· Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛...

56
رب لع ا ن ي ن ار ق م ل ا اب اب ت ك ي ف ارن ق م ل ا دب الأ ة ري# ظ ن1 www.alukah.net

Transcript of  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛...

Page 1:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

1  www.alukah.net

Page 2:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

نظرية األدب المقارن في كتابات المقارنين العرب

في اإلطار العام: ألف الفكر اإلنساني، في العشريات المتأخرة، بم��ا في ذل��ك محاوالت البحث العربي، إجراء تقييم ومساءلة لم��ا أنج��ز من جهد معرفي في مختل��ف حق��ول المعرف��ة اإلنس��انية. وننتظ��ر من هكذا قراءة، أن تضعنا أمام جمل��ة من الحق��ائق المتعلق��ة بنوع وكفاءة األفكار والرؤى التي جرى إنتاجها في هذا الحقل المع����رفي أو ذاك. وع����ادة م����ا يتج����ه ه����ذا الن����وع من الدراسات) ق��راءة المنج��ز المع��رفي(إلى نظري��ة أو نظري��ات

هذه العلوم والمعارف؛ لسببين مركزيين: األول: أن النظري��ة، بوص��فها نس��قا من األفك��ار التأسيس��ية، التي تؤصل للعلم وتقيم أطروحاته، فإنها، بالتالي، التي تعرف به، وتط��رح مص��طلحاته، وتق��دم طبيعت��ه، وتظه��ر وظيفت��ه، و هذه هي المب��ادئ األساس��ية ال�تي تش�كل اإلط�ار الع��ام لك�ل نظرية. وعندما تنهض الق��راءات الالحق��ة بدراس��ة ه��ذا العلم، فإنها تنطلق أساسا من ه��ذه األفك��ار التأسيس��ية ال��تي ج��رى

طرحها في نظريته. أم��ا الس��بب اآلخ��ر، فينص��رف إلى ق��درة أي علم أو حق��ل معرفي على إغناء نظرياته وتعميقها؛ بفضل التداول المعرفي المتالح��ق بين علمائ��ه؛ فنص��ير، عندئ��ذ، أم��ام م��ا تحق��ق من إضافات زادت في النظرية وأخص��بتها. فعن��دما تتج��ه الق��راءة الالحق��ة إلى م��ا تم إنج��ازه في حق��ل م��ا، ع��بر نظري��ة ه��ذا الحق��ل، فإنه��ا، ب��ذلك، تنتق��ل بين المنطلق��ات ال��تي أسس��ت للعلم، وش��كلت هويت��ه المعرفي��ة: خصوص��ية واس��تقالال، وبين توالي الممارسات المعرفية التي تدفع باتجاه استمرارية ه��ذا العلم وقدرته الدائمة على تبرير وجوده نسقا معرفيا مس��تقال

وفعاال. ترص��د دراس��تنا في ه��ذا اإلط��ار من اإلج��راءات المعرفي��ة، القائم��ة على ق��راءة ورص��د م��ا أنج��ز من نظري��ات ومع��ارف

أنتجها العقل في حقل من الحقول المعرفية.

2  www.alukah.net

Page 3:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

أما الحق��ل المع��رفي ال��ذي نس��تهدفه ب��القراءة، فه��و )األدب المق��ارن(، وأم��ا العق��ل ال��ذي أنتج ونش��ط في��ه، فه��و العق��ل العربي لمجموعة من المتخصصين في ه��ذا الل��ون من أل��وان المعارف األدبية. وقد جرى اعتم��اد مجموع��ة تتك��ون من رواد هذا اللون المعرفي، ممن أسس��وا ل��ه عربي��ا، واش��تغلوا على تثبيته والكتابة فيه، فهم، بالتالي، يتنوع��ون، من جه��ة الت��اريخ؛ إذ منهم ال��دكتور محم��د غ��نيمي هالل الم��وطن له��ذا الل��ون المعرفي عربيا، و الدكتور سعيد علوش و ال�دكتور ع�ز ال�دين المناص���رة ممن واكب تط���ور أطروح���ات األدب المق���ارن، وصاحب التجدي��د المنهجي في��ه؛ ف��انعكس ذل��ك اختالف��ا بينهم من جهة، وبينهم و الدكتور محمد غنيمي هالل من جهة أخرى؛ و تفسير اختيار هذه التشكيلة من األسماء، يع��ود أساس��ا إلى س��بب ت��اريخي، ينتق��ل ب��القراءة من المنطل��ق إلى الت��والي و االستمرارية، أي من المؤسس عربي��ا ال��دكتور محم��د غ��نيمي هالل ال��ذي ك��ان وفي��ا للمرحل��ة التأسيس��ية لألدب المق��ارن؛ فنقل المطروح من أفكار البدايات في هذا الحقل من حق��ول المعرف���ة األدبي���ة، إلى ال���دكتور س���عيد عل���وش و ال���دكتور المناص��رة الل��ذين تعرف��ا على اإلس��هامات الالحق��ة في األدب المقارن على المس��توى الع��المي، وعاش��ا النق��اش ال��ذي دار حول نظريت��ه ومناهج��ه في الف��ترات التالي��ة ال��تي تلت ف��ترة التأسيس؛ فهما، بذلك، يعكسان المرحلة المت��أخرة من ت��اريخ األدب المقارن؛ األمر الذي يضعنا أم��ام ك��ل تفاص��يل النق��اش

النظري المفهومي أو اإلجرائي الذي عرفه هذا الحقل. يبقى الختيارنا لهذه األسماء سبب مك��اني )جغ��رافي( يرتب��ط بالفض��اءات المعرفي��ة واألكاديمي��ة ال��تي نش��ط فيه��ا ه��ؤالء الب��احثون؛ من المغ��رب الع��ربي إلى مش��رقه، وه��ذا قمين بوضعنا أمام صورة ناقل�ة، و بكف�اءة، لمش�هد األدب المق�ارن

عربيا. تأسيسا على ما تقدم، نروم في هذه الدراسة ق��راءة نظري��ة األدب المقارن كما وقع إنجازه��ا في كتاب��ة المق��ارنين الع��رب

اللذين سبق ذكرهم.

التأسيس لألدب المقارن عربيا:3  www.alukah.net

Page 4:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

ي��ذهب بن��ا ت��اريخ تأس��يس علم األدب المق��ارن، عربي��ا، إلى الحديث عن مرحل��تين متع��اقبتين، ومختلف��تين تمام��ا: مرحل��ة أولى اس��توعبت كتاب��ات غ��ير منهجي��ة، ولم تع��رف باحتكامه��ا لتصور علمي متماسك، وال بانخراطها في تيار فكري مستقر، يعنى بالمقارنة بين اآلداب في لغاتها المختلفة. فق��د انص��رف كت��اب ه��ذه المرحل��ة، ال��تي ربم��ا من الموض��وعية وص��فها بالمرحل��ة األولي��ة التلقائي��ة، إلى إقام��ة مق��ابالت بين كيفي��ة اإلنش�اء األدبي في اللغ�ة العربي��ة ولغ�ة أخ�رى. ونس�تطيع أن نؤرخ لبداية هذه المرحلة ببدايات الق�رن العش�رين، من خالل كتاب��ات روحي الخال��دي، وس��ليمان البس��تاني، ونجيب ح��داد، وقس��طاكي الحمص��ي. فق��د أتيحت له��ؤالء الكت��اب إمكاني��ة التع��رف على لغ��ة أو لغ��ات أجنبي��ة؛ مكنتهم من ق��راءة آداب ه���ذه اللغ���ة، و التع���رف على ص���فاتها البنيوي���ة، واتجاه���ات موض��وعاتها؛ وق��د أفض��ت ه��ذه الحال��ة إلى اس��تدعاء األدب الع��ربي؛ لعق��د مقابل��ة بين��ه وبين تل��ك اآلداب، في إط��ار من

.1السعي لرصد التمايز بينها وفق نزعة في الغالب معيارية وال تختلف هذه المرحلة، في طبيعتها التلقائية، عن مرحلتين

أخ��ريين: مرحل��ة عرفه��ا ت��اريخ المعرف��ة العربي��ة في العه��د األم��وي، وم��ا تاله، عن��دما اتج��ه إلى فحص الملكي��ة األدبي��ة والمعرفي��ة العربي��ة اإلس��المية من خالل نم��وذج منج��ز اآلخ��ر اإلغريقي أو الفارسي والهندي، وقد سجل ذلك في إط��ار ردة الفعل الطبيعية إزاء اآلخر: هوية، وعقال، بعد كل مناسبة تت��اح

فيها فرصة التواصل واللقاء. أما المرحلة األخرى، التي تقترب من طبيعة المرحلة العربية األولى في ت��اريخ األدب المق��ارن عربي��ا، فتتعل��ق بالمرحل��ة التاريخي��ة الغربي��ة ال��تي مه��دت لظه��ور األدب المق��ارن في ثالثينيات القرن التاسع عشر، فقد عرفت هذه المرحلة عدي��د الكتابات التي أخذت على عاتقه��ا مهم��ة التحس��يس بض��رورة عق��د المقارن��ات، والبحث عن م��واطن التق��ارب بين اآلداب المختلف��ة، وبال��ذات بين اآلداب األوروبي��ة، ون��ذكر من األدب��اء والمؤرخين الذين دفعوا إلى رصد ودراسة العالقات المختلف��ة بين اآلداب القومية: غوتة، وم��دام دي س��تايل، وه��نري ه��االم اإلنجليزي، وم��ا زي��ني اإليط��الي، وغ��يرهم ممن دفع�وا باتج�اه

4  www.alukah.net

Page 5:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

التقارب بين اآلداب األوروبية، في إطار، ربما، من اإلحس��اسالعرقي المشترك، والتقارب الحضاري والديني.

لم تكن المرحل��ة األولى في ت��اريخ األدب المق��ارن، عربي��ا، مرحلة تأسيسية؛ إذ لم تكن كتابات تلك المرحلة نشاطا عقليا منظما، ولم تأت منسجمة م��ع أطروح��ات نس��ق درس األدب المقارن كما عرف في فرنسا قبل عقود من الزمن، وه��و م��ا لم يتم التعب��ير عن��ه في مؤل��ف روحي الخال��دي) ت��اريخ علم األدب عند الفرنج و العرب و فيكتور هيجو( ال��ذي ظه��ر س��نة

، أي بع��د عق��ود طويل��ة من ظه��ور األدب المق��ارن في1904 فرنسا، التي مثلث البلد الحاضن لظهور هذا اللون من أل��وان المعرف��ة األدبي��ة، وق��د اتجهن��ا، تحدي��دا، إلى الخال��دي؛ ألن��ه العارف باللغة الفرنسية، الذي أمضى جزءا من حياته في هذا البلد. وربما تؤكد أسماء: الخالدي والبستاني والحمصي فكرة االتص��ال التلق��ائي العف��وي م��ع الغ��رب، وم��ا رتب ذل��ك من دراس��ات ق��ام به��ا ه��ؤالء، تخض��ع له��ذا المطلب: العفوي��ة والتلقائي��ة. فهم، جغرافي��ا، ينتس��بون إلى بالد الش��ام ال��تي ع��رفت تواص��ال ق��ديما م��ع البيئ��ات الغربي��ة، يزكي��ه ق��رب

الجغرافيا، وقرب المعتقد أحيانا. ولكننا، اعتمادا على واقع هذه المرحل��ة، نس��أل: ه��ل مه��دت هذه المرحلة لظهور حقل األدب المق�ارن في البيئ��ة الثقافي��ة

واألدبية العربية؛ بحيث أنها أفضت، بكتاباتها، إلى تحس��يس النخب الثقافي��ة والفكري��ة العربي��ة بض��رورة التقاط تلك البدايات، والتأس��يس عليه��ا بم��ا ي��دفع إلى ظه��ور ه��ذا الحق��ل من حق��ول المعرف��ة األدبي��ة؟ وهي الحال��ة ال��تي صاحبت ظهوره في الغرب، عندما) اتضحت معالم المقاربات التاريخي��ة األدبي��ة، مش��كلة تراكم��ا كمي��ا وكيفي��ا، أفض��ى إلى ال��درس المق��ارن، بفض��ل ت��دعيم مس��تجدات الحي��اة العقلي��ة والمادية لل��درس في الجامع��ات األوروبي��ة عام��ة، والفرنس��ية

.2خاصة( لإلجابة على التساؤل الس�ابق، نتوق��ف عن�د المرحل�ة الثاني�ة في تاريخ نشأة األدب المقارن عربيا. و التي تب��دأ زمني��ا س��نة

عن��دما تم إق��رار م��ادة مس��تقلة تع��نى بالمقارن��ة بين1938��ل ه��ذا الت��اريخ اآلداب في كلي��ة دار العل��وم بمص��ر. وق��د مث

5  www.alukah.net

Page 6:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

انعطافة مهمة في تاريخ هذا الحقل المع��رفي؛ إذا دخ��ل مع��ه في إطار الدرس األكاديمي، الذي سيخض��ع لض��رورات البحث الجامعي المؤسساتي؛ من تحديد، ومنهجي��ة، وب��دايات ت��أليف؛ وبالت��الي تك��ريس ت��راكم يؤش��ر لحض��ور ه��ذا الحق��ل من بين

المعارف المهتمة باألدب. كانت نزعة )اإلحساس بالعالم( كما يصفها الدكتور عز ال��دين

ق��د أس��همت في ال��دفع باتج��اه تك��ريس األدب 3المناص��رة المق��ارن غربي��ا )تحت اتس��اع التوج��ه الكوزموب��و لي��تي في

يض��اف إلى ذل��ك، هيمن��ة التفك��ير الوض��عي العلمي،4أوروبا( الذي يدعو إلى ربط الظواهر بأس��باب نش��أتها وتطوره��ا، بم��ا في ذلك الظواهر األدبية، وقد شكل هذا االتجاه العلمي مناخاة في مناسبا لشيوع الدراسات التاريخي��ة المحقق��ة والممحص��

.5القرن التاسع عشر،) أك��ثر الق��رون جميع��ا نزوع��ا للت��اريخ( تتفق الكتابات المؤرخة لألدب المقارن، على أن ق��رن البحث التاريخي التاسع عشر قد أسهم، وبفاعلي��ة، في ظه��ور األدب المقارن، كما أن النزعة العلمية التجريبية في هذا الق��رن ق��د دفعت إلى ض��رورة أن يس��تقل ال��درس المق��ارن بين اآلداب بحقل خاص ينفرد به؛ وب��ذلك نع��ود إلى الق��رن التاس��ع عش��ر بمزيتين اثنتين قاد إليهما نسق المعرفة والتفكير السائد في��ه، وهما: الحرص على اس��تقاللية األدب المق��ارن بحق��ل يخص��ه، وينشط فيه، في إطار من التحديد والضبط، وهما من شروط أية عقلية تجريبية، ومزية أخ��رى ترتب��ط ب��المنهج ال��ذي ب��دأت معه والدة األدب المقارن وهو المنهج التاريخي ال��ذي اس��تفاد

كثيرا من الفلسفة الوضعية. كانت هذه الظروف مجتمعة ما هي��أ لظه��ور األدب المق��ارن، وال��تي نالح��ظ عليه��ا أنه��ا زواجت بين ميلين: نفس��ي، عقلي. ميل نفسي دفع باتج��اه التق��ارب بين القومي��ات والحض��ارات، وبخاصة القوميات األوروبية، من خالل مالحظة، ورص��د أوج��ه التأثير والتأثر بينها، وهو النسق المقارني الذي أسس لبدايات األدب المقارن، اعتمادا على التصور الت��اريخي. ومي��ل عقلي؛ أوجدته مآالت التفكير اإلنساني الغربي، الذي صار أكثر حرصا على منح مقاربت��ه للظ��واهر اإلنس��انية ص��فة العلمي��ة؛ بحيث تخضع مكونات هذه الظواهر للنقاش والمس��اءلة العقالني��تين، وهو ما لن يتحقق إال في إطار االس��تقرار في مج��ال مع��رفي

6  www.alukah.net

Page 7:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

وحقل علمي محدد؛ فك��انت نش��أة األدب المق��ارن في البيئ��ة الثقافية الغربية، استجابة لهذه الظروف، ونتيج��ة له��ا. واألدب المقارن، في الحقيقة، علم مؤسس��اتي بامتي��از، بخالف النق��د األدبي، مثال، الذي تنق��ل بين المؤسس��ة األكاديمي��ة، ومختل��ف فضاءات التواصل األدبي األخرى غير األكاديمي��ة، كالمنت��ديات، والجمعيات والص��الونات األدبي��ة...ال��تي مكنت كث��يرا للنق��اش حول األدب: قضايا ونصوصا أدبي��ة. أم��ا األدب المق��ارن، فق��د كان، منذ بداياته، نظاما علميا من األفكار المتس��قة في إط��ار منهجي، يؤيد ذل��ك أن��ه نش��أ مص��حوبا مباش��رة ب��المنهج، وه��و المنهج الت��اريخي الق��ائم على مب��دأ الت��أثير والت��أثر، وتاريخي��ة العالقات األدبية بين طرفي المقارنة كما تنطق ب��ذلك كتاب��ات بول فان تيجم، وجان ماري كاريه، وبول هازار، وقبلهم��ا ج��ان جاك أمبير. وقد جرى بعد ذلك تطوير من��اهج األدب المق��ارن، في إطار البحث األدبي الج��امعي المت��أثر بتعاقبي��ة المع��ارف، وانعكاس ذلك على تجدد النظرة لطبيعة األدب المقارن، كم��ا

سنرى الحقا. إذا انتقلنا اآلن إلى المجال العربي؛ لنعود من جديد إلى رصد مالمح التأسيس األولى لألدب المق��ارن، ومن خالل اإلش��ارات التي جاء بها المق��ارنون الع��رب ال��ذين اعتم��دناهم هن��ا، فإنن��ا س���نقع أم���ام إش���ارتين دال���تين لهم. األولى ص���درت عن المق��ارنين: ال��دكتور س��عيد عل��وش، و ال��دكتور ع��ز ال��دين المناصرة، وقد جرى دعمها من طرف مقارنين آخرين أرخ��والبدايات األدب المقارن في المجال الثقافي والفكري الع��ربي

6. شدد المقارن الفلسطيني الدكتور عز ال��دين المناص��رة على )أن غ��نيمي هالل ه��و أول من أدخ��ل ه��ذا الحق��ل المع��رفي بمنهجه الفرنس��ي) الح��ديث آن��ذاك( إلى الع��الم الع��ربي فه��و��ر - كت��اب غ��نيمي هالل - على ك��ل م��ا )رائد المنهجية(وق��د أث كتب بالعربي��ة في مج��ال األدب المق��ارن في الخمس��ينيات والستينيات وعلى طريقة تدريسه في الجامعات العربية ح��تى

وفي كتابه األخير )علم التناص المق��ارن(،،7في السبعينيات( احتفظ ال��دكتور المناص��رة بالتأكي��د ذات��ه على ري��ادة ال��دكتور محمد غنيمي هالل لعلم األدب المقارن في المج��ال الثق��افي والفكري العربي، بل إنه جعل منه صاحب مدرس��ة في األدب

7  www.alukah.net

Page 8:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

المقارن على المستوى الع��ربي، وه��و يش��ير ب��ذلك إلى تب��ني ال��دكتور هالل للمنهج الت��اريخي في دراس��اته المقارن��ة، وه��و منحى استقل به، وعرف عنه. )كما هي حال مدرس��ة غ��نيمي هالل في األدب المق��ارن ال��تي لعبت دورا مهم��ا في ترس��يخ

، وحتى مطل��ع الثماني��ات من1953المنهج التاريخي منذ عام .8القرن العشرين، وقد تأثر بها معظم المقارنين العرب(

أم��ا ال��دكتور س��عيد عل��وش فق��د أس��ند إلى ال��دكتور محم��د غ��نيمي هالل دور )أول مؤص��ل لهج��رة الم��ادة، ن��اقال بأمان��ة اآلف��اق الغربي��ة ال��تي وص��ل إليه��ا األدب المق��ارن، نظري��ة

وأن كتابه )األدب المقارن( يعد)نموذجا فري��دا في،9وتطبيقا( تهجير األفكار الغربية نح��و الش��رق، إذ يظه��ر على أن غ��نيمي لم يطور فيها شيئا بل استمر على اج��ترار ال��درس الفرنس��ي

.10المقارن( لقد التقى المقارنان الدكتور عز الدين المناص��رة، و ال��دكتور سعيد علوش حول فكرة أن ال��دكتور محم��د غ��نيمي هالل ق��د ك��ان الم��وطن له��ذا الحق��ل من حق��ول المعرف��ة األدبي��ة في المؤسسة الجامعية العربية، وقد كان الموطن الحقيقي؛ ألن��ه المتخصص فيه، والمطلع على حقيق��ة نظريات��ه، وعلى المنهج

المعتمد في المرحلة األولى التأسيسية لألدب المقارن. فإلى الدكتور هالل يعود فضل التأسيس المنهجي له��ذا العلم على المس���توى الع���ربي، ومع���ه ب���دأت االنطالق���ة العلمي���ة الحقيقية لهذا العلم، وما كان من محاوالت سابقة تزامنت مع بدايات تدريس هذا العلم في الجامعة المص��رية، و ال��تي ق��ام به��ا ك�ل من نجيب العقيقي، وعب��د ال�رزاق حمي��دة، وإب�راهيم سالمة، فهي لم تكن في الحقيقة إال محاوالت أت��اح له��ا وض��ع األمر الواق�ع فرص�ة الظه�ور، والحض�ور؛ ذل�ك أن الم�ادة ق�د قررت جامعيا، وكانت هناك ضرورة أن يتكفل أح��د تدريس��ها، وإن لم تتوافر له اإلمكان��ات الض��رورية إلنج��از ه��ذه المهم��ة، والتي من أهمها: إتقان لغات أخرى، والتزود بالعدة المنهجي��ة

الالزمة. لقد س��جل األدب المق��ارن نش��أته عربي��ا، في الس�ياق الع��ام للثقافة العربية الحديثة، كباقي أنساق المعرفة األخرى، ال��تي اعتمدت جميعها على مبدأ التأثر ب��النموذج المع��رفي الغ��ربي،

8  www.alukah.net

Page 9:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

وبتبني مقوالته الفكرية والمعرفية، وباستدعاء ما ينش��أ عن��ده من معارف وعلوم. وقد كان النموذج الغربي البديل الحاض��ر، أم��ام ش��غف العق��ل الع��ربي، في النص��ف األول من الق��رن العشرين؛ للتجديد والتحديث، ومسايرة تطور ت��اريخ المعرف��ة

اإلنسانية. ول�وال مناس�بة اتص��ال الب�احثين الع�رب، من أمث�ال: ال�دكتور غ��نيمي هالل، و ال��دكتور أحم��د ض��يف، وغ��يرهم في منتص��ف القرن العش��رين، بالمؤسس��ات األكاديمي��ة الغربي��ة، م��ا ت��أتي لل��درس األدبي المق��ارن أن يس��تقل بإط��ار علمي ومنهجي خ��اص، يس��تقل ب��ه، ويتط��ور في��ه، على المس��توى األك��اديمي

العربي. لذلك ال نجد مبررا لهذه اللغ��ة المش��بعة باإليح��اءات في كالم الدكتور سعيد علوش، وهو يوظ��ف مف��ردة )تهج��ير(؛ ذل��ك أن جهد الدكتور محمد غنيمي هالل في كتاب��ه التأسيس��ي )األدب

1953المقارن(الذي صدرت طبعته األولى عام يدرج تاريخي��ا في إطار تأسيس البدايات، التي وجدت في أفك��ار المق��ارنين الفرنسيين مرجعيتها، وأسباب تش��كلها، وال نس��تطيع أن نل��وم الدكتور هالل على عدم سعيه لتط��وير أدوات بحث��ه في األدب المقارن؛ ذلك أن المنهج التاريخي كان المهيمن زمن دراس��ته في فرنس��ا، وأن النق��اش الح��اد ح��ول ص��وابية ه��ذا المنهج، وكفاءت��ه، للقي��ام بدراس��ات مقارن��ة فعال��ة، ومنتج��ة معرفي��ا

(،عن��دما1958وأدبيا، لم ينشط إال مع نهاية عقد الس��تينيات )أعلن المقارن األمريكي رينيه ويليك رفضه للمنهج التاريخي.

إن طبيعة البدايات، والص��فات المالزم��ة لمرحل��ة التأس��يس، تحتم أن نقرأ للدكتور محمد غ��نيمي هالل أداء فكري��ا ينس��جم مع المطروح في المدرسة الفرنسية، التي هيمن فيه��ا المنهج التاريخي، وساد في دراساتها تصور المقارنة القائم على مبدأ التأثير والتأثر، ودراسة المصادر والتيارات األدبية، التي يسهل

معها تأكيد العالقة بين طرفي المقارنة. لق��د ك��ان ال��دكتور ع��ز ال��دين المناص��رة أك��ثر قرب��ا من الموض��وعية، عن��دما أس��ند إلى ال��دكتور هالل دور المؤس��س المنهجي لألدب المقارن عربيا، وعندما لم يس��ع وراء التعلي��ق على نوع البحث الذي اعتمده الدكتور هالل، محتفظا ل��ه به��ذا

9  www.alukah.net

Page 10:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

الح��ق الت��اريخي؛ بوص��فه المؤس��س والرائ��د لألدب المق��ارن عربي��ا، وق��د وعى ال��دكتور المناص��رة أن منج��ز ال��دكتور هالل كان متسقا مع طبيعة المرحل��ة بك��ل أبعاده��ا. في حين أظه��ر الدكتور سعيد علوش تفاعال واض��حا م��ع المن��اهج الالحق��ة في األدب المقارن، وبالذات االنعطافة المنهجية المهمة التي ج��اء بها المق�ارنون الفرنس�يون المت�أخرون، مث�ل: ريني�ه إيتامب�ل، وكلود بيشوا، دون أن يق��در أن ال��دكتور هالل ك��ان يص��در في دراساته عن قبول للمقوالت واألطروح��ات الس��ائدة في تل��ك

المرحلة من عمر هذا العلم. ب��ل إنن��ا نس��جل أن ال��دكتور هالل ق��د أظه��ر قناع��ة بص��واب المنهج التاريخي؛ انطالقا من نظرته القائمة على العالق��ة بين أدب قومي وآخر، وأن التأثير متبادل بين هذه اآلداب، دون أن يرتهن لمشاعر التبعية األدبية، كما يصفها ال��دكتور ع��ز ال��دين

المناصرة. ونشير في هذا السياق أيضا إلى أن الدكتور سعيد علوش قد اعتمد، في تعليقه على إسهام الدكتور هالل، على مس��تجدات األدب المق��ارن المت��أخرة، وال س��يما م��ا تعل��ق منه��ا بمن��اهج المقارنة األدبية، والتي جاءت، كما أسلفنا، مت��أخرة زمني��ا عن مرحلة تك��وين ال��دكتور هالل، وأن ال��دكتور عل��وش جع��ل من المناهج المت��أخرة مس��وغا لمس��اءلة جه��د ال��دكتور هالل، في حين أن��ه نفس��ه ك��ان ن��اقال له��ذه المن��اهج، غ��ير مش��ارك في صياغة مقوالتها، سواء تعلق األمر بالمنهج النقدي، أو بالمادي الجدلي. وقد ج��اءت ه��ذه المن��اهج اس��تجابة لتط��ور المعرف��ة عموما، وتطور المعرف��ة األدبي��ة على وج��ه الخص��وص؛ األم��ر الذي هيأ للدفع بهذه المناهج، إذ أسهمت أبحاث النقد الجديد، واالتج���اه النق���دي الش���كلي في ال���دفع باتج���اه البحث في العالق���ات بين اآلداب من خالل األبني���ة النص���ية، وق���د ك���ان للنظرية الماركسية، والماركسية البنيوية عن��د جول��دمان، دور المساعد في تشكيل الرؤية المادية في األدب المق��ارن. وق��د مثل كل ذلك تطورا تعاقبيا الحقا، لم ينتج��ه المج��ال الثق��افي والفكري العربي، وإنما قد جرت استعارته من بيئاته األص��لية، وأن المق��ارنين الع��رب المت��أخرين، لم يكن لهم من فض��ل إال فضل استدعاء هذه المناهج، وتوظيفها في كتاباتهم النظري��ة،

ونادرا التطبيقية.10  www.alukah.net

Page 11:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

ونع��ود بالكلم��ة، ح��ول الب��دايات والتأس��يس لألدب المق��ارن عربيا، إلى الدكتور محمد غنيمي هالل، الذي نقرأ له في كتابه )األدب المقارن( نصا داال يظهر طبيعة المشهد الذي ظهر في إط���اره األدب المق���ارن: )إذا تتبعن���ا مح���اوالت نش���أة األدب المق��ارن عن��دنا في الرب��ع الث��اني من ه��ذا الق��رن وج��دنا أن نشأته لم تكن نتيجة لحركة فكرية واتجاهات فلسفية، ومنحى علمي، ومنهج نقدي عميق، ودعوات نظرية يؤمن أصحابها أن هذا العلم ضرورة ملحة ال غناء عنها، وال محي��د عن االس��تجابةإليها، كما كان شأنه لدى كتاب الغرب وفالسفتهم ومفكريهم(

11. هذا واقع بدايات األدب المق��ارن، كم��ا يظه��ره رائ��ده عربي��ا، وهو توص��يف ينط��ق بفك��رة مركزي��ة واح��دة، وهي: أن األدب المقارن لم ينشأ تراكميا في البيئة الثقافية والفكرية العربي�ة، ولم يسبق بنقاش حضاري شامل يفضي إلى تبلوره، وتش��كل مالمحه؛ استجابة لهذا النقاش، ولم يتطور تط��ورا طبيعي��ا في إطار حاضن معرفي عام، ي��وفر ل��ه أس��باب ه��ذا التط��ور؛ من نشاط فلسفي ونقدي، يدفع باتجاه استحداث أنساق متعاقبة، تلبي احتياجات التفكير الطبيعية التي ستبحث دائما عن النم��و والتفرع. ولم يعرف الغرب هذه الحال��ة، وه��و م��ا أش��رنا إلي��ه في مناس��بة س��ابقة؛ فك��انت نش��أة األدب المق��ارن عن��دهم طبيعية، ونتيج��ة منتظ��رة لمق��دمات ص��اغها المج��ال الفك��ري

الغربي. ألن؛12 )أريد لألدب المقارن أن يوض��ع في منهج الجامع��ات(

مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ض��اغطا، وألن وعي النخب العربية في بدايات القرن العشرين كان منص��رفا إلى النموذج الغربي، وكل م��ا يص��در عن ه��ذا النم��وذج واجب التب��ني واالستحض��ار. وي��درك المؤرخ��ون للنهض��ة العربي��ة الحديث���ة، أن س���لوك ال���ذهاب في أث���ر النم���وذج الثق���افي والحضاري الغربي كان وسيلة األمة الوحيدة لمعالجة الفج��وة التاريخية التي تفصلها عن األمم األخرى. ولم يكن علم األدب المقارن بدعا في ذلك؛ فدخل هذا العلم المؤسس��ة الجامعي��ة العربية، كما دخلت علوم أخرى هذه المؤسسة )دون استعداد

؛ وق��د أنتج غي��اب االس��تعداد ه��ذا13أو وق��وف على حقيقت��ه( دراسات تريد لنفسها أن تكون مقارنة، ولكنها لم تكن ت��ترجم

11  www.alukah.net

Page 12:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

عن إدراك حقيقي لطبيعة هذا العلم ونظريته، وعن��دما تخض��ع هذه الدراسات لمقارنة مع أصول هذا العلم، تظه��ر المس��احة الشاسعة التي تفصلها عن هذه األص��ول. وأم��ام ه��ذا الواق��ع، ينشأ انطباع نفسي لدى جزء من المشتغلين بهذا العلم، يقوم

.14إما على عدم جدواه، أو على عدم إمكاني��ة التخص��ص فيه ال ريب أنه من الموضوعية القول إن توص��يف ال��دكتور محم��د غنيمي هالل ينصرف إلى مرحلة محددة من ت��اريخ ه��ذا العلم في البيئ��ة الفكري��ة العربي��ة، وهي المرحل��ة األولى: العق��دين الراب��ع والخ��امس من الق��رن العش��رين؛ حيث أفض��ى غي��اب المتخصصين الفعليين فيه إلى سيادة دراسات تفتقر، حقيق��ة، لوعي متماسك بأفكار هذا العلم األساسية. وإذا كن��ا نتض��امن مع فكرة الدكتور هالل حول أن ظهور األدب المقارن، عربي��ا، لم يعبر عن استجابة طبيع��ة لم��ا ه��و مت��اح من حرك��ة فكري��ة ومعرفية؛ وبما أن األمر كذلك، لم تتحقق للمتصدين للمقارن��ة األدبية المعرفة الداخلية في إطار البيئة الثقافية العربي��ة، ولم يكن ذلك ممكنا إال مع تسيير البعثات الدراسية إلى الجامعات الغربي��ة للتخص��ص في األدب المق��ارن، وم��ع ع��ودة ه��ؤالء الموف��دين تأسس��ت الب��دايات الحقيقي��ة ل��ه، م��ع إقرارن��ا ب��أن المشتغلين على األدب المقارن من العرب، ظل��وا أوفي��اء إلى اليوم، لمبدأ إعادة إنتاج الرؤى والمناهج الغربي��ة، ولم تتج��اوز إضافتهم الج��انب التط��بيقي، الق��ائم على عق��د مقارن��ات بين نص��وص أو ظ��واهر أدبي��ة، أح��د أطرافه��ا يع��ود إلى األدب أو

الثقافة العربية اإلسالمية.بين الضبط المصطلحي والحد المفهومي:

يجمع المق��ارنون الع��رب ال��ذين اعتم��دناهم نم��اذج في ه��ذه الدراسة، على قصور مصطلح )األدب المقارن( في تعيين هذا الحقل المعرفي بدقة، وعجزه عن الوفاء بمتطلبات التس��مية التامة، التي تستوعب موضوعها بشمولية، وبدق��ة في ال��وقت

نفسه. ومطلب��ا الش��مولية والدق��ة يمثالن ش��رطا ض��روريا لس��المة المص��طلح وكفاءت��ه، وق��د ك��ان التأكي��د على قص��ور مص��طلح )األدب المقارن(، للداللة على طبيعة هذه الم��ادة وم��ا يط��رح فيها من مفاهيم، مستمرا منذ ب��دايات ظه��ور ه��ذا العلم، إلى

12  www.alukah.net

Page 13:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

الكتاب��ات المت - أخ��رة في��ه؛ بمع��نى أن الح��ديث عن اختالل المص��طلح، لم ي��أت فق��ط في كتاب��ات المق��ارنين المت��أخرين بتأثير التطور المعرفي، الكمي والنوعي، في هذا العلم؛ األمر

الذي يعكس واقعين عاشهما األدب المقارن، عالميا وعربيا. يتصل واقع األدب المقارن على المس��توى الغ��ربي، بص��عوبة ض���بط تخ���وم األدب المق���ارن ال���تي م���ازالت )تث���ير بعض التساؤالت حول الفرق الدقيق بين فرع مث��ل األدب المق��ارن وف��روع أخ��رى مش��ابهة تع��نى بدراس��ة األدب خ��ارج ح��دوده

، وص��عوبة ض��بط الح��دود بين األدب المق��ارن، و15اإلقليمية( األدب العام، و األدب العالمي ليست وحدها أص��ل اإلش��كالية، التي أفضت إلى اضطراب تسمية ه�ذا العلم، ب��ل يض��اف إلى ذل��ك ت��داخل االختصاص��ات بين ه��ذا العلم وف��روع علم األدب األخرى، كتاريخ األدب والنقد األدبي. وق��د تجلى ه��ذا الت��داخل من خالل الح��رص في المنهج الت��اريخي لألدب المق��ارن على

الخاص عند القي��ام بأي��ة 16االنطالق من تاريخ األدب القومي مقارن��ة أدبي��ة، وك��ذا األم��ر في حال��ة المنهج النق��دي ال��ذي يف��ترض في )النق��د األدبي أن يك��ون مقارن��ا يتج��اوز الح��دود اللغوية والقومية لآلداب، واألدب المقارن يجب أن يكون نقديايقارب النصوص األدبية كبنى جمالي��ة، ال كم��ؤثرات ووس��ائط(

17. وقد علق الدكتور عبد الحكيم حسان على واقع الت��داخل بين حقل األدب المقارن وحقول المعرفة األدبية األخ��رى، بص��يغة تظهر صعوبة مواجه��ة م��أزق ض��بط إط��ار مح��دد، يفص��ل بين علوم األدب المختلفة واألدب المقارن، يق��ول: )ربم��ا لم يل��ق فرع من فروع المعرفة من االض��طراب في مفهوم��ه، وع��دم

.18التحديد في مناهجه واتجاهاته ما لقي األدب المقارن( لقد كان اإلقرار بعدم كفاءة مصطلح األدب المقارن؛ للدالل��ة على هذه المادة، اعترافا بالص��عوبة ال��تي تواج��ه ه��ذا الحق��ل )األدب المقارن(، لتث��بيت مالمح خاص��ة يس��تقل به��ا، وترتب��ط هذه اإلشكالية بأصل نشأة ه��ذا الحق��ل؛ وهي ب��ذلك ال تتعل��ق بالمصطلح العربي، وإنما هي مشكلة تطال تسمية ه��ذا العلم

منذ نشأته وبدايات تشكله.

13  www.alukah.net

Page 14:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

إذا كانت أزمة تحديد تخوم األدب المقارن، من��ذ البداي��ة، ق��د حالت بينه وبين أن يظفر بتسمية قادرة على تعيين��ه بالكيفي��ة المطلوبة علميا ومنهجيا، ف��إن كتاب��ات المق��ارنين الع��رب ق��د نقلت ه��ذه األزم��ة إلى الواق��ع الع��ربي، في إط��ار استحض��ار المنج��ز الغ��ربي بك��ل ظروف��ه ومالبس��اته؛ فلم يفلح ه��ؤالء المقارنون في االتفاق على إيجاد معالجة للمصطلح، عند نقل هذا العلم إلى البيئة الثقافية والفكري��ة العربي��ة، وك��أن لس��ان الحال ينطق ب��أنهم ن��اقلون فق��ط، وإن ك��ان من المنق��ول م��ا يعاني قص��ورا أو عج��زا، فهم ال يس��تطيعون الت��دخل معرفي��ا، وبطريقة جماعية ت��دفع عن ه��ذا العلم اض��طراب المص��طلح، وتقربه من ني��ل تس��مية يجم��ع عليه��ا ك��ل المق��ارنين الع��رب،

ونريد له أن يكون إجماع قبول وإقرار، ال إجماع إذعان. يع��ترف ال��دكتور محم��د غ��نيمي هالل بعج��ز مص��طلح )األدب المق��ارن( عن تس��مية ه��ذا العلم، والدالل��ة علي��ه بالص��ورة المبتغاة، وقد أسس ال��دكتور هالل اعتراض��ه، على المص��طلح المطروح، على طبيعة نظرته لمفهوم المقارن��ة أساس��ا، وه��و مفهوم تاريخي - كما سنعرف الحقا - يقيم باال كب��يرا لعالق��ات التأثير المؤكد عبر دالئل وقرائن تاريخية؛ لذلك كان األولى أن يسمي هذا العلم )الت��اريخ المق��ارن لآلداب(، أو)ت��اريخ اآلداب��وفر هات��ان التس��ميتان المرج��و من تم��ام دالل��ة المق��ارن(، وت

إذ تجمع��ان بين ثالث��ة عناص��ر أساس��ية، تخ��تزل؛19المصطلح مفهوم األدب المقارن وفق التصور التاريخي الفرنسي؛ فهم��ا تحتوي��ان على: بع��د الت��اريخ )رص��د حيثي��ات العالق��ة(، وبع��د المقارنة المتمثل في )إجراء البحث في العالقة(، وبعد اآلداب المتعددة ال��تي يق��ارن بينه��ا مقارن��ة تاريخي��ة، بش��رط اختالف اللغة، وال نحتاج كبير جه��د لنض��ع نق��اش ال��دكتور هالل، ح��ول المصطلح، في سياق نقاش سابق أث��اره أس��اتذته المق��ارنون الفرنسيون من أمث��ال: ب��ول ف��ان ثيجم، وج��ان م��اري كاري��ة، وبول هازار، إذ ينتقل الدكتور هالل بالنق��اش، ح��ول التس��مية،

من البيئة الغربية الفرنسية إلى البيئة العربية دونما تحوير. يقر الدكتور هالل بعجز مص��طلح األدب المق��ارن عن تس��مية الم��ادة بالكيفي��ة المطلوب��ة، ولكن��ه ي��ذعن له��ذه التس��مية، ويعترف بأنها الوحيدة الرائجة الي��وم؛ )إليجازه��ا( مم��ا )س��هل

.20تناولها؛ فغلبت على كل تسمية أخرى(14  www.alukah.net

Page 15:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

لقد كان للدكتور سعيد علوش موقف منس��جم م��ع الموق��ف الس��ابق لل��دكتور هالل، إذ ي��رى ال��دكتور عل��وش قص��ورا في المصطلح الذي تسمت ب��ه ه��ذه الم��ادة، أو ه��ذا العلم )األدب المقارن(، ويعود مصدر قصور المص��طلح في نظ��ره، إلى أن��ه يعطي مج����اال لاللتب����اس من خالل انص����رافه إلى الج����انب

.21اإلجرائي في المقارنة دون أن يحدد موضوعها األساسي وقد ج��اءت تس�مية )األدب المق��ارن(،على حس�اب تس�ميات أخرى )كاآلداب الحديث��ة المقارن��ة( و)ت��اريخ اآلداب المقارن��ة( و)التاريخ األدبي المقارن(، ويبدو أن الدكتور علوش ي��رى في هذه التس��ميات أنه��ا اس��تطاعت تحدي��د موض��وعها: العالق��ات التاريخي��ة، أو مقارن��ة اآلداب الحديث��ة، وهي تس��مية تس��تجيب أك��ثر للمس��تجدات ال��تي ط��رأت على بني���ة مفه��وم األدب المقارن، من خالل اإلضافات الالحقة، التي جاء بها المقارنونالمتأخرون، وبالذات الجيل الجديد من المقارنين الفرنسيين.

ولم يتقدم الدكتور علوش باقتراح تس��مية بديل��ة، أو باعتم��اد تسمية واحدة جرى اقتراحه��ا من مق��ارنين آخ��رين، ب��ل أع��اد مس��لك ال��دكتور هالل، الق���ائم على التش��كيك في ص���وابية المصطلح )األدب المقارن(، واستدعاء تس��ميات أخ��رى ج��رى طرحها عند المقارنين الغرب، ثم اإلذعان، بعد ذلك، لمصطلح )األدب المقارن(، و اإلقرار بأن��ه ق��د ف��رض نفس��ه، وال مج��ال لزحزحته؛ نظرا لما تحقق له من ذيوع عالمي،)وإذا اس��تعملنا اآلن اسم )األدب المقارن( فأخذا باالستعمال األعم ال اعتق��ادا

لقد انخرط الدكتور عل��وش في نفس.22بدقة هذه التسمية( طريقة النقاش التي أجراها الدكتور هالل حول التسمية، وهي طريق��ة تظه��ر نقال واض��حا للص��يغة الغربي��ة للنق��اش ح��ول مصطلح األدب المقارن، وإعادة إنت��اج ل��ه، دون كب��ير دور في الذهاب بنقاش المصطلح وجهات قد تمنح فرص��ة معالج��ة ل��ه في اإلط��ار الع��ربي، والغ��ريب أن إش��كالية مص��طلح )األدب المق��ارن( هي إش��كالية في أص��ل تكوين��ه، وفي مالبس��ات إطالقه منذ األصول والقواعد، وليست إشكالية ترجم��ة ونق��ل للمص��طلح إلى لغ��ة أخ��رى، فق��د انتق��ل المص��طلح بمش��اكله المصاحبة له إلى اللغة العربية، وهذا أمر غ��ريب؛ إذ ك��ان من الممكن، في إطار نقاش معرفي حقيقي، وبرعاية مؤسس��ات تؤطر هذا النقاش، أن تتحق�ق للمق�ارنين الع�رب ول�و إض��افة

15  www.alukah.net

Page 16:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

معالج���ة إش���كالية المص���طلح، أو اإلس���هام فيه���ا من خاللمؤتمرات األدب المقارن وندواته العالمية.

نع��اني في المج��ال الع��ربي ربك��ة مص��طلحية، وه��ذا واق��ع نرص��ده في الكتاب��ات ح��ول األدب ال��تي يش��ترك في إنجازه��ا المرجع الغربي، ولكنها ربكة أوجدها واقع التعاطي العربي مع المص��طلح الغ��ربي، ولم يعرفه��ا المص��طلح الغ��ربي األص��لي، بخالف مصطلح األدب المق��ارن ال��ذي ولج المج��ال المع��رفي

العربي مصحوبا بإشكاالت النشأة والتأسيس. إذا انتقلنا، اآلن، إلى موقف الدكتور ع��ز ال��دين المناص��رة من مص��طلح )األدب المق��ارن(، وم��ا يث��يره ه��ذا المص��طلح من تعليق، فس��نجد أن ال��دكتور المناص��رة ق��د ك��ان م��دركا لع��دم كف��اءة المص��طلح للدالل��ة عن طبيع��ة المط��روح الفك��ري والمفهومي في هذا العلم، وقد جاء موقفه ه��ذا منس��جما م��ع النظرة العامة لك�ل المق��ارنين في ك��ل البيئ��ات ح��ول قص��ور مص��طلح )األدب المق��ارن(، وعج��زه عن الوف��اء الت��ام بك��ل أسباب التسمية الناجحة لهذا العلم، يقول الدكتور المناص��رة:

ظ��ل1828)منذ فيلمان الفرنس��ي مؤس��س األدب المق��ارن مصطلح األدب المقارن ملتبسا، والمستغرب أن هناك إجماعا

وقد وضع هذا التوص��يف، ح�ول،23عالميا حول هذا االلتباس( المصطلح، الدكتور المناصرة في االتج��اه الع�ام ال�ذي يجمع�ه مع المقارنين السابقين:الدكتور محمد هالل، وال��دكتور س��عيد علوش، غير أن ما يميز معالج�ة ال�دكتور المناص��رة إلش��كالية المصطلح )التسمية( أنها تحمست إلى المبادرة لتقديم ب��دائل اصطالحية أخرى، وأقول، هنا، بدائل،ال بديال واح��دا، وفي ه��ذا تشابه بينه وبين المقارنين الغربيين المؤسسين ال��ذين تنقل��وا

بين:Histoire comparative des littératures, Histoire des littératures

comparées, science de la littérature comparée يتفق الدكتور المناصرة مع المقارنين المؤسسين في التنقل

بين أكثر من بديل وخيار مصطلحي، وه�و ب��ذلك يتف��ق، أيض��ا، مع ال��دكتور هالل، وال��دكتور عل��وش الل��ذين أع��ادا إنت��اج ه��ذا التنوع المصطلحي وف��ق المص��در الغ��ربي، وبال��ذات ال��دكتور هالل. لكن الملمح الذي اختص به ال��دكتور المناص��رة، أن��ه لم

16  www.alukah.net

Page 17:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

يل��تزم خي��ارا مص��طلحيا واح��دا، وأن اقتراحات��ه المص��طلحية تن��وعت في دوال لغوي��ة عدي��دة، عكس��ت ش��عوره بقص��ور المصطلح المتداول، ولكنه لم يكن فعاال في اعتم��اد مص��طلح واحد يحل بديال للمصطلح المعطوب )األدب المقارن(؛ فك��ان الدكتور المناصرة قادرا على التشخيص، وهي قدرة لم ينف��رد بها، بل انتقلت إليه من غيره، في إطار تشخيص جماعي لكل المق���ارنين تقريب���ا ال���ذين وع���وا العج���ز ال���داللي في ه���ذا المصطلح، ولم يكن الدكتور المناصرة، بالمقاب��ل، ق��ادرا على تحدي��د الب��ديل الكفي��ل بتص��ويب الخل��ل. ولننظ��ر اآلن، في المصطلحات التي جاء بها الدكتور المناص��رة، وال��تي ت��وزعت على كل دراساته في األدب المقارن، فعنوان كتاب��ه المنش��ور

: )المثاقفة والنقد المقارن(، ويتضمن هذا العنوان،1996عام من جهت��ه، عن��وانين منفص��لين، يص��لح ك��ل عن��وان أن يك��ون مص��طلحا، بحس��ب ال��دكتور المناص��رة. فمن جه��ة هن��اك:

المثاقفة، والنقد المقارن من جهة أخرى. وق��د ج��اءت في ه��ذا الكت��اب إش��ارات عدي��دة إلى ب��دائل مص��طلحية يطرحه��ا أم��ام الب��احثين في ه��ذا العلم: النق��د

- نظري��ة 25- علم األدب المق��ارن 24المق��ارن - المثاقفة.27- خطاب المقارنة 26المقارنة - نظرية مقارنة اآلداب

ول��ه في كتاب��ه الح��ديث عن��وان يس��تقيم تس��مية بديل��ة عن ،2006)األدب المقارن( والعنوان ه��و: علم التن��اص المق��ارن

وقد جاءت في هذا الكتاب إشارات إلى تس��ميات أخ��رى، من.29 النقد المقارن،28ذلك: النقد الثقافي المقارن

صحيح، اعتمادا على الرص��د الس��ابق، أن ال��دكتور المناص��رة قد كان أكثر استخداما لمصطلح: النقد المق��ارن، مقارن��ة م��ع غ���يره من المص���طلحات األخ���رى، ولكن���ه لم يس���تطع، في الحقيقة، االستقرار على مصطلح ث��ابت ونه��ائي، ينهض بتلبي��ة ضرورات التسمية الداللية والمفهومية، فق��د أدخلن��ا مع��ه في عشوائية مصطلحية، عكست إحساسه بالمشكلة، وقلة حيلته

في معالجتها. فال��دكتور المناص��رة يعي، وإن ض��منيا، أن المص��طلح ش��أن جم��اعي مؤسس��اتي يس��تدعي قب��وال عام��ا بتطبيق��ه من قب��ل المش��تغلين في إط��ار الحق��ل المع��رفي الواح��د، وأن تع��دد

17  www.alukah.net

Page 18:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

البدائل المصطلحية ال يعالج المشكلة بقدر ما يفاقمه��ا، فأيه��ا نختار؟ وهل بقي لنا مج��ال لالختي��ار أص��ال بع��د م��ا يق��رب من

قرنين على ظهور األدب المقارن. لق��د ك��ان ال��دكتور هالل وال��دكتور عل��وش م��دركين لقص��ور مص����طلح )األدب المق����ارن( ولكنهم����ا س����لما بحض����وره واستمراريته؛ للداللة على هذا العلم؛ بحكم األمر الواقع الذي أوجد له شرعية؛ بفضل االستعمال الدائم. ولم يفعل ال��دكتور المناصرة، بالمقابل، إال أنه فاقم المشكلة، وزاد من تعقي��دها؛

ألنه وضعنا أمام تعدد مصطلحي غير بناء وال منتج معرفيا. يفضي حديث المصطلح، دائما، إلى االنتقال إلى ح��ديث آخ��ر يتصل بالركن المكمل لهذه الثنائية المتكامل��ة تك��امال عض��ويا:

المصطلح - المفهوم. اض��طرب مص��طلح األدب المق��ارن؛ ألن��ه لم يفلح أن يس��تقر تسمية تدل داللة متماسكة على ه��ذا الف��رع العلمي، وس��نتيح المجال، هنا، لتناول مفهوم هذا المص��طلح )األدب المق��ارن(؛ لنعرف ما إذا كان اضطراب المصطلح نتيج��ة أو ت��داعيا للبس

وغموض في المفهوم؟ وسنبدأ مع الدكتور محمد غنيمي هالل، هذه الم��رة، لنتوق��فعند ما يقدمه من تعري��ف لعلم األدب المق��ارن، إذ ي��رى في��ه: ) دراس��ة األدب الق��ومي في عالقات��ه التاريخي��ة بغ��يره من

،30اآلداب الخارجة عن نطاق اللغ��ة القومي��ة ال��تي كتب به��ا( وينظ���ر إلى م���دلول مص���طلح )األدب المق���ارن()على أن���ه تاريخي؛ ذلك أنه يدرس مواطن التالقي بين اآلداب في لغاتها المختلف��ة وص��التها الكث��يرة المعق��دة، في حاض��رها أو في ماضيها، وما لهذه الصالت التاريخية من تأثير وتأثر، أي��ا ك��انت

.31مظاهر ذلك التأثير أو التأثر(

يتضمن مفهوم ال66دكتور محم66د غ66نيمي هالل لألدبالمقارن األبعاد اآلتية:

- بعد تعدد اآلداب؛ تبعا لتعدد اللغات القومية.1 - بعد المقارنة التاريخية، التي تس��عى وراء رص��د العالق��ات2

بين اآلداب القومية.18  www.alukah.net

Page 19:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

- التقاط صور التأثر بين طرفي المقارنة.3 - أن صور التأثر وأشكاله تتم عبر موض��وعات تمكن ل��ذلك،4

وتقود إليه، ويسهل رصد أنم��اط الت��أثر من خالله��ا، كموض��وعالمصادر، واألجناس األدبية والتيارات الفكرية.

ال نقدم كشفا معرفيا للمهتمين باألدب المقارن عربيا، إذ قلنا إن ال��دكتور هالل يب��دو وفي��ا لتص��ور أس��اتذته من المق��ارنين الفرنسيين، وأنه ظل ابنا بارا للمدرسة الفرنسية التي تش��كل وعي��ه في إط��ار مقوالته��ا النظري��ة، وأن��ه ك��ان ملتزم��ا تمام��ا بالمنهج التاريخي الذي ق��امت المدرس��ة الفرنس��ية في األدب

المقارن على مبادئه. مفه��وم المقارن��ة األدبي��ة ت��اريخي في تص��ور ال��دكتور محم��د غنيمي هالل، وعبر التاريخ تقوم المقارنة، وألجل كتاب��ة ت��اريخ األدب القومي أضحت المقارنة األدبية ع��امال مهم��ا يعين على

كشف اإلضافات التي عرفها أدب ما بفضل تأثره بأدب آخر. يتأثر الدكتور سعيد عل��وش، وه��و يتص��دى لمفه��وم المقارن��ة األدبية، بتطور المعرفة األدبية في العقود المتأخرة من القرن العش��رين، وبتج��دد وتن��وع ال��رؤى ال��تي ط��رأت على األدب المقارن، تحدي��دا م��ع منتص��ف الق��رن العش��رين؛ ل��ذلك ي��أتي مفهومه لمصطلح األدب المقارن مختلفا عن مفه��وم ال��دكتور هالل، من جهة عدم احتفائه بالتاريخ شرطا أساس��يا عن��د ك��ل

مقارنة أدبية، وما هو كان متمسكا به الدكتور هالل. ينطل��ق ال��دكتور عل��وش من مفه��وم مص��طلح )المقارن��ة( عموما، بوصفه)حالة أنطولوجية، مالزمة لسيكولوجية األف��راد

فالمقارنة فعل.32والجماعات، وال تخص مجال األدب وحده( وصفي يعتم��د مس��ارات متنوع��ة كالتأم��ل، والرص��د العقالني؛ واإلحساس أحيانا؛ وتفض��ي ه��ذه المس��ارات، بالمحص��لة، إلى توصيف الموضوع المعنى؛ إلدراك مالمحه، وصفاته، وإمكاناته مقارنة مع طرف أو موض�وع آخ�ر؛ فهي)أي المقارن��ة( إج��راء عقلي، وأحيانا، نفس��ي مص��احب لك��ل الظ��واهر، يفي��د مهم��ة

تقييم وتكوين فكرة عن موضوع ما. وال يعني هذا النق�اش أن ال�دكتور س��عيد عل�وش س��يأخذ من المقارن��ة بع��دها القيمي المعي��اري؛ لتص��بح نس��قا يتم تطبيق��ه

19  www.alukah.net

Page 20:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

وإجراؤه لتكوين فكرة معيارية عن موض��وع أو ظ��اهرة أدبي��ة،عند استدعاء مفهوم المقارنة في مجال األدب المقارن.

يعرف الدكتور سعيد علوش المقارن��ة األدبي��ة بأنه��ا تع��نى ب )التق��ريب بين وق��ائع مختلف��ة ومتباع��دة، في غ��الب األحي��ان، بغاية استخالص القوانين العامة، التي تخضع لها هذه الظواهر األدبية. فالمقارنة تف��ترض ض��منيا معرف��ة مس��بقة واس��تعدادا

.33موسوعيا للمالحظة والقراءة والتفسير والتأويل( يط��رح ال��دكتور عل��وش في تعريف��ه لألدب المق��ارن س��ؤال )الكيفية( الذي ستجيب عليه المقارنة، أو لنقل فعل المقارنة، تأسيس��ا على نظرت��ه لمفه��وم المقارن��ة في داللت��ه العام��ة. فقوله:)استخالص الق�وانين العام�ة( بحث عن كيفي�ات البن�اء، وأنظم��ة اإلنت��اج للظ��واهر األدبي��ة، وهي ظ��واهر تنتمي إلى سياقات إنتاج قومية مختلفة ومتباعدة، يج��ري التق��ريب بينه��ا في األدب المقارن؛ ولتتأتي هذه المقارنة، وتصير فعال ممكنا، ينصرف الدكتور علوش إلى المقارن نفسه، ف��ردا أو جماع��ة، ليؤكد ضرورة حيازتهم جملة من الصفات التي بدونها ال يمكن التقريب بين المختلف المتباع��د؛ الس��تخراج الق��وانين العام��ة، ومن هذه الصفات التي يش�دد عليه�ا ال�دكتور س��عيد عل�وش: المعرفة المسبقة، واالستعداد الموس��وعي، وهم��ا ص��فتان لن تقودا، فقط، إلى التأريخ للعالقة بين اآلداب القومية، وه��و م��ا نطلق عليه البحث عن )كيفيات العالق��ة( في األدب المق��ارن، وهو جوهر منهج المقارنة التاريخية الذي يتبناه الدكتور محم��د غنيمي هالل. صفتا المعرفة، واالستعداد الموسوعي ستمكنان المقارن أيضا من: )المالحظة والق��راءة والتفس��ير والتأوي��ل(؛ فتلتقي كل هذه األفعال مشكلة نظام��ا ينهض بمهم��ة مقارن��ة الظ��واهر األدبي��ة من خالل نق��دها ومقارب��ة بنيته��ا )كيفي��ات

البناء(. ومحاول66ة التق66اط أهم األبع66اد المكون66ة لمفه66وم ال66دكتور س66عيد عل66وش للمقارن66ة األدبي66ة. ستض66عنا

أمام األبعاد والدالالت اآلتية: - بعد التقريب بين الظواهر المتباعدة والمختلفة؛ الختالف1

.34اللغة والفضاءاالدبي

20  www.alukah.net

Page 21:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

- بع��د المقارن��ة النقدي��ة الق��ائم على المالحظ��ة والق��راءة2والتفسير.

- اس��تخالص الق��وانين العام��ة ال��تي حكمت بني��ة الظ��واهر3 األدبية، وصاغت نظام تشكلها، ويأتي هذا البعد نتيجة للبع��دين

السابقين. يس���تفيد ال���دكتور ع���ز ال���دين المناص���رة، في ح���ده لألدب المق��ارن، من االتجاه��ات المت��أخرة في الدراس��ات المقارن��ة، ومن حال��ة التق��ارب العام��ة بين الحض��ارات والش��عوب، وهي حالة تختلف كثيرا، كما نرى، عن النزعة اإلنسانية الرومانسية في الق��رن الث��امن عش��ر. لق��د غلب اتج��اه بع��د - اس��تعماري يحاول توطين قيم جديدة في العالقات اإلنسانية، تدفع باتجاه ما نجده مؤخرا من وف��رة في مص��طلحات الح��وار والتواص��ل والتفاعل الدولي، وهو جو عام شجعت عليه وسائل التواص��ل الحديثة، وأيضا إدراك النخب السياسية والفكرية بضرورة درء التط��رف في ك��ل الش��عوب، والبحث عن من��اطق مش��تركة يمكن من خاللها التعايش بين الحضارات اإلنسانية، وفي ظ��ل هذا الجو اإلنساني ما بعد االس��تعماري، نس��تطيع، بش��يء من الثقة، أن نضع مفهوم الدكتور المناصرة لألدب المقارن ال��ذي هو:)علم التفاعل الثقافي واألدبي بين اآلداب اإلنس��انية كله��ا، بغض النظر عن أهمية اللغة ومركزيتها أو كونها لغة من لغات

ويبدو، بجالء، أن ه��ذا المفه��وم ينق��ل،35األطراف األوروبية( تص��ورا أك��ثر انفتاح��ا عن حقيق��ة األدب المق��ارن؛ فمن خالل��ه تشديده على التفاعل الثق�افي واألدبي، ت��تراجع فك�رة الت��أثير والتأثر الكالسيكية في األدب المقارن، والتي تبتع��د كث��يرا عن مب��دأ الت��وازن بين اآلداب اإلنس��انية، كم��ا أن ش��رط اختالف اللغات يظل حاضرا في ك��ل دراس��ة ترص��د في مج��ال األدب المق��ارن، غ��ير أن االختالف بين اللغ��ات ال يقيم بينه��ا ف��رزا معياريا يجعلها تختلف؛ ألنها تتمايز وتتفاضل، بل إنه��ا تختل��ف؛ ألنه��ا تع��ود إلى أص��ول وظ��روف متنوع��ة؛ ق��ادت إلى اختالف تنوع ال اختالف تفاضل؛ لذلك ك��ان تش��ديد ال��دكتور المناص��رة واضحا على ع��دم إقام��ة المقارن��ة األدبي��ة انطالق��ا من تص��ور تضبطه عالقة: المركز واله��امش، المرك��ز الم��ؤثر، واله��امش المت��أثر. ويمكن أن ن��ركب فهم��ا لتعري��ف ال��دكتور المناص��رة

السابق يقوم على األبعاد اآلتية:21  www.alukah.net

Page 22:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

- بع��د التفاع��ل األدبي بين اآلداب اإلنس��انية، دونم��ا ح��رص1 على استمرار التص��ور التقلي��دي ال��ذي نش��أت مع��ه المقارن��ة األدبية الفرنسية، وال�ذي يق�دم في الغ�الب العالق�ة التاريخي�ة القائم��ة على الت��أثر، وه��و اإلط��ار المرك��زي ال��ذي ينظم ك��ل

مقارنة أدبية. - بع��د رص��د التفاع��ل بين اآلداب اإلنس��انية ال��تي يجب أال2

تنحصر في أدب الحض��ارات المهيمن��ة، وال��تي تمتل��ك حض��ورا مركزي��ا في مدون��ة الت��اريخ األدبي اإلنس��اني، ونقص��د تحدي��دا اآلداب القومية الغربي��ة. فمن تش��ديده على اآلداب اإلنس��انية يش��ير ال��دكتور المناص��رة إلى ض��رورة االلتفات��ة إلى آداب حض���ارات الش���رق األدنى واألقص���ى، و آداب دول أمريك���ا

.36الالتينية - بعد ضرورة كس��ر هيمن��ة لغ��ة مركزي��ة م��ا في المقارن��ة.3

بمعنى أنه ال يجوز استمرار االنجذاب وراء لغ��ات، نش��عر أنه��ا األكفأ واألقدر، من جهة م��ا أنتج فيه��ا من آداب، وبال��ذات وأن جزءا مهما من دالالت كثافة حضورها، تاريخيا، يرتبط بظروف

استعمارية إمبريالية، أفرزت معاني القوة والقهر والغلبة.

طبيعة األدب المقارن: يصعب فك االرتباط بين الحد والماهي��ة، بين مفه��وم الش��يء وطبيعت��ه، وم��آل ذل��ك أن كال العنص��رين: المفه��وم والطبيع��ة

يقومان بمهمة التعريف بالموضوع، وإظهار حالته، كيف هو؟ غير أن القراءة الالحقة للمعرف��ة، وه��و م��ا يوض��ع أحيان��ا في إج��راءات المنهجي��ة، ال المنهج. إذ تق��وم المنهجي��ة على مب��دأ فحص واختبار تطبيق��ات المنهج ال��تي ج��رى إعماله��ا في علم من العلوم. تفرض القراءة الالحقة سعيا دائما وراء المكونات التفصيلية لبنية الظاهرة؛ بما يقدم كل أج��زاء ه��ذه الظ��اهرة؛ وبما يفض��ي، في ال��وقت نفس��ه، إلى ت��ركيب معرف��ة أش��مل

حول هذه الظاهرة. إذا بدأنا بالدكتور محمد غنيمي هالل، مناقشين كيفية تص��وره لطبيعة األدب المق��ارن، فإنن��ا نفع��ل ذل��ك في إط��ار انس��جام طبيعي مع تاريخ ظهور وتط��ور ه��ذا العلم في البيئ��ة الثقافي��ة

22  www.alukah.net

Page 23:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

والفكري��ة العربي��ة. وتق��وم طبيع��ة األدب المق��ارن في تفك��ير ال��دكتور هالل على مح��اور مركزي��ة أربع��ة: الت��أثير والت��أثر - التأريخ لعالقة التأثير والتأثر الحقيقي - اعتيادية التأثير والت��أثر

- الوظيفة المنتظرة من دراسات التأثير والتأثر.

المحور األول: التأثير والتأثر: ال يقيم ال��دكتور محم��د غ��نيمي هالل ب��اال ألي��ة مقارن��ة بين موض���وعين أدب���يين لم تنش��أ بينه���ا فعال ص���الت من الت���أثير

والمتأثر. وإذا حيدت أية دراس��ة ه��ذا األص��ل، ولم تبحث في��ه، واتجهت مباش��رة إلى موض��وعات ومط��الب أخ��رى، فهي ال تع��د من صميم األدب المقارن، كم��ا أن الدراس��ات ال��تي تنص��رف إلى عقد المقارنات بين الظ��واهر و الموض��وعات األدبي��ة ال��تي لم تتأكد بينها عالق��ات الت��أثير والت��أثر، وص��الت أخ��ذ الالح��ق عن��درج في إط��ار ه��ذا العلم السابق، فإنها بعيدة تمام��ا عن أن ت

)األدب المقارن(. يقول: )ويترتب على ما سبق... أنه ال يعد من األدب المقارن في شيء ما يعقد من موازن��ات بين كت��اب من آداب مختلف��ة لم تقم بينهم صالت تاريخية حتى يؤثر أحدهم في اآلخ��ر نوع��ا

وإن تم رص��د ش��يء من التش��ابه،37من التأثير أو يت��أثر ب��ه( والتقارب بين ظاهرتين أدبيتين في لغتين مختلفتين، فإن ه��ذا ال يع���د م���بررا كافي���ا للقي���ام بدراس���ة مقارن���ة بين ه���اتين الظ��اهرتين، يق��ول: )وال يص��ح أن ن��دخل في حس��ابنا مج��رد عرض نصوص أو حقائق تتصل باألدب ونقده لمج��رد تش��ابهها أو تقاربها دون أن تكون بينها صلة ما نتج عنها توالد أو تفاعل

والبحث في التش��ابه بين مختلفين لم.38من أي ن��وع ك��ان( تتأكد صلة بينها ليست له قيمة تاريخية؛ وبذلك ال يعد في باب

.39األدب المقارن وال���دكتور محم���د هالل يعي إمكاني���ة ح���دوث التش���ابه بين النص���وص األدبي���ة في اآلداب القومي���ة المختلف���ة؛ لتش���ابه الحوادث والظروف التي تقرب بين التج��ارب اإلنس��انية، غ��ير أن نتيجة هذا التشابه وانعكاس��ها على األدب ال يع��د موض��وعا

23  www.alukah.net

Page 24:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

لألدب المق��ارن، ومج��اال من مج��االت البحث في��ه.) ويجب أال يفوت الباحث التفريق بين التأثر وبين مج��رد ت��وارد الخ��واطر

وتالقي األفكار(. يظه��ر ال��دكتور هالل، من خالل النص��وص الس��ابقة، التزام��ا واضحا بمبدأ الصلة بين اآلداب، والعالقة المؤك��دة ال��تي تع��ود

بالالحق إلى السابق، وتجعل من السابق مصدرا لالحق.

المح66ور الث66اني: الت66أريخ لعالق66ات الت66أثير والت66أثرالحقيقي:

يوج�ه التص�ور الت�اريخي نظ��رة ال�دكتور محم�د غ�نيمي هالل لطبيعة األدب المق��ارن، ويرب��ط نظرت��ه هات��ه بأص��لين مهمين تق��وم عليهم��ا الدراس��ات التاريخي��ة، فاألص��ل األول يق��ترن بالداللة العلمية الوضعية التي يؤمنها البحث التاريخي؛ ذلك أن نظ��ام ت��راتب األش��ياء وتعاقبه��ا أفقي��ا ي��ؤمن تفس��يرا مقب��وال لنشوء الظواهر وتخلقه��ا، فع��ادة م��ا نرب��ط األش��ياء بأس��بابها. وتندرج هذه العالق��ة في إط��ار زم��ني ت�اريخي، يق��دم الس��بب على النتيجة. وبناء على هذه الفك��رة يص��ير الط��رف الم��ؤثر: شخصية أو نص��ا، أو مص��درا ثقافي��ا، أو تي��ارا... س��ببا مباش��را وفعاال في ظهور الموضوع األدبي المتأثر. أما األصل التاريخي اآلخر، فه�و وثي�ق العالق�ة باألص�ل األول، ب��ل متمم ل�ه، إذ أن طرفي عالقة الت��أثير والت��أثر ين��درجان في إط��ار ص��لة زمني��ة تق��دم الس��ابق على الالح��ق، وأن األول يس��بق اآلخ��ر زمني��ا )فأحد الفنانين سابق، واآلخر الحق وأن األول ليس له نم��وذج يحتذي به، على حين يت��وافر للث�اني ذل�ك النم��وذج، وأن األول ي��رى األش��ياء وجه��ا لوج��ه، على حين يراه��ا الث��اني بواس��طة

وفق هذا التصور، يمكن أن نضع هكذا تفك��ير أدبي.40األول( من ضمن انشغاالت نظرية األدب التي ترص��د مس��احة مهم��ة للمنهج التاريخي، وهي تبحث في سؤال نشأة اإلب��داع األدبي، ف��البحث الت��اريخي الراب��ط بين الس��بب والنتيج��ة، والس��ابق والالحق، يقدم تفسيرا لإلنتاج األدبي، يعود بوالدته إلى أسباب

وضعية تاريخية. إن الت��أريخ لعالق��ات الت��أثير والت��أثر ال يق��دم، فق��ط، تفس��يرا لنش��وء الظ��اهرة األدبي��ة، وإنم��ا يص��حب ه��ذه في تحوالته��ا،

24  www.alukah.net

Page 25:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

وانتقالها عبر رحلة التط��ور اإلب��داعي، ومن االنتق��ال م��ا يق��ود الظاهرة األدبية: نصا، أو شخصية أدبية، أو مصدرا أدبيا ثقافيا، إلى تج��اوز ح��دود اللغ��ة القومي��ة، وتع��دي أط��ر الخصوص��يات الثقافية، و هنا بالتحدي��د تكمن منطق��ة عم��ل األدب المق��ارن. وفي هذه المنطقة بالذات، ينشط المنهج التاريخي في األدب المق��ارن؛ ذل��ك أن العالق��ة القائم��ة على الت��أثير والت��أثر بين اآلداب تشترط ص��لة م�ا بينه��ا، وه�ذه الص��لة بال�ذات، هي م�ا يمثل أحد أهم قضايا البحث في األدب وفق التصور الت��اريخي الذي يتبناه الدكتور محمد هالل)فاألدب المق��ارن يهتم بإثب��ات

و)يستعان في 41الصلة بين الوسط المؤثر والوسط المتأثر( ذلك بما أدلى به المؤلف من تصريحات عن نوع ثقافته وتأثره

وتس��جيل تص��ريحات الك��اتب عن،42بك��اتب أو ثقاف��ة بل��د( طبيعة مصادر تشكيل ثقافته، ومن ثم صياغة وعيه اإلب��داعي، يعد من صميم الشأن التاريخي، وال يجب التوقف، فقط، عن��د هذه التص��ريحات، ب��ل الب��د من التوس��ع في البحث الت�اريخي؛ ليشمل الحقائق التاريخي��ة لعص��ر األديب، أو الظ��اهرة األدبي��ة موض��وع الدراس��ة المقارن��ة )كي يس��تطيع )المق��ارن( إحالل اإلنت��اج األدبي محل��ه من الح��وادث التاريخي��ة ال��تي ت��ؤثر في

.43توجيهه ومجراه( األدب المق��ارن ت��أريخ للحظ��ة التالقي بين ط��رفي المقارن��ة )المؤثر والمتأثر(، وتأريخ لظروف وسياقات هذا التالقي، وهو أيض���ا ت���أريخ لألدب في إط���اره الق���ومي من جه���ة ص���فاته، وخصائصه المضمونية والشكلية، تم تأريخ، بعد ذلك، لما ط��رأ على هذا األدب القومي من تغيرات مست ص��فاته وخصائص��ه المضمونية و الشكلية. فاألدب المقارن، وف��ق تص��ور ال��دكتور هالل، رحلة قاطرتها التاريخ؛ تنطلق من فرضية الصلة، لتؤك��د من ثم، بالدالئل والقرائن التاريخي��ة، وق��وع ه��ذه الص��لة، وم��ا يترتب عليها من نتائج أدبي��ة وفكري��ة. ويلخص ال��دكتور محم��د هالل طبيعة األدب المقارن التاريخية بامتياز في قوله:)ألنن��ا ال نقصد بدراسة األدب المقارن إال الوصول إلى ش��رح الحق��ائق عن طريق تاريخي، وكيفية انتقالها من لغة إلى أخرى، وص��لة توالدها بعضها من بعض، والصفات العامة ال��تي احتفظت به��ا

.44حين انتقلت إلى أدب آخر(

25  www.alukah.net

Page 26:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

ول66و أردن66ا إع66ادة إنت66اج التص66ور الت66اريخي العلمي بشموليته وهو يضبط حركية المقارنة األدبية، فإنن66ا س666نقترح ص666يغة تنتق666ل بالعملي666ة التاريخي666ة بين

جوانبها المتعددة البانية لطبيعتها، وهي:الجانب العلمي الوضعي: التأثير.-

- الجانب التاريخي الوثائقي: القرائن واألدل��ة التاريخي��ة ال��تيتثبت الصلة.

- جانب تأريخ اإلبداع واإلضافة: التح��والت ال��تي ط��رأت على الطرف المتأثر من جه��ة الص��فات اإلبداعي��ة األدبي��ة الجدي��دة

التي توفرت له واستطاع تحصيلها.

المحور الثالث: اعتيادية التأثر: من المنتظ���ر أن ي���برز احتج���اج على مي���ل ال���دكتور هالل التاريخي، أو لنقل على اطمئنانه الزائ��د إلى المنهج الت��اريخي وصوابيته؛ بوصفه األلصق بطبيعة المقارن��ة األدبي��ة الحقيقي��ة، وبوصفه األكثر فاعلي��ة؛ لقي��ام األدب المق��ارن ب��دوره العلمي المع��رفي ال��ذي من أجل��ه نش��أ. وس��يكون مص��در االحتج��اج أصوات مق��ارنين ع��رب مت��أخرين، اطلع��وا على تط��ور األدب المق���ارن، وعلى م���ا اس���تجد على نظريت���ه وتطبيقاته���ا منإضافات؛ ليعلنوا احتجاجهم واص��فين المنهج الت��اريخي ب��العقم

. ويجم��ع46، وأن��ه يظه��ر تبعي��ة ط��رف المقارن��ة المت��أثر45 الدكتور عب��ده عب��ود جمل��ة المآخ��ذ على المنهج الت��اريخي في قوله: )فدراسات التأثير والتأثر تقلل من أصالة األديب المتأثر وتظهره في مظهر من يقل��د األدب��اء األج��انب، إن لم يكن في مظه��ر من يم��ارس الس��رقة األدبي��ة... فمم��ا ال يمكن إنك��اره حقيقة أن بحوث التأثير تعطي الجانب المت��أثر دورا س��لبيا، إذ تض��عه في موق��ف المنفع��ل ال الفاع��ل، طامس��ة ب��ذلك دوره

.47اإليجابي الخالق( لم يكن ال��دكتور هالل غ��ير م��درك الحتم��االت االحتج��اج على اس��تفراد الت��اريخ بدراس��اته المقارن��ة، ب��ل ك��ان يعي ذل��ك، وينتظره؛ لذلك كانت له عديد اإلشارات التي ح��اولت تص��حيح االنطب����اع الس����لبي عن فك����رة)الت����أثر( بين اآلداب، وبين

26  www.alukah.net

Page 27:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

األدب��اء)فالت��أثير الرش��يد ال يمح��و الط��ابع المحلي، وال يطغى ،48على األصالة القومية، وال ينال من قدر الكاتب ومقدرت��ه(

ويرج��ع ال��دكتور هالل اعتيادي��ة الت��أثر إلى ع��املين مرك��زيين، أولهما: أن )األصالة المطلقة مس��تحيلة، وأن األفك��ار متفرق��ة مجزأة ملك اإلنسانية جمع��اء، وكفي الناق��د أو الك��اتب أص��الة أن يخلق منها كال تظهر فيه شخصيته. ولذا كان التأثر الهاضم

ويستش��هد ال��دكتور،49غير م��اس بأص��الة الك��اتب أو الناق��د( هالل بت��اريخ األدب اإلنس��اني ليؤك��د أن الثقاف��ات لم تتوق��ف يوم��ا عن تب��ادل المنج��زات األدبي��ة بص��ورها المختلف��ة؛ ف��أمر الت��أثر ش��أن ط��بيعي بين آداب الش��عوب المختلف��ة، ويطل��ق

ليلط���ف، من50ال���دكتور هالل وص���ف: االس���تعارات األدبية خالله، الدالالت الح��ادة ال��تي ق��د تفرزه��ا عملي��ة الت��أثر ح��ول الطرف المتأثر. ونفهم من هذا الوص��ف العام��ل اآلخ��ر ال��ذي يبرر عملية التأثر، وبالذات من جهة الط��رف الالح��ق، ونقص��د بهذا العامل: )أن اآلداب في مختل��ف األمم تتب��ادل فيم��ا بينه��ا

وأن هذه العالق��ات س��لوك م��ألوف،51عالقات التأثير والتأثر( بين الحضارات والثقافات اإلنس��انية، دونم��ا تق��دير العتب��ارات التف��وق أو التم��ايز؛ فهن��اك أمم ت��أثرت وهي قوي��ة، كاألم��ة الروماني��ة في عالقته��ا باألم��ة اإلغريقي��ة، واألم��ة العربي��ة في

عالقتها باألمة الفارسية في العصر العباسي.

المحور الرابع: وظيفة التأثر: يقيم الدكتور هالل في فهمه لطبيعة األدب المقارن التاريخية ثالث وظ��ائف تفض��ي إليه��ا الص��الت المبني��ة على الت��أثر بين

اآلداب. - وظيفة إنسانية؛ تقرب بين الشعوب والحضارات، وتخ��رج1

.52اآلداب القومية من عزلتها - وظيفة قومية؛ تؤديها المقارن��ات التاريخي��ة ال��تي تكش��ف2

عوامل القوة والتميز في األدب الق��ومي؛ األم��ر ال��ذي يجعل��ه.53مؤثرا، أحيانا، في آداب أمم أخرى

- وظيفة تتعلق بتاريخ األدب ونقده؛ فيكمل األدب المق��ارن3 كتابة التاريخ األدبي، ويعين على إنجازه؛ بتزويد مؤرخي األدب

27  www.alukah.net

Page 28:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

بحقائق تتصل بمصادر التأثير الخ��ارجي، وحينه��ا يج��د الم��ؤرخ األدبي في عالق��ة األديب بالمص��ادر الخارجي��ة معلوم��ات تعين على كتاب��ة ت��اريخ الشخص��ية األدبي��ة، أو الت��أريخ للظ��اهرة

.54األدبيةعموما لقد صاغ التصور الس��ابق لل��دكتور محم��د هالل ح��ول طبيع��ة األدب المقارن، كما يبدو، عامالن أساس��يان، عام��ل خ��ارجي، يرتب��ط باالتج��اه السياس��ي والفك��ري الع��ام ال��ذي س��اد في منتصف القرن العشرين في مصر، وفي بعض الدول العربي��ة األخرى، ونقصد به االتجاه القومي العربي. ويدفع هذا االتج��اه ناحية التع�رف على خص��ائص الم��وروث األدبي الق��ومي؛ مم��ا يق��وي اإلحس��اس باالنتم��اء، ويغ��ذي الش��عور بس��مو الهوي��ة المنتمي إليها، وق��د تجلت بعض مالمح ه��ذا االع��تزاز بالهوي��ة، من خالل الح��رص على تك��ريس مقارن��ات تظه��ر القومي��ة العربية: ثقاف��ة وأدب��ا، بمظه��ر المص��در الم��ؤثر ال��ذي أس��هم، وبحيوية، في تشكيل جزء من المدونة األدبي��ة اإلنس��انية ال��تي وجدت في األدب العربي، والثقافة العربي��ة اإلس��المية مرجع��ا

مناسبا لكثير من إمكانات اإلضافة المضمونية والشكلية. ويتص��ل العام��ل اآلخ��ر باالتج��اه األدبي المهيمن في مرحل��ة تكوين ال��وعي لل��دكتور محم��د هالل، وه��و االتج��اه الت��اريخي،الذي مارس تأثيرا عاليا، ووحيدا، في توجيه دراساته المقارنة. لن يكون الدكتور سعيد علوش، في الحقيقة، الط��رف اآلخ��ر الفعال ال��ذي سينش��ط، بحيوي��ة، النق��اش ح��ول طبيع��ة األدب المقارن؛ وذلك يعود إلى عدم احتكامه إلى مح��ددات خارجي��ة وداخلية أثرت مباشرة على مقاربته لهذه المس�ألة، كم��ا ك�ان الحال مع الدكتور هالل الذي قدم فرصة مهمة إلقام��ة نق��اش نوعي حول هذه المسألة؛ نتيجة لتنوع مص��ادر وعي��ه كمق��ارن من جهة، ونتيجة لتمسكه بإعمال تصور، في المقارنة األدبي��ة، رأى أن��ه األص��وب واألك��ثر كف��اءة من غ��يره، ولم��ا أب��داه من تمسك شرس بهذا التصور، إلى الح��د ال��ذي جع��ل من المنهج التاريخي، بإجراءاته المختلف��ة، ح��دا لتعري��ف األدب المق��ارن،

وضبط مفهومه.

28  www.alukah.net

Page 29:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

والطرف اآلخر الذي يمكن له أن يسهم، في تقديرنا، بحيوي��ة في إغن��اء النق��اش ح��ول طبيع��ة األدب المق��ارن عربي��ا، ه��و

الدكتور عز الدين المناصرة. لقد بنينا هذه الثقة في نجاعة إس��هام ال�دكتور المناص�رة في الحوار حول طبيعة األدب المقارن، على اعتب��ارات تش��به في إطارها العام تل��ك ال��تي ك��انت حاض��رة وراء التص��ور الخ��اص بال�دكتور محم�د هالل، وإن ك��انت تختل��ف تمام��ا في جوهره�ا

وطبيعتها. لقد تأسس وعي الدكتور المناصرة )اإلنسان( في إطار أزمة ضاغطة تصل حد المحنة، وهي أزمة المص��ير الفلس��طيني؛ إذ ك��ان ابن الحال��ة الفلس��طينية بامتي��از، مت��أثرا به��ا، وش��اعرا بمرارتها، ومنتجا لممارسات تح��اول الت��دخل لتلطي��ف قس��وة وافع هذه الحال��ة؛ إذا تع��ذر لعالج الت��ام. كم��ا أن وعي��ه األدبي والنقدي، كان متأصال في فض��اء الدراس��ات الفكري��ة واألدبي��ة��ان االشتراكية ال��تي تغ��ذى على كث��ير من رؤاه��ا ومقوالته��ا إب ف��ترة التحص��يل األك��اديمي في بلغاري��ا - هم��ا، إذا، ش��رطان نوعيان سيمارسان ت��أثيرا مباش��را في توجي��ه تص��ور ال��دكتور المناص��رة ح��ول طبيع��ة األدب المق��ارن، وهم��ا يقترب��ان، في إطارهما الخارجي العام، من حال�ة كيفي��ات بن�اء ال�وعي ل�دى

الدكتور هالل. لننظر، اآلن، في بناء تصور ال��دكتور المناص��رة ح��ول طبيع��ة األدب المق���ارن، ومن ثم سنرص���د أوج���ه االختالف بين���ه و ال��دكتور هالل، وإن تقاطع��ا في اإلط��ار الخ��ارجي الع��ام، كم��ا

شددنا على ذلك سابقا. يقيم ال��دكتور المناص��رة مفه��وم المقارن��ة األدبي��ة على مب��دأ

وليس على مب��دأ )الت��أثر(، كم��ا هي الح��ال م��ع،55)التفاعل( الدكتور هالل. وينهض مصطلح )التفاعل( على دالل��ة مركزي��ة هي: المشاركة والتبادل، وهي داللة تتعارض، تماما، مع ما قد

يطرحه مصطلح )التأثر( من مركزية وقطبية. يف��ترض التفاع��ل بين اآلداب، مس��بقا، تف��اعال بين األع��راق والحضارات اإلنسانية؛ وهو، بالتالي، يصطدم مع الثنائية خارج - أدبية التي يعارضها الدكتور المناصرة، والتي تق��وم إم��ا على

وإم��ا على،56التبعية للمركز الغ��ربي )األنجل��و - فرانكف��وني(29  www.alukah.net

Page 30:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

النرجسية القومية، و)التبعي��ة للم��وروث الع��ربي بص��فته أص��ال .فالتفاع��ل األدبي تج��اوز لالرته��ان لمك��وني ه��ذه57ونموذجا(

الثنائية، إذ ينفي التفاعل األدبي حالة االستالب أم��ام النم��وذج الغربي، ويدفع إلى التحرر من الهيمن��ة الض��منية أو الص��ريحة لهذا النم��وذج؛ بوص��فه ق��د ح��از ص��فات المث��ال، ال��تي تؤهل��ه ليكون نموذج��ا متعالي��ا يجب الس��عي لالق��تراب من��ه، ومن ثم التأثر به. ويخدم مفهوم التفاعل األدبي الدكتور المناصرة في الدفع باتجاه البحث عن مقارن��ات م��ع آداب تخ��رج عن دائ��رة المركزية األنجلو - فرانكفوني��ة، ك��اآلداب )الس��الفية والص��ينية

، ويخدم التفاع��ل المت��وازن،58واليابانية واإلفريقية والالثينية( الضامن لقدر مهم من الندي��ة، فك��رة أخ��رى تج��د ص��داها في التعاطي الفلسطيني مع القضية والهم المركزي )فلس��طين(؛ ذلك أن الدكتور المناصرة، في س��عيه لكس��ر هيمن��ة النم��وذج��ر عن رفض��ه المرك��زي الغ��ربي )األنجل��و - فرانكف��وني(، يعب التع��اطي م��ع المنج��ز األدبي اإلس��رائيلي ب��دواعي المثاقف��ة والتطبيع؛ ذلك أن هذا النموذج يرتبط بعالقات حيوية ذاتية م��ع

.59نموذج الهيمنة الغربية اإلمبريالية ونلح���ظ أن ال���دكتور المناص���رة لم يقم رفض���ه للمثاقف���ة

، على أس��باب سياس��ية مباش��رة،60اإلسرائيلية، كما يس��ميها على األق��ل في س��ياق حديث��ه عنه��ا هن��ا، وإنم��ا نج��ده يض��ع المس��ألة في إط��ار أدبي فك��ري محض، يبع��دها عن الرب��ط الذرائعي الصريح بين األدب والسياسة، وهو ما أكسب كالم��ه

إمكانية التلقي الموضوعي. إن إج��راء أي��ة مقارن��ة م��ع النم��وذج الغ��ربي المهيمن، ومن��ه المثاقف��ة اإلس��رائيلية، لن يمنحن��ا مقارن��ة متوازن��ة يش��ترطها مفه��وم التفاع��ل؛ ألن الص��فات العض��وية للنم��وذج المرك��زي الغربي تمنحه أفضلية التفوق على غ��يره؛ العتب��ارات تاريخي��ة

وواقعية. وإذا كان مفهوم التفاعل سيختل في حالة التبعية والتلذذ بها، فإنه سيضطرب، بالمقابل، في وضعية أخرى ق��د تج��رى فيه��ا الدراسات المقارن��ة، وهي وض��عية النرجس��ية القومي��ة، ال��تي ستنتج إحساسا غير واقعي، ومبالغ فيه، بقوة حضور النم��وذج الع��ربي ال��تراثي، وبقدرت��ه االس��تثنائية والدائم��ة الت��أثير على

30  www.alukah.net

Page 31:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

اآلداب األخرى. والوقوع ضمن هذا اإلحساس، الذي قد يص��ل مرتبة الوهم، يحذر من�ه ال�دكتور المناص��رة من واق�ع خش�يته على تجدي��د األدب الع��ربي، ودفع��ه باتج��اه تط��وير وس��ائله وتقنياته من خالل التفاعل مع اآلداب األخرى، ما ينأى ب��األدب الع��ربي عن مش��اعر االكتف��اء ال��ذاتي الق��ومي.) نحن اآلن مطالبون تحديدا بإنتاج ثق��افي - فك��را وإب��داعا... وال يتم ذل��ك بمن��ع التفاع��ل م��ع اآلخ��ر ب��ل ب��االنخراط الكلي في معرك��ة

.61الكتابة( يصطدم مفهوم التفاعل األدبي المتوازن لل�دكتور المناص�رة، بثنائية أخرى، وهي ثنائية، ه��ذه الم��رة، أدبي��ة، تتص��ل بالش��أن األدبي، وبطبيعة المقاربة التي يرتضيها الدكتور المناصرة عند

كل مقارنة أدبية. يرفض الدكتور المناصرة االنسياق التام وراء االتجاه النق��دي في األدب المقارن؛ بحجة االهتمام بالنص األدبي، واالنص��راف لبنيت��ه الفني��ة الجمالي��ة: دراس��ة وتحليال؛ من منطل��ق الوف��اء ألدبية األدب، كما يشدد على ذلك االتجاه الشكلي في دراس��ة األدب )إن ال��دخول في مقارن��ات مباش��رة بين النص��وص م��ع

إنما ه��و قف��ز على،62إلغاء إيديولوجية وتاريخ هذه النصوص( . وال يع��ني ح��رص63)البني��ة الحاكم��ة األساس��ية في النص(

ال��دكتور المناص��رة على ع��دم المبالغ��ة في االهتم��ام بهيك��ل النص، وه��و الط��رف األول من الثنائي��ة الداخلي��ة ال��تي نحن بصدد الحديث عنها اآلن، أنه يمي��ل أك��ثر إلى اعتم��اد الط��رف اآلخ���ر من ه���ذه الثنائي���ة وهي تب���ني المنهج الت���اريخي في المقارنات األدبية؛ ألنه ينظر إلى مفهوم التأثير والتأثر بوصفه

؛ وألن المدرس��ة64اتجاه��ا بالي��ا في األدب المق��ارن الح��ديث.65الفرنسية المعروفة بتوجهها التاريخي بطيئة واستطرادية

بين المنهج الت��اريخي الفرنس��ي والنق��دي األم��ريكي يص��ل الدكتور المناص��رة إلى اس��تحداث ص��يغة تص��الحية توف��ق بين التصورين، في إطار الحرص ال��دائم على الت��وازن. فال المنهج الت��اريخي، منفص��ال، يفي��د األدب المق��ارن، والمنهج النق��دي، مستقال، ينهض بكل عملية المقارن��ة، وتفاص��يلها. أم��ا التص��ور الذي يكفل نتائج مهمة من كل مقارن��ة أدبي��ة، ويحق��ق إج��راء مقارنة متوازنة فعالة، فهو أن تق��وم الدراس��ة المقارن��ة بنق��د

31  www.alukah.net

Page 32:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

النص األدبي مراعية اجتماعيته، والش��روط المادي��ة الخارجي��ة التي ولد فيها، أي إجراء مقارنة تأخذ في االعتبار هيكل النص،

.66وال تغيب ظروف إنتاجه الواقعية وال يخفى أث��ر ق��راءات ال��دكتور المناص��رة للفك��ر الم��ادي الماركسي وهو يقترح ه��ذا التص��ور، وال أث��ر توجي��ه المدرس��ة السالفية في األدب المقارن التي دفعته أكثر إلى االنحياز إلى عدم تجاه��ل التفك��ير الم��ادي الج��دلي، عن��د ك��ل مقارن��ة بين

النصوص. الهوامش:

- المناص��رة، ع��ز ال��دين، المثاقف��ة والنق��د المق��ارن، دار1.122،ص1987العودة، بيروت، الطبعة الثالثة،

وأيضا مقدمة حسام الخطيب لكت��اب روحي الخال��دي: ت��اريخعلم األدب عن الفرنج والعرب وفيكتور هيجو.

- علوش، سعيد، مدارس األدب المق��ارن، المرك��ز الثق��افي2.24،ص1987العربي، الطبعة األولى،

.38 - المناصرة، عز الدين، المثاقفة والنقد المقارن، ص3.18 - المرجع نفسه، ص4ان، عب���د الحكيم، األدب المق���ارن بين المفه���ومين5 - حس���

،ص1983الفرنسي واألمريكي، مجلة فصول، الع��دد الث��الث، 12.

- عبود، عبده، األدب المقارن مش��كالت وآف��اق، منش��ورات6.9،ص1999اتحاد الكتاب العرب،

.189 وأيضا: مكي الطاهر أحمد، األدب المقارن، ص.33 - المناصرة، عز الدين، المثاقفة والنقد المقارن،ص7 - المناصرة، عز الدين، علم التناص المقارن، دار مجدولي،8

.372،ص2006عمان، الطبعة األولى،.167، ص 1987 - علوش، سعيد، مدارس األدب المقارن،9

.171 - المرجع نفسه، ص 10 - هالل، محم���د غ���نيمي، األدب المق���ارن، دار الع���ودة،11

.83،ص 1987بيروت، الطبعة الثالثة، 32  www.alukah.net

Page 33:  · Web view(أريد للأدب المقارن أن يوضع في منهج الجامعات)12؛ لأن مطلب مواكبه المعروض المعرفي الغربي كان ضاغطا

المقارنين كتابات في المقارن األدب نظريةالعرب

  

.83 - المرجع نفسه، ص12.83 - المرجع نفسه، ص13.83 - المرجع نفسه، ص14 - درويش، أحمد، األدب المقارن النظرية والتطبيقي��ة، دار15

.2، ص1996الفكر الحديث، القاهرة، الطبعة الثالثة،.24 - علوش، سعيد، مدارس األدب المقارن، ص16.50 - عيود، عيده، األدب المقارن، مشكالت و آفاق،ص17ان، عب��د الحكيم، األدب المق��ارن بين المفه��ومين18 - حس��

.11الفرنسي واألمريكي، ص.10 - هالل، محمد، األدب المقارن،ص19.10 - المرجع نفسه،ص20

33  www.alukah.net