فمن المناسب وضعها مـع الجريمـة ومـا خلفتـه ثانيا:بميزان عادل لنجدها متناسبة ومتالئمة، ويجب أال تقتصـر النظـرة علـى الرأفـة بالجـاني

ا بإشـــاعة الفاحشـــة فيهـــا، ومــــ تلويــــث صـــفحة المجتمـــعوتـــرك مـــا خلفتـــه الجريمـــة مـــن تعرض له المجني عليه من آثار نفسية واجتماعية... الخ .

يقــول علــى أبــو جريشــة " إن الــذين يعترضــون علــى قســوة العقوبــة يشــبهون مــن يــرى شخصــا يــدفع ضــحيته بكــل عنــف فيقتلــه أو يؤذيــه، فيلومــون الضــحية وينظــرون

ر مـن بعين العطف إلى مـن دفعهـا، مـع أن الضـحية فـي حالـة الجريمـة، ربمـا كـان أكثـ(واحد: العفة، الفضيلة، الشرف، األخالق، األمن، المال، الحياة، المجتمع كله".

471F

٢( الحديثـة ترفـه عـن المجـرم حتـى توقال الشيخ أحمد شـاكر:" إن بعـض النظريـا

يظن أنه موضع إكرام بما جنى، وتدعي أن القصـد مـن العقـاب التربيـة والتأديـب فقـط، تقــام، وتـــزعم أن الواجــب درس نفســـية " الجـــاني"، وأنــه ال يجـــوز أن يقصــد بـــه إلـــى االن

فتلـــتمس لـــه المعـــاذير مـــن ظروفـــه الخاصـــة، وظـــروف الجريمـــة، ومـــن نشـــأته وتربيتـــه، ومــن صــحته ومرضــه، ومــا يعتمــل فــي جوانحــه مــن عواطــف وشــهوات، ومــا يحــيط بــه من مغريات أو موبقات إلى آخر ما هنالك.. ونسي قائلوها أن يدرسـوا " المجنـي عليـه

هذا الدرس الطريف ليروا أي ذنب اجترح حتى يكون مهددا فـي سـربه، معتـدى عليـه " في مأمنه من حيث ال يشعر!!

ولم يفكروا أي الفريقين أحق بالرعاية: أمـن جعلتـه ظروفـه ونشـأته ونفسـيته ومـا إلى ذلك هادئا مطمئنا، ال ينزع إلى الشر، فكان مجنيـا عليـه، أم مـن كـان علـى الضـد

ن جانيا؟!من ذلك، فكا

. ١٢٨- ١٢٦، ١٠٤- ١٠٣) على طريق العودة لإلسالم ،البوطي ، ص ١( . ٨١م ، ص١٩٧٧ -هـ ١٣٩٧قاهرة ، مكتبة وهبة ، بو جريشة ،الا) شريعة اهللا حاكمة ال بالحدود ، على ٢(

١٩٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

يعلــــم خائنــــة األعــــين ومــــا تخفــــي وإن اهللا خلــــق الخلــــق، وهــــو أعلــــم بهــــم، وهــــالصــدور، ويعلــم مــا يصــلح الفــرد ومــا يصــلح األمــة، وقــد شــرع الحــدود فــي القــرآن زجــرا

(، بكالم عربي واضح ال يحتمل التأويل ".ونكاال 472F

١( الســطحية فــي إن ادعــاء القســوة والشــدة فــي عقوبــة الجلــد، مظهــر مــن مظــاهر ثالثــا:

فهمها لمـن لـم يتـرو فـي إعمـال الفكـر والمنطـق باحثـا عـن المقصـد مـن التشـريع، فالقســوة ال تعــدوا قســوة تخويــف وتلــويح وانــذار وبالتــالي فهــو أســلوب وقــائي أكثــر

منه انتقامي أو عالجي. وتتجلى هذه الحقيقة، مسقطة هذه الشبهة إذا تأملنا اآلتي:

فريــدا فــي إغــالق جميــع المنافــذ المؤديــة الرتكــاب الجريمــة، ســلك الشــارع مســلكا أوال:وعمــد إلــى إتبــاع مــنهج وقــائي وسياســة رشــيدة لمنــع وقــوع الجــرائم والعمــل علــى تهــذيب

ــــة اهللا والخشــــية مــــن ســــخطه. ــــر الضــــمائر ومراقب (النفــــوس، وتطهي473F

ــــرك عــــذرا )٢ ــــم يت فل لمنحرف وال حجة لمجرم .

تكـــون كفيلـــة بمنـــع تطبيـــق الحـــدود، إعمـــاال إن قيـــام أي ظـــروف مـــن شـــانها أن ثانيـــا:( الحـدود بالشـبهات ) اتطبيقا للمسألة الفقهيـة المجمـع عليهـا ( ادرؤو

474F

وبـذلك ال تنـال )٣عليـه أعراضـهم فـي تالعقوبة إال مـن جـاهر بجريمتـه، واسـتهتر بمصـالح النـاس، وهانـ

سبيل تحقيق شهواته ونزواته. د غايتـه تنصـب علـى تبرئـة سـاحة المـتهم وبتأمل المنهج الجنائي اإلسـالمي نجـ

اسـتطعتم،الحـدود عـن المسـلمين مـا اادرؤو ابه، يقول صلى اهللا عليه وسلم: (وليس عقفـــي العفـــو مـــن أن فـــان وجـــدتم للمســـلم مخرجـــا فخلـــوا ســـبيله، فخيـــر لإلمـــام أن يخطـــئ

() يخطئ في العقوبة475F

٤ ( .

فــي مصــر ، احمــد محمــد شــاكر ،القــاهرة ،مكتبــة الســنة ، أن يكونــا مصــدر القــوانيين ) الكتــاب والســنة يجــب ١(

.٣٣ – ٣٢م ، ص ١٩٨٦الطبعة الثالثة ، بحـث الثـاني ، المطلـب راجع في هـذا البحـث : مـنهج اإلسـالم الوقـائي فـي محاربـة الزنـا، الفصـل األول ، الم )٢(

وما بعدها. ٤١الثالث، ص .١٣٢) راجع االتفاق على المسألة ، ص ٣( ١٣٢) الحديث سبق تخريجه ، ص ٤(

١٩٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ــا، ضــم فــي جنابــه توجيــه فهــذا المبــدأ األصــيل الــذي أقــر قبــل أربعــة عشــر قرنالمــتهم ولــيس إدانتــه وصــوال لعقابــه، وال يفهــم ةرجــال الشــرطة والتحقيــق والقضــاة لتبرئــ

ممــا ســبق أن الشــارع تــرك مــن ســقط عنــه الحــد لشــبهة بــل تنقلــب عليــه العقوبــة تعزيــرا ليوقع عليه القاضي العقاب الزاجر الرادع، إضافة إلى أن إسقاط العقوبة الدنيويـة عـن

م بشــبهة مــع اقترافــه الجريمــة، أدعــى إلــى أن تكــون عقوبتــه األخرويــة أشــد نكــاال المــته وايالما إذا مات ولم يتب.

إلـى درجـة تجعـل تكييـف هـذه الزنـا،: تشددت الشـريعة اإلسـالمية فـي بينـة جريمـة ثالثا الجريمــة مــن نــوادر األحــوال وغرائــب العصــور، فشــهادة أربعــة علــى رؤيــة الفعــل علــى

م تثبــت طــوال التــاريخ الجنــائي اإلســالمي، وقــد حــث الشــارع فــي اإلقــرار علــى حقيقتــه لــمراجعــة المقــر بــالجرم أربــع مــرات لعلــه يرجــع عــن إقــراره. فهــل فــي ذلــك قســوة مــع كــل

(؟ تهذه االحتياطا476F

١( واقتضـت حكمــة اهللا عــز وجــل إحاطــة هــذه الجريمــة بهــذه الضــمانات، حتــى ال تكــون

التـآمر مـن األبريـاء والبريئـات، ولـو لـم تكـن الضـمانات بهـذه مجاال للضغينة واألحقـاد و الدرجــة مــن القــوة لكــان ثمــة فوضــى فــي التشــريعات واألحكــام، ولســهل إغــراء شخصــين

(أو ثالثة بالشهادة على بريء في الزنا واقامة الحد عليه بدال من التجرؤ على قتله.477F

٢ ( ألن لشــهود األربعــة با إنمــا خــص نــي الز نإ: " وقــد قيــل الشاشــي القفــال يقــول

ثنين وهم الزانيان اللذان لكل واحد منهما فعل مضاف إليـه فيقـال االشهادة شهادة على

) راجع كيف احتاط الشارع في إثبات جريمة الزنا لدرجة يستحيل تكييفها: ٢(

امعيــة للطباعــة الفقــه اإلســالمي بــين المثاليــة والواقعيــة ، محمــد مصــطفي شــلبي، بيــروت، الــدار الج - أ . ٢٣٤ – ٢٣١م، ص١٩٨٢ -هـ ١٤٠٢والنشر ،

هذا هو اإلسالم (شرح لبعض أحكام اإلسالم، ال دفاع عن ممارسات المسلمين، ورد علـى المفتـرين - بمــن أعدائــه، والمغــرر بهــم مــن أبنائــه)، حمــود عبــد العزيــز البــدر، الريــاض، طبــع وزارة الخارجيــة ،

. ٧٣-٧٠م ، ص ١٩٩٣ -هـ ١٤١٣الدبلوماسية ، تمعهد الدراسانــدوات علميــة حــول الشــريعة اإلســالمية وحقــوق اإلنســان فــي اإلســالم، بــين فريــق مــن كبــار علمــاء -ج

المملكــة وآخــرين مــن كبــار رجــال الفكــر والقــانون فــي أوروبــا ، محمــد معــروف الــدواليبي، الريــاض، . ٢٨-٢٦مطابع العصر ، ص

د الــوقفي، طبــع علــى نفقــة الشــئون الدينيــة بدولــة قطــر ،مؤسســة دار العلــوم، ) تلــك حــدود اهللا ، إبــراهيم احمــ ٢( . ٤٦م، ص١٩٧٧ -هـ ١٣٩٧

١٩٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ن فعـل القتـل مـن واحـد المعنى فارقت الشهادة علـى القتـل أل، وبهذا زنى بها وزنت به(وهو القاتل دون المقتول "

478F

١( ســها وجوهرهــا الرحمــة، وقــد شـــبه إن عقوبــة الجلــد تتســم بالقســوة ظــاهرا، وأسا" رابعــا:

ــر الفقهــاء العقوبــة بالطبيــب، فالطبيــب إذا لــم يجــد للمــريض عالجــا إال بتــر العضــو بترحمة بالمريض حتى ال يستشري المرض في جسمه ويؤدي إلى نتائج أعظـم وأخطـر. وليس في عقوبة الجلد بتر للعضو، ولكنها تهذيب لـه بتحملـه شـيئا مـن األلـم وفاقـا لمـا

(. " اقترف من لذة متوهمة479F

٢( عنــدما نــدقق النظــر فــي عقوبــة الجلــد نجــدها تتعلــق بجــرائم تهــدد بشــدة كيــان خامســا:

ـــ ـــى حقـــوق اإلنســـان األساســـية، لكونهـــا لالمجتمـــع اإلســـالمي، وتمث ـــرا عل ـــداء خطي اعتتتعلـق بالضــرورات الخمـس الالزمــة للمحافظـة علــى كيـان أي مجتمــع، وشـروطا الزمــة

(هاره.لنموه وازد480F

٣( رغم وصم مفكري القانون الوضـعي عقوبـة الجلـد بالوحشـية والهمجيـة إال أنهـم سادسا:

يمارســونها كعقوبــة لمـــن اعتــدى علـــى األنظمــة األساســـية للمجتمــع، وقـــد حققــت نتـــائج باهرة في خفـض معـدالت الجريمـة بشـهادة رجـال القـانون والعقـالء مـن الغـرب... فهـذه

لســـجون دون ضـــمانات لمـــن تقـــع علـــيهم وبطـــرق شـــتى العقوبـــة هـــي التـــي تطبـــق فـــي اوأساليب مختلفة تقشعر لها األبدان. ولنـا إن نتأمـل مـا قالـه أبـو األعلـى المـودودي فـي

" انظـر نظـرة فـي هـذه التفاصـيل لقـانون جلـد الزانـي فـي اإلسـالم، : النـور تفسير سـورةـــ ـــه عقوبـــة وحشـــية، ويـــرون مث ـــون: أن ـــذين يقول التهـــذيب كـــل حـــدث وال حـــرج بجـــرأة ال

التهــذيب فــي عقوبــة الضــرب التــي تجــري اليــوم فــي الســجون...فإنه يبــاح لكــل مراقــب عادي من مراقبـي السـجن إن يعاقـب السـجين بضـربه ثالثـين عصـا إذا لـم يـأتمر بـأمره أو خاطبــه بمــا ال يليــق. وهنــاك رجــل خــاص للضــرب يتمــرن عليــه دائمــا، بــل تعــد لهــذا

/ ب. ١٤) محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل ١(

، بتصرف يسير.٤٩) الحدود الشرعية وأثرها في تحقيق األمن واالستقرار للمجتمع ،الغزالي خليل عيد، ص ٣(

وقـــانون العقوبـــات الوضـــعي . نقـــاط االلتقـــاء ونقـــاط االخـــتالف، محمـــود نجيـــب اإلســـالميوبـــات ) قـــانون العق ٤( م١٩٨٤اكتــوبر، ٧- ١حســني، تقريــر مقــدم إلــى المــؤتمر الــدولي الثالــث عشــر لقــانون العقوبــات " القــاهرة

وما بعدها . ٧م ص١٩٨٤مجلة القانون واالقتصاد،

١٩٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

لمـــاء حتـــى إذا ضـــرب بهـــا أحـــد قطعـــت جســـده الغـــرض عصـــا خاصـــة تبلـــل بالـــدهن واكالسكين. ثم إن الجاني في السجون مـدة حبسـه يجـرد مـن مالبسـه ويشـد بالفلكـة حتـى ال يســتطيع االضــطراب مــن شــدة األلــم. وهــو عنــدما يضــرب ال يكــون علــى جســده إال خرقــة يســيرة لســتر عورتــه، ثــم يــأتي الجــالد جريــا، ويضــرب الجــاني بكــل قوتــه ضــربا

فــي موضــع واحــد مــن جســده حتــى ليتقطــع اللحــم قطعــا ويســقط علــى األرض، متتابعــا وطالما يظهر العظم من جسده المضـروب، ويغشـى عليـه قبـل إن تـتم الضـربات مهمـا كـان قويـا جلـدا، وال تنـدمل جروحــه إال فـي مـدة طويلـة، فهــل يليـق بالـذين ينفـذون اليــوم

بالوحشية عقوبـة الجلـد التـي قررهـا هذه "العقوبة المهذبة "في السجون بأيديهم إن يرمواالقاسـية تاإلسالم للزنا ؟ ثم إنه ال يخفي على أحد ما تنزله الشرطة اليـوم مـن العقوبـا

التــي تقشــعر لســماعها الجلــود ال علــى الجنــاة الــذين تثبــت جــرائمهم فحســب، بــل علــى )481F١(." منهم أيضا لغرض التفتيش واالستجواب نالمشتبه بهم وال سيما السياسيي

تجــاه الشــدة والقســوة –إن موقــف المجتمــع الــدولي هــو بمثابــة رد فعــل عــاطفي ســابعا:فــي القــرن الثــامن عشــر. ومــا صــاحبها مــن إجــراءات ةاللتــين اقترنتــا بالعقوبــات البدنيــ

خاطئة في تنفيذها. وكل هذه العشوائية ما زالـت باقيـة فـي نفوسـهم إلـى هـذا اليـوم بكـل زار. ما لها من ماض مثقل باألو

إلــى توجيــه أشــد يوهــذا مــا دفــع أصــحاب النظريــات اإلصــالحية فــي المجــال العقــاب" االنتقادات إليها، وطرح تدابير وجزاءات تكون أجدى مـن القضـاء علـى الجريمـة وكـان

مـن نصوصـها واعتبارهـا ةمعظم التشريعات الحديثة العقوبات البدنيـ دنتاج ذلك استبعا )482F٢(." وال تتالءم مع مقتضيات تأهيلهال تنسجم مع كرامة اإلنسان،

اإلســالمية بأنهــا وحشــية وقاســية هــو قــول ةإذن، فمــا قيــل ويقــال عــن العقوبــات البدنيــ" يصدق على الوضع القائم في أوروبا حتى قيام الثورة الفرنسـية، وال ينسـحب بـأي حـال

م ١٩٥٩-هـــ١٣٧٨دي،تعريــب محمــد عاصــم الحــداد ،القــاهرة،دار الفكــر،) تفســير ســورة النور،أبــواألعلى المودو ١(

. ٧٧-٧٦،ص . ٦١بين الشريعة اإلسالمية والتشريع الوضعي ، على بن محمد جعفر، ص ة) العقوبات البد ني ٢(

١٩٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ناحيـــة فـــي الشـــريعة اإلســـالمية، ســـواء مـــن ةمـــن األحـــوال علـــى نظـــام العقوبـــات البدنيـــ )483F١(." الهدف أو األساس أو كيفية التنفيذ

ـــر للبشـــرية أن يعـــم األمـــن أرجـــاء األرض ـــى أن مـــن الخي ـــرا هـــل نتفـــق عل وأخيتعالى من أن يكون تقنين بشري ال يعاقـب بهـذه بعقوبة شديدة مقرونة بالخوف من اهللا

بـأفظع العقوبة فيفسد كيان المجتمـع وتلـوث صـفحته بإشـاعة الفاحشـة وارتكـاب الجـرائم أنواعها وأكثر أعدادها.

وانــــه لشــــيء مثيــــر للعجــــب حقــــا، أن يضــــخم أنــــاس مــــن مظهــــر هــــذه القســــوة " الخيالية التي عرفنا حقيقتها، في غيبة من التأمل العقلي، ثم ال يلتفتون بـأي نظـرة إلـى النتــائج اإلنســانية الحميــدة التــي تنبســط فــي ســاحة المجتمــع كلــه لــدى اتخــاذ قــرار جــاد

حتـى إذا مـا أقبلـت الشـريعة اإلسـالمية تلـوح بعصـا التأديـب التـي هـذه الحـدود. بتطبيق ال بديل عنها لتقي المجتمـع مـن هـذه الفوضـى والوحشـية المرعبـة وتغـرس فـي مكانهمـا األمــن والنظــام والرحمــة، استشــعروا القســوة فجــأة، وتــذكروا الرحمــة علــى حــين غــرة !!

".)484F٢(

.٢٦٥بين الشريعة اإلسالمية والتشريعات الغربية ،محمد أبو العال عقيدة ، ص ة) فلسفة العقوبات البد ني ٣( . ١٣٦) على طريق العودة لإلسالم ، محمد البوطي ، ص ٢(

٢٠٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

اإلنسانية: : إهدار الكرامة الشبهة الثالثةعقوبــة الجلــد فيهــا إهــدار لكرامــة اإلنســان، وحــط مــن قــدره بصــورة ال أنيــرى الــبعض

(تتفق وروح العصر.485F

١( . : وتتهاوى هذه الشبهة إذا علمنا

ـــه وعـــرض أوال: ـــة، هـــو مـــن حقـــر ذات ـــذي ارتكـــب الجـــرم الموجـــب للعقوب أن الجـــاني ال بدناءة فعله وشيوع فضيحته. كرامته لالمتهان، وحط من قدره بين قومه وعشيرته

فالزاني هو الذي أهـان نفسـه، واسـتباح الولـوغ فـي إنـاء غيـره، ولـم يصـرفه عـن التفكيـر في اإلقدام على الجرم وعظ أو تذكير أو توبيخ فكان جزاءه تجرع ألم العقوبة بالجلد.

وكــذلك تجــرأ القــاذف علــى المقــذوف باتهامــه بالفاحشــة، وحقــره بــين أهلــه وذويــه شفاء غيظه إال بجلد القاذف عالنيـة ليكـون ا عتدى عليه ظلما، وال سبيل إلى تبرئته و وا

الجزاء من جنس العمل، وليعتبر بالجلد فال يعاود الجـرم، وينصـرف غيـره عـن التفكيـر في الجريمة.

عـه منصـرفا إلـى وشارب الخمر هو من تجنى على عقلـه ونفسـه وأسـرته ومجتم دا تصرفه عن المعاودة. فالعقوبة المقررة جللذته ، شرعت عقوبة الجلد للتهذيب ال اإلتالف، وراعى الشـارع عـدم تجـاوز العقـاب " ثانيا:

والتأديـب، وصـان حقوقـه، وجعلهـا ضـمانات للمعاقـب أثنـاء رما وضع ألجله من الزجـمرحلـــة التنفيـــذ. كـــل ذلـــك يطلعنـــا علـــى ســـمو اإلســـالم بكرامـــة المعاقـــب وتلمســـه لكافـــة

)486F٢(." وان أساء لذاته وأمته حقوقه حتى

. ٣٥٥م ، ص١٩٨٩، ٥) التعزيــر فـــي الشــريعة اإلســـالمية ، عبــد العزيـــز عــامر، القـــاهرة ، دار الفكـــر ، ط ١(شبهات تثار حول تطبيق عقوبة الجلد فقها وسياسة والرد عليها ، حسن عبده العسيري ، الرياض ، مجلـة

عبــادة والعقوبــة ، محمــد . نظــام اإلســالم ال ١٠٤هـــ ،ص ١٤٢٢، الســنة الثالثــة، رجــب ١١ العــدل ، عــددم أنـــه "يجـــب أن تكـــون ١٩٥٤. ويقضـــي برنـــامج الحـــد األدنـــى للـــدفاع االجتمـــاعي عـــام ١٨٣ عقلـــه ، ص

" البنـد الوسائل التي تطبق على الجانحين مطابقة لمبادئ المدنية الحديثة التي تقوم على التقاليـد اإلنسـانية بالهامش . ١٧٢،انظر: في الدفاع االجتماعي اإلسالمي ،البطراوي ،ص ٢١

التعديل الثامن منها " ال يطلب دفـع كفـاالت مبـالغ فيهـا، وال تفـرض غرامـات زائـدة -ويقول الفقة األمريكي ي، وايســـتر عـــن الحـــد، وال توقـــع عقوبـــات قاســـية وغيـــر مألوفـــة " انظـــر: الدســـتور األمريكـــي، بـــروس فنـــدال

. ٢٤٣م، ص ١٩٦٤فندالي، إعداد وترجمة لجنة دائرة المعارف العامة ، القاهرة، دار الكرنك،

. راجع ضمانات المجلود في مرحلة التنفيذ العقابي ، الفصل الثاني ، المبحث الرابع )٢(

٢٠١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

إذا كـان هـذا النقـد ال يوجـه إلـى العقوبـات المقيـدة للحريـة، وهـي تتوجـه إلـى اعـز ثالثا:شيء في اإلنسان، وتنصب على أقدس مكوناته كإنسان، وفضال عـن ذلـك فهـي كثيـرا مـا تـؤثر فـي بدنـه، وفيهـا عيـوب شـتى، فاألجـدر أال يوجـه إلـى عقوبـة الجلـد، واذا كـان

به بعض الـدول،وهو ال فمستساغا أن يكون اإلعدام نفسه جزاء لبعض الجرائم، تعتر يهــدر آدميــة الشــخص فقــط بــل يهــدر حياتــه، إذا كــان األمــر كــذلك فــان مــا يقــال فــي

.487F١ عقوبة الجلد يمكن إن يوجه أكثر منه إلى عقوبة اإلعدامءة التـي نطالعهـا يوميـا هنـاك الكثيـر مـن الممارسـات الخاطئـة المسـموعة والمقـرو رابعا:

تــدلل علــى عــدم احتــرام اإلنســان وصــيانة كرامتــه، وشــواهد ذلــك صــنوف التعــذيب فــي ـــك ـــار أعمـــالهم، واإلســـالم يـــرفض تل ـــى األفـــراد فـــي دورهـــم ومق الســـجون والتجســـس علاألفعــال، واألســـاليب ويــدع اإلنســـان آمنــا فـــي مجتمعــة إال إذا جـــاهر بجريمتــه فيعاقـــب

ي نخلص إلى أن نعت الحدود من قبل الغرب بأنهـا إهـدار لكرامـة جزاء جنايته. وبالتالاإلنســان هــو هجــوم علــى اإلســالم تحــت شــعار حقــوق اإلنســان، ليكــون ذريعــة للتــدخل غيــر المشــروع فــي تحقيــق المصــالح الذاتيــة. وقــد دلــل الواقــع المعــاش علــى أن الــدول

أو حقوقــه إذا اقتضــت تطبــق معــايير مزدوجــة، إذ ال تعيــر أي اهتمــام لكرامــة اإلنســان ذلــك مصــالحها السياســية أو االقتصــادية، وهــذا خيــر شــاهد علــى غيــاب مبــدأ االلتــزام

(الصادق بحقوق اإلنسان.488F

٢(

. ٣٥٦ – ٣٥٥التعزير في الشريعة اإلسالمية ، عبد العزيز عامر ، ص )١(

السعودية وقضية حقوق اإلنسان، ياسة الخارجية للملكة العربية السعودية في مائة عام، المملكة العربيةالس )٢( . ٧٧٠هـ ، ص ١٤١٩يحيى عبد اهللا الصمعان ، الرياض ، مؤسسة االصطفاء للطباعة ،

٢٠٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

تعتبــــر عقوبــــة الجلــــد فــــي الزنــــا وشــــرب الخمــــر تــــدخال فــــي الحريــــة الشــــبهة الرابعــــة:(الشخصية.

489F

١( والجواب عن هذه الشبهة:

ضرار بحقوق اآلخرين، والزنـا اعتـداء علـى أن الحرية الشخصية مقيدة بعدم اإلكيــان األســرة، وتشــكيك فــي األنســاب، وتضــييع للذريــة، وانتشــار لألمــراض واألخطــار، فمن حق المجتمع إذن أن يدافع عن نفسه بالعقوبة المناسـبة لمـن يريـد تلويـث صـفحته

بإشاعة الفاحشة... أ: أن التجـــريم فـــي ويكثـــر ترديـــد هـــذه الشـــبهة فـــي الغـــرب، وقـــد انبثـــق منهـــا مبـــد

مجــال العــرض أساســه االعتــداء علــى الحريــة الشخصــية، فــال تقــوم الجريمــة إذا جــرى .الزنا برضا الطرفين ال بالجبر واإلكراه

وقــــولهم: إن المســــكر مــــن قبيــــل الحريــــة الشخصــــية مــــردود ألن الحريــــة تنتهــــي عندما يبدأ الضرر متجاوزا لآلخرين.

ســه، ألنهــا ليســت ملكــا خاصــا لــه، وانمــا العبــد واإلنســان لــيس حــرا فــي إيــذاء نفمملوك لخالقه الذي أوجده لعبادتـه. ولمجتمعـه حـق عليـه، ويترتـب علـى ذلـك أال يهـدر

حق األمة في شل إنتاجيته وطاقته وتعطيل فكره. إن الثابـــت مـــن خـــالل اإلحصـــاءات للـــدول المختلفـــة أن الخمـــر أحـــد العوامـــل "

–العمديــة وغيــر العمديــة -الجــرح -ربالضــ –لقتــل الدافعــة إلــى اإلجــرام خصوصــا " ا .)490F٢( جرائم العرض "

يقــول عبـــد الكــريم زيـــدان " إن تـــرك اإلنســان يعبـــث ويضـــر نفســه وغيـــره بحجـــة رعايـــة حريتـــه الشخصـــية هـــو منطـــق األطفـــال الصـــغار الـــذين يصـــرخون ويولولـــون إذا

قيل ، الرياض ، حقوق اإلنسان في اإلسالم والرد على الشبهات المثارة حولها ، سليمان عبد الرحمن الح )١(

. ١٥٣ – ١٤٧م ، ص ١٩٩٤ -هـ١٤١٥مطابع التقنية لألوفست ، الطبعة الثانية ،

أصول علم اإلجرام ، دراسة تحليلية وتأصيلية ألسباب الجريمة وفقا لعلوم طبائع المجرم والنفس الجنائي ) ٢(م، ١٩٩٤،لثانيةر الفكر العربي،الطبعةااواالجتماع الجنائي والمجني عليه ، محمد أبو العال عقيدة ، القاهرة ، د

وما بعدها. ١٧١ص

٢٠٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

لـــئال يعـــودوا إلـــى منعـــوا مـــن اقتحـــام النـــار أو تنـــاولوا المؤذيـــات، أو عوقبـــوا علـــى ذلـــك(أفعالهم.

491F

١( واذا لم يرتدع الجاني بنصيحة ولم تنفعه موعظة ولم يصرفه هـول العقوبـة عـن اإلقدام على جريمته، فال بد لـه مـن منبـه إليقـاظ ضـميره لينطلـق فـي االتجـاه الصـحيح

نحو مسئولياته، فكانت عقوبة الجلد هي المالئمة لردعه، الزاجرة الناهرة.

: عقوبة الجلدعدم جدوى مسة:الشبهة الخاأنها عملية تشبه محاولة جبر الزجـاج : أثيرت حول إقامة عقوبة الجلد من الشبه التي

، فهــي لــن تصــلح مــا فســد ولــن تجبــر مــا انكســر، ولــن تعيــد للمــرء مــا انــثلم نشــعباإذا ـــداعي لزيـــادة الكارثـــة ـــه، فمـــا ال مـــن دينـــه أو أنخـــدش مـــن عرضـــه أو لطـــخ مـــن كرامت

( الخرق على الراقع.وتوسيع 492F

٢( وهذه الشبهة مردودة للمبررات التالية:

وبإنفاذهـا علـى المعاقـب تعلـو منزلتـه الجريمـة،ن عقوبة الجلد جابرة لمـا أفسـدته أ أوال:إلــى ســماء الفضــيلة بعــد إن هــوى بهــا فــي حمــأة الرذيلــة، ثــم ال تعيــد المــرء إلــى

لعقوبـــة هينـــا فـــي جنـــب ســـابق عهـــده قبـــل المعصـــية، ويجـــد مـــا يلقـــاه مـــن هـــول ا التكفير عن الخطيئة.

ــا: فــي إقامتهــا شــفاء لغــيظ المجنــي عليــه وجــالء لصــدور أقاربــه"في الزنــا والقــذف" ثاني عواطفـــاء لنـــار القلـــوب المكلومـــة، وال يصـــرفه تفكيـــره لالنتقـــام طالمـــا قـــرر الشـــار

. العقوبة المناسبة من أجل تهدئة النفوس وانتزاع عوامل الثأر واالنتقامفــي إقامتهــا رد اعتبــار المقــذوف، واظهــار براءتــه واعــالء كرامتــه، واقامــة الحــد ثالثــا:

. على القاذف واثبات كذبه وبهتانه وادناء منزلته واسقاط شهادته

. ٤١٥) العقوبة في الشريعة اإلسالمية ضمن مجموعة بحوث فقهية ، عبد الكريم زيدان ، ص ١( . ٥٣) الحدود الشرعية وأثرها في تحقيق األمن واالستقرار للمجتمع ، الغزالى خليل عيد ، ص ٢(

٢٠٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

كما أن في إقامة عقوبة الجلد أثرا في تحقيق الردع بشقيه العام والخاص ليكون رابعا:، باإلضــافة إلــى إعــادة الحقــوق ألصــحابها، ةمانعــا مــن الوقــوع فــي بــراثن الجريمــ وهذا رد كاف على مدعي الشبهة.

الشبهة السادسة: أن عقوبة الجلد تهمل شخص المجرم وال تراعي أحواله النفسية:

الشبهات أن عقوبة الجلد تهمـل شـخص المجـرم، فالشـريعة تعامـل يرى مثيرو" لعقوبـة، مــع أنهـم يختلفـون فــي مرتكبـي الجريمـة فـي مســتوى واحـد مـن حيــث اسـتحقاق ا

دوافعهــــم إلــــى ارتكابهــــا نظــــرا لتفــــاوت ظــــروفهم النفســــية وميــــولهم وبيئــــاتهم وثقافــــاتهم، فالمجرم في نظر مرددي هذه الشبهة مهزوز الشخصية منحـرف المـزاج والميـول، وهـو

)493F١(." بحاجة إلى عالج ال إلى عقوبة

بما يلي : ودحض هذه الشبهة ـــد أن الظـــروف ا أوال: ـــالفرد ذات أثـــر بعي ـــه، والعقـــد النفســـية تـــدفع لمحيطـــة ب فـــي تكوين

أحيانا إلى الجريمة. ولكن اإلنسان مع ذلك ليس كائنـا سـلبيا بحتـا تسـيره الظـروف. إن ينظــرون إلــى الغرائــز الكامنــة فــي –بطبيعــة علمهــم -عيــب المحللــين النفســيين، أنهــم

وال ينظـرون إلـى الطاقـة الضـابطة لـه، ذات اإلنسان، والتي تدفعه إلـى االسـتجابة لهـا، أن تكفه عن اإلقـدام علـى ارتكـاب الجريمـة ضوالى قدراته العقلية التي كان من المفتر

الدافعة. زواالستجابة المستمرة لهذه الغرائــــى الطاقــــة المحركــــة ــــدينامو -يقــــول محمــــد قطــــب " إنهــــم ينظــــرون إل وال -ال

، مــع أنهــا جــزء أصــيل مــن تكــوين الــنفس -الفرامــل -ينظــرون إلــى الطاقــة الضــابطة البشرية غير مفروض عليها من الخارج. إن الطاقة التي تجعـل الطفـل يضـبط إفرازاتـه

لهـي ذاتهـا، أو شـبيهة –حتى لو لم يدربه أحد –فال يتبول في الفراش بعد سن معينة الجامحــة، بهــا، الطاقــة التــي تضــبط انفعاالتــه وتصــرفاته فــال ينســاق دائمــا وراء الشــهوة

(أو وراء النزوة الطارئة".494F

٢(

. ٤٠٧اإلسالمية ضمن مجموعة بحوث فقهية ، عبد الكريم زيدان ، ص ) العقوبة في الشريعة ١(

.١٥٢-١٥١) شبهات حول اإلسالم ، محمد قطب ، ١(

٢٠٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

بالغا عاقال مختارا، فإن أحواله النفسية وبيئته وثقافته ال تكـون مومادام المجر " ســببا الرتكـــاب الجـــرائم واالعتــداء علـــى اآلخـــرين، كمـــا أن هــذه األمـــور هائمـــة ال تقـــوم

ن مــن علــى أصــول ثابتــة، وال يضــبطها ضــابط معــين، ممــا يــؤدي إلــى إفــالت المجــرميكثــرة الجــرائم وشــيوع الفوضــى وزعزعــة األمــن واالســتقرار فــي يالعقــاب الــرادع، وبالتــال

)495F١(." أروقة المجتمعالشــريعة اإلســالمية عنــد تقريرهــا لعقوبــة الجلــد جعلــت المجتمــع يتحمــل جــزء ممــا ثانيــا:

ترتب على ارتكاب الجريمة. ترسـم أحكامهــا لمعاقبــة يقـول محمــد ســعيد البـوطي: " إن الشــريعة اإلســالمية إذ

الجانحين والمجرمين، ال تنطلق فـي ذلـك مـن حصـر المسـئولية فـيهم وتحمـيلهم وحـدهم عاقبــة مــا أقــدموا عليــه، بــل هــي تجعــل المجتمــع مســئوال فــي بعــض الحــاالت عــن هــذه الجــــرائم التــــي ارتكبوهــــا. وقاعــــدة درء الحــــدود بالشــــبهات أبلــــغ تجســــيد لهــــذه الحقيقــــة،

(".وأوضح برهان عليها496F

٢( هــذه الشــبهة فــي ضــرورة جعــل العقــاب كــالعالج للمــريض، فــإن مــا ســاقه مــرددو ثالثــا:

ذلك متحقق في عقوبة الجلد التي تحمل في طياتها الرحمة بالمجرم والمجتمـع. ولكـن هؤالء فاتهم أن العـالج ال ينبغـي أن يكـون طعمـه حلـوا تهـواه األنفـس، فربمـا يكـون مـرا

ن كان فيه قسـوة ففيـه رحمـة بوقـف سـريان ا بالسياط، فهو و وقد يتضمن إلهاب األظهرالعضو الفاسد لباقي األجزاء واسـتفحال المـرض. وهـذا هـو الشـأن فـي أن عقوبـة الجلـد شــرعت لمــن ال يجــدي معهــم اإلنــذار والــوعظ والتــذكير، فكــان لزامــا التحــول إلــى آخــر

الطب وهو العقاب.

صـــن وغيـــر المحصـــن فـــي العقوبـــة تجســـد مبـــدأ قاعـــدة التفريـــق بـــين الزانـــي المحرابعـــا: أهميـــة مراعـــاة ظـــروف الجـــاني وشخصـــيته أثنـــاء تقريـــر العقوبـــة، وذلـــك أن قـــوة الـــدافع

، إذ يجـد األخيـر متنفسـا مشـروعا الجنسي لدى غير المتـزوج تكـون أقـوى مـن المتـزوج

.٤٠٨) العقوبة في الشريعة اإلسالمية ضمن مجموعة بحوث فقهية ، عبد الكريم زيدان ، ص ٢( .١٣٤) على طريق العودة إلى اإلسالم ، محمد البوطي ،ص ٣(

٢٠٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ئولية لغرائــزه، وهــذا يعــد نقصــا فــي اإلرادة اآلثمــة، ونقــص اإلرادة يقابلــه نقــص فــي المســ(الجنائية.

497F

١( عــذرا فــي ارتكــاب قــل أ" إن الزانــي المتــزوج والمحصــن : الشاشــي يقــول القفــال

أن األشــياء ... وقــد بــان تــزوج، فيفــرق بينهمــا فــي العقوبــة، الزنــى مــن البكــر غيــر الم، وانمــا تقــبح ألســباب تقتــرن بهــا، فيقــبح فــي حــال، ويحســن ألعمالهــا حالمؤلمــة ال تقــب

(في حال " 498F

٢(. ، وحـــد غيـــر إنمـــا جعـــل حـــد المحصـــن الـــرجم " قـــول شـــاه ولـــي اهللا الـــدهلوي:ي

عشـرة سـنه أو نحـوه، وال يـتم دون المحصـن الجلـد، ألنـه كمـا يـتم التكليـف ببلـوغ خمـسذلــــك لعــــدم تمــــام العقــــل ... ، وكونــــه مــــن الرجــــال فكــــذلك ينبغــــي أن تتفــــاوت العقوبــــة

ــــى التكليــــف وصــــيرورته رجــــال كــــامال مســــ ــــة عل ــــه، وألن المترتب ــــأمره مســــتبدا برأي تقال بالمحصــن كامــل وغيــر المحصــن نــاقص، فصــار واســطة بــين األحــرار الكــاملين وبــين

)499F٣(."العبيد، ولم يعتبر ذلك إال في الرجم خاصة، ألنه أشد عقوبة شرعت في حق اهللا

. ٥٨٢نون دفاع جنائي إسالمي ، عبد الوهاب عمر البطراوري، ص) قا ١( / ب . ٣) محاسن الشريعة ، القفال الشاشي ، ل ٢(

.١٠٦٢، ص ٢) حجة اهللا البالغة ، شاه ولي اهللا الدهلوي ، ج ٣(

٢٠٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المبحث الثاني أفضلية عقوبة الجلد على غيرها من الجزاءات.

المبحث إلى ثالثة مطالب:ويقسم هذا مميزات عقوبة الجلد. : المطلب األول

: أفضلية عقوبة الجلد على الغرامة. المطلب الثاني : أفضلية عقوبة الجلد على السجن. المطلب الثالث

٢٠٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: المطلب األول: مميزات عقوبة الجلدغيـــر الزانـــي (عقوبـــة الجلـــد مـــن العقوبـــات األساســـية فـــي بعـــض جـــرائم الحـــدود

، وهي مشروعة في جرائم التعزير. ) شارب الخمر –القاذف بالزنا –المحصن وعقوبــــة الجلــــد أوســــع العقوبــــات فــــي الشــــريعة اإلســــالمية دائــــرة، وتكــــاد تقابــــل

عقوبات تقييد الحرية في القوانين الوضعية. ويرجع ذلك إلـى أن هـذه العقوبـة تمتـاز عـن غيرهـا مـن العقوبـات بالعديـد مـن "

)500F١(." يزات. بل تكاد تجمع كل ميزة للعقوبة، وتخلو من كل عيب من عيوبهاالمم

(، ولعل أبرزها ما يلي: وثمة مميزات تنفرد بها عقوبة الجلد501F

٢( إنهــا أكثــر العقوبــات ردعــا للمجــرمين الخطــرين الــذين طبعــوا علــى اإلجــرام أو -١

ـــادوه، ألن الجلـــد مـــؤلم للبـــدن ترتعـــد منـــه فرائصـــه، وتتـــأذ ـــ ىاعت أعضـــاؤه همنوتزجــر غيــره، وفــي الجملــة تعتبــر عقوبــة نموذجيــة لتحقيــق الــردع بشــقيه العــام

والخاص. فــــيمكن أن يجــــازى بهــــا كــــل مجــــرم بقــــدر -ذات حــــدين –وهــــي عقوبــــة مرنــــة -٢

جريمته، وبالقدر الذي يتالءم مع شخصيته في آن واحد.

. ٣٤٧) فلسفة العقوبة في الشريعة والقانون ، فكري عكاز ، ١( بة الجلد:) انظر أهم تلك المميزات لعقو ٢(

.٣٥٥- ٣٥٣التعزير في الشريعة اإلسالمية ، عبد العزيز عامر ، ص -أ . ٣٤٨- ٣٤٧فلسفة العقوبة في القانون والشريعة اإلسالمية ، فكري عكاز ، ص -ب ٩٦م ، ص ١٩٦٦ابريل -هـ ١٣٨٦،محرم ٣٨ة األزهر،السنة مختار القاضي،مجلعقوبة الجلد، -جـ الشريعة اإلسـالمية ، عبـد العزيـز زيـد القميعـان ، رسـالة ماجسـتير غيـر منشـورة ، التعزيرات المادية في -د

- ١٢٧هـــ، ص ١٤٠٥-١٤٠٤لقضــاء جامعــة اإلمــام محمــد بــن ســعود اإلســالمية ،المعهــد العــالي ل١٢٨

. ٦٩٠،ص ١التشريع الجنائي اإلسالمي ، عبد القادر عودة ، ج -هـ-٢٤٤محمـد أبـو العـال عقيـدة، صسالمية والتشريعات الغربية، في الشريعة اإل ةنيفلسفة العقوبات البد -و

٢٥٢

٢٠٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ذي لــم يحتــرف. فــي اإلجــرام والمبتــدئ الــ نإذ يعاقــب بهــا المجــرم المعتــاد المتفــنوهـــذا يعطـــي القضـــاة الكثيـــر مـــن المرونـــة فـــي التطبيـــق علـــى اخـــتالف الجـــرائم

واألشخاص وحسب جسامة الجرم ودرجة الخطورة اإلجرامية. تصــنف بأنهــا عقوبــة تســاير التنميــة االقتصــادية، فــال تثقــل كاهــل الــدول بــأي -٣

تعتبـر مـن أسـهل متطلباتهـا سـوط ورجـل يقـوم بتنفيـذها، ولـذا لأعباء مالية، وكـ العقوبات تطبيقا.

فهــي تصــيب المحكــوم عليــه ذاتــه، العقوبــة،عقوبــة الجلــد شخصــية يتتجلــى فــ -٤وال تتعـــداه إلـــى أســـرته ومـــن يعـــولهم، وتنفيـــذها ال يســـتغرق وقتـــا للفضـــيحة، وال يحرم الجناة من العودة فورا إلى الحياة الطبيعيـة، فـال تطلـق زوجتـه وال ينحـرف

قره أحـد ألنهـم قـد ال يعلمـون مـن أمـره شـيئا، وهـذا بخـالف السـجن أبناؤه وال يحت والغرامة الذي تتعداه إلى غيره وتخرج عن المبدأ السائد في العقوبة.

ال تعطـــــل المحكـــــوم عليـــــه مـــــن اإلنتـــــاج، وال تكســـــبه طـــــابع الكســـــل والبطالـــــة، -٥ وتعريض أسرته للضياع كما في عقوبة السجن.

قوبــة، فاإلحســاس بــاأللم يتســاوى فيــه الصــغير والكبيــر، يتجلــى فيهــا مســاواة الع -٦ والغني والفقير، بخالف السجن الذي يتأذى منه قوم، ويرحب به آخرون!

أن العقوبـة البديلـة " السـجن " سـجلت -وبعد قرنين مـن الزمـان -يشهد الواقع -٧فشــال ذريعــا، ولــم تحقــق الغــرض المقصــود مــن العقوبــة، وكــان نتــاج ذلــك زيــادة

ـــمعـــ يحقـــق الـــردع وال اإلصـــالح المنشـــود مـــن العقوبـــة، بـــل مدالت اإلجـــرام، ول أصبح بؤرا موقوتة تنطلق منها كافة أشكال وصنوف اإلجرام.

تلـــك أهـــم مميـــزات عقوبـــة الجلـــد، فـــال غـــرو أن تكـــون عقوبـــة مقـــررة فـــي جـــرائم الحدود الشرعية، والعقوبة المفضلة لدى كثير من الفقهاء في جرائم التعزير.

أفضلية عقوبة الجلد على الغرامة : المطلب الثاني:تقرر الشـريعة اإلسـالمية عقوبـة الجلـد فـي جـرائم الحـدود للزانـي غيـر المحصـن

٢١٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

والقاذف بالزنا وحد شرب الخمر، باإلضافة إلى أنها العقوبة المفضلة لـدى الكثيـر مـن ل إلـــى الغرامـــة كبـــديل الفقهـــاء فـــي عقوبـــات التعـــازير. ونظـــرا ألن االتجـــاه الـــدولي يميـــ

(للعقوبات السالبة قصيرة المـدة لمـا رآه مـن مزاياهـا502F

إال أنهـا تنفـرد بالعديـد مـن العيـوب )١ التي تتطلب ضرورة استبدالها والعمل بعقوبة الجلد لآلثار الفعالة من وراء تطبيقها.

:ولعل أبرز تلك العيوب هي(تتعارض الغرامة مع مبدأ شخصية العقوبة. -١

503F

٢( طاع مبلغ الغرامة ينقص من قدرة المحكوم عليه في اإلنفاق على من ألن اقت

يعولهم، مما يجعل أثرها ينصرف إليهم،بينما عقوبة الجلد ال يشعر بألمها سوي من نفذت عليه.

(تصطدم الغرامة بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون. -٢504F

٣( ظيفتهـــا االجتماعيـــة، فأثرهـــا وبالتـــالي إحســـاس النـــاس بعـــدم عـــدالتها، واضـــعاف لو

علـــى الغنـــي ضـــئيل إذا قـــورن بأثرهـــا علـــى الفقيـــر، بينمـــا عقوبـــة الجلـــد تحقـــق مبـــدأ المســاواة فــي التطبيــق، فالجلــد بشــروطه الشــرعية ال يفــرق بــين مجــرم غنــي أو فقيــر

أو أبيض أو أسود، وفي الجملة مهما اختلف مستواهم الطبقي في المجتمع.ى صفة اليقينية، فقد يحكم بها القاضي وال يجد الحكم سـبيله إلـى تفتقر الغرامة إل" -٣

أو حتــى التحايــل علــى القــانون بتهريــب التنفيــذ إلعســار أو إفــالس المحكــوم عليــه،

. ١٠٨، ص ٥) انظر : جنـدي عبـد الملـك، الموسـوعة الجنائيـة،بيروت،دار العلـم للجميـع ،الطبعـة الثانيـة ،ج١(

. ٨٥٩م، ص١٩٧٩مبــادئ القســم العــام مــن التشــريع العقــابي ، رؤوف عبيــد،القاهرة ، دار الفكــر العربــي ،م ،ص ١٩٧٣رام والعقـــاب فـــي مصـــر ،حســـن صـــادق المرصـــفاوي ،اإلسكندرية،منشـــأة المعـــارف ، ،اإلجـــ٢٦٨ .

) العقوبات المالية بين الشريعة والقانون " دراسة مقارنة " حميد محمد القماطي ، ليبيـا ، المنشـأة العامـة للنشـر ٢(مي ، عبــــد الوهــــاب عمــــر . فــــي الــــدفاع االجتمـــاعي اإلســــال ١٣٧م، ص ١٩٨٦ -هـــــ ١٣٩٥ ،والتوزيـــع

. ٢٦٨. اإلجرام والعقاب في مصر، المرصفاوي ، ص ١٨٧ -١٨٦البطراوي، ص . فــي الــدفاع االجتمــاعي اإلســالمي ١٣٧) العقوبــات الماليــة بــين الشــريعة والقــانون ، حميــد القمــاطي ، ص ٣(

. ٢٦٨ص . اإلجرام والعقاب في مصر، المرصفاوي ، ١٨٧عبد الوهاب عمر البطراوي ، ص

٢١١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

" مـور ماليـةأمواله، بينما ال محـل لهـذا العيـب فـي عقوبـة الجلـد التـي ال تلتـزم بـأي أ)505F

١(. امـة تسـليطا للظلمـة مـن الحكـام علـى إلى أن فـي عقوبـة الغر ءأشار بعض الفقها" -٤

التعزيــر والتأديــب، وبالتــالي شــيوع الفوضــى مأخــذ أمــوال النــاس بالباطــل تحــت اســ )506F٢(." وعدم االستقرار

ال تحقق عقوبة الغرامة مقصد العقوبـة فـي الـردع والزجـر، بينمـا للجلـد اثـر نفسـي " -٥وهذا يعنـي صـالحيتها يحد من اإلقدام على الجريمة، وتنفيذها عالنية رادع للغير،

)507F٣(." كعامل كفاح ضد الجريمةوخالصة القول أن عقوبة الغرامة هـي امتـداد لتطـوير العقوبـة فـي المجتمـع الـدولي وسوف تعي العقول البشرية مدى القصور في تقريـر العقوبـات الوضـعية ، وهـذا يبشـر

بأن األمل منشود بالتوجه نحو تطبيق العقوبة اإلسالمية. ـــر يقـــول ال شـــعراوي: " إن التقنـــين البشـــري مهمـــا عـــال فهـــو مـــن صـــنع اإلنســـان غي

المعصوم، لهذا اتسم بالقصور ومن ثم بالتغيير بين الحـين واآلخـر، ولكـن إذا كـان )508F٤(." المقنن هو اهللا فيأتي القانون وقد وصل إلى مرحلة الكمال

الوضعية مـن ويقول محمد علي التسخيري " إنه وبالرغم مما وصلت إليه القوانين التـي جتطور وتقدم، فإنما تسير في أثر الشريعة اإلسالمية وتترسم خطاهـا، والنتـائ

– ةأي القـوانين الوضـعي –وصلت إليها واالتجاهات التي تتجه لها تدل علـى أنهـا )509F٥(."لن تخرج عن النطاق الذي رسمته تلك الشريعة منذ البدء

، في الدفاع االجتماعي اإلسالمي، عبـد ١٣٧) العقوبات المالية بين الشريعة والقانون ، حميد القماطي ، ص ١(

. ٢٦٨. اإلجرام والعقاب في مصر، المرصفاوي ، ص ١٨٧الوهاب البطراوي ، ص . ٣٥٥، ص ٤) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، الدسوقي، ج ٢( . ١٨٨جتماعي اإلسالمي ، عبد الوهاب عمر البطراوي ، ص ) في الدفاع اال ٣( . ١٤١هـ،ص١٤٠٠) الطريق إلى اهللا ، محمد متولي الشعراوي ، القاهرة ،مطابع المكتب المصري الحديث، ٤() نظــرة فــي نظــام العقوبــات اإلســالمي ، محمــد علــى التســخيري ،طهــران ،الناشــر:معاونية العالقــات الدوليــة فــي ١(

. ٥٨م ، ص ١٩٨٧ -هـ١٤٠٧الم اإلسالمي ،الطبعة الثانية،منظمة اإلع

٢١٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

: السجن المطلب الثالث: أفضلية عقوبة الجلد علىمكافحــة الجريمــة هــي أحــد األهــداف الرئيســية للعقــاب. وفاعليــة العقــاب تتحقــق فــي ازدجار الناس عن ارتكـاب الجريمـة، وتخطـي النظـام، فـإذا قلـت الجـرائم وتنـاقص عـدد المجــرمين فمعنــى ذلــك أن العقوبــة قــد نجحــت فــي مكافحــة اإلجــرام، واذا كثــرت الجــرائم

حقيـق أهـدافها، فعندئـذ يلجـأ ذلك أن العقوبـة فشـلت فـي ت وازداد عدد المجرمين، فمعنى(القانون إلى تشديد العقاب ليمنع ازدياد خطر الجريمة، واستفحال أذاها. واضعو

510F

١( ــــالقوانين ــــدول المحكومــــة ب ــــر انتشــــارا فــــي ال ــــة الســــجن األبــــرز واألكث وتعتبــــر عقوب

إلـــى ةالوضـــعيالوضـــعية. ولقـــد أدى تطبيـــق عقوبـــة الســـجن وهـــي األولـــى فـــي القـــوانين (نتائج خطيرة يمكن بسطها في النقاط التالية:

511F

٢(

أوال: إرهاق خزانة الدولة وتعطيل اإلنتاج: -الشــراب –يتطلــب إنشــاء الســجون كثيــرا مــن النفقــات لصــرفها فــي " الطعــام

دروس اإلصـــالح " والتـــي تقـــف كثيـــر مـــن الـــدول عـــاجزة عـــن )512F٣(-العـــالج –الكســـاء ان مــن األولــى إنفاقهــا علــى مــا يــنهض بــالمجتمع ويســهم فــي توفيرهــا. وتلــك النفقــات كــ

رقيه.

ــدفاع االجتماعي،جامعــة الــدول ١( ــة العربيــة لل ) أســس التشــريع الجنــائي اإلســالمي، علــي علــي منصــور، المجل

م، ١٩٧٩العربية،المنظمـــة العربيــــة للــــدفاع االجتمــــاعي ضــــد الجريمـــة ، القــــاهرة ،العــــدد العاشــــر، أكتــــوبر، . ٧٣٠، ص ١لجنائي اإلسالمي، عبد القادر عودة، ج. التشريع ا٢١-٢٠ص

. أســس التشـريع الجنــائي ٧٤٠- ٧٣٢، ص ١) راجـع : التشـريع الجنــائي اإلسـالمي ،عبــد القـادر عـودة، ج٢(ومــا بعـــدها . العقوبــات اإلســـالمية بــين دعايـــة وحقيقــة ، نـــور ٤٤اإلســالمي، علـــي علــي منصـــور ، ص

م ، ص ١٩٨٥ -هــ١٤٠٥، محـرم ٥، العـدد ٣٠سالمي ،الهند، المجلـد الحق الرحماني ، مجلة البعث اإل. الســجن وموجباتــه فــي الشــريعة اإلســالمية مقارنــا بنظــام الســجن والتوقيــف فــي المملكــة اومــا بعــده ٤٨

العربيـــة الســـعودية، محمـــد عبـــد اهللا الجريـــوي، الريـــاض، نشـــر جامعـــة اإلمـــام محمـــد بـــن ســـعود اإلســـالمية، . وجوب تطبيق الحدود الشرعية ، عبد الرحمن ١٤٦- ١٤٢، ص ١م ج ١٩٩٧-هـ١٤١٧الطبعة الثانية،

. أحكــام الســجن ٤٠-٣٧هـــ ،ص ١٤٠٤عبــد الخــالق ، الكويــت ، مكتبــة ابــن تيميــة ، الطبعــة الثانيــة ، -هـــ ١٤٠٧ومعاملـة السـجناء فـي اإلســالم ، حسـن أبـو غــدة ، الكويـت ، مكتبـة المنــار، مطبعـة الفيصـل ،

. ٥٩٤ – ٥٩٣ص م ، ١٩٨٧

–بنـد العـالج –) لزيادة النفقات أثر سلبي على التنمية االقتصـادية ، فالواليـات المتحـدة األمريكيـة تنفـق علـى ٣(( شـــــرب الخمـــــر) مائـــــة وخمســـــة وعشـــــرين مليـــــون دوالر ســـــنويا . انظـــــر : فـــــي الـــــدفاع –لجريمـــــة واحـــــدة

الهامش.ب ١٦٩االجتماعي اإلسالمي،عبد الوهاب عمر البطراوي ، ص

٢١٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وفـــي الســـجن تضـــييع للمجهـــودات، وتعطيـــل للقـــدرات وتبديـــد للطاقـــات. وفـــي " )513F١(." الجملة عبء هائل على كاهل األمة واقتصاد المجتمعات

عقوبـــة الجلـــد تســـاير التنميـــة االقتصـــادية، وتحقـــق مقصـــد فـــإن ، وفـــي المقابـــل الــردع والزجــر، ولهــا أثــر نفســي يشــعر بــه المجــرم فــي أعمــاق نفســـه، وال العقوبــة فــي

تأثير على إنتاجه وقيامه بعمله. (تعدى العقوبة ألسرة المسجون : ثانيا

514F

٢( : هـا ووظائفهـا، ال سـيما إذا لكثير من التغيـرات التـي تصـيب بناءتتعرض األسرة

كاســـات ســـلبية علـــى أحوالهـــا كـــان الســـجين هـــو رب األســـرة وعائلهـــا. وبالتـــالي تجـــد انعاالجتماعية واالقتصادية والصحية. ويكفي ما يصـيب األسـرة مـن التـوتر والقلـق وعـدم االسـتقرار النفســي والشــعور بـالفراغ العــاطفي، ومــا نســمعه مـن التشــرد وانحــراف األبنــاء

وطالق الزوجات والفقر المدقع نتيجة قلة المصاريف والنفقات. اقـــــب أفـــــراد األســـــرة بتعريضـــــهم للضـــــياع والمهانـــــات وفـــــي الجملـــــة فالســـــجن يع

ومستقبل مظلم يواجههم يفوق مصير السجين ذاته.

) أفادت بعض الدول في المؤتمر الخامس لألمم المتحدة لمكافحة الجريمة ومعاملـة المـذنبين فـي جنيـف سـنة ١(

المملكة المتحدة " أن السجون تغص بنزالئها مما يعيق عمليـة –الفلبين –فنلندا –م ومنها " شيلي ١٩٧٥زانـة الدولــة . انظـر الســجون وسياسـة تطــوير اإلصـالح ، إضـافة إلــى أنهـا ترتــب أعبـاء ماليــة كبيـرة علــى خ

ي ، ربيــع وظائفهــا اإلصــالحية، علــي محمــد جعفر،مجلــة األمــن والقــانون ،دبــي، الســنة الثامنــة، العــدد الثــان . ٨٥م، ص ٢٠٠٠يوليو -هـ١٤٢١اآلخر

ــــى الســــجناء بإحــــد ٢( ى ) انظــــر: اإليــــداع فــــي الســــجن واألحــــوال األســــرية للســــجناء : دراســــة سوســــيولوجية علالمؤسســات العقابيـــة ، نـــاجي محمــد هـــالل ، مجلـــة البحــوث األمنيـــة ، كليـــة الملــك فهـــد األمنيـــة ،الريـــاض،

وما بعدها. كذلك انظر : ١٢٧م ، ص٢٠٠٣أكتوبر -هـ ١٤٢٤، شعبان ٢٥، عدد ١٣المجلد ، المجلـة الجنائيـة يـداآلثار االجتماعية للعقوبـات السـالبة للحريـة دراسـة ميدانيـة إحصـائية ، محمـد إبـراهيم ز -١

. ٣٤٨صم، ١٩٧٠،المركز القومي للبحوث االجتماعية والجنائية، ٣،العدد ١٣القاهرة، المجلد القومية،رية، المكتـــــــــــــب الجـــــــــــــامعي مجتمـــــــــــــع الســـــــــــــجن، دراســـــــــــــة انثروبولوجيـــــــــــــة، عبـــــــــــــد اهللا غـــــــــــــانم، اإلســـــــــــــكند -٢

. ٢٢٦م،ص١٩٨٥الحديث،وســــبل التطــــوير دراســــة اســــتطالعية آلراء المســــجونين ،ســــعيد الرعايــــة االجتماعيــــة فــــي الســــجون األهــــداف -٣

الغامـــدي، مركـــز أبحـــاث الجريمـــة ، وزارة الداخليـــة ، المملكـــة العربيـــة الســـعودية، الكتـــاب الســـنوي ، العـــدد . ٢٦م، ص ١٩٩٣األول،

٢١٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ثالثا: إفساد المسجونين:يشهد الواقع بأن السجون منتدى ألصحاب السوابق، ومركز متخصص إلعـداد عتـــاة المجـــرمين بـــدال مـــن أن يكـــون مكانـــا إلصـــالحهم وتهـــذيبهم. فالســـجون تضـــم فـــي

، هــول الفضــيحةمــن شــر أمرهــا و فالمجــرم المبتــدئ ذا الجــرم البســيط، الخــائأروقتهــا (وبين المعتاد الذي تفنن في علوم اإلجرام، وتمـرس علـى مختلـف أسـاليبها.

515F

واجتمـاع )١ هؤالء في صعيد واحد يؤدي إلى انتقال عدوى اإلجرام واستفحال أمرها.

النــزالء اإلجــرام والفــرار مــن " وفــي هــذه البيئــة تتجســد مــدارس رائعــة ليــتعلم فيهــا العقوبــات، وتتوطــد بيــنهم صــداقات، وتتوثــق عقــود واتفاقيــات، علــى االنتقــام مــن الهيئــة

(االجتماعية بعد االنصراف من السجن".516F

٢( مرتعـا للشـرور والمفاســد، –فـي كثيـر مـن الــدول –وهكـذا صـارت بيئـة الســجن

مـــن األحيـــان إلـــى محاضـــن وتغلبـــت ســـلبياتها علـــى إيجابياتهـــا، إذ تحولـــت فـــي كثيـــرلتفريخ اإلجرام، وبالتالي باتت تشكل خطرا ليس على النزالء فحسب بل على المجتمـع أيضـــا، رغـــم أن الـــدول المختلفـــة تحـــاول تلميـــع صـــورة هـــذه المؤسســـات ونعتهـــا بأنهـــا

(مؤسسات إصالح 517F

٣(. مؤسســات ومـا أحسـن مـا قيـل عنهــا: " إن هـذه الصـورة الورديـة التــي يـتم رسـمها لهـذه ال

تظل مجرد حلم يداعب أخيلة المصلحين وعلماء العقاب، فالفجوة جـدا شاسـعة، والهـوة (عميقة بين الواقع أو ما هو كائن وما ينبغي أن يكون".

518F

٤(

ا يتـيح انتقـال اختالط المحكوم عليه الجديد مع سجناء تمرسوا في حقل اإلجرام ممـ –) نوقشت هذه المشكلة ١(

عدوى اإلجرام ، في المـؤتمر الثـاني ، مـؤتمر األمـم المتحـدة لمكافحـة الجريمـة ومعاملـة المذنبين،لنـدن سـنة المؤتمر أنه من األفضل اللجوء إلى أحكام وقف التنفيـذ أو االختبـار القضـائي أو نظـام ىم ، وارتأ١٩٦٠

. انظـــر: الســـجون وسياســـة تطـــوير وظائفهـــا الحريـــة المشـــروطة أو اإليـــداع فـــي مؤسســـة عقابيـــة مفتوحـــة . ٥٨اإلصالحية ، علي محمد جعفر ،ص

.٩٥القاضي، ص ) عقوبة الجلد ، مختار٢(للحريـــة والبـــدائل المالئمـــة، موســـى ارحومـــة، مـــؤتمر حقـــوق اإلنســـان فـــي الشـــريعة ة) أزمـــة العقوبـــات الســـالب ٣(

) جمـادى ٢٠ – ١٩معة الزرقاء األهلية ، للفتـرة مـن (والقانون : التحديات والحلول ، الزرقاء، األردن، جا . ٩٠٧م ،ص ٢٠٠٢ -هـ ١٤٢٣م ، ٢٠٠١) آب ٩- ٨( -هـ١٤٢٢األولى

) السـجن كمؤسسـة اجتماعيـة دراسـة ألراء واتجاهـات المسجونين،مصــطفى عمـر التيـر، بيـروت ،معهـد اإلنمــاء ٤( . ٢٣م، ص١٩٨١العربي،

٢١٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

رابعا: الشذوذ الجنسي:

والـذين ال ةيتدنى المسـتوى األخالقـي لـبعض السـجناء الـذين يمكثـون مـدة طويلـلكبــت والعنــت الجنســي لطــول فتــرة المكــوث فــي الســجن، با نيتصــلون بزوجــاتهم، ويقتــر

ويفصــح الواقــع عــن انتشــار الســحاق بــين اإلنــاث، واللــواط بــين الــذكور، ويترتــب علــى ذلــك انتشــار األمــراض القاتلــة والمعديــة كاإليــدز والزهــري والســيالن، وال أدل علــى ذلــك

ها وتقتفـي آثارهـا فـي من الحال التي عليها المجتمعات الغربية والمجتمعات التي تحاكي الشرق.

: خامسا: انعدام قوة الردع

فرضت عقوبة السـجن أساسـا لـردع الجنـاة حتـى ال يعـودوا إلـى مقارفـة الجريمـة مرة أخرى، ولكن الواقع المعاش دلل على أنها لم تحقق الردع المقصـود مـن تشـريعها،

ولــو كانــت العقوبــة فالمســجون ال يكــاد يخــرج مــن ســجنه حتــى يعــود الرتكــاب الجريمــة رادعة لما عادوا لما عوقبوا عليه بهذه السرعة.

ففــي بريطانيــا يعاقــب الســارق علــى ســرقة مائــة ألــف رطــل بالســجن لمــدة ســتة " أشهر، يتوافر له خاللها المأكل والمشرب والملبس ووسائل الراحة، فـإذا قضـى العقوبـة

ه لـم يخسـر شـيئا بارتكابـه لهـذه وخرج من سجنه عائدا إلى منزله، فانه سيدور بخلده أنالجريمــة، بــل إنــه يعتبرهــا صــفقه رابحــة رخيصــة الــثمن. فقــد قضــى شــهوره الســتة آمنــا مطمئنـــا فـــي رغـــد مـــن العـــيش، وقـــد اكتســـب مائـــة ألـــف رطـــل لـــم يكـــن فـــي وســـعه إن يكتســبها لــو عمــل أجيــرا لمــدة عشــر ســنوات.. هــذا الشــعور ســوف يدفعــه إلــى ارتكــاب

)519F١(." جريمة جديدة

سادسا: قتل الشعور بالمسئولية:

. ٤٨ة وحقيقة ، نور الحق الرحماني ، ص ) العقوبات اإلسالمية بين دعاي ١(

٢١٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الســـجن المســـاجين علـــى عـــدم الشـــعور بالمســـئولية تجـــاه أنفســـهم عيـــدرب مجتمـــيعملـون للعـودة إليـه مـن نوأسرهم، ولذا يشـاهد أن الكثيـرين بمجـرد خـروجهم مـن السـج

جديد ألنهم ألفوه، وكرهوا حياة العمل والكد في المجتمع.

: ريمة وازديادهاسابعا: السجون عامل دافع للجللجريمــة.يقول محمــد –ال مــانع –ثبــت أن الســجون فــي حــد ذاتهــا عامــل دافــع

يخــرج منــه وقــد هأبــو زهــرة:" إن المجــرم إذا عوقــب بالســجن أمــدا طــال أو قصــر، فإنــاشـــتد أذاه، واســـتباح أمـــوال النـــاس وكـــرامتهم ودمـــائهم، ألن فـــي الســـجن تنهـــار آدميتـــه

(فينهار معها ضميره" 520F

١( . ـــه الجـــرائم، وتصـــيب كـــل مـــن ـــادر عـــودة:" إن الســـجن تنتشـــر في ـــد الق وقـــال عب

(فيه"521F

٢(.

: ثامنا: ازدياد سلطان المجرمين ونفوذهمإن كثيـــرا مـــن المجـــرمين إذا غـــادروا الســـجن اســـتغلوا جـــريمتهم الســـابقة إلخافـــة

الناس، وارهابهم، وفرض نوع من السلطان على الناس عبر ابتزاز أموالهم. داللـة علـى غا تقـدم مـن عيـوب يتضـح أن عقوبـة السـجن غيـر إنسـانية وأبلـومم

)522F٣( : ذلك الحقائق التالية

.وهـــو مـــا ردده المـــؤتمر الســـادس لألمـــم المتحـــدة والمنعقـــد بمدينـــة كاركـــاس ، ٢٢) العقوبـــة ، أبـــو زهـــرة ، ص ٢(

م، بقوله: إن السجون أصبحت بمثابة معاهد لتخريج المجرمين ، فهم يحيكون الجريمة فـي الـداخل ١٩٨٠هذا فضال عن اكتسـاب النـزالء لـبعض السـلوكيات الشـاذة ، رجـاال كـانوا أم نسـاء، ثم ينفذونها في الخارج ،

وغالبا ما تتعلق هذه السلوكيات بذواتهم بعد خروجهم من السجن ،وهو ما قـرره المـؤتمر السـابع فـي ميالنـو بالهامش. ١٦٩-١٦٨انظر: في الدفاع االجتماعي اإلسالمي ،البطراوي ،ص م. ١٩٨٥

.٧٣٦، ص ١يع الجنائي اإلسالمي ، عبد القادر عوده ، ج ) التشر ٣() العقوبات المقيدة للحرية وآثارها في حقوق اإلنسـان فـي الشـريعة والقـانون ، شـهرزاد النعيمـي ، أحـد البحـوث ١(

-١٩المقدمة لجامعة الزرقاء األهلية في مؤتمر حقوق اإلنسان فـي الشـريعة والقـانون التحـديات والحلـول ، .٩٦١-٩٥٦هـ ،ص ١٤٢٣، ١هـ ، ط١٤٢٢ادى األولي جم ٢٠

٢١٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

، وهـــذه الحريـــة مــن أهـــم الضـــرورات الالزمـــة الســجن عقوبـــة تقيـــد حريــة اإلنســـان أوال: لدوام كرامته وآدميته.

لشـيء الـذي يقول محمد عمارة:" بل إننا ال نغالي إذا قلنا إن اإلسالم يرى في الحريـة ايحقق معنى الحياة لإلنسان، فهي حياته الحقيقية، وبفقدها يموت حتـى لـو عـاش يأكـل ويشـرب، ويسـعى فـي األرض كمــا هـو حـال الـدواب واألنعــام. بـل إننـا إذا تأملنـا تشــريع القرآن الكريم " تحرير رقبة " ككفـارة عـن القتـل الخطـأ أدركنـا كيـف تسـاوت الحريـة فـي

ومـــن قتـــل مؤمنـــا خطـــأ فتحريـــر {ة، يقـــول اهللا ســـبحانه وتعـــالى : هـــذا التشـــريع بالحيـــا

. ففــــي مقابــــل إعــــدام حيــــاة إنســــان بالقتــــل، كــــون إحيــــاء ذات رقيقــــة )523F١(}رقبــــة مؤمنــــة

(بالحرية، ألن رقه يساوي موته، بينما تحريره هو الحياة.524F

٢( ل ال تقتصــر اآلثــار المترتبــة علــى حجــز الحريــة علــى وجــود المحكــوم عليــه داخــ ثانيــا:

السجن، بل تتعـداه إلـى وجـوده بعـد اإلفـراج عنـه، وذلـك عـن طريـق خلـق عوائـق ماديـة ومعنوية في نفس السجين، قد تكون من أخطر المحصالت الناتجـة عـن سـلبه حريتـه، فنظــرة المجتمـــع إليــه هـــي نظــرة دونيـــة، ومــن الصـــعوبة إيجــاد عمـــل يتعــايش منـــه ممـــا

ى، وكـأن العقوبـة الحقيقـة توقـع عليـه بعـد يعني عزله ودفعـه إلـى بيئـة منحرفـة مـرة أخـر (خروجه من السجن من المؤسسة العقابية.

525F

٣( ســـواء مـــن حيـــث تـــوفير فـــرص ، وهكـــذا نجـــد فـــي عقوبـــة الســـجن إن المجتمـــع يرفضـــه

العمــل لــه، أو اآلثــار النفســية المتالحقــة لــه ولذويــه، وهــذه اآلثــار تالفتهــا عقوبــة الجلــد المجــرم لعملــه دســتغرق وقتــا يكفــي للفضــيحة، ويعــو التــي توقــع عليــه، ألن تنفيــذها ال ي

وأسرته، وال يحتقره أحد، ألنه قد ال يعلم من أمره شيئا.

٩٢سورة النساء ، اآلية ) ٢(

م ، ١٩٨٩هــ، ١٤٠٩ار الشـروق ، ) اإلسالم وحقوق اإلنسان ضـرورات ال حقـوق ، محمـد عمـارة ، القـاهرة، د٣( .٨١ص

P.J، نقــــال عــــن ٥٥-٥٤) الســــجون وسياســــة تطــــوير وظائفهــــا اإلصــــالحية، علــــي محمــــد جعفــــر ، ص ٤(

Fitzgerald criminal law punishment London ، ١٩٦٢.P ٢٤٤

٢١٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

أن ســـحب وصـــف الجريمـــة علـــى مرتكبيهـــا بعـــد تنفيـــذ عقوبـــة الســـجن والمتمثلـــة ثالثـــا:باتخــاذ التــدابير االحترازيــة المقيــدة للحريــة والمانعــة مــن الحقــوق وان كــان مؤشــرا علــى

عقوبــــة الســــجن فــــي تحقيــــق أهـــــدافها إال أن فيهــــا ســــببا فــــي رفــــض المجتمـــــع إخفــــاق للمسجون المفرج عنه، وبالتالي يترتب عليه حقد المسجون على مجتمعه.

فـــي –علـــى تعــددهم واخـــتالف ظـــروفهم -عقوبــة الســـجن الجنـــاة فـــي يســتوي رابعـــا:مـرة وبـين متفـنن السـقطة فارتكـب الجريمـة ألول هالعقاب، إذ ال فرق بين من كانت منـ

فــي اإلجــرام متمــرس فــي ارتكابــه، وبالتــالي يبعــد هــذه العقوبــة عــن تحقيــق أهــم أهــدافها تحقيق العدالة. ووه

وهذه الحقيقة سبق أن أصلها ابن القـيم بقولـه : " إن التسـوية فـي العقوبـات مـع فإنـه إن سـاوى بيـنهم فـي تفاوت الجرائم غيـر مستحسـن بـل منـاف للحكمـة والمصـلحة،

أدنـى العقوبــات لــم تحصــل مصــلحة الزجــر، وان سـاوى بينهــا فــي أعظمهــا كــان خــالف (الرحمة والحكمة ".

526F

١( المعضـــلة وهـــذه الحكمـــة تؤكـــدها آمـــال عبـــد الـــرحيم عثمـــان التـــي تعكـــس بحـــق

الكبـــرى التـــي مـــا زالـــت تواجـــه أقطـــاب علـــم العقـــاب والمتمثلـــة فـــي الجمـــع بـــين أهـــداف وبــة المناســبة لكــل جريمــة مــن األمــور الدقيقــة، إذ لــيس العقوبــة. فــالواقع أن تحديــد العق

هنــاك قواعــد أو معــايير توجــه المشــرع فــي هــذا الصــدد، فيتوقــف تحديــد العقوبــة علــى مالخبـــرات العامـــة وتقـــدير المشـــرع لجســـامة الضـــرر النـــاتج عـــن الجريمـــة، فـــالمنع العـــا

أو فــي مــدتها كغــرض تســعى إليــه العقوبــة يــدفع المشــرع إلــى تشــديد العقوبــة فــي نوعهــاحتــى تحــدث أثرهــا فــي إمكــان قهــر الــدافع الشخصــي نحــو الجريمــة، والشــعور بالعدالــة

ن يقـــف تحديـــده للعقوبـــة الواجبـــة التطبيـــق عنـــد حـــد معـــين، فالتهديـــد أعـــام إلـــى بوجـــه عنـــد تطبيـــق ةواإلرهـــاب والتخويـــف يتطلـــب شـــدة فـــي العقوبـــة، بينمـــا يلـــزم تـــوافر العدالـــ

(توفيق بين الطرفين.العقوبة ومن الصعوبة ال527F

٢( عرضــة لالنهيــار والضـــياع، فاألســرة، يتنــافى مجتمــع الســجن مـــع اإلنســانية خامســا:

ويكــون الســجين عرضــة لالضــطرابات الذهنيـــة تــارة والهيــاج والعنــف والميــل لالنتحـــار

.١٩، ص ٢) إعالم الموقعين ، ابن قيم الجوزية ، ج ١( .٢٣٧) النظريات المعاصرة للعقوبة ، آمال عبد الرحيم عثمان ، ص ١(

٢١٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

(تــارة أخــرى، والســجن يكــدس أعــدادا هائلــة فــي أمــاكن ضــيقة.528F

. وكــم ســمعنا مســجونا ) ١ه فــي هــذه األجــواء الموبــوءة صــحيا وأخالقيــا.. فــأين اإلنســانية فــي ذلــك ألول مــرة زج بــ

؟؟ونخلص مما سبق إلى عجز الفكـر الجنـائي الوضـعي عـن إيجـاد عقوبـة تحقـق مقصــــودها بــــالردع والزجــــر والعدالــــة، وتجســــد الجوانــــب اإلصــــالحية والتربويــــة إلعــــادة

يتطلـــب العـــودة للعقوبـــات تأهيـــل المـــذنبين دون أن تفـــرط فـــي إنســـانيتهم، األمـــر الـــذيالشرعية ألنها جزء من هداية الوحي اإللهـي القـائم علـى العلـم التـام غيـر القابـل للخطـأ بـــالنفس البشـــرية وغرائزهـــا ومـــواطن ضـــعفها، ولكونهـــا منســـجمة مـــع طبيعـــة اإلنســـان،

ومقابلة تماما للدوافع النفسية الدافعة للجريمة. هــــذا إال لغيبــــة الســــجن فــــي محاربــــة اإلجــــرام ومــــا الفشــــل الــــذريع الــــذي حــــاق بعقوبــــة

الجانب!!

ـــة ) نـــوقش موضـــوع ازدحـــام الســـجون فـــي المـــؤتمر الـــدولي الســـابع لألمـــم المتحـــدة لمكافحـــة الج٢( ريمـــة ومعامل

هــا اإلصــالحية ،علــي وسياســة تطــوير وظائف نم،انظــر: الســجو ١٩٨٥المــذنبين الــذي عقــد فــي ميالنــو ســنة .٦٠ص محمد جعفر،

٢٢٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

الخاتمة تتضمن النتائج والتوصيات :

أوال : النتائج :أن العقوبــة هــي " الجــزاء الــذي يســتحقه الجــاني نظيــر مــا اقتــرف مــن معصــية .١

لغيره ". ألوامر الشارع ونواهيه، زجرا له وردعا أن العقــاب فــي التشــريع اإلســالمي يقــوم علــى مبــادئ أساســية، أهمهــا: شــرعية .٢

العقوبة، شخصية العقوبة، عمومية العقوبة، تفريد العقوبة.

نظــر اإلســالم إلــى الجــنس نظــرة متوازنــة تقــوم علــى إشــباع الغريــزة بضــوابط .٣ الشرع لتحقيق العمارة ، واالستخالف في األرض.

إلســالم الوقــائي مــن جريمــة الزنــا علــى: ســد المنافــذ المؤديــة إليــه، يقــوم مــنهج ا .٤وتقـــــديم البـــــدائل المغنيـــــة عنـــــه. وذلـــــك بتحصـــــين المســـــلم بالعقيـــــدة اإلســـــالمية، وترغيبــه فــي الــزواج وتيســير أبوابــه، واألمــر بغــض البصــر، وحظــر المهيجــات

ر المـــرأة الجنســـية، والنهـــي عمـــا يوصـــل إلـــى الزنـــا مـــن: الخلـــوة باألجنبيـــة، وســـفــــــة ــــــالقول فــــــي مخاطب ــــــة، وخضــــــوعها ب دون محــــــرم، وخروجهــــــا متطيبــــــة متزيناألجانــب، واالخــتالط بــين الجنســين، والمفــاخرة بالجمــاع. كمــا وجــه األمــة إلــى فريضة األمر بالمعروف والنهي عـن المنكـر، وشـدد فـي العقـاب الحـدي تحقيقـا

لوظيفة الردع.

نــه ســبب لنــزول غضــب اهللا عــز حرمــت الشــريعة الزنــا وشــددت فــي عقوبتــه أل .٥ض لألسـس وجل، وهو مجمع خالل الشـر كلهـا، ومـورث للفقـر والحاجـة، ومقـوــــــى اخــــــتالط ــــــة للمجتمــــــع المســــــلم، ومــــــؤد إل االجتماعيــــــة واالقتصــــــادية والخلقي

األنساب، وزيادة معدالت الجريمة.

م، حــرم الشــارع القــذف، وعاقــب عليــه، منعــا لشــيوع الفاحشــة فــي المجتمــع المســل .٦وحفظا لعرض اإلنسان وصونا لكرامته، وحماية لألفـراد مـن آالم الشـك والقلـق،

وألنه مفض إلى المخاصمة والمقاتلة.

حرم اهللا الخمر، وأغلظ في العقوبة عليه، صونا للعقل الذي هو منـاط التكليـف .٧

٢٢١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

من الفساد، وألنه موقع للعداوة والبغضـاء بـين المسـلمين، وصـاد عـن ذكـر اهللا، وصـــارف لمتعاطيــــه عــــن واقـــع الحيــــاة إلــــى تخرصـــات الخيــــال، ومفكــــك لعــــرى األســرة، ومضــعف لــوازع الخلــق والــدين، ومفــن لثــروات األفــراد واألمــم، مــع مــا

يستنزله من غضب اهللا عز وجل على شاربه.

ـــــا .٨ ـــــات الشـــــارع مـــــن األحكـــــام الشـــــرعية، تحقيق المقاصـــــد الشـــــرعية هـــــي : غاي لح العباد في المعاش والمعاد.للعبودية، وتقريرا لمصا

مــن أجــل مقاصــد الشــريعة مــن إيقــاع عقوبــة الجلــد علــى الزانــي غيــر المحصــن .٩والقاذف وشارب الخمر: الـــردع والزجــر، واقرار العدالة والمساواة في المجتمـع، وتحقيــق مقاصــد الشــريعة بحفــظ العقــل والنســل، وحفــظ نظــام المجتمــع، وحمايــة

يب الجـاني وتطهيـره، وتحقيـق السـعادة للعبـاد فـي المعـاش حقوق اإلنسان، وتهذوالمعاد، وتطهير المجتمـع مـن الرذائـل وحمايـة الفضـائل، وتمكـين الفـرد المسـلم من مشاهدة صورة حيه واقعية تطبيقيه للمجتمع اإلسالمي، والتطـابق التـام بـين

عليـه، شـفاء غـيظ المجنـي، وتوطيد األمـن واسـتتباب دعائمه،و الجريمة والعقوبة الرحمة باألمة. و طبيعة اإلنسان ونفسيته، ةمراعاو

اعتمـــاد التشـــريع الجنـــائي اإلســـالمي فـــي تنفيـــذ عقوبـــة الجلـــد علـــى العديـــد مـــن .١٠الضـــمانات التـــي تكفـــل العدالـــة فـــي التطبيـــق، وتحـــول دون الجـــور فـــي التنفيـــذ،

ل سواء فـي آلـة الجلـد أو طريقتـه، أو مواضـعه مـن البـدن، أو هيئـة المجلـود حـا الجلد.

للمميــزات التــي انقســم رأي مفكــري القــانون المعاصــرين إلــى مؤيــد لعقوبــة الجلــد .١١، ومعــارض لهــا باعتبارهــا عقوبــة بدنيــة مؤلمــة تحــط بالكرامــة، ورغــم د بهــافــر تن

ذلك لم تخل بعض القوانين الوضعية من تشريعها، بـل إنهـا ذات تواجـد واضـح ـــرا مـــا تطبـــق بصـــور متجـــاوزة فـــي الســـجون والمعـــتقالت كوســـيلة تأديبيـــة، و كثي

للكرامة اآلدمية، دون الضوابط الشرعية السامية لعقوبة الجلد في اإلسالم.

يالحــظ فــي المواثيــق الدوليــة أنهــا اعتمــدت صــياغة عامــة، للمبــادئ التــي يمكــن .١٢أن تتفــق عليهــا غالــب األمــم والشــعوب. وهــو تعمــيم قابــل الخــتالف التــأويالت،

الت مــــن تحيــــزات إنســــانية ال يســــلم منهــــا اإلنســــان مــــع مــــا يشــــوب تلــــك التــــأوي

٢٢٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

بطبعه.

يعاني واقع العقوبات المقـررة مـن ثنائيـة بـين مثاليـات التشـريع ووقـائع التطبيـق. .١٣إذ يتبين بمراجعة تقارير هيئات حقـوق اإلنسـان أن الـدول المتقدمـة التـي تتشـدد

ضــا فــي فــي تقــديم صــور مثاليــة لتشــريعات عقابيــة إنســانية هــي دول متقدمــة أيممارسات القمع والتعذيب، سواء لـبعض فئـات مجتمعاتهـا أو لمجتمعـات الـدول

األخرى.

زيف الشبه المثارة حـول عقوبـة الجلـد، مـن قـدمها، وقسـوتها، واهـدارها للكرامـة، .١٤وتــــدخلها فــــي الحريــــة الشخصــــية، وقلــــة فعاليتهــــا فــــي إصــــالح الجــــاني، وعــــدم

مراعاتها لحاجات المجرم النفسية.

عقوبة الجلد بمرونتها وشخصيتها ومساواتها واقتصاديتها، وردعها. تفرد .١٥

تميــز عقوبــة الجلــد علــى عقوبــة الغرامــة لتعــارض األخيــرة مــع مبــدأ الشخصــية .١٦ والمساواة، وانتفاء صفة اليقينية، وضعف ردعها للمجرم.

ـــد علـــى عقوبـــة الســـجن، ألن العقوبـــة األخيـــرة مرهقـــة لخزانـــة .١٧ تميـــز عقوبـــة الجلومعطلة لإلنتاج، ومتعدية في أثرها إلى أسرة المسـجون، ومفسـدة لخلـق الدولة،

بكثـرة االحتكـاك –المساجين، وهي بيئة مساعدة على الشذوذ الجنسي، ودافعة إلــى اكتســاب أخــالق إجراميــة. مــع مــا تمثلــه مــن قيــد علــى حريــة –بــالمجرمين

فسـي وسـمعته اإلنسان، وتعطيل لحياتـه، ومـا تتركـه مـن تشـوهات علـى بنائـه الن االجتماعية بعد خروجه منه.

٢٢٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ثانيا:التوصيات: الباحث بما يلي: ييوص

اعتنــــاء البــــاحثين بتقــــديم التشــــريع اإلســــالمي فــــي صــــورته المتكاملــــة إلــــى العقــــل -١ ، معتــزين بمــا لــه مــن أثــر، ومتعــالين علــى مــا يثيــره اآلخــرون مــن اإلنســاني العــام

شبهات.ن ل ماو د ت سفاسف، ومفندين ما ي تبني المؤسسات البحثية، واألجهـزة المعنيـة داخـل المملكـة العربيـة السـعودية حملـة -٢

أنظار الدول في أنحاء العالم إلى نظام العقوبات اإلسالمية كبـديل هعالمية، بتوجي للعقوبات الوضعية الذي ثبت فشلها.

الغرامة.التوسع في تقرير العقوبات البدنية كبديل عن عقوبتي السجن و -٣االســتفادة مــن عقوبــة الجلــد فــي مجــال اإلرهــاب، والمخــدرات، والجريمــة المنظمــة، -٤

لإلسهام في تحقيق الردع العام والخاص في هذه الجرائم . وغسيل األموالتوجيـــه تأويــــل المواثيــــق الدوليــــة بمــــا ال يتنـــافى مــــع التشــــريع اإلســــالمي للعقوبــــة ، -٥

بالبـدائل اإلسالمية ، لما لها من نتائج مميـزة مقارنـة واالعتزاز بالتشريعات العقابية الوضعية المطروحة

بالرغم من صدور التشريعات والضمانات القانونية الخاصة باالعتراف بحقوق -٦، حتى يمكن التأكد من ، ومراعاة تطبيقها ، فإن األمر يتطلب مراقبتها اإلنسان

أن حقوق اإلنسان مصانة.، والبــدء فــي مبــدأ اإلعــالن عــن عقوبــة الجلــد عقــب الحكــم بهــاضــرورة االهتمــام ب -٧

خاصــــة التــــي تمثــــل قــــدرا مــــن الخطــــورة ، الكافــــة بهــــا م، واعــــال إجــــراءات تنفيــــذها اإلجرامية.

يوصي الباحث بدراسة الموضوعات التالية: -٨ اآلثار النفسية للعقوبات البدنية في الحد من الجريمة مقارنة بالعقوبات البديلة. -أ

اآلثار النفسية واالجتماعية لعقوبة السجن " دراسة نقدية ". -ب أثر الزنا على التكوين النفسي لألفراد. - ج حقوق اإلنسان في المواثيق الدولية بين النظريات والتطبيق. -د

٢٢٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

وآخر دعوانا أن الحمد هللا رب العالمين .

٢٢٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المصادر والمراجع القران وعلومه:

حمــــد بــــن علــــي الـــرازي الجصــــاص، تحقيــــق: محمــــد و بكـــر أ، أبــــأحكـــام القــــرآن )١ . الصادق قمحاوي، بيروت، دار إحياء التراث العربي

:، تحقيـــقبـــن عبـــد اهللا المعـــروف بـــابن العربـــي، أبـــو بكـــر محمـــد أحكـــام القـــرآن )٢ .هـ١٣٨٧الحلبي، ، مطبوعات عيسى البابيمحمد على البجاوي، القاهرة

و ، أبـــإلــى مزايــا الكتـــاب الكــريم " لســـليمتفســير أبــي الســـعود أو " إرشــاد العقــل ا )٣عبـــد القـــادر أحمـــد عطـــا، طبـــع :، تحقيـــقالســـعود بـــن محمـــد العمـــادي الحنفـــي

. مطبعة السعادة، نشر مكتبة الرياض الحديثة، محمــد جمــال الــدين القاســـمي، قاســمي، المســمى " محاســن التأويــل "تفســير ال )٤

هـ.١٣٧٨، لعربيةدار إحياء الكتب ا ،محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت :تحقيق، ل بـن عمـر بـن كثيـر القرشـي الدمشـقي، أبـو الفـداء إسـماعيتفسيرالقرآن العظيم )٥

-هــــ ١٤٢٠ســـامي بـــن محمـــد الســـالمة، دار طيبـــة، الطبعـــة الثانيـــة، :تحقيـــق .م١٩٩٩

مفــاتيح الغيــب "، أبــو بكــر الــرازي، القــاهرة، مطبعــة التفســير الكبيــر المســمى " )٦ . هـ ١٣٥٧الهيئة المصرية،

ء التـراث العربـي. سير المراغي، أحمد مصطفى المراغي ، مصر ، دار إحياتف )٧ م ١٩٨٥، الطبعة الثانية

، ، بيــروتبــن عبــد الســالم بــن تيميــة ، أحمــد بــن عبــد الحلــيمتفســير ســورة النــور )٨ .هـ ١٤٠٤دار الكتب العلمية،

محمــــــــد عاصــــــــم :تعريــــــــب المــــــــودودي،تفســـــــير ســــــــورة النــــــــور، أبــــــــو األعلــــــــى )٩ م.١٩٥٩-هـ١٣٧٨ار الفكر،،القاهرة،دالحداد

ريم الـــــرحمن فـــــي تفســـــير كـــــالم المنـــــان، عبـــــد الـــــرحمن بـــــن ناصـــــر تيســـــير الكـــــ )١٠ م ١٩٨٨-هـ ١٤٠٨ار، جدة، دار المدني،محمد زهري النج:تحقيقالسعدي،

بــــن أحمــــد األنصــــاري القرطبــــي، الجــــامع ألحكــــام القــــرآن، أبــــو عبــــد اهللا محمــــد )١١ م. ٢٠٠٣-هـ١٤٢٣، الكتبلرياض، دار عالم ، اتحقيق: عبدالرازق المهدي

العربــي للطباعــة والنشــر والتوزيــع، ، دارفــي ظــالل القــرآن، ســيد قطــب، بيــروت )١٢ .الطبعة الرابعة

٢٢٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

مراجع السنة وعلومها :

لســبيل، محمــد ناصــر الــدين األلبــاني، رواء الغليــل فــي تخــريج أحاديــث منــار اإ )١٣ م.١٩٨٥ -هـ ١٤٠٥، الطبعة الثانية ، بيروت، المكتب اإلسالم

الســعادات المبــارك بــن مجــد الــدين أبــو، جــامع األصــول فــي أحاديــث الرســول )١٤عبد القـادر االرنـاؤوط. نشـر وتوزيـع مكتبـة :، تحقيقمحمد ابن األثير الجزري

الحلواني.

ـــدين أبـــى بكـــر األ، غير فـــي أحاديـــث البشـــير النـــذيرالجـــامع الصـــ )١٥ مـــام جـــالل ال، مكــــــة احمــــــد البـــــار الســـــيوطي، دار الكتـــــب العلميــــــة، بيـــــروت، توزيع:عبـــــاس

المكرمة.

لحــافظ أبـي عبــد اهللا محمـد بــن يزيـد، موســوعة السـنة: الكتــب ، لسـنن ابــن ماجـه )١٦ار سـحنون، الطبعـة ، دمحمد فؤاد عبـد البـاقي، تـونس :، تحقيقالستة وشروحها

.هـ١٤١٣الثانية، عـــزت الـــدعاس ، :ســـنن أبـــي داود ، أبـــو داود ســـليمان بـــن األشـــعث ، تحقيـــق )١٧

م .١٩٩٢ -هـ ١٤١٣ون ، الطبعة الثانية ، تونس ، دار سحنســـنن الترمـــذي ، أبـــو عيســـى محمـــد بـــن عيســـى بـــن ســـورة ، تحقيـــق : إبـــراهيم )١٨

، لســتة وشــروحها ، تــونس ، دار ســحنونعطــوة عوض،موســوعة الســنة،الكتب ا م .١٩٩٢ -هـ ١٤١٣الطبعة الثانية ،

ر أحمــــــد بــــــن الحســــــين بــــــن علــــــي البيهقــــــي،، اإلمــــــام أبــــــو بكــــــالســــــنن الكبــــــرى )١٩، دار وبحواشيه تعليقات ابن التركماني، بيـروت محمد عبد القادر عطا،:تحقيق

م .١٩٩٤ -هـ ١٤١٤الكتب العلمية ، ســنن النســائي بشــرح الحــافظ جــالل الــدين الســيوطي وحاشــية اإلمــام الســندي ، )٢٠

: ار البشـائر اإلسـالمية) ، ( دمشـقعبد الفتـاح أبـو غـده ، (بيـروت : د:تحقيق . هـ١٤٠٩إلسالمية) ، الطبعة الثانية ، مكتب المطبوعات ا

صــحيح البخــاري ، لإلمــام أبــي عبــداهللا محمــد بــن إســماعيل البخــاري الجعفــي ، )٢١ -هــــ ١٤٠١بيـــروت : دار القلـــم ، –تحقيـــق : مصـــطفى ديـــب البغـــا ، دمشـــق

٢٢٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

م. ١٩٨١صــحيح مســلم ، لإلمــام أبــي الحســين مســلم بــن الحجــاج القشــيري النيســابوري ، )٢٢

د عبـــــدالباقي ، الســـــعودية ، رئاســـــة إدارة البحـــــوث العلميـــــة محمـــــد فـــــؤا :تحقيـــــق م .١٩٨٠ -هـ ١٤٠٠واإلفتاء والدعوة واإلرشاد ،

الكتـاب المصـنف فــي األحاديـث واآلثـار ، أبــو بكـر عبـد اهللا بــن محمـد بـن أبــي )٢٣، الدار السلفية ، توزيـع : الريـاض مختار أحمد الندوي، الهند ، :شيبة ، تحقيق

هـ .١٤٠١العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد ، رئاسة إدارة البحوث

حبيــــب : أبــــو بكــــر عبــــد الــــرزاق بــــن همــــام الصــــنعاني ، تحقيــــق ، المصــــنف )٢٤ الـــــــرحمن األعظمـــــــي ، بيـــــــروت ، المجلـــــــس العلمـــــــي، المكتـــــــب اإلســــــــالمي ،

م.١٩٧٢-هـ١٣٩٢

المســــتدرك علــــى الصــــحيحين ، للحــــاكم النيســــابوي ، تحقيــــق : مصــــطفى عبــــد )٢٥ م.١٩٩٠هـ ، ١٤١١روت ، دار الكتب العليمة ، القادر عطا ، بي

موطـــــأ مالـــــك ، روايـــــة محمـــــد بـــــن حســـــن الشـــــيباني ، تحقيـــــق : عبـــــد الوهـــــاب )٢٦، ة، الطبعــة الســابعةعبــداللطيف ، القــاهرة، المجلــس األعلــى للشــؤون اإلســالمي

م. ٢٠٠١-هـ ١٤٢٢ أصول الفقه والمقاصد والقواعد :

أبـو الحسـن علـي بـن أبـي علـي بــن اإلحكـام فـي أصـول األحكـام ، سـيف الـدين )٢٧عبــد اهللا بــن غــديان ، :عبــد الــرزاق عفيفــي ، وتحقيــق :محمــد اآلمــدي ، بتعليــق

هـ ، الرياض ، مؤسسة النور . ١٣٨٧علي الصالحي ،

البحـــر المحـــيط فـــي أصـــول الفقـــه ، بـــدر الـــدين محمـــد بـــن بهـــادر بـــن عبـــداهللا )٢٨عبـدالقادر عبـداهللا : اجعه ور ، الشافعي ، تحقيق عبد الستار أبو غده الزركشي

، الطبعــة الثانيــة العــاني ، طبــع وزارة األوقــاف والشــؤون اإلســالمية بالكويــت ، . م ١٩٩٢ -هـ ١٤١٣

، مـام الكمـال بـن الهمــامالتقريـر والتحبيـر شـرح ابــن أميـر الحـاج علـى تحريــر اإل )٢٩، وي المســمى " نهايــة الســول " بيــروتوبهامشــه شــرح اإلمــام جمــال الــدين األســن

م . ١٩٨٣ -هـ ١٤٠٢ار الكتب العلمية ، الطبعة الثانية ، د

٢٢٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

االجتهــــاد المقاصــــدي : حجيتــــه ، ضـــــوابطه ، مجاالتــــه ، نــــور الــــدين مختـــــار )٣٠ م .١٩٨٨، ٦٦عدد ،كتاب األمة ،الخادمي ، قطر

الشـــاطبي ومقاصـــد الشـــريعة ، حمـــاد العبيـــدي ، بيـــروت ، دار قتيبـــة للطباعـــة )٣١ هـ . ١٤١٢والنشر ،

صـــــلحة فـــــي الشـــــريعة اإلســـــالمية،محمد ســـــعيد رمضـــــان البـــــوطي، ضـــــوابط الم )٣٢ مؤسسة الرسالة،نشر الشركة المتحدة للتوزيع.،بيروت

الفــــروق ، لشــــهاب الـــــدين أبــــي العبــــاس أحمـــــد بــــن إدريــــس بـــــن عبــــد الـــــرحمن )٣٣ ،الصــنهاجي المشــهور بــالقرافي ، وبحاشــيته إدرار الشــروق علــى أنــواء الفــروق

م .٢٠٠٣-هـ١٤٢٤ ،مؤسسة الرسالة بيروت، ،عمر حسن القيام :تحقيق

عبـد العزيـز عبـد اهللا محمـد عـز الـدين بـن قواعد األحكام في مصالح األنـام، أبو )٣٤طــه عبــد الــرؤوف ســعد ، القــاهرة ، أم القــرى :، تحقيــقبــن عبــد الســالم الســلمي

للطباعة والنشر ، توزيع مكتبة ابن تيمية .

:مــد الغزالــي ، تحقيــقالمستصــفى مــن علــم األصــول ، أبــو حامــد محمــد بــن مح )٣٥ حمزة بن زهير حافظ ، جدة ، شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر .

الموافقــــات ، أبــــو إســــحاق إبــــراهيم بــــن موســــى اللخمــــي الغرنــــاطي الشــــاطبي ، )٣٦دار ابـــــن عفـــــان للنشـــــر ،مان أبـــــو عبيـــــدة مشـــــهور بـــــن حســـــن آل ســـــل :تحقيـــــق م .١٩٩٧ -هـ١٤١٧، المملكة العربية السعودية ، والتوزيع

المقاصــد الشــرعية تعريفهــا أمثلتهــا حجيتهــا ،نــور الــدين بــن مختــار الخــادمي ، )٣٧ هـ . ١٤٢٤دار أشبيليا للنشر والتوزيع ، ،الرياض

، الشـــركة مية، محمـــد بـــن الطـــاهر بـــن عاشـــور، تـــونسمقاصـــد الشـــريعة اإلســـال )٣٨ التونسية للتوزيع.

ـــد بـــن محمـــد الرمـــاني، الريـــاض )٣٩ دار الغيـــث، ، مقاصـــد الشـــريعة اإلســـالمية، زي

هـ .١٤١٥

الل الفاســـــــــي ، دار الغـــــــــرب مقاصـــــــــد الشـــــــــريعة اإلســـــــــالمية ومكارمهـــــــــا، عـــــــــ )٤٠ م . ١٩٩٣،الطبعة الخامسة ،اإلسالمي

٢٢٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

محمـد الطـاهر الميسـاوي ، دار :تحقيـق ودراسـة ،مقاصد الشريعة البن عاشور )٤١ م . ١٩٩٩هـ ١٤٢٠الفجر،

الريـــاض ، الـــدار نظريـــة المقاصـــد عنـــد اإلمـــام الشـــاطبي ، أحمـــد الريســـوني ، )٤٢ هـ.١٤١٢العالمية للكتاب اإلسالمي، الطبعة الثانية ،

، سـالم مـدكور، مصـر ،الطبعـة الثانيـةنظرية اإلباحـة عنـد األصـوليين ، محمـد )٤٣ م . ١٩٦٠

الفقه المذهبي : الفقه الحنفي: -١

االختيار لتعليـل المختـار ، عبـد اهللا بـن محمـود بـن مـودود الموصـلي الحنفـي ، )٤٤ -هـــــ ١٣٩٥حمــــود أبــــو دقيقــــة،بيروت،دار المعرفة،الطبعــــة الثالثــــة، : تعليــــق م.١٩٧٥

البحــر الرائــق شــرح كنــز الــدقائق ، زيــن الــدين بــن إبــراهيم بــن محمــد المعــروف )٤٥ بابن نجيم المصري الحنفي، بيروت ، دار الكتب العلمية .

، بدائع الصنائع فـي ترتيـب الشـرائع ، أبـو بكـر بـن مسـعود بـن احمـد الكاسـاني )٤٦ م .١٩٨٦دار الكتب العلمية ، ،بيروت

التعريفات ، الشريف علـي بـن محمـد الجرجـاني ، بيـروت ، دار الكتـب العلميـة )٤٧ م .١٩٨٣ -هـ ١٤٠٣،

تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ، فخر الدين عثمـان بـن علـي الزيلعـي الحنفـي )٤٨اإلسـالمية ، وبهامشه حاشية شهاب الدين أحمد الشلبي، القـاهرة ، دار الكتـاب

م.١٩٧٥ -هـ ١٣٩٥، مطابع الفاروق ، الطبعة الثانية ، ، دين أحمـد بـن سـليمان بـن كمـال باشـاتعليم األمر في تحريم الخمر ، شمس ال )٤٩

أ) ١١ –ب ٣/م ، ق ٤٨٦١مخطوط بجامعة الملك سعود،برقم ( ،الرياضــــن محمــــد بــــن إســــماعيل )٥٠ ــــدر المختــــار ، أحمــــد ب حاشــــية الطحطــــاوي علــــى ال

هـ. ١٣٩٥ر المعرفة للطباعة والنشر ، طاوي الحنفي،بيروت،لبنان ، داالطح

٢٣٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

، كمــال الــدين بــن محمــد بــن عبــد الواحــد السيواســي المعــروف بــابن فــتح القــدير )٥١ م .١٩٧٠ -هـ ١٣٨٩الهمام الحنفي،مصر،مصطفى البابي الحلبي وأوالده ،

مختصـــــر الطحـــــاوي ، ألحمـــــد بـــــن محمـــــد الطحـــــاوي ، تحقيـــــق : أبـــــى الوفـــــاء )٥٢ هـ .١٣٧٠األفغاني ، القاهرة، مطبعة دار الكتاب العربي ،

، اختصـــار حمـــد بـــن محمـــد بـــن إســـالم الطحـــاويأ، مختصـــر اخـــتالف العلمـــاء )٥٣عبـداهللا نـذير أحمـد، دار البشـائر اإلسـالمية، :أحمد بن علـي الجسـاس، تحقيـق

م.١٩٩٦ -هـ١٤١٧، بيروت، الطبعة الثانية

ــــن ســــهل السر )٥٤ ــــن أحمــــد ب ــــة المبســــوط ، محمــــد ب ــــروت ، دار المعرف خســــي ، بي هـ .١٣٩٨للطباعة والنشر، الطبعة الثالثة ،

الفقه المالكي : :ونهايــة المقتصــد ، محمــد بــن أحمــد بــن رشــد الحفيــد ، تحقيــقبدايــة المجتهــد )٥٥

هـ .١٤١٥محمد صبيحي حسن حالق ، القاهرة ، مكتبة ابن تيمية ،

ســميع اآلبــي األزهــري، جــواهر اإلكليــل شــرح مختصــر خليــل، صــالح بــن عبــد ال )٥٦ . دار المعرفة ،بيروت

، علـى شـرح المحلـى علـى جمـع الجوامـع، محمـد البنـاني، مصـر حاشية البنـاني )٥٧ دار إحياء الكتب العربية.

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، الدسوقي، بيروت ، دار الفكر . )٥٨

شــرح الزرقــاني علــى مختصــر ســيدي خليــل لســيدي عبــد البــاقي الزرقــاني علــى )٥٩مختصـــر اإلمـــام أبـــي الضـــياء ســـيدي خليـــل ، وبهامشـــه حاشـــية ســـيدي محمـــد

م . ١٩٧٨ -هـ ١٣٩٨البناني ، بيروت ، دار الفكر ، شرح حدود ابـن عرفـة ، الموسـوم " الهدايـة الكافيـة الشـافية لبيـان حقـائق اإلمـام )٦٠

ابن عرفة الوافية " أبو عبد هللا محمد األنصاري الرصاع ، تحقيـق : محمـد أبـو جفان والطاهر المعموري ، لبنان ، دار الغرب اإلسالمي . األ

:، يوسـف بـن عبـدالبر القرطبـي ، تحقيـق الكـافي فـي فقـه أهـل المدينـة المـالكي )٦١ـــــد ماديـــــك الموريتـــــاني، الريـــــاض، مكتبـــــة الريـــــاض الحديثـــــة ، محمـــــد أمـــــين ول

م.١٩٧٨-هـ ١٣٩٨

٢٣١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

المدونة الكبرى ، سحنون بن سعيد ، بيروت ، دار الفكر . )٦٢ـــــق )٦٣ ـــــن أنس،تحقي ـــــك ب ـــــد الباقي،مصـــــ :الموطأ،األمـــــام مال ،دار رمحمـــــد فـــــؤاد عب

الحديث.

المقــدمات الممهــدات لبيــان مــا اقتضــته رســوم المدونــة مــن األحكــام والشــرعيات )٦٤والتحصــيالت المحكمــات ألمهـــات مســائلها المشــكالت ، أبـــو الوليــد محمــد بـــن

ـــــي ، تحقيـــــق ـــــن رشـــــد القرطب ـــــروت ، دار :أحمـــــد ب الغـــــرب محمـــــد حجـــــي ، بي م .١٩٨٨-هـ ١٤٠٨اإلسالمي ،

الفقه الشافعي:

، بـن محمـد بـن حبيـب البصـري المـاورديأدب الدنيا والدين ، أبو الحسـن علـي )٦٥ــــة ، الطبعــــة الرابعــــة ، :تحقيــــق ــــروت ، دار الكتــــب العلمي مصــــطفي الســــقا ،بي هـ.١٣٩٨

، فــــؤاد عبــــد المــــنعم ، قطــــر ، دار الثقافــــة :المنــــذر، تحقيــــقابــــن اإلجمــــاع ، )٦٦ هـ .١٤٠٨الطبعة الثالثة ،

األحكــام الســلطانية والواليــات الدينيــة ، أبــو الحســن علــي بــن محمــد بــن حبيــب )٦٧ البصري البغدادي الماوردي ، بيروت ، دار الكتب العلمية.

علــى مــذهب اإلمــام الشــافعي ، إبــراهيم بــن علــي الشــيرازي ، التنبيــه فــي الفقــه )٦٨ م.١٩٥١ -هـ١٣٧٠بمصر ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده

محمـــود مطرجـــي وآخـــرون ، : الحـــاوي ، علـــي بـــن محمـــد المـــاوردي ، تحقيـــق )٦٩ المكتبة التجارية . ،مكة

، زكريــا محيــي الــدين بــن شــرف النــووي روضــة الطــالبين وعمــدة المفتــين ، أبــو )٧٠ م .١٩٨٥ -هـ ١٤٠٥المكتب اإلسالمي، الطبعة الثانية ، ،بيروت

: زكريــا محيــي الــدين بــن شــرف النــووي ، تحقيــقالمجمــوع شــرح المهــذب ، أبــو )٧١ م .٢٠٠٣ -هـ ١٤٢٣محمد نجيب المطيعي ، الرياض ، دار عالم الكتب ،

جامعــة اإلمـام محمــد بي، مخطـوط الشـريعة اإلســالمية، القفـال الشاشــ محاسـن )٧٢ .)ص٦٩(بن سعود اإلسالمية، رقم

٢٣٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ــــى معرفــــة معــــاني ألفــــاظ المنهــــاج ، شــــرح محمــــد الخ )٧٣ طيــــب مغنــــي المحتــــاج إلالشــــربيني علــــى مــــتن منهــــاج الطــــالبين ، أبــــو زكريــــا بــــن شــــرف النــــووي ، مــــع

جويلي إبراهيم الشافعي، دار الفكر . :تعليقاتنهايــة المحتــاج إلــى شــرح المنهــاج ، شــمس الــدين محمــد بــن أبــي العبــاس أحمــد )٧٤

بـــن حمــــزة بــــن شــــهاب الــــدين الرملـــي المنــــوفي المصــــري األنصــــاري ، الشــــهير ، بيـروت ، طبـع دار إحيـاء التـراث العربـي ، نشـر المكتبــة بالشـافعي الصـغير

اإلسالمية.

الفقه الحنبلي : إعــالم المــوقعين عــن رب العــالمين ، شــمس الــدين أبــو عبــد اهللا محمــد بــن أبــي )٧٥

محمـــد محيـــي :بكـــر الزرعـــي الدمشـــقي المعـــروف بـــابن قـــيم الجوزيـــة ، تحقيـــق م . ١٩٥٥ -هـ ١٣٧٤الدين عبد الحميد ، مصر ، مطبعة السعادة ،

بيان الدليل على بطالن التحقيق ، أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبـد الحلـيم )٧٦بـــن عبـــد الســـالم بـــن تيميـــة ، تحقيـــق : فيحـــان المطيـــري ، الســـعودية ، مطبعـــة

م.١٩٩٦الطبعة الثانية ، ،أضواء النهارلســالم بــن ، أحمــد بــن عبــد الحلــيم بــن عبــد احفــة العراقيــة فــي األعمــال القلبيــةالت )٧٧

.، إدارة الطباعة المنيريةالقاهرة ، ضمن مجموع الرسائل المنيرية ،تيميةحاشــية الــروض المربــع شــرح زاد المســتقنع ، جمــع عبــد الــرحمن بــن محمــد بــن )٧٨

هـ .١٤٢٣قاسم العاصمي النجدي الحنبلي ، الطبعة التاسعة ، افي " ، شــمس و " الجــواب الكــافي لمــن ســأل عــن الــدواء الشــأالــداء والــدواء ، )٧٩

الـــدين أبـــو عبـــد اهللا محمـــد بـــن أبـــي بكـــر الزرعـــي الدمشـــقي ، تحقيـــق : محمـــد هـ .١٣٧٧محيي الدين عبد الحميد، مصر، مطبعة المدني ،

شـمس الـدين محمـد بـن أبـي بكـر قـيم لإلمـامروضة المحبين ونزهة المشـتاقين، )٨٠ ١٤٢١سمير مصـطفى ربـاب ، بيـروت، المكتبـة العصـرية ، :الجوزية، تحقيق

هـ .، منصــور بــن يــونس بــن إدريــس البهــوتي الــروض المربــع شــرح زاد المســتقنع ، )٨١

٢٣٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

بحاشية عبد اهللا عبد العزيز العنقري ، مطبعة السنة المحمدية . الشـــــرعية فـــــي إصـــــالح الراعـــــي والرعيـــــة، لشـــــيخ اإلســـــالم أحمـــــد بـــــن السياســـــة )٨٢

شــق ، بشــير محمــد عيــون ، دم :، تحقيــقالســالم بــن تيميــة الحليم بــن عبــدعبــد هـ .١٤٠٥مكتبة دار البيان ،

شرح العقيدة األصفهانية ، أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بـن عبـد )٨٣ السالم ابن تيمية ، دار الكتب اإلسالمية .

المعـروف بـابن ، شمس الدين أبـو عبـد اهللا محمـد ابـن أبـي بكـر الطرق الحكمية )٨٤ ، دار الجيل. يروتقيم الجوزية، تحقيق: عصام فارس الحرستاني، ب

، محمــــد الســــفاريني الحنبلــــي ، مصــــر ، غــــذاء األلبــــاب لشــــرح منظومــــة اآلداب )٨٥ م .١٩٧١مؤسسة قرطبة،

كشـــاف القنـــاع عـــن مـــتن اإلقنـــاع ، منصـــور بـــن يـــونس بـــن إدريـــس البهـــوتي ، )٨٦ إبراهيم أحمد عبد الحميد ، الرياض ، دار عالم الكتب . :تحقيق

تيميــة ، جمــع وترتيــب عبــد الــرحمن بــن مجمــوع فتــاوى شــيخ اإلســالم أحمــد بــن )٨٧ محمد بن قاسم وابنه محمد ، المغرب ، مكتبة المعارف .

مـــدارج الســـالكين بـــين منـــازل إيـــاك نعبـــد وايـــاك نســـتعين ، ابـــن قـــيم الجوزيـــة ، )٨٨ مصر ، مطبعة السنة المحمدية ، الطبعة الثانية.

ـــدين أبـــي محمـــد عبـــد اهللا بـــن أحمـــد بـــن محمـــد بـــن )٨٩ قدامـــة المغنـــي ، لموفـــق العبد اهللا بن عبد المحسن التركي ، عبد الفتاح محمد الحلـو :المقدسي ، تحقيق

هـ. ١٤١٩، الرياض ، دار عالم الكتب ، الطبعة الرابعة ،

منهــــاج الســــنة النبويــــة ، أبــــو العبــــاس تقــــي الــــدين أحمــــد بــــن عبــــد الحلــــيم بــــن )٩٠مطــابع جامعــة محمــد رشــاد ســالم ، الريــاض ، :عبــد الســالم ابــن تيميــة، تحقيــق

م .١٩٨٦ -هـ ١٤٠٦اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية ، المبدع في شرح المقنع ، أبو إسحاق برهان الدين بن محمد بـن مفلـح ، دمشـق )٩١

هـ .١٣٩٩، المكتب اإلسالمي ،

وذاني، المملكـــــة العربيـــــة الســـــعودية، مطـــــابع القصـــــيم، ، لمحفـــــوظ الكلـــــالهدايـــــة )٩٢ .هـ١٣٩٠

٢٣٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

اللغة العربية : ، المســـمى " تـــاج اللغـــة وصـــحاح العربيـــة " ، بحواشـــي عبـــد اهللا بـــن الصـــحاح )٩٣

بري بـن عبـد الجبـار المقدسـي المصـري أبـي محمـد بـن أبـي الـوحش ، بيـروت، .هـ ١٤١٩دار إحياء التراث العربي،

القاموس المحيط ،مجد الدين محمـد بـن يعقـوب بـن محمـد بـن إبـراهيم الفيـروز )٩٤ .هـ١٤١٥لكتب العلمية ، آبادي الشيرازي ، بيروت ، دار ا

ن محمـد بـن مكـرم األفريقـي المصـري،الفضل جمـال الـدين بـأبو لسان العرب، )٩٥ م .١٩٩٤ -هـ ١٤١٤، الطبعة الثالثة دار صادر ، ،بيروت

هــادي حســن :أبــو الحســين أحمــد بــن فــارس بــن زكريــا ، تحقيــق مجمــل اللغــة ، )٩٦لعربيــــة للتربيــــة طوطــــات العربيــــة ، المنظمــــة االمخحمــــودي ، منشــــورات معهــــد هـ. ١٤٠٥والثقافة والعلوم ، الكويت،

محمـود :مختار الصحاح ، محمد بن أبي بكـر بـن عبـد القـادر الـرازي ، ترتيـب )٩٧، تــراث بــدار الكتــب المصــرية،القاهرةمراجعــة لجنــة مــن مركــز تحقيــق ال ،خــاطر

م.١٩٧٦الهيئة المصرية العامة للكتاب ، يــر ، أحمــد بــن محمــد بــن علــي المقــري المصــباح المنيــر فــي غريــب الشــرح الكب )٩٨

بيروت ، المكتبة العلمية. ،الفيومي، ، القــاهرة ، مجمــع اللغــة العربيــة المعجــم الوســيط ، إبــراهيم مصــطفى وآخــرون )٩٩

تركيــا ، المكتبــة اإلســالمية ، ،اإلدارة العامــة للمعجمــات واحيــاء التــراث ، نشــر م. ١٩٧٢الطبعة الثانية ،

عبـد : و الحسـين أحمـد بـن فـارس بـن زكريـا ، تحقيـقأب، معجم مقاييس اللغة )١٠٠ السالم هارون، بيروت ، دار الجيل ،الطبعة الثانية.

أبــــو القاســـم الحســــين بـــن محمــــد المعـــروف بالراغــــب ،لفــــاظ القـــرآن أمفـــردات )١٠١الطبعــــــة ،دار القلم،دمشــــــق ،عــــــدنان داوودي صــــــفوان : تحقيــــــق ،االصــــــفهاني

م.١٩٩٧ -هـ ١٤١٨،الثانية

الهيئــة المصــرية العامــة ،القــاهرة ،أحمــد ســويلم العمــري م السياســة،معجــم العلــو )١٠٢ .م١٩٨٥، للكتاب

٢٣٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

مراجع الشريعة المعاصرة :

أثر تطبيق الشريعة اإلسالمية في منع وقوع الجريمـة ، صـالح ناصـر الخـزيم ، )١٠٣ هـ . ١٤٢٢السعودية ، دار ابن الجوزي ،

محمـــد عبـــد اهللا الـــزاحم ، آثـــار تطبيـــق الشـــريعة اإلســـالمية فـــي منـــع الجريمـــة ، )١٠٤ هـ . ١٤١٢القاهرة ، دار المنار ، الطبعة الثانية ،

الـذهبي ، دار االعتصـام أثر إقامة الحدود في استقرار المجتمع، محمـد حسـين )١٠٥ هـ. ١٣٩٨،

. م١٩٩٥، ذروا الزنا والزناة:اإليدز، سليم فهد شعبانية، مطبعة جوهرة الشاماح )١٠٦فــي اإلســالم، حســن أبــو غــدة،الكويت، مكتبــة لســجن ومعاملــة الســجناء أحكــام ا )١٠٧

م. ١٩٨٧-هـ ١٤٠٧، المنار، مطبعة الفيصل

ئي فــي الشــريعة اإلســالمية، عبــد الفتــاح مصــطفى األحكــام العامــة للنظــام الجنــا )١٠٨ م. ٢٠٠١، الصيفي، القاهرة، دار النهضة العربية

:شـر،طبع ونة،الرياضاإلسالم بين جهل أبنائه وعجز علمائه، عبد القادر عود )١٠٩ هـ. ١٤٠٤،علمية واإلفتاء والدعوة واإلرشادالرئاسة العامة إلدارة البحوث ال

اإلسالم عقيدة وشريعة، محمـود شـلتوت، بيـروت، دار الشـروق ،الطبعـة الثالثـة )١١٠ هـ . ١٤١٤عشر ،

اإلســــالم وحقــــوق اإلنســــان: ضــــرورات ال حقــــوق، محمــــد عمــــاره، القــــاهرة، دار )١١١ . م١٩٨٩ -هـ ١٤٠٩الشروق،

ــــ )١١٢ ــــاهرة ، دار الفكــــر ، التعزي ــــي الشــــريعة اإلســــالمية،عبد العزيــــز عــــامر، الق ر ف م .١٩٨٩

تلــك حــدود اهللا ، إبــراهيم احمــد الــوقفي، طبــع علــى نفقــة الشــئون الدينيــة بدولــة )١١٣ م. ١٩٧٧ -هـ ١٣٩٧مؤسسة دار العلوم ، ،قطر

، السعودية ، الـدار السـعودية للنشـر ، الطبعـة الحجاب ، أبو األعلى المودودي )١١٤ م .١٩٨٦ -هـ ١٤٠٦لثالثة ، ا

،عثمـــان جمعـــة ضـــميريه :حجـــة اهللا البالغـــة ، شـــاه ولـــي اهللا الـــدهلوي ، تحقيـــق )١١٥

٢٣٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

هـ . ١٤٢٠،مكتبة الكوثر للنشر والتوزيع ،الرياض الحــدود والتعزيــرات عنــد ابــن القــيم ، بكــر بــن عبــد اهللا أبــو زيــد، الريــاض ، دار )١١٦

هـ . ١٤١٥العاصمة للنشر والتوزيع ، الطبعة الثانية ، حركة تحديد النسـل ، أبـو األعلـى المـودودي ، لبنـان ، مؤسسـة الرسـالة ، نشـر )١١٧

هـ .١٣٩٥ –م ١٩٧٥الشركة المتحدة للتوزيع ، ــــي اإلســــالم )١١٨ ــــارة حولهــــا، ســــليمان حقــــوق اإلنســــان ف ــــى الشــــبهات المث ــــرد عل وال

، الريــــاض ، مطــــابع التقنيــــة لألوفســــت ، الطبعــــة الثانيــــة ، عبــــدالرحمن الحقيــــل م. ١٩٩٤ -هـ١٤١٥

خليــل الــي الحــدود الشــرعية وأثرهــا فــي تحقيــق األمــن واالســتقرار للمجتمــع، الغز )١١٩ م. ١٩٨١ -هـ١٤٠١، لرياض، مكتبة المعارف عيد، ا

الكريم رهـا فـي األفـراد والجماعـات واألمـم، عبـد، وأثالحدود في اإلسالم: حكمتها )١٢٠ هـ. ١٤٠٠الخطيب ، دار العواد للنشر والتوزيع ،

رنة حول اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ونصوص الميثـاق الـدولي دراسة مقا )١٢١الخاص بالحقوق االقتصـادية واالجتماعيـة والثقافيـة وموقـف التشـريع اإلسـالمي

.هـ ١٤٠٦مؤسسة الرسالة ، ،بيروت ،سعيد محمد أحمد باناجة ،منها

شـــبهات حـــول اإلســـالم، محمـــد قطـــب، القـــاهرة، دار الشـــروق، الطبعـــة الرابعـــة )١٢٢ م.١٩٨١ -هـ ١٤٠١، عشر

شبهات حول التشريع اإلسالمي، محمد نبيل غنايم، األردن ، مكتبة المنار. )١٢٣ -هــ ١٣٩٧شريعة اهللا حاكمة ال بالحدود ، على أبو جريشـة ، مكتبـة وهبـة ، )١٢٤

م.١٩٧٧

ـــــدين الحـــــق ، وهبـــــة الزحيلـــــي ، دمشـــــق ، المكتبـــــة )١٢٥ األصـــــول العامـــــة لوحـــــدة ال م.١٩٧٢العباسية،

عـــودة لإلســـالم " رســـم لمنهـــاج وحـــل لمشـــكالت" ، محمـــد ســـعيد علـــى طريـــق ال )١٢٦رمضــان البــوطي، دمشــق، مؤسســة الرســالة للنشــر والتوزيــع ، الطبعــة الرابعــة،

م. ١٩٨٥ -هـ١٤٠٥

٢٣٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

العقوبــة فـــي الشـــريعة اإلســـالمية ضـــمن مجموعـــة بحـــوث فقهيـــة ، عبـــد الكـــريم )١٢٧ .م ١٩٧٥ -هـ ١٣٩٥ؤسسة الرسالة،زيدان ، دمشق، م

مي بـين المثاليـة والواقعيـة ، محمـد مصـطفي شـلبي، بيـروت، الـدار الفقه اإلسال )١٢٨ م. ١٩٨٢ -هـ ١٤٠٢الجامعية للطباعة والنشر ،

فقــه العقوبــة الحديــة فــي التشــريع الجنــائي اإلســالمي، محمــد عطيــة الفيتــوري ، )١٢٩ م. ١٩٩٨بنغازي، ليبيا، منشورات جامعة قاريونس ، المجلد الثاني،

-هـــــ ١٤١٩يــــروت، دار الفكــــر، الطبعــــة الثانيــــة، فقــــه الســــنة، الســــيد ســــابق، ب )١٣٠ م .١٩٩٨

ــــا مصــــدر القــــوانيين فــــي مصــــر، احمــــد محمــــد )١٣١ الكتــــاب والســــنة يجــــب أن يكونشــــــر العلــــــم، الطبعــــــة الثالثــــــة ، مكتبــــــة الســــــنة،الدار الســــــلفية لن ،شــــــاكر،القاهرة

م.١٩٨٦دار ،القــاهرة،محمد محمــد فرحات،المبــادئ العامــة فــي الفقــه الجنــائي اإلســالمي )١٣٢

م.١٩٩٨ -م١٩٩٧ ،النهضة العربية

، عة اإلســالمية ، أحمــد علــي طــه ريــانالمســكرات : آثارهــا وعالجهــا فــي الشــري )١٣٣ م . ١٩٨٤دار االعتصام ، ،مصر

-هــ١٤١٨المدخل الفقهي العام ، مصطفى أحمد الزرقاء ، دمشق ، دار القلم )١٣٤

م .١٩٩٨

ن، مكتبـــة الرســـالة نظـــام اإلســـالم العبـــادة والعقوبـــة، محمـــد عقلـــه، عمـــان، األرد )١٣٥ هـ .١٤٠٦الحديثة،

التســــــــــــخيري، علــــــــــــى، محمــــــــــــد نظـــــــــــرة فــــــــــــي نظــــــــــــام العقوبــــــــــــات اإلســـــــــــالمي )١٣٦،الطبعة دولية فـي منظمـة اإلعـالم اإلسـالميالعالقات ال ةوني:معاطهران،الناشر

م . ١٩٨٧ -هـ١٤٠٧الثانية،ــــبعض أحكــــام اإلســــالم، ال دفــــاع عــــن ممارســــات : هــــذا هــــو اإلســــالم )١٣٧ شــــرح ل

على المفترين مـن أعدائـه، والمغـرر بهـم مـن أبنائـه، حمـود عبـد المسلمين، ورد الدبلوماســية ، تالعزيــز البــدر، الريــاض، طبــع وزارة الخارجيــة ، معهــد الدراســا

٢٣٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

م.١٩٩٣ -هـ ١٤١٣

وجــوب تطبيــق الحــدود الشــرعية ، عبــد الــرحمن عبــد الخــالق ، الكويــت ، مكتبــة )١٣٨ هـ .١٤٠٤ابن تيمية ، الطبعة الثانية ،

يق الشريعة اإلسالمية والشبهات التي تثار حول تطبيقها ، المجلـس وجوب تطب )١٣٩العلمي بإشراف إدارة الثقافة والنشـر بجامعـة اإلمـام محمـد بـن سـعود اإلسـالمية

. مراجع القانون :

قـوق للحرية والبدائل المالئمة، موسى ارحومة، مـؤتمر ح ةأزمة العقوبات السالب )١٤٠حــديات والحلــول ، الزرقــاء، األردن، جامعــة : التاإلنســان فــي الشــريعة والقــانون

- ٨( -هـــ١٤٢٢) جمــادى األولــى ٢٠ – ١٩الزرقــاء األهليــة ، للفتــرة مــن ( م. ٢٠٠٢ -هـ ١٤٢٣م ، ٢٠٠١) آب ٩

اإلجــــرام والعقــــاب فــــي مصــــر ،حســــن صــــادق المرصــــفاوي ،اإلسكندرية،منشــــأة )١٤١ م.١٩٧٣ ،المعارف

ســـباب الجريمـــة وفقـــا لعلـــوم أصـــول علـــم اإلجـــرام ، دراســـة تحليليـــة وتأصـــيلية أل )١٤٢طبـائع المجــرم والـنفس الجنــائي واالجتمــاع الجنـائي والمجنــي عليـه ، محمــد أبــو

م.١٩٩٤العال عقيدة ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، الطبعة الثانية ،عبـــــد العزيـــــز محمـــــد ،اإلطـــــار القـــــانوني لحقـــــوق اإلنســـــان فـــــي القـــــانون الدولي )١٤٣

م.١٩٨٧،سرحان

بحــث منشــور ،محمــد ســعيد الــدقاق ،مجــال حقــوق اإلنســان التشــريع الــدولي فــي )١٤٤محمود شـــريف ،فـــي حقـــوق اإلنســـان دراســـات حـــول الوثـــائق العالميـــة واإلقليميـــة

بسيوني وآخرون.

: دراسـة تحليليـة علـى تعذيب المتهم لحمله على االعتراف، الجريمـة والمسـئولية )١٤٥لقضـــاء، عمـــر فرنســـي وآراء الفقـــه وأحكـــام اضـــوء أحكـــام القـــانونين المصـــري وال

.م١٩٩٤الفاروق الحسيني، القاهرة، الطبعة الثانية، حقــــوق اإلنســــان ،الشــــافعي محمــــد بشــــير ،التعــــذيب فــــي المعــــتقالت والســــجون )١٤٦

،محمـــود شـــريف بســـيوني وآخـــرون،ليميـــة دراســـات حـــول الوثـــائق العالميـــة واإلق

٢٣٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

م.١٩٨٩دار العلم للماليين، ،بيروت

. م ١٩٨٥ترجمة يعقوب حياتي، سيزار بكاريا، الجرائم والعقوبات، )١٤٧

الجريمة والعقوبة في الفقه اإلسـالمي ، محمـد أبـو زهـرة ، دار الفكـر العربـي )١٤٨ م١٩٧٠، القاهرة ،

وهو بحث منشـور فـي ،غنام محمد غنام ،حق المسجون في الكرامة اإلنسانية )١٤٩محمود شــــريف ،دراســــات حــــول الوثــــائق العالميــــة واإلقليميــــة ،حقــــوق اإلنســــان

ني وآخرون.بسيو

اتحـــاد ،دار المســـتقبل العربـــي ،القـــاهرة،نليا ليفي،حقـــوق اإلنســـان أســـئلة وأجوبـــة )١٥٠ المحامين العرب / اليونسكو.

مجدالوي.،محمود إسماعيل عمار ،حقوق اإلنسان بين التطبيق والضياع )١٥١غنــــام محمــــد غنــــام ،الكويت،جامعــــة الكويــــت، ،حقــــوق اإلنســــان فــــي الســــجون )١٥٢

م .١٩٩٤

دار ،القــاهرة ،عصــام زكريــا عبــد العزيــز،القضائي طي الضــبحقــوق اإلنســان فــ )١٥٣ م. ٢٠٠١،النهضة العربية

حكم الزنا في القانون وعالقته بمبادئ حقوق اإلنسان في الغرب " دراسة نقديـة )١٥٤ هـ . ١٤١٨، عابد بن محمد السفياني ،

حســن ،الحمايــة الدوليــة لحــق اإلنســان فــي الســالمة الجســدية ، دراســة مقارنــة )١٥٥ م.١٩٩٩محمد عيسى ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، سعد

عــــــزت الســـــــيد ،ن فــــــي ظــــــل التنظـــــــيم الــــــدولي اإلقليميحمايــــــة حقــــــوق اإلنســـــــا )١٥٦ م.١٩٨٥،دار النهضة العربية،القاهرة،يعالبر

الدستور األمريكي، بـروس فنـدالي، وايسـتر فنـدالي، إعـداد وترجمـة لجنـة دائـرة )١٥٧ . م١٩٦٤، ، القاهرة، دار الكرنك المعارف العامة

السياســـــة الجنائيـــــة المعاصـــــرة بـــــين الشـــــريعة اإلســـــالمية ،الـــــدفاع االجتمـــــاعي )١٥٨ مكتبة وهبة.،القاهرة ،محمد نيازي حتاتة ،والقانون الوضعي

مــــذكرات مقدمــــة لطلبــــة قســــم ،محمــــد محــــي الــــدين عــــوض ،السياســــة الجنائية )١٥٩ م. ١٩٩٧-هـ ١٤١٨،العدالة الجنائية بجامعة نايف العربية للعلوم األمنية

٢٤٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

شــــــرح قــــــانون العقوبــــــات ، محمــــــود نجيــــــب حســــــني ، القــــــاهرة ، دار النهضــــــة )١٦٠ م . ١٩٨٢العربية،الطبعة الخامسة ،

علــــم العقــــاب ومعاملــــة المــــذنبين، عــــدنان الــــدوري ، الكويــــت ، منشــــورات ذات )١٦١ م .١٩٨٩السالسل ،

قــانون العقوبــات ، القســـم العــام ، مـــأمون محمــد ســـالمة ، القــاهرة ، دار الفكـــر )١٦٢ م . ١٩٧٩ربي ، الع

،القـــاهرة ،ي الـــدين عوضيـــمحمـــد مح،قـــانون العقوبـــات الســـوداني معلقـــا عليـــه )١٦٣ م. ١٩٧٠،المطبعة العالمية

محمــد محيــي ،مبادئــه األساســية فــي القــانون األنجلــو أمريكــي ،القــانون الجنــائي )١٦٤ م.١٩٨٩-م ١٩٨٨ ،الدين عوض

الـدار ،بيروت ،هيم أكرم نشـأت إبـرا،القواعد العامة فـي قـانون العقوبـات المقـارن )١٦٥ .ةالجامعي

نقابــــــة ،خليــــــل وأميــــــر ســــــالم عبــــــد اهللا ،قــــــوانين ولــــــوائح الســــــجون فــــــي مصــــــر )١٦٦ كتبة والفكر القانوني . لجنة الم،المحامين

ـــد،القاهرة ، دار الفكـــر )١٦٧ ـــابي ، رؤوف عبي ـــادئ القســـم العـــام مـــن التشـــريع العق مب م. ١٩٧٩ ،العربي

ودونالـد كريسـبي ، ترجمـة ومراجعـة مبادئ علم اإلجرام : إدوين هـ . سذرالند ، )١٦٨محمــــــود الســــــباعي وحســــــن صــــــادق المرصــــــفاوي ، القــــــاهرة ، مكتبــــــة األنجلــــــو

م.١٩٦٨المصرية باالشتراك مع مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر ،

مدخل تـاريخي لدراسـات حقـوق اإلنسـان ، محمـود سـالم زنـاتي ، القـاهرة ، دار )١٦٩ النهضة العربية .

رعية المقابلة بالقانون :مراجع الدراسات الش

اإلســـــالم وحقـــــوق اإلنســـــان الفرديـــــة ومـــــدي نصـــــيب المصـــــريين مـــــن حريـــــاتهم )١٧٠ م. ١٩٩٩،الطبعة الثانية ،عبد اهللا محمد حسن ،الشخصية

، ةالتشــــريع الجنــــائي اإلســــالمي مقارنــــا بالقــــانون الوضــــعي، عبــــد القــــادر عــــود )١٧١

٢٤١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

م .١٩٨٥دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، الزنـــا بـــين الشـــرائع الســـماوية والقـــوانين الوضـــعية ، عبـــد الوهـــاب عمـــر جريمـــة )١٧٢

هـ . ١٤١١البطراوي،الغردقة،دار الصفوة للطباعة والنشر والتوزيع ، لسـنة يالحدود في الفقه اإلسالمي وما عليه العمل في قانون العقوبات اإلمارات )١٧٣

، عوزيــــــم، ماجـــــد محمــــــد أبورخيـــــة، بيــــــروت، مكتبــــــة الفـــــالح للنشــــــر والت١٩٨٧ م.١٩٩٧ -هـ١٤١٧

دار المطبوعــات ،اإلســكندرية،عــوض محمــد عوض ،دراســات فــي الفقــه الجنــائي )١٧٤ الجامعية.

الــدفاع االجتمــاعي اإلســالمي ، سياســة عالميــة جنائيــة رشــيدة لمنــع اإلجــرام ، )١٧٥ م . ١٩٩٦عبد الوهاب عمر البطراوي ، دار الفكر، الطبعة الثالثة ،

ســـالمية مقارنــا بنظـــام الســـجن والتوقيـــف فـــي الســجن وموجباتـــه فـــي الشـــريعة اإل )١٧٦المملكـــة العربيـــة الســـعودية ، محمـــد عبـــد اهللا الجريـــوي، الريـــاض، نشـــر جامعـــة

م.١٩٩٧-هـ١٤١٧اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية، الطبعة الثانية،ــــه اإلســــ )١٧٧ ــــين الفق ــــاب ب ــــي العق ــــل ســــقوط الحــــق ف المي والتشــــريع الوضــــعي ، نبي

هـ . ١٤١٦، دار الفكر العربي ، الصبور النبراوي ، القاهرةعبد

السياســـة الخارجيـــة للمملكـــة العربيـــة الســـعودية فـــي مائـــة عـــام، المملكـــة العربيـــة )١٧٨الســــــعودية وقضــــــية حقــــــوق اإلنســــــان،يحيى عبــــــد اهللا الصــــــمعان ، الريــــــاض ،

هـ. ١٤١٩ ،مؤسسة االصطفاء للطباعة

ـــ )١٧٩ ـــابي ، بحـــث فقهـــي مق ـــذ العق ـــة التنفي ـــه فـــي مرحل ارن ، ضـــمانات المحكـــوم علي .م١٩٩٦رة ، دار النهضة العربية ، الشحات إبراهيم محمد منصور ، القاه

العقوبات المالية بـين الشـريعة والقـانون " دراسـة مقارنـة " حميـد محمـد القمـاطي )١٨٠ م . ١٩٨٦ -هـ ١٣٩٥، ليبيا ، المنشأة العامة للنشر والتوزيع ،

الشــريعة والقــانون ، العقوبــات المقيــدة للحريــة وآثارهــا فــي حقــوق اإلنســان فــي )١٨١شـــهرزاد النعيمـــي ، أحـــد البحـــوث المقدمـــة لجامعـــة الزرقـــاء األهليـــة فـــي مـــؤتمر

جمـــادى ٢٠-١٩حقـــوق اإلنســـان فـــي الشـــريعة والقـــانون التحـــديات والحلـــول ، هـ.١٤٢٣ -هـ ١٤٢٢األولي

٢٤٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

،العقوبــــة البدنيــــة فــــي الفقــــه اإلســــالمي دســــتوريتها وعالقتهــــا بالــــدفاع الشــــرعي )١٨٢ دار الشروق. ،القاهرة ،مان جادالحسيني سلي

العقوبة في الشريعة اإلسالمية والقوانين الوضـعية ، رمضـان علـى الشرنباصـي )١٨٣، بإشــــراف مركــــز تبــــادل القــــيم بالشــــعبة القوميــــة لليونســــكو ، الهيئــــة المصــــرية

م . ١٩٧٨للكتاب ، فـــي أصـــول النظـــام الجنـــائي اإلســـالمي ، محمـــد ســـليم العـــوا ، الريـــاض ، دار )١٨٤

م .١٩٨٢،رف ، الطبعة الثانية المعا، مــاعي، أحمــد فتحــي بهنســي ، القــاهرةموقــف الشــريعة مــن نظريــة الــدفاع االجت )١٨٥

م. ١٩٨٠ -هـ ١٤٠٠دار الشروق، الطبعة الثانية ،

نحـــو قـــانون دفـــاع اجتمـــاعي إســـالمي سياســـة جنائيـــة إنســـانية وســـطية عالميـــة )١٨٦طبعــــة الخامســــة ، رشــــيدة ، دراســــة مقارنــــة ، عبــــد الوهــــاب عمــــر البطــــراوي ،ال

م . ١٩٩٥نـــدوات علميـــة حـــول الشـــريعة اإلســـالمية وحقـــوق اإلنســـان فـــي اإلســـالم، بـــين )١٨٧

فريـــق مـــن كبـــار علمـــاء المملكـــة وآخـــرين مـــن كبـــار رجـــال الفكـــر والقـــانون فـــي أوروبا ، محمد معروف الدواليبي، الرياض، مطابع العصر.

لمعــاطي حــافظ أبــو الفتــوح ، النظــام العقــابي اإلســالمي : دراســة مقارنــة ، أبــو ا )١٨٨ م . ١٩٧٦مصر ، دار التعاون للطبع والنشر ، توزيع دار األنصار ،

مراجع متنوعة :

األمراض الجنسية، نبيل صبحي الطويل ، بيروت ، مؤسسة الرسـالة ، الطبعـة )١٨٩ هـ .١٤٠٦الثامنة ،

، ج . هـــروود ، ترجمـــة : ممـــدوح عـــدوان: بيرنهـــاردت التعـــذيب عبـــر العصـــور )١٩٠ م.١٩٨٤يا ، دار الحوار ، سور

م. ١٩٧٩حياتنا الجنسية ، فردريك كهن . ترجمه انطوان فيلو ، بيروت ، )١٩١

الرعايــة االجتماعيــة فــي الســجون األهــداف وســبل التطــوير دراســة اســتطالعية )١٩٢ـــة ، آلراء المســـجونين ،ســـعيد الغامـــدي، مركـــز أبحـــاث الجريمـــة ، وزارة الداخلي

٢٤٣

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

م. ١٩٩٣اب السنوي ، العدد األول، المملكة العربية السعودية، الكت

الســجن كمؤسســة اجتماعيــة دراســة ألراء واتجاهــات المسجونين،مصــطفى عمــر )١٩٣ م.١٩٨١التير، بيروت ،معهد اإلنماء العربي،

الطريــق إلــى اهللا ، محمــد متــولي الشــعراوي ، القــاهرة ،مطــابع المكتــب المصــري )١٩٤ هـ.١٤٠٠الحديث،

مكتبــــة الــــدار العربيــــة ،القــــاهرة ،شــــاكرفــــؤاد ،عــــالم الجريمــــة وقــــائع وطرائــــف )١٩٥ م. ٢٠٠٢مايو -هـ ١٤٢٣ربيع أول ،للكتاب

ـــراهيم )١٩٦ ـــه ، عبدالســـتار إب العـــالج الســـلوكي للطفـــل : أســـاليبه ونمـــاذج مـــن حاالت م.١٩٩٣، ، الكويت ، سلسلة عالم المعرفةوآخرون

مجتمــــع الســــجن، دراســــة انثروبولوجيــــة، عبــــد اهللا غــــانم، اإلســــكندرية، المكتــــب )١٩٧ م. ١٩٨٥لجامعي الحديث،ا

م.١٩٩٥ ،بيروت،مقلد يترجمة.عل،وكو فميشيل ،المراقبة والمعاقبة )١٩٨

الموسوعات:حقـــوق اإلنســـان ، دراســـات حـــول الوثـــائق العالميـــة واإلقليميـــة ، محمـــود شـــريف )١٩٩

م.١٩٨٨بسيوني وآخرون ، بيروت ، دار العلم للماليين ،

الفتاح مراد.عبد ،ةالدساتير العربية والمستويات الدولي )٢٠٠

الموســـوعة الجنائيـــة، جنـــدي عبـــد الملـــك ، بيـــروت،دار العلـــم للجميـــع ،الطبعـــة )٢٠١ الثانية.

دار،بيــروت ،أحمــد فتحــي بهنســى ،ي الموســوعة الجنائيــة فــي الفقــه اإلســالم )٢٠٢ هـ.١٤١٢،النهضة العربية

الرسائل الجامعية:

لة التعزيــــــــر بالجلــــــــد وتطبيقاتــــــــه علــــــــى أحكــــــــام القضــــــــاء بالمحكمــــــــة المســــــــتعج )٢٠٣

٢٤٤

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ـــايف ،رســـالة ماجســـتير غيـــر منشـــورة،محمـــد ســـالم العسيري،بالرياض جامعـــة ن هـ.١٤٢٣ ،العربية للعلوم األمنية

عبـــــــــد اهللا صـــــــــالح ،التعزيـــــــــرات البدنيـــــــــة وموجباتهـــــــــا فـــــــــي الفقـــــــــه اإلســـــــــالمي )٢٠٤جامعة اإلمــــــام محمــــــد بــــــن ســــــعود ،الرياض،رســــــالة دكتــــــوراه منشــــــورة،الحديثي

هـ.١٤٠٨،اإلسالميةفــي الشــريعة اإلســالمية ، عبــد العزيــز زيــد القميعــان ، رســالة التعزيــرات الماديــة )٢٠٥

،المعهد ة اإلمـــام محمــــد بـــن ســـعود اإلســــالميةماجســـتير غيـــر منشــــورة ، جامعـــ هـ. ١٤٠٥-١٤٠٤العالي للقضاء

ـــاب والســـنة المقـــدرة وحكمـــة تشـــريعها فـــيالعقوبـــات )٢٠٦ ـــع اهللا دخيـــل اهللا ،الكت مطيجامعــــة أم القرى،كليــــة ،شــــورةمن ماجســــتيررســــالة ،ســــليمان الصــــرهيد اللهيبي

هـ.١٣٩٧الشريعة والدراسات اإلسالمية، ،رسـالة ماجسـتير غيـر منشـورة،العسيريبة الجلد فقها وسياسـة حسـن عبـده عقو )٢٠٧

جامعــــــــــــــة اإلمــــــــــــــام محمــــــــــــــد بــــــــــــــن ســــــــــــــعود ،المعهــــــــــــــد العــــــــــــــالي للقضــــــــــــــاء هـ.١٤٠٤،الرياض،اإلسالمية

رسـالة ماجسـتير غيـر ،عثمان محمـد أسـلم،عقوبة الجلد فـي الشـريعة اإلسـالمية )٢٠٨

جامعة اإلمــــــــــام محمــــــــــد بــــــــــن ســــــــــعود ،المعهــــــــــد العــــــــــالي للقضــــــــــاء ،منشــــــــــورة هـ.١٤١٢،الرياض،اإلسالمية

،رســـالة دكتـــوراه منشـــورة،فكـــري عكـــاز ،فلســـفة العقوبـــة فـــي الشـــريعة والقـــانون )٢٠٩ هـ. ١٤٠٢ ،مكتبة عكاظ السعودية،

لقفــال محاســن الشــريعة ، أبــي بكــر محمــد بــن علــي بــن إســماعيل المعــروف با )٢١٠وســـي ، رســالة دكتــوراه غيـــر الكبيــر ، تحقيــق كمـــال الحــاج غلتــو العر الشاشــي جامعة أم القرى ، كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية ، قسم الدراسات منشوره،

م.١٩٩٢ -هـ ١٤١٢العليا الشرعية، فرع الفقه واألصول

، دار مقاصــد الشــريعة عنــد ابــن تيميــة ، يوســف أحمــد محمــد البــدوي ، األردن )٢١١ هـ .١٤٢١النفائس للنشر والتوزيع ،

٢٤٥

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

مقاصد الشريعة عند اإلمـام العـز بـن عبـد السـالم،عمر بـن صـالح بـن عمـر ، )٢١٢ هـ . ١٤٢٣األردن ، دار النفائس للنشر والتوزيع ،

ـــة )٢١٣ ـــدار العالمي المقاصـــد العامـــة للشـــريعة اإلســـالمية ، يوســـف حامـــد العـــالم ، ال هـ . ١٤١٥، للفكر اإلسالمي ، الطبعة الثانية

المجالت والدوريات :

اآلثــار االجتماعيــة للعقوبــات الســالبة للحريــة دراســة ميدانيــة إحصــائية ، محمــد )٢١٤،المركـــز ٣،العـــدد١٣يـــد ، المجلـــة الجنائيـــة القوميـــة ، القـــاهرة، المجلـــد إبـــراهيم ز

م. ١٩٧٠القومي للبحوث االجتماعية والجنائية، منصـور، المجلــة العربيــة للــدفاع يي علــأسـس التشــريع الجنــائي اإلسـالمي، علــ )٢١٥

ــــدفاع االجتمــــاعي ضــــد ــــة لل ــــدول العربية،المنظمــــة العربي االجتماعي،جامعــــة ال م.١٩٧٩الجريمة ، القاهرة ،العدد العاشر، أكتوبر،

آفاق تطوير العقوبة وأبعادها المستقبلية ومردوده علـى ترشـيد السياسـة الجنائيـة )٢١٦مركـــز بحـــوث الشـــرطة ، اإلمـــارات، ، أحمـــد ضـــياء الـــدين محمـــد خليـــل، مجلـــة

هـ.١٤١٨، رمضان ١٩٩، يناير ١٣عدد ـــداع فـــي الســـجن واألحـــوال األســـرية للســـجناء : دراســـة سوســـيولوجية علـــى )٢١٧ اإلي

ـــة البحـــوث ـــاجي محمـــد هـــالل ، مجل الســـجناء بإحـــدى المؤسســـات العقابيـــة ، نان ، شــعب٢٥، عــدد ١٣األمنيــة ، كليــة الملــك فهــد األمنيــة ، الريــاض، المجلــد

م. ٢٠٠٣أكتوبر -هـ ١٤٢٤جلــب المصــالح ودرء المفاســد فــي الشــريعة اإلســالمية ، علــي بــن عبــد العزيــز )٢١٨

مجلـة جامعـة اإلمـام محمـد بـن سـعود اإلسـالمية ، الريـاض ، العـدد ،العميريني هـ . ١٤١٢ محرم ، ،الخامس

ـــــة الســـــعودية )٢١٩ ـــــة فـــــي المملكـــــة العربي ـــــة ،س.هــــــ. جيراردين ،الجريمـــــة والعدال مجليونيــــــو / يوليــــــو ،هـــــــ ١٣٩٨رجــــــب ،صــــــل ، الســــــنة الثانيــــــة ،العــــــدد األولالفي

م.١٩٧٨ر التعـــذيب فـــي القـــانون الـــدولي لحقـــوق اإلنســـان فـــي ضـــوء اتفاقيـــة األمـــم حظـــ )٢٢٠

٢٤٦

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

ـــــوان ١٩٨٤المتحـــــدة لمناهضـــــة التعـــــذيب لعـــــام ـــــة ،م ، محمـــــد يوســـــف عل مجلي ربيــــع الثــــان ،العــــدد الرابــــع ،الســــنة الحاديــــة عشــــر ،جامعــــة الكويــــت ،الحقوق م .١٩٨٧ديسمبر -هـ١٤٠٨

عبد العزيــز ات الشــرعية عــن العقوبــات الوضــعية،الخصــائص التــي تميــز العقوبــ )٢٢١بن فوزان الفوزان، مجلة البيان، مجلة إسالمية تصدر عن المنتـدى اإلسـالمي،

م.٢٠٠٣هـ، أكتوبر ١٤٢٤، شعبان ١٩٢السنة الثامنة عشرة، العدد

الشــرعية ، عبــد العزيــز بــن فــوزان دحــض الشــبهات التــي تثــار حــول العقوبــات )٢٢٢الفــــوزان ، مجلــــة البيــــان ، المنتــــدى اإلســــالمي ، الســــنة الثامنــــة عشــــر ، العــــدد

م. ٢٠٠٣نوفمبر -هـ ١٤٢٤، رمضان ١٩٣السجون وسياسـة تطـوير وظائفهـا اإلصـالحية، علـي محمـد جعفر،مجلـة األمـن )٢٢٣

يوليــــو -هـــــ١٤٢١والقــــانون دبــــي، الســــنة الثامنــــة، العــــدد الثــــاني ، ربيــــع اآلخــــر م. ٢٠٠٠

ة الجلـد فقهـا وسياسـة والـرد عليهـا، حسـن عبـده تطبيـق عقوبـول شبهات تثار حـ )٢٢٤ هـ. ١٤٢٢،السنة الثالثة، رجب ١١العسيري، الرياض، مجلة العدل، عدد

، نــور الحــق الرحمــاني ، مجلــة البعــث بــات اإلســالمية بــين دعايــة وحقيقــة العقو )٢٢٥ م .١٩٨٥ -هـ١٤٠٥محرم ، ٥، العدد ٣٠الهند، المجلد ،اإلسالمي

محمــــد يبــــين الشــــريعة اإلســــالمية والتشــــريع الوضــــعي، علــــ ةنيــــعقوبــــات البدال )٢٢٦جعفر،مجلة األمن والقانون ، كلية شرطة دبـي ، السـنة السـابعة ، العـدد الثـاني

م. ١٩٩٩يوليو -هـ ١٤٢٠،ربيع األول ،ان الـربيش عقوبة الجلد وكيفية تنفيذها في الفقه اإلسـالمي ، عبـد الـرحمن سـليم )٢٢٧

، المجلـــة العربيـــة للدراســـات األمنيـــة والتـــدريب ، جامعـــة نـــايف العربيـــة للعلـــوم األمنية.

-هــــــ ١٣٨٦،محـــــرم ٣٨عقوبـــــة الجلـــــد،مختار القاضـــــي،مجلة األزهر،الســـــنة )٢٢٨ .١٩٦٦أبريل

العقوبــة وخصائصــها فــي التشــريع اإلســالمي ، مــأمون محمــد ســالمة ، المجلــة )٢٢٩ . ١٩م ، مجلد ١٩٧٦وليو ي –الجنائية القومية ، مارس

٢٤٧

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

فلسفة العقوبات البدنية في الشريعة اإلسالمية والتشريعات الغربيـة ، محمـد أبـو )٢٣٠، العــدد الثــاني ، العــال عقيــدة، دبــي ، مجلــة األمــن والقــانون ، الســنة الخامســة

هـ .١٤١٨ ربيع األول ،وليالمجلــة المصــرية للقــانون الــد،وحيد رأفت،القــانون الــدولي وحقــوق اإلنســان )٢٣١

م .١٩٧٧نقــاط االلتقــاء ونقــاط ،وقــانون العقوبــات الوضــعي اإلســالميقــانون العقوبــات )٢٣٢

االخـــتالف، محمـــود نجيـــب حســـني، تقريـــر مقـــدم إلـــى المـــؤتمر الـــدولي الثالـــث مجلـــــــة القـــــــانون ،م١٩٨٤أكتـــــــوبر، ٧- ١عشــــــر لقـــــــانون العقوبـــــــات القــــــاهرة

م.١٩٨٤واالقتصاد، مجلـــة كليـــة الدراســـات ،ســـلقيني ، اإلمـــاراتمقاصـــد الشـــريعة العامـــة ، إبـــراهيم )٢٣٣

هـ. ١٤١١، سنة ٣اإلسالمية والعربية ، عدد النظريـــات المعاصـــرة للعقوبــــة ، آمـــال عبـــد الــــرحيم عثمـــان ، مصـــر ، المجلــــة )٢٣٤

م ، العـــدد ١٩٧٦الجنائيـــة القوميـــة، المجلـــد التاســـع عشـــر ، مـــارس ، يوليـــو ، األول والثاني .

اإلنترنت : ،م على اإلنترنت ١٩٩٩سنوي لمنظمة العفو الدولية لعام ملخص للتقرير ال )٢٣٥

-pol/http:// www.amnesty-arabic.org/text/divers/air٩٩الرابط

٩٩-٠٣-١٠air٩٩sum.htm موقع مكتبة حقوق اإلنسان بجامعة مينسوتا بأمريكا علي شبكة اإلنترنت )٢٣٦

:www١.umn.edu/humanrts/Arabic.html قضائية على الرابط: التعذيب في مصر حقيقة )٢٣٧

http://www.hrcap.org/A-Reports/report٢٦/report.htm معركة التحقيق بحث من إعداد أبو جهاد طلعت وهو منشور على موقع )٢٣٨

: حركة الجهاد اإلسالمي في فلسطين " نداء القدس" على الرابطwww.qudsway.com/links/jehad/٦/html- jehad٦/٦hje٨.htm

حقوق اإلنسان العراقي بين وحشية النظام ودور المعارضة مقال منشور في )٢٣٩

٢٤٨

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

htt ://wwwالعدد السابع من مجلة الرافدين على الرابط

angelfire.com/hi٤/alarfidain/issue٧

:httpتقرير المواطن المصري المنشور على الرابط )٢٤٠//www.hrcap.org/Arabic/arabicsite.htm

وسائل التعذيب مقال منشور على موقع هدير الحق على الرابط )٢٤١http//www. shamsona.٢٥٠x.com/sh-t٣zeb.html

ة موقع شبكة مراقبة حقوق الطفل على شبك )٢٤٢ www.inf.org.ib/child/Arabic/index.htmlاإلنترنت:

موقع جمعية المساعدة القانونية لحقوق )٢٤٣ www.ahrla.org/index.htmlاإلنسان:

موقع منظمة مراقبة حقوق اإلنسان )٢٤٤www.hrw.orgarabic/index.htm

موقع جمعية المساعدة القانونية لحقوق اإلنسان: )٢٤٥www.ahrla.org/index.html

موقع مركز حقوق اإلنسان لمساعدة السجناء )٢٤٦

www.hrcap.org/arabicsite.htm منشور ضمن موقع منظمة المؤتمر اإلسالمي على شبكة اإلنترنت على )٢٤٧

-http://www.oic-oci.org/Arabic/fm/foreignالرابط:minister.htm

٢٤٩

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

فهرس الموضوعات

الصفحة الموضوع

٢ المقدمة ٤ الفصل التمهيدي

٤ أوال: مشكلة الدراسة ٥ : أهمية الدراسة ثانيا

٦ ثالثا: أهداف الدراسة ٦ رابعا: تساؤالت الدراسة ٦ خامسا: منهج الدراسة

٧ سادسا: تحديد أهم مصطلحات الدراسة ٩ راسات السابقةسابعا: الد

٢١ : خطة الدراسةثامنا

مقاصد الشريعة اإلسالمية مـن تحـريم الزنـا والقـذف وشـرب :الفصل األول الخمر

٢٣

٢٤ العقوبة والمبادئ الحاكم لها في الشريعة اإلسالمية :المبحث األول

٢٥ لشرعي والقانونيالمطلب األول : معنى العقوبة في اللغة االصطالح ا

٣٠ المطلب الثاني: المبادئ التي يقوم عليها العقاب في الشريعة اإلسالمية

٣٥ : مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الزنا المبحث الثاني

٣٦ وعقوبته،واالصطالح الشرعي ،: تعريف الزنا في اللغةالمطلب األول

٣٨ للغريزة الجنسية المطلب الثاني : نظرة اإلسالم

٤١ المطلب الثالث: منهج اإلسالم الوقائي في محاربة الزنا

٥٣ المطلب الرابع: مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الزنا

٦١ المبحث الثالث : مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم القذف

٢٥٠

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

شــــــرعي، المطلــــــب األول : معنــــــى القــــــذف فــــــي اللغــــــة ، واالصــــــطالح ال وحكمه، وعقوبته

٦٢

٦٥ من تحريم القذف الشريعة االسالميةالمطلب الثاني : مقاصد

٧٠ المبحث الرابع : مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الخمر

، واالصـطالح الشـرعي، وحكمــه، مطلـب األول:تعريـف الخمـر فـي اللغـةال وعقوبته

٧١

٧٥ المطلب الثاني : مقاصد الشريعة اإلسالمية من تحريم الخمر

٨٠ الفصل الثاني: مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

٨١ المبحث األول : مقاصد الشريعة

٨٢ المطلب األول : تعريف المقاصد لغة واصطالحا

٨٧ المطلب الثاني: مراتب المقاصد

٩١ المطلب الثالث : مدى االرتباط بين هذه المقاصد

٩٣ المبحث الثاني : عقوبة الجلد في الشريعة اإلسالمية

٩٤ المطلب األول : الجلد في اللغة والشرع

٩٥ والتعازيرالمطلب الثاني: مشروعية الجلد في الحدود

٩٨ المبحث الثالث: مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

١٠٠ : الردع والزجر اوال

١٠٥ والمساواة في المجتمع العدلثانيا: إقرار

١٠٦ ثالثا: تحقيق مقاصد الشريعة بحفظ العقل والنسل

١٠٩ رابعا: حفظ نظام المجتمع

١٠٩ ة حقوق اإلنسانخامسا: حماي

١١٣ سادسا: تهذيب الجاني وتطهيره

١١٦ سابعا: تحقيق السعادة للعباد في المعاش والمعاد

١١٩ ثامنا:تطهير المجتمع من الرذائل وحماية الفضيلة

تاســــعا: تمكــــين الفــــرد المســــلم مــــن مشــــاهدة صــــورة حيــــه واقعيــــة تطبيقيــــة للمجتمع

١٢٠

٢٥١

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

١٢١ بق التام بين الجريمة والعقوبة عاشر: التطا

١٢٤ حادي عشر : توطيد األمن واستتباب دعائمه

١٢٦ ثاني عشر: شفاء غيظ المجني عليه

١٢٨ طبيعة اإلنسان ونفسيته ةثالث عشر: مراعا

١٣٠ رابع عشر: الرحمة باألمة

١٣٤ العقابي المبحث الرابع : ضمانات المجلود في مرحلة التنفيذ

١٣٥ المطلب األول : آلة الجلد وطريقته ومواضع الجلد من البدن

١٣٨ المطلب الثاني: هيئة المجلود ، وتأخير الجلد للعذر

: موقـــف القـــوانين الوضـــعية والمواثيـــق الدوليـــة مـــن عقوبـــة الفصـــل الثالـــث الجلد

١٤١

١٤٢ ة قديما وحديثاالمبحث األول : الجلد في القوانين الوضعي

١٤٣ المطلب األول : عقوبة الجلد في العصور القديمة

١٤٧ المطلب الثاني: عقوبة الجلد في العصر الحاضر

١٥٥ المبحث الثاني : الجلد في السجون

١٥٦ بية في السجون يالمطلب األول : الجلد كعقوبة تأد

١٥٩ قالت والسجون المطلب الثاني : التعذيب في المعت

١٦٥ المبحث الثالث : موقف المواثيق الدولية من عقوبة الجلد

١٦٦ المطلب األول : موقف المواثيق الدولية العالمية من عقوبة الجلد

١٧٧ المطلب الثاني: موقف المواثيق الدولية اإلقليمية من عقوبة الجلد

والهيئــات غيــر الحكوميــة مــن عقوبــة المطلــب الثالــث : موقــف المنظمــات الجلد

١٨٣

١٨٩ الفصل الرابع : تقويم عقوبة الجلد

١٩٠ المبحث األول : الشبهات المثارة حول عقوبة الجلد والرد عليها

٢٠٨ غيرها من الجزاءات علىالمبحث الثاني : أفضلية عقوبة الجلد

٢٠٩ المطلب األول : مميزات عقوبة الجلد

٢١١ المطلب الثاني: أفضلية عقوبة الجلد على الغرامة

٢٥٢

مقابلة بالمواثيق الدولية والقوانين الوضعية –مقاصد الشريعة اإلسالمية من عقوبة الجلد

٢١٤ المطلب الثالث : أفضلية عقوبة الجلد على السجن

٢٢٢ الخاتمة

٢٢٢ النتائج

٢٢٥ التوصيات

٢٢٧ المصادر والمراجع

٢٥٢ فهرس الموضوعات