ضخامة التراث ووعي المفارقة

144
ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﺠﺘﻤﻊ) 1 ( ﻤﻴﺭﺯﺍ ﻋﺒﺎﺱ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻭﻭﻋﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﻀﺨﺎﻤﺔ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﻥ ﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻁﺎل ﺤﻤﻠﻬﺎ ﻟﻜﻥ ﻗﺭﻭﻥ ﻤﻨﺫ ﺤﻤﻠﻬﺎ ،ﻜﺎﻥ ﺤﺎﻤل ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻤﺘﺨﺫﺓ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﻥ ﻤﺎ ﺘﻠﺩ ﻭﻟﻡ ﺒﻌﺩ ﺭﺤﻤﻬﺎ ﻓﻲ. ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺭﺤﻡ ﻓﻲ ﻤﺤﻨﻁﺎ ﺠﻨﻴﻨﺎ ﺤﻤﻠﻬﺎ ﻤﻥ ﺠﻌﻠﺕ ﻋﻭﺍﻤل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺘﻜﺎﻟﺒﺕ ﻓﻘﺩ. ﻭﻅل ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﻨﻌﺘﺎﻕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻅﻠﻤﺎﺕ ﻤﻥ ﺇﺨﺭﺍﺠﻪ ﻋﻠﻰ ﺘﺸﺭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻟﻌﺎﺌﺩﺓ ﻤﻨﺘﻅﺭﺍ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻭﺍﻟﻤﺅﺜﺭ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺤﻠﻡ ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺘﺄﺴﻴﺱ ﺘﺒﺘﻌﺩ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺃﻓﺭﺍﺩﻩ ﻭﺍﻟﻘﺴﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻌل ﻋﻥ. ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒل ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻴﻜﺎﻓﺊ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﺒﻔﻌل ﺍﻟﺠﺩﻴﺭﺓ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻴﻡ ﺍﻟﺘﺩﺒﻴﺭ ﺒﻤﻌﻨﻰ. ﺍﻷﻡ ﻭﻅﻠﺕ) ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ( ﻭﻟﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻘﻠﺔ ﺤﺠﺎﺏ ﻭﺭﺍﺀ ﻤﻥ ﻤﺤﺎﺩﺜﺘﻪ ﺴﺌﻤﺕ ﻭﻗﺩ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﻤﺎﺜﻼ ﺘﺭﺍﻩ ﻤﺘﻰ ﺇﺫ ﺠﻨﻴﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﺘﺴﻤﻊ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﻁﺎﻟﻤﺎ، ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ ﻤﻭﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﺼﺒﺭ ﺍﻟﺘﺄﺴﻲ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ. ﺍﻟﻤﺨﺎﺽ ﻤﻜﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﺼﺎﺭ ﺘﺭﻨﻭ، ﻤﺴﺘﺠﺩ ﻭﻀﻊ ﻭﺘﻔﺠ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺇﺸﺭﺍﻗﺔ ﻜل ﻭﻤﻊ. ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﻟﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻐﺯﻭﺍﺕ ﺇﻥ ﻜﻤﺎ ﺍﻟﺒﺭﺍﻗﺔ ﺸﻌﺎﺭﺍﺘﻬﺎ ﺭﻏﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﻥ ﺘﻭﺠﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﻤﻁﺔ ﺤﺭﻜﺔ ﺘﻔﻠﺢ ﻟﻡ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺤﻤﻼﺕ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺍﺴﺘﻌﺒﺎﺩ. ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﻤﻥ ﻜﺜﻴﺭ ﻫﻲ ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺴﺎﺌﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺘﻘﺩﻡ ﺜﻭﺭﻴﺎ ﻭﻭﻋﻴﺎ ﺨﺒﺭﻭﻴﺎ ﺘﺭﺍﻜﻤﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﻥ ﺃﻜﺴﺒﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺃﻗﻁﺎﺭ. ﻓﻲ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺍﻨﺸﻁﺎﺭﺍﺕ ﺸﻜل ﻓﻘﺩ ﻭﺤﻴﻭﻴﺎ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺎ ﻋﻨﺼﺭﺍ ﺍﻟﺘﺭﺍﻜﻡ ﻫﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﺎ ﻭﺒﻘﺩﺭ ﻭﻟﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺒﻨﺎﺀ ﻤﻬﻤﺔ ﺃﺭﺒﻜﺕ. ﺘﻭﺠﻬﺕ ﺍﻟﺘﺭﺍﻜﻡ ﻫﺫﺍ ﻓﺒﺴﺒﺏ ﻭﺘﻔﺸل ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺘﻨﺠﺢ ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ ﻨﻔﻭﺫﻫﺎ ﺒﺴﻁ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﺴﺩﺓ ﺍﻷﻨﻅﺎﺭ ﺃﺨﺭﻯ. ﺍﻟﻤﺘﻌﻴﻥ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻫﻭ ﻭﻤﺎ ﺍﻟﻤﺘﺄﺯﻡ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻜﻴﻑ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺍﻟﻤﺘﺭﺩﺩ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻜﺎﻥ ؟ ﺴﻠﻭﻜﻪ ﺴﺅ ﺍﻨﻪ ﺸﻙ ﻤﻥ ﻤﺎ ﺤﻴﺙ ﻟﻪ ﻭﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩﻱ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺒﻤﻌﻨﻰ، ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﺠﺎﺒﺔ ﺼﻌﺏ ﺍل ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭﻤﻭﺭﻭﺜﻬﺎ ﺘﺭﺍﺜﻬﺎ ﻭﺘﺼﻭﻥ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺼﻴﺎﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺘﺘﺤﻘﻕ. ﻜﺜﻴﺭﺍ ﺘﻭﻟﺩﺕ ﻨﻌﻡ ﻀﻌﻴﻔﺔ ﺨﺎﺌﺭﺓ ﺘﺒﻘﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﻤﻘﺎﻡ ﻓﻲ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺴﻬل ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻲ، ﺃﺴﺎﺴﺎ ﺍﻟﺠﺎﻫﺯﺓ ﺍﻹﺠﺎﺒﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﻘﻭﻯ ﺘﻁﺭﺤﻪ ﺒﻤﺎ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﺃﻭ. ﺤﻴﺎﺯﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﺽ ﻤﻥ ﻭﺫﺍﺘﻴﺔ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺸﺭﻭﻁ ﻓﺜﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻭﻉ ﻗﺒل. ﻭﺍﻟﻘﺒﻭل ﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﻤﻥ ﻭﺤﺎﻻﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺱ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻤﻥ ﺤﺎﻻﺕ ﻴﻌﻨﻲ ﺍﺨﺘﺼﺎﺭﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﻟﻠﻌﻴﺵ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﺒﻘﻭﺍﻋﺩ. ﺍﻟﻘﻭﺍﺴﻡ ﺘﻠﻙ ﺘﺘﺸﺎﺒﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ﻤﻥ ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺴﻭﺍﺀ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﺴﻕ ﺩﺍﺨل ﺤﺘﻰ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﺩل ﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﻓﺜﻤﺔ، ﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ. ﺍﻟﻤﻔﻀﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺤﺩﺙ ﻜﺜﺭﺓ ﻟﻴﺱ ﻭﻨﻀﻭﺠﻪ ﺤﻴﻭﻴﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﻜﺴﺏ ﻭﻤﺎ ﻤﻨ ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﻤﻥ ﻗﺩﺭ ﺃﻜﺒﺭ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻫﻭ ﺫﻟﻙ ﻴﻜﺴﺒﻪ ﻤﺎ ﺇﻥ، ﺩﺍﻤﻴﺔ ﻟﺤﺎﻻﺕ ﻤﺒﺩﺌﻲ ﻅﻭﺭ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﻭﻤﺭﺤﻠﺘﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﺩﺭﺓ ﻴﺭﺍﻋﻲ. ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻋﺒﺭ ﻴﺘﺄﺘﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺍﻟﻨﻀﻭﺝ ﺇﻥ ﺃﺨﺭﻯ ﺒﻌﺒﺎﺭﺓPDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com 1

description

المجتمع السياسي في البحرين الصراع بين السلطة والمعارضةتأليف عباس ميرزا المرشدضخامة التراث ووعي المفارقةالتيار الإسلامي والمجتمع السياسي في البحرينالجبهة الإسلامية لتحرير البحرين

Transcript of ضخامة التراث ووعي المفارقة

Page 1: ضخامة التراث ووعي المفارقة

)1(مجتمع السياسي في البحرين الصراع بين السلطة والمعارضة

عباس ميرزا

ضخامة التراث ووعي المفارقة التيار اإلسالمي والمجتمع السياسي في البحرين

الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين

تقديم ولم تلد ما البحرين تلك الجزيرة المتخذة وضع امرأة حامل ،كان حملها منذ قرون لكن حملها طال

وظل . فقد تكالبت عليها عوامل جعلت من حملها جنيناً محنطاً في رحم التاريخ . في رحمها بعدذلك الجنين منتظرا العائدة التي تشرف على إخراجه من الظلمات الداخلية،حيث االنعتاق والحرية

أفراده بصورة تبتعد وتأسيس الدولة الحديثة وتحقيق الحلم بالمجتمع السياسي الفاعل والمؤثر في مجتمع يكافئ الحياة السياسية ليس كما السياسية المنافقة بل السياسية . عن فعل اإلكراه والقسر

قلقلة على ولدها ) الجزيرة(وظلت األم . بمعنى التدبير السليم واإلدارة الجديرة بفعل الخير للجميع، وطالما كانت تسمع من جنينها إذ متى تراه ماثال أمامها وقد سئمت محادثته من وراء حجاب

.عبارات التأسي والصبر على موعد الوالدة لم تستطيع .ومع كل إشراقة جديدة وتفجر وضع مستجد ، ترنو األبصار إلى مكان المخاض

حركة القرامطة أن توجد البحرين الدولة رغم شعاراتها البراقة كما إن الغزوات الخارجية وهكذا هي كثير من الحركات السياسية . ي استعباد أهلها وحمالت االستعمار لم تفلح ف

واالجتماعية التي أكسبت البحرين والمجتمع السياسي تراكما خبرويا ووعيا ثوريا متقدم على سائر وبقدر ما كان هذا التراكم عنصرا إيجابيا وحيويا فقد شكل انشطارات متعددة في . أقطار المنطقة

فبسبب هذا التراكم توجهت . أربكت مهمة بناء الدولة والمجتمع بنية المجتمع السياسي ولعلهااألنظار الحاسدة ناحية الجزيرة محاولة بسط نفوذها وهيمنتها عليها وكانت تنجح بعضها وتفشل

.أخرىكان السؤال المتردد دائما كيف الخالص من الوضع المتأزم وما هو الطريق الصحيح المتعين

سلوكه ؟ال صعب اإلجابة عليه مباشرة ، بمعنى التحقيق الوجودي والعملي له حيث ما من شك انه سؤ

نعم تولدت كثيراُ . تتحقق الدولة القادرة على صيانة نفسها وتصون تراثها وموروثها الحضاريمن اإلجابات الجاهزة أساسا ، التي من السهل قولها لكنها في مقام العمل تبقي خائرة ضعيفة ال

فثمة شروط موضوعية وذاتية من المفترض حيازتها . أو الوفاء بما تطرحهتقوى على المواجهة .قبل الشروع في عملية قيادة المجتمع السياسي

إن المجتمع السياسي اختصارا يعني حاالت من الصراع والتنافس وحاالت من التعايش والقبول وتلك الرؤى سواء في وليس من المنطقي أن تتشابه تلك القواسم.بقواعد معينة للعيش المشترك

حاالت الصراع أو التعايش ، فثمة مؤشرات تدل على استمرارية االختالف حتى داخل النسق وما يكسب المجتمع السياسي حيويته ونضوجه ليس كثرة الحدث السياسي المفضي . الواحد

ظور مبدئي لحاالت دامية ، إن ما يكسبه ذلك هو القدرة على اتخاذ أكبر قدر من القرارات وفق منبعبارة أخرى إن النضوج المشار إليه يتأتى عبر السعي . يراعي قدرة المجتمع ومرحلته الراهنة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

1

Page 2: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الحثيث إلى التقليل من حاالت المفارقة والمتباينة بين بنية المجتمع السياسي و بين الطرح السياسي .الموجه إليه

فيها إلى الحد الذي ال يمكن ) قرن العشرينبداية ال(إن هذه الجزيرة الحامل مع تفاقم أزمة الدولة ،شهدت محاولة تقديم اطروحات سياسية زعمت في ) القبلي الفج(االستمرار فيه بالشكل التقليدي

نفسها القدرة على حل تلك األزمة المتشعبة إلى أزمات أخرى مثل الهوية والمشاركة والدخل رة إلى ذروتها مع اشتداد أزمة الفكر لقد وصلت أزمة الجزي. واألرض والفئات االجتماعية

في عملية البناء ) المتكرر( السياسي العربي المعاصر على اختالف اتجاهاته في فهم مسار الفشل .الوطني أو الديموقراطي أو اإلسالمي

وأمام هذا الوضع المستمر نكون أمام مهمة خطيرة وملحة والبد من الخوض فيها ولو عبر تهتم هذه المهمة بالكشف عن معالم تلك القوي وكيف صنعت . وى بعد ذلكمحاوالت مبدئية تستق

. وما تملئيه من خيارات وقناعات ) المجتمع/السلطة (تاريخ هذه البالد في خضم الدائرة الجدلية فليس السلطة وحدها المحركة للمجتمع ، كما إن قوى المجتمع ليس بمقدورها وهي تعاني اإلرهاب

إن القوى التي نتكلم هنا من البدهي .لقبضة البولوسية أن تصلح ما يفسده الدهر والتغيب والقهر واأنها كانت تخوض صراعها ضد السلطة الحاكمة وفق ما كانت تراه صالحا لها ومتناسبا مع

.مرحلية المجتمع السياسي إذا ما فرضنا سالمة النية في أغلب القوى المشار إليها ة التيار اإلسالمي الذي أخذ في النمو واالنتشار في أوساط المجتمع وفي هذه الدراسة نحاول دراس

السياسي منذ نهاية الستينات على القول الشائع ومع انتصار الثورة اإلسالمية في إيران عام إذ ورث التيار اإلسالمي تركة كبيرة من التراث والوعي السياسي مستبطنا . حسب ما نرى 1979

. الضياع وتخلخل الهوية الرغبة في الخالص من واقعإن البنية األساسية في المجتمع السياسي البحراني هي بنية دينية بالدرجة األولى ال يمكن التغافل عنها ولو صادف أنها لم تمارس دورها عالنية فإنها بال شك ستتحرك في دائرة الهمس والالمفكر

من دورها )سسات الدينية غير الرسمية رجال الدين والمؤ(وبالتالي فان تحول القطاع الديني . فيهالتقليدي إلى فضاء العمل الحركي والدعوة السياسية قد يشكل ظاهرة ملفتة للنظر في بعض

لكننا نرى أن ذلك شيء طبيعي وعادي جدا إذا ما تعرفنا على تلك البنية وكيف . وجهات النظرخ السياسي ومن خالل توحدها مع أنها ظلت مالزمة للشعور السياسي عبر ما أفرزته طوال التاري

تيار فكري عرف عنه األخذ بالدور السياسي والتفوق المعرفي في أطروحته السياسية وهو الفكر .الشيعي

والمفارقة التي تستدعي النظر واالستكشاف ليس ظهورها و إنما هو في الواقع عجزها وعدم إن كمية .ي طرح بنيتها األساس قدرتها على البوح بما تجيش به داخليا وأن تكون عاجزة ف

التراث المشار إليه تستدعي الخوض فيه بروح ثورية كبيرة جدا وعزيمة طاهرة تتوحد مع القطاع .األوسع من أفراد المجتمع السياسي

لقد حاولنا عبر هذه الدراسة أن نتمعن في تجربة التيار اإلسالمي الشيعي في البحرين من حيث وكانت مهمة شاقة وصعبة وخطرة يعرفها من يعرف حدود .الحديث رؤيته ونشأته في العصر

) الحامل(فمن الصعاب التي يواجهها أي باحث في هذه الجزيرة .المجتمع السياسي في البحرين أن تاريخها المعاصر مغيب ال توجد به كثيرا من الوثائق والتدونات السياسية خصوصا التيار

وهنا تكون الصعوبة .يكون بحثا مكتبيا قدر ما يكون بحثا ميدانيا اإلسالمي وبالتالي فان البحث ال أكثر من األولى من حيث أن أغلب المنتمين إلى هذا التيار ال يستطيعون الكشف عن تأريخهم أو

.عن حركتهم في ظل أجواء القمع واإلرهاب الفكري والسياسي لماذا يكون ذلك ؟اإلجابة في ذمة التاريخ أتركها

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

2

Page 3: ضخامة التراث ووعي المفارقة

لدراسة قد تكون الدراسة األولى من نوعها في تاريخ البحرين السياسي لكنها لن تكون إن هذه ااألخيرة إذ أن هناك الكثير من المهام واألسئلة التي لم يجاب عنها وما حاولته الدراسة هو البدء

.في تناول المسكوت عنه بصورة واضحة تارة أو اإلشارة والرمزية تارة أخرى ضوع وتشعبه فقد قسم إلى عدة أقسام تستهدف القيام بمحاولة تأصيل التيار ونظرا لضخامة المو

:اإلسالمي وتدوين تراثه السياسي المعاصر وجاءت الدراسة في ثالثة أقسام رئيسية هي .الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين

.حزب الدعوة اإلسالمية .حزب اهللا

ي تحقيق المجتمع اإلسالمي وااللتحام مع بنية فقد عكس كل تيار من هذه التيارات وجهات نظره فويقوم هذا القسم الحالي بدراسة تيار وتنظيم الجبهة اإلسالمية لتحرير .المجتمع السياسي البحراني

.من حيث نشأتها ومعالم خطابها وإستراتيجيتها الحركية ) ج،أ،ت،ب(البحرينسم األول بدراسة الجبهة اإلسالمية ومن الطبيعي أن تثار هنا بعض التساؤالت حول اختصاص الق

لتحرير البحرين بل دراسة التيار اإلسالمي الشيعي دون تناول الحركة السنية ؟قد ال أجيب عن هذه التساؤالت هنا إال أن لكل باحث نوازع موضوعية وذاتية عند قيامه ببحث ما

هذه الدراسة يتمثل في وما أود اإلشارة إليه هنا أنه رغم توفر جانب موضوعي مهم إلنجاز . الغياب القسري لتأصيل الفكر الحركي عند الشيعة في البحرين وضرورة توافر المهتمين على

فإن هناك بواعث ذاتية أيضا هي .معالم رئيسية لمثل هذا القطاع المؤثر في المجتمع السياسي ورأيت ومازلت قبل أن أدخل المدرسة وعيت.كوني واحد من المنتمين إلى الحركة اإلسالمية

أتتذكر أن أمي وجماعة كبيرة من نساء المنطقة كن يقرئن ما يطلق عليه عندهم قصة عبد اهللا الحطاب أو حالل المشاكل وفي هذا االجتماع الديني ذا الطقوس الخاصة يدعين اهللا ويتوسلن

المعتقلين لإلفراج عن أبنائهن المسجونين في سجون البحرين خصوصا ) ع(باألئمة من أهل البيتفي قضية البحرين األولى أي قضية االنقالب الذي قامت به الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين عام

لقد ظلت هذه الصور تراود ذاكرتي وأخذني االهتمام لدراسة وتتبع هذه الجبهة وهذا 1981 في العاشرة من وكانت كتابات السيد هادي المدرسي هي الكتابات األولى التي قراءتها وأنا. التيار

عمري إضافة إلى المنشورات التي كانت توزعها الجبهة وكنت احصل على بعضها في أماكن حضرت أول محاضرة للسيد 1988نائية عن األنظار في بعض المزارع المحيطة بنا وفي عام

المدرسي في دمشق وعمري ال يتجاوز الثالثة عشرة وقد جذبني أسلوبه في الخطابة وما زلت .ذكر تحذيرات أبي من الحضور خوفا من المساءلة األمنية وقت قدومنا البحرينأتت

إن كل ذلك وغيره كثير ما من شك انه ولّد عندي الرغبة في إتمام مثل هذه الدراسة وقد بدأت في حتى تهئيت الظروف وكنت قريبا من تنظيم الجبهة اإلسالمية 1996كتابة بعض الفصول منذ

حتى بداية مرحلة 1999 بهم عالقات صادقة وعمل قوية جدا وذلك منذ في دمشق وربطتني . في البحرين 2001اإلصالح

ختاما أرجو أن أكون موفقا في إتمام الباقي ومنه تعالى أسال التوفيق والمعونة

عباس ميرزا البحرين–بالد القديم

16-9-2001

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

3

Page 4: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الفصل األول

اإلطار المنهجي

معارضة وبواكير النشأةمفهوم الخطاب وال

في ظل ظروف متداخلة ومتغيرات عديدة وتحركات اجتماعية سياسية معينة يتشكل الخطاب وما من شك أن تلك الظروف باختالفها .السياسي لقوى المعارضة السياسية في أي مجتمع سياسي

ولعله .من مجتمع إلى آخر ستؤثر بدرجة أو بأخرى على المضمون المختزن للخطاب السياسي من الخطأ دراسة الخطاب السياسي ألي من القوى السياسية التي تعمل في المجتمع وتسعى إليصال مضمونها السياسي لفئات المجتمع محليا أو إقليما أو حتى عالميا بعيدا عن تلك األجواء

والذي ال _إذ يبقى القدر المتيقن في كل ذلك .المحيطة والعوامل المؤثرة بصورة إيجابية أو سلبية إن تفسير مسيرة حركة الوعي تتأسس على العالقة الوثيقة والجدلية بينها وبين حركة _شك فيه

المتغيرات االجتماعية وظهور بعض الحوافز والبواعث التي زالت معها بعض موانع النهضة ومن خالل هذا التفاعل تبرز مفاهيم وإيديولوجيات وتصورات يتم على .ونشأت بعض بواعثها

وبناء عليه فإن أي دراسة تعنى بتحليل الخطاب السياسي من المهم .رها تشكيل الخطاب السياسيإثلها أن تدرس البيئة السياسية التي ينطلق فيها الخطاب ، وتسعى بصورة موضوعية للكشف عن

.بنية الخطاب من خالل استنطاق السياقات المتعددة المشكلة للخطاب اإلطار النظريسياسية ضخمة ومنجزة من الصعب جدا ،بل انه من التضليل المعرفي لها أن إن أي ظاهرة

إذ مهما كانت الظروف والعوامل الداخلية الخاصة ، فانه .تفصل عن سياقاتها التي أوجدتها أي إن تحول .أطر سياقها الشخصي ) تتجاوز(يصعب القبول باكتفاء الظاهرة الذاتي في أن

ند في تحوله ذلك إلى ثمة تداخالت خارجية تملئ سلطتها وتباشر الظاهرة إلى معطى تاريخي يستوبالتالي فانه من الممكن .بتداعياتها وإرهاصاتها على صياغة مكونات الظاهرة السياسية المنجزة

أن يكون هناك حدث سياسي صغير جدا يقتصر على سياقاته الخاصة به، يتحول إلى حدث كبير مع االلتفات . إذا ما صادف وان ارتبط بسياقات خارجية كبيرة و ذا مكانة في التحليل السياسي

إلى ضرورة التفريق بين هذا الوضع ،ووضع آخر،يكون نتيجة للتأثيرات السحرية التي تفرزها .األحداث السياسية وإمداداتها الزئبقية

نسبي،و في إذ ال مشاحة في استقاللية المحركات الداخلية للظاهرة أو الحدث السياسي ولو بشكلنفس الوقت يتعذر علينا أن نتلمس حدثا سياسي متماهيا تماما للسياقات الخارجية بحيث انه يفقد

فإنه مهما كانت تلك العالقة بين الداخلي . خصوصية سياقه تماما بغياب السياق الخارجي في كل الخارجي فثمة استقالل وتوافر أرضية للداخلي ،ال نقول إنها كافية إلحداث الحدث /

األحوال ،ولكن في كثير من األحيان هي كذلك ، بحيث يكون العامل الخارجي يمارس دور وفي . المحفز والمحرك والمزود للشأن الداخلي في أن يملئ إرادته ويعمل على تحريك قطاعاته

صورة أكثر درامية يتحول الحدث السياسي التابع إلى حدث مستقل يؤثر بشكل فعال على جملة .حداث السياسية األخرىمن األ

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

4

Page 5: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وما من شك إن تحوال كهذا محتاج إلى أن يتوفر على عناصر االستقالل،وأن يحوز على هويته . الخاصة التي يمارس دوره بها كحدث يتبنى رؤية سياسية،ويقوم بإنتاج فكره السياسي الخاص

ين بيئة الفعل السياسي ومن أبرز تلك العناصر ، إدراك الفاعلين للفعل السياسي ضرورة التفريق ب. أي إدراك الواقع السياسي كما هو متحقق بالفعل على أرض الواقع . الداخلي وبيئته في الخارج

على اإلمساك بأكثر مفاصله أهمية والتماهي مع الشأن الداخلي في عناصره ) القدرة(وبالتالي .ومراكز بؤر القوة والضعف فيه

تمتع الحركة السياسية بنضج الوعي واإلدراك السياسي إن ذلك يؤكد في طياته على ضرورةوان تبدأ رهانها من واقعها الذي تتحرك عليه . القادر على التفاعل مع المعطيات الخاصة بسياقاته

وخالف هذا الوضع ، ثمة تعقيدات صعبة ستواجهها الحركة السياسية وتترفع معها . وفيه .جوةاحتماالت الفشل في تحقيق األهداف المر

ثم انه قد تنعكس هذه المشهدية ويكون الرهان على دور الخارج أساسيا،إذا كانت تلك الحركة فما يعقد الصورة . السياسية محدودة الهدف وترغب في أن تكون ذراعا وليس جسما يتحرك

الصافية هو تشابك األدوار وتداخل المعطيات الخارجية مع المحفزات الداخلية بالشكل الذي يجعل وفي نفس . من الوضع السياسي يعيش االرتباك في مصادره المعرفية،والتنوع في مصادر القوة

فليس من السهل . الوقت تعدد المصائر التي ستؤول إليها الحركات السياسية الفاعلة والكامنة آنذاك استنتاج تصور دقيق وواضح للمفارقات الخطيرة والكبيرة التي تمر بها الحركة السياسية ،

.ليس في إطارها الداخلي فقط ،و إنما في إطارها الخارجي أيضاإن أزمة التداخل هذه في ظل هذه الصورة،من الضروري أن تطرح سؤال هاما جدا على مستوى

إلى أي حد تتمتع هذه الحركة باستقاللها ؟ وهو . الفاعلين في الحركة وعلى مستوى المراقبين ضرورة يتقبله الواقع الداخلي؟وإلى أي حد يشكل االمتداد الخارجي

إذ يكون شأن هذا السؤال أن يعمق ويزيد من .من الطبيعي أن ال تكون هناك إجابة حاسمة ونهائيةتباين اآلراء ويرفع من حدتها بدأ من التراشق الكالمي والجدل المعرفي و وصوالً باالصطدام مع

السياسي ، ونهاية بانفالت الوضع واجهات متعددة ، وحدوث تصدعات واضحة في لبنات المجتمعإذ ال يبدو من المنطقي أن تكون البيئة السياسية موحدة في طرق .السياسي من يد كل األطراف

الخارجية (فمع اختالف البيئات السياسية التي تتباين فيها المؤثرات .تكوين التنظيمات السياسية . بل وفاعليتها يختلف هو اآلخر أيضافان نمط التنظيمات السياسية وطرق تكوينها) الداخلية/

ومن جهة ثانية هامة، ثمة عالقة قوية جدا بين طبيعة النظام الحاكم الذي يمارس السلطة السياسية ويحتكر السلطة المعرفية وما بين التنظيمات السياسية المشكلة في بيئة ذلك النظام ، بالشكل الذي

في كثير من مظاهرها واستراتيجيتها و النظام يجعل من األحزاب والحركات السياسية متوحدةفحسب .وتتأكد هذه العالقة في النظم السياسية السلطوية بما يحمل هذا األخير من معنى. الحاكم

الطبيعة السلطوية التي تعمل جاهدة على اإلمساك بكل مكامن القوة ومرتكزات الفعل السياسي قي والمعرفي ،فإنها تسعى إلى صياغة المجتمع واالجتماعي واالقتصادي وحتى القيمي واألخال

السياسي وفق أطروحة التسلط وان تجعل منه مجتمعا مأزوما ،بغية إقناع المجتمع بالرضا والقبول أي تحويل معرفية المجتمع إلى حالة قدرية تعترف .بالتأزم وأنه معطى ال يمكن تجاوزه او تخطيهره،فما يمكن تغيره هو األشكال الظاهرة لكن المكامن بالحرمان والتأزم،لكنها ترى العجز عن تغي

أو كما نقترح تسميته باالغتراب السياسي ،حيث ينخفض .األساسية تبقى ثابتة ال يمكن تحريكهاالتفاعل السياسي الجمعي في الوقت الذي ترتفع فيه درجة القيود االجتماعية على ممارسة العمل

الوضع السائد في حين أن التغير بقدر ما هو أمر السياسي ،وترتفع أيضا روح النقمة على .مرغوب فيه يبقى أمال غير قابل للتحقيق

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

5

Page 6: ضخامة التراث ووعي المفارقة

إن شمولية التدخل السلطوي يتولد منه هنا شمولية التأثير على أفراد المجتمع السياسي وعلى فالسلطة التي تدير المجتمع السياسي بناءا على العنف والتعسف. مؤسساته الرسمية واألهلية معا

وإلغاء اآلخر تنتج حسب هذه الفرضية مؤسسات وتنظيمات سياسية تجنح نحو العنف ألنها ترى في نفسها السلطة الحقيقية التي يجب أن تقود المجتمع السياسي بدال عن .والتطرف

التفكير السلطوي تكون واحدة في كال ) طرائق(وليس هذا وحسب بل إن . السلطة السياسية القائمةستمر هذه الصورة متكررة ما لم يحدث تأثير من خارج دائرة المجتمع السياسي ، وت. الطرفين

يحرك بعض المسكوت عنه ويثير الآلمفكر فيه ويفتح أفقا جديدا في مسألة تداول أمور السلطة على أن التحرك المشار إليه للوضع الراكد والمجتمع الساكن ، محتاج إلى شروطه الذاتية أوال .

.لى العوامل الموضوعية التي تكفل له أن يمارس دوره الفاعل ثانياوعلى توافره عإن ما يحدث غالبا في البيئة السياسية السلطوية هو بناء الواقع السياسي على أسس ثابتة غير قابلة

وبالتالي فان االلتجاء إلى . للنقد أو التحريك ، يعطل فيها الفكر معها ويمنع من التواصل النقديت الخارجية والركون إليها والدفع بها لتمارس ما مارسته في بيئتها ، هو ما يؤدي بعض المؤثرا

في حين يتم العمل على تفسيخ هيمنة . في النهاية إلى اعتبار المؤثر الخارجي طابعا شعارتياالسلطة الحاكمة من نفس الموقع واألرضية التي تستند إليها السلطة ، وفي هذا السياق فإن كثيرا

مفاهيم والطروحات الخارجية ال تأتي كاملة ومنجزة لشروطها الذاتية والموضوعية لتحقيق من الوهو ما يجعل منها طروحات ومفاهيم ملتبسة تثير . نتائجها وثمارها، بل تجلب ناقصة مشوهة

.إشكاليات ال تخدم الواقع السياسي المطلوب تحريك سكونه المجتمع السياسي في النظم السلطوية من الممكن وما يترتب على ما تقدم،فإن تشخيص إشكالية

إرجاعه إلى الفشل في إدارة المؤثرات الخارجية واالستفادة منها بشكل صحيح بعيد عن التطرف أو اإلسفاف ، وبالتالي الفشل في استيعاب السياسية كمفهوم يتضمن فن اإلدارة للعناصر السياسية

سي هنا يكمن في توحد التنظيمات السياسية مع النظام وبعبارة أكثر جرأة ، إن المشكل األسا. السلطوي من حيث االنطالق من أرضية واحدة تكون في واقعها هي المسؤولة عن واقع التخلف

وليس االنطالق من أرضية مضادة كفيل . السياسي وشيوع حالة اإلرهاب والعنف والتسلط يقي والواقعي لمصادر القوة والسلطة مع بالنجاح هو اآلخر،فما يحقق النجاح هو اإلدراك الحق

.اقتران هذا اإلدراك باإلدارة الجيدة للعناصر السياسيةوعلى هذا األساس فإن هناك نصية دينية أو عقائدية أخرى تعمل كمرجعية ثابتة تكمن وراء الخطاب المطروح ما دمنا نقول أن السياسة هي استراتيجية يبحث فيها اإلنسان عن المعنى ألن

والعالقة مع المجموع وما بين المجموع . اإلنسان ال يعيش أو يقوم بالمفرد ولكن بالمجموع تتطلب وجود الكل حسبما يفهمه كل أحد عن أحاديته و جمعانيته ،وما يهندس شبكة هذه العالقات

.هو الفكر السياسيفإننا نجد .سية كالبحرين وإذا ما انتقلنا إلى وضعية هذه الصيغة في بلد صغير متخم باألحداث السيا

أنفسنا إزاء وضع معقد حقيقة،وسنواجه أزمة حقيقية وستكون الصورة اكثر إثارة إذا ما أخذنا طالما أن األحزاب السياسية ممنوعة رسميا في البحرين "إذ يقول) 1983،21(الخوريبوجهة نظر

ن تكاثر هذه الجمعيات إ"ويضيف"فال عجب أن نجد العمل السياسي يرتكز في جمعيات شبه سياسيةويخلص إلى "والنوادي يعبر عن تجزؤ المجتمع البحراني بالرغم من وحدته الثقافية أو الحضارية

إن غياب التنظيم السياسي المستديم يحد من قدرة المعارضة أن تكن على مجابهة الحكم "القولالفصائل المجزئة تبرر لفترة طويلة فالمجابهة الطويلة األمد القائمة على وحدة الموقف عند

التناقضات الداخلية للقطاع المعارض وتعمل بالتالي على تفكيكه من الداخل فال يتمكن من بلوغ إن النظام يستطيع "1986 ميشل مانوحسب تعبير ".الهدف مهما كان انتشاره في صفوف الشعب

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

6

Page 7: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ولة ما قبل الحداثة من خالل المصادر الخارجية والداخلية أن يجمع في يديه سلطة استبدادية لدإن الفشل "الرميحيفي حين أشار ) . 2000،39خلف،"(وسلطة البنية التحتية للدولة الحديثة

سيكون مصير أية محاولة في المستقبل إلحداث تغير سياسي جذري في البحرين ما لم تنل هذه إن إمكانية ..أخرىالمحاولة الدعم والعون الفعليين من الحركات السياسية في بلدان عربية رئيسية

حدوث أي تغير سياسي جذري في البحرين تتوقف على التحوالت في المنطقة ككل وخصوصا وفور الشروع في دراسة تاريخ البحرين ثمة تساؤالت تطرح )1984،261الرميحي"(في السعودية

نفسها تدور حول موقع كثير من الحركات السياسية من هذا الوضع وعن الخطاب السياسي ي للمجتمع كيف هو كيف هي نشأته ومحددات فعله؟المعط

إن أول ما يصادفنا في دراسة بنية الخطاب السياسي في المعارضة في البحرين تحديد بعض المفاهيم التي ندرسها ولهذا البد من التطلع إلى تحديد مفاهيمي للخطاب السياسي المقصود بالتناول

.والمعارضة وكيف هي في الواقع البحراني :الخطاب السياسي: والأ

إن ابسط ما يقال في تعريف الخطاب السياسي هو عبارة عن مجموعة من األفكار المعبرة عن مجموعة من المواقف السياسية اتجاه مجموعة من القضايا والتي تمارس نوعاً من السلطة

من خاللها وبناء عليه فالخطاب هو أكبر من لغة تستطيع . والهيمنة على بعض أفراد المجتمع القوى السياسية التعبير عن مواقفها إزاء القضايا المعاصرة لها، كما إنه ليس بداية فكرة تعبر عن

يرتبط باللغة من حيث هي أداة ) خطاب لغة وقول( فالخطاب من هذه الزاوية هو. موقف . ات السلطوية للتواصل بين طرفين تتم بواسطتهما الدورة الكالمية ،مضافاً إليه كمية من الممارس

بمعنى أن هناك عملية ضبط تمنع من االنفالت عن تلك اللغة أو القول وتكفل لألفراد االرتباط وعندما تكلم ميشال فوكو عن الخطاب اعتبره منظومة تتضمن مجموع . الدائم بالمنظومة الفكرية

رحلة ما البد أن فالخطاب الذي يتم إنتاجه في م. العبارات التي أنتجت في فترة محددة زمنيا يكون حامال لخاصيات تجعله يختلف عن باقي الفترات الزمنية التي أنتجت فيها خطابات مغايرة

و في نفس الوقت ما من خطاب إال ويسعى إلى المحافظة . لها نظامها وطبيعة تفكيرها وتحليلهاالممارسات على النظام الذي يمكنه من الحفاظ على استمرا يته والعمل على احتواء باقي

وعليه فالخطاب ال يتشكل إال من خالل .المؤسساتية كيف ما كانت طبيعتها حتى يهيمن عليها أي أن الخطاب .عملية الضبط التي يقوم بها أثناء تنضيده للممارسات التي تسود في عصر ما

الخيوط يتسرب إلى األعماق الداللية والمرجعية للممارسات التي يتمظهر من خاللها ويشمل جماع وإذا لم يقم الخطاب بتوظيف .المحركة للعملية المعرفية بشكل عام من مسكوت عنه ومن تغييب

آلياته لضبط ما يجرى حوله من ممارسات ،فإنه سيصبح عرضة للنسف من قبل خطاب آخر والخطاب المستمر هو الذي يستطيع السيطرة وخلق آليات لممارسات سلطوية على إنتاجات .

ة السياسية ال تستمر إال بما تقوم به من حرص للحفاظ على وجود الخطاب الذي فالسلط.عصره .أنتجها باعتبارها تمثل إحدى الممارسات الخطابية

إن الخطاب السياسي بهذه الصفة قد يكون خطابا مفردا بمعنى انه يشكل بناءا متكامال كوحدة السياسي يقترن دائما بالفكر السياسي والخطاب.منفصلة أو قد يكون نسقا من بناء إيديولوجي كلي

الذي هو عبارة عن مجمل اآلراء والمبادئ واألفكار السياسية السائدة لدى جماعة معينة خالل فالخطاب السياسي إذن يمكن أن . فترة محددة حول السلطة وكل ما يتصل بتحرك القوى السياسية

وقد يكون انعكاسا لمعاناة ..فلسفة كلية يكون شرحا وتفسيرا لظاهرة جزئية أو قد يكون على شكل .سياسية وفي صميم األحداث ومن ثم قد يكون مؤيدا للسلطة السياسية أو معارضا لها

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

7

Page 8: ضخامة التراث ووعي المفارقة

إن االختالف الذي يمكن لنا تأسيسه فيما بين الفكر السياسي والخطاب السياسي يرجع إلى اقتران شكل اإلطار الفكري واإليديولوجي الذي في حين أن األول ي. الثاني بالممارسات وااللتزام الموقفي

يؤسس بطبيعة الحال الخطاب السياسي نفسه الذي يتكفل بترجمة الفكر السياسي إلى واقع عملي وبعبارة أدق انه البحث عن السلطة أو ممارسة القوة داخل عالقات المجتمع . ملموس في المجتمع

لسياسي وقد تعلق بظاهرة السلطة العامة ال ومن هنا ال مناص من التسليم من أن الفكر ا. السياسييحلق في فراغ وإنما يبدأ من واقع السلطة وقد اتسم بسمات حضارية تعبر عن قيم المجتمع

وبالتالي فإن الفكر السياسي ال ينهض إال إذا كان هناك . السياسي الذي تمارس فيه هذه السلطةم األمم وأمالها في غد أفضل ال تموت في واقعا مأزوما أو مهزوما ، فاألفكار المطابقة ألحال

التاريخ، قد تتراجع ، تفشل ، تخطئ في التقدير ،لكنها تظل قادرة على حفز العقل من أجل بلورة فتوافر المجمع السياسي على مشكالت يعاني منها .الخطط القادرة على تحويلها إلى واقع تاريخيقرير الحالة المعطاة لألطراف المعنية،فمع رفض تثير همة الفكر لديه،ومن هنا تبدأ الموازنة وت

أطراف السلطة للمعالجات المطروحة يدخل المجتمع في حركة صراع من أجل مشروعية القيادة .وحول القدرة وخصائصها الذاتية

وجهات النظر في كيفية معالجتها ) الختالف(إن بروز األزمات السياسية سواء كانت نتيجة نضج رؤية مغايرة ظلت تمارس ) الكتمال( لتحقيق تصورها ، أو نتيجة والسماح لسلطة واحدة

تعبئتها الداخلية ومحاولة السعي الكتساب دور صاحب السلطة ، إن كل هذه الصور من الممكن لها أن تصبح تحت المنظور السياسي،ونكون أمام أطروحة تصنيف المجمع السياسي إلى فئات

وقد ال نجد هذا التناول واضحا دائما وفق . التحالف / التعايش / تشهد حاالت من الصراع اإلشكال المألوف أو المرغوب فيها ، إذ تبقى هناك كوابح قد تمنع بعض اإلنتاجات الفكرية من

فهي بحاجة إلى ممارسات حفرية للكشف عنها تفكك األنساق المنقدحة . الظهور العلني الفاضح ام بعمليات تأويلية ترد فيها الظاهر إلى الباطن المحايث فيها وفي بعض األحيان تحتاج إلى القي

.الفاعل الحقيقي

ومن ثم فان الخطاب السياسي كأي خطاب ال بد له وان تتوفر فيه عدة مكونات رئيسة يمارس من :خاللها دوره الفعال وهي

حقيق األهداف المنظومة الفكرية التي ينطلق منها ويحاول تحقيقها وترجمتها الى الواقع وت -1 .التي يسعى إليها

القضية او مجموعة القضايا التي يصب اهتمامه فيها ويعبر عن موقفه اتجاها بالرفض او -2 .التأييد

وسائل التعبئة او أدوات الممارسة في نقل الخطاب السياسي إلى األفراد المناط بهم والتي -3 .تشكل فيما بعد الموقف السياسي

ي البد لها وان تأخذ بعين االعتبار هذه المكونات الرئيسة وفي حالة ودراسة أي خطاب سياسافتقاد المكون السياسي ألي من هذه العناصر فان مسألة أدراجه كخطاب سياسي يبقى محل تأمل ونظر إذ يكون اقرب إلى الموقف السياسي منه إلى الخطاب السياسي وهنا البد من التميز بين

:مستويات ثالثة هي .الفكر السياسي:لاألو

.الخطاب السياسي:الثاني .الموقف السياسي:الثالث

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

8

Page 9: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وفرز كل على حدة وتميزه في الحدث السياسي ومن الخطأ دراسة الموقف السياسي واعتباره .يمثل الخطاب نفسه

انه قد يتعذر دراسة الخطاب السياسي في بعض األحيان إما لضعف ذلك الخطاب وعدم قدرته كطرف مؤثر في األحداث السياسي وبالتالي فهو معرض للزوال واالضمحالل على إثبات نفسه

بصورة تجعل منه شبحا ال تعرف مالمحه وال يمكن الوصول إلى أصوله ومرتكزا ته التي ينطلق .منها

وفي حالة أخرى مشابهة فان الصعوبة تمكن في األجواء التي انطلق منها الخطاب وهي أجواء رهاب وسياسية تكميم األفواه ومصادرة الحريات وفي أجواء كهذه يكون التسلط والمصادرة واإل

:الخطاب السياسي أمام خيارين ال ثالث لهماأن يتحدى هذه القيود بصورة علنية غير مبال بالصعوبات والنتائج التي قد تلحق به ومن -1

.المحتمل أن يكون مصير الخطاب أن يمحى ويقمع قمعا حقيقياى السرية وسياسية اللعب من تحت الغطاء لحماية نفسه والحفاظ على الدور الذي أن يلجأ إل -2

يمارسه حتى وان تقلص منتظرا الوقت الذي يمارس فيه دوره بصورته الطبيعة كأداة الزمة وضرورية ألية قوة سياسية تبحث عن مكان لها في عالم األحداث السياسية أمام زيادة

.عة التسلط في الحياة السياسيةاالستبداد السياسي وسيادة نزإن الخطاب السياسي بناء على ما تقدم يرتبط بالواقع االجتماعي ارتباطا وثيقا حيث يكون األخير

من اجل ذلك فإن ممارسة القوى السياسية لخطاب . مسؤوال عن تحديد مصادره وخصائصه معطياتها الحتمية والنابعة سياسي معين أو استحداثه يكون خاضعا لمرحلة تاريخية لها ظروفها و

من حاجات حضارية واجتماعية ترتبط بطبيعة تلك المرحلة التاريخية من حيث حجمها ومدى .تأصلها في وجدان المجتمع وخبرته في الحضارة والمعرفة

و يعني ذلك ، إن الخطاب السياسي خاضع إلى موجات من التغير المالزم للتغير الحادث في بات الخطاب السياسي بصورته الماضوية راجع إلى تجمد حركة الحراك في عالقات المجتمع وث

المجتمع أو في جماعة الخطاب بالشكل الذي يجعلهم بعدين عن التعايش مع متغيرات وتقلبات .المجتمع في أموره وعلى األخص السياسية منها

عاب المعادلة السياسية و التغير الذي يلحق بالخطاب السياسي يفترض فيه أن يكون قادرا على استيالجديدة ومعرفة أطرافها وتحديد الموقف السياسي إزاء كل طرف منها وذلك عبر تبنيه ألدوات

.تعبوية قادرة على خلق التفاعل بين مرتكزات الخطاب السياسي وبين فئات المجتمعناء داخل ومن هنا فإننا ال ننتظر تغيرا في الخطاب السياسي قبل أن يحدث تغيرا في نسق الب

وما اقصده هنا بالتحديد هو . المجتمع بالشكل المؤثر في البنى المستحكمة في عالقات المجتمع البنية السياسية المنطلقة أساسا من البني الفكرية المعرفية أو بتعبير أدق تغير الثقافة السياسية

لسياسية الحاكمة و إنما هي فالبنية السياسية ال تنحصر في قطاع السلطة ا.المحايثة للعمل السياسي شاملة لكل أشكال المؤسسات السياسية في المجتمع الخاضعة لنمط التقانة السياسية الرسمية وغير

هذا التغير هو القادر والكافل لحدوث تغير في صيغة وبنية الخطاب السياسي للقوى . الرسمية .السياسية الفاعلة في المجتمع السياسي

ب سياسي من المهم لها أن تأخذ بعين االعتبار التعرف على المكونات كما إن دراسة أي خطاالرئيسة في الخطاب المدروس ومن ثم التوصل إلى خصائص وسمات فارقة بينه وبين خطابات

وال يتوفر ذلك إال من خالل الدراسة المعمقة والواعية للظروف واألوضاع المؤثرة في . أخرى عتبارها محددات الخطاب السياسي وهنا يجب أن نقرر إن نشأته وتطوره أو تغيره وذلك با

خصائص التجربة التاريخية ألي خطاب سياسي إنما هي خصائص نسبية في إطار التجربة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

9

Page 10: ضخامة التراث ووعي المفارقة

فال توجد .التاريخية واألسس الموضوعية التي يخضع لها منطق التاريخ والتطور والسنن الكونية وعلى هذا األساس فان المعيار الحقيقي هناك خصوصية مطلقة وال توجد عمومية مطلقة أيضا

إنما )مع أهمية ذلك (الذي نتعرف من خالله على الخطاب السياسي ليس خصوصياته المقيدة إن .إضافة إلى ذلك انسجام الخطاب مع الكونية اإلنسانية والكونية السياسية على وجه الخصوص

م المجتمع السياسي وحله إلشكالية المهم في دراسة الخطاب السياسي هو برنامجه ومشروعه لقيا .التأزم أو الصراع أو التكامل في المجتمع السياسي

فالمشروع الذي يمتلكه الخطاب ويريد من المجتمع السياسي أن يسلكه يبغي أن يمتلك أطروحة الكونية والخطاب السياسي الناجح والمقتدر هو /مستمدة من التوازن المفروض بين الخصوصية

: وبدقة كيف يقيم هذا التوازن من خالل عدة مؤشرات هامة في هذا التصورالذي يعرفوهذا بطبيعة الحال . معرفة الواقع وتحديد الموقف منه ، حتى ال يفقد مبررات وجوده الحقيقية -1

سينعكس على البناء الداخلي العتماد عمليات التعبئة والحشد الداخلي اعتمادا على الواقع الذي خطاب وبالتالي يمكن بسهولة تحديد سلم األوليات في التعبئة وتحركه في المجتمع يعيشه هذا ال

.السياسيالبعد الحضاري الذي هو جزء من معرفة الواقع إذ يسعى الخطاب السياسي أن يكون طرفا في -2

معادلة الصراع الدولي إما كذات منفردة ، أو كجزء من ذات أكبر يستلهم منها ما يعنيه على و نتيجة البعد الحضاري في مفردات خطابه وأدوات التعبئة ، وبالتالي تحديد األثر الكوني إدراك

.أو الحضاري على صيغة الخطاب ومن خالل هذا نتمكن من دراسة أي خطاب سياسي الذي هو سمة فارقة بين المجتمع السياسي

.ه والمجتمع غير السياسي بالشكل الذي يقربنا منه اكثر الستعابه وتقيمي

:مفهوم المعارضة سياسيا: ثانيا

دأبت أدبيات السياسة منذ القرن التاسع عشر على تعريف الدولة القومية من خالل أربعة عناصر ومن المهم .الشعب،األرض،والحكومة والسيادة ،على اختالف في مفهوم السيادة : ضرورية ، هي

ا أو على األقل إيجاد مفهوم الدولة هنا اإلشارة إلى ضرورة إعادة تعريف الدولة وعناصرهالحديثة مقابل الدولة القومية بإضافة عنصر المعارضة السياسية عبر قنوات رسمية وممارسة نشاطها وفق المألوف من العمل السياسي واآلليات المتبعة في ذلك والذي يدعونا إلى تبنى هذا

كمة إذ ال انفكاك بينها وخصوصا في الرأي هو ما ثبت من تالزم المعارضة مع وجود السلطة الحا .حالة المعارضة الوعي كما سنرى الحقا

و يعتبر مصطلح المعارضة مصطلح حديث نسبيا يقابل لفظ في اللغة اإلنجليزية وحاله إن في داخل اإلنسان بعث عميق نحو التطلع للتجديد واإلصالح الشامل ألبعاد .obمعترض او

الفكر كما يحدد الواقع هو اآلخر يتجدد مع الواقع حسب الدورتين التي الحياة والمجتمع والعالم فدورة داخلية يجدد فيها نفسه مما علق عليه من رواسب وظنون ) :أي فكر(يمر بهمها الفكر

وبناء عليه فالمعارضة السياسية ليست .،ودورة خارجية يجدد فيها الواقع إصالحا وتزكية وتطوير لى الهامش بل هي ضرورة من ضروريات المجتمع السياسي ترفا فكريا أو ممارسة ع

.فالمعارضة أسلوب من أساليب التعبير عن اإلرادة ومظهر من مظاهر المشاركة معناها الرفض.

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

10

Page 11: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وعلى الرغم من صعوبة تعريف مصطلح المعارضة السياسية على نحو دقيق إال إن المصطلح مناوئ لمسلك الحكومة من قبل قوة او اكثر داخل عادة ما يطلق على النشاط او الفعل المضاد او ال

إن المعارضة في العالم Edward shilsالمجتمع السياسي موضع االهتمام ويرى إدوارد شليز الثالث إما محظورة او محاصرة والمعتاد أن يتعرض المعارضون لشتى صنوف القهر والعنت

بين ثالثة أنواع من نظم Dahl Robertوعلى أساس التوجه نحو المعارضة ميز روبرت دولالحكم فهناك نظم مناطها الهيمنة التي تقترن بحظر المعارضة كلية سواء للنخبة الحاكمة او لسياستها او للهياكل السياسية واالقتصادية واالجتماعية وهناك ثانيا نظم تقر بأهمية ومشروعية

يت وهناك أخيرا نظم مختلطة تقترب إما المعارضة او تكفل لألفراد حرية التعبير والتنظيم والتصو .من النمط األول او من النمط الثاني تبعا لدرجة تسامحها مع المعارضة

وعند دراسة المعارضة في النمط األول وهو ما ينطبق على النظم الشمولية او العشائرية القائمة ط السلطة السياسية على شرعية القبيلة السياسية كما في بلدان منطقة الخليج حيث تهمين نم

نسميه المعارضة الحالة في مقابل المعارضة الوعي السلطوية نجد من الضروري التفريق بين ما والمهم ليس دراسة الحالة األولى التي ال تعبر إال عن حالة الرفض وعدم الموافقة او حنى التذمر .

teodorثر ففي دراسة والهيجان الجماهيري العفوي المعبر عن انتقاد سياسة السلطة ال أكshainin أوضح فيها أن الفالحين بوجه عام أكثر ميال إلى اإلذعان ألوامر الحكام وأقل قدرة

على التمرد والثورة إال أن تاريخهم يشهد بأنهم لم يكونوا خاضعين على الدوام فقد اضطروا أحيانا حلية التي كانت تنبثق فجأة ولمدة إلى المقاومة وتمثلت المقاومة اإليجابية في االنتفاضات الم

.قصيرة وعادة ما يكون مصيرها القمع من قبل الحكام والسيطرة على الوضع في مدة قصيرة النقد المنظم وفق رؤية محددة حول الطريقة التي يجب أن )المعارضة الوعي(فيما تعني الثانية

لتي تحظى بمستوى جيد من وهي بذلك ال تنشأ عادة إال في المجتمعات ا. يمارس بها الحكم التطور والنمو بالشكل الذي يكفل للمعارضة أن تتحرك على أرضية سياسية بتقبلها المجتمع

فتشرع في طرح وجهة نظرها وتصورها حول السلطة والسياسة العامة للدولة عبر . السياسي الم السلطة تحركات جماهيرية وأدوات سياسية تعبوية لتصل في أقصى حالتها إلى محاولة است

إن هذه التفرقة ضرورية في البحث الذي نحن بصدده فما لم .وتنفذ ما ترومه من إصالح وتغير تؤسس رؤية منهجية قادرة على فرز األحداث السياسية ووضعها في موضعها المناسب فما من

.شك أن األحكام والتقسيمات المصدرة ستكون فاقدة للدقة ومسببة للخلط واالشتباه ال بد لها أن تتوافر على شرائط كما هو الحال في المعارضة الوعيهذا األساس فإن وعلى

:ومن أهم تلك المرتكزات . الخطاب السياسي .توفر رؤية محددة لطبيعة السلطة وسياسة الدولة -1 .تبنى خطاب سياسي يعبر عن تلك الرؤية والتصورات -2 .ممارسة العمل السياسي المنظم -3 . الفعلي في المجتمع السياسيالتحرك -4

تتطلب تركيبية إدارية وعالقات وروابط سياسية متبادلة بين الجماهير إن المعارضة الوعيوإذا لم . والسلطة معا، تحاول من خاللها ممارسة ضرورة من ضرورات المجتمع السياسي

ية واإلرهاب والتسلط يحدث ذلك فانه في هذه الحالة يصاب المجتمع السياسي إما بآفة الدكتاتور .والعنف الرسمي أو انه يصاب بالفشل واإلخفاق

:ومن منظور علمي يحدد روبرت دال أربعة معايير لتصنيفات المعارضة السياسية هي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

11

Page 12: ضخامة التراث ووعي المفارقة

إذ تعرف المعارضة درجات مختلفة من التماسك :concentratioinدرجة تركيز المعارضة -ألى مجموعات من التنظيمات التي تعمل كل منها التنظيمي فقد تتركز في تنظيم واحد وتتفرق إ

.بصورة مستقلة عن األخرى وتعتمد هذه على مدى تركيز المعارضة ويمكن competitiveess: تنافسية المعارضة -ب

.إرجاع التنافسية إلى التوجهات السياسية لمختلف الفاعلين السياسيين أهداف طويلة األمد وأخرى متوسطة حيث تتوزع تلك األهداف علىgoalsأهداف المعارضة -جفالمعارضة يمكن أن تسعى إلى التغير أو مقاومة تغير محتمل وبناء على نوعية اختيار األهداف .

.تتحد االستراتيجية وتمثل الوسائل المختارةتختلف االستراتيجيات التي تتبناها المعارضة بهدف تغير او منع .strstegies االستراتيجيات-د

وترتبط اإلستراتيجيات بطبيعة النظام السياسي فبقدر ما .وك الحكومة تجاه موضوع ما تغير سلفتارة . نتملك من أنظمة نتعرف على صور متعددة من االستراتيجيات الخاصة لقوى المعارضة

تكون المعارضة من صلب النظام السياسي الحاكم وتارة تكون من خارجه وهكذا هي مفاعيل .الحركة السياسية

إن ما يمكن اإلفادة منه هنا هو التعرف على أن أية معارضة تتأثر من خالل بنية النظام السياسي ويحدد كمال المنوفي عدة عناصر يتأثر موقع المعارضة في أي نظام سياسي من . المهيمن

:خاللها وهي .األبنية الدستورية .النظام االنتخابي

.فية الفعليةالمعطيات الثقافية وخصوصية األبنية الثقا .درجة التذمر ضد الحكومة

.حجم االختالفات االجتماعية واالقتصادية .أنماط الصراع او االتفاق في اآلراء والسلوك

)292-189ثناء ص.(مدى التعددية المتاحةوقد يبدو هنا أن دراسة العنف الرسمي وغير الرسمي و أثره في تكوين المعارضة الوعي سلبا او

ية هامة وملحة لما عرف عن المجتمعات السياسية التي تعيش وضع التسلط والقهر إيجابا يمثل قضالسياسي من ارتفاع نسبة ممارسة العنف في الممارسة السياسية لدرجة أن بعض المحللين اعتبرها من مالمح العمل السياسي في العالم الثالث الذي يعج بالمتناقضات فال يجد أمامه سوى الثورة او

وان . محاوال بذلك حل مشاكله العميقة بأساليب مرتجلة قليلة الفاعلية قصيرة المدى االنقالبالعالم الثالث ال يلجأ الستخدام األساليب العلمية او الحكم الدستوري البتكار حل جذري لمشاكله

وقد تزداد هذه الضرورة إذا ما كانت الدراسة تتعلق بمجتمع تقوم عالئقه ) . السبكي211ص(وفي صور كثيرة تبدو الصورة المرسومة أن العنف . سية أساسا على العنف والعنف المضاد السيا

إذ قد تتوحد قوى .الرسمي ينشئ خطابا سياسيا للمعارضة يتخذ من العنف وسيلة وحيدة لها .المعارضة بتطور النظام كما هو الحال مع النظام األبوي والمعارضة القبلية

ارضة يتطور مع تطور المجتمع السياسي على اعتبارها أسلوبا من ومن الطبيعي إن تطور المعأساليب التعبير تبعا لنوع داك التطور وكميته إضافة إلى تطور السلطة السياسية نفسها بشكل

ولكن هذا التطور مرهون بمدى إلحاح المعارضة الوعي في تحقيق برنامجها السياسي .طردي األنظمة االجتماعية تتنقل من طور إلى طور مع مقدم كل وتكثيفه وممارسته على أرض الواقع ف

جيل جديد ، ولكن مع انتقاله تحدث درجات متباينة من التعديل بل او حتى الطفرة في مسار هذه

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

12

Page 13: ضخامة التراث ووعي المفارقة

األنظمة فيكون لكل نمط من تلك األنماط صورة خاصة به وهي المظاهر الخارجية للقوى :معارضة الوعي تتحدد تحديدا بثالثة محددات هيومن هذا فان ال. المحركة الكامنة في النظام

الموقع الذي تشغله فئات المعارضة أي الطبقات الممثلة لها هل تنحصر في : المستوى االقتصادي .طبقة واحدة أو أكثر من طبقة

موقعها من النسق الكلي لعالقات السلطة التي تدير وتسوق وتراقب شؤون :المستوى السياسي .راد الجماعات واألف

.الدور الذي تمارسه في ميدان الصراع الفكري واأليديولوجي:المستوى األيديولوجيفما .ومن خالل هذا النموذج تتضح لنا صورة المعارضة في المجتمع السياسي بشكلها المحدد

دامت المعارضة هي أسلوب من أساليب التعبير عن اإلرادة ومظهر من مظاهر المشاركة معناها فالمشاركة اإليجابية لها أدوات معينة . من مقوماتها القوة والمنطق سلبا او إيجابا الرفض ، فان

تستعملها في التعبير عن اإلرادة في عملية الصراع والمشاركة السلبية لها أدواتها الخاصة أيضا فأدوات التعبير عن اإلرادة مختلفة وتتبع أصول و أسباب وعوامل المعارضة ونشؤها وكلك

الفكري والمنطقي ومن أوضح صور التعبير عن تلك اإلرادةاإلطار القوة واإلكراه والضغط العنيف الذي البد وان يقود إلى تحطيم اإلرادة المناهضة -1 .اإلقناع والتعانق والتفاهم والحوار -2

وإذا كانت المعارضة صورة من صور اإلرادة فان المعارضة السياسية هي إرادة ضد إرادة .سياسية السلطة ال

وذلك يعنى انه ال يمكن . إن المعارضة ظاهرة مالزمة لظاهرة السلطة السياسية وجودا وتطورا تصور وضع لسلطة سياسية من دون وجود للمعارضة او اإلرادة المناهضة لها والتي قد تكون ة معارضة ألصل السلطة السياسية او تكون معارضة لإلجراءات التنفيذية التي تمارسها السلط

هذا من ناحية الوجود أما من ناحية التطور فانه يخضع لجدلية كبرى هي .السياسية .وما يتولد منها من تفريعات) السلطة/المعارضة(

والتطور المقصود هنا هو ، التطور الفكري للمنظومة العقائدية والفكرية المتعلقة بالمطالب ليب المتبعة في التعبير عن تلك األفكار المطروحة من قبل لمعارضة أو المجتمع ، وتطور األسا

.أو تحقيقها على ارض الواقعوالعالقة بين وجود السلطة وتطورها والمعارضة وتطورها يمكن اختزاله ضمن ثنائية مستحكمة

فكما انه توجد سلطة سياسية تقليدية يمثلها النظام األبوي ) حديث/تقليدي( في هذا المجال وهيفي فكرها وأسلوبها الذي قد يتخذ شكال سلبيا وهو االنعزال واالنسحاب فهناك معارضة تقليدية

واالنتقال من مكان إلى آخر وقد تظهر في شكل إيجابي بمعنى ممارسة فعل موجه نحو الطرف والحال نفسه في حالة السلطة . اآلخر كاالغتيال واإلبعاد والتنحية وفق ما يملؤه الموقف السياسي

رعية الحقيقية القائمة في جوهرها على العقد االجتماعي فانه توجد أيضا الحديثة يمثلها الش .معارضة حديثة تتشكل في األحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها

ويظهر من التداخل بين شكل السلطة وشكل المعارضة ضمن مقوالت ثالث من الجدلية الكبرى :وهي

.قليديةسلطة تقليدية تقابلها معارضة ت -1 سلطة تقليدية تقابلها معارضة حديثة -2 سلطة حديثة تقابلها معارضة حديثة -3

معارضة تقليدية وذلك الن وضع السلطة /وال يمكن تصور مقولة رابعة تتضمن سلطة حديثةالحديثة يقتضي وجود أحزاب وتعددية ونقابات ومشاركة سياسية تصل لحد تداول السلطة وتبادل

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

13

Page 14: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ولذا يندر أن تكون هناك معارضة تقليدية في ظل نظام . إفراد المجتمع السياسي األدوار من قبلحداثي إال في النظم الشمولية وحكومات الحزب الواحد وفي هذه الصورة ال يمكننا اعتبار أن

، وبالتالي فان المعارضة تكون )حديثة/تقليدية (السلطة السياسية سلطة حديثة ، و إنما هي هجينة .ورة االزدواجية أيضابنفس الص

ومن خالل هذا التقديم الموجز حول طبيعة المعارضة السياسية يتضح لنا مدى إخفاق الدراسات التي تبنى نتائجها على أساس ارتباط المعارضة بالطبقات االجتماعية في وجودها وتطورها وذلك

إذ تكون المعارضة .ة ألن مجرد بروز فئات اجتماعية جديدة في المجتمع ال تتولد عنه المعارضموجودة من قبل مع وجود السلطة وكل ما تعمله هذه الطبقات الجديدة ،إما أنها تحول المعارضة الحالة إلى معارضة وعي ،او إنها تكشف عن اتجاهات معارضة جديدة نظرا لكمية المتغيرات

لعدد الكمي لتيارات التي أدخلت في بنية المجتمع او في صورة ثالثة وهي األكثر أن تُكثر من االمعارضة فتمارس ضغطها على السلطة السياسية في أن تنسحب من المجال السياسي او أن تقدم

وبذلك فان المعارضة ترتبط بالتحديث السياسي للسلطة من جهة . تنازالت وفق رأي المعارضة .وبالقوة االجتماعية وممارستها من خالل الطبقات االجتماعية من جهة أخرى

ما نرومه من هذا العرض هو الكشف عن بنية المعارضة في المجتمع السياسي في البحرين إنومراحل نشوئها واثر الظروف المحيطة بها في بلورة نظرتها اتجاه التحديث السياسي الذي تطالب

وما يظهر من المتابعة أن سمة بارزة تظهر بوضوح تام أمام المراقب وهي الطابع اإلصالحي .به الخطاب السياسي للمعارضة فقد كانت مطالب المعارضة تنحصر في إطار التغيير اإلصالحي في

وتسعى إلحداث إصالحات اجتماعية واقتصادية وسياسية في ظل األوضاع القائمة من دون أن .تسعى لتغير النظام السياسي

اً استراتيجيا بمعنى ولم يكن موقفها من عدم المطالبة بتغير النظام السياسي تكتيكيا بل كان هدففالمعارضة تتبنى خطابا من ابرز ).على األقل وفق ميزان القوى وحجم القوى المتصارعة(الكلمة

سماته القبول بالنظام األبوي السائد ولكنه في نفس الوقت يطلب مساحة أوسع للمشاركة في عملية وهي تريد انتشاراً . ة صنع القرار السياسي ويطالب بحصته في مسؤولية إدارة السلطة السياسي

يضمن لها حق االعتراف بها وبشرعيتها على أساس إنها تمثل جزءاً من الجسم السياسي الذي له هذه أهم . الحق في ممارسة الحق السياسي ولكنها ال تنافس السلطة السياسية وال تهدد باستبدالها

تيارات المعارضة التي مظاهر خطاب المعارضة في التحديث السياسي ويستثنى من ذلك بعض الوجدت في فترة الستينات والتي كانت تطالب بالتغيير الجذري واستبدال النظام والسلطة السياسية ولم تقتنع بالتغيير اإلصالحي ، بل إنه في كثير من األحيان تتخذ من األسلوب الثوري والعسكري

.األداة الوحيدة لتحقيق هذا الفكر على ارض الواقع

:وبنية السلطة السياسية في البحرينالمعارضة

ويفضي هذا المفهوم إلى ثالثة .إن السلطة في مفهومها العام تعني إصدار األمر والتحكم فيه :أموروأخيرا لألمر أي الخاضع لممارسة صاحب السلطة : المتقبلأي الممارس لحق السلطة، و: اآلمر

فاألب يمارس السلطة على االبن وفق . بين الفاعل والمفعول به أال وهي الشرعية:العالقة. الشرعية المعطاة لألب في ممارسة ذلك النوع من السلطة والنابعة من طبيعة العالقة الدموية

ولكن الكالم يختلف عند الحديث حول السلطة السياسية التي تكون بين حاكم ومحكوم وعالقة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

14

Page 15: ضخامة التراث ووعي المفارقة

حاكم ومحكوم و إنما قد تكون هناك حالة وبدون تلك العالقة ال يوجد لدينا. شرعية بين الطرفين استعباد وتسلط من قبل فرد أو جماعة على فرد أو جماعة أخرى ، كما هو الحال في العالقة بين

.السيد والعبدوبخصوص العالقة الشرعية الموجودة للسلطة السياسية التي تفرقها عن سائر السلطات األخرى ،

وشرعية النظام السياسي ال . في تنظيم سياسي شرعي أيضا فان تلك العالقة يجب أن تكون ممثلةتأتى إال من خالل عقد اجتماعي تحدد فيه معايير الشرعية الواجب توفرها في النظام السياسي او

ويميل كثير من الباحثين . هذا العقد تحدد فيه الواجبات والحقوق لكال الطرفين . السلطة السياسية السياسية بمقوالت ماكس فيبر الثالث وكذلك بالمحددات اللبيرالية إلى تحديد شرعية السلطة

إن ما يهمنا هنا تحديد طبيعة السلطة السياسية في . الحديثة أيضا وليس المجال هنا لتناولها البحرين هل هي فعال كذلك او أنها سلطة سلطان؟وعلى اثر تلك الطبيعة يحدد موقف السلطة من

.معارضةقضية التحديث السياسي والإن بلدان الخليج العربي تعيش معتمدة على اقتصاديات ريعية يمثل عائد النفط المصدر األساسي لدخولها كما أنها اقتصاديات استهالكية بالدرجة األولى العتمادها على االستراد الخارجي بصورة

بي اذ انه يقوم وطبيعة الحكم فيها يتخلف عن كثير من أنظمة الحكم في العالم العر. شبه مطلقة كما يسميها خلدون النقيب التي تعني corporationsأساسا على مبدأ التضامنيات غير الرسمية

إن القوى االجتماعية المتضامنة التي ال تعبر عن نفسها إال ضمن مؤسسة الحكم وبواسطة :لتضامنات وتتفاوت ا.رؤساء معينين او شيوخ محددين تعترف بهم الدولة وبمكانتهم االجتماعية

–وتعاني كل الكيانات السياسية الخليجية التضامنية .في أهميتها كمستوى للوالء واالرتباط ضعف التماسك بين المجتمع والدولة أي بين الشعب كحقيقة اجتماعية والدولة –بدرجات متفاوتة

ي لحظة وبعبارة أخرى إن التماسك السياسي في هذه البلدان مهدد في أ. كموزع للسلطة والدخل باالنفجار ولذا فان شيوع ظاهرة عدم االستقرار السياسي هو نتيجة لعدم التطابق بين المجتمع والدولة حيث تشعر بعض القوى او األقليات العرقية او الطائفية بعدم االنسجام داخل حدود الدولة

)201ادريس(التي تعيش داخلها وتطرح مطالب انفصالية بحرين تختلف عنها في بقية دول الخليج ، إذ تعتبر العائلة الحاكمة طرفا إن السلطة السياسية في ال

دخيال على المجتمع البحراني دخلوا البحرين عن طريق القوة العسكرية والعنف ومن ثم االستيالء على السلطة السياسية والسيطرة على المجتمع السياسي وموارده االقتصادية من خالل مصادرة

وقد عبر النظام الحاكم عن هذه الحقيقة بصورة واضحة . الموارد األخرىاألرض والتدخل في إنه . عندما لقب أحمد بن محمد الخليفة بلقب الفتح إشارة إلى انتصاره في االستيالء على البحرين

من المعروف ما هي الداللة التي يحملها هذا اللقب المشتق من عملية الفتح ، وهي العملية التي لقد صورت . ل الجيش اإلسالمي في بالد الكفر ويصيرها تحت نفوذه وسيطرته يتم فيها تدخ

السلطة السياسية في البحرين نفسها القوة اإلسالمية التي أدخلت البحرين في اإلسالم وفي نطاق الدولة اإلسالمية ، وترجمت هذا الفهم في أسلوب التعامل و إدارة شؤون جزر البحرين بصورة

ففرضت نظام السخرة وصادرت كثير من األراضي وتقاسمت إدارة الجزر . م تتفق مع هذا الفهإن عملية التسلط على "كما هو عند الخليفة واألمراء ويصف الخوري وضع استيالء آل خليفة بقوله

بدأت من مطلع . األرض وتشتت مراكز القوى حصلت تدريجيا عبر مرحلة زمنية طويلة المدى فقد حكم احمد الفاتح بالطريقة التي حكم فيها نصر ..في الثالثينيات القرن التاسع عشر وانتهت

. المذكور بمعنى أنه أعتبرها منطقة محتلة تؤمن له والتباعه ما أمكن من الضرائب واألموال وهذا يعني إن تسلط الشيوخ من آل خليفة على األرض الزراعية وتشتت مراكز القوى المحلية

حصلت بعد استيطان سلمان بن أحمد واتباعه في جزيرة المنامة الشيعية هي من األمور التي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

15

Page 16: ضخامة التراث ووعي المفارقة

فقد حكم الشيوخ الجزر بطريقة النظام األبوي ولذلك ) 47الخوري ص (وأخيه عبد اهللا في المحرقاألول للحكام والثاني : اعتبروا ثروة النفط ملكا خاصا بهم فكانت عوائد النفط تقسم إلى ثالثة أقسام

وشجعت بريطانيا هذا االعتقاد فكان . ثالث إلدارة الشؤون العامة للدولة للشركات المنتجة والممثلوها يرددون إن عقود االمتياز هي اتفاقيات بين الشركات والشيوخ وليس ألحد آخر من رعايا

.البالد أن يتدخل و ال فما هو واضح هنا إن النظام السياسي الذي حكم البحرين تحت أسم آل خليفة لم يكن ليستمر ل

أنه أعتمد على سياسية السيطرة من جهة ،ومن جهة أخرى االرتماء في أحضان القوى الكبرى ثم أن هناك عوامل وظروف شهدتها منطقة الخليج . واالحتماء بها من نقمات المجتمع األهلي

العربي أسهمت في تكوين الوضع القبلي وتشجيع تلك التضمينات القبلية التي أخذت شيئا كبيرا من .االستقرار والتنظيم السياسي

:ومن أهم تلك الظروفانهيار القوة البحرية البرتغالية األمر الذي أدى إلى خلق وضع يفتقد للقوة الكبرى المسيطرة -1

ونتج عن ذلك فسح المجال لموجات من الهجرات العربية من وسط الجزيرة العربية إلى شواطئ قاء القوة البرتغالية بسيطرتها على إقليم الخليج العربي الخليج فقد انحسرت تلك الهجرات مدة ب

التي قامت على القوة العسكرية والهيمنة التامة ولذا لم يكن هناك وضع قبلي وخصوصا في .البحرين إال أن انهيار تلك القوة فسح المجال لتلك القبائل أن تمكن نفسها في المنطقة

حاء الجزيرة العربية كافة فبدلت جهودا كبيرة في سعي بريطانيا الحثيث إلى التغلغل في أن-2محاولتها لتأسيس عالقات سياسية مع القبائل العربية على أساس أنها كيانات سياسية فعقدت

فأضفت تلك المعاهدات المبرمة 1892و1882اتفاقيات مع شيوخ المنطقة و منها البحرين عام ل حيث تعهدوا فيها بالتعاون مع بريطانيا صفة االعتراف واالستمرارية على شيوخ تلك القبائ

باألصالة عن أنفسهم وورثتهم وخلفائهم مقابل حماية بريطانيا لهم مع تقديم المعونات المالية لهم فأدخلت تلك المعاهدات وضعا داخليا جديدا إال وهو تكريس صفة القيادة لعائلة الشيخ الموقع على .

.االتفاق وخلفائه بالوراثةلدولة العثمانية والدولة الصفوية بخالفاتهما وعدم استطاعت أي طرف منهما أن يصل انشغال ا-3

.لمواقع ثابتة في السيطرةونتيجة لهذه العوامل وغيرها أصبحت الوالءات هي دائما للزعامات القبلية أصبحت أقوى وأعمق

لخليج السياسية األمر الذي جعل من أنظمة ا. في كثير من األحيان من الوالء لمفهوم الدولة مصادقا واضحا لألنظمة األبوية المحافظة وسعت في بعض محاوالتها لتقمص اوجه الحداثة

لكنها في الحقيقة كانت تدار بنفس األساليب . والتحديث في كثير من مجاالت العالقات السائدة ها وتحتاج إلى التقليدية في محاولة منها لكسب الشرعية التي تشعر في أعماق نفسها أنها فاقدة ل

.سند قوى يقف معها بعد زوال القوة الداعمة والمؤسسة لشرعيتها وهي االستعمارفالسلطة السياسية الحاكمة ال تستند في وجودها لشرعية معترف بها ونتيجة لهذا الوضع المتأزم

زاد فكلما. تكون معيار جديد للشرعية يقوم على حصيلة العالقة السائدة بين النظام والمجتمع االعتقاد بان النظام القائم هو افضل الممكن يرتفع مستوى الشرعية وتزداد فرص استقراره

وعززت . فالمجتمع يتوقع من نظامه السياسي أن يتحمل مسؤولياته ويؤدي المهام المطلوبة منه الموارد المالية كفاءة هذه النظم مما شكل مظلة قوية واقية للشرعية من دون االعتماد على

.القدرات الذاتية في تأسيس شرعية السلطة السياسيةإن أهمية هذا التحليل لطبيعة السلطة تتمثل في موقف السلطة السياسية من المعارضة وقضية التحديث السياسي وتحديد اثر طبيعة هذه السلطة في موقف المعارضة من السلطة السياسية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

16

Page 17: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ونتيجة لهذه .ات تفاعلية متداخلة فيما بينهامما يعني عالق. وطبيعة التحديث السياسي المرجو الطبيعة للسلطة السياسية فان السلطة السياسية تعمد في الحفاظ على بقاءها في الحكم والسلطة على التحالفات مع القوى األجنبية بغية الحفاظ على حكمها وهذا يؤكد ما ذكرناه من الشعور

حتى دولة الرفاه التي تزعمتها السلطة . الحقيقية الداخلي في نفوس الحكام بأنهم فاقدين للشرعيةمنذ منصف السبعينيات إثر الطفرة في أسعار النفط لم تلغي ذلك الشعور و لم تؤسس شرعية مختلفة عن سابقتها فظلت الطائفية السياسية والتحالفات اإلقليمية تمثل عنصر األمان للسلطة

طة وتمثله في الدعم السياسي من قبل األطراف السياسية كما كان الحال منذ بداية نشوء السلكل ذلك كان و . الخارجية كالقوى العظمى والمنظومات اإلقليمية والدولية للتأكيد على الشرعية

.ما يزال يمثل صمام األمان لبقاء السلطة السياسية في الحكم ورفضها للتحديث السياسي

:موقف السلطة من التحديث السياسي والمعارضةخالل الفهم السابق لطبيعة السلطة السياسية القائمة على اآل شرعية والمنتظمة في شكل النظام من

األبوي فإنه يكون من السهولة بمكان تحديد الموقف النظري والعملي للسلطة من قضية التحديث السياسي الذي يتمثل في الرفض التام والقطعي ألي تحديث يهدد بقاء ، او الحد من صالحيات

ومن الطبيعي أيضا أن ترفض هذه السلطة االعتراف بوجود معارضة او إنها . لسلطة الحاكمةاتسمح لها بالوجود ألن األرض ملك للسلطة ومن حقها أن تحكمها كما تشاء وترغّب إن لم ترغم

ومن هنا يصح لنا أن نفسر طبيعة الحضور لمثل هذا . من يخالفها على الهجرة من األرض لسلطة السياسية وتمسكها باألرض حيث إن االرتباط باألرض يعني التصور بوجود التصور عند اهذا التصور غير مسموح له بالتعدد في أي حال من األحول ألنه وبسبب بسيط . اصل واحد

يعطى الشرعية لآلخرين في المطالبة بالحق الشرعي لهم في اقتسام الشرعية ومن السهولة هنا أن المطاليب أو رمها بالسفه ما دامت األرض هي ملك شخصي ال يملك أحد يتم التغاضي عن تلك

.فيها غير العائلة الحاكمة ومن الطبيعي أيضا أن تكون الجهات المناوئة للسلطة السياسية تعتمد هذا التصور أيضا وتجعله

دتها في فالقبائل المتحالفة مع السلطة الحاكمة والتي ساع. المحور المثبت لها في حق المعارضة إتمام عملية االحتالل والسيطرة ترى من حقها اقتطاع جزء من األرض تمارس عليها السلطة ولو بشكل جزئي في حين أن السكان األصليين الذين كانوا يسكنون األرض قبل االحتالل يرون أن

.األرض لهم وال يحق ألحد مهما كان أن يسلبها منهمنتائجه ظل المجتمع السياسي طوال فترة طويلة يعيش ولصعوبة هذا التصور من حيث أثاره و

وما شكل إخالال حقيقيا هو إدخال . الصراع السياسي واالجتماعي انطالقا من هذا المرتكز التنظيم اإلداري في البحرين مطلع العشرينيات من القرن العشرين حيث وزعت األرض بشكل

.حلقات جديدة من القوى السياسية يثبت أرضية القوى السياسية الفاعلة ويمنع من نشء إن ما تجدر اإلشارة إليه صعوبة تحديد بداية التحديث السياسي نظرا للتغيب المتعمد من قبل السلطة السياسية لكل ما يلفت النظر الزدواجية النظام الحاكم تارة او المحافظة على الطبيعة

السياسي سيكون مقترنا ببداية موجة المؤسسة للسلطة السياسية تارة أخرى ولهذا فان التحديث الحداثة و التحديث السياسي منذ االنفتاح على الحضارة الغربية منذ مائة سنة تقربيا وعلى هذا

على واقع 1920- 1904األساس فان مرحلة إدخال اإلصالحات اإلدارية من قبل بريطانيا منذوليس من السهولة التسليم أن تلك . السلطة السياسية هي بداية التحديث السياسي في البحرين

اإلصالحات المزعومة هي هبة للبحرين وشعبها إذ تبقى هناك دوافع سياسية محركة للسياسة فقد أدخلت السلطة االستعمارية . البريطانية في الخليج العربي عموما في البحرين خصوصا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

17

Page 18: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الوقت عينه إلى كسب بعض اإلصالحات لكبح إساءة االستخدام للسلطة المحلية مع التطلع في .والء جميع الطبقات الريفية

لقد سعت بريطانيا في بداية القرن التاسع عشر لوقف المعارك المتكررة بين القبائل محولة بذلك سيطرة القبائل من حق قائم بالفعل مبني على القوة إلى حق شرعي تصونه المعاهدات الثنائية

كان هذا التدخل بداية حقبة جديدة تبدل فيها . على حدة المبرمة بين بريطانيا وشيوخ القبائل كلالنظام القبلي للسلطة تبدال ملحوظا إذ أعطى كل من كان له حق التفاوض مع البريطانيين حقا

أي إن ذلك من الممكن اعتباره األسس األولية التي قامت عليها . شرعيا في االستقالل الذاتي ة السياسية متسمة باالزدواجية بين الحاكم والمعتمد البريطاني فقد كانت السلط). 39الخوري(الدولة

وفي نفس الوقت كانت السلطات الممنوحة للحكم سلطات مطلقة يمارس ما يشاء 1904منذ عام .الخ..

ويجب االعتراف إن تلك اإلصالحات البيروقراطية كان من شأنها تضعيف سلطة الحاكم ونفوذه اعها بصورة مصغرة إلدارة الشعب ولقيت هذه اإلصالحات وتحديد السلطة السياسية وإخض

وتؤكد إحدى .معارضة شديدة من كل من الشيخ عيسى الحاكم وابنه عبداهللا وصغار الشيوخإن مطالبة السنة بعدم التدخل في الشؤون " ذلك حيث 1927الوثائق البريطانية تعود إلى عام

علمين صالحية القيام بأشياء كثيرة ال نوافق عليها انه الداخلية يعني بالنسبة لرجال القبائل غير المتيعني إدارة هذه الجزر لما فيه فائدة ومصلحة زعماء القبيلة التي ينتمي إليها هؤالء وهو يعني استغالل الشعب الشيعة لصالح الحكام ويعني بالنسبة للسني المتعصب معاملة الشيعة وكأنهم طبقة

العب بالعدالة بهدف خدمة مصالح القبائل الحاكمة ومراكزهاويعني أيضا الت..ال حقوق لها fo 1/9/1927رسالة الكولونيل هو ارث في ابو شهر الى سكرتير حكومة الهند (

406/60e4499) وفي رسالة المقيم السياسي مخاطبا الملك عبد العزيز في يونيه )76حمزةليس سرا أن حماية الحكومة "ل فيها يوضح استغالل بريطانيا لألوضاع الداخلية إذ يقو1923

هي التي ساعدته وأكثر من مرة ليس ) عيسى بن علي حاكم البحرين (البريطانية للشيخ عيسى ضد االعتداءات الخارجية فحسب و إنما ضد رعاياه أنفسهم أي البحارنة الذين يتعرضون منذ

وعلى امتداد قرن كامل "عزمن طويل لالضطهاد والقمع ويشعرون باالستياء المطلق من األوضالم يتدخل اإلنجليز مرة واحدة لصالح غالبية السكان المضطهدين في جزر البحرين ولكن مع تطور حركة المعارضة وانعكاس ذلك على البريطانيين حالوا إصالح الوضع لتدوم سيادتهم

ا بريطانيا خصوصا بعد العريضة التي رفعها الشيعة ضد الحكام إلى بريطانيا وحذرو)75حمزة(من مغبة الحماية المطلقة للسلطة بعدها استجابت بريطانيا بعض الشيء بفعل تداخل كثير من العوامل الخارجية وتتطور الصناعة األوربية وتحولها إلى فتح أسواق االستهالك أمام البضائع

.المنتجةر في البنية وكنتيجة لهذه اإلصالحات وتباين المواقف برزت قوى وطنية سعت إلحداث تغي

كانت هذه القوى تمثل الثقل الديمغرافي للبحرين ومن أهم القرارات التي . الهيكلية للنظام السياسي صدرت إنشاء مجلس شورى ينظر في أمور البالد ومعالجة المسائل التي قد تنشا في المستقبل

قدميا للغاية ولو نفذ وذلك حسبما جرت عليه العادة في البلدان األخرى ويمثل هذا المطلب مطلبا تهذا المطلب لكان نواة لنظام حكم قربي من الدستورية او الشرعية ولكن السلطة أبدت جوابا صريحا لمثل هذا التحديث إذ تقرر اعتقال كال من عبد الوهاب الزياني واحمد بن الحج و نفيهما

يقي والمؤسس للشرعية إال إلى الهند كان ذلك المؤتمر هو بداية المطالبة بالتحديث السياسي الحق 1954 وحركة 1938أن السلطة لم ترتضي هذا التحديث إطالقا ويتكرر المشهد نفسه في حركة

التين كانتا تطالب بإنشاء مجلس تشريعي يمثل سكان البحرين سنة وشيعة وينظر في أمور البالد

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

18

Page 19: ضخامة التراث ووعي المفارقة

لفئات أن غياب إذ وعت هذه ا)راجع الشهابي والرميحي والخوري.(ويسهم في إدارة البالدالمشاركة السياسية يقوض دعائم شرعية النظام الحاكم ويظهر ذلك جليا في الصيغة التي قدمت

ومن المؤكد " وذلك حسبما جرت عليه العادة في البلدان األخرى"1923في وثيقة المؤتمر الوطني للنظم الحديثة غياب هذه صيغة المجلس النيابي في منظومة الخليج العربي و إنما كانت موجهة

.القائمة على أسس الشرعية معترف بهاومع قيام الدولة المستقلة عمدت السلطة السياسية إلى إدخال التحديث السياسي المتثمل في الدعوة النتخابات المجلس التأسيسي ومن ثم انتخابات المجلس الوطني وكانت مهمة المجلس التأسيسي

ويظهر من طريقة العرض مدى حرص . المستقلةهي وضع الدستور المنظم لشؤون الدولةالسلطة على تثبيت الصورة األبوية للسلطة السياسية ، إذ كان نصف عدد أعضاء المجلس معينين

وعلى هذا األساس وضع الدستور الذي يعد من أعظم .والنصف اآلخر عن طريق االنتخاب ف ومن سيطرة األبوية مظاهر التحديث السياسي حتى اآلن رغم ما أصابه من مكامن ضع

.والصالحيات المفتوحة للسلطة السياسيةإن هناك . وقد يصطدم هذا التحليل مع الوضع البرلماني المعبر عن المشاركة السياسية الواضحة

جملة من األمور حتمت على السلطة السياسية السماح لمثل هذا التحديث أن يحدث على الرغم من :مورمعارضتها له ومن ضمن تلك األ

مطالبة شاه إيران بجزر البحرين و التهديدات اإليرانية لدول الخليج جعل من السلطة مضطرة -1 .أن تلجأ إلى هذا األمر في محاولة منها لتثبيت الشرعية أمام المطالب اإليرانية في ذلك الوقت

انت البحرين التخلص من إشكاليات االتحاد الخليجي المزعوم إقامته بين إمارات الخليج ، و ك-2و مع تعثر ذلك االتحاد بادرت البحرين إلعالن االستقالل والدعوة . تطالب بالمركزية و الهيمنة

.النتخابات كأسلوب إلثبات الذات والتخلص من تبعات اإلشكاليات في االتحاد يطرة تنامي التيار اليساري والحركة الوطنية إبان فترة االستقالل وكمحاولة من السلطة في الس-3

.على هذه االتجاهات استعانة بالتجربة الكويتية في ذلك وهي البرلمانوإذا دققنا في هذه األمور ال نجد هناك عامال ذاتيا يدفع بالسلطة السياسية لممارسة التحديث . السياسي إال المناورة السياسية والسعي إلثبات الصورة األبوية كأساس لشرعية السلطة السياسية

الوضع المزدوج لم يستقيم التحديث السياسي ونتج عنه مفهوم سلطوي للتحديث ونظرا لهذافهناك بنية سياسية أبوية . السياسي يذكر المتابع بثنائيات التحديث في حقل العالقات السياسية

مقابل بنية ديمقراطية وهناك أعراف وتقاليد قبلية وعشائرية وطائفية مقابل عالقات تبادل وتداول مدني وهناك مؤسسات حديثة أحزاب ونقابات صحف مقابل أحياء و جماعات طائفية و ومجتمع

و بصورة مجردة فإن إشكالية التحديث تتمثل في التبعية والخضوع للشخصية مباشرة . عشائر .مقابل عالقات غير خاضعة في أساسها للتبعية

حديث إلى جوهر وأصل األبوية لقد حاولت السلطة السياسية أن تحدث نفسها دون أن يمتد ذلك التفوضعت السلطة . والقبلية والعشائرية الكامن ، ومن دون األخذ بالشروط العامة لذلك الدخول

وهي أقرب إلى الضوابط منها إلى المقوالت التي . السياسية مقوالتها الخاصة بالتحديث السياسي تغير العالقات االجتماعية يمكن أن تطور من الفكر والبني المعرفية وذلك كخطوة أولى ل

والسياسية والتغير االجتماعي الشامل ، الذي إما أن يمهد المجتمع للتحديث ، أو أن يدخله في ولن يتأتى لنا كشف ذلك إال من خالل تحديد تلك الضوابط السلطوية . سياق التحديث السياسي

:حول التحديث السياسي و أول هذه الضوابطثالي والثيوقراطي واألبوي للسلطة باعتباره يمثل واقعا مصوناً بواسطة احترام الطابع الم -1

.القوانين واألحكام سواء كانت وضعية أو مستجدة من تعاليم الدين

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

19

Page 20: ضخامة التراث ووعي المفارقة

تقيد مبدأ المشاركة في حدود نخبة من الطبقة البرجوازية المتصلة اتصاال مباشرا بإدارة -2 .رؤوس األموال وحركة االستثمار التابعة للنظام

.تنمية شروط الرقابة في التجارة واالقتصاد والعمل االجتماعي والسياسي والثقافي -3فالضرورة تقتضي األخذ به في كثير من الممارسات كما . تقيد المبدأ العقالني وعدم الحسم به -4

.تقتضي أن يترك في كثير من المواجهات أيضا جتمع أن يتعامل مع كل ذلك على انه ثقافة كما تعمل السلطة السياسية على أن تفرض على الم

مما يحول الماضي السياسي إلى مثال يحتذي به في . مستمرة متواصلة مع ما عليه الواقع الراهن لقد أسست السلطة السياسية عرفا في . مواجهة جملة المتغيرات السياسية واالجتماعية واالقتصادية

لى أساس المناصفة في اإلنشاء فمجالس البلدية مجاالت التحديث السياسي منذ البداية يقوم عوالصحة والمعارف والمجلس التاسيسي او أية هيئة رسمية أخرى ،فإن العرف يقتضي انتخاب

األمر الذي يهيا للسلطة القدرة على اتخاذ القرار النهائي من . نصف األعضاء من قبل السلطةف المكتسبة اكتسابا تاريخيا وال تخضع خالل صنع تيار يرى أن شرعية الحكم تبنى على األعرا

ولذلك فإن من جملة األسباب التي دعت السلطة السياسية إلى حل المجلس . إلدارة التمثيل الشعبي هو االقتراح الذي قدم من قبل البرلمان ) الوجه األكثر صراحة في التحديث (1975الوطني

وجعلها ملكا خاصا للدولة بدال من والقاضي بسحب سلطات األمير من التصرف بأراضي الدولة لقد رأت السلطة السياسية في ذلك حدا كبيرا لسلطات وقوة النظام فأقدمت على . ملكية األمير لها

.حل البرلمانوفي مقابل هذه الخطوة التراجعية عن مسيرة التحديث بدأت السلطة السياسية تطرح تحديثا خاصا

وتعتمد هذه الصيغة على حالة من حاالت . القبيلة إذ أخذت في ترديد مقولة ديمقراطية.بهاوهذه الحالة هي النظام الذي . الماضي والتي يشكك في وجودها أصال وتغطيها بصيغة الحداثة

كان يعتمد عليه في إدارة شؤون القبائل و المتثمل في أن نظام البادية ال يمثل نظاما اجتماعيا وعلى أساس . ق بين القبيلة والعشيرة ونظام سياسي فحسب إنما يشتمل على نظام اقتصادي يفر

هذه األنظمة حكمت السلطة السياسية جزر البحرين طوال فترة االحتالل و قبل االستقالل ويتجلى النظام السياسي القبلي في مجالس الحاكم التي كانت مفتوحة وكان ميسورا رؤية الحاكم للجميع ،

وعادة ما يكون الحاكم مستعدا . بحار والغواص والراعي تجاراً و أصحاب نفوذ ، إضافة إلى الوبدأت . ألن يقابله كل المواطنين وأن يستمع منهم إلى شكواهم والتماساتهم على أساس يومي

أطروحة األسرة الواحدة والبوابة المفتوحة تطرح كثقافة راسخة في المجتمع السياسي البحراني كان هذا الظاهر لكن الباطن كان يحتوى تعويم المطالبة .وأنها كفيلة بتحقيق الواقع المنشود

الشعبية بالمشاركة السياسية وممارسة الرقابة على إدارة الدولة من خالل الشكل الظاهري لعالقة .الحاكم والمحكوم

وال يخفى جانب المبالغة حتى في الصورة األسطورية التي تعتمد عليها السلطة السياسية في ذلك إن الذين يتمكنون من مقابلة الحاكم هم التجار و أصحاب النفوذ . يث السياسي مقاومتها للتحد

القبلي ولم يكن كل الناس وعامة الشعب يستطيعون مقابلة الحاكم لعرض شكاواهم فلقد كانت السلطة السياسية تعيش العزلة عن الشعب كل الشعب ليس العزلة السياسية فقط و إنما العزلة

. فالحاكم يعيش في قصره محاطا بالفدواية وهكذا هي سلسلة أبناء الحاكم و أقرباه المكانية أيضا وزادت هذه العزلة مع التغير الذي لحق بالمجتمع بعد اكتشاف النفط وابتعاد السلطة السياسية عن

وال يساق هذا التحليل لهذه أسطورة . المنهج الديمقراطي الموجب لشرعية السلطة السياسية ففي عام . إنما نجد له في واقع التحديث السياسي النابع من السلطة انعكاسا واضحاجزافا ،

اصدر عيسى بن سلمان أمرا بإنشاء مجلس شورى بناء على طلب تقدم به رئيس الوزراء 1992

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

20

Page 21: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وتنحصر اختصاصات المجلس بإبداء المشورة في مشروعات القوانين والسياسية العامة للدولة و عضوا يعنهم األمير ومعظمهم يمثلون القطاع التجاري والقطاع الخاص 30يتألف المجلس من

وجمعيهم ال ينتمون إلى أي تنظيم سياسي فمن يقع عليهم االختيار لعضوية تلك المجالس هم عادة من علية القوم أي من ذوي االتجاهات المحافظة ذات المصالح االقتصادية المرتبطة بعجلة رأس

هات العشائرية او االجتماعية في غالبيتهم وتتغلب التوازنات العشائرية على المال السلطوي والوجاويخول لألمير حل المجلس وتكون جلسات المجلس سرية وال يجوز أن يحضرها . أي اعتبار آخر

وتشكل هذه الوثيقة البعد األكثر تطورا .أحد غير األعضاء والوزراء ومن يأذن لهم المجلس بذلك ول التحديث السياسي وهو الفهم الذي سبق وان أكدناه حول أسطورة ديمقراطية لمفهوم السلطة ح

.القبيلةفالمواطن البحراني لم يصل بعد بشكل عام إلى درجة من الوعي والنضج السياسي تمكنه من ممارسة حق االنتخاب والترشيح ممارسة رشيدة سليمة تتعدى نطاق المجالس التشريعية المعينة او

الن السلطة السياسية ما زالت تعتبر أن انتماءها األساسي هو للعشيرة .ى أساس المناصفةالقائمة علو التي تحدد التراتيبية وتحفظ – والقبيلة -التي تضمن الحقوق والواجبات وتوزيع الغنيمة–

فالحاكم يجب أن يمارس صالحياته مباشرة وهو ال يستطيع أن يتصور وجود . المناصب .ل بينه وبين اتصاله المباشر بالحكم مؤسسات وسيطية تحو

أيضا ،وفي الممارسة العملية للسلطة 1973ونجد لهذا الفهم شواهد في الدستور الصادر عام فالسلطة السياسية ومنذ اليوم األول الذي بدأت فيه مالمح التحديث السياسي . السياسية كذلك

فهي . نظير للتخلص من الالشرعية وهي تعيش هاجس الشرعية وتبحث عن منافذ غير مكتملة التوتارة تعتمد . تارة تجده في الدعم الخارجي والتحالف مع القوى الكبرى سندا لبقائها في الحكم

وتارة ثالثة عن طريق التهجين للتحديث . على مقوالت الماضي المصاغة بطريقة أسطورية .السياسي وإخضاعه للصورة األبوية ورفض التحديث الحقيقي

:لة السلطة للمعارضةمعامومن الطبيعي أن تنعكس هذه الحالة على تعامل السلطة السياسية مع المعارضة وأطروحتها حول

وذلك لما هو االرتباط الوثيق . التحديث وذلك بالصورة نفسها التي تعاملت بها مع قضية التحديثعملها ومعاملتها بين المعارضة والتحديث فتشيع ظاهرة عزل المعارضة وتضيق الخناق على

بأسلوب ديكتاتوري ودموي في أحيان كثيرة وعزلها عن تولي المناصب اإلدارية الهامة وذلك من خالل المنع الكامل لقيام أحزاب سياسية وتحريم قيام الحركات االجتماعية والسياسية غير الموالية

فاع والداخلية والخارجية للنظام واالحتكار التام لمصادر القوة والسلطة كوزارات المالية والدوحصرها في العائلة الحاكمة المعبرة عن السلطة السياسية كمحاولة منها لخلق حالة الركود

.االجتماعي والحضاري والتجميد القسري للقوى االجتماعية والسياسيةإن هذه الصورة وان كانت غالبة في تعامل السلطة مع قوى المعارضة ، إال أن هناك صورة ال

هنا خطورة وهي إدماج رموز المعارضة في مواقع تنفيذ القرار وتقديم المساندة والدعم تقلللمشاريع التي تتقدم بها قوى المعارضة او رموزها شريطة أن تندمج تلك الرموز او قوى

وأن . المعارضة في بوتقة السلطة السياسية الحاكمة وأن تثبت ابتعادها عن النقد الصارم للواقع الوقت نفسه والءها لهذا الواقع كما هو عليه، وبعبارة أخرى إفساح المجال لتلك تؤكد في

المعارضة بالشكل الذي ال يتهدد السلطة السياسية ومقوالتها وأهدافها وتحاول السلطة السياسية من :ذلك تحقيق إحدى البدل الثالث التالية لقوى المعارضة

.د السلطة السياسيةاالنعزال عن ممارسة المعارضة والوقوف ض-1 .االنشغال بالقضايا الهامشية المؤقتة والدخول في صراع مع تيارات القوى المعارضة األخرى-2

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

21

Page 22: ضخامة التراث ووعي المفارقة

التشرنق حول الذات والتحليق بالخيال والمثالية وتكوين صيغ تحديثية مبتورة الصلة بالمجتمع -3 .وهمومه وقضاياه الرئيسية

.ورها في حركة المجتمع وابتعاد الجماهير عنهاإن كل ذلك يحقق عزلة المعارضة و إضعاف دلقد تكررت هذه الصورة في التراث السياسي البحراني وبدء واضحا أن هناك كثيراً من رموز المعارضة قد اندمجت بالسلطة السياسية وتنازلت عن مقوالتها في التحديث وأخذت تنادي بخطاب

و نتيجة لذلك بدأت صورة . كدسها في الخارج السلطة السياسية في مقابل تفتت قوى المعارضة وتمبتورة تتكون في أذهان الجماهير حول قوى المعارضة وبدأت الصورة الثنائية الحتمية

وتحليل هذه الحالة يتصل .الفشل هي الحاكمة في تعامل الجماهير مع قوى المعارضة /واالندماج جزئيات ومقوالت المجتمع السياسي اتصاال وثيقا بمقولة المعارضة كيف هي وتحديد موقفها من

االجتماعي وهذه الصورة ليست عمقا وجذرا و إنما هي مظهر وتضاريس لألثر الحقيقي في /تكونها والنابع من تعامل السلطة مع الجماهير ومطالبها ومن طبيعة االتجاه السياسي الدائر

.للمعارك ها وبين المعارضة اتجاها قدريا يعوق لقد أسست السلطة السياسية من هذه المعارك الطاحنة بن

ويقوم هذا االتجاه القدري . العمل الجماعي الضروري لدعم مشاريع التنمية االقتصادية والسياسيةعلى اعتبار أن ال شيء مما يستطيعه الفرد سوف يؤثر في السلطة السياسية إلحداث التحديث

م بأنهم جزء من المجتمع لكنهم في فعلى الرغم من شعوره. السياسي سوى القدر وضربة الحظ ويرفض هؤالء أي تحرك ضد السلطة او الدفاع عن حقوق التحديث . نفس الوقت ليسوا منه

بسبب فقدان الثقة واإلحساس بعدم جدوى من قدرته على التأثير في السلطة السياسية مع اإلحساس للمعارضة لإلخفاق والفشل ، ومن الطبيعي أن يتعرض التحديث السياسي. بالمعاداة نحو السلطة

إذ من شأن االتجاه القدري الذي تحاول السلطة تأصيله في المجتمع أن يفرز نظاما سياسي سلطوي يوسع من نطاق ممارسة القوة التحكمية للسلطة السياسية ، مما يغذي بالتالي انسحاب

.ةالمواطنين من السياسية وتكوين نظرة ضارة بالتحديث السياسي وبالمعارضوان كان من فعل السلطة السياسية كنتيجة للتعامل ( إن ما تجدر اإلشارة إليه في هذا النمط ،

فإن هناك عوامال ) السلطوي مع قوى المعارضة وإصرارها على إغفال وتغيب التحديث السياسي،وتبقي . إقليمية وعالمية ساعدت على تكوينه وإيجاده وتأصيله في ثقافة المجتمع السياسي

محصلة النهائية إن هذا االتجاه ما هو إال ردة فعل اتجاه تعامل السلطة السياسية مع التحديث من الجهة وقوى المعارضة من جهة أخري فتعززت قوة السلطة السياسية بنظامها األبوي المتحكم

.وضعفت قوى المعارضة بمشروعها التحديثي السياسي للسلطةا األثر انسحب على قوى المعارضة نفسها إذ رأت في نفسها قوة وقد ال نبالغ القول إذا قلنا إن هذ

ضعيفة ال تقوى على رفض السلطة السياسية األبوية و إنما أملئ عليها هذا االتجاه أن تتبنى وأن تبني . اتجاها توفيقا يتمثل في مطالب التحديث السياسي مع القبول بالنظام األبوي كمرجعية

ب المعارضة السياسي كنتيجة لهذا الوضع المتأزم للمعارضة على ذلك كثير من مفردات خطا .وكمية اإلشكاليات المتعلقة بخطابها السياسي

:خطاب المعارضة التحديثي

إن هذه االزدواجية في الخطاب وفي الممارسة تبدو ظاهرة ومهيمنة على التراث السياسي ت هذه الصورة للتحديث السياسي و والتساؤل المطروح هنا، ما هي العوامل التي كون. البحراني

أثرت في نبرة الخطاب السياسي للمعارضة ؟ وهل لظروف النشأة أثر في الخطاب السياسي للمعارضة وما هي كمية ذلك األثر إن وجد والى أي حد؟

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

22

Page 23: ضخامة التراث ووعي المفارقة

انه من الخطأ التسرع في اإلجابة وتعليل ذلك بنوعية الظروف التي تعيشها المنطقة والتي تلم وذلك الن هذه اإلجابة ما هي إال انعكاس لذلك الخطاب في األساس أضف إلى ذلك . المعارضة

انه إذا كانت العوامل المحيطة هي الداعية لتبني هذه الصيغة المزدوجة فإن من شأن الخطاب أن والمشاهد هو . يتغير هو اآلخر مع تغير الظروف وخصوصا ظروف ما قبل النفط وما بعد النفط

وكذلك الحال . صالحية للتحديث السياسي ، مما يعنى وجود سبب آخر غير ذلك ثبات الصيغة اإلفي إلقاء اللوم على الطبيعة المستحكمة في منطقة الخليج من سيطرة إمبريالية وتأصل النظام

.األبوي وعدم انتظام المعارضة في وحدة تعمل لهدف واحد هو التحديث السياسي . لمعارضة معها على أساس أنها تمثل ثوابت ال يمكن إلغاؤها إن كل ذلك معوقات تعاملت قوى ا

وكما سبق فان . وهي بذلك انعكاس للخطاب السياسي المهيمن على قوى المعارضة بشكل عام قبول المعارضة بالنظام األبوي ليس قبوال تكتيكيا و إنما هو هدف استراتيجي نابع من قوى

ا لكل ذلك فإن األسباب الداعية إلنشاء صيغة الخطاب ونظر. المعارضة ذاتها ومن صلب قناعتها وأمام هذا الحال . البد وأن تكون أسبابا ذاتية ترجع إلى أصول المعارضة وقواها بالدرجة األولى

:، تبدو أمامنا صيغتين، احتمال أن تكون أحدهما أو كالهما هي السبب في هذه الظاهرة :األولى

ومازال ذلك األثر يؤدي . خطاب السياسي لقوى المعارضة إن ظروف النشأة أثرت في بنية الوفي هذه الحالة فإن الظروف القاسية و . دوره رغم قدمه وتعاقب السنين عليه وتغير الظروف

األحداث الجسام التي عصفت بقوى المعارضة التي تزامن وجودها مع سلطة سياسية سلطوية ها والتخلص منها قد أثرت بشكل كبير جد قمعية تسعى لضرب تيارات المعارضة والقضاء علي

ومع ازدياد التوتر والصراع بين السلطة السياسية وقوى المعارضة .على صياغة الخطاب السياسياستطاعت السلطة السياسية أن تحقق انتصارها على قوى المعارضة التي أخذت باألخذ باالتجاه

لنفسي فإن قوى المعارضة اتحدت مع النظام وبلغة التحليل ا. القدري او التدرجي في أحيان قليلة األبوي وحاولت التقرب منه رغبة منها في الحصول على بعض اإلصالحات األمر الذي يعنى ان هناك اثر ال شعوري يحرك قوى المعارضة في اخذوا ببنية الخطاب اإلصالحي وتركها بل عدم

والثوابت التي يجب على كل القوى تفكيرها في التغير الجذري فلقد أسست ظروف النشأة القواعد .المعارضة ان تأخذ بها وتلتزم بما تملئه عليها من صيغة الخطاب

ومن المهم االلتفات إلى أن تلك الظروف القاسية المصاحبة لنشأة المعارضة ال تنحصر في السلطة للمعارضة السياسية األبوية فحسب ، بل يجب األخذ بعين االعتبار أن أكثر الضربات التي وجهت

1923كانت منطلقة من قوى االستعمار البريطاني طوال الفترات الماضية بدءا من حركة الذي شارك فيه العمال والطالب وكانت المعارضة تخوض غمار 1965ووصوال الضراب

ولذا فهي تلجا إلى حليف يمكن أن يحميها من ضربات االستعمار . صراعها مع قوى االستعمارشتركة للعمل والتوجه نحو السلطة السياسية بمطالب اإلصالح والتغير بعيدا وان توجد صيغة م

عن أشكال االستفزاز والنقد المباشر للسلطة ومن هنا فإن كال الطرفين ساعدا على تكوين بنية خطاب سياسي معاصر لقوى المعارضة بمختلف أطيافها وأنعكس كل ذلك على مطالب التحديث

.السياسي للمعارضةانت ظروف النشأة قاسية جدا ومريرة جعلت من قوى المعارضة أن تطور من نفسها و لقد ك

تطرح لها بدائل عن كل االحتماالت الممكنة والمستنبطة من خالل هذه األحداث الجسام التي عصفت بها منذ بداية التكوين فالسلطة السياسية ال ينافسها أي تنظيم آخر من خالل المنع الكامل

.اب السياسيةلقيام األحز

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

23

Page 24: ضخامة التراث ووعي المفارقة

إن هذه الصورة وان كانت تحمل شيئا من الواقعية إال أنه يصعب القبول بها على إطالقها خصوصا مع بروز فئة كانت تطالب بالتغير الجذري كما هو الحال مع بعض التيارات الماركسية

ي وبعض القوى اإلسالمية وحتى اآلن فالظروف التي لحقت بهذه القوى هي عينها الظروف التصاحبت المعارضة القومية واليسارية واإلسالمية مما يعنى أن عامل الظروف القاسية وإن كان ينطبق على بعض تلك القوى إال أنه ال يعطى تفسيرا يمكن االعتماد عليه في تحليل مواقف

.المعارضة من السلطة السياسية وتشكل بنية خطابها في التحديث السياسي ثر ثباتا في صنع هذه الظاهرة عند المعارضة المتبنية للخطاب المشار إليه إن هناك بعدا وعامال أك

البد وأن ينفذ إلى ذات المعارضة نفسها ويؤثر بشكل حازم على تشكيل هذه الصيغة من التحديث إن قبول تلك الصورة يفضي إلى التسليم بالخلل وعدم االتساق في بنية إطار المعارضة . السياسي

إذ أنها لم تستثمر كمية الظروف القاسية في رفع مطالبها اإلصالحية . و أخرى الفكري بصورة اوفي المشهد الثاني وهو قوى االستعمار ، لم تأخذ مدى . إلى مستوى المطالبة بالتغير الجذري

العالقة الرابطة بين االستعمار وقوى السلطة السياسية الحليفة له بذلك الشكل المسافر األمر الذي ها أداة يحركها االستعمار لتحقيق أهدافه في إعاقة التحديث السياسي الشامل لخدمة جعل من .مصالحه

:الثانيةإن هذه الصورة تحاول معالجة أوجه القصور وتبني تحليال يعتمد على ضرورة تحديد االتجاه

وهي فما دام اإلطار والمنظومة الفكرية هي نفسها. الفكري والتكوين الطبقي لقوى المعارضة المهيمنة على تحريك الجماهير وتحويل معارضة الحالة إلى معارضة الوعي وما دامت الطبقة لم

وفي نفس . تتغير فإنه من الطبيعي أن ال يحدث تغير في بنية الخطاب السياسي في التحديث ر الوقت الذي تحدث فيه تغيرات اجتماعية ويبقى الخطاب نفسه فإن التغير لم يطل إلى حد التغي. االجتماعي و إنما تقتصر آثاره في إحداث خلال اجتماعيا وتغير في البنى االجتماعية فقط

فاالنتقال من طبقة إلى طبقة جديدة ال يعنى االلتزام بمقوالت الطبقة الجديدة ما لم يصاحبه إدراك .ووعي بمقولة تلك الطبقة

انوا من أبناء الطبقة التجارية قبل النفط إن الذين تحملوا مسؤولة العمل الوطني وقيادة المعارضة كوالتي تحولت إلى طبقة البرجوازية الصغيرة في العصر النفطي في حين ظلت الفئات األخرى

لذا فإن فكر وإطار المعارضة تحكمه هموم .كالفالحين والعمال بعيدة عن قيادة قوى المعارضة البرجوازية سواء من داخل الحكم او ونظرا للمصالح المشتركة للطبقة . وهواجس تلك الطبقة

خارجه التي كانت تفرض ذلك االتجاه اإلصالحي في التحديث السياسي كحد أقصى للمعارضة .الممكنة

ولم تكن من القوة بمكان بحيث أنها تستطيع أن تخوض معركة مع االستعمار الذي يهدد مصالحها ط تعتمد عليها و أصبحت مستقلة اقتصاديا ومع السلطة السياسية التي كانت في فترة ما قبل النف

بصورة نسبية مع ظهور النفط وغدت كل المشاريع مترابطة بتحالف مع السلطة السياسية ونتيجة لهذا الوضع تمكنت بنية الخطاب المعارض ومنذ . واالقتصار على منافسة قوى االستعمار

لطبقة البرجوازية الصغيرة هي اليوم األول في ظهور المعارضة الوعي وحتى الوقت الراهن فا .المسؤولة عن قيام قوى المعارضة

ومما يؤكد صحة هذا االحتمال مالحظة خطاب قوى المعارضة التي تشكل طبقة الفقراء والعاملين المتجهة نحو التغير الجذري الشامل للنظام السياسي كما هو . والكادحين قوامها قيادة وقاعدة

فجل قاعدتها وقيادتها من أبناء الطبقة المعدمة والمتعرضة ألقسى الحال في الحركات اليسارية .أنواع الحرمان واالضطهاد والحال نفسه عند المعارضة اإلسالمية الداعية للتغير الجذري

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

24

Page 25: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وال يعنى هذا التحليل التشكيك في نوايا قيادات المعارضة في العمل الوطني فقد كانت هذه الطبقة كثر حظا في الحصول على التعليم الذي فتح أعينهم على واقع بالدهم مؤثرة في النظام وهي األ

في ظل االستعمار وفي ظل تزايد الوعي القومي من خالل نمو الطبقة المثقفة والمدربة عملت أدركوا أن االقتصاد النفطي وإجراءات . على تشكيل نواد وجمعيات وإصدار صحف ومطبوعات

لحكومة آنذاك هي تطورات تقدمية ولكنها محددة ولذلك اهتموا الرفاه االجتماعي الذي اتخذته اأيضا بالمطالبة بتصميم قوى االستعمار على االحتفاظ بسيطرتهم على البالد ولعل هناك سببا آخر حتم على أبناء هذه الطبقة المشكلة للمعارضة وبنية خطابها أال وهو اإلطار الفكري واأليدلوجي

ولم . الداعي للوحدة العربية بين األقطار العربية عبر توحيد األنظمة المتحكم في تلك الفترات وتصطدم هذه التوجهات مع بنية السلطة السياسية بل أنها على العكس من ذلك توفر العنصر والقاعدة المشتركة بين القوى الوطنية واألسر الحاكمة وهو الموقف نحو العروبة ولربما كانت

ومعروف مدى ميل الثقافة الغربية نحو اإلصالح . هذه الطبقة كان غربيا خلفيات التعليم لدي أبناء .الليبرالي بدال من التغير الجذري المنتشر في الثقافة الشرقية

الفصل الثاني :محددات نشأة الخطاب السياسي للمعارضة السياسية

حط أنظار الكثيرين من لقد ظلت منطقة الخليج العربي منذ نشأة التاريخ وحتى الوقت الراهن م

ذوى النفوذ التجاري والعسكري والسياسي بل حتى الفكري منها،واألمر يتكرر اليوم ولكن بصورة مختلفة بعض الشيء مما يعني أن خصائص التجربة التاريخية في منطقة الخليج إنما هي

.خصائص نسبية في إطار التجربة العالمية والعربية ممتازا لألبحاث حول طبيعة التغير المجتمعي تحت وقع تسارع فقد شكلت بلدان الخليج حقال

وتيرة التاريخ وحول عملية المعاصرة التي اضطرت إليها بعض األنظمة االقتصادية والمجتمعية إن الوضع في Yves schemeilوالسياسية التي تشكل مفارقات تاريخية ويرى إيف شميل

ظمة معرفية واجتماعية واإلرهاصات المتولدة من التغيرات منطقة الخليج العربي بما احتوته من أن .الكمية والكيفية لغزا مستعصيا على الحل بموجب نظريات التحديث والتبعية

وفي نفس الوقت فان منطقة الخليج العربي تأثرت بتيارات شتى من التيارات السياسية وكان قوى المعارضة على مر التاريخ للبحرين نصيب في بعض تلك الحركات فقد كانت بحق مسرحا ل

ه عندما توجه نجدة بن عامر إلى البحرين وهاجم بني عبد 67اإلسالمي بداء من الخوارج في عام ه وثورة القرامطة عام 252ومرورا بحركة صاحب الزنج.قيس في القطيف وانتصر عليهم

ركزية الخالفة ونهاية ه التي كان لها الدور الكبير في بلورة قوى المعارضة المنظمة ضد م278 .بالعصر الراهن واألثر السياسي الضخم الذي تتركه قوى المعارضة بكافة أطيافها وتوجهاتها

والمتتبع لألدبيات السياسية يلحظ وبشكل واضح أن هناك تغيباً متقصداً لكل أثر يدل على وجود وبرأي عبد . وحتى اليوم 1900قوى معارضة في العصر الحديث وعلى وجه الخصوص منذ

هادي خلف إن منطقة الخليج العربي كانت في آخر درجات سلم األولويات بالنسبة للمثقفين العرب ومن جهة . بشكل عام والمثقفين المرتبطين بتنظيمات حركة التحرر الوطني العربية بشكل خاص

ة عاجزة عن كسر ثانية كانت حركة المعارضة في بلدان الخليج بكافة تعبيراتها السياسية والثقافيحاجز العزلة المفروض عليها وظلت بشرذمتها وإقليمتها غير قادرة على بدء التواصل مع

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

25

Page 26: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وقد أسهم ذلك على ما يبدو في استمرار عدم رؤية ترابطها . التطورات الحادثة في المنطقة برمتها .العضوي مع التطورات العامة في بقية بلدان الوطن العربي

السلطة الحاكمة في /ير الذي تلعبه السلطة السياسية بكال شقيها االستعمارية وال يخفى الدور الكبإذ كانت البحرين تعيش .إتمام هذا المشروع وعلى وجه الخصوص فترة الحرب العالمية الثانية

آنذاك مناخ تلك الحرب بكثير من معاناتها ومنها الرقابة الشديدة المفروضة ،ولوال أن حفظت ك الحقبة شيئا من تراث البحرين في الثالثينيات واألربعينيات لضاع تراث بعض الصحف من تل

وقد حاولت السلطة السياسية أن تخطو خطوة أوسع من المصادرة والتغيب . سياسي بأكمله فعمدت إلى سياسية تكميم األفواه وتحريف الحقائق تارة واستئجار األقالم وشراء وإنشاء مراكز

لك بما يفرض ويخدم مصالحها ويفرض سلطتها الثقافية على الرأي للبحوث تارة أخرى وكل ذ .العام او انه يغير من الحقائق والوقائع التي تتعارض و رؤيتها

لقد عاشت بعض أقطار المنطقة في عزلة عن العالم أبعدت عنها فرص االتصال بأسباب اسة القمع والتجزئة او المعرفة واوجه الحضارة وذلك أما بسبب سلطة االستعمار وفرضه سي

ونتيجة لذلك فقد كان القدر المحتوم على قوى .جراء جهل الحكام ووقوفهم عقبة في سبيل التقدم المعارضة أن تتلقى الضربات القاصمة كل مرة إن هي حاولت أن تأسس مجتمعا سياسيا او إنها

سالح تحتمي به تلك سعت إلى بناء دولة حديثة فسالح القبيلة و األسروية بات أقوى من كل .المعارضة

إال أنه ومع كل ضربة من تلك الضربات يكون هناك إيذانا بانتهاء مرحلة وابتداء مرحلة جديدة تعتمد على آليات وسبل تنفذ منها إلى أعماق المجتمع وتخط مسالك ومعارك جيدة مع السلطة

يم السياسية السائدة عند السلطة السياسية والخروج من سيطرة األشكال التقليدية الجامدة والمفاهوبذلك ظلت هذه .أو عند بعض أفراد المجتمع ذوى السيطرة والمرتبطين بمصالحهم مع السلطة.

المجتمعات فترة طويلة وهي في مرحلة اضطراب سياسي وقلق مستمر نتيجة لكمية التغيرات التي .يشهدها أي مجتمع من المجتمعات السياسية

ى أهمية دراسة البوادر والظروف المؤدية إلى نشأة قوى معارضة حديثة ومن هذا المنطلق تأتوتسليط الضوء على أهم المراحل الحرجة التي قادت بقوى المعارضة نحو االصطدام مع السلطة السياسية او التقهقر واالنزواء وراء جداران الصمت و الهدوء الذي يسبق العاصفة والبحث عن

. تلك النقاط الحرجة ردود األفعال القائمة نحوما تحاول هذه الدراسة اإلجابة عليه هو تحديد الدور الذي لعبته بواكير نشأة التيار اإلسالمي وما

ومن هنا تتم .هي تلك النشأة والقناعات المحركة للعمل السياسي والتزام خط المعارضة الوعي المعاصرة كبناء فوقي إن صح محاولة إقامة بناء تحتي يتقوم عليه الخطاب السياسي للمعارضة

.التعبيروما تجدر اإلشارة إليه هنا ضرورة االلتزام بالمنهج النقدي في تناولنا لألحداث السياسية وبعيدا

ومن . عن الوقوع تحت تأثير اإلغراء الذي ينزلق فيه الكثير من الباحثين بل والوطنيين أنفسهم الله الكشف عن الحركات والدوافع للمعارضة عند أولى األوليات المنهج النقدي الذي نروم من خ

تحولها من المعارضة الحالة إلى المعارضة الوعي هو قراءة الحدث السياسي من أكثر من جهة وبتعبير آخر دراسة ما وراء الحدث كقراءة ما بين السطور وما يفرزه من . وبأكثر من قراءة

إن التفكير النقدي يتضمن مهارات التميز beyer 1985وكما يذكر باير .تداعيات وإرهاصات بين الحقائق واالدعاءات القيمية وكل من المعلومات ذات الصلة من غير ذات الصلة وتحديد صحة العبارات ومصداقية المصدر وتحديد االدعاءات الغامضة واالفتراضات الضعيفة واكتشاف

.د قوة االدعاءالتميز والمغالطات المنطقية وتميز التضارب المنطقي وتحدي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

26

Page 27: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ومن هنا فإن دراسة الموضوع من خالل األحداث السياسية ودورها على المسرح السياسي آنذاك البد وأن تكون أثرت بشكل او آخر ليس فقط على المستوى المحلي و إنما على المستوى اإلقليمي

.ممتزجا بالعالقات السائدة بين المجتمعات السياسية الكبيرة والصغيرةالعوامل المحركة والدوافع المفضية لهذا التحرك البد من اإلشارة إلى أن كتابات التاريخ ولفهم

السياسي للبحرين قد كتب ببعض األقالم األوربية الغربية كما في كتابات لوريمر وفليكس جينينر ر او بأقالم رحالة ومتابعين من المؤرخين العرب كالريحاني والشيخ النبهاني وغيرها من المصاد

التاريخية المدونة للحالة السلوكية او المعرفية ،والمالحظ في كل ذلك ان التاريخ المكتوب ليس هو تاريخ الشعوب واألمم وال يملك القدرة على أن يعكس آمالها وال آالمها وال معاناتها او حركتها في

كهم والمنطلقات واقع الحياة لما هو معروف عنه انه تاريخ الحكام والسالطين ومن يدور في فلكانت في مجملها كتابات مزيفة مظللة أريد . والمعايير التي انطلقوا منها وتحركوا على أساسها

منها تكريس االنحراف وتأكيده وتبريره والحفاظ عليه وتسديده فمن مراجعة كتابات غزو البحرين ض خصوصا من قبل من قبل آل خليفة ال بجد من يذكر الوضع الشيعي المليء بالغليان والرف

السكان األصليين وال تذكر أعداد العلماء و العوائل التي هجرت وغادرت البالد فرارا من بطش .هذه القبائل الغازية ونترك ذلك إلى ذمة التاريخ

.المعاصر في البحرين"الشيعي "نشأة الخطاب السياسي تداعيات وبما تحكمه من إرهاصات لم تنقطع الحياة السياسية الصاخبة وما تولده من إفرازات و

عن ساحة هذه الجزيرة الصغيرة منذ أن عرفت كموقع استراتيجي له أهميته في حركة االقتصاد منذ العصور اإلسالمية األولى شكلت البحرين ملجأ تقليديا لحركات المعارضة .والسياسة

ساعد على .خ اإلسالمياإلسالمية وانتشر فيها المذهب الشيعي وهو مذهب المعارضة في التاريذلك طبيعة الحياة المجتمعية فقد كان المجتمع معتمدا على الزراعة والتجارة التقليدية ويحظى

وتميز المجتمع البحراني بكثافة سكانية األمر الذي جعل من استعداد . باستقرار اقتصادي جيد. م أمرا واقعي ومتوقع الوضع السياسي إلى التفجر والدخول في انتفاضات سياسية بشكل شبه دائ

وعلى الرغم من ما تحدثه تلك الحالة السياسية من تطور في الوعي واالنتظام والسعي للخروج فلم . بالبالد إلى حالة االستقرار والشرعية أو إتمام حالة العقد االجتماعي إال إن ذلك لم يحدث

طات التي توالى حكمها على تكتشف قوى المعارضة السياسية آنذاك ما يعينها على مواجهة السلتلك البالد فقد كانت قنوات القمع واالضطهاد والتهجير الجماعي سمة بارزة وأداة قادرة على شل

.األمر الذي حتم غياب الخطاب السياسي والمعارضة الوعي . الحركات السياسية وإنهائهات المعارضة وما ومن جانب آخر فقد حوى التراث الشيعي بالذات ما يدلل على وجود حاال

إذ ينقل الشيح محمد علي العصفور في كتابه المحاسن في . واجهته من قمع وإرهاب وتسلط نُقل أن سلطان مسقط أرسل عبداً من عبيده إلي البحرين ألمر القضاء، " تاريخ البحرين ما نصه

ي الناس بفتاوي لم وأمر العلماء واألكابر باإلتمام به واالنقياد له، فجاء العبد إلي البحرين وأفتيسمع مثلها في األعصار، ولم تُذكر في األمصار مثل حكمه بين المتخاصمين بأن المدعي يحلف

.والمدعي عليه يحلف والمال لي قوموا روحوا، وغير ذلك من المحاكمات الغريبة حتى ومن جملة مواعظه إياكم والقبب يعني ضرائح األئمة عليهم السالم، فبقي في البحرين مدة

ضاقت األرض على العلماء واألكابر، فشكوا إلي سلطان مسقط فلم يجبهم، ثم إن العبد الملعون أمر غلمانه بالتعدي على الشيعة، فأخذوا أموال الناس بالباطل، وصدوا عن سبيل اللّه، وأخمدوا

جم، مصابيح السنة، واظهروا البدعة، فاشتدت التقية على الشيعة، ففر بعضهم إلى بالد الع

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

27

Page 28: ضخامة التراث ووعي المفارقة

بعض األكابر والعلماء أجمعوا علي طرد ذلك الملعون، حتى دارت . والبعض اآلخر إلى الهند والي هذا الحرب بين العبد وعساكر ابن سعود وأهل البحرين، فصارت بينهم ملحمة عظيمة،

أشار شيخنا األمين الشيخ ياسين البحراني في ديباجة رسالته المسماة بالقول السديد في شرح كلمةحتى داهمتنا تلكم الداهية الهامة، وصدمتنا هاتيك المصيبة السامة : قال بعد كالم طويلالتوحيد،

الالّمة، مصيبة ما وقع من قديم لها نظير، ولم يسمع بمثلها خبير بصير، ولم تخطر بخاطر ذي واقعة بأوقع خطر، هي تلك الطامة العامة للزلزال، والمشتملة على جميع الباليا وشدائد األهوال، ال

فإنه قد جرد الزمان عليها صارم العدوان، وأفني من كان فيها من . الوقائع في جزيرتنا أوالالسكان، وأضرم نار غاراته عليها، حتى أباد كّل من كان فيها، وهي الديار التي أنيطت بها علي

ساحة عذب في التمائم، وغنّت لدي فيها مطربات الحمائم، وأوال أرض مس جلدي ترابها، وأقدممذاقي شرابها، وقد جمت عن الزمان عليها حروفه، وعمت لديها خطوبه وحتوفه، وعاشت كتائب نوائبه، وجمت عجائب مصائبه، فأضرمت نيران الفتن، في مرابع أهل اإليمان، وشُنّت الغارات

في، وال من والمحن في معالم ذوي العلم واإلحسان، حتى لم يبقَ في ساحاتها إالّ قوم ببلدخ عج :عرصاتها إالّ زمنة من أم أوفي، شعر

خلت من أهاليها الكرام وأقفرت فساحاتها تبكي عليهم تلهفا

وأوحش ربع اإلنس باإلنس بعدهم كأن لم يكن بين الحجون الي الصفا

فإنه قد أصلت عليها صارما بالفناء ال ينبوا واجري في عرصاتها جواد بالجور ال يكبوا

ب المصائب وعليها أجريومد إليها سحائ فها هي اآلن من أهاليها خالية قفرا

ومرابعها األربعة من ربيعها عديمة صفرا :شعر

قد بدلت بعد ذاك الداري بالداري أضحت معالمها تبكي عوالمها ومدارسها دارسة من أهل التدريس عرصاتها آيسةٌ من األنيس

:شعر العرصاتومنزل وحي مقفر مدارس آيات خلت من تالوة

فيا لها من مصائب ما أصيب أحد بها غيرنا وباليا ما بلي بمثلها مخلوق في هذه األزمنة دوننا ولقد كنّا أول في األوال آمنين، وتحت ظلها الثخين، وفي كنفها المستقيم ساكنين، ومن طيب

الدنيا، بطيب شرابها سكاري نائمين، ومن نغمات غوانيها حيارى حائمين، أيامها ما كانت من أيام وانشراح وغنا، كّل فن من فنونها قد فاق، فعالمها قد بلغت به اآلفاق ومباحثها في بحثه ال يجاري وال يطاق، قد حاز من دون المأل قصب السباق، ومؤمنها إال كمؤمن الطاق، للّه ما كان أحلي

ونعق في أكنافها ذلكم المذاق، واسهي ذلك الشوق واالشتياق، حتى لقد أصابتها سهام العين، غراب البين، فشتت ما بقي من أهلها في جميع البلدان، بل كمنتور الهبا، كأنه قد فشي بينهم الطربان، بعدما أن ملئت أزقتها من القتلي والجيف من أولئك األعالم والسادات و أولي الشرف،

لحياة بعد تلك فقبورهم بطون الكالب الضارية بعدما أن رووا من السيوف الماضية، فكانت اوكان ممن تغصص من ذلك العلقم، وتجرع من مرارة : ـ إلى أن قال ـاألوقات غير لذيذة

كؤوس ذلك السم الذي هو انفث سماً من األرقم، وتشربه حتى امتأل، وجري في جوفه حتى انتحل ر هذا وابتال، وترك من حساب األحياء، وعد من جملة أولئك القتلى، كاتب هذا التدوين، ومحر

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

28

Page 29: ضخامة التراث ووعي المفارقة

التبيين، فكم من سيف قد حطمه، وكم من رمح لطمه وهشمه، وإني قد كنت علي يقين أني من جملة أولئك الهالكين، وفي هاتيك المصر ممن قتل عياناً وجهراً، ولكن من فضل ربي ذي الجود

انتهى.والجالل أحيانيلشيعي المعارض في وينقل صاحب البدرين الشيخ علي البالدي حوادث مريرة مر بها الوجود ا

باحتالل البحرين فدمروا "سالطين مسقط"م قام الخوراج 1715هذه الجزيرة فيذكر انه في سنة ويكتب الشيخ يوسف . فقيها وعالما 74فيها أماكن كثيرة ويذكر انه في بعض الوقائع قتل

يقول ) 1709-1665(البحراني عن أحوال الشيخ سليمان الماحوزي المعروف بالمحقق البحرانيوكتبت كثيرا من أشعاره إال انه حالت االقضية واألقدار بخراب بالدنا البحرين بمجيء الخوارج "

و ألف الشيخ عبد اهللا " وجرى ما جرى من الفساد وتفرق أهلها في أقطار كل البالد ..إليها ن من البالدي رسالة في وجوب جهاد العدو في زمن الغبية قارع فيها غزو الخوراج على البحري

مسقط وقاد ثورة الشعب البحراني في مواجهة الهجمات المتتالية على البحرين حتى اضطر إلى الهجرة إلى شيراز لجمع العتاد وتثوير همم البحارنة الذين كانوا يعيشون في إيران فقد قدم إليها

قول الشيخ ألجل إصالح مقدمات البحرين لما استولت عليها األعراب و أوقعوا فيها الخراب كما يفي "يوسف البحراني صاحب الحدائق الذي كتب أيضا ما لقيه هو وما عاصره من أحداث جسام

م صارت الواقعة بين الهولة و العتوب حيث أن العتوب عاثوا في البحرين الفساد 1700هذه السنة بن ويد الحاكم قاصرة عنهم وكان الحاكم آنذاك من آل مذكور فكاتب شيخ اإلسالم الشيخ محمد

العتوب ووقعت الحرب وانكسرت البلد إلى القلعة أكابر و عبداهللا بن ماجد الهولة ليأتو على -وفي أول سنة وردوها الخذها رجعوا بالخيبة ولم يتمكنوا منها…أصاغر حتى كسر اهللا العتوبوكذلك في المرة الثانية بعد سنة ومعاضدة جميع األعراب _ وذلك لشدة المقاومة الشيعية

حتى ..النصاب لهم وفي المرة الثالثة حصروا البالد لتسلطهم على البحر حيث إنها جزيرة وولما وقع من عظم القتل ..وكانت واقعة عظمى وداهية دهما ..ضعف أهلها وفتحوها قهرا

والسلب والنهب وسفك الدماء فهربت الناس سيما أكابر البلد منها إلى القطيف والى غيرها من عن ما آلت إليه الحالة )العالمة شيخ حسين (الشهيد الشيخ حسين العصفوربين وي". األقطار

السياسية في البحرين بعد كل ذلك حيث يستأ من حالة اليأس وتقلص الروح الثورية في أبناء وهذه الطامة الكبرى التي دخلت على الناس والبالء والنوائب في عباداتهم "الشعب البحراني بقوله

قاصدا القفهاء والعلماء الدينين الذين كانوا " ئهم وفتاواهم لغيبة أولئك األطائبو أحكامه وقضايسيرون البالد وفق أحكام الدين اإلسالمي فبالء األمة ناتج عن غياب فقيه القيادة عن الساحة

وننقل هنا بعض تواريخ ذكرها الشيخ محمد . واحتاللها من قبل الطامة الكبرى كما عبر عنهم في سنة الخمسين والمائة بعد األلف أتي سيف بن اإلمام "فور في كتابه االنف الذكر علي العص

سلطان مسقط مع جماعة من األباضية والخوارج، وتملكوا البحرين وقتلوا من الشيعة ما ال .يحصي

وفي سنة الثاني والخمسين بعد المائة وألف استولت عساكر نادرشاه علي البنادر، فافتتحوا لجزائر حتى غلبوا علي مسقط وعلي البحرين، وقتلوا السيف البياضي و من معه المدن وا

.من الخوارج، ثم فوض أمر الحكومة إلي الشيخ غيث والشيخ نصر من آل مذكوروفي سنة السابع والمائتين بعد األلف ظهر في قطر جماعة من آل عتوب، فمنعوا الناس

واعتقدوا أنه من البدعة، فأفشوا ذلك االعتقاد، التعزية والمراثي علي الحسين عليه السالم،وأظهروا الفساد بين العباد، وأمروا أهل البحرين بسلوكهم، فلما سمع الشيخ نصر تلك المقالة وشنيع فعالهم، أمر عساكره بمقاتلتهم، فالتقيا فصارت بينهما ملحمة عظيمة ،

كم شيراز فلم يجبه أحد، واستغاث إلى حا فانكسرت جيوش الشيخ نصر، ففر إلي بوشهر

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

29

Page 30: ضخامة التراث ووعي المفارقة

فاستولت عساكر أحمد بن خليفة علي البحرين، وهجر بعض علمائها إلي بنادر فارس، .منهم جدي العالمة الشيخ خلف ـ قدس سره ـ وسيأتي تفصيل ذلك

هـ هجم سعود بن عبد العزيز إمام نجد علي قطر والبحرين1224وفي سنة .خليفة البيعة من أهالي قطر والبحرين هـ أخذ عبد الرحمن بن 1226وفي سنة هـ حارب سيد سعيد إمام مسقط والبحرين، وافتتن منهم خلقا كثيراً، وفي تلك 1215وفي سنة

السنة جاء الشيخ نصر من بوشهر إلي البحرين لبعض المناسبات فاغتنم الفرصة وتصرف انتهى"الجزيرة عن سيد سعيد

مفصال في مكان آخر فال حاجة لإلعادة هنا وما يمكننا وقد استعرضنا حادث االحتالل ومقدماته :استخالصه من كل ذلك

إنه رغم طول خط المعارضة الزمني إال إنها وحتى بعد احتالل آل خليفة للبحرين لم تتحول -1 .تلك المعارضة إلى المعارضة الوعي

لجماهيري والهجرة إن األسلوب الذي طالما اتبعته المعارضة الحالة تلك تمثل في العنف ا-2 .وترك األرض

يمثل الخطاب الديني والعقائدي المذهبي محور الخطاب السياسي للمعارضة بل إن قيادة -3المقاومة الشعبية لم تكن تخرج عن القيادة الدينية حتى سنوات متأخرة من احتالل آل خليفة أي

.بداية القرن العشرين الصراع السياسي بكال طرفيه الصراع الشيعي إن اآلثار التي كانت تتولد من حاالت-4القبلي تمثلت في طمس الكثير من التراث السياسي والفكري والرموز القيادية /القبائلي او القبلي /

إضافة إلى أسلوب التهجير او الهجرة وما يدل على ذلك ما كتبه الشيخ البالدي عن أحوال سنة علي (ه التي قتل فيها حاكمها 1284دنا البحرين سنة حتى وقعت الواقعة العظيمة على بال"1867

.وغيره فتفرقت أهلها في األقطار وتشتوا في الديار )بن خليفة

:الرؤية المعاصرة و أثرها في التنظيم الشيعي السياسي

لماذا عجزت األغلبية الشيعية عن تكوين تنظيمات . لعل السؤال الذي ينقدح في الذهن مباشرة هناها ؟ ولماذا لم يظهر لها الفعل السياسي المنظم المعبر عن توافرها على رؤية سياسية سياسية ل

تنظر إلى المجتمع السياسي من منظور يسعى إلى إعادة تشيكله وفق الرؤية الشيعية ؟وإذا ما تكلمنا عن الرؤية الشيعية فإن ذلك يستدعي منا أن نحدد المقصود منها هل هي الرؤية

ة او إنها تقتصر على تسلم الشيعية لدفة الحكم او على األقل المشاركة السياسية في الشيعية الديني السلطة ؟

وفي الواقع إن كال المعنيين لم يستطيع أن يتحقق عند الكيان الشيعي مما أفرز في النهاية وضعا فيها تحولت فيه األغلبية إلى أقلية وأصبح الحديث عن الشيعة في البحرين والمجتمع السياسي

ليس هذا فقط بل إن الشيعية أنفسهم اصبحوا مهمشين . يعني حديثا عن ثقافة هامشية غير رسمية .سياسيا

لقد توافرت عدة عوامل كان من شأنها أن تشل الوضع التنظيمي ليس عند الشيعة فحسب ، بل ان الشيعي وبالتالي فإن غياب التنظيم السياسي من الكي. في قطاعات المجتمع السياسي عموما

:يؤول في أمره إلى وضعين أساسيين .الحالة المجتمعية والبيئة السياسية :األول .الوضع المهمش للشيعة والتعامل معهم من منظور أثني طائفي: الثاني

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

30

Page 31: ضخامة التراث ووعي المفارقة

سنحاول هنا التعرض بشكل مجمل لهذه الوضعية المزدوجة لنرى كيف يمكننا التخلص من هذا .المأزق السياسي

تنظيم تخضع بالدرجة األولى إلى كمية المثيرات والمحركات الداعية إن دراسة أي فالتنظيم السياسي هو وليد عوامل ومحفزات بيئية تمارس دور المناخ المهيئ والمحفز .لتشكيله

وبقدر ما تحدث تلك المحفزات انفراجات أو تصدعات في البنى .على توليد أنماط معينة ومحددةة في المجتمع تنبثق مع هذه التصدعات مثيرات جديدة تكون هي التنظيمية الكبرى المستحكم

.المسؤولة عن والدة أشكال جديدة للتنظيموفي حالة المجتمع البحراني تعتبر دراسة البيئة السياسية وتحديد تصدعاته السياسية مهمة

بعض ضرورية وملحة وصعبة في نفس الوقت،لما تتطلبه من التعمق إلى مراحل موغلة في القدم وبالتالي فإن الرهانات تصبح متعددة مع امتداد تلك العوامل،لما هو معروف من .الشيء

.صيرورات المجتمع السياسي عموما وتعرضه الهتزازات متغايرة و متكثرة كانت بيئة النظام 1783إن المجتمع البحراني وإلى ما قبل احتالل قبيلة آل خليفة للبحرين عام

هي ) الشيعية(فكانت الزعامات الدينية .واجية الحكم بين الداخل والخارجالسياسية عبارة عن ازد -صاحبة االمتياز ولها الصالحيات في إدارة الشؤون الداخلية للبالد،واختصت زعامة آل مذكور

في الشؤون الخارجية التابعة أساسا لحكومة اإليرانية -الذي كان يتخذ من أبوشهر مقرا لهلسياسي من قبل إيران يمكن إرجاعه إلى ضعف الدولة اإليرانية آنذاك نظرا هذا الرضا ا.المتمثلة

للثورات الداخلية التي قامت فيها وإلى الحروب التي خاضتها ضد روسيا وضد اإلمبراطورية عندما تقوى الهضبة اإليرانية ويستقر فيها الحكم تتسع "والحال كما ذكر الخوريأنه .العثمانية

فلم تكن السيطرة " . األطراف وعندما تضعف تتقلص عنها األطرافوتفرض سلطانها علىاإليرانية على البحرين مانعة من قيام حكم أقرب إلى الحكم الذاتي ، تسيطر عليه الزعامات الدينية كما هو معروف عن كثير من علماء الدين في البحرين الذين آلت إليهم شؤون القضاء بين الناس

ساعد على ذلك التوحد الثقافي والمذهبي القائم في البحرين ، .الداخليةو إدارة شؤون البالد واالتفاق على الرجوع إلى رجال الدين لحل القضايا العالقة وفصل الخصومات وتدبير الموارد

.االقتصاديةومع هذا . ومع احتالل آل خليفة للبحرين حدث أول تصدع سياسي شهده المجتمع السياسي

آل مسلم ،البنعلي والزيانية والدواسر والسادة :جرة عدة قبائل أهم هذه القبائل االحتالل تزامنت ههذه الهجرة ولدت اكثر من انقسام داخل المجتمع السياسي البحراني .والسودان والنعيم وغيرهم :ومن أهم تلك االنقسامات

يات وأدوات بروز النمط القبلي كطرف يمسك بزمام األمور ويحوز على آل: االنقسام األول-1. المدني وانكفاؤه على نفسه وعلى الداخل الذي يعيشه/ومن ثم تراجع المجتمع األهلي .السلطة

وهو انقسام له دالالته السياسية الهامة جدا ، وسيلعب دورا حيويا في تأجيج الصراع بين نمطي نما اكثر من واحدة فمع هذه الثنائية لن يشهد المجتمع صيرورة واحدة و إ. المدني /المجتمع القبلي

وسيكون الصراع متوجها في األساس لتقوية الذات ضد اآلخر،في محاولة لكسب جوالت سياسية .ما زالت تعتبر أولية

االنقسام المذهبي ،شيعة يمثلون السكان األصليين ويتعرضون : االنقسام الثانيللسلب والنهب والحرمان ،وسنة قادمون يستوطنون األرض ويملكون إدارة

دخل المذهب 1783فمع استيالء آل خليفة وحلفائهم على البحرين . السلطة وال يعنى هذا انه لم يوجد سنة قبل ذلك،و إنما كان .السني إلى البحرين

دخولهم كطرف سياسي يتجاذب المجتمع السياسي ، ويسعى لإلمساك بزمام

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

31

Page 32: ضخامة التراث ووعي المفارقة

نعيمي بأن آل ويؤكد عبد الرحمن ال. األمور بدال عن السلطة األهلية القائمةوبالتالي فإن . خليفة قد اتصف سلوكهم اتجاه شعب البحرين الشيعي بالطائفية

الصراعات التي نشأت في تلك الفترة ال يمكن عزلها عن إطارها المذهبي وال وبالتالي . يمكن تجاهل أن القبائل العربية التي جاءت مع آل خليفة كانت سنية

ة تريد االستيالء على أراضى الشيعة وتقيم برزت األمور وكأن القبائل السنيوكان من الطبيعي أن ينظر الشيعة إلى آل خليفة بأنهم . سلطانها عليهم

على أن باحثين آخرين "انتزعوا السلطة السياسية منهم ووضعوا األرض رهينةيرون أن المسألة الطائفية لم تكن واضحة يوم غزا الخليفة البحرين وسيطروا

ا كانت الدوافع المادية المتعلقة بكمية األموال والرغبة في عليها بقدر مفقد مضى زمن طويل وهم .االستفراد بالسلطة السياسية وممارسة الهيمنة

يعملون في القرصنة والتجارة،من دون توفرهم على موقع مستقر يحقق لهم خصوصا بعد خالفهم مع آل الصباح في الكويت وتصدع .مزيد من الفوائد

ولذا يرجح الحسنأن الفرز الطائفي لم يتحقق إال بعد . مع حكام قطرتحالفهم االستيالء على البحرين حيث استخدم كوسيلة من ضمن وسائل األخرى

.لتبرير سيطرة األقلية على مقدرات الجزر واضطهاد أهلها خليفة فلم يكن باستطاعة آل. الخارج/ انقسام اتجاهات التغير نحو الداخل :االنقسام الثالث -4

التمكن من السيطرة التامة على المجتمع البحراني إذ برزت مقاومة عنيفة وصارمة من قبل الشيعة لعل أبرزها ما ذكره الشيخ ياسين البالدي في رسالة بعثها إلى ابنه الشيخ صالح

وكذلك ما قام به السيد شبر الستري الذي تحالف مع حاكم .يشرح فيها أوضاع تلك الفترةإضافة إلى هذا ..مع من المواطنين في القطيف ومن الداخل من اجل تحرير البحرينشيراز وج

المد المقاوم كان الصراع القبلي يأخذ مأخذه إلى حد تأسيس ثنائية في الحكم وتقسيم البالد إلى ولدرء كل هذه المخاطر المحدقة باستمرارية التسلط والحكم لجأت آل خليفة .حكم مقاطعاتيومع ارتباط حكام البحرين . حضان البريطانيين طلبا للحماية والمساعدةلالرتماء في أ

تغاضى البريطانيون عن ممارسة حلفائهم 1820باإلنجليز وخضوع األولى للثانية منذ عام الطائفية إن لم يكونوا قد شجعوها حيث أكد اإلنجليز في تقاريرهم انهم تدخلوا وقمعوا ثورات

لهادي خلفإن آل خليفة حافظوا على حكمه بفضل الدعم البريطاني شعبية بالسالح ويؤكد عبد ابما في ذلك عدة مناسبات للتدخل العسكري المباشر من ناحية ومن ناحية أخرى بفضل النظام العسكري للتشطير العمودي والذي جرى التوسع فيه و أحكامه بحيث أضحى أداة فعالة

فان انهزام المقاومة أمام ذلك -المجتمع األهلي–وفي الجهة المقابلة ".للسلطة وشرعية السلطةاالحتالل ولد هو اآلخر فرص إلقامة تحالفات مع أطراف خارجية كان من الممكن استثمار

.وضعية التوتر السياسي في المنطقة لجرها للمعركة السياسية في البحرينكيل مناخ البيئة السياسية إن هذه اإلفرازات االنقسامية لعبت وما زالت تعلب دورها الحاسم في تش

وستكون هذه االنقسامات مدار العمل السياسي وقاعدة البيانات التي تستند عليها كل فصائل .المعارضة

والواقع أن ثمة تغير في إحدى هذه االنقسامات يولد تصدعات ليست بالسهلة مما يجعل من ميزان او بآخر على إفرازات جديدة القوى يميل إلى التعادل بعض الشيء وهو وضع يساعد بشكل

على المواجهة -الراغبة-للحركة السياسية يكون من أبرزها ظهور التنظيمات السياسية القادرةوالعكس يحدث أيضا فعندما تعاود هذه االنقسامات فعاليتها وعادة ما تكون السلطة مسؤولة عن .

ى كيف يحدث ذلك في كثير وسنر.تأكيدها ونشرها فان الحركة السياسية تصاب بالخمول والكسل

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

32

Page 33: ضخامة التراث ووعي المفارقة

إلى 1919من التحركات السياسية التي شهدها المجتمع السياسي بدأ من وما يهمنا هنا هو تتبع صيرورة العمل التنظيمي )1987،4،موسى1990،36إنظر،حمادة(1994

فقد استطاعت الحركة الوطنية بأطيافها .وتأثره بهذه االنقسامات بصورة مباشرة او غير مباشرةدة بإدخالها النمط الحزبي أن تؤجج من حدة الصراع بين السلطة والمعارضة بالشكل الذي المتعد

:وهذا يتطلب منا ان نحيط سريعا بثالثة محاور أساسية هي.ساهم في تقليل فعالية هذه االنقسامات . للحركة السياسية1954 أنماط العمل التنظيمي قبل -1 .نقسامات التعرف على آليات السلطة لتفيعل اال-2 .1955 آليات العمل وقضايا المجتمع السياسي بعد-3

:1954أنماط العمل التنظيمي إلى ما قبل :أوال شهد المجتمع السياسي العديد من الهبات 1938 حتى1783منذ بداية احتالل آل خليفة البحرين

سون كثرة هذه ويرجح الدار.والتحركات ضد أعمال السلطة السياسية المنبثقة من الوضع القبلي والى عدم .التحركات المضادة لسلطة آل خلفية إلى سياسية التنكيل والقتل اتجاه الشعب البحراني

تمكن القبيلة الحاكمة من أن تخلق أية أرضية مشتركة مع الشعب او تحدث لغة تتخاطب .األمر الذي غابت معه أية بوادر ثقة تنبع من قبل الحكم الفردي العشائري.معه ليست بنية تامة تتولد عنها أشكال سلطوية وإنما هي استراتيجية تولدت -القمعية-ذه الوضعيةإن ه

عن بنية أخرى،وبالتالي ال يمكن التسليم المطلق بفعالية القمع السلطوي ودوره في تشكيل المجتمع ي ال يعرف فالسلطة السياسية الممارسة في المجتمع البحراني هي وليدة التنظيم القبلي الذ.السياسي

إال لغة اإلكراه والقسر التي تستند إلى القوة في تطبيق األحكام وتغيب معه حدود التفاعل إن التنظيم القبلي في البحرين كان نظام متكامال قبل إدخال اإلصالحات اإلدارية عليه .االجتماعي

كست وقد انع).1983،358الخوري( وتجلى هذا بشكل واضح في تنظيم المقطعات1920في عامهذه الصورة للسلطة السياسية المعتمدة على التجزؤ وتوازن األجزاء وتضادها وضعف السلطة

ولم .المركزية وتفرعها على طبيعة العالقات االجتماعية وحدود التفاعل االجتماعي بشكل واضحيكن هذا االنتقال سهال لوال تزامن طبيعة السلطة مع االنقسامات التي أوجدتها منذ احتالل

فقد حفز هذا الوضع المجتمع األهلي على االنكفاء على ذاته وتفعيل آلياته التعبوية .1783لبحريناوكان واضحا .التي جرى عليها العرف والتي كان من أبرزها االلتفاف حول الزعامات الدينية

مدى الثقل السياسي والمعنوي الذي تمثله هذه الفئة فعمد آل خلفية إلى تصفية رجال الدين . التضييق عليهم بالشكل الذي أدى في النهاية إلى تدهور وضع هذه الفئة والحد من فاعليتهاو

إن قبيلة آل خلفية قد ارتكبت أكثر من مجزرة تم فيها تصفية رجال ** ويحدثنا الشيخ البالديويذكر السيد األميني في كتابه شهداء الفضيلة أن الشيخ حسين العصفور وهو أحد .الدين الشيعة،

والقائمة تطول .كبار المراجع الشيعة في البحرين قد قتل على يد بعض المنتمين إلى قبلية آل خليفةفي تتبع هذه المجاز التي أفرزت وضعا صعبا على العلماء اضطر معه كثير منهم إلى الهجرة إلى البالد المجاورة كما حدث للشيخ يوسف البحراني صاحب موسوعة الحدائق والشيخ سلمان آل

.طعان وغيرهم وسكوت البعض اآلخر وإيمانهم بعدم فاعلية التحرك السياسيإن افتقاد المجتمع األهلي الشيعي إلى مجموعة من العلماء جعل من الوضع التنظيمي لديهم معتمدا على بروز واحد من أولئك العلماء يقود معركة التحرير في ظل ميل كثير من الباقين إلى

مواجهة وهذا الغياب لن يملئ بسهولة من قبل أي طرف إذ يحتاج األمر االنسحاب من ساحة المعه إلى فترة زمنية طويلة بعض الشيء تتغير فيها قناعة المجتمع بتتويج فئة جديدة وتسليمها زمام الممارسة السياسية وهذا مع حدث في بداية القرن العشرين إذ برزت فئة الوجهاء والتجار

األمر الذي تولد عنه تحديد .فاوضين غير رسميين مع السلطة السياسيةكممثلين ومتكلمين او م

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

33

Page 34: ضخامة التراث ووعي المفارقة

مما جعل من األمر .القضايا المثارة والتي هي موضع خالف في إطارها االنقسامي المذهبيعندما تصبح االثنية مندغمة "فهذه المشاكل المتولدة تصبح اكثر حدة . موضوع إشكالية حقيقية

هذه التراتبية واالثنية وغيرها .الهيمنة والتمايز والمراتبيةعضويا مع أشكال غير اثنية من " السني/المتأصلة في أي مجتمع اثني تضعف األبعاد االجتماعية والسياسية لالستقطاب الشيعي

).2000،11(كما يقول خلفكانت هذه االنقسامات وعلى وجه الخصوص،االنقسام الطائفي،مصدرا من مصادر الصراع خالل

المعاهدة 1861مايو31فمنذ أن وقع حاكم البحرين محمد بن خليفة في .حديث للبحرينالتاريخ الالدائمة للسالم والصادقة مع السلطات البريطانية تعهد فيها الحاكم أن يعترف بكل المعاهدات

وان يمتنع كذلك عن القيام بأي نشاط بحري عدائي بأية * السابقة بين البحرين والسلطة البريطانيةمقابل اعتباره حاكما مستقال للبحرين و أن يحظى بالحماية البريطانية صورة،

أصبح المجتمع السياسي البحراني تتجاذبه أربع قوى سياسية تسعى كل منها ) 1984،23الرميحي( :إلى تأكيد نفوذها وهذه القوى

رون فبعض قادتهم يشع. القوى الشيعية التي قاومت االحتالل وانهزمت وانقسمت على بعضها-1بخيبة األمل وهبوط العزيمة،بينما ينادي قادة آخرون بإعالن ثورة مكشوفة في حال تصاعد القمع

.واالضطهاد . السلطة الحاكمة المنهمكة في صراعاتها مع حلفائها السابقين في الداخل والخارج-2 .كبير القوى السنية التي ارتبطت مصالحها مع مصالح السلطة السياسية الحاكمة إلى حد -3 قوى االستعمار البريطاني ورغبتها األكيدة والجامحة في السيطرة المباشرة على البحرين -4

فلم تعد منطقة الخليج معبرا وطريقا لتجارة .خصوصا بعد دخول االستعمار مرحلة اإلمبريالية الهند الشرقية بل أصبحت منطقة يجب إخضاعها إلى نظام السوق وجعلها أرضا مفتوحة للبضائع

.والمصالح البريطانية و غيرهاو جراء هذا االنقسام فانه من الطبيعي أن تنشغل كل قوة بما يحقق مصالحها في ظل غياب أي قاسم مشترك ظاهريا وفي ظل نظام يعتمد أساسا على التجزؤ والتفكيك،فالبيئة السياسية حتى

على أن هذا التفكك .وقتهي بيئة قهرية سلطوية مستبدة متجزئة في نفس ال-وما بعدها– 1938بين القوى الثالث األخيرة هو تفكك ظاهريا فقط الرتباط المصالح ،وهو تفكك جوهري وحقيقي

ان هناك عدة "يقولاذ )2000،19(مع القوى األولى رغم ما يشوبه من اختالالت أشار إليها خلفطات عوامل أسهمت في حماية شيعة المنامة تشمل هذه الحماية التي قدمتها السل

) ثانيا(تقع الوكالة البريطانية على تماس مباشر مع أحياء الشيعة في المنامة)أوال..(البريطانيةإضافة ) ثالثا.(وعلى امتداد الوجود البريطاني كان هناك موظفين العاملين في الوكالة البريطانية

نامة في دعوة عيس إلى ذلك فقد اسهم تشاور البريطانيين مع الوجهاء المحليين بمن فيهم شيعة المبن علي ليكون الحاكم السابع من آل خليفة على البحرين وهنا تقدم الحكايات الفلكورية دورا ال

ويمكننا فهم هذه االختالالت باستعراض "يمكن تأكيده لوجهاء الشيعة في تشكيل الحكم الوارثيلبريطاني وحلفائه من آل آليات التدوير السياسي التي اتبعت آنذاك وما زالت من قبل االستعمار ا

وبالتالي فإن كل هذا من الممكن له أن يلعب دورا حاسما في بنية التنظيم السياسي وتشكيل .خليفةوفي الوقت الذي يؤكد الرميحي على عدة عوامل مسؤولة عن التحول السياسي .هيئته الخارجية

االت واالختالف الثقافي حددها في انتشار وذيوع فكرة القومية،تقدم وسائل المواصالت واالتصوالتدخل األجنبي،انطالقا من نموذج التحول في العالم الثالث القائم على عوامل التنمية االقتصادية

فإن باحثين آخرين مثل الخوري يعتمد على ) 1984،173الرميحي(والتعليم وتحسين الموصالتوهو ما أكدنا .اط التنظيم السياسي تحليل النظام السائد وكونه عائقا او مساعدا إلحداث تغير في أنم

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

34

Page 35: ضخامة التراث ووعي المفارقة

عليه من أن التغير في البيئة السياسية يصاحبه تغير موازن للعمل السياسي داخل المجتمع ويذهب قد غير 1920إدخال اإلصالحات اإلدارية من قبل البريطانيين خصوصا بعد"الخوري إلى أن

الحية وباختصار تحول نظام السلطة أشكال التفاعل بين المجموعات القبائل والفئات المدنية والفمن التنظيم القبلي إلى الحكم القبلي و أصبحت القبيلة شكال من أشكال التنظيمات االجتماعية وفريقا

على أن هذه السيطرة )"1983،360الخوري(من الفرقاء السياسيين في الدولة يسطر على الحكمجديدة كالعمال والطالب والشيعة جلبت معها أشكاال جديدة نم التحديات أهمها بروز قوى

واألحزاب السياسية العروبية ،وتغيرت مضامين المعارضة من المحاوالت الهادفة إلى اغتصاب السلطة إلى أمور مستحدثة تركز على شرعية السلطة والحكم والتمثيل الشعبي والقانون الموحد

).293نفسه،(وعدد من المطالب المعيشية واإلصالحات االجتماعيةإن علينا أن نعرف بأي معنى تكون للسلطة السياسية أولية على المعرفة ولعالقات السلطة أولية

السلطة على إنها مبيانية تحشد موضوعات وتعبئ 1986على عالقات المعرفة؟يعرف ديلوزوظائف غير مبنية سالكة طريقة تجزئية مرنة جدا ذلك ألنها ال تتقمص أشكاال بل نقطا مفردة

كل فنية ممارسة قوة،إنها عالقات شبكية تتواجد وتتزامن بين قوى ال حصر لها و أمكنة ترسم في في حين أن المعرفة مبنية تنصب على موضوعات اتخذت هيئة وذات وظائف محددة .ال حد لها

لذا فإن السؤال يتحول من البحث عن ).33،ص46،الفكر العربي المعاصر،عدد(وموزعة بدقة يفية التي تحقق بها او كيف تمارس نفسها وتظهر إلى الفعل؟ماهية السلطة إلى الك

وبالتالي فإنها . إن حقيقة اإلصالحات تمثل إضعافا للنظام المراتبي والحقوقي القبلي العشائريمارست عملية إزاحة لمجوعة من أنماط القوة و أفسحت المجال لبروز سلطة جديدة تؤسس عليها

ن النظام القضائي منفصال كلية يختص كل طائفة بنظامها الخاص فبعد ان كا.أبنية معرفية متعددة الشيعة في –أصبحت كال الطائفتين تخضعان لسلطة واحدة وبعد أن كانت قوى العمل مجزئة

أصبحت هناك مجاالت عمل –الزراعة والسنة في الغوص وال يوجد تفاعل بين كال الطرفين مع الخوري لتبرز أنماطا جديدة من العمل التنظيمي وهنا باإلمكان توحيد رؤية الرميحي.مشتركة

وذلك بعد أن . متوجهة لنوعية محددة وجديدة من المطالب والقضايا السياسية واالجتماعية توافرت على شروطها الذاتية والموضوعية وبدأ واضحا أن النظام القبلي قد مارس كل أشكال

ولما كانت تلك اإلصالحات اإلدارية . السلطويةالهيمنة ولم يعد باإلمكان إال المواجهة مع تلك وان –المحدودة بطبيعتها وال تغير من الواقع السياسي تغيرا كليا إذ ظلت القوى تمارس دورها

آل – السابق لكن ذلك لم يمنع السلطة السياسية المزدوجة -بشكل اكثر بطئا ومقدرة من ي وتحاول التغلب على المصاعب الجديدة أن تطور من آليات التدوير السياس-بريطانيا/خليفة

فقد طرحت اإلصالحات أعين الناس .ومواجهة القوى الصاعدة وااللتفاف على القضايا المطروحة وهذا من الممكن )1984،207الرميحي(على الحاجة إلى اإلصالح في النواحي األخرى من الحياة

ت، كالمؤتمر الوطني المنعقد في مالحظته عند دراسة التحركات السياسية بعد إدخال اإلصالحا واألساليب التنظيمية التابعة لها ومقارنة ذلك بأحداث 1932-1926،وثورة الغواصين1923 التي حفلت بالتطورات النوعية في المعارضة السياسية إذ لوحظت المنشورات والملصقات 1938

لشكاوي والمطالب الجدارية واإلضرابات و أعمال ثورية متعددة ككتابة الشعارات ورفع ااإلصالحية لتحسين األوضاع وكان ابرز ذلك تأكيد الجميع على ضرورة توحيد الطائفتين

إن )"1987،36(يقول موسى.والوقوف صفا واحدا بوجه االستبداد وتقديم مطالب مشتركة للحاكمالتطورات السابقة وغيرها أسهمت في تطور الوعي الوطني والقومي وقد انعكس ذلك على

مامات الناس ونوعية المظالم التي طرحوها فلم تعد الهموم الطائفية هي الطاغية بل اصبح الهم اهتورغم بروز تنظيمات سياسية ذات توجهات مغايرة كاألندية والجمعيات "الوطني هو األساس

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

35

Page 36: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الثقافية او حتى بعض المؤسسات الدينية ،ظلت هناك بعض الرواسب المؤثرة فعال وحقيقية في ة العمل التنظيمي السياسي إذ لم تفلح تلك األمور في تغير الوعي الطائفي او القبلي دفع عجل

العشائري ولم تستطيع أن تتخطى الواقع المرتبك رغم وحدة القضايا بين اكثر من فئة من تلك .الشيعي1942 السني ونادي العروبة 1937الفئات كما في نادي البحرين

حركة أقوى تفرض خطابا جديدا يكون بمستوى التحديات كان المجتمع السياسي بحاجة إلى معرضة 1954-1952والعوائق إذ سرعان ما تفجرت األحداث الطائفية في بداية الخمسينات

والعلة في ذلك أن بنية التنظيم السياسي لم تتجاوز بينة النظام الحاكم .إنجازات السابق إلى التالشيكذا وضعت أسس االحتجاج والتمرد على العمل فكما وضعت الدولة نظم العمل والمسلك ه

.والمسلك نفسهنمطين من أنماط التنظيم السياسي في البحرين حتى الخمسينيات )1983،301(لقد ميز الخوري

:هماالشبكة االجتماعية وهو عبارة عن مجموعة صغيرة من الناس تعمل لتحقيق هدف مشترك :األول

.ترف بهدون أن يكون لها تنظيم هرمي واضح ومعالحلقة االجتماعية وهي عبارة عن مجموعة متجانسة األهداف تعمل ضمن تنظيم هرمي :الثاني .واضح

وجاءت حركة الخمسينات كنقطة تحول في طبيعة تنظيم العمل الجماعي ومدى فاعلية وتأثيره ماعي لقد انهارت عشية الخمسينات معظم آليات التحشيد الج)296نفسه،(على السلطة ونظم الدولة

فلم يعد قضاة الشرع الشيعة .المدنية على السواء /الشيعة وعند القبلية/التي كانت سائدة عند السنةيمثلون قطاع الشيعة ولم يعودا مخرجين من صلب التفاعل االجتماعي وكذلك الحال في الطائفية

إذ افرز النظام السنية وهو أمر مشابه لوضعية القبلية إذ استنفذت فعاليتها كأداة سياسية مؤثرةالقبلي فئة تسلطت و أصبحت فريقا سياسيا ضمن عدة فرقاء فقد كان المجتمع السياسي الصاعد

.بفعل تطورات الصناعية و امتدادات الوضع الدولي غير قابل لتركة األسالف التنظيميةم أساسا على ولم تقابل هذه الحاجة والرغبة بالقبول والتنفيذ وإال انعدم المجتمع السياسي القائ

تصادم اإلرادات ومن الطبيعي أن تعمد السلطة السياسية بحكم تركيبها المحلى بالقمع والمصادرة ففي الوقت الذي يحاول .إلى مواجهة هذه الرغبة ليس في وقت انفالتها وإنما منذ البداية تبلورهال كانت السلطة تسعى إلى فيه المجتمع السياسي أن ينعتق من آثار االنقسامات المتولدة عن االحتال

تدجيين المجتمع السياسي تارة والى خنقه تارة أخرى وتارة ثالثة بتفعيل تلك االنقسامات من خالل .آليات التدوير السياسي

آليات التفعيل االنقسامي عند السلطة:ثانياات القيمة حسب دافيد ايستون فان المنظومة السياسية تعنى مجموع التفاعالت التي توزع الموارد ذ

المنظومات السياسية تستطيع بالفعل بفضل قدرتها على "ويرى أن "عن طريق السلطة في المجتمعالرد على الضغوط القادمة من الخارج ضبط سلوكها الخاص وتحويل بنيتها الداخلية والذهاب

الثبات فالسلطة السياسية ال تعنى الجمود أو ).1998،143برو"(حتى إلى تعديل أهدافها األساسيةإزاء كثير من المتغيرات التي قد تأخذ طابعا مطلبيا يهدد بقاءها في السلطة والحفاظ على القدرة

إن السلطة ال "واالحتكار للقوة والقيمة ولذا لم يكن جورج باالنديه بعيد عن هذه الحقيقة إذ كتبكراه المبرر يمكن أن تمارس على األشخاص وعلى األشياء إال إذ لجأت على حد سواء إلى اإل

).132نفسه،"(شرعيا وبالوسائل الرمزية والخياليلقد تم العبور من البداوة إلى النظام اإلداري عبر الدولة ولكن انهيار التنظيم القبلي في البحرين قد تم لصالح حكم قبلي يتكيف ويتمكن من استيعاب التململ االجتماعي ويتعاطى مع األزمات

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

36

Page 37: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وهي بهذا ال تخرج عن أنظمة الخليج العربي .ات العشائرية والعائليةالسياسية عن طريق العالقمن حيث أنها إطار مؤسساتي بمضمون عشائري ومن ثم يمكن القول أن ثمة استراتيجيات

.مارسها النظام استطاع من خاللها مقاومة الضغوط الخاصة لضرورة التغيرعلى رأس تلك األزمات لقد واجه النظام أزمات تواجهها كل األنظمة األبوية و

الخ وما فتئ النظام الحاكم في البحرين يعاني من ..الهوية،الشرعية،المشاركة،التوزيع للقيم:فعند .إشكاليات هذه األزمات مع األخذ بعين االعتبار حدة ظهور وتفاقم كل أزمة مع ظروفها

ت أزمة الهوية إدخال اإلصالحات اإلدارية برزت إلى السطح أزمة المشاركة والتوزيع وضمرولذا فان آليات التفعيل االنقسامي عند السلطة أخذت في النمو والتصاعد .والشرعية بعض الشيء

في ظل ظروف مناخية أسهمت في نجاح إستراتيجية السلطة السياسية وحدت من قدرة فئات إذ يالحظ الدارسون .المعارضة لطبيعة النظام على بلوغ أهدافها

بأن العائالت الحاكمة من خالل الدولة أضحت ) 1993، بدران1995يوبي،اال1983النقيب(العربلقد مكنت الفورة النفطية الدولة من تعديل دورها التقليدي ثم تعميقه ال .الموزع الرئيسي للدخل

حقا فقد سعت العائالت الحاكمة إلى موازنة هذه التغيرات المحافظة على الروابط السياسية مع بنى رة وفي بعض األحيان تنشطها سواء كانت هذه البنى قبلية او إثنية او تقليدية مختا

وغدا واضحا أن سيطرة الحكومة على األجهزة السياسية في ظل غياب )2000،15خلف(دينيةكامل للمجتمع المدني والمستقل بخصوصيته تجعل من مجموعات المعارضة السياسية مجرد قوى

دور حاسم في تشكيل البيئة السياسية و االجتماعية ضعيفة ومفتتة وعاجزة عن القيام بأي وفي الواقع فقد جاءت )22،ص211،المستقبل العربي،عدد1996بهجت،حسن جوهر،(واالقتصادية لتعبر عن وحدة القوى السياسية الجديدة ووحدة المطالب بين مختلف الفئات 1938مظاهرات

شعبية ونجاحها رهن التنظيم القيادي والمذاهب وإدراك الجيل الصاعد أن ديمومة التحركات الوالشعبي لها ويعتمد على التعاون بين الفئات االجتماعية والمذاهب الدينية وإال سهل ضربها

ويؤكد الخوري أن البيروقراطية ).1983،266الخوري(وفرفطتها من الداخل كما يقول الشمالن على المجموعات القبلية من غير والتحوالت االقتصادية واالجتماعية كان لها التأثير المعاكس

العائلة الحاكمة فبقدر ما عززت هذه البيروقراطية والتحوالت من تماسك آل خليفة والتنظيم العصبي عندهم أضعفت هذه البيروقراطية والتحوالت التنظيمات القبلية األخرى باتجاه االندماج

هذه اإلصالحات أنها حاولت ولكن الوجهة الحقيقية ل)1983،366الخوري(في القطاع المدينيتعزيز االنقسامات المذهبية والطائفية واإلثنية على حساب سيادة المجالس القبلية وظهرت هذه

على أساس 1920السياسة بالنسبة لتنظيم المحاكم كما ظهرت بالنسبة لالنتخابات البلدية األولى ما أكده خلف أيضا من أن النظام وما يظهر هنا هو )367نفسه(التمثيل اإلثني والديني والطائفي

.يفضل التعامل مع المجتمع من خالل وسطاء مختارين ولكن على أساس مؤقت وكنتيجة لذلك فان الوسطاء متفرقون ويفتقدون إلى التجانس والتماسك في نظرتهم ومطالبهم

نهم يعترف وتطلعاتهم الثقافية والسياسية والصفة األساسية المشتركة لهؤالء الوسطاء ان كال موبالرغم من القيمة المعترف بها للوسطاء كمصدر للسلطة وشرعيتها فان .بخضوعه للنظام

ولم تكن هذه اآللية االنقسامية كفيلة لوحدها في )2000،44خلف(ممارستهم للسلطة هامشي جداع الحفاظ على العائلة الحاكمة إذ كان الزما تفعيل كل آليات االنقسام بغية الحفاظ على الوض

الراهن حيث يوجد حكم يتميز بالضعف األقصى للسلطات المؤسسية المقابلة لسلطة األمير او .الحكم القبلي

الخارجي مضافا إليه قوة القمع والتسلط التي قننت بجهاز الشرطة /وباستثناء االنقسام الداخليأسيس ت1924-1923المجلوبين من خارج البالد فقد فرضت االضطرابات التي حصلت عامي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

37

Page 38: ضخامة التراث ووعي المفارقة

قوة بوليس قوية ال ترتبط بعالقات اجتماعية مع أي من القوى المتصارعة لتتمكن الدولة من فرض سياستها األمنية وبالتالي اعتبارهم مجموعة خارجة عن اللعبة

باستثناء ذلك فان آليات التفعيل االنقسامي األخرى رغم أنها أعطت )1983،178الخوري(السياسيةل تعبئة سياسية واعية لخطر الحكم القبلي لكنها في الوقت نفسه فعلت ثمارها وتمكنت من تعطي

نشطاء المجتمع السياسي لتحدي هذه النقسامات وتقرر لديهم خضوع اللعبة السياسية انطالقا من أرضية مضادة كلية وهي أرضية التوحيد االجتماعي في القضايا والعمل التنظيمي وتجلى ذلك في

".الهيئة التنفيذية العليا" المجتمع السياسي في البحرين وهو مشروع اكبر مشروع وحدوي شهدهوفي الواقع لم يكن هو المشروع الوحدوي األول الذي حاول االلتفاف على سياسة التقسيم الخاضع

الذي جاء في خندق االنقسام الطائفي ففي 1983فقد سبقه مشروع حركة .لها المجتمع السياسيلقطاع السني لكونه صاحب االمتياز تحرك القطاع الشيعي مطالبا بالتمثيل الوقت الذي لم يتحرك ا

فقد وقع .النسبي في مجلس التجارة والبلدي وتوفير المدارس التعليمية للبحارنة الذين حوموا منها صاغ البحرانة مطالبا 1938 تتناول هذه المطالب وفي صيف30/12/1934الشيعة رسالة بتاريخ

هيئة التشريعية من ثالثة أعضاء من السنة وثالثة من الشيعة وان تكون برئاسة تتألف ال"جاء فيها وبينما كانت حركة اإلصالح تأخذ حجمها الشعبي أقدمت السلطة "الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة

راجع (سني يتقدم بمطالب مشتركة للحكومة/على مغازلة الشيعة ومنع تكوين تحالف شيعي دأت طائفة الشيعة بعد إصالحات العشرينيات تدرك مدى القوة السياسية لقد ب).1999،108الشهابي

التي يمكن أن تكون لها لو تجمعت كلمتها وكان هذا األمر ينطبق بصورة خاصة على طبقة أفهم 1934التجار من الشيعة والتي بدأت تنمو في المنامة إال أن موقف البريطانيين من مطالب

ومنذ ذلك الحين أصبح لزاما عليهم ..يستمروا في دعم مطالبهم الشيعة بأن حلفاء األمس لن البحث عن حلفاء جدد يقاسمونهم مطامحهم فساعد ذلك على تقريب الهوة بين الشيعة والسنة الدين

لقد تمخض من ).1984،210الرميحي(وحدوا قواهم فيما بعد ليعززوا من ثقل مطالبهم السياسيةبة االرتكاز للعمل السياسي المنظم والمقاوم آلليات التفعيل عدة أمور أصبحت بمثا1938مشروع

:االنقسامي السلطوي ومن أهم تلك األمور .التوازن الطائفي انطالقا من انقسام المجتمع طائفيا -1الرهان على الطبقة المتوسطة الناشئة خصوصا العمال والطالب بعد ان اتضح إن -2

.1938ن السبب في فشل تحرك كا"فئة التجار"انسحاب الثقل األكبر التوحد في طرح القضايا المصيرية المشتركة وأهم ذلك المجلس التشريعي و إصالح -3

.القانون اإلداريالعمل من خالل االلتزام بشرعية السلطة للعائلة الحاكمة وفض الشراكة بين األخيرة -4

.واالستعمار البريطاني المتمثلة في شخصية المستشار بلجريفانت هذه األسس هي جوهر مشروع الهيئة التنفيذية العليا إذ لم يكن قياديها إال خالصة تحرك ك

وتحريك عوامل النصر مع الغفلة التامة لكثير 1938 وبدأ األمر وكأنه إعادة الساعة إلى 1938من التغيرات التي لحقت بالمجتمع السياسي بل والعقم في بعض تلك األسس التي جاءت لصاح

فقد كانت التعبئة التي اتبعتها الهيئة العليا تتم في أجواء .اتيجية السلطة الحاكمة ولو بعد حيناستريقول الخوري )46خلف(التفاؤل الثوري الذي لف المنطقة العربية بأسرها من المغرب إلى عمان

إن تنظيم المعارضة على هذا الشكل أعطاها تغطية شعبية أوسع واعم ولكنه في نفس الوقت "ضعف قد جرتها على التحرك المنسجم الموحد فالتوازن الطائفي جعلها مقبولة لدى قطاعات ا

متعددة ولكنه أضعف قدرتها على اتخاذ القرار الموحد إذ كان كل عضو من أعضائها يشد باتجاه القوى االجتماعية التي يمثل وبالتالي فقدت االنسجام اإليديولوجي وادخل كثيرا من التناقضات التي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

38

Page 39: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وما نراه أخطر إن هذه التركيبة سمحت للحكومة في ) 1983،307الخوري(يصعب التوفيق بينهاأن تستخدم ما تجيده بعد العنف والقمع إال وهو سياسي التفرقة والتقسيم وفك التحالفات فكما حدث

السني ونجحت فقد أقدمت بنفس الخطوة / إذ أقدمت السلطة على فك التحالف الشيعي1938في عام .** ونجحت أيضا1954ي مشروع ف

:آليات العمل الجديدة وقضايا المجتمع السياسي:ثالثا يتفق الجميع على أن الهيئة التنفيذية العليا أدت دورا سياسيا هاما وتمكنت من أن تعبئ كافة القوى

نت تمر االجتماعية المناهضة لالستعمار وللسلطة السياسية القبلية نتيجة الظروف السياسية التي كافقد شكلت في ذلك الوقت منعطفا في العمل .بها المنطقة خاصة مصر وإيران في عهد مصدق

السياسي بقيادتها وتنظيمها فجاءت كأول تنظيم سياسي وتم اإلقرار بانتهاء مرحلة النضال العفوي والزعامات الفردية وفي نفس الوقت فان إخماد هذا المشروع اثر على اكثر من صعيد خصوصا صعيد المؤسسات شبه السياسي فساد مناخ الوجوم والتراجع واإلحباط وسط الجماهير بعد أن شاهدت أمام عينها اعتقال ونفي وتشريد المثقفين الوطنيين في حين إن مجموعة من المثقفين والتجار الجدد ارتبطت مصالحهم الجديدة بعجلة الرأسمال األجنبي وقسم آخر من هذه الفئة التزم

محمد (ت المطبق مستسلما للواقع المؤلم ومتباكيا على األيام الخوالي للنهوض الشعبي العارمالصم ).113علي

ومن جهة أخرى فقد وفر مناخ العمل السياسي لحركة الهيئة التنفيذية فرصا جديدة إلبراز جواء فأ.مكتنزات المجتمع السياسي على المستوى التنظيمي او على صعيد تداول القضايا السياسي

اللقاءات الشعبية والقدرة على الحشد االجتماعي الجماهيري أعطت إحساسا قويا ألفراد المجتمع أن هناك طريقا صعبا وشائكا للوصول إلى تسوية مع السلطة السياسية خصوصا وان الخطاب

بل ومع .السياسي المرافق للتحرك كان متخلفا في كثير من جوانبه مع تطلعات الناس الحقيقيةلتطورات السياسية المؤثرة على المجتمع السياسي فثمة تجاذب واضح بين هذه العناصر كان من ا

من أن رفض كل من رجال الدين الشيعة ) 2000،46(ورغم ما يذهب إليه خلف.السهل إدراكه والسنة للمشاركة في المواجهة السياسية ضد النظام يعود أساسا إلى مظهر أساسي للسياسية

تندا إلى ما طرحه الخوري من أن القبلية كشكل اجتماعي والتدين كقوة سياسية مس.المحلية فان ما ينبغي طرحه هنا هو ضرورة ).1983،244الخوري(يدعمان بعضهما البعض في البحرين

التفريق بين المؤسسة الدينية السنية التي ترى شرعية النظام وتتحرز من الخروج عليه حسب ما ة السنية عموما وما بين المؤسسة الدينية الشيعية التي لم يصدر منها حتى تملئه المنظومة الفقهي

ولعل إحجام كال الطرفين من الدخول المباشر إنما يرجع إلى اتخاذ .اآلن ما يفيد منه الشرعيةموقف متغاير كليا ففي الوقت الذي ال يجوز القطاع السني مقارعة النظام فان القطاع الشيعي

موقفه وتداوله لخطاب الهيئة السياسي في إطفاء شرعية على ما يراه احتالال يخشى من أن يتسببوغصبا،على الرغم من أن القطاع الشيعي كان األكثر استفادة من هذا التحرك السياسي من القطاع

وبالتالي كانت له إمكانية إدخال تعديل ولو بشكل ضئيل على آليات العمل الشيعي تكون . السني إال أن هذا لم يكن ليحدث .حقق له نفوذا وسلطة اكبر لمواجهة الحالة غير الشرعيةكفيلة بان ت

بسبب انكماش الواقع الشيعي على قضايا التاريخ األولى وتشبثه باألساليب السلبية في تعامله مع ونتيجة لهذه المواقف فان خطاب الهيئة السياسي تماثل واقعا مع الخطاب .السلطات السياسية

.لديني وان كان متخلفا في األسس والمنطلقات الفكرية والمعرفيةالسياسي اوعند دراسة حركة الهيئة العليا يتضح أنها شهدت تجاذبا او صراعا حول تدشين هذه الخطاب

مرد هذا التجاذب الداخلي هو بروز قضايا جديدة شغلت رزنامة المجتمع السياسي والى نضج .

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

39

Page 40: ضخامة التراث ووعي المفارقة

من موقع مع األخذ بعين االعتبار قضية التوازن الطائفي بعض آليات العمل السياسي في اكثر إن كل نمط ثقافي هو على عالقة مع نمط بنية سياسية "إن الحال كما يذكر دوفرجيه. واالثني

فالثقافة الرعائية ترتبط ببنية تقليدية غير مركزية إلى حد كبير أمام ثقافة الخضوع فتتعلق ببنية إن التطابق بين الثقافة " verbKalmandK1963-1958يربا ويرى ألمون وف.سلطوية وممركزة

السياسية والبنية السياسية ضروري لتامين استقرار النظام وإذا كان ثمة تباعد بين االثنين يعمل وفي ضوء مفهوم الثقافة الكلية التي اصطبغ بها المجتمع السياسي "النظام بشكل سيئ ويصبح مهددا

في المجتمع البحراني –اسية وهي المسؤولة عن آليات العمل السياسي في البحرين فان الثقافة السيهي ثقافة تعددية تسمح بكثير من االنحرافات في داخلها بناءا على معطيات تتجانس وبنى المجتمع

فمفردات التمرد والعصيان والثورة والحق واالنتفاضة والشرعية في مقابل التسلط .البحراني القاموس السياسي في كل أنماط الثقافات السياسية المكونة للمجتمع تتصدر..والحرمان والظلم

السياسي وهذا يعطي امتيازا حيويا للوعي السياسي،وفي نفس الوقت يعطي مؤشرا على هشاشة مما يسمح لمنظومة المطالب . النظام السياسي وعجزه عن تحقيق اإلشباعات المطلوبة منه كسلطة

ط، أقله تغيرا يضمن المحافظة على المسافة الفاصلة بين السلطة من تغير آليات اإلكراه والضغ .السياسية والمجتمع السياسي

انو هذا الحد األدنى من التغير هو ما حدث في خضم حركة الهيئة العليا التي وصفها الباكر وحسب خلف فان "أشبهه ما يكون بحزب سياسي بينما هو خال من كل تنظيم" أنها 1960

جلبت إبداعيين تاريخيين مهمين او تغيرين تنظيمين 1956-1953ياسية خالل التطورات الساتحاد : بارزين اثنتا الحقا انهما شكال تحديا لسلطة هيئة االتحاد الوطني واستمرا بعد زوالها وهما

) 2000،48خلف،"(العمال وبروز جناح راديكالي داخل الحركة التي تقودها هيئة االتحاد الوطني ذلك تنبغي اإلشارة إلى أن هذين العاملين وعامل ثالث آخر ، ما هي إال نتيجة طبيعية وقبل تناول

لتطورات المجتمع السياسي برمته بدأ من تفاعله مع األحداث السياسية المتسمة بالثورية ونهاية فبعد أن كانت محدودة في فئة معينة في العشرينات شملت أغلبية أفراد .بالتطورات الداخلية

مع السياسي وقطاعاته المتجاذبة فقد شملت قطاعات العمال والطالب الذين اصبحوا يشكلون المجتركنا أساسا وانتقلت قياداتها من الفئات المنفذة المتمثلة في كبار التجار ورؤساء القبائل إلى فئات

التنظيم في مثقفة اكثر تنورا وهو أمر لم تتخلص منه حركة الهيئة العليا كلية إذ كانت المبادئة فياألساس من قبل القيادات التقليدية لكن الشباب المثقف والعمال الذين تختلف مصالحهم وأفكارهم ومبادئهم ومستوياتهم الثقافية عن القيادة كانوا يؤلفون نسبة عالية من لجنة المائة وقد عملوا على

هيئة يدعو إلى نبذ شعار خذ توجيهيها اتجاها اكثر ثورية ووطنية مما أدى إلى ظهور تيار داخل الوقد كون هؤالء تنظيمات سرية داخل الهيئة ووقفوا بوجه قيادتها )1976،189العبيدي"(وطالب

حتى بدأ في الفترة األخيرة من عمر الهيئة أن األمر قد خرج من يد قيادتها وان شكال جديدا للعمل ك إرجاع إلى طبيعة عمل ومرد ذل)226نفسه،**(سيشق طريقه بعيدا عن الزعامات التقليدية

الهيئة السياسي والتنظيمي الذي اتسم بعلنية تامة وتصدت القيادة ألية محاولة للعمل السري الذي تجاهلته وحاربته األمر الذي خلق خاليا سرية من النشطاء الراديكاليين يعملون ضمن الهيئة

وبالتالي ) 2000،49خلف( الكفايةواعتبروا تكتيكات الهيئة مدجنة وليست ثورية في أهدافها بما فيهوبعد انهيار هيئة .عجز الهيئة عن تحقيق المزيد من المكاسب او تعبئة الجماهير بشكل صحيح

اتضح أهمية العمل السري وان يكون المرتكز األساسي للعمل الوطني حتى ولو 1956االتحاد ن أداة تنظيمة بديلة عن تم اللجوء إلى العمل الوطني وشكلت هذه الدروس حافزا في البحث ع

).76-1987،74موسى(التنظيم العلني الفضفاض

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

40

Page 41: ضخامة التراث ووعي المفارقة

فلم .وفي جانب قضايا المجتمع فقد تحولت كثير من القضايا الشخصية إلى قضايا وطنية إجماعيةتعد قضايا العمال تخصهم بل أصبحت شأنا سياسيا واجتماعيا عاما وكذلك قضايا الطالب وتالشت

معه تحولت قضايا السلطة .ية وحلت محلها قضايا اإلصالح السياسي العامالقضايا الطائفية والقبلأصبحت اطروحات الوحدة العربية .إلى ثقافة مضادة بنفس جديد تختلف عما هو مطروح من قبل

واإلقليمية منبرا و أسس مبتكرة في الخطاب السياسي العام وتكونت لثناء ذلك جدولة منظمة قضاء على االستعمار والنضال من اجل الحريات العامة والعمل الجاد للقضايا المحورية أهمها ال

.على صياغة مشروع الدولة بدال من مشروع القبيلة السياسية

5- كانت هذه خلفية هامة للتعرف على مالمح المرحلة التي نحن بصددها والتي نعتبرها بداية

وما من شك أن هذه .صود عندنا المعارضة الوعي وبداية تشكيل الخطاب السياسي بمعناه المقلذلك فان طبيعة .الخلفية ذات إفرازات هي التي ستحدد المراحل التالية لها ومن خالل استقرائنا

البحث تقضى منا أن نتوسع بعض الشيء في أهم المحددات لطبيعة الصراع بين السلطة :والمعارضة في المجتمع السياسي البحراني ، التي ستناولها كاآلتي

.الصراع القبلي-1 .الصراع الطائفي-2 ).التدخل األجنبي(الصراعات اإلقليمية-3

ومن الطبيعي أن تكون لهذه المحاور الرئيسية تفرعيات نتعرض لها والبد وان ندرك أن كل هذه المحاور وتفرعاتها تعمل بشكل متكامل وفي ظل انسجام وتناسق سعيا وراء التوازن السياسي بين

.هذه المحاور

:الصراع القبلي: أوال من خالل دراسة تاريخ البحرين ال نكاد نعثر على وجود لمسمى القبلية التقليدية لمنطقة شبه الجزيرة العربية كحالة ذات أنظمة اقتصادية واجتماعية سياسية ترتبط بشكل أساسي بالترحل

جزيرة كانت تعني فالهجرة إلى هذه ال.والتنقل من موقع إلى آخر بحثا عن الكأل والمرعى االستقرار فيها او االنتقال عنها وفي فترة الوجود فثمة تغيرات جوهرية كانت تحدث لتك القبائل

وما سبب ذلك إال لوجود نظام سياسي وثقافي مهمين كانت له القدرة على فرض سلطته .المهاجرة كان )يطرة الفارسية مثالالس(على األنظمة الوافدة فحتى مع السيطرة الخارجية على بالد البحرين

.الحكم الداخلي بيد أهل البحرين وفق المنظومة الخاصة بهم برزت الحالة القبلية كشكل من أشكال التكوينات 1783ومع بداية استالء آل خليفة على البحرين

االجتماعية السياسية في المجتمع البحراني إذ علمت هذه القبائل الغازية على اعدة توزيع القدرة والسلطة وفق ما أنتجته القبيلة المهاجرة وتظيميناتها المألوفة القائمة أساسا على نظام إنتاجي يتقوم

ومرجع ذلك ان دخول آل خليفة الى البحرين لم يحدث كما كان .بالغنيمة ويقوم بتوزيع الوالءات لقد . عملية االستالءيحدث سابقا وانما دخلوها بصحبة العديد من القبائل المتحالفة التي ساندتهم في

كانت وضعية البحرين في القرون األخيرة ذات أغلبية شيعية تامة تقربيا وتمكنت إيران في المساهمة في طرد البرتغاليين وفرض الحماية على جزر البحرين وقد اعتبر آل خليفة أنفسهم

ي القرن الثامن عشر فاتحين للبحرين ولم يعتبروا أنفسهم فاتحين لقطر وقد استولوا على األخيرة فوال يمكن تجاهل ان القبائل العربية التي جاءت مع آل خليفة كانت سنية وبالتالي برزت األمور

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

41

Page 42: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وكان القبائل السنية تريد االستالء على أراضى الشيعة وتقيم سلطانها عليها وحيث طغت خ الرسمي تلك الصراعات بين أفراد األسرة المستولية وحلفائهم من القبائل فقد سجل التاري

الصراعات واعتبرها المظهر الرسمي للصراع في تلك الفترة واختفت من التاريخ كثير من القضايا الشعبية والتاريخ المجتمعي المتأثر بالواقع القبلي الجديد فال يعكس التاريخ الرسمي كيف

راف وعادته وال هي مقاومة البحارنة للواقع القبلي و أحكامه السلطوية والتي ال تتوافق مع أعيشير الى كمية االضطهاد الممارس في فرض هذه األعراف القبيلة فكل ما كان ينشغل به التاريخ الرسمي هو االمتداد كما التاريخ اإلسالمي المدون في بالطات الخلفاء من حيث اهتمامه بالشكل

غانم حيث يضمن فمن الطبيعي ان يكون محور الصراع ذاك يتعلق بتوزيع الم.السلطوي للواقع وعلى الرغم .لكل قبيلة حصة من السلطة والنفوذ بقدر ما كان لها من دور في عملية االستيالء

من وجود تأطير مذهبي لتلك النزعات فقد واجهت القبائل المتحالفة الكثير من التحديات فالبعض لة الحاكمة وسط منها قد شعر بالغبن واألخرى شعرت ان لها النفوذ المطلق في حين ظلت القبي

.هذا التطاحن القبلي الذي لم يحسم إال في الخمسينات ان من عادة القبائل ان تحسم تنازعاتها إما بالسيف والحرب او الهجرة من البالد الى مكان آخر وتحين الفرص للعودة وتعويض األثر السيئ لتلك الهجرة عن طريق تكوين تحالفت مع القوى

ينفك تحالف إال ويقام تحالف جديد يضم األطراف المعادية ألطراف أخرى القبلية األخرى فما ان كان الرحيل الجماعي في تلك األيام يفسر على انه إعالن حرب على الجماعة التي تم االنسالخ .

انه مع .عنها فال يرحل قوم إال ليبدوا التكتل من جديد بهدف بناء قوته لضرب التحالف األصلي البحرين انخرط المجتمع القبلي في الدخول في صراعات وحسم كثير من قدوم آل خليفة الى

ومن .أموره الخاصة لدرجة ان معدل المعارك الدائرة بينهم ال ينفك عن ثالث معارك سنويا الطبيعي ان هذه المعارك كانت تستنزف القوة االقتصادية للقبيلة المعدومة الدخل مما يضطرها

ير القبيلة المعادية ولن يكون هناك سوى المجتمع األهلي الحضري الى ممارسة الغزو والسلب لغالمتقوم على اقتصاد اكثر ثباتا واكثر مرونة من اقتصاد القبيلة وكثيرا ما تمتد آثار هذه المعارك الداخلية الى المجتمع األهلي وتلقى بآثارها المدمرة على كثير من مقومات المجتمع كما حدثنا

ني والشيخ علي البالدي وكما هو شائع على السنة بعض من عاصرو بعض الشيخ يوسف البحرالقد خلق هذا الوضع محكا حقيقيا للنظام القبيلة ومدى تكيفه .تلك المعارك في بداية القرن العشرين

ورغم ان آل الخليفة كانوا قد تركوا االقتصاد .مع النظام الحضري القائم على التجارة والزراعة حيث تذكر وثيقة عثمانية قصة . الى اقتصاد غنائمي يتخذ من القرصنة أساسا لهالرعوي متحولين

ان في البحرين التي يحتلها العجم أناسا على مذهبهم " لجو الخليفة الى السلطان العثماني وجاء فيهابالمفهوم التاريخي القديم الشامل لإلحساء (وللعجم اهتمام كبير بهذا المكان وتقيم في البحرين

قطر (قبيلة العتوب والخليفات ويسكنون قرب بندر فريحة وبندر كونك ) زبارة وغيرهاوالوكانوا سبع او ثماني عشائر وكلهم شافعيون وحنابلة و قد حلت الفتنة بين أهل البحرين )حاليا

وقد قتل منهم كثيرون وكان التجار )الهولة الذين يقيمون حول بندر كونك(وهؤالء العشائر يخافون ان يذهبوا الى البصرة خشية منهم الن سفنهم تمر من هذا البندر ومن واصحاب السفن

اال ان هذا لم يؤثر على انتظام النظام القبلي وتحوله الى نظام "رأى منهم سفينة يأخذها غصبااقتصادي عقالني بل انه ظل محتفيا بأساسيات الغزو والغنيمة حتى وان تعددت األشكال

فان مواجهة االقتصاد الحضري القائم في البحرين لم تخرج عن العرف القبلي االقتصادية وبالتالي .حتى الوقت الراهن كما سنرى الحقا

و قبال هذا التصارع الداخلي القبلي واجهت القبيلة كحالة وكمفهوم تحديا مصيريا يهدد بنسف كل لم يكن هناك سوى الحل المنجزات التي يحققها التضامن الوشائجي الذي هو عصب الحالة القبلية و

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

42

Page 43: ضخامة التراث ووعي المفارقة

كان هذا الحل هو االتفاق على حالة الالمركزية وانعدام السلطة .المبدئي الذي قدمته الخليفة لقد بدء واضحا ان هناك . والسماح للقبائل بممارسة ما يرغبون من إعمال وتفعيل للسلطة

باط البريطانيين سنة ازدواجية حقيقية في ممارسة السلطة و إدارة شؤون البالد حتى كتب أحد الضان سلطة شيوخ البحرين على ملكهم ليست مطلقة خالفا لما يعتقد وذلك في اعتقدنا لتعدد "1823

وعليه فلم تكن االمتيازات " ممارسة السلطة من اكثر من شخص واحد وبالتالي ضياع المسؤوليةتي يمارسها الحاكم في والحقوق الممنوحة للشيخ الحاكم للمنطقة مختلفة كما او نوعا عن تلك ال

فالعالقة المتبادلة كانت تربط الحاكم بالشيوخ معتمدة على العهود وليس العقود وتقوم .مقطعاته على أساس للمصالح المتبادلة بين الحاكم والقبائل وتنحصر في قطاع الحكم واستعمل القوة

زينة الحاكم والحقوق وتحصيل الفوائد االقتصادية ولم يكن هناك تميز بين خزينة الدولة وخفالشيخ عيسى . االقتصادية والسلطة كانت تعتبر مصالح تؤخذ وتستملك بالقوة القسرية ال الشرعية

لم يكن يملك قدرا كبيرا من حرية التصرف 1923-1869بن علي الذي حكم البحرين في الفترةستعمار البريطاني ومن والحركة بل كانت هناك قيود فرضتها المعاهدات العديدة التي وقعها مع اال

جهة أخرى كانت ضغوط التحالف القبلي تلعب أثرها وبشكل سافر فالسياسة القبلية تقتضي و كانت قبيلة الدواسر أقوى حليف .ممارسة جانب كبير من التوازن بين كافة األطراف القبلية

لك بدو النعيم الذين لقبيلة العتوب رغم ان عالقاتها بشيخ البحرين بعيدة ولكنها ليست عدائية وكذيسببون الكثير من المشاكل واإلزعاج للمواطنين الدائمين وكان الشيخ عيسى بن علي يشجعهم .على ما يقومون بع العتقاده انهم سيقفون الى جانبه في حالة حدوث أزمة كما يصف ذلك لوريمر

لقبيلة هو الشخص وامتد الحال الى القضاء أيضا فقد كان العرف والعادة يقضيان بان رئيس االمنوط به حل المنازعات الحادثة بين أفراد قبيلته او في المنطقة الخاضعة لسيطرته التي ال يشاركه فيها أحد وكان الحاكم يؤيد هذا العرف السائد وال يخالفه الن فيه راحته وطمأنينته في

ؤون البالد فال يحاولون الوقت الذي يشعر رؤساء هذه القبائل بان لهم من األمر شيئا في إدارة شإثارة القالقل ضده إال إذا منعهم بعض عطائهم السنوي فكان مثل هؤالء من رؤساء القبائل بعض مستشاري الحاكمولذلك فان وقوف هذه القبائل في تحالف معين ينصب بالدرجة األولى على حماية

فهم بوجه القبيلة نفوذهم ومصالحهم وضمان ممارسة السلطة لهم حتى ولو استدعى ذلك وقوونتيجة لهذا الوضع القبلي كان الفساد وسوء اإلدارة وانعدام التنظيم صفة الزمة لواقع .الحاكمة

متسيبة وطابعها "المجتمع السياسي في البحرين وكما يصف لوريمر حكومة البحرين أنها كانت سلطاتهم على "من أقربائهأخوه،،أوالده،أبناء أخيه،واخرون "سوء التنظيم ويمارس أقرباء الحاكم

ان قبيلة " ومثل هذا الوضع كان مألوفا لدرجة"مناطق مختلفة يملكونها بصفة مطلقة مدى الحياةالدواسر يعتبرون قبيلة شبه مستقلة فهم ال يدفعون أي ضرائب لشيخ البحرين على تجارتهم في

ال غرابة في ذلك فحالة و"اللؤلؤ وزراعة النخيل وهو يعارضون أي تدخل من الحاكم في شؤونهم تحت رحمة الطبيعة تتحكم بهم )البدو(االقتصاد القبلي القائم على الغنيمة والسلب جعل من القبليين

كما تشاء فبرز العنف بين القبائل وبينهم وبين الحضر كنوع من النشاط االقتصادي البديل لقد كان ذا طبيعة غير مستقرة فالرعي قائم على النشاط االقتصادي للبدو القادمين معتمدا على الغزو كما

طبيعة متقلبة والغزوات قائمة على أساس مجتمع او تجمع ال تحكمه سلطة مركزية وال سيادة واحدة لقد تشكل البناء القبلي على أساس كونه تشكال ذا قدرة على منح أعضائه اكتفاء ذاتيا على

ائهم ذاتية معينة وهوية محددة تشكل نقيضا مختلف المستويات االجتماعية والسياسية وبالتالي إعطونتيجة للوضع السابق ولما هو عليه التحالف القبلي من اتفاق ووضوح هدف ".لهوية اشمل واكبر

يتمثل في سطيرة القبائل الغازية على عصب االقتصاد البحراني أال وهو تجارة اللؤلؤ بعد ذيع جة لكمية ونوعية التحالفات القبلية بشكل ويبدو ان هذه السيطرة جاءت هي األخرى نتي.صيته

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

43

Page 44: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وهي أقوى القبائل ان تفرض السيطرة المباشرة )الخلفية(طردي ولهذا لم تحاول العائلة الحاكمة على إنتاج اللؤلؤ كما فرضتها على زراعة النخيل لما تعتبره القبائل األخرى تدخال في شؤون

ا حاولت العائلة الحاكمة ذلك ،كانت تهدد األخرى القبائل ومسا بسيادتها واستقاللها الذاتي فذا مومن الطبيعي والحال هذا ان تكون استنتاجات الخوري متطابقة .بالهجرة الجماعية وفك التحالف

والواقع حيث بدأت تبرز التجمعات والتحالفات القبلية كقوة فاعلة في المجتمع السياسي فتسيطر حين ان الذين لم تربطهم رابطة عصبية القبلية كالشيعة على الحكم وتتحكم بالمصادر الطبيعية في .والسنة الحضر فقد عانوا األمرين والظلم

وبحكم الصراع والتنافس على السلطة والسيطرة على الموارد القتصادية واستغاللها كانت البالد واقعة بين الحضرية فقد اتسمت الفترة ال/تدخل في صراعات و تطاحنات بين هذه القوى القبائلية

بمعارك عسكرية شديدة امتحن فيها المجتمع البحراني و أرجعت ذاكراته الى 1921-1700عام لقد شجع ذلك الوضع القوى المحلية والعربية .هجمة الجيوش األموية التي دمرت الجزيرة و أهلها

.واألجنبية للتدخل في الشؤون الداخلية ومحاولة فرض السلطة والهيمنة نظام القبلي رغم ذلك بدرجة عالية من التماسك االجتماعي حيث االمتداد القبلي بين لقد تميز ال

القبائل المنتشرة في منطقة الخليج وفوق هذا فهي ترتبط بروابط قرابية بمعنى وجود كثافة في الروابط الشخصية وهذه الروابط تمثل دورا نفسيا اجتماعيا ينعكس في طبيعة التعامل مع الفئات

فقد وحد أعضاء هذه القبائل مقام الروابط . وعلى النظرة المتكونة للمجتمع السياسياألخرىالتنظيمية والمثالية والفكرية عن طريق شبكة محكمة من عقود الزواج ومن خالل تقسيم المناصب استطاع النظام القبلي ان يضم مناطق جديدة ومتباعدة ويوسع من نطاق األحالف القبلية وضمان

.جديدة لالقتصاد القبليمداخيل وانعكس هذا التماسك في تطور البنية القبلية من اإللتائم الوشائجي حيث التميز بين القبيلة المختصة بالغنيمة وما بين العشيرة حيث التماسك وااللتحام المصيري الى التحول الى درجة أعلى

ا يسميه خلدون النقيب بالقبيلة من التجانس والتكيف مع البيئة الحضرية من خالل االعتماد على مالسياسية وهو مفهوم يتجاوز حدود القالب االثنوغرافي لمفهوم القبيلة ويرتقي به الى مستوى السياسي الشرعي إذ لم يكن األمر الوضع المجتمعي البحراني يتقبل المفهوم الجامد للحالة القبيلة

يا حقيقيا بضرورة الشرعية السياسية في فالمجتمع المكون من شريحة غالبة من الشيعة أفرزت وع .مقابل الشرعية الدينية

وإذا كانت القبائل الخليجية األخرى استطاعت ان تحقق كال الشرعيتين فان الوضع في البحرين ظل مسكونا بهاجس الشرعية في كال المستويين وفي نفس الوقت كانت الطبيعة المادية

ان القبيلة السياسية شكل من .لقنوع للبقاء بها من أي طرف االقتصادية للبحرين كفيلة بالرضا وا/أشكال التنظيم االجتماعي يختلف عن القبيلة العادية أي مجموعة العالقات المتبادلة بين األفراد والمبنية على تراتيبة القرابة في انه يتحول الى حكم للعناصر األيدلوجية في توزيع السلطة

:ة بهذا المعنى تتكسب ثالثة معاني فالقبيلة السياسي.السياسية . إنها توفر أساس العصبية-1االستبعاد المطلق من / إنها تعمل كمبدأ منظم يخصص موارد الجماعة ويحدد مواثيق اإلدخال-2

.الجماعةإنها تمثل عقلية عامة تحكم كل أشكال العالقة السياسية وتسعى إلى االرتباط عضويا بالدين -3

ا من مصادر الشرعية ويضيف النقيب ان القبيلة السياسية قد عرفت تغيرات الذي يمنحها مصدرفي النصف األخير من القرن العشرين وكان ابرز مراحل تطورها استجابة لضرورات إنشاء

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

44

Page 45: ضخامة التراث ووعي المفارقة

جهاز دولة حديث أي التحول من نظام الحكم االستبدادي التقليدي الى آلة دولة تسلطية حديثة ذات .كفاءة

الحضري /القبلي والصراع القبلي / مدى التأثير الذي سيتركه الصراع القبلي ان ما تقدم يكشفعلى صياغة الخطاب السياسي فبقدر ما تواجه التحالفات القبلية من خطر التفكك تبقى على وشك مواجهة المجتمع األهلي والمدني ومن الطبيعي ان تسعى كثير من تلك القبائل ومن ضمنها القبيلة

قامة موازنات جديدة حتى وان أدى ذلك الى صناعة خطاب سياسي جديد على الحاكمة الى إ .المجتمع السياسي البحراني

ان هناك حقيقة ال يسع الباحث سوى التوقف عندها وهي ان الصراع القبلي وتحالفاته آنذاك كان هزيلة يمر في مرحلة انعطاف حاسم وبدء في الفرز الجدي الذي انتهي الى إقصاء التحالفات ال

معنى ذلك ان تيارا جديدا اخذ يتقدم الى المواقع األمامية محاوال .وحسم الصراع على المركزية منع أي محاولة إلضعاف سلطته او إنهائها وهو مستعد الى ان يخوض معارك شرسة من اجل المحافظة على المكاسب التي حققها طوال قرن من الزمان وسيسعى لعرقلة أي جهود ومن أي

. كان إذا ما كانت تنشط لتغير سير المعادالت السياسية المفروضةطريقاألهلي بل حتى الديني منه وهذا ما سيتضح /وسيكون من الواضح تعثر خطى المجتمع المدني حيث سيتخذ الطرف القبلي سياسية التحالفات .اكثر من خالل استعراضنا الموجز للمحور الثاني

.ن مصالحه بتوظيف الدين كعنصر رئيسي لضما

:الصراع المذهبي: ثانياومع تعقد العالقة السياسية بين .منذ ان دخلت البحرين في اإلسالم كانت منطقة ذات نفوذ شيعي

أهل البحرين ودولة الخالفة اإلسالمية أصبحت البحرين ذات أغلبية شيعية تتبنى مذهب المعارضة إقليم البحرين التاريخي الشامل لإلحساء واذا كان هناك اثر للمذهب السني فان ذلك ينحصر في

وغيرها أما جزيرة أوال فإننا نعتقد بخلوها من اثر ملحوظ للوجود السني كما يؤكد ذلك كثير من كان غالب سكان "المؤرخين وذكر ذلك مؤرخ قبيلة آل خلفية محمد الخليفة النبهاني إذ كتب

انوا يتغالون في إهانة واضطهاد كل سني البحرين شيعة شديدي التعصب على إخوانهم السنيين وك 1113 رجب 12و أكدت ذلك الوثيقة العثمانية المؤرخة في . وطي بالدهم للحرفة او التجارة

نحيط علمكم ان في البحرين التي يحتلها "من والي البصرة الى السلطان العثماني التي جاء فيها لمكان وتقيم في البحرين قبيلة العتوب العجم أناسا على مذهبهم وللعجم اهتمام كبير بهذا ا

وكلهم شافعيون )..شمال الشارقة(وبندر كونك )قطر حاليا(والخليفات ويسكنون قرب بندر فريحة .وحنابلة وقد حلت الفتنة بين أهل البحرين وهؤالء العشائر

آل ان الصراع المذهبي المتأصل سياسيا يأخذ سمة بارزة من سمات المجتمع السياسي مع دخول خليفة البحرين وممارسة االحتالل لها حيث أخذت إشكالية الطائفية تتأصل وبشكل جدي الى يومنا

كان من الطبيعي ان ينظر الشيعة الى آل خليفة بأنهم .هذا ولعل ما ذكره النبهاني دليل على ذلك انتزعوا السلطة السياسية منهم ووضعوا األرض رهينة أي انتزعوها من سكانها األصليين

.واعتبروها أميرية أي خليفية

لم يكن في تلك الفترة األمور مفرزة بل كانت متداخلة كما يعبر النعيمي ولم يكن العامل القومي طاغيا بحيث يمكن القول بان الخليفة قادوا معركة تحرير البحرين ممن الفرس وبالتالي كان

لصراعات التي نشأت في تلك الفترة ال سلوكهم طائفيا ضد الشعب البحراني الشيعي وبالتالي فان ا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

45

Page 46: ضخامة التراث ووعي المفارقة

يمكن عزلها عن إطارها المذهبي وبجانب هذه األفكار والمشاعر المتضمنة للشعور بالقهر والظلم فلم يعد الشيعة يفرقون .والسلب والتسلط نمت بجانبها مشاعر التباعد واالفتراق والتكوين الضدي

وتوفر لهذه المشاعر .سألة تأخذ صبغة الكل بين حكم القبائل و بين السنة اآلخرين وبدأت المانشغال الشيعة في -واألفكار الجو المناسب والظروف المعيشية أيضا فأمكن العمل مفصولة

ما عدا أحكام العقود التي كان الحكم القبلي يتسلط بها -الزراعة وصيد األسماك وتجارة اللؤلؤ لمستقر لم تكن أماكن العمل بعيدة عن أماكن على الشيعة وبحكم أحوال المجتمع القروي الزراعي ا

السكن فكانت هناك ما يشبه المقاطعات الطائفية التي تسودها روح العداء والصراع سواء كان ذلك هذه القطيعة السياسية بل المعرفية بين الشيعة والسنة ولدت أنماطا من السلوكيات .بارزا او خفي

المذهبي في المجتمع السياسي وبالتالي إعاقة تقدم السياسية كان من شأنها ان تكرس الصراع ومن خالل عقد مقارنة بين .الخطاب السياسي الموحد والقادر على تجاوز الخطاب السلطوي

وضعي كال الطرفين يتضح مدى تعمق اإلشكالية المذهبية فقد اتسمت عالقات الشيعة بالدولة الدولة العثمانية بعدم االعتراف بالمذهب العثمانية عموما بالسلبية والتوتر إذ استمر موقف

وقد أدت هذه السياسة الى زيادة ارتباط .الجعفري أسوة بالمذاهب اإلسالمية األخرىالمعترف بها الشيعة بالزعامة الدينية وتعميق الوالء للمرجعية الدينية التي كانت البحرين قد ضمت العديد منهم

لقد رأى الشيعة ان إقامة .ني المتمثل في المرجعية الدينيةأي اختزال الوالء للدولة في العمق الديتحالف مع من هم في سياق التصنيف المذهبي أقوى وارجح فكان الطرف اإليراني قريب لهم في التوجهات واألهداف خصوصا وان الصفويين قد ساهموا في طرد االستعمار البرتغالي من

الحكم القبلي في بدايات القرن التاسع عشر قادها البحرين وقد كانت هناك محاوالت شيعية إلنهاءأخذته الغيرة اإليمانية على ما جرى على أهل "السيد شبر الغريفي الستري في أواخر حياته إذ

البحرين من الحكام المتغلبين عليها من الظلم والعدوان وغصبهم األموال وتشتتهم في كل مكان أهل البحرين و القطيف الساكنين هناك أخذ البحرين واراه نظره واجتهاده الى جمع العساكر من

من أيدي أولئك المتغلبين الظالمين ولحاجته للسالح وعتاد طلب من ناصر الدين شاه المساعدة فلم سمع حكام البحرين بذلك قاموا بإرسال الهدايا الكثيرة والبراطيل الوفيرة الى حاكم شيراز وحينما

فاهم مع الحكام رفض الشاه االجتماع بالسيد شبر ولم ينظر الى ما وصل السيد شبر الى شيراز للتلقد كان هناك توجه عسكري الستعادة . حيث رشاوى حكام البحرين قد فعلت فعلتهاجاء إليه

البحرين من قبل الشيعة وإقصاء حكام آل خليفة مما يؤدي الى النظر في موقف الشيعة الى السنة مكن الدخول معهم في أي تحالف سياسي وان تكون صورة على انهم مغتصبين لألرض وال ي

.القطاع السني انه متحالف مع الحكم القبلي وفي مقابل الموقف الشيعي كان الموقف السني بكل أطرافه ال يقل شأنا عنه حيث اعتبروا التشيع

ينولم تكن نوعا من الهرطقة وبالتالي فلم يألوا جهدا في ظلم واحتقار الشيعة سكان الجزر األصليالحوادث التي تجرى على الشيعة من الظلم والتعسف من قبل الحكم القبلي تحرك فيهم الرغبة للتعاطف او المساندة فقد فرضت ضرائب خاصة على الشيعة وحدهم مثل ضريبة الرقبة وبساتين

ان فكرة المساواة في جباية 1923النخيل وضريبة السمك وبدأ للكثيرين من السنة في عام وكانت هذه الصيغة هي التي وجهها الكابتن نوكس "الضرائب تدخل بريطاني في الشؤون الداخلية

knox ان معظم التوتر الذي شهدته البالد " الى الطائفة الشيعية إذ قال1923مايو 26 في تاريخ ."يجب أال تتوقعوا مساواتكم بالسنة بشكل تام..مؤخرا كان مصطنعا

ات القبلية مدخال للتدخل األجنبي في الشؤون الداخلية عبر إقامة انه مثل ما كنت الصراعالتحالفات مع األطراف المتنازعة األمر الذي أدى الى تعطيل بنى الخطاب السياسي وتفعيل

فقد كانت المذهبية فرصة أيضا لتمرير ذلك بالتدخل كما سنرى من قبل إيران .المؤسسة السياسية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

46

Page 47: ضخامة التراث ووعي المفارقة

القوى اإلقليمية الكبرى خصوصا بعد انعدام القوة العثمانية في بدايات والسعودية وبريطانيا وهي فسعت بعض األطراف الطائفية في بعض األحيان الى ان )إنهاء الخالفة اإلسالمية(القرن العشرين

وفي واقع األمر ان كثير من .تلتجئي ببعض هذه القوى لحسم النزاعات المثارة على أساس مذهبي كن منطلقة من خلفية مذهبية بحتة بل إنها كانت محكومة بالتحالفات السياسية تلك التماسات لم ت

القائمة آنذاك والتي كانت في كثير من األحيان هي التي تصبغها بهدف توسيع التدخل وفرض .معادالت سياسية تتوافق والمصالح التي تشهدها تلك القوى الكبرى

كم في المجتمع السياسي وهو المسيطر على السلطة وإذا كانت القبلية هي النموذج الى اصبح الحاالسياسية فانه من الطبيعي ان يلجأ من هم خارج األطر القبلية الى نموذج أقوى من نموذج القبيلة

ولم يكن هناك سوى الطائفية فال الحزب وال الطبقة وال القومية او الوطن كمفاهيم خطابية .ومن هنا .موجودة معرفيا او كوجود خارجي على األقل تمارس وتحقق سلطة لم تكن هذه المفاهيم

فان النظر الى االلتحام الطائفي الشيعي لم يأتي انعكاسا مباشرا للوضاع االجتماعية او االقتصادية التي رافقت فترة االستيالء وما بعده بل األصح اعتبار المذهبية الشيعية كانت ردة فعل على

ة اجتماعية كلية تؤلف نظاما كامال له أساسياته وأركانه ودعائمه فكانت بذلك ظاهر.نموذج القبلية .في جميع مراحل المجتمع السياسي الحديث

وبقدر ما كان هناك طائفية دينية فقد توالدت عنها طائفية سياسية أيضا وبدأ واضحا توزيع ائفية عند إذ تحولت الط.اإلدارات والمناصب واألعمال والمهن وغيرها على أساس تميز طائفي

القبيلة الى طائفية عقدية تعنى اإليمان ان الطائفة أصبحت جزاء من تاريخ البالد يدعى لها .األصالة واألساس

كانت وسيلة استخدمها النظام القبلي .وهكذا كانت الطائفية وسيلة ونتيجة في الوقت نفسه المصالح وكانت نتيجة لتحكم واالستعمار والقوى اإلقليمية إلثارة الفتنة وتسهيل التدخل وتامين

.النموذج القبلي وسطوته على فئات المجتمع وبدأ هناك تحولها من نطاق ضيق لكل طائفة الى نطاق اإلدارة السياسية العامة فكما توجد نعرة قبلية وعصبية توجد نعرة طائفية وعصبية طائفية وكما ان شدة االرتباط القبلي تقتضي االلتحام

بيل تامين سالمة القبلية ومصالحها وتحالفاتها فان الطائفية تقتضي شدة االرتباط والمناصرة في س .وااللتحام والمناصرة في سبيل حماية الطائفة أوال وصد هجوم القبلية ثانيا

ان هذه الوضعية كانت وال زالت ذات تأثير وتأثير كبير جدا على مسيرة الحياة السياسية في راكبية وتراتبية الحالة الطائفية في البحرين عن غيرها في البلدان البحرين رغم االختالف في ت

ان الطائفية في البحرين ولدت مع النموذج القبلي وليست بعدا أصيال في تركيبية . األخرىالمجتمع السياسي مما يعنى ان إنهاء وتجاوز الطائفية كظاهرة موجودة يلزمه تجاوز اإلطار القبلي

وتصبح بذلك شعارات التوحيد الطائفي حقيقية وذات معنى .دولة التسلطية والقبيلة السياسية وال .وغاية ،عندما يكون خطابها موجها للنموذج القبلي وإلغاءه قبل إلغاء الطائفية

ولسنا في تحليل الطائفية إال بالقدر الذي نستطيع ان نتكشف منه التأثير الذي يتركه الصراع ة الخطاي السياسي وبقدر ما يؤثر على تركيبية المجتمع السياسي المذهب بأشكاله المتعددة في بني

.في البحرين

:التدخل األجنبي:ثالثا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

47

Page 48: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ال شك ان هناك اثر للعالقات الخارجية التي كانت ترتبط بها البحرين في الحياة السياسية وتشكيل مصالح فيها او على فقد كانت العالقات آنذاك وما زالت تقوم على إيجاد.المجتمع السياسي هناك

وفي نفس الوقت كانت البحرين موقعا للتنافس بين القوى الكبرى نظرا .األقل الحفاظ عليها لموقعها الجغرافي واقتصادها الذي اخذ في المنافسة منذ القرن الثامن عشر هذا من جانب ومن

ت القبلية او كانت جانب آخر كانت التحالفات المعقودة بصورة واضحة كما هو الشأن في التحالفافير بائنة كما في تحالفات الشيعة والمرجعية الدينية او كانت على هيئة معاهدات كمعاهدات

ومنذ ان تم احتالل البحرين من قبل آل خليفة .الحماية البريطانية او غيرها من أنماط التحالفات س كونها كيان مستقل وتم طرد حاكمها التابع إليران بدأت البحرين تعامل على أسا1783عام

ساعد على إيجاد ذلك الوضع السياسة البريطانية التي كانت تسعى لنفي سيطرة الدولة الثمانية او .إيران على البحرين

وفي جميع الحاالت فان هناك محاوالت متكررة للتأثير في سياسة البحرين بصورة او أخرى فكان ة للسيطرة على البحرين ويصف الرميحي ان هناك تنازع بين القوى العربية والقوى األجنبي

المحاوالت العربية الطامحة والتي تمثلها قوى الوهابية والعمانيين ان معظمها كانت قصيرة المدى ولم تؤثر في تشكيل الشؤون الخارجية البحرانية بقالب معين إذ كان همها في األساس إما جمع

العمانية أي اإلفادة المادية من الموارد االقتصادية الزكاة كما عند الوهابية او الجزية في الحالة غير ان الدور 1829وعلى الرغم من ان الهيمنة العمانية انتهت في حدود .المنشطة في الجزر

السعودي الوهابي قد تعدى على ذلك المدى القصير وواصل دوره أمال في التدخل الداخلي عن لبة بالبحرين او االتفاق مع بعض القبائل إلثارة القالقل طريق مساندة أنباء عبداهللا وأحفاده بالمطا

ومازالت العالقة مع النظام السعودي قائمة على أساس 1923كما حدث مع قبيلة الدواسر في عام تحالف قبلي وتقديم تنازالت في الموقف السياسي المرضي للنظام السعودي من قبل نظام الحكم

قات الخارجية هو النفوذ البريطاني إذ انه يعتبر المحور ان ما يهمنا في العال.في البحرين لقد .األساسي في السياسة الداخلية والخارجية معا في الفترات األولى من العصر الحديث للبحرين

ساهم هذا التدخل مع عناصر التغير األخرى بصورة إيجابية وسلبية في تحديد سير األحداث ل ان االستعمار البريطاني للبحرين رغم انه لم يكن بصورته السياسية في البحرين بل نستطيع القو

الكولونية كما في األقطار العربية األخرى إال انه كان محور الخطاب السياسي في البحرين وكان ان التدخل البريطاني يبدأ في التدخل بصورته .التدخل المشار إليه نواة تشكيل الخطاب السياسي

حاولتهم األولى لتسلل الى موقع القضاء على اثر تدخلهم في تقرير عبر م1887الجلية منذ عام مصير محمد بن عبد الوهاب الزياني حيث أمروا بإبعاده من دون محاكمة أمام القضاء االهلي

ووجهوا اليه تهما تتعلق بإثارة القالقل في البحرين وقطرنجازها ولو على الزمن الطويل ان اختيار االحتالل البريطاني القضاء كمدخل وكمهمة البد من ا

:كان خاضغ في أساسه على عدة اعتبارات منهااعتماد القضاء األهلي على الشريعة االسالمية في مجمل أحكامه مما يوشكل ارتباط القطاع األهلي

وفي تلك الفترة كانت الدعوات النشاء .بالشريعة االسالمية بصورة دائمة ورسمية " المواطنين"األمر .المية والحفاظ على مرتكزات الخالفة االسالمية تنشر في أوساط الكثيرين الجامعة االس

الذي ال يتناسب وتخطيط بريطاميا في إقصاء العامل الديني كعامل مؤثر في تحريك الجماهير كرفل "بصورة او باخرى ويظهر ذلك جليا من خالل الرسالة التي بعثها رئيس الخليج البريطاني

انه سوى حكومة البحرين الذي " وجاء فيها25/5/1923قاسم المهزع في تاريخ الى الشيخ "فاكسهو الشيخ حمد ومعتمد الدولة البهية ما ألحد مجاز ان يراجع ان تنقل المقدمات الشرعية الى

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

48

Page 49: ضخامة التراث ووعي المفارقة

محكمة القضاء وكذلك القضاة يمعنون النظر في القضايا التي ترسل اليهم من غير أوامر "صمان راضيان بانفسهم ان يحضرون امام محكمة الشرعيةالحكومتين اال اذ كان الخ

استقالال )السنة والشيعة(ان القضاء كان بصورته الثنائية الطائفية كان يحقق لكال الطرفين :ثانيااذ كان القضاء السني متربطا .وقوة في نفس الوقت خطرا على السياسية البريطانية في الخليج

وهو خاضع لتوجهات الحكومة المحلية وحلفائها وعلى النقيض من ارتباطا مباشرا بالتحالف القبليذلك كان القضاء الشيعي مرتبطا بالمرجعية الدينية في النجف في العراق ومراكز الحوزة العلمية االخرى وكان القضاة الشيعة يعتبرون قادة وطنيين او دعاة شعبيين يخرجون من بين صفوف

خارج تركبية النظام الحاكم وكانوا بديال عنه ينافسونه في الشعب فكانت محاكم الشيعة تعمل السلطة وبذلك فقد كانت بريطانيا تحاول فكفكة التحالف القبلي عبر القضاء ومن جانب اخر

والمحصلة من كل ذلك ضبط االمور لصالح .تهميش الدور الشيعي المتمثل في علمائه الدينين ب التي جعلت القضاء مدخال وبوابة رئيسية لزيادة السياسة البريطانية ولعل من ضمن االسبا

التغلغل البريطاني في البحرين والمنطقة عموما هو اعتماد االستعمار البريطاني على االيدي العاملة االجنبية وتشجيع الهجرة االجنبية،فهو اقتصاديا يبحث عن االيدي العاملة الرخيصة

تأهيلهم ،ومن مصلحته اضعاف شعوب المنطقة وسياسيا ال يعمل على تنشيط ابناء المنطقة و .واشعارهم بحاجتهم الدائمة لهذا االستعمار

فكر االنجليز في اجراء تغير في طابع تمثيلهم السياسي في البحرين واستبدلوا 1900وفي عام الوكيل البريطاني بالوكيل البحريني وقبل ذلك كان النفوذ البريطاني في الخليج يشهد تطورا وأخذ يزداد بشكل بارز بفعل اشتداد الثورة الصناعية في أوربا والتحوالت االقتصادية التي رافقت هذه الثورة مما يعنى ضرورة استبدال إستراتيجية البقاء في الخليج فلم تعد مهمة تأمين الطرق التجارية

جارية للبضائع فتحول البقاء والنفوذ البريطاني الى توفير وخلق أسواق ت.مهمة جديرة باالعتبار المصنعة واعداد المواد الخام للصناعة األوربية مما يعنى في نهاية المطاف تشديد القبضة المباشرة على األمور السياسية في هذه البلدان فلم يكن االعتماد على التميز بين الشؤون الخارجية

ما تكون تلك التي هي من نصيب بريطانيا والشؤون الداخلية المختص به الحكم خصوصا عندالتأثيرات الخارجية تحاول خلخلة الوضع الداخلي كما يعبر السير بيرنارد باروزومن أهم األمور التي ساعدت على زيادة ذلك التدخل الصراعات القبلية آنذاك وكان هذا التدخل بداية حقبة جديدة

خاضعة للرغبة في تاريخ المنطقة إذ بدا واضحا ان مسالة تنصيب الحاكم في البحرين كانت وتم عزله وتنصيب ابنه الشيخ حمد عام 1869البريطانية فتم تنصيب الشيخ عيس بن علي عام

حيث تقرر ان االبن األكبر هو 1942 وحددت الصورة الوارثية للتداول الحكم عام 1923ن ومن هنا بدأ تبدل النظام القبلي للسلطة تبدال ملوحظا إذ أعطى كل م.الوريث الشرعي للحكم

كان له حق التفاوض مع البريطانيين حقا شرعيا في االستقالل الذاتي واستطاعت بريطانيا ان تغلغل في الشؤون الداخلية عبر تلك النافذ

:بواكير النشأة وصياغة الخطاب المفارق: ثالثا

ها ان الحالة الطبيعة لمنطقة الخليج كما يسمها خلدون النقيب حالة اقتصادية تجارية لها موقع

المتميز والصراع االستعماري على هذه المنطقة كان صراعا بدايته تجارية وتنافس للسيطرة على :معايير التجارة هذه الحالة االقتصادية تولد عنها وضع طبقي واضح

طبقة الحكام وهم طبقة العائلة الحاكمة تتولى إدارة البالد وفق الصيغة األبوية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

49

Page 50: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ين يتمركزون في المدينة ويسيطرون على وسائل اإلنتاج المتمثل طبقة التجار وزعماء القبائل الذ في التجارة وصناعة اللولؤ وهما المظهران المهمان في اقتصاد الدولة في ذلك الوقت

.طبقة الفالحين والغواصين وسائر األفراد المعدميني التمويل المالي وطبقة الحكام كانت تعتمد اعتمادا كليا على طبقة التجار وهم المصدر األساسي ف

لسد نفقات الحكام عن طريق الضرائب واالستدانة في حين ان الطبقة األخيرة تخضع لتسلط كال من الطبقتين ولم يكن لها استقاللها المالي الستحكام الديون المقيدة لهم والناشئة من طبقة التجار

اء الحرب العالمية األولى ومع انته.وباختصار كانت عالقات اإلنتاج مشابهة لإلنتاج اإلقطاعي قامت بريطانيا بتوسع نشاطها الداخلي في البحرين مع تحول استراتيجية االستعمار نفسه والبحث عن مواقع و أسواق مفتوحة بعد ان كان يبحث عن تامين الطرق التجارية فقط فخططت بريطانيا

لقضاء ونتيجة للتدخل إلدخال بعض اإلصالحات اإلدارية والمتعلقة أساسا بعملية الغوص واالبريطاني تكونت جبهتان معارضة لعملية اإلصالح تلك في مقابل جهات مؤيدة لإلصالحات المزعومة على ان الرفض والمعارضة هذه لم تكن موحدة في هدفها ودوافعها فكان من جملة

لية الجهات المعارضة بعض رجاالت الطبقة التجارية التي كانت مصلحتهم مهددة إذا تمت عماإلصالح وساعدت بعض الظروف التي أحاطت بالمنطقة على تطوير وبلورة الوعي السياسي في

:أوساط بعض تلك الفئة التجارية ومن أهم األمور التي تركت ذلك االنطباعآثار الحرب العالمية األولى وما تولد عنها من ازدراء لقوى االستعمار ويظهر ذلك جليا قس

ان هناك شعور عميق بالعداء اتجاهنا وذلك " جاء فيها 1919براي عام رسالة كتبها الكابتن وهناك فئة كبيرة معادية للشيخ ..السباب دينية واقتصادية وشخصية وألمور تتعلق بالحرب

الواقع ان الشعور المتنامي لدى النخبة البحرانية بأنه يجب ان يتمتعوا بحق ..وبالتالي معادية لنا هناك شعور "1920وكتب الميجور ديكسن عام "يكونوا خاضعين للبريطانيينتقرير المصير وان ال

"قوى وعميق الجذر بالعداء اتجاه البريطانييندخول بعض الصحف العربية التي بدأت تصل إلى البحرين والتي تحتوى مقاالت معادية -3

اقل بعض المقتضف والمنار وتن"لبريطانيا وحملت معها األخبار والتحليالت والوعي مثل الكتب والنشرات التي يصدرها بعض العرب في الجمعيات السرية والتي تجلب إلى الجزيرة

.سرا المصرية 1919 وثوورة1919-1913بروز الحركة التحررية العربية مثل الثورة العمانية -4

وثورة العشرين في العراق والدعاية التي تروجها حركة الخالفة اإلسالمية في الهند واغلب هذه الحركات كانت موجهة ضد االستعمار البريطاني وساعدت طبيعة الحياة االقتصادية على تطوير هذه المشاعر من خالل االحتكاك بالمجتمعات األخرى في شبهه القارة الهندية وأفريقيا

.واستجدت الفرصة لالطالع على تلك التجارب واالستفادة منها دراسة اآلداب واألفكار السياسية التي يروج لها العرب في ل1920تأسيس النادي العربي عام -5

واالستعانة بمدرسين عرب 1919 وتأسيس المدرسة الخليفية1913الخارج وكذلك نادي إقبال من سوريا ومصر والعراق وكان من شان هذه المؤسسات ان فتحت أعضاءها على األفكار

ستضافت عددا من المفكرين العرب القومية والتحررية والمعادية لالستعمار كما انه اوالمسلمين في تلك الفترة مثل الزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي وحافظ وهبة وأمين

الرياحاني وغيرهم وجرت مراسالت بين أبناء هذه الطبقة وهذه الشخصياتن ان في ظل هذه األوضاع فقد كانت الطبقة التجارية هي األكثر احتكاكا بهذه المتغيرات في حي

اغلب أبناء هذه الطبقة الكادحة كانوا بعدين عن االتصال المباشر والمؤثر معها ونتيجة لذلك تكونت فئة وطنية برجوازية تعمل لمصالحها مع مصالح الوعي الوطني وصاغت هذه الصورة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

50

Page 51: ضخامة التراث ووعي المفارقة

في الئحة اإلصالح المنبثقة عن المؤتمر الوطني البحراني المنعقد في مدينة المحرق بتاريخ م حيث تنامت فكرة المشاركة السياسية الشعبية وبدأت تلك الطبقة المطالبة 26/10/1923

:باإلصالح وفق األمور التالية استمرار الشيخ عيسى بن علي في مباشرة األمور كما كان ودون تدخل من القنصل البريطاني -1

.الذي يجب عليه أن يحافظ على العالقات الودية .كلها على أساس الشريعة اإلسالمية والعرف الذي هو جزء منه يجب تسيير اإلدارة -2يجب إنشاء مجلس شورى من بين أعضاء المؤتمر الوطني ليقوموا بالسهر على مصالح البالد -3

ومعالجة المسائل التي قد تنشأ في المستقبل وذلك حسبما جرت عليه العادة في البلدان األخرى .

اإللتزام بالمعاهدات الموقعة بين البحرين وبين الحكومة العلية يجب على القنصل البريطاني -4 .وعليه أن ال يتدخل في المسائل الداخلية

وقد قام ممثلو المؤتمر بتقديم هذه المطالب إلى تريفور الذي عاد من إجازته على أمل أن م ألقى 7/11/1923تكون وجهة نظره معقولة أكثر من نوكس وبعد االجتماع معهم في

ريفور القبض على عبد الوهاب الزياني وأحمد بن الحج ونفاهما في نقس الليلة إلى الهند ت.

لقد حاولت هذه القوة إيجاد صيغة بديلة عن صيغة الصراع التي كانت سائدة وذلك عن طريق االعتراف بشرعية القوى الحاكمة مع ضرورة إفساح المجال من جهة شورائية

غت األمر الثاني بصورة عامة وهي على يقين بحتمية تسلطها لتمثيل هذه الطبقة التي صاعلى مجلس الشورى وذلك بسبب شيوع األمية والشعور بتحقيق الذات عند قوى

ولما أبدى الشيخ عيسى بن علي تعاطفا مع هذه المطالب قام -الجماهير–المعارضة ي نفس الوقت بدأت مالمح اإلنكليز بإحالته للتقاعد وبنفي القادة لهذه الحركة إلى الهند وف

الحركة الوطنية التي ارتاءت لنفسها موقعا يجعلها اكثر بروزا في ميزان القوى الفاعلة في لقد كانت السياسيات التي ادخلها اإلنجليز كفيلة بان تحول .ساحة المجتمع السياسي

روج من الصراعات العشائرية والمذهبية من وضعها العائم والبعيد عن توحيد القوى والخشرنقة التطاحن الداخلي بين قوى المعارضة إلى وضع افضل يمكن استغالله إليجاد صيغة جديدة من التعايش بين السلطة السياسية وبين قوى المعارضة في الوقت الذي راى بعض التجار ان اإلصالحات التي أدخلت مضايقة لهم وسلب من سلطتهم السائدة بجانب

هذه المعارضة سرعان ما تحولت إلى حليف دائم وقوى للسلطة السلطة السياسية إال ان السياسية لقد رأت هذه الفئات في اإلصالحات اإلدارية بداية األمر تهديدا مباشرا لطبيعة تركبيها وكيفية عملها االقتصادي في حين رأى فيها مجموع الشعب محاولة ناجحة للحد

وتصرفها أقوى من السلطة السياسية من تلك السلطة التي كانت في بعض اوجه نشاطهاالحاكمة على الرغم من تلك اإلصالحات تمت بمعزل عن االرداة الشعبية بل على التضاد من المطالب األساسية للشعب المتمثلة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية والسماح

كم وبدا بانتخاب المجلس إال انهه في محصلة األمر أضفى طابعا مثاليا على نظام الحينظر اليه نم خالل النظام األبوي للسلطة السياسية الحاكمة قبال السلطات غير الرسمية والمتمثلة في طبقة التجار وزعماء القبائل وبحكم الوضع التحالفي القائم قبل اإلصالحات كانت قوى الطبقة البرجوازية منخرطة في القوى الحاكمة في حين كانت الجماهير تذوق

من تعسف هؤالء وكانت اإلصالحات قد أحدثت تخلخال في ميزان التحالف القائم األمرين اذ عارضت القوى البرجوازية تلك اإلصالحات وأيدت بعض قوى السلطة تلك

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

51

Page 52: ضخامة التراث ووعي المفارقة

اإلصالحات وهنا تكمن بدايات المعارضة المهمشة والتي ستقود لواء المعارضة قيما بعد عض قوى الحكم كانت ترى في ذلك فنشأت تحالفات جديدة تختلف عما كانت عليه فب

محاوالت إضعافا لسلطة الحاكم ونفوذه وإخضاعه الدارة الشعب وتحالفت هذه القوى مع وبعض من قوى الحكم رأت إيجابية اإلصالحات وضرورة العمل بها .بعض التجار

ودخلت في تحالف مع المعتمد البريطاني وحظيت بتايد من القوى الجماهيرية التي ساندت ى اإلصالحات لقد تولدت عن تلك األنظمة التحالفية الجديدة العديد من أعمال العنف قو

المنبثق من قوى الطبقة البرجوازية وحلفاءها من القوى الحاكمة ضد القوى الجماهيرية التي الذت هي األخرى بالقوة المهيمنة على ميزان القوى وهي قوة اإلنجليز وكان من

الدخول في معارك ضد من كان يمارس عليها سلطة الصعب على قوى الجماهير ويرغمها على القبول والتخلي عن دعمها لإلصالحات فقوبل ذلك العنف باألسلوب السلمي

شخصية بارزة برفع 50 تقدمت 1921القائم على ممارسة االحتجاج فقط ففي عام في ديسمبر عريضة للمعتمد البريطاني تطالبه بتطبيق اإلصالحات ويتكرر المشهد نفسه تكتب 1922من العام نفسه مع المطالبة بالحماية البريطانية لتلك القوى وفي يناير

خابت اآلمال التي "عريضة ثانية في نفس المضمار ويعلق الميجر ديلي على ذلك بقوله وال يهمنا هنا تحليل كل األوضاع في تلك الفترة الحرجة "علقها الشيعة على اإلصالحات

بالتعرف على تلك الخلفيات لقوى المعارضة وكيف كانت تعمل لتحقيق قدر ما نهتم مصالحها ومطالبه فعلى الرغم من اإلصالحات قد ادخل وتمت ومارست صالحياتها بصورة او بأخرى إال ان هذا األجراء قد ولد أنماط جديدة من قوى المعارضة أيضا وهي

ألمور بنظرة مختلفة عما كانت عليه نفسها القوى التي كانت موجودة ولكنها بدأت تنظر لفيل تنفيذ اإلصالحات ولم تكن هذه التحوالت وليدة لتلك اإلصالحات فقط وان كانت ذات تثقل ولكن هناك متغيرات كانت هي المسؤولة عن أحداث هذا التطور خصوصا إذا ما

أخذنا البعد الطائفي والتحول الذي أصابه في كال الطائفتينطبقة ينصب في اتجاه المعارضة نحو اإلصالحات التي حاولت بريطانيا كان تحرك هذه ال

إدخالها وتفعيلها في البحرين إال أن معارضتها كانت تختلف عن معارضة الحاكم والعناصر الموالية له من طبقة التجار وزعماء القبائل وكثير من أفراد العائلة الحاكمة

عنيفة موجهة نحو الشيعة بالذات والفئة التي حاولت عرقلة تلك اإلصالحات بردة فعل . الفقيرة التي كانت ترى في اإلصالحات تقيدا للسلطة الواسعة والظالمة الممارسة ضدهم

لقد حاولت هذه الفئة البرجوازية التحرك السياسي المعارض للتدخل البريطاني في ثير من رعاياها الشؤون الداخلية فقد كانت األسرة الحاكمة أكثر جهال وأقل خبرة من ك

والذين اكتسبوا الخبرة من أسفارهم ووعت هذه الفئة من المعارضة أن تدخل البريطاني في عزل الشيخ عيسى بن علي ما هو إال محاولة لتخلص منه وضمان الموافقة على

.استثمار النفط ألبوي لقد كان التحرك السياسي تعبيرا عن تنامي الحركة الوطنية التي توحدت مع النظام ا

ضد االستعمار رغم ما قد شملته وثيقة المؤتمر من تأكيد على مصالح الطبقة البرجوازية لكنها في نفس الوقت طالبت بمشروع دستور ومجلس شورى والحد من التدخل البريطاني في شؤون البحرين وحاولت هذه الفئة اإللتفاف بالمشروع اإلصالحي مع الشيعة ولكن

وفي مقابل صعود هذه الفئة البرجوازية المنتشرة في . ق النجاح ذلك األمر فشل ولم يلالغواصين والفالحين بعيدين عن ساحة " الفعل السياسي كانت جماهير الطبقة العاملة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

52

Page 53: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الفعل السياسي وذلك لما تحققه اإلصالحات المزعومة من مصالح لها وتحميها من .غطرسة السلطة السياسية وحلفاءها

اية في تسلم الطبقة البرجوازية زمام المعارضة وتأسيسها لبنية الخطاب وهكذا كانت البدالسياسي في التحديث القائم على اإلصالح دون التغيير وتستمر هذه القيادة حتى والدة البرجوازية الصغيرة في عصر النفط ومقوالتها في التحديث التي ال تختلف إال في بعض

.الشكليات فقط ة الخطاب السياسي في التحديث من قبل المعارضة واستمرت هذه لقد أسست هذه الطبق

الفئة المطالبة بالتحديث السياسي مع توسيع قاعدتها وضم كثير من عناصر الطبقة الفقيرة إليها التي كان من المفترض ان تقود حركة التحديث وشكل النظام أفراد هذه الطبقة إلى

أخذت هذه الفئة تتحدث بلغة الخطاب نفسها التي الطبقة التجارية البرجوازية الصغيرة ان اإلصالحية النابعة أساسا من أفراد الطبقة 1938أسستها الطبقة التجارية ففي حركة

1923البرجوازية والتي صاغت التحديث السياسي بنفس الصيغة التي انطلقت من حركة بالتساوي بين الشيعة فكان على رأس المطالب إنشاء هيئة تشريعية باالنتخاب االم تتوزع

والسنة إلى غيرها من المطالب األخرى على ان يكون الشيخ سلمان رئيس هذه الهئية التشريعية ولم تكن الطبقة العاملة رغم كثرتها تعي ضرورة التحديث السياسي الشامل بل كانت خاضعة في كثير من أمورها لتوجيهات الطبقة البرجوازية الصغيرة الناشئة تو

االنتكاسة حين تراجع كبار التجار عن مواصلة المطالبة بالتحديث السياسي وهي وحدثتالفئة التي توحدت معها الطبقة العاملة وأخذت تواصل المطالبة بالتحديث وفق الصيغة التي تراجع عنها كبار القوم وهي التحديث اإلصالحي ونجد ان صغار هذه الحركة هم

ان الطبقة البرجوازية الصغيرة ذات خطاب 1954عام الذين سيتولون قيادة الحركة في إصالحي هي المهيمنة على قيادة قوى المعارضة وتبعية الطبقة العاملة التي تنشد التغير الجذري لكنها غير قادرة على صياغة هذا الخطاب في تكوين أيديولوجي او تنظيم سياسي

تيار الشيوعي واليساري من يحركها ويواصل مسيرته في التحديث فسح المجال أمام ال .اختراق خطاب المعارضة وان يتوفر على حصة من نصيب المعارضة

لقد ساعدت كثير من الظروف السياسية واالجتماعية في تدعيم الصيغة اإلصالحية :وتأصيل خطابها في نفوس معظم طبقات المجتمع ومن أهم تلك الظروف

دون التعرض لألنظمة المحلية وخصوصا في انتشار الوعي القومي المناهض لالستعمار -1 التي شهدت فيها الحركة الوطنية بروز وسيطرة على الشارع وقيادتها 1967-1935الفترة

.لكثير من الحركات السياسية المناوئة لسياسية االستعمار بالدرجة األولى حتى عام 1926سياسة المستشار البريطاني بلجريف الذي عين خلفا للميجور ديلي منذ عام -2

والتي اتسمت بالتدخل السافر في شؤون البحرين الداخلية وتحويل جزر البحرين إلى 1957مملكة بريطانية فقد كان مسيطرا على كل المنشئات اإلدارية والسياسية في البالد بل كان هو الحاكم الفعلي في البحرين في ظل تراجع سلطة الحاكم الخليفي واألثر الذي تركته هذه السياسة ان توجهت األنظار نحو بلجريف وتغاضت عن سياسية الحاكم الخليفي والسعي إلى محاولة كسبه كحليف في صراعهم مع سلطات بلجريف السلطوية وتظهر هذه الرغبة في التأكيد على النظام األبوي للسلطة السياسية مع السمح لهذه الفئات بالمشاركة الجزئية كتعويض

.ها في عزل بلجريفللجهود التي تبذلظهور وسيطرة شريحة الطبقة الوسطى في المجتمع وكذلك تنامي الطبقة البرجوازية الصغيرة -3

مقابل ضمور وتالشت معالم الطبقة العاملة نتيجة سياسة بلجريف التي هدفت إلى إفراغ هذه

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

53

Page 54: ضخامة التراث ووعي المفارقة

طى ذات الطبقة من وعيها السياسي وربطها بالطبقة البرجوازية الصغيرة او الطبقة الوس .الخطاب اإلصالحي

ان هذه الظروف وغيرها مما يسمى بالتكوين االجتماعي في البحرين وتوزيع السلطة بمفهومها العام ساعدت بل أكدت على اعتبار الخطاب اإلصالحي في التحديث السياسي من ضمن الثوابت

بدور ما في تأكيد هذه التي ال ينبغي إغفالها او عدم األخذ بها وكذلك ساعدت السلطة السياسية وما يتضح من .الصيغة عن طريق التحالف الضمني مع قوى المعارضة ذات الخطاب اإلصالحي

:ما تقدم ان هناك ثالثة أعماق تعتبر هي المحركة األساسية لألحداث السياسية في البحرين هي إشكالية التحديث السياسي وضرورة القيام بخطوات جادة لتفعليه

لسياسية األبوية ورفضها للتحديث ونكرانها لقوى المعارضة المالزمة لهاواقع السلطة ا خطاب المعارضة اإلصالحي وثباته في ظل انعدام مؤشرات تدل على الرغبة في إعادة تشكليه

وهذه األعماق هي التي يترشح عنها سائر األفعال السياسية التي تعتبر مظاهر وتضاريس لها المتدهور وانتهاكات حقوق االنسان وغيرها من ممارسات السلطة فالبطالة والوضع االقتصادي

السياسية هي نتيجة حتمية لغياب الشرعية المؤسسة للسلطة السياسية والمعارضة معا وبالتالي فان التوصل إلى حل إلى هذه القضايا ال يعنى القضاء على منشئ الصراع بين الحكومة والمعارضة

وكان من نتائج .تلعب دورها في المستقبل السياسي بصورة مؤكدةفهذه األعماق لعبت دورها وسهذه الصورة المعقدة انهماك معظم المواطنين في البحث عن أمورهم الحياتية اليومية والحصول على مزيد من الخدمات العامة ومطالبة الدولة بتوفير المزيد منها والذي تمثل في مظاهر عديدة

:منها لسياسي المحلياالتجاه نحو التقوقع ا

االعتقاد بأنه ال جدوى نم العمل السياسي الشعور ان الوظائف السياسية محصورة على فئة معينة من المواطنين وهم المواليين للنظام

أضحى المواطن ينظر إلى السياسة بمنظار تهكمي ساخري السياسي حيث ال إال ان األثر الذي تولد من ذلك هو الشعور بانعدام الحرية في التعبير عن الرأ

يوجد تقليد سياسي تحديثي منظم بشكل عام يعتمد على تبادل حرية اآلراء وعرض األفراد فيصل السالم .ألفكارهم ففي دراسة ميدانية حول العمالة في دول الخليج العربي قام بها كل من د

ية التعبير من البحرينيين بأنهم ال يشعرون بحر% 26احمد جمال ظاهر اتضح ان ما نسبته .ودعن آراءهم السياسية والحقيقة ان حريتهم السياسية مبعثها الوالء العام للسلطة السياسية وإنها ال

.تخرج عن نطاق النظام العام والعرف والتقاليدانه كان على السلطة السياسية ان تنخرط في بناء أنظمة سياسية قادرة على إقامة التوازن

ؤسسات سياسية ترتقي بطموح الشعب ولها القدرة على التعايش واالستمرارية عن طريق بناء ملقد عانت السلطة السياسية كثير من قضية شرعية الحكم فهناك صعوبة .بنيها وبين المجتمع

واضحة في محاولة التوفيق بين النظام السياسي األبوي بنمطه القديم والمستحدث الذي مارسته حديث الذي كانت قوى المعارضة منذ سنوات طويلة وسوف تمارسه وبين النظام السياسي ال

والمتتبع لخطاب .تطالب به وتدافع عنه وتحملت أقسى الضربات السلطوية من اجل تحقيقيه المعارضة يلحظ وبوضوح تام ان المطالبة بالمجلس التشريعي الممثل هو ما يشكل جوهر الحركة

مما يؤكد مجددا ان 1994إلى حركة 1923الوطنية ولب بنية الخطاب السياسي بدء من حركة الصمام الوحيد للوصول إلى حالة تعايش حقيقي بين السلطة والمعارضة هو إدخال التحديث السياسي بجنب التحديث في المجاالت األخرى والقيام بإجراءات من شانها ان تلمم الفتق بين

طار منظومة الخليج يجند الحكومة والشعب فنهاك حاجة ماسة إلى خلق جهاز سياسي جديد داخل إ

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

54

Page 55: ضخامة التراث ووعي المفارقة

العناصر الصالحة للقيادة وينظم جهودها ويطور حوافزها وطبيعي ان مثل هذا التغير الجذري في الوضع السياسي ال تتقبله منظومة الخليج العربي النه يمثل تهديدا للوضع القبلي لدى تلك الدول

ا هو عليه دون إدخال تغيرات وتقليصا من صالحيات القبيلة السياسية فبقاء الوضع السياسي كميهدد بقاء الوضع السياسي القائم على الصورة -الترميمية–حقيقية وليس التغيرات الهامشي

التقليدية ويمكن القول ان التحديث السياسي في البحرين يحتاج إلى جهود مكثفة من قبل الحكومة مارس عملية تكوين عقله والطرف الشعبي فالسلطة السياسية البد لها وان تسمح للشبع ان ي

السياسي من خالل إيجاد المؤسسات السياسية وإعطاءها صالحيات حقيقية غير مقيدة أما الجانب الشعبي فان عليه ان يعي أهمية الدور الذي سوف يتقلده في المرحلة القادمة من جانب ومن جانب

. والعقالنية والموضوعيةآخر عليه ان يسعى سعيا حثيثا إلى التمسك بمطالب التغير النموذجية

الفصل الثالث التيار اإلسالمي المعالم والتحوالت

مفارقات الوعي

من ضمن المفارقات التي يحفل بها التراث السياسي البحراني انه بالرغم من تأصل البعد الديني ريخي الذي الذي من الممكن تأسيسه على الموروث التا–في الحياة السياسية والمجتمع السياسي

–شهدته البحرين وكان من أبرزه ما وصم به أهل البحرين بعد وفاة الرسول األعظم بالردة .بالدرجة التي تجعل من هذا البعد أصال ال يمكن تهميشه بأي صورة من الصور

إال انه ال يظهر واضحا بشكله الملموس والمشخص، إال في فترة متأخرة جدا بصورة تدين بوالء ت التراث وفق ما يتشكل في المخيال االجتماعي او كما ينعكس في صورة الذات عن تام لمكونا

إذ ال يكتفي البعد الديني بفرز تداعياته وإرهاصاته على المستوى اإليديولوجي او البني .نفسهاالتحتية فقط و إنما يتعدى ذلك ليكون مكونا معرفيا واسعا في مقوالته وإنتاجياته على اكثر من

من الممارسات السياسية في خضم معادلة الصراع والتعايش في المجتمع السياسي بشقيه مستوى .الدولة/المجتمع

ولربما يعود ذلك الى التكوينات البدائية في صياغة المجتمع السياسي منذ فترة الخالفة األولى حتى ن بؤر التوتر الوقت الراهن إذ ظلت البحرين في حالة اإلقليم ووضع الدولة القطرية بؤرة م

السياسي ومرتع من مراتع المعارضة السياسية حالها حال العراق بل إنها كانت الموقع األكثر .تكرارا لنفي المعارضين السياسيين

وما من شك ان تراثا بهذه الضخامة كأي تراث من شأنه ان يترك بصاماته على نواحي كثيرة هي التي يتأسس عليها "لنقل الخلفية"اسي،هذه البنة خصوصا في البني المعرفية ألفراد المجتمع السي

غير ان . التيار االسالمي ويصوغ أولوياته عليها من خالل اقامة حسر التوحد مع تلك الحالة ذلك ال يشفع للتيار اإلسالمي في تأصيل نفسه كحركة سياسية ذات مالمح واضحة وواسس

لتي وفق أطر تنظيمية ومنظومات سياسية معيارية متقاربة مع التيارات السياسية االخرى ا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

55

Page 56: ضخامة التراث ووعي المفارقة

والمفارقة الواضحة هنا ان كثيرا من تلك التيارات ال تمتلك هذه التركة التاريخية لكنها .واضحة مارست فعلها السياسي بفاعلية متميزة في حين ان التيار االسالمي بشكله السياسي يظل هاجسا

لتراث بارهاصاته وتداعياته رهين الوقوع في إذ ظل ذلك ا.يتحرك في البنى العاطفية في أفرادهالتأصيل المذهبي مع الخالفة االسالمية والمذهب السني مع دخوله البحرين ببداية احتالل ال خليفة

ويتضح هذا جليا في االنتاج الثقافي الذي انتجته البئية البحرانية حيث نراه يتركز . 1783لها عام م بالجدل الكالمي والخالف المذهبي اضافة الى النزوع نحو بصورة واضحة في تأليفات معينة تهت

الجانب الفقهي أي البعد العملي في الشأن الحياتي وتغيب الموضوعات االخرى الى حد الندرة ومع األخذ بهذه الخصوصية في البعد الديني فانه من الممكن لنا ان نراقب اثر ذلك العامل في .

ان نرقب أثره في صياغة مقوالت المجتمع . البحرينصياغة مقوالت المجتمع السياسي في .السياسي في البحرين

طوال فترات التاريخ "من ناحية ديمغرافية"انه من المعروف سيطرة المذهب الشيعي في البحرين وهذا يحتم %70اإلسالمي بل انه حتى الوقت الراهن فان نسبة الشيعة مما ال شك فيه أنها تتعدى

سي ضمن المنظومة الفكرية السياسية للفكر السياسي الشيعي عموما وهي وان دراسة الوضع السياكانت تستحق منا دراسة منفصلة إلنها ذات اتصال عضوي لما نحن فيه وقد عالجناه في موضع

وبصورة موجزة يالحظ في ثنايا أدبيات الفكر الشيعي االنعزال السياسي في الواقع العملي .أخر األيدلوجي للمجتمع السياسي العالمي على يد اإلمام الحجة /في في ضوء التفوق المعر

األمر الذي يمكن من خالله تفسير تفجر الوضع الشيعي بين الحينة واألخرى رغم حالة )المهدي(فقد امتاز الفكر الشيعي ومنذ تبلوره في . االنعزال الواقعي الظاهرة على المستوى المعرفي

فاع عن العقل والنهوض به الى مرتبة رفيعة ودقيقة التوازن مع العصور اإلسالمية األولى بالدالمعارضة توجت بحركات تمرد و /المعادل اإليماني ومع امتالكه لهذه الصفة كانت صفة الثورية

ثورات عديدة موحية باالبتعاد عن اإلجماع السني واستطاع في نفس الوقت االنفتاح على التيارات رية إال ان الفكر الشيعي ولعوامل متعددة اخذ يعاني في بعض أفراده ذات النزعة العقلية والثو

وصياغاته المعرفية من حالة سكونية تتضمن النزعة الفردية والتسليم الغيبي واالنعزال المجتمعي االجتماعي تيارا تقليديا ملتزما سكونيا بالموروث اإليماني /الذي يفرز على المستوى السياسي

وتكاد أحداث العراق في بداية القرن .ة تجاه محاوالت التحديث والتغيرويظهر حساسية بالغالعشرين والتي كان لهها األثر الفعال في تحريك المكون األيديولوجي للفكر السياسي الشيعي لتكون نقطة حاسمة في تحوالت الفكر السياسي فهي بقدر ما كانت تعطي داللة قوية وبشكل

لشيعية والمتمثلة في المرجعية الدينية في تحريك المجتمع السياسي واضح على قدرة األيدلوجيا احتى و ان وجد البعد الجغرافي كما في الثورة المشروطة إذ استطاعت مرجعية النجف تحريك

والشأن نفسه في أي بقعة متصلة بجهاز المرجعيةفإنها في نفس الوقت .الوضع السياسي في إيران األحداث السياسية وآخرها ثورة العشرين في العراق فإنها قد ونتيجة للتداعيات التي الحقت

حسمت بقرار شبهه المجمع عليه وهو ضرورة الفصل بين األيدلوجيا الداعية للفعل السياسي وما بين المستوى المعرفي القاضي بضرورة االنعزال عن أحداث المجتمع السياسي إال في حالة

المستوى /خروج بصيغة توفيقية بين المكون األيديولوجي التعارض الصارخ الذي ال يمكن معه الوبأي حال فان الرابطة بين مراجع الشيعة وجماهيرهم وفرت للكيان الشيعي قوة دعم .المعرفي

مثالية ساهمت في معظم الحاالت في انجاح القرار المرجعي وتحويله الى موقف ثابت على ماعي وسياسي بالغ االهمية هذه المكانة الكبيرة حيث تمتعت المرجعية الدينية بموقع اجت.االرض

والخطيرة للمرجعية الدينية جعلها تتجاوز األطر الرسمية للحكومات وتتخطى الحواجز االقليمية للدول على اساس ان المقلدين في الغلب يتوزعون على أقاليم مختلفة وقد تحاشت السلطات في

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

56

Page 57: ضخامة التراث ووعي المفارقة

خوفا من تعرضها لثورة جماهيرية رغم ان السلطات البالد الشيعية ان تصطدم معها قدر االمكان كانت تعمل على إضعافها وتقليل مكانتها السياسية فالحكومات تنظر الى المرجعية الدينية على انها سلطة ذات نفوذ على الشيعة أكثر من نفوذها الرسمي عليهم بل ان السلطة قد تتعطل اذا ما

تعارضت مع موقف المرجعية الر لتعيد 1979هذا الفصل ينهي فصوله إال بعد قيام الجمهورية اإلسالمية في إيران و ال يكاد

العالقة العضوية بين األيدلوجيا والمعرفة عبر أطروحة والية الفقيه ولتعيد لألذهان القدرة الكامنة في الجهاز المرجعي الشيعي ليس على التفاعل مع مكونات المجتمع السياسي فقط و إنما لتأسيس

تمع سياسي مستقل ذو خصائص مغايرة لكثير من المجتمعات السياسية األخرى بل ليكون مج .طرفا رئيسيا من أطراف الصراع والتعايش في المجتمع الدولي

في مقابل الوضع الشيعي الذي يشكل أغلبية المجتمع السياسي في البحرين نجد الوضع السني الذي . في كثير من التفاعالتيتخذ من األيديولوجيا السلفية محركا له

وإذا كنا نجد سيطرة المكون األيديولوجي في الوضع الشيعي مع المفارقة في المستوى المعرفي فان الوضع السني يقف على العكس من ذلك إذ يكون المكون األيديولوجي مهمشا ال يكاد يكون له

ويظهر ذلك جليا بالرجوع الى .اثر في حين ينشط المستوى المعرفي متأثرا باإليديولوجيا السلفية المتبني منهج الفكر 1928البدايات األولى للتيار اإلسالمي السني إذ يظهر المنتدى اإلسالمي سنة

اإلسالمي اإلصالحي الذي ساد العالم العربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وقد جاء للبحرين كجمعية الشبان المسلمين تأسيس هذا المنتدى ليكون نواة لتجمع شبابي إسالمي يكون

لمصر وتبدو تأثيرات الشيخ محمد رشيد رضا على جمع كثير من رجاالت الفكر السني في البحرين وبشكل واضح على الشيخ عبد الوهاب الزياني والشيخ قاسم المهزع وغيرهم من قادة

ع إسالمي في البحرين وسعى المنتدى الى تشكيل نواة تجم.الفكر السني في بداية القرن العشرينلمواجهة النشاط التبشيري وبث الروح اإلسالمية و السعي لنشر األفكار والثقافات التي تتناسب مع روح العصر وقد تلقى المنتدى دعما كبيرا من قبل الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البالد

لسنية بل انه ال تخلو حركة مما أعطى صفة المالزمة بين السلطة السياسية والحركة اإلسالمية اسنية ذات منحى إسالمي إال ونجد بعض أفراد العائلة الحاكمة متواجد فيها مما جعل مسيرة القطاع السني يتخذ طابعا اجتماعيا يهتم بأعمال النفع العام والنشاط الخيري بعيدا عن ممارسة

القضايا السياسيةسالمي السني باأليديولوجية السلفية القاضية ان المحصلة في ذلك هي تأثر التحرك السياسي اإل

بحرمة الخروج على السلطان بأي شكل من األشكال األمر الذي يفضي الى تجميد المجتمع .السياسي ويثبت الوضع السياسي من دون المساس بعالقاته و أبعاده

فارقة بين المكون هنا الم)السني/الشيعي (والمقاربة التي من الممكن عقدها هنا بين كال الوضعيين األيديولوجي والمستوى المعرفي لكنها في نفس الوقت تتعاكس ففي حين تكون األيديولوجية دافعة نحو تحريك المجتمع السياسي في الوضع الشيعي ويكون المستوى المعرفي عازفا ومنعزال عن

وجية السلفية الوضع السياسي فان األمر يكون على عكسه في الوضع السني ، إذ تكون األيديولويكون المستوى المعرفي . مجمدة للعالقات وداعية الى ثبات المجتمع السياسي او المساس به

مفارقا لهذه األيديولوجيا عبر التحرك السياسي الذي حدث في مسرح األحداث السياسية بداية ت القرن العشرين من قبيل تأسيس مؤسسات فكرية ذات مضمون سياسي او الدخول في صراعا

التي قادها عبد الوهاب الزياني 1920غير مناقضة مع السلطة السياسية الحاكمة كما في أحداث .واحمد بن الحج

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

57

Page 58: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وقد يبدو من الوهلة األولى ان فكر الحركة اإلسالمية في البحرين مرتبط بالخارج مما يفضي في يتحرك من خاللها فمسيرة النهاية بالتأثير الكبير على الصياغة المطلبية واألسس التنظيمية التي

الجمعيات والحركات اإلسالمية في الخليج العربي كانت بمثابة امتداد فكري وتنظيمي لحركات إسالمية في الخارج وظلت مترابطة في برامجها وطروحاتها بهذه الحركات ولم تعبر عن هويتها

يقية ال يمكن التنصل منها الحقيقية من خالل متطلبات العمل اإلسالمي في المجتمع المحليوهذه حقان هذا .فلم يمتلك التيار اإلسالمي في البحرين مشخصاته الخاصة المكونة لمعالمه الفكرية

االنشداد الى الخارج رغم خطورته وفداحة استفحال أمره قد يكون ضروريا بعض الشيء وفي وبالتالي فان أسئلة نفس الوقت يبقي محكوما بمحددات داخلية تكفل استقاللية القرار والتحرك

.محايثة يجب معالجتها والبحث عن حفرياتها بصورة منهجيةان هذا يقودنا الى طرح سؤال في غاية األهمية عن سبب تكون هذه الحالة في المجتمع السياسي

النجف للوضع الشيعي واألزهر –البحراني هل هو نتيجة االرتباط بالمنتج الفكري الخارجي تؤثر نوعية ذلك االرتباط ؟وهل استطاعت هذه العالقة ان تحافظ على نفسها وهل–للوضع السني

؟1967؟ولماذا ينحسر التيار اإلسالمي بشكله العام ليعاود الظهور بعد نكسة ما من شك ان أجوبة هذه األسئلة خارجة عن موضوعنا حاليا لكنها في نفس الوقت تشكل عنصرا

وستكون أي دراسة قاصرة من دون .مع السياسي في البحرينهاما في تحليل العالقات داخل المجتفي البدايات األولى من القرن العشرين كان المد الوطني اللبرالي قد سيطر . األخذ بهذه الخلفية

على الوضع السياسي مع استبعاد كثير من الفئات االجتماعية والتي ما من شك ان من حقها ان ومع ذلك فان ذلك التيار كان في .برز عقالنيتها الخاصة بها تساهم في بلورة الوعي السياسي وت

واقعه مظهرا من مظاهر اإلسالم السياسي كما يعبر عنه فقد كانت تلك األحداث السياسية التي قادها التيار اللبرالي الممثل في الطبقة التجارية التي رغم تكوينها الديني لم تستطيع ان تصمد أمام

تخلي بعض مواقعها المهمة للدعوة الوطنية ومن بعدها الدعوة القومية إذ الدعوات األخرى فبدأت. استطاع النادي األدبي المرتبط بالحركة الوطنية ان يحقق نفوذا كبيرا داخل المجتمع السياسي

وكانت هناك اتصاالت عملية مع أعمدة الفكر القومي الوطني في البالد العربية األخرى أمثال .مان الحورانيساطع الحصري وعث

:ان التراجع و تخليت المواقع أمام تلك القوى إنما يعود من وجهة نظرنا الى عاملين أساسيين هما .سيطرة الطبقة التجارية وهيمنتها على الخطاب السياسي داخل المجتمع السياسي -1 .طاب الفجوة بين المكون األيديولوجي والمستوى المعرفي عند القائمين على صياغة الخ -2

السني مواصلة العطاء /وبفعل هذين العاملين لم يستطيع التيار اإلسالمي بكال شقيه الشيعي السياسي بشكل فعال إال ان ذلك لم يلغي التكوين التراثي بل ترك بصماته واضحة في خضم الصراع والتعايش وكان له األثر الكبير في رفض ومعارضة الكثير من التوجهات السياسية التي

وكيف ان 1954أت تطرح نفسها على ساحة المجتمع السياسي كما هو الحال في أحداث عام بدأعضاء الهيئة الوطنية استغلوا المؤسسات والمناسبات الدينية كأدوات للتعبئة السياسية وتكوين

وكذلك الحال في رفض قطاعات واسعة من الجماهير الحركة الشيوعية و . الخطاب الوطني .صارها على المجاميع النخبوية بالدرجة األولىالبعثية واقت

ان هذا التراكم التراثي تحول الى ذاكرة شعبية ومخيال ثقافي يقوم بوظيفة الحماية للفجوة واالنشطار داخل الذات الفردية والمجتمعية وال يمارس فعل التحريض إال من خالل أحداث

فإذا ما كانت األوضاع السياسية تعيد ملحمة .نين تتطابق او تتماثل مع األحداث البدائية لكال التكويكربالء عند الشيعة كانت دوافع االنتماء الى المؤسسة الحاكمة واإلذعان الى الخليفة تتحرك عند

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

58

Page 59: ضخامة التراث ووعي المفارقة

السنة وهكذا فان الذاكرة الجمعية تحتفظ بتلك العناصر في شق الماضي من دون تحويلها الى واقع .عملي

الغائب الحاضر فقد كان الغائب عن الحضور السياسي 1938ركة كان التيار اإلسالمي بعد حعبر صيغة خطاب محددة او كقوة قبال القوى األخرى وحاضرا في تجهيز الجماهير في تقبل موجة معينة من الموجات السياسية التي غمر بها العالم العربي بعد الخمسينات مع مالحظة ان

ت المتجذرة في الفهم الشعبي لحركة اإلسالم في واقع هذا الحضور كان في واقعه رهين الخلفيا .الحياة السياسية االجتماعية

وبالتالي فان الحضور الكلي في المجتمع السياسي من قبل التيار اإلسالمي ال يكون كذلك إال بعد هنا فقط يتبلور الوعي اإلسالمي السياسي بصورة منفصلة عن تلك 1967هزيمة حزيران

واكبت ظهوره وهنا تكون الدراسة الواقعية للتيار اإلسالمي إذ ان ما قبلها ال يمكن البدايات التيتصنيفه على أساس انه طرف من أطراف المجتمع السياسي و إنما يمكن التعبير عنه بالمناخ العام والبوتقة الحاضنة ال اكثر وهي وان كانت شكلية في كثير من أمورها فهي أيضا ذات جذرية في

أمورها خصوصا في المكون األيديولوجي المهمش وسيطرة المستوى المعرفي المتمثل في بعض ان هذه الفجوة الواضحة . العادات والتقاليد و أساليب االستجابة للمتغيرات وأنماط التنشئة السياسية

وسيطرة المستوى المعرفي ال تلغي المكون االيديولوجي وأثره في تكوينات المستوى المعرفي في فان هذه الفجوة ستردم بعض الشيئ في الوضع 1967صروته وتحوالته وحركته اال انه وبعد

1979السني وتردم بشكل كبير في الوضع الشيعي لتلتحم االيديولوجيا بالمستوى المعرفي بعد .إثر قيام الجمهورية االسالمية في إيران على يد االمام الخميني

هو كيف استطاع التيار اإلسالمي السياسي تكوين نفسه في هذه والسؤال الذي نروم اإلجابة عليه الفترة ؟ ولماذا كان مهمشها طوال تلك الفترات السابقة على تأصيله وطرحه لنفسه؟

):نحو وعي األزمة (انشطار المجتمع وثورة الذاكرة الشعبية

ا مباشرا باإلسالم ان التيار اإلسالمي الراهن ذو تاريخ و إرث حضاري ومعرفي يرتبط ارتباط

إذ ظل الوعي اإلسالمي السياسي هامشيا . المعاش وليست صحوته اآلن إال تعين فعال وبارز وهذه .اليسارية وبروز أزمة الدولة العربية المعاصرة /االشتراكية /حتى بروز الحركة القومية

الديني /الثقافي /األزمات هي التي تدفع بالكثيرين الى العودة مرة أخرى الى ارثهم الحضاري ليسألوه الخالص من عالمهم المرفوض ومع إننا ال نسلم بإطالق هذه الرؤية ، حيث ان الرجوع

:الى التراث ال يكون كذلك إال عبر تحقق بعض المفرزات واإلرهاصات منهافشل الحلول الموجودة على الساحة وإخفاقها في تفكيك األزمة و إعادة النهضة واالعتبار -1

.جتمع السياسيللم توفر خطاب سياسي قادر على الوصول الى الشريحة األكبر من المجتمع السياسي -2

.مستعينا بأدوات تعبوية تكون قادرة على التالحم مع الخطاب المطروح التكوين السياسي المؤسساتي او بعبارة أخرى الصيرورة من حالة الفكر الى حالة الحركة -3

.تحول المعارضة الحالة الى المعارضة الوعيالسياسية الراشدة او فعندما يتحسس أفراد المجتمع السياسي األزمة التي تراودهم بشكل دائم وتعجز أفئدتهم عن طرح حل جديد وبديل لهذه األزمة او مجموع األزمات عندها تقفل الحياة السياسية ويعيش المجتمع أزمة

االنفرادية في بناء االنسقة األيديولوجية المعبرة عن هوية حقيقية لتسمح بالتحركات العشوائية و حيث يطرح باآلخر المزيفاآلمال السياسية ولربما يتكون هنا وفي هذه اللحظة السياسية ما اسميه

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

59

Page 60: ضخامة التراث ووعي المفارقة

المجتمع آماله وأمنياته وتطلعاته وتصوره للمجتمع السياسي على اآلخر الذي قد تطور على الذات ي ولكنه في الواقع خالف ما تصفه الذات فيصبح آخر ولكنه في مجال تنظيم المجتمع السياس

التكوين الحركي الداعي الى / الخطاب –مزيف وفي هذه الحالة إذا ما توفر الشرطين اآلخرين فانه من الممكن تحقق تلك الرؤية–العودة الى التراث

:لك في اآلتيوعند تطبيق هذا التصور لمناقشة التيار اإلسالمي في البحرين سنالحظ صدق ذان األزمة ال تظهر فجأة ومن دون أي سبب او حتى من دون أي مقدمات سابقة على ذلك الظهور وهنا يكون الحدث السياسي او االجتماعي او االقتصادي المتعلقة به األزمة كاشفا عن مدى

ون وليد فالحديث عن ظهور أزمة الشرعية او الهوية ال يك.التناقضات الجنينية داخل المجتمع و إنما وظيفة ذلك الحدث الجلل وهو الهزيمة ان يكون قادر 1967حدث سياسي نكسة حزيران

على ان يجبر اغلب أفراد المجتمع السياسي باالعتراف بوجود األزمة التي طالما تنكر لها ذلك .المجموع

أنواعه فمنذ ان لقد عاشت األمة العربية طوال فترة الخمسينات والستينات على حافة التأزم بكل في مصر لم يكن تسلم السلطة شرعيا ولم تكن 1952وصل الضباط األحرار الى السلطة سنة

األيديولوجية والخطاب المطروح آنذاك يقوم على تفاهم بين منتجي الخطاب وهو النخبة وما بين الناس بل حتى المتلقين له وهم الجماهير إذ ظلت الكثير من األسئلة واإلشكاليات تدور في أذهان

ولكن بفعل الظرف السياسي الذي أحاط بتلك التجربة ودغدغة الخطاب السياسي .النخبة نفسها للمشاعر الوجدانية خصوصا في ظل تقزم الخطاب اإلسالمي السياسي من جهة وقدرة أدوات

وفي الواقع لم تدرك قوى المعارضة في.التعبئة على تغيب االزدواج والتناقض من جهة أخرىالبحرين او في بلدان الخليج مدى انسجام السلطة السياسية مع االستعمار البريطاني فراحت تحتمي بالسلطة ضد االستعمار وهكذا هي التناقضات التي ملئ بها المجتمع السياسي العربي على وجه

ولم .ني العموم والمجتمع السياسي في البحرين الذي كان منشدا في داخله نحو اإلسالم والبعد الدييكن إال النزر القليل الذي يستطيع ان يعبر عن تلك األزمة الكامنة ويعترف بوجود أزمة هي في األساس وجود سلطة سلطوية ال تعبر عن آمال أفراد المجتمع و إنما تقود الى مأزق صعب جدا

ويكون كان الحدث الفاصل إذن ان تنهزم الجيوش العربية أمام القوى الصهيونية.وتأزم حقيقي . الخطاب الوحدوي القومي يتحمل مسؤولية فقدان اكثر مما فقد وكان من نتائج هذا الحدث أيضا

فالشعارات العظيمة التي رفعتها حركة التحرر العربية ألكثر من ربع قرن تحولت الى يافضات م ميتة عاجزة عن التأثير والدول المحافظة أحكمت سيطرتها عبر أشكال قديمة جدا من النظا

مقولة الهجمة اإلمبريالية لتمنع "السياسيوانطلقت التنظيرات تظهر لتحلل واقع الهزيمة فظهرتالجماهير من ان تطالب بتحسين ظروف نضالها السياسي والمادي لتبرر بذلك التراجع وتجعل منه

تبرر انتصارا للقيادات وظهرت مقولة أخرى للتحضير للمرحلة الجديدة القادمة مرحلة الفاشية إذالتراجع واالنهزام بتقاعس الشعب وجموده ومحافظته الدينية او العشائريةوكال المقولتين وغيرهما لم تكن لتستقيم مع إحساس الجماهير وتدرك ان ذلك تبرير ال اكثر من اجل فرض النظم

لسياسية االستعمارية من جديد ولكنها اليوم ليست من الخراج و إنما من الداخل تنطلق من السلطة ا .التي فقدت شرعيتها الظاهرية والتي لم تكتسبها ولو للحظة واحدة في واقع األمر

لقد فشلت الحلول الموجودة في تفكيك األزمة و إعادة النهضة للمجتمع السياسي و غدت القوى السياسية ذات االطروحات األيديولوجية تعيش الصراع فيما بينها تارة ومع السلطة السلطوية تارة

وهنا يطرح الطرح اإلسالمي ليوفر خطابا سياسيا قادرا على الوصول الى الشريحة .أخرى األكبر ويعتمد عليها بالذات ويحمل األطراف األخرى مسؤولية األزمة ليقنع الكثيرين بتبني خطاب

.التوبة وعندها يتحول الفكر اإلسالمي الى حركة سياسية ذات مؤسسات ثقافية اجتماعية سياسية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

60

Page 61: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ي الوقت الذي كانت الحواضر العربية تعيش هذه الحالة كانت البحرين تقع تحت تأثير كبرى وفتلك الحواضر العراق ومصر فبرز تياران سياسيان احدهما تزعمه علماء الدين الشيعة تميز بالرفض التام لالعتراف بال خليفة كحكام شرعيين للبالد واستمروا في محاولتهم استرجاع

ل خليفة انطالقا من مبادئ إسالمية شيعية صرفة بينما نما اتجاه آخر نتيجة البحرين من آ فضال عن 1925 والثورة السورية 1919لمتغيرات قومية كالحركة العمانية والثورة المصرية

متغيرات ثقافية تفاعلت مع دور المثقفين العرب الوافدين الى البحرين ولم تحظى مصر بالتأثير إذ لم تكن ساحة البحرين ذات قابلية لنمط التفكير الناتج عن مصر بعد . لعراقكما فعلته حاضرة ا

للسيد قطب أي اثر في المجتمع معالم في الطريقفشله في المرحلة السابقة ولم يفعل كتاب إذ "السياسي في البحرين ولربما يعود ذلك الى ضعف التركيب الديمغرافي والفكري للسنة البحرين

مسلمين ضد الهيئة وساندوا الحكومة الخليفية ولم يستطيعوا تشكيل تيار قوى وبقوا وقف اإلخوان المعزولين خالل تلك الفترة لوقوفهم بوجه النضال الوطنيليكون بذلك راجما للفجوة بين المكون

لم 1967األيدلوجي والمستوى المعرفي او بعبارة أخرى ان الحدث السياسي المتمثل في نكبة عة جديدة تقدمية نحو بناء المجتمع السياسي من قبل التيار السني عبر تقديمه لصيغة يكن ليعطي دف

.المجتمع اإلسالمي حيث ان توحده مع السلطة السياسية يمنع تحقيق ذلك األمروفي المقابل فان الوضع الشيعي شهد تحوال من أرضيته المعرفية المنعزلة الى أرضية المكون

يجد بد من اللجوء الى العراق وهو المصدر الرئيسي لمثل هذا التحول األيديولوجي الحركي ولم :والتفوق الذي سيحققه الوضع الشيعي يمكن إرجاعه الى عدة عوامل. بفعل الرابطة المذهبية

قوة الخطاب السياسي والتعبوي للتيار اإلسالمي الشيعي -1 ار داخل الوضع الشيعي الصراع المتأجج بين القوى الدينية المحافظة وتيار اليس -2 . تمايز المؤسسات االجتماعية الدينية كالمأتم والنوادي الثقافية -3

شهد صراعات فكرية وأيديولوجية بين كافة التيارات "فعلى الرغم من ان المجتمع السياسي قد السياسية فقد نشأت الحركات اليسارية في مطلع الستينات وحدث لغط شعبي حول الخطاب

لحركة كما كان واضحا من خالل المنشورات السياسية التي كانت توزع في القرى السياسي لوالمدن على نطاق واسع ومع ذلك فقد انطلق الشعب لمعارضة الحكومة من دون ان يتنازل عن

خصوصا إذا ما أخذنا بعين -مبادئه فكان للمساجد دورها وللمآتم دوره ولعلماء الدين دورهم لبحرين عريق التدين ويتميز عن معظم الشعوب العربية باهتمامه بالمناسبات ان شعب ا-االعتبار

اإلسالمية بشكل منقطع النظيرإال ان ابرز تلك الصراعات هي الصراعات التي بدأت بين تلك القوى اليسارية والقوى الدينية الناشئة وتزداد حدة الصراع هذه طبيعة االختالفات والتوجهات

فرزه من تداعيات وإرهاصات تزيد من توتر عالقات المجتمع السياسي في اإليديولوجية وما ت .طرفه المجتمعي قبال طرفه السلطوي

ان أمورا كانت تحرك الوضع السياسي هي في واقعها اكبر من تلك االختالفات هذه األمور يعي في تتمثل في ظروف نشأة الخطاب السياسي الشيعي في العراق وانعكاساتها على الوضع الش

فقد كان الصراع الناشئ بين القوى التقدمية الممثلة في حركات اليسار وبين القوى .البحرين الدينية الناشئة والمحافظة يمر في فترة مخاض عسيرة تستبطن في طياتها الصراع بين الحداثة و

.مضادتهاجيا لعملية عن األصولية نجد تطويرا منهm .riessebrodtفي دراسة مارتن ريزيبروت

اإلحياء الديني وفي سياق مقارنته بين الشيعة اإليرانيين والبروتستانت يستند الى تطور الوعي باألزمة المرتبط بالتحول االجتماعي السريع ويصف األصولية بأنها حركة ارتدادية أسطورية

انه مثالي تحاول التغلب على األزمة المجتمعية المتصورة من خالل استعادة نظام سابق يعتقد

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

61

Page 62: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ويرى فريدمان بوتنر ان األصوليين اإلسالميين يحاولون مواجهة أزمة مترتبة على . وفاضلالحداثة فهي ليست توجها غير عقالني بقدر ما هي موقف محمل بتصورات قيمية ومصالح محددة في إطار صراع مجتمعي في هذا السياق يدور الصراع حول جوهر وشكل التنظيم الصالح للحياة

. Sammuel pويعتقد هنتغتون .البشرية حول العالقات االجتماعية والقيم المؤسسةHuntington بان انبعاث اإلسالم هو محاولة من جانب المسلمين لتأكيد الذات من خالل األخذ

بالحداثة ورفض الثقافة الغربية وااللتزام بالدين كموجه للحياة وهو أيضا التنديد بالركود و فساد ؤسسات السائدة ودعوة للعودة الى دين اكثر نقاء وصرامة ويقول ان هذا االنبعاث هو في عمقه الم

معتدل وغير متقوقع على ذاتهوبالتالي فان تنامي التيار اإلسالمي هو حداثة ضد حداثة أشيعت داخل المجتمع السياسي وخلقت

ات قادرة على االستقطاب أجواء وبؤر توتر ساخنة فمنذ ان تميزت النوادي الثقافية كمؤسس 1939الجماهيري وتبنيها لخطاب سياسي يهتم بمشاكل الناس السياسية بدأ من نادي العروبة سنة

الذي تأسس من قبل عدد قليل من الشيعة كان من مبادئ هذا النادي توحيد الشعب ومحاربة دد كبير من النوادي الطائفية حسب مبادئ القومية العربية اصبح هذا النادي نموذجا يحتذي به ع

األخرى وان عددا كبيرا من النوادي التي تأسست في القرى الشيعية بين الخمسينات والستينات كثيرا ما نسخت دستور العروبة نسخا حرفيا خصوصا فيما يتعلق باألهداف االثنية وتوحيد الكلمة

امة وتشجيع روح والشعب ورفض الحزبية والطائفية ورفع مستوى الثقافي والتربوي عند العالتعاون والمساعدات المتبادلةغير ان هذا الطرح الحياتي اختلط بنزعة تحررية أخرى رأت في العادات والتقاليد واألحكام الدينية عناصر مقيدة ووفق هذه الصورة فان ما يشكل جانب الحداثة

ات الدينية هو ما ليس هو المضمون الفكري والمعرفي المكتوب بل كان التحرر من القيم والعاديثير الدينيين حقيقة واصبح الوضع السياسي متجاذبا بين النوادي التي أصبحت محال لتنظيم القوى

.التقدمية وبؤر شحن ضد القوى الدينية استطاع التيار اإلسالمي من تنظيم نفسه في بوتقة جمعية التوعية 1967وفي أواخر الستينات

وبمراجعة خلفيات هذه الجمعية يتضح ان .مي بشكل علني اإلسالمية وذلك كأول تنظيم إسالميولها كانت متأثرة بصورة كلية بأفكار حزب الدعوة اإلسالمية الذي أسسه الشهيد محمد باقر

على أساس األصول الفقهية وعلى اصل والية الفقيه ويمكن القول "1957الصدر في العراق سنة .عة تكون على أساس والية الفقيهان هذا الحزب هو أول حزب في تاريخ الشي

ويأتي تأسيس حزب الدعوة نتيجة للتحديات الفكرية التي كان الحزب الشيوعي في العراق وممارسته لنشاطه داخل المجتمع الشيعي وقد نتج عن ذلك انتشار موجات اإللحاد واألفكار

إلسالمي من اجل دحض الوضعية ليصل بتأثيره الى قعر الحوزة العلمية في النجف فكان الحزب ااألفكار اآل إسالمية اإللحادية وطرح الفكر اإلسالمي في الساحة العراقية و أخيرا تأسيس الحكومة اإلسالميةوبذلك فان التيار اإلسالمي الشيعي في البحرين اتخذ منهج حزب الدعوة دستورا له في

سية من جهة أخرى إال انه مواجهة التيارات السياسية األخرى من جهة ومواجهة السلطة السياونتيجة للتخطيط المرحلي للحزب والذي سارت عليه الجمعية ستعرض النقالب ابيض لعدم اكتمال المرحلة األولى في حين ان الوضع السياسي يتطلب استجابة سريعة ومحددة وهي اإلعالن

.عن نفسه كطرف سياسي عدم االكتفاء بالدور الثقافيمي في تنظيم نفسه من ناحية فكرية في صد الهجمات التي أخذت التيارات لقد بدأ التيار اإلسال

و يأتي هذا التصعيد من قبل القوى اليسارية في الواقع . اليسارية تشنها على الفئات اإلسالمية األمر الذي حتم عليه ان يفتح 1967كردة فعل ضد انتشار العودة الى الفكر اإلسالمي بعد هزيمة

الطرف الذي يدا في استقطاب الجماهير وسحب البساط من تحت قدميه وتكسر معركة جديدة مع

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

62

Page 63: ضخامة التراث ووعي المفارقة

نظرية الثورة والتغير الجذري و نتيجة لحاالت الصراع والتنافس الذي شهدته حركة اليسار ففي .العالم العربي

لقد وجدت عوامل مساعدة كثيرة كان من شانها ان تنشط التيار اإلسالمي وتسيره لتنظيم نفسه وان اعتمد على أسلوب التنظيمات الشبكية الجماعية وابتعد عن التنظيم التحزبي الذي حتى

لقد كانت التغيرات االجتماعية واالقتصادية التي شهدها .اعتادته التيارات السياسية األخرىان المجتمع البحراني نتيجة للطفرة النفطية وانتشار التعليم والهجرة الى البيئة المدنية ان كل ذلك ك

.مؤثرا بشكل كبير في تشكيل العقل السياسي البحراني ومن جهة أخرى كانت األحداث السياسية التي مرت بها المجتمع السياسي البحراني كفيلة بإثارة هذا الشعور ليس على مستوى التيار اإلسالمي فحسب و إنما على كافة التيارات السياسية األخرى

بدأت االطروحات 1968 ففي االنسحاب من الخليج العربي فمنذ ان أعلنت بريطانيا رغبتهاالخاصة بشكل الدولة المستقبلية تطرح نفسها األمر الذي يحفز كل التيارات الى السعي في تنظيم

كشف 1971نفسها تحسبا للدخول في المرحلة الجديدة وفعال عندما أعلن عن استقالل البحرين سالمي في بناه القاعدية المعرفية إذ سبق االستقالل استفتاء من عن القوة التي يتمتع بها التيار اإل

قبل األمم المتحدة حول مطالبة الشاه بالبحرين وسعى أمير البحرين عيسى بن سلمان الى زيارة النجف األشراف وااللتقاء بالمرجع الشيعي السيد محسن الحكيم بهدف تحسين صورته أمام

صالح الشيعية وهي التي يتولى إدارة شؤونها التيار اإلسالمي لقد الشيعة والتأكيد على ضمان المابرز هذا الحدث أهمية المرجعية الدينية في تحديد المصير السياسي وعكس مدى اإلمكانات الدفينة داخل القطاع الشيعي واستغالال لهذه المكونات قام التيار اإلسالمي مشكال نفسه على أساس

:أربعة مبادئ رئيسية هي . وحدة األمة والدولة اإلسالمية-1 . سيادة الشريعة اإلسالمية وهيمنتها -2 . استقالل الدولة عن السيطرة األجنبية -3 . استقالل الفقه والعلم عن الدولة -4

في الوقت الذي نال التيار اإلسالمي من التيارات األخرى وتم اعتبارها تيارات تعاني من عقدة احية الفكر الغربي او الشرقي في ظل توافر المدونة اإلسالمية على كافة النقص جراء انجرارها ن

الحلول اعتمد التيار اإلسالمي إستراتيجية تقوم على أساس خلق تيار شعبي فكري وشعوري واسع يمكن ان يشكل قوة ضاغطة على النظام وهو بذلك لم يخرج عن إطار تقديم الوصفة لمن يمتلك

.البقاء خارج المعادلة السياسيةالقدرة في حين يفضل هو

"ركيزة التيار اإلسالمي"ثالثا من االنعزال إلى المشاركة السياسية

أن الدعوة الى انتخابات )جبهة التحرير والجبهة الشعبية(في الوقت الذي أرتأ التيار اليساري وانه ال يمثل إال لن تختلف كثيرا عن التغيرات الفوقية التي مارسها االستعمار"المجلس التاسيسي

محاولة فاشلة لتخدير الجماهير وإيهامها بالوعود الكاذبة وان الشعب لن يصدق كذبة إبريل وان ودعت الى مقاطعة االنتخابات فان التيار اإلسالمي كما "عملية خلط الماء بالزيت عملية مستعصية

كل من المجلس يبدو لم يكن على اقتناع بهذه الدعوة فقرر خوض االنتخابات وشارك فيالتأسيسي والمجلس الوطني ومن المتوقع ان مشاركة التيار اإلسالمي في هذه التجربة السياسية المبكرة على المجتمع السياسي في البحرين والتي تعتبر تتويجيا ألهم مطلب مطروح منذ بداية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

63

Page 64: ضخامة التراث ووعي المفارقة

تكونت قناعة التيار القرن العشرين وهو الحياة النيابية وتفعيل الرقابة الشعبية وسط هذا المناخ :اإلسالمي بخوض تلك التجربة مدفوعا من داخله للتأكيد على عدة أمور

.إثبات ذاته وسط المعترك السياسي كأحد التيارات السياسية الموجودة -1 . محاصرة التيار اليساري عبر مزاحمته في القضايا التي تشكل بؤر اهتمامه -2 .لجماهير وتخليصها من فك التيارات األخرى التأكد من قدرته على استقطاب ا -3

لقد دخل التيار اإلسالمي الوليد والجديد على ساحة المجتمع اإلسالمي في رهان على تلك المنطلقات وكسب الرهان في كثير من األمور الن الجماهير ال تتحمس لمساندة أي تيار إال إذا

:تحقق فيه شرطان .فه فهم الجمهور مقاصد التيار وأهدا-1 . ان يجد حال لمشاكله الحقيقية التي يعاني منها-2

فالدعوة الى مقاطعة االنتخاب لم تعمل أثرها كما كان متوقعا على الرغم من صدقية التشكيك الذي الى %80يحيط بالنسبة الرسمية لمن شارك في عملية االقتراع والتي تقدرها الدوائر الرسمية ب

وة المقاطعة وهو األمر الذي استدركته بعض فئات تيار اليسار إال ان النتيجة كانت ضد دع% 90وقررت خوض معركة جديدة ضد التيار اإلسالمي والسلطة السياسية ضمن المشاركة في

.انتخابات المجلس الوطني ان المهمة األساسية الموكلة للمجلس التاسيسي هي صياغة دستور للبالد أي االنتقال بالبالد من

و أحكامها العرفية المزاجية الى نطاق القانون واالحتكام الى مسودة متفق عليه بين حيز القبيلة الشعب والسلطة وتأسيس الدولة الحديثة القائمة على العقد االجتماعي وما من شك ان الدستور الذي صدر رغم ما يشوبه من تقنين النظام األبوي التسلطي إال انه يحتوى على زملة حقوق

ة باالعتبار وبذلك استطاع التيار اإلسالمي ان يسجل نقطة تحسب له في ميزان وواجبات جدير .العمل السياسي إذ انه استطاع ان يكون مشاركا في تقنين حياة المجتمع السياسي

وفي نفس الوقت فان إقرار الدستور لم يكن في حقيقته صناعة محلية تمتلك اإلرادة الحرة فمن ني يعتبر نسخة من الدستور الكويتي وهذا األخير صيغ على يد أستاذ المعروف ان الدستور البحري

القانون والخبير القانوني عبد الرزاق السنهوري وبالتالي فان النقاشات التي كانت تجرى ما هي إال عملية تصويت على تلك البنود ولو قدر للتيار اليساري ان يشارك في تلك العملية فانه ما من

وتعتبر قضية هوية الدولة من ضمن .ملة كانت ستحدث في بنود الدستور شك ان تغيرات محتالمشاكل التي أثارت زوبعة وحركت المياه الراكدة و أحتدم الصراع بين التأكيد على عروبة

.البحرين او إسالميتها التي أقرت بعد ذلك ساسية لقيامه بدوره وإنها لقد أدرك التيار اإلسالمي ان عملية المشاركة السياسية تعتبر الدعامة األ

ضرورة الستمراره واثبات نفسه في خضم بناء الدولة الديمقراطية الحديثة بعد انتهاء السلطة االستعمارية وان هذه المشاركة ليست شعارات يهتف بها فهي ال يمكن ان تقوم في فراغ إذ البد

المعنوية المتمثلة في القيم وان تتوافر الشروط المادية لممارستها الفعلية إضافة الى الشروطوالمثل السياسية المتبناة فكان البد من التنظيم األكثر دقة واألكثر تواصال مع القاعدة الجماهيرية

.عبر االستعانة بخطاب سياسي ووسائل تعبئة قادرة على مقارعة التيارات األخرى ا يمثله الفكر التقدمي والثاني السلطة لقد وجد التيار اإلسالمي نفسه بين عدوين إيديولوجيا األول م

السياسية السلطوية ومن األول برزت مفاهيم تتعلق بالحركة في المجتمع والعمل الحركي التنظيمي فبرزت مفاهيم التفريق بين الفرد الديني المعبر عن التدين الشخصي تجاه األمور والممارسات

دين مسؤولية اجتماعية وحركة عمل في الساحة الدينية في مقابل الديني الحركي الذي يرى ان التأما الخصم الثاني فان االصطدام معه وان كان غير واضح في هذه الفترة الحرجة كما هو الحال .

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

64

Page 65: ضخامة التراث ووعي المفارقة

عند التيار اليساري إال انه ووفق األطروحة الشيعية في شرعية الحكم والسلطة السياسية خصوصا الت واسعة من القمع والمصادرة و الحرمان وان تاريخ الشيعة في البحرين كان متعرضا لحا

كان صعبا ان يسالم التيار اإلسالمي الشيعي السلطة السياسية او يدخل معها في تحالف . والتعديحتى وان كان ضمنيا بيد ان التيار اإلسالمي أدرك مبكرا ان هذه النزاعات ال يستوعبها الواقع

ن مثلت له مرجعية استفاد منها في ترتيب أوراقه السياسي ولعل تجربة الشأن العراقي في العشريفما آلت إليه التجربة العراقية حيث صدر العلماء فتاوي لمقاطعة انتخابات المجلس التاسيسي

ال يخفى عن كل ذي لب انه قد صدر منا الحكم بحرمة االنتخاب و أعلنا به ".. جاء فيها1922مجتهدي " ان"…مساعد عليه كمن حارب اهللا ورسوله الى كافة المؤمنين وكتبنا ان الداخل فيه وال

الشيعة كانوا قد اتبعوا سلسلة من التكتيكات زادتهم ضعفا على ضعف عندما فرضوا حظر المشاركة الشيعية في انتخابات الجمعية التأسيسة للدستور مما أسفر عن زيادة سيطرة منافسيهم

".على جهاز الدولةاإلسالمي نفسه طرفا والعبا في المجتمع السياسي أدرك انه وسط هذه التدخالت وجد التيار

مطالب بتحقيق خطابه السياسي وراهن في ذلك على عمق التراث اإلسالمي وعراقة التدين في صفوف الشعب البحراني في وضع الحت فيه بوادر االنحسار النسبي لقوى اليسار عن الواقع

الحركة العمالية التي رفضت من خالل تفاعلها االجتماعي إذ فشلت اكثر جهوده المعتمدة علىفبدأت المعركة االنتخابية األكثر ضراوة من سابقتها وتبنى فيها التيار .أساليب التحزب العقائدية

اإلسالمي برنامج عمل موسع يشمل قيما يشمل دعم النقابات العمالية ومطالب العمال إضافة الى ف الدينية وسعى الى تقنين ذلك عبر مطالبته بتحريم رفض الممارسات التي ال تتماشى واألعرا

ونظرا .بيع الخمور ومنع االختالط بين الجنسين وغيرها من القضايا التي كانت مثارة آنذاك للطرح األيديولوجي للتيار اإلسالمي الذي فرض عليه المحاربة والصراع مع كل أطراف المجتمع

لوحدة اإلقليمية واالمتياز االمريكي وغيرها لم تحظى السياسي فان القضايا السياسية الكبرى كاباهتمام من قبل التيار اإلسالمي النه ال يعتبرها من قضاياه اإلصالحية ولكن األمر الذي بدء

مقعدا ان هناك قضايا اكثر حساسية 30التيار اإلسالمي يدركه بعد ان فاز بتسعة مقاعد من اصل مام عدو شرس اكثر من ما يسمهم الشيوعيين إذ تحولت من القضايا التي يطرحها وانه أ

البحرين الى دولة بوليسية وان الفشل حليف أي طرف ينفرد بقيادة المجتمع السياسي ما لم يكن هناك نقاط مشتركة بين قوى المجتمع عامة وما تم كشف هنا ان التنازل الذي قرر في المجلس

رغبة ذاتية فاإلنسان البحراني من وجهة نظر السلطة الوطني كان تنازال محدودا وغير نابع من لم يصل بعد الى درجة الوعي السياسي ليتمكن من ممارسة العملية الديمقراطية ممارسة رشيدة سليمة حيث ان السلطة السياسية ما زالت تصر على ان االنتماء السياسي إنما يكون للعشيرة او

تصور وجود مؤسسات وسيطية تحول بينه وبين ممارسة القبيلة فالحاكم مباشرة ال يستطيع ان ي .سلطويته على الناس

لذلك كان على التيار اإلسالمي ان يقدم تنازالت معينة للوقوف مع تيار اليسار ضد السلطة خصوصا أمام اكبر مشروع سلطوي المعبر عنه بقانون امن الدولة وحاولت السلطة إقناع التيار

المشروع لكونه موجها نحو القوى الشيوعية الملحدة والكافرة ولو ال اإلسالمي بعقالنية هذاالتواصل والتنازالت السياسية ببين التيار اإلسالمي والقوى األخرى لوقع في فخ السلطة إال ان

.التيار اإلسالمي يبدو انه كان فاهما للعبة السياسية

:تحوالت التيار اإلسالمي -4

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

65

Page 66: ضخامة التراث ووعي المفارقة

يطوى فصل من فصول التيار اإلسالمي و يبدأ 1975لس الوطني عام مع قيام الحكومة بحل المجفصل جديد تختلف فيه مفاهيم الطرح وأساليب العمل وتتحول الهواجس فيه الى يقينيات وتفتح

فمع رفض .قضايا وملفات لم تكن مفتوحة بل ان بعضها لم يوجد على روزنامة التيار اإلسالميب الشعبية ومواجهتها الدائمة لقادة المعارضة أغلقت جميع السلطة السياسية المستمرة للمطال

األبواب أمام الرادة الشعبية بمختلف فئاتها واتجاهاتها ولم يكن هناك أي خيار إليصال القطيعة مع الحكومة فساهم ذلك في تجذر المعارضة السياسية من جديد وتوسعت قاعدتها لتشمل مختلف فئات

جديدة سعت إليجاد حلول جادة وحسم األوضاع لصالح معركة الشعب وبرزت تنظيمات سياسية .التغير اإلسالمي

اصبح التيار اإلسالمي هو التيار األقرب للجماهير بعد ان انحسرت الجماهير عن قوى اليسار إما لعوامل خارجية تتعلق بالفكر واإليديولوجيا المحركة له او لعوامل داخلية تتمثل في استمالة

سية لكثير من رموزه وإدخالهم ضمن النطاق السلطوي مما أفضى الى فقدان الثقة في السلطة السيامجمل اطروحات اليسار خصوصا المتعلقة باألعراف الدينية في الوقت الذي سجل التيار اإلسالمي نقطة فوز تتمثل في تكوين مؤسسته الخاصة بعد سماح وزارة العمل والشؤون

تحت مسمى جمعية التوعية اإلسالمية حيث عملت 1972مية عام االجتماعية بإنشاء جمعية إسال .على تحويل التفاعل الديني الى ميادين التفاعل السياسي

لقد كان التيار اإلسالمي المضاد بحداثته ضد الحداثة الغربية األمل الوحيد في قيادة الجماهير ضد ية والشراسة والقمع لكل أصوات السلطة السلطوية التي أخذت بجانبها تطبع ممارستها بالبوليس

ان هذه األرضية كان من شأنها ان تحرك التيار اإلسالمي نحو معارضة .الحرية والديمقراطيةإال ان التحرك المبطن لزرع بذور المصادمة مع السلطة هو التطور الذي حدث على .راديكالية

العراق /إيران (يع في العالم الساحة الشعبية من الناحية الفكرية والسياسية في اكبر بقع التشففي إيران بدأت قيادة اإلمام الخميني بالتوسع وتأسيس تيار ثوري متصاعد وتداول كثير )لبنان/

من الشباب اإلسالمي كتاب الحكومة اإلسالمية أما في العراق حيث اخذ حزب الدعوة في شارا لمرجعية السيد الشيرازي الدخول بالمرحلة السياسية ومن جانب آخر شهد الواقع البحراني انت

مع ما عرف عنه من األخذ بالنظرية الثورية والتغير الجذري كان هذا التوسع يتم على يد اكثر المنظرين الحركيين لنظرية السيد الشيرازي واإلمام الخميني أال وهو السيد هادي المدرسي أما في

ى بالكفاح المسلح لتحرير فلسطين عبر لبنان فقد انشأ السيد موسى الصدر حركة المحرومين وناد .أطروحة إسالمية وفعل تالحم رجل الدين مع السياسية

:وعبر هذه التداخالت المتمثلة في . طبيعية السلطة السياسية في البحرين-1 . التطور الذي شهدته البقاع الشيعية-2 . انتشار المد الثوري اإلسالمي-3 .مية على الساحة توفر عناصر راديكالية نشطة إسال-4

بدأت التحوالت البنيوية في التيار اإلسالمي وتصاعدت مؤشرات التغير لتعبر عن نفسها بوضوح وبشكل علني بعد انتصار الثورة اإلسالمية في إيران الحدث الذي زج ميدان الصراع قوى سياسية

ية التي ارتبطت بالقيادة جديدة لم تكن فاعلة ضد اإلمبريالية قبل االنتصار وبالتحديد القوى الدينالدينية اإليرانية او تلك القوى الدينية األصولية التي هبت ضد الفساد والتدخالت األميركية وبرزت قيادات دينية تدعو الجماهير الى التضامن واالبتهاج والتظاهر فرحا بانتصار الثورة اإلسالمية

وشكلت منعطفا خطيرا في 19/2/1979وخرجت مظاهرات جماهيرية هي األولى من نوعها في

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

66

Page 67: ضخامة التراث ووعي المفارقة

نضال الجماهير وبداية مرحلة جديدة تميزت بحدة المواجهة ما بين الجماهير وحركتها السياسي .من جهة والسلطة البحرينية وأجهزتها القمعية من جهة أخرى

ت ان الحدث السياسي الكبير ال يولد العالقات او النتائج هكذا فجأة وانما هو مظهر لكمية التفاعالان الثورة اإلسالمية في إيران أحدثت الكثير من .الكامنة والتي كانت تتفاعل من تحت الرماد

إال أننا نعتقد ان هذه التداعيات .األمور والمظاهر السياسية والفكرية وهذا ما ال شك فيه واإلرهاصات لم تكن لتحدث لوال وجود التفاعالت السابقة على حدوث الثورة وخصوصا بعد حل

لمجلس الوطني وللتأكيد على هذا المنحى في التفسير نلقى نظرة على التنظيمات العلنية والسرية اللتيار اإلسالمي قبل انتصار الثورة حيث يتأكد لنا ان الثورة اإلسالمية كانت فرصة مناسبة

ففي لإلعالن عن التوجهات الجديدة والتحوالت التي واكبت الدخول في التجربة السياسية الممثلةالمجلس الوطني وما صاحبه من تحالفات وخبرة وتأكيد للذات قبال االخر األمر الذي يؤكد على

فمن المهم ان ندرك ان التيار اإلسالمي .وجود عالقة تفاعلية وطبيعية امتدادية لتلك االطروحات ة الى بعد حل المجلس الوطني تنامى في داخله االقتناع بضرورة االنتقال من الصفوف الخلفي

الواجهة السياسية من خالل صياغة خطاب ثوري ساعده في ذلك انتشار الوعي الفكري وتسيس الواقع والتطور التاريخي ونمو عوامل اقتصادية واجتماعية و بسبب سياسية التزمت السلطوية لذا كان التوسع في توحيد الجماعة و تعميق الوعي الرسالي والوعي االجتماعي المشترك و السعي

.لتغير النمط السلطوي السياسي ونتيجة لهذه اإلرهاصات فان التيار اإلسالمي بدأ في ترك الخطاب الوعظي شيئا ما واخذ بالتحول الى الخطاب الواقعي المرتكز في أساسياته على اإليمان بالقضية ال يعنى إمكان تحققها بين يوم

ة المدى ومن ثم ضرورة االتفاق على تحديد وليلة حيث تتفاوت األمور بين متوسطة المدى و بعيد :العقبات التي تتعرض طريق الخطاب وهي على عدة مستويات

.القوى الخارجية أثرها . النخب الحاكمة -1 . درجة الوعي السياسي-2 . مستوى التعاون بين قوى المعارضة-3 . المرتكزات األساسية في الخطاب الواقعي-4 خاللها يمكن تحقيق المفردات الفكرية الى حركة تتحرك ضمن تحديد الوسيلة التي من-5

.منظومة المجتمع السياسيان هذه التدخالت لم تبرز وزنها على المستوى الجماهيري وال في صيغة الخطاب اإلسالمي المطروح لكنها كانت تجرى في نطاق النخبة او الصفوة داخل التيار اإلسالمي وما يحيط بعالقة

السياسي /وإذا افترضنا ان الخطاب هو أحد صور الوعي بالواقع االجتماعي .لجماهير النخبة مع امتضمنا موقفا عبارة عن اطروحات ذات داللة من حيث فهم الواقع والقضايا التي يطرحها الواقع او التصورات بشأن أزمة الواقع فان التحوالت المشار إليها تكاد تكون حتمية الظهور إذ ان هذه

التحوالت "ت الداخلية في صياغة الخطاب وتنظيم الرؤية اتجاه المجتمع السياسي رافقت التحوالاجتماعية أتت بفعل اإلثراء النفطي وبذلك اصبح للصياغة اإلسالمية في أمور الثقافة وأمور المجتمع شرعية مكتسبة كانت غائبة في الخمسينات والستينات بل طالبت بشرعية تساويها مع

قافة التاريخية والعلمية التي بثتها الدولةوهذه ما كانت ممكنة لو ال ازدياد الطاقات شرعية الث .التنظيمية والسياسية للتيار اإلسالمي ودون تنامى األثر الثقافي والسياسي والتعبوي الذي اكتسبهولة ان كمية التحوالت التي واكبت التيار اإلسالمي في البحرين يمكن رصدها من خالل سيطرة الد

الريعية المستغلة للعوائد النفطية على حساب الدولة الحديثة القائمة على مقولة المجتمع السياسي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

67

Page 68: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ومن خالل التحديد الكمي لهذه التحوالت يمكن لنا الكشف )سلطة/معارضة(الفرض ثنائية المجتمعالوعظي عن المدى فهم التيار اإلسالمي للمعادلة السابقة وليشكل قطيعة معرفية ضد الخطاب

.عاكسا لنوعية التحوالت الفكرية داخل صفوف التيار اإلسالمي شكل التيار اإلسالمي الئحة من "وبالفعل كان التيار اإلسالمي يدرك حقيقة المعركة السياسية إذ

المتعلمين والمثقفين ممن مارسوا التدريس كغيرهم من التقدميين في المدارس الرسمية المختلفة لدينيين الطالب األربعة الذين كانوا يدرسون الفقه والتعاليم الدينية في النجف وقد شملت الئحة ا

وهذا بحد ذاته داللة واضحة الى محاولة الدينيين استمالة الناخبين وكسب أصواتهم عن طريق إال ان هذا التحول سار ببطىء او غير معتد به إذا ما .ترشيح مثقفيهم كبديل لمثقفي التيار التقدمي

حيث بينت ان إدغام النشاط السياسي 1979بكمية التحول بعد انتصار الثورة اإلسالمية قورن بالدين المؤدلج ينطوي على قوة هائلة وان هناك ضرورة لتبني دعوة انقالبية ليس على المستوى الفكري او الثقافي وانما هي دعوة انقالبية شاملة تبدأ من الوعي السياسي المؤدلج بالدين إذ سبب انخفاض الوعي السياسي التعامل مع كيانات سياسية يقتضيها التكتيك المرحلي واثر بشكل كبير في مصير الحركة اإلسالمية بشكل سلبي إذ اصبح من السهل فقدان الرصيد االجتماعي نظرا الرتباط مصيرها بعجلة كيان ال ترتضيه األمة ثم إنها تدعم قوى ومؤسسات ظالمة وتعطيها مزيد

وقت للتسلط على رقاب المسلمين و األمر االخر واألكثر أهمية أنها بذلك االرتباط تكشف من ال .عن رصيده للسلطة مما يسهل عملية ضربها وإجهاض عملها

هذه الحقيقة حتمت على التيار اإلسالمي في البحرين ان يرفع من حاالت التوتر السياسي عبر وسياسية حيث بدأ ينظر الى ان استمرار التوتر طرق مقصودة سلفا بغية تحقيق أهداف فكرية

السياسي من شانه ان يحقق االلتفاف الجماهيري حول أهداف التغير السياسي واالجتماعي ويجعل من تلك القضايا قضايا ساخنة ومتحركة من جهة ومن جهة أخرى فان الجماهير نفسها تعيش

االنتماء الى التيار المتكفل بحمايتها خطر السلطة لذلك فهي مضطرة للدفاع عن نفسها من خالل .وهو التيار اإلسالمي

لقد شكلت الحركة اإلسالمية في البحرين نفسها في ظل توافر المجتمع السياسي على ظروف كان من شانها ان تسهل من عمليات التعبئة السياسية واللجوء الى العمل التنظيمي ولو في شكله البدائي

هذه الظروف لتفرز نفسها كتيار سياسي يقوم على أسس التعبئة السياسية وتفاعلت تلك الحركة مع .و التحشيد الجماهيري

وفي الواقع لقد ورث التيار اإلسالمي تركة التيارات السياسية األخرى بعد هزيمتها إمام ضربات وا السلطة فلم يقد حزب البعث العربي ان يقاوم إغراءت السلطة فركن إليها كثير منهم وشغل

مناصب حساسة في سلك الدولة كما ان التيار اليساري مني هو االخر بهزيمة تمثلت في حل لقد افرز .المجلس الوطني وتفتيت عناصره التعبوية وقطعت كثير من أصابعه الممتدة في المجتمع

هذا الوضع حالة ضياع للجماهير التي استمدت هويتها منذ مطلع الخمسينات وتفاعلت مع إفرازات .الوضع السياسي الملتهب في اكثر من بقعة عربية

وكل ذلك لم يلغي سلبيات حركة التيار اإلسالمي خصوصا المرتبطة بغياب اإلبداع الفكري الذي عانت منه معظم الحركات السياسية وكان من ابرز معالم المجتمع السياسي في البحرين ان مثل

ا يعتمد على االكتفاء بما هو وارد في الكتب هذا الغياب يستبطن من وجهة نظرنا كسال فكريالمرجعية الستخراج التعاليم األساسية والشعارات العامة ومن ثم طرحها داخل المجتمع دون اللجوء الى القيام بدراسة المجتمع واكتشاف قوانين حركته الخاصة به وما تؤول إليه هذه الوضعية

هو

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

68

Page 69: ضخامة التراث ووعي المفارقة

قدسة تحرم ممارسة النقد ويصبح أصحابها تحول هذه النصوص المرجعية الى نصوص م -1 .فوق التعاطي التاريخي

.االنتقال من مرحلة الفكر الى مرحلة الشعار دون المرور ببرنامج العمل والوعي الحقيقي -2االشتغال بالحشد الجماهيري والنجاح فيه في ظل لحظات الـزم واالختناق وتخفق في -3

.لحظات النمو والبناء .لتعميمات الجاهزة والركون الى السطحية في معالجة األحداث والقضايا استسهال ا -4 .تراجع دور المثقف داخل الحركة السياسية المنغمسة في لعبة السلطة الصراع على النفوذ -5

انه من البديهي ان اإلحاطات المتالحقة عبر أحداث دامية تقود الجماعات عادة الى التقهقر لمواقع ة التي تعبر عن نفسها بشكل ضمني او مسالم فتتخذ أشكاال أخرى غير الشكل المعارضة السلبي

السياسي الصريح أي انه تم تغيب الوجود الصريح للغاية السياسية في قالب رمزي قوامه اإليديولوجية الدينية القائمة على العبادات والطقوس ذات المغزى التنظيمي والسياسي فيكون

.ية مقاربة رمزية نحو السلطان الزمنيالتحول نحو الزعامة الدينلقد عكس التيار اإلسالمي بعض التفاعالت الداخلية التي كانت تجرى من تحت الستار ويتم

ومن هنا يرى .التأسيس الفكري والمعرفي لها فبرزت مناطق غير مفكر فيها او غير منظور إليهام في منهج خطي إذ هناك تغير في ان تطور االجتماع اإلسالمي لم يتGilles kepelجيل كبيل

فثمة محركات كانت تعمل من داخل التيار .استراتيجية الحركات اإلسالمية منذ الثمانيناتاإلسالمي أفرزت حركة إسالمية ليست ذات قالب واحد بل إنها حوت على اتجاهين متعارضين

مثل الجبهة اإلسالمية يمثل حزب الدعوة االتجاه األول في حين ت.األول قاعدي والثاني رأسي أول من Jean frcoish bayويعتبر جان فرنسوا بايار . لتحرير البحرين االتجاه الثاني

الى تميز العمل السياسي من القمة والعمل السياسي من القاعدة ويؤمن االتجاه ) من الغربيين(انتبهالعنف ويؤمن بالتربية في القاعدي دائما بالمنهج السلمي في العمل السياسي فهو يرفض صراحة

في .محاولة هادفة على المدى البعيد المتصاص كل المعارضات التي تواجه المشروع اإلسالميمقابل اتجاه آخر يقوم على إتمام عملية التغير من خالل االنطالق من القمة وراس الهرم السياسي

.اسيإذ يعتبر ان السلطة السياسية هي القادرة على تحقيق المشروع السي

الفهرس 2……………………………….التيار اإلسالمي المعالم والتحوالت:المبحث األول

المقدمة 2...………………………………………………………………………التمهيدية

24..………………………………….………………. اإلطار المنهجي:الفصل األول 24.…………………………………………………………………الخطاب السياسي-1المعارضة -2

27……………………………………………………………………سياسيا 35..…………الفصل الثاني ظروف نشأة الخطاب السياسي للمعارضة السياسية

42.……………………………………………………………………الصراع القبلي-1 49..…………………………………………………………………الصراع المذهبي-2 52.………………………………………………………………….التدخل األجنبي-3

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

69

Page 70: ضخامة التراث ووعي المفارقة

55.…..…………المية لتحرير البحرينالنشأة التاريخية للجبهة اإلس:المبحث الثاني

58………………………………………النشأة التاريخية وبداية الصعود:الفصل األول 60..……ظاهرة االنبعاث السياسي لإلسالم وظروف النشأة التاريخية:المطلب األول 72……………………….مشهدية التأسيس في خطاب الجبهة اإلسالمية:المطلب الثاني

76.………………………………………………. الثوريالتاطير:الصندوق الحسيني-1 82.…………………………………………….العقل المحرك:السيد هادي المدرسي -2

111...…………….……………….مسألة الخطاب السياسي والديني:الفصل الثاني 111.………………………………………….مرتكزات الرؤية السياسية:المطلب األول 129..………………… …………………...استراتيجية العمل الحركي: المطلب الثاني

129..………………………………………………………………….قصة االنقالب-1 136.……………………………………………………….عالقات الجبهة الخارجية-2 148.……………………………………………………………االنشقاقات والمصائر-3

القسم األول النشأة التاريخية للجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين

:تقديم

ة وظروف النشأة التاريخية لتشكيل الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين إن دراسة األصول الفكريوتتبع مراحل هذا التشكيل، تأخذ بعدا هاما في رسم معالم الخريطة السياسة للمجتمع السياسي

حيث تكشف تلك الدراسة،عن طبيعة الحراك السياسي داخل المجتمع السياسي من حيث الفاعلين .يستدعي العودة إلى حالة ? ومن الطبيعي أن تتبع ظروف النشأة .كة له فيه ونمط التفاعالت المحر

ليس بمعنى أن الماضي ? التماهي والتعلق بالماضي وكيف يمكن لهذا الماضي أن يحرك الحاضر لكن هناك حاالت معينة تكون الحركة السياسية منشدة في تكوينها ? هو المسيطر على الحاضر .ةإلى حالتها األولى التأسيسي

إن هذه الجهود البحثية من شأنها تقديم قراءة لألحداث السياسية والمنعطفات أو القطائع السياسية، فضال عن أنها تسهم أيضا في تتبع المسيرة االرتقائية للعمل السياسي وصيرورات

نها أن تسهم في تقديم قراءة االأحداث السياسية والمنعطفات أو.المجتمع السياسي هي ? ن القول أن أهم السمات الخاصة للتشكيل السياسي في العالم العربي واإلسالمي و هنا يمك

وما يفسر حاالت .مسألة التعلق و التماهي بظروف النشأة وعالقتها باألصول الفكرية المنتجة عنهافتكون . هو ممارسة فعل أو حالة التشبث بالجذور ? االنشقاق والتمزق داخل تلك التنظيمات

ة السياسية بعيدة عن مزالق التمزق بقدر محافظة هيكلها التنظيمي على ربط األعضاء المنظموكلما فك الرباط، استاء الوضع و تمظهرت حاالت التمزق ,معرفيا وسلوكيا بتلك الحالة المنشأة

.داخل التكوين السياسي وبالتالي التمزق داخل المجتمع السياسي وداخل النخب السياسية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

70

Page 71: ضخامة التراث ووعي المفارقة

أو . ن الممكن حدوثه في حالة بناء المجتمع السياسي على أساس المرجعية الوحيدة إن كل ذلك ملنقل على التأصيل الموحد لحركات النهضة وتداعيات العمل السياسي الذي يتحول هو اآلخر من

وتتحول أصول ومفاهيم الخطاب السياسي إلى ركائز ? فضاء العمل المتغير إلى فضاء الثابت .وية وعن الذات فيتوحد الخطاب السياسي مع الخطاب الفكري والثقافي للتعبير عن اله

إذ أن ذلك يعتبر حالة سوية في . إن خطورة هذا التوحد و التماهي ال تتعلق بالتوحد و التماهي الفعل السياسي ويحتاج إليه المجتمع السياسي في عمليات البحث عن القيمة السياسية الفاعلة

وإنما ? ب السياسي وتحديد نوعيته من حيث كونه ثوريا أو إصالحيا المتفاعلة في الخطا/أو اإلخفاق ? وعدم استيعاب المتغير الذي هو جوهري في السياسي ? الخطورة تكمن في الجمود

ومن هنا يمكننا تلمس جذور اإلشكالية الكبرى في . في مواكبة وتفهم متطلبات المجتمع السياسي لكون الخطاب ال يأتي متوافقا مع متغيرات المجتمع ? اإلسالمي /الخطاب السياسي العربي

السياسي فتراه تارة متقدما على أحوال وظروف ومتطلبات المجتمع مما يأتي بالخطاب خطابا ذا ومن الممكن أن يقع هذا الخطاب في شرك النخبوية اإلكليركية التي نظر لها . سمات نقد الذع

عن الواقع السائد بهدف إنتاج أفكار _هنا الخطاب السياسي _مثقف حيث يتعالى ال? جوليان باندا .تتخطاه

وحالة التقدم هذه ، قد تكون إسالمية المنحى ترى في الواقع السائد مجتمعا جاهليا في أفكاره و أعماله وهمومه وتطالبه بالتغير الجذري والسريع للوصول إلى حقيقة المجتمع اإلسالمي الصالح

ترى تخلف المجتمع من خالل ارتباطه ? ومن الممكن أن تكون علمانية .لفاضلة أو المدينة اوتلح عليه باللحاق بالفكر الغربي . بالدين وتطالبه بضرورة القطيعة مع تراثه وحقله الديني .كمخرج من مجموع األزمات التي يمر بها المجتمع السياسي

لسياسي قد يأتي متخلفا عنه بمعنى انه يعجز وفي الوجهة األخرى ،فان الخطاب المقدم للمجتمع اعن مالحقة تطور المجتمع الداخلي والخارجي فينطبع الخطاب بصيغة سلفوية جامدة تنكر كل

اإلسالمي في حقيقتها /ومعه يمكننا أن نقول أن إشكالية الخطاب العربي .مظاهر التطور والتغير توافق أدواته ومتن خطابه مع المجتمع هي العجز عن تفهم متطلبات العمل التغيري في ضوء

.السياسي ما مدى فعالية الكشف عن .والسؤال الذي نود أن نطرحه هنا، وال نحاول التعمق في إجابته

دراسة األصول الفكرية و التاريخية لتيار ما من التيارات العاملة في المجتمع في التوصل إلى يخرج هذا ?. يار وفي تشكيالت المجتمع السياسي وتشكله عند ذلك الت? معالجة الخطاب السياسي

األخير في لوحة فسيفساء قد تكون متناسقة ، أو غير ذلك من الصور المنبثقة ؟التاريخية من شأنه أن يعطي وجها تقريريا لحالة / إن التعرف على مسألة الجذور الفكرية

متوافقا من /متأخرا/قدما أي يعكس الخطاب كما هو وكما تأسس سواء كان مت. الخطاب نفسهجهة، ولكنه من جهة أخرى ال يستطيع أن ينفك عن ظروف مجتمعه أو عن عالقات السلطة

و إنما يشكل . ألن الخطاب الذي نبحث فيه ال يعنى منظومة فردية خاصة للفرد . المؤسسة له المجتمع ولكنها تمارس سلطة ما في فضاءات ? شريحة قد تكبر أو تصغر من شرائح المجتمع

.السياسي على _بعبارة أدق إن الفكر مهما حاول التجرد والطالق عن الواقع فانه يفشل في إتمام ذلك كله

ألنه يشكل القاعدة ? ألنه يعكس ظروف وحالة المجتمع ، _ األقل في مستوى الآلشعور للخطاب وكما سبق القول إن ) . افق المتو/المتأخر / المتقدم (األولى التي ينطلق منها واليها في اتجاهاته

الفكرية في العالم اإلسالمي / ظروف النشأة تمثل مفصال في الخطاب السياسي للتيارات السياسية .عموما

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

71

Page 72: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ال شك إن اإلحاطة التامة والواعية بأطراف هذه الجدلية المتعددة األطراف هو الذي يكفل لنا درة على تلمس الوعي السياسي وحركة سهولة التوصل إلى رسم معالم الخريطة السياسية القا

وإذا . المجتمع السياسي وتأصيل المكون المعرفي وتثبيت الحالة السلوكية المؤدية للتغير الحقيقي أنماط من األفعال المتكررة التي تتشكل بطريقة " ما أخذنا بتعريف روننز للمؤسسة على إنها

فإن " .قيمة محددة أو مجموعة من القيمتتحكم في سلوك األعضاء الذين ينتمون أليها وتشكل ذلك يعنى أن إضفاء طابع مؤسسيا على أية فئة من فئات الفاعلين في المجتمع السياسي هو أن

إلى فعالية منتظمة ومنظمة بصورة رفيعة ? غير رسمية الطابع ? نحولها من فاعلية فقيرة التنظيم .رسمية الطابع كما يقول دوتش? المستوى

التحول ال يحدث هكذا فجأة من دون أية مقدمات و إنما هو وليد تداعيات وإرهاصات إن هذاهذا إذا ما أخذنا بنظرية الواحد المنقسم في تطور .متنوعة الحجم والقوة ومتعددة المصادر

وهكذا فان دراسة األصول التاريخية وتحديد ظروف ودواعي النشأة يسمح . المجتمع وتقسيم العمل معرفية تخص الجماعة المدروسة تكون قادرة على كشف العناصر المتضمنة في بتكوين أطر

فضال عن التمتع بالكشف المفضي .التحول وتحديد أي نوع من العمليات المطلوبة لحصول التغير بالتالي على أفراد ? ? والموزعة على أفراد التنظيم أو المؤسسة ?إلى تحديد القيم المنتجة

.المجتمع السياسي وتزداد أهمية هذا المدخل في دراسة حالة الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين ليس لكونها اقدم

بل لكونها أول نواة ثورية إسالمية من حيث التنظيم . تنظيم إسالمي معاصر في البحرين فقط مال مما يؤكد ضرورة األخذ بعين االعتبار عا) . المسلح(واأليدلوجيا وذات منحى الكفاح الآلسلمي

والنظام السياسي الحاكم ? حاسما في أية عملية ثورية ، هو التوازن الفعلي القائم بين قوى الثورة . ، واألجهزة التابعة والخاضعة تحت إشرافه ونفوذه وسيطرته

ن ميزان القوى هو الذي يحدد بصورة أساسية صبغة الكفاح إ " Gus hallلقد الحظ جوس هولك ليس الحزب و إنما ميزان القوى و أعمال الثورة المضادة هي التي الثوري وليس الحزب وكذل

أي إن التحول المشار إليه أعاله " .تحدد بأية صفة ستكون القوة التي ينبغي استخدامها ضد النظام يكون محكوما بمدى اإلدراك للواقع وتحديد سلم األولويات والدفاع _هنا خط الجبهة اإلسالمية _

من الممكن التوفر عليه عبر دراسة األصول الفكرية وظروف النشأة عن الذات وكل ذلك .التاريخية للجماعة السياسية

الفصل األول

النشأة التاريخية و بداية الصعودأن هناك جهدا واضحا إلقامة تصور عن نشأة الجبهة ? تظهر الكثير من التحليالت المقدمة

المية بفترة ما بعد انتصار الثورة اإلسالمية في إيران اإلسالمية من خالل ربط تكوين الجبهة اإلسبمعنى أنها تتعامل مع األمور من منظور فوقي (وذلك باالعتماد على بعض األمور السطحية .

يعتمد على الحوادث البارزة من دون الخوض في أعماق البنى التحتية للظاهرة أو محاولة الحفر في 28/8/1979ل بيان صدر باسم الجبهة كان في تاريخ كالركون إلى أن أو) . في معرفياتها إنذار إنذار "وكان قد سبقه بيان أخر في شهر رمضان من العام نفسه تحت عنوان . شهر شوال

ركز فيه على الموقف السلبي لحكومة البحرين اتجاه الثورة اإلسالمية في " لحكومة آل فرعون قد شهد -1979 -أو أن هذا التاريخ.بهة اإلسالمية البحرين إال انه لم يكن موقعا من قبل الج

ففي العراق ظهرت منظمة العمل . بروز العديد من المنظمات التحررية ذات التوجه اإلسالمي اإلسالمي تحت قيادة العالمة السيد محمد تقي المدرسي ، وفي الجزيرة العربية أعلن عن تنظيم

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

72

Page 73: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وفي البحرين أعلن عن تأسيس . حسن الصفار الثورة اإلسالمية تحت إشراف العالمة الشيخ .الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين تحت إشراف العالمة السيد هادي المدرسي

من الممكن له أن يشكل نقطة تحول ? إن ما تحاول هذه التصورات اعتباره ، وفرضه كواقع لى ركيزة قوامها أن تستند هذه التصورات ع. جوهرية في أوساط المجتمع السياسي في البحرين

هذا التيار اإلسالمي لم يظهر كفئة سياسية حقيقية إال بعد انتصار الثورة اإلسالمية في إيران 1979.

انه ما من شك أن حدثا مثل حدث االنتصار للثورة اإلسالمية في إيران بقيادة اإلمام الخميني ماهيري لدى شعوب المنطقة كان قد لعب دورا بارزا في رفع وتيرة الحماس الج1989الراحل

وقد استفادت عناصر الحركة اإلسالمية من شعلة الحماس المتوقدة . خصوصا الفئات الشيعية ومسيرة يوم 19/2/1979والمتفاعلة مع أحداث الثورة اإلسالمية في إيران كما في مظاهرات

رها من اإلحداث وغي1399رمضان /23القدس العالمي الذي دعا إليها اإلمام الخميني الراحل بل انه . ولم يقتصر تأثير انتصار الثورة اإلسالمية على منطقة الخليج فقط .التاريخية األخرى

تجاوز ذلك وولد تحوالت كبيرة على المستوى الكوني وفي اكثر من مجال خصوصا السياسي جتماعية في لقد ساعد هذا الحدث الهام وما افرزه من تداعيات على تحول الشبكات اال. والثقافي

البحرين كما يسميها فؤاد الخوري إلى هيئات تبحث عن أطر تنظيمية تسعى لمطابقة نفسها مع , ومن جهة أخرى واكثر أهمية وفاعلية. التنظيمات السياسية المعمول بها في الحقل السياسي

تحرير البحرين فعلى هذا األساس تم تكوين الجبهة اإلسالمية ل.مطابقة نفسها مع الثورة اإلسالمية .واإلعالن عنها

إن مثل هذا التحليل قد ال يتفق مع كثير من الشواهد المضادة والتي تؤكد نوعا ما على أن تكوين الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين كان قبل انتصار الثورة اإلسالمية في إيران كما سوف نرى

إذ .ساحة المجتمع السياسي في البحرين في ?فهناك صعوبة معرفية في تقبل هذا التحول الفجائي .لما كان ظهور أسم الجبهة اإلسالمية أو ?حتى ولو بشكل بدائي ?لو لم تكن هناك بذور تنظيمية

وان ما يطرح في هذا السياق . هذه السرعة?غيرها من الدعوات اإلسالمية ذات الطابع السياسي ن تحريكه من قبل مجموعة شبكية ال يتعدى من أن التبعية الجماهيرية والتحرك السياسي من الممك

وهي اإلشكالية التي يثيرها فؤاد " .أفرادها أصابع اليد وتحريك الجماهير ضد السلطة والدولة الخوري في كتابه القبيلة والدولة في البحرينيمكن توجيهه على انه تحليل مختص بأحداث الهيئة

ءة األحداث السياسية المتالزمة مع حركة الهيئة وهو تحليل يفتقر إلى الدقة في قرا1954العليا وبالتالي فان البحث عن جذور التأسيس للجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين البد وان .1954العليا

يستند إلى تحليل الظرف السياسي واالجتماعي والمعرفي في تلك الفترة عبر االستعانة بالبحث ذلك النوع من البحث الذي حدث فيه المتغير أو المتغيرات "أنه . اإلسترجاعي الذي يعرفه كيرلنجر

حيث الباحث يبدأ بمراقبة متغير أو متغيرات غير مستقلة ثم أن الباحث يقوم فيما ,المستقلة من قبل غولدمان ص (بعد بدراسة المتغيرات المستقلة و إمكانية وجود تأثير لها على المتغيرات األخيرة

15.( إال أن ,ل الجبهة اإلسالمية أمر ال خالف فيه وال جدال في الوقت الحالي إن وجود وتأثير عم

دراسة هذا التنظيم تقتضي الرجوع إلى حالة اسبق قد نختلف في تحديد عناصرها ومتغيراتها والبد لنا أن نعرج على أدبيات الجبهة . الدافعة إلى بروز الجبهة على ساحة المجتمع السياسي

.عرف على حقيقة المسكوت عنهاإلسالمية نفسها لنتومن ثم سنعمل على إتمام علمية ? لذا فإننا سنحاول استنطاق أدبيات الجبهة اإلسالمية نفسها

.االستنطاق بتقديم قراءة للواقع والتعرف على االنبعاث لإلسالم السياسي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

73

Page 74: ضخامة التراث ووعي المفارقة

المطلب األول : مشهدية التأسيس في خطاب الجبهة اإلسالمية -1

. لى أدبيات الجبهة اإلسالمية قد ال يكشف الكثير عن المسكوت عنه أو الآلمفكر فيهإن الرجوع إإذ تركز تلك األدبيات على استعراض المنهج الفكري ,خصوصا في قضية التأسيس الفعلي

وعلى كونه الخطاب القادر على تفتيت . والمحتوى السياسي وتقدمه كخطاب يعبر عن واقع األمة وهو ما يشكل مفارقة حقيقة .ل إلى حالة اإلعتاق السياسي للشعب البحراني حالة الظلم والوصو

وهي بخالف كثير من التنظيمات التي تعرف .لتلمس فعالية الجبهة اإلسالمية وحقيقة تولدها لذلك فان الكالم عن مشهدية التأسيس ال يحظى بأهمية في الخطاب ألنها .بدايتها وتراهن عليها

. ع الذي تسعى الجبهة اإلسالمية لتثويره قضية ال تمس الواق فهي ترفض -وغالبا ما يأتي متعارضا-بل إن تاريخ التأسيس واإلفصاح عنه ال يزال مبهما

اإلعالن عنه مباشرة بغية خلق تصور ضبابي مبهم يستهدف النظام السياسي الحاكم في البحرين وض في الآلمفكر فيه كما يقول أحد فالكشف عن تاريخ وبداية التأسيس والخ. بالدرجة األولى

يساعد السلطة الرجعية على تصور مدى وعمق الجذور النضالية "األعضاء الفعليين فيها انه وهذا التصور متى . للجبهة اإلسالمية وعمق نفوذها داخل البالد على مستوى األفراد والمؤسسات

العدد ,نشرة الثورة الرسالية( نحونا ما امتلكته السلطة فانه سيكون بحد ذاته أداة قمعية تصوبهاقد تميزت "وفي دراسة أخرى بعنوان مسيرة كفاح شعب البحرين جاء فيها ) 18/1985ص32

بعد ذلك .. بصعود نجم المعارضة اإلسالمية 1979 حتى 1975الفترة منذ حل المجلس الوطني جبهة اإلسالمية لتحرير طرح على الساحة اتجاهان رئيسيان بعد انحسار الفترة النيابية هما ال

ويعود تاريخ نشوء الجبهة اإلسالمية إلى نهاية الستينات ..وجمعية التوعية اإلسالمية ..البحرين أعلنت الجبهة عن .. باسم جمعية الشباب المسلم 1969اثر تأسيس اإلطار األول لها في عام

تحاول الجبهة إن ما ) 29/1989ص81, الرسالية (1979ه الموافق 1/1/1400وجودها في اإلسالمية إيصاله عبر هذا الخطاب أن توحي أن هناك تاريخيين في مسيرة تأسيس الجبهة

تاريخ التأسيس الذي ال يبدو واضحا وهو غير رسمي أيضا والتاريخ الثاني هو :اإلسالمية هما ه في تاريخ اإلعالن عن وجود الجبهة وهو تاريخ يأتي مضطربا أيضا ففي النص السابق نرى ان

تم اإلعالن عن الجبهة ولكن في أدبيات أخرى وهي األكثر عرضا وتناوال عند أفراد 1979العام هو التاريخ الرسمي لإلعالن عن الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين 1976الجبهة نرى أن عام

عن وجود قد أعلنا :كما في مقابلة مدير الدائرة اإلعالمية في الجبهة األستاذ عيسي مرهون يقول ويؤكد فيصل مرهون أحد أعضاء الجبهة )16/1985ص32الرسالية (1976الجبهة في العام

إن من ابرز سمات العقد السبعيني هو ظهور التنظيم اإلسالمي الطالئعي على سطح :القدماء األرض بعد أن بقي ردحا من الزمن يعمل تحت الواجهات المختلفة ومن غير إعالن عن وجوده

1976ففي العام )224ص, مرهون(ذا التنظيم هو الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين الحقيقي هتم اإلعالن عن وجود الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين كأول تنظيم إسالمي في البحرين يبني وجوده على أسس النظام الحركي الحديث ويجمع بين أصالة التراث ومعطيات العصر

ذه المصادر ال تشير إلى طبيعة ذلك اإلعالن هل تم على مستوى وبالطبع فان ه)221ص,نفسه(الدولة والساحة اإلسالمية أو انه كان يشير إلى البداية الفعلية في االنخراط في تكوين الجبهة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

74

Page 75: ضخامة التراث ووعي المفارقة

والشروع في تأسيس تنظيم سياسي تحت عنوان الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين وهل كانت في يسمح لطرح مثل هذه األطروحة اإلسالمية القائمة على الظروف السياسية والمستوى المعر

فعل التحرير ؟فلقد كانت هناك أسبابا وعوامل ذاتية وموضوعية . إن الجواب في خطاب الجبهة ال يأتي مباشرا

جعلت من مسألة اإلعالم أو اإلعالن في نفس وقت التأسيس مسألة محظورة أو لنقل غير منطقية :ومن تلك األسباب

.سبب تنظيمي مرتبط باستراتيجية البناء الداخلي والتوسع العمودي في القاعد التنظيمية -1 .الحالة السياسية التي كانت تعيشها البحرين وهي حالة االرتباك والتحوالت السياسي -2تدني مستوى الوعي العقائدي للتنظيم الثوري الذي لم يكن واضحا بين صفوف الجماهير -3 )22/1985ص32الرسالية (

إن هذه المشهدية في اإلعالن تستدعي منا أن نسلط الضوء بصورة مكثفة بغية الكشف عن بعض إذ من الذي يستطيع أن يؤكد صحة .الآلمفكر فيه من قضايا المجتمع السياسي في البحرين

إن أول تلك. التحليالت المقدمة لضرورة اإلعالن عن تنظيم الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين النقاط التي نبتغي إثارتها هي مدى توفر القاعدة التحتية للتنظيم اإلسالمي وان تكون األجواء مناسبة له أن يجاهر بدعوته إلى أسلمة المجتمع السياسي وهل كان النجاح الجزئي ألداء الكتلة

ن المدة الدينية في المجلس الوطني كفيال لممارسة مثل هذا اإلعالن ؟وما يستدعي اإلثارة هنا أالتي تعلن الجبهة إنها أجلت اإلعالن عن نفسها لعدم توفر الظروف الموضوعية والذاتية نراها تستكمل شرعيتها وتختفي في مدة وجيزة جدا إذا ما قيست إلى تحوالت المجتمع الفكرية والمعرفية

الثالث الذي فعشر سنوات على اكثر التقادير ال نراها كافية لتغيب تلك الموانع خصوصا السبب . قررته تلك الوثيقة

والقضية الثانية التي تثير االنتباه هي أن مصطلح التحرير يأتي للتعبير عن واقع االحتالل ولكن هذا .1783والغصب لألرض وهو يشير ضمنا إلى قضية احتالل آل خليفة للبحرين عام

سياسية أقدم وجودا من المصطلح لم يكن من ابتكار الجبهة اإلسالمية فقد كانت هناك حركة 1955الجبهة اإلسالمية تحمل نفس االسم تقريبا وهو جبهة التحرير البحراينة التي تأسست منذ

بل إن كل . ذات التوجه الشيوعي والجبهة الشعبية لتحرير البحرين ذات التوجه الماركسي التحرير من كانت تحمل هاجس التغير الجذري أو1967التيارات اليسارية الناشطة من بعد

. االستعمار وإذا ما عرفنا حالة التوتر السياسي والفكري بين االتجاه اإلسالمي واالتجاه الشيوعي و اليساري فان هنالك داللة واضحة في تبني الجبهة اإلسالمية لقضية التحرير ويوحي بغياب األصالة الفكرية

ي االستعانة بمقوالت اآلخر المضاد في عند بعض المؤسسين للجبهة اإلسالمية هذا الغياب يتمثل فإن الرجوع .الفكر والتوجه واالبتعاد عن التكوينات المحلية لإلبداع الفكري وتقدم الحالة المعرفية

إلى تلك الفترة المقصودة رغم حالة االشتباك السياسي الفاضح والتوتر بين التيارات السياسية ية الحاكمة لم يؤسس رؤية محلية تنطلق من أرض العاملة مع بعضها البعض ومع السلطة السياس

وما تم تقديمه سواء من . الواقع ومقوماته فضال عن إنها لم تقدم إنتاجا معرفيا يعكس تلك الحالة .التيار اإلسالمي أو من غيره لم يتجاوز االستيراد من الخارج لمنظومة الفكر

ياسي في البحرين وقوامها على العناصر نعم انه من الممكن القول إن قضية إسالمية التحرك السالشيعية أمر يبدو واضحا لمن تتبع حاالت المجتمع السياسي في البحرين ومنذ أن فشلت حركة

استقطبت التيارات السياسية اليسارية الكثير من . في تحقيق أهدافها1954هيئة االتحاد الوطني الذي تحولت عالقاته مع القوى اليسارية " ميالجماهير إال أن ذلك لم يمنع من بروز التيار اإلسال

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

75

Page 76: ضخامة التراث ووعي المفارقة

حاولت السلطة أن تستثمرها وان تضع التيار . إلى عالقة عداء صريحة1967بعد نكسة ووصلت ذروة االصطدام ما بين التيارين في .اإلسالمي في مواجهة التيار اليساري الراديكالي

اقف والتي سخرها لمهاجمة الفكر مؤسس مجلة المو _1976حادثة اغتيال الشيخ عبداهللا المدني وترتب على هذا الحادث خلق عداء سافر _الشيوعي وشن الحمالت على التوجهات اليسارية

حيث أحست الزعامات الشيعية بضرورة تأطير نشاطها . للشارع الشيعي ضد اليسار البحريني ات ظهرت صحوة والحقيقة انه منذ بداية السبعين)535ص, المركز العربي(في إطار جمعياتي

فكرية حركية ساهمت في تنضيج الحالة اإلسالمية وبدأت تخرج عن الطرح التقليدي المتمثل في هدفها التصدي لمشاكل العصر . الفقه واألصول إلى موضوعات سياسية واقتصادية وثقافية

طالبة كالظلم واالستبداد ومحاربة االستعمار كما برزت مفردات جديدة في الخطاب السياسي كالمبالتحرر والحرية و يمكن القول إن الصراعات الحزبية والفكرية كانت من العوامل التي أدت إلى

إن هذه )267الشهابي ص(بروز التيار اإلسالمي في البحرين في النصف الثاني من الستينات تحت األجواء كانت مهيئة لإلعالن غير الرسمي للجبهة اإلسالمية وان تملى على الجبهة التخفي

واجهات العمل اإلسالمي المسموح به فمنذ نهاية الستينات وصلت الجماهير إلى حالة اليأس انتشرت موجة من التدين والذهاب إلى المساجد 1969الى 1967وخالل الفترة . والتذمر

والتعلق بالقادة اإلسالميين الحضاريين وما من شك أن مثل هذه التحوالت تصاحبها تحوالت المستوى السياسي يتضمن إشاعة ثقافة سياسية معينة والسعي لتأطير السياسي سلوكية على

السياسية في البحرين تنافسا بين /وهو ما حدث فعال إذ شهدت الساحة الثقافية . الحزبي أو التكتليتيارين لم يخرجا من ارض البحرين أصال بل كانا امتدادا للساحة العراقية اإلسالمية اقصد حزب

1967ومنظمة العمل اإلسالمي التي تأسست في العام . 1958إلسالمية الذي تأسس في الدعوة ا .تحت مسميات عديدة منها حركة الطالئع الرساليين

وفي وعي وفكر الجبهة اإلسالمية فقد كانت هناك عوامل هيأت المناخ واألجواء وإتاحة الفرصة :ي في ممارسة المنهج الثوري لإلعالن عن تنظيم الجبهة اإلسالمية أو الشروع الفعل

تزايد حالة التململ والرفض للتخلف السياسي والقهر الذي تمارسه السلطة السياسي في -1البحرين خاصة بعد إفشال التجربة الديمقراطية وتزايد الوجود العسكري األمريكي الذي كان من

1975لوطني المنحل في األسباب التي جعلت من قوى اليسار أن تطرح هذه القضية في المجلس ا مما أدى إلى تأزم العالقة بين المجلس والحكومة

بروز قيادات رسالية أصيلة وذات تجربة ثورية وعريقة وضالعة في األسلوب الثوري -2اإلعالن عن وجود تجمعات رسالية وكيانات تهدف تصعيد مختلف اوجه الصراع وتكثيف -3

وعلى اثر هذه الظروف رأت الجبهة ) 56-55العدد ,رسالية ال(الوسائل المتناسبة مع هذا التصعيد .1976أن الوقت كان مناسبا لإلعالن عن نفسها في

ومن المالحظ أن هذا التوصيف لحالة المجتمع السياسي البحراني ليس من السهولة تقبله لوصف خبة من المجتمع على أقل التقادير إال إذ أردنا أن نصف واقع ن1978الفكري قبل /الوضع الديني

يستهدف التحرك على واقع . السياسي كانت تسعى إلى بلورة نفسها تحت غطاء سياسي إسالمي ومع ذلك فان مثل هذه التوجهات ما من شك أنها ستكون تصورات جديدة ,العمل السياسي

بق إنما فان التوصيف السا? مع هذا .ومستحدثة تحتاج هذه النخبة إلى فترة زمنية لهضمها وتقبلها هو توصيف ينطلق من منطلق أيدولوجي يتأخر في وجوده على هذه الفترة ، أي انه منطق ذاتي يسعى إلى التعلق بالشرعية التاريخية أكثر من كونه منطقا موضوعيا يحاكي الواقع الفعلي لطبيعة

المجتمع السياسي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

76

Page 77: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ها الجبهة اإلسالمية والمالحظ ومن جانب أخر البد لنا وان نبحث عن تلك الجذور التي انطلقت منفي كل ذلك أن أدبيات الجبهة اإلسالمية تحاول دائما أن تطرح مسألة التأسيس متالزمة مع بداية

ولكنها في نفس الوقت تحاول إقامة برزخ بين كل من الجبهة . 1969تأسيس الصندوق الحسيني .ددة الصندوق وهو أمر يوحي باالنفصال ولو لفترة زمنية قصيرة مح/

وعلى هذا األساس فان التعرض لقضية ومسألة الصندوق الحسيني والسيد هادي المدرسي تبدو مهمة ومن الممكن أن تكشف الكثير من المسكوت عنه في الخطاب السياسي البحراني وخطاب

.الجبهة اإلسالمية خصوصا

:التأطير الثوري للعمل اإلسالمي :الصندوق الحسيني :أوالوبالتحديد في ذكرى . في شهر رمضان1969س الصندوق الحسيني تبدأ منذ عام إن قصة تأسي

وهي مناسبة ذات شأن كبير في الفكر الشيعي تقام لها طقوس عزائية شاملة )ع(وفاة اإلمام علي وفي البحرين فان ذكرى استشهاد . ويحدث بها استنفار واسع في كل قطاعات المجتمع الشيعي

مرتبة الثانية بعد ذكرى عاشوراء من حيث التنوع وكثافة الفعاليات المقامة اإلمام علي تأتى في الإن ما حدث في تلك السنة أن وزع منشور ذو طابع إسالمي تخللته بعضا من الجوانب .لها

والملفت للنظر هنا أن هذا المنشور "جمعية الشباب اإلسالمي"السياسية واالجتماعية ووقع باسم التي تعتبر 1965ي سياقات متعددة أهمها حداثة العهد بانتفاضة مارس وهذه الجمعية تأتي ف

والسياق الثاني إنها تأتي في فترة تصاعد الدعوة إلى التراث اإلسالمي بعد ,األقوى من نوعها قيام الكيان _ التي جاءت متوجة لكثير من التحوالت التاريخية في مختلف المجاالت 1967نكسة

خيبات األمل بعد نشوة الحصول على .وعلى أنقاض مجتمع مسلم الصهيوني في فلسطين وانبثاق الطبقة المتوسطة كقوة 1962قيام الثورة المصرية وانتصار الثورة الجزائرية ,االستقالل إن هذه التحوالت في الواقع والوعي كانت قد أدت لنزعات التوفيقية والخضوع أن _سياسية

حليم بركات انه يجب أن يكون قد .وكما يقول د. ية التمردية تتقلص وبدأت تنتشر النزعة النقدرافق ذلك ظهور الفرد المتمرد الرافض الستبدادية السلطات االجتماعية والسياسية فبدأت تتكون

). 181 ص1/2000مجلة الطريق,بركات(نزعات التصادم والمواجهة والتساؤلية واالستكشافية بية ذات الطابع اإلسالمي في بعض األقطار اإلسالمية إضافة لبزوغ نوع من التجمعات الشبا

وعلى وجه الخصوص في العراق وتحت إشراف المرجعية الدينية خصوصا مرجعية السيد الحكيم خصوصا وان الطابع اإلخباري . الذي أمتدت مرجعيته إلى الواقع البحراني بشكل ملفت للنظر

همية خاصة في الفكر الشيعي ولها واقع إشكالي كان مسيطرا على عملية التقليد وهي عملية ذات أومن جهة أخرى كانت ساحة العراق اإلسالمية قد شهدت بروز الصراع . في المجتمع البحراني

الشيوعي وتنامي النزعة نحو بناء المؤسسات اإلسالمية كان منها تجمعا أسسه عز /اإلسالمي ).45 رؤوف صراجع(حركة الشباب المسلم "الدين الجزائري أسماه

-التي ستتحول إلى الصندوق الحسيني االجتماعي -وفي الواقع لم تكن جمعية الشباب اإلسالمي هي بداية التأسيس للحركة اإلسالمية كتنظيم إسالمي سياسي فهناك جمعية التوعية اإلسالمية التي

ذته مركزا واتخ1968نقلت مقرها من مسجد طي في قرية الدراز إلى مسجد القدم في العام وكان المنهج الذي ) .104الحاج ص(للنشاطات كما إنها استأجرت بيتا أخر ليكون مقرا لها

اختطته جمعية التوعية هو بث الوعي والثقافة اإلسالمية بين الناس واعتمدت لذلك وسائل ثقافية برامج شتى تنوعت بين المحاضرات المباشرة و أشرطة الكاسيت والكتب والكراسات التعليمية و

وتحاول الكثير من الدراسات أن تفهم جذور جمعية ) 69حمادة ص(التعليم الدائم والموسمي الحركية عبر السعي إلقامة ارتباط بين جمعية التوعية و جذور حزب الدعوة /التوعية الفكرية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

77

Page 78: ضخامة التراث ووعي المفارقة

في العراق اثر تصاعد المد الشيوعي مما يعني أن طريقة العمل1958اإلسالمية الذي أسس في الذي سوف تتبعه جمعية التوعية لن يخرج عن إطار العمل المرحلي كما هو عند حزب الدعوة

حيث أن المرحلة األولى في فكر حزب الدعوة ال تتعدى العمل التثقيفي وبناء الفكر والوعي .حسب الصيغة اإلسالمية مع االبتعاد عن الدخول في المواجهة السياسية مع السلطة أو مع غيرها

. ن لم تكن جمعية الشباب اإلسالمي التنظيم األول للحركة اإلسالمية لكن لخصوصية طرحها إذ

لذلك اعتبرت ,والمنهج الفكري الذي التزمت به يبدو أن ذلك ميزها بوضوح قبال جمعية التوعية الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين أن هذه الجمعية هي باكورة العمل السياسي اإلسالمي في

حيث جمعت الفكر الرسالي األصيل وبين التغير والتدخل السياسي في البالد .البحرينلقد استطاعت الجمعية رغم قصر عمرها وتواضع إمكاناتها أن )24/1988ص65عدد ,الرسالية(

اشتد نشاطها بشكل كبير من خالل 1970تستوعب أعدادا غفيرة ومتزايدة من الشباب وفي عام شخصية العالمة السيد هادي المدرسي الذي أعطى للجمعية دفعات التفاف الشباب المؤمن حول

. 1971ومعه تحول اسم الجمعية إلى جمعية اإلرشاد اإلسالمي )106الحاج ص(قوية ومتنوعة وكان السيد المدرسي في تلك الفترة قد دشن مرحلة جديدة في عمله اإلسالمي اتسمت بالعمل على

. فكرية النظرية في اإلسالم وتبين معالمه و أبعاده المختلفةبلورة بعض المفاهيم و االطروحات الال للرأسمالية "وكتاب 1970كتبه "ألف باء اإلسالم "وكان من ابرز مؤلفاته في هذا اإلطار كتاب

ولم تمض فترة قصيرة أيضا إال وتغير اسم )217حمادة ص (نعم لإلسالم ..ال للماركسية .. حيث كانت البحرين تعيش 1972دوق الحسيني وذلك في سنة جمعية اإلرشاد اإلسالمي إلى الصن

) 107الحاج ص (حياة نيابية وحريات نسبية وأمام نهوض ملحوظ في الحالة اإلسالمية لقد لعب الصندوق الحسيني إلى جانب جمعية التوعية اإلسالمية دورا مؤثرا في نشر الوعي

لخضوع واالستسالم كما كان لهمها الدور اإلسالمي بمضامين تؤكد على رفض حالة الخنوع واالمركز (1972المباشر في تسيير الشارع الشيعي حيث شكال مركزا في الحمالت النتخابية

وقد استطاع الصندوق أن ينظم في صفوفه أعدادا هائلة من الطلبة والشبيبة ) 537العربي صه للتوسع خارج منطقة وتعدت مناطق عمل. إضافة إلى عدد من التجار والوجهاء البارزين

العاصمة وقام بتوزيع نسخ هائلة من الكتب والكراسات اإلسالمية التي تخوض في عملية التغير وهدفية اإلنسان والحياة ورسالة اإلنسان المسلم وعملية األمر بالمعروف والنهي عن المنكر

).213مرهون ص(ان حيث مجالس العزاء والخطب إال أن الملفت للنظر هو اهتمام الصندوق بشهري محرم ورمض

الحسينية والمحاضرات الجماهيرية الموجهة، وهو نطاق عمل مشابه لما كانت عليه حركة حيث كانت ترى 1979التي تحولت إلى منظمة العمل اإلسالمي . الطالئع الرساليين في العرق

واألمر ).236روؤف ص (ضرورة التركيز على الشعائر الحسينية بشكل اكبر مما هو قائم الملفت أيضا أن تحول جمعية اإلرشاد اإلسالمي إلى الصندوق الحسيني صاحبه تحول في التنظيم اإلداري للعمل إذ اصبح للصندوق إدارة عليا مركزية وأمناء سر ولجان عمل مختلفة منها لجنة

ة األساسية مما جعل الصندوق بمثابة الواجه. االحتفاالت ولجنة الشؤون االجتماعية ولجنة إعالميةلهندسة العمل والتحرك اإلسالمي من خالل اعتماده على التسيس الداخلي للمجتمع وتكوين بؤر

انطالقا من الشعار الذي حدده لنفسه القائم على ثالثة ) 29/1988ص65الرسالية ( للعمل ثوريجهات العمل مما جعل منه إحدى وا)اإلنسان -العدل -اهللا (وهي -روحية ,سياسية ,عقائدية -أبعاد

.السياسي الديني النشط

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

78

Page 79: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ونظرا لتصاعد وتيرة النشاط الجماهيري والتنظيمي على الساحة ارتأت إدارة الصندوق إضافة بغية درء "الصندوق الحسيني االجتماعي "لفظة االجتماعي على اسم الصندوق الحسيني ليصبح

).71حمادة ص (1975الخطر المحتمل ضد الصندوق من قبل السلطة وذلك في سنة إن هذا التفكير ما كان له أن يأخذ مجراه إال في ظل توسع دائرة اهتمام الصندوق من جهة ومن

ومن الجانب األول . جهة أخرى يعكس مدى سيطرة األجواء القمعية التي كانت تهيمن على البالد :نرى أن استراتيجية الصندوق قامت على محورين رئيسيين هما

سالي وبث الثقافة اإلسالمية وذلك من خالل إقامة المحاضرات والندوات تزريق الوعي الر-1والرحالت األسبوعية وعمل الملصقات وتقديم المساعدات المالية للمحتاجين ووفر ذلك تردد الكثير من خطباء المنبر الحسيني من العراق و إيران على البحرين في تلك الفترة مثل الشيخ حميد

ى الشاهرودي والسيد جاسم الكربالئي والشيخ حسن الصفار والسيد حسن المهاجر والشيخ مرتضالشيرازي الذي كانت له مداخالت هامة في بعض القضايا التي أثيرت في جلسات المجلس التأسيسي المكلف بصياغة الدستور وقد شارك في حملة توعية لتحويل دولة البحرين من الطابع

والشيخ فوزي السيف والدكتور احمد الوائلي والشيخ ,سالمي اإل/االشتراكي إلى الطابع العربي باقر المقدسي والشيخ الكاشي وغيرهم من أقطاب الخطابة الحسينية وكان كثير ممن ينتمي الى

.حركة الرساليين يأتون إلى البحرين في شهري محرم ورمضان تحت إشراف الصندوق الحسينييها في عملية التغير واالستفادة من عناصر المجتمع الجيدة بناء الكوادر الرسالية التي تعتمد عل-2

في تشكيل خاليا العمل السري المنظم والتي أصبحت فيما بعد الكوادر األساسية التي يعتمدها فقد كانت هناك محاوالت حثيثة للوصول )72حمادة ص(الصندوق في تغذية الساحة فكريا وتنظيما

معة ومجلس الطلبة وكذلك محاولة إيصال صوت الصندوق الى مركز القرار والتأثير في الجاالرسالية (بواسطة أجهزة الدولة الرسمية والدخول إليها عبر إطارات طبيعية تتقبلها السلطة

).27/1988ص65لقد كانت هذه المرحلة كفيلة وسامحة لتنظيم الجبهة اإلسالمية من ان تشكل نفسها وتنظم خالياها

وان يستمر الصندوق الحسيني في مواصلة نشاطه 1979 العام وان تعلن عن وجودها في 1979وتمضية غطائه وان يترقب مداهمة السلطة السياسية له في أية لحظة كما حدث في

ومما يؤكد أن .عنصرا من عناصره وإقفال المكتبة اإلسالمية العامة التابعة للصندوق 40واعتقال انه إذا كانت الجبهة 1978ير البحرين لم يكن إال بعد اإلعالن عن مسمى الجبهة اإلسالمية لتحر

فلماذا لم تشر المصادر الرسمية والسياسية إلى جهة 1976اإلسالمية قد أعلنت عن نفسها في لتؤكد وجود 1981 وما بين الجبهة وتنظر إلى عام 1979االرتباط بين الصندوق المقفل في

عمل تنظيمي للجبهة اإلسالمية ؟ فانه إعالن سري أيضا كما كان 1976ترض عندنا أن اإلعالن إن صح وجوده في إن ذلك يف

العمل السري في خاليا الجبهة بل إن البعض قد يشكك بالعالقة ما بين الجبهة اإلسالمية وتأسيس الصندوق الحسيني ويقول هذا البعض إن جماعة السيد هادي المدرسي قد دخلت إدارة الصندوق

فيما بعد ؟نقصد هنا التأسيس االجتماعي -ه من المالحظ في استراتيجية الصندوق منذ بداية التأسيسإال ان

إنها تتطابق بعض الشيء مع أسلوب السيد المدرسي الذي -بالذات أي إضافة لفظة اجتماعي وهذا التطابق ال يكون مصادفة أو حدثا عفويا إذا ما اخضع للتحليل 1970وصل للبحرين عام

سة وبالتالي فإن فتح ملف عالقة السيد هادي المدرسي بالصندوق وبالجبهة والبحث والدرااإلسالمية يعتبر بمثابة البوابة الرئيسية لدراسة التأثيرات الخارجية لنشوء الجبهة اإلسالمية وجذور النشأة لها وبالتالي التوصل إلى تحديد مالمح الخطاب السياسي التغيري للجبهة اإلسالمية لتحرير

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

79

Page 80: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ومن واقع مالمسة بعض قضايا الصندوق الحسيني االجتماعي تشير بعض الشخصيات .رينالبحإلى أن ثمة نوعا من االنشقاق كان قد حدث في إدارة الصندوق الحسيني وعلى أثره كان هناك

وهذا األخير هو ما تعتبره الجبهة ,الصندوق الحسيني في مقابل الصندوق الحسيني االجتماعي لق في تأسيس كوادر الجبهة اإلسالمية ويؤكد من عاصر تلك الفترة على أن اإلسالمية المنط

اهتمامات الصندوق الحسيني االجتماعي كانت تتحرك من واقع الدعوة إلى مرجعية السيد لقد رأينا أن الجبهة تحاول في خطابها التأسيسي أن -الشيرازي في قبال المرجعيات األخرى

الثالث الذي تأطرت به في مراحل التأسيس وفي نفس الوقت تعكس كون الصندوق هو اإلطار هو تاريخ اإلعالن عن الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين مع إن هذا 1976نرى إن تاريخ

التاريخ يأتي متعارضا مع تواريخ أخرى في نفس الخطاب التابع للجبهة اإلسالمية مما يعني ان ديد تاريخ اإلعالن وفي مقابلة مع أحد الكوادر في ثمة اجتهادات من قبل أعضاء الجبهة في تح

لم يكن هناك مسمى 1976المكتب السياسي للجبهة اإلسالمية في دمشق أوضح انه في عام الجبهة ولم يتم اإلعالن عن وجودها أيضا ولكن الذي حدث في ذلك الوقت ان ثمة اعتقاالت كانت

أما اإلعالن عن فصيل الجبهة 1980في قد حدثت لبعض أعضاء الصندوق الحسيني الذي اغلق يمثل بداية وعي 1976 في طهران ومن هنا ارتأى البعض ان 1979اإلسالمية فلم يكن إال في

السلطة بوجود بوادر التشكيل اإلسالمي للجبهة اإلسالمية والسؤال المطروح هنا لماذا تصر الجبهة على التاريخ األول وتتغافل عن التاريخ الثاني ؟

الكثيرين يجدون أن أغلب التيارات اإلسالمية المعلنة هنا بعد الثورة اإلسالمية في إيران لعل تحاول أن تعكس بعدا تجذيريا وتعطي لنفسها األصالة في مقابل التبعية المشار إليها للثورة 1979

المية بمعنى إن التنظيمات اإلسالمية تأسست إما من وحي الثورة أو إنها من صنيعة الثورة اإلسفي إيران وبهذا فإنها تكون تابعة للتخطيط الفكري للثورة اإلسالمية في إيران وتخضع لها بل وتمارس عنها حربا بالوكالة مع األنظمة الحاكمة المعادية للثورة اإلسالمية ولذا فان الذهاب إلى

ت المشار إليها تاريخ ابعد زمنا عن تاريخ انتصار الثورة اإلسالمية يعطى جوابا لتلك التحليالويبعد عنها كم هائل من الدعايات في هذا اللحاظ ومن جهة أخرى تعطى لنفسها االستقالل عن

.القرار اإليراني ولكن هذا التحليل ال يعجب أصحاب التيارات اإلسالمية عموما ومنها الجبهة اإلسالمية لتحرير

طلق بعضها من وحي االنفعال والبعض البحرين ولذا نرى إن انتقادا حادا لمثل هذه التحليالت تناألخر يعكس نقاشا علميا مع القضية المطروحة وهي قضية تأسيس التيار اإلسالمي في البحرين

ان اإلطار النظري ألية حركة سياسية مهم للغاية "ويناقش األسلوب المتبع في تتبع قضايا التأسيس وعيا متكامال واإلسالم هو ذلك العمق بل هو العمق الحقيقي لفهم أية حركة سياسية فهما موض

وعليه فان الجانب السياسي )33حسين ص(وذلك اإلطار النظري للحركة اإلسالمية البحرانية للحركة اإلسالمية ال يشكل إال أحد أقسامها وقنواتها وقد يتصدر أنشطتها وقد يتأخر بناء على

والنقد األكثر منهجيا في هذا )19نفسه ص(العديد من العوامل والظروف الموضوعية والذاتية السياق هو ان الركون الى بداية التأسيس بناء على أول إعالن رسمي للتنظيم ال يشكل إال الحلقة التالية لدراسة الجذور واألصول والحركة القائمة فإننا عندما ندرس الثورة اإليرانية مثال ال

حظات التي انطلقت فيها شرارات الثورة ندرسها من لحظة االنتصار بقدر ما ندرسها من تلك الل .وأسست الوعي الجماهيري المنشئ للثورة أساسا

وهنا يتضح لنا بعدا جديدا في خطاب الجبهة اإلسالمية يقوم على التماهي مع الحالة التاريخية للبحرين ومع الخصوصية التابعة لها اعني الحالة اإلسالمية المعارضة وخصوصية التشيع وهما

ميز الجبهة اإلسالمية بكثرة التركيز عليهما في أدبياتها ومعه فان مشهدية التأسيس للجبهة مما تت

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

80

Page 81: ضخامة التراث ووعي المفارقة

اإلسالمية البد لها وان تتمدد على امتداد التاريخ السياسي للحالة اإلسالمية في البحرين وان اعمة لتيار المؤسسات اإلسالمية والمشاريع التابعة للحركة اإلسالمية عموما هي بمثابة العناصر الد

الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين لقد اتبع الصندوق الحسيني سياسية علنية تهتم بالجانب الثقافي البحت محددا مجاله الحركي في

وفي مقابل هذا الخط العلني يبدو أن عمليات سرية كانت تجرى لتأسيس .القطاع الجماهيري العام وتكون الخاليا )حركة الطالئع الرساليين (لعراق خط تنظيمي سري يرتبط بالحركة األم في ا

كان هذا . النشطة والفاعلة في ما سيظهر الحقا تحت مسمى الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين تلقي هذا الفصيل تدريبات 1973الكادر السري يقوم ويالحظ مهام العمل العلني وفي عام

" أ " بح منظما على فئتين هما الفئة عسكرية في بعض معسكرات الفلسطينيين في لبنان واصتكون حرة " ب "والفئة الثانية .تخضع لإلشراف والتوجيه وتكون حركتها واضحة بعض الشيء

وكان السيد هادي المدرسي يجتمع مع كال الخطين " . أ " في تحركاتها وهي أكثر سرية من الفئة . السري/العلني

:رك السيد هادي المدرسي العقل المح:ثانيا

ان شخصية السيد هادي المدرسي قد ال يلفها الغموض في مرحلتها الراهنة أي منذ إبعاده عن لكنها قبل ذلك فإنها تثير الكثير من عالمات االستفهام ومن الممكن ان تؤسس ,1979البحرين

في مرتكزات أساسية في تاريخ البحرين السياسي وعالمات التعجب التي أثارتها روبن رايت تبدو بأنه أستجمع الدعم بسرعة داخل الحسينيات والمجتمع اإلسالمي المتنور المؤثر "محلها لقد وصفته

قد اخذ على عاتقه المهمة بقوة . مراكز ضخمة اكثر من مائة مكتب تعاملت مع قضايا الشيعية,روبن (السلطات كانت مدركة للمعلومات عن الجبهة اإلسالمية إال إنها لم تكن أخذة لها بجدية,

لذا فان الخوض في قضايا الخطاب السياسي للجبهة اإلسالمية البد له من الخوض )171رايت صإذ لعل واحدة من مقومات " واإلحاطة بتفصيالت العالقة بين السيد المدرسي والجبهة اإلسالمية

مجتمع القوة التي امتازت بها الجبهة اإلسالمية وحققت نفوذا واسعا لدي الشارع السياسي في الالسياسي البحراني هي تلك العالقة بينها وبين السيد المدرسي مما اكسبها أصالة في البعد التنظيمي

".والحركي التأسيسي او البعد الخطابي المفاهيمي ان هناك بعض النقاط في مسيرة السيد المدرسي التحدث عنها يؤسس فهم العالقة بينه وبين الجبهة

ستقرار في البحرين وكيف كانت عالقته مع النظام الحاكم ليظهر فألي غرض قرر المدرسي االلقد حصل السيد المدرسي على الجنسية البحرانية في وقت .1973على الشاشة التلفزيونية منذ

قصير جدا وكانت عالقته مع ولي العهد آنذاك الشيخ حمد بن عيسى و وزير اإلعالم طارق نان مع العلم ان المدرسي يمتلك تاريخا جهاديا أخره ما قام به في المؤيد عالقة قوية يشار إليها بالب

لبنان لمحاولة إنقاذ خاله السيد حسن الشيرازي من حكم اإلعدام الذي صدر في حقه في العام ومن جهة أخرى فهو حفيد السيد حسن الشيرازي الذي اصدر فتواه المشهورة ضد 1969

والميرزا محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين ,يران االحتكار البريطاني لصناعة التبغ في إ .جده أيضا 1920وفتواه بوجوب الجهاد ضد اإلنجليز في العراق

في ضوء كثير من األمور والقضايا خصوصا متابعة ساحة المجتمع العراقي وتدشين الوعي سيد المدرس اإلسالمي الحركي في مجال الدعوة في قطاعات واسعة ومختلفة يجعل من رحلة ال

إلى البحرين رحلة تحمل في طياتها مشروع عمل يتعدى مجال الدعوة واإلرشاد وهي مجاالت وللتوصل إلى إتمام هذا المشروع كانت ,العمل الخطابي لعلماء الدين أو خطباء المنبر الحسيني

وعا حركات السيد المدرسي تسعي لتوفير األغطية المناسبة النجاح مشروعه الذي لم يكن مشر

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

81

Page 82: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وكانت نقطة القوة في عمل السيد المدرسي هي ,خاصا بالبحرين فقط بل انه كان توجها عالميا قدرته على فصل واقع العراق المثور والهائج سياسيا وبين واقع ساحة البحرين التي وان كانت

حوال تعج باألحداث السياسية الملتهبة وتعيش ذروة العمل السياسي لكنها لم تكن في حال من األوتضمن هذا الفصل فصل بين انتماء السيد المدرسي للعراق وشؤونه ,في مستوى ساحة العراق

وبين أرضية العمل الجديدة وهذه االستراتيجية جعلت من أسس العمل الحركي قائمة على وضعية التشخيص المنفصل التي مارسها خاله السيد محمد الشيرازي عند قدومه الى الكويت بعد صدور

اإلعدام في حقه في العراق فقد اختط سياسية الفصل ذاتها ولم يمارس المعارضة ضد النظام حكمالعراق من ارض الكويت لدرجة انه لم يكن يلتقي مع السيد تقي المدرسي شقيق السيد هادي المدرسي والذي كان مسؤوال عن شؤون العراق السياسية وكما توجه السيد الشيرازي الى بناء

حتية للعمل الثقافي والسياسي المختص بالكويت فان السيد المدرسي خضع لنفس هذه البنى التان هذا التشابه ال يمكن ان يكون إال صادرا عن وجود رؤية حركية يبدو إنها ,السياسية أيضا

كانت محل اتفاق بين هذه الشخصيات وفي نفس الوقت فان االستمرار في تتبع استراتيجية السيد روع المبطن لعلها تكشف عن طبيعة التحركات التي كان يقوم بها ومن دون ان المدرسي للمش

فطوال الفترة التي كرس السيد المدرسي فيها وجوده في البحرين ,يطرح قضايا المشروع الحقيقية ولعل من اللطيف ذكره -كان معروفا عنه النشاط في الدعوة إلى مرجعية السيد محمد الشيرازي

لق بهذا الهم كانت سببا في تقليل الوجاهة التي تمتع بها السيد المدرسي أفرزت هنا ان حادثة تتعفبعد وفاة السيد الحكيم ,الفكري في البحرين /نوعا من التقسيم الفكري في المجتمع السياسي

طرحت مرجعية السيد الشاهرودي إال انه توفي بعد مدة قصيرة فقررت جمعية التوعية إقامة حه في مأتم اإليرانيين على إعتبار كون السيد الشاهرودي إيرانيا وصادف مجلس عزاء على رو

في يوم المهرجان ان قدم السيد طالب الرفاعي وهو أحد العلماء العراقيين والذين لهم عالقات قوية مع بعض المراجع في النجف وطلب ان تكون له كلمة قصيرة يتكلم فيها عن حياة السيد

راجع فوافق مقيمين الحفل على ذلك وكان السيد الرفاعي شديد اللهجة الشاهرودي وعن حياة المفتكلم عن المرجعية الشيعية ودورها وضرورة اللجوء إلى الكفوءة منها ثم انه اخذ يتكلم بوجه سلبي على مرجعية السيد محمد الشيرازي وانتقد بكالم الذع الصور والمنشورات التي كانت

لقد أحرج السيد .العجم ودعا إلى الوقوف بوجه الدعوة إلى تقليده توزع في المنامة وقرب مأتم وحدث نزاع بين السيد .الرفاعي أعضاء جمعية التوعية اإلسالمية التي لم تكن تعلم بهذه النهاية

المدرسي والجماعة المحيطة به والمنتمين لمرجعية السيد الشيرازي وما بين جمعية التوعية .الحادثة حدثت قطيعة ونوع من الخصام بين كال الطرفيناإلسالمية وعلى اثر هذه

وفي الواقع فان السيد المدرسي لم يخرج عن خط العنف الثوري كأداة للعمل السياسي لكنه في نفس الوقت كان يدرك ان العنف السياسي واالجتماعي بهيكله ومحتواه وأشكاله ومنهاج مظاهره

. سياسي عادي ليس أمرا متحجرا ثابتا بل هو موضع تطورفالعنصر السياسي ما زال عنصرا متغيرا حسب ميزان القوى ولم يصل لحد التوحد مع العقائدي

لقد ساعد المدرسي في ذلك بعض السمات التي .أو الثقافي أو لم يصل لحد التفاضح مع الهوية سالمي والفكر أمتاز بها مثل قوته الخطابية وتوقد ذكائه وسعة اطالعه وتعمقه في شؤون الفكر اإل

فكان وصوله إلى البحرين يمثل ,األخر الغربي فضال عن سمات القيادة البارزة عليه وعلى عمله دفعة لنشر نشاط ديني تنظيمي سياسي وكذلك األيديولوجي عبر المنابر الدينية أو الصحافة أو

لكنه عمل ال يثير )12ص70.مجلة الفجر ع(الكتيبات الدينية بما فيها كتيبات السيد المدرسي نفسه سخط السلطة السياسية لما اتسمت به حركته من هدوء وعدم تصعيد الدخول في صراع مكشوف

.مع السلطة السياسية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

82

Page 83: ضخامة التراث ووعي المفارقة

حيث التقي السيد محمد 1967تبدأ عالقة السيد المدرسي بالحركة التنظيمية في البحرين منذ سنة بعة للجالية البحرانية هناك وتباحثا حول العلوي بالسيد محمد الشيرازي في كربالء في حسينية تا

الوضع في البحرين ومن ثم اتفقا على ضرورة العمل الحركي السياسي اإلسالمي وكان السيد الشيرازي متوجها بقوة ناحية العمل السياسي وفي نفس الوقت اختير السيد هادي المدرسي

طاع الحصول على الجنسية منها انطلق السيد هادي الى عجمان ومنها است.كمبعوث لهذه المهمة توجه الى البحرين ونزل ضيفا على السيد محمد العلوي الذي عرفه بالسيد 1969وفي عام

محمود العلوي وزير المالية ومؤسس بنك البحرين الوطني ومنه تعرف السيد المدرسي على هج الكفاح الذي رجاالت الدولة وكون عالقة قوية مع الشيخ حمد بن عيسى و أهدى إليه كتابه ن

يتضمن رؤية عسكرية من خالل نهج البالغة األمر الذي جعل من الشيخ حمد ان يعتبر السيد المدرسي مستشارا إليه في شؤون الدفاع التي كانت في طور التأسيس حتى اصبح السيد المدرسي

ن لقمة سائغة لقد وجد السيد المدرسي البحري.بمثابة المرشد الديني داخل صفوف قوة دفاع البحرينلالنقالب العسكري وكون له فكرة السيطرة على الجيش والقيام باالنقالب العسكري إال ان هذا الهم واجه صعوبات حقيقة جعلت منه ينسحب تكتيكيا من قوة الدفاع لقد كان دخول السيد المدرسي

ا على البحرين في نطاق الدولة يفرز حساسية واستياء من قبل جماعة حزب الدعوة لكونه وافد توجه الى القطاع الجماهيري الذي 1973إال ان السيد المدرسي وبعد انعزاله عن خط الدولة بعد

وجده مرتعا ومحتاجا الى عمل تنظيمي واسع خصوصا مع محنة المثقف التي عانى منها الواقع مستمرة في البحراني في السبعينات إال انه لم يقطع صالته نهائيا بالدولة فكانت محاضراته

وقبل انتصار الثورة اإلسالمية في إيران وبسبب معلومات تلقتها سفارة إيران في .تلفزيون البحرينالبحرين عن تحركات السيد هادي المدرسي السرية وضع تحت المراقبة مما أعاق حركته بعض

رة اإلسالمية الشيء إال انه ومع انتصار الثورة تبدلت حركية السيد المدرسي و أعلن تأيده للثومفارقا بذلك جماعة حزب الدعوة التي ظلت متحيرة في أمرها واخذ السيد المدرسي موقعا قياديا في جهاز اإلعالم للثورة وبدأ يعطي تصريحات سياسية بل انه كان المشرف على عملية االستفتاء

.على الجمهورية اإلسالمية في السفارة اإليرانية في البحرين من احتالل إيراني للبحرين اعتقل السيد المدرسي لمدة يوم وابعد الى اإلمارات وبسبب المخاوف

توجه السيد المدرسي في دبي .بعد ان تلقت حكومة البحرين تهديدات حقيقية من قبل المنتظري الى مسجد اإلمام علي واستقبلته الجالية الشيعية هناك وفي نفس هذه الفترة كان السيد المدرسي

قبل السفارة العراقية حيث دبرت له عملية اختطاف من المسجد تحركت على أثره مطاردا منجماعة السيد المدرسي في دبي وحدثت اتصاالت مع إيران وتدخل ياسر عرفات لإلفراج عن السيد المدرسي ومنع توصيله للعراق واصبح السيد المدرسي بعد هذه الحداثة شخصية محببة الى

اهيري العام خصوصا مع الخدمات التي قدمها للشهيد بهشتي وتوريد طلبة القطاع اإليراني والجم .السيد اإلمام الخميني الى أوربا

ومن هنا تبدأ مسيرة جديدة للسيد المدرسي حيث وجد المدرسي إمكانيات ضخمة تحت يديه ووجد

النموذج نفسه مسؤوال عن تحرير البحرين وبحكم صالته بالثورة اإلسالمية فكر في استنساخ اإليراني في البحرين وفكر باالنقالب الجماهيري فيها فجمع معلوماته ووظف خبرته ودرس ميزان القوى العسكري وفي غضون ستة اشهر تقريبا حصل على معلومات تعتبر كافية لالنقالب

واستفاد من العمل التنظيمي الذي باشره في .واخذ في رسم خطة عسكرية لتحقيق الهدف لحسيني أرسل أفراد الخط التنظيمي السري الى سوريا للتدريب واخضعوا الى دورة الصندوق ا

متكاملة خصوصا الشق العسكري لمدة ستة اشهر وبعمل مكثف لرتبة ضباط وأرسل الخط

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

83

Page 84: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الجماهيري الى إيران للتدريب أيضا واستغنى السيد المدرسي عن الكادر اإليراني للتدريب الجنود لية التدريب تجرى بشكلها السريع والمتقن حتى تم االتفاق على التنفيذ البحرانيين وتمت عم

1981وعرف ما يسمى بمحاولة االنقالب ان اختيار السيد المدرسي للبحرين يأتي في ظل توفرها على القاعدة المناسبة التمام المشروع

كذلك فان %70 اكثر من السياسي وبعبارة أدق توفر القاعدة العقيدية إذ تشكل الطائفة الشيعيةنضج الحركة اإلسالمية والسياسية والسبب األكثر أهمية ان البحرين إلى ما قبل انتصار الثورة اإلسالمية في إيران كانت تشكل بؤرة سياسية تستقطب العمل السياسي لكافة الجهات ساعدها على

أبنائها ولعهم الشديد ذلك ارثها التاريخي المليء بالمعارضة والتحرك السياسي وما عرف عنوعليه فقد كانت البحرين هي األكثر بروزا بين حاضرات الخليج .بالسياسية والعمل السياسي

العربي وهي البيئة األكثر توافقا لتدشين المشروع السياسي الذي جاء به السيد المدرسي على هذا د كانت هناك عالقات المجيء لم تخطيطا بعيدا عن أقطاب الحركة اإلسالمية في البحرين فق

حميمة بين بعض البحرانيين الدراسيين في العراق وما بين حركة الطالئع الرساليين المؤسسة فالحركة " وكانت هناك جلسات عمل تتم بين هؤالء البحارنة وبين أعضاء حركة الطالئع 1967

رين والكويت الرسالية كانت تضم باإلضافة إلى العراقيين عناصر من الجزيرة العربية والبحومن جانب أخر فمنذ أواخر الستينات بدأت )252رؤوف ص(وبعض دول الخليج األخرى وإيران

تتوالى دفعات من الشباب المؤمن على مدينة النجف وبشكل منتظم وبدأت تنصهر وتتفاعل مع األجواء العلمية والسياسية والفكرية والحركية التي كان يموج بها العراق بشكل عام والمدن

الحركية "المقدسة بشكل خاص وفي هذه الفترة بالذات بدأت تطرح على الساحة اطروحات ).39حسين ص(والحزبية اإلسالمية تظهر وتطرح نفسها بقوة على الساحة

لقد كان المشروع يتطلب استراتيجية وحنكة سياسية قادرة على إنجاحه بالشكل التام حتى ولو ن العمل السري هو السياسية التي كانت متبعة مما عزز تأخر سنوات عديدة وبعبارة أدق ا

الصندوق /جمعية التوعية اإلسالمية "مجاالت التفاعل والعمل مع كافة فصائل الحركة اإلسالمية فطوال فترة بقاء السيد المدرسي في البحرين لم يكن يطرح فكره السياسي الخاص "الحسيني

ا يتعلق بإشكالية تكوين األحزاب وشرعيتها الشرعية بحركة الطالئع الرساليين وعلى األخص فيموالعملية وهي مسألة تناولها السيد حسن الشيرازي في كتابه كلمة اإلسالم أكد فيه على ضرورة ربط الجماهير بالمرجعية والعلماء وتوصل فيه أيضا إلى عدم شرعية األحزاب من وجهة إسالمية

ن الدخول في مثل هذه القضايا لم يكن مناسبا مع ا.وان الشرعية منحصرة في والية الفقيه األجواء البحرانية من جهة وهو جهد يقع في المرحلة الثانية في الفكر السياسي الحركي من جهة أخرى فقد سعى المدرسي إلى بناء مرحلة القاعدة في أجواء كانت مليئة بالتحديات والصعوبات

لقائمة على تربية شخصيات تربية عقائدية وسياسية مستفيدا من تجربة مجاهدي خلق اإليرانية ا.وروحية لمدة سنوات وكانت للسيد المدرسي تجربة في هذا المضمار مع الشيخ محمد منتظري في

فشجع السيد المدرسي الصندوق الحسيني وجعل منه بوابة الختيار تلك الشخصيات وتربيتها .لبنان اإلسالمية في البحرين إال إنها في تلك الفترة كانت فعلى الرغم من تجذر الحالة . تربية شمولية

الجماهير معرضة لالستقطاب السياسي اليساري مما أدى إلى خلق حاالت من التصادم بين المبشرين باليسار وما بين الداعين إلى الحالة اإلسالمية وكان على اإلسالميين المضي في مواجهة

التحتي للقاعدة اإلسالمية المعتمدة على التأكيد على المد الشيوعي واليساري والشروع في البناء .الهوية اإلسالمية والهوية الشيعية أيضا

ان فهم الدور التغيري الذي مارسه السيد المدرسي يمكننا فهمه من خالل استعراض النهج لى التغيري الذي كان يراه المدرسي والذي كان يراه في الصحوة اإلسالمية المتمثلة في العودة إ

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

84

Page 85: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الذات والتماس الحلول من التراث والحضارة والثقافة األصيلة من دون أي رفض للتراث اإلنساني :المعاصر ويحدد السيد المدرسي مراحل الصحوة اإلسالمية كاآلتي

مرحلة الوعي بالذات وفهم الدين والمعتقدات -1لحجاب وصالة الجماعة مرحلة االلتزام الشخصي والذي تمثل في االلتزام بالشكليات كا-2

.وحضور المحاضرات الدينية والتشديد على إحياء الشعائر الحسينية . مرحلة العمل االجتماعي المتمثل في االرتباط العقائدي وااللتزام العائلي والعطاء اإلنساني -3 )223حمادة ص .( مرحلة العمل السياسي وخوض عملية الصراع مع القوى المعاصرة -4

خرى رافقت هذا المنهج التغيري محاور عمل أساسية لتطبيق المنهج ومن ضمن هذه ومن جهة أ :المحاور

وهو مجال يتعرض لعرض الفكر اإلسالمي ومقارنته مع :توفير المنهج الفكري اإلسالمي -1الفكر المضاد بهدف إعادة الثقة في اإلسالم بعد موجات االنهزام المتالحقة في العالم اإلسالمي

وبالتالي بلورة بعض المفاهيم واالطروحات الفكرية 1924بعد سقوط الخالفة العثمانية خصوصا .النظرية في اإلسالم

تحريك الساحة عبر العلماء من خالل الزيارات المكثفة وبصورة منتظمة إلى العلماء وحث -2ر وهم المجتمع على ضرورة االرتباط برجال الدين ألنهم هم المؤهلين التمام عملية التغي

ان وضعية رجل الدين في الفكر الشيعي البحراني ,المعرضون إلى كافة الضربات واالتهامات تختلف عما هي عليه في الفكر السني وهذا الفارق يمكن فهمه من خالل ما طرحه الخوري أي

ة بشكل تفسير األمور الدينية وارتباط هذا التفسير برجال الدين والثاني بروز قضاة الشيعة والمالئيالخوري (طوعي على أساس الدعم الشعبي ال بشكل وظيفي على أساس التعيين الرسمي

ذلك لم يكن قضاة الشيعة موظفين رسميين خاضعين لتنظيم هرمي متسلسل بل كانوا )110صوهدفية هذا المحور لم تكن تخرج عن إطار )128نفسه ص(قياديين خرجوا من صفوف الشعب

بالدرجة األولى والسعي نحو تكوين سلطة جديدة وشرعية قوية لتحركات تركيز المرجعية الدينيةرجال الدين في المجتمع السياسي البحراني فقد كان السيد المدرسي يرسل بعض الوفود إلى اإلمام الخميني في النجف وباريس لمساعدته في مختلف األعمال السياسية كما كان وعبر الكوادر

, 67الرسالية (نقل ما يريده اإلمام الخميني إلى داخل إيران المعتمدين يساهم في نشر و33/1988.( ان الفكر السياسي االستراتيجي الذي عمل فيه السيد . التثقيف السياسي ومواجهة السلطات -3

المدرسي يتركز في ضرورة بناء طليعة مؤمنة منتظمة تتحرك نحو تحقيق الدولة اإلسالمية من وكان منزله في )29نفسه ص,الرسالية (ثوري مناهض للواقع المتخلف خالل صنع وتربية تيار

البحرين قبل انتصار الثورة مالذا للثوار اإليرانيين ولخطورة هذا المحور فان سياسة السيد المدرسي كانت تتطلب قدرا كبرا من الذكاء والحذر والفطنة ومن هنا نلحظ سرية العمل السياسي

ي جاء به المدرسي فعمد إلى عقد صالت وثيقة مع بعض المسؤولين الذي هو ركيزة المشروع الذالحكوميين في وقت كان فيه النظام السياسي يسعى إلى تطهير صورته وتحسينها وإظهارها بالمظهر الديني لمقاومة المد السياسي اليساري الساعي إلى إسقاطه ومحاولة امتصاص الغضب

ن ولعل النظام الحاكم كان يرى في السيد المدرسي ذلك اإلسالمي وعقد تحالف معه لحين من الزمالطعم الذي يستخدمه لتنفيذ خطته وفي نفس الوقت كان السيد المدرسي يراها فرصة لتحقيق مقاومته للفكر المضاد عبر استخدامه وسائل األعالم وتثبيت مكانته في الوسط االجتماعي العام

. على عمله السياسي السريوفي مكونات النظام السياسي أيضا للتغطية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

85

Page 86: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وفي الواقع كانت الحياة اإلسالمية تعيش الوحدة في الهدف واالستراتيجية معا فسياسية المرحلية الصندوق الحسيني ومن الصعب مالحظة /كانت هي الجامع لكل من جمعية التوعية اإلسالمية

- خط الصندوق الحسيني الفوارق بين أساليب كال منها ومعه يمكن القول ان الذهاب إلى تميزفي مظاهره العامة هو قول يفتقد إلى الدقة المنهجية والتاريخية -الذي سيشكل الجبهة اإلسالمية

معا بل إننا نجد ان سياسية حرق المراحل التي كانت حركة الطالئع الرساليين تعمل على ضوئها خرطت كل الفصائل اإلسالمية وقد ان1979لم تمارس إال بعد انتصار الثورة اإلسالمية في إيران

في البحرين في العمل على أساسها وقبل ذلك يمكن التميز ببعض الفوارق التي تمتد الى مجاالت االجتماعي يصعد من الشعارات السياسية الداعية /العمل بالدرجة األولى إذ بدأ الصندوق الحسيني

اهتمامه الخاص بالشعائر الحسينية لمقاومة الظلم ولعل هذا التصعيد من قبل الصندوق راجع إلى ومحاولة توصيل الفهم الحقيقي الثوري للكتلة الجماهيرية وهذا التصعيد البد له من ان يكون متوافقا مع بعض األحداث التي مر بها المجتمع السياسي في البحرين وهي صورة كانت ظاهرة

ي أخذت فيه الصحوة إلى منتصف السبعينات وتعكس مدى التصارع السياسي والفكري الذ برز تنظيم ذو روحية إسالمية ثورية تحت اسم 1974اإلسالمية تدشن فيها نفسها ففي العام

وقام بتوزيع عدة مناشير ثورية لكنه كان يفتقد إلى األيديولوجية اإلسالمية )منظمة الكفاح الثوري(دى الجرعات الثورية وشهود المجتمع السياسي لمثل هذا التنظيم يعكس م)50حسين ص(الناضجة

التي يتغذى بها المجتمع مما جعل منهم يتعجلون اإلعالن عن واقعهم وبروز هذا التنظيم تأتي في سياق عدة متغيرات في الوضع اإلقليمي اإلسالمي منها إعدام النظام العراقي ألربعة من أعضاء

لدعوة وفي هذه السنوات حزب الدعوة اإلسالمية في العراق وانشقاق حركة جند اإلمام عن حزب اأيضا كانت محاضرات السيد اإلمام الخميني قد انتشرت وهي محاضرات كانت تدعو إلى قيام

ان هذه ,الدولة اإلسالمية ومحاربة الطاغوت وكافة أشكال الدول والحكومات غير الشرعية امن كثيرة هي المؤثرات ما من شك إنها تؤسس وعيا مغايرا للوعي السائد أو لنقل إنها تحرك كو

. معطلة لفترة من الزمن وفي الشق المحلي فعلى الرغم من وجود المجلس الوطني وأجواء الحريات النسبية إال ان كل ذلك

قامت الحكومة بإلقاء 1974لم يكن يحقق حلم المواطن البحراني عن الديمقراطية ففي العام لة وقامت بإبداعهم السجن دون القبض على مجموعة من الشباب تحت تهمة زعزعة أمن الدو

وفي نفس الوقت فان نشاط الكتلة ,محاكمات وكانت هذه بداية التطبيق الفعلي لقانون أمن الدولةالدينية في المجلس الوطني اخذ في التزايد و أظهرت نفسها بقوة الفعل والتنظيم السياسي اكثر من

شروع تغيري متعدد األوجه وهو ما كتلة الشعب التي كانت وليدة وربيبة السياسية وصاحبة م .كانت تفتقده الكتلة الدينية

ان هذه األمور ساعدت بال شك على بروز هذا التنظيم السياسي الثوري وال نجد مانعا ان يكون إبراز هذا التنظيم هو بمثابة اختبار إرادة واختبار قوة من قبل الصف اإلسالمي للحكومة والتعرف

خصوصا مع توفر فريق من اإلسالميين يرون ,وقعة على الصف اإلسالميعلى ردات الفعل المت .سياسية حرق المراحل

وعودة على السيد المدرسي فان السنوات القليلة بعد قدومه الى البحرين كشفت عن معالم ذلك المشروع الذي تمثل في السعي لتنظيم الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين عبر االرتباط بحركة

ع الرساليين في العراق التي أخضعت نفسها لقراءات المرجع الديني المشهور السيد محمد الطالئالشيرازي الذي بداء بقراءة سياسية للتراث الديني والشيعي بوجه خاص وكانت تلك القراءة الموجهة تصدر عن رؤية ثورية تقوم على أساس اسلمة المجتمع عبر الدولة اإلسالمية ان هذه

مرت في صدور طائفة من الكتابات الموجهة والنشريات الخاصة التي تندرج ضمن القراءات أث

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

86

Page 87: ضخامة التراث ووعي المفارقة

رؤية الحركة العامة لواقع األمة الحضاري مما أدى إلى حيازة هذه الحركة على أطروحة الدولة ان هذه القراءة السياسية اإلسالمية تأتى في ) 358ابراهيم ص(اإلسالمية متمثلة في والية الفقيه

مثل هذه القراءات للفكر اإلسالمي وفي نفس الوقت رغبة الجماهير لممارسة العمل سياق غياب ولم 1967السياسي على الطريقة اإلسالمية ورغبتها في اعتزال الطريقة اليسارية خصوصا بعد

يكن هناك من بديل سوى حركة اإلمام الخميني وهي حركة لم تكن على تواصل مع كثير من تي أخضعت نفسها لقراءة تجارب اإلخوان المسلمين او حزب الدعوة ولذا فان األقطار اإلسالمية ال

قراءة السيد الشيرازي السياسية قد أعطت البديل وسدت النقص في المجتمع السياسي البحراني وهو ما سبب انتشارا واسعا لعدد المقلدين للسيد الشيرازي رغم معارضة بعض من مراجع النجف

جعيته لكنه وبخطى ثابتة ودعم من قبل مؤيديه استطاع ان يكون له جهاز األشرف آنذاك لطرح مرمرجعي شامل من الناحية السياسية والفكرية والحركية،ولم يكن السيد المدرسي بعيدا عن هذا

. الخط الذي عمل على تأصيله وسط المجتمع البحراني :يخية ظاهرة االنبعاث لإلسالم السياسي و ظروف النشأة التار-2

ان اإلحاطة بأية ظاهرة او أي فعل سياسي او اجتماعي ال تكتمل في ظل التعرف على الشروط ان تلك اإلحاطة بالشروط والرؤية والظروف الذاتية ما . الذاتية الدافعة إلى التحقيق الوجودي فقط

ة لما هي إال جزء من متكونات أكبر تشكل الظروف الموضوعية العنصر األكثر حسما في القضي .تقدمه من توضيح لوضعية المجتمع السياسي الذي نشأت فيه الظاهرة او تحرك فيه الفعل

من هذا المنطلق فان التعرض لقضية الظروف التاريخية لنشأة الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين ورغم ما تقدم من إعطاء رؤية ذاتية لنشأة الجبهة ,ال بد لها وان تدرس من كال المنطلقين

اإلسالمية قد يكون قادرا على تقديم صورة أولية فإن هناك فراغات غير مملوءة تحتاج إلى عملية تكميل وان مشهدية التأسيس كما هي عند أدبيات الجبهة ال تكتمل إال في ضوء دراسة األجواء

اسي الذاتية والموضوعية لتلك المشهدية التي نحاول الكشف عنها ونعنى بذلك محددات الفعل السيفي المجتمع السياسي عموما وعلى وجه الخصوص البحرين ومن الالزم لمثل هذه الموضوعة ان تبتعد عن السياق السياسي المحض وان تلحم بقراءة للسياق الحضاري والتنموي والتغيري و المستقبلي ولذا فان اإلشكالية المطروحة هنا ال تناقش ظرفا تاريخيا يعنى الحدث في الماضي بل

إنه من حقنا ان نطرح سؤاال عريضا حول الحدث ,عى إلى دراسته عبر قراءة تواصلية نقدية تسلكن من الصعوبة بمكان التوصل لرؤية , التاريخي ومن السهل ان نقوم بإثبات وقوعه او نفي ذلك : لنرى تساؤال واحدا من تلك التساؤالت.معرفية تقيم ذلك الحدث او تحكم عليه حكما موضوعيا

كانت رؤية الجبهة اإلسالمية رؤية تتناسب وظروف وحاجات المجتمع السياسي في البحرين هل ؟أم أنها رؤية إستيرادية قامت على أساس افتقاد المجتمع السياسي إلى منظومة عمل ومن ثم عكفت على استيراد منظومة من خارج فضاء ومتطلبات المجتمع السياسي ؟إننا ال نناقش هنا

يهتم بمحولة إثبات ذلك االستراد او نفيه وانما نناقش وعي فئة رأت في الفكر حدثا تاريخيا الخارجي مخلصا ألزمة كان يعيشها المجتمع ومن الممكن لهذا الفكر ان يفك التعقيد السياسي

.واالجتماعي والثقافي الفكر ان أي مجتمع ال يستطيع ان يبنى لنفسه رؤية خاصة يبدعها إبداعا او يعمل على تطوير

المستورد بالشكل المتالئم مع طبيعة عالقات القوة عند ذلك المجتمع فان االحتمال الكبير هو ان يقع هذا المجتمع فريسة الخطاب التعبوي ويشحن فيه أفراده شحنا دافعا ألمد لكنه سرعان ما

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

87

Page 88: ضخامة التراث ووعي المفارقة

أال وهو يتقهقهر ويكف عن ممارسة الدعوة إلى خطاب التعبئة ويميل إلى إعالن خطاب مغاير له ان الفكر اليساري الذي استورده الكثيرون في المجتمع السياسي .feeling of giltخطاب التوبة

البحراني هو خطاب لم تكن له أسس ومتطلبات معرفية أسسية في المجتمع السياسي البحراني فهو ل بها في خطاب يتعارض في جوهره وكثير من مفرداته مع طبيعة التفكير وعالقات القوة المعمو

البحرين من جهة ومن جهة أخرى هو خطاب أزموي نشأ من جراء فشل في خطاب القومية على احسن تقدير وكان من نتائج ذلك االستيراد ان ضعفت الجبهة الوطنية التي كان يمكن لها ان تظهر بشكل أقوى فقد كان هناك حساسية من الطرف اليساري وخصوصا الماركسي منه على الصعيد

عبي ولم يسع القائمون على الحركات السياسية بفصائلها المختلفة لوضع برنامج عالقات عامة الشوبدأ )277الشهابي ص(لشرح حقيقة توجهات الحركة السياسية ومدى قربها وبعدها عن اإلسالم

المأزق الحقيقي لدي الماركسيين عندما اخذوا في تحويل فكرة التقدم إلى عقيدة تقدمية وهكذا فقد تعاملوا مع افكارهم كتعاليم منزلة او كمرجعية مقدسة ومارسوا عالقتهم بالزمن على نحو اصولي

كان هذا في ظل انحسار التيار اإلسالمي كحركة سياسية وأيديولوجية ) 117حرب ص (تراجعي ومع ذلك فقد بقيت المحافظة على القيم واألخالق والمبادئ اإلسالمية هي السمات العامة

).267لشهابي صا(للناسان عالقة الدين بالسياسة في الشرق هي من بين اخطر المواضيع المطروحة على الوجدان العربي في هذه الحقبة من الزمن ووجود تيارات دينية ذات طموحات سياسية هو أمر طبيعي في كل

او مجتمع ولكن ما يجعل من هذا األمر مسألة بحاجة إلى مواجهة خاصة هو انجذاب الجماهيرجزء منها لهذه التيارات وهذا االنجذاب ال يعالج إال بالوعي على بعض الحقائق البارزة والهامة

وان نمو التيارات اإلسالمية في السبعينات يعود إلى عدد من العوامل التراثية والخارجية ,نفس وفي ) 846حنا ص(والداخلية أي المرتبطة بالتفاعالت الجارية داخل المجتمعات المشرقية

الوقت فإن الخطاب اإلسالمي له مآزقه هو األخر بالرغم مما حققه من تداول وانتشار واسع فالمشروع اإلسالمي في طريقه هو األخر إلى االختراق على غير ساحة من ساحات العمل

ديكمجيان المسماة بمنظور dekmejianولعل المقاربة التي طرحها ) 118حرب ص(اإلسالمي نمط لموجات متتالية من االنبعاث او النهوض كاستجابة لمواقف "زمة ويقصد بذلك أيديولوجية األ

سياسية مضمنة فيه مكنت اإلسالم من -او أوضاع األزمة ويحتوي هذا النمط على آلية اجتماعية ان هذه المقاربة أملت )34حيدر ص(التجديد وتأكيد نفسه ضد التآكل الداخلي والتهديد الخارجي

من الدراسات ان تنظر إلى ظاهرة اإلسالم السياسي و تجمع حول األزمة كعامل في على الكثير انتشارها وليس متاح هنا ان نناقش هذه المنهجية كأساس معرفي لتناول القضية لكنها من الممكن ان تكون ذات صلة بالمجتمعات التي شهدت في واقعها انبعاثا إسالميا سياسيا حقيقيا تولدت عنه

التفاعالت السياسية واالجتماعية ولكن الوضع في الخليج عموما وفي البحرين فان الكثير منان فهم اإلسالم السياسي مرتبط بمفهوم أخر هو . انطباق مقولة اإلسالم السياسي يحتاج إلى تأمل

الذي يشير إلى النهضة اإلسالمية كما مثلتها fundamentalismما يشار إليه باألصولية اعات اإلسالمية المعاصرة و في بعض األحيان يستخدم تعبير الحركات والجم

وتم نقل األصولية بعد استخدام , الذي يشير الى النزعة إلى التقليد traslitionalismeالسلفيةذلك اللفظ السلفية الذي أتت عليه الترجمة العربية ومترجمة إياه باألصولية 1965أنور عبد الملك

عن طابع تلك الحركات اإلحيائية المتوغلة في إعالن الحرب على الدولة وشاع بعد ذلك للتعبير والمجتمع وخصصت للتعبير عن جانب العنف المستخدم كسالح تقاوم به هذه الحركات كل من ال ينتمي إلى منظومة فكرها العقائدي ومما تجدر اليه اإلشارة إلى ان األصولية في الفكر الغربي

ذلك التيار الديني الذي يرى ضرورة العودة إلى األصول اإلنجيلية أطلقت أول ما أطلقت على

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

88

Page 89: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وترك ما قد استجد على الساحة الوضع السياسي وهي بذلك تحمل في طابعها أمرين هما الطابع .الديني والثاني النزعة الماضوية او السلفية بمعنى العودة إلى العصر المتأخر

ار اإلسالمي في البحرين فال نرى ثمة مطابقة مع وحينما نحاول إطالق األصولية على التيان منظور .التيارات األصولية الممارسة للعمل السياسي اليوم او ما يطلق عليهم باالسالمويون

األزمة ال يتعدى كونه تفسيرا لحاالت معينة تمخضت عن وضعيات انفالت عن النسق العام للفعل التي ولدت خيبات أمل في الطريق القومي 1967السياسي الممارس خصوصا بعد نكسة حزيران

واتجهت الكثير من التكوينات السياسية الى إعالن خطاب التوبة والرجوع إلى قراءة الذات من ان مثل هذه التحوالت بشكلها الحقيقي تكون في بيئة المركز ال في بيئة األطراف التي يمكن ,جديد

األزمة يتعلق بذلك البعد النفسي لعملية التحول السريع ان مفهوم ,اعتبار منطقة الخليج واحدة منها او غير المحتمل في بعض عناصر البنى الكلية للمجتمع التي تترتب عليها نشوء صدمة وجدانية لدى الفرد او الجماعة يجعلهم يعدون النظر في العناصر السلبية او اإليجابية التي تشكل اإلطار

الخليج العربي او البحرين رغم االرتباط والتفاعل بين المجتمع الثقافي وهو ما لم تشهده منطقة البحراني وبؤر المركز وبالتالي فان البحث عن مقاربة تتالءم مع حالة الخليج العربي عموما والبحرين على وجه الخصوص هو ما يكفل لنا التعرف على طبيعة الظروف الموضوعية لنشأة

وافضل مقاربة نراها منطبقة على هذه ,التيار اإلسالمي عموماالجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين ووذلك الن ممارسة القوة السياسية تتخذ عادة أحد مظهرين ,التحدي/الوضيعة هي مقاربة الصراع

وهو قوة غير influenceوهي ذات طابع نظامي والثاني النفوذauthorityرئيسيين األول السلطةغير النظامية في ظل /التحدي بين القوة النظامية /لة الصراع نظامية والنتيجة من كل ذلك هو حا

توفر األجواء المناسبة للتحرك على هذا المحور ان الصراع هو عبارة عن تصادم االرادات والقوى بين خصمين او اكثر حيث يكون هدف كل خصم في هذا التصادم هو تحطيم األخر كليا

من اجل المكانة والنفوذ والموارد النادرة حيث يهدف او جزيئا او هو النزاع حول القيم والسعيانه من الصحيح ان التيار اإلسالمي بعد )54الزيات(األضداد إلى تحيد أعدائهم او القضاء عليهم

لم يكن متبلورا في شكل تيار سياسي كما هي التيارات السياسية الفاعلة ولكن بعد تبلوره 1956ه معركة صراع وتحد ال مع السلطة وانما مع التيار اليساري في بداية السبعينات قد اختط لنفس

خصوصا مؤجال او متغافال عن السلطة السياسي الحاكمة وهذا التحديد للخصم هو وليد ظروف موضوعية اكثر منها فكرية او معرفية فقد ساهمت عملية بناء الدولة الوطنية عقب االستقالل في

كرة القومية مثال ولم يخرج التيار اإلسالمي في المجتمع إفراز توجهات سياسية تصارعت مع الفالسياسي البحراني عن كونه حركة سياسية لم تتحول إلى كيان تنظيمي ومن المعروف ان الحركات السياسية ترتبط بالتغير االجتماعي والبناء الفكري المتميز اكثر من هادفية الوصول إلى

البناء التنظيمي الضعيف والتضامن الداخلي القوي السلطة والتحكم فيها إضافة إلى طبيعة واالستمرارية وسرعة االنتشار والتغلغل التلقائي في أطراف المجتمع السياسي ومع بداية عقد الثمانينات كانت هناك بداية تحول في وظيفة التيار اإلسالمي حيث برزت نظرية الكفاح المسلح

ق الكيان السياسي المتميز ولسنا نخوض عملية التحول هذه كتلبية لعملية إعادة الهوية المتميزة وخلهنا وانما نحاول الكشف عن بعض التوترات التي ساعدت على نشوء الجبهة اإلسالمية من خالل

:العرض الموجز لبعض المحددات : الوضع الداخلي-1

و هي من اخصب الفترات1979-1970ان الفترة التي يشار إليها كمخاض لنشوء الجبهة أكثرها إمتالء باألحداث واألفعال السياسة بل والتحديات السياسية أيضا لقد رسمت الخارطة السياسية صورة و أطراف الصراع وشكلته نحو التحدي بين مناهجه وقيمه وأهدافه مع طموحات

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

89

Page 90: ضخامة التراث ووعي المفارقة

القرن في الوقت نفسه لحيازة اكبر قدر من النفوذ وإذا كان العمل السياسي قد اخذ يبرز منذ بداية العشرين فان انخراط قطاعات واسعة من الناس في هذا العمل لم يبلغ ذروته سوى في هذه الفترة بالذات إذ شكلت المفاهيم السياسية المستوردة طفرة في الوعي السياسي والحركي إذ طرح مفهوم

ة بتغيير الثورة كمفهوم وظيفي فاعل وان التغيير الذي يحتاجه المجتمع السياسي يرتبط بالضرورالسلطة السياسية ويقتصر على الحيز السياسي ولم يكن التيار اإلسالمي في مثل هذه الفترة يمتلك برنامجا سياسيا أو رؤية عمل للتحديث السياسي فقد كان الخط الرئيسي للسياسة الحديثة هو خط

الفعل االجتماعي علماني يساري في حين ان الجبهات التي تهم التيار اإلسالمي كانت متوجهة إلى وسياسية المجتمع اكثر من تسيس المجتمع ويظهر ذلك من خالل التعرف على البرنامج االنتخابي

فقد تبنت برنامج عمل موسع شمل فيما شمل دعم النقابات 1974الذي مثلته الكتلة الدينية في العالي كما دعت العمالية ومطالب العمال وتحريم الخمور وفصل الذكور عن اإلناث في التعليم

إلى عدم إشراك المرأة في الحياة العامة كالنوادي والجمعيات المختلطة والى تجنب العمل في المؤسسات االقتصادية والوظائف التي تجمع بين الجنسين وغير ذلك من الممارسات التي ال

س مع في ظل الصراع مع التيارات اليسارية ولي)344الخوري ص(تتماشى مع األعراف الدينيةالسلطة فبعد ان دعي إلى انتخابات عامة في البالد بدأ هناك تياران يتحوالن إلى تكتالت سياسية

.تنافس بضعها البعض على مراكز السلطة والنفوذ ان هذه الوضعية تثير لبسا في وعي التيار الديني للعمل السياسي المنظم والقائم على الصراع

الح مع بقاء نظام الحكم وان تمارس نشاطها بصورة علنية والتحدي إذ شكلت الدعوة إلى اإلصومن دون االرتباط بأي حزب سياسي خارج البحرين أسس التكوين السياسي للتيار الديني ولكن مع فشل التجربة السياسية البرلمانية واتضاح الصورة التي راجت عند الكثير من اليساريين حول

تحولت الحياة الديمقراطية إلى حياة قسر وإرهاب وتسلط مهزلة الحكم البرلماني في البحرين فودكتاتورية وفرضت السلطة الحاكمة قانون أمن الدولة وقانون الطوارئ وسيطرت سيطرة كاملة عبر استكمال جهاز المخابرات وإحداث تعديالت في قانون العمل وعطلت الحريات العامة كحرية

.ل التي كان مسموحا بها نسبيا في فترة ما قبل الحلالصحافة وحرية التظاهر وغيرها من الوسائ وكان من المتوقع ان تعيد الكتلة الدينية قراءتها لواقع المجتمع السياسي وان تنطلق من نقطة إدانة للتجربة السياسية التي عجزت عن تحقيق بعض األهداف فضال عن تحقيقها كلها وبدأ ان الرهان

ية والتغافل عن واقع السلطة خطا سياسي فادح وتحت ظل هذه على الصراع ضذ التيارات السياسالقراءة وظل اإلرهاب الحكومي كان من الطبيعي ان يتخذ النشاط السياسي في مثل هذا الجو طريق التنظيم السري وبهذا طرأ تطور مهم وجديد في حركة التيار اإلسالمي البحراني فبعد ان

ت سرية ومرتبطة بالتوجهات اإلسالمية خارج البحرين كانت خطواته محلية وأنشطة علنية أصبح إذ بدأت هذه 1956وهي خطوة لجأ إليها التيار الوطني بعد القضاء على حركة الهيئة العليا

المنظمات عملها السياسي وهي تحمل سمات منظماتها األساسية في األقطار العربية بل إنها ظلت تي كثيرا ما كان ينقصها التفهم لواقع الخليج وواقع في الواقع خاضعة لقياداتها في الخارج وال

ان هذه الممارسة هي سمة من سمات الفعل السياسي في الدولة ) 229العبيدي ص(البحرينفكلما ازداد الخناق في الداخل وتوفرت جهات خارجية داعمة فان الركون إليها . التسلطية

ولكن المأزق التي تتعرض له كافة فصائل واالحتماء بها يشكل فعال ضاغطا على السلطة الداخليةفمنذ الخمسينات بدأت أطراف عديدة , المعارضة هي عملية الوقوع في فلك هذه األطراف الداعمة

ومتنوعة االتجاهات في عرض يد المساعدة للتيارات السياسية العاملة في البحرين بغية تحقيق .نفوذ لها داخل هذه الجزيرة وتوسعة رقعة عملها

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

90

Page 91: ضخامة التراث ووعي المفارقة

نا نجد االتحاد السوفيتي والصين وبعض الدول العربية وإيران قد تبنت الدعم السياسي إنواللوجستي لفئات المعارضة ال لخصوصية المعارضة البحرانية وانما للطابع الكوني والشمولي الذي رغبت فيه تلك الدول وهكذا فان هناك استالبا يمارس في حق المعرضة البحرانية منذ أمد

:ومهما يكن فان اإلشكالية التي واجهت التيار اإلسالمي في الحقيقة تتلخص في محورين .بعيد البحث عن مرجعية فكرية قادرة على إمساك زمام األمور وتحريكها في المصب اإلسالمي :األولالتحول من النمط التضامني إلى النمط التمثيلي أي التحول من منظورات الهندسة الكلية : الثاني

.مجتمع إلى منظورات النسق التعددي التنافسي لل الفكر اإلسالمي يعتمد على القيام hyponoaان المحور األول من الممكن اعتباره بحثا في جوانية

للخطاب المتداول في حين ان المحور الثاني يسعى لتثبيت تلك العملية caractereبعملية نقدية .را متحركا في المجتمع السياسي النقدية على الساحة العملية وليكون عنص

ان إتمام عملية التحوالت هذه لم تكن بالسهولة التي نتصورها او تصورها بعض العاملين زاد من ذلك التعقيد خلو الساحة المحلية من خطاب , ألنها عملية معقدة تعقيدا واسعا, اإلسالميين

خارجي وفي نفس الوقت لم تكن منجز او يتكون مما ساعد في نهاية المطاف على استيراد خطابعملية االستيراد هذه ذات شأن او إنها لم تعد منقصة كما في التيارات السياسية األخرى ألنها حاولت ان تستورد فكرا إسالميا ذا طابع وحدوي اعتقادا منها ان اإلسالم او الفكر اإلسالمي واحد

.وثابت ال يخضع في مجمله وتمفصالته لعمليات التهجين : التأثيرات الخارجية -2

ان البحث عن مصادر للتأثير الخارجي على حيثيات المجتمع السياسي في البحرين هو أمر مستهلك وفي نفس الوقت مزلق وقع فيه الكثير من الباحثين في الحياة السياسية والسبب في ذلك

بة في مماثلة كما أتصوره هو حالة المماثلة التي تتصور في حق المجتمع السياسي والرغالمعارضة مع النظام الحاكم الذي يتقوم على اإلمداد والدعم الخارجي لفقدانه حالة الشرعية

.ومهما يكن من أمر فان االرتباط بالخارج هو حقيقة ال يمكن التنصل منها ,الداخلية تقريبا % 75نوإذا نظرنا إلى واقع المجتمع البحراني نجد ان الغالبية منهم من الشيعة الذين يمثلو

أي ان االرتباط بالفكر التحرري الثوري سيكون ذا غالبية أي ان االنجرار نحو اتجاهات التغيير ومن جهة أخرى فان االرتباط . الجذري او النزوع نحو الراديكالية يغدو أمر طبيعيا ومقبوال أيضامفكرو اإلسالم السياسي ولم يجد ,المرجعي الديني والمراكز الدينية سيكون مؤثرا هو األخر أيضا

في البحرين أي سند فكري او مرجعية أصيلة يرتكزون عليها في تأسيس او تطوير نظرية العمل / كربالء /السياسي إال في اإلنتاجات التي كانت تصدرها الحواضر الشيعية الرئيسية مثل النجف

األسس الكلية واألفكار قم وهي انتاجات مازالت في تلك الفترة في بداية أمرها تعمد إلى طرح فقه (او إنتاجات السيد محمد الشيرازي )فلسفتنا /اقتصادنا (العامة كما هي مؤلفات الشهيد الصدر

الرأسمالية وتدعو في /الشيوعية /والفكر الغالب عليها هو الفكر المقارن بين اإلسالم )السياسة إلسالمية الكلية الواحدة فمنظمة العمل نفس الوقت إلى الفكر اإلسالمي العام والتنظير إلى الدولة ا

. دعت إلى قيام حكومة إسالمية في العراق بقيادة اإلمام الخميني " اإلسالمي في العراق مثالجزء ال يتجزأ من الخارطة اإلسالمية العريضة الممتدة من الهند شرقا "والعراق في نظر المنظمة

صوصية رجحت االرتباط بالفعل السياسي ان هذه الخ) 839حنا ص(إلى المحيط األطلسي غربا اإلسالمي العراقي اكثر من أي حاضرة شيعية أخرى و السبب في ذلك كما يقول فالح عبد الجبار

المؤسسات الدينية المستقلة تاريخيا عن الدولة بما تتمتع به من مصادر تمويل خاصة "أن

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

91

Page 92: ضخامة التراث ووعي المفارقة

مهرة الشيعة وهو نفوذ يمكن ومؤسسات وشبكات وكالء واتباع تتمتع بنفوذ روحي واسع وسط جالمتسامي الصرف ليكتسب طابعا سياسيا حادا إذا ما توافرت /ان يتحول من طابعه الروحي

لقد حكمت هذه ) 90حيدر ص(ظروف مواتية تنقله من الحالة الال سياسية إلى االنخراط السياسي لحركة اإلسالمية في الوضعية بجانب أسباب أخرى على رواد الحركة اإلسالمية االلتجاء إلى ا

ولنا ان نثير قضية عدم التعلق ,العراق واالستهداء بهم في سبيل تطوير العمل السياسي اإلسالمي بإيران التي كانت هي األخرى تشهد انبعاث تيار إسالمي ثوري أيضا وقد أقام زعيمه و قائده

شكل مكثف من قبل ومؤسسه اإلمام الخميني في النجف لمدة طويلة وكانت محاضراته تنشر بمؤيدئه ولكن هذا التجاهل نراه وبسرعة خاطفة يخطف كل ما أسسته عالقة االرتباط بالعراق وفكر العراق الحركي ؟قد نقول ان حاجز اللغة كان عنصرا مؤثرا في عدم التواصل إضافة إلى

عن الحساسية من البعد الجغرافي والحساسية التي كانت مثارة من قبل الشاه ومطالبته بالشاه فضال أما لماذا انزاحت الكتلة اإلسالمية وراء ,الوجود الفارسي في البالد كانت تقف وراء هذا الموقف

المشروع اإليراني فان ذلك يعود إلى تعلق التيارات العراقية بالثورة اإلسالمية والتماهي معها ة اإلسالمية من انشداد واقعي ومحاولة تطبيقها في العراق وكل البقاع اإلسالمية وما سببته الثور

.لكل الحركات اإلسالمية في العالم اإلسالمي ان لحظة االنتصار اإليراني هي التي من الممكن اعتبارها األزمة التي فاق عليه التيار اإلسالمي في البحرين وعلى أساسها حاول إجراء تغيرات في عناصر البنى الكلية للمجتمع وعاش الصدمة

لفعل ومن هنا تبدأ العالقات الخارجية والتأثيرات الخارجية على مسيرة الفعل السياسي الوجدانية بالدى التيار اإلسالمي إذ على أساس هذا االنتصار تحولت مسيرة العمل المرحلية والسرية إلى , مرحلة حرق المراحل والعلن والتحدي للنظام الحاكم والمراهنة على استمرارية بقائه مدة اطول

ا المفهوم األساسي النابع من صميم التفكير األيديولوجي الديني لنظرية والية الفقيه قد رسخ ان هذيتمثل في "للدولة اإلسالمية الكبرى"القناعة بان الرهان الحقيقي المالئم لتحقيق المخطط الشمولي

ئفية التوصل إلى تصدير الثورة في ضوء المجال الذي تراه طبيعيا ومرغوبا من الناحية الطاالطغيان السياسي واالستغالل وغدت الثورة اإلسالمية التي كانت بمنزلة ثورة المستضعفين ضد

االقتصادي في تطور الحركة اإلسالمية عامل استقطاب سياسي تقيم الدليل على ان نجاح الدولة عربية الشيعية في مختلف البلدان ال)أحيانا األكثرية(اإلسالمية أمر ممكن لذلك خرجت األقلية

واإلسالمية إلى مواجهة حكوماتها مدفوعة بمعاناتها وحرمانها من ابسط أنواع الحريات السياسية ). 491المركزالعربي ص(واالجتماعية ومتأثرة بالثورة اإلسالمية اإليرانية

ونظرا لكثير من التأثيرات الداخلية واألخرى الخارجية تمت صياغة المسودة األولية للجبهة مية لتحرير البحرين وكانت هذه الوالدة قد تمت في ظل تنمط المجال الشيعي السياسي إلى اإلسال

ثالث بنيات أساسية تتشابه مع التنميط الشيعي الشعبي المتحرك في المجتمع السياسي أيضا و هي : بنية الموقف الفقهي التقليدي الذي يقوم على عدم جواز إقامة الدولة اإلسالمية في عصر -1ويقابله المجال الشعبي التقليدي الذي ينحى منحى الماضوية ويرى ان السياسية ال تتعلق .يبةالغ

.بالدين ومن الممكن ان يقدم اتهاما للحركة اإلسالمية بأنها تسخر الدين لخدمة مصالحها الذاتيةفقهاء بنية الوقف الذي يرى ان شكل الدولة اخذ شكل والية األمة على نفسها مع دور محدود لل-2 .وال يوجد في المجال الشعبي البحراني ما يقابله لكونه موقفا وسطيا .ويقابله الموقف ).228باروت ص".(والية الفقيه"بنية الموقف الذي ارتبط بالتفسير الخميني ل-3

.الشعبي المنخرط في السياسية اإلسالمية أو ما يشار إليه بالراديكالية الحركية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

92

Page 93: ضخامة التراث ووعي المفارقة

المية النمط الثالث كأطروحة تتناسب والوضع الشيعي في المجال الفقهي لقد اختارت الجبهة اإلسوبدأت تطرح مسألة ضرورة تطوير الحركة اإلسالمية في المجتمع السياسي البحراني كشرط ال بد منه لتقدم المجتمع من جهة وواقعيتها وما حققته الثورة اإلسالمية اإليرانية من انتصار باهر

ان مثل هذا االختيار لم يكن وليد ساعة االنتصار بل كان يعكس طبيعة على ,من جهة ثانية االنتماء المرجعي للجبهة إذ كانت الجبهة اإلسالمية تدين بالوالء المرجعي للمرجع الديني السيد محمد الشيرازي الذي يرى والية الفقيه أيضا وكانت قراءة السيد الشيرازي الموجهة تصدر عن

لى أساس إعادة اسلمة المجتمع عبر الدولة اإلسالمية أي من أعلى و يضع رؤية ثورية تقوم عالسيد الشيرازي في عدة مؤلفات البناء النظري لوالية الفقيه بما يقوي يقين البعض بكون هذا البناء

ولهذا السبب لم تواجه )358,360ابراهيم ص(ترجمة شيعية كاملة ومتقنة للدولة اإلسالمية مية مشكال في تحديد مصداق والية الفقيه الذي من الواجب ان تخضع لسيطرته الجبهة اإلسال

لحركة الطالئع ( وقدمت رؤية متماسكة بعض الشيء لقضية والية الفقيه لقد اعتبرت الجبهة تبعاان انتصار والية الفقيه للسيد اإلمام الخميني انتصارا لرأيها واعتبرت ان طرحها قبل ) الرساليين

ورة حول ضرورة تصدى الفقيه لشؤون األمة السياسية يمثل التجسيد العملي ألطروحة انتصار الثبعد /لقد أتى هذا االنسجام قبل الثورة ,)251رؤوف ص(والية الفقيه التي جاء بها اإلمام الخميني

الثورة ليقضى على كثير من السجاالت التي كان من الممكن لها ان تنشأ خصوصا بعد التطور هو ما سوف يمالء بظالله على كثير من اإلشكاليات المنقدحة في العمل السياسي للجبهة الهيكلي و

.اإلسالمية والتي سوف تؤثر على سير عملها وطبيعة الزخم الجماهيري لها في نفس الوقت بأطروحة والية -حركة الرساليين وهي التنظيم األساس للجبهة اإلسالمية–ان التزام قيادة الحركة

كخط سياسي ثابت أفضى في المرحلة األولى إلى التماهي في قيادة اإلمام الخميني كونه الفقيهإال أن خالفا سياسيا بدأ منذ منتصف الثمانينات حول )366ابراهيم ص(يجسد األطروحة الحركية

ضرورة االستمرار في مثل هذا التجسد ومن جهة أخرى االختالف حول من يمثل قيادة الفقيه هل د محمد تقي المدرسي الذي يشغل منصب المرجع الفكري والثقافي لتيارات الحركة ؟ أم هو السي

تتوحد والية الفقيه مع حركية المرجعية بعد االتفاق على المرجعية المنحصرة في مرجعية السيد الشيرازي ؟أم أن لكل تيار واليته الفقهية الخاصة به ؟

في ظروف استثنائية وترتفع في معناها حيث تبدو انه عندما تبلغ بعض المفاهيم درجة الفورانكما لو إنها تأسيسية الطابع تؤهلها طاقتها الوظيفية الحتالل مساحة شاسعة في حقل الرؤية النظرية واإلعالمية وتستأثر باالهتمامات المتنوعة ومنها اهتمامات أولئك الذين يسارعون إلى

إذ بدأت هناك تقاطبات )80مجلة الطريق ص,مالك(لة عمل جردة بآثامهم السابقة وآثام أخرى مماثجديدة تنطرح في ساحة المجتمع السياسي وأخذت بعض من المفاهيم السياسية الجديدة تطرح

.نفسها أيضا ولم تكن الحركة اإلسالمية عموما خالقة لخطاب التحرر السياسي او التغيير الجذري بفهمه العام

لفعل اتجاه إخفاق الفكر السياسي األخر في تحقيق أهدافه من ولكنها استطاعت ان توظف ردة اوغدت الجماهير جاهزة لتلقى أي أطروحة , جهة وتدهور الشعبية الجماهيرية له من جهة أخرى

1976من شانها ان تعيد النمط السياسي إلى مركزه خصوصا بعد اغتيال الشيخ عبداهللا المدني كانت هذه الحادثة مفصال مهما في نشاط الحركة اإلسالمية بعد , الذي اتهم التيار اليساري في قتلهإال ان كل ذلك لم يكن مؤهال حقيقيا وواقعيا الكتساح التيار , مفصل فشل التجربة البرلمانية

السياسي للساحة السياسية او ان يقود الفعل السياسي بمفرده وكان /اإلسالمي بشقيه االجتماعي .ة انتصار الثورة اإلسالمية في إيران لحظ1978عليه االنتظار إلى

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

93

Page 94: ضخامة التراث ووعي المفارقة

لقد كانت قيادة الجبهة اإلسالمية على ارتباط وثيق باإلمام الخميني عن طريق الوكالة التي كانت عند السيد هادي المدرسي من قبل اإلمام الخميني األمر الذي فسر على ان الجبهة اإلسالمية هي

ذا التصور خطابات السيد المدرسي التي أخذت في امتداد لفكر اإلمام الخميني ساعد على تثبيت هالتزايد في التعرض للنظام الحاكم في البحرين والتماهي مع الثورة اإلسالمية في إيران والى هذا الحد لم يكن اسم الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين مطروحا كتنظيم سياسي والجماهير لم تكن

1979السيد المدرسي من البحرين إلى إيران في العام تستوعب الحدث بكل تفاصيله وما ان يبعد بعد تحقيق االنتصار اإلسالمي األول حتى تتضح الصورة جديدا ويعلن رسميا عن وجود التنظيم السياسي للجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين وتحقق الجبهة اكبر انتصار لها على مستوى الحركات

تدريب بعضا من عناصرها تدريبا عسكريا يتكون من اإلسالمية الحركية من خالل استطاعتها صفين على األقل في مدة قياسية ال تتعدى السنتين وهو لم يكن يحدث لوال تطور األحداث الداخلية والخارجية معا وفي نفس الوقت فإن هذا اإلنجاز يثير ما أثرناه من قبل حول مدى توفر القاعدة

.المؤسسة على فكرة التغيير الجذري الجماهيرية واتساع الحالة اإلسالمية ان ما يمكننا استكشافه عن وضعية تلك الفترة ان العمل اإلسالمي إلى ما قبل انتصار الثورة اإلسالمية كان يدور في حلقة النخبة ولم تكن هناك حالة إسالمية يعتد بها بمعنى ان الجهود كانت

ى بناء الحالة الجماهيرية من ناحية الوعي تنصب على ضرورة بناء القاعدة النخبوية القادرة علوالنظر المعرفي فقط ولم تؤطر نفسها في ظل مؤسسات اإلسالمية سوى الصندوق الحسيني

المكتبة اإلسالمية وكل هذه المؤسسات تمارس هدفا واحدا في حقيقة األمر /الجمعية اإلسالمية /أنشطة العمل الجماهيري والذي يحتاجه وهو الهدف المعرفي أما الحالة التنظيمية او التوسع في

أي تنظيم فلم يكن يأتي على البال لذلك فان الشروع في التنظيم العسكري كان طفرة على ما كان يتم تأسيسه من الوعي المعرفي والفكري وهذه الطفرة لم تكن من الظروف الداخلية للحالة

اخلية التي يعيشها النظام الحاكم بل اإلسالمية التي حققت نجاحا ال بأس به وال من الظروف الدكانت استجابة للمؤثر الخارجي الكبير على حجم الساحة الداخلية للمجتمع السياسي في البحرين

وعلى أساسه تحركت بعض الجماهير إندفاعا وحبا للثورة وزعيم ,وهو انتصار الثورة اإلسالميةهة اإلسالمية لتحرير البحرين من االستفادة الثورة اإلسالمية اإلمام الخميني واستطاعت قيادة الجب

من الدعم الذي كانت الثورة اإلسالمية في إيران تقدمه لكل حركات التحرر وخصوصا الحركات التي أعلنت عن نيتها في إقامة جمهوريات إسالمية ومن المعروف حجم العالقة التي كانت تربط

حرر التي أنشأتها الثورة اإلسالمية وعملت السيد المدرسي باإلمام الخميني وبدائرة حركات التالجبهة على االستفادة من تلك الخدمات واستطاعت ان تكون لنفسها تنظيما عسكريا حاولت به ان

.تمارس عملية التغيير الجذري في المجتمع السياسي في البحرينيمي قبل انتصار والسؤال هنا لماذا لم تحاول الجبهة اإلسالمية ان تخوض الشق العسكري والتنظ

1979الثورة اإلسالمية ؟وهل كانت الجبهة اإلسالمية قبل انتصار الثورة اإلسالمية في إيران تنظيما إسالميا أم أنها كانت حالة إسالمية على اكثر التقادير ؟

أن اإلجابة على هذه األسئلة من شأنها ان تكشف عن الآلمفكر فيه في الوعي السياسي لدى ني بالدرجة األولى وتكشف عن مسيرة الوعي نفسه من جهة أخرى لدى أعضاء المجتمع البحرا

.الجبهة اإلسالمية إنه من الواضح أن حالة المجتمع السياسي في الخليج العربي وفي البحرين خصوصا كانت تنتابها

ية حالة من الفوبيا اتجاه التنظيمات السياسية وخصوصا العسكرية فلم تشهد ساحة الحركة السياسوفي احسن الحاالت كانت التنظيمات ,في البحرين تنظيما سياسيا حقيقيا يستوعب أفراد المجتمع

و مفهوم الحزب او التنظيم كان مفهوما مخيفا بالنسبة إلفراد . السياسية تقتصر على النخبة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

94

Page 95: ضخامة التراث ووعي المفارقة

كان هذا .المجتمع ولعله كان يشير إلى قضية التعالي واالنخراط في الوصاية على المجتمع لمفهوم يتقارب والفهم األولي للحزب في أوربا حيث انه كان مفهوما قبيحا ينظر إلى من ينتمي ا

ان هذه المقاربة المعرفية في النظرة إلى التنظيم رغم أنها تشترك في ,إليه نظرة غضب وازدراء ان النفور من الحزب لكنها تختلف في خاصية التأسيس والنهاية ففي أوربا كcaractere خاصية

رفض الحزب يتصل بحالة المصالحة مع الملكية مثال لكنه تحول إلى ضرورة في العمل السياسي ولكنه في البحرين على العكس من ذلك كان الخوف من الدخول , وتنظيم المجتمع السياسي أيضا

في معركة حقيقة مع النظام السياسي الحاكم باالعتماد على التنظيم الذي هو في وعي الجماهير ال يغيب عن استخبارات أمن الدولة الشرسة ونظامها القمعي البوليسي وهو واقع أسس حضورا

presence قويا لألمن االستخباراتي في نفوس الجماهير مما أدى في النهاية إلى االستمرار لحالةالحزب وساعد على ذلك وجود اتجاهات فقهية تحرم األحزاب واالنضمام إليها او التحرك من

.ا واالعتماد في حركة التغير على الحالة الجماهيرية العلمائية بالدرجة األولى خاللهان هذا الوعي ما من شك انه سيعيق عملية البناء التنظيمي ان لم يكن يلغيه والذي حدث ان انتصار الثورة اإلسالمية في إيران ألهب الجماهير وحمسها في التفاعل معها بالشكل الذي يمكن

إظهار الفرح بها خصوصا وإنها متوجة بمرجع ديني شيعي واتى هذا االنتصار في من خالله سياق المد التبشيري بالدولة اإلسالمية وهي بذلك تؤسس رهانا على الوجود الشيعي ومدى النجاح في إقناعه بضرورة التنظيم الذي يؤدي إلى حالة الجمهورية اإلسالمية الشيعية في البحرين

!!السياسي البحراني وتحويل المجتمع وفي الواقع إن هذا ما وقعت فيه الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين إذ أعلنت عن نفسها وعن

إلى البحرين يحمل معه 1970مشروعها الذي عملت عليه منذ مجيء السيد هادي المدرسي وما صاحبه مشروع حركة الطالئع الرساليين ووقعت في فخ الوهلة األولى لتقييم الظرف السياسي

من تفاعل غير متوقع مع الثورة اإلسالمية في إيران و راءت قيادة الجبهة ان الظرف مناسب واستجابت الجبهة إلى أول اختبار اإلرادة قدمته السلطة السياسية لتطبيق , لتقديم خطاب التحرير

ن هذا االختبار وفي الواقع لم يك,رؤيتها عن تأثيرات الثورة اإلسالمية على المجتمع السياسي حيث قامت الحكومة بإبعاد السيد , حكوميا صرفا وإنما هو من وحي االستخبارات األمريكية

ومن ثم شرعت الجبهة في 1980 وإقفال الصندوق الحسيني 1979المدرسي عن البحرين ومن بعدها خاضت الجبهة اإلسالمية صراعا ذاتيا في 1981التنظيم العسكري الذي اكتشف

.على مثل هذه الضربات الموجعة التغلب هي الفترة الرئيسية التي يمكننا اعتبارها الفترة 1981 إلى 1979ان هذه الفترة الممتدة من

المؤسسة فعال للجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين وهي الفترة التي تحولت فيها من تيار إسالمي رة والتغير الجذري الذي سوف عام إلى حركة سياسية تقود المجتمع السياسي إلى خطاب الثو

. تستمر عليه وتقيم عليه مرتكزات الفعل السياسي ونظرتها إلى المجتمع السياسي في البحرين

المطلب الثاني :الديني عند الجبهة اإلسالمية / مسألة األصول الفكرية و الخطاب السياسي

تقديمأهم تلك اإلشكاليات ان الخطاب ,تثير قضية الخطاب اإلسالمي ومدلوالته إشكاليات عديدة

والمفهوم المعياري يتصل بالقيم ,السياسي المقدم من الحركة اإلسالمية عموما هو خطاب معياري التي يعبر عنها بأفعال يجب او ينبغي ويتعين فهي ال تبحث بوصفها مسألة اجتماعية بحتة وانما

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

95

Page 96: ضخامة التراث ووعي المفارقة

صوليات مرجعية نصية الهوتية هي قيم ذات محمول ديني وعاطفي سرعان ما تحيلنا إلى أوبالتالي فان خطورة هذا الخطاب تمكن في كونه خطابا أحاديا ينكر التعددية و يتحول .ويقينية

ان .إلى سالح سياسي يستخدم لفرض اخطر أنواع الرقابة واشدها إلى ممارسة قمع الرأي اآلخر طاب تحريك يقوم على الخطاب اإلسالمي بهذا التوصيف هو نص يتماهى مع الحقيقة وهو خ

).36الشمعة ص(التبشير بقدر ما هو خطاب سلطة الهوتية مسبق الصنع ولسنا هنا في مناقشة تلك اإلشكاليات والتنظير لقضية الخطاب في الحركة اإلسالمية بقدر ما نهتم

الخطاب عند الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين والكشف عن delechable بعملية تفكيك ومقومات ذلك الخطاب ومن ثم تحديد المقوالت التي تبشر بها الجبهة اإلسالمية وتعامله مرتكزات

مع األخذ بعين االعتبار ان هذا الخطاب ,في المجتمع السياسي البحراني given على انه معطى او غيره من خطابات السياسة إنها تنطلق في بيئة الدولة التسلطية التي قادت إليها تجربة الدولة

الريعية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين وتصاعد حركات التمرد والمعارضة إضافة إلى تنامي الخطة اإلمبريالية العظمى لتمزيق مجتمع الخليج والجزيرة العربية

إنه من المفترض ان تنعكس كل هذه المؤثرات على صياغة الخطاب ) 143,135ص,النقيب( الخطاب منطلقا من نفس البيئة التي يحاول الخطاب ان يلجها ويمارس الديني إذا كان/ السياسي

فعله كخطاب تغيري فيها وإذا كانت هناك ثمة تخلف في الخطاب عن هذه المؤثرات فان الوضع .التحليلي للخطاب البد له وان يأخذ منحى أخر يدرس فيه مصادر الخطاب ومؤثراته الخاصة به

نرى انه من المناسب ان نحدد مفهومنا للخطاب وماذا نقصد به وقبل الشروع في بعض من ذلك ان الخطاب الذي نعنيه هنا هو تلك .وكيف نتعامل مع مفرداته ومظاهر التعبير التي يستخدمها

المنظومة من األفكار والمفاهيم والمقوالت التي تقدم كحل لالزمة التي يعيشها المجتمع السياسي السياسية او االجتماعية التي غالبا ما تقدم في ضوء أحداث معينة لذلك فهي ال تشمل التحليالت

فتلك التحليالت تجد لها مرجعية في الخطاب نفسه أي ان هذه التحليالت المقدمة إنما تنطلق من .مرتكزات الخطاب الذي تلتزم به الجبهة اإلسالمية او غيرها من فئات المعارضة

مشروعا للمجال الذي يقدم فيه يتضمن هذا المشروع ان الخطاب من المفترض فيه انه يقدم توصيفا للواقع ولالزمة التي يعيشها ذلك الواقع وفي نفس الوقت يقدم حال وبديال لتلك الوضعية

وما يشكل مفصال هنا ليس الخطاب وماهيته بقدر ما . غير المرغوب فيها من قبل الفئة المعارضة ستورد او انه خطاب منتج ؟هي إشكالية مصدر الخطاب هل انه خطاب م

وعلى هذا األساس فان دراسة معالم الخطاب البد لها وان تؤسس قاعدتها على حل مثل هذه اإلشكالية ونحن هنا ال نناقش هذا الشق لما وسبق ان قدمناه في دراسة أخرى حول بيئة الخطاب

ي يبقى علنا ان نحدد وبالتال,المعارض وإننا نفترض ان هذا الخطاب هو خطاب منتج ال مستورد .النقاط ونحاول إثارتها في ضوء تعرضنا لمطلبين أيضا

.المرتكزات الفكرية للرؤية السياسية: األول .إستراتيجية العمل الحركي : الثاني

المطلب األول مرتكزات الرؤية السياسية

:البحرينالمشكلة الحضارية وعملية الصراع في خطاب الجبهة اإلسالمية لتحرير :أوال

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

96

Page 97: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ان فهم خطاب الجبهة اإلسالمية السياسي يمكن التعمق فيه من خالل المشكلة الحضارية التي ترى

مشكلة كل "الجبهة اإلسالمية إنها تشكل محور العملية التغيرية ومحور الخطاب المقدم وذلك الن هم العوامل شعب في جوهرها مشكلة حضارية وال يمكن لشعب ان يحل مشكلته ما لم يتعمق في ف

ومن خالل هذا الوعي والتشخيص ينطلق خطاب )5الحبيب ص(التي تبنى الحضارات او تهدمها الديني حيث ترى الجبهة ان السقوط الحضاري لالمة اإلسالمية لم يبدأ بالتدحرج /الجبهة السياسي

سقوطنا ان"من القمة إلى األسفل هكذا فجأة بل انه كان بشكل تدريجي مصحوبا بعوامل عديدة وانهزامنا جاء تدرجا لعوامل أساسية تغافلنا عنها وال زلنا كذلك كما ان صعودنا إلى القمة مرة

ومن هذه الدرجات هو يقظة األمة نحو واقعها ..أخرى لن يكون إال عبر سلم أوليات حضاريةالستعمارية لتنذر بان الديكتاتورية المتسلطة على رقاب جماهير امتنا والتبعية العمياء للقوى ا

وان هذه الرؤية تصوغ نفسها على أساس بعد حضاري ) 7نفسه ص"(والتخلف الذي عم كل شيء ان هدف الصحوة يجب ان ال "ال يستقيم إال من خالل الدخول في الصراع الحضاري الشامل

يقتصر على الحاكمية وال يجوز ان تكون السلطة بأي شكل من األشكال هدفا قيما للقائمين على في الوقت ...لصحوة ذلك ان الحضارة هي الهدف ولذلك البد من البحث عن البديل الحضاري ا

الذي نرفض الوضع القائم ال يجوز االقتصار على الرفض وانما العمل لوضع بديل لكل أمر والصراع كما تراه الجبهة هو أمر حتمي وهو الذي يدفع كافة القوى )225حمادة ص (نرفضه

البد وان تؤمن الحركات "بيعي وهو مرهون بتكاملية األبعاد الحضارية اتجاه التكامل الطالتحررية باإلسالم دينا كامال يناهض الجاهلية جمعيا وان ترى ان المشكلة هي مشكلة حضارية شاملة تدور بين محوري اإلسالم والجاهلية والبد من تجديد الثقافة وتقوية البناء العسكري والتربية

وإذا كان الصراع ذا هدفية تنحصر في التغير ) 25الحبيب ص(لقيام بعمل سياسي االجتماعية وافان تغيير واقع األمة إلى األفضل لن يتم إال عبر دراسة عميقة للتاريخ وليست الدراسة السطحية "

فدراسة التاريخ تهدينا إلى تحديد مشاكل األمة وسلبياتها العالقة وتحديد الجذور التاريخية التي أدت إلى بروز هذه المشاكل وإذا كانت امتنا اإلسالمية اليوم تعيش تحديا حضاريا وبمختلف األصعدة

وهكذا )10نفسه ص(فعلينا ان نتعرف على ماضي هذا التحدي ومستقبله ودور الحركات التحررية فان عنصر التاريخ يكون عنصرا مهما في فهم المشكلة الحضارية وقضية الصراع التي تشكل

والتاريخ المقصود به هنا هو حركة االنسان المسلم طوال الفترة . األساسية لتقديم الخطابالبؤرةالماضية التي دشنت مع انطالق الرسالة اإلسالمية ولذا لم يكن غريبا ان نجد خطاب الجبهة اإلسالمية مليئاً بالحوادث التاريخية ان لم يكن خطابا تاريخيا في جوهره ان فصول التاريخ

مي الصحيح تشير إلى ان الحركة اإلسالمية قد تشكلت بعيد بعثة الرسول ومن ركائز القوة اإلسالفي الحركة اإلسالمية انه حركات أصيلة متجذرة ومتفاعلة مع تعاليم السماء وفطرة االنسان

ومن الواضح ان مثل هذه الرؤية ال تخرج عن اإلطار )154/1999العدد,البحرين الوجه االخر(؟؟لفكر اإلسالمي النهضوي الممتد منذ عصر النهضة اإلسالمية المدشن على يد جمال الدين العام ل

.األفغانيوفي مقام التشخيص لواقع المشكلة الحضارية في البحرين فان رؤية الجبهة لمثل هذا الصراع تقوم على ضرورة تحديد عوامل اإلخفاق لتجارب الحركات التحررية التي سعت إلى الدخول في

ترك الصراع وحاولت ان تنجح في أطروحتها وفي دفع الواقع إلى مراكز متقدمة تتجاوز معالعقدية الحضارية ورأت الجبهة في هذه الحركات الوجه األبرز للكشف عن عوامل الصراع

هي المسؤولة عن تقدم األمة دون "وقضية اإلخفاق في تحقيق النصر حيث ان هذه الحركات

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

97

Page 98: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الحركات الكثير من المشاكل الذاتية وذلك وفقا لنوعية انطالقتها ومن الجماهير لقد عانت هذه :ابرز هذه المشاكل

فقدانها الرؤية الصحيحة إلى الواقع اإلسالمي فقد وقعت في صراعات عقيمة بعيدة عن روح -1 .المشكلة الجذرية وانتهى بها إلى االهتمام بالمشاكل الوهمية

وقلة مواردها الفكرية والعسكرية والمادية وعدم امتالكها نتيجة لضعف بعض هذه الحركات -2الرؤية السياسية الكافية فقد وقعت بعض هذه القيادات في شرك األعداء وفي إمالء مواقفها

)18الحبيب ص(الخاطئة ان قضية الخواء الفكري والوقوع في شرك التحالفات إذن كان هو السبب الحقيقي في فشل

ر اإلسالمية هكذا تنظر الجبهة إلى هذا الشق من معادلة الصراع التي يكون الحركات التحررية غي) السلطوية,التخلف,االستعمار(الطرف اإلسالمي واحدا من أطرافها في مواجهة الثالوث الخطر

ومن جانب أخر فان هذا الخطاب النقدي لم يقتصر على حركات التحرر وانما شمل الحركات عد ان شخصت الجبهة رؤيتها على انه ال خيار لالمة في تبني الحركة اإلسالمية األخرى أيضا فب

اإلسالمية إذ بدونها يستحيل التقدم الحقيقي فان المشكلة الجذرية التي تعاني منها الحركة اإلسالمية هي التجزيئية اإلصالحية وهذه لن تحل دون اإليمان بان التأخر الحضاري إنما هو بسبب غياب

ككل من مسرح األحداث لقد كانت الحركات غير رسالية مساومة رخيصة على الدين اإلسالمي حساب إضعاف الكيان الحضاري الموحد لالمة وهو مطب من الممكن للحركات اإلسالمية السطحية ان تقع فيه أيضا فالدعاة التجريئيون تناسوا حقيقة الرسالة اإلسالمية بكل أبعادها والتي

االستعمار /السلطة السياسة ( وضرورة األخذ بتكامل ) 25نفسه ص(لن يمكن تبعيضها أبداً . كأساس لبناء متغيرات الصراع الحضاري) التخلف او قلة الوعي الثوري /

و في خضم هذا الثالوث تتشكل معالم الخطاب السياسي عند الجبهة وما يشكل محورا في كل ان الدولة .تبعد الوعي عن فكر الجماهيرالثالوث هو السلطة التسلطية التي تحاول بكل الطرق ان

التسلطية هي الشكل الحديث والمعاصر للدولة المستبدة وهي ككل األشكال التاريخية للدولة تسعى إلى تحقيق االحتكار الفعال لمصادر القوة ..)اإلقطاعية والسلطانية والبيروقراطية (المستبدة

عن طريق اختراق المجتمع المدني ..لحاكمة والسلطة في المجتمع لمصلحة الطبقة او النخبة االنقيب ص (وتحويل مؤسساته إلى تنظيمات تضامنية تعمل كامتداد ألجهزة الدولة

).144,ص143لقد سعت الجبهة اإلسالمية في كل أدبياتها تقديم توصيف لواقع السلطة في البحرين محاولة في

تحرير والتغير الجذري للنظام الحاكم على ذلك كله إبراز معقولية الخطاب التي يتوج بمسألة ال :أساس الصراع الحضاري ونجد ان الجبهة في هذا المجال تعتمد على محورين أساسيين هما

:شرعية النظام:المحور األولونجد هنا ان الجبهة تركز على الكيفية التي تولي فيها آل خليفة مقاليد الحكم في البحرين وهي هنا

را لما هو مدون في التاريخ إذ تتفق المصادر على ان آل خليفة من العتوب وهم ال تقدم شيئا مغايمن جميلة وكانوا في األصل يسكنون بأرض الهدار من بلدان األفالج ثم هاجروا إلى شرق

واصبح العتوب أصحاب السلطة السياسية 1716الجزيرة العربية وثم هاجروا إلى الكويت لكويت وبعد تفكك التحالف الذي كان معقودا بين تلك القبائل هاجر والمهيمنين على التجارة في ا

ويرى النبهاني ان هجرتهم ربما القصد منها حب االستقالل والسعي 1766الخليفة إلى الزبارة بان تكدس الثروة "حيث يقول f .Wardenوراء تشييد مملكة ويؤكد ذلك أيضا فرانسيس واردان

فيما يبدون رغبة في االنفصال عن اآلخرين )آل خليفة(ارة جعل الجماعة المسئولة عن التج استطاع آل خليفة 1783وفي عام)27العبيدي ص(لينفردوا بذلك الثراء الناجم عن التجارة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

98

Page 99: ضخامة التراث ووعي المفارقة

السطيرة على البحرين واحتاللها وكان عتوب الكويت هم أول من دخل البحرين ثم تبعهم آل احتالل البحرين إلى احمد بن محمد الملقب خليفة وعلى الرغم من ذلك فان آل خليفة يعزون

بالفاتح وتمكن آل خلفية وسط كثير من األخطار المحدقة بهم من كل جانب من المحافظة على ملكهم متخذين أسلوب الدهاء والمراوغة أحيانا وذلك بإعالن التبعية او تلك ودفع مبلغ من المال

ان عن استخدام القوة المسلحة للدفاع عن أحيانا أخرى ولكنهم كانوا عاجزين في معظم األحيان هذا الوضع ال تراه الجبهة وضعا شرعيا يمكن للنظام القبلَي في )35العبيدي ص (أنفسهم

اعتماد الخلفية على -البحرين ان يدعي الشرعية ومن جهة أخرى ترى الجبهة ان هذا الوضع شكالية كبرى ال يمكن تجاوزها قد تسبب في توليد إ-شرعية الخارج بدال من شرعية الداخل

حسب رؤية الجبهة إال عبر إسقاط النظام وهي إشكالية االنفصال التام بين السلطة والمجتمع ان االنفصال بين السلطة والمجتمع هو من اعظم ما ابتليت به المجتمعات اإلسالمية منذ انحراف من "

انه حتمية تاريخية في انفصال ..العباد نصبوا أنفسهم قيادات بالقوة والدجل على مقدرات البالد وان ما مكن النظام الحاكم في ) 59/1987عدد ,الرسالية(الحاكم الظالم عن الشعب المظلوم

البحرين من تحقيق سيطرته على البالد هو هذا االنفصال واالستعانة باإلمداد الخارجي لصد مة عمدت إلى اتباع سياسية من الغضب الجماهيري وفي مقابل هذا الوضع الالشرعي فان الحكو

شأنها ان تعيق التحرك الرافض لها ليس على مستوى الفعل وانما على مستوى الجذور أيضا هناك مرتكزات اعتمدتها السلطة الخليفية تطورت بتطور عصابة آل خليفة التي غزت البحرين "ف

:منها .فة كقبيلة بدوية أصبحت اليوم نظاما يسطر على الوزارات والدوائر المختلاإلرهاب الفكري والثقافي لقد عمد آل خليفة على تغير المعالم الثقافية في جميع مجاالت التعليم -1

والثقافة ووقفت تجاه الفكر اإلسالمي األصيل والتراث اإلسالمي الن هذا الفكر يحمل في طياته .الرفض والتحريض على الجهاد والثورة اتجاه الظالم

كية واألخالقية حيث العمل على إضعاف التدين ومسخ الشخصية اإلسالمية المواجهة السلو-2للمجتمع من اجل السيطرة لما يشكله التدين والسلوكيات اإلسالمية من مصدر األخطر على آل

خليفة العصي المكسورة ويقصد به حالة القمع واإلرهاب الموجه اتجاه الحالة الجماهيرية والتوجه -3

).59/1988لية الرسا(اإلسالمي الديني تقوم على الصراع /ان الرؤية التي دشنتها الجبهة اإلسالمية في خطابها السياسي

الحضاري مما يعطي بعداً حركيا واسع النطاق للخطاب نفسه ولألفراد المنتمين إليها ومن الطبيعي الخطاب الى ان يأخذ هذا الخطاب تطرفا في تشخيص الواقع والكشف عن مفراداته أي ان يتوجه

مالحقة تصرفات السلطة في كل خطواتها ومحاولة إسقاط الرؤية التصارعية على كل مشاريع الآل /ان شيوع مثل هدا النمط من التطرف ما لم يمارس الوعي المباشر ,السلطة من دون استثناء

برز مباشر للمجاالت المتناولة فان سمة التطرف ال تكاد تنفك عن الخطاب ومن جهة أخرى توإذا أمكننا ان نسجل طبيعة .الحاجة الماسة الى ضرورة التحديد آلليات االشتغال ومواضيعه

الرؤية لطابع الصراع مع النظام الحاكم فان صورة هذا الخطاب تأتي ممزوجة بصورة السياسي ين البد وان نعرف طبيعة النظام الحاكم في البحر"الديني مع غلبة الثاني يقول الشيخ المحفوظ /

ان النظام قائم في ..والبد ان تكون لدينا خلفية عن طبيعة هذا النظام وطريقة تعامله مع الجماهير ولكن هذا التوصيف السياسي المدور في حيز المتغير "أساسه على التبعية للمستعمر األجنبي

ي قدرتها يتحول الى فضاء اكثر عمقا واكثر تأثيرا وكامنا هناك تشكيك في المعادلة السياسية فان النظام "على تحقيق النصر على النظام الحاكم لذلك فان المحفوظ يسترسل في وصف النظام

قائم على أساس الكفر وحينما تتشدق حكومات المنطقة باإلسالم ويتشدق هؤالء الحكام بممارسة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

99

Page 100: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ود لديهم في اإلسالم او االهتمام باألمور الدينية فهذا ال يشكل اال حقيقة واضحة هي النقص الموجهذا الجانب ومحاولة إضفاء الشرعية اإلسالمية على أنظمتهم ان النظام قائم على هذا األساس

ان الهدف من هذا الطرح )1984 ,12ص,20العدد ,الرسالية(محاربة الدين والنظام كافر بطبيعته ذير الحاجز هو إعطاء القضية بعدا عقائديا دينيا يجعل من الصعب تجاوزه ويسهم في تعميق وتج

النفسي تجاه السلطة حيث إعطاء الصراع صفة عقائدية مقدسة تستقر في النفوس فضال عن إشباع هدا التصور الديني بالطابع التاريخي من خالل التأكيد على ان الصراع القائم حاليا هو صراع

حضاري :نقد التحرك الجماهيري:المحور الثاني

طابها التثويري ان تعكس طبيعة الصراع بين الشعب والنظام لقد حاولت الجبهة اإلسالمية في خ الحاكم وإبراز الدور الديني على وجه الخصوص في كل تلك الحركات التي غالبا ما تنتهي بالفشل

والذي يتضح من ذلك ان الجبهة في ما مضى تحاول ,واإلخفاق في التوصل الى نتائج إيجابيةمد على خطاب تعبوي اكثر من كونه خطابا سياسيا قادر فرض خطابها على الجماهير و إنها تعت

على صياغة المنظومة السياسية عند الجبهة اإلسالمية ولقطع الطريق على مثل هذا اإليحاء فإننا نرى ان الجبهة تقوم بمشروع نقد تفكيكي لكل التحركات الشعبية التي خاضها شعب البحرين

من ما تقدمه الجبهة اإلسالمية من نقد انه يقوم على سنة مع النظام الحاكم وال يبدو200طوال مشروع حقيقي يهدف الى استبصار الواقع السياسي واستشرافه بقدر ما هو مشروع اختزالي ترى ان الواقع وعجلة التاريخ السياسي يجب ان تعود الى الوراء لتدشين رؤية جديدة فالجبهة اإلسالمية

الى كونها حركات كانت تتسم بالعفوية المفرطة وضبابية ترى ان فشل كل هذه التحركات يرجع الرؤية وعدم القدرة المحافظة على حرارة النهوض الشعبي وتصعيده وقيادته باتجاه تحقيق

فلم تكن تلك السلسلة 1965كما في انتفاضة مارس )16ض/50الرسالية (المطالب الشعبية األساسيةجماهير وكانت األوضاع الحاكمة في البحرين حيث من األحداث جهة أصيلة موجهة تلتف حوله ال

سياسية اإلفساد والفساد وانعدام العدالة والحرية والسبب األكثر أهمية عند الجبهة اإلسالمي هو الرسالية (غياب اإلسالميين الطالئعين عن ساحة الصراع ضد السلطة لفترة ليست بالقصيرة

خ السياسي للحركات السياسية في البحرين وكما يتضح من تتبع التاري ) 46/1986ص,19عدد وتعد من ابرز تلك 1954 التي تبرز منها تجربة الهيئة التنفيذية العليا 1994-1900ففي الفترة

التحركات ولكنها في نظر الجبهة رغم إنها تمثل ايجابيا من منظار تكتيكي لكنها كانت تفتقد الى :1956النظرة االستراتيجية فقد فقدت انتفاضة

.الهدف الدقيق الواضح -1 .التنظيم الطالئعي القادر على استيعاب الزخم الجماهيري -2 ).50الرسالية (القيادة القادرة على التوجيه السليم -3

وبناء على هذا المشروع النقدي الذي طال مجمل العالقات الشكلية في المجتمع السياسي في ى محاولة إبراز القواعد الرئيسية للتحرك السياسي فمن البحرين فقد لجأت الجبهة اإلسالمية ال

: استخلصت النتائج والدروس التالية 1956حركة الهيئة العليا إفالس أي تحرك بعيد عن التنظيم الجماهيري الرسالي من القدرة على استيعاب زخم الجماهير -1 حتمية تخبط أي تحرك او حركة ال تستوحي أفكارها من أصالة األمة-2 )نفسه(ضرورة وجود القيادة الرسالية القادرة على التأثير في الجماهير ودفعها نحو التحرك -3

وفي جانب أخر أسست الجبهة الخطاب الثوري القادر على إنجاح مشروعه ان يتحدد ويتوفر على : ثالثة متغيرات او مقومات هي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

100

Page 101: ضخامة التراث ووعي المفارقة

لبشرية التي تتطلب فهم متطلبات األيدلوجية السلمية القادرة على الغوص في أعماق النفس ا1 بنائها وتخصص هذه اإليديولوجية بالرساالت السماوية

القيادة الرسالية التي يجب ان تتوفر فيها الكفاءات التغيرية التي تؤهلها لقيادة مسيرة ثورة شاملة 2 جذرية

ويبلورها في التنظيم الرسالي القادر على ان يكون من نفسه ملتقى نهر يجمع طاقات الجماهير 3وليس من الغريب ان تحاول الجبهة االسالمية )5/1983ص,7الرسالية عدد(بوتقة الهدف الثوري

ان تعكس هده الشروط والمقومات على نفسها وهي صاحبة المشروع النقدي بل إنها تحاول ان نظيم تبرهن على انطباق الظروف والموضوعات على خلفية األوضاع التي عاشتها الجبهة فهي الت

وهي صاحبة األيديولوجيا وفيها القيادة الكفؤة وهذا الطابع النرجسي ال يشكل موضع ضعف إذا ما كان الخطاب المقدم هو خطاب تعبؤي او تحريضي وتزداد هذه النرجسية إذا ما حاولنا ان ندقق

حقيق في شروط الخطاب السياسي الذي ينبغي تقديمه للجماهير فحتى يكون الخطاب قادراً على ت :النجاح في المجتمع السياسي البد له وان يكون متصفا باآلتي

أي ان الخطاب يتأثر بالواقع االجتماعي ويتعرف على الظروف الواقعية التي :الواقعية -1 باستطاعة الخطاب مواجهتها

أي التحرك في كل مرافق المجتمع وزاوياه الجماهيرية مما يعطي الخطاب طابعاً : الشمولية -2 بياً شعيجب ان ينصب الخطاب على االهتمام بالتغير الجذري ال األشكال فالثورة شاملة ال : الجذرية -3

يمكن ان تحدث بمجرد األعمال السطحية او االكتفاء باإلصالح الجزئي الذي ال يمس الجذور )7/5/1983الرسالية (

ك الحركات التي تناولتها بالنقد والسؤال الذي ينطرح هنا لماذا ال تكون الجبهة اإلسالمية إحدى تلوإنها لم تقدم الجديد على ساحة المجتمع السياسي البحراني ان لم تكن أوقعته في مطبات وحفر عجز عن الخروج عنها ؟؟إننا ال نتوقع من أي طرف سياسي في المجتمع السياسي في البحرين

اسي حتى ولو فشل في تحيقيق ان يوجه الى نفسه نقدا ذاتيا او انه يغير من طابع خطابه السيأهدافه فلم تكن الجماعات اإلسالمية الراديكالية تخرج عن صيغة الخطاب النهضوي والتثويري الذي صنعته الثورة اإلسالمية في إيران والذي كانت مفرداته مشحونة بالمقاومة الشرعية لألنظمة

االستكبار العالمي وضرورة الحاكمة على غير الطريقة اإلسالمية وتشيع فيه مفردات مقاومةواذا كانت الثورة اإلسالمية تستخدم هذا الخطاب فان استعمالها له ياتي بعد ,التخلص من التبعية

مخاض كبير وتجربة طويلة استطاعت من خاللها تحقيق كيان سياسي فريد من نوعه قادر على له ومتقبلة له ولكن ترجمة معالم الخطاب الى فعل سياسي واضح ويمارس على أرضية صانعة

هذا الوضع عند دراسته في نطاق الحركات اإلسالمية األخرى يأتي كما هو في خطاب الثورة إال انه بعيد عن الممارسة سوى ممارسة فعل المقاومة لألنظمة الحاكمة مما يجعله خطاب ينطلق في

االستعانة بالمشهد الفضاء المطلق و المفتوح يتكلم بأطروحة متجسدة يسعى الى مماثلتها عبراألخير والقطعة الخاتمة للثورة مما أعطاه بعدا أكبر من حجمه وفي واقع األمر لم يكن للحركات اإلسالمية من خيار سوى تبني هذا الخيار واعتناق هذا الخطاب وما وقعت فيه الجبهة اإلسالمية

للتجربة اإليرانية وتوزع في تعاطيها مع خطاب الثورة اإلسالمية أنها لم تراع خصوصيات كثيرة . القوى الفاعلة ونمطية التحالفات السياسية

:قضية التغير الجماهيري: ثانيا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

101

Page 102: ضخامة التراث ووعي المفارقة

لقد اختارت الجبهة اإلسالمية ان تكون حركة سياسية اكثر من كونها مدرسة اجتهاد نظري وسعت

ل ان االجتهاد الفكري الى ان تعطي األولوية لهدف التغير السياسي على هدف االجتهاد الفكري بمطبوع بالنزعة الغائية غايته الواقع ويحرص على ان يستجيب للقضايا الحركية ولمقصد التغير ومن هنا كانت لجدلية الوسائل منزلة كبرى في أدبيات الجبهة اإلسالمية ان جدلية الوسائل ال

الثقة في النفس وكفاءة األفراد او اإلقناع وال بين مدلولها في /تقتصر داخل الثنائية التقابلية العنفان الواقع الذي حكم الحركات اإلسالمية عموما أنها سعت الى ان تسلك ..الريبة في أفراد المجتمع

سبال توليفية تجمع بين وسائل الوعظ واإلرشاد وبين أعمال البر واإلحسان وبين الدعاية السياسية ية فان النزاع الذي تشهده المجتمعات السياسية والتربية الفكرية ومن وجهة نظر العلوم السياس

:يمكن حصره في ثالثة أنواع فهو إما ان يكون .نزاعا حول مشروعية القيادة وأحقيتها في الطاعة -1 .او حول مدى سيادتها على األرض والناس واألشياء -2 .او حول قدرتها وخصائصها الذاتية -3

مية ان هناك تصوراً يقودها الى النظر في التكوينات ومن المالحظ في أدبيات الجبهة اإلسالاالجتماعية المختلفة أي النظر في القاعدة االجتماعية التي يرتكز عليها الفعل السياسي ولكن هده الصورة والرؤية ال تخرج من اإلطار الكلي والتصور العام المجمل جدا فالقاعدة األساسية عند

ك الناجح هو التحرك الذي يتخذ من الجماهير وتطلعاتها وفقا الجبهة االسالمية هي ان التحرلمبادئها هدفا ال وسيلة ان الحركة الرائدة في حقل التوجيه الجماهيري هي الحركة الدائمة

فالرهان الذي تراهن عليه الجبهة }7/5/1983الرسالية {الحضور في الوسط الجماهيري هو قوة الجماهير وضرورة تحريكها ال من حيث االسالمية في ساحة التغير والفعل السياسي

كونها وسيلة من الممكن ان يتحقق بها الهدف ومن ثم تعزل او ان تكون الجماهير وقود حركة ذاتية تسعى الى تحقيق مصالح متعلقة بالتنظيم بل ان الجماهير هي صاحبة الحركة وهي الهدف

.واليها يزف النصر ة ماهية تلك الجماهير هل هي العناصر والفئات الموالية للجبهة وال يحدد خطاب الجبهة اإلسالمي

أم إنها تشمل كل القطاعات وكل الفئات وال تشير تلك األدبيات الى الواقع المنقسم بين الشيعة والسنة او حول التقسيمات السياسية وال إلى كيفية تحريك الجماهير او حتى التعرض لثقافة

قتصادية مما يجعل من مفردة الجماهير مطلقة تعيش في فضائها الجماهير او حتى المصالح االالمطلق الذي يصعب تحديده والتحرك على أساسه وحتى ال تبقى المسألة معلقة في مثالية المطلق فان ثمة أمر يأتي في بداية سلم األولويات وحتى قبل االهتمام بالجماهير هو مفهوم الطليعة

يد قوية شجاعة وطليعة رسالية تقود الجماهير نحو أهدافها وتطلعاتها إذ البد للثورة من "الرسالية لدلك فقد اتخذنا منهجا في بناء طليعة رسالية متكاملة مؤمنة كل اإليمان بالثورة واإلسالم تقود

ان مثل هده الرؤية ال نجد لها تأسيساً في أي من )10/4/1983الرسالية (الجماهير في المعركة سالمية بمعنى التعرض ألسس التحرك السياسي القائم على الفعل الجماهيري أدبيات الجبهة اإل

وكيفية استغالله او تثويره وال نرى أي إثارات حول شرعية الفعل الجماهيري في مقابل شرعية الطليعة وفي هذا السياق /فعل الطليعة والى غيرها من اإلثارات التي تالزم مفهوم الجماهير

يد السيد قطب في قضية البعث اإلسالمي التي أثارها في كتابه معالم في تطالعنا نظرية الشهالطريق فيرى السيد قطب انه البد من بعث إسالمي وانه البد من طليعة تعزم هذه العزمة من

معالم تعرف منها طبيعة دورها وحقيقة وظيفتها وصلب غايتها ونقطة البدء في ,معالم الطرق وتواصل الجبهة }12قطب ص{منها طبيعة موقفها من الجاهليةالرحلة الطويلة كما تعرف

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

102

Page 103: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ان المعركة غير "االسالمية استكمال نظريتها في التغير من خالل تأكيدها على ضرورة التنظيم المنظمة محكومة عليها بالفشل مسبقا ان التنظيم هو الوسيلة الناجحة لحشد الطاقات وتوجيهها

ونرى هذا عند السيد }الرسالية نفسه {هو الحصن المنيع للثورة وإعدادها إعداد كامال ان التنظيم ان هذه الطليعة ال يمكنها التحرك اال "قطب أيضا مع إدخال تغير في مصطلح يقول السيد قطب

ان التصور االعتقادي يجب ان يتمثل من فوره في تجمع حركي ..عبر صيغة تنظيمية حركية 45ص{ي نفوس حية وفي تنظيم واقعي وفي تجمع عضوي وان العقيدة اإلسالمية يجب ان تمثل ف

الطليعة /وال يمكن للجبهة اإلسالمية هنا إال ان تقيم فاصال ونقطة تفعل من خاللها الجماهير }التنظيم وان ترفض العزلة التي أقامها السيد قطب فالجبهة اإلسالمية ترى ان الطليعة اإلسالمية /

ة عليها وهي تسعي للتغير في مجتمع تعيش في وسطه ليست معزولة عن مجتمعها وال مترفعحتى ال تتحول هده الطليعة الى طبقة مميزة مفصولة عن الشعب بروحيتها } 54/56الرسالية {

وتفكيرها وأبراجها العاجية و امتيازاتها الطبقية النخبوية والى هذا الحد فان خطاب الجبهة ناول القضية من منظار فكري يعرض لواقع اإلسالمية يتوقف ويكرر من نفسه من دون ان يت

الجماهير وطبيعتها وطبيعة الطليعة التي يفترض فيها قيادة الجماهير وال نكاد نلحظ أي بعد محلي يدرس واقعية مثل هدا الطرح وبدلك تتحول هده الرؤية الى رؤية تجريبية تسعى الى امتحان

ن القوى الجماهيرية لم تكن ذات حضور نفسها على كيانات المجتمع السياسي ولهذا السبب فاحقيقي إال من خالل الطليعة التي عجزت عن مواصلة خطاب الجبهة اإلسالمية طوال الفترة

فالجماهير صاحبة رؤية ورغبة وتتطلع الى أهداف وكل ذلك هو ما عند الطليعة 1979-1999الحاالت وسيطا ألدبيات وهي بدلك ال تنقل جديدا وال تمارس إال دورا تحريضيا او في افضل

الجبهة التي تصدر في الخارج ولنا ان نأخذ مثال ذلك قضية الموقف من اإلمام الخميني والجمهورية اإلسالمية بعد ان تصدعت العالقة بين الجبهة اإلسالمية والجمهورية اإلسالمية

.1984بعد وطبيعة أسس الجماهير وأمام هذا النقص المعرفي والحركي في خطاب الجبهة اإلسالمية لدور

الطليعة فان هناك فسحة لتناول القضية من خالل العمل السري او ما هو غير مطروح لمن هم /خارج االنتماء السياسي للجبهة اإلسالمية مما يعني في النهاية الوقوع في فخ النخبوية التي تواجه

مية بما يقدمه السيد محمد حسين اإلطارات الحزبية ومن الممكن ان نفهم الطليعة عند الجبهة اإلساليتحدد دور الطليعة في تموين األمة بالعناصر القيادية في مختلف مراكز "فضل اهللا اذ يقول

المسؤولية من اجل إدارة الخطة حيث تبدأ الطليعة في التحرك نحو توسيع نموذجها في األمة }101الحركة اإلسالمية ص{اع لتتوسع وتتمدد تبعا للحاجات المتطورة في ساحة الدعوة والصر..

ان من سمات الفكر العربي ان نتاجه المكتوب يلتحق بالحدث متأخرا او انه ال يواكب الحدث إال فهو يسعى الى تبرير ما حصل او الدعوة السجالية ,سياسي ما /لتبريره من موقع اجتماعي

لشامل لمفهوم التغير المتسرعة في إطار الصراع السياسي القائم وبغياب الفهم الواقعي واالجماهيري ومفهوم الطليعة عند الجبهة اإلسالمية فإنها حولت ديناميكية الحدث من قوى الداخل

إذ برز من جراء كل دلك ومن دون ان تشعر الجبهة اإلسالمية انه تؤسس .الى قوى الخارج سس من خالل المجتمع النقيض ولم يأت هدا التأسيس من الخطاب المكتوب او المنقول بل تأ

النزوع السلوكي والتطرف الفكري عند األعضاء المنتمين للجبهة اإلسالمية وهو البعد الغائب من كل أدبيات الجبهة اإلسالمية فالطليعة التي صنعتها الجبهة اإلسالمية ليسوا حزبا او هيئة سياسية

لسياسة العامة وترضى مثل باقي األحزاب والهيئات والتجمعات السياسية فهده تقصر عملها على ابمسلمات وطنية وتاريخية تتشارك فيها مع تلك الفئات والفاعلين السياسيين في المجتمع السياسي البحراني أما طليعة الجبهة اإلسالمية فينزعون الى اختالفهم الثوري والى االنفراد بمسلمات

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

103

Page 104: ضخامة التراث ووعي المفارقة

نتماء السياسي لم يعد تخصهم وتحضهم عن اضطراب الحياة الوطنية واختالفاتهم وأطوارها فاالكافيا في إبراز تلك الطليعة على المستوى العملي فغدت الحاجة ماسة وضرورية الى إبراز االنتماء المرجعي الذي يشار اليه بالثورية ورغم توفر تلك المرجعية الثورية المتمثلة في مرجعية

الذي لم يعد –رجعية الخميني اإلمام الخميني فقد برزت مرجعية السيد محمد الشيرازي ال كبديل لموانما كمرجعية تأخذ طريقها لمماثلتها على ساحة العراق وعلى ساحة الخليج -1984كذلك بعد .العربي

لقد دشنت الجبهة اإلسالمية مفهوم الطليعة الذي تحول عمليا الى تكريس رؤية المجتمع النقيض عددي الذي تناوله فورانيول على انه من دون ان تأخذ مالزمة المجتمع السياسي أي المجتمع الت

المجتمع الذي يتكون من عدة جماعات بشرية تتعايش مع بعضها البعض تحت سلطة تنظيم سياسي مشترك ولم تتم بعد أية عملية ذوبان حقيقي بسبب الفروقات اللغوية والعرقية والمذهبية

قطاعا من قطاع يشكل ما نسبته ان طليعة الجبهة اإلسالمية في كل أحولها ال تشكل إال.والقومية من مجموع السكان المشكلين للمجتمع السياسي وجذورهم الساللية تختلف عن قطاع السنة % 75

وهناك تمايز واضح في استخدام اللهجة المستخدمة في التعامل اليومي واألهم من ذلك كله والحدود بين فئات المجتمع قضية االنتماء السياسي الذي سيكون هو المعيار في إقامة الفواصل

ان الخطاب يتوجه 1993السياسي ومن المالحظ في اغلب خطاب الجبهة اإلسالمية الى ما قبل الى الفئة الشيعية ومنها تصنع الطليعة وتغيب خطاب الشمولية الجماهيرية الذي نظرت اليه كشرط

إنما هو انتماء مرحلي من شروط النجاح الثوري األمر الذي يوحي ان االلتجاء الى الجماهيرويكون الخيار األفضل عند عدم توفر األجهزة العسكرية و اإلمدادات القادرة على مواجهة النظام السياسي عنده فان االلتحام مع الجماهير والمؤسسات األهلية والقطاعات غير الخاضعة للسلطة هو

.الخيار األفضل لمواصلة الصراع اإلسالمي / غريبا عن فصائل العمل السياسي في العالم العربي وليست الجبهة اإلسالمية فصيال

حتى تكون هذه النتيجة مختصة بها فقلد اعتبر البعض ان معظم الحركات والتنظيمات السياسية والعربية او كلها قد غابت عنها التربية الثورية الصحيحة ألفراد تلك الحركات والتنظيمات ولم

ين التزام داخلي بشخصيتها وفكرها ونموذجها فغابت البرامج العملية تهتم هذه األحزاب أبدا بتكووقد كان )71اشتي ص (الختيار األفراد الطليعيين و فرزهم وفق شروط نفسية ونضالية محددة

هذا المسلك واضحا في أساليب الجبهة التنظيمية حيث كانت مشغولة بهم أساسي وهو تكوين الفيلق تم التحرير ألرض البحرين ومنها ستنطلق حركة الرساليين إلى العسكري الذي من خالله سي

تحرير الجزيرة العربية لتصل إلى العراق أرض البطوالت وأرض الوالء ولم تراع الجبهة طوال فترة نشاطها غير الهم العسكري لدرجة تغيب معها األدبيات الفكرية والتربوية وهذا ما يتضح من

بوية التي كانت تعطى في الدورات السياسية والعسكرية وكذلك من تتبع تتبع البرامج الثقافية والترإصدارات الجبهة اإلسالمية التي لم تتجاوز عشرة إصدارات جاءت سطحية في تناولها ألكبر مشكلة يعاني منها المجتمع السياسي في البحرين وهي قضية التسلط والدكتاتورية واإلرهاب

ان هذا االهتمام غير المبرر ال .كز على الجانب العسكري الحكومي في ظل اهتمام واضح ومرشك انه ساهم بدرجة او بأخرى في تعميق األزمة المعرفية وفي تعويق الطليعة من ممارسة

دورها التغيري كما كان مرسوما لها ان كل ذلك ساهم في تحجيم الطليعة وإعاقتها عن ممارسة الدور الذي رسم لها ساعد على ذلك

االعتقال واإلبعاد والتهجير المتواصلة ألفراد الجبهة اإلسالمية فأصبحت أغلب كوادر حمالت إال ان .الجبهة النشطة تعيش في الخارج والتي في الداخل تعيش السرية واالنطواء السياسي

يعيش على هامش الوجود -ومنه البحراني-السبب األهم في مثل هذا الفضاء ان االنسان العربي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

104

Page 105: ضخامة التراث ووعي المفارقة

يم فتغيب معه الحقوق وهذا تتداعى معه قضية تهميش الحدود الفاصلة بين الشخص ال في الصموالجماعة فيتضخم دور الجماعة على حساب الشخص األمر الذي يساعد على تعميق االنقسام

راجع اشتي (السياسي بين فئاته /المجتمعي عوضا عن المساهمة في تقوية التفاعل االجتماعي ة الناتج عن غياب الديمقراطية او االختيار الحر وتحديد الئحة فالتوحد مع الجماع)362ص

الخ ..التنظيم /المنظمة /الواجبات يحول الذات الفردية إلى ذات جمعية تنتمي إلى الحزب /الحقوق فتصبح ذاته ذات تلك الجماعة يفكر بتفكيرها وال يرى في حدوده غيرها مما يضعف االرتباط بينه

عية األخرى حتى ولو كان هناك تواصل على مستوى اللقاء الجسمي إال ان وبين الفئات االجتما .النظرة التي يكونها عن غير الجماعة هي نظرة مغايرة تختزن في طياتها رؤية المجتمع النقيض

:المطلوب والممكن:قضية المنهج الثوري : ثالثا

الجبهة اإلسالمية على قد ال نحتاج إلى جهد او حتى استعراض لتوضيح القضية التي تصر

تلك القضية المتعلقة بالمنهج واألسلوب الذي من شأنه ان يحقق اإلصالح ,مواصلة طرحها دائما ان ما يميز خطاب الجبهة اإلسالمية حاليا في فسيفساء العمل .في المجتمع السياسي في البحرين

البد منه لتقدم المجتمع السياسي هي مسألة التغير الجذري عن طريق الثورة الجماهيرية كشرط–ان الشعار الذي كونت الجبهة اإلسالمية خالياها على أساسه يعتمد على هذه الفكرة .السياسي

لقد تأسست ,بشكل يستحق معه ان يصبح العنوان األبرز في خطاب الجبهة اإلسالمية -األيديولوجياقاتلوهم يعذبهم اهللا بأيدكم (الجبهة على أساس أية من القران اختارتها من دون أي القران وهي

وعلى هذا األساس فان ).110الحاج ص)(ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ان الحركات اإلسالمية الرسالية األصيلة ال تؤمن إال "رؤية الجبهة للحركة اإلسالمية تقوم على

إلسالمية في البحرين فالحركة ا.باإلصالحات الجذرية وترفض أي تغير سطحي وجزئي ومرحلي ترى ضرورة اإلصالح الجذري لهيكلية النظام السياسي الذي هو الطريق والحل الوحيد لمشاكل

غير األصيلة قد ال يحمل /ان التفريق بين الحركات األصيلة )135نفسه ص"(البحرين الراهنة األصيلة واألخيرة غير /في طيات الخطاب ما يدعمه لكنه عند هذا الحد يضع مفصال بين األصيلة

هي التي ال تتبنى التغير الجذري كخيار إستراتيجي او حتى تكتيكي أي ان خطاب الجبهة يحاول :ان يالمس شقين أساسيين هنا هما

االرتباط باإلسالم الحقيقي األصيل القائم على تحقيق الثورة في كافة نطاق المجتمع :الشق األول السياسي في البحرين للثورة والتغير الجذري الشامل للنظام مالمسة حاجة المجتمع: الشق الثاني

. السياسي وال تشكل هذه المزاوجة موضع اختالف بين الفصائل السياسية المعارضة في المجتمع السياسي

العقيدة /البحراني إال في الشق الثاني وهو رغم اعتباره الحل األمثل وهو ما يدعم من خالل الفكر سياسي والمرحلة الراهنة ال تسمح بمثل هذا الطرح خصوصا مع تعقد الوضع إال ان الوضع ال

اإلقليمي وتكريس ميزان القوى في المنطقة يجعل من السير في مثل هذا الطريق مجازفة ال تحمد ولكنه جاء كسائر اإلطروحات ,في الوقت الذي سعت الجبهة إلى تثبيت مثل هذا الطرح .عقباها

فالثورة إذ صح القول عنها بأنها منهجية فهي منهجية عامة مشتركة "خرى الثورية اإلسالمية األمكررة ال تنتمي إلى إطار فكري او أيدلوجي وبالتالي فإنها ال تشكل إبداعا حركيا ذاتيا او

كما إنها ال تعبر عن ثراء فكري استنباطي او اجتهادي يمكن ان يشكل إضافة في ..متخصصا ان المتابع للوضع الثوري العالمي يجد ان كثير من تلك )257ف ص رؤو)الفكر الحركي العام

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

105

Page 106: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الحركات خصوصا الماركسية منها تعج بأدبيات ضخمة في الشأن الثوري كمنهجية متبعة مما .يعطيها إضافة إلى بعدها الحركي بعدا فكريا تأسيسا

حقيق فكر الثورة ال وهذا الوضع قد ال يهم الجبهة اإلسالمية إذ ترى نفسها إنها مسؤولة عن تفالثورة تأتي في سياقات يفهم منها الفهم العامي ال المتخصص بمعنى إنها ,التنظير لوقوع الثورة

التغير الجذري للنظام القائم من خالل الجماهير ليس أكثر لذا فان الوضع البديل هو ما يجب ان ع اللمسات الفكرية يشكل موضع اشتغال فطريق الثورة واضح ال حاجة له للتعريف او وض

واالهم في وضع الجبهة إنها تشكل فصيال تابعا لحركة اعم هي حركة الرساليين .التنظرية له /وقد اختطت حركة الرساليين .وبالتالي فإنها خاضعة في فكرها السياسي لما تملئه الحركة االم

لدعوة الداعية إلى منهجية الثورة او سياسية حرق المراحل في معارضة منها على منهجية حزب اوهو وضع لم تقتصر تداعياته على الوضع العراقي ,المرحلية في الطرح وفي الممارسة السياسية

فقط وانما انجرت اليه كل األطراف التابع للمركز وقد ساعد على تثبيت أطروحة الثورة انتصار اضرا في الذهنية الثورة اإلسالمية في إيران األمر الذي جعل من الثورة مصطلحا مفهوما وح

العامة والخاصة فال حاجة لشرح خطوات الثورة وهو أمر متحقق على الساحة اإلسالمية وفي وإذا كنا نتكلم عن سبب ميوعة مصطلح الثورة فان ,بقعة جغرافية قريبة جدا للوضع البحراني

اب البديل والفراغ الذي حدث بعد الهزيمة وسقوط القيادة البرجوازية وغي "1967ظروف ما بعد الثوري واستمرار حركة التحرر العربية ورسوخ البنى االجتماعية المتخلفة واالفتقار إلى تقدم حقيقي ديمقراطي ووطني ساهمت مع عوامل أخرى في إعادة تحريك التيارات اإلسالمية وتقدمها

لفرصة ان هذا االشتغال الحركي ضيع ا) نقال عن حسين مروة 462أشتي ص (في العالم العربي على الحركة اإلسالمية من ان تصوغ استراتيجيتها الخاصة للثورة ونحن نعلم ان الثورات تخلف ضحايا ولها في الفكر اإلسالمي الكثير من المعوقات أهمها مسألة الدماء التي تسفك والتضرر في

ة األولى المرجعي في تحركات الثور/المصالح العامة والخاصة مما يعني ضرورة التنظير الفقهي الخ وهو الشق الذي ظل مغيبا عن الفهم الحركي في قطاعات واسعة ممن مارست ..والتابعة

. الدعوة إلى الثورةولكن الذي يشكل إشكالية هنا ليس ما تقدم وان كان بمثابة إشكالية مفهومية ال تختص بها الجبهة

سالمية التي اختارت لنفسها ان اإلسالمية وانما من الممكن لها ان تعمم على سائر الحركات اإلتكون صاحبة خطاب تبشيري ينظر إلى مرحلة ما بعد االنتصار والوعد الكبير بتحقيق المجتمع

ان المشكل هو مدى مطابقة منهجية الثورة لواقع المجتمع السياسي في البحرين وهل .المثالي لمستقبل ؟وكيف عملت الجبهة هناك قابلية لقبول هذه األطروحة؟ وهل لها ان تؤتي ثمارها في ا

اإلسالمية على تأصيل الثورة في خبايا المجتمع البحراني ؟وهل نجحت او إنها فشلت في ذلك؟

ان ما يؤخذ عامة على الحركات اإلسالمية ان أفرادها ينطلقون من التصورات القديمة لكنهم تحليل اآلليات التي تقوم يصوغونها في ثوب جديد ويسقطون عليها اهتماماتهم الراهنة قصروا في

عليها الدولة الحديثة وعالقاتها بالتركيبات االجتماعية والبنى االقتصادية داخليا ودوليا ومحليا فجاءت النظرية السياسية هزيلة المحتوى من ناحية وفضفاضة يغلب عليها التعميم من ناحية

ألولوية للعمل السياسي الذي ويرى اوليفيه روا ان االسالميين يعطون ا) 103حيدر ص (أخرى يأخذ أحد األشكال الثالثة التالية او مزيجا منها

.يسعى كطليعة تهدف إلى االستالء على السلطة :النمط اللنينني يسعى داخل إطار حزبي تعددي وانتخابي إلى تمرير الحد األقصى من :حزب من الطراز الغربي

.عناصره وبرامجه

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

106

Page 107: ضخامة التراث ووعي المفارقة

القيم اإلسالمية وتغير العقليات والمجتمع وقد تحقق الطموحات السياسية تروج :جمعية دينية نشطة )43نفسه ص(في نشاطها مؤقتا

ان الجبهة اإلسالمية عندما اختارت منهجية التحرير كانت مدفوعة بالتفكير بان الجهاد بالقوة ن هناك يأساً المسلحة هو الطريق الوحيد الشرعي للعمل السياسي وما توصلت اليه هذه القراءة ا

من جدوى العمل السلمي استنادا إلى قراءة الجبهة لتاريخ تجارب التغير كما سبق عرضه وبالتالي فان الخيار العسكري هو الخيار األمثل لتحقيق التغير المطلوب وراهنت الجبهة في ذلك على

فئة دخيلة على انفصال النخبة الحاكمة عن الشعب بمعنى إنها ترى في النخبة السياسية الحاكمةالمجتمع ومن الطبيعي ان يحدث رفض لها ورغبة في الخالص منها فضال عن ممارسة القمع واإلرهاب طوال قرنيين من الزمان كفيلة بان تهيج النفوس وتشحذ األفكار والهمم لالنقالب على

يها انتشال النظام وتستعين الجبهة في ذلك بتجارب قديمة قادها علماء دين من الشيعة حاولوا فأضف إلى ذلك تجارب التيار اليساري وتبنيه خيار ,الشعب البحراني من قبضة النظام الحاكم

الرفض المطلق للنظام الحاكم األمر الذي يؤدي إلى تولد قناعة عامة ومرتكزة في قرارة أفراد .الشعب بضرورة تغير النظام السياسي

ر تبنيها لخيار التحرير ليس في الدوافع التي يمكن من ان األمر الذي لم تلتفت اليه الجبهة في خياخاللها ان تنطلق الجماهير وراء قيادة الجبهة وتعمل معها على طريق التحرير فكل تنظيم قادر على التحشيد وإثارة العواطف لكنه يواجه صعوبة بالغة الخطورة عندما يعمد إلى التنظيم المحكم

في البحرين المتعلقة بقضية التحرير سببت إفرازات خطيرة بمعنى ان تجارب المجتمع السياسي,تمثل أخطرها في حالة الفوبيا من األحزاب والتنظيمات السياسية وما حاولته الجبهة من استثمار وضع االنفعال والتعاطف مع الثورة اإلسالمية كان خطأ منهجيا عاد على الكثيرين بالضرر ففي

يصعب او يستحيل تعين حدود عضوية او حجم –اإلسالمية ومنها -فترات الصعود للظاهرة فهناك فرق بين التنظيم المحكم وبين "المنتمين او المتعاطفين مع الجهة المتبنية للظاهرة الصاعدة

القدرة على الحشد والتعبئة الذي يقوم على نهج العواطف في أحيان كثيرة وكردود فعل األحداث على القدرة على التعبئة العاطفية هو رهان ناجح بال شك إال ان فالرهان) 53حيدر ص (المثيرة

الرهان على النجاح في تكوين تنظيم يقدر على ممارسة الدور المطلوب منه في عملية التغير هو ما يشكل موضعا للنقاش وهنا ال يجدي توفر بعض المنطلقات الفكرية والمعرفية او حتى الرغبة

العملية ليست بالسهولة التي يتصورها البعض فما لم يكن هناك تخطيط النفسية عند إرادة الشعب فواضح ودقيق ومتابعة جادة لحاالت الجماهير ورصد واقعي لميزان القوى المحلي واإلقليمي فان

صحيح ان الثورة بال نظرية هي عملية . الخوض في مغامرة التغير الجذري يشكل مأزقا انتحارياوهي القضية التي نرى إنها كانت غائبة ,وحدها هي عملية انتحارية أيضاانتحارية ولكن النظرية ل

.عن نظرة الجبهة اإلسالمية ان المجتمع السياسي البحراني لم يقبل ولن يقبل بالنظام السياسي الحاكم ولكن هذا الرفض مازال

إلى عمليات رفضا نفسيا لم يترجم نفسه في رغبة عمل سياسي حقيقي إال عند أفراد قالئل فيحتاجترويض فكرية يكون من بعدها قادرا على مواصلة عملية التغير الجذري وحتى حاالت االنفالت التي يمارسها بين الفينة واألخرى في شكل انتفاضات وحركات احتجاج غاضبة ال تخرج عن

العقائدي /حالة توازن بين التكوين األيدلوجي ,كونها محاوالت العادة التوازن النفسي المشار اليه المصبوغ بالثورية والرفض وما بين حالة الممارسة السلوكية والتطعيم المعرفي الزائف الداعي

وإال فمن يصدق ان هذا الشعب هو الذي اجبر االستعمار البرتغالي ان ,إلى القبول بالوضع الراهن ستعمار ينسحب من منطقة الخليج وان يذيقه أقسى حاالت الهزيمة وهو ما يفسر طبيعة اال

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

107

Page 108: ضخامة التراث ووعي المفارقة

البريطاني الذي لم يمارس هيمنته كما في بلدان أخرى إال بعد ان اطمأن إلى ان تلك الطبيعة .الثورية تم ترويضها وعزلها

وإذا ما عدنا إلى واقع الجبهة اإلسالمية لنرقب أسلوبها في هذا المجال فإننا ال نفارق الحق إذا ما د اشتغالها بالجهد العسكري وإخفاقها في ذلك عام قلنا إنها لم توفق في انجاح هذه المهمة فبع

فإنها ظلت تبرز فكرها عبر خطاب تعبوي لم يفارق لغة المنشورات ولم يقدم الدراسة 1981الواقعية لخيار الثورة فمن المالحظ على خطاب الجبهة اإلسالمية في هذا الشأن أنها تجعل من

زال بعيدا ولم يسع هذا الخطاب إلى تنوير الجماهير أمر الثورة أمرا وشيكا متحققا في حين انه ما بواقعها السياسي فظلت الجماهير تعيش االقتراب من هدفها المنشود لكنها أفاقت على واقع

.انخدعت به أصابتها االنتكاسات تلو االنتكاسات والى هنا نعلق القلم مكتفين بهذه الدردشة

:رابعا اشتغاالت الخطاب السياسي ذا الجانب اكثر الجوانب أهمية في قضية تحليل الخطاب السياسي عند أي تيار سياسي يشكل ه

ولذا فان آليات البحث فيه أخذت تتطور وتنمي من ذاتها وغذت قضية تحليل الخطاب باالعتماد على تحديد القضايا المتكررة واألكثر بروزا فمنها يفصح التيار السياسي عن نفسه وعن اشتغاالته

المكونة له والباعثة الستمراره فما لم يكن الخطاب السياسي قادراً على تفكيك الواقع من الحقيقةخالل قضاياه فانه من المحتمل ان يعيش نخبويته الخاصة بمعنى ان يكون خطابا خاصا بفئة معينة

.تنفصل عن األمة والمجتمعا فان التعرض لحصر ومن هنا فان التمعن في هذه االشتغاالت يحتاج إلى بحث منفصل ولذ

انه من الممكن لنا ان نحدد .القضايا التي شغلت خطاب الجبهة اإلسالمية سيكون عرضا مختصرا أطر تحرك الخطاب السياسي عند الجبهة على عدة مستويات وكل منها يمثل قسما خاصا يشمل

:كثيراً من القضايا وهذه األطر كما نقترحها هي )البعد المحلي او الداخلي.(سياسي اإلطار الخاص بالمجتمع ال-1 )البعد اإلقليمي .( اإلطار الخاص بأمن الخليج -2 )البعد العالمي .( اإلطار اإلسالمي العام -3

االنتماء /ولن نستطيع ان نحدد البنية األساس في تفاعل هذه األطر إال من خالل اعتماد القضية مية وهي قضية االنتماء إلى الفكر اإلسالمي إلى الفضاء الواسع المنخرطة فيه الجبهة اإلسال

والصعوبة المرافقة لمثل فضاء الفكر اإلسالمي تتحدد في قدرة , واالعتناء بالمرجعية اإلسالميةالفئة المعنية على صياغة خطابها مصبوغا بصبغة خاصة تراعي ظروفها الخاصة والبيئة المنتجة

الفئات منساقة إلى متابعة الخطوط العامة في لها والذي يحدث في أغلب األحيان ان تكون تلكتجريدتها العامة جدا من دون التوقف العميق عند خصوصيات البيئة المنطلقة منها والموجهة

ولعل السبب ان الواقع اإلسالمي شهد طفرة في الصحوة اإلسالمية قبال اطروحات .خطابها إليها ستوردة من أطراف غربية فلم يكن أمام حاولت ان تركز نفسها وان تقدم اطروحات جاهزة م

اإلسالميين إال متابعة هذه اإلطروحات بطرح النموذج التام المعارض للفكر اآلخر كما نشهد ذلك إذ جعل من اإلسالم المنطلق القادر .فلسفتنا,في مؤلفات الشهيد الصدر خصوصا كتابي اقتصادنا

هي متوفرة في الفكر الغربي بشقيه على صياغة المجتمع المثالي بصورة اكبر واكثر مما الرأسمالي ومع بداية هذا التأسيس انساقت الحركات اإلسالمية خلف هذه الصيغة /الماركسي

.متوحدة مع الصيغة النهائية كهدف ونهاية للجنس البشري

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

108

Page 109: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ية وهذا نلحظه في تحديد الجبهة ألهدافها العامة او ما تسميه أدبيات الجبهة اإلسالمية باإلستراتيج :البعيدة المدى فيما يلي

بناء الفرد الرسالي الواعي باإلسالم فكرا والمجسد لتعاليمه سلوكا والحامل لرسالة العمل -1 .والدعوة اليه والمستعد للتضحية دفاعا عنه

بناء األمة المؤمنة على إنها مرحلة تالية لبناء الفرد الرسالي الملتزم وتتم عبر تكوين طليعة -2ادرة على قيادة عملية التغير السياسي واالجتماعي في األمة وإثارة القوى والطاقات مؤمنة ق

.الكامنة في أعماقها بناء الحضارة اإلسالمية من خالل األمة الصالحة القادرة على تجاوز روحية الهزيمة والقادرة -3

تكون الثورة قد وبتحقيق هذا الهدف .على التصدي والتي تمتلك في أعماقها مقومات الحضارة تجاوزت حيزها القطري البدائي وحطمت الحدود والحواجز المبنية بين جماهير األمة الواحدة

)18ص ,32/1985,ع,الرسالية (وبنت طليعة ثورية قادرة على اإلمساك بأطراف هذه األمة ية إلى ومن الواضح ان مثل هذه االشتغاالت ال تخرج عن إطار الحركة اإلسالمية العامة الساع

والمشكل في أطروحة الجبهة اإلسالمية إنها تراهن على . بناء المجتمع اإلسالمي الخالصالوصول إلى المجتمع الفاضل عن طريق استالم زمام الحكم السياسي غافلة عن كثير من تعقيدات الواقع السياسي واالجتماعي وصعوبة التوصل إلى تطبيق حقيقي لمثل األهداف المنشودة ولن

ساق إلى مناقشة فكر الجبهة اإلسالمية على إطالقه هنا بقدر ما نؤكد على ضرورة تحديد الواقع نن .تحديدا دقيقا واالنطالق من مكوناته

وخالف هذا الوضع فان المشهدية المتوقعة هي ان تتكون ازدواجية في العمل الممارس والعمل صل خالفاتها عن طبيعة تحركها على ان تف-عموما -المنشود إذ لم تستطع الحركة اإلسالمية

الواقع رغم التوحد في األهداف البعيدة المدى فضال عن إشكاليات الواقع اإلسالمي وانقساماته .األمر الذي قد يجر إلى ضرورة التفرد في أطروحة الفكر اإلسالمي

ون بعيدة عن ولم تكن الجبهة اإلسالمية وهي إحدى الفصائل اإلسالمية الفاعلة في الساحة ان تكهذا المنزلق ففتحت لها اكثر من جبهة سياسية ومواجهة مع أطراف ال تخوض معها عملية الصراع وما ذلك إال نتاج محاولتها ان تتطابق نفسها مع األطروحة العامة وهو ما نسعى إلى ا دراسته بشكله المختص عبر التعرض للمحاور الثالثة السابقة فعل المستوى العام كانت قضاي

اإلسالم وهمومه العامة تشغل حيزا مهما في أدبيات الجبهة اإلسالمية على ان هذا االنحياز يتجلى حيث خصصت ملفا عن )68/1988,ع,راجع الرسالية (في دفاع الجبهة عن الواقع العراقي المخصص لالنتفاضة الشعبية في 87/1991وكذلك العدد ,االعتقال والتعذيب في سجون العراق

والقضية الفلسطينية والدفاع عن شرعية المقاومة اإلسالمية في الجنوب اللبناني وعلى - العراقالمستوى اإلقليمي شغلت نفسها بالتهجم على األنظمة الحاكمة في دول الخليج العربي وتعاملت معها بكل عالنية على إنها نسخة مكررة من نظام القمع في البحرين وكرست كثيراً من مواضيعها

ب التواجد األمريكي في منطقة الخليج العربي سلطت الضوء الواسع على ما يسمى بمجلس لشجوعلى المستوى المحلي فان الجبهة اإلسالمية تتبعت مظاهر التخلخل في الواقع . التعاون الخليجي

االجتماعي كالبطالة وتدني المستوى التعليمي و فضح أساليب السلطة في االستحواذ على ثروات .ين االقتصادية وغيرها من المواضيع المتعددة البحر

والملفت في األمر هنا ليس في كثرة التناوالت واالنشغاالت وانما في التعرض غير المعمق في بعضها مما أفضى إلى تسطيح الرؤية وصبغة الخطاب المقدم فيها بصورة تعبوية همه شحذ الهمم

. لتحليل الموضوعي بصورة عامةناحية الحماس المفرط وتغيب جانب العقالنية وا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

109

Page 110: ضخامة التراث ووعي المفارقة

والواقع ان انشغاالت الجبهة اإلسالمية ال يكمن اعتبارها انشغالت خطاب سياسي موجه يمتلك أصالته في التناول فال نجد في أدبياتها ما يتناول الفكر السياسي المتعلق بقضايا التأسيس والتأصيل

ع الموقف السياسي أي ان تناول الجبهة لقضايا للظواهر السياسية المعاشة إال من خالل المحايثة مالظواهر السياسية إنما هو نتاج موقف يتطلب موقفا يعبر عن رأي الجبهة إذ ال يوجد خطاب

.يماثل اآلراء الموجودة /يشرح أساسيات الموقف قدر االهتمام بتبيان رأي يختلف

المطلب الثاني إستراتيجية العمل الحركي

الهيكلي في حركية الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرينالتنظيم : أوال

يمكن تعريف الهيكل التنظيمي على انه التعبير البياني الذي يعكس نظام العالقات الذي يحكم جميع الوحدات و األقسام والقوى العاملة في التنظيم وبالتالي فان البحث في فضاء التوزيع للقوة

انه من المؤكد ان مجال العالقات السياسية تهيمن عليه .عمل والسلطة هو الذي يكفل استمرار الفعالقات المجتمع ,قضية وإشكالية االنتماء السياسي الذي نستطيع ان نقول معه انه جوهر السياسي

السياسي تقوم أساسا على مثل هذه االنتماءات المؤطرة بإحدى القوى الفاعلة او التي لها عالقة ا نحاول مفاصلة هذه القوى فان الرابطة بينها ال يمكن ان تتحدد في وعندم.بالمجتمع السياسي

ان الهيكل التنظيمي هو الذي يبحث .الخ ..التوافق /التعايش /التنظيم وانما في مقوالت الصراع عن توزيع القوة والسلطة داخل إحدى تلك القوى إذ يحاول اإلجابة على أسئلة بدائية مثل كيف

ية التي سوف تكون مسؤولة عن إصدار الفعل السياسي والذي من دونه ال ترسم العالقات الداخلوالقضية بهذا التصور ال تثير .يمكن لتلك القوى ان تكون عنصرا من عناصر المجتمع السياسي

إشكالية ألنها تمارس بشكل ملموس في كافة التحركات السياسية ولكن المسألة تأخذ بعدا تأزميا او يتحول الحديث عن ضرورة توزيع السلطة والقوة إلى كيفية ممارسة هذا بعداً مفارقا عندما

التوزيع في فضاء التنظيم السياسي وفضاء المجتمع السياسي وما هي مشروعية مثل هذا التوزيع وكيف حدد له ان يمارس دوره أي الكشف عن البني التحتية والمحركة أساسا لكافة مثل هذه

األمور ؟رة التشكيل في إطار حزبي يعتمد المركزية والتوزيع الدقيق للسلطة او ان الخالف حول ضرو

ان هذا االختالف .المرجعية وغيرها /التشكل حول اإلطار الجماهيري المنطلق من مفاهيم الطليعة وعندما نتحول .ليس اختالفا في ضرورة التنظيم بل هو خالف في كيفية التنظيم او الخط البياني

ة المجردة وننتقل إلى العمل السياسي عند الجماعات السياسية اإلسالمية فان من اللغة السياسيالمجال اإلسالمي في المجتمع السياسي البحراني لم يكن يشهد أية سجاالت او نقاشات في مثل هذه القضية إال مع تحول القوى والتيار اإلسالمي إلى فاعل سياسي حقيقي يتبنى رؤية سياسية تخصه

لقد سبب هذا الوضع في ان يفقد التيار .س الوقت إلى تطبيقها او تذييل السبل أمامها ويعمل في نفاإلسالمي في البحرين الخبرة الكافية والتأصيل الواضح لقضية التنظيم ونتيجة لكل ذلك فليس غربيا وال مستهجنا إذا ما وجدنا ان نمط العالقات الذي تسير عليه القوى اإلسالمية هو ذلك النمط

لعامودي وتختفي كثير من األنماط األخرى ومع انفراط هذا العقد العمودي فانه ال يبقى أي اثر ا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

110

Page 111: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وال نتوقع ان نجد أي معلومات بهذا .للتنظيم بل تحل محله الفوضى وتقع النزاعات والخالفات ن إال ا,الجانب في ظل ظروف بوليسية قاهرة قمعية كالتي يعيشها المجتمع السياسي في البحرين

األخير ال يمثل إال بعدا ظاهريا في اكثر التقادير إذ تبقى مسألة توزيع القوة والسلطة داخل المؤسسات السياسية شأنا داخليا غير مسموح لغير الفاعلين في التنظيم من االطالع عليه ولكن

تتوفر على البعد الآل مفكر فيه هنا هو ذلك البعد المتعلق أساسا بإفالس التنظيم من هيكلية محددةتحديد الوظائف واألدوار بشكل يكفل عدم التداخل ويضمن تحديد المسؤوليات ويخضع للمراقبة

ان .ولهذا ال نرى تغيرا يذكر في األوساط التنظيمية او المشار إليها كتنظيم ,والمحاسبة والتدقيق اعتبارها قضايا هذا اإلفالس هو ما يجعل من أولئك األعضاء بالتستر التام على هذه األمور و

سرية تهدد وتربك واقع العمل السياسي ويتعاضد هذا البعد مع البعد الكامن والقار في العقل السياسي البحراني الرافض لقضايا التنظيم واالنتماء السياسي المعلن وبالصورة المكشوفة كما هي

ما من شك إنها التنظيمات السياسية األخرى ان هذا التخوف من كلمة حزب او تنظيم سياسي سوف تلعب دوراً كبيراً وفعاالً في الحد من تطور الفهم التنظيمي للقوى السياسية وإبقائها بالتالي في إطاراتها التعبوية وهي بذلك تجعل من العمل السياسي عمال مزاجيا يخضع في كلياتها لقضايا

لسياسي وعناصر اإلدارة المحسوبية والعالقات القرابية او التصادقية وتغيب عالقات العمل ا .الكفوءة والقادرة على تحمل المسؤولية وانجاح المهمة

ان ما نحاول إثارته هنا هو ما سنحاول دراسته في تجربة الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين عبر تتبعنا لنشأة التنظيم الهيكلي المعبر عنه بالتنظيم الحديدي الذي طرحه السيد محمد الشيرازي في

ه السبيل إلنهاض المسلمين والذي سوف يتطور إلى األمانة العامة والمؤتمر العام وغيرها من كتاباألسس الهيكلية وسنرى فاعلية مثل هذه التوزيعات في ضوء األهداف المعلنة وغير المعلنة في خطاب الجبهة اإلسالمية فضال عن تحديد اوجه اإلخفاق والنجاح في طرح مثل هذه التصورات

ساط المجتمع السياسي البحراني وكيف كانت نظرة السلطة السياسية لمثل هذه التنظيمات في أو المنسوبين إلى الجبهة اإلسالمية لتحرير 73والتي يمكن اإلشارة إليها هنا باإلشارة إلى قضية

.1981البحرين في العام :الخلفية المرجعية للتنظيم-1

خطاب الجبهة اإلسالمية التي تنتمي في عالقاتها تحتل مسألة التنظيم حيزا مهما ومكثرا فيالمرجعية بالمرجع السيد محمد الشيرازي الذي يولى هو أيضا لمسألة التنظيم أهمية كبرى وتشكل

ان "االجتماعية لذا ال نعجب منه ان يقول /إحدى االشتغاالت التي ال تنفك عن مؤلفاته السياسية السبيل إلى (ة حيوية ملحة بالنسبة إلى األمة اإلسالمية التنظيم واجب شرعي وسنة كونية وضرور

إننا بدون التنظيم لن نستطيع مواجهة التحديات المعاصرة ولن نتمكن )"45إنهاض المسلمين صومن خالل هذه الركيزة الفقهية )46نفسه ص(من الوقوف أمام الشرق والغرب وعمالئهما

السياسي /كوين تنظيم يتم التحرك اإلسالمي والحركية نرى ان هناك توجها واضحا للعمل على تان كل فرد "ويتابع السيد الشيرازي عن الكيفية التي ينخرط بها الفرد في التنظيم يقول . من خالله

واما ان يبدأ تنظيما ..وذلك إما باالنتماء إلى إحدى المنظمات اإلسالمية المستقيمة ..يستطيع ذلك من األفراد الصالحين يغذيهم بالفكر السليم وينظمهم ثم ينظم جديدا بنفسه وذلك بان يلتقي بأربعة

ان مثل هذه )48نفسه ص.."(كل واحد من هؤالء بعد استيعابهم للفكر والتنظيم أربعة آخرين االستراتيجية في توسعة التنظيم أو الدخول فيه ال تنطلق هكذا من دون ان تصنع لنفسها هدفا أعلى

حكومة ألف مليون مسلم أي ان التحرك التنظيمي من الالزم له ان هو ما يسميه السيد الشيرازييستوعب كل المسلمين الموجودين في العالم بل ان تجاوز الحد اإلسالمي إلى العمل على تنظيم

التنظيم الذي هو مقدمة إلقامة حكومة ألف مليون مسلم يجب ان ال يقتصر على "غير المسلمين

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

111

Page 112: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ولعل القراءة ).48نفسه ص"(يه ان يستوعب البالد األجنبية أيضاالبالد اإلسالمية فحسب بل علالناقدة ترى في مثل هذه اإلطروحات إنها تميل إلى المثالية والى التبسيط واالستخفاف بالواقع الفعلي ألرضية التنظيم الذي يراد له ان يكون تنظيما أمميا على غرار التنظيمات األممية األخرى

شأنه شأن المرجعية الشيعية – فقد عاصر وعاين السيد الشيرازي خصوصا الشيوعية منهاالتجربة الشيوعية في العالم اإلسالمي وكيف إنها استطاعت ان توجد لها خاليا في –اإلسالمية /

كل بقاع العالم اإلسالمي تقريبا مع االحتفاظ باالرتباط بالقيادة األم او الحزب الشيوعي العالمي ينظر إلى المسألة من جانبها الواقعي المتمثل في كثرة الحركات اإلسالمية فالسيد الشيرازي كان

ان من الضروري ان تنصهر كل هذه الحركات في حركة واحدة ما دام "المتفرقة ولذا نراه يقول الهدف واحدا وما دامت المشكلة واحدة فالجميع يشكون من االستعمار واالستغالل والدكتاتورية

فمن الضروري على التنظيم " ويؤكد ذلك في مقطع أخر ) 51نفسه ص(والتخلف الحضاري اإلسالمي الواعي ان يعمل جادا ألجل أن يصب كل هذه األجهزة اإلسالمية في تيار واحد عام

كما رأيناه في ,ومن جهة أخرى نراه يميل إلى تبسيط الواقع الذي يراد له أن يتحقق) 75نفسه (و واضح من خالل استعراض الحوادث التاريخية مع العلم بتعقد طريقة إنشاء التنظيم أو كما ه

الظروف واختالف ميزان القوى على المستوى الدولي أو حتى اإلقليمي ومما يؤكد على ذلك قول ان هذا التنظيم اإلسالمي العام الواحد يجب أن يحتوى على ما ال يقل من عشرين "السيد الشيرازي

) 53نفسه ص(ل خمسين مسلم موجه واحد وهذه اقل نسبة مطلوبة مليون منظم حتى يكون بإزاء كان هذه الخلفية المرجعية عندما نحاول مقارنتها مع التحرك العملي الذي مارسه السيد الشيرازي عندما تصدى للمرجعية فإننا نلحظ ان هناك خطوات جادة في تحقيق تصور التنظيم الحديدي مع

يبدأ من الخاليا العنقودية التي ينظر إليها أنها ستتحول إلى إنها تأتي في شكل تبسيطي بدائيهيئات قيادية لذا فإن مثل التنظيم الحديدي ال نجده يكرر نفسه في مؤلفات السيد الشيرازي الحديثة إذ يحل محله مصطلح الحزب وتفريعاته ومالزمته مع قضية الشورى ومن الطبيعي ان يكون

ومن الممكن مالحظة هذا األمر , ومن جهة أخرى ذا داللة حركية التحول هذا ذا داللة معرفية فيما كتبه السيد الشيرازي في مسألة توحيد الحركات اإلسالمية إذ يمكن تحقيق ذلك بالكيفية التالية

ان تجعل أوال مسودة تعاون على أساسها تتوحد كل القوى اإلسالمية من منظمات وجمعيات "ية تنتخب جماعة من المثقفين الذين يحملون الفكر اإلسالمي حمال وفي المرحلة الثان,وحركات

جيدا ويلتزمون باإلسالم سلوكا ومنهاجا في حياتهم وتكون مهمتهم صب طاقات األحزاب في تيار واحد أما في المرحلة الثالثة فيتحركون لتشكيل قيادة موحدة ويتم تشكيلها ..والمنظمات

إضافة إلى ) 75نفسه (مناسبة لتكوين الحركة اإلسالمية الواحدة بانتخاب األكثرية فتتخذ قرارات ونستطيع .ان الظروف التي كتب بها كتاب السبيل إلنهاض المسلمين تختلف عن ما هي عليه اليوم

ان نفهم ذلك من خالل تحركات السيد الشيرازي في الواقع السياسي منذ ان كان في العراق إلى ر الثورة اإلسالمية وبعد ان توترت العالقة بينه وما بين الجمهورية ان رجع إلى إيران بعد انتصا

ومن جهة أخرى فان ثمة تحول من الممكن مالحظته في , تقريبا 1986اإلسالمية في إيران بعد فقبل كتاب السبيل إلنهاض ,فكر السيد الشيرازي في الجانب الحركي منه على وجه الخصوص

رازي تميل إلى استخدام العنف في مقاومة الحكومات غير المسلمين كانت نظرة السيد الشيالشرعية وال يرى ثمة طريق إلسقاطها غير طريق العنف المسلح او ما كان يسمى بنظرية الثورة والتغير الجذري إال انه في كتاب السبيل نراه يؤسس وضعا آخر هو النهج السلمي وضرورة

م في حالة فشل كل الحلول السلمية يمكن اللجوء إلى االبتعاد عن استخدام العنف قدر اإلمكان نعان هذا التحول قد يسبب إرباكا لكثير من المنتمين إلى مرجعية السيد ) 143السبيل ص (العنف

وهو ما يفسر اإلصرار الحثيث من قبل بعض التابعين لمرجعية السيد الشيرازي على , الشيرازي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

112

Page 113: ضخامة التراث ووعي المفارقة

حرك في الساحة اإلسالمية وكأن هناك فجوة في الواقع الرجوع للكتاب واعتبره المصدر الملهم للتوهي أن األشكال البدائية للتنظيم لم تتحقق واقعا أو إنها لم تحقق المطلوب , لم يتم تجاوزها بعد

رغم ان ذلك التحول قد حدث في تجارب .منها حتى تتحول إلى ما هو فوقها من أطر تنظيميةلشيرازي الذي برع في إطار االحتواء لكثير من تلك سياسية أخرى تنتمي إلى مرجعية السيد ا

كانت تسمى بحركة "الحركات التي كانت في بداية أمرها عبارة عن مجموعة من األشخاص الرساليين وتعمل بصورة سرية ولم تكن تملك وضعا مؤسسيا وهيكلية محدودة بل انه كانت عبارة

إلى السيد الشيرازي ليس تنظيما بل عبر من الذين ينتمون "المنظمة "عن مجاميع من األفراد ومن ثم تطورت إلى حركات ذات )252رؤوف (أشخاص قياديين هم على عالقة خاصة به

.هيكلية إدارية محددة فقد ال يكون هذا الحكم ينطبق على كثير من -,وعند مالحظة هذه المرجعية في الواقع البحراني

معروف عن وضع المرجعية في البحرين فرغم المنتسبين لمرجعية السيد الشيرازي لما هواألزمة المعرفية التي يعيشها المجتمع في الوعي المرجعي واالرتباط بالمرجعية لكن المجتمع البحراني لم يدخل الصراع في حرب المرجعيات كما في مجتمعات أخرى فكان الوضع وضعا

دين للسيد الشيرازي يتنوعون في تعدديا يقبل االختالف في االنتماء المرجعي ولذا فان المقلاتنماإتهم السياسية بل ان الجبهة اإلسالمية تعيش في داخلها التعدد المرجعي أيضا يقال لمن هو

كما يقال لمقلدي السيد الشيرازي وينتمي ) جبهوي(مقلد لغير الشيرازي وينتمي للجبهة اإلسالمية .للجبهة كذلك أيضا

الثبات على الشكل البدائي في – البحريني فإن مالحظة هذا البعد ولكنه في إطار المجتمع السياسي :ويعود هذا األمر إلى عدة أسباب منها. يبدو واضحا جدا -التنظيم

حساسية الوضع الحزبي ومصطلح التنظيم عند أفراد المجتمع السياسي في البحرين إذ أن -1 فراد المجتمع ولعل من ضمن األسباب كال المصطلحيين يسبب االستخدام لهما فوبيا سياسية عند أ

المؤدية إلى مثل هذه الحالة المرضية ارتباط التحزب او التنظيم بكيانات السياسة اليسارية التي لم / يحالفها الحظ في اختراق جدار التدين البسيط عند أفراد الشعب إضافة إلى الشبهة الشرعية

ب يقف في عرض المرجعية ولكن السبب السياسية التي تدور حول التحزب مما يجعل من الحزاألقوى هنا هو عدم ألفة المجتمع السياسي في البحرين بالحركة السياسية المنظمة واعتماده على

السريع والتنظيم البدائي القائم على الروابط التضامنية /التحرك العفوي لتالي الكثير من محاوالت واقع القهر والتسلط الممارس من قبل السلطة السياسية وإفشالها با-2

التنظيم السياسي األمر الذي أدى أيضا إلى خلو العقل السياسي البحراني من مسألة التنظيم الحزبي او غيره ومن الطبيعي ان كل ذلك يحدث في ظل تغييب الوعي والثقافة السياسية والتي

شؤون المجتمع السياسي من ضمنها الثقافة الحزبية وغياب المشاركة الفعالة والجدية في إدارة ان امتياز المجتمع البحراني بمثل هذا البعد ما من شك انه سيؤثر على قرارات الحركة

عموما في تبنيها إلى هيكلية تنظيمة معتبرة وسيؤخره إلى مطلع -في البحرين-اإلسالمية التي أفرزت من 1994التسعينات ومع بداية الفعل السياسي الحرج جدا وهو االنتفاضة الدستورية

ضمن ما أفرزته تفجير الوعي السياسي بكل ما يحمله من قضايا ظلت معرضة للتغيب . والمصادرة سواء من قبل السلطة السياسية أو من قبل المعارضة نفسها

و لعل الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين هي الحركة األكبر أهلية لطرح مثل هذه القضايا لما نقول انه ,و قبل التعرض إلى تفصيل ذلك . جعي عندها من أهمية وحساسية أيضايشكله الثقل المر

رغم ذلك فقد حدثت أمور أملت على قيادة الجبهة في ان تفكر مليا في إعادة الصياغة الهيكلية لها .منذ منتصف الثمانينات وهذا يستدعي منا ان نحيط إجماال بمراحل التطور في الجبهة اإلسالمية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

113

Page 114: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الجبهة اإلسالمية في أفراد يميلون إلى قراءة فكر السيد الشيرازي في ظل توفر سرية لقد بدأتكجزء من -تامة لما هو كان مبطنا من مشروع سياسي كبير يطال منطقة الخليج العربي برمته

ومن ثم اخذ هؤالء األفراد في االرتباط بالمرجعية الدينية بشكل اكثر -التنظيم العالمي األمميوا تأسيس بعض الكيانات الثقافية بغرض بناء واستكمال البنية التحتية للتنظيم الذي سيقود واستطاع

تحول هذا التيار المنطوي 1979عملية التغير الجذري ومع انتصار الثورة اإلسالمية في إيران هي السيد هادي المدرسي وهو عضو في المجلس القيادي األعلى لحركة –تحت قيادة فردية

إلى ما أطلق عليه بالجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين ولم يكن في أذهان الكثيرين ممن -نالرسالييانطووا تحت راية انتصار الثورة اإلسالمية اإليرانية ان المسألة من الممكن لها ان تطول ولذا فان

مل كثيراً من المسائل قد تم اإلعراض عنها بفعل االنشغال باالنفعال واألخذ بالحماس في العالسياسي او ما يمكن تسميته بتيار الثورة وتصديرها فكانت قضية الهيكلية قضية مرجئة لما بعد االنتصار الذي يتوقع فيه ان يكون قريبا جدا وهو تأمل لم تنفرد به الجبهة اإلسالمية بل ان كل

قية طرحت فصائل حركة الرساليين وقعت فيه أيضا فعلى سبيل المثال فان فصائل المعارضة العرارهانها في تحرير العراق على انتصار الجانب اإليراني في الحرب خصوصا مع دخول الحرب

والتي حقق الجانب اإليراني انتصارات ساحقة على الجانب العراقي 1983في مرحلتها الثالثة مؤداه وهكذا فان انضمام او تحالف الجبهة اإلسالمية مع التيار الثوري في إيران أعطاها تحليال

سرعة تحقيق االنتصار وتحرير البحرين من سلطة آل خليفة إال ان تعقد الوضع اإليراني وتمايز .الخطوط واالتجاهات وعمليات التصفية فيما بينها جعل من كل ذلك الرهان رهانا فاشال

فا ان بروز الصراع بين تيار الثورة في مقابل تيار الدولة في التجربة اإليرانية أعطى استشرالوضعية الجبهة اإلسالمية التي كانت تتحرك على قاعدة القائد الواحد فكان لزاما عليها ان تتنبه

ففي إحدى الوثائق –كما سوف نرى –إلى إمكانية حدوث تصدع في كيانها وهو ما حدث فعال في طهران بعد 1986الداخلية نرى ان قضية التنظيم الهيكلي تطرح نفسها كهاجس في العام

تماع المجلس القيادي األعلى الذي يضم عالوة على الجبهة اإلسالمية منظمة العمل اإلسالمي اجوهو االجتماع الذي خصص لمناقشة تطورات -منظمة الثورة اإلسالمية في الجزيرة العربية,

ن الساحة اإليرانية وتحديد أطر العالقة معها بعد تصدعها بين السيد الشيرازي والقيادة اإليرانية وم إال ان إقرار هذا المنحى وتشكيل -جهة أخرى متابعة التطور الفكري عند السيد الشيرازي أيضا

أي إننا نكون على مشارف وضعيين مختلفين في .1992هيكل تنظمي لم يتحقق إال في العام على ان الوضع األخير هو .1992 وما بعد 1992الناحية الشكلية والجوهرية معا وهما ما قبل

يشكل الوضع الحالي ولكن ذلك ال يلغي ضرورة التعمق في دراسة الوضع األول وتكوين ما .أسس مفهومية عن الوضع الحال

:1992هيكلية ما قبل -2

طوال هذه الفترة والتي جاوزت قرابة العشرين عاما على بداية التأسيس للجبهة اإلسالمية اهتمت ما تمثله من دور أساسي في خدمة الجبهة وأهدافها الجبهة اهتماما خاصا بالتنظيم الجماهيري ل

الفكري فبرزت /العامة من جهة ولما تشكله الجماهير من ركيزة أساسية في الخطاب السياسي وفي الواقع فقد ,الجماهير المنظمة على شكل خاليا انشطارية كإحدى األطر التي اعتمدتها الجبهة

توى التنظيم الهيكلي وتمثل ذلك في كون الجماهير حكم هذا اإلطار آلية عمل الجبهة على المسطوال هذه الفترة تعمل تحت ظرف سري وهي ظروف أملت على الجبهة ان تعاين طبيعة الحياة السياسية وما تخللها من مالحقة ومطاردة وسجن ألعضاء وقيادات الجبهة اإلسالمية ولذا فان قيادة

التنظيمية الحزبية بقدر ما تسعى إلى اعتماد الجماهيرية الجبهة اإلسالمية لم تكن تفكر في القضايا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

114

Page 115: ضخامة التراث ووعي المفارقة

كأسلوب عمل سياسي يخدم الجبهة اإلسالمية ويوفر اإلطار المناسب لحركتها ونشاطها بين فئات فالتنظيم الجماهيري يعني ان تكون مؤسسات التنظيم وعناصره ملتحمة بالجماهير وان .الشعب

أما كيف يكون التنظيم .ر ضد االستعمار واالستبداد ينظم طاقاتها ويقودها في معارك التحراألول القيادة النموذجية النزيهة :جماهيريا ؟فال يتم ذلك إال إذا اعتمد على مقومين رئيسين هما

والثاني احترام الجماهير بمعنى عدم االستخفاف بها فالتنظيم إذا لم يعط الجماهير مطالبها فسرعان )68-66صراجع الشيرازي (ما يخسرها

ان ما ترشح طوال هذه الفترة في داخل البناء الداخلي للجبهة ان األعضاء المنتمين إليها يرتبطون بقيادة واحدة هي قيادة السيد هادي المدرسي ومن تحته خاليا طالئع تنظيمية -ربطا جماهيريا –

مجلس –والقيادة العليا –الجبهة اإلسالمية –تعمل في توجيه قرارات القيادة القطرية , إدارية ال اكثروالمرجعية الدينية العليا –القيادة العليا الذي يتخذ من فكر السيد محمد تقي المدرسي منهجا ومرشدا

وفي الواقع لم يكن السيد الشيرازي على اتصال مباشر بكل -المتمثلة في السيد محمد الشيرازي سيد الشيرازي على انه يمثل القيادة هذه التنظيمات ولكن الجبهة اإلسالمية تحاول ان تبرز ال

المرجعية المعاصرة والقادرة على إمساك األمور ولكن الواقع ان هناك فرقا بين المرجعية الدينية الفكرية والتي ترتبط جوهريا بالسيد /التي تنسب إلى السيد الشيرازي وما بين المرجعية الحركية

.محمد تقي المدرسي مية عن تفاصيل القضية الهيكلية من الممكن إرجاعه إلى خلو الساحة ولعل ابتعاد الجبهة اإلسال

إلى مثل هذه األمور او انحصارها في اإلطار الحزبي وهو إطار لم 1980اإلسالمية إلى ما قبل ترتضه الجبهة بل إنها اختارت نظرية المرجعية للتحرك اإلسالمي وبذلك فان ثقافة التنظيم

دة عن كثير من الحركات ذات التوجه الجماهيري الثوري إلى ان اإلداري والهيكلي ظلت بعيعاودت نظرية المرجعية النظر إلى ذاتها واستطاعت ان تعي ان التنظيم الهيكلي واالرتباط مع المرجعية ال يمثل أي تعارض وهو بعد لم يتم هضمه في ساحة المجتمع السياسي البحراني إال

أطروحة السيد الشيرازي حول التنظيم الحديدي الذي يجب ان ويمكننا ان نرى ذلك في . متأخرا والشرط الثاني انتخاب .إطاعة القاعدة للقيادة إطاعة كاملة وعن اقتناع :يتوفر فيه شرطان

إي الفصل بين أعضاء التنظيم وما بين الجماهير الموالية له فكأن ) 59نفسه ص(القاعدة للقيادة وبنية خارجية يراعى فيها .امة توزيع حقيقي للسلطة والقوة هناك بنية داخلية يفترض فيه إق

والسبب األكثر فاعلية هنا هو شخصية السيد هادي .التوسط والحكمة واإلرضاء لها وهي الجماهيرالمدرسي التي اتسمت بالكرازمية بالنسبة لألفراد المنتمين إلى الجبهة اإلسالمية األمر الذي جعل

لتنظيم وان تكون قراراته وأرؤه هي القرارات و اآلراء المعتمدة ومع منه الشخصية األولى في ا . هذا الوضع فان الحاجة إلى تنظيم بياني لعالقات القوة هو أمر غير مفيد وغير مجدى

ولكن إذا كان أفراد المجتمع البحراني في الداخل بعيدين عن مناقشة القضايا الحركية في أطرها كبت والتميع الثقافي المفروض على قطاعات واسعة من الشعب لظرف المصادرة وال-الفكرية

لدرجة ان النظريات الماركسية على سبيل المثال لم تكن تدرس في جامعات البحرين حتى وقت فان من هم في الخارج ال شك من انهم يتحملون جزءاً من المسؤولية في تغييب -متأخر جدا

فان معظم 1981لى مستوى الجبهة اإلسالمية فمنذ وع.الثقافة السياسية ذات الصلة بالموضوع القيادة للجبهة كانت تتخذ من طهران مقرا لها وكانت على اطالع تام بما يجرى وما يطرح على الساحة إال ان خيارها الجماهيري في الداخل لعله لم يكن يدري بكثير من تلك األمور ولذا فان

. سالميةهذه القضايا لم تشغل بال قيادة الجبهة اإلواألمر الذي نود اإلشارة إليه في هذا السياق ان ظروف وتداعيات ما قبل انتصار الثورة اإلسالمية في إيران كانت تملي على الكثيرين االنخراط في جو التغير السياسي الحاسم والسريع

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

115

Page 116: ضخامة التراث ووعي المفارقة

وهو الذي جدا إلى درجة تعطيل التحليل السياسي لنوعية المهمة المطروحة على المجتمع السياسي شجع الكثيرين على التوجه إلى إيران سواء عن طريق اإلبتعاث او عن طريق غير مباشر كتشجيع الهجرة إلى طلب العلوم الدينية فيها ومن هناك كانت قيادات الجبهة ومن دون تمحيص

تسعى إلى ضم هؤالء تحت –التغير الجذري –دقيق في الشخصيات وتناسبهم والمهمة المطروحة ان هذا الوضع ضاعف من األعداد المنتمين إلى الجبهة واستطاعت ان تكون لنفسها .ها إشراف

جناحا عسكريا تخوض به غمار المعركة المنتظرة ضد النظام و السلطة السياسية في البحرين األمر الذي أصبحت به هذه األعداد تعامل معاملة الجماهير وليس معاملة المنتظمين فعال في إطار

ان ما حدث في هذه الفترة الحرجة جدا من حيث قصر عمرها .إلسالمية لتحرير البحرين الجبهة االزمني يوحي ان سلوك أولئك اإلفراد كان مدفوعا بالحشد الجماهيري وسلطة العقل الجمعي ولذا لم تكن قضايا الهيكلة اإلدارية تشكل واحداً من االشتغاالت التي ينبغي ان تمارس في قضية

ية الثورة والتغير الجذري فلم تكن قيادة الجناح العسكري غير القيادة السياسية وهي حساسة كقضالقيادة العامة وكل األمور تجرى من تحت إشرافها المباشر وهو واحد من األسباب التي جعلت

تجربة منكشفة للسلطة السياسية في البحرين او لنقل فشلها إضافة إلى أسباب 1981من تجربة .أخرى أيضا

وكان حريا بالجبهة اإلسالمية ان تستوعب دروس انهيار التجربة وان تحاول اكتشاف العنصر الرئيسي في إخفاقها إال ان الوضع لم يكن ليتغير بل ان محاولة أخرى كان يتم اإلعداد لها على

حالت ظروف اختالف ميزان القوى في الداخل اإليراني وتفكك التحالفات,غرار التجربة األولى .بين الجبهة وبين بعض تلك التيارات من االستمرار فيها

1992هيكلية الجبهة اإلسالمية بعد -3

شهد العقد التسيعني تحوالت كبيرة في المنطقة العربية وفي العالم أيضا وال يمكن بحال فصل الشيوعية كثير من التطورات التي شهدتها بلدان العالم بعيدا عن أهم حدثين هما انهيار المنظومة

في العالم بسقوط وتفكك االتحاد السيوفياتي وتخلخل حلف وارسو وامتدت أثار هذا الحدث العالمي إلى كل التحالفات السياسية أحدثت فيها تغيرات على مستوى موازين القوى العسكرية والسياسية

ا النظام انه تبنى وشهد العالم هنا أطروحة النظام الدولي الجديد ذي القطب الواحد والمهم في هذأطروحة تغيرات سياسية مختلفة عما كانت عليه اطروحات التغير السياسي في السابق فأخذت ملفات كثيرة كانت مؤجلة او غير منظور إليها تتصدر ساحة اللغة السياسية والتواصل السياسي

ان العالم تقبل وفي الواقع ف.كحقوق االنسان والديموقراطية وغيرها من اطروحات الفكر الغربي هذه الموجة من التغير في األولويات بعد حاالت الفشل الذريعة التي واجهته طوال الرهان على استغالل ثنائية القطبين ومن جهة أخرى فان براقة مثل هذه اإلطروحات التي وصفت على إنها

ت بعد انهيار نهاية التاريخ وإنها بداية مرحلة صدام الحضارات وغيرها من األفكار التي راجالمنظومة الشرقية ان كل هذا أملى على الكثير إلى الترويج لمقوالت المجتمع المدني وما يتعلق به

.من آليات وأدوات والحدث الثاني هو احتالل العراق للكويت وهو حدث وان كان إقليميا من حيث تداعياته

على المستوى العالمي بل ان مثل وإرهاصاته فانه كان مرتبطا بصورة او بأخرى بكمية التحوالت هذه المسرحية كانت بمثابة موقع متميز إلخراج منظومة النظام الدولي الجديد إال ان أثاره على المستوى العربي لم تكن اقل تأثيرا من الحدث األول فهو يأتي امتدادا له وله األثر األكثر

سائل السياسية التي كانت تعد خصوصية على المستوى الخليجي فمن خالله طرحت كثير من المبمثابة المحرم السياسي الذي ال يجوز التناول له والخوض فيه فقد أعطى هذا الحدث فرصة لكثير

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

116

Page 117: ضخامة التراث ووعي المفارقة

من الفئات السياسية ان تناقش مسائلها بكل شفافية بل ان األنظمة نفسها كانت تالمس كثيراً من ني وإدخال التعديالت على األنظمة هذه اإلطروحات كديمقراطية النظام السياسي والمجتمع المد

كانت الظروف تشهد تحوالت حقيقة في المنظومة الفكرية فطرأت تعديالت على ,السياسية عالقات الدول الخليجية مع إيران التي كانت محل تشكيك من قبلهم وطرأت تعديالت على عالقات

.الدول العربية وانهارت كثير من األفكار الخاصة بالوضع السياسي ولم تكن الجبهة اإلسالمية بعيدة عن مثل هذه التحوالت خصوصا وإنها كانت تنظر إلى الحدث

لم يكن ما حدث في الخليج هو مجرد احتالل دولة ألخرى بالقوة إنما هو "الثاني نظرة متميزة إذ في نقطة تحول هامة في مسيرة الحياة السياسية واالقتصادية والعسكرية واالجتماعية والثقافية

منطقة الخليج وقد أثار هذا الحدث وال يزال العديد من التساؤالت كما انه طرح العديد من القضايا ان ..على موائد الحوار حول أوضاع المنطقة وطبيعة التحوالت المحتملة في المستقبل المنظورواقعي الزمة جذور البد من التأني للبحث فيها وصوال إلى عمق الحقيقة التي تمكننا من فهم

لطبيعة األزمة واستكشاف السبل السليمة لخروج من نفقها المظلم ومن ابرز جذورها الواضحة وبحق فقد كشف حدث االحتالل ) 2ص,84ع,1991الرسالية (جدلية تنافر بين الحكام وجماهيرها

عن ترهل األنظمة الخليجية وضرورة إدخال إصالحات سياسية عليها وهو األمر الذي دفع بفئات لمعارضة إلى الوجهات اإلعالمية و أصبحت محل مراقبة ومتابعة من قبل وسائل اإلعالم ا

ومراكز استصدار القرار فنشطت المعارضة الكويتية وكذلك السعودية والبحرينية أيضا بشكل وبقدر ما كان الوضع مالئما لهذه المجموعات في طرح نفسها فان الوضع أيضا كان ,ملفت للنظر

من ان تأقلم من أظافرها بعض الشيء وان تقدم نفسها بالشكل الذي يمكن قبوله ضاغطا عليها .خصوصا في المسلك الغربي

وفي جانب آخر من المشهد التسعيني وبعيدا عن السياسية الصاخبة والملتهبة كان العالم يعيش نترنيت والستاليت ذروة النشوة واالنتصار بدخوله عالم االتصاالت والثورة المعلوماتية وانتشار اال

وغيرها من مظاهر الثورة المعلوماتية حيث استطاعت هذه التقنية ان تكسر الحواجز وان تؤسس أنماطا معرفية للنظر في األمور المتداولة والمعمول بها وان تفتح اآلفاق على كثير مما هو غير

لك يحدث وسط تدفق مفكر فيه او به فلم تعد هناك أمور خاصة وان أموراً يجب ان تخبأ كل ذواسع وهائل من المعلومات واألفكار التي لم تراع الخصوصية واستطاعت ان تملى إدارتها على

وسط هذه المتغيرات حدث التغير الذي كان من المفروض له ان يحدث منذ زمن في .كل العالم كانت عليه قبل هيكلية الجبهة اإلسالمية لتحرير البحرين فأصبحت تختلف في شكلها التنظيمي عما

أي كان عليها االنتقال من وضع المركزية حيث الجمود والنظام الصارم وما يستلزم .هذا الوقت هذا اإلطار من واجب التنفيذ والطاعة التامة وما يسبب هذا الوضع من خلل ابسطه افتقاد البنية

.ن فصائل داخلية الداخلية للتماسك وبالتالي قابليتها إلى التفكك والتحزب الداخلي وتكويان هذا الوضع لم يكن وضعا قادرا على مواصلة العطاء والبقاء في عالم تحولت فيه كثير من

لقد طرأ تحول في هيكلية الجبهة اإلسالمية لتكون على .المفاهيم وتغيرت فيه كثير من المعادالت الجبهة اإلسالمية إلى اإلقليمية فسعت/أهبة االستعداد وتكون على قدر وحجم التغيرات العالمية

تفعيل الديمقراطية وقضايا الحوار ليس على المستوى اإلعالمي وتدشين خطاب سياسي جديد فقط وانما على مستوى رؤية الذات وتطبيق مثل هذه اإلطروحات داخل النسق التنظيمي للجبهة

ا ال شك ستفقد اإلسالمية فما لم تمارس الجبهة مفاهيم الحرية والديمقراطية في داخلها فإنه .مصداقية الخطاب الذي تدعو اليه

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

117

Page 118: ضخامة التراث ووعي المفارقة

إننا هنا البد وان نثير اإلشكالية من الداخل أيضا بمعنى التعرف على األسباب الداخلية التي دعت الجبهة اإلسالمية إلى ممارسة التنظيم الهيكلي الجديد وهل انه اختلف في واقعه وممارسته ام

ع الجديد ؟انه كان تغيرا شكليا يراضي الواقانه مهما قيل عن األسباب الخارجية فثمة أمور داخلية أيضا البد وان نفكر فيها ونثيرها وإذا ما وجدنا اتفاقا بين كال الوضعيين فان النتائج تختلف عن وضع تكون األسباب الداخلية هي المؤثرة

مرتكزا حقيقيا في وان كانت غير ذلك فهي ال تشكل . فعال و ال عالقة لها مع الوضع الخارجي .ولذا فإننا نوضح الترتيب الجديد ومن ثم نبحث في أسبابه الحقيقية.التغير الهيكلي

:تقوم الهيكلية التنظيمية للجبهة اإلسالمية على وجود ثالثة عناصر رئيسية هي ويشكل أعلى هيئة عند الجبهة اإلسالمية ويمكن تمثيله بالمرشد العام او :المجلس القيادي-1وفي نفس الوقت فان غموضا يلف هذا العنصر من حيث إخضاعه ,لمرشد الروحي والفكري ا

للهيكلية الجديدة او انه يمثل باقية ال يمكن تجاوزها من الهيكلية القديمة وال يعرف أيضا مدى ارتباط المجلس القيادي بالتنظيمات األخرى فهل هو ممثل الجبهة في المجلس القيادي لحركة

لرساليين او هو هيئة مستقلة تختص بها الجبهة ؟كل ذلك تعتبره الجبهة اإلسالمية من الطالئع ااألمور السرية التي ال تفصح عنها ومن ضمن الصالحيات الموكولة له قضية األشراف العام والتدخل في القضايا الكبرى واتخاذ القرارات الهامة وما يثيره هذا المجلس من تساؤل جوهري

ة القرار في الجبهة وفاعلية األمانة العامة يبقي محل عدم تفكر او مناقشة علنية حول موضع سلط حاليا؟

هو عبارة عن لقاء دوري يجمع القيادة والقاعدة الجماهيرية لبحث األمور :المؤتمر العام -2األساسية والتدوال فيها واتخاذ التوصيات الالزمة بشأنها ويتشكل من األعضاء الفاعلين الذين

ودون فريق عمل ويمارسون تربية كوادر الجبهة ويكون عملهم اكثر سرية من أي أعضاء يقويأتي قيد الفاعلين للتميز بين أعضاء آخرين غير فاعلين فرغم انتمائهم للجبهة إال انهم ال .آخرين

لي اجتماعات المؤتمر لها نوعان منها التداو,يمارسون أعماالً يستحقون بها المشاركة في المؤتمر ال يحدد له زمان او مكان فانه من الممكن ان يعقد األعضاء في الداخل مؤتمرا لهم يناقشون فيه بعض القضايا إال ان هذا النوع ال يتخذ طابع الرسمية إذ ان النوع الثاني هو ما ينبثق عنه أمور

الخارج فالمؤتمر يعقد كل ثالث سنوات يجتمع فيه األعضاء الفاعلون من,تحدد مسار الجبهة انتخاب األمين العام للجبهة اإلسالمية :والداخل والمهام الموكولة للمؤتمر العام تتلخص باآلتي

مناقشة برنامج األمين العام ,الموافقة على تشكيل األمانة العامة المنبثقة من قبل األمين العام ,الدوائر التابعة للجبهة متابعة تقارير ,تداول االقتراحات واالستراتيجيات والقرارات الصادرة ,

.اإلسالمية وهو المنصب الذي يشغله الشخصية المنتخبة من قبل المؤتمر العام وما يبدو :األمين العام -3

وتوكل لالمين .ظاهرا ان هناك شروطا خاصة للترشيح منها ان يكون معمما أي من رجال الدين العامة التي تتكون من مكاتب العمل العام مهمة ادارة عمل الجبهة اإلسالمية وتشكيل األمانة

.والدوائر الفاعلة وهو المسؤول عن تمثيل الجبهة في بياناتها ومنشوراتها

:ولنا ان نكون نموذجا يوضح الترابط بين هذه العناصر كما االتي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

118

Page 119: ضخامة التراث ووعي المفارقة

اللجان التابعة لألمانة العامة والدوائر اإلدارية

لتركيب الهيكلي هو أمر محظور عند الجبهة وتعتبره ومن ما تجدر اإلشارة اليه ان التحدث عن امن األمور السرية وما تم تدونيه هو من األمور العامة فمنذ ان برزت الجبهة اإلسالمية بعد انتصار الثورة اإلسالمية كانت غامضة في جانبها المؤسسي وال يعرف شيء عن بنائها الداخلي

اسي ولعل ذلك يعود إلى األجواء الخانقة التي أعلنت ما عدا بعض األسماء التي تقود نشاطها السيعن نفسها فيها فبعد انتصار الثورة اإلسالمية في إيران وتحول كثير من كوادر الجبهة إلي الجبهة

فقد كانت إيران تعيش دولة الثورة والوضع . هناك سببت نوعا من التكتم والسرية المبالغ فيها ه الدولة وحدث تعاون واضح بين دوائر االستخبارات العالمية اإلقليمي كان متضايقا جدا من هذ

وبين أنظمة الخليج بهدف محاصرة الثورة الفتية ومنع تواصلها مع مؤيديها في منطقة الخليج ان هذه األوضاع الحرجة لعبت دورها في التكتم على ,خصوصا بعد ارتباك الوضع األمني فيها

ية في حركة الجبهة اإلسالمية لذا نراها بسيطة الهيكلية كما لم كثير من المسائل الهيكلية والتنظيميتوفر مرجع نظري يشرح واقعها الداخلي بالتفصيل وهو وضع تتشابه فيه مع منظمة العمل

وما يدفع الجبهة اإلسالمية إلى تعمد إخفاء الوضع هذا في ) 252راجع رؤوف ص (اإلسالمي طرح ذلك لما هو معروف عن الواقع القمعي االستخباراتي نظرها ان الواقع البحراني ال يسمح ب

والتسلط المهين على المجتمع من قبل النظام فالكشف عن معلومات بهذا الحجم يعرض األعضاء والمنتمين إلى الجبهة إلى عمليات مالحقة ومطاردة ويتعارض مع مبدأ السرية فالمعلومة بقدر

ضايا والمعلومات على المجتمع قد يسبب إرباكا وتعثر في الحاجة ال بقد الثقة ثم ان عرض هذه الق .الخطى واشتغال بما هو غير أولى

ان مثل هذا التنظيم الهيكلي ال شك انه يوفر قدرا من الحرية داخل التنظيم ,وعودة على بدء ويؤسس مبدأ التعددية والحرية ويرفع من إمكانية عطاء التنظيم في تحقيق األهداف المنشودة

هة اإلسالمية هذا من منظور نظري خاص جدا ولكن في الناحية الواقعية هل حقق التنظيم للجب فعالية مثل هذه النتيجة؟

ان اإلجابة على هذا السؤال ال اعتقد ان تجيب الجبهة اإلسالمية على خالفه وثمة أقوال أخرى ال ية لدرجة ان التركيبية الجديدة ترى ان هناك تطورا حقيقيا في إدارة عمليات اتخاذ القرارات الداخل

لم تغير من استراتيجية الجبهة وال حتى في الجانب الحركي إذ ظلت األمور كما هي من دون تغير مع انه ال خالف ان هناك خالف بين أعضاء الجبهة اإلسالمية في كثير من القضايا

ر واقعية على ساحة وأخصها ضرورة االستمرار في الطرح التغيري او االلتجاء إلى هدفية اكثالدانمارك –وهذا ما يمكن متابعته بتتبع جهود من هم في الدول األوربية .المجتمع السياسي

حيث التركيز على قضايا حقوق االنسان والديمقراطية وغيرها من مقوالت المجتمع -بريطانيا,يز من هم في الدول المدني وابتعاد ملحوظ عن لغة العنف الثوري واللغة السياسية الحادة التي تم

ان مثل هذا االختالف ال يمكن تفسيره ضمن التخطيط في تناول القضايا -إيران,سوريا –العربية وما حدث ,بقدر ما يعكس اختالف وجهات نظر في قضية المنهج وضرورة إدخال التغيرات عليه

ددية مقابل من ان جماعات الخارج األوربي لم يكن لها قوة ع1992في المؤتمر التأسيسي األول هم في الخارج العربي لذا فان كثير من القرارات قد سيرت رغم االعتراض عليه في حين ان ثقل

.الداخل لم يكن له حضورا يذكر فالصياغة التي صيغت هي رؤية طرف واحد في حقيقتها اء ان هذه القضية قد تجرنا إلى طبيعة االنقسام في صفوف الجبهة اإلسالمية وكيف يتم احتو

االختالف بين وجهات النظر هل يتم عبر صيغ ديمقراطية ام ان الهالة والقداسة لبعض

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

119

Page 120: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الشخصيات تلغي الشخصيات األخرى وهنا تواجهنا وجهة نظر اكثر حدية لتفسير نزوع الجبهة التركيبي فالجبهة اإلسالمية كانت تعيش االنقسام /االسالمية إلى األخذ بصيغة التنظيم الهرمي

في قضايا اإلدارة ألمور الجبهة إال ان شخصية السيد هادي المدرسي لم تكن تسمح بطرح الداخليهذه القضايا وسبب ابتعاد السيد هادي المدرسي عن الشأن السياسي وتفرغه للكتابة في تلك الفترة

يكن قد فسح المجال لتداول قضية الهيكلية وإخراج الجبهة من خندق الفردية في اتخاذ القرار ولم , فاستجابت جماعة الخارج العربي القتراح السيد المدرسي ممانعا في ظل انشغاله بظروفه الخاصة

جماعة الخارج األوربي في عقد المؤتمر العام األول وكانت أدبيات الجبهة اإلسالمية طوال الفترة من 80/81السابقة تركز على شخصية السيد محمد العلوي واإلعداد القيادي لها كما في العدد

في أواخر الستينات وبداية السبعينات وبمدن وقرى البحرين عرف "الثورة الرسالية إذ قالت فيه كانت الجماهير تبحث عن ..سماحة حجة اإلسالم السيد محمد العلوي عالما مفكرا قائدا عابدا

النظرية عن أصحاب ..عن ساسة البالد الذين يعيدون لألمة مجدها وكرامتها ..الرواد والقادة إال ان السيد العلوي اخذ هو األخر باالشتغال بالشؤون الدينية على المستوى االممي " …الثورية

وكال الشخصيتين السيد المدرسي . ويبدو انه لم يرغب في الدخول في تفاصيل العملية الحزبيةحقيقة فان إدارة السيد العلوي كانا يمثالن أركانا ال يمكن تجاوزهما في الجبهة اإلسالمية وفي ال/

العمل في الجبهة منذ التأسيس وحتى هذا الوقت كانت تتم من تحت تدبير هاتين الشخصيتين وابتعادهما عن الواجهة السياسية كان هو المسبب األول إلدخال التغيرات الهيكلية وعليه فان هذه

دورا في تحفيز التغيرات كانت داخلية اكثر منها استجابة لمتغيرات خارجية وان كانت لعبت جماعة الخارج األوربي إال ان هذا التحفيز لم يكن ليحدث أثره لوال ابتعاد السيدين عن الممارسة

.العلنية للشأن السياسي ان وجهة النظر هذه قد تكون متطرفة جدا في وصف الواقع الحقيقي للجبهة اإلسالمية وهي نظرة

تفصيال لما تراه من عدم موضوعية او تعتبره ال توافق الجبهة اإلسالمية على طرحها جملة وتهجما عليها لذا فإنها ترفض الخضوع لمثل هذه التحليالت وتصر على ان اتخاذ القرارات في الجبهة اإلسالمية حتى قبل اإلنشاء الهيكلي كان يتم ضمن أطر شوروية خاصة باألعضاء وان هذا

ت الواقع السياسي والعالمي بل كان استجابة اإلنشاء لم يأت تماشيا مع متطلبات العصر ومتغيرالظروف داخلية تختلف عما يطرحه الرأي اآلخر فقد كانت هذه التغيرات استجابة للتمدد الجغرافي

لذا كانت الحاجة ماسة لربط وشد األعضاء -..أوربا ,إيران ,الهند –الذي امتد على اكثر من بلد المتخذ إضافة إلى قيام الجبهة بمشروع جماهيري كان إلى بعضهم وتوحيد الكلمة المعلنة والموقف

وان االختالف في وجهات , يتطلب تغطية سياسية وضمانة حقوقية ومتابعة إعالمية وتنظيم هيكلي . النظر هو أمر ال تخلو منه أي منظمة او جهة صغيرة او كبيرة

وض فيه تعديا على الجهة وما نقرره هنا ان هذه القضية هي من المسائل الداخلية التي يشكل الخ .المختصة وعليه فان األيام هي الكفيلة بالكشف عن الواقع الذي يجرى او يمارس

إال ان ثمة مالحظة في التنظيمات الثورية ال تختص الجبهة اإلسالمية بها بل هي سمة عامة في يل إلى التعظيم من أغلب التنظيمات الثورية والسياسية ذات اللغة السياسية الحادة إنها تتسم بالم

الشأن القيادي وترفع الشخصية القيادية إلى درجة يصب معها مخالفته او حتى مناقشة قراراته رغم بعض الضعف الذي يبدو فيها وحتى وان احتوت التنظيمات الثورية على هيكلية تنظم

القضية أمر مشوب عالقات السلطة إال ان المهمة المدفوع إليها التنظيم تجعل من االلتفات إلى هذه واعتقد ان سبب .وغير قابل لتقبل وبالتالي فان كرازمية القيادة هو أمر من سمات التنظيم الثوري

الفشل في الثورات العربية إنها لم تحاول الخروج من هذا المأزق أو لم تعمل بجدية للخروج عنه رشيدها فان النجاح وتحقيق وبقدر ما يكون التنظيم ملتفتا إلى استبدادية القيادة ويعمل على ت

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

120

Page 121: ضخامة التراث ووعي المفارقة

اإلنجاز يكون ذا واقع ملموس إذ ما راعى التنظيم الشروط األخرى التي يجب ان تتعاضد مع .بعضها البعض

.فضاء العمل الحركي الخارجي: ثانيا : قصة االنقالب-1

العشرين وهنا نأتي إلى واقع التقيم الواقعي لمثل هذا التنظيم في فترة امتدت إلى ما يقرب من عاما ولن نتاول قضية الفشل او النجاح فيها فليس لنا رغبة في تناول ذلك وانما سنحاول ان نتعرض لتجربة من تجارب التنظيم عند الجبهة اإلسالمية إال وهو التنظيم العسكري والتجربة

ه1402الرائدة والفردية من نوعها والمعبر عنها في أدبيات الجبهة الرسمية بأحداث صفر /1981

ان دراسة هذه التجربة الفريدة من نوعها في التاريخ المعاصر للمجتمع السياسي في البحرين ما من شك إنها من أروع التجارب السياسية ولو تم لها النجاح فان حجم التأثيرات التي سيتركها في

القوى وتطور الوعي السياسي في كل المنطقة من المؤكد لها ان تحدث تغيرات حاسمة في ميزان فقد تمت هذه التجربة في ظروف سياسية فريدة من نوعها أيضا ولن يتم تكرارها حتى ,المنطقة

في المدى البعيد فلم يكن يمضي على انتصار الثورة اإلسالمية في إيران اكثر من ثالث سنوات انت تجربة الجبهة اإلسالمية تسعى ومعلوم هو حجم التغيرات التي أفرزتها الثورة اإلسالمية فك

إال ان فشل هذه التجربة ,لمحاكاة هذه الثورة التي إثارة االنتباه أسهمت في فرض معادالت جديدة او لنقل المغامرة له أسبابه وتداعياته على المستوى الحركي وعلى نطاق الوعي السياسي في

قد صاحبتها أمور هي بنظر البعض سلبية المنطقة فرغم اآلثار اإليجابية التي خلفتها التجربة فإذن نحن أمام .ومعوقة لكثير من المشاريع التي كان يراد لها ان تنطلق في المجتمع السياسي

وجهتي نظر لتقيم تجربة الجبهة اإلسالمية في التغير الجذري واقامة النظام اإلسالمي في البحرين لفها من غموض وحساسية فلحد االن لم تعترف ولذا فإننا نكون على حذر من إثارة القضية لما ي

الجبهة اإلسالمية بصحة الهدف من التجربة وتصر على ان ماكينة اإلعالم والقمع البوليسي للنظام لكنها تفضي بحقيقة ,لفق هذه المسرحية لضرب جذور الحركة الرسالية واإلسالمية في البحرين

وهو ما يتعارض ظاهريا مع ما تطرحه الجبهة األمر من دون ان تترك أثرا أو مستمسكا عليها اإلسالمية من ضرورة التغير الجذري للنظام وشرعية الثورة الجماهيرية عليه ومعلوم ان مثل هذه الثورة الموعودة ال تتم إال عبر جهاز عسكري منظم تنظيما عسكريا راقيا وتوفر الجبهة على

هة على عدم االعتراف الرسمي بهذه العملية له حكومة مؤقتة على اقل التقادير ولعل إصرار الجبما يبرره أمنيا وإعالميا ولكنه بطبيعة الحال فمهما قيل عن هذا األثر فانه يبقى محدودا لفترة ما وبعدها يكون حديثا مشاعا ال يحق لجهة ما ان تحتكر الحقيقة فيه وهذا األمر هو ما يدعونا إلى

كرر ولكن عبر وجوه أخرى وتحت مسميات جديدة وإذا كنا محاولة تلمس التجربة ألنها سوف تتنبحث قضية التغير الجذري البد لنا وان نتعمق في مثل هذه التجارب المحدودة ومحاولة دراستها

فما هي قصة التجربة ؟.دراسة واعية ومقارنتها مع التجارب األخرى وجدت الجبهة اإلسالمية فيها دولة تبدأ قصة التجربة منذ انتصار الثورة اإلسالمية في إيران حيث

الثورة والنصيرة الوحيدة من دول العالم وهي المؤهلة لتوفير األرضية الخصبة لالنطالق في لقد جاء انتصار الثورة اإلسالمية في إيران في .مشروع التغير للمجتمع السياسي في البحرين

الئمة لكنها أصرت على استثمار الوقت وقت لم تستكمل فيه الجبهة اإلسالمية أوراقها الخاصة والم

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

121

Page 122: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الذي لن يتكرر فالحرارة المصاحبة لالندفاع نحو تأييد الثورة في كافة مناطق العالم اإلسالمي كل ذلك في سبب إرباكا لقراءة ,واندفع المجتمع البحراني للتعبير عن رغبته في ماحكة الثورة

سالمية دخلت الحركة اإلسالمية في البحرين فبعد انتصار الثورة اإل,الوضع السياسي في المنطقة مرحلة جديدة من مراحلها بحث ان حدث االنتصار يعد مفصال حقيقيا من مفاصل المجتمع السياسي البحراني فكانت تلك الحركة أمام خيار تكون مرغمة على األخذ به وهو خيار االنتصار

وحاولت الجبهة اإلسالمية باعتبارها .ا للثورة والسير في خطها واالستجابة للمثيرات التي طرحتهأول فصيل إسالمي يعلن عن نفسه ويتبنى قضية التغير الجذري في البحرين بصورة علنية ان تلعب دورا مؤثرا وهاما في المنطقة والمجتمع البحراني فعملت على تكوين خاليا عسكرية منظمة

لثورة اإلسالمية في إيران لمثل هذه تحت إمرتها مستعينة بالترتيبات واألجواء التي توفرها االحركات وبحكم العالقة التي حكمت بين القيادة اإليرانية وتخصيصها فرعا خاصا لدعم حركات

تم - حركة الطالئع الرساليين–التحرر في العالم وما بين الجبهة اإلسالمية والحركة االم لها ة اإلسالمية في معسكرات عامة وخاصة تسخير كثير من اإلمكانيات الفنية لتدريب أفراد الجبه

واستطاعت الجبهة بقيادة السيد هادي المدرسي وما يملكه من عقلية سياسية ذكية وعالقات ممتدة ان تكون لنفسها فيلقا عسكريا خاصا بها من ثالثة مستويات في فترة وجيزة جدا مقارنة لما يتطلبه

م غامرت الجبهة ان تمارس عملية التغير مثل هذا التكوين من عمر زمني اطول من ذلك ومن ثورسمت خطة االستيالء على الحكم في البحرين وقلب النظام فيها إال ان الظروف المصاحبة لها جعلت منها محاولة فاشلة إذ كشفت خيوطها لقوات األمن المخابراتي وتم إفشال التجربة في

أدينوا باالنتماء للجبهة اإلسالمية شخصا73خطواتها األولى وكانت نتيجة ذلك ان تمت محاكمة لتحرير البحرين والشروع في محاولة قلب النظام ومالحقة أعضاء الجبهة االسالمية في الداخل

.والتضييق على من هم بالخارج وما يمكن إثارته هنا ما يتعلق بكيفية اكتشاف المحاولة هذه ثمة رأي يرى ان هناك تعاون كثيف

نية وبين المخابرات الخليجية األخرى وكانت عناصر من الجبهة اإلسالمية بين المخابرات البحريقد نزلت عبر مطار دبي قاصدة إلى البحرين وكان اغلبهم مرتديا أحذية تخص الحرس الثوري اإليراني وحدثت بعض المشادات بين هؤالء ورجال األمن في المطار وعلى اثر هذا األمر أخذت

تحركات واتصاالت هؤالء وغيرهم ممن يشك فيهم إلى ان تم القبض المخابرات البحرينية رصد على بعضهم وفرار البعض األخر ولما كانت االعتقاالت األولى في بدايتها فقد تعددت تصريحات المسؤولين البحرينيين حول الخلية العسكرية وعند اكتمال األعضاء ونزع االعتراف منهم بالقوة

.أعلنت الحكومة خطة الجبهة بمرور مجموعة من 1981لقد ابتدأت الخيوط األولى لقصة األحداث في مطلع شهر ديسمبر

الذي وقف وراء أحداث التظاهرات التي جرت )الجبهة اإلسالمية (عناصر التنظيم اإلسالمي وقائعها في أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات على مطار دبي كنقطة وصل بين طهران

بعث أحد مأموري الجمارك في مطار دبي لتشخيص أختام الجوازات والبحرين وذلك حينماواألوراق الرسمية التي كان يحملها عناصر الجبهة فيما أحاط نظرؤه في العمل من البحرنيين في صورة الشكوك التي تراوده حول بعض المجموعات الشابة الوافدة من طهران قلب الثورة

جريان األمر وبمجرد وصول المجموعة األولى إلى مطار اإلسالمية في إيران ووضعهم تماما فيالبحرين في الرحلة القادمة من دبي أقدمت سلطات األمن في البحرين على احتجاز كامل طقم الركاب عدا كبار السن والعجزة بغرض التدقيق والتحقيق بشان ما نقله مأمور الجمارك في مطار

).86حمادة ص(دبي الدولي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

122

Page 123: ضخامة التراث ووعي المفارقة

هنا كيف استطاعت تلك األجهزة التمعن في ما هو مخطط له ثمة من يقول ان وما يبدو مغيباسبب اإلرباك كان في مطار طهران نفسه إذ كان األشخاص المدربون يدخلون الى إيران عبر طريقة خاصة ال تكشف جوازاتهم تأشيرة الدخول الى إيران وحدث انه في إحدى الدفعات

في المطار اإليراني ان يختم أوراق أحد األشخاص وكان المتوجهة الى دبي ان رفض الموظف من اصل إيراني وحدث لغط ومشادة كالمية وصادف ان يقف وراءه السفير الكويتي وكان يجيد الفارسية واستمر الموقف متأزما حتى تدخل السيد المدرسي او من ينوب عنه وفي مطار دبي ابلغ

من حسن الطالع ان المجموعة انقسمت على نفسها السفير الكويتي مخابرات المطار بما جرى وفبعضهم قرر عدم النزول الى البحرين وقرر اتخاذ قرار فردي بعيد عن تخطيط القيادة في حين

.أصر ثالثة منهم على عدم القيام بما هو غير مدون في الخطة وهكذا تسربت المعلومات مثل هذه االعتقاالت واخراج ما تسميه ومن وجهة نظر الجبهة اإلسالمية فان إقدام الحكومة على

بمسرحية قلب النظام هو تبرير القمع للمعارضة السياسية للنظام التي تعمل من اجل إسقاطه واالنتقام من الجماهير وتهيئة األرضية لتمرير مشروع السالم السعودي في المستقبل ومن ضمن

:ي العام األهداف األخرى التي حاولت الحكومة ان تمررها على الرأ تأكيد الدور القيادي السعودي في منطقة الخليج -1 فتح جبهة عسكرية خليجية ضد الثورة اإلسالمية في إيران -2 تنظيم القمع وتكثيفه ضد الجماهير المسلمة -3 )260نفسه ص) إشغال الجماهير في المنطقة والعالم بأحداث الخليج -4

اإلقليمي خصوصا وإنها تمت من /امة على الصعيد المحلي لقد أدى اكتشاف المحاولة إلى نتائج هدون علم الكثير من المقربين للجبهة اإلسالمية كمنظمة العمل اإلسالمي في العراق وبعض المسؤولين اإليرانيين مما جعل من الجبهة ان تعيش حالة من االرتباك لتقديم إجابة واضحة

تي لم تكن كذلك في واقعها إذ يشير من ادخلوا في وجديرة بالقبول غير جانب السرية المفرطة الالعملية ان عمليات التدريب العسكري كانت تجرى بشكل واضح ومعلن وحتى ان طريقة االلتحاق بالفوج العسكري كانت ملحوظة في الوسط الداخلي اذ كانت جماعات تخرج من البحرين متجهة

األمر الذي أثار الشكوك حول هدف سفر إلى إيران ومن ثم تعود في شكل جماعات كبيرة وهو هؤالء لقد جاءت األحداث هذه لتضع النقاط على الحروف في مسيرة الصراع السياسي ليس في البحرين فحسب بل حسبما اتضح في عموم منطقة الخليج وتسببت في إظهار كثير من الترتيبات

لثورة وقلب النظام في المستقبل المعوقة لتربية المجتمع السياسي في البحرين على قبول خيار ا :وكان من أبرزها

وعلى وجه الخصوص بين السعودية . قيام األحالف والمعاهدات األمنية الخاصة بين األنظمة-1 البحرين / زيادة التواجد األمريكي في المنطقة -2 إعالن أنظمة الخليج المواجهة مع إيران -3لصراع بين القوى المعارضة وأنظمة الحكم في دخول المنطقة في مراحل متطورة من ا-4

)185نفسه ص.(الخليج ان هذه اآلثار السلبية قد ال تعادلها اآلثار اإليجابية والسارة التي ولدتها األحداث وعلى وجه الخصوص ان أحدا لم يكن يخلد بباله ان حركة إسالمية في الخليج الذي يسبح فوق بحيرات النفط

مستوى من قوة األداء والقدرة على إدارة الصراع وبهذا المستوى من التحدي قد وصلت إلى هذا الإال إنها في نفس الوقت )181نفسه ص)

قد جرت معها مرحلة قمع دموية في صفوف الشعب طالت األكثر من ثالثة آالف مواطن

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

123

Page 124: ضخامة التراث ووعي المفارقة

تعرضوا فيها إلى اشد ألوان التعذيب وسوء المعاملة غير اإلنسانية وجعلت من الجهاز األمني مترقبا لتكرار المحاولة بل وان يلتفت إلى جذور الوعي اإلسالمي ويصب غضبه عليها في محاولة منه لمنع نشوء حركة إسالمية رسالية واعية تنطلق في المجتمع السياسي البحراني فلو كانت هناك خطة مرسومة بجدية حقيقة ونظرة إلى مدى اطول نسبيا مما كانت عليه وتوفرت

انه لو تمت دراسة القضية في ضوء هذه ,دراسة واعية لظروف النظام وظروف المنطقة والخطيرة لما أقدمت الجبهة على دخول المغامرة لقد كانت الجبهة متسرعة في المتغيرات الهامة

إعالنها عن نفسها ومتسرعة في تجنيد كثير من أفرادها الذين لم يؤهلوا تأهيال تاما لدخول فالدورات التي .المعركة الشرسة ومتسرعة في تنفيذ خطتها لذا فان الفشل واإلخفاق كان مصيرها

األعضاء لم تأخذ أكثر من ثالثة أشهر أخذوا يتلقون فيها دورات ثقافية وعسكرية مر بها كثير منتلقيت دروس ثقافية وسياسية وتنظيمة و أمنية وتدربت عسكريا في معسكرات قرب "يقول أحدهم

طهران على حمل واستعمال األسلحة وتدريبات أخرى مثل اقتحام البنايات والزحف وكان عدد اغلبهم من العراقيين بها حوالي خمسة بحرانيين كان األسبوع األول مستوى شخصا 38المتدربين

اللياقة البدنية وتمارين سويدية بعدها ابتدأنا نتدرب على كيفية فك وتركيب السالح ومن ثم التدرب وكانت األسلحة بسيطة في نوعها مثل كالشنكوف .بدراسة أوضاع الرماية ثم اإلطالق على النار

ومسدس برتا واستعمال القنابل اليدوية واستمرت هذه التدريبات العسكرية مدة شهر ورشاش برتا وأسبوع بعدها تم اإلعداد الثقافي والروحي لمدة شهرين كان البرنامج اليومي تمارين سويدية في الصباح وبعدها دروس ومحاضرات ثقافية يلقيها السيد هادي المدرسي والشيخ حسن الصفار

عن الصبر وعن االلتزام في الدين وتعذيب المعتقلين والتحدث عن أنظمة الخليج اغلبها تتحدث والتشديد على ضرورة مجاهدة ومحاربة النظام الحاكم واستبداله بنظام حكم ثوري جمهوري مثل

وكنا نطلع على مجموعات من المنشورات والمجالت والكتيبات التي تصدرها الثورة .إيران على كراهية النظام الحاكم في البحرين وضرورة تغيره ومن ضمن هذه اإلسالمية وكلها تحث

المجالت مجلة الشهيد وكتيبات السيد هادي المدرسي وأخيه السيد تقي المدرسي وبعض كتيبات أصدرتها الجبهة في تلك الفترة مثل كنا في شعب البحرين ،اإلرهاب في البحرين ،المرأة المسلمة

ويضيف انه من المعروف لنا ان حكومة إيران ستقف مع الجبهة أثناء .في البحرين وأفالم فيديو تنفيذ العمليات العسكرية وبعد نجاح الثورة ستتولى حماية الثورة و تأيدها والتصدي ألية جهة او

ويبدو أيضا ان التدريبات كانت متنوعة . دولة تحاول التدخل في البحرين والقضاء على الثورة ).82/ج/2راجع ملفات المتهمين في القضية (ة حسب مهمة كل مجموع

المهم ان كل هذه الجهود كادت ان توجد شيئا على أرض الواقع وتحدث خلال في تركيبية النظام اإلقليمي إال ان هناك كثير من المهام التي كان على الجبهة اإلسالمية ان تأخذها بعين االعتبار

بهة لم تفصح عن كثير من آرائها حول ما بعد وان ال تتسرع تسرعا قاتال ،خصوصا وان الجاستالم الحكم وقلب النظام هل ستكون على غرار الثورة اإلسالمية في إيران أم انه ستكون تابعة

–لها او غير ذلك من صور الحكم غير الشعار الكبير الذي ترفعه الحركات اإلسالمية عموما تصور ان القضية بهذه السهولة بل إنها تحتاج إلى إننا ال ن–اإلسالم هو الحل والقران هو الدستور

دراسات واسعة ومستفيضة ودقيقة ومطمئن إليها في نتائجها ومعالجتها للواقع المعاش فقد استعجل قادة الجبهة قطف ثمار انتصار الثورة اإلسالمية في إيران وبالرغم من ان الجبهة تعتبرها

ر واالعتزاز بها إال ان الظاهر إنها تجربة لم تحسب تجربة هامة ومحطة جديرة باالهتمام والفختكلفتها جيدا ولم تأخذ بعين االعتبار كثير من الحقائق السياسية واالجتماعية فقد كانت تعيش عقيلة الثورة الشاملة ولم تراع إلى العقلية المساندة لها عقلية السياسي حاولت ان تفرض الثابت أهملت

.المتغير

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

124

Page 125: ضخامة التراث ووعي المفارقة

د استطاعت الجبهة ان تمد نفوذها العاطفي والفكري في صفوف المجتمع ومن طرف أخر فقالسياسي بشكل واضح وجلي واستطاعت ان تربط الجماهير بالقضية اإلسالمية السياسية اكثر من ما كانت عليه ولكن ذلك ليس بجهود الجبهة اإلسالمية وحدها فهناك كثير من العاملين الذين

ن الجبهة كانت هي صاحبة الشق األكبر من التدوال والتناول لها في تحركوا في هذا الصدد إال ا .الشأن المحلي واإلقليمي والعالمي

ولم تكتف الجبهة بالوقوف عند هذا الحد واالستسالم أمام ضربات الحكومة فعدد المقبوض عليهم لمعتقلون الى رموز ال يمثل إال نزرا قليال من الذين تم إعدادهم للعمليات العسكرية وتحول هؤالء ا

وقضية هامة بالنسبة للجبهة حيث طالبت بتحريرهم من االعتقال فخطط السيد المدرسي الى عملية جديدة باالستعانة بافراد من السعودية حيث تنازل السيد المدرسي عن الثورة من الداخل كما تنازل

زته الحركات اليسارية عن االنقالب العسكري سابقا واخذ يفكر بخطة جديدة تعتمد على ما فركاسترو وجيفارا وبدأ في تنفيذ تحرير البحرين من الخارج حيث يتم الزحف من االحساء والقطيف ومن البحر وهكذا يتم االنزال ويتم التحريراال ان تصفية مراكز حركات التحرر ومنها موقع

اني استخدمت فيها الجبهة اإلسالمية في إيران وحدثت مصادمات مع قوات الحرس الثوري اإلير فحدث اضطراب واسع في صفوف الجبهة اإلسالمية فر كثير منهم الى 1984األسلحة وذلك عام

سوريا وهرب السيد المدرسي الى لندن واختفى السيد تقي المدرسي فأوقف السيد المدرس د وبقوا العمليات واصدر قراره للصف األول والثاني باللجوء الى أوربا وقسم منهم ذهب الى الهن

هناك مدة ثم عادوا الى سوريا ساهم في تبعثر تلك الجهود العسكرية العالقة التي ربطت السيد هادي المدرسي مع الشهيد محمد المنتظري ابن الشيخ حسين المنتظري وكان مهدي هاشمي بارزكان من ضمن المقربين لهم و أثناء ذلك شكلوا تنظيما مضادا للحزب الجمهوري وبعد

كثيرة اصدر السيد اإلمام الخميني فتواه بضرورة التخلي عن مهدي هاشمي بارزكان تطوراتوهنا انحاز كثير من أعضاء الجبهة اإلسالمية الى تلك الفتوى في حين أصر بعض منهم على عدم التخلي فتحولت الجبهة الى فصيل خالص من مقلدي السيد الشيرازي بعد ان كانت تضم

.خليطا متجانساا الحدث كفيال بان تتحول الجبهة في منظورها الحركي الى لحظة االكتفاء بما تم إنجازه كان هذ

وتعمل على تثبيت خطها بوسائل أخرى فبعد . وان تعيد صياغة برنامجها العسكري وتتنازل عنهالفشل في استرداد البحرين عسكريا و جماهيريا وثوريا البد من العمل على تثبيت الصبر كمرحلة

إذا كنا عجزنا )لقاء خاص في دمشق "( بدل االستالم والقبول بالواقع وبتعبير الشيخ المحفوظ جديدةعن تحرير البحرين فليس مبرر لنا ان نلغي مهمة التحرير فلعل هناك من سيقدر عليها يوما ما

يمثل ان ما يشار إليه هنا ال".فلماذا نعطى النظام فرصه الذهبية في ان ينزع هذا الحلم من عقولناعمال سوى االنتظار والعمل على التأسي بم تم عمله في حين ان المطلوب هو العمل الواقعي واالعتراف بالعجز ال يعطي مبررا مقنعا لما تم تكريسه بمدرسة الصبر إذ ما الذي ستنبئه األيام

بية ؟ان وكيف يتسنى للجبهة ان تتعامل به مع المستجدات القادمة وهل سيكون الصبر مرحلة تطبيكثير من األسئلة ال تزال ترواح مكانها في حين تمتنع الجبهة اإلسالمية عن اإلجابة عنها بما يتالءم والواقع السياسي والمعرفي خصوصا وإنها قد وقفت في عرض خط الجماهير بتعكير

وهو وحكمت على نفسها بالتشرنق والمحدودية او الفئوية ) والية الفقيه(خطوط اتصالها مع إيران .ما يعطى انطباعا على محدودية فعل العمل الجماهيري التغيري نفسه

:عالقة الجبهة اإلسالمية الخارجية -2

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

125

Page 126: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ال تخلو حركة سياسية من عالقات تقيمها مع األطراف المحيطة حولها وبقدر ما تكون هذه

فان الحركة تكون الحركة متعددة في عالقاتها وتتمكن من إقامة توازن بينها وبين تلك األطراف ذات قابلية الستقاللية اتخاذ القرار المختص بها وذلك يجعلنا ان نرسم خطين لمنحى العالقات خط

وما يشكل خطورة في سير أية حركة سياسية ,يؤدي إلى استقاللية والخط اآلخر يؤدي إلى التبعية لمحيطة بها والتي خصوصا عندما تمارس عملها من الخارج هو الوقوع في فلك أحد األطراف ا

تربطها عالقات استراتيجية او مصالح سياسية او غيرها من الروابط السياسية الدائرة وخطورة هذه القضية تتمثل في رفض أي حركة ان توصم بتبعيتها لطرف ما رغم ان الشواهد كلها تؤكد

جية ألية عدم استقالليتها وخضوعها لجهات أخرى األمر الذي يجعل من بحث العالقات الخارحركة ما هو بحث في إال مفكر فيه او المسكوت عنه وبالتالي يكتسب خطورة وحذر في التعامل

وكأية حركة ال تمتلك صفة قانونية وال يتم االعتراف بها من قبل السلطة الرسمية فإنها تحتاج .به تثمر أجواء إلى إقامة عالقات واسعة مع أطراف رسمية في بداية نشؤها ومن الممكن لها ان تس

توفرها دولة من الدول ألنشطة فئات معارضة متنوعة كما يحدث في العالم الغربي حيث ان أجواء تلك البلدان تسمح بتكوين جهات وحركات سياسية معارضة ألنظمتها إال إنها تكون وفق

ف القانون الخاص بتلك البالد وما يمهنا هو ان نبحث عالقات الجبهة اإلسالمية مع األطرا :المحيطة بها التي تتقسم على عدة أقسام منها

ال نجد للجبهة أية عالقات مع سائر الدول العربية او غيرها ما عدا عالقاتها : الدول الرسمية-1مع إيران والسبب في ذلك رفض الجبهة في التعامل مع أية أطراف رسمية ال تقيم نظامها على

حكومات الطاغوت الذي تجب محاربته ومقاطعته أساس الحكم اإلسالمي مما يجعلها في مصف ولذا فان عالقاتها مع إيران لها موقعها الخاص من البحث نراه بعد قليل

تقيم الجبهة عالقات خاصة مع الحركات الرسالية األصلية التي تتبنى : الحركات اإلسالمية-2لحركات اإلصالحية او واقع التغير الجذري او ترفض عمليات اإلصالح الجزئي اكثر من تلك ا

التي ترفض التغير الجذري فإنها تميل إلى األولى وتحاول اإلبقاء على خيوط اتصال مع الثانية والمعيار الثاني الذي يحدد طبيعة العالقة بين الجبهة اإلسالمية وهذه الحركات هي قضية ,فقط

سنية النتماء المذهبي فهي تفضل التعامل مع الحركات الشيعية اكثر من التسعى الجبهة إلى تحاشي التعامل مع مثل هذه الحركات بشكل عام : الحركات غير اإلسالمية -3

إال إنها نخفف حدة الرفض مع تلك الحركات ذات الطابع الثوري خصوصا مع ما يتصل بحركات .التحرر العربية

متعاطفة مع قضية ومن الطبيعي ان نرى الجبهة اإلسالمية تتباين في تعاملها مع األطراف الالشعب البحراني حتى وان كانت تقف في مسار يخالف مسار الجبهة اإلسالمية لما هو معروف

ودائما ما .في الساحة السياسية ان مثل هذا التعاطف من الممكن استثماره في كثير من القضايا :ا هما تضع الجبهة اإلسالمية شرطيين أساسيين القامة تعامل وعالقة يمكن االعتداد به

احترام الدين اإلسالمي وعدم التطاول على المقدسات الدينية العامة والخاصة بالمذهب الشيعي -1فهي غير مستعدة القامة عالقة مع أطراف تتهجم على الشعائر الدينية او تحاول التشكيك في

.الثوابت الدينية والمقدسة الصراع الذي تخوضه الجبهة توفر مصالح سياسية من الممكن استثمارها في قضية -2

اإلسالمية ضد السلطة في البحرين فما لم تكن هناك مصالح مشتركة محددة فان الجبهة ال .تسعى إلى إقامة عالقة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

126

Page 127: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ووفق هذين الشرطين فان الجبهة اإلسالمية تفرق بين عالقات الصداقة التي هي عالقات عادية ل وهي عالقات دبلوماسية ال تراهن الجبهة تفرضها الظروف المعاشة في الخارج او في الداخ

عليها كثيرا في مقابل عالقة التحالف وهي عالقات ترابطية تحدد كثيراً من رسم االستراتيجيات وتملئ على الجبهة اتخاذ مواقف وان تعلن تصريحات تتناسب وطبيعة التحالف المعقود بين كال

.الطرفين ات هذه هو أمر مطالبة به الجبهة وحدها وما يهمنا هنا هو وما نراه ان الكتابة عن تفاصيل العالق

عالقاتها مع عدة أطراف نراها مؤثرة في مجال المجتمع السياسي البحراني وتلعب دورها في وهذه األطراف المقصودة هي ,التعايش بين قوى المعارضة والحكومة/تهدئة الصراع /تصعيد

.ها قوى المعرضة البحرانية بكافة خيوط,إيران : :العالقة مع إيران:أوال

تمتاز العالقات اإليرانية البحرانية بخصوصيات عديدة من قبل انتصار الثورة اإلسالمية وبعد والعالقة مع إيران هي خيار مفروض تحكمه السياقات التاريخية والدينية والسياسية ,انتصارها

غير الرسمية تتخذ لها /قات الرسمية والجغرافية فمنذ بداية السيطرة الصفوية على البحرين والعال حول رغبة شعب البحرين في 1970عدة منحيات كان أخرها االستفتاء العام الذي أجري في

االستقالل وتكوين دولة عربية إسالمية خاصة به أو االرتباط مع إيران وقد افرز االستفتاء عن -الخوري ,الشهابي ,لعبيدي راجع في ذلك ا-رغبة أهل البحرين في االستقالل الخاص بهم

ومع ذلك لم تنقطع العالقات خصوصا وان جالية كبيرة من اإليرانيين يقطنون في البحرين ولهم عالقات مصاهرة مع السكان األصليين ومع انتصار الثورة اإلسالمية غدت تلك العالقات اكثر

ته السكانية المكونة من أهمية من أي وقت مضى حيث تحولت عالقة المجتمع البحراني في أغلبيالشيعة إلى عالقة متابعة ورغبة في التماهي مع المجتمع اإليراني وانعكست هذه الحالة في الكثير من مظاهرها بدأ من المظاهرات الموالية للثورة وإبداء الوالء لإلمام الخميني ونهاية بالتحاف

ية اإلسالمية والتي كانت الجبهة السياسي بين حكومة الثورة اإلسالمية وقوى المعرضة البحران .اإلسالمية تتصدرها بالعلن

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف كانت بداية تلك العالقة ؟وعلى أي أساس أسست وهل حافظت على نفسها؟ او إنها تعرضت لالنهيار؟ وما سبب ذلك؟ وما هي آثار ذلك االنهيار على المجتمع

السياسي البحراني؟ بل كانت , عالقة الجبهة اإلسالمية بقيادة الثورة اإلسالمية وليدة ساعة االنتصارلم تكن بداية

لقد تكونت جذور العالقة منذ ان كان اإلمام الخميني في النجف يعيش . ممتدة إلى ما قبل ذلكوكان . صراعه مع الشاه في جانب ومع المرجعية الشيعية في النجف األشرف من جانب آخر

رازي من ضمن المراجع والشخصيات التي وقفت في صف اإلمام الخميني السيد محمد الشيبكل قوة وبحكم الرابطة بين الجبهة والسيد الشيرازي فقد انعكست هذه المواقف على , وساندته

طبيعة العالقة التي بدورها خضعت أيضا إلى عالقة حركة الرساليين الطالئع مع قيادات الجبهة قلنا ان انتصار الثورة اإلسالمية في إيران كان بسواعد عربية ال يمكن وال نكون مبالغين إذا ما

التقليل من دورها إلى جنب السواعد الفارسية أيضا فقبل انتصار الثورة في إيران كان السيد هادي المدرسي يفتح منزله في البحرين لقيادات ثورية تفر من داخل إيران وكانت كثير من خطابات

ل من باريس إلى إيران عبر أعضاء حركة الرساليين الطالئع في الوقت نفسه اإلمام الخميني تصكان السيد هادي المدرسي من ضمن الوكالء الخاصين لإلمام الخميني في البحرين وبفعل االنتصار اإليراني اخذ السيد المدرسي موقعا مهما في الثورة اإلسالمية لدرجة انه رئس وفدا

ثورة في إيران إلى كل من الجزائر وسوريا ولبنان ولبيا لشرح وجهات رسميا يمثل مجلس قيادة ال

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

127

Page 128: ضخامة التراث ووعي المفارقة

نظر القيادة حول مختلف الشؤون اإلسالمية والسياسية الخارجية إليران إلى رؤساء الجمهورية البحراني (1979/كانون األول /8األنوار اللبنانية –والشخصيات اإلسالمية في تلك البلدان

في دراسة حول منظمة 27/5/1991مجلة الشراع اللبنانية وفي دراسة نشرتها -)190صوانتصرت الثورة "العمل اإلسالمي في العراق وفيما يتعلق بعالقة زعمائها مع إيران قالت ما يلي

وكان محمد تقي وهادي المدرسي من بين خمسة قادة أسسوا الحرس الثوري لتأمين استمرار خلجات أعضائها لتأمين استمرار الثورة وديمومتها الثورة وديمومتها وقد عملت المنظمة بكل

أبو شريف ومهدي الهاشمي , والخمسة هم باإلضافة إلى الشقيقين المدرسي الشهيد محمد منتظري ).286رؤوف ص(

ان كل هذا ساعد الجبهة اإلسالمية ان تندك في الثورة اإلسالمية عبر عالقات وسيطية هي عالقة استطاعت ان تحقق موقعا متقدما في احتضان الدولة "لعراق التي منظمة العمل اإلسالمي في ا

اإلسالمية لها حيث فتحت أمام كوادرها الكثير من المؤسسات ال سيما المؤسسات العربية وحظيت بدعم معنوي ومادي مميز حيث ان المنظمة كان لها عالقات صداقة وعمل مع عدد من الكوادر

ذين تسنموا مسؤوليات كبيرة بعد االنتصار ووظفتها بسرعة في النافذة في الثورة اإلسالمية والولم تكن الجبهة )286رؤوف ص )توسيع نشاطها ونفوذها وبناء موقع سياسي متقدم على اآلخرين

بعيدة عن المنظمة بل إنها تصنف بمثابة شقيقتها الصغرى من األم حركة الرساليين الطالئع فادت من خدمات الثورة لها ولغيرها من حركات التحرر إال إنها وبالتالي فان الجبهة اإلسالمية است

كانت األكثر ارتباطا بالنظام اإليراني في ذلك الوقت عبر دائرة حركات التحرر الذي كان يديرها مهدي الهاشمي وبفعل هذه الظروف المتاحة استطاعت الجبهة اإلسالمية ان تقيم لها كيانها الخاص

لجبهة اإلسالمية يسيرون حاملين أسلحتهم معه في وقت منع على في طهران وكان أعضاء ا من الثورة الرسالية تحدث أبو زهراء عن عالقة الجبهة 74/75وفي العدد.الجميع ان يفعلوا ذلك

قد ساهمنا في انتصار الثورة اإلسالمية في "اإلسالمية بالجمهورية اإلسالمية ومن ضمن ما قاله حافل اإلسالمية التي تعن بحركات التحرير اإلسالمي وطالبنا حركات إيران في إدارة عدد من الم

التحرر بدعم الثورة و تأيديها والمشاركة في انتصارها والحفاظ على مكتسباتها و أريد أن أنوه إننا قدمنا عددا كبيرا من المشاريع التي تهم الثورة اإلسالمية في إيران و أوصلناها إلى عدد من

"عمل بأكثرها مسؤولي الثورة و ولكن على ماذا تأسست ؟ . هكذا كانت بداية ومظاهر العالقة

لقد كانت الجبهة اإلسالمية ترى في الثورة اإلسالمية التجربة الرائدة والمثال الذي يحتذى به وترى في قائدها اإلمام الخميني القائد اإلسالمي الذي حقق حلم األنبياء والدولة اإلسالمية المعطلة

وفاة الرسول األكرم ووجدت فيها دولة الثورة التي تسخر إمكانياتها لخدمة قضايا األمة وإزالة منذ ان الثورة اإلسالمية في إيران تحاول تطبيق اإلسالم "عروش الطواغيت في العالم اإلسالمي

بشكله الصحيح ولكن المشكلة ان هناك الكثير من العقبات وهي مخلفات الحكم البائد في إيران وبالتالي فان ..وهذه الصعوبات كما نراها وقتية وانية وهذا ما يؤكده المسؤولون في إيران ..

الرسالية "(الجيل القادم هو الذي ستحمل مسؤولية تطبيق الدين اإلسالمي بشكله األمثل هكذا كان التماثل والدفاع عن الواقع اإليراني وفي الواقع فانه لم يكن خيار غير )31ص,50ع,

. تأيد الثورة اإلسالمية والوقوف معها في خندق واحدخيار وفي رأيي ان العالقة التي أسست بين الجبهة اإلسالمية والثورة اإلسالمية لم تكن عالقة ثقة لذا

كانت قائمة على أساس المبادلة بقدر الخدمات التي قدمتها عناصر الجبهة القيادية ,لم تعط ثمارها ي المدرسي وجهود عناصر الحركة الرسالية في العراق ممثلة في جهود ممثلة في جهود السيد هاد

منظمة العمل اإلسالمي وقائدها السيد محمد تقي المدرسي ومواقف السيد محمد الشيرازي ان هذه

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

128

Page 129: ضخامة التراث ووعي المفارقة

المواقف الجبارة والمكلفة البد لها وان تواجه بالمثل من جهة والندية القائمة على اإلعالء من شان بالشخصية المنفصلة عن االندكاك في الثورة إلى غياب الهوية والمطامح الخاصة الذات واالعتزاز

فكما ان السيد اإلمام الخميني قائد للثورة فان السيد الشيرازي هو مرجع ال يقل شانا عن اإلمام الخميني ولو فتح له المجال لبرز اكثر من ما هو بارز االن وكذلك فان فكر ومرجعية الجبهة

الفكرية المشخصة في السيد محمد تقي المدرسي ال تقل عن إبداعات القيادات اإليرانية اإلسالميةووفق هذا المنظار فان الجبهة اإلسالمية كانت ترى في الثورة اإلسالمية البوابة التي سيفتح الخليج

عرب من من خاللها وان على الثورة اإلسالمية ان توفر اإلمكانيات واألدوات لتحقيق حلم الثوار ال .جهة أخرى

وفي الواقع فان شيئا من توتر العالقة بين العرب واإليرانيين كان محركا لكثير من األمور ال يسعنا ان نتعرض لها هنا فثمة كوامن في النفوس تتعلق بالشأن المرجعي والصراع الفارسي

.العربي حركت األحداث إلى جهات غير متوقعة أرست دعائم عالقات مستقبلية/لذا فلم تستطع هذه العالقة الوطيدة من المحافظة على وتيرتها ونفسها المفرطة في التأييد تحولت و

العالقة بعدها إلى إشكالية اربكت خطى الجبهة اإلسالمية فقد عكست وثيقة نشرها عادل رؤوف في دراسته عن منظمة العمل اإلسالمي في العراق عن هاجس المنظمة من الذوبان في الثورة

ان ذوبان الكثير من أفراد الحركة في التيار السياسي للثورة أدى إلى ما يمكن اعتباره "إليرانية اازدواجية االنتماء نفسيا وموضوعيا ومع قوة تفوق الزخم السياسي للثورة باعتبار ضخامتها

رة وشموليتها فان االنتماء المزدوج اصبح يميل بصورة ملحوظة تجاه المزيد من االنتماء للثولقد رأت هذه الوثيقة ان استراتيجية "288"باعتبار ضخامتها وشموليتها واالبتعاد عن الحركة

الثورة اإلسالمية في الداخل اإليراني تسعى إلى تذويب الوسائط بين القيادة والناس والتي تتمثل لى الخارج وتحاول بعض الجهات الحكومية اإليرانية نقل هذه التجربة إ..في األحزاب والمنظمات

بحيث تكون إطارا لعالقاتهم مع الشعوب األخرى لحين اكتمال قدرة الثورة على االتصال المباشر " 290نفسه"وهذا اتجاه يتمثل خطره في تجاوز حركتنا بما حققته من مكتسبات ومنجزات األمة

سالمية في إيران وبناءا على مثل هذه التصورات انهارت العالقة بين الجبهة اإلسالمية والثورة اإلأشرنا إليها فثمة أمور ظاهرة , ولم يكن هذا االنهيار يأتي دونما تمهيدات وسوابق أظهرت نفسها

.للعيان كانت وراء انهيار هذه العالقة على ان الجبهة اإلسالمية لم تعلن لحد االن انهيار تلك العالقة فمازال مكتبها في طهران يواصل

توباً أو منسوباً للجبهة اإلسالمية يالمس هذه القضية ولكن الواقع غير أعماله ولم تظهر شيئاً مكالمعلن هو غير ذلك والجميع بات يعرف حجم تلك العالقة ومدى التخلخل الذي أصابها خصوصا

والذي على أثره غادرت معظم قيادات الجبهة اإلسالمية إيران إلى الهند والى الدول 1984بعد فلماذا تصدعت تلك العالقة وما هي األسباب الواقفة خلفها وما -مارك كنداالدان,لندن –األوربية

هي وجهة نظر الجبهة اإلسالمية في كل ذلك ؟ان األسباب التي تسوقها الجبهة اإلسالمية في شأن العالقة المفككة مع الجمهورية اإلسالمية

:تتخلص في قضيتين رئيسيتين هما بعضها البعض الذي تأجج في إبعاد الشيخ المنتظري عن صراع الخطوط اإليرانية مع:أوال

منصبه كخليفة لإلمام الخميني فبعد ان كانت شخصيته هي الشخصية الريئسية في النظام اإليراني بعد اإلمام الخميني أصبحت تلك الشخصية التي ال تفهم إدارة األمور ووجهت اليه شتى االتهامات

موذج اإليراني في نظر الجبهة ال يمكن ان يمرر على العقول ما السيئة ان مثل هذا التحول في النلم يربط بقضايا اكثر عمقا واشد حساسية وهي قضية الصراع بين االتجاهات الدينية في إيران وبدأ ان هناك محاوالت لتقديم أطراف ما ككبش فداء لهذا الصراع الداخلي فكل من كان مرتبطا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

129

Page 130: ضخامة التراث ووعي المفارقة

بعيد كان معرضا لمالحقات أجنحة المخابرات التي هي بدورها مع الشيخ المنتظري من قريب أو كانت مدارة حسب صيغة الصراع لذا فان العالقة مع القيادات اإليرانية أخذت تصعد من نفسها نحو االنفكاك وكان على الجبهة ان تدرك جيدا ان مثل هذا الوضع ال يكون مالئما للحركة الحرة

فقد أخذت عالقة السيد محمد ,اء المرجعي الذي تستظل به الجبهةوالمستقلة فقد طالت الحملة الغطالشيرازي في التصعيد أيضا جراء طرحه لوجهات نظر تختلف عن وجهة نظر القيادة اإليرانية خصوصا فيما يتعلق بوالية الفقيه التي غالبا ما توصف بالوالية المستبدة في مقابل شورى الفقهاء

.في نظر القيادة اإليرانية وغيرها من المسائل المزعجة التحوالت التي جرت في الداخل اإليراني حيث بدا واضحا ان رجاالت الثورة اخذوا :ثانيا

يجنحون إلى االنتقال من دولة الثورة إلى دولة المؤسسات ولم تعد إيران ترغب باحتضان ا اثر على حركة ان تغير استراتيجية الثورة ومنطق التحول هذ. الحركات التحررية والثورية

الطالئع وكان بمثابة إحدى المحطات التي تركت بصماتها على الساحة فقد كانت الجبهة اإلسالمية تتأثر بالثورة كما هو الجنين في رحم االم وترغب في ان تعيش أجواء الثورة خصوصا وان

.االنتصار الموعود للجبهة اإلسالمية في البحرين لم يتحقق بعدإال ان الجبهة ظلت , لنقطتين وما أفرزته من تداعيات قل حجم العالقات مع إيران وبسبب هاتين ا

محافظة على مسار دقيق فيها إذ لم تتنكر الجبهة للخدمات التي قدمتها إيران لها طوال تلك الفترة ولما كانت استفزازات بعض الخطوط . وسعت إلى اإلبقاء على العالقة مع المسؤولين اإليرانيين

نية لبعض عناصر الجبهة اإلسالمية غير مقبولة فقد تحول البعض الذي لم يكن يقدر على اإليراكبت مشاعره في اإلعالن عن اإلفاقة من حلم الثورة العالمية وحماية المستضعفين على واقع

.االستبداد والقهر والحرمان وسوء المعاملة رسمي وأعلنت حالة الخصام ومن هنا أخذت العالقة في اإلفصاح عن نفسها عبر طريق غير

ولذا فقد اختارت .والمقاطعة او الحرب الباردة بين الجبهة اإلسالمية وبين الجمهورية اإلسالميةالجبهة االنسحاب من المنطقة اإليرانية ابتعادا عن الخوض في صراعات جانبية تشغلها عن هدفها

لية في اتخاذ قرارها الخاص بها األساس والبحث عن موقع تكون الجبهة اإلسالمية ذات استقالفكانت الهند ذلك الخيار ورأت فيها المنطقة التي ستفتح لها أبوابا جديدة وان تكون اكثر فاعلية وقد حقق الخروج هذا فتح أفق وتجاوز تحديات والتوفر على رؤية سلمية إلستراتيجية الجبهة

اإلسالمية تمع السياسي لنا ان نثير بعض النقاط العاكسة لوجهة وقبل ان ننتقل إلى أثار هذه القضية على المج

فان السبب المباشر في تراجع خط العالقة , نظر أخرى في شأن العالقة الحاكمة بين كال الطرفيينمع إيران بدأ مع تصعيد السيد الشيرازي من معارضته لوالية الفقيه وأسلوب ممارستها في إيران

طارنا هنا وقد اختارت الجبهة اإلسالمية ان تقف في صف إضافة إلى أسباب أخرى خارجة عن إمرجعيتها من دون ان تفصل بين األمور وكانت بذلك فاقدة لرؤاها الخاصة ومتناسقة لمواقف

فكما كان هذا األمر مطبا خطيرا وتحديا –الرساليين الطالئع –الغطاء المرجعي او الحركة االم عالقاتها مع طهران كان األمر مثله يتماثل عند الجبهة بارزا لمنظمة العمل اإلسالمي في إطار

اإلسالمية وكما يشير عادل رؤوف ان من ضمن األسباب المباشرة لتراجع العالقة مع إيران تكمن في اختفاء الخط الذي كان يحتضن خيار منظمة العمل عن المسرح القيادي اإليراني سواء تمثل

رؤوف )ي الذي اعدم او بالشيخ حسين منتظري بالشيخ محمد المنتظري او مهدى الهاشموالسبب كما نراه أيضا هو سعى الجبهة اإلسالمية إلى ممارسة حرية العمل الثوري من )289ص

دون الرجوع إلى القيادة اإليرانية وهو ما تمخض عن استياء اإليرانيين من بعض تلك التصرفات صر الجبهة اإلسالمية وبعض القضايا وكان آخره مخبأ األسلحة المكتشف تحت إدارة أحد عنا

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

130

Page 131: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الخارجية حيث كانت قيادة الجبهة اإلسالمية تعد العدة لمحاولة إنزال عسكري في البحرين على وفضائح دائرة حركات التحرر 1984 إال ان تعقد قضية الهاشمي1981غرار تجربة

تالي فلم تستطع الجبهة واالرتباطات المشبوهة ألقت بظاللها على كشف كثير من تلك األمور وبالاإلسالمية التعايش مع هذه اإلجراءات ولذا رأت فيها تحوال من منطق الثورة إلى منطق الدولة وتغيرا في االستراتيجية وفسر هذا األمر على انه فشل في احتضان الحركات اإلسالمية التحررية

الحركات اإلسالمية الجهاز الحاكم اإلسالمي في إيران لم يكن قد اعد نفسه الحتضان "فومساعدتها ومؤازرتها في وقت اشتداد األزمة مع الحكومات لهذا نجد ان هذه الحركات أصبحت

)نقال عن الملف السياسي 290رؤوف ص(يتيمة التوجيه وتركت من دون إرشاد او نصح سي في وفي الواقع ان انهيار العالقة مع إيران اربك واقع الجبهة اإلسالمية في المجتمع السيا

البحرين وتحولت شعبيتها إلى فئوية فقدت فيها كثيراً من االلتفاف والتعاطف وقلة جماههيريتها في الساحة الداخلية و أصبحت بهذا متحولة من حركة تستقطب كل االتجاهات إلى حركة تضم

في مرجعية واحدة هي مرجعية السيد الشيرازي والمسبب في كل ذلك هو اقتناع المجتمع السياسي البحرين بالثورة اإلسالمية في إيران وبصحة قضاياها من دون سؤال فقد تأسس قانون معرفي يحكم عالقات المجتمع مواده ان معارضة الجمهورية معارضة لإلسالم وان الخالف مع القيادة

ع اإليرانية المتمثلة في والية الفقيه تؤدي إلى خلل في العدالة واصبح مألوفا في أوساط المجتمغير شيرازي وتوهم البعض جراء ذلك ان فئة /عموما التقسيم المرجعي المشار اليه شيرازي

الشيرازيين هم فرقة عقائدية تختلف عن باقي الشيعة في عقائدها فلم تكن فئات الشعب في البحرين او في أية بقعة إسالمية ترضى ان يوصف اإلمام الخميني باإلمام المستبد خصوصا وان تلك

مور المقلقة نشبت إبان اشتداد الحرب المفروضة على الجمهورية اإلسالمية وكانت نظرة األالجماهير إلى إيران على أنها الجنة الموعودة والى الشعب اإليراني على انه الشعب األمثل في تلقيه لإلسالم وتمثله للمذهب الشيعي ورغم تحول وتغير هذه الصورة بعد حرب الخليج الثانية

ها جراء االنفتاح والسماح بزيارة العتبات المقدسة فيها ومعايشة الشعب اإليراني واكتشاف وتصدعحقيقة الوضع التي لم تكن كما كانت قبل ذلك إال ان الفصل بين الواقع وما بين األصل أي مبدأ

حاكم والية الفقيه وضرورة الدفاع عن الدولة اإلسالمية وتقوية موقفها في وجه أعدائها كان هو الفلم تسفر الصورة الجديدة عن الشعب اإليراني في تغير المبادئ الخاصة باالرتباط بالعالقة مع الجمهورية اإلسالمية وتجلى ذلك في قضية حرمة التطبير التي أعلنها اإلمام الخامنيئ ولم تلتزم

مية وسط المجتمع الجبهة اإلسالمية بها فقد أفرزت هذه الوقفة تعميق النفرة من تيار الجبهة اإلسالالسياسي في حين ظلت الجبهة تحافظ على أعضائها وتسعى إلى ضم المزيد وفق هذه المعادلة

ومن ما سبق يتضح ان هناك اعتمادية في .المعرفية وفي ظل أزمة المرجعية الدينية في البحرينإلى الموقف اتخاذ القرار وغياب النضج السياسي المؤهل الستصدار القرار الصائب او الركون

الحكيم وبذلك فان الجبهة اإلسالمية في فضاء العالقات الخارجية لم تخرج عن إطار التفاعل االجتماعي البسيط في حين إنها ترغب في تغير المجتمع عبر ثورة إسالمية حكيمة ولنا ان

.نتصور هذا الواقع بمتعارضاته

:العالقة مع قوى المعارضة البحرانية :ثانيا لمعارضة في المجتمع السياسي البحراني إلى طرفيين هامين هما الطرف اليساري تنقسم ا

والطرف اإلسالمي وكل طرف يحتوى على تيارات داخلية قد تتباين في نوعية االستراتيجية ومثل هذا التنوع نراه ,المستخدمة واآلليات المتبعة والمفعلة لتحقيق اإلصالح السياسي المطلوب

المعارضة وأنها متأصلة في واقعها لتعكس تطلعات المجموعات السياسية دليال على حيوية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

131

Page 132: ضخامة التراث ووعي المفارقة

المكونة للمجتمع السياسي ولم تكن هذه الفيسفساء قديمة وبعيدة الغور بل إنها وليدة الوقت تقريرا في البحرين رفعه )نورمن براي ( حيث كتب الكابتن 1900المعاصر المحددة بدايته منذ

ان بين الناس في البحرين شعورا عميقا جدا بالعداء " جاء فيه 1919عام إلى اإلدارة البريطانية وفي النصف (405حمادة ص " )وانه ليس من فئة في البحرين تؤيد الحكم القائم"األمير "للشيخ

الثاني من العقد الخمسيني طورت الجماهير البحرانية من معارضتها السياسية للسلطة الخليفية ت شعبية كبيرة لتضغط بصورة أوسع على النظام الحاكم من اجل تحقيق ونظمت نفسها في هيئا

لقد بدأت هذه اللوحة بتشكيل نفسها بفعل عوامل خارجية وداخلية )405نفسه ص)مطالبها العادلة معا أفرزت أطرافا لم تكن منوجدة في الساحة كما في الطرف اليساري إذ لم يكن هناك إشارة إلى

ها من التوجهات السياسية المستجدة على الساحة كفئات تنظم نفسها وغير1955انبثاقه قبل .وتحمل طروحات متميزة عن باقي الطروحات السياسية السائدة والفاعلة والمحركة

والذي نؤكد عليه هنا ان المجتمع السياسي خاض صراعا مريرا في سبيل التفرد لقيادة المعارضة إلى ممارسة التعايش والقبول بكل األطراف على ان هذا السياسية وفشل في إقامة التوحد واضطر

حيث تكونت لجنة العريضة 1990التعامل األخير لم ينقدح في الوعي السياسي إال بعد عام الشعبية وضمت رجاالت معارضة من كافة االتجاهات السياسية أجمعت على ضرورة توحيد

لذا فان دراسة .-1975الوطني المنحل عام –المطلب السياسي المتمثل في إعادة المجلس النيابي عالقات الجبهة اإلسالمية مع التيارات المعارضة هو نوع من تشخيص الواقع آلليات ظلت تحكم نفسها وفرضت على المجتمع السياسي ان يعيش واقعها من دون ان يعي أنها تفرق جهوده في

ومن هنا فان ,نها في مرحلته الحاليةمقاومة النظام وتشتت العمل السياسي وفق محاور هو غني عالتمعن في أساليب تعامل الجبهة اإلسالمية مع أطراف المعارضة من شأنه ان يلقي الضوء على

. مدى األفق الذي كانت تنطلق منه في ممارسة العمل السياسي ومن الممكن لنا ان نستوحي بعض اللقطات التي لم تراع طبيعة المجتمع السياسي في البحرين

التعددي تقول إحدى األدبيات الخاصة بالجبهة االسالمية في شأن العالقات التي تحكم عالقات ان العالقة الموجودة حاليا هي عالقات صداقة "الجبهة اإلسالمية مع التجمعات السياسية األخرى

مع ما ولكن الى االن ليس هناك أية عالقة تحالف والسبب ان استراتيجيتنا ووجهة نظرنا تتعارض يطرحونه من وجهات نظر ولكننا بالرغم من دلك نشترك معا في الهدف نفسه فمثال نتفق ضد اإلمبريالية ومع حق العمال ومع ان تكون بالدنا خالية من القواعد العسكرية األمريكية أما بالنسبة

ي الساحة الى الحركات اإلسالمية فال توجد في البحرين حركات معلنة وانما هناك حركات تعمل فان االشتراك }29ص/50الرسالية {وهذه الحركات والمنظمات ال تطرح نفسها بالشكل العلني

المشار اليه مع الحركات اليسارية والوطنية هو اشتراك خاضع الى الصدفة قبل ان يكون منتجاً مع من قبل االلتقاء واالتفاق على خطوط مشتركة او من قبيل التنسيق والتشاور وكذلك الحال

.الحركات اإلسالمية التي ال تلتزم بالفهم الثوري واالنتماء السياسي الواضح والمعلنان الذي يشكل دافعية للجبهة في ان تسلك طريق الصداقة فقط من دون الرغبة في رفع هذه العالقة إلى مستوى التحالف السياسي يمكن إرجاعه إلى فترة كانت الجبهة واثقة من قدرتها على

عملية الصراع وكانت تسعى الحتكار الوسط االجتماعي عبر توفرها على بعض المميزات إدارة غير المتصفة بها كثير من التيارات السياسية العاملة والفاعلة فاليسار والقوى الوطنية قد خسرت معركتها الجماهيرية ولم تتمكن من غرس نفسها وسط الجماهير المسحوقة انها تعرف عن تاريخ

لرأسمالي وتاريخ الحركة االشتراكية العالمية وتاريخ ونضاالت الشعوب في روسيا الغرب اوالصين وفيتنام اكثر مما تعرف عن تاريخها ونضاالت شعبها وبطوالته عبر القرون الطويلة

فهناك حالة اغتراب كانت تلف القوى الوطنية "والتي ال يمكن فصلها عن التاريخ اإلسالمي برمته

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

132

Page 133: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ا وعزلة تعيشها ماضيا وحاضرا كان هذا واقعاً وحال القوى الوطنية في فترة وعمق في جهلهفطرحت الجبهة نفسها على أساس أنها تمثل عمق ) 57,58راجع حسين ص )النهوض اإلسالمي

تلك الجماهير ساعدها في بلورة هذا التصور النرجسي المحاولة االنقالبية التي خططت لها الجبهة لقد أسهمت ,دة السيد هادي المدرسي ولغتها الثورية الهائجة ضد النظام وقيا1981اإلسالمية

العوامل هذه في إنماء تصور الجبهة عن نفسها وان تركز على استراتيجيتها و أساليبها وفشل غير ذلك بل وتعارضه مع العمل السياسي المتطلع اليه المجتمع السياسي وعلى أساس النظرة النرجسية

حتاجة من وجهة نظرها في إقامة تحالفات سياسية لم تكن الجبهة مو عندما نزلت الحركة اإلسالمية لميدان المعترك السياسي كان واضحا لديها ان نزولها هذا وبهذه القوة والفاعلية سيثير كل األطراف لذلك كان مقررا لديها وسلفا أنها لن تخوض أية مهاترات

كان واضحا رأينا …وسياسية مع أي فصيل معارض كالمية ولن تنجر إلى أية صراعات فكرية للغاية في هذا المجال ان الحوار األيديولوجي بين اإلسالميين وغير اإلسالميين من حركات المعارضة األخرى ميدانه أوسع وحساس جدا وال بد للحوار المثمر من ان تتهيأ له كثير من

الرغبة في الحقيقة الروح اإليجابية األسباب والشرائط منها الموضوعية النزاهة في القصد ومن غير ان نوجه اتهامنا الحد فانه لألسف ال توجد مثل تلك الحالة اإلنسانية الراقية لذلك .…

)10,11حسين ص )كان جل اهتمامنا منصبا على القضايا العملية للنضال الوطني بين فصائل المعارضة وفي الواقع فان الجبهة لم تكن تخالف او تعارض الحوار او التقارب

البحرانية إال ان الظروف والواقع الذي تحكم في المجتمع السياسي البحراني وما تولد منه من إذ ظلت الساحة , غياب الفعل السياسي المنظم أو الواضح والمحرك الفعلي لحاالت العمل السياسي

ة تتمثل في التعبير عن السياسية في البحرين من بعد انتصار الثورة اإلسالمية تعيش حالة خاصذاتها في الوقت الذي تسعى الحكومة إلى قمع األصوات ومالحقة أقطاب العمل السياسي بكل أصنافه وتلون خيوطه السياسية فلم تفرز الساحة السياسية فعال سياسيا جماهيريا يتطلب تقاربا

كثيراً من األمور في ولذا فإن 1994وتحالفا بين قوى المعارضة إال في االنتفاضة الدستورية .شأن التحالفات كشفت عن حالة تمزق حقيقي تعيشه قوى المعارضة

وبطبيعة الحال فان الوضع المشار اليه آنفا هو سبب موضوعي أفرزه الواقع ويوجد بجانبه سبب ذاتي تختص به كل القوى المسؤولة عن ممارسة الفعل السياسي وفي رأينا فان ما ينطبق على

:المية الجبهة اإلسإنها كانت تتمثل بغطاء مرجعي يعاني هو أيضا من فقر في عالقاته مع األطراف المنافسة له -1

أعني ان مرجعية السيد الشيرازي وجهت بمعارضة من قبل بعض أقطاب المرجعية الشيعية مما جر معه ان تكون حركة المرجعية عنده حركة تعتمد على الذات في إثبات نفسها وتعمل على

دعوة إلى التقارب والحوار وهي دعوات ال تجد لها مصغيا عادة ما لم تكن انطالقة الدعوة ال .شرعية ومقبولة

قد استعانت الجبهة باألجواء الشعبية الرافضة للنظام الحاكم وتخلت كثير منها عن التيارات -2ة هي الطرف السياسية غير اإلسالمية وصبغ الجو العام باإلسالمية وكانت الجبهة اإلسالمي

اإلسالمي الوحيد الذي يعلن عن نفسه كوكيل عن الجماهير وعن الحركة السياسية في المجتمع وتمخض عن هذا الوضع ان تتحرك الجبهة في خط واستراتيجية متغايرة عن طروحات الحركة اإلسالمية آنذاك وقادها هذا التفرد ان تمارس فعلها وحيدة في ساحتها ال يشاركها أحد من

ألطراف السياسية األخرى لما هو معروف ان قضية التغير الجذري وقلب النظام وتحويله إلى انظام إسالمي رغم انه مطلب شعبي إال ان التعبير عنه ظل منحصرا في الجبهة اإلسالمية في

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

133

Page 134: ضخامة التراث ووعي المفارقة

الوقت الذي ترفض الجبهة اإلسالمية ان تمارس أعماال توصم باألعمال اإلصالحية بل ترى إنها .لوقتمضعية ل

ان تفجر عالقة الجبهة اإلسالمية مع الجمهورية اإلسالمية تسبب في عزلتها الفكرية والسياسية -3وجعل منها فصيال يعاني الرفض من قبل التيارات اإلسالمية األخرى غير الموافقة على توتر

يق الذي هو العالقة مع الجمهورية وبالتالي فشل كل المساعي في التعاون او التحالف بل ان التنسان هذه القضية الخطيرة داخل أوساط المجتمع ,أبسط مظاهر العالقة اإليجابية يبدو مفقودا

السياسي البحراني من شأنها ان توجد فقدان الثقة وتسبب النفرة بين أوساط المعارضة اإلسالمية كة نفسها ولما كانت الجبهة قد دخلت معركة صراع واضحة مع التيار اليساري فقد دخلت المعر

مع التيارات اإلسالمية جراء توتر عالقتها مع الجمهورية اإلسالمية رغم انها غير معنية في هذا .الشأن

ان هذه األسباب مجتمعة مع بعضها البعض لعلها عرقلت إقامة تحالف سياسي بين الجبهة وغيرها رستها الجبهة اإلسالمية من قوى المعارضة البحرانية لكنها لم تمنع من خطوات بدائية وسطحية ما

.ومورست معها ان تدشين أرضية صالحة لالختالف في الرؤية والمنهج توجب بطبيعة الحال استئناف النظر مجددا اعتمادا على وعي نقدي بكل تيارات العمل السياسي البحرانية التي تراكمت خالل العصور

ريسة لنزعة التمركز حول الذات تقوم التي مرت وما وقعت به كثير من تلك التيارات إنها كانت فوما من شك ان شيوع هذه الظاهرة ,على استخدام النزعة الطهرانية من األطراف األخرى

السياسية كفيلة بخلق أجواء تنافر وتعوق كثيراً من مشاريع العمل المشترك بين التيارات السياسية الدعوة الحثيثة إلى نبذ نزعة العاملة وما يالحظ في خطاب المعارضة البحرانية عموما هو

التمركز وظاهرة الطهرانية إال ان الواقع المعاش والجانب العملي مليء بالمخالفة الواضحة لهذا المبدأ وبقدر ما يمكن لها ان توقف إلى خلق أجواء الحوار الجاد والعمل المشترك فإنها تكون

ع السياسي من واقعه المرير الفائض قادرة على تحقيق مشروع اإلصالح السياسي وانتشال المجتممن االنهزامات واالخفاقات السياسية وما يترشح منها من تخلخل في طيات الخطاب السياسي

. وترهل المشروع السياسي المطروح للجماهير : ظاهرة االنشقاق-3

بل ال تكشف الجبهة عن حاالت انشقاق داخل صفوفها ودائما ما تفسر حاالت التخلي عنها من قبعض المنتمين إليها على انه خيار فردي وحرية مكفولة للشخص في ممارسته العمل اإلسالمي السياسي وبالتالي فان الكالم هنا ال يختلف عن كثير من القضايا السرية والخاصة المتحفظ عليها

حيث 1986وغير مسموح بالتطرق لها ولعل أول حالة انشقاق حدثت عند الجبهة حدثت في عام رجت جماعة منها عليها لكنها لم تكون من نفسها فئة جديدة او حركة مستقلة وانما اختارت خ

العمل الفردي والتخلص من غطاء الجبهة اإلسالمية لهم وتشير بعض مصادر الجبهة اإلسالمية اإليرانية على خط العمل اإلسالمي و . إلى أسباب هذا الخالف على انه يأتي لتدخالت المخابرات

ة بعض األجنحة اإليرانية في تشكيل خاليا حزب اهللا وقد استجابت بعض العناصر لمثل هذه رغبالتوجهات وعملت مع تلك الجهات وقدمت لها بعض الخدمات ولم تشهد الجبهة بعد هذه الحادثة حادثة مشابهة وانما كانت هناك حاالت انفالت من أعضائها خصوصا في التسعينات إذ بادرت

ت الضغوط الدولية بالسماح لبعض المهجرين بالعودة إلى البالد وقد استجابت بعض الحكومة وتحعناصر الجبهة إلى هذه المبادرة وتخلت عن العمل الحزبي وهناك من يشير إلى ان ثمة انشقاق غير معلن عنه حصل بين أعضاء الجبهة اإلسالمية في دمشق وبين بعض الجماعات القاطنة في

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

134

Page 135: ضخامة التراث ووعي المفارقة

تميز هذه األخيرة باالهتمام بقضايا حقوق االنسان وإقامة عالقات تنسيق وتعاون الدول األوربية وتمع فصائل المعارضة البحرانية األخرى والتقليل من الحالة الحزبية الممارسة في الجبهة اإلسالمية ولكنها ال تقدر على اإلعالن عن نفسها كمجموعة منفصلة عن الجبهة اإلسالمية رغم

والواقع ان المعلومات حول هذا الجانب .في المنهجية واالستراتيجية المتبناة االختالف الواضح وفي كل الحاالت فان . هي معلومات شحيحة والدخول فيها يحتاج إلى قدر كبير من الدقة واألناة

هذه الحاالت لم تستطع ان تشوش الرؤية على الجبهة اإلسالمية إذ ثمة تنازع يدور بين الفئات حول تمثيل الجبهة اإلسالمية ومدى –الخارج األوربي /الخارج العربي –هة اإلسالمية المكونة للجب

مصداقية كل طرف على ان مثل هذا التنازع كان قد حسم عبر المؤتمر العام األول وتنصيب الشيخ محمد علي المحفوظ كأمين عام واختيار الشيخ حميد الرضي كرئيس للمؤتمر العام وكأن

تحسبا لتفجر صراع على التمثيل السياسي وهذا يعود بنا إلى حيث بدأنا من المناصب قد قسمت ان االنشقاقات والخالفات الحادثة في الجسم العربي إنما تنشأ من االختالف حول رؤية البداية وان

.الشرعية تميل مع الطرف الذي يبرز مدى اتصاله بالحالة األولى من حيث الشكل والمضمون

الخاتمةذه الدراسة منطلقة من تساؤل عن كيفية نشأة التيارات االسالمية الشيعية المتبنية للعمل كانت ه

السياسي في العصر الحديث وما هي استراتيجيات العمل الحركي لديها ؟وهل كانت هذه التيارات تمثل تالحما مع البنية المعرفية لدى القطاع الشيعي ؟ثم ما هي عالقات هذه التيارات بالتيارات

هل يمثل ذلك حالة ايجابية لتخليص ? االسالمية الشيعية الكبرى التي شهدها المجتمع االسالمي؟ أم ان ذلك يمثل ? المجتمع السياسي من أزماته والوصول برغباته الدفينة إلى الطموح المعرفي

?حالة سلبية عادت بالهزيمة والنكسة النفسية لقطاع واسع من أفراد المجتمع السياسي مثل هذه االسئلة كانت تمثل المسكوت عنه او الالمفكر فيه في المجتمع السياسي وكان كثيرا ما ان

.لذا فاننا بطرحها عالنية نسعى الى إشهار حالة التفكير بصوت معلن .يدور حديث الهمس حولهابعد الرحلة الموجزة في خضم الالمفكر فيه نجد أننا أمام وضع مفارق حقيقي حيث نجد ان

وما من شك ان وضع .تطلبات المجتمع السياسي تفارق ما هو عليه العمل في التيار االسالميمالمفارقة هذا من شأنه ان يؤثر على مسيرة المجتمع السياسي وعلى عملية الصراع او التعايش مع

وكما هو معروف ان الصيغة المجتمعية ال يشكلها تيار واحد ، بل ان هناك قوى .السلطة السياسيةتمارس دورها بشكل طبيعي او غير ذلك لكن ذلك ال يلغي مبدأ تحديد االطراف المسؤولة عن مثل تكون هذا الوضع ولما كانت رحلة االكتشاف لم تتم بعد حيث تبقي ثمة تيارات أخرى نزعم

.القيام بدراستها ومحاولة الكشف عن أوضاع المفارقة فيها ة هذا دراسة البنية السياسية المستحكمة في المجتمع لقد ساعدنا على استكشاف وضع المفارقاذ يمكننا ان نقرر ان المجتمع السياسي في البحرين هو . السياسي في شقيه الجماهيري او الشعبي

مجتمع حيوي حافل بالكثير من االفعال واالحداث السياسية منذ أمد بعيد أقله بداية تشكيل الدولة ها المنذر ابن ساوى التميمي لتوحيد الحالة السياسية في البحرين االسالمية والصراعات التي خاض

تحت راية الدخول في االسالم وهكذا تتابع االحداث السياسية وتتراكم في الذاكرة التاريخية مؤسسة وعياً ثورياً بالدرجة االولي مما أكسب تاريخ البحرين سمة الحيوية السياسية والنضوج

يصطدم مع ما تم تسويقه من ان بيئة البحرين القائمة على الزراعة ومن وجهة نظرنا فان هذا .واذا ما تم التسليم .والتجارة قد ولدت شخصية مسالمة تبتعد عن الصراع السياسي بشكله الفاضح

بهذه المعادلة وصحتها المستمدة من الفهم الماركسي للحراك االجتماعي فانها تبقى محكومة في .وجي والممارسة المعرفية واقعها بالتكوين االيدل

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

135

Page 136: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ان ما يخرج المجتمع السياسي من خضم هذه المعادلة الماركسية ، انحياز المجتمع بأغلبيته ناحية الفكر الشيعي الذي يؤصل لمبدأ الممارسة الثورية ويتخذ من المعارضة خندقا يتحرك من خالله

بصورة كبيرة على حركة في الواقع السياسي ،فقد أثرت صيرورات الفكر السياسي الشيعي .المجتمع السياسي في البحرين

فمنذ القرن الثامن حتى القرن الثاني عشر الهجري شهد المجتمع البحراني نهضة ثقافية علمية ان هذه .فكرية قادها علماء الفكر الشيعي ومن داخل الحوزة العلمية التي ذاع صيتها وقت ذاك

ج ما زالت أثاره تغذي الذاكرة الشعبية فما كان يحتويه الفترة تحولت الى رمزية سياسية ونموذهذا النموذج منتجا فكريا يغاير ما تم تكريسه في القطاع السني ويشيد أنسقة الفكر الشيعي بصورة

.جليةومع احتالل ال خليفة البحرين تعرض المجتمع السياسي الى حاالت خطرة من االنقسامات

تفيعل الطائفية السياسية والعرقية نتيجية االنقسام االعمق المتمثل اخطرها االنقسام الطائفي بمعنى ومن كال االنقساميين انقسم المجتمع السياسي الى .في النموذج القبلي الفج الذي استفحل أمره

1783ان مثل هذا االحتالل التدريجي الذي تعمم منذ .الخارج /مجتمع تتجاذبه معادلة الداخل عنه ما من شك انه فوت فرصة بناء الدولة الوطنية وأخر من تمامها في واالنقسامات المتولدة

ان ما قامت به القبائل الغازية لم يكن .وقت كانت الدولة تمثل حاجة ماسة للمجتمع السياسي يخرج عن إطار تفتيت بنية المجتمع القائمة والسعى الى بناء مجتمع جديد يدين بالوالء للنموذج

يات إبادة واسعة النطاق وتم تقسيم االراضي وتدوير المفاعيل السياسية القبلي حيث تمت عملوأصبحت ظاهرة الوسطاء السياسيين سمة بارزة بل ومهمينة على المجتمع السياسي وهي ظاهرة

.تستمد جذورها من الموروث القبليوإزاء هذا الوضع تمثلت المعارضة الشيعية في رفض هذه الوضعية خصوصا االندماج في المجتمع القبلي الجديد وخاضت معارك ونزالت متعددة رغبة في التخلص من الوضع الجديد

المدني من استقاللية ذاتية /والعودة به على االقل الى الحالة السابقة وما تمتع به المجتمع االهلي اال ان .استطاع فيها ان يوفق بين السيطرة االستعمارية الفارسية والحكم الداخلي من قبل الفقهاء

هذه المقاومة تعرضت بدورها الى قمع شديد استجر معه انعزال المقاومة الشيعية والتسليم االيديولوجي الشيعي لما قبل /بالهزيمة العسكرية والتوحد مع الرمزية السياسية والنموذج المعرفي

.االحتالل مع انه لم تنقطع محاوالت المقاومة واعالن الرفض لسلطة ال خليفةداية القرن العشرين تحولت كثير من القطاعات التي كانت حليفة مع العائلة الحاكمة الى مع ب

المطالبة باالصالح السياسي بحكم ارتباطها بتيارات نهضوية شهدها المجتمع العربي لكنها لم اما التيار الشيعي فقد شهد هو االخير ظاهرة اعتبرت جديدة في حيزه .تخرج من االطار السلفوي

تحولت قيادته من القيادة الدينية الى فئات من الوجهاء والتجار الذين حكمتهم عالقة تدوير اذ علىصياغة برامج )الشيعي/السني(لقد ساعد هذا التحول من كال الجانبين .سياسي مع السلطة

مشتركة تخص االهتمامات الخاصة بتلك الفئات التجارية وافرز هذا الوضع الكثير من النتائج لم .حثها هنا نب

ومع استمرار هذه الوضعية غيب التيار االسالمي نفسه حتى فترة متأخرة جدا من الممكن تحديدها كانت المهمات الملقاة على عاتق التيار االسالمي الصاعد ثقلية ومتعددة وهي .بنهاية عقد الستينات

الالوعي او تحت إطار المهام التي كان أفراد المجتمع السياسي ينشدونها على االقل في بنية :الالمفكر فيه ومن الممكن ايجاز هذه المهام بالنقاط التالية

التي كانت قد تعرضت لكثير من )الشيعية(اعادة االعتبار والفاعلية للهوية االسالمية -1الهزات جراء عمليات التميع وما لعبته التحوالت االقتصادية واالثار االجتماعية الناتجة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

136

Page 137: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ت فضال عن عمليات التهميش السياسي الممارس من قبل السلطة وما عن تلك التحوالافرزه هذا االنشغال الداخلي عند التيار االسالمي الذي من الممكن رده الى عدة أمور

.أهمها انتشار تيارات سياسية تحمل في خطابها لهجة عنيفة للدين والمجتمع الديني .السياسي للبالدانجاز الدولة الوطنية وتحقيق االستقالل -2العودة الى الرمزية السياسية الماثلة في الذاكرة الشعبية حيث النهضة العلمية والدور -3

.الحضاريصناعة االنسان الرسالي وتحقيق ذلك من خالل بناء المجتمع اسالميا والقضاء على -4

.االنظمة السلطوية المستحكمة في المجتمع السياسياسة هي دراسة التيارات االسالمية المنبثقة داخل المجتمع السياسي من ان ما سعت اليه هذه الدر

خالل مقاربتها مع ما تقدم والتحقق من انجازاتها الفعلية وذلك عبر استعراضنا لنشأة تلك التيارات التعايش التي /ودراسة الخطاب السياسي الذي تورج له بهدف الكشف عن طبيعة وبنية الصراع

.تيارات مع السلطة السياسية وتتبع أثار ذلك على المجتمع السياسيحكمت عالقة هذه اللقد افرزت كثير من المالحظات المتجمعة ان التيار االسالمي الشيعي ورث قيادة الجماهير ولم

وانحياز الجماهير نحوها 1979يستطيع بناءها فمع انتصار الثورة االسالمية في ايران عام عبة على عاتق التيار االسالمي ليس في قيادته وانما في تحويله طفحت على السطح المهمة الص

وهي مهمة ذات طبيعة حركية استراتيجية يشكك الفشل .مع انجذابه نحو الخارج ناحية الداخل فيها الفشل في انجاز المهمة الرئيسية للتيار االسالمي وهو االمر الذي يجعل من هذه المهمة

.يار االسالمي الشيعي بأطافيه المتعددةحيث تبرز لنامحورا رئيسيا لنقد ودراسة التولما كانت رحلة االستكشاف هي رحلة طويلة ومثقلة بالهموم والتحديات المنهجية والصعوبات الميدانية حاولنا ان نقسم هذه الدراسة الى أقسام ثالثة تبعا للتيارات االسالمية نفسها وكانت البداية

قارب الشعور الداخلي كثيرا اال انه لم يوفق إلتمام المهام الموكلة مع تيار إسالمي عرف عنه انهلذا فاننا في هذه الصفحات نوجز ما . اليه هذا التيار هو الجبهة االسالمية لتحرير البحرين

:توصلنا اليه في دراسة الجبهة االسالمية لتحرير البحرين وفق التسلسل األتي

أوال في نشأة الجبهة الاسالمية :في بحثنا لقضية الجبهة االسالمية نرى ان تلك النشأة كانت مرتهنة بعدة قضايا رئيسية منها

اذ سببت هذه الهزيمة دفعة قوية إلشهار الجبهة االسالمية عن نفسها :1967 نكسة حزيران -1 1971 ثم جمعية االرشاد االسالمي1969تحت مسميات عدة فهي بداية جمعية الشباب االسالمي

وأخير 1975 بعده الى الصندوق الحسيني االجتماعي 1972ولت الى الصندوق الحسيني وتح : وهنا تبرز لنا عدة مالحظات 1979الجبهة االسالمية لتحرير البحرين

إن الفكر المرتبط بالنكسة كما يعبر السيد تقي المدرسي تجسد في نشؤ مجموعة من الحركات -أالتي انبثقت عنها الجبهة االسالميةلتحرير (مل االسالمي كرد فعل للهزيمة وكانت منظمة الع

واحدة من الحركات التي أنشئت بالعراق بهدف تجديد الروح الى العالم العربي ضمن ) البحرين أطر إسالمية وقيم إسالمية ومحاولة التغلب على العوامل المضادة التي كانت في العالم العربي

قع الشيعي قد شهد بعض تلك االرهاصات سواء في تكونيات وفي نفس الوقت كان الوا25?"يومئذ في ايران وتمثل هذه المرحلة البداية 1963حزب الدعوة في العراق او في انتفاضة خرداد

البدائية لنشاة الفكر السياسي الحركي عند الشيعة بمعنى ان الفكر المصاحب لتلك التحركات لم يكن تجربة بروح عالية قادرة على مواجهة التحديات والعقبات بل يمتلك المقومات الكفيلة له بخوض ال

وعلى المستوى المحلي لم .انه كان في طور النضوج الذي سوف يستغرق وقتا طويال من الزمن

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

137

Page 138: ضخامة التراث ووعي المفارقة

للحالة )التنظيمي(تكن القطاعات الفاعلة في الساحة البحرانية تدرك مدى اهمية العمل الحركي لك الهموم على حدود النخبة وداخل أطر محددة وتحت االسالمية بالشكل الكافي فاقتصرت ت

مقوالت بدائية إذ لم يفرز هذا التحدي او ردة الفعل سوى االفكار الطيارة الواسعة المنطلقة من المتخيل أكثر من انطالقها من الواقع فجاءت تلك الرؤى مشبعة بالمدينة الفاضلة والمجتمع

. في الفترات الماضية االسالمي الموعود والحلم الذي لم يتحقق لقد انعكس ذلك على قرءاة الجبهة االسالمية لتحرير البحرين بصورة اكبر من غيرها من -ب

الحركات ومن هنا نستيطع ان ندرك ان الكم الهائل من المسميات رغم انه يستبطن وعيا ورغبة ن من الممكن متصاعدة اال انه عكس التخبط والتركيز على االنجاز باسرع وقت ممكن اذ كا

االمر الذي ادى الى ان .االكتفاء بمسمى واحد او تحديد واحد من تلك االسماء منذ البداية .االعضاء واالشخاص من المنظمين لم يكونوا على دراية بالهدف الغائي من تلك المسميات

ط إن اإلطار الذي عملت به الجبهة االسالمية هو إطار مزدوج يقوم على ضرورة االرتبا-جبالمرجعية واالستقاللية في تقرير المصير أصبح فيما بعد مشكال حقيقيا كان هذا االزدواج ينطلق من تدشين الجبهة االسالمية نفسها على أساس االرتباط بمرجعية السيد محمد الشيرازي وهي

زم بالموافقة بالتأييد الفقهي الال-وال تزال بعض الشيء–مرجعية لم تحظى في بدايات انطالقها ألي مرجعية من ان تطرح نفسها وان تباشر عملها التغيري او االصالحي او ان تستقوي بها أطراف تعمل لصالحها حيث ان الحوزة العلمية تضع شروطا صارمة ال يتمكن من تجاوزها اال

مما جعلها . القالئل حيث يحوزون على رتبة المرجعية التي تسمح لهم بممارسة الدور المخطط له . حالة العزلة وان تواجه نظرات المجتمع لها بالشذوذتعيش

ففي الوقت الذي تؤكد فيه الجبهة على ضرورة االرتباط بالمرجعية وتلغي أي تحرك بل وتنزع عنه الشرعية ما لم ينطلق من أساس مرجعي فقهي لما يمثله هذا االرتباط في الفكر الشيعي

ها باي شكل من االشكال وبقدر ما يمثل هذا السياسي من ضرورة ال يمكن تجاوزها او تخطيالعملي /االرتباط من ضرورة اال ان خطورة تحايثه في نفس الوقت تمكن في االرتهان المعرفي

فمهما أوتيت المرجعية من )في النجف او قم(للمرجعية الدجينية التي عادة ما تكون خارج البالد خيصية او ما يسمى في الفقه باالحكام الموضوعية النباهة والحضور فهناك الكثير من القضايا التش

التي ال يرجع فيها الى المرجع وانما يعتمد فيها المكلف على نفسه ونظرته وتشخيصه للظرف المعاش اال ان الجبهة االسالمية فاتها هذا الفصل فقدمت نفسها كطرف قادر على اتمام عملية

شر هذه العملية اذ وبحكم االرتباط السياسي التشخيص لكنها في واقع االمر لم تستطع ان تبابحركة الرساليين الطالئع المنطلقة من عباءة السيد الشيرازي فانها ووفق نظرة مؤداها ان الفكر االسالمي واحد وال مجال لالختالف فيه وانطالق الجبهة االسالمية تبعا للحركة من منظور

تها للواقع ظلت محكومة بالقرءات والتشخيصات التحرير الكامل لمنطقة الخليج العربي فان قراء التي تقدمها حركة الطالئع الرساليين

وبحكم ما تقدم لم تستطع الجبهة ان تباشر عملها بصورة واضحة وفاعلة اذ واجهت الكثير من وما يدل على ذلك انه حتى انتصار ) حزب الدعوة(العقبات خصوصا من أطراف إسالمية أخرى

لم تكون الجبهة االسالمية فصيلها العسكري الخاص بها اال من 1979ة في ايران الثورة االسالمي أي بمعدل اربعة كل سنة لكنها 1979 حتى 1973 شخصا منذ25افراد قالئل لم يتجاوزا

في غضون سنة ونصف السنة من بعد انتصار الثورة 300استطاعت رفع هذا العدد الى قرابة رغم من التسرع في تطوير االداء االجتماعي الذي استدعى تغير االسالمية االيرانية فعلى ال

والتوسع االخير المشار .المسميات لم تستطع في الجانب التنظيمي تخطى وتجاوز هذه المصيدة اذ اصبحت تضم )الربط المرجعي(اليه يكمن في تجاوز الجبهة االسالمية لالزدواج المشار اليه

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

138

Page 139: ضخامة التراث ووعي المفارقة

االمام الخميني والسيد الخوئي إضافة الى مقلدي السيد مقلدي–خليطا من التعدد المرجعي وكانت هناك فسحة لالستقاللية باتخاذ القرار بعض الشيء وهو ما ساعد على –الشيرازي نفسه

وما تجد االشارة اليه هنا ان التوسع هذا ال يرتبط .توسيع التنظيم وتوسيع القاعدة الجماهيرية مجال العاطفي الذي صاحب عملية االنتصار اإلسالمي الكبير بالفكر التنظيمي قدر ما يرتبط بال

حيث اندفعت كثير من القطاعات إلى الحركة اإلسالمية ففي الوقت الذي لم يحسم 1979عام حزب الدعوة قراره الحاسم في االرتباط بالثورة فقد سبقت الجبهة الى إعالن ذلك االرتباط

األمر الذي سهل على األفراد المنظمين في استقطاب والتوحد مع مرجعية السيد اإلمام الخميني .الكثيرين من الجماهير

لقد اعتمدت الجبهة اإلسالمية في عملها التنظيمي على القطاع الشيعي الخالص وعلى فئات وكان من نتائج ذلك أن تأثرت البنية . معينة مستغلة المؤسسات الدينية والمناسبات الشعائرية

را بصور القرابة والمحسوبية اكثر من الكفاءة لما هو معروف من قيام هذه التنظيمية تأثرا كبيوهو بعد رغم ما .المؤسسات والشعائر على الصيغ التظامنية ذات الصلة بالقرابة والمحلة

يشكله من إيجابية في كثير من أبعاده إال أن العمل التنظيمي للجبهة لم يسع للتخلص من آثاره جبهة اإلسالمية تعاملت مع هذه الموضوعة معاملة المعطى في الوقت بمعنى إن ال.السلبية

.الذي تقر فيه بأولوية صناعة الفرد الرسالي والمجتمع المؤمن

:ثانيا رؤية الخطاب الحركيلقد اصطبغ الفكر الحركي الذي قدمته الجبهة اإلسالمية بعدة مميزات خاصة فيما يتعلق برؤية

ارقا بين حركات التغير اإلسالمية عموما ففي حين تنطلق حركات من منهجية التغير الذي يشكل فاألسفل أو القاعدة لتشكل قوى من الضغط على النظام الحاكم في أن يستجيب للمطاليب السياسية أو أن يصعد من خطابه اعتمادا على القاعدة المصنوعة فان حركات أخرى ترى أن العمل من

أن يحقق التغير الحقيقي هو اإلمساك بزمام السلطة السياسية فهي القاعدة مضيعة للوقت وما يمكن لقد انحازت الجبهة للرؤية الثانية .القادرة على التغير الجذري للمجتمع وبها يتم تغير المجتمع

مفارقة في ذلك حزب الدعوة اإلسالمية لذا عملت الجبهة على مسلك اإلعداد العسكري بغية مما أوجد في رؤية الخطاب .في المجتمع ولم تهتم باألمور األخرى اإلمساك بالسلطة السياسية

:الحركي الكثير من العثرات أهمهاافتقاد الخطاب المقدم إلى الجماهير او الطليعة إلى مرتكزات تنطلق منها في العمل الحركي -1

األسس مثل فقه المفاسد والمصالح والمشاركة في الحكومات الطاغوتية والموقف من األقليات ووقد أملئ هذا الغياب المعرفي بضالله .الشرعية القامة التحالفات فضال عن المكتسبات السياسية

على التحركات في الوسط االجتماعي فجاءت الكثير من المواقف متشنجة وفاقدة إلى النضج م أن السياسي حيث أن أفرادها ينطلقون من شعارات غير مفصلة وتغيب الرؤية التقيمية للواقع رغ

.الممارسة قد شهد بعض من ذلك النضج إال أن السمة الغالبة كانت على ما أشرنا إليهإن كثيرا من المفردات المشاعة في الخطاب اتسمت بالخطابية والعمومية وال تحاول اعطاء -2

هذا النقص الشديد من .تصور تفصيلي حتى للمبادئ األساسية التي تقوم عليها الحركة اإلسالمية ولم تتناول هذه الكتيبات .ممكن مالحظته عبر متابعة إصدارات الجبهة التي ال تتعدى العشرة ال

مواضيعا سياسية أو فكرية قدر ما اعتمدت على التهيج العاطفي وحشد الهمم لقلب النظام في البحرين فغابت كثير من القضايا المهمة والكفيلة بتكوين فيصال حقيقيا وكأن األمر تم على أساس

أن مهمة التفكير والمعرفة ليست من أولويات الجماهير التي عليها أن تتخلص من الطاغوت أوال ويأتي هذا الغياب .ومن ثم تفكر وتبحث عن الفكر وتحدد مواقفها بعد االنتهاء من المهمة األساسية

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

139

Page 140: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ا هو وكم–كنتيجة للنقطة السابقة بمعنى ان عموميات الخطاب المطروحة لم تكن تسمح منطقيا ان تطرح هذه المسائل النها تحتاج الى معالجات فقهية وسياسية اكثر من موضوع –واقع فعال

ولربما كانت الجبهة باعتبارها فصيال من حركة أوسع تسعى لألممية لها قيادة فقهية .الشعار لسيد السياسية كما في مؤلفات السيد محمد الشيرازي او ا/متماسكة في كثير من مواقفها الشرعية

هذه االحالة ليست احالة طبيعية تمليها التركبية السياسية والمعرفية قدر ما .محمد تقي المدرسي تعكس افالس الجبهة االسالمية بطاقمها من القدرة والكفاءة المؤهلة لتناوزل هذه القضايا او لنق ان

م ان مهمة التفكير قد هناك استالبا مورس في حق افرادها اذ بطريقة او باخرى تمتم عملية اقناعهوضعت عنهم وليس من الصواب ان يضعوا انفسهم امام تلك النتاجات الفكرية والرؤى السياسية

.المقدمة من القيادة الفقهية والمرجعية على األقل منذ –واألمر األكثر وضوحا هنا هو تحول الجبهة اإلسالمية من تيار شعبي عام

وابط االنتماء المرجعي وتخضع نفسها للقراءات إلى جماعة خاصة تدين بر-1979-1984 .الكبرى في المسالة السياسية

إن افتقاد الجبهة اإلسالمية لشعبيتها جراء تصادمها مع الجمهورية اإلسالمية في إيران واعتراضهم على طبيعة والية الفقيه التي مارسها اإلمام الخميني وهو مبرر في نفسه إال أن ثمة

أعمق من هذا المنظور االجتماعي نراه في البناء التأسيسي األول للجبهة أمور يبدو أنها اإلسالمية إذ انه بني على أساس الترويج لمرجعية السيد الشيرازي اكثر مما بني على أساس

وبالتالي فان دخول الجبهة اإلسالمية على خط المقاومة .سياسي يرتبط بقضية المجتمع السياسي واألمر اآلخر تمثل في عدم . للمشاعر والعواطف المحتاجة إلى تعبئةللنظام كان استثمارا

االستقاللية في التوجيه المعرفي والسياسي واالستقالل في اتخاذ القرار إذ فوت ارتباطها بحركة أوسع فرصها في االستقاللية ولم تستطيع أن تفك هذا الترابط وبالتالي فإنها حصرت نفسها في

قضية خسران هذا الرهان من بداياتها تبدو محسومة ? تفهم متطلبات الواقع أفالك خارجية قد ال ت.

:اإلستراتيجية الحركية:ثالثالقد حسمت الجبهة أمرها في التعويل على التغير من أعلى كمقدمة للتغير في المجتمع ورسمت

ضايا األخرى في األداء العسكري ولم تهتم بالق–المنحصرة فعال –رؤيتها االستراتيجية القائمة خصوصا الثقافية والسياسية استنادا على عدة رهانات رأتها الجبهة اإلسالمية جديرة بتحقيق

:هذه الرهانات هي.رؤيتها االنقالبية . الطاقة الثورية المودعة عند الشعب والرغبة في التخلص من السلطة الحاكمة-أ

إتمام عملية ? إلعداد العسكري توافر الجبهة على الدعم اللوجستي والمادي لعمليات ا-ب .التحرير

. تنامي التيار اإلسالمي وتوسع قاعدته الجماهيرية-ج . انحسار القوى السياسية األخرى خصوصا اليسارية واإلسالمية اإلصالحية -د

إنه رغم صحة هذه الرهانات وواقعيتها إال أن الجبهة اإلسالمية لم تستطيع جني ثمار تلك فؤة حيث لعبت عوامل داخلية وموضوعية في الحد من المهمة التي أخذتها الرهانات بصورة ك

:والمهم هنا يتمثل في األسباب التالية.الجبهة اإلسالمية على عاتقها فحتى عام . غياب التنظيم والهيكلة التي تسمح بتحديد الحقوق والواجبات وتقيم الكفاءات -1

حدة تمثلها قيادة السيد هادي المدرسي مع بعض لم يكن للجبهة اإلسالمية سوى قيادة وا1992القيادات الفرعية التي انحصر دورها في عملية اإلشراف ومتابعة الخاليا العنقودية وهو ما نتج عنه غياب التربية الثقافية واإلدارية في ظل االهتمام المتصاعد بالعمل العسكري منذ اإلعالن عن

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

140

Page 141: ضخامة التراث ووعي المفارقة

لم تعطى 1992وحتى الهيكلية المؤسسة بعد .1989 إلى 1979الجبهة اإلسالمية في طهران تصورا واضحا ولم تعطى ثمارها حتى اآلن حيث تخريج صفوف تالية ووجوه جديدة مما جعلها

.أقرب إلى الشكلية وذلك ما أثر تأثيرا ?لقد تعاملت الجبهة اإلسالمية مع تلك الرهانات على أنها حقائق ثابتة وحتمية

فعلى الصعيد الداخلي صبغت ظاهرة تنامي . الداخلية والخارجية معا سلبيا على سياق حركتهاالقاعدة الجماهيرية بصبغة االنتماء المرجعي وكأن األمر كان استرجاعا لمرحلة النشأة فما كان

واألمر نفسه في الطاقة .يتطلبه هذا التوسع هو تجاوز اإلطار االنتمائي المشخص بمرجع معين اح النفوس حيث كانت تحتاج إلى صقل وتعبئة معرفية فقهية وهو ما لم يتم الثورية التي كانت تجت

وعلى الصعيد الخارجي لم يكن األمر باألفضل .التعاطي معه بصورة جيدة يمكن التأسيس عليهامن الصعيد الداخلي فعالقاتها مع إيران كانت مشروطة بالتوحد مع أحد تيارات الثورة وهو خط

وبناء على هذا .لمرتبط بوجه مع السيد محمد الشيرازي ومهدي الهاشمي الشيخ حسين المنتظري االتوحد واألخذ بالرهان الرابع اتسم عالقاتها مع القوى األخرى بطابع الجفاء واالعتناء بالذات على

لقد فوت هذا التوحد أو التماهي مع أحد .حساب اآلخرين وبشكل أكثر من الوضع المطلوب ن تتعامل الجبهة في عالقاتها بمبدأ البيض في سلة واحدة ونتيجة هذا المبدأ الخطوط الفاعلة على أ

.من الواضح أنها نتائج كارثية في تفسير ظاهرة االنشقاق والخروج الطوعي من الجبهة اإلسالمية يمكن االتكاء على ظاهرتين

ريم تجاوزها وهي األولى ما نسميه بظاهرة التعلق بالنشأة حيث الثبات على الصيغة األولى وتح:والثانية تختص فيها الجبهة اإلسالمية حيث االتجاه الواحد في طرح .ظاهرة عامة كما نرى

.القضايا واختزال الكم الهائل في قضية واحدة لقد أدت هذه الظاهرة وتضخم الظاهرة األولى إلى غياب التعددية في الداخل التنظيمي وانعكست

مر الذي من عادته أن يسبب إحراجا لكثير من األعضاء الذين في التعامل مع الخارج أيضا األيواجهون قضايا مستجدة لم تحظى بموافقة قيادة الجبهة اإلسالمية المركزية في التركيز عليها وجعلها من األولويات والمهم هنا أن مثل هذه القضايا تتطلب استراتيجيات تنظيمية تختلف عما

.ميةهو معمول به في الجبهة اإلسالإن هذه المالحظات كثيرا ما كانت محل نقاشات موسعة داخل الجبهة ولم تنقطع ? وأخيرا

المؤتمرات السرية عن طرحها باإلضافة إلى قضايا أخرى تأتي أساسا من المؤتمرات التي تعقدها لكنها لم تتوصل إلى صيغة تخرج الجبهة .حركة الرسالين الطالئع أو منظمة العمل اإلسالمي

أزمتها الحالية حيث غياب االرتباط بالمجتمع العام وتخطى المطبات التي تسببت في ? سالمية اإل .التقليل من فاعلية الجبهة اإلسالمية

المراجع ) ب،ن(?انتفاضة البحرين وأفاق المستقبل :إبراهيم الحاج

بغداد ?1ط?مطبعة األندلس ?1971-1914الحركة الوطنية في البحرين :إبراهيم العبيدي?1979.

القصة القصيرة في البحرين :إبراهيم غلوم دمشق،?1العرب وااليديولوجيا،دار االهالي،ط :أحمد براقاوي

:أيف شميل . 1983بيروت،?1ط?مجتمع النخبة،معهد االنماء العربي :برهان غليون

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

141

Page 142: ضخامة التراث ووعي المفارقة

مركز ?"عل والصراععالقات التفا"الدولة والقوى االجتماعية في الوطن العربي :ثناء فؤاد إبراهيم .2001?بيروت ?1دراسات الوحدة العربية،ط

بيروت،?1ط?مركز دراسات الوحدة العربية ?آليات الديمقراطية في الوطن العربي .1998الكويت،?1ط?دار قرطاس ?الفكر الحركي عند حزب الدعوة :حامد عبد اهللا تاريخ اوالحسن السعيد

1988بيروت،?1ط?االصول والمبادئ،الدار العالمية "الفكر السياسي الشيعي :حسن عباس حسندار الصفا للنشر ?"لننصح مسيرة الحوار"الحركة االسالمية واليسار في البحرين :حسين أحمد

.1989لندن،?1ط?والتوزيع الحقيقة برس ?1981-1920قضايا النضال الوطني والديمراقرطي في البحرين :حسين موسى

.1987قبرص،?1ط? .1996?1الشيعة في اللملكة العربية السعودية،مؤسسة احياء البقيع،ط :سنحمزة الح

التيارات االسالمية وقضية الدميقراطية،مركز دراسات الوحدة العربية :حيدر إبراهيم حيدر .بيروت?1ط?

قراءة نقدية لمسيرة نصف "العمل االسالمي في العراق بين المرجعية والحزبية:عادل رؤوف .1999دمشق، ?1ط?الدراسات ? راقي لالعالم المركز الع?"قرن

1989القاهرة،?1 الحركة االسالمية رؤية مستقبلية،مكتبة مدبولي،طعبد اهللا النفيسيبيروت، ?1بناء الدولة في البحرين المهمة غير المنجزة،الكنوز االدبية،ط:عبد الهادي خلف

2001. بيروت،?1الوحدة العربية،طالعلمانية من منظور مختلف،مركز دراسات :عزيز العظمة

انوار البدرينفي علماء اوال والبحرين،علي البالدي غولد مان

.1995بيروت،?1العقالنية والخرافة في الفكر العربي،دار الساقي،ط :فالح عبد الجبار .1998بيروت،?1الكنوز األدبية،ط?"الفكر السياسي الشيعي" الفقيه والدولة :فؤاد إبراهيم

القبيلة والدولة في البحرين تطور نظام السلطة وممارستها،معهد اإلنماء :فؤاد الخوري .1984بيروت،?1العربي،ط

.1988لندن،?1البحرين قضايا السلطة والمجتمع،دار الصفاء،ط :فيصل مرهون بيروت،?1المغرب وأزمة الخليج،الكنوز األدبية،ط :كمال عبد اللطيف

الثقافة السياسية كمال المنوفي .1982? 1ط?1925-1876ناصر الخيري األديب والكاتب :الخاطرمبارك

.1978 ?1ط ?1925-1875الكتابات االولي الحديثة لمثقفين البحرين .1993 ?2ط?1936-1928المتندى اإلسالمي حياته وأثاره

.1986 ?2?1941-1847القاضي قاسم بن المهزع رجل من ارض الحياة ي وصراع األضداد،المؤسسة العربية للنشر الفكر العرب :محمد جابر االنصاري

.1996بيروت،?1والدراسات،ط محمد جمال باروت

?التحفة النبهانية محمد الخليفة النظام اإلقليمي الخليج العربي، مركز دراسات الوحدة :محمد السعيد إدريس

.2000بيروت،?1العربية،ط

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

142

Page 143: ضخامة التراث ووعي المفارقة

ز دراسات الوحدة التيارات الفكرية في الخليج العربي،مرك:مفيد الزيدي .2000بيروت،?1العربية،ط

مجلس التعاون لدول الخليج العربية من التعاون إلى التكامل،مركز دراسات :نايف علي عيد 1996بيروت،?1الوحدة العربية،ط

المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في البحرين،مركز بن خلدون للدراسات :منيرة فخرو 1995القاهرة،?1اإلنمائية،ط

.1987بيروت،?1البنية البطريكية في المجتمع العربي المعاصر،دار الطليعة،ط :هشام شرابي 19المنامة،?1الصحافة في الكويت والبحرين،بانورما الخليج،ط :هالل الشايجي

2000دمشق،?1الخطاب العربي المعاصر،فصلت للدراسات والترجمة والنشر،ط:وحيد تاجا لؤلؤة البحرين :يوسف البحراني :ثانيا الدوريات

دراسة حول إشكالية التوصيف االجتماعي "السياسية التعليمية في البلدان الريعية : بدران شيلسبتمبر ?175ع?16وعالقته بسياسة التعليم في البلدان الخليجية المنتجة للنفط،المستقبل العربي،س

.104-84ص?1993طقة الخليج في التسعينات عوامل السالم واالستقرار في من :حسن جوهر+بهجت جودت

سمبمتر ? 211ع?19?المستقبل العربي، ?"ضغوطات الخارج? إرهاصات الداخل " .49-35ص?1996

دور األيديولوجيا والتنظيم في تحطيم البنى االجتماعية "توحيد الجزيرة العربية :تركي الحمد . 40-28ص?1986نوفمبر?93ع?9واالقتصادية المعيقة للوحدة،المستقبل العربي،س

حدود السلطة الخاصة بالنخب الحاكمة التمتع بسلطة ذاتية في منظور :حامد األنصاري .58-44ص?1988يوليو?113ع?11مقارن،المستقبل العربي،س

حسن مالك حليم بركات

الخليج العربي المخاض الطويل من القبيلة الى الدولة،المستقبل :رضا محمد جواد .47-26ص?1991ديسمبر?154ع?14العربي،س

:رياض الصيدواي 1987أكتوبر،?71ع?كيف رأى أمين الريحاني البحرين في العشرينيات،الفجر :سعد سالم

.1988يناير ?72ع?العالقة بين التطور االجتماعي والحركة الثقافية في البحرين،الفجر

قضايا التنمية في بلدان الخليج العربي منظور نقدي،المستقبل:عبد اهللا حسن العبادي .117-103ص?1990أكتوبر ?140ع?13العربي،س

.1989يناير ?74الديمقراطية في مواجهة الحكم التسلطي، الفجر،ع :عبد اهللا راشدالفكر الحركي للتيارات اإلسالمية محاولة تقويمية،المستقبل : عبد فهد النفيسي

.126-107ص?1994أغسطس،? 186ع?17العربي،سالمستقبل ?ي أقطار الخليج العربي التنمية والمشاركة ف :عمر إبراهيم

.29-4ص?1982يونيه?40ع?5العربي،سأمن الخليج وارتباطه باألمن العربي في ضوء النزاع العربي اإلسرائيلي :عمر المجذوب

. 39-23ص?1981اغسطس?30ع?4المستقبل العربي،س?

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

143

Page 144: ضخامة التراث ووعي المفارقة

رة العربية،السياسة اضطرابات الشيعة في البحرين أبعاد أزمة الدولة الوطنية في الجزي :عالء سالم 1996الدولية،

:فالح المديرس .1989يناير ?74ظاهرة القمع في القصة القصيرة في البحرين،الفجر،ع :محمد علي

1988أغسطس،?73ع?الفجر ?دور المثقفين في نضال الحركة الوطنية البحرانية 1987 أكتوبر?15ع?4موقفنا تجاه الحركات الدينية في البحرين،النهج،س :يوسف حسن

.1987مايو ?70ع?أفاق التيار الشيعي الجديد في البحرين،الفجر ? جذور

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

144