ما هو االستعمار ؟[ قال تعالى: }هو1االستعمار لغة هو طلب التعمير والسعي لتحقيق العمران] - 1

[2أنشأكم من األرض واستعمركم فيها{] .استيالء شعب بالقوة العسكرية على شعب آخراالستعمار اصطالحا يطلق على -2

.لنهب ثرواته واستغالل أرضه، وتسخير طاقات أفراده لمصالح المستعمرين ويرافق ذلك اتخاذ مخططات تحول هذا الشعب عن دينه ومفاهيمه ومبادئه إلى ما عليه دولة الشعب الغالب المستعمر من مبادئ ونظم وعادات إذا كان بين الغالب

[3والمغلوب تباين في ذلك] .

إن االستعمار مهما تعددت أساليبه وأشكاله فهو حركة توسع من جانب الدول القويةلى حساب دول أخرى تقوم باحتاللها واخصاعها بلقوة بهدف نهب ثرواتها الطبيعي

وتسخير طاقاتها البشرية في خدمة مصاحلها

؟هل هناك تنوع في أنواع االستعمار أشكال األستعمار:

( االستيطان:1) شجعت الدول االستعمارية رعاياها على الهجرة إلى

البالد التي تم اكتشافها التي ترغب في استعمارها وعملت على استيطانهم فيها الستغالل

ثرواتها كما لجأت في بعض األحيان إلى قتل السكان األصليين وتشريدهم

ومصادرة أرضيهم وتوزيعها فلسطين وجنوبعلى المستوطنين كما حصل في

أفريقيا .( االحتالل العسكري:2)

هو عبارة عن قيام الدول االستعمارية القوية باحتاللأراضي الدول الضعيفة

وإخضاع شعوبها بقوة السالح ومن األمثلةفرنسا للجزائر وتونسعلى ذلك: احتالل

( الحماية:3) هي احتالل بلد معين وإجبار حكامه على توقيع معاهدة

حمابة توضع بموجبها الشؤون الخارجية والعسكرية والمالية لهذا البلد تحت تصرف

الدولة التي قامت

باالحتالل ومن األمثلة على ذلك: معاهدات الحمايةالتي فرضتها

بريطانيا على حكام منطقة الخليج العربي والجنوبالعربي

في أوائل القرن التاسع العشر الميالدي( االنتداب:4)

أوجدت الدول المنتصرة بعد الحرب العالمية األولىشكال جديدا من أشكال االستعمار أطلقت عليه

وهو عبارة عن وضع ممتلكات الدول))االنتداب((المهزومة في الحرب العالمية األولى

تحت سيطرتها بحجة النهوض بشعوبها ولكن الهدفالحقيقي هو نهب ثروات

هذه الشعوب وجعلها سوقا رائجة لمنتوجاتها

ومن األمثلة على ذلك : وضع سوريا ولبنان تحت االنتداب الفرنسي بعد الحرب

العالمية األولىووضع فلسطين تحت االنتداب اإلنجليزي

( الوصاية:5)

أقرت هيئة األمم المتحدة نظام الوصاية بعد الحربالعالمية الثانية كبديل لنظام اإلنتداب

وبموجبه وضعت بعض الدول التي كانت تحت اإلنتدابتحت وصاية الدول

الكبرى للوصول بشعوبها إلى االستقالل الكامل ومناألمثلة على ذلك: الوصاية الدولية على كل من

ليبيا والصومال.

كيف ومتى وصل االستعمار إلى العالماإلسالمي ؟

إلى تعود بداياتها أن فنجد الحديث، عصرنا في اإلسالمي العالم على االستعمارية الهجمة قصة عن أماللهند، الغربية الشواطئ على البرتغال سيطرت عندما وبالتحديد عشر، السادس القرن أوائل

السيطرة ولكن القرن، هذا طوال الهند إلى المؤدية العالمية المالحة بخطوط االنفراد واستطاعتلخطوط البرتغالي االحتكار هذا لكسر الهادفة وفرنسا بريطانيا ضربات تحت تنهار بدأت البرتغالية

الهند إلى البحرية .المالحة

الشرقية الهند شركة الشركات تلك أشهر ومن االحتكار، هذا كسر في التجارية الشركات نجحت وقدالمغولية اإلسالمية اإلمبراطورية حكام يأبه ولم عشر، السابع القرن مطلع في ظهرت التي البريطانية

. الشركة تلك له تمث الذي للخطر البداية في الهند في

توجه لكي اإلسالمية اإلمارات بين والمشاحنات والمسلمين، الهندوس بين العداء بريطانيا استغلت كما ) عام ) البنغال إقليم في اإلمبراطور نائب الدولة سراج إلى قاصمة ثانية 1757ضربة بضربة تلتها ثم م،

عام نفسه المغولي اإلمبراطور بتوجيه 1764إلى قامت ثم البنغال، على بعدها بريطانيا استولت معام المسلم ميسور ملك إلى قاضية ثالثة ثم 1798ضربة فرنسا، مع ضدها تحالفه كشفت أن بعد م

مقاومة؛ أي على القضاء في العسكرية قوتها مستغلة الهند في السريع ع التوس في بريطانيا أخذتكانت التي اإلسالمية المغولية اإلمبراطورية بعودة تطالب كانت شعبية ثورة تخمد أن استطاعت حيث

الحكم ا رسمي تفرض أن النهاية في بريطانيا واستطاعت والهندوس، المسلمين بين التسامح رمزعام في الهند على .(1)م1857البريطاني

كانت األثناء هذه مراحلها وفي أضعف في العثمانية الخالفةفي طمعا يسيل حولها من االستعمارية األمم لعاب بدأ وقد

عام في مصر على الفرنسية الحملة وانقضت ممتلكاتها،دولة 1798 تعرضت كما االستراتيجي، موقعها في طمعا م

عشر التاسع القرن من األولى السنوات في الخالفةخروج صدمة مثل قوتها، أوهنت التي الصدمات من لسلسلة

عام في طاعتها عن الصرب السيطرة 1804بالد من اليونان تململت كما باالستقالل، ومناداتها موالثورة التمرد في وبدأت .(2)العثمانية

عام باريس لصلح التالية الفترة في وبالتحديد الوسطى، آسيا في الروسي ع التوس بداية ذلك واكبالجبهة، 1856 تلك في خسائرها تعويض ومحاولة األوربية الجبهة في الروسية الهزيمة تأثير وتحت م،

الوسطى آسيا إلى حاجتها وأيضا األورال، شرق العسكرية مراكزها دعم إلى روسيا حاجة إلى إضافة. الروسية القطنية للمنسوجات كسوق

عام خجند على باالستيالء وقامت الوسطى آسيا في الداخلية األوضاع ضعف روسيا استغلت وقدعام 1865 بخارى ثم عام 1868م، للهند الغربية الشمالية الحدود من القريبة خيوه ثم م.1873م،

تكون بأن يقضي بينهما سابق التفاق الهند باتجاه الروسي التوسع هذا لمواجهة بريطانيا تتحرك ولمنفوذ منطقة أفغانستان شرق الواقعة واألراضي روسي، نفوذ منطقة جيحون نهر غرب الواقعة األراضي

آسيا. على للهيمنة الروسي البريطاني االستعماري التنافس على المؤرخون أطلق وقد بريطاني ) الصينية ) الهند منطقة في أخرى مباراة لبريطانيا كان وقد ، الكبرى المباراة اسم وأفغانستان الوسطى

. التركمانية، األقاليم على واستحوذت الوسطى، آسيا في توسعها روسيا استأنفت وقد فرنسا مع ولكنعام مرو مدينة على عام 1879واستولت البنجاب إلى ووصلت .(3)م1885م،

عام المستكشفون 1878وفي وبدأ برلين، مدينة في اإلفريقية للدراسات األلمانية الجمعية أنشئت مإنشاء بغرض األلمانية الجهود وتكاتفت وتنجانيقا، زنجبار بين الواقعة المنطقة في يعملون األلمان

من خوفا االتجاه هذا بسمارك فيه عارض الذي الوقت في هذا اإلفريقية، القارة في لهم مستعمراتبسمارك أعلن االستعمار نحو الجارف التيار أمام لكن الدولية، المشكالت في سياسته (4)التورط عن

عام إبريل من الفترة في اإلفريقية القارة في مستعمرات أربع كون واحد عام غضون وفي الجديدة،عام 1884 يوليو حتى القارة، 1885م شرق في تنجانيقا من كال المستعمرات هذه وشملت م،

.) حاليا ) ناميبيا إفريقيا غرب جنوب ومنطقة الغرب، في وتوجو والكاميرون

القوة هذه أمام الحياد سياسة تغيير على بريطانيا فجأة بسمارك أعلنها التي السياسة هذه أجبرتالبريطانيين إرضاء اإلمكان بقدر ويحاول البريطاني، الشعور هذا يدرك بسمارك وكان الناشئة، األلمانية

. االستعماري التنافس من الحقبة تلك في

شرق في األلمان مع صراعات في ودخلت اإلفريقية القارة جنوب في بريطانيا تحركت بالفعل ولكنفي أكلها تؤتي بدأت الفرنسية االستعمارية السياسة كانت حيث غربها؛ في الفرنسيين ومع القارة،

وادي حوض في الداخل إلى طريقهم يشقون الفرنسيون التجار أخذ بعدما اإلفريقية، القارة غربغرب منتجات على فرنسا تسيطر لكي حديدي؛ بخط النيجر وأعالي السنغال ربط بهدف السنغال

بشكل. يؤثر أنه كما جامبيا، في البريطانية التجارية المراكز في أثره اإلجراء لهذا كان وبالطبع القارةاألوربي التكالب بداية هذا فكان الذهب، وساحل سيراليون إلى المؤدية التجارية الطرق في مباشر غير

اإلفريقية القارة .(5)على

عام بريطانيا استطاعت فقد العربي عالمنا في - 1820أما تعقد - أن عديدة ضغوط ممارسة وبعد مبين الواقعة المناطق في وبالتحديد العربي، الخليج منطقة في الساحلية القبائل رؤساء مع اتفاقيات

التي المنطقة هذه في البريطاني للنفوذ دعامة االتفاقيات هذه أصبحت وقد عمان، سلطنة وحدود قطر. المهادن الساحل باسم الحين ذلك منذ تعرف أصبحت

االستعماري الغزو تجابه كانت حيث إفريقيا، قارة شمال في اإلسالمية الدول تسلم لم األثناء هذه فيالفرنسي.

عام في الفرنسي للغزو الجزائر نابليون، 1830تعرضت عهد إلى الجزائر في الفرنسي الطمع ويعود م،احتالل فرنسا قررت ولذلك الفرنسية؛ الصناعة لتطوير ضرورية خارجية سوقا الجزائر يعتبر كان حيث

. عن الجزائر عجزت عندما ضالتها فرنسا ووجدت للغزو المناسبة الذريعة إال أمامها يبق ولم الجزائرباشا حسين قام المنازعات هذه إحدى وفي منازعات، ثم تجاذبات بينهما وحدثت لفرنسا، دينها سداد

را مبر التافه الحادث هذا فرنسا واتخذت يده، في كانت بمروحة الفرنسي القنصل بضرب الجزائر والي . يونيو شهر في الجزائر ميناء على الحصار فرنسا فرضت ثم ومن الجزائر استمر 1827الحتالل والذي م

عام ودارت 1830حتى الفرنسيين، الجنود من ألفا ستين بقرابة ا عسكري الجزائر اجتياح تم حيث م، . يوم صباح وفي استسالمه وثيقة باشا حسين بتوقيع انتهت متكافئة غير يوليو 5معركة م1830من

عاما أربعين الجزائرية المدن كافة إخضاع استغرق وقد الجزائر، مدينة إلى الفرنسية القوات دخلتالباسلة الجزائري الشعب مقاومة بسبب .(6)كاملة؛

المغربية الدولة كانت وقد الفرنسي، االحتالل براثن في وقوعها بعد الجزائر لنصرة المغرب ت هب وقدنها تمك عدم من الرغم على وذلك ومهابة، قوية دولة عشر التاسع القرن منتصف وحتى الفترة هذه في

العربية الدولة هي المغربية الدولة فإن اإلسباني، االحتالل يد من ومليلة سبتة مدينتيها تخليص منالمقاومة مساندة في المغرب استمرت ذلك ورغم العثمانية، الخالفة راية تحت تنضو لم التي الوحيدة

. حمايتها عن العثماني الجيش عجز أن بعد الجزائرية

وكشف الفرصة هذه اقتنص الذي الفرنسي المستعمر عن خافية المغربية المساعدات تكن لم وبالطبعإيقاف بحجة المغرب بغزو التعجيل على فرنسا فأقدمت المغرب، تجاه االستعمارية أغراضه عن

. الجيش استطاع وبالفعل والمقاومة التمرد على فتعينهم الجزائريين إلى منها تصل التي اإلمداداتفي إيسلي وادي معركة في جيشها على انتصاره بعد المغرب في قدمه يضع أن من 14الفرنسي

فرنسا 1844أغسطس مع حماية معاهدة في الدخول على المغرب وأرغمت .(7)م،

هذه في ة القبلي المشيخات مع أبرمتها التي االتفاقيات بعد العربي الخليج في أوضاعها بريطانيا بت رتتحت صغيرة دويالت أو سياسية وحدات إلى تتحول المشيخات هذه بدأت عندما وباألخص المنطقة،

عام حتى ا سنوي تجدد االتفاقيات هذه كانت وقد البريطانية، جديدة 1843الحماية معاهدة عقدت حيث م . عام وفي سنوات عشر يكون 1853لمدة بأن يقضي وبريطانيا القبائل شيوخ بين دائم اتفاق توقيع تم م

البريطاني اإلشراف تحت المنطقة هذه في السالم على .(8)الحفاظ

عام ففي العربي؛ الخليج منطقة في نفوذها توسيع على عملت بل بذلك بريطانيا تكتف م1861لموأصبحت الحماية تحت وضعتها ثم االتفاقية، هذه في الدخول البحرين إمارة على بريطانيا فرضت

. الخارجية وسياستها الداخلية شئونها في التصرف صاحبة

العقدين - أثناء الشرقية اإلمبراطوريات أهم من إمبراطورية كانت التي عمان أو مسقط سلطنة أما ) الشمال ) في المو ميناء من اإلفريقي الساحل على وتسيطر عشر، التاسع القرن من والخامس الرابع

- ) عام ) في انقسمت فقد الجنوب في كيلوه ميناء : 1861إلى وزنجبار؛ مسقط هما سلطنتين إلى م. مسقط على البريطانية الحماية فرض من النهاية في نجح الذي البريطاني للتدخل مباشرة كنتيجة

كيف قدم الفيلم فظايع المستعمر وما الغرض منها ؟النساء وترويح األعراض وانتهاك والتقتيل، والعقلي، الجسدي والتعذيب السجون في الزج

.واألطفال

الجرائم أبشع من ايطاليا ارتكبته ما و اإليطالية االستعمارية الفظائع عن الكتابة إنالقلم و اللسان عنها يعجز اإلنسانية ضد

ال و المتتالية األجيال عنها تشهد زالت ال االستعمار عهد في المرتكبة الجرائم إنمن شبر كل الشهداء دماء سقت الذي الجريح القطر هذا في خالدة آثارها زالت

االستعماري . الجيش اعتمد لقد التاريخ ينكرها أن المستحيل من انه بحيث أراضيهالليبي الشعب مع تعامله في الدمار و اإلبادة و الشاملة الحرب استراتيجية االيطالي

. أنواع كل الغزاة هؤالء انتهج قد أراضي على السيطرة و االستيطان من لتمكين

, , , , , , هدم, و النهب و التقتيل و التعذيب و السجن و التهجير و اإلبعاد و القهر. , الدينية اآلثار و المنشآت و االعتقادات و االقتصادية و التعليمية المؤسسات

السلوك و الوحشية الوسائل كل االستيطانية مطامعهم لتحقيق استعملوا و . المتعفن الالحضاري

جائرة استعمارية قوانين وضع إلى إنسانية الال الممارسات هذه كل كذلك أدت كما , , , , و النهب و التدمير و التعذيب و االضطهاد و االعتداء فيها تكرس بالسكان خاصة

, جميع على المسلمين السكان تمثيل دون الحيلولة و المزيفة االنتخابات تزوير حتىفي نطبق ال أننا القول يمكن بأنه بأنه فلوري السابق النائب صرح بحيث المستويات

Quinzaine Coloniale( جريدة في) Fleury Raffarinفي نطبق ال أننا رافاران " ـ : " والجور اإللغاء و الردع ثالثة كلمات في تتلخص سياسة سوى الجزائر

و المذابح سرد تخلودون ال أنفسهم الفرنسيين تقارير و يوميات أصبحت انه كما . من فرنسا حكام و قادة كان وقد المعمرون الكولون يرتكبها كان التي الجرائم

ما كل مكرسين الوحشية السياسة هذه تنفيذ في الفعالة األداة ومدنيين عسكريين. البالد هذه في االحتالل لترسيخ تهجير و تعذيب و سطو و بطش قوة من لديهم

كامال :" تدميرا دمرنا أننا قائال له تقرير في المحتل الجيش قادة احد يعترف هكذا و. , , تقدر ال السكان بؤالئك فرقتنا ألحقتها التي الخسائر و الحقول و األشجار و القرى

الطريقة , هي هذه بان أجيبهم فأنني شرا؟ أم خيرا عملنا كان هل البعض تساءل إذا»..... الرحيل على حملهم و السكان إلخضاع الوحيدة

الفرنسي ) الجيش احترام عدم الوحشية عملياته اعترف( Bugeaudأثناء وقدبيجو المرشال

عملية يؤخر القواعد هذه احترام أن الو الجزائريين مع تعامله في اإلنسانية للقواعدالوجود. من محى بأنه رسائله احدى في ارنو سانت المارشال افتخر قد و االحتالل

. ما على بيجو البرلمان الم لما و القتلى جثث من جباال طريقه في أقام و قرى عدة : القواعد مراعاة بان أرى أنا عنه مدافعا قال أرنو سانت للحرب وزيره ارتكبه

. نهاية ماال إلى تمتد إفريقيا في الحرب تجعل اإلنسانية , البليدة , مذبحة أمثال نهار ليل بها مصرحا و مباحة الجرائم و المذابح كانت هكذا و

يد علىالفراشيش ) غار ومذبحة ،Duc de Rovigo ( )يد على العوفية (Clauzelومذبحة

كلوزال الجنرالأخرى ) شهادة الشلف قبائل السفاح( )Cavaignacفي كذلك ارتكبه وما

Pélissier )العقيد يد علىقائد لكل هواية البشعة المجازر و اإلبادة عمليات من األنواع هذه أصبحت حيث

الشهيرة فرنسا ثورة شعار وباسم الحضارة باسم جاء فرنسي عسكري. إخوة" , و مساواة حرية

اتخذت التي أمالكهم و أراضيهم من الهكتارات أالف من السكان تجريد تم كما . و المساكن سلبت كما الناس كل مسمع و مرأى على تخرب كانت التي و بالقوة

, القرى بعض تخريب تم كما األولى بالدرجة لليهود أعطيت و التجارية المحالتالدين , األوربيين للمستوطنين بيعها أو الدينية المؤسسات وهدم تاما تخريبا بكاملها

بأصحابها , بالغة اضطرارا الضمار هذا الحق وقد مكانها وبنو هدموهابدون: " ) أمالكهم من المجردين األهالي ان ذلك( DELSPESقائال على شهد بحيث

الفرنسيين أحد " ـ التسول حد إلى الشقاء بهم بلغ تعويض

لدى موجود كان شئ كل على هدمها محاول االستعمارية السياسة ركزت وقدوالمدارس , والجوامع المساجد رأسها وعلى الدينية المؤسسات سواء الجزائريين

ومعتقدات ومقومات مبادئ على الحفاظ في دور من المؤسسات لهده لما والزوايا

دي جانتي دلك عن عبر وقد اإلسالمي العربي الحضاري وانتمائه الجزائري الشعب ": " منازع " بال أصحابها فنحن الجزائر أخدنا بقوله الحضارية السياسة هده عن بوسي

" ـ غيره أو الهدم ناحية من سواء لنا يحلو ما كل فيها وسنعمل

, إذ والحقيرة الدنيئة والمساواة الحرية لممثلي الحضاري االفتخار هذا في غرابة والفي المرتكبة اإلنسانية ضد والجرائم االستعمارية الفظائع هذه كل تعداد يمكننا ال

و بالمقاومة الجزائري الشعب أفعال ردود تتبعها كانت ما غالبا التي الجزائراالستعمارية . اإلدارة على التمرض

اهي غايات وأهداف المستعمر؟مأسباب األستعمار:

ما دوافع استعمار أوروبا للوطن العربي؟ تعرض الوطن العربي منذ القرن السادس عشرالميالدي للغزو االستعماري األوروبي ومع أواخر

القرن الثامن عشر الميالدي تسابقت الدولاالستعمارية األوروبية فيما بينها

لفرض سيطرتها على الوطن العربي ومن العواملالتي دفعتها لذلك:

أوال- الموقع الجغرافي المتميز للوطن العربي :

هناك قرتين يمتد بهم الوطن العربي وهما آسياوأفريقيا

ومضائق يتحكم بها مثل جبل طارق,بابالمندب,هرمز ,قناة السويس

وبحار ومحيطات وخلجان مثل البحر األحمر والمتوسطوبحر العرب وخليج عدن والخليج العربي و

خليج عمان وخليج العقبة والمحيط األطلسي والمحيطالهندي

مما يجعلنا نستنتج أن الوطن العربي يحتل موقعا هاما ومتميزا بين قارات العالم القديم ويتحكم بطرق

المواصالت العالمية بين الشرق والغرب مما جعله محط أنظار الدول االستعمارية األوروبية

ثانيا- ضعف الدولة العثمانية:

)شعار الدلولة العثمانية( إن الضعف الذي بدأ يسري في أوصال الدولة العثمانية

منذ القرن الثامن عشر الميالدي جعل الدول االستعمارية األوروبية تلقب الدولة

))رجل أوروبا المريض((العثمانية بلقب كما أغرى هذه الدول على التنافس فيما بيها القتسام

ممتلكات الدولة العثمانية وبخاصة والياتها العربية وقد أطلق المؤرخون

األوروبيون ))المسألةعلى هذا التنافس األوروبي اسم

الشرقية((.

ثالثا-الوطن العربي مصدر للمواد الخام: زادت حاجة الدول الصناعبة األوروبية إلى المواد الخام

إثر قيام الثورة الصناعية وكذلك حاجتها إلى توفير أسواق لبيع منتجاتها الصناعية

فوجدت ذلك في البالدالعربية

حيث تتوافر فيها المواد الخام واألسواق التي تحتاجهاصناعة

هذه الدول األوروبية

رابعا- مكانة الوطن العربي الدينية:

))مهبط األديان السماوية((يطلق على الوطن العربي الن معظم األديان السماوية

هبطت فيه استغلت الدول األوروبية مكانة الوطن العربي الدينية

باعتباره مهبطا للديانات السماوية فتذرعت بحجة حمايتها لألماكن المسيحية المقدسة

في الوطن العربي وتدخلت

وتدخلت في شؤونه ثم احتلت معظم اقطاره

خامسا- خوف أوروبا من قيام دولة عربية موحدة: تخوفت أوروبا وبصفة خاصة بريطانيا من نجاح نهضة

مصر في عهد محمد علي وقيام دولة عربية موحدة وحديثة تقف حائال دون تحقيق أطماع

الدول األوروبية االستعماريةفي الوطن العربي

.ما هي غايات وأهداف المستعمر ؟

.هدف ديني يكمن في هدم اإلسالم هدما كليا وإضعاف وتفريق المسلمين -1 هدف اقتصادي يكمن في استغالل ثروات المسلمين من حيث التوسع في األراضي -2

اإلسالمية لالستغالل أو االستيطان، وحينما ال يرضى أصحاب األرض الشرعيين فإن .المستعمر يقوم بمصادرة األرزاق وسلب األرض

هدف سياسي يكمن في الهيمنة والسيطرة على المسلمين وتسخيرهم في األعمال -3 االستثمارية والحربية إذ يجندون الشعوب المغلوبة ويدفعون بها إلى معارك حربية ضد

[4شعوب أخرى ] .

ولالستعمار مؤسسات أساسية ضخمة تقوم بالعمل في سبيل تثبيت وجودها وتأكيد بقائها، وأهمها التبشير واالستشراق، وهذه المؤسسات تحمل دعوات مختلفة إلى

التغريب والشعوبية وتظهر بأسماء مختلفة كأسماء ثقافية أو حضارية، وهي تسعى إلى إخراج المسلمين من القيم والمبادئ اإلسالمية وصهرهم في الثقافات الغربية، ومن األدلة على ذلك وثيقة استعمارية لنصارى وطنيين وجدت في أحد أديرة لبنان مكتوبة بالفرنسية قيل فيها: إن هذا الوطن لم يخلق إال لكم؛ حتى تجمعوا شملكم وتباشروا حريتكم بعد الحروب الخيرة التاريخية، فاعلموا جيدا أن كلمة لبناني معناها مسيحي،

.أما العرب الذين جاءوا من الصحراء فيعودون إليها

[تجمع عقيدة التوحيد األمة7فهذا يدل على العالقة الوثيقة بين االستعمار والتنصير] اإلسالمية في شتى بقاع األرض وهي العقيدة التي شيدت حضارة إنسانية آلفت بين

القيم الروحية واألخالقية ومصالح البشر وقواعد المعارف ومناهج العلوم التي نهض بها الغرب األوروبي في عصر نهضة تزامن معه الوهن الحضاري والسياسي في األمة اإلسالمية، بسبب تراخي السلطة وكثير من الجماعات في االلتزام بثوابت شريعة

التوحيد مما تسبب في الضعف والتشرذم السياسي الذي هيأ لالستعمار األوروبي أن يفتت األمة لتدفع ثمن وهنها من رصيد حرياتها وثرواتها ومستقبلها المهدد دائما بالسرطان اإلسرائيلي الذي ترعاه الصهيونية األميركية. وال حاجة لسوق األدلة

والبراهين على حرص قوى الغرب األميركي األوروبي على استمرار تقزيم األمة اإلسالمية بوسائل مستحدثة بعد أن نالت حريتها السياسية من االستعمار األوروبي. ولم تسر قوى البغي السياسي واالقتصادي الغربي على نهج السيطرة العسكرية فقط بل ابتكرت وسائل اختراق فكرية ومعنوية وثقافية إلذابة المناعة والحصانة اإليمانية التي تتميز بها العقيدة اإلسالمية لدرء األخطار والصمود ضد الكراهية والعدوان، ساعدها على ذلك التقدم الذي حققته في فنون أوتقنيات اإلعالم والدعاية التي جابت اآلفاق

بالفضائيات وثورة المعلومات واألمة اإلسالمية رغم اتساع رقعتها الجغرافية والسكانية فإن قلبها ومحرك وجدانها كان دائما في وسطها العربي والتركي ?العثماني? واإليراني، ومن ثم كان التوجه

اإلستراتيجي للهيمنة الغربية وتملك زمام رؤوس هذا المثلث الكبير بل، إذا أردنا دقة وتركيزا أكثر، كانت مصر والشام والعراق وشمال إفريقيا هي مفاتيح السيطرة على

األمة اإلسالمية. وكان قلب ذلك كله مصر المستهدفة دائما على مدار التاريخ فهي كبد المناعة والحصانة والدفاع عن األمة اإلسالمية. وما زالت تعتبر الموقع االستراتيجي

المفضل لبوابة الشرق واإلسالم، يشهد على ذلك قديم التاريخ ووسطه وحديثه. إن قوة

مصر والعالم العربي ليست بنظم الحكم التي غلب على سمتها القهر واالستبداد بل في قوة الشعوب التي إن تحررت من قيود بغي احتكارات السلطات االستبدادية

لفعلت، ما يتصوره البعض مستحيال، في تجاوز التخلف واللحاق بركب التقدم والحرية.والديموقراطية والعدالة

إن تاريخ العالقة بين العالم اإلسالمي والغرب له وجهان، األول مشرق أطل على البشرية بحضارة إنسانية تحفها الرحمة والتسامح والدعوة الى الهداية والتوحيد من

دون إكراه في الدين، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وكما هو شائع ومعلوم لدى مفكري وعلماء ومستشرقي الغرب فإن النهضة األوروبية لم تقم على أساس المنهج

العلمي إال بفضل علماء المسلمين وفقهائهم وفي مقدمتهم اإلمام الشافعي الذي أرسى قواعد أصول الفقه التي أسست قواعد التفكير العلمي الموضوعي وذلك

الذي دحض زعم روجيه (Prantl) بالشهادة التأريخية العلمية لمؤرخ المنطق برنتال بأنه مؤسس المنهج العلمي التجريبي، إذ إنه أخذ كل النتائج (Bacon,R) باكون المنسوبة إليه من العرب. فعال استثمر الغرب ما أفاده في دفع وانطالق المدنية الغربية الحديثة متحررا من ميزان القيم اإلنسانية في عالقته مع العالم اإلسالمي

صاحب الفضل عليه ضاربا بقيم التسامح والمودة عرض الحائط فهو ال يبغي اال تحقيق تفوقه ومصالحه على حساب حقوق الشعوب األخرى فكان المد االستعماري التقليدي الذي أصاب العالم اإلسالمي في مقتل، فسخرها كإحدى أدواته للسيطرة على العالم اإلسالمي الذي مازال يئن من استمرار سطوته باستعمار مستحدث جعل من العالم

اإلسالمي دوال ودويالت مستقلة شكال ال مضمونا، أي أنها ما زالت تسير نظمها.السياسية في فلك التبعية له

أما الوجه اآلخر األشد ظلمة من سواد الليالي فهو ردود أفعال العالم الغربي ازاء انتصارات المسلمين منذ انطالق الحضارة اإلسالمية، وتنامي الشعور بالكراهية نحو

المسلمين على مدى عدة مراحل أو محطات حسب تعبير الدكتورة نادية مصطفى في.أحد الحوارات التي شاركت فيها

حيث أفادت أن المحطة األولى كانت بعد ظهور اإلسالم مباشرة وانتشاره في شبه الجزيرة العربية والثانية كانت منذ وصول اإلسالم إلى األندلس جنوبي أوروبا في عهد الخالفة األموية، واستقر فيها اإلسالم نحو ست مائة عام، أما المحطة الثالثة فجاءت

في الحروب الصليبية الحاقدة التي رفعت الصليب واستمرت ألكثر من مائتي عام، أما الرابعة فكانت في فتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية المسيحية وما أعقب

ذلك من قيام الدولة العثمانية التي امتدت إلى حدود النمسا في وسط أوروبا، وكانت الخامسة في حركة االستعمار األوروبي للعالم العربي واإلسالمي التي جاءت في

أعقاب عصر النهضة والكشوف الجغرافية، أما السادسة فكانت في حركات التحرر التي قامت في العالم العربي واإلسالمي للتخلص من االستعمار ثم كانت المحطة

السابعة في إنشاء الغرب األوروبي واألميركي إلسرائيل كرأس حربة في قلب العالم العربي واإلسالمي وأخيرا الثامنة وهي معركة مكافحة ما يسمى باإلرهاب التي تقودها

الواليات المتحدة األميركية ومعها أوروبا ضد العالم العربي واإلسالمي في أعقاب، وما سيأتي بعد ذلك من نتائج مضادة تجاه اإلسالم والعالم2001تفجيرات سبتمبر

.اإلسالمي، إثر التفجيرات التي توالت بعد ذلك في لندن ومدريد فيضيف2001 سبتمبر 11أما بالنسبة لمحطة الكراهية األخيرة عقب تفجيرات

الدكتور محمد الصادق أنه مما يزيد األمر تعقيدا أن المحطة األخيرة في االحتكاك والعداء بين الغرب واإلسالم وهي ما يسمى بمكافحة اإلرهاب، قد فاقت كل المحطات

واستوعبتها، ففيها من مذابح الصليبيين في القدس كما نرى في الدعم الالمتناهي لليهود في فلسطين لتنفيذ مذابح مخيم جنين وغيره، وفيها من االستعمار االستيطاني

في القرن الثامن عشر ومن الكراهية والحقد ضد االسالم في العصور الوسطى وعصر النهضة، وفيها من اإلمبريالية في بداية القرن العشرين، ويزيد من خطورة الهجمة

الحالية أن الهجمات السابقة كانت هناك مقاومة لها متعددة األشكال والدرجات، وكنا نكسب الكثير منها أو كسبنا معظمها، أما اآلن فال توجد مقاومة، وإذا وجدت ففينا من

.يسعى لوأدها، وانتشر مفهوم التطبيع في مواجهة المقاومة لكن نوعية الحياة في الغرب ارتبطت أساليبها بوحشية النظام االنتاجي الرأسمالي، وضرورة ضمان أسواق له في شتى بقاع العالم، وابتداع نظام الشركات المتعددة

الجنسية وحمايتها بكل السبل، إلى درجة تبرير التدخل العسكري السافر، وأخيرا قهر الدول لالنضمام إلى اتفاقية "الجات" التي ستؤول فوائدها بشكل جوهري إلى الدول األكثر تقدما على حساب األخرى المتخلفة واألقل نموا، أهم من ذلك أن الغرب يتصور واهما أن حضارته ومدنيته أسبق وأفضل الحضارات والمدنيات، ولها الحق في قيادة غيرها من سائر البشر، يساعده على ذلك تمكنه بسيطرة القوة واإلرهاب بالتهديد

واألزمة2001 سبتمبر 11والوعيد لمن ال يكون معه أو في صفه كما في تداعيات .األفغانية والصمت القاتل عن جرائم الحرب اإلسرائيلية في فلسطين

وهكذا فإن الشقة بين الحضارتين الغربية واإلسالمية بعيدة، وأسباب ابتعادها تكمن في تضارب المصالح أوال، وفي الصورة الذهنية المشوهة عن اإلسالم بفعل كثير من المفكرين والمستشرقين، الشعور بالعداوة التاريخية الصليبية التي ما زالت تفرز

سمومها في أشكال إعالمية وفنية مزعومة لإلساءة للرسول ? كما حدث في الدنمارك وهولندا، وتصريحات بابا الفاتيكان وتصريحات بوش الصارخة بصليبية النزاع الراهن بين

المقاومة والنفوذ الصهيوني واألميركي، رغم تراجعه باعتبارها زلة لسان، وال يمكن إغفال ما ضاعف تشويه صورة اإلسالم من تلك السلوكيات المخالفة لإلسالم وروحه

.التي يمارسها الغافلون في المجتمعات اإلسالمية ودولها وحكامها وبالتالي تأتي أهمية تصحيح الصورة الذهنية لدى الغرب عن اإلسالم، ولكن يسبق ذلك ضرورة تصحيح المفاهيم األساسية في العالم العربي واإلسالمي، وتنقية التراث من

شوائب البدع والغلو، واالتجاه نحو الوسطية واالعتدال، والسير قدما نحو تحقيق دعائم االستخالف وتنمية المجتمعات العربية واإلسالمية واألخذ بأسباب القوة بالتقدم

.المعرفي والعلمي والتقني، وتطوير المنظومة التربوية والتعليمية في إطارها اإليماني خالصة القول ان اإلسالم بقيمه اإلنسانية في العدل والحرية والمساواة يجب أن

ينعكس في ضروب السلوك االجتماعي والسياسي لدى الشعوب والحكام، وهذا هو السبيل الموضوعي لقناعة اآلخر بإنسانية وعالمية اإلسالم وجدوى حضارته، وحتى يتحقق ذلك فال يخلو األمر من أهمية الدراسة والبحث والتخطيط المحكم لتنشيط

الحركات السياسية واالجتماعية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني على المستويات اإلقليمية والدولية، وتوثيق الروابط والخبرات بين الشخصيات والمنظمات الثقافية والجامعية في الغرب والشرق، وهذا كله وغيره ال يغني عن جهود مستمرة لتطوير

السياسة اإلعالمية الفضائية، ووضع منهجية مالئمة للخطاب اإلسالمي الموجه للشعوب الغربية واآلسيوية واإلفريقية وغيرها.إال أن نقطة البداية في خضم ترهالت وانبطاح

األنظمة السياسية واالقتصادية المتسلطة المستبدة، هي حتمية التغيير باجتثاث جذور الفساد واالفساد التي استنبتتها األنظمة التسلطية، وتحرير الشعب من عقال القهر والظلم بتركيز ثروات النهب واالستغالل، يواكب ذلك أو يسبقه بسط الديموقراطية

.الحقيقية والمساواة والعدالة االجتماعية

من المفيد ومن المناسب أن أتحدث من فوق منبر هذه الجامعة ذات السمعة الواسعة)، وفي المحيط العام في قارة أمريكا الالتينية، حول1والتأثير األكاديمي في الشيلي(

قضايا تشغل اهتمامات النخب الفكرية والثقافية وصانعي القرار في العالم اإلسالمي الذي جئتكم أمثله في هذه األمسية، بصفتي مديرا عاما للمنظمة اإلسالمية للتربية

والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ وأمينا عاما التحاد جامعات العالم اإلسالمي، وأستاذا جامعيا، وعضوا في العديد من المؤسسات األكاديمية والعلمية العربية اإلسالمية، حرصا على تقديم صورة حقيقية لعالقة العالم اإلسالمي بالغرب والتأثيرات الناجمة عنها سلبا

.وإيجابا أما لماذا اخترت هذا الموضوع تحديدا؟، فألن العالم اإلسالمي أصبح اليوم يشغل حيزا واسعا من اهتمامات الرأي الدولي، وأن نسبة تزيد عن الخمسين في المائة من األخبار التي تذيعها أو تنشرها وسائل اإلعالم العالمية، يكون العالم اإلسالمي مسرحا لها. وهو

.األمر الذي يشكل ظاهرة إقليمية تستحق الدراسة المعمقة

: ويمكن للباحث أن يطرح في هذا السياق مجموعة أسئلة، منها

.ــ لماذا العالم اإلسالمي يعيش اليوم أوضاعا غير مستقرة ؟

جئين في العالم ينتمون إلى بلدان ــ لماذا يوجد أكثر من سبعين في المائة من الال .العالم اإلسالمي ؟

.ــ لماذا تنخفض مستويات التنمية في العالم اإلسالمي ؟

ــ لماذا تشوب العالقات بين العالم اإلسالمي والغرب بعض التوترات على مدى عقود .متواصلة من السنين ؟

ولقد رأيت أن أمهـد لإلجابـة عن هـذه األسئلـة، بالعـودة قليال إلـى التاريـخ المعاصـر، للوقوف على الخلفيات السياسية التي كانت من األسباب الرئيسة التي أثرت في

.مجموع دول العالم اإلسالمي، والتي يمتد تأثيرها إلى اليوم

: البدايات األولى لالستعمار الغربي للعالم اإلسالمي

لقد بدأ االستعمار األوروبي للعالم اإلسالمي في القرن السادس عشر حينما احتلت، واستمر احتاللها لها لمدة ثالثة قرون ونصف1552هولندا الجزر األندونيسية في سنة

. ثم احتلت روسيا1945القرن، حيث استمر االحتالل الهولندي ألندونيسيا إلى سنة . ثم وصلت األساطيل البريطانية إلى1602القيصرية قازان عاصمة تتارستان في سنة

، فاحتلت إنجلترا الهند التي كانت عهدئذ تحت حكم1757شبه القارة الهندية في سنة دولة إسالمية، واستمر احتاللها لها مائة وتسعين سنة، إلى أن استقلت الهند في سنة

1947.

غزت فرنسا مصر بقيادة نابليون بونابرت، واستمر الغزو الفرنسي1798وفي سنة احتلت فرنسا الجزائر، واستمر االحتالل مائة واثنتين1830لها ثالث سنوات. وفي سنة

احتلت بريطانيا مصر، واستمر االحتالل1882. وفي سنة 1962وثالثين سنة إلى سنة احتلت فرنسا تونس. وفي السنة ذاتها احتلت1881، وفي سنة 1923إلى سنة

احتلت بريطانيا جنوب اليمن واستمر احتاللها لها إلى1829بريطانيا قبرص. وفي سنة احتلت فرنسا السنغال واستمر االحتالل إلى سنة1857، وفي سنة 1967سنة

. احتلت بريطانيا نيجيريا1903، وفي سنة 1960

الصحراء المغربية، في جنوب المغرب، وأطلقت عليها1884واحتلت إسبانيا في سنة 1912. وفي سنة 1976اسم (الصحراء اإلسبانية)، واستمر احتاللها لها إلى سنة

احتلت فرنسا ثم إسبانيا في آخر السنة نفسها، المغرب تحت غطـــاء الحماية. وفي غزت الجيوش اإليطالية ليبيا (بنغازي وطرابلس)، فاندلعت الحرب1911سنة

)، باعتبار أن ليبيا كانت في1911 - 1912اإليطالية ــ العثمانية على مدى السنتين ( تلك الفتـرة، جزءا من اإلمبراطورية العثمانيـة. وفي أثنـاء الحرب العالميـة الثانيـة (

) احتلت فرنسا إقليم فزان الليبي، واحتلت إنجلترا بنغازي وطرابلس،1939 - 1945 1952واستمر هذا االحتالل الفرنسي والبريطاني لليبيا إلى سنة .

ومنذ منتصف القرن التاسع عشر، بدأت األطماع األوروبية تتجه نحو اإلمبراطورية العثمانية التي عرفت في تلك الفترة بالرجل المريض، فعمدت الدول األوروبية إلى تحريض روسيا القيصرية ضد األقاليم اإلسالمية المجاورة لها، فقامت بغزو منطقة القرم، وقادت حروبا طويلة لالستيالء على األراضي شمالي القوقاز. وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بسطت روسيا نفوذها على آسيا الوسطى، فاحتلت

1828آذربيجان في سنة .

وتفجر الصراع بين العالم اإلسالمي والغرب من جديد مع أواخر القرن التاسع عشر،)1878 و 1871في شكل الحرب الروسية العثمانية التي اندلعت في الفترة ما بين ( )1914 - 1918بتواطؤ من الدول األوروبية أيضا. وأثناء فترة الحرب العالمية األولى(

انهزمت اإلمبراطورية العثمانية، وتم تمزيقها إلى مجموعة أقاليم ما لبثت أن أصبحت دوال قائمة الذات؛ فاستولت فرنسا وإنجلترا على الواليات العربية التي كانت تابعة

للدولة العثمانية، والتي تشمل أقاليم الشام أو سورية الكبرى (سورية ولبنان وفلسطين واألردن اليوم)، والعراق. ثم امتد االحتالل لهذه األقاليم تحت غطاء االنتداب

، بالنسبة لسورية ولبنان بموجب قرار عصبة األمم. وتأسست إمارة1943إلى سنة1921شرق األردن (نواة المملكة األردنية الهاشمية اليوم) في سنة .

واستمر االحتالل البريطاني لفلسطين تحت مسمى االنتداب، وتحت غطاء دولي، إلى15، عندما استغل اليهود الوضع فأعلنوا عن تأسيس دولة إسرائيل في 1948سنة

في مخالفة واضحة للقانون الدولي، حيث أقيمت هذه الدولة في1948مايو من سنة إقليم له سكانه األصليون هم الشعب الفلسطيني الذي تم تهجيره واالستيالء على وطنه. وال يزال هذا الوضع المأساوي غير القانوني الذي نتج عن احتالل فلسطين وتهجير شعبها، هو السبب الرئيس في تدهور األحوال وفي تهديد األمن والسلم

الدوليين، ليس في منطقة الشرق األوسط، وإنما في العالم أجمع. وهو أخطر أزمة تتهدد العالقات بين العالم اإلسالمي والغرب في الحاضر والمستقبل، مما يضعنا أمام

مفتاح األزمة الدولية المتمثلة في انسداد األبواب أمام تسوية عادلة لها في إطار الشرعية الدولية، ترد الحقوق الوطنية المشروعة إلى الشعب الفلسطيني بقيام دولته

.المستقلة بعاصمتها القدس

هكذا دخل العالم اإلسالمي القرن العشرين وأقطاره محتلة، وأجزاؤه ممزقة، وأوضاع شعوبه متدنية اقتصاديا واجتماعيا بصورة بالغة السوء. ولقد امتدت تداعيات هذه

األوضاع وآثارها السلبية إلى مرحلة ما بعد تأسيس الدول العربية الحديثة في العالم العربي اإلسالمي، مما تسبب في اندالع أزمات سياسية متالحقة، وفي نشوء ظروف

.اقتصادية صعبة

: الوقوف في وجه طموح الشعوب اإلسالمية

لقد كانت األنظمة السياسية في العديد من دول الغرب طوال ما يزيد على قرنين من الزمن، تقف في الصف المعادي إلرادة الشعوب اإلسالمية والمناهض لحقها في الحياة الحرة الكريمة، والمعاكس لتوجهاتها نحو بناء المجتمع القوي المستقر الذي تزدهر فيه الحياة السياسية واالقتصادية، ويتمتع فيه اإلنسان بحقوقه المشروعة. وقد ترتب على هذه السياسة التي اتبعتها األنظمة السياسية في تلك الدول الغربية تجاه شعوب العالم

اإلسالمي لعقود متطاولة، أن نشأ رأي عام يحمل الغرب مسؤولية هذه األوضاع، .وتوترت العالقات على مستويات عديدة بين الطرفين، وال تزال إلى اليوم

إن هذه الخلفيات التاريخية الحديثة والمعاصرة، إذا أضفنا إليها خلفيات العصور الوسطى، نجد أنفسنا أمام ركام هائل من الخصومات التاريخية الناتجة عن سوء الظن وعدم الثقة واحتدام الصراع الذي يتخذ أشكاال تتفاوت بين الخفاء والظهور من عصر

.إلى آخر

: شهادة أرنولد توينبي

يصور المؤرخ البريطاني الشهير (أرنولد توينبي) أحوال العالم اإلسالمي بعد انتهاء الحرب العالمية األولى، تصويرا دقيقا، في محاضرة له في أوائل الخمسينيات من

القرن الماضي، حيث قال في لحظة صدق ومكاشفة : "إننا ظللنا نطارد الرجل التركي (يقصد الرجل المريض، وهو كناية عن اإلمبراطورية العثمانية) ونهاجمه لكي يترك دينه، ألنه كان ينظر إلينا من عل كأننا خنازير برية، فلما ترك دينه وتبعنا احتقرناه، ألنه لم يعد

)2عنده ما يعطيه"( .

وهذا تلخيص لألزمة الحضارية التي نكب بها العالم اإلسالمي. وتلك حقيقة من حقائق التاريخ المعاصر، تظهر لنا جوانب من الخطة التي دبرتها مجموعة من الدول األوروبية في القرنين التاسع عشر والعشرين، لتمزيق العالم اإلسالمي، وإلضعافه، والستغالل موارده الطبيعية من أجل بنـاء االقتصاديات األوروبية المزدهرة في تلك المرحلة، مما

كان له مضاعفات سياسية ونفسية وثقافية على مجمل العالقات التي تربط دول

العالم اإلسالمي بالدول األوروبية، وبالواليات المتحدة األمريكية التي تقف بكل .إمكاناتها مع إسرائيل وتدعمها في جميع المجاالت

ولألمانة التاريخية وللموضوعية المنهجية، نؤكد هنا أن هذه الخلفيات جميعا، ساهمت في تشكيل العالقات بين العالم اإلسالمي والغرب على مستوى الالوعي الجمعي،

وعلى مستوى الواقع. وال سبيل اليوم إلى فهم طبيعة هذه العالقات وإدراك أبعادها، إال من خالل الوقوف على تلك الظروف التاريخية اآلنفة الذكر، والتي ال تزال تعمل عملها

.في الحاضر، ولربما في المستقبل

إن األوضاع التي نشأت عن االستعمار األوروبي للعالم اإلسالمي، تسببت في ظروف لم تكن مواتية على الدوام للنمو والتقدم واالزدهار. فقد وجدت الدول العربية واإلسالمية نفسها بعد االستقالل، أمام أزمات كبيرة نتيجة لشيوع الفقر والجهل

والمرض وسوء اإلدارة والفساد، والنعدام الشروط الموضوعية إلقامة هياكل جديدة للدولة المستقلة. وقد ترتبت على تلك األوضاع مشاكل كثيرة ظلت تتفاقم، فتعطـلت عملية النمو في مناطق، وتعثرت في مناطق أخرى، وتباطأت في جل األقطار. وعلى

الرغم من أن قلة من الدول العربية اإلسالمية، قد عرفت كيف تستثمر مواردها وإمكاناتها وتحقق معدالت معينة من النمو والتقدم وتحسن من مستويات مواطنيها،

فإن غالبية دول العالم اإلسالمي تعاني اليوم من مخلفات عهود ما قبل االستقالل. وإن كانت العوامل المتسببة في بطء النمو ال تعود دائما إلى ظروف االستعمار، فكثير منها

.ينبع من الداخل، ألسباب كثيرة ال يسمح المجال بالخوض فيها

إن تأزم األوضاع االقتصادية وتدهور الخدمات التي تقدمها بعض الحكومات لمواطنيها في جل دول العالم اإلسالمي، سواء بسبب شح الموارد وقلة اإلمكانات، أو بسبب

سوء التسيير وانعدام الخبرة، قد أدى إلى نشوء مشاكل اجتماعية كثيرة، منها تنامي الشعور بالظلم والحرمان، وتصاعد نبرة الغضب واالحتجاج بين فئات غير قليلة من

المواطنين، مما كان له األثر القوي في ظهور تيارات العنف والتطرف وانتشار األفكار الرافضة والتيارات الساخطة، وفي رد أسباب األزمات إلى الدول االستعمارية سابقا، واتهامها بالمسؤولية عن فساد األوضاع وسوء األحوال، األمر الذي ينعكس سلبيا على

.العالقات بين العالم اإلسالمي والغرب

والشك أن الدول الغربية الواسعة النفوذ سياسيا واقتصاديا، تتحمل اليوم قسطا من المسؤولية إزاء ما تعاني منه الشعوب اإلسالمية من أوضاع اقتصادية صعبة، وحيال اضطراب حبل األمن والسلم في منطقة الشرق األوسط، وفي فلسطين والعراق

.وأفغانستان والصومال وغيرها

: دور الغرب في صنع مأساة فلسطين

ومعلوم أن تدهور الوضع في األراضي الفلسطينية إلى هذه الدرجة الخطيرة التي وصلت إليها، واستمرار االحتالل اإلسرائيلي لها، وممارسة سلطات االحتالل لسياسة القمع والقتل والتهجير والمطاردة في حق الشعب الفلسطيني، ووجود اآلالف من المواطنين الفلسطينيين في السجون اإلسرائيلية، كل ذلك يخلق حاالت من التذمر

والسخط والكراهية في أوساط الشعوب اإلسالمية عموما، وليس لدى الشعب الفلسطيني فحسب، ويتسبب في تحميل الغرب المسؤولية المشتركة مع إسرائيل في

استمرار هذا الظلم. وتلك هي المسألة التي على الغرب أن يتفهمها ويعمل على معالجتها بما يرد الحقوق إلى أصحابها الشرعيين، ويؤدي إلى استتباب األمن والسلم

في هذه المنطقة من العالم. ولن تستقر العالقات بين شعوب العالم اإلسالمي والغرب بصفة عامة، إال إذا عولجت هذه المسألة معالجة عادلة ترد األمور إلى نصابها، وتقضي

.نهائيا على أسباب األزمة

وحتى تتبين معالم الصورة بالوضوح الكامل، أريد أن أسوق ثالثة أمثلة عن بعض المواقف غير المسؤولة التي تتخذ واآلراء المتطرفة التي يعبر عنها في الغرب، والتي يكون لها نتائج سيئة للغاية لدى الرأي العام اإلسالمي، والتي تنعكس آثارها السلبية

.على مجمل العالقات بين العالم اإلسالمي والغرب

: اعتراف صريح من الرئيس ريتشارد نيكسون

يقول الرئيس األمريكي األسبق ريتشارد نيكسون في كتابه (الفرصة السانحة) : «إن اإلسالم والغرب متضادان، وإن نظرة اإلسالم للعالم تقسمه إلى قسمين : (دار اإلسالم) و(دار الحرب) حيث يجب أن تتغلب األولى على الثانية، وأن المسلمين

يوحدون صفوفهم للقيام بثورة ضد الغرب، وعلى الغرب أن يتحد مع االتحاد السوفييتي)3(قبل أن يسقط ويتمزق) ليواجه هذا الخطر الداهم بسياسة واحدة»( .

وهذا الرأي الذي نشر في كتاب ترجم إلى عدة لغات عالمية، ومنها اللغة العربية، يساهم في تأجيج روح العداء، وفي تأليب قطاعات واسعة من أبناء العالم اإلسالمي ضد الغرب. والرئيس نيكسون في القسم األول من هذا الرأي يجانب الحقيقة تماما. أما في القسم الثاني، فيعبر نيكسون عن رأي يتبناه قطاع عريض من صانعي القرار والنخب الفكرية والثقافية وأوساط واسعة من بين الشعوب في الغرب. وهذا موقف .غير سليم ال ينم عن الحكمة وبعد النظر، ويعكس في الوقت ذاته نوايا ليست بريئة

وفي هذا السياق أيضا، يقول الكاردينال (بول بوبار) مساعد بابا الفاتيكان السابق، ومسؤول المجلس الفاتيكاني للثقافة، في تصريح إلى صحيفة (الفيجارو) الفرنسية : (إن اإلسالم يشكل تحديا بالنسبة ألوروبا وللغرب عموما، وإن المرء ال يحتاج إلى أن يكون خبيرا ضليعا لكي يالحظ تفاوتا متزايدا بين معدالت النمو السكاني في أنحاء معينة من العالم؛ ففي البلدان ذات الثقافة المسيحية يتراجع النمو السكاني بشكل

تدريجي، بينما يحدث العكس في البلدان اإلسالمية النامية، وفي مهد المسيح ــ هكذا يقول الكاردينال بول بوبار وهو يقصد الشرق األوسط، وتحديدا البلدان العربية ــ يتساءل المسيحيون بقلق عما سيحمله لهم الغد، وعما إذا لم يكن موتهم مبرمجا بشكل ما ؟ .. إن التحدي الذي يشكله اإلسالم يكمن في أنه دين وثقافة ومجتمع

وأسلوب حياة وتفكير وتصرف، في حين أن المسيحيين في أوروبا يميلون إلى تهميش)4الكنيسة أمام المجتمع( .

: اإلسالم ال يشكل خطرا على أمة أو شعب أو دين

أما كون اإلسالم دين ثقافة ومجتمع وأسلوب حياة وتفكير وتصرف، فهذا صحيح ال شك فيه، وحقيقة من حقائق هذا الدين. وأما القول بأنه يشكل تحديا للمسيحيين باعتباره ذاك، فهو قول باطل ال أساس له من الصحة إطالقا. وهو قول يزيد في تأزيم العالقة

.بين العالم اإلسالمي والغرب، وتتبناه قطاعات واسعة من أبناء الغرب

إن اإلسالم ال يشكل تحديا ضد أمة أو شعب أو دين، أو ضد قانون من القوانين الدولية، وإنما العداء لإلسالم وكراهية المسلمين وممارسة سياسة التمييز ضدهم، وانتهاك القوانين الدولية واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان، إن ذلك هو الذي يشكل تحديا حقيقيا، ال للغرب فحسب، ولكن للعالم أجمع، ويهدد استقرار العالقات الدولية،

.وخصوصا عالقات العالم اإلسالمي بالغرب

ويعزز هذا التوجه غير السليم الذي يذكي نار الكراهية والتمييز والصراع، ما قاله (جياني ديميكليس) رئيس المجلس الوزاري األوروبي في مطلع التسعينيات من القرن الماضي في حديث إلى مجلة (النيوزويك)، إذ سئل : "ما مبررات بقاء حلف األطلنطي ــ الناتو ــ بعد زوال المواجهة بين الغرب الليبرالي والمعسكر الذي كان اشتراكيا ؟". أن ثمة مواجهة فأجاب بقوله : «صحيح أن المواجهة مـع الشيوعية لم تعـد قائمـة، إال أخرى يمكن أن تحل محلها بين العالم الغربي والعالم اإلسالمي". فلما عاد مراسل (النيوزويك) ليسأل : "وكيف يمكن تجنب تلك المواجهة المحتملة؟". قال (جياني

ديميكليس) : "ينبغي أن تحل أوروبا مشاكلها، ليصبح النموذج الغربي أكثر جاذبية وقبوال من جانب اآلخرين في مختلف أنحاء العالم. وإذا فشلنا في تعميم ذلك النموذج الغربي،

)5فإن العالم سيصبح مكانا في منتهى الخطورة"( .

وهذا الكالم من مسؤول كبير في االتحاد األوروبي، ينطوي على تهديد سافر للعالم اإلسالمي. وهو رأي يتعارض كليا مع قواعد القانون الدولي، ومع الحق في الحفاظ

.على الخصوصيات الثقافية للشعوب

إن هناك شعورا متزايدا يسود الشعوب اإلسالمية بأن اإلسالم مستهدف من جهات متعددة. والعقالء في العالم اإلسالمي يبذلون جهودا في إبعاد الناس عن سوء الظن، وفي القضاء على (فكرة التآمر) الذي يستهدف اإلسالم والمسلمين، من منطلق أن

سوء الظن هو نقيصة من النقائص التي تنهى عنها التعاليم اإلسالمية. ولي شخصيا في هذا المجال، نشاط فكري منذ أكثر من ربع قرن في ساحة العمل الثقافي واألكاديمي

.واإلعالمي. ولكننا أحيانا نجد أنفسنا أمام ما يعزز سوء الظن هذا باألدلة والحجج

: اختراق اإلسالم إعالن للعداء ضده

وعلى سبيل المثال، أورد هنا ما جاء في وثائق (مؤتمر كولورادو) الذي انعقد في، تقول إحدى هذه الوثائق عن اإلسالم ما1978الواليات المتحدة األمريكية في سنة

يلي : «إنه الدين الوحيد الذي تناقض مصادره األصلية أسس النصرانية .. والنظام اإلسالمي هو أكثر النظم الدينية المتناسقة اجتماعيا وسياسيا .. ونحن بحاجة إلى مئات المراكز لفهم اإلسالم، والختراقه في صدق ودهاء. ولذلك ال يوجد لدينا أمر أكثر أهمية

)6وأولوية من موضوع تنصير المسلمين»( .

إن مثل هذه الخطط المريبة التي تعد لغزو العالم اإلسالمي، يكون لها أسوأ النتائج وأخطر المضاعفات، إذ تساهم في تأليب الشعوب اإلسالمية ضد الغرب بصورة عامة، وتؤدي بصورة تلقائية إلى إذكاء نوازع النفور بدال من تقوية مشاعر التفاهم والتسامح.

ففكرة (اختراق اإلسالم) من األفكار الخطيرة التي تروج في أوساط عديدة، وهي شبيهة بفكرة (صدام الحضارات) التي تكاد أن تسيطر اليوم على صانعي السياسات في الساحة الدولية، والتي تفسر على أساسها كثير من األحداث التي تجري في هذه

المرحلة من التاريخ، وتفهم كثير من المواقف المتعصبة المتحيزة غير الملتزمة .بالقانون الدولي

وتقتضي مني األمانة العلمية والنزاهة الموضوعية في هذا السياق، أن أشير باختصار شديد، إلى ردود الفعل التي أحدثتها أقوال نيافة البابا بينيدكت السادس عشر، الواردة

سبتمبر من السنة الماضية، حول12في محاضرته بجامعة ريغينسبورغ األلمانية، يوم موضوع العقل في اإلسالم، أو العقل والقرآن، أو العقل في الحضارة اإلسالمية. وقد قمت بكتابة رد علمي موضوعي هادئ على نيافة البابا، ترجم إلى اللغتين اإلنجليزية

والفرنسية، وتجدونه في الموقع اإللكتروني للمنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة. وصدر هذا الرد مع ردود أخرى شارك فيها شيخ األزهر الدكتور محمد سيد

طنطاوي، في العدد الرابع والعشرين من مجلة (اإلسالم اليوم) األكاديمية التي تنشرها .اإليسيسكو سنويا باللغات العربية واإلنجليزية والفرنسية

ومع االحترام الذي نكنه لنيافة البابا، فإنه البد من القول إن ما ورد في محاضرته تلك بخصوص اإلسالم ورسوله الكريم محمد بن عبد الله ]، يخالف حقائق التاريخ. وقد

أصيب العالم اإلسالمي بصدمة شديدة من جراء هذه األقوال غير الصحيحة، على الرغم من أن صفوة من المفكرين واألكاديميين، ويشرفني أنني كنت واحدا منهم، قد ردوا عليها بنزاهة وحكمة وفندوها، في إطار احترام المكانة الدينية والعلمية واألكاديمية

.لصاحبها

والواقع أن ما ورد في محاضرة نيافة البابا، يرد كثيرا في الكتابات الغربية منذ أن ظهرت الطباعة وإلى اليوم. ولكن ما أثار الضجة الهائلة أن األمر يتعلق هذه المرة

بشخصية ذات اعتبار عظيم ومكانة سامية. وأعتقد أن المسألة انتهت. وطويت الصفحة. وإن كنا في العالم اإلسالمي نتطلع إلى مبادرات عملية إلثبات حسن الظن،

ولوضع حـد الزدراء اإلسالم، بل الزدراء األديان السماوية عموما، وللتطاول على .مقدسات المؤمنين في سائر أنحاء العالم

: رؤية غربية مستنيرة

إن شعوب العالم اإلسالمي تتطلع نحو المستقبل، لبناء عالقات إنسانية جديدة على أساس المبادئ الدينية السماوية، والمثل اإلنسانية السامية، وما انتهت إليه البشرية

من قوانين تحكم عالقات الدول والشعوب بعضها ببعض. ولكن ظواهر األمور في هذا

العالم، تؤكد لنا أن الغرب -والمقصود هنا الدول الكبرى المتحكمة في زمام السياسةالدولية ــ يسير في االتجاه المعاكس

كيف جسد عمر المختر روح المقاومة؟هذا عن دخيل أجنبي لكل بمقاومتها عرفت الزمان قدم منذ الجزائر أن المعلوم من , ولو, العسكرية بقوته وجوده يفرض أو يتركز أن الدخالء من أي يستطع ولم الوطن

. أن إال العدوان لفرض متكررة مرات المقاومة و الفعل ردود محاوالت تعددتاعنف و شراسة و ضراوة اشد كانت الفرنسي العسكري لالحتالل البالد هذه مقاومة

مكان و زمان كل في اإلنسان يتصوره .مماوطنهم على الغيورين الجزائريين نفسيات على تأثيرات و انعكاسات له كان ذلك كل . قررت, كلما االستعمار و لالستيطان مضادة أفعال ردود إلى يؤدي كان مما العزيز

الوسائل , بشتى الجزائري الشعب له تصدى و إال ما مشروعا االستعمارية اإلدارة , نوع إلظهار ذلك و عنيفة أو سلمية بطرق كانت سواء إفشاله لمحاولة المضادة

, سياسيا وحتى حضاريا و ثقافيا و دينيا األجنبي هذا على .التمرضالجزائري التاريخ فترات من فترة تخل لم انه كيف شخص من أكثر يتساءل قد

, , أو ما قرية أو ما منطقة في انتفاضة أو تمرد أو مسلحة مقاومة من المعاصرمشاريعه و مخططاته أربك و إال الشاسع الجزائري القطر من مدينة أو دشرة

و. قرى سكان و قبائل إبادة عمليات إلى بالمقابل التحدي هذا يؤدي كان مما القذرةممتلكاته و أراضيه على االستحواذ و المتمرد الشعب هذا ارضاخ بغية بأكملها مداشر

, األم االستعمارية فرنسا من ليس القادمين األوروبيين المرتزقة على توزيعها واألجنبي, لالستيطان تشجيعا أوروبا من مختلفة أنحاء من حتى بل . فقط