مادة الإختبار النهائي - مادة مبادئ تأسيسية في طبيعة...

42
مبايسية دئ تأسص القرآني طبيعة الن في د.مصطفى الحسنع رواقلنهائي لموقر اختبادة ا ما

description

الإختبار النهائي لهذه المادة في رواق ستكون أسئلتها من ثنايا هذه الوثيقة.

Transcript of مادة الإختبار النهائي - مادة مبادئ تأسيسية في طبيعة...

دئ تأسيسيةمبا

في طبيعة النص القرآني

د.مصطفى الحسن

مادة االختبار النهائي لموقع رواق

نصا لغويا بوصفو الكريم الفصل األول: القرآن ما الذي نعنيو بطبيعة النص القرآني؟ (1)

من ادلهم يف البداية أن نوضح ادلقصود بعبارة )طبيعة النص القرآين(، ألهنا تبدو غت مألوفة طبيعة سهلة ادلعت، ما أعنيو ىو أن لكل نص على الرغم من ذلك وغت دارجة، لكنها

ا تصور ذىت للنص، عن النصوص األخرى، نستطيع وصفها بأهن زه وذبعلو سلتلفا خاصة بو سبي و ة النص أو تعريف النص، أو كيف نرى ضلن النص، ىذه الطبيعة ىي اليت توج ماىي أو ىي

التأويل عادة، وىذا التوصيف أو ىذه الطبيعة موجودة يف أذىاننا سواء وعينا هبا أم ال، ىي كامنة يف ال وعينا، وىي تتحكم يف فهمنا للنص، لكن عدم الوعي هبذه الطبيعة غلعلها ردبا

هبذه الطبيعة. نكون على وعي نأو متناقضة، لذلك من اخلت لنا أ مشوىة أو ناقصةالنصوص نتحدث عن النص الدستوري، فحت سأضرب مثاال حىت يتضح ادلقصود،

تكون واضحة ودقيقة وغلب أن ال طلتلف يف تفستىا، أيضا للنص عادة الدستوريةرعية الدستوري مهمة وأسئلة غليب عنها، فهو غليبنا مثبل عن العبلقة بت احلاكم واحملكوم وش

خل، لكنو ال ػلدثنا مثبل عن شكل العبلقة بت الزوج والزوجة يف إاحلاكم ومىت تزول شرعيتو.. ال ػلدثنا عن شكل العائلة كيف تدار وكيف غلب أن وىو ء، البيت أو بت األب واألبنا

جاوز ا للدستور عمر افتاضي، فإذا أيض لمنا مثبل الرياضيات وال اللغات.ىو ال يعو تكون، يو قرن أو أكثر يتحدث القانونيون عن تطويره أو تعديلو أو استبدالو، ىذا ما نسم عمره ال

تشهد بنص دستوري يف سياق أديب وفعل جاء شخص واس بطبيعة النص الدستوري، فلووكذلك لو أنو .خلبل يف تصوره للنصوص الدستورية ذلك بشكل جاد، فهذا يعت أن شبة

استعمل النص الدستوري لفهم العبلقة بت العبد وربو، أو لو قرأ رجل ما الدستور األمريكي اخلاصة أو يف بيتو وعلى وأعجبو تنظيم العبلقة بت احلاكم والشعب وأراد تطبيقو على شركتو

بل يف فهم طبيعة خل عد فو يف شكل العبلقة بينو وبت أصدقائو، فهذا أيضا ي عائلتو أو وظ ومثل ذلك لو اعترب أحد نصا دستوريا ما خالدا ويصلح لكل زمان .النص الدستوري

ومكان، فالنصوص الدستورية مع ميزة الثبات فيها إال أهنا متطورة ومتغتة.

عمبل أدبيا لنص األديب أو الفلسفي، نبلحظ أنو من ادلمكن أن نقرأ اليوم إذل النأيت مثبل يف مكان سلتلف ويف سياق ثقايف سلتلف نقرأ عمبل روائيا كتبتب قبل بضعة قرون، أو ك

عنا سباما، فمن طبيعة النصوص الروائية أهنا نصوص أدبية وجودية وبعضها فلسفية، لذلك يف القرن الثامن أو التاسع قبل كتبت لى عبور الزمان وادلكان، اإللياذة مثبل ىي قادرة ع

وادلسرحيات درس يف أماكن سلتلفة من العادل اليوم، قرأ وت مازالت ت و ادليبلد يف اليونان، مازال يعاد سبثيلها بقراءات جديدة ورؤية فنية سلتلفة، لكن لو جاء من يتعامل مع اليونانية

كنص دستوري فهذا يعت وجود خلل يف فهمو لطبيعة النص. ىذه النصوصأكثر صراحة ووضوحا، لننظر مثبل يف الكتيبات اليت تأيت مع األجهزة اليت آخر لنأخذ مثاال

شر، نشتيها، ذلك الدليل اإلرشادي الذي يأيت بعدة لغات يف العادة، ىذا النص واضح ومباما ىو ىذا اجلهاز وكيف يعمل، لذلك أنت تقرؤه حت سؤال زلدد، علىوجاء ليجيب

سلصصا ا تشتي اجلهاز مث تتخلص منو، ردبا لو دخلنا مكتبة أحد األصدقاء ورأينا رف ، وردبا دل نستطع مقاومة الفضول من جدا لكتيبات األجهزة اليت اشتاىا لوجدنا ذلك غريبا

وحت نسألو لن نكون ضلن أول من يقوم بذلك أجل سؤالو عن ىذه العادة أو اذلواية الغريبة، العمل الفضورل، ألن ما انطبع يف أذىاننا عن طبيعة ىذا النص )دليل اإلرشاد( أنو زلدد

ماذا لو أنك .عتو تفرض علينا التخلص منو سريعاالوظيفة، ولو عمر افتاضي قصت، وطبياستشهادات من الشعر، وماذا لو قرأت يوما دليبل إرشاديا ووجدتو كتب بعبارات ببلغية وفيو

، إننا نعرف أن من طبيعة دليل أيضا وجدت فيو نصوصا دينية مثبل، ستجد ذلك غريبا عن اللغة كتب بلغة مقتضبة وبعيدة سباما وأن ي ،جدا وواضحا اإلرشاد أن يكون مباشرا

األدبية.وللموسوعات طبيعتها، أيضا للخطابات الرمسية طبيعتها، وللمجبلت والصحف طبيعتها،

وللنصوص الدينية أيضا طبيعتها اخلاصة من حيث اللغة ومدى اتساع معناىا، وأيضا منيث األسئلة اليت جاءت لتجيب عليها واألسئلة اليت ىي دل تأت يف األصل لتجيب عليها، ح

نا يف ولكل نص ديت فرادة خاصة، تعود إذل طبيعة الدين وطبيعة اللغة اليت نزلت بو، وضلن ىأن ىناك زلاوالت ىذا الكتاب نتحدث بشكل خاص عن طبيعة النص القرآين، وأعتقد

ت من القرن األول لفهم طبيعة ىذا النص، لكن ىذه احملاوالت بعضها دل يكتمل، عديدة سب وبعضها قطع شوطا مهما لكنو أيضا دل يتطور.

محاوالت سابقة

من أىم احملاوالت تلك اليت حدثت يف عصر الصحابة مث تطورت إذل )علوم القرآن(، من عن ماىية القرآن وطبيعتو، كان يف أصلو حبثا (علوم القرآنالبحث )ىذه الزاوية أعتقد أن

أي يف زمن الصحابة، من ذلك مثبل رواية أسباب ،أنو ابتدأ يف وقت مبكر جدا خصوصا الوحي، لكن ذلك دل غلمع يف كتاب واحد إال يف القرن السادس النزول، واحلديث عن

اذلجري، حت كتب ابن اجلوزي كتابو )فنون األفنان يف علوم القرآن( وىو ادلتوىف سنة نطق ( ه، ومن ادلمكن أن نستشعر ىنا مدى تأخر ظهور ىذا العلم، ومع ذلك ظل ي )

ئيسية، فنحن نقول )علم أصول الفقو( باجلمع ىكذا )علوم( وىي تسمية تدل على مشكلة ر غلمع بينها نسق واحد يسمح لنا أن مثبل، و )علم مصطلح احلديث(، أي أن شبة أبوابا

نطلق عليو علم كذا، لكن الحظ أن )علوم القرآن( بقيت بصيغة اجلمع ىذه، أي أن أبوابا دل تنضج فهي بة فيها افة إذل تأخر الكتاضباإلعت ربت ىذا االسم، فذلا عبلقة بالقرآن صب

أن تقارن بت أبواب أىم من ادلمكن مثبل .متماسكا واحدا بادلستوى الكايف لتشكل نسقا وىف سنة تكتابت يف ىذا العلم، وعلا كتاب )الربىان يف علوم القرآن( لبدر الدين الزركشي، ادل

ية وأساليب القضايا اللغو ، والذي أطال فيو النفس يف وأربعت نوعا سبعا ه، والذي ضم ، ىـ )اإلتقان يف علوم القرآن( جلبلل الدين السيوطي، ادلتوىف سنة القرآن الكرمي، وكتاب

ذلك بادلؤلفات احلديثة قارن، لتجد االختبلف يف األبواب، وأيضا والذي ضم شبانت نوعا واب )علوم القرآن(أب ضيفت، وستجد أنتبعدت واألبواب اليت أ نظر يف األبواب اليت اس او

مازالت حىت اآلن تعاين من عدم التماسك.لكننا لو نظرنا إذل )علوم القرآن( من زاوية البحث عن طبيعة النص القرآين، سنجد أهنا

حلديث عن الوحي، زلاولة جادة يف ىذا اجملال، فأىم أبواب علوم القرآن ىو تعريف القرآن وامث كيف انتقل قبل أن يوجد يف عادل الشهادة، يف عادل الغيب القرآن يةالوحي يعت ماى

ويبدو أن أىم مسألة كانت تشغل أذىاهنم ىي عبلقة القرآن .عادلنا احملسوسالقرآن إذل

فة حديثة بالزمان وادلكان، أو ما نسميو اليوم بالتارؼلية، التارؼلية كنزعة ومصطلح ىي فلسأىم ف االختبلف يف مدى وضوحها والوعي هبا،، مع دائما حاضرةلكنها كفكرة كانت

دلكي وادلدين والناسخ وادلنسوخ، أبواب علوم القرآن كانت احلديث عن أسباب النزول واوالبحث عت أن للنص عبلقة حبادثة وقعت أو بسياق تارؼلي ما، يأسباب النزول البحث يفو

ادلكي وادلدين ىو يف أصلو مبلحظة الفرق بت القرآن والبحث يف ،ىنا عن ماىية ىذه العبلقةالناسخ وادلنسوخ ادلكي والقرآن ادلدين يف ادلواضيع ادلتناولة وكذلك يف األسلوب، والبحث يف

ىو حبث يف العبلقة بت اآليات البلحقة واآليات السابقة، وىذا لو عبلقة بتلك الثقافة سواء .مسيناىا تدرج أم غت ذلك

ليس موضوعي ىنا احلديث عن علوم القرآن ونقده وتقوؽلو، لكنو استطراد ال بد منو لعبلقتو دبوضوع الكتاب، وأعتقد أن بداية احلديث عن أبواب علوم القرآن يف وقت مبكر يف زمن

زلاولة جادة لفهم طبيعة النص القرآين، وىي زلاوالت عقلية يف كثت من عد الصحابة ي نظرنا ذلا بوصفها خطوة أوذل فهي خطوة أوذل جريئة ومهمة، لكن لو نظرنا إذل جوانبها، وإذا

اليوم ومستتو وتطوره فسنجد أن تلك اخلطوة األوذل اجلادة واجلريئة دل تعقبها ىذا الفن خطوات شبيهة هبا، بل على العكس مت الوقوف عند كثت شلا قيل يف احملاوالت األوذل، وردبا

ة منعت من نقدىا.أظفيت عليها قداسمن ناحية ثانية ربدث العلماء عن إعجاز القرآن، ومن ادلهم أن نبلحظ أن لفظة اإلعجاز دل ترد يف القرآن، أي دل يرد وصف القرآن بأنو معجز، وإظلا الذي ورد ىو ربدي العرب أن يأتوا

تـراه قل فأتوا بسورة م } دبثلو، قال تعاذل: ثلو وادعوا من استطعتم من دون اللو إن أم يـقولون افـوظهور مصطلح )اإلعجاز( كان يف القرن الثاين اذلجري على ،(){(كنتم صادقت )

وما يهمنا ىنا ىو حبث العلماء يف طبيعة القرآن اللغوية، وزلاولة فهم نظامو ، ()أغلب الظنالقرن الثاين اذلجري ظهر كتابان، األول رلاز القرآن أليب عبيدة، في فتفوقو، الداخلي وسر

اء، ودل يقرر ىذان الكتابان مسألة اإلعجاز، لكن االىتمام كان والثاين معاين القرآن للفر ام وربدث عن منصبا على التشبيو والكناية واإلشارة والتأكيد وغت ذلك، جاء بعد ذلك النظ

(.سورة يونس ) () .القرآن الكرمي، إعجازفضل عباس، ()

ة نظمو وأسلوبو ومعانيو، دبعت أن قوتو ة القرآن ليست يف قو قو يرى أن فهومفهوم الصرفة، ألن اهلل تعاذل صرفهم عن ،عجز العرب عن اإلتيان دبثلويف ليست يف جانبو اللغوي وإظلا

لقرآن فيما تضمنو من أخبار ذلك، وإن اإلتيان دبثلو كان مقدورا ذلم، ويرى أن وجو إعجاز اقراءة كتابو البيان والتبيت ترى اىتمامو ببيان القرآن من مث جاء اجلاحظ ومن خبلل ،الغيب

وكتب اخلطايب ،اينحيث نظمو ورلازه وإغلازه والتشبيهات الواردة فيو، مث جاء ابن قتيبة والرم على من يرى أن اإلعجاز كان بالصرفة، ويرى أهنا معارضة بيان إعجاز القرآن، واخلطايب يرد

اجتمعت اإلنس واجلن على أن يأتوا دبثل ىذا القرآن ال يأتون دبثلو قل لئن }لقولو تعاذل: ويف رسالتو نقاش آخر مهم مع فريق يرى أن ، (){(ولو كان بـعضهم لبـعض ظهتا )

القرآن معجز بببلغتو "لكنهم دل ػلددوا معادل ىذه الببلغة ودل يضعوا قواعدىا وضوابطها، بل اكتفوا بالقول إننا حينما نسمع القرآن ضلس يف أنفسنا أن لو ببلغة ال توجد يف غته. وكثت

اخلطايب يعتقد أن الذوق مهم لكنو ال ف، ()غ"األبلمن الناس يتذوق الكبلم فيميز بت البليغ و وأعلية النقاش .فيو، ولذا ال بد من قواعد للنقد يصلح أن يكون معيارا ألن الناس ؼلتلفون

تو، فاخلطايب يعتقد أن مسألة ىنا واآلراء السابقة أهنا كانت تبحث يف طبيعة النص وماىي علمية وال موضوعية نقف عليها، قد الذوق مهمة ومعتربة يف اللغة لكنها ليست أرضية

تستمع لبيتت من الشعر فتى بذوقك أن البيت األول أفصح وأصبل وأرق من الثاين، لكنك البد أن تربىن على ذلك من خبلل النص نفسو، وال يصلح أن تقول إن الذوق يدل على

للغوية يف القرآن كذا وتكتفي هبذا التعليل، وىذا يعت أن اخلطايب يريد البحث يف الطبيعة ا والعلة اليت جعلت القرآن متفوقا على النصوص األخرى.

ه وكتب إعجاز القرآن، وكذلك القاضي عبد اجلبار ادلتوىف مث جاء الباقبلين ادلتوىف سنة ىاما عد منعطفا ه، والذي ي ه، إذل أن جاء عبد القاىر اجلرجاين ادلتوىف سنة سنة

ة ال ؽلكن ذباوزىا إال بعد الوقوف عليها، وكتب دالئل اإلعجاز الذي يف ىذا االذباه، وزلطيقول فيو: "وصبلة ما أردت أن أبينو لك، أنو البد لكل كبلم تستحسنو ولفظ تستجيده، من أن يكون الستحسانك ذلك جهة معلومة وعلة معقولة، وأن يكون لنا إذل العبارة من ذاك

(.سورة اإلسراء ) () .فضل عباس، إعجاز القرآن الكرمي، ()

دليل، وىو باب من العلم إذا أنت فتحتو اطلعت سبيل، وعلى صحة ما ادعيناه من ذلك ، وفائدة جسيمة، يف الدين عظيما منو على فوائد جليلة، ومعان شريفة، ورأيت لو أثرا

ووجدتو سببا إذل حسم كثت من الفساد فيما يعود إذل التنزيل، وإصبلح أنواع من اخللل فيما .()يتعلق بالتأويل"

يرى عبد القاىر أن الكبلم حىت يكون مقبوال عند ادلخاطبت، فبلبد لو من ثبلثة عناصر، يف نفوسنا، اللفظ وادلعت والنظم، فاللفظ ىو الكلمات واحلروف، وادلعت ىو ما استقر

ونرغب أن نعرب عنو لآلخرين، ويرى عبد القاىر أن العنصر الثالث وىو النظم ىو العنصر ىو ابتداء "توخي معاين النحو"، لكنو ال يقف عند ذلك، بل ىو يعتمد على األىم، والنظم

أن يكون الكبلم ادلنظوم موافقا للمعت الذي يف النفس، فأنت ترتب الكلمات وتقيم العبلقة أن ادلعت يف النفس تريد إيصالو، ولذلك يرى بينها من خبلل احلروف، بناء على ادلعت الذي

ه، وقد ىضم نظرية . بعد ذلك جاء الزسلشري ادلتوىف سنة يسبق الكبلم ادلنطوقوكتب تفسته الكشاف بناء على ذلك، مث استمرت ادلدرسة البيانية يف ،النظم بشكل كامل

إثراء ىذا االذباه. وما يهمنا ىنا ىو البحث ادلستمر يف زلاولة فهم طبيعة القرآن الكرمي، وأن وعيا، وىذا االذباه خبصوص كان يست خبط تصاعدي ىذا البحث كان حبثا عقبلنيا وموض

وتنضج، وأعتقد أنو ال يزال ػلمل بذورا دل ينتبو ذلا.فيو تتاكم وكانت األفكار ورغم ذلك أزعم أن ىذا التأسيس دلا ؽلكن أن نسميو )طبيعة النص القرآين( ما يزال يف

إلنضاج، وىذا التأسيس ال ؽلكن تو، وما زالنا حباجة إذل الكثت من البحث والكتابة واابدايذباوزه، ال ؽلكن أن ننتقل إذل تأويل النص القرآين واحلديث عن ىدايتو بدون أن نؤسس

بوعي دلاىية وطبيعة القرآن الكرمي.من إليون تنظر أ تتحدث عن شيء ما فأنت بإمكانك التنبيو على أمر مهم، حت أختا أود

اما مثلما تود أن ترسم منظرا بديعا أمامك، فلو كل الزوايا، وىذا نوع من التشتت، سبحت تود أن فحاولت أن ترمسو من كل الزوايا فإن ذلك سيكون مستحيبل بالنسبة لك،

تعرف شيئا من كل جوانبو وزواياه قد تتحدث كثتا وتكتب كثتا، لكن السامع والقارئ ية لتنظر من خبلذلا فبلبد أن يكون لك قصد من و سيشعر بالشتات، وحت تريد ربديد زا

.عبد القاىر اجلرجاين، دالئل اإلعجاز، ()

ردت أن أ وما غلب أن تتغافل عنو، مثبل لوذلك، ىذا القصد ىو ما ػلدد ما غلب أن يقال مؤسسة تعليمية مشهورة، لنأخذ جامعة ىارفارد على سبيل ادلثال، فردبا يعرفها أحدنا تصف

عليها، وردبا يأيت أخر ويعرفها من ويصفها من جهة سياستها التعليمية والفلسفة اليت تقوم فلو ، وىكذا.. آخرمن جانب ثالثجهة سياستها ادلالية ونظامها اإلداري، وردبا يعرفها

كان احلديث بت ادلهتمت بفلسفات التعليم فإن التوصيف سيأخذ الزاوية األوذل، ولو كان ادلنحى الثاين، وىذه احلالة احلديث بت ادلهتمت باجلوانب اإلدارية وادلالية فسيأخذ احلديث

الطبيعية حىت تكون األفكار منظمة، والوعي بادلقصد الذي يتم من أجلو التوصيف ىو الذي يضبط ادلواضيع اليت غلب االىتمام هبا، وىو الذي غلعلنا نصرف النظر عن كثت من ادلواضيع

هندف إذل تأويل القرآن اليت ال عبلقة ذلا دبقصدنا، وضلن يف حديثنا عن طبيعة النص القرآينوفهمو وتدبره، ىذا ىو مقصدنا من فهم وتعريف القرآن الكرمي، لذلك سنبقي أعيننا على ىذا ادلقصد، وسنهتم باألبواب اليت توصلنا إليو وسنبتعد عن األبواب األخرى اليت قد تفيد

ن أنبو إذل أنت ومن ادلناسب ىنا أ يف جوانب أخرى لكنها لن تفيدنا كثتا يف تأويلو وفهمو.أستعمل مصطلح )التأويل( دبعت القراءة والفهم، التأويل أي االلتقاء بالنص والتحاور معو،

وليس بادلعت االصطبلحي الذي يعت صرف ادلعت عن ظاىره.

القرآن العربي.( 2)وقد يكون غريبا أن ضلاول نص لغوي، وبأنالقرآن الكرمي نصف أن ردبا من البدىي جدا

ي إذل أقصى ما تعنيو ىذه ألننا نريد أن ظلض ذلذالكن ال بد من التأسيس إثبات ذلك،أن يكون المدخل اللغوي إلى نريدوالجديد ىنا ىو أننا .ما يعنيو ىذا الوصفالكلمة و

زبتار ، بإمكانك أن نظر من جهتهاالزاوية التي نقرآن الكريم ىو المدخل المفضل و الأربدث عن فأناايا أخرى للنظر، كادلدخل العقدي مثبل، لكن كما ذكرت سابقا و داخل وز م

ادلدخل العقدي ال ػلدث فرقا يف و مقصدي ىو التأويل، )طبيعة النص القرآين( يف حت أن بع ىذا مث تت ويالغ اظلا ما ػلدث الفرق ىو النظر إذل القرآن بوصفو نصية التأويل، وإعمل

.()إذل أقصى حد شلكنادلفهوم لو، فبل ػلصيو أحد وال ػليط بو سللوق، يقول القرآن كبلم اهلل تعاذل، وكبلم اهلل ال حد

نا }تعاذل: قل لو كان البحر مدادا لكلمات ريبي لنفد البحر قـبل أن تنفد كلمات ريبي ولو جئـعلى رسولو زلمد صلى ونزلأالذي سبحانوكبلمو الكرمي ىو والقرآن ،(){() دبثلو مددا

وكان ىذا الوعاء والقالب ىو اهلل عليو وسلم، وأراده سبحانو أن ينزل يف ىذا القالب اللغوي، ربديدا يف زمن التنزيل نزل بلغة العربلغة العرب، واللغة ىي بشرية بطبيعتها، فالقرآن الكرمي

أم القرى مكة ادلكرمة وجزيرة العرب ربديدا كذلك.ويف ربديدا، الر تلك آيات الكتاب المبت }القرآن وصف نفسو هبذا الوصف الواضح، فاهلل تعاذل يقول:

( يعود على إنا أنزلناه والضمت ىنا يف ) ،(){(( إنا أنزلناه قـرآنا عربيا لعلكم تـعقلون ))لعلكم ( أي أنو نزل بلغة العرب، مث جاء تذييل اآلية بـ )قـرآنا عربيا ) و الذات اإلذلية،

ومن أجل الو بلغة العرب من أجل أن يفهم، أي أن إنز التعقل ىنا دبعت الفهم،و (، تـعقلون أوضح وصف للطبيعة لذلك صلد أن ،بطريقة موضوعية عقبلنيةلقرآن يتم التعامل مع ا أن

وىذا ما جعلت أقول ابتداء إن القرآنية يف القرآن الكرمي أنو كبلم اهلل وأنو نزل بلغة العرب،

بينت ذلك يف احملاضرة ادلتعلقة بـ )ادلدخل العقدي(. () (.سورة الكهف ) () (، سورة يوسف ) ()

ب اإلطالة يف إثباتو، وإظلا ما غلب احلديث عنو ىو ما ىذا الوصف بدىي جدا، حبيث ال ذب لغوي.الذي يعنيو وصفنا للقرآن بأنو نص

فهو قد التزم هبذا الوصف، ودل ؼلرج القرآن الكرمي حت وصف نفسو بأنو نزل بلغة العرب فهو احتم نظامها، ونزل عند قوانينها، ودل ؼلرج عن قواعدىا، وسأضرب ، عن كونو كذلك

أمثلة سريعة على ذلك. زمن التنزيل، ذاهتا ألفاظ العرب ادلتداولة يف اليت استعملها القرآن الكرمي ىي األلفاظ

وطورىا بالقدر الذي تسمح بو اللغة يف العادة، وكما ذكرت فاللغة ىي إنتاج استعملها ، تتشكل بشكل دائم ومستمر، ببطء شديد ونظام معقد جدا.بشري

يام ذكرت قبل أ لو أخذنا مثبل كلمة )التغريدة(، لو أين قلت يف سياق كبلمي: "يف تغريدة رلىذه ادلعلومة"، فالذىن سينصرف مباشرة إذل الكتابة يف موقع تويت، ولو أنت قلت: "كان رل لقاء مع ادلغردين"، فالذىن سينصرف مباشرة إذل أنو اجتماع مع الناشطت يف موقع تويت،

سوى تغريد الطيور، مغردون( تعت اآلن دل تكن كلمة )تغريدة، لكن قبل عشر سنوات من ستكون عباريت وقتها مبهمة وغت مفهومة، وىذا ما عنيتو بأن اإلنسان ينتج لغتو باستمرار، و

وأن اللغة ىي سلزن الثقافة، وىي نظام تفكت، وسنعود ذلذا دبزيد من التفصيل.قد كان بإمكان القرآن أن ينحت مصطلحات جديدة من جذر لغوي جديد، ويتخلص ل

يفعل ذلك، كلمة من الكلمات، لكنو دلة لة اليت تأيت هبا أيبذلك من ادلعاين السابقة واحلمو وقام بعملية التطوير اليت يسمح هبا النظام اللغوي بل نزل بكلمات العرب ادلستعملة ذاهتا،

ألي لغة، ففي النسك مثبل جاء بكلمة )الصبلة( اليت تعت يف لغة العرب )الدعاء(، أو ردبا كل صبلة ذباه اإللو، أيلكنها كانت لفظة رلملة، من العبادة انوعكانت تعت عندىم

فجاء القرآن وطور ىذه اللفظة وجعلها مصطلحا خاصا بو ليدل على تلك األفعالادلخصوصة يف األوقات ادلخصوصة، فأنت حت تقرأ يف القرآن الكرمي "وأقيموا الصبلة"، ينصرف ذىنك إذل ىذه العبادة ادلخصوصة، وقد كان من ادلمكن مثبل أن ينحت القرآن

.كلمة جديدة جبذر جديد، مث يعرف لنا مصطلحاتو اجلديدة، لكنو دل يرد ذلك وىي تعد من أىم وظائف ومهمات القرآن الكرمي،وأعلها، واليت حىت يف أخطر األشياء

جاء بكبلم عن العبلقة بو، وكيف تكون وكيف تتم، و و صفات احلديث عن اهلل تعاذل وعن

ادلتكرب ادلهيمت القوي الرزاق، بار بالرضبن الرحيم العزيز اجل فوصف نفسو يف كتابو العربوأن ىذه ادلعاين مأخوذة من حياهتم معان عند العرب،ذه الكلمات وضلن نعرف سباما أن ذل

، قد تكون ءىم متوارثا من معان دينية قدؽلةيف عادل الشهادة احملسوس، وردبا بعضها قد جا، لكنو أيضا دل ينحت لنفسو مصطلحات جديدة، ليتخلص من ةمشوى ة وقد تكونصحيح

حىت يف وقت التنزيل، و احلمولة القدؽلة لؤللفاظ وإظلا استعمل األلفاظ ادلتداولة يف لغة العرباحلب العريب يعرفو ،(){وػلبونو ػلبـهم } تعاذل:كلمة احلب، يقول العبلقة مع اهلل استعمل

ب األخوة وحب األصدقاءحب األم وحب األب وح من خبلل ،يف احلياة ثقافتو لمن خبل إخل،.. واجلبالاخليل واإلبل، وحب الشجر والنخيل، وحب السماء وحب العشيقة وحب

، فجاء يف ذىنو الكلمةبلورت معت ىذه الكثتة وادلختلفة اليت احلب ومستويات أنواع من .القرآن واستعملها ذاهتا

من وفدت إذل اللغة العربية ىناك ألفاظبل األلفاظ األعجمية يف القرآن الكرمي، لنأخذ مثلغات غت عربية، مثل )االستربق، فردوس، زصلبيل( وغتىا، وىذه مسألة قدؽلة ومشهورة، وقد تساءل العلماء عن سبب إيراد القرآن الكرمي أللفاظ أعجمية مع أنو وصف نفسو بأنو

من جهة أنو إذل القرآن الكرميوىناك كبلم كثت حول ىذا، وأعتقد أن النظر بلسان عريب، ىذا اإلشكال، بل ىو يف الواقع ال يصبح إشكاال، بل جزءا من طبيعة النص نص لغوي ػلل

القرآين.أيا كانت تطرأ عليها كلمات أجنبية، ضلن اآلن مثبل يف دول اخلليج وكذلك يف دول اللغات

عربية أخرى لو تتبعنا كلماتنا لوجدنا فيها بعض الكلمات اليت ىي ليست عربية يف أصلها، ، خصوصا يف دول اخلليج أو حىت من لغات أخرى بل أصلها ردبا يكون تركيا أو فارسيا

ادلناطق اليت كانت ربت احلكم العثماين، ففي حلظة دخول الكلمة القريبة من إيران أو يفاألجنبية على اللغة يعرف الناس أهنا كلمة أجنبية، لكنها مع الوقت تتوطن، ويأيت جيل

أصلية، ردبا نلحظ اآلن دخول كثت من األلفاظ كلماتالحق يتعامل معها بوصفها لغة أهنا تقاوم، فتفض كلمات وتطردىا وسبنعها اإلصلليزية يف كبلمنا اليومي، ومن طبيعة أي

عديبلت صوتية تتقوم ب الكلماتأخرى، وحت تقبل بعض كلماتمن التوطت، وتقبل

(.سورة ادلائدة ) ()

اللغة ادلضيفة احلروف وإضافة أخرى، حىت تنسجم مععليها، وردبا تقوم حبذف بعض ىذا ىو نظام وحال اجلديدة، و عد ضمن اللغةما مت توطينو أصبح ي واجلديدة بالنسبة ذلا، و

متشاهبة يف كل لغات العادل. كلماتلذلك توجد كل اللغات، الوافدة على لغة فالكلمات اللغة، ىذه بنظام التزم القرآن الكرمي حت نزل بقالب لغوي، فهو

ديبلت عليها حىت تنسجم مع العرب واليت استقرت فتة مث توطنت، وقامت اللغة العربية بتعيدا أن القرآن نزل بلغة العرب من ىنا نعلم ج ،القرآن كلمات عربية واستعملها عدىا انظامه

ضبط بقواعد ىذه اللغة واحتم وحت نزل بلغة العرب انزمن التنزيل ويف مكان التنزيل، يف .نظامها

اللغة بوصفها بنية.( 3)ت اللغة نوذريتو كا الكبلم عن اللغة قدمي جدا، ويف حوار اهلل تعاذل مع ادلبلئكة عن آدم

لوجود، وخلق األرض ل اهلل خلق لؤلحداث يأيت أوال التتيب القرآين فحسبحاضرة، يقول تعاذل: .علم حىت تلك اللحظة من ىوللقادم اجلديد الذي ال ي وإعدادىا، وتزيينها

دبعت مسؤول عن ىنا (خليفة ) و{، جاعل يف األرض خليفة وإذ قال ربك للمبلئكة إيني }ىذه األرض، مسؤول عن نفسو وإنسانيتو أوال، وعن ىذه األرض واالرتقاء هبا ثانيا، وخليفة دبعت أنو ؼللف بعضو بعضا، فاإلنسان يعتمد بشكل رئيس على التاكم ادلعريف، وقدرتو

متداد دلستة بشرية جوده كايف التاريخ، بل من و ما العقلية ليست من وجوده كفرد يف نقطةأذبعل فيها }وىنا ادلبلئكة تعجبت من أن يكون آدم وذريتو ىو )اخلليفة(، فقالت: .طويلة

ماء وضلن نسبيح حبمدك ونـقديس لك ، من واجبات اخلليفة (){من يـفسد فيها ويسفك الديتعجبت من كون آدم بلئكة توقعت العكس، و ، ولكن ادلأن يقيم احلياة يف أحسن حال

تعاذل دل ينف كبلمهم، وإظلا انتقل ذه ادلهمة، وادلبلحظ ىنا أن اهللوذريتو ىم ادلكلفون هبأمر آخر، وكأنو ينبههم إذل معلومة مفقودة أو معطى جديد، فمع كون ذرية آدم إذلاحلديث

تسفك الدماء، وىذا ما حصل يف التاريخ كما نقرأ وىو ما ػلصل يف سستفسد يف األرض و وعلم آدم } :مهم يف إحداث التوازن، فقال آخر معطىالواقع كما نشاىد، إال أن شبة

( ادقت )األمساء كلها مث عرضهم على المبلئكة فـقال أنبئوين بأمساء ىؤالء إن كنتم ص هم قالوا سبحانك ال علم لنا إال ما علمتـنا إنك أنت العليم احلكيم ) ( قال يا آدم أنبئـ

واألرض وأعلم ما وات بأمسائهم فـلما أنـبأىم بأمسائهم قال أدل أقل لكم إيني أعلم غيب السم رىم سبحانو بالسجود آلدم مانتهى احلوار، ودلا أ ىنا ،(){(تـبدون وما كنتم تكتمون )

سجدوا لو.ك كبلم كثت، يصل إذل حد ؟! ىناتعليم اهلل إياىاما ىي ىذه األمساء اليت تعلمها؟! وما معت

التفست األسطوري يف رأيي، وأعتقد أن معت اآلية أنو أعطاه القدرة على التميز والتسمية، علمو األمساء أي علمو القدرة على تسمية األشياء، وردبا علمو أمساء األشياء األولية، لكن

(.) سورة البقرة () (.، ، سورة البقرة ) ()

قدرة آدم وذريتو على بناء وىو ما يعتادليزة كانت يف قدرتو على ابتكار أمساء أخرى، ات وتفريعها.اللغ

الكبلم عن اللغات أخذ بعدا كبلميا يف التاث اإلسبلمي، وكذلك يف التاث الفلسفي توقيفية أم اصطبلحية، ومن نظر ىل ىي اللغات فدار جدل طويل حول ، من قبل اليوناين

إذل واقع اللغة يف حياتنا اليومية رأى اإلنسان يبتكر لغتو بشكل مستمر، فواقع اللغة يشت إذل وعلم آدم أهنا تقوم على ادلواضعة وأهنا اجتهادية من اإلنسان، ولكن من نظر يف قولو تعاذل )

وكذلك من نظر يف اإلصليل والتوراة وجد ما يشت إذل أهنا توقيفية، خصوصا ،(األمساء كلهاأن شبة فرقا أن اإلنسان خلقو اهلل من تراب فمن الطبيعي أن يكون الكبلم خلق معو، وأعتقد

وما أعتقده أن اللغات جاىزة كاملة مع اإلنسان، بت خلق القدرة على الكبلم، وخلق ( تعت أنو أعطاه القدرة على تسمية األشياء وابتكار اللغات.وعلم آدم األمساء كلهاـ)

والنظر إليها ببعد كلي، وكانت ذلم إذل اللغة قدؽلا وحاولوا فلسفتهانظر العلماء والفبلسفة هناك من يعطي اللغة فوما زالت آراء كثتة ومتفاوتة يف مستوى تقدير اللغة وتقدير تأثتىا،

أقل الدرجات أعلية ىو أن ننظر ردبا يكون بتا وىناك من يقلل من أعليتها، ودورا ك مااىتماذرك أخاطبك آمرك... إخل، هبذه ا أناديك أحأنفأداة للتواصل، رلرد إذل اللغة بوصفها

تلف اإلنسان كثتا عن احليوان، ألن ويف ىذا ادلستوى ال ؼلالطريقة ضلن نتواصل عرب اللغة، ء للتحذير ونداء لوجود الطعام، يصدر ندا مثبل النمللغة خاصة هبا، فاحليوانات تتواصل عرب

لضفادع عن طريق النقيق.. ، واوىناك لغة للقردة عرب الصيحات، والذئاب عن طريق العواءاة للتواصل بل ىي أداة أد رلردليست ىناك من ينظر إذل اللغة باىتمام أكرب فاللغةو ،إخل

وأنا -اليت ذكرناىا سابقا مثال كلمة )التغريد( يف .لتفكت، فنحن نفكر من خبلل اللغةلالكتابة التغريد ليس فقط ف -أحاول احملافظة على ادلثال نفسو حىت ال يتشتت ذىن القارئ

نتجتها ىو كل ىذه احلالة اليت أو تويت، موقع ريد ىو ثقافة الكتابة يفالتغدبائة وأربعت حرفا، ى التواصل عرب احلدود ىو القدرة علتواصل االجتماعي، ىو الكبلم خارج السلطة، و لمواقع ا

ا لعقود متتالية، وىو العب اجلغرافية، وىو فاعلية الفرد بعد تغول الدولة احلديثة وإعبلمهيف أرق األنظمة الشمولية، وىو مكان يتساوى فيو سبب رئيس يف احلراكات الشبابية، و

من يستأثر باحلديث دون اآلخر، فيو وال يوجد -ةام مع ادلثقفت _إذا صحت التسميالعو

نتشار رائحتو، إنو كل ىذاث حلظة وقوعو، وتفضح الفساد قبل امنصة تنقل احلدوىو ال تتجاوز نو )كتابة عبارات عرب موقع تويت حبيث فت التغريد مثبل بألذلك إذا عر .وزيادة

بقتل معت الكلمة، وأذىبت روحها، بل ت (، تكون يف الواقع قد قممائة وأربعت حرفارسنا التفست، دتعاملت مع اللغة وكأهنا لغة رقمية، فـ)س( تساوي )ص(، ولؤلسف ىكذا

ىي سلزن يف الواقع الكلمةو ومعاين ادلفردات، غة، من خبلل ادلعت اإلصبارلوىكذا فهمنا اللىي شبكة من العبلقات، ومعان متتالية ، سلتلفةشابكة مع كلمات أخرى ومعان دلعان مت

غة رغم أننا ضلن من داخل اللتولد دون هناية، وضلن نفكر ضمن ىذه الشبكة، ضلن نفكر يف، إننا ال نستطيع أن نتداول ستجد أنك تفكر باللغةحاول أن تتذكر كيف تفكر، .هاينتج

ها األفكار ادلركبة يف عقولنا دون لغة، وال نستطيع أن طلرج األفكار ادلركبة من عقولنا ونوصلالتقيت بأحدكم، مث حاولت أن أوصل لو مضمون ىذا لآلخرين دون لغة، ماذا لو أنت

، فكم من اجلسد ولغةللغة أصبل، فحىت لو كنا ماىرين يف اإلشارات الكتاب وضلن ال ظللك ااألفكار بإمكاننا إيصاذلا، وكم من الوقت ضلتاج من أجل إسبام ىذه ادلهمة ادلستحيلة، لذلك كانت قدرة اإلنسان على التسمية ىي قدرتو على بناء فكر تراكمي، وعلى أن يكون

.خليفةومهم ىنا أن نتحدث عن اللغة واالىتمام هبا يف ، ىذه الفكرة تطورت أكثر من ذلك

النحو ادلقارن يشغل بال النصف الثاين من القرن التاسع عشر، حيث كان االىتمام ب، وكان النظر إذل اللغة يتجو ضلو كوهنا عادل مستقل وليست أداة بيد اإلنسان، حىت ادلهتمت

سقا، ومع أن كثتا من األفكار جاء العادل السويسري دو سوست وربدث عن اللغة بوصفها ناليت صرح هبا دو سوست كانت موجودة يف النصف الثاين من القرن التاسع عشر، إال أن لو

من دشن علم اللسانيات احلديثة، أبا للبنيوية، وىو عد جها، ولذلك ي فضل بلورهتا وإنضا .()بذلك يعلن قطيعة ابستمولوجية مع اللسانيات ادلقارنةو

كثتا من األفكار اليت طرحها مت أن يعد منعطفا مهما يف فلسفة اللغة، ومع دو سوستففلسفتو ذباوزىا ونقدىا، لكنو من الشخصيات اليت ال ؽلكن ذباوزىا إال بعد التمكن منها،

م(، -م(، )-يف الفـــــــتات ) صبــــــع فيهــــــا أفكــــــاره ألقــــــى عــــــدة زلاضــــــرات يف جنيـــــــف ()طبلبــو يف كراســات، ونشــرت بعــد ذلــك، انظــر: مــاري آن يــافو، جــورج إليــا ســرافيت، م(، صبعهــا -)

.النظريات اللسانية الكربى، من النحو ادلقارن إذل الذرائعية ص

ذل ما بعدىا، وسنتعرض ىنا لبعض أفكاره مهمة غلب الوقوف عليها مث ادلضي إأرضية معرفية حبسب ما يهمنا.

ىو أنو نظر إلى اللغة بوصفها )بنية(، أي قد تكون الفكرة اجلوىرية يف فلسفة دو سوست ، أنها ليست مجرد أداة يستعملها اإلنسان، وإنما لها عالمها الخاص والمستقل

ؽلكننا سأضرب مثبل بلعبة كرة القدم، سيط مفهوم البنية بأكرب قدر شلكن.وسأحاول تبنظرنا إذل ملعب كرة القدم إذا، ابنية(، فهي عادل مستقل بذاهتلعبة كرة القدم بأهنا )وصف ذا وذل( البنية) ذلذه اللعبةو ،تفصلو عن كل ما حولو الواضحة اليتلو حدوده أن لوجدنا

داخل العبا اثنان وعشرونهناك فاخلاصة بو، الواضحة والصارمة و قوانينو كذلك ادللعب، ولكل حكم دوره اخلاص بو، وكذلك للمدرب والعيب االحتياط خطوحكما ورجبل ادللعب

دبا غلري داخل حدود وعبلقتهمواحلكم الرابع دورىم وذلم قوانينهم اليت تضبط حركتهم ادللعب، وحت تبدأ ادلباراة فكل القوانت واضحة بداية من الوقت إذل كيفية اللعب بالكرة،

اء ذلا نظامها فيتوقف اللعب وتتم معاجلتهولكل شيء قانونو اخلاص بو، وحىت األخطابطريقة معينة، وحت زبرج الكرة خارج حدود ادللعب يتوقف اللعب، وتعود الكرة ولعودهتا

من ادلمكن أن ىذا النوع من البت واضح وصارم وصارخ جدا، فواستئناف اللعبة نظام أيضا، وكيف يكون كل عادل ، دحوال يفصل بينهما سوى مت وا هماتتخيل ملعبت جبوار بعض

دون تدخل من العادل اجملاور لو. مستقبل بقوانينوملعب كرة القدم مستقبل عما حولو، لعبة كرة القدم، و عد ت إذل أي حد التارل: السؤال لنسأل

أم أن اجلمهور ، بنية اللعبةىل اجلمهور جزء من ، أي حد ىو يتأثر باجلمهور مثبل إذلو ليس من بنيتها لكنو دبعت أن ،عليها سليبجزء من التشويش ومن التأثت ال متطفل وىو

عادل مستقل بذاتو وإن ادلشاىد يف أي ،)بنية( يقول إن الرياضة ىناك رأي ؟! ل فيهاتدخ لنتبع جدال ىذه الفلسفة.. فقط حىت ة،األصلي طبيعتوالرياضة يفسد ىذا العادل وؼلرجو عن

البنية.تضح لنا معت يما يضا خلشبة ادلسرح قوانينها، فىو عادل مستقل بذاتو، أادلسرح ، لنأخذ مثاال آخر يف الفن

إن تبدأ ادلسرحية حىت يصبح ما غلري على ادلسرح منفصل سباما عن العادل حوذلا، ىناك سيناريو وشخصيات وحوار وديكور.. لكل شيء نظامو، احلركة وادلشاىد والصور التعبتية..

بنية مستقلة، خشبة ادلسرحأو ادلسرح عد ي ، ولنسأل ىنا السؤال نفسو، إذل أي حد إخلمن حيث متكامبل عمبل من حيث ىي عمل فت يقام على خشبة ادلسرح تعد ادلسرحيةف

ىل اجلمهور ىو جزء من ، كن ماذا عن اجلمهور، لصيات والديكور واحلوار والقصةالشخإنك لن ذبد مسرحا دون صبهور، ألهنم كما يف كرة القدم؟! عادل ادلسرح أم ىو طارئ عليولذلك ال ػلرص كثت من ادلسرحيت على تصوير مسرحياهتم ألن جزء من العملية الفنية ذاهتا،

، ربدث يف الوقت نفسو بت خشبة ادلسرح واجلمهور ملةمتكا حالة وى العمل ادلسرحيىو كما أن ادلشاىد الزائر ية،ادلوسيقادلقطوعة من اجزء عادلستموكذلك يف ادلوسيقى يكون

.زء من معرض الرسومات وادلنحوتاتج مثبل ميةضحت تريد دراسة دورتو اذل، فن ىو بنية وعادل متكاملاإلنسا للمثال األخت،لنأيت

، ألن قوانت ىذه م العصيب فأنت تدرس اجلسد نفسوأو معرفة نظام الدورة الدموية أو النظاقل إذل أي حد ىو مست سيأيت السؤال نفسو وىو لكنالبنية متكاملة وموجودة يف داخلو،

، فهل سيكتفي فحص اجلسديلالطبيب ويأيت تسمم الب مثبل حت يصابف ،عن ما حولوبالطعام مثبل ىذا اجلسد تأثرباعتبار أنو ال عبلقة لو بكل ما ىو خارج عنو، أم أن ،بذلك

ندرس تفكت ؟! وحتوباذلواء وادلايكروبات والبشر والشجر وكل ما حولو بو لبيئة احمليطةيف ا و،حول متصل دبامنفصل أو أي حد ىو عادل أيضا لكن كذلك، اإلنسان صلده عادلا متكامبل

تعد لعبة حد إذل أي، و مستقلة ىو بنية فإذل أي حد ، ت حت نصف اإلنسان بكونو بنيةدبع ؟!مستقلة ادلسرح بنيةيعد القدم و كرة

لنقم ، إذل أي حد ىي بنية مستقلة ،بنية بوصفها اللغةوسؤالنا ىنا فيما ؼلص موضوعنا عن م يف سنة وليكن ذلك ،يف التاريخ فلنفتض أننا أحدثنا قطعا االفتاضية، هبذه التجربة

طريقتهم ، لنجمع أيضا ندرسهاكبلم الناس وأمثلتهم و ل ، ولنقم بعملية صبعيف مدينة جدةقصص ، ولنجمع أيضا االجتماعية وسخريتهم، وأحاديثهمنكاهتم ، و سلوهبم يف ادلزاحأو

وحكاياهتميتداولوهنا الروايات اليتو اليت يرووهنا لؤلطفال، وال ؽللون أبدا من تكرارىا، اجلداتأيضا النصوص اليت كتبت يف ذلك الزمان وذلك ادلكان، النصوص األدبية لنأخذ ، و اليومية

والدينية وحىت النصوص واخلطابات الرمسية، لنجمع كل ذلك وندرسو دراسة عميقة وجادة، يف ادلدينة نفسها، سنوات بعد مائة وعشرم، أي نقم بعملية قطع أخرى يف سنة مث ل

يف التاريخ يف زمانت نقطتانسيصبح عندنا م الناس.ا كل ما نقدر عليو من كبلولنجمع أيضسنجد أن سلتلفت ولكن يف ادلكان نفسو، وبت النقطت قرن تقريبا، ولنقم بعملية مقارنة،

م، ومازالت كذلك يف م ىناك ألفاظا كانت نشطة وكثتة التداول يف سنة صارت خاملة يف كنها م، لنشطة يف كانت ىناك ألفاظا سنجد أن ولكن أيضا

م، صارت نشطة يف م، ف وألفاظا كانت خاملة وقليلة االستعمال يفم، ردبا ىناك و مثل كلمة )التغريد( اليت ربدثت عنها سابقا،سنجد أن ألفاظا اختلفت داللتها، و

واحلب ، وألفاظ عن اجلمال وحقوق ادلرأة وصناديق االقتاع مثل حقوق اإلنسانأخرى ألفاظ والعنف والسلطة، كلها تغتت واختلف معناىا بنسب متفاوتة.، مت بعملية منظمة ومقننة تلكدو سوست يفتض أن ىذا االنتقال من ىذه النقطة إذل

كيف ولو أننا تتبعنا لفظة ما ، يتم بعبثية، فهذا االنتقال دلذلك نقول إن اللغة عادل وبنيةولويعتقد أننا ، لوجدنا أن ىناك نظاما مسح بذلكا نشطة ة إذل كوهنملانتقلت من كوهنا خا

ا النظام وىذه البنية.قادرون على اكتشاف ىذ، من امرأة من مصر من الكويتلو تزوج رجل ردبا يكون أكثر وضوحا، سأضرب مثبل آخر

ولنفتض أن األسرة استقرت يف هجة، اختبلف اللسيصبح عندنا ىنا اتفاق يف اللغة و ذلجتها إما أن ربافظ على ، فهي ادلصرية أهنا أمام عدة خياراتستجد ىذه الزوجة الكويت،

، وقد تنجح يف ذلك فنأيت ذلا بعد عشرين سنة مثبل وسنجدىا مازالت ادلصرية وتقاوم التغيتوإما أن رباول تعلم تتحدث اللهجة ادلصرية دون إدخال عنصر واحد من اللهجة الكويتية،

فعلى امتداد عقدين مثبل قد ،، وقد تنجح يف ذلكى سبهل وعرب السنتعل الكويتيةاللهجة فتكون يف ادلنتصف ذا كانت ترغب وتعمل على ذلك، وردبا تقف ، إذلجتها سباما تتبدل

كويتية، وردبا تصبح قادرة على احلديث باللهجتت ولكن دون نصف مصرية ونصف ذلجتها كأن تتحدث باللهجة الكويتية جة إذل أخرى، اخللط بينهما فتجدىا يف حديثها تنتقل من ذل

جتها ادلصرية، أو إذا غضبت مثبل.ذا أرادت احلديث عن أمر شخصي تنتقل إذل ذللكن إوالسيناريو األسوأ سيكون حت تقرر أن تتحدث باللهجة الكويتية كاملة من أول ليلة تطأ

نشازا كوميديا فيها أرض الكويت، ىنا ستجد نفسها تتحدث بطبلقة لكنها ستكون للسامعت، والواقع أن اخليارات األوذل تنم عن احتام لبنية اللغة، فأنت حت تقبل على عادل

متكامل مستقل بقوانينو، فإن احتامك لقوانينو غلعلك تتمهل يف الدخول إليو، وتقبل بأن ء ىنا ذبد ذبري قوانينو عليك، لكن حت تنظر إذل اللغة بصفتها رلرد أداة ربركها كيف تشا

اوبشكل أكثر تعقيد رنفسك تبدو نشازا، ويف حالة ىذه العائلة سنجد أن اخليارات تتكر عند األوالد، فهل سيتحدثون بلهجة أمهم، أم بلهجة أبيهم اليت ىي ذلجة اجملتمع حوذلم، أم سيتحدثون بلهجة مصرية يف البيت، وذلجة كويتية خارج البيت، أم سيقومون بدمج

ماذا سيفعلون حت يذىبون إذل أىلهم يف مصر، ويبدون كغرباء على اللهجة اللهجتت، و دبعت أنو لو كانت ادلصرية األصلية، ىذا كلو يدل على وجود قانون للغة، وبنية مستقلة ذلا،

حتماالت اال وسألتك عنعلى الطاولة أمامك الطعام صلصاتعندك أربعة أصناف من الناذبة عن ىذه األصناف األربعة، بإمكانك ىنا أن تقوم حبساب رياضي للخلطات ادلمكنة

لكن لو أنك ربدثت كطباخ زلتف، وذبيب بأن عدد اخللطات الناذبة أربعا وعشرين، ذلا، تتقلص االحتماالت إذل العدم أو احتمال وأجبت بوصف الطبخ بنية وعادل لو قوانينو، قد

قيقة وحذرة.ودبقادير د أو أكثر اثنتواحد أو حىت لو ، فهي تنتقل بعملية منظمة آخر حت تنتقل من زمن إذل زمن، وىي اللغة بنية وقانون

احد وحت تتواجد ذلجتان أو لغتان يف مكان و ، العملية بقوانت وأسرار ىذهكنا ال نعلم سباما لقوانينها وحت ترد كلمة أجنبية على أي لغة فهي زبضع ، فهما يلتقيان بقانون وحبذر

قبلها اللغة ادلضيفة وقد ترفضها.الصوتية والثقافية وقد ت

بنية اللغة. (4) اللغة واللسان والكالم

سنحاول الدخول أكثر يف مفهوم بنية اللغة، دو سوست يفرق بت ثبلثة عناصر، )اللسان، .منهاكل اللغة، الكبلم(، وسأربدث بإغلاز عن

، أي إعطاء اإلنسان القدرة على التميز آدم األمساء،تعليم أن اللغة ابتدأت مع ذكرت سابقاوىي مرتبطة بتفكت اإلنسان كما وىو ما أعطاه القدرة على صناعة اللغة وإقامة بنائها،

، وىو مرتبط بالتكوين العقليفاللسان ىو ملكة الكالمصفو بـ )اللسان(، ىذا ما ن ذكرنا،إمكانية نتخيل علنا ىذه ادللكة ذب إضافة إذل عضلة اللسان والقدرات الصوتية،، لديو والنفسي

أما عرب التاريخ، بلمكهجات وأساليب اللاألصوات والو ال هنائية من اللغات سلرجاتوجود ىذا و ،منتج اجتماعي يعلى نظام في الكالم، وبالتالي ى تواضع جماعي فهي (اللغة)

يف .أو اجلمعي ىو الذي يسمح للسان بكيفية التكلم يف داخلو ادلنتج الثقايف أو االجتماعي ع، وقلنا لو أننا أجرينا ىذا القطالذي افتضنا فيو أننا أحدثنا قطعا يف التاريخ ادلثال السابق

م يف مدينة جدة، وصبعنا كل ما ؽلكن صبعو من كبلم الناس ونصوصهم، يف سنة مثبلىذا النظام أنتجتو (، اللغة)على نظام عثرنا يف الواقع قد مث درسناىا وحللناىا، فنكون

فحصناىا و فيهاونظرنا ما يف التاريخ فلما وقفنا عند نقطة، ستمرمو بطيء اجلماعة عرب تطور .وجدنا أن ىناك نظاما لغوياجيدا

حت ولدنا أنا وأنتتدبعت أن ،في داخل نظام اللغة الكالم فهو ما نقولو نحن كأفراد أماداخل نظام للغة، ىذا النظام جاء عرب مواضعة اجتماعية، وضلن يف ىذا الزمان وجدنا أنفسنا

كانت رمسية أم أاء و كان حديثا يوميا، أم نصوصا مكتوبة، وسأكأفراد حت نتكلم سواء أنا أملك :اآلنالتسلسل الحظ ( ضمن نظام )اللغة(.ا شخصية، كل ذلك يكون )كبلم

القدرة على تنوعات ال هنائية من اللغات واللهجات واألصوات، لكن حت أكون اللسان أيالكبلم حالة فردية بينما اللغة ىي حالة ف .بنظامها ت أكون مقيدانيف نسق لغوي ما فإ

.صباعيةالقرآن كبلم اهلل نزل بلغة العرب وىو نفسو ، قلنا إن على القرآن الكرمي لنحاول إسقاط ىذا

، لنفتض أننا قمنا اآلن بقطع آخر يف التاريخ، وىذه ادلرة كان الزمان ىو زمن نص على ذلك

يف قمنا هبا اليتمنا بعملية اجلمع ذاهتا ن ىو جزيرة العرب، لنفتض أننا قالنبوة، وكان ادلكامث قمنا األمثلة السابقة، وصبعنا شعر العرب وخطبهم وأحاديثهم، وكل ما وقعت يدنا عليو،

القرآن وحين نزل ،لغوي نسق ونظام سنجد أننا أمامراسة عميقة وجادة، بدراستها دنزل بلغة العرب، أي أنو نزل في وعاء لغتهم، ضمن ىذا النسق وىذا النظام، الكريم

ومن ىنا صرنا أمام نص لو طبيعة لغوية،وقد احترم القرآن ىذا النظام فلم يخرج عنو، احلالة ىي اليت تتيح لنا أن ندرس القرآن، وىي اليت وصرنا أيضا أمام حالة موضوعية، ىذه

تتيح لنا فهمو.

الدال والمدلوليف يت ادلفسرون هبذه ادلسألة يأ ،حول ىذا ادلوضوعلغوي و ىناك خبلف فلسفي وكبلمي

حت وبعيدا عن ىذه ادلسألة ف ىل االسم ىو عت ادلسمى أم ال. تفست لفظ اجلبللة )اهلل(، ي العبلقة بت االسم وبت الذات اليت أطلقنا عليهاىما ، (خالد أو ىدىماجد أو )أقول

حت أقول مثبل إن )أ( سباثل . حقائقهاو عبلقة األمساء دباىيات األشياء ماىي، االسم ىذا)ب(، فهذا سيعت أن )ب( سباثل )أ(، فكيف شلكن أن نفهم عبلقة ادلماثلة بت األمساء

واألشياء؟!

، ىناك ما يشبة اخلدعة يف ذا الشكلوانتبو إذل أن ادلسألة ليست هب ىنا جاء دو سوست، ألن عبلقة خطأ يف السؤال شبة، ىل االسم ؽلاثل الشيء أو ال: ادلسألة ىيالسؤال، فليست

االسم بادلسمى أو عبلقة الدال بادلدلول ىي عبلقة ارتباط وليست عبلقة سباثل، فالسؤال ىو إذا كانت )أ( ترتبط بـ)ب(، و )ب( ترتبط بـ)أ(، فما نوع ىذا االرتباط، وأعتقد أن كشف

عدم التوعلات يف األفكار ىو أىم ما يقوم بو ادلفكر، فكثت من األسئلة ليست مشكلتها يفسؤاال سلادعا، وأن السؤال نفسو يف كونوجود اإلجابة عليها، وإظلا ادلشكلة احلقيقية

الية متوعلة، وأنو غلب إعادة ترتيب الفكرة من جديد حىت تتضح اإلشكالية احلقيقية.اإلشك

سنضرب بعض األمثلة لتوضيح الفكرة، لو أننا كنا أربعة أصدقاء صللس سوية، وقال أحدنا مياه معلبة باردة(، السؤال الذي نطرحو ىنا ىل ىذه العبارة )مياه معلبة باردة( سأحضر )

ىي ذات الشيء الذي وصفناه بو أم ىو شيء آخر، وواضح ىنا أن ادلسألة يف أصلها خبلف فلسفي قبل كونو خبلف لغوي، لكن طرح ىذا السؤال هبذه الطريقة غت صحيح، ما

ه العبارة )مياه معلبة باردة( بالشيء نفسو الذي نصفو يقولو دو سوست ىو ما ىي عبلقة ىذأو نسميو هبذا االسم؟! وىنا سنجد أن العبلقة ليست واحدة بل ىي متعددة بتعدد األفراد،

فكلما رأيت ماء باردا تذكرت سهر ، من ادلاء البارد مفرطة لنفتض أين أعاين من حساسيةي لعبارة )مياه معلبة باردة( تذكرت كل تلك جرد مساع، فبمالطوارئغرف الليل والذىاب إذل

ادلعاناة وردبا شعرت باخلطر الذي سأواجهو خصوصا إذا كنت ال أقاوم شربو مع أنو مضر كانت العبارة منعشة لروحو، فبمجرد مساع ىذه العبارة شعر صديقا آخر لكن بالنسبة رل،

ولنفتض أن صديقا ثالثا ؼلوض خصوصا أنو معلب ونظيف وصحي، ،باقتاب لذة ادلاء منومعركة شرسة ضد ىذا النوع من ادلاء ألن علب )الببلستيك( تضر البيئة وؽلكن االستغناء عن

ر حياتو من أجل مناىضة ىذه ادلعلبات، حينها ىذا النوع من التف، ولنفتض أنو سخ قادم الذي سيكون قد مسع اسم عدوه، وسيشعر حبرج شديد وردبا يتصبب عرقا من الظرف ال

سيحدث أمام عينو، حيث سيتم شرب مياه معلبة على طاولة مستديرة ىو أحد ضيوفها، وبالتارل ىناك انتهاك أخبلقي يف حقو، وردبا يفقد احتامو لذاتو، ىكذا وهبذه ادلبالغة

ه االفتاضية تكون ىذه العبارة مقلقة لو، ولو أننا ابتعدنا قليبل عن ىؤالء األصدقاء فعبارة )ميامعلبة باردة( تعت احلياة كلها بالنسبة إلنسان تائو يف الصحراء وعلى مشارف ادلوت عطشا، وىي شيء غت مفهوم أن تعلب ادلياه يف مناطق تعاين من رلاعة شبو مستمرة وال يوجد

اتصال بالعادل اخلارجي من قبلهم.قمم )وادلدلول، فـ العبلقة بت الدال بإمكاننا أن نضرب أمثلة ال تنتهي حول اختبلف

للصوفيت من كل تعت و متعة صبالية، للسائحت تعت و ا،تعت للمغامرين طموح ( مثبلاجلباللكنها دلن يعاين فوبيا األمكان ادلرتفعة فهي قطعة من والصفاء، األديان حلظات السكون

.عذاب

م ىو ػليل على أي االس الدال ، ال يدل مباشرة على ادلدلول دال الإن سوست يقول دو عن و تصور عن ادلاء فلكل إنسان تصوره اخلاص عن األشياء، ىناك تصور ذىت للشيء،

الذىت ىذا التصور إخل،عن الدؽلقراطية.. و عن ادلوسيقى و عن الرقص و عن البحر و ال باجل، قد يكون ىذا األثر حب أو كره أو خوف أو شوق أو يؤدي إذل أثر يف داخلنا والنفسي

طريقا ذل ادلدلول ليس ، فالطريق من الدال إادلدلول إذلوىو ما ػليل حنت... إخل،غضب أو وإظلا ىي سبر عرب اإلنسان، وضلن من خبلل ذبربتنا يف مباشرا، والعبلقة ليست عبلقة مباشرة،

احلياة وخربتنا فيها قد كونا )تصورا ذىنيا( عن كل شيء، وذلذا التصور الذىت )أثر نفسي(، نسمع امسا ما فاالسم ػليل إذل ىذا التصور وىذا األثر، وألننا ال نتشابو، وألن لكل فحت

إنسان فرادتو، فلكل دال من الدوال عبلقة بنا زبتلف عن كل إنسان آخر مهما كان التشابو عاليا والفرق خفيا، ومن ىنا يصبح لكل دال )بصمة نفسية( زبص كل إنسان.

من يعتقد أنك إن جعلت عبلقة الدال بادلدلول هبذا ، فثمةىناك زبوف دائم من ىذا الطرحالشكل تكون قد نفيت وجود حقيقة لؤلشياء، فادلعيار سيصبح ىنا تصوراتنا ادلختلفة عن

، فاللغة موضوعية بطبيعتها، بل ىي من أكثر وأعتقد أن ىذا الكبلم غت دقيقالشيء، ، فقد واللغة من حيث أهنا عبلماتوالصورة وعية، لو قارنا مثبل بت ادلوسيقىالعبلمات موض

اللغة طلتلف يف ما تعنيو صورة ما، وسنختلف أكثر يف ما يعنيو مقطع موسيقي ما، لكن ذبعلنا نقف على أرضية واحدة مهما اختلفنا، إن عبارة )مياه معلبة باردة( ستعت أشياء

)شعلة مثبل لن تعت فهي ، لكن غلمع بينها شيء واحد،سلتلفة لدى السامعت كما ذكرناإال إذا كنا نتكلم بلغة الشفرات، وحينها سيكون ىناك اتفاق موضوعي أيضا النار(،من

إن أساس الكبلم يقوم على وجود جزء مشتك وموضوعي يف اللغة، لكن ىذا اجلزء بيننا، هتا يف ادلشتك من ادلعت ال يعت أنو صارم وضيق، بل قد يتسع لكل تلك األمثلة اليت ذكر

تصوراتنا لؤلشياء وأكثر، وهبذا ال تنتفي احلقيقة، وال ػليلنا تصور دو سوست للدال وادلدلول أحيانا. إذل عبلمات ال هنائية كما يظن

أثر الكالم في اللغة اجلانب األبرز ألي نظام لغوي يف أي نسق تارؼلي،أي نظام لغوي، بل إهنا الدوال جزء من

، فنحن نولد يف ضلن نرثها شلن قبلنا ونستعملها وإظلا، نستطيع إنتاج الدوالكأفراد ال ضلن و وسط نسق تارؼلي ما، ونتعلم اللغة من النظام اللغوي الذي ولدنا فيو، وصلد أننا أمام رلموعة ضخمة من الدوال، وصلد أنفسنا نستعملها نفسها، صحيح أن اللغة تتطور، وأن معاين

، لذلك ليس متاحا نظام معقدب، و جدا ببطئ شديدالتطور ػلدث األلفاظ تتغت، لكن ىذان أال تستطيع دبعت أنك حت تتكلم ،اء من الدوال لتشت إذل ما تشاءلك أن زبتار ما تش

ىذا طبعا بإمكانك، يف لغتك مألوفةأو تستحضر داال من لغة أخرى غت ،زبتع داال جديدا .ولكن ستجد أن كبلمك دل يعد مفهوما يف الغالب

، ىذا دقيقا ىذا الكبلميعد سوست لكنو ىو نفسو عاد وتساءل إذل أي حد دو ىذا ما قالو مفصولة إذل أي حد تكون البنية مستقلة و يعيدنا إذل السؤال الذي طرحناه سابقا عن البت،

، والسؤال نفسو طرحناه بنية مستقلةة القدم ا حوذلا، إذل أي حد ؽلكن اعتبار لعبة الكر عن مكل البت، عن -وىو من األعلية دبكان-ادلسرح واإلنسان، وباإلمكان طرح السؤال ذاتو عن

ىذه البت صارمة ومستقلة وغت متأثرة، واجلواب لن يكون واحدا، بل لكل تعد إذل أي حد بنية خصوصيتها وفرادهتا عن غتىا.

الذي ىو تواضع اجتماعي، وىي النسق (اللغة)ىناك ىنا على بنية اللغة، لنركز كبلمنا لكن ال ، ىذا الكبلم خاضع ومنضبط بالنظام، و نقولو يف داخل نظام اللغة (كبلم)وىناك

حىت –، وكيف ػلدث ىذا التغيت من أين يأيت ىذا التطور، فتنس أن اللغة ىي عملية متطورةيف الكبلم يف الواقع يؤثر (، فالكبلم)ىذا التطور يأيت من يف النظام اللغوي؟! -لو كان بطيئا

نحن نتكلم ، لية اجلدلية ادلستمرة كيف ربصلالحظ العم، بنية اللغة ويغت من نظامهاولكن كالمنا المنضبط ، ا يجعل كل متكلم ينضبط بنظامهاوالجماعة تنتج نظاما لغوي

.اللغة من جديد يعيد إنتاج ىذهما باللغة ىو ا، ىم يقولون كبلما كثت ، ادلراىقون يف كل جيل حاول مثبل أن تتأمل األلفاظ اليت ينتجها

وتصبح من األلفاظ ادلنتشرة على لسان شباب ىذا اجليل، ، تثبت وتنتشر ما لكن ىناك لفظة

فيها ردبا كانت موجودة ولكنها خاملة، فمن الذي بث ،هبذه اللفظةبنطق من الذي بدأ ؟!ودلاذا قبلتها اللغة ودل تقبل غتىا من األلفاظ ،عليها ومن الذي أصر احلياة،م عام، ما بت أن تقوم بعملية مقارنة بت مقاالت الصحف يف ستة عقود مثبل حاولوأن تراقب دالالت األلفاظ كيف تتغت، وكيف تنشط يف الصحف ادلصرية، مإذل

ب جديدة وزبتفي أخرى.. إخل، ستجد أن اإلنسان أي الكاتب وزبمل، وكيف تظهر أساليىو الفاعل يف ىذا التطور، فهو حت قرر أن يكون كاتبا، صار كاتبا ضمن النظام اللغوي،

لكنو حت كتب صار مؤثرا يف النظام نفسو.من دال ضلن ال نستطيع استعارة و ،تفرض علينا ضلن نرثها وىيإننا ال طلتار الدوال وإظلا قلت

تكلمت كبلما مفهوما وواضحا، أين ماذا مثبل لو ذلك، فعلنا ولكن ماذا ل، لغة أخرىيف كل عدد معت من غت مألوفة مث كررهتا كتايبولكت تعمدت أن أدخل لفظة يف

وحاولت إيهام القارئ أهنا مصطلح ثقايف، وجعلت لو معت يف ذىت وجعلت ،الصفحاتعت، ستجد أنك أثناء قراءتك سبكنت من فهم ادلصطلح اجلديد من استعمالو منضبطا هبذا ادل

يستعملها أحد القراء يف كبلمو، وردبا أصلح وتنتشر اللفظة اجلديدة، لكن ردباخبلل السياق، و جزء من طبيعة اللغة وطبيعة تطورىا، فكم ىي ىو ىذا أيضا لن يتم بشكل فوضوي، بل

ب كحجم كتايب ىذا، وما ىو اإليقاع الصويت ادلناسب عدد ادلرات اليت غلب تكرارىا يف كتا كل ذلك يعود إذل طبيعة اللغة ونظامها.حىت يقبلها نظامنا اللغوي،

، ليو الصبلة والسبلم بلغة العربالقرآن كبلم اهلل أنزلو على رسولو ع، لنأيت اآلن إذل القرآن معقولة وىذا ما جعلو حالة، ضمن ىذا النسق وانضبط بقانونو ىذا يعت أنو نزلوقلت إن

ر يف ىذه اللغة أث القرآن أيضا لكن ،(){(إنا أنزلناه قـرآنا عربيا لعلكم تـعقلون )} ةمفهومو بل أعتقد أن ما أحدثو القرآن ذا استحضرنا ىنا تفوقو يف اللغة عليهم،، خصوصا إبالغاتأثتا

ا اللغة العربية كغتىحىت صارت للغة العربية فرادة من نوع خاص، ف ،شيئا فريدا عد يف اللغة ي ، لكن ما يهمنا ىنا ىو أننا ، وىناك كبلم كثت حول أصلهامن اللغات لغة متطورة ومتغتة

للغة العربية، وحت حالة صفرية مرجعية ال توجددبعت أنو نبلحظ ونرى تطور اللغة ادلستمر،واحملاوالت األوذل وباإلسبلم قامت األمة العربية، ون نصا مركزياجاء ليك الكرمي نزل القرآن

(، سورة يوسف ) ()

، أي ألجل فهمو اللغة كانت ألجل القرآن الكرميجلمع كبلم العرب وشعرىم والكتابة يف وكلما ،تها ونقاوهتا نتحدث عن عصر التنزيلحالذلك حت نتحدث عن اللغة وفصوتدبره،

حلظة عوامل تارؼلية جعلت أي أن ىناك، اللغة التنزيل ابتعدنا عن أصل ابتعدنا عن عصر فنقول إن ،صفريةالالة احل ىي اللحظة التارؼلية ادلرجعية للغة العربية، وصارت ىينزول القرآن

أن أقصى حد ؽلكننا ونعت بذلك ، اللغة ىم القرون الثبلثة مثبلستشهد بكبلمهم يفالذين ي اللحظة ادلرجعية ال أكثر، وكلما اقتبنا من االعتماد عليو ىو أن نبتعد ثبلثة قرون عن

اللحظة ادلرجعية كلما كان الكبلم أكثر فصاحة.ىذا ادلعطى التارؼلي اجلديد يف تاريخ األمة واللغة العربية دل يكن لينجح لوال أن القرآن الكرمي

كن صار نصا مركزيا، وأن نصوصا كثتة ومهمة ومؤثرة أيضا حفت بو، وتشكلت حولو، ودل يومن يف النسق اللغوي تغيتا كبتا وعميقا، لينجح ذلك أيضا لوال أن القرآن الكرمي غت

الصعب جدا أن ندرك صبيع التغيتات اليت أحدثها القرآن يف لغة العرب، ذلك حباجة إذل اكتشافدراسات ضخمة، حيث غلب اكتشاف لغة العرب يف اجلزيرة العربية قبل التنزيل، مث

غوي يف داخل النص القرآين، مث اكتشاف النظام اللغوي يف اجلزيرة العربية أو يف النظام اللالدولة اإلسبلمية بعد عصر النبوة، وىي ستكون دراسة أقرب وصف ذلا أهنا موسوعية

ضخمة.يف مدينة القطع الذي قمنا بو ادلثال االفتاضي الذي قمنا بو سابقا، وجئنا إذل لو عدنا إذل

األول ىو ، ذي تشكل يقع ربت تأثتينسنجد أن النسق اللغوي ال ،معام جدة ثاين ىو االرتباط بتلك النقطة ادلرجعيةوال، وقلنا إنو تطور بطيء ومعقد، التطور الطبيعي للغة

للغة العربية يف عصر النبوة، وىذا ىو ادلهم ىنا، فاللغات عادة تتسم بكوهنا متطورة وتطورىا ة لذلك يكون االختبلف بت النصوص اللغوية يف داخل اللغة الواحدة ال يرتبط بنقطة مرجعي

تقوم بعملية ترصبة يف داخل اللغة الواحدة، لكن قد يف زمنت سلتلفت كبت جدا، حبيث أنكيف حالة اللغة العربية صلد أن التطور حاصل فكل نسق لغوي ىو نتيجة عملية تطور ربدث

يكون مشدودا إذل حلظة مرجعية تعطيو قدرا من الثبات لكنو يف الوقت نفسو ،يف التاريخلوجدنا أننا أيضا م عام ولو انتقلنا إذل العريب قدرا كبتا من التماسك، التاثوتعطي

م يف مدينة جدة نكون قد ، فنحن يف طلضع للتطور الطبيعي ولتلك اللحظة ادلرجعية

حالة اتصال باللحظة ادلرجعية يف زمن م، ونكون أيضا يفتأثرنا بالنسق اللغوي يف النبوة.

ملخص ىذا الفصل أن طبيعة النص اللغوي تعت ماىية النص يف أذىاننا، وىي تؤثر بشكل كبت جدا على تأويلنا لو، سواء كنا على وعي بذلك أم ال، والنصوص زبتلف يف طبيعتها،

قرآين خبصوص، وقد كانت فلكل نص فرادتو، وضلن يف ىذا الكتاب نتحدث عن النص ال ىناك زلاوالت سابقة ومبكرة يف البحث عن طبيعة ىذا النص لكنها دل تكتمل.

القرآن الكرمي نزل يف وعاء اللغة، وقد نزل بلغة العرب وفق نظامهم وقانوهنم، واحتم ىذا ع القرآن النظام وأثر فيو كذلك دبا ربتملو بنية اللغة، وضلن نتعامل مع اللغة بوصفها بنية، وم

بوصفو نصا لغويا، ىذا ما غلعل من تأويلو حالة موضوعية وعقبلنية.وقد الحظنا ارتباط الدوال باإلنسان وتصوراتو، وقلنا إن ىذا ال ينفي وجود احلقيقة، ولكن

م عن ، وىذا ما يقودنا إذل الكبلاللغة والزمان وادلكان الذي وجدت فيو شبة ارتباط كبت بت الفصل القادم.التارؼلية يف

.النص القرآني ذو طبيعة تاريخية: الفصل الثاني .مقدمة( 1)

من سنوات وأنا أربدث وأكتب عن كل ما يتعلق بالقرآن الكرمي، نقدت أفكارا ومقوالت تفستية تراثية سائدة كثتة، وطرحت أفكارا كثتة أيضا، لكت دل أجد حساسية من مفهوم

، وحىت حت أحاول شرح ادلفهوم عنو أجد ربفظا واضحا كلما ربدثت كمفهوم )التارؼلية(، ، أجد أن التحفظ واحلساسية مازالت كما ىي، ىناك اعتقاد سائد على يظن وأنو ليس كما

لزمان فقط يهدف تلقائيا إذل أن غلعل النص القرآين صاحلا )التارؼلية(ما يبدو أن من يطرح ألي زمان الحق، دبعت أننا سنتعامل مع القرآن بوصفو وثيقة ومكان التنزيل، وأنو غت صاحل

مها من تارؼلية ال أكثر، انتهت صبلحيتو بانتهاء ذلك العصر، وىذه احلساسية أستطيع تفه اناحية أن ادلثقفت العرب الذي ربطوا بت القرآن الكرمي ومفهوم التارؼلية، اذبهوا يف توظيفه

وىنا ال بد من توضيح أمور عدة، أوذلا أن شبة فرق بت ،يثت احلفيظةاذباىا -غالبا–بالقرآن الكرمي، األول يتعلق بطبيعة النص، اوعبلقته (التارؼلية)مستويت من احلديث عن

اللغة ىي نظام صباعي مت التواضع عليو، وأن ل إن القرآن الكرمي نص لغوي، وأنفكوين أقو ن اللغة ىي سلزن الثقافة وىي رلال وأ وطورهتا، ورثتها الدوال ىي بنات أنساقها الثقافية،

تداوذلا وتطويرىا، كل ىذا حديث عن ادلستوى األول وىو أن النصوص اللغوية ذات طبيعة يتعلق بتوظيف ىذه الطبيعة يف العملية التأويلية، أي بناء على أن فادلستوى الثاين أما تارؼلية،

تفاعل معو يف زمان ومكان سلتلف رأ النص ونللغوية ذات طبيعة تارؼلية، كيف سنقالنصوص ا عن زمان ومكان وجوده.

تلنفتض أن حت أقول مثبل )األنثى(، ىناك تصور يف ذىت عن األنثى وذلذا أثر يف داخلي،تلف عت نسقي، ىذا النص يف نسق ثقايف ؼل نصا أدبيا عن )ادلرأة الفاتنة(، وقد كتب قرأت

يعت سفتنة احلياة، ىل ىل سيعت أهنا زينة احلياة أو أهنا (،ادلرأة الفاتنة) فحت أقرأ ىذه العبارةقرأ وصفا ذلا كن أن أراه يف الوجود، وحت أأخطر ما ؽلأم صبل ما ؽلكن أن أراه أ سأرى تأن

كذلك، ىل سيعت ىذا يف عقلي أهنا صبيلة ادلظهر، وإذا كانت يف النص ذاتو بأهنا )صبيلة(سيكون مقياسا زلليا أم معيارا عادليا وفق ملكات صبال العادل، أم عندىم ال فهل مقياس اجلم

ىذه كل خل، إصبال احلديث وخفة الدم والروح.. من الذىن سينصرف إذل صبال العقل أأ نص أعثر علىحت اقها الثقافية والتارؼلية ارتباطا وثيقا، فترتبط بأنس ذلذه األلفاظ ادلعاين

استعمل أجده قدأي قبل ألف سنة تقريبا، -مثبل – اذلجري امساخلشعري يف القرن الكلمات اليت كانت مستعملة ضمن تلك الثقافة، ولكل كلمة تصور يف أذىان ادلعاصرين، وذلا أثر يف نفوسهم، وبالتارل إذا أردت أن أفهم ذلك النص فعلي أن أعود إذل تلك الثقافة

وكيف استعملوا عبارات التهكم وادلدح واذلجاء ،ماذا كانت تعت ذلم تلك الكلمات وأعرفالنص حت يأيت يف ثقافة ما والغزل، وما الذي كان يعنيو ذلم، وكيف أثر يف نفوسهم، ف

اعرىم وأحاسيسهم ورؤيتهم يدخل ضمن نظامها اللغوي، والكلمات مرتبطة بأفكارىم ومش .للوجود

ة، حت تقرأ مثبل رواية )مائة عام من طبيعة تارؼليال ىذه ضلن حت نقرأ ندرك إذل حد كبت يعقبأساطت ثقافتو أثناء سرده دون أن يورد ف غابرييل ماركيز،لروائي الكولوميب لالعزلة(

بادلوافقة أو الرفض، إنو يريد أن يشت إذل أن ىذه األساطت سواء آمنا هبا أم ال، ىي قد اشتغلت يف ذلك النسق الثقايف وساعلت يف صنعو، وأولئك الناس ىم من أنتجوا تلك األساطت عرب امتداد تارؼلي طويل، إنت أقرؤىا ىنا يف شرق ادلملكة العربية السعودية، وأعي

-مثبل-لك األساطت اشتغلت يف نسق ثقايف ؼلتلف عن نسقي، بينما حت أقرأ سباما أن تلغازي القصييب، وقد أورد فيها عددا من األساطت اليت انتشرت يف سواحل حكاية اجلنية

اليت اد لتلك العقليات، لعقلية أجدادي اخلليج العريب يف القرن العشرين، أجد أنت امتدعناىا، على ، واليت مسعتها صغتا دون اىتمام كبت دبت ضمنهاتلك األساطت وأنتج أنتجت

ما بالطبيعة التارؼلية للنصوص، قد ا ىناك وعي عكس اجليل الذي قبلي. ما أريد قولو ىنا، أن يكون ىذا الوعي غت ناضج، أو ناقص أو مشوه، لكنو موجود.

أعي أهنا تذلك، فإنحت أقرأ حكم كونفوشيوس اليت كتبت قبل ادليبلد، وحكم ال تسو كيف أنساق قرأ وثائق تارؼلية أو خطبا سياسية، أو نصوصا دينيةوكذلك حت أتسبقت زمنيا، ، السؤال ىنا سيكون: بعد وعيي بالطبيعة التارؼلية للنصوص اللغوية على تارؼلية سابقة

؟!معو يف زماين ومكاين اختبلفها، كيف سأقرأ النص وأتفاعل

عن الدال وادلدلول وارتباط الفصل األوليف ت ربدثكن الفرار منو، ادلستوى األول ال ؽلإن تل إذل أثر نفسي عن ادلدلول، وقلبتصور ذىت عن الشيء وأن ىذا التصور ػلي الدال

ال الدوال ىي جزء من اللغة أي من ىذا النسق ومن ىذا النظام، وبالتارل ضلن نرث الدو ، ىذه باختصار شديد الطبيعة التارؼلية للنصوص اللغوية، وقد ونستعملها وىي مفروضة علينا

الحظ العلماء سابقا أن القرآن الكرمي يرتبط ارتباطا وثيقا بالواقع الذي نزل فيو، فبحثوا يف أسباب النزول، وىي كما ذكرت زلاولة عقلية إلغلاد ىذه العبلقة، ومثلو البحث يف ادلكي

حبث وقيل يف مبحث األحرف السبعة ىو ذلك كثت شلا كتب وادلدين والناسخ وادلنسوخ، وك عن ىذه الطبيعة التارؼلية.

ثت من ىو ما يثت حفيظة كو ادلستوى الثاين وىو ادلتعلق بتوظيف التارؼلية وكيفية التأويل، التارؼلية يوظفها بشكل ال يرضيهم، وأنا ىنا على األقل أريد ادلشائخ، لكون من يطرح ىذه

رفض ادلفهوم بسبب رفض التوظيف، وىي حالة متكررة بت ىذين ادلستويت، حىت ال ي التفرقة يف الفكر اإلسبلمي، مثل رفض الفلسفة وادلنطق يف حلظة تارؼلية سابقة.

من اجلدل الذي دار حول فهم الدين والنقاشات واحلوارات ىو ا كثت وىنا أمر آخر، وىو أن ىذا احلديث واجلدل ىو سؤال ديث عن الثابت وادلتغت، يدور حول ىذه اإلشكالية، مثبل احل

دين، عد من جوىر الادلتغت، الثابت ىو ما ي ىية الشيء الثابت يف الدين وما ىيةعن ما م نزل يف ثقافة معينةؽلكن تغيته، ىذا مبت على أن اإلسبل لذلكعد عرضيا وادلتغت ىو ما ي

، بالواقع الذي نزلت فيواشتبك هبا، فالقرآن والسنة ليست نصوصا ذبريدية وإظلا ىي مرتبطة و على الزمان وادلكان، واجلزء الذي متعال د الفاصل بت جوىر الدين الذي ىوأين ىو احلف

ىو مرتبط بتلك الثقافة، وىو الذي غلب أن ال يثبت ألن األنساق متغتة ومتطورة.حل ذلذه اإلشكالية، ىناك قاصد الشرعية ىو يف وجو من وجوىوادلأيضا احلديث عن

مقصد للحكم، وردبا يكون ظاىر احلكم ليس مرادا لذاتو وإظلا لتحقيق ادلقصد العام منو، وشكل احلكم جاء موافقا دلعطيات تلك الثقافة العربية يف زمن التنزيل، طبعا كما قلت إن

ا كليا للمقاصد.وع وىو ليس تفست ىذا ىو جزء من ادلوض

ورؤية العالم. الجهاز المفاىيمي (2) عاما عثرنا على نص أديب وىو القطع يف التاريخ، لنفتض أنن سابقا توادلثال الذي ذكر يف

، لعبلقات، االعشق، احلب)، ىذا النص فيو ألفاظ مثل القاىرةيف مدينة م كيف أستطيع فهم ،(خلإالدين... ، العنف، السلطة، جلمالا، اجلار، الصديق ،االجتماعية

ىذه األلفاظ واألساليب والعبارات اليت استعملت فيها من خبلل تلك الثقافة، أي كيف بإمكاين أن أعثر على ذلك النسق الثقايف ألفهم جيدا ماذا كان يعت ادلؤلف؟!

مجموعة توجد نسق ثقافييعني أنو في كل وىو)الجهاز المفاىيمي(، ـىناك ما يسمى بىذا اجلهاز يعمل يف اجملتمع من المفاىيم تدخل مع بعضها في عالقة معقدة ومتشابكة،

، قد أجد م يف القاىرةيف عام ( ادلتداولةاحلب)كلمة فلو أخذنا مثبل ويف عقولنا، يدخل يف ىو كمفهوم (احلب)، وإظلا للكلمة ادلوضوع ليس رلرد تعريف ذلا، لكن ا تعريف

، وىو يدخل دخل يف نظام العادات والتقاليدرلموعة من ادلفاىيم األخرى، فهو ي تشابك مع .أيضا يف مفهومنا للدين

،ىناك ألفاظ مقاربة للحب يف ادلعت مثل العشق والولو على فرض أهنا كانت مستعملةمات والشبكات ل، ىذه احلقول من الكمضادة للحب مثل الكره وادلقت وىناك ألفاظ

وىو نفسو ،شتغل يف الوقت نفسو يف اجملتمعتالعبلقات بت كل مفهوم وآخر من ادلعقدة فاىيمي حىت نتمكن يف فهم النصوص.يشتغل يف أذىاننا، وعلينا أن نكتشف ىذا اجلهاز ادل

)رؤية العادل( دبعت أن احملصلة الوجودية أو الفلسفية لكل ـىناك أيضا ما يسمى بمثبل بعد االنتهاء من قراءة ىذا ف ،الوجود ذباه رؤيتو يى مفاىيمي أو لكل نص جهاز

، نستطيع أن القاىرةم يف مدينة الذي عثرنا عليو عام -االفتاضي– العمل األديبورؤيتو ذباه اإلنسان، ورؤيتو كذلك ذباه ،نستخلص رؤية الكاتب ذباه احلب والعبلقات

واضحة وجلية يف مواضيع معينة وقد ادلفاىيمين وحىت اإللو، قد ال تكون بعض دالوطن والتكون واضحة وجلية يف مواضيع أخرى، )رؤية العادل( ىي أسلوب ذبريدي لفهم فلسفة نص

.األساليب، لكنو أسلوب مهم ومفيد ما أو ثقافة ما، وال يعت ىذا أنو أفضلن ىو اإلنسان، ، )من ىو اإللو، م)رؤية العالم( في اإلجابة على ثالثة أسئلة مهمة تتركز

يرى اإلنسان، مث فأي ما ىي رؤية ىذا الكاتب أو ىذا النص لئللو، وكي ما ىو الوجود(،

يث عن العبلقات بت ىذه العناصر الثبلثة، العبلقة بت دا ىو الوجود يف ذىنو، مث يتم احلموأقصد ىنا اإللو واإلنسان، والعبلقة بت اإللو والوجود، والعبلقة بت اإلنسان والوجود،

عبلقة اجلدلية بت كل عنصر وآخر.الهاز ادلفاىيمي أننا حت أردنا فهم نص ما عدنا إذل اجل ا أمر جدرل غلب االنتباه لو، وىوىن

عود إذل نيف الواقع س فنحنستطيع فهم اجلهاز ادلفاىيمي لعصر مضى، نلذلك العصر، وحىت استنباط رؤية تلك ونستطيع ،اجلهازذلك اكتشاف نستطيعنصوصو، فبمجموع النصوص

ضحت توىذه الرؤية لفهم نص زلدد، ىل ا ستعمل ىذا اجلهازن ضلنالثقافة للعادل، مث اجلدلية ىي أننا غلب أن نعثر على اجلهاز ادلفاىيمي من أجل فهم النص، اجلدلية ىنا؟!

وغلب أن نفهم النصوص من أجل العثور على اجلهاز ادلفاىيمي، صحيح أن النصوص ، وطريقة اللباس، وغت ث يف اآلثار، وأسلوب العمرانت ىي كل شيء، فنحن نبحليس

ما تركو اإلنسان من آثار ثقافتو، لكن اآلثار وحدىا ال تروي القصة، كل ذلك، أي وىي تتحول يف هناية األمر إذل نص يف اجملتمعات –النصوص ادلكتوبة واحلكايات الشفهية

بالقصة الكاملة اليت ظم ىذه اآلثار وػلدثنايط الذي ينىي اخل -نسى غالبا الكاتبة أو ت بلذلا فهم التاريخ، وفهم النسق الثقايف.نستطيع من خ

حلقة مفرغة، فكل قد تعطي ىذه اجلدلية انطباعا بأن ادلهمة مستحيلة، ألننا قد دخلنا يفآخر، لكن األمر ليس كذلك، إن ادلهمة ليست مستحيلة بقدر ما ىي شيء ػليل إذل

ىذه اجلدلية تعطي انطباعا بأن الوصول إذل اليقينية يف احلكم على أن ىذا اجلهاز نسبية، كذا وكذا أمر مستبعد، ىناك نسبية عالية يف فهمنا وىادلفاىيمي الذي ؽلثل ذلك العصر

رئيس من تواضع العلم والبحث فيو.للتاريخ، وىذه النسبية ىي جزء مهم و لنأيت اآلن للقرآن الكرمي، قلنا إن القرآن ىو كبلم اهلل الذي أنزلو على رسولو بلغة قومو، والقرآن نزل بلغة العرب أي وفق جهازىم ادلفاىيمي، وىو انضبط هبذا النظام وىذا النسق،

ىذا التطوير ىو جزء من نظام اللغة.ر فيها، و ر يف اللغة وطو القرآن أث أن على ونبهنا سابقا القرآن استعمل الكلمات اليت يستعملها العرب يف ذلك الزمن، وىذا يعت أن لكل كلمة

فاحلب ،(){ػلبـهم وػلبونو } : يقول اهلل تعاذل عن العبلقة بو)بصمة نفسية(، مثبل حت

(.سورة ادلائدة ) ()

ا تشابك مع مفاىيم أخرى كمكمفهوم ىو يف داخل جهازىم ادلفاىيمي، وىو يدخل يف يعرفونو من عادلهم و الدال الذي ورثوه شلن قبلهم، وىمذكرنا، وادلبلحظ ىنا أن احلب ى

ادلشاىد واحملسوس، حب األم واألب والعشيقة واجلار والصديق واخليل واإلبل وردبا أن ىناك حىت أعرف معت و ،ة نفسهاظمل اللفعجاء القرآن واستفأيضا مفهوما موروثا عن حب اإللو،

البد أن أكتشف جهازىم ادلفاىيمي، وردبا أكون حباجة إذل اكتشاف رؤيتهم الكلمة ىذه ، ىم وأمثاذلم يف اجلاىلية وخطبهمللعادل أيضا، وىذا ما غلعلت أذىب إذل نصوص العرب شعر

يأمر إن اللو : }بهم وػلبونو(، كذلك حت قال مثبلمراد القرآن حت قال )ػل فهمأحىت ا كان يعت )العدل( بالنسبة ذلم.ماذ ،(){سان وإيتاء ذي القرب بالعدل واإلح

حىت ىذه النقطة سيبدو لنا أن موضوع فهم القرآن وتدبره صار أصعب شلا كنا نظن، بل لكن األمر ليس كما يبدو، وسيتضح ىذا صار ىو متاح للباحث وليس للقارئ العادي،

قريبا.

(.سورة النحل ) ()

.أسباب النزول (3)

ذكرت سابقا أن العلماء حاولوا قدؽلا تلمس العبلقة بت النص والزمان وادلكان الذي نزل فيو، أي النسق الثقايف والتارؼلي، وقد قلنا سابقا إن ىذا جزء من الطبيعة اللغوية للنص

أيضا أهنا تعد خطوة أوذل القرآين، من ذلك البحث يف أسباب النزول وادلكي وادلدين، وقلت رآن أخذت بعدا جيدة وليتها تطورت، لكن ذلك دل ػلدث بل ما حدث ىو أن علوم الق

.ثابتا وردبا مقدساثر القرآن أن أك وآخرون يعتقدونىناك اعتقاد لدى بعض الناس أن كل القرآن نزل بسبب،

وبعضأنو ال ؽلكن فهم القرآن إال دبعرفة أسباب النزول، ومسعت وقرأت كثتا نزل بسبب، ستكشف لو نزول يعتت كثتا بأسباب النزول ألهناال ترتيبمن يطرح إعادة ترتيب القرآن وفق

. ىذا الطرح رلانبة كبتة للصوابأعتقد أن يف، و تكونو الداخلي كيف مت ةالروايات ضعيفكثتا من ا أن ىناك عدة إشكاالت تواجو أي باحث يف أسباب النزول، منه

إضافة نزول، لل، وأيضا فإن صيغة كثت من الروايات ال تدل صراحة على أهنا سبب ةموضوعو ال يكون رأيا خاصا بو قد اعتقاد الرواي أن ىذه اآلية نزلت يف قصة كذاإذل أن

خبصوص عربة بعموم اللفظ ال لقاعدة )اومسألة أخرى يطرحها األصوليون حول ،أكثربالسبب خاصة اآلية أنأي أن األصل ىو العموم وال بد من قرينة يف اآلية تبت ،السبب(

حىت ضلكم أهنا خاصة. الذي نزلت فيوأكثر القرآن نزل وكذلك االعتقاد أنخاطئ، ىو اعتقادلت بسبب ز أن كل آية ن االعتقاددون سبب، ىناك كتب ابتداء نزل الكرمي أكثر القرآنف، كذلكخاطئ اعتقاد ىو بسبب ا وأكربىا أسباب النزول كل الروايات اليت وردت يف أسباب النزول، من أعله جبمع اىتمت

وكذلك السيوطي، وعدد من القرآن،يت ذكرىا أقل من لعدد اآليات او للواحدي،ت ضعيفة وغ مامن رواياهت اىذا مع أن كثت % من القرآن،اآليات اليت ذكرىا أقل من

من القرآن، وليس كل ما ورد يف صحيحة، وما ورد يف الكتب التسعة ال يصل إذل فتضخيم أسباب ، لذلكذن ضلن نتكلم عن نسبة قليلة جدا، إأيضا الكتب التسعة صحيح

النزول يواجو مشكلة منهجية يف كون أكثر القرآن دل ينزل بسبب.

نزلت اآلية أو اآليات متحدثة عنو أو مبينة : "ما أسباب النزول كما يعرفها الزرقاين ىيقصة حدثت وأحيانا ال تكون أيإذن ضلن نتحدث عن حادثة . ()حلكمو أيام وقوعو"

:سأضرب مثالت اثنت، ة وإظلا يكون احلديث عن سياق عامقصى سورة اجملادلة نزلت يف قصة امرأة من األنصار اختلف يف امسها واسم زوجها، واألكثرون عل

ية نزلت يف خولة وزوجها أوس، وذلك أن زوجها كان شيخا أهنا خولة، يقول اآللوسي: "واآلكبتا قد ساء خلقو فدخل عليها يوما فراجعتو بشيء فغضب، فقال: أنت علي كظهر أمي،

،وكان ىذا أول ظهار يف اإلسبلم ،وكان الرجل يف اجلاىلية إذا قال ذلك المرأتو حرمت عليوساعتو فدعاىا فأبت، وقالت: والذي نفس خولة بيده ال تصل إرل وقد قلت فندم من

ماقلت حىت ػلكم اهلل ورسولو صلى اهلل عليو وسلم فينا، فأتت رسول اهلل صلى اهلل عليو فلما خبل ست ونثرت ،وسلم، فقالت: يارسول اهلل إن أوسا تزوجت وأنا شابة مرغوب يف

فإن كنت ذبد رل رخصة ،ليو كأمو وتركت إذل غت أحدجعلت ع -أي كثر ولدي–بطت يارسول اهلل تنعشت هبا وإياه فحدثت هبا؟ قال عليو الصبلة والسبلم: )واهلل ما أمرت يف شأنك بشيء حىت اآلن(... وجادلت رسول اهلل صلى اهلل عليو وسلم مرارا مث قالت: اللهم

راقو... فقال رسول اهلل صلى اهلل عليو وما يشق علي من فإنس أشكو إليك شدة وحديت ع اللو قـول }وسلم: )يا خولة أبشري، قالت: ختا؟ فقرأ عليو الصبلة والسبلم عليها: قد مس

يع بصت اليت ذبادلك يف زوجها وتشتكي إذل اللو واللو يسمع رباوركم ،(){()ا إن اللو مس .()اآليات"

ربكي قصة زلددة، ىذه القصة يكمن خلفها نسق ثقايف ببل شك، لكن ىذا ىذه الرواية ظاىر القصة سلادعا يف الداللة على كان فردبافيا، قد يكون ظاىرا فيها وقد يكون خ النسق

، ال بآحادىا النسق العام، واألنساق تدرك دبجموع القصص واحلوادث واآلثار والنصوصلذلك يكتسب النسق قدرا من اليقينية أعلى بكثت شلا تدل عليو القصة الواحدة، فما ىو

يف معمقصلده بشكل ال ىذا ما والديت الذي تدل عليو قصة خولة؟! النسق االجتماعي كتب التفست، وىذا ما عنيتو حت قلت إن تناول أسباب النزول دل يتطور بشكل مرضي.

./الزرقاين، مناىل العرفان () (.سورة اجملادلة ) () ./باختصار بسيط من: اآللوسي، روح ادلعاين ()

إن الصفا والمروة من شعائر اللو فمن حج البـيت أو اعتمر فبل } :البقرة يقول تعاذليف سورة ، يروي (){() فإن اللو شاكر عليم جناح عليو أن يطوف هبما ومن تطوع ختا

ادلؤمنت عائشة رضي اهلل أمعن يثا أخرجو البخاري ومسلمادلفسرون يف سبب نزوذلا حدإن الصفا عنها، يقول عروة: "قلت لعائشة رضي اهلل عنها: أرأيت قول اهلل تبارك وتعاذل: }

{اآلية، فواهلل ما على أحد جناح أال يطوف هبما، قالت عائشة رضي مروة من شعائر اللو وال س ما قلت يابن أخيت، إهنا لو كانت على ما تأولتها لكان فبل جناح عليو أال اهلل عنها: بئ

يطوف هبما، إظلا كان ىذا احلي من األنصار قبل أن يسلموا يهلون دلناة الطاغية اليت كانوا يعبدون عند ادلشلل، فكان من أىل دلناة يتحرج أن يطوف بالصفا وادلروة، فلما أسلموا سألوا

صلى اهلل عليو وسلم عن ذلك، فقالوا: يارسول اهلل، إنا كنا نتحرج أن نطوف ل اهللرسو { اآلية، مث سن رسول اهلل صلى اهلل عليو مروة إن الصفا وال بالصفا وادلروة، فأنزل اهلل تعاذل: }

.()وسلم الطواف بينهما، فليس ينبغي ألحد أن يدع الطواف بينهما"عام وليس السياق أقرب إذل الىذا السبب الذي ترويو أم ادلؤمنت عائشة رضي اهلل عنها

حادثة أو قصة معينة، إهنم حي من األنصار كانوا يهلون دلناة، وكانوا يتحرجون من السعي ، فهل من ادلمكن أن نعد نيفعلون ذلك يف اجلاىلية وىم مشركو هنم كانوا بت الصفا وادلروة أل

اقا دينيا عاما؟! ماتزال الدراسات اليت تبت لنا السياقات التارؼلية العامة لعصر التنزيل ىذا سيفقتة جدا، فليس بت أيدينا دراسات توضح السياق السياسي واالقتصادي والثقايف والديت واالجتماعي لعصر التنزيل، والسياق يدرك دبجموع احلوادث والنصوص واآلثار كما ذكرت،

بلل قصة واحدة، فهل من ادلمكن ىنا أن نقول إن سياقا دينيا عاما يشت إذل وليس من خأن ادلسلمت حت أسلموا كانوا يتحرجون من بعض العبادات النسكية كوهنا كانت مشاهبة

لو سبكنالعباداهتم قبل اإلسبلم، وىذا ما غلب استحضاره عند قراءة وتأويل النص القرآين، رؼلية فسيكون ىذا إصلاز مهم وتطوير يستحق اإلشادة ألسباب عرفة السياقات التامن م

النزول.

(.سورة البقرة ) () .ابن العريب، أحكام القرآن ()

من ادلهم أن نبلحظ ىنا أن أسباب النزول ىي مرويات عن الصحابة رضي اهلل عنهم، ودل تروى لصيقة بالقرآن الكرمي، أي دل تأخذ حكم تواتره، فلو افتضنا عدم وجودىا، ىل

قرآين دون معرفة السبب، وىذا واجهنا النص السيكون النص كافيا لفهمو، دبعت لو أننا يات قرآنية أخرى، أهنا وردت ذلا أسباب للنزول لكنها دل تصلنا، فهل احتمال كبت يف آ

التارؼلية والقرائن ، ىل ادلعطياتالسؤال بشكل سلتلفنطرح كننا االكتفاء بالنص نفسو، لؽلرة اجملادلة، لوجدنا اآليات ربدثنا عن امرأة ، مثبل لو نظرنا يف سو كافية لفهمهاالواردة يف اآلية

جادلت يف زوجها واشتكت إذل اهلل، مث وضح القرآن الكرمي حكم الظهار، ما الذي سينقص خصوصا إذا استحضرنا أن القرآن الكرمي ال يروي لنا تارؼلا. إذن لو أننا دل نعرف السبب؟!

ولذلك حرصت على إيرادىا ىنا، ،بآية سورة البقرة ىي أكثر اآليات صعوبة يف ىذا اجلانجوا من الطواف بت الصفا وادلروة لسبب ما، فلذلك لننظر اآلن، اآلية تشت إذل أن قوما ربر

جاءت اآلية لرفع احلرج، ردبا يقول قائل إنو لوال أنك علمت بالسبب مسبقا دلا افتضت ىذا قالوا بعدم ركنية السعي، بناء على االفتاض، حسنا لنبتعد عن ىذه الفرضية، فاحلنفية مثبل

قراءة النص نفسو، يقول ابن العريب: "ومعول من نفى وجوبو وركنيتو أن اهلل تعاذل إظلا ذكره .()يف رفع احلرج خاصة كما تقدم بيانو"

ما أريد قولو ىنا، أن ىناك إمكانية لتطوير أسباب النزول، فاحلوادث اليت وردت يكمن عام، وقد تكون احلادثة دالة يف ظاىرىا على السياق العام وقد ال تكون خلفها سياق تارؼلي

فيكون السياق خفي يف ثنايا القصة، ويكون ظاىرىا سلادعا، وىذه السياقات ربتاج كذلك، .إذل دراسات تارؼلية جادة ومعمقة

القرآن الكرمي نزل يف ثبلث وعشرين سنة، وضلن حباجة إذل اكتشاف السياقات العامة يفىذين العقدين، السياق االجتماعي والسياسي والثقايف والديت واالقتصادي من أجل اكتشاف اجلهاز ادلفاىيمي، ومن أجل إدراك رؤية العرب للعادل وللوجود قبل نزول القرآن

عادل يف النص القرآين كذلك، من ادلمكن ىنا أن يأيت من يقول إن ل، وما ىي رؤية اهعدوبالرسول صلى اهلل عليو وسلم ىاجر إذل ادلدينة وسياقات ادلدينة التارؼلية زبتلف عن سياقات

بت وأيضا ىناك فرق ىناك تشابو كيكون مكة التارؼلية، نعم ردبا يكون ىذا صحيحا، وردبا

.ابن العريب، أحكام القرآن، ()

فستكون النظرة ناضجة، لك أن ةمن ىذه الزاوي (كي وادلدينادل)نا إذل ا نظر نكبت، ولو أن، ولك أيضا أن تعترب أن الفروقات ال تصل إذل هماث فيحتقسم نزول القرآن إذل زمنت وتب

.احلد الذي غلعلهما نسقت سلتلفتأن النصوص ذات طبيعة تارؼلية، وىي مرتبطة باجلهاز ادلفاعلي لذلك النسق خالصة رأيي

، وضلن باستمراروذلا رؤيتها ضلو العادل، والتاريخ متصل ببعضو، يتغت ويتشكل التارؼلي ، وىذا ما يتيح لنا فهم النصوص ونساىم يف إعادة إنتاجو والنصوص نتكون يف داخلو

س منفصبل عنا بقدر ما ىو جزء منا، والقرآن الكرمي كبلم اهلل القدؽلية تارؼليا، فالتاريخ لي الوعاء اللغوي.وىو أيضا نزل يف ىذا

يف التارؼلية، ويف كيفية القراءة، فاخلطابات اليومية مثبل، ذلا عمر افتاضي ال ىو يف توظالسؤ نا الليلة الساعة التاسعة مساء( ىذا اخلطاب ينتهي دزلدود جدا، حت أقول لك )موع

ت حكمة خالدة، ومثل ذلك قائمة ادلشتيات اليت نكتبها حكبانتهاء وظيفتو، ولن يبقى نذىب للتسوق، إهنا لن تكون صاحلة بعد أن تنتهي وظيفتها، بينما قد صلد نصوصا أكثر

النصوص الدينية واألدبية والوجودية.نصوص القانونية، وأكثر من ذلك كخلودا، كال

كيف ستقرأ القرآن وأنت تعلم أن لو طبيعة تارؼلية؟! أعتقد أن القراءة اليت تريد إعادة ترتيب القرآن حسب ترتيب النزول لن تفيدنا، ضلن اآلن أمام نص نزل يف سياق تارؼلي معت، وىو اآلن نص مكتمل أمامي، كما أنت ال أرى أن زلاولة قراءة القرآن وكأنو ينزل علي اآلن

التارؼلية علي ا، البد أن أعي أنو نزل يف ذلك الزمان وادلكان، وبناء على ىذه الطبيعة ستفيدن، ىنا لن أجد إشكاال حت أقرأ القرآن باعتباره نصا ىدائيا سأقوم بتأويلوأن أتساءل كيف

على العكس تكتسب قيمة ىي وجوديا، ألن ىذه النصوص ال تضعف بسبب قدمها، بله باعتباره نصا صارما أو قد أجد مشكلة حت أقرؤ ا، لكتأكرب كلما كانت أقدم تارؼلي

.قانونيا

ادلراجع ىـ، روح البغدادي، تويف سنة اآللوسي، شهاب الدين السيد زلمود اآللوسي

ادلعاين يف تفست القرآن والسبع ادلثاين، ربقيق زلمد أضبد األمد، عمر عبدالسبلم م.ىـ، ، السبلمي، دار إحياء التاث العريب، بتوت، ط

،دار الكتاب العريب.النشر يف القراءات العشر زلمد بن زلمد، ابن اجلزري ، ،ومرشد الطالبت، دار عادل الفوائد، مكة منجد ادلقرئت بن زلمد، زلمد ابن اجلزري

ىـ.، ادلكرمة، ط ،ربقيق يوسف الربىان يف علوم القرآن بدر الدين زلمد بن عبد اهلل، الزركشي ،

م.، ادلرعشلي، صبال الذىيب، إبراىيم الكردي، دار ادلعرفة، بتوت، ط إذل علوم ، ادلرشد الوجيز بد الرضبن بن إمساعيلادلقدسي ، شهاب الدين ع أبو شامة

تتعلق بالكتاب العزيز، ربقيق طيار آليت قوالج، دار وقف الديانة التكية، أنقرة، م.، ط

،شرح سلتصر الروضةسليمان بن عبد القوي بن عبد الكرمي، صلم الدين الطويف ، م.، ربقيق عبد اهلل التكي، مؤسسة الرسالة، بتوت، ط

اإلعجاز، ربقيق زلمد رضوان الداية، فايز الداية، اجلرجاين، عبد القاىر، دالئل م.، مكتبة سعد الدين، دمشق.ط

،ربقيق غبد الرزاق ادلهدي، دار أحكام القرآن أبويكر زلمد بن عبد اهلل، ابن العريب ، م.، الكتاب العريب، بتوت، ط

،دار الفرقان، ط إعجاز القرآن الكرمي،اس، سناء فضل عب و ،حسن فضلعباس ، م.

الزرقاين، زلمد عبد العظيم، ، مناىل العرفان يف علوم القرآن، ربقيق فواز زمررل، دار م.،ط، الكتاب العريب، بتوت

ماري آن يافو، جورج إليا سرافيت، النظريات اللسانية الكربى، من النحو ادلقارن إذل م.، ترصبة زلمد الراضي، ادلنظمة العربية للتصبة، ط، الذرائعية

،يف التعريف بالقرآن، األول اجلزء، مدخل إذل القرآن الكرمي، عابدزلمد اجلابري ، م.، مركز دراسات الوحدة العربية، بتوت، ط

ركز أبو زيد، نصر أبو زيد، النص والسلطة واحلقيقة، إدراة ادلعرفة وإرادة اذليمنة، ادل م.، بتوت، ط -الدار البيضاء الثقايف العريب،

،