تـــــــــــــحـــــــــــــــــــــــذيـــــــــــــــــــــــــر األمـــــــــــــــــــــــــة

مــــن تــــحـــــريـــفــــــاتحســــــــان حسين ألقـــــــــــــــوال

الـــــــــعـــــــــلـــــمـــــــــاءواألئــــــــــــــــمــة

الحمد لله رب العالمين، والصالة والسالم على الرسول األمين، وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد ،،، فإن حفظ الدين والسعي في الدفاع عنه وتنقيته من شوائب

البدع وأباطيل المبتدعة من أفضل الطاعات، وأعظم القربات، وفيها يتنافس أهل الهمم العالية، واآلمال النبيلة، وقد أوجب الله

تعالى ذلك على من عرف الخطأ وقدر على البيان، كل بقدرطاقته، ومنتهى معرفته وبالغته.

واعلم أن الله حفظ الديانة بحماتها، وجعل حماية الشريعة بحملة علمها، وحفظة مناهجها وسنتها كما وردت به الدالئل، فاستحقوا

على سائر األمة األمانة في النقل عنهم، والدقة في فهم مرادهم، ومفاد كالمهم بما يتوافق مع بقية كالمهم في المواضع المتفرقة

مهما أمكن ذلك بال تعسف.

1

وقد قال بعض أهل العلم: العلم إما نقل مصدق، أو استداللمحقق.

وقد وقفت منذ مدة على تصرفات خاطئة للكاتب المتهور حسان حسين آدم في تقطيع كالم أهل العلم، بالزيادة تارة، والتقديم

والتأخير تارة، وبهما تارات، كل ذلك بغير بيان يميز ذلك، فكتبت في كتابي " تذكرة األواب بما في شرح النصوص من مخالفة

الصواب " مثالين في موضع وثالثا قبلهما في موضع آخر، وذلك م، ورغبت في أن يكون ذلك تنبيها له لترك هذا2010سنة

الصنيع المذموم، والتوقف عن التالعب بأقوال العلماء واألئمة، بالتقطيع والترقيع كما ستراه في هذه العجالة القصيرة، لكن ذلك

لم يجد شيئا، بل تمادى في الباطل، فرأيت له من التحريف والتالعب بأقوال العلماء واألئمة ما تشيب له الرؤوس مما

سيعرض بعضه في الصفحات التالية. وبعد ذلك رأيت من الواجب كشف القناع عن هذه الجرأة التي تدل على رقة الدين، واحتراف التدليس والتزوير الذي قل أن

نعرف له نظيرا في هذا الزمان، وقد رتبت ذلك على وجه األمثلة لتكون دليال على ما وراءها مما ال يحصيه مثل هذا المقال بعد

نقول جميلة فيمن انتحل تحريف نصوص العلماء في هذا الزمان.وقد رتبت الكتاب على فصلين وخاتمة

أما الفصل األول: فقد ذكرت فيه نقوال ومقتطفات من كتاب العالمة المحقق الدكتور بكر بن عبد الله أبي زيد الذي سماه "

تحريف النصوص من مآخذ أهل األهواء في االستدالل ". وأما الفصل الثاني: فذكرت فيه أمثلة كثيرة من تحريفات هذا

الكاتب في عدة من كتبه ورسائله.

2

وأما الخاتمة: فلخصت فيها الفصلين في نقاط ليسهل علىالقارئ الرجوع إلى الخالصة.

مقتطفات من كالم العالمة الفصل األول:المحقق

الشيخ الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد للشيخ العالمة بكر بن عبد الله كتاب قيم سماه "تحريف

النصوص من مآخذ أهل األهواء في االستدالل" وهو كتاب نفيس جدا في بابه، ألفه لبيان بعض من امتهن التحريف في مباني

ومعاني النقول عن أهل العلم، وقد ضرب األمثلة من تحقيقاتعبد الفتاح أبي غدة لبعض كتب العلماء.

هذا وقد وقفت منذ مدة على كتاب للشيخ العالمة بكر بن عبد الله أبي زيد رحمه الله تعالى صاحب التحقيقات البديعة، ونقلت

م في ردي على بعض أدعياء العلم من أهل1999عنه سنة الصومال حين عرض أحدهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في

زواجه بعائشة وهي صغيرة، وذلك في كتابي " تحرير المقال فيأخطاء ترابية الصومال ".

ولما هالني ما لهذا الكاتب من التحريفات اقتضى المقام الرجوع إلى كتاب العالمة بكر أبو زيد المذكور، ونقل ما يقتضي المقام

3

نقله من كتاب هذا العالم، وما هي إال مقتطفات ال تغني من الرجوع لألصل، وإنما تعطي صورة في بعض المسائل المهمة،وننقلها قبل النظر في تحريفات الكاتب حسان ألقوال العلماء.

وهذه المقتطفات من كالم العالمة في هذا الكتابن أنقلها بنصوصها بعد قولي ) قال الشيخ ( وذكر عالمة االنتهاء ) اهـ ( في

آخرها، وهذا أوان الشروع فيها. مية: الخلق العلميأوال: قال الشيخ:" األمانة العل

(21)ص 1الجليل تطلق األمانة على كل ما عهد به إلى اإلنسان من التكاليف

الشرعية، وغيرها، وحكمها الوجوب، فتجب المحافظة عليها، فيكل ما يعهد به إلى اإلنسان وحفظ كل أمانة بحسبها.

حفظ األمانة يوجب سعادة الدارين، والخيانة))وقد قال العلماء: قاء فيهما .((توجب الش

ولهذا فاألمانة أصل أصيل في حياة المسلم، وشأن األمين عظيم،اس، وتعاملهم في حياتهم. رع، وفي عرف الن وقدره كبير في الش

استكفاء األمناء))وقد نص العلماء على أن من واجب الوالة: صحاء، فيما يفوض إليهم من األعمال، ويوكل إليهم من وتقليد الن

األموال؛ لتكون األعمال بالكفاءة مضبوطة، واألموال باألمناء.2((محفوظة

والله تعالى يقول: )قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من[.26استأجرت القوي األمين( ]القصص:

ذين آمنوا ال ها ال وقال سبحانه ناهيا عن الخيانة في األمانة: )يا أيسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون( ] األنفال: ه والر تخونوا الل

27.](.272ـ271، 239ـ6/236: )(( الموسوعة الفقهية)) 1(.15،16 للماوردي: )ص/((األحكام السلطانية))، عن: ((الموسوعة الفقهية)) 2

4

ه قال: من غش))وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رواه مسلم وغيره.((فليس منا

ريفين، ولجميع ما ذكر، وما في معناه من نصوص الوحيين الش نص العلماء على اعتبار شرط األمانة في كل تصرف، وفي كل والية، ونصوا على مفرداتها، مثل: الوصي، والناظر، والقاضي،

والشاهد، وأرباب الخبرة، والعالم في علمه، وأشرفه علمالوحيين الشريفين، وفهم المراد من نصوصهما.

، واألمانة: أصل3فإن العلم إما نقل مصدق، أو استدالل محقق فيهما، فهي حلية مأمور بها شرعا، والخيانة فرع فاسد، منازع

((التحريف))لهذا األصل الشريف، فهي خلة منهي عنها، ومنها فهو أعظم ناقض ألمانة النقل في المباني، وأعظم مفسد ألمانة

فواجب على طالب العلم فائق))النظر في االستدالل والمعاني. .4((التحلي باألمانة العلمية في الطلب، والتحمل، واألداء، والبالغ

فإن فالح األمة في صالح أعمالها، وصالح أعمالها في صحة)) علومها، وصحة علومها أن يكون رجالها أمناء فيما يروون أو

يصفون، فمن تحدث في العلم بغير أمانة، فقد مس العلمبقرحة، ووضع في سبيل فالح األمة حجر عثرة.

ال تخلو الطوائف المنتمية إلى العلوم من أشخاص ال يطلبون العلم ليتحلوا بأسنى فضيلة، أو لينفعوا الناس بما عرفوا من حكمة، وأمثال هؤالء ال تجد األمانة في نفوسهم مستقرا، فال

يتحرجون أن يرووا ما لم يسمعوا، أو يصفوا ما لم يعلموا. وهذا ما كان يدعو جهابذة أهل العلم إلى نقد الرجال، وتمييز من

يسرف في القول ممن يصوغه على قدر ما يعلم، حتى أصبح طالب العلم على بصيرة من قيمة ما يقرءونه فال تخفى عليهم

منـزلته، من القطع بصدقه، أو كذبه، أو رجحان أحدهما على :((الرد على البكري))(، 1/293 له: )((الصفدية))(، 344، 13/329: )((فتاوى ابن تيمية)) 3

(.275)ص/(.42: )ص/((حلية طالب العلم)) 4

5

انتهى.5((اآلخر، أو احتمالهما على سواء فالعالم، وطالب العلم، يكتسبان هذا الشرط اإلسالمي، بدافع من

الخلق، واألدب، والديانة، ونقاوة المنهج، فإذا اختلت األمانةالعلمية ارتفعت الحصانة عنه بقدر ما أخل بها .

ف في آية في نصها، أو االستدالل منها، فمن خان األمانة فحر فهذا ساقط العدالة، مستوجب للجرح الشديد، والعذاب األليم،

ومن خان األمانة بالتحريف في حديث نبوي شريف، فكذلك. ومنس فيه ببتر، خان في نقل كالم عالم، وقوله ما لم يقل، أو لب ونحوه، فهذا ضرب من التحريف والخيانة. وهكذا من ضروب

حريف، حاشا الغلط، والوهم. وإذا كان السطو على كالم قصد الت نواقض)) تعد من ((قرصنة فكرية))عالم، وانتحاله بدون عزو

ة س((األمانة العلمي ف، ولب .6 فكيف بمن حريخ محمد الخضر حسين، وكما سبق لك نقل من أول كالم الش

األمانة في)) ـ رحمه الله تعالى ـ في هـ1370المتوفى سنة فهذا سياق باقي كالمه، أجد الضرورة ملحة بذكره على((العلم

:7طوله؛ لنفاسته، وعظيم فائدته. قال رحمه الله تعالىقوى، ) قيض الله للسنة النبوية رجاال أشربوا في قلوبهم الت فنهجوا في روايتها نهج أصحاب رسول الله صلى الله عليه

وسلم، فال يرون إال ما وثقوا من صحته، وهم بعد هذا االحتراس البالغ على فريقين: فريق يحافظون في الرواية على األلفاظ ال

يغيرون منها حرفا، ومن أصحاب هذه الطريقة: القاسم بن محمدبن أبي بكر الصديق، ورجاء بن حيوة، ومحمد بن سيرين.

وفريق من أولئك الراشدين يحافظون فيما يروون من الحديث(.1/13 لمحمد الخضر حسين: )((رسائل اإلصالح)) 5 عبد الفتاح الحلو.((أمانة تحمل العلم)) 6

سرقات الكتب وانتحالها في العصور))(. 607 ـ 703: )ص/هـ2/4/1402في مجلة عالم الكتب .((وفقه النوازل)). ((اإلسالمية

(.21ـ1/13 لمحمد الخضر حسين: )((رسائل اإلصالح)) 76

على المعنى، ولم يروا بأسا في التعبير عنه بلفظ غير لفظ الرواية على شرط أن يؤدي المعنى كما هو، ومن أصحاب هذه

الطريقة: الحسن البصري، والشعبي، وإبراهيم النخعي. اندس بين هؤالء األمناء أشخاص يتشابهون في االستخفاف بصدق اللهجة، ويختلفون في األغراض التي دعتهم إلى هذا

االستخفاف. فمنهم الجاهل: الذي يحسب أن من طرق اإلحسان إلى الدين

وضع أحاديث للترغيب في بعض ما ندب إليه من أعمال صالحة، كما وضع نوح بن أبي مريم أحاديث في فضل سور القرآن، وقال

رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة،ومغازي ابن إسحاق، فوضعت هذه األحاديث حسبة.

ومنهم المغلوب على رشده: يضع الحديث لنحو تأييد مذهب أو إصابة عرض زائل، كأن يضع حديثا فيما يوافق هوى ذي سلطان؛

ليزداد عنده حظوة، فهذا غياث بن إبراهيم: رأى المهدي يلعب ال سبق إال في نصل أو خف أو))بالحمام، فتصرف في حديث

وقد شاء الله تعالى أن يتنبه المهدي((أو جناح))حافر فزاد فيه ب غياثا، وترك الحمام، وأمر بذبحها. لهذه الخيانة، فأن

ومنهم الزنديق: يضع أحاديث ليفسد القلوب، ويزعزع اإليمان، لو أحسن أحدكم ظنه بحجر))كما وضع بعض عباد األوثان حديث

.((لنفعه ونهض باللغة العربية وآدابها رجال طبعوا على األمانة، مثل أبي

عمرو ابن العالء، والمفضل الضبي، والخليل ابن أحمد، وسيبويه، واألصمعي، وابن األعرابي، وابن عمرو الشيباني، ومحمد بن

مسلم الدينوري. ولم تخلص اللغة وآدابها من أن ينتمي إليها نفر ال يتحاشون أن

وحماد الراوية، ولوال8يدخلوا فيها ما ليس من حقائقها كقطرب ألبي منصور األزهري.((مقدمة التهذيب))كان متهما في رأيه وروايته عن العرب 8

7

العلماء الذين ينقدون ما يرويه أمثال هؤالء ألصيبت اللغة بفسادكبير.

وللتاريخ القسط األوفر من اختالق الرواة، وتزوير الكتاب، فكم من حقائق شاخصة حاولوا أن يذهبوا بها هباء، وكم من سير نقية أخرجوها في صورة ما يستحق هجاء، وسير مدنسة ألبسوها ثوب

ما يستأهل ثناء، ومن ناحية المحرومين من نعمة األمانة في المنسوب((اإلمامة والسياسة))العلم صدرت كتب مثل كتاب:

البن قتيبة وصفت كثيرا من أفاضل السلف في غير إنصاف، وولغت في أعراض الصحابة وهم خير أمة أخرجت للناس، وقد حذر أهل العلم من التسرع إلى تسليم ما يكتبه المؤرخون في

شأنهم، وإنما يعول في أخبارهم على الروايات الموثوق بهاكاألخبار الواردة على طريق علماء الحديث.

وكذلك ترى في غير الحديث واللغة، والتاريخ من العلوم رهطا يمسونها بأيد غير مؤتمنة، ويحشرون فيها ما ال يصح رواية أو ال

يقبل دراية، فيتناولها الجهابذة بالنقد، فينفون خبثها كما تنفي النارخبث الحديد.

فاألمانة زينة العلم وروحه الذي يجعله زاكي الثمر لذيذ المطعم،بت النظر في تراجم رجال العلم، رأيت بين العالم األمين وإذا قل

وقرينه غير األمين بونا شاسعا، ترى األول في مكانة محفوفة بالوقار، وانتفاع الناس منه في ازدياد، وترى الثاني في منزلة

صاغرة، ونفوس طالب العلم منصرفة عن األخذ عنه أو متباطئة. وقد تقرأ كتابا فتراه حافال بالمسائل النادرة، فيكبر صاحبه في عينك، ومتى عرفت أنه من المطعون في أمانتهم، شعرت بأن شطرا من ذلك اإلكبار قد ذهب، وخالطك الريب في صحة ما

أعجبت به من المسائل الراجعة إلى الرواية. كيف تكون منـزلة الجاحظ عندك لو درست حياته فخرجت مالئا

يدك بالثقة من أنه راوية أمين؟ ال أشك في أن األمانة إذا انحازت إلى مثل ذكاء الجاحظ، وسعة اطالعه بلغ صاحبها في الشرف

8

ناقدي9والسؤدد المكانة القصوى، ولكنك تقرأ ما شهد به بعض علماء العربية من أن الجاحظ غير مأمون فيما يروي، فال يبقى

في نفسك من احترامه إال ما جاءها من ناحية سعة علمه وبراعةبيانه.

وال أظنك بعد أن تعلم أن أبا الفرج األصبهاني صاحب كتاب إال أن تقرأ10 غير معدود فيمن يطمأن إلى روايته((األغاني))

على أنه كتاب أدب يجمع بين الصحيح والسقيم،((األغاني))كتاب حتى إذا أردت تحقيق موضوع تاريخي لم تعول على ما ينفرد بروايته، فتورده كما تورد ما يرويه ابن جرير الطبري ـ مثال ـ

وأنت مطمئن إليه، ولو كنت إذا درست حياة أبي الفرج وجدتها خالصة مما يخدش في أمانته، ألخذ في نفسك مكانة فوق المكانة التي حازها من جهة سعة اطالعه، وإتقانه لصناعة

التأليف. فالرجل الذي يكون على جانب من العلم، وال يتصرف فيه بأمانة

حصينة، يرمقه الناس بازدراء؛ وتذهب ثقتهم به، فال يكادونينتفعون بما يمكنهم أن ينتفعوا به من معلوماته الصحيحة.

وهذا صاعد بن الحسين البغدادي دخل قرطبة أيام المنصور بن أبي عامر، وكان عالما باللغة واألدب واألخبار، ولكن أهل العلم اختبروه فوجدوه يتنفق بالكذب، فأعرضوا عنه ولم يأخذوا منه

((األمالي)) نحا فيه نحو ((الفصوص))شيئا، وألف كتابا سماه ألبي علي القالي، فغلب شؤم ما فيه من كذب على ما فيه من

صدق، وكان شكرهم لهذا الكتاب أن طرحوه في النهر. قد يقع الرجل في حال يرى أن االعتراف فيه بالجهل يذهب

بشيء من احترام سائليه له، فيقف بين داعيين: فضيلة األمانة ، وحرصه على أن يبقى احترامه((ال أدري))تدعوه إلى أن يقول:

في نفوس سائليه غير منقوص يدعوه إلى أن يستمد من غير.((التهذيب))أبو منصور األزهري في مقدمة كتاب 9البن شاكر.((عيون التواريخ))انظر: 10

9

الحقيقة جوابا، وفي مثل هذا الحال يظهر مقدار صلة العالم بمزية األمانة، فإن كان راسخا فيها رسوخ الجبل تشتد به

العواصف فال تزحزحه قيد شعرة؛ أجاب داعيها واستيقن أن االحترام الحق في الوقوف عند حدودها، وإن كانت األمانة كلمة يقولها بفمه ويسمعها بأذنه دون أن تتخلل مسلك الروح منه آثر

لذة االحترام في ذلك المشهد، وأجاب بما ليس له به علم. حضر بعض أدباء المغرب مجلس السلطان إسماعيل، أو ابنه

محمد، وقرأ هذا األديب بين يديه صحيفة، فجاءت كلمة بالذال المعجمة، فأرجعه((الوخيذ))فقرأها 11((الوخيد))

السلطان، فقال ذلك األديب: إنه بالمعجمة والمهملة، فطلب منهشاهدا على ذلك فارتجل:

أقول لصاحبي لماارتحلنا

تمتع من لذيذ كالمحورا

وأشرعنا النجائب فيالوخيذ

فما بعد العشية منلذيذ

وإذا كان هذا األديب قد خرج من مجلس السلطان في ستر، فقد لقي ما يلقاه المستخف بحق األمانة في العلم، فافتضح أمره،

ووعت صحف التاريخ حديثه فأزرى بقدره. وإذا أبديت في العلم رأيا، ثم أراك الدليل القاطع، أو الراجح أن الحق في غير ما أبديت، فمقتضى األمانة أن تصدع بما استبان

لك أنه الحق، وال يمنعنك من الجهر به أن تنسب إلى سوء النظر فيما رأيته سالفا، فما أنت إال بشر؛ وما كان لبشر أن يبرئ نفسه

من الخطأ، ويدعي أنه لم يقل ولن يقول في حياته إال صوابا. واألمانة هي التي كانت تحمل كبار أهل العلم على أن يعلنوا في

الناس رجوعهم عن كثير من آراء علمية، أو اجتهادات دينية، تبينوا أنهم لم يقولوا فيها قوال سديدا. تجد هذه الفضيلة في األئمة

الوخيد لإلبل: اإلسراع. 1110

المقتدى بهم كمالك بن أنس، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والفتاوى التي رجع عنها أمثال هؤالء العظماء منبه عليها

في كتب األحكام، وال يعد شيء منها فيما يصح االقتداء به إال أن يراه بعض المجتهدين صحيح االستنباط، ثابت األصل، فحكمه

العمل على ما رأى. يسأل العالم ذو الخلق العظيم عما ال يعلم، فال يجد في صدره

وهذه سيرة علمائنا األجالء، يلقى على((ال أعلم))حرجا أن يقول الواحد منهم السؤال في العلم الذي عال فيه كعبه، فإذا لم

غير مستنكف وال((ال أدري))يحضره الجواب أطلق لسانه بكلمة مبال بما يكون لها من األثر في نفوس السائلين، وإذا فاته أن

يجيب طالب العلم عما سأل لم يفته أن يعلمه خلقا شريفا هو أن ال يتحدث في العلم إال على بصيرة، فيحفظ مقامه من أن يرمي بضعف الرأي إن كانت المسألة من قبيل الدراية أو بقلة األمانة

إن كانت عائدة إلى الرواية، وألن يقال: سئل فقال: ال أدري، خير من أن يقال: سئل فقال خطال، أو روى ما لم يكن واقعا. قال ابن

(.((ال أدري))هرمز: )ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول بالغة من الكثرة((ال أدري))والمسائل التي قال فيها كبار العلماء

ما ال يحيط به حساب. سأل رجل مالك بن أنس عن مسألة، وذكر أنه أرسل فيها من مسيرة أشهر من المغرب. فقال له: أخبر الذي أرسلك أنه ال

مه الله. وسأله آخر علم لي بها، قال: ومن يعلمها؟ قال: من عل ((ما أدري ماهي))عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب، فقال:

فقال الرجل يا أبا عبد الله تركت خلفي من يقول: ليس على وجه األرض أعلم منك، فقال مالك غير مستوحش. إذا رجعت

فأخبرهم أني ال أحسن وقال الكاتبون في سيرته: لو شاء رجل لفعل.((ال أدري))أن يمأل صحيفته من قول مالك

((ال أدري))ونقرأ في سيرة الشعبي أنه سئل عن مسألة فقال

11

فقال له السائل: فبأي شيء تأخذون رزق السلطان؟ فقال:.((ال أدري))ألقول فيما ال أدري:

و من شواهد أمانة محمد بن األعرابي، أن محمد بن حبيب سأله في مجلس واحد عن بضع عشرة مسألة من شعر الطرماح،

لك برأيي!12فكان يقول. ال أدري ولم أسمع، أفأحدسجل ذاكرته أو تأخذه غفلة فيقع لسانه في خطأ وقد تخون الر

وينبه بعد أو يتنبه من نفسه إلى هفوته، فإن كان على حظ عظيم من األمانة بادر إلى إصالح خطئه بنفسه غير مستنكف من

االعتراف بما أخذه من ذهول قلب، أو غلط لسان. مجلس أبي الفضل النحوي فسمعه13حضر أبو بكر بن العربي

ق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآلى، يقول: طل فلما انصرف، قصده إلى منـزله، وقال له: أصلحك الله!14وظاهر

وإنه صلى((قلت إنه صلى الله عليه وسلم طلق، وآلى، وظاهر)) الله عليه وسلم لم يظاهر، فإن الله جعل الظهار منكرا من

القول وزورا، فكان من أبي الفضل أن شكره، ومن الغد قال أبو الفضل ألهل مجلسه بعد أن قرب ابن العربي إليه: إني قد قلت لكم باألمس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق، وآلى، وظاهر، وإن هذا أرشدني إلى أنه لم يظاهر، وهو كما قال، وإنه

شيخي في هذه المسألة. من األمانة الرجوع إلى الحق، وهو كمال ال تحرص عليه إال نفوس

ذللت لها سبل المكارم تذليال، ومن األمانة أن تنقد اآلراء وال تغمض فيما تراه باطال، وإن كان بينك وبين صاحبها صلة

الصداقة، أو القربي.

الحدس: التخمين. 12 البن راشد القفصي وأوردها أبو بكر بن((الفائق))هكذا وردت هذه القصة في كتاب 13

العربي في كتاب األحكام على أنها وقعت لمحمد بن قاسم العثماني حين حضر لمجلس أبيالفضل الجوهري.

آلى: أي حلف على أن ال يدخل على نسائه مدة من الزمن. وظاهر: أي قال المرأته: أنت 14علي كظهر أمي.

12

قدم أبو جعفر أحمد بن يوسف الفهري للملك المستنصر في تونس كتابا في النحو، فدفعه المستنصر لألستاذ أبي الحسن

حازم، فزار أبو جعفر حازما يوما، فرأى الكتاب بين يديه، فقالله: يا أبا الحسن

((وعين الرضا عن كل عيب كليلة)) فقال له حازم: أنت سيدي وأخي، والعلم ال يحتمل المداهنة،

فقال له أبو جعفر: فأخبرني بما عثرت عليه، فأراه مواضعفسلمها وأصلحها بخطه.

ومن أمانة العالم أن ال يفتي أو يقضي بما يراه باطال، فحرام عليه أن يفتي، أو يقضي برأي غيره وهو ال يتردد في بطالنه، ويبقى النظر في المسائل التي تعود إلى االجتهاد، وال يتعدى حكمها مراتب الظنون، وهذا ما يمكن أن يكون وضع اختالف

الفقهاء في قضاء العالم أو إفتائه بغير مذهبه؛ كأن يقضي بين خصمين من أتباع بعض المذاهب على مقتضى المذهب الذي

تقلداه. كان العالم الجليل قاسم بن محمد بن سيار يفتي في األندلس بمذهب مالك وهو يخالفه في كثير من المسائل، فقال له أحمد بن خالد: أراك تفتي الناس بما ال تعتقد وهذا ال يحل لك، فقال:

ما يسألونني عن مذهب جرى في البلد، فعرف فأفتيهم به، ولو إنسألوني عن مذهبي ألخبرتهم به.

ويسهل على العالم السبيل إلفتاء القوم بمذهب إمام تقلدوه، أن المجتهد وإن خالف غيره من المجتهدين في بعض األحكام

المستنبطة، يرى أن عبادات كل مجتهد ومن يقلدونه في مذهبه صحيحة، ألنها قائمة على االجتهاد الذي هو أقصى ما كلفهم الله

بالعمل عليه، وليس عليهم أن يكون اجتهادهم مطابقا لما هوالصواب عند الله.

وممن ال يجيز للعالم أن يحكم بمذهب غير راجح في نظره: أبو

13

بكر الطرطوشي، فإنه كان ينكر ما يفعله والة قرطبة من أنهم إذا ولوا أحدا القضاء، شرطوا عليه أن ال يخرج عن قول ابن

القاسم، وقال: هذا جهل عظيم. والحق أن والية القضاء المتبعين لمذهب بعض األئمة المقتدى بهم ـ عند فقد المجتهدين ـ صحيحة، ولولي األمر أن يشترط

عليهم الحكم بالمشهور أو الراجح في مذهب بعينه عند الوالية، ضبطا لألحكام، وسدا ألبواب اتباع األهواء، وال حرج في قضائهم على هذا الشرط، وإن حكموا بما ال تطمئن إليه نفوسهم، فإن

آراء من لم يبلغ رتبة االجتهاد المطلق أو المقيد تسقط أمام آراء المجتهدين، وليس لها في نظر الشارع من قيمة، أما بالغ رتبة

االجتهاد فليس له أن يحكم بغير ما قامت األدلة القاطعة، أوالراجحة على أنه حكم الله الذي شرع لعباده.

وإذا كانت األمانة في العلم منبع حياة األمم، وأساس عظمتها، زيادة على أنها الخصلة التي تكسب صاحبها: وقارا، وجاللة، كان

حقا علينا أن نعطف على نشئنا من طالب العلم، ونتخذ كل وسيلة إلى أن نخرجهم أمناء فيما يروون أو يصفون، ذلك بأن

نتحرى في دروسنا األمانة فيما نروي، وال نجيب سؤالهم إال بما وإذا أوردنا رأيا استبنا بعد أنه مأخوذ((ال ندري))ندري أو بقولنا

من غير أصل، قلنا لهم في صراحة: قد أخطأنا في الفهم، أوخرجنا على ما تقتضيه أصول العلم.

ومن أساليب تلقينهم األمانة في العلم أن نتلقى مناقشتهم بصدر رحب، وال نقتل آراءهم بالكلمات الجارحة، أو نتعسف في ردها

فندافعها بما نعتقد في أنفسنا أنه غير كاف لدفاعها. وعلى األستاذ بعد أن يقوم بحق األمانة مالحظة سير الطالب، حتى إذا وقع أحدهم فيما يدل على أنه غافل عن رفعة شأنها

وغزارة فوائدها، أرشده إلى أن العلم بغير أمانة شر من الجهل،وأن ذكاء ال يصاحبه صدق اللهجة نكبة على العقل:

مع والبصر والفؤاد كل ) وال تقف ما ليس لك به علم إن الس14

أولئك كان عنه مسؤوال (. وهو نفيس جدا.ـ رحمه الله تعالى ـانتهى كالمه

على تحريمثانيا: قال الشيخ :" اإلجماع الـملي(55 ) صالتحريف

أجمع أهل األرض على اختالف مللهم، وتشعب طوائفهم، ، لما((قصد التحريف، والتغيير، والتبديل))ومذاهبهم، على تحريم

يفضي إليه من الميل عن الصراط، والتخبط في مضاجع الفساد،في مخاطر كبار.

ة، إال ألهل ملة اإلسالم، لكن هذا اإلجماع لم يسلم ألهل مل ومضى صدر األمة وسلفها على ذلك، ثم خلفت خلوف، وانقدح

في األمة داعي الهوى، والفرقة، فلم يسلم ذلك ظاهرا وال باطنا، إال ألهل السنة والجماعة منهم، فهي عندهم من شعار اإلسالم،

رحمه اللهـ ومعالم اإليمان، وحقا ما قاله شيخ اإلسالم ابن تيمية وساق في موضع ما قاله الشيخ15 في مواضع من كتبهـتعالى

إسماعيل الصابوني في أصول معتقد أهل السنة والجماعة، . ) وال يحرفون الكلم عن مواضعه تحريف المعتزلة،16ومنه

والجهمية ( انتهى.نة من التحريف والتكييف، ومن عليهم وقد أعاذ الله أهل الس

بالتفهيم والتعريف .. أما أهل األهواء، فقد مالت بهم أهواؤهم ميال عظيما، وأودتهم

مكانا سحيقا، فجلبوا لها مآخذ في االستدالل، كان منها: تحريف شأن الباطل ال يتأيد إالـالنصوص ببترها، واإلدخال، واإلخراج

فوا بذلك سنة اإلسالم في ـبمثله ، وصار((األمانة العلمية)) فحر ظاهرا ال باطنا، فخرجوا((األمانة العلمية))نصيبهم من دعوى

(.285 ـ7/284: )((الفتاوى))(، 5/166: )((منهاج السنة النبوية)) 15(.4/5: )((الفتاوى)) 16

15

، وهذا((الخيانة العلمية))بذلك إلى خطة الخسف، ودائرته الصنف محجور عليه طبعا وشرعا عن النظر واالستدالل في

العلوم التي يداخلها هواه، وينازعه فيها مبلغ غايته، ومنتهى رضاه الهوى((، وإن تسربل بلباس المحبة، فهي محبة لغير الله لما))

فيها من الغلو الشديد. فنحي بذلك عن الصف، وسقط بسوء فعله من العلماء العاملين، وصار بعمله هذا من المقبوحين، ومن

نعمة األمانة العلمية من المحرومين. ورحم الله أهل الحياء. بالكذبة فيـ رحمه الله تعالى ـوقد ندد شيخ اإلسالم ابن تيمية

ن سوء أثر تلبسهم بهذه المعصية وغيرها، على العلم، وبي:17المسلمين، فقال

)وكذلك كذبهم في العلم من أعظم الظلم. وكذلك إظهارهم للمعاصي والبدع التي تمنع الثقة بأقوالهم، وتصرف القلوب عن اتباعهم، وتقتضي متابعة الناس لهم فيها هي من أعظم الظلم،

ويستحقون من الذم، والعقوبة عليها ما ال يستحقه من أظهر ـالكذب، والمعاصي، والبدع، من غيرهم؛ ألن إظهار غير العالم

فليس هو مثل العالم في الضرر الذيـوإن كان فيه نوع ضرر يمنع ظهور الحق، ويوجب ظهور الباطل؛ فإن إظهار هؤالء

للفجور والبدع بمنزلة إعراض المقاتلة عن الجهاد، ودفع العدو؛ ليس هو مثل إعراض آحاد المقاتلة؛ لما في ذلك من الضرر

العظيم على المسلمين. فترك أهل العلم لتبليغ الدين كترك أهل القتال للجهاد، وترك أهل

القتال للقتال الواجب عليهم كترك أهل العلم للتبليغ الواجب عليهم، كالهما ذنب عظيم؛ وليس هو مثل ترك ما تحتاج األمة إليه، مما هو مفوض إليهم؛ فإن ترك هذا أعظم من ترك أداء

المال الواجب إلى مستحقه. وما يظهرونه من البدع، والمعاصي، التي تمنع قبول قولهم، وتدعو النفوس إلى موافقتهم، وتمنعهم

وغيرهم من إظهار األمر بالمعروف، والنهي عن المنكر: أشد(.189 ـ 188/ 28))الفتاوى((: ) 17

16

ضررا لألمة وضررا عليهم من إظهار غيرهم لذلك. ولهذا جبل الله قلوب األمة على أنها تستعظم جبن الجندي،

وفشله، وتركه للجهاد، ومعاونته للعدو أكثر مما تستعظمه من غيره. وتستعظم إظهار العالم الفسوق، والبدع، أكثر مما تستعظم ذلك من غيره، بخالف فسوق الجندي، وظلمه،

وفاحشته، وبخالف قعود العالم عن الجهاد بالبدن. ومثل ذلك والة األمور، كل بحسبه، من الوالي، والقاضي؛ فإن تفريط أحدهم فيما عليه رعايته من مصالح األمة، أو فعل ضد

ذلك، من العدوان عليهم يستعظم أعظم مما يستعظم ذنبيخص أحدهم( انتهى. منقصة في اإلسالم، ومنـ وهو مئنة اإلثم ـوبالجملة فالتحريف

كبائر الذنوب واآلثام، فإن كان في حديث نبوي شريف فإلى من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده))فاعله يساق هذا الوعيد:

، وإن كان فيما سوى ذلك، فهو بحسب ما يترتب عليه((من النارمن مخاطر، وآثام.

فهو((اإلدراج)): )من تعمد 18ـ رحمه الله تعالى ـقال السمعاني ساقط العدالة، وممن يحرف الكلم عن مواضعه وهو ملحق

بالكذابين(اهـ كالم العالمة بكر أبو زيد رحمه الله.قال أبو عبد الباري:

و قال السيوطي أيضا في ألفيته فيمن تعمد باإلدراج:وعندي التفسير قد يسامح وقادحمحرم وكله

وقال النووي في التقريب بعد الكالم في اإلدراج:" وكله حرام ". (:"1/322وقال في تدريب الراوي في شرح عبارة النواوي )

( بإجماع أهل الحديثحرام(، أي اإلدراج بأقسامه )وكله)والفقه اهـ.

قال أبو عبد الباري:(.79: )ص/((شرح شاكر أللفية السيوطي))بواسطة: 18

17

هذا ما ذكره الشيخ تحت هذا العنوان، وقد تناول هذه القضية ( وهذه نتف مما37قبل ذلك تحت عنوان ) حقيقة التحريف ص

(:39-37قاله هناك ) ص بع، ألن فاعله يتطلب المخارج من وال ينشأ هذا إال عن هوى مت النصوص، حتى تؤيد ما هو عليه من رأي، قد يكون قاله إمام يعتقده لدليل عرض له، لكن المتابع المتعصب لقول اإلمام ال للدليل يحمله تعصبه على االستمساك بقول إمامه، فيجمع له نفسه بتطلب المخارج بتحريف النصوص ومعانيها، من آية، أو

.19حديث، أو كالم عالم وهذا موطن يفرق به بين أتباع الرسل، والمخالفين لهم، وبين

أهل السنة، والبدعة، وبين الراسخين في العلم، والزائفين.ويشمل كل محرف عن قصد في أصل، أو فرع.

: أسس أهل العلم في مناهج البحث والتأليف: االلتزاموعليه ((الغلو))باألمانة العلمية، وشددوا، وصاروا بالمرصاد لمن جنح به

. وهي الفرع الناقض لهذا األصل..((الخيانة))إلى للنص من آية، أو حديث، أو((التحريف))ومن مفردات الخيانة

أثر، أو كالم عالم، في ذات النص، أو معناه، وداللته، ومؤداه، فهوقادح في األمانة، مناهض لها.

وقد أطبق المسلمون على تحريمه؛ إذ هو آخية الكذب؛ ألنه إخبارخذوا العجل ذين ات بخالف الحقيقة. وقد قال الله تعالى: )إن الة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي هم وذل سينالهم غضب من رب

[.152المفترين ( ]األعراف: هي لكل مفتر من هذه األمة)): ـ رحمه الله تعالى ـقال أبو قالبة

.((إلى يوم القيامةى)) خيانة، وافتراء، ((التحريف المقصود))و ،((وما خائن بمزك(.1/162 للشاطبي: )((االعتصام))ينظر: 19

18

تحريف الكلم عن)): ((النفاق األصغر))وكيف يزكى محترف . وهذا من لطائف االستدالل بآي الكتاب.((مواضعه

: أن التحريف المذموم هو المتعمد مما عملته أقالموالحاصل بالترصد، والتربص من العبث، والتالعب((أهل األهواء))الغالة

بالنصوص بالبتر، والتحريف، مما يوردونه؛ ليقيم أود استداللهم، في مقامات الحجة، والمحاجة، لما يطوون عليه معتقداتهم من

في عصبية، أو عصبيات متعددة الجوانب من مخالفاتهم.((غلو)) والله تعالى((تقول))وبالجملة فالتحريف مروق عن الصدق، و

ثم يقول: )ولو تقول علينا بعض األقاويل، ألخذنا منه باليمين،[.46لقطعنا منه الوتين( ]الحاقة:

(69)ص ثالثا: قال الشيخ:" أنواع التحريف يمكن تصنيف عمل أهل األهواء بترصدهم تحريف الكلم عن

مواضعه للتضليل على أنواع.وهذا على وجوه:: التحريف في ذات النص ومبناه.النوع األول

التحريف في بنية الكلمة وجسمها. ـ1الزيادة في النص بلفظ، أو ألفاظ، في جملة، أو جمل. ـ2النقص منه كذلك. ـ3بتر النص. وهذا أخص من سابقه. ـ4التصرف في النص بالتقديم، والتأخير، ال على سياق قائله. ـ5 التلفيق: بمعنى أن يكون النص المنقول منه متصل العقد، ـ6

والسياق في صفحة، أو صفحات، ثم ينتزع الناقل سطورا من بينالسطور، فيسوقها مساقا واحدا على أن هذا نص كالمه.

19

الجمع بين هذه السوآت في نص واحد. ـ7 ، فيكون التحريف في20: تحريف األدلة عن مواضعهاالنوع الثاني

وجه داللة النص ومعناه بإخراجها عن حقائقها مع االفتراء، بمعنى: صرف األدلة عن وجوه االستدالل منها، كحمل كالم الله ورسوله

. 21على وفق المذهب.((ضغط النص للواقع))ومنه في المدرسة العصرانية:

)) يسمونه ((التحريف))وهذا وهو تأويل بالباطل، وفي((تأويال أخرجوا نصوص الشريعة عن حقائقها،((التحريف))هذا النوع من

فوها على غير المراد منها، ولقبوا هذا ))وحر ، وهذا من((تأويال)): ((التعطيل))عمل المبتدعة للتضليل، ومنه تسميتهم ((تنـزيها

تجسيما.((اإلثبات))و جناية((النونية)) في ـ رحمه الله تعالى ـوقد أوضح ابن القيم

على الشريعة في نحو مائتي بيت، قال في((التأويل بالباطل))مطلعها:

ة هـذا وأصـل بليـاإلسـالم مـن

حـريف تأويل ذي التوالبـطالن

: التحريف للمبنى والمعنى، وذلك في إطالق األسماءالنوع الثالث اإلسالمية، والمصطلحات الشرعية على الحقائق البدعية. وهذا

من أسوأ التضليل، والتلبيس. ومنه: أخذ الباطنية عبارات المسلمين، واصطالحاتهم، وإطالقها

على معانيهم الباطلة. وأخذ مبتدعة المسلمين عبارات أهل السنة، وإطالقها على

بدعهم، فوافقوا أهل السنة بظاهر ال باطن له. وقد وقع من وقع(.252 ـ1/249 للشاطبي: )((االعتصام)) 20(.367 ـ10/366(، )7/35: )((الفتاوى)) 21

20

من علماء المسلمين في إطالق مصطلحات ألهل السنة، على.22أصول الفالسفة، ومذاهبهم. وهكذا

في هذا وقوعاتـ رحمه الله تعالى ـوكان ألبي حامد الغزالي شيخنا أبو حامد،))كثيرة؛ ولهذا قال صاحبه أبو بكر بن العربي

.((دخل في بطن الفالسفة، ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر ما يتعلق باالصطالح فيـ ولله الحمد ـوقد بسطت

.((فقه النوازل)) وهو مطبوع في ((المواضعة))فيها وإبطال ثبوتها.23: التحريف بالطعنالنوع الرابع

ومنه لدى الرافضة الطعن بالسنة إال بأسانيدهم عن طريقالمعصومين.

ومنه لدى مبتدعة أهل السنة الطعن بحديث اآلحاد في أبواباالعتقاد.

ومن كل هذه األنواع نزع الغالة بالتحريف في آية، أو حديث، أو االستدالل منهما بالتأويالت الباطلة، والمحامل الباردة، أو في

إسناد، بتوثيق المجروح، أو عكسه، أو التلبيس في عين الراويبمشابه له في االسم.

وصرفه عن وجهه المراد منه. وقد ترىوالتحريف في كالم عالم الرجل يسوم نفسه سوم العذاب، فيعب من كل هذه األنواع،

فمستقل ومستكثر. والله المستعان.(73) ص رابعا: قال الشيخ:" طرق الغالة في التحريف

ثم ذكر الشيخ من طرق الغالة في التحرف ثالثة نذكرها باختصار:

(،37/4(، )355، 352، 17/333( مهم، )164 ـ69 ـ 68، 66، 4/19: )((الفتاوى)) 22 ( ط197 ـ1/189: )((الصواعق المرسلة))(، 203 ـ1/201 طبع جامعة اإلمام: )((منهاج السنة))

(.23/143: )((سير أعالم النبالء))(، 677 ـ672مهم، 441 ـ2/438دار العاصمة بالرياض: )(.1/217: )((الصواعق المرسلة)) 23

21

قال الشيخ:" من واقع ما تخطه أقالم الغالة، فينشرونه تحقيقا أوتأليفا، نرى لهم نفثات تحريف من خالل الطرق اآلتية:

مكيدة فيها مصيدة، وأحبولة الستدراج الغافلين هي فيـ1 تسورهم كتب السلف: في التفسير، والحديث، وفي علومهما،

مثل بعض كتب الطبري، وابن قتيبة، وابن القيم، وابن كثير، والذهبي، وابن رجب وغيرهم، فيخرجونها للناس تحقيقا، أو

اختصارا، ولهم فيها نفثات مهينة من التحريف، والتلبيس فيها في مواضع، وعلى ندرة أحيانا، فانظر، كيف يمتطون هذا الدر الثمين، لمزجه بالخرز المهين كل هذا ليصلوا إلى أهل السنة عن طريق

الكتب التي يرجعون إليها، ويعولون عليها. وهذا من بالغ كيدهم. وقد تم الوقوف على أمثلة لهذا "اهـ ثم

ذكر الشيخ أمثلة.ثم قال الشيخ في الطريق الثاني:

لون))ـ2 :((طريق الت من حديث، أو أثر،((تحريف النص))من اقتحم الطريق األولى:

بما يبديه بعضهم من((طريق التلون))أو كالم عالم، هان عليه: عبارات إجالل البن تيمية، وابن القيم، والذهبي، وغيرهم من

علماء السلف، وهو في نفس الوقت، يتمدح بمن يعيبهم، وبمنل بهم، وبمذهبهم، في مواضع أخرى ال يلعنهم، ويكفرهم، وينك

تخفى على البصراء، كل هذا لكسب أكبر عدد ممكن من القراء. وهذا من المداخالت العجيبة التي يكدر النفوس سماعها، فضال

عن إعمالها ..." اهـ االمراد منه، ثم ذكر الدليل على ذلك معتوضيح جميل.

ثم قال الشيخ في الطريق الثالث:" والتحكك باالنتساب إليها،(( التمسح بنصرة السنة ))طريق ـ3

واإلغراء بما يسوقونه من مطايبات شتى، ومتع للقراء، لكن في22

المواطن التي يعطفون على عصبية فيها، تجد العبث، واللعب بالنصوص، والتصرف فيها، وانتهاب األقوال، وتنتيفها مع التغرير

((البحث العلمي)) و ((األمانة العلمية )) بسياقتها، على مقتضى .((التزام المنهجية)) و ((دقة المنهج))و

رد منه هذه الكلمات، والشعارات المثخنة وهكذا في السبالمكايد، والبريق الكاذب، ومنها:

العزو باسم الكتاب، ومؤلفه، ورقم الصفحة، والجزء، وجهة الطبعومكانه، وتاريخ طبعه، وملتزم نشره.

وهكذا من الصياغات التي تنقضها الحقائق، وتنكثها المراجعات،.((ربطوا الجواد خلف المركب))والتدقيقات؛ إذ

فوا، وبدلوا، كل هذا لتأييد ما شبه لهم به من روا، وحر بما غيانحراف، ومخالفة.

وهذه من أسوأ مفاتيح النفوذ إلى تعبئة العقول باالنحراف عنمنهج السلف.

ا، ويبهرجون ة" على المستضعفين من ومع ذلك يظهرون "المنعلى عقولهم، بأنهم شاركوا في تحقيق كتب السلف.

فاآلن أتاك نبأ المحرفين، إذ تسوروا كتب السلف فاحذر مكرهمئ إال بأهله( اهـ. ي )وال يحيق المكر الس

خامسا: أمثلة في تحريف المعاصرين ثم ذكر الشيخ العالمة أمثلة عديدة من أناس متعددين، وأطولها تحريفات عبد الفتاح أبي غدة، ولكثرتها نذكر هنا أمثلة مختارة،

من تحريفاته لكتاب اللكنوي " الرفع والتكميل " ومثاال منتحريفاته لكتاب "الموقظة" للذهبي:

(138-137: التحريف الثاني )ص قال الشيخ:المثال األول ( نقل عن87 ـ 86 )ص/((الرفع والتكميل))في حاشيته على

23

شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ كالمه في كتابه: )((الفتاوى الكبرى)) ضمن ((إقامة الدليل على إبطال التحليل))

(.231ـ 3/227 وبالمقابلة باألصل المنقول منه، وجدت أنه تالعب بالنص في عدة

أمور: (، ونحو228(، ثم تجاوز )ص/3/227نقل نحو ثالثة سطور من )

(، ثم عاد إلى النقل من )ص/229خمسة عشر سطرا من )ص/ (ثم ترك نحو سبعة عشر سطرا، ثم عاد230( ـ وأول )ص/229

(.231إلى النقل )ص/ وهذه السطور التي ينقلها من خمس صفحات، يؤلف بينها كأن

ابن تيمية ساقها مساقا واحدا ال يتخللها له أي كالم ولم يشر إلىما يفيد االختصار والتصرف والحذف.

هذا تالعب وتحريف للنص من جهة، ومن جهة أخرى فإن مطلع )((الوجه السابع عشر))كالم ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في

( ما نصه: 3/227 )الوجه السابع عشر: إن الحيل مع أنها محدثة كما تقدم، فإنها أحدثت بالرأي، وإنما أحدثها من كان الغالب عليهم الرأي، فما ورد في الحديث واألثر من ذم الرأي وأهله فإنما يتناول الحيل،

فإنها رأي محض ليس فيه أثر عن الصحابة..(.(:86وقد تصرف هذا الناقل فقال في مطلع السياق )ص/

) ما ورد في الحديث واألثر من ذم الرأي وأهله، فإنما يتناولالحيل، فإنها أحدثت بالرأي، وإنها رأي محض، ليس..(.

فشيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ يسند إحداث الحيل وإنما أحدثها من كان))إلى من كان الغالب عليهم الرأي فقال:

فحذفها هذا الناقل؟ ألنها تنحي بالالئمة((الغالب عليهم الرأيعلى أهل مشربه.

24

هذا مع ما تراه من تقديم وتأخير. فالله المستعان. ورحم اللهأهل الحياء. والله المعين على قمع المقبوحين بحرفة التحريف.

(140: التحريف الخامس )ص قال الشيخ: المثال الثاني نقل عن القاسمي في((الرفع والتكميل))( من 85في )ص/

(.24 )ص/((الجرح والتعديل))كتابه وبالمقابلة وجدت كالم القاسمي يتكون من أصل، وحاشية فأخذ

التلميذ نحو سطرين من المتن، ثم أدخل بعدهما نحو أربعة سطور من الحاشية، ثم قطعها، ثم عاد إلى األصل فنقل منه نحو

ثالثة سطور، ثم ترك نحو خمسة سطور ثم عاد إلى المتن، ثمأتى ببقية الحاشية. وبها انتهى النقل.

وهذا تصرف عجيب، لم يذكر الناقل ما يدل عليه مع ما وقع من زيادة لفظ ليس في كالم القاسمي وهي في آخر المقطع األول

، ولم أرها بهذا النص في كالم((لكن العصبية))من النقل، القاسمي.

عقب قوله في المقطع الثاني((بعد))ووقع أيضا حذف كلمة وعبارة القاسمي: ثم حكم بعد.(( ثم حكم))

((البتر)) و ((التلفيق))يبقى بعد هذا ما هو السر في هذا وهذه المهارة في التركيب: إنه تدليس التسوية((الزيادة))و

بإسقاط مقاطع الكلم التي تمس الحنفي ولو على سبيل العموم، وتسوية النص وسياقه مساقا واحدا، ليخرج في خدمة المشرب،

فالله المستعان على ما يعملون.-140 التحريف السادس )ص قال الشيخ:: المثال الثالث

141) قال: )ثم((الرفع والتكميل))( من حاشيته على 142وفي)ص/

. قال فيه الحافظ((ليس بشيء))قولهم في الراوي الضعيف: 25

باب قل أي))(في 341 ـ 13/340 )((فتح الباري))ابن حجر في شيء أكبر شهادة؟ قل الله((: والشيء يساوي الموجود لغة

فهو على طريق المجاز((فالن ليس بشيء))وعرفا، وأما قولهم: والمبالغة في الذم، فلذلك وصفه بصفة المعدوم( انتهى.

:إقحام بدعي ليست في كالم الحافظ ابن حجر(( المجاز))هذه اللفظة

(، فهي تقول عليه. وإقحام مقصود340المسوق من )ص/ وتحريف للنص ال يمليه إال انحراف في المعتقد، من إنكار إطالق

على الله تعالى وأنه مؤول فهو إطالق مجازي.((شيء))لفظ ( طبعة السلفية.403 ـ 13/402 نفسه)((فتح الباري))وانظر

(. وانظر تحريفه في النص بعده:6/142 )((مجموع الفتاوى))و-141 التحريف السابع ) ص قال الشيخ:: المثال الرابع

142) فتح))( أيضا قال: )قال الحافظ ابن حجر في 142وفي )ص/

ليسوا))قال الخطابي: معنى قوله: )): 10/491 ((الباري أي ليس قولهم بشيء صحيح يعتمد، وهو كما تقول((بشيء

العرب: لمن قال قوال غير سديد: ما قلت شيئا. وزاد ابن بطال:يريدون بذلك المبالغة في النفي، وليس ذلك كذبا(انتهى.

بالمقابلة ترى أن هذا المسكين تالعب بالنص فزاد، ونقص، وقدم(:10/492 )((فتح الباري))وإليك النص في

فيما يتعاطونه من((ليسوا بشيء))) قال الخطابي: معنى قوله: علم الغيب أي ليس قولهم بشيء صحيح يعتمد، كما يعتمد قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي يخبر عن الوحي. وهو كما

يقال لمن عمل عمال غير متقن، أو قال قوال غير سديد: ما عملت أو قلت شيئا. وقال ابن بطال، نحوه، وزاد: إنهم يريدون بذلك

المبالغة في النفي، وليس ذلك كذبا ( انتهى.

26

فهذا النص على قصره تالعب به مرات: فحذف مرة، ثم حذف أخرى، ثم زاد جملة، ثم حذف، ثم حذف أخرى، ثم حذف ثالثة،

فأصبح نقال ممسوخا، لكنه التأييد لما سبق في وجه التحريفقبله.

والله المستعان اهـ .صاألول المثال الخامس: قال الشيخ: التحريف (

158 :) للذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ((الموقظة))في التتمة الثالثة بعد

( نقل عن الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ127 ـ 125)ص/ (374ـ 373، 365 ـ 364/ 1 )((شرح علل الترمذي))في كتابه:

( من طبعة بغداد.279، 272ـ 271من طبعة دمشق و)ص/ وبعد أن تعرض لشرح مذهب مسلم، ـ رحمه الله تعالى ـ، ومذهب علي بن المديني، والبخاري، في الحديث المعنعن

بشرطه، ورجح مذهبهما، وأطال في ترجيحه. على ما))( 127أخذ في نقل كالم ابن رجب إلى قوله أول )ص/

ثم حذف نحو أربعة أسطر، ثم عاد إلى النقل بنحو((قاله مسلمسطرين، ثم حذف نحو أربع ورقات ثم استمر في النقل.

قال أبو عبد الباري: انتهى ما أردت نقله من كالم العالمة بكر بن عبد الله أبي زيد

رحمه الله تعالى فمن رام معرفة جميع األمثلة وبقية كالمه القيم فليرجع إلى كتابه " تحريف النصوص من مآخذ أهل األهواء في

االستدالل ".

27

الفصل الثاني:أمثلة من تحريفات حسان في بعض كتبه ورسائله.

مما اشتهر به هذا الكاتب المتهور تحريف الكالم عن مواضعه، تارة بالمبنى والمعنى معا كما تجد أمثلته في هذا الفصل إن شاء

الله تعالى، وتارة بالمعنى ووضع الكالم في غير موضعه، وتجد ذلك ظاهرا جليا في كتابه " مصلحة التأليف في الميزان " وهو كتاب شرح فيه حديث جابر في المنافق وفيه " دعه ال يتحدث

28

الناس أن محمدا يقتل أصحابه " وقد بينت بطالن تالعبه في " تذكرة األواب "، وتجد أيضا التالعب بأقوال العلماء في كتابه أيضا

" القول الصائب في شرح قصة حاطب " وفيه من التزوير ما تجد بعض أمثلته في هذا الكتاب، وقد حدثني الدكتور عبد الله حسن أنه تتبع ما في هذا الكتاب من التحريف والتلبيس ولعله

ينشر نتيجة بحثه الحقا. واشتهر أيضا بالقرصنة الفكرية وسرقة أقوال غيره بدون عزو وال إشارة، وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن أبيض كيف سرق هذا الكاتب كالم أبي قتادة الفلسطيني – والطير على أشكالها تقع – وساقه

كأنه من كيسه، وأذكر هنا مثالين آخرين: : سرقته لكالم ابن الوزير رحمه الله تعالى فيالمثال األول

العواصم والقواصم:"في المسألة الثالثةقال الكاتب حسان في ) إسعاف السائل (

والتحقيق أن التكفير بالالزم ومآل المذهب رأي محض، لم يرد به سمع وال إجماع، والفرض أن قاعدة التكفير والتبديع ال تكون إال

.سمعية، فانهدت القاعدة وبقي التكفير به على غير أساس " اهـوهذا الكالم مأخوذ من ابن الوزير في العواصم والقواصم )

( وهذا تمامه:"4/367-371 : وهو التكفير بمآل المذهب، ويسمىوأما الوجه الثالث

باإللزام، فقد ذهب إليه كثير، وأنكره المحققون، منهم محمد بن منصور الكوفي الشيعي العالمة، وألف في إنكاره كتابا سماه كتاب " الجملة واأللفة "، وحكى اختياره عن أكابر أئمة أهل

البيت عليهم السالم وكبار المعتزلة كما سيأتي بحروفه. ومنه الشيخ تقي الدين في شرح " العمدة " والرازي والغزالي

في " التفرقة " وغير واحد، وعليه مدار أكثر التكفير، وهو عندي في غاية الضعف، لما تقدم من اشتراط القطع في التكفير عند المعتزلة والشيعة، وطوائف من األمة، وهو كذلك في حق من

أراد القطع بالكفر.29

إنه ينزل عن هذه المرتبة إلى مرتبة الظن الراجح:فإن قيل المستند إلى السمع الواضح، والعمل بالظن ال يمتنع إال بقاطع،

وال قاطع ؟: أن ذلك الظن غير حاصل أيضا لوجوه:فالجواب

أن التكفير باإللزام، ومآل المذهب رأي محض،: األول الوجه لم يرد به السمع ال تواترا وال آحادا وال إجماعا، والفرض أن أدلة

التكفير والتفسيق ال تكون إال سمعية، فانهدت القاعدة، وبقي اهـ.التكفير به على غير أساس

فجاء هذا الكاتب فنقل كالم ابن الوزير الذي تحته الخط مع تغييرر كلمة ) اإللزام ( إلى ) الالزم (، وكملة بعض كلماته، فغي

ال تواترا وال) السمع ( إلى ) سمع ( بالتنكيرن وترك كلمتي )ر كلمة ) أدلة ( إلى ) قاعدة ( وأوهم أنها من كالمهآحادا ( ثم غي

وبنات أفكاره، فيا لها من قرصنة فكرية.: سرقته لكالم الدكتور عبد القادر حرز اللهالمثال الثاني

قال الكاتب حسان في ) منجية األفهام من مزلة األقدام( فيالملحوظة الثانية:"

البد من التأكيد على أن المصلحة بذاتها ليست دليال مستقال، فمن ظن أنها أصل مستقل فقد أخطأ، فهي ليست كالكتاب والسنة واإلجماع والقياس حتى يصح بناء األحكام الجزئية عليها وحدها،

كما قد يتصورها بعض الكتاب، وإنما هي معنى كلي استخرج من مجموع جزئيات األحكام المأخوذة من أدلتها ومصادرها الشرعية، فهي أشبه إلى حد كبير بتخريج المناط، واألدلة الجزئية أشبه ما

تكون بماعرف بتحقيق المناط، فمعرفة المجتهد أن مناط الشريعة اإلسالمية هو مصالح العباد تخريج له، ثم هو مطالب بعد

ذلك بتحقيقه في الجزئيات المنثورة، وإنما يتحقق ذلك بواسطة "األدلة التفصيلية في الكتاب والسنة والقياس الصحيح عليهما

اهـ.

30

من " المدخل إلى علم مقاصد الشريعة "وهذا الكالم مأخوذ ( للدكتور عبد القادر بن حرز الله، مع تعديل كلمات133)ص

قليلة، وهذا كالمه بنصه وتمامه:"

المبحث الثالث: ضوابط المصلحة إن هذا المبحث من مباحث المصلحة على قدر كبير من األهمية، إذ ضوابط المصلحة تعتبر محكا لمدى براعة المجتهد وفقهه لما

تكلفه من جهد في تتبع جزئيات النصوص واألحكام والوقوف على مختلف األدلة الكلية والجزئية، وما يتهاون أكثر الذين يكتفون

باسم المصلحة فيما يرونه من أحكام إال هربا من جهد لم يأخذواأنفسهم ولم يتمرسوا عليه.

البد من التأكيد على أن المصلحة بذاتها ليست دلياللذلك ف مستقال، ) فمن ظن أنها أصل خامس فقد أخطأ، فهي ليست

كالكتاب والسنة واإلجماع والقياس حتى يصح بناء األحكام الجزئية عليها وحدها، كما قد يتصورها أي باحث، وإنما هي معنى كلي استخلص من مجموع جزئيات األحكام المأخوذة من أدلتها

ومصادرها الشرعية. والعالقة بين فهم المجتهد للمصلحة باعتبارها مناطا كليا لألحكام واألدلة التفصيلية باعتبارها مناطات جزئية لها يشبه إلى حد كبير

العالقة بتخريج المناط وتحقيقه، فمعرفة المجتهد أن مناط الشريعة اإلسالمية هو مصالح العباد تخريج له، ثم هو مطالب بعد

ذلك بتحقيقه في الجزئيات المنثورة، وإنما يتحقق ذلك بواسطة ،األدلة التفصيلية في الكتاب والسنة والقياس الصحيح عليهما

ألنها هي التي خطت سبيل المصلحة ونسقت لنا مراتبها "اهـ. فجاء هذا الكاتب لهذا الكالم وقام بتغيير بعض كلماته وحذف

بعضها، وأوهم أن هذا كالمه من إنشائه، وهي قرصنة فكرية تدلعلى االحتراف والتمرس على هذا الصنيع.

وهناك أمثلة كثيرة من هذا القبيل لعلنا نجمعها في مؤلف

31

مستقل إن شاء الله تعالى.وبعد هذا فإننا في هذا الفصل نتناول النقاط الثالثة التالية:

: بعض من نسب للكذب لقلة األمانة في العلم.أوال : تغيير الكلمة العربية بزيادة أو نقص أو تغيير شكل يؤثر فيثانيا

المعنى.: أمثلة من تحريفات حسان في بعض كتبه ورسائله.ثالثا

أوال: بعض من نسب للكذب لقلة األمانة في العلم ممن حمل العلم ونسب إليه أقوام لم يكن أقالمهم أمينة،

فاشتهروا بالتدليس والتحريف حتى نسبوا إلى الكذب وسقوط الرواية، ومن نظر في المكتبة اإلسالمية وما كتب في أحكام نقلةالعلم ورواته أدرك أن أهل العلم تصدوا لهؤالء الكذبة في العلم.

، أبو أيوب المنقريفهذا سليمان بن داود الشاذكوني البصري، قد وصف بالحافظ، وكان يقارن باألئمة أحمد بن حنبل

وأبي بكر بن أبي شيبة وأمثالهم لكنه لم يكن أمينا في النقلوالرواية حتى نسب إلى الكذب.

(":57-2/56قال الذهبي في ترجمه من " تذكرة الحفاظ ) الشاذكوني الحافظ الشهير أبو أيوب سليمان بن داود المنقري البصري من أفراد الحافظين إال أنه واه " ثم ذكر قول العلماء

فيه ومنها: عن صالح بن محمد جزرة في الشاذكوني أنه قال: ما رأيت

أحفظ منه لكنه يكذب في الحديث. وعن يحيى بن معين: جربت عليه الكذب.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر في لسان الميزان قصصا وحكاياتعجيبة في تصرفات الشاذكوني هذا والله المستعان.

وهذا محمد بن حميد بن حيان أبو عبد الله الرازي32

، كان يكذب في الحديث، وقد أفاض الحافظ ابن حجرالحافظ -(" فذكر9/127العسقالني في ترجمته من " تهذيب التهذيب )

عن أبي القاسم بن أخي أبي زرعة سألت أبا زرعة عن محمد بن حميد فأومى بإصبعه إلي فمه، فقلت له: كان يكذب ؟ فقال:

برأسه نعم، فقلت له: كان قد شاخ لعله كان يعمل عليه ويدلسعليه؟ فقال: ال يا بني، كان يتعمد.

وعن أبي نعيم بن عدي: سمعت أبا حاتم الرازي في منزله وعنده بن خراش وجماعة من مشائخ أهل الري وحفاظهم، فذكروا بن حميد فأجمعوا على أنه ضعيف في الحديث جدا، وأنه يحدث بما لم يسمعه، وأنه يأخذ أحاديث أهل البصرة والكوفة فيحدث بها

عن الرازيين " اهـ. وقد تضمنت الترجمة الجواب عن ثناء أحمد بن حنبل ويحيى بن

معين عليه، بأنهما لم يعرفاه، وأن ذلك كان قبل أن يظهر منه ماظهر بعد,

فأما أحمد بن حنبل فذكر أن أبا علي النيسابوري قال": قلت البن خزيمة لو حدث األستاذ عن محمد بن حميد فإن أحمد قد

أحسن الثناء عليه، فقال: إنه لم يعرفه ولو عرفه كما عرفناه ماأثنى عليه أصال "اهـ.

وأما يحيى بن معين فذكر أن أبا حاتم الرازي قال:" سألني يحيى بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر، فقال: أي

شيء ينقمون منه؟ فقلت: يكون في كتابه شيء، فيقول ليس هذا هكذا، فيأخذ القلم فيغيره، فقال: بئس هذه الخصلة قدم

علينا بغداد فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي ففرقنا األوراق بينناومعنا أحمد فسمعناه ولم نر إال خيرا "اهـ.

وقد كان الرواة المتهمون يتزينون البن معين بتحسين أحاديثهم، ولهذا حذر العلماء ممن يتفرد بتوثيقهم ابن معين ويخالفه غيره

من المحدثين كما فصل ذلك شيخنا الدكتور عبد العزيز عبداللطيف في كتابة القيم " ضوابط الجرح والتعديل ".

33

ثانيا: تغيير الكلمة العربية بزيادة أو نقص أو تغييرشكل يؤثر في المعنى

ومن المفيد أن تعلم أن تغيير صورة الكلمة بزيادة حرف واحد أو تغيير حركة كثيرا ما يقتضي تغيير المعنى، ولنضرب أمثلة ثالثة

على ذلك: قوله تعالى لليهود } وإذ قلنا ادخلوا هذه القريةالمثال األول:

فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين * فبدل الذين ظلموا قوال

غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بماكانوا يفسقون {

والتبديل المذموم المذكور في اآلية أنهم زادوا على كلمة }حطة{ حرفا واحدا هو النون فقالوا:" حنطة حبة في شعرة "

( من حديث أبي10922كما رواه النسائي في الكبرى )رقم هريرة، فانظر كيف تغير المعنى وبزيادة حرف واحد، وكيف ذمهم

الله تعالى على ذلك. : قول الله تعالى } الرحمن على العرشالمثال الثاني

استوى { قال المعطلة ) استولى ( فزادوا في الكلمة الما فتغيرالمعنى من العلو إلى الغلبة، فسماه أهل العلم تحريفا.

قال ابن القيم في المثالين المذكورين: فأبوا، وقالوا: حنطة لهوانأمر اليهود بأن يقولوا حطة

فأبى وزاد الحرفوكذلك الجهمي قيل له استوىللنقصانانقال استوى استولى وذا من جهله لغة وعقال ما هما سي

في وحي رب العرش زائدتاننون اليهود والم جهمي هما ولما قرأ بعض الحفظة قوله تعالى } فسجدوا المثال الثالث:

إال إبليس أبى { فغير حركة الباء من الفتحة إلى كسرة فتغيرالمعنى من اإلباء إلى األبوة وهكذا.

34

ثالثا: أمثلة من تحريفات حسان وبعد هذه المقتطفات من كالم هذا اإلمام وما ذكرناه من األمثلة

بيان تحريفات وتالعب هذا الكاتب ألقوالتأييدا لكالمه ننتقل إلى العلماء، وعدم أمانته في النقل عن أهل العلم على اختالف

عصورهم مما يدل على رقة ديانته، وضعف أمانته، وأنه يجب الحذر من نقوله قبل التثبت والرجوع للمصادر األصيلة، وهذا أوان

الشروع في األمثلة مرتبة على وفيات أصحابها:هـ (.388: اإلمام أبو سليمان الخطابي ) تــــ المثال األول

( عن39قال الكاتب حسان في " القول الصائب " )ص الخطابي ما نصه:

قال رحمه الله:" في هذا الحديث من الفقه إن حكم المتأول في استباحة المحظور عليه خالف حكم المتعمد الستحالله من غير

تأويل. وفيه أنه إذا تعاطى شيئا من المحظور وادعى أمرا مما يحتمله

التأويل كان القول قوله في ذلك وإن كان غالب الظن بخالفه، أال ترى أن األمر لما احتمل وأمكن أن يكون كما قال حاطب وأمكن أن يكون كما قاله عمر رضي الله عنه استعمل رسول الله صلىالله عليه وسلم حسن الظن في أمره وقبل ما ادعاه في قوله. وفيه دليل على أن من كفر مسلما أو نفقه على سبيل التأويل وكان من أهل االجتهاد لم تلزمه عقوبة. أال ترى أن عمر رضي

الله عنه قال دعني أضرب عنق هذا المنافق وهو مؤمن قد صدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ادعاه من ذلك ثم لم يعنف عمر فيما قاله. وذلك أن عمر لم يكن منه عدوان في

هذا القول على ظاهر حكم الدين إذ كان المنافق هو الذي يظهر نصرة الدين في الظاهر ويبطن نصرة الكفار وكان هذا الصنيع

من حاطب شبيها بأفعال المنافقين إال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن الله تعالى قد غفر له ما كان منه من ذلك

الصنيع وعفا عنه فزال عنه اسم النفاق والله أعلم" اهـقال أبو عبد الباري:

35

هكذا نقله عن الخطابي موهما أن الكالم متصل ببعضه، وليس كذلك فقد حذف من وسط كالم الخطابي ما يتعارض مع مذهبه

من أن الحديث يدل على أن التجسس ليس كفرا بذاته، وأن الجاسوس المسلم ال يقتل، وهذا النص بتمامه مع وضع خط

متصل:( ما نصه:" 275-4/274قال الخطابي في معالم السنن )

قلت: في هذا الحديث من الفقه إن حكم المتأول في استباحةالمحظور عليه خالف حكم المتعمد الستحالله من غير تأويل.

وفيه أنه إذا تعاطى شيئا من المحظور وادعى أمرا مما يحتمله التأويل كان القول قوله في ذلك وإن كان غالب الظن بخالفه، أال ترى أن األمر لما احتمل وأمكن أن يكون كما قال حاطب وأمكن أن يكون كما قاله عمر رضي الله عنه استعمل رسول الله صلىالله عليه وسلم حسن الظن في أمره وقبل ما ادعاه في قوله.

وفيه دليل على أن الجاسوس إذا كان مسلما لم يقتل. واختلفوا فيما يفعل به من العقوبة فقال أصحاب الرأي في

المسلم إذا كتب إلى العدو ودله على عورات المسلمين يوجععقوبة ويطال حبسه.

وقال األوزاعي إن كان مسلما عاقبه اإلمام عقوبة منكلة وغربهإلى بعض اآلفاق في وثاق وإن كان ذميا فقد نقض عهده.

وقال مالك لم أسمع فيه شيئا وأرى فيه اجتهاد اإلمام. وقال الشافعي إذا كان هذا من الرجل ذي الهيئة بجهالة كما كان من حاطب بجهالة وكان غير متهم أحببت أن يتجافى عنه وإن كان

من غير ذي الهيئة كان لإلمام تعزيره. وفي الحديث من الفقه أيضا جواز النظر إلى ما ينكشف من النساء إلقامة حد أو إقامة شهادة في إثبات حق إلى ما أشبه

ذلك من األمور. وفيه دليل على أن من كفر مسلما أو نفقه على سبيل التأويل وكان من أهل االجتهاد لم تلزمه عقوبة. أال ترى أن عمر رضي

الله عنه قال دعني أضرب عنق هذا المنافق وهو مؤمن قد صدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ادعاه من ذلك ثم

36

لم يعنف عمر فيما قاله. وذلك أن عمر لم يكن منه عدوان في هذا القول على ظاهر حكم الدين إذ كان المنافق هو الذي يظهر

نصرة الدين في الظاهر ويبطن نصرة الكفار وكان هذا الصنيع من حاطب شبيها بأفعال المنافقين إال أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قد أخبر أن الله تعالى قد غفر له ما كان منه من ذلكالصنيع وعفا عنه فزال عنه اسم النفاق والله أعلم" اهـ

قال أبو عبد الباري: لما كان هذا الكاتب يرى كفر الجاسوس لم يرق له ذكر مذهب

الخطابي في داللة الحديث على أن الجاسوس المسلم يبقى معصوم الدم، وأن ذلك هو مذهب األوزاعي ومالك والشافعي في

آخرين فحذف هذه الجمل التي تحتها الخط المتصل من كالم الخطابي من غير بيان لهذا الحذف، وأوهم القارئ أن الخطابي

يقول بمثل قوله.هـ (.456 اإلمام أبو محمد ابن حزم )تـــــ المثال الثاني :

( عن122نقل الكاتب حسان في كتابه " مصلحة التأليف " )ص (:" من الباطل البحت أن يكون12/152ابن حزم في المحلى )

رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن فالنا بعينه منافق إالمتصل النفاق ثم ال يجاهده فيعصي ربه تعالى ويخالف أمره -

- ومن اعتقد هذا فهو كافر, ألنهأن يكون له خيار العفو نسب االستهانة بأمر الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم

" اهـ.ن أن قوله وبالرجوع لكالم ابن حزم في الموضع المشار إليه تبي

- زاده الكاتب حسانإال أن يكون له خيار العفوبين عارضتين - من عنده وأقحمه في الكالم، وليست من كالم ابن حزم وال من

مذهبه، ولم ينبه على ذلك.وهذا النقل كما ترى قد تعرض للتحريف في المبنى والمعنى معا:

37

: فقد زاد فيه من عنده ما ليس من كالم ابن حزم،أما في المبنى وقد سبق بيان ذلك، وهو من جنس اإلدراج المحرم كما تقدم عن

العالمة بكر أبو زيد رحمه الله. : فمفاد هذه الزيادة مخالف لمذهب ابن حزم،وأما في المعنى

وقد ذكر الكاتب نفسه في ذلك الكتاب مذهب ابن حزم في علة ترك المنافقين، وتشديد ابن حزم النكير على من قال بخالفه كما

سيأتي بعض كالمه في المثال الثاني. : قد وضعها الكاتب بين عارضتين أفال يكون هذا منهقيل فإن

تنبيها ؟ : أن ذلك ليس تنبيها وال عذرا بينا، يدلك على هذا أنفالجواب

الكاتب وضع بين عارضتين فيما هو من كالم ابن حزم كما تراه وهو " ممن تبين(141-12/140)في النقل اآلخر عنه في المحلى

- لما استغفرأنهم كفار - بال شكللنبي صلى الله عليه وسلم - (.24لهم" اهـ )

( كالهما وقعتا في نقلبال شك ( وقوله )أنهم كفارفقوله ) الكاتب بين عارضتين، وهما من كالم ابن حزم فبطل هذا العذر

وصار كما قيل: فإن اطراح العذر خير منإذا كان وجه العذر ليس ببين

العذر هذا وقد نبهته في " تذكرة األواب " لكن اختار الكاتب إبقاء هذه الزيادة المقحمة في كتابه المذكور عند طباعته، وقد اطلع على مسودة كتاب التذكرة قبل طباعة كتابه المذكور مما يدل على

( من مصلحة التأليف وهو نقل مقلوب يأتي الحقا في80) ( انظر )ص24األمثلة.

38

اإلصرار على الخطأ وتعمده، وسيأتي مزيد بيان في حكم اإلصرارعلى الخطأ بعد المثال الثالث.

ه( مقلوبا456: ما نقله أيضا عن ابن حزم ) تـــ المثال الثالثمتعمدا

نقل الكاتب حسان في حكاية القول الثالث من كتابه "مصلحة ( عن ابن حزم أنه قال:" صح يقينا أنه - عليه80التأليف")ص

السالم - لم يوقن أن عبد الله بن أبي مشرك ولو أيقن أنه مشرك لما صلى عليه أصال , وال استغفر له, فلو كان ابن أبي وغيره من المذكورين ممن تبين للنبي صلى الله عليه وسلم -

أنهم كفار - بال شك - لما استغفر لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وال صلى عليه . وال يحل لمسلم أن يظن بالنبي صلى الله

عليه وآله وسلم أنه خالف ربه في ذلك , فصح يقينا أنه - عليه السالم - لم يعلم قط أن عبد الله بن أبي والمذكورين كفار في

.(141-12/140 وأحال على المحلى )الباطن ": قال أبو عبد الباري

هذا النقل عن ابن حزم رحمه الله تعالى فيه عند الكاتب تقديم وتأخير بعد حذف وسطه، وقد رجعت لكل من نسخة البنداري

التي أحال عليها الكاتب حسان، ونسخة العالمة أحمد محمد صح يقينا أنه - عليه السالم - لمشاكر فاتفقتا على أن قوله "

يوقن أن عبد الله بن أبي مشرك ولو أيقن أنه مشرك لما صلى(.141في سياق جملة متأخرة )ص عليه أصال, وال استغفر له "

فلو كان ابن أبي وغيره منواتفقت النسختان أيضا أن قوله " المذكورين ممن تبين للنبي صلى الله عليه وسلم - أنهم كفار - بال شك - لما استغفر لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وال

صلى عليه . وال يحل لمسلم أن يظن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه خالف ربه في ذلك , فصح يقينا أنه - عليه السالم - لم

" فييعلم قط أن عبد الله بن أبي والمذكورين كفار في الباطن 39

نسخة البنداري( وليس بينهما140سياق جملة متقدمة )ص اتصال أبدا، وإنما هو قلب وتلفيق من هذا الكاتب.ولبيان الحقيقة كاملة أنقل لك هنا تمام السياق:

:" والثاني: أن الله تعالى قد نهى النبي صلى اللهقال ابن حزم عليه وآله وسلم عن االستغفار للمشركين بقوله تعالى } ما كان

للنبي والذين أن يستغفروا للمشركين – إلى قوله – أصحاب فلو كان ابن أبي وغيره من المذكورين ممن تبين للنبيالجحيم {

– عليه السالم – أنهم كفار – بال شك – لما استغفر لهم النبي.صلى الله عليه وسلم وال صلى عليه

وال يحل لمسلم أن يظن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه خالف ربه في ذلك، فصح يقينا أنه - عليه السالم – لم يعلم قط

.أن عبد الله بن أبي والمذكورين كفار في الباطن روينا من طريق مسلم نا حرملة بن يحيى التجيبي نا عبد الله بن

وهب أنا يونس عن ابن شهاب أخبرني سعيد بن المسيب بن حور عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى

الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله ابن أبي أمية بن المغيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه

ويعيدان عليه تلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "

أما والله ألستغفرن لك ما لم أنه عنك" فأنزل الله تعالى } ماكان للنبي والذين آمنوا {.

قال أبو محمد: فصح أن النهي عن االستغفار للمشركين نزل صح يقينا أنه عليه السالم لم يوقن أن عبدبمكة – بال شك – ف

الله بن أبي مشرك، ولو أيقن أنه مشرك لما صلى عليه أصال، وال ، وكذلك تعديد عمر بن الخطاب مقاالت عبد الله بناستغفر له

أبي بن سلول: ال، ولو كان عنده كافرا لصرح بذلك وقصد إليهولم يطول بغيره ... الخ اهـ.

هذا تمام السياق عند ابن حزم، والنقل عند هذا الكاتب هو ما تحته الخط، حذف وسط الكالم أوال، ثم قلبه بالتقديم والتأخير ثانيا، من غير بيان لهذا الصنيع، ومن المعلوم أن هذا التصرف

40

ممنوع على مقتضى األمانة العلمية، وهو كثير في صنيع الكاتبكما ستراه واضحا في األمثلة اآلتية والله أعلم.

وهذا المثال الثالث أيضا مما ذكرته في " تذكرة األواب " لكن اختار الكاتب إبقاء هذا التقديم والتأخير والحذف بدو إشارة في كتابه المذكور عند طباعته وقد اطلع على مسودة كتاب "تذكرة األواب" قبل طباعة كتابه المذكور مما يدل على اإلصرار على

الخطأ وتعمده.قال أبو عبد الباري:

اإلصرار على الخطأ بعد البيان مسقط لقبول الرواية، وقادحللعدالة.

(:" إنما1/197قال الحافظ ابن حجر في مقدمة لسان الميزان ) يضر اإلنسان الكذب واإلصرار على الخطأ، والتجري على تدليس الباطل، فإنه خيانة وجناية، والمرء المسلم يطبع على كل شيء

إال الخيانة والكذب"اهـ. (:" واعلم أنه يلتحق2/148وقال الصنعاني ي نتائج األفكار )

بتعمد الكذب في هذا الحكم من أخطأ ثم أصر على خطئه وصممبعد بيان ذلك له ممن يوثق بعلمه مجرد عناد "اهـ.

في ألفيته:وقال العراقيوم واألدا كال من أصل،ورد ذو تساهل في الحمل ... كالن

لقين، أو قد وصفا ... بالمنكرات كثرة، أو عرفاأو قبل التهو، وما حدث من ... أصل صحيح فهو رد، ثم إنبكثرة الس

ن له غلطه فما رجع، ... سقط عندهم حديثه جمعبي

41

و )ابن المبارك( رأوا فيكذا )الحميدي( مع )ابن حنبل( ... العمل

كان عنادا منه ما ينكر ذاقال وفيه نظر، نعم إذا ... في ألفيته:وقال السيوطي

لقين والذي كثر ... شذوذه أو سهوه حيث أثروقابل التف وهمه ثممن حفظه قال جماعة كبر ... ومن يعر

أصردا ... بأن يبين عالم وعاندايرد كل ما روى وقي

سفيان بن وكيع بن الجراح، أحد رواة الحديث، تركهفهذاالعلماء فصراره على الخطأ بعد البيان.

(:"991/ الترجمة 4 ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل )قال سألت أبا زرعة عنه فقال: ال يشتغل به. قيل له: كان يكذب؟

قال: كان أبوه رجال صالحا. قيل له: كان يتهم بالكذب؟ قال: نعم. : سمعت أبي يقول جاءني جماعة منوقال عبد الرحمن أيضا

مشيخة الكوفة فقالوا: بلغنا أنك تختلف إلى مشايخ الكوفة تكتب عنهم وتركت سفيان بن وكيع أما كنت ترعى له في أبيه؟ فقلت لهم: إني أوجب له وأحب أن تجرى أموره على الستر وله وراق

قد أفسد حديثه. قالوا: فنحن نقول له أن يبعد الوراق عن نفسه، فوعدتهم أن

أجيئه فأتيته مع جماعة من أهل الحديث وقلت له: إن حقك واجب علينا في شيخك وفى نفسك فلو صنت نفسك وكنت

تقتصر على كتب أبيك لكانت الرحلة إليك في ذلك، فكيف وقد سمعت؟ قال: ما الذي ينقم على؟ فقلت قد ادخل وراقك في

حديثك ما ليس من حديثك.

42

فقال: فكيف السبيل في ذلك؟ قلت ترمي بالمخرجات وتقتصر على األصول، وال تقرأ إال من أصولك، وتنحى هذا الوراق عن نفسك، وتدعو بابن كرامة وتوليه أصولك، فإنه يوثق به. فقال

مقبول منك. وبلغني أن وراقه ]كان[ قد أدخلوه بيتا يتسمع علينا، فما فعل

شيئا مما قاله، فبطل الشيخ، وكان يحدث بتلك األحاديث التي قدأدخلت بين حديثه، وقد سرق من حديث المحدثين "اهـ.

في سفيان هذا ) المجروحينوقال أبو حاتم ابن حبان (:" كان شيخا فاضال صدوقا إال أنه ابتلي472 ترجمة 1/359

بوراق سوء كان يدخل عليه الحديث وكان يثق به فيجيب فيما فمن أجليقرأ عليه وقيل له بعد ذلك في أشياء منها فلم يرجع

"اهـ.إصراره على ما قيل له استحق الترك صاحب " معجم الصحابة " تكلموهذا أبو الحسين بن قانع

فيه بعض أهل العلم لهذا السبب عن حمزة السهمي(:" قال حمزة:90/ 11ففي تاريخ بغداد )

وسأل أبو سعد اإلسماعيلي أبا الحسن الدارقطني عن أبي الحسين بن قانع فقال: كان يحفظ ويعلم، ولكنه كان يخطئ

ويصر على الخطأ "اهـ. وهو في الضعفاء والمتروكين البن( وموسوعة أقوال أبي الحسن الدارقطني )2/82الجوزي )

2/386.) ( عن ابن حزم )تــــ18: ما نقله في اإلعانة )ص المثال الرابع

هـ (.456 نقل الكاتب حسان عن أبي محمد ابن حزم قوال محرفا من وجوه

سيأتي بيانها إن شاء الله تعالىقال الكاتب حسان هذا ما نصه:"

وقال العالمة ابن حــزم رحمــه اللــه:» وإن كــان إنمــا يقيم هنالــك لدنيا يصــيبها وهــو كالــذمي لهم وهــو قــادر على اللحــاق بجمهــرةــا ــذرا .. وأم المسلمين وأرضهم فما يبعد عن الكفر وما نرى له ع43

من ســـكن في أرض القرامطـــة مختـــارا فكـــافر بال شـــك ألنهمــافر معلنون بالكفر وترك اإلسالم ونعوذ بالله من ذلك.. وإنمــا الك الذي برئ منه رسول الله صلى الله عليــه وســلم هــو المقيم بين

ــ 127-12/123«. المحلى البن حــزم:أظهر المشركين ونســب إلى(..بعض متأخري المالكية اهـ

قال أبو عبد الباري: قد تالعب هذا الكاتب كعادته بكالم ابن حزم، وذلك باختصار من

وجهين: : ترك أول الكالم ونقل عجزه األخير المتعلق به تعلقاألول

الشرط بالمشروط ألنه ال يخدم ما يريده كما ستراه عند النقلالكامل. : حذف جمال من وسط الكالم دون بيان كعادته فيالثاني

التصرف بالنقل تصرفا يفقد األمانة العلمية كما سبق مرارا.وللتدليل على هذين الوجهين، فهذا كالم ابن حزم بتمامه:

وكذلك: من سكن بأرضقال ابن حزم رحمه الله تعالى ما نصه:" الهند، والسند، والصين، والترك، والسودان والروم، من

المسلمين، فإن كان ال يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر،أو لقلة مال، أو لضعف جسم، أو المتناع طريق، فهو معذور.

فإن كان هناك محاربا للمسلمين معينا للكفار بخدمة، أو كتابة: - وإن كان إنما يقيم هنالك لدنيا يصيبها، وهو كالذميفهو كافر

لهم، وهو قادر على اللحاق بجمهرة المسلمين وأرضهم، فما يبعدونسأل الله العافية.عن الكفر، وما نرى له عذرا -

وليس كذلك: من سكن في طاعة أهل الكفر من الغالية؛ ومن جرى مجراهم، ألن أرض مصر والقيروان، وغيرهما، فاإلسالم هو الظاهر، ووالتهم على كل ذلك ال يجاهرون بالبراءة من اإلسالم،

بل إلى اإلسالم ينتمون، وإن كانوا في حقيقة أمرهم كفارا. وأما من سكن في أرض القرامطة مختارا فكافر بال شك، ألنهم

معلنون بالكفر وترك اإلسالم - ونعوذ بالله من ذلك. وأما من سكن في بلد تظهر فيه بعض األهواء المخرجة إلى

الكفر، فهو ليس بكافر، ألن اسم اإلسالم هو الظاهر هنالك على44

كل حال، من التوحيد، واإلقرار برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - والبراءة من كل دين غير اإلسالم وإقامة الصالة، وصيام رمضان، وسائر الشرائع التي هي اإلسالم واإليمان - والحمد لله

رب العالمين. وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - »أنا بريء من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين« يبين ما قلناه، وأنه - عليه السالم - إنما عنى بذلك دار الحرب، وإال فقد استعمل - عليه

السالم - عماله على خيبر، وهم كلهم يهود. وإذا كان أهل الذمة في مدائنهم ال يمازجهم غيرهم فال يسمى

الساكن فيهم - إلمارة عليهم، أو لتجارة - بينهم: كافرا، وال مسيئا، بل هو مسلم حسن، ودارهم دار إسالم، ال دار شرك، ألن

الدار إنما تنسب للغالب عليها، والحاكم فيها، والمالك لها. ولو أن كافرا مجاهدا غلب على دار من دور اإلسالم، وأقر

المسلمين بها على حالهم، إال أنه هو المالك لها، المنفرد بنفسه في ضبطها، وهو معلن بدين غير اإلسالم لكفر بالبقاء معه كل

من عاونه، وأقام معه - وإن ادعى أنه مسلم - لما ذكرنا. وأما من حملته الحمية من أهل الثغر من المسلمين فاستعان بالمشركين الحربيين، وأطلق أيديهم على قتل من خالفه من

المسلمين، أو على أخذ أموالهم، أو سبيهم، فإن كانت يده هي الغالبة وكان الكفار له كأتباع، فهو هالك في غاية الفسوق، وال

يكون بذلك كافرا، ألنه لم يأت شيئا أوجب به عليه كفرا: قرآن أو إجماع، وإن كان حكم الكفار جاريا عليه فهو بذلك كافر على ما ذكرنا، فإن كانا متساويين ال يجري حكم أحدهما على اآلخر فما

وإنما الكافر الذي برئ منه رسولنراه بذلك كافرا - والله أعلم - الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هو المقيم بين أظهر

- وبالله تعالى التوفيق.اهـ.المشركينقال أبو عبد الباري:

هذا تمام كالم ابن حزم رحمه الله تعالى، ومن هذا النقل الكامل يتضخ ما اقترفه هذا المسكين من تحريف الكالم والتالعب به ليستخرج منه المعنى الذي يريده، وقد نسب البن حزم بسبب

45

التالعب بكالمه ما هو برئ منه مما يدل عليه كالمه المحذوف، وقراءة متأنية في األقسام التي ذكرها ابن حزم تكشف حقيقة

هذا التحريف لكالمه والله المستعان. : هي أن الجملة األخيرة من كالم ابن حزم خطأونكتة أخرى

منه، والبراءة ال تعني الكفر كما يراه ابن حزم، وقد فصلنا ذلك في " منهج أهل السنة والجماعة في تفسير نصوص الوعيد " وبينا هناك قول أئمة السنة، فكان هذا تدليسا آخر في المعنى

ارتكبه هذا الكاتب المحترف بالتزوير والتدليس والله المستعان.

الحافظ أبو عمر ابن عبد البر ) تــــالمثال الخامس:هـ (.463

الوجه الخامس من9قال الكاتب حسان في منجية األفهام )ص الملحوظة الثانية(:"

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى:" في حديث أبي قتادة هذا ما يدل على أن المشير المحرم ال يجوز له أكل ما أشار

بقتله على الحالل ..ودليل على أن المحرم إذا أعان الحالل على الصيد بما قل أو كثر فقد فعل ما ال يجوز له، وهذا إجماع من

.(ضمن موسوعة شروح الموظأ385-10/383التمهيد )العلماء" قال أبو عبد الباري:

قد جمع الكاتب في هذا النقل المحرف بين سوأتين: : قلب الكالم بالتقديم والتأخير، فقوله " ودليل على أناألولى

المحرم ... الخ " متقدم على ما ذكر قبله.: حذف ما بين الجملتين من غير إشارة.الثانية

وهذا تمام الكالم مع وضع خط تحت ما ذكره فقط ألنه أقل مماحذفه.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: قال أبو عمر: وفي حديث أبي قتادة أنه لما استوى على فرسه

دليلسأل أصحابه أن يناولوه سوطه أو رمحه فأبوا وفي هذا على أن المحرم إذا أعان الحالل على الصيد بما قل أو كثر فقد

واختلفوا في المحرمفعل ما ال يجوز له وهذا إجماع من العلماء

46

يدل المحرم أو الحالل على الصيد، فأما إذا دل المحرم الحالل على الصيد فقال مالك والشافعي وأصحابهما: يكره له ذلك وال جزاء عليه، وهو قول ابن الماجشون وأبي ثور وال شيء عليه،

وقال المزني: جائز أن يدل المحرم الحالل على الصيد، وقال أبو حنيفة وأصحابه: عليه الجزاء، قال أبو حنيفة: ولو دله في الحرم

لم يكن عليه جزاء، وقال زفر: عليه الجزاء في الحل دله عليه أو الحرم، وبه قال أحمد وإسحاق، وهو قول علي وابن عباس

وعطاء، قال أبو عمر: القول األول أقيس وأصح في النظر . واختلف العلماء أيضا فيما يجب على المحرم يدل المحرم على

الصيد فيقتله، فقال قوم: عليهما كفارة واحدة، منهم عطاء وحماد بن أبي سليمان، وقال آخرون: على كل واحد منهما

كفارة، روي ذلك عن سعيد بن جبير والشعبي والحرث العكلي، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وعن سعيد بن جبير أنه قال: على

كل واحد من القاتل واآلمر والمشير والدال جزاء، وقال الشافعيوأبو ثور: ال جزاء إال على القاتل وحده.

واختلفوا في الجماعة يشتركون في قتل الصيد، فقال مالك: إذا قتل جماعة محرمون صيدا، أوجماعة محلون في الحرم صيدا، فعلى كل واحد منهم جزاء كامل، وبه قال الثوري والحسن بن

حي، وهو قول الحسن البصري والنخعي ورواية عن عطاء، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا قتل جماعة محرمون صيدا فعلى كل

واحد منهم جزاء كامل، وإن قتل جماعة محلون صيدا في الحرم فعلى جماعتهم جزاء واحد، وقال الشافعي: عليهم كلهم جزاء

واحد وسواء كانوا محرمين أو محلين في الحرم، وهو قول عطاء والزهري، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور، وروي عن عمر وعبد

الرحمان بن عوف أنهما حكما على رجلين أصابا ظبيا بشاة. قال أبو عمر: من جعل على كل واحد منهم جزاء قاسه على

الكفارة في قتل النفس، ألنهم ال يختلفون في وجوب الكفارة على جميع القتلة خطأ على كل واحد منهم كفارة، ومن جعل فيه جزاء واحدا قاسه على الدية، وال يختلفون أن من قتل نفسا خطأ وإن كانوا جماعة إنما عليهم دية واحدة يشتركون فيها، وقد روي

47

في حديث أبي قتادة هذا ما يدلعن النبي صلى الله عليه وسلم على أن المشير المحرم ال يجوز له أكل ما أشار بقتله على

. الحالل أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا

أحمد ابن شعيب أخبرنا محمود بن غيالن قال حدثنا أبو داود قال أخبرنا شعبة قال أخبرني عثمان بن عبد الله بن موهب قال

سمعت عبد الله بن أبي قتادة يحدث عن أبيه ..." ثم ذكرالحديث

قال أبو عبد الباري: فهذا تمام كالم ابن عبد البر في التمهيد، وأنت ترى أنه قدم

وأخر، وحذف األكثر، وهذا من جنس تحريف الكالم والتالعب بهوالله المستعان.

ه( مع463ما نقله عن ابن عبد البر )تـــ المثال السادس: حذف وسطه.

(113-112نقل الكاتب حسان هذا في " مصلحة التأليف له )ص (:"318-5/306عن الحافظ ابن عبد البر أنه قال في التمهيد )

من ارتد عن دينه حل دمه وضربت عنقه واألمة مجتمعة على ذلك، وإنما اختلفوا في استتابته، فالقتل بالردة - على ما ذكرنا -

ال خالف بين المسلمين فيه، وال اختلفت الرواية والسنة عن النبيصلى الله عليه وسلم"اهـ.

قال أبو عبد الباري: هذا الكالم ليس في موضع واحد، وقد خذف الكاتب حسان ما

( من غير إشارة ولو بالنقاط، وهي على النحو318-306بين )ص التالي:

وهي " من ارتد عن دينه حل دمه وضربتفالجملة األولى عنقه واألمة مجتمعة على ذلك، وإنما اختلفوا في استتابته " في

( وهذا تمامها بما قبلها وما بعدها:" وفقه هذا الحديث306)ص من ارتد عن دينه حل دمه وضربت عنقه، واألمة مجتمعة علىأن

، فطائفة منهم )قالت ال يستتابذلك، وإنما اختلفوا في استتابته على ظاهر هذا الحديث ويقتل(، وطائفة منهم قالت يستتاب

48

بساعة واحدة ومرة واحدة ووقتا واحدا، وقال آخرون يستتابشهرا، وقال آخرون يستتاب ثالثا ... الخ الكالم.

فنقل الكاتب حسان ما تحته الخط ودمجه في الجملة الثانيةوبينهما اثنى عشر صفحة، فلتكن األمانة العلمية هكذا.

وهي " فالقتل بالردة - على ما ذكرنا – الوالجملة الثانية خالف بين المسلمين فيه، وال اختلفت الرواية والسنة عن النبي

( وهذا تمامها مع ما قبلها318صلى الله عليه وسلم" في )ص وما بعدها:" قال أبو عمر: روى عثمان بن عفان وسهل بن حنيف

وعبد الله بن مسعود وطلحة بن عبيد الله وعائشة وجماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ال يحل دم

امرىء مسلم إال بإحدى ثالث كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان فالقتل بالردة على ما ذكرنا ال خالف بينأو قتل نفس بغير نفس

المسلمين فيه وال اختلفت الرواية والسنة عن النبي صلى الله وإنما وقع االختالف في االستتابة وفيما ذكرنا منعليه وسلم فيه

المرتدة "اهـ. هكذا أدمج هذه الجملة بالتي قبلها وبينهما قرابة اثنتي عشرة

صفحة، وليس هذا من األمانة العلمية في شيئ، ويوهم أن اسم اإلشارة في قوله " على ما ذكرنا " راجع للجملة التي قبله في

نقل هذا الكاتب، وليس كذلك.

هـ ( مع478: ما نقله عن إمام الحرمين )تـــ المثال السابعالتالعب المتعدد عمدا

نقل الكاتب حسان عن إمام الحرمين في غياث األمم نصا ملفقاقد تعمد تلفيقه، إذ النص لم يرد على هذا النحو في موضع واحد.

( ما نصه:" 11قال الكاتب حسان في رسالة الوظائف )ص لو شغر الزمان عن وال، تعين علىقال إمام الحرمين ... "

المسلمين القيام بمجاهدة الجاحدين، وإذا قام به عصب فيهم .كفاية سقط الفرض عن سائر المكلفين ; فهذا إذا عدموا واليا

49

وقد قال العلماء: لو خال الزمان عن السلطان فحق على قطان كل بلدة، وسكان كل قرية، أن يقدموا من ذوي األحالم والنهى،

وذوي العقول والحجا من يلتزمون امتثال إشاراته وأوامره، وينتهون عن مناهيه ومزاجره; فإنهم لولم يفعلوا ذلك، ترددوا عند

فإذا خلى الزمان . إلمام المهمات، وتبلدوا عند إظالل الواقعات عن السلطان، وجب البدار على حسب اإلمكان إلى درء البوائق

فيستحيل أن يؤمروا بالقعود عما يقتدرون عليه عن أهل اإليمان. من دفع الفساد، فإنهم لو تقاعدوا عن الممكن، عم الفساد البالد

والعباد. وإذا أمروا بالتقاعد في قيام السلطان، كفاهم ذو األمر المهمات،

وأتاها على أقرب الجهات " اهـ.قال أبو عبد الباري غفر الله له:

هذا الكالم كله إلمام الحرمين في الكتاب المذكور، لكنه ملفقمع التقديم والتأخير، وهذا بيان ذلك:

لو شغر الزمان عن وال، تعين على: المقطع األول وهو:" أوال المسلمين القيام بمجاهدة الجاحدين، وإذا قام به عصب فيهم

".كفاية سقط الفرض عن سائر المكلفين ; فهذا إذا عدموا واليا هذا المقطع في موضع وليس معه بقية الكالم، وهذا تمامه بما

قبله وما بعده:" قال الجويني في غياث األمم:" فليضرب في ذلك الجهاد مثال،

فنقول: لو شغر الزمان عن وال، تعين على المسلمين القيام بمجاهدة

الجاحدين، وإذا قام به عصب فيهم كفاية سقط الفرض عن سائرالمكلفين; ]فهذا[ إذا عدموا واليا.

فأما إذا وليهم إمام مطاع، فإنه يتولى جر الجنود وعقد األلويةوالبنود، وإبرام الذمم والعهود.

ولو ندب طائفة إلى الجهاد، تعين عليهم مبادرة االستعداد، من غير تخاذل وتواكل واتئاد، ولم يكن لهم أن يقولوا: ليس ما ندبنا إليه متعينا علينا ; فليقم به غيرنا، فإنا قد أثبتنا أن المسلمين إذا

50

نصبوا واليا يدبرهم في إصدارهم وإيرادهم تدبير اآلباء فيأوالدهم "اهـ.

فجاء الكاتب حسان فحذف من قول الجويني " فأما إذا وليهم مطاع ..... الخ " ووضع مكان المحذوف ما سيأتي في الفقرة

التالية. وقد قال العلماء: لو خال الزمان عن: المقطع الثاني وهو:" ثانيا

السلطان فحق على قطان كل بلدة، وسكان كل قرية، أن يقدموا من ذوي األحالم والنهى، وذوي العقول والحجا من

يلتزمون امتثال إشاراته وأوامره، وينتهون عن مناهيه ومزاجره ; فإنهم لو لم يفعلوا ذلك، ترددوا عند إلمام المهمات، وتبلدوا عند

".إظالل الواقعات هذا المقطع في موضع آخر وليس بعدها ما ذكر هنا، وهذا النص

كامال مع ما قبله وما بعده:" قال الجويني:" وإذا لم يصادف الناس قواما بأمورهم يلوذون به فيستحيل أن يؤمروا بالقعود عما يقتدرون عليه من دفع الفساد،

فإنهم لو تقاعدوا عن الممكن، عم الفساد البالد والعباد. وإذا أمروا بالتقاعد في قيام السلطان، كفاهم ذو األمر المهمات،

وأتاها على أقرب الجهات. وقد قال العلماء: لو خال الزمان عن السلطان فحق على قطان كل بلدة، وسكان كل قرية، أن يقدموا من ذوي األحالم والنهى،

وذوي العقول والحجا من يلتزمون امتثال إشاراته وأوامره، وينتهون عن مناهيه ومزاجره ; فإنهم لو لم يفعلوا ذلك، ترددوا

عند إلمام المهمات، وتبلدوا عند إظالل الواقعات. ولو انتدب جماعة في قيام اإلمام للغزوات، وأوغلوا في مواطن المخافات، تعين عليهم أن ينصبوا من يرجعون إلى رأيه إذ لو لم يفعلوا ذلك لهووا في ورطات المخافات، ولم يستمروا في شيء

.من الحاالت"اهـ

51

فجاء الكاتب حسان فحذف من األول قوله " وإذا لم يصادف الناس قواما بأمورهم يلوذون به فيستحيل أن يؤمروا بالقعود عما

يقتدرون عليه من دفع الفساد، فإنهم لو تقاعدوا عن الممكن،عم الفساد البالد والعباد.

وإذا أمروا بالتقاعد في قيام السلطان، كفاهم ذو األمر المهمات، وأتاها على أقرب الجهات ". ولكن أتى ببعض هذا بعد هذا الكالم

كما سيأتي. ثم حذف من األخير من قوله " ولو انتدب جماعة ... الخ " ووضع

مكان المحذوف كالما آخر كالمتصل به، وهو اآلتي في الفقرةالتالية.

فإذا خلى الزمان عن السلطان،: المقطع الثالث وهو:" ثالثا وجب البدار على حسب اإلمكان إلى درء البوائق عن أهل اإليمان

." هذا المقطع متقدم على المقطع الذي قبله، ثم ليس متصال به،

وهذا تمامه بما قبله وما بعده:" قال الجويني:" وإنما ينهى آحاد الناس عن شهر األسلحة استبدادا

فإذا خالإذا كان في الزمان ]وزر[ قوام على أهل اإلسالم، الزمان عن السلطان، وجب البدار على حسب اإلمكان إلى درء

البوائق عن أهل اإليمان. ونهينا الرعايا عن االستقالل باألنفس من قبيل ]االستحثاث[ على

ما هو األقرب إلى الصالح، واألدنى إلى النجاح، فإن ما يتواله السلطان من أمور السياسة أوقع وأنجع، وأدفع للتنافس، وأجمع

لشتات الرأي في تمليك الرعايا أمور الدماء، وشهر األسلحة،وجوه من الخبل ال ]ينكرها[ ذوو العقل " اهـ.

فجاء الكاتب حسان فاقتطع المقطع الملون وحذف ما قبله ومابعده على عادته في التلفيق.

فيستحيل أن يؤمروا بالقعود عما: المقطع الرابع وهو:" رابعا يقتدرون عليه من دفع الفساد، فإنهم لو تقاعدوا عن الممكن،

عم الفساد البالد والعباد، وإذا أمروا بالتقاعد في قيام السلطان،". كفاهم ذو األمر المهمات، وأتاها على أقرب الجهات

52

هذا المقطع هو األخير عند الكاتب حسان، لكنه ليس متصال بالمقطع الذي قبله، وال هو متقدم على المقطع الذي سبق، وهذا

تمامه مع ما قبله وما بعده:" وإذا لم يصادف الناس قواما فيستحيل أن يؤمروا بالقعود عما يقتدرونبأمورهم يلوذون به

عليه من دفع الفساد، فإنهم لو تقاعدوا عن الممكن، عم الفساد البالد والعباد، وإذا أمروا بالتقاعد في قيام السلطان، كفاهم ذو

األمر المهمات، وأتاها على أقرب الجهات. وقد قال بعض العلماء: لو خال الزمان عن السلطان فحق على

قطان كل بلدة، وسكان كل قرية، أن يقدموا ..... " اهـ. وقدتقدم ذكر هذا المقطع كامال.

فجاء الكاتب حسان فاقتطع من قوله " فيستحيل "... إلى "أقرب الجهات " وحذف ما قبلها وما بعدها، وبهذا التصرف من

الحذف والتقديم والتأخير خرجت الصورة التي أرادها أبو سلمانلغرض في نفسه الله يعلمه.

: قال أبو عبد الباري هذا غاية في التحريف والتالعب، وهو يدل على أن صاحبه

محترف ماهر في التلفيق، وخبير في استخراج ما يريده من كالم العلماء واألئمة، ولم أجد في حدود اطالعي لهذا الرجل نظيرا

والله المستعان. ه( مع اإلدراج505: ما نقله عن الغزالي ) تــ المثال الثامن

والزيادة المتعمدة ( عن23-22نقل الكاتب حسان في رسالة الوظائف له )ص

الغزالي كالما في المستصفى، فزاد فيه ما ليس منه.قال الكاتب في الرسالة المذكورة ما نصه:"

قال أبو حامد الغزالي:" فإن قيل: فتوظيف الخراج من المصالح فهل إليه سبيل أم ال؟ قلنا: ال سبيل إليه مع كثرة األموال في

أيدي الجنود، أما إذا خلت األيدي من األموال ولم يكن من مال53

المصالح )بيت المال( ما يفي بخراجات العسكر، ولو تفرق العسكر واشتغلوا بالكسب لخيف دخول الكفار بالد اإلسالم "

كيف وقد احتلوها " أو خيف ثوران الفتنة من أهل العرامنة في بالد اإلسالم، فيجوز لإلمام أن يوظف على األغنياء مقدار كفاية

الجند، ثم إن رأى في طريق التوزيع التخصيص باألراضي فال حرج؛ ألنا نعلم أنه إذا تعارض شران أو ضرران قصد الشرع دفع

أشد الضررين وأعظم الشرين وما يؤديه كل واحد منهم قليل باإلضافة إلى ما يخاطر به من نفسه وماله لو خلت خطة اإلسالم عن ذي شوكة يحفظ نظام األمور ويقطع مادة الشرور وكان هذا

ال يخلو عن شهادة أصول معينة، فإن لولي الطفل عمارة القنوات وإخراج أجرة الفصاد وثمن األدوية، وكل ذلك تنجيز

خسران لتوقع ما هو أكثر منه. وهذا أيضا يؤيد مسلك الترجيح في مسألة الترس، لكن هذا تصرف في األموال، واألموال مبتذلة يجوز ابتذالها في األغراض التي هي أهم منها، وإنما المحظور

سفك دم معصوم من غير ذنب سافك. " اهـ.قال أبو عبد الباري غفر الله له:هذا كله كالم الغزالي إال في موضعين:

: قوله )بيت المال( فهي من عند الكاتب حسان زاده لعلهاألول من باب التفسير لمال المصالح، وربما أراد بوضعه بين القوسين

تمييزها عن سائر الكالم وليس هذا كاف لسببين: : أن كثيرا من المحققين يضعون اختالف النسخ وزيادةأولهما

بعضها بين قوسين أو عارضتين أو عالمتي تنصيص، فكان عليه التنبيه، وهو لم يذكر في مقدمة رسالته هذه منهجه في الزيادة

والحذف خالفا لعادة المحققين. : أن كثيرا من قراء هذا الزمان ال سيما في أهلثانيهما

الصومال ال يعرف هذا الصنيع، والكتابة ينبغي أن يعتبر بها فيالعرف.

54

ومع ذلك فهي أهون من التي بعدها إلمكان حملها على التفسيرلمعنى مال المصالح.

: قوله " كيف وقد دخلوها " فهي من عند الكاتب حسانالثاني أقحمها في الكالم ليجعل القياس من باب أولى، ولو أنه راعى

األمانة العلمية لترك اإلقحام ثم علق عليه فذكر ما يريد أنيذكره من غير أن يوهم القارئ أنها من كالم الغزالي.

ولو أراد وضعها في المكان الذي وضعها فيه كان عليه أن ينبه في الهامش أو في موضع آخر على أنها من كالمه ال من كالم

الغزالي، لكنه لم يفعل شيئا من هذا أو ذاك. وأما وضعه إياها بين عالمتي تنصيص " ... " فليس يكفي في

البيان المطلوب للسببين المذكورين في الذي قبله. : القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي ) تــــالمثال التاسع

هـ (.543 ه( مع حذف الشروط من وسط543ما نقله عن ابن العربي )تــ

الكالم بدون إشارة(:"22-21قال الكاتب حسان في رسالة الوظائف )ص

وقال ابن العربي: ) وكان ملكا ينظر في أمورهم، ويقوم بمصالحهم، فعرضوا عليه جزاء في أن يكف عنهم ما يجدونه من عادية يأجوج ومأجوج، وعلى الملك فرض أن يقوم بحماية الخلق

في حفظ بيضتهم، وسد فرجتهم، وإصالح ثغرهم من أموالهم التي تفيء عليهم، وحقوقهم التي يجمعها خزنتهم تحت يده ونظره، حتى لو أكلتها الحقوق، وأنفدتها المؤن، واستوفتها النظرالعوارض، لكان عليهم جبر ذلك من أموالهم، وعليه حسن

بعد هذا ذخائر الخزانة وبقيت صفرا فأطلعتلهم فإذا فنيت

55

الحوادث أمرا بذلوا أنفسهم قبل أموالهم، فإن لم يغن ذلكفأموالهم تؤخذ منهم على تقدير، وتصرف بأحسن تدبير.

فهذا ذو القرنين لما عرضوا عليه المال قال: لست أحتاج إليه، وإنما أحتاج إليكم فأعينوني بقوة، أي اخدموا بأنفسكم معي، فإن األموال عندي والرجال عندكم؛ ورأى أن األموال ال تغني دونهم،

وأنهم إن أخذوها أجرة نقص ذلك مما يحتاج إليه، فعاد عليهمباألخذ، فكان التطوع بخدمة األبدان أولى ( أحكام القرآن له )

( اهـ كالم الكاتب حسان بحروفه.3/243 وبالرجوع لكالم ابن العربي في هذا الموضع تبين أن الكاتب

حسان حذف من كالمه شروطا ثالثة، ولم يشر ولو بالنقاط إلىهذا الحذف مما يخل باألمانة العلمية.

وهذا تمام كالم ابن العربي في هذا الموضع مع وضع الخطالمتصل تحت المحذوف:"

وكان ملكا ينظر في أمورهم، ويقوم بمصالحهم، فعرضوا عليه جزاء في أن يكف عنهم ما يجدونه من عادية يأجوج ومأجوج، وعلى الملك فرض أن يقوم بحماية الخلق في حفظ بيضتهم، وسد فرجتهم، وإصالح ثغرهم من أموالهم التي تفيء عليهم،

وحقوقهم التي يجمعها خزنتهم تحت يده ونظره، حتى لو أكلتها الحقوق، وأنفدتها المؤن، واستوفتها العوارض، لكان عليهم جبر

وذلك بثالثة شروط:ذلك من أموالهم، وعليه حسن النظر لهم، األول: أال يستأثر بشيء عليهم.

الثاني: أن يبدأ بأهل الحاجة منهم فيعينهم. فإذاالثالث: أن يسوي في العطاء بينهم على مقدار منازلهم،

فنيت بعد هذا ذخائر الخزانة وبقيت صفرا فأطلعت الحوادث أمرا بذلوا أنفسهم قبل أموالهم، فإن لم يغن ذلك فأموالهم تؤخذ

منهم على تقدير، وتصرف بأحسن تدبير. فهذا ذو القرنين لما عرضوا عليه المال قال: لست أحتاج إليه،

وإنما أحتاج إليكم فأعينوني بقوة، أي اخدموا بأنفسكم معي، فإن األموال عندي والرجال عندكم؛ ورأى أن األموال ال تغني دونهم،

56

وأنهم إن أخذوها أجرة نقص ذلك مما يحتاج إليه، فعاد عليهمباألخذ، فكان التطوع بخدمة األبدان أولى" اهـ.

قال أبو عبد الباري: فحذف الكاتب الشروط الثالثة التي ذكرها اإلمام من وسط

كالمه، موهما أنه أجاز ذلك مطلقا أي بال شروط، وهذه كذبة ال تغتفر عند أهل العلم في نسبة األقوال للعلماء، ودليل على

النفاق األصغر من الخيانة والتدليس في العلم، وعلى رقة ديانةمرتكب هذه الجريمة العلمية.

ه( في االعتصام.590: اإلمام الشاطبي )تــــ المثال العاشر ( عن اإلمام29-27نقل الكاتب حسان في رسالة الوظائف )ص

تحقيق مشهور حسن( كالما30-3/25الشاطبي في االعتصام ) طويال في الوظائف فزاد فيه ما ليس منه، وهذا نص ما نقله إلى

موضع الشاهد:" قال رحمه الله: ) وإذا قدرنا إماما مطاعا مفتقرا إلى تكثير

الجنود لسد الثغور وحماية الملك المتسع األقطار، وخال بيت المال عن المال وأرهقت حاجات الجند إلى ما يكفيهم، فلإلمام

إذا كان عدال أن يوظف على األغنياء ما يراه كافيا لهم في الحال، إلى أن يظهر مال في بيت المال، ثم إليه النظر في توظيف ذلك

على الغالت والثمار أو غير ذلك، كيال يؤدي تخصيص " بعض " الناس به إلى إيحاش القلوب، وذلك يقع قليال من كثير بحيث ال

يحجف بأحد ويحصل الغرض المقصود ... الخ ما نقله.: قال أبو عبد الباري

لفظة " بعض " التي وضعها الكاتب حسان بين عالمتي تنصيص ليست من كالم الشاطبي، وإنما هي من إدراج الكاتب حسان أخذها من تعليق المحقق على ذلك لكن بدون أمانة، فقد أقر المحقق أن لفظة " بعض " ال وجود لها في جميع نسخ كتاب

الشاطبي الذي حققه، لكنها في األصل الذي نقل عنه الشاطبي 3/26وهو شفاء الغليل للغزالي، فقال مشهور آل سلمان )

57

(:" كذا في جميع النسخ، وفي شفاء الغليل " بعض6هامش الناس " اهـ.

هكذا تقتضي األمانة العلمية عند أهل العلم، لكن من اعتاد الزيادة من عنده فال يستغرب أن يفعل مثل هذا فيوهم القارئ

أن هذه اللفظة في تلخيص الشاطبي كما يسميه هو. ( عن29: ما نقله في اإلعانة )ص المثال الحادي عشرالشاطبي في االعتصام

نقل هذا الكاتب حسان عن اإلمام الشاطبي أنه قال في كتابه "االعتصام " ما نصه:"

»فكان ذلك أصال في أنه ال تعتبر العوارض الطارئة من هالك من شاء الله من الفريقين ودخول المشقة على المسلمين في

األنفس واألموال واألوالد في إقامة الدين وشعائر اإلسالم نظيرإنما المشركون نجس فال يقربوا المسجد ﴿ما قال الله تعالى:

الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوق يغنيكم الله من ﴾فضله إن شاء فإن الله لم يعذرهم في ترك منع المشركين خوف العيلة فكذلك لم يعد أبو بكر ما يلقى المسلمون من

المشقة عذرا يترك به المطالبة بإقامة شعائر الدين حسبما كانت في زمان النبي صلى الله عليه وسلم«. قاله أبو إسحاق

. اهـ(463-3/461الشاطبي في االعتصام: قال أبو عبد الباري:

هذا النقل محرف قد تالعب به هذا الرجل على عادته، وقد لفقه من بين سطور كالم هذا اإلمام فساقه مساقا واحدا، وبالوقوف

على سياق كالمه بتمامه يتضح هذا التلفيق المتعمد.قال الشاطبي في هذا الكتاب:"

: أن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يلتفت إلى ما يلقى هووالثانية والمسلمون في طريق طلب الزكاة من مانعيها من المشقة إذ

وهالك من شاء من الفرقتين،لما امتنعوا صار مظنة للقتال ،ودخول المشقة على المسلمين في األنفس واألموال واألوالد

ولكنه - رضي الله عنه - لم يعتبر إال إقامة الملة على حسب ما فيفكان ذلك أصال في أنه ال يعتبر العوارض الطارئةكانت قبل،

58

إقامة الدين وشعائر اإلسالم، نظير ما قال الله تعالى: }إنما المشركون نجس فال يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن

[ فإن الله28خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله{ ]التوبة: لم يعذرهم في ترك منع المشركين خوف العيلة، فكذلك لم يعد أبو بكر ما يلقى المسلمون من المشقة عذرا يترك به المطالبة

بإقامة شعائر الدين حسبما كانت في زمان النبي صلى الله عليهوسلم" اهـ.

قال أبو عبد الباري:ما صنعه الكاتب من التلفيق هو اآلتي:

فكان ذلك أصال في أنه ال يعتبر العوارضأخذ كالم الشاطبي:" " وهو متأخر عما جعله بعده، ثم رجع إلى الصفحة التيالطارئة

وهالك من شاء من الفرقتين، ودخولقبله فأخذ منها جملة هي " " فألحقهاالمشقة على المسلمين في األنفس واألموال واألوالد

من " إلى " وهالكووضعها بعد الجملة األولى مع تغيير لفظة " ولكنه - رضي الله ". وحذف ما بعدها وهو قول الشاطبي " هالك

".عنه - لم يعتبر إال إقامة الملة على حسب ما كانت قبل ثم رجع إلى الموضع األول ونقل بقية الكالم الذي تركه ليستخرج ما يريده، وإال فلو كان الكالم مفيدا للمعنى الذي أراد منه لم يكن

بحاجة إلى التقديم والتأخير وحذف بعضه، وتغيير بعض كلماته( عن الشاطبي6: ما نقله في اإلعانة )ص المثال الثاني عشر

قال الكاتب حسان ما نصه:" :» معنى الشريعة أنها تحدقال اإلمام الشاطبي رحمه الله

للمكلفين حدودا في أفعالهم وأقوالهم واعتقاداتهم..ومعنى التعبدبه: الوقوف عند ما حد الشارع فيه من غير زيادة وال نقصان «.

قال أبو عبد الباري: بعد النظر في كالم الشاطبي المنقول عنه تبين أن فيه تحريفا

من غير بيان، فلنذكره تمامه: تحقيق مشهور سلمان(:"1/131قال الشاطبي في الموافقات )

: أنه لو كان كذلك؛ لجاز إبطال الشريعة بالعقل، وهذاوالثالث معنى الشريعة أنها تحد للمكلفينمحال باطل، وبيان ذلك أن

59

، وهو جملة ماحدودا؛ في أفعالهم، وأقوالهم، واعتقاداتهم تضمنته، فإن جاز للعقل تعدي حد واحد؛ جاز له تعدي جميع

الحدود؛ ألن ما ثبت للشيء ثبت لمثله، وتعدي حد واحد هو معنى إبطاله؛ أي: ليس هذا الحد بصحيح، وإن جاز إبطال واحد؛ جاز

إبطال السائر، وهذا ال يقول به أحد لظهور محاله ... الخ كالمه. فأخذ الكاتب حسان ما تحته الخط وحذف باقي كالمه، ثم جاء

( فاقتطع منه جزء آخر هو قوله " ومعنى2/535لكالم الشاطبي )التعبد ... الخ "، وهذا تمامه من موضعه.

(:" وإذا كان معلوما من الشريعة535-534/ 2قال الشاطبي ) في مواطن كثيرة أن ثم مصالح أخر غير ما يدركه المكلف، ال يقدر على استنباطها وال على التعدية بها في محل آخر؛ إذ ال

يعرف كون المحل اآلخر وهو الفرع وجدت فيه تلك العلة البتة، لم يكن إلى اعتبارها في القياس سبيل، فبقيت موقوفة على

التعبد المحض؛ ألنها لم يظهر لألصل المعلل بها شبيه إال ما دخل تحت اإلطالق أو العموم المعلل، وإذا ذاك يكون أخذ الحكم

ومعنى التعبد به الوقوف عند ما حد الشارعالمعلل بها متعبدا به، .فيه من غير زيادة وال نقصان"

فاقتطع ما تحته الخط ووصله بالكالم السابق وبينهما مفاوز، إذ (،535/ 2( والثاني كما ترى في )1/131األول كما سبق في )

( صفحة من غير الفهرس خرج552وإذا علمت أن المجلد األول )لك من الحساب أن بين النقلين الذين دمجهما في سياق واحد )

صفحة( فيا ترى لمصلحة956 = 1087-131 = 535 + 552 من يجري هذا التحريف والتلبيس؟ ولما ذا ال تكف هذه األيدي

العابثة بالتراث العلمي ألئمة المسلمين عن هذا الصنيع؟. ( عن6ما نقله في اإلعانة )ص المثال الثالث عشر:

الشاطبي قال الكاتب حسان ما نصه:"

: » الشارع وضع الشرائع وألزم الخلقيقول الشاطبي أيضا الجري على سننها وصار هو المنفرد بذلك ألنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون.. وهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير

60

نفسه نظيرا ومضاهيا حيث شرع مع الشارع..ورد قصد الشارعفي االنفراد بالتشريع وكفى بذلك «.

قال أبو عبد الباري: بعد الرجوع لكالم الشاطبي علم أنه تعرض للتحريف بسبب

الحذف بدون بيان، وتلفيقه من مواضع متفرقة، وهذا تمام كالمهلتعلم الحقيقة.

قال الشاطبي في االعتصام:" : أن المبتدع قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع ;والرابع

الشارع وضع الشرائع، وألزم الخلق الجري على سننها، وصارألن ،هو المنفرد بذلك، ألنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون

وإال فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع، ولميبق الخالف بين الناس، وال احتيج إلى بعث الرسل عليهم السالم.

]فـ[ هذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا ، وفتح لالختالف بابا، ورد قصدللشارع، حيث شرع مع الشارع

الشارع في االنفراد بالتشريع، وكفى بذلك" اهـ. فجاء لكالم الشاطبي فترك أوله ) أن المبتدع قد نزل نفسه

منزلة المضاهي للشارع ; ألن... ( وهو نصف سطر، وفرق بين الشارعالتعليل والمعلول، ثم نقل نحوا من سطر، وهو ) ألن

وضع الشرائع، وألزم الخلق الجري على سننها، وصار هو المنفرد (، ثم ترك نحوبذلك، ألنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون

سطر وهو) وإال فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع، ولم يبق الخالف بين الناس، وال احتيج إلى بعث الرسل

]فـ[ هذا الذيعليهم السالم (، ثم نقل نحو ثلثي سطر وهو ) ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا للشارع، حيث

(، ثم ترك كلمات وهي )وفتح لالختالف بابا(، ثمشرع مع الشارع نقل نحو نصف سطر وهو )ورد قصد الشارع في االنفراد

بالتشريع، وكفى بذلك (. وهذا التالعب مخل باألمانة العلمية وتغيير للكالم في المبنى

والمعنى، كيف والكالم ليس بطويل حتى يخشى الناقل من طوله

61

، كما أنه دليل على سوء التصرف الذي اعتاده الكاتب واللهأعلم.

هـ728 اإلمام أبو العباس ابن تيمية ) تـــ المثال الثالث عشر:.)

نقل الكاتب كالما البن تيمية في السياسة الشرعية في إصالح الراعي والرعية فلفق على عادته، وزاد ما ليس من كالم ابن

تيمية في هذا الكتاب دون أدنى إشارة إلى ذلك.(:"5قال الكاتب في رسالة الوظائف )ص

وقال حفيده شيخ اإلسالم ابن تيمية ) يجب أن يعرف أن والية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل ال قيام للدين وال للدنيا إال بها. فإن بني آدم ال تتم مصلحتهم إال باالجتماع لحاجة بعضهم إلى

بعض، تعاونا وتناصرا يتعاونون على جلب المنفعة ويتناصرون لدفع المضرة إذ الواحد منهم ال يقدر وحده على جلب جميع

منافعه ودفع جميع مضاره، وال بد لهم عند االجتماع من رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكر حديث أبي سعيد

وأبي هريرة وابن عمر ثم قال ) فأوجب تأمير الواحد في االجتماع القليل العارض في السفر تنبيها بذلك سائر أنواع االجتماع التي هي أكثر وأدوم، وألن الله تعالى أوجب األمر

بالمعروف والنهي عن المنكر وال يتم ذلك إال بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجب من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع واألعياد

فإذا كان قدونصر المظلوم وإقامة الحدود إال بالقوة واإلمارة، أوجب في أقل الجماعات وأقصر االجتماعات أن يولى أحدهم

فالواجبكان هذا تنبيها على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك، اتخاذ اإلمارة دينا وقربة يتقرب بها بالعمل الصالح فيها إلى الله تعالى، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل

القربات، وإنما فسد فيها حال أكثر الناس البتغاء الرئاسة أو62

المال فقط " اهـ ما نقله أبو سلمان بحروفه، وأحال على و1/370( والفتاوى العراقية )232السياسة الشرعية )ص

2/970.) والمفهوم من هذا في العرف العلمي وجود النص المنقول في

هذه المصادر على هيئته المذكورة، وأن المصدر المقدم هو األساس لأللفاظ المنقولة، كما أن العرف العلمي وأمانته تقتضي

التنبيه على ما في بعض هذه المصادر من الزيادة والنقص. وبالرجوع لكالم ابن تيمية في السياسة الشرعية يتبين أن الكاتب

حسان ارتكب خطئين وهما: : أنه حذف من كالم ابن تيمية جمال كثيرة من غير إشارة،األول

وذلك في قوله:" ) فأوجب تأمير الواحد في االجتماع القليل العارض في السفر تنبيها بذلك سائر أنواع االجتماع التي هي أكثر وأدوم، وألن الله تعالى أوجب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وال يتم ذلك إال بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجب من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع واألعياد ونصر المظلوم وإقامة

ولهذا روي:" أن السلطان ظل اللهالحدود إال بالقوة واإلمارة، في األرض" ويقال " ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة

واحدة بال سلطان ". والتجربة تبين ذلك. ولهذا كان السلف - كالفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل

وغيرهما- يقولون: لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: »إن الله يرضى لكم ثالثا: أن

تعبدوه وال تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وال تفرقوا، وأن تناصحوا من واله الله أمركم« . رواه مسلم. وقال:

»ثالث ال يغل عليهن قلب مسلم: إخالص العمل لله، ومناصحة والة األمور، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من

ورائهم« . رواه أهل السنن. وفي الصحيح عنه أنه قال: »الدين63

النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة. قالوا: لمن يا رسولالله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله وألئمة المسلمين وعامتهم«.

فالواجب اتخاذ اإلمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله؛ فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات. وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس البتغاء الرياسة أو المال بها

"اهـ. فحذف ما تحته الخط المتقطع، ووضع مكانه كالما آخر البن تيمية

في الفتاوى كما يأتي بيانه. : أنه أقحم كالم ابن تيمية في الفتاوى بين كالمه فيالثاني

فإذاالسياسة الشرعية فأوهم أنه كالم واحد، وذلك في قوله :" كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر االجتماعات أن يولى".أحدهم كان هذا تنبيها على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك

. دار الكتب1 ط9وهو مأخوذ من كتاب الحسبة البن تيمية )ص تحقيق وتعليق الشحود( ومجموع الفتاوى )182العلمية( و) ص

( وهذا تمامه:" 1/370( والفتاوى العراقية )28/68 فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر االجتماعات أن

يولى أحدهم: كان هذا تنبيها على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ، ولهذا كانت الوالية لمن يتخذها دينا يتقرب به إلى اللهذلك

ويفعل فيها الواجب بحسب اإلمكان، من أفضل األعمال الصالحة، حتى قد روى اإلمام أحمد في مسنده عن النبي -صلى الله عليه

وسلم- أنه قال:" إن أحب الخلق إلى الله إمام عادل، وأبغضالخلق إلى الله إمام جائر"اهـ.

فأخذ هذا الكاتب الكالم الذي تحته الخط المتصل، وأقحمه في كالم اإلمام في السياسة الشرعية، ومثل هذا ال يمكن أن يكون

عن غير قصد وتعمد، بل هو عمل مقصود لغرض في نفس64

الكاتب، فاستبدل المحذوف بغير ما في هذا السياق ليكتمل له المعنى المراد، فصارت خيانة وكذبة في العلم، وما خائن بمزكى،

وعصم الله أمتنا التي ابتليت بمثل هؤالء الذين تسلقوابالتحريفات – على حين غفلة من أهلها – جدار الفتوى.

(120: ما نقله في مصلحة التأليف )صالمثال الرابع عشرعن ابن تيمية

نقل الكاتب حسان عن ابن تيمية أنه قال:" فحيث ما كان للمنافق ظهور وتخاف من إقامة الحد عليه فتنة أكبر من بقائه عملنا بآية } ودع أذاهم { كما أنه حيث عجزنا عن جهاد الكفار

عملنا بآية الكف عنهم والصفح وحيث ما حصل القوة والعز خوطبنا بقوله: } جاهد الكفار والمنافقين {، ولم ندع أن الحكم

تغير بعده لتغير المصلحة من غير وحي نزل فإن هذا تصرف في-3/683ثم أحال على الصارم المسلول )الشريعة وتحويل لها بالرأي "

684.)قال أبو عبد الباري:

بالرجوع لكالم ابن تيمية في الموضع المذكور تبين أن الكاتب حذف جملة من وسط الكالم وهي التي تحتها الخط في النقل

الكامل اآلتي. :" :" فحيث ما كان للمنافق ظهور وتخاف منقال ابن تيمية

إقامة الحد عليه فتنة أكبر من بقائه عملنا بآية }ودع أذاهم{ كما أنه حيث عجزنا عن جهاد الكفار عملنا بآية الكف عنهم والصفح

وحيث ما حصل القوة والعز خوطبنا بقوله: }جاهد الكفاروالمنافقين{ .

فهذا يبين أن اإلمساك عن قتل من أظهر نفاقه بكتاب الله على ، ولم ندع أنعهد رسوله عليه الصالة والسالم إذ ال نسخ بعده

الحكم تغير بعده لتغير المصلحة من غير وحي نزل فإن هذاتصرف في الشريعة وتحويل لها بالرأي "اهـ المراد منه.

وقد قام بهذا الحذف من غير بيان للمحذوف من وسط الكالم مطلقا ألنه مخالف لما يريد تقريره فكان كذبا على اإلمام رحمه

الله تعالى.65

ه( في748ما نقله عن ابن تيمية )تــ المثال الخامس عشر: من سب النبي صلى الله عليه وسلم

( عن الصارم114نقل الكاتب حسان في مصلحة التأليف له )ص ( ما نصه:" 16-2/13المسلول البن تيمية )

وقال اإلمام إسحاق بن راهويه أحد األئمة األعالم:" أجمع المسلمون على أن من سب الله أو سب رسوله صلى الله عليه

وسلم أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل: "أنه كافر بذلك وان كان مقرا بكل ما أنزل الله "

وقال اإلمام محمد بن سحنون:" أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المتنقص له كافر والوعيد جار عليه

بعذاب الله له وحكمه عند األمة القتل ومن شك في كفرهوعذابه كفر".

وتحرير القول فيها: أن الساب إن كان مسلما فإنه يكفر ويقتل بغير خالف وهو مذهب األئمة األربعة وغيرهم "اهـ ما نقله الكاتب

حسان.قال أبو عبد الباري:

وبالرجوع للموضع المذكور من الصارم المسلول، وهي بتحقيق الحلواني والشودري، وتقديم بكر أبو زيد ومحمد سعيد

القحطاني، تبين أمران: : أن لفظة " اإلمام " في قول سحنون ليست في الصارماألول

المسلول. : أن الكاتب حسان حذف من وسط الكالم قول الخطابي،الثاني

وهو بين قولي إسحاق وسحنون، وهذا تمام الكالم مع وضع الخطالمتصل على المحذوف.

وقال اإلمام إسحاق بن راهويه أحد األئمة األعالم:" أجمع المسلمون على أن من سب الله أو سب رسوله صلى الله عليه

وسلم أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل: "أنه كافر بذلك وان كان مقرا بكل ما أنزل الله" قال الخطابي: "ال أعلم أحدا من المسلمين اختلف في وجوب

وقال محمد بن سحنون: "أجمع العلماء على أن شاتمقتله"

66

النبي صلى الله عليه وسلم المتنقص له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله له وحكمه عند األمة القتل ومن شك في كفره

وعذابه كفر". وتحرير القول فيها: أن الساب إن كان مسلما فإنه يكفر ويقتل

بغير خالف وهو مذهب األئمة األربعة وغيرهم " اهـ. 11: ما نقله في منجية األفهام ص المثال السادس عشر

الوجه الثامن من الملحوظة الثانية ( عن ابن تيمية مع حذفمتكرر من وسط الكالم بدون بيان.

قال الكاتب حسان: قال شيخ اإلسالم: ) و إذا كان المحاربون الحرامية جماعة

فالواحد منهم باشر القتل بنفسه، و الباقون أعوان له و ردء له، فقد قيل: إنه يقتل المباشر فقط، و الجمهور على أن الجميع

يقتلون و لو كان مئة، و أن الردء و المباشر سواء وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين.. وألن المباشر إنما تمكن من قتله بقوة الردء ومعونته. والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا

ممتنعين، فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين فإن النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم قال: " المسلمون تتكافؤ

دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، و هم يد على من سواهم، و يرديهم على قاعدهم " يعني أن جيش المسلمين إذا برزت متسر

منهم سرية فغنمت ماال فإن الجيش يشاركها فيما غنمت، ألنها بظهره و قوته تمكنت .. فأعوان الطائفة الممتنعة و أنصارها منها فيما لهم و عليهم. و هكذا المقتتلون على باطل ال تأويل فيه مثل

المقتتلين على عصبية و دعوى جاهلية كقيس و يمن و نحوهما، هما ظالمتان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا التقى

المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قيل يارسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه أراد قتل صاحبه"

أخرجاه في الصحيحين. وتضمن كل طائفة ما أتلفت لألخرى من

67

نفس ومال وإن لم يعرف عين القاتل, ألن الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد.. فأما إذا تحيزوا إلى

مملكة طائفة خارجة على شريعة اإلسالم وأعانوهم على(.25المسلمين قوتلوا كقتالهم ( )

قال أبو عبد الباري: نورد هنا كالم ابن تيمية كامال مع وضع خط متصل على ما نقله

الكاتب من بين السطور ألن ما حذفه من وسط الكالم أكثر مماذكره:

قال ابن تيمية ما نصه:" وإذا كان المحاربون الحرامية جماعة، فالواحد منهم باشر القتل بنفسه، والباقون له أعوان وردء له، فقد قيل: إنه يقتل المباشر

فقط، والجمهور على أن الجميع يقتلون، ولو كانوا مائة، وأن ؛الردء والمباشر سواء، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين فإن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قتل ربيئة المحاربين،

والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عال، ينظر منه لهم وألن المباشر إنما تمكن من قتله بقوة الردء ومعونته.من يجيء.

والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب، كالمجاهدين. فإن النبي صلى

الله عليه وسلم، قال: »المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، يرد متسريهم على

قعدهم« يعني أن جيش المسالمين إذا تسرت منه سرية فغنمت ماال، فإن الجيش يشاركها فيما غنمت، ألنها بظهره وقوته

؛ لكن تنفل عنها نفال فإن النبي صلى الله عليه وسلم كانتمكنت ينفل السرية إذا كانوا في بدايتهم الربع بعد الخمس، فإذا رجعوا إلى أوطانهم وتسرت سرية نفلهم الثلث بعد الخمس، وكذلك لو

غنم الجيش غنيمة شاركته السرية، ألنها في مصلحة الجيش، كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم لطلحة والزبير يوم بدر؛ ألنه

فأعوان الطائفة الممتنعة،كان قد بعثهما في مصلحة الجيش، (.112-101)( السياسة الشرعية في إصالح الراعي والرعية )صـ25

68

وأنصارها منها، فيما لهم وعليهم. وهكذا المقتتلون على باطل ال تأويل فيه؛ مثل المقتتلين على عصبية، ودعوى جاهلية؛ كقيس

ويمن ونحوهما؛ هما ظالمتان. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: » إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في

النار. قيل: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه أراد قتل صاحبه « . أخرجاه في الصحيحين. ولضمن كل طائفة

ما أتلفته لألخرى من نفس ومال. وإن لم يعرف عين القاتل؛ ألن وفيالطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد،

ذلك قوله تعالى: }كتب عليكم القصاص في القتلى{. وأما إذا أخذوا المال فقط، ولم يقتلوا -كما قد يفعله األعراب

كثيرا- فإنه يقطع من كل واحد يده اليمنى، ورجله اليسرى، عند أكثر العلماء: كأبي حنيفة، وأحمد، وغيرهم. وهذا معنى قول الله

تعالى }أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خالف{. تقطع اليد التي يبطش بها، والرجل التي يمشي عليها، وتحسم يده ورجله بالزيت المغلي ونحوه؛ لينحسم الدم فال يخرج فيفضي إلى تلفه، وكذلك تحسم يد السارق بالزيت. وهذا الفعل قد يكون أزجر من القتل، فإن األعراب، وفسقة الجند وغيرهم إذا رأوا دائما من هو بينهم

مقطوع اليد والرجل، ذكروا بذلك جرمه فارتدعوا؛ بخالف القتل، فإنه قد ينسى؛ وقد يؤثر بعض النفوس األبية قتله على قطع يده

ورجله من خالف، فيكون هذا أشد تنكيال له وألمثاله. وأما إذا شهروا السالح ولم يقتلوا نفسا، ولم يأخذوا ماال، ثم أغمدوه، أو

هربوا، وتركوا الحراب، فإنهم ينفون. فقيل: نفيهم تشريدهم، فال يتركون يأوون في بلد. وقيل: هو حبسهم. وقيل: هو ما يراه

اإلمام أصلح من ففي أو حسي أو نحو ذلك. والقتل المشروع: هو ضرب الرقبة بالكف ونحوه، ألن ذلك أروح أنواع القتل، وكذلك شرع الله قتل ما يباح قتله من اآلدميين والبهائم، إذا قدر عليه

على هذا الوجه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: »إن الله كتب اإلحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم

فأحسنوا الذبحة، وليحد أحد كم شفرته وليرح ذبيحته« . رواه مسلم، وقال: »إن أعف الناس قتلة أهل اإليمان« . وأما الصلب

69

المذكور فهو رفعهم على مكان عال ليراهم الناس، ويشتهر أمرهم، وهو بعد القتل عند جمهور العلماء. ومنهم من قال:

يصلبون ثم يقتلون وهم مصلبون. وقد جوز بعض العلماء قتلهم بغير السيف، حتى قال: يتركون على المكان العالي، حتى يموتوا

حتف أنوفهم بال قتل. فأما التمثيل في القتل فال يجوز إال على وجه القصاص، وقد قال عمران ابن حصين -رضي الله عنهما-

»ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إال أمرنا بالصدقة، ونهانا عن المثلة، حتى الكفار إذا قتلناهم، فإنا ال نمثل بهم بعد القتل، وال نجدع آذانهم وأنوفهم، وال نبقر بطونهم إال أن يكونوا فعلوا ذلك بنا، فنفعل بهم مثل ما فعال« . والترك أفضل

كما قال الله تعالى: }وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم بهولئن صبرتم لهو خير للصابرين - واصبر وما صبرك إال بالله{.

قيل إنها نزلت لما مثل المشركون بحمزة وغيره من شهداء أحد -رضي الله عنهم- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: »لئن

أظفرني الله بهم ألمثلن بضعفي ما مثلوا بنا« . فأنزل الله هذه اآلية -وإن كانت قد نزلت قبل ذلك بمكة، مثل قوله: }ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي{ وقوله: }وأقم الصالة طرفي

النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات{ وغير ذلك من اآليات التي نزلت بمكة، ثم جرى بالمدينة سبب يقتضي

الخطاب، فأنزلت مرة ثانية -فقال النبي صلى الله عليه وسلم، " بل نصبر ". وفي صحيح مسلم عن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- قال: »كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على

سرية أو جيش أو في حاجه نفسه أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله تعالى وبمن معه من المسلمين خيرا، ثم يقول: اغزوا بسم

الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، وال تغلوا وال تغدروا، وال تمثلوا، وال تقتلوا وليدا« . ولو شهروا السالح في البنيان -ال في الصحراء- ألخذ المال، فقد قيل: إنهم ليسموا محاربين، بل هم

بمنزلة المختلس والمنتهب، ألن المطلوب يدركه الغوث، إذا استغاث بالناس. وقال أكثرهم: إن حكمهم في البنيان والصحراء

واحد. وهذا قول مالك -في المشهور عنه- والشافعي، وأكثر

70

أصحاب أحمد، وبعض أصحاب أبي حنيفة، بل هم في البنيان أحق بالعقوبة منهم في الصحراء؛ ألن البنيان محل األمن والطمأنينة، وألنه محل تناصر الناس وتعاونهم، فإقدامهم عليه يقتضي شدة المحاربة والمغالبة؛ وألنهم يسلبون الرجل في داره جميع ماله،

والمسافر ال يكون معه-غالبا- إال بعض ماله. وهذا هو الصواب؛ ال سيما هؤالء المتحزبون الذين تسميهم العامة في الشام ومصر

المنسر وكانوا يسمون ببغداد العيارين؛ ولو حاربوا بالعصي والحجارة المقذوفة باأليدي، أو المقاليع ونحوها: فهم محاربون أيضا. وقد حكي عن بعض الفقهاء ال محاربة إال بالمحدد. وحكى

بعضهم اإلجماع: على أن المحاربة تكون بالمحدد والمثقل. وسواء كان فيه خالف أو لم يكن: فالصواب الذي عليه جماهير المسلمين: أن من قاتل على أخذ المال بأي نوع كان من أنواع

القتالة فهو محارب قاطع، كما أن من قاتل المسلمين من الكفار بأي نوع كان من أنواع القتال فهو حربي، ومن قاتل الكفار من المسلمين بسيف، أو رمح، أو سهم، أو حجارة، أو عصي، فهو مجاهد في سبيل الله. وأما إذا كان يقتل النفوس سرا، ألخذ

المال؛ مثل الذي يجلس في خان يكريه ألبناء السبيل، فإذا انفرد بقوم منهم قتلهم وأخذ أموالهم. أو يدعو إلى منزله من يستأجره

لخياطة، أو طب أو نحو ذلك فيقتله، ويأخذ ماله، وهذا يسمى القتل غيلة، ويسميهم بعض العامة المعرجين فإذا كان ألخذ

المال، فهل هم كالمحاربين، أو يجرى عليهم حكم القود؟ فيه قوالن للفقهاء. أحدهما: أنهم كالمحاربين، ألن القتل بالحيلة

كالقتل مكابرة، كالهما ال يمكن االحتراز منه؛ بل قد يكون ضررهذا أشد؛ ألنه ال يدري به.

والثاني: أن المحارب هو المجاهر بالقتال، وأن هذا المغتال يكون أمره إلى ولي الدم. واألول أشبه بأصول الشريعة؛ بل قد يكون ضرر هذا أشد؛ ألنه ال يدري به. واختلف الفقهاء أيضا فيمن يقتل السلطان، كقتلة عثمان، وقاتل علي -رضي الله عنهما- هل هم

كالمحاربين، فيقتلون حدا، أو يكون أمرهم إلى أولياء الدم -علىقولين في مذهب أحمد وغيره- ألن في قتله فسادا عاما.

71

فصل وهذا كله إذا قدر عليهم. فأما إذا طلبهم السلطان أو نوابه، إلقامة الحد بال عدوان فامتنعوا عليه، فإنه يجب على المسلمين

قتالهم باتفاق العلماء، حتى يقدر عليهم كلهم. ومتى لم ينقادوا إال بقتال يفضي إلى قتلهم كلهم قوتلوا، وإن أفضى إلى ذلك؛ سواء كانوا قد قتلوا أو لم يقتلوا. ويقتلون في القتال كيفما أمكن: في

العنق وغيره. ويقاتل من قاتل معهم بن يحميهم ويعينهم. فهذا قتال، وذاك إقامة حد. وقتال هؤالء أوكد من قتل الطوائف الممتنعة عن شرائع اإلسالم. فإن هؤالء قد تحزبوا لفساد

النفوس واألموال، وهالك الحرث والنسل؛ ليس مقصودهم إقامة دين وال ملك. وهؤالء كالمحاربين الذين يأوون إلى حصن، أو

مغارة أو رأس جبل، أو بطن واد، ونحو ذلك: يقطعون الطريق على من مر بهم، وإذا جاءهم جند ولي األمر يطلبهم للدخول في

طاعة المسلمين والجماعة إلقامة الحدود: قاتلوهم ودفعوهم؛ مثل األعراب الذين يقطعون الطريق على الحاج أو غيره من

الطرقات، أو الجبلية الذين يعتصمون برءوس الجبال أو المغارات؛ لقطع الطريق. وكاألحالف الذين تحالفوا لقطع

الطريق بين الشام والعراق، ويسمون ذلك " النهيضة " فإنهم يقاتلون كما ذكرنا: لكن قتالهم ليس بمنزلة قتال الكفار، إذا لم

يكونوا كفارا، وال تؤخذ أموالهم، إال أن يكونوا أخذوا أموال الناس بغير حق؛ فإن عليهم ضمانها، فيؤخذ منهم بقدر ما أخذوا، وإن لم نعلم عين اآلخذ. وكذلك لو علم عينه؛ فإن الردء والمباشر سواء كما قلناه، لكن إذا عرف عينه كان قرار الضمان عليه، ويرد ما

يؤخذ منهم على أرباب األموال، فإن تعذر الرد عليهم كان لمصالح المسلمين: من رزق الطائفة المقاتلة لهم، وغير ذلك. بل

المقصود من قتالهم التمكن منهم إلقامة الحدود، ومنعهم من الفساد، فإذا جرح الرجل منهم جرحا مثخنا، لم يجهز عليه حتى يموت، إال أن يكون قد وجب عليه القتل. وإذا هرب وكفانا شره لم نتبعه، إال أن يكون عليه حد أو نخاف عاقبته، ومن أسر منهم،

أقيم عليه الحد الذي يقام على غيره. ومن الفقهاء من يشدد فيهم حتى يرى غنيمة أموالهم وتخميسها؛ وأكثرهم يأبون ذلك.

72

فأما إذا تحيزوا إلى مملكة طائفة خارجة عن شريعة اإلسالم، وأما من كان ال يقطعوأعانوهم على المسلمين. قوتلوا كقتالهم.

الطريق، ولكنه يأخذ خفارة أو ضريبة من أبناء السبيل على الرءوس، والدواب، واألحمال ونحو ذلك، فهذا مكاس، عليه

عقوبة المكاسين. وقد اختلف الفقهاء في جواز قتله، وليس هو من قطاع الطريق؛ فإن الطريق ال ينقطع به، مع أنه أشد الناس

عذابا يوم القيامة، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم في الغامدية: »لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس، لغفر له« ويجوز

للمظلومين -الذين تراد أموالهم- قتال المحاربين بإجماع المسلمين. وال يجب أن يبذل لهم من المال ال قليل وال كثير، إذا

أمكن قتالهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: »من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون

دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد« اهـ.قال أبو عبد الباري:

هذا تمام كالم ابن تيمية لكن جاء إليه هذا المسكين فاقتطع منه جمال من بين السطور، وحذف الباقي من غير إشارة على عادته،

وهذا الحذف والنقل الملفق مخل باألمانة العلمية. ( عن53: ما نقله في القول الصائب )ص المثال السابع عشر

ابن تيمية نقل الكاتب حسان عن ابن تيمية أنه قال في شرح العمدة

( ما نصه:" 83-80) الجزء الثاني من كتاب الصالة ص الكفر المطلق ال يجوز أن يراد به إال الكفر الذي هو خالف اإليمان

الكفر المطلق هو الكفر األعظم ألن هذا هو المعنى الشرعي ..المخرج عن الملة فينصرف اإلطالق إليه "اهـ.

:قال أبو عبد الباري بالرجوع إلى قول ابن تيمية في المصدر المذكور تبين أنه تعرض للتحريف والتالعب من قبل هذا الناقل، وبالوقوف على تمامه مع

وضع خط تحت ما نقله يتبين للقارئ ضعف األمانة العلمية لهذا لكاتب، وأن كالم هذا اإلمام تعرض للتحريف في المبنى والمعنى

معا.

73

: فقد حذف الناقل بعض كالمه الدال على مراده.أما في المبنى : فأوهم أن هذا هو مذهب ابن تيمية رحمه اللهوأما في المعنى

تعالى.وهذا كالمه بتمامه كما سبق الوعد به.

قال شيخ اإلسالم ابن تيمية في الموضع المذكور من شرحالعمدة وهو يشرح مجموعة من نصوص الوعيد:"

وربما قال بعض الناس يحمل على كفر النعمة أو على المبالغة، والتغليظ في الشرك ألن الكفر الناقل عن الملة والشرك الذي ال

يغفره الله والنفاق الموجب للدرك األسفل من النار ال يثبت بمجرد هذه األفعال عند أحد من أهل السنة، لكن عند الخوارج

والمعتزلة الذين تأولوا ظاهر هذا الكالم على وفق رأيهم وأعرضوا عما سواه مما يفسره ويبين معناه الذي هو خالف

اإليمان. الكفر المطلق ال يجوز أن يراد به إال الكفر الذي هو خالفقيل:

وال سيما إذا قوبل باإليماناإليمان، ألن هذا هو المعنى الشرعي فإنه يجب حمله على ذلك، ثم لو صح هذا في بعض المواضع فهنا

إنما أراد به الكفر المخالف لإليمان كما نص عليه في الحديثوكما سيأتي تفسيره أن شاء الله تعالى.

وأما تأويله بكفر النعمة فساقط في جميع هذه المواضع، ولذلك لم ينقل هذا عن السلف ألن كفر النعمة إن أريد به جحد إنعام

الله عليه، فهذا كفر صريح مع أن هذه المواضع ليس فيها ما يتضمن جحد اإلنعام بخصوصه، وإن أريد به التقصير في الشكر فليس بعض األعمال بهذا أولى من بعض، بل كل من ترك شيئا من الفرائض فقد قصر في شكر نعمة الله، فينبغي أن يسمى

كافرا على هذا الوجه، ثم إنه ال مناسبة بين ذلك وبين أكثر هذهالمواضع لمن تدبره من الدالالت الكثيرة في الكتاب والسنة.

واإلجماع على ثبوت أصل اإليمان مع وجود هذه األعمال، وربما حمله بعضهم على مقارنة الكفر لذلك، ومن الناس من يحمل

الترك عمن تركها جاحدا غير مقر بوجوبها وال يستلزمها في

74

الجملة، ويكون تخصيصها بالذكر لعموم فرضها زمانا ومكانا وحاالومحاال.

وأما قول من يقول هو على سبيل المبالغة والتغليظ، فلعمري أي مبالغة أو تغليظ لكن على الوجه المحدود من غير مجازفة وال

مجاوزة، ومن اعتقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمدح عمال على سبيل الترغيب أو يذمه على سبيل الترهيب بمجاوزة

في موضعه وزيادة في نعته فقد قال قوال عظيما بل قد كفر بالله ورسوله أن فهم مضمون كالمه وأصر عليه، ولهذا لما نهت

قريش عبد الله بن عمرو أن يكتب ما يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم توهما أنه قد يقول في الغضب ما ال يقوله في الرضا،

قال: اكتب والذي نفسي بيده ما خرج بينهما إال حق، كيف وهو صلى الله عليه وسلم ال ينطق عن الهوى أن هو إال وحي يوحى

نعم هو صلى الله عليه وسلم يرغب في الشيء بذكر أحسن صفاته من غير مجاوزة حده ويذم الفعل القبيح ببيان اقبح صفاته

من غير مجاوزة أيضا إنما يجوز أن يظن المبالغة الزائدة عن الحد بسائر الناس الذين ال يحفظون منطقهم وال يعصمون في كالمهم ال سيما الشعراء ونحوهم، ولهذا زجر اإلمام أحمد عن

تأويل أحاديث الوعيد حيث تأولها المرجئة على أشياء يخرجها عن مقصود الرسول كما تأولت الجهمية والقدرية األحاديث المخالفة

ألهوائهم تأويال يخرجها عن مقصوده. الكفر المطلق هو الكفر األعظم المخرج عن الملة: أن أحدها

، وإنما صرف في تلك المواضع إلى غيرفينصرف اإلطالق إليه ذلك لقرائن انضمت إلى الكالم ومن تأمل سياق كل حديث وجده

معه وليس هنا شيء يوجب صرفه عن ظاهره بل هنا ما تقررهعلى الظاهر.

: أن ذلك الكفر منكر مبهم مثل قوله وقتاله كفر هما بهمالثاني كفر وقوله كفر بالله وشبه ذلك وهنا عرف بالالم بقوله ليس بين

العبد وبين الكفر أو قال الشرك والكفر المعروف ينصرف إلىالكفر المعروف وهو المخرج عن الملة.

75

: أن في بعض األحاديث فقد خرج عن الملة وفي بعضهاالثالث بينه وبين اإليمان وفي بعضها بينه وبين الكفر وهذا كله يقتضي

أن الصالة حد تدخله إلى اإليمان أن فعله وتخرجه عنه أن تركه. : أن قوله ليس بين العبد وبين الكفر إال ترك الصالة وقولهالرابع

كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ال يرون شيئا مناألعمال تركه كفر إال الصالة " اهـ.

الوجه الرابع8 ما نقله في منجيته )ص المثال الثامن عشر: من الملحوظة الثانية ( عن ابن تيمية مع حذف وسطه من غير

إشارة.قال الكاتب حسان:"

يقول شيخ اإلســالم :" وأصــل هــذا: أن األصــل قــول اللــه تعــالى، وفعله، وتركه القول، وتركه الفعل .. و إن كانت قــد جــرت عــادة األصوليين أنهم ال يذكرون من جهة الله إال قوله الذي هــو كتابــه "ــه ــه – كعذاب ــل الل ــا فع ــة: " وإم ــرب األمثل ــول في ض إلى أن يق للمنذرين – فإنه دليل على تحريم ما فعلوه ووجوب ما أمروا بــه، وكما استدل أصحابنا وغيرهم من السلف بفعل الله تعــالى بــرجم قــوم لــوط على رجمهم، وأمــا تــرك القــول فكمــا يســتدل بعــدم اإليجاب وبعدم نهيه على عدم التحريم، وأما ترك الفعل فكإنجائــه

(.26للمؤمنين دون المنذرين" )قال أبو عبد الباري:

هذا الكالم موجود في المسودة كما ذكر الكاتب، وبنصه أيضا في نقال عن104-2/103المستدرك على مجموع الفتاوى )

المسودة( وقد حذف الكاتب في موضعين، أشار إلى الحذف في األول دون الثاني وهو موضع المؤاخذة، والكالم أيضا متعلق

باختالف العلماء في قول الراوي " كنا نفعل كذا على عهد رسولالله " وهذا النص بتمامه من أوله:"

( تحقيق مشهور.2/169( والموافقات للشاطبي )588-1/587)( المسودة )2676

قول الصحابي: »كنا نفعل كذا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -« يحتج به من وجهين. من جهة: أن فعلهم حجة كقولهم،

ومن جهة: إقرار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فاألول كقول أبي سعيد: »كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شيء

ينهى عنه لنهانا عنه القرآن« فهذا ال يحتاج إلى أن يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن هذا المأخذ قد ذكره أبو سعيد ولم

أر األصوليين تعرضوا له. وأما الثاني: فيحتاج إلى بلوغ النبي - صلى الله عليه وسلم -،

وفيه األقوال الثالثة: أحدها: قول أبي الخطاب وأبي محمد أنه حجة مطلقا؛ ألن ذكره ذلك في معرض الحجة يدل على أنه أراد ما علمه النبي - صلى

الله عليه وسلم - فسكت عنه ليكون دليال. والثاني: ليس بحجة كالوجه الذي ذكره القاضي، وهو قول

الحنفية. وأما إذا كانت العادة تقتضي أنه بلغه فذاك دليل علىالبلوغ.

وأصل هذا أن األصل قول الله تعالى وفعله وتركه القول وتركه الفعل، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعله وتركه

القول وتركه العمل. وإن كانت قد جرت عادة عامة األصوليين ومن جهةأنهم ال يذكرون من جهة الله إال قوله الذي هو كتابه،

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد يقولون بما يقول أصحابنا قوله، وفعله، وإقراره. وقد يقولون:» وإمساكه « وهذا أجود؛ فإن إقراره ترك النهي فإنه يدل على العفو عن تحريم.

وأما اإلمساك فإنه يعم ترك األمر أيضا الذي يفيد العفو عن خضروات المدينة فإن ترك األمر مع اإليجاب كترك األمر بصدقة

الحاجة إلى البيان يدل على عدم اإليجاب، كترك النهي، وأما ترك الفعل فإنه يدل على عدم االستحباب وعدم اإليجاب كثيرا؛ فإن ترك الفعل مع قيام المقتضي له يدل على عدم كونه مشروعا

.كترك النهي مع الحاجة إلى البيان وأما » فعل الله « كعذابه للمنذرين فإنه دليل على تحريم ما فعلوه ووجوب ما أمروا به، وكما استدل أصحابنا وغيرهم من

77

السلف بفعل الله تعالى ورجم قوم لوط على رجمهم. وأما ترك القول فكما يستدل بعدم أمره على عدم اإليجاب وبعدم نهيه

كقوله: »وما سكت عنه فهو مما عفا عنه«على عدم التحريم، وهو الدليل الثاني لالستدالل على عدم الحكم بعدم الدليل، وكما

وأمااستدل أبو سعيد بعدم النهي عن الفعل على عدم تحريمه.ترك القول فكإنجائه للمؤمنين دون المنذرين " اهـ

: في المستدرك على مجموع الفتاوى " وأما ترك الفعل "تنبيهوهو األقرب للصواب.

قال أبو عبد الباري: ما تحته خط هو ما حذفه هذا الكاتب من كالم هذا اإلمام، وقد

أشار إلى الحذف في الموضع األول، ولم يشر إلى الثاني – وهو موضخ الشاهد كما تقدم - كعادته المشهورة في حذف بعض كالم

العلماء دون إشارة، مما يدل على ضعف األمانة العلمية عنده.

: اإلمام الحافظ ابن قيم الجوزية ) تـــعشر المثال التاسعهــ ( والتحريفات المتعددة في نقل واحد.751( عن ابن القيم أنه قال:" 34-33 في الخطاب المفتوح )ص ذكر

وإنما قال هؤالء األئمة وأمثالهم هذا الكالم في هذه الحيل ألن فيها االحتيال على تأخير صوم رمضان، وإسقاط فرائض الله

تعالى من الحج والزكاة، وإسقاط حقوق المسلمين، واستحالل ما حرم الله من الربا والزنا، وأخذ أموال الناس وسفك دمائهم،

وشهادة الزور وإباحة الكفر، وفسخ العقود الالزمة، والكذب وهذه الحيل دائرة بين الكفر والفسوق. والمقصود أن هذه الحيل

ال تجوز أن تنسب إلى إمام؛ فإن ذلك قدح في إمامته، وذلك يتضمن القدح في األمة حيث ائتمت بمن ال يصلح لإلمامة، وفي ذلك نسبة لبعض األئمة إلى تكفير وتفسيق، وهذا غير جائز، وال

خالف بين األمة أنه ال يجوز اإلذن في التكلم بكلمة الكفر لغرض من األغراض، إال المكره إذا اطمأن قلبه باإليمان، فالحيلة بالردة على فسخ النكاح كفر، وكذلك التحيل بالردة على حرمان الوارث

كفر، واإلفتاء بها كفر، ومن الحيل المحرمة التي يكفر من أقتى

78

بها: تمكين المرأة ابن زوجها من نفسها لينفسخ نكاحها حيث صارت موطوءة ابنه وكذلك العكس أو وطئه حماته لينفسخ نكاح

( اهـ كالمه.96، 98، 99، 190، 5/191إعالم الموقعين )امرأته " قال أبو عبد الباري:

بالرجوع لكالم ابن القيم تبين أن في هذا النقل عنه مجموعة منالتحريفات، وهي من العجائب:

: قوله " وفي ذلك نسبة لبعض األئمة إلى تكفيرالموضع األول أوتفسيق " مقحم في غير موضعه بعد اقتطاعه من كالم البن

تيمية وليس البن القيم، وهذا كالمه بنصه من الفتاوى الكبرى )6/85":)

وقد ذكرنا ما دل على تحريم الحيلة، وإبطالها. وإنما غرضنا هنا ال يجوز أن ينسب إلىأن هذه الحيلة التي هي محرمة في نفسها

إمام أنه أمر بها فإن ذلك قدح في إمامته وذلك قدح في األمة وفي ذلك نسبة لبعض األئمةحيث ائتموا بمن ال يصلح لإلمامة

. ولو فرض أنه حكي عن وهذا غير جائزإلى تكفير، أو تفسيق واحد منهم األمر ببعض هذه الحيلة المجمع على تحريمها فإما أن

تكون الحكاية باطلة، أو يكون الحاكي لم يضبط األمر فاشتبه عليه إنفاذها بإباحتها، وإن كان أمر ببعضها في بعض األوقات فال بد أن يكون قد تاب من ذلك ولم يصر عليه بحيث لم يمت وهو مصر على ذلك، وإن لم يحمل األمر على ذلك لزم الخروج عن إجماع األمة والقول بفسق بعض األئمة أو كفره، وكال هذين غير

جائز"اهـ. ونقل هذا الكاتب الكالم بهذه الزيادة عن نسخة الشيخ مشهور

( لكن لم يكن أمينا كما كان المحقق أمينا،99-5/98آل سلمان ) فإنه وضع هذه الجملة بين معقوفين هكذا ] ...[ ثم بالهامش علق

عليها فقال ما نصه:" ما بين المعقوفين من )و( وقال:"ما بين (اهـ قلت: انظره في3ج170القوسين من فتاوى ابن تيمية ")ص

(.188" بيان التحليل " )ص : قال أبو عبد الباري

79

هكذا األمانة العلمية من ذوي المروءات والشيم الكريمة، لكنمحترف التحريف لم يوفق ألداء هذه األمانة والله المستعان.

: ما نقله من أول هذا الكالم إلى قوله " وهذهالموضع الثاني الحيل دائرة بين الكفر والفسوق " غير متصل بما ذكر بعده،

وإنما حذف الكاتب بقية الكالم ثم وصله بكالم آخر غير متصل بهمن غير بيان، وهذا النقل مع بعض ما بعده:"

وإنما قال هؤالء األئمة وأمثالهم هذا الكالم في هذه الحيل ألن فيها االحتيال على تأخير صوم رمضان، وإسقاط فرائض الله

تعالى من الحج والزكاة، وإسقاط حقوق المسلمين، واستحالل ما حرم الله من الربا والزنا، وأخذ أموال الناس وسفك دمائهم،

وفسخ العقود الالزمة، والكذب وشهادة الزور وإباحة الكفر، وهذه وال يجوز أن تنسب هذه الحيلالحيل دائرة بين الكفر والفسوق،

إلى أحد من األئمة، ومن نسبها إلى أحد منهم فهو جاهل بأصولهم ومقاديرهم ومنزلتهم من اإلسالم، وإن كان بعض هذه

الحيل قد تنفذ على أصول إمام بحيث إذا فعلها المتحيل نفذ حكمها عنده، ولكن هذا أمر غير اإلذن فيها وإباحتها وتعليمها، فإن إباحتها شيء، ونفوذها إذا فعلت شيء، وال يلزم من كون الفقيه

والمفتي ال يبطلها أن يبيحها ويأذن فيها، وكثير من العقود يحرمها الفقيه ثم ينفذها وال يبطلها، ولكن الذي ندين الله به تحريمها

وإبطالها وعدم تنفيذها، ومقابلة أربابها بنقيض مقصودهم موافقةلشرع الله تعالى وحكمته وقدرته.

] ال يجوز أن ينسب القول بجواز الحيل إلى إمام [ : والمقصود أن هذه الحيل ال تجوز أن تنسب إلى إمام؛ فإن ذلك قدح في

إمامته، وذلك يتضمن القدح في األمة حيث ائتمت بمن ال يصلحلإلمامة، وهذا غير جائز ".

فجاء الكاتب إلى هذا الكالم وحذف ما تحته الخط المتصل منغير بيان لهذا الصنيع، مما يخل باألمانة العلمية والله المستعان.

وال " وقوله " وهذا غير جائز: حذف بين قوله " الموضع الثالث " جملة مذكورة بنصها فيما يلي:خالف

80

" ولو فرض أنه حكي عن واحد من األئمة بعض هذه الحيل المجمع على تحريمها فإما أن تكون الحكاية باطلة، أو يكون

الحاكي لم يضبط لفظه فاشتبه عليه فتواه بنفوذها بفتواه بإباحتها مع بعد ما بينهما، ولو فرض وقوعها منه في وقت ما فال بد أن

يكون قد رجع عن ذلك وإن لم يحمل األمر على ذلك لزم القدح في اإلمام وفي جماعة المسلمين المؤتمين به، وكالهما غير جائز ". ولم يشر إلى هذا الحذف، ثم ألحقه بأسوء منه كما في الذي

بعده. : قوله " وال خالف ... إلى "إذا اطمئن قلبهالموضع الرابع

صفحة، وأوهم91باإليمان" ال اتصال له بما بعده، بل بينهما الكاتب أنهما كالم واحد.

فقوله ) وال خالف بين األمة أنه ال يجوز اإلذن في التكلم بكلمة الكفر لغرض من األغراض إال المكره إذا اطمئن قلبه باإليمان (

(5/190( وأدمجه بكالم آخر البن القيم في )5/99إنما هو في ) صفحة حذفها جميعا من غير إشارة، وهذا من91أي بينهما

عجائب الزمان.وهذا كالم ابن القيم مع جملة مما قبله وما بعده:

:" والمقصود أن هذه الحيل ال تجوزقال ابن القيم رحمه الله أن تنسب إلى إمام؛ فإن ذلك قدح في إمامته، وذلك يتضمن القدح في األمة حيث ائتمت بمن ال يصلح لإلمامة، وهذا غير

جائز، ولو فرض أنه حكي عن واحد من األئمة بعض هذه الحيل المجمع على تحريمها فإما أن تكون الحكاية باطلة، أو يكون

الحاكي لم يضبط لفظه فاشتبه عليه فتواه بنفوذها بفتواه بإباحتها مع بعد ما بينهما، ولو فرض وقوعها منه في وقت ما فال بد أن

يكون قد رجع عن ذلك وإن لم يحمل األمر على ذلك لزم القدح في اإلمام وفي جماعة المسلمين المؤتمين به، وكالهما غير

ال خالف بين األمة أنه ال يجوز اإلذن في التكلم بكلمةجائز، والكفر لغرض من األغراض، إال المكره إذا اطمأن قلبه باإليمان.

ثم إن هذا على مذهب أبي حنيفة وأصحابه أشد؛ فإنهم ال يأذنون في كلمات وأفعال دون ذلك بكثير، ويقولون: إنها كفر، حتى

81

قالوا: لو قال الكافر لرجل: " إني أريد أن أسلم " فقال له: " اصبر ساعة " فقد كفر، فكيف باألمر بإنشاء الكفر؟ وقالوا: لو

قال: " مسيجد " أو صغر لفظ المصحف كفر... الخ. فجاء هذا المسكين فوصل المنقطع، وسوى المحذوف على

طريقة أهل التسوية في التدليس، فأوهم أنه كالم واحد، وهو قد حذف هذا المقدار الكثير من كالم اإلمام، وما هذه إال من احتراف

الكذب والتزوير على أهل العلم والله المستعان. : قوله " فالحيلة بالردة على فسخ النكاحالموضع الخامس

( اقتطعها من بين سياقها فوصلها بما5/190كفر " هي في ) ذكرناه في الموضع الرابع، وهي تحت عنوان ] انقسام الحيلة

[ فنقل نصف سطر،ثم ترك190-5/188إلى األحكام الخمسة نحو ثالثة أسطر، ثم عاد للنقل وهو قوله " والتحيل بالردة على

حرمان الوارث كفر واإلفتاء بها كفر " وهي قرابة سطر، ثم ( فنقل سطرين ونصف191انتقل إلى النصف الثاني من )ص

سطر. ، وإنما الستخراج معنىوهذا التلفيق الغريب لم يكن عن عبث

في نفس الكاتب، وإال فلو كان الكالم يفيد المقصود عنده لميحتج إلى هذا التلفيق العجيب.

تقويل اإلمام ما لم يقله، وتلك صنعة الكذابين منوخالصته: قديم الزمان، وقد سبق لك ذكر نماذج من هؤالء، فليلحق هذا

الكاتب بهم، وليحفظه التاريخ على ذلك. الوجه6: ما نقله في منجية األفهام )ص المثال العشرون

الثالث من الملحوظة الثانية ( عن ابن القيم رحمه الله تعالىوهو قوله :"

و قد أسلفت في " النصائح المنجية " إجماع أهل العلم على أن اآلمر والمفتي واآلذن للكفر كافر ونقل شيخ اإلسالم ابن تيمية

لإلجماع وتصريح ابن القيم قائال: ) فالحيلة بالردة على فسخ النكاح كفر. وكذلك التحيل بالردة على حرمان الوارث كفر.

واإلفتاء بها كفر. ومن الحيل المحرمة التي يكفر من أفتى بها: تمكين المرأة ابن زوجها من نفسها لينفسخ نكاحها حيث صارت

82

موطوءة ابنه وكذلك العكس أو وطئه حماته لينفسخ نكاح(. 27امرأته ( )

قال أبو عبد الباري: هذه السطور الثالثة يظن القاري له أن ابن القيم ساقها هكذا

كما ذكر وليس كذلك، وإنما اقتطعها من بين السطور وحذف ما بينها وهذا سياقها كامال غير منقوص فلتقرأه لتعلم أمانة هذا

الرجل في النقل عن أهل العلم. (:" فالحيل190-3/189قال ابن القيم في إعالم الموقعين )

المحرمة منها ما هو كفر، ومنها ما هو كبيرة، ومنها ما هو صغيرة، وغير المحرمة منها ما هو مكروه، ومنها ما هو جائز،

فالحيلة بالردة علىومنها ما هو مستحب، ومنها ما هو واجب؛ ثم إنها ال تتأتى إال على قول من يقول بتعجيلفسخ النكاح كفر،

الفسخ بالردة، فأما من وقفه على انقضاء العدة فإنها ال يتم لها غرضها حتى تنقضي عدتها؛ فإنها متى علم بردتها قتلت إال على

قول من يقول: ال تقتل المرتدة، بل يحبسها حتى تسلم أو تموت، ،وكذلك التحيل بالردة على حرمان الوارث كفر، واإلفتاء بها كفر

وال تتم إال على قول من يرى أن مال المرتد لبيت المال، فأما على القول الراجح أنه لورثته من المسلمين فال تتم الحيلة، وهذا

القول هو الصواب. فإن ارتداده أعظم من مرض الموت المخوف، وهو في هذه

الحال قد تعلق حق الورثة بماله، فليس له أن يسقط هذا التعلق بتبرع، فهكذا المرتد بردته تعلق حق الورثة بماله إذ صار مستحقا

للقتل.]فصل الحيل التي تعد من الكبائر[:

وأما الحيل التي هي من الكبائر فمثل قتل امرأته إذا قتل حماته وله من امرأته ولد، والصواب أن هذه الحيلة ال تسقط عنه القود، وقولهم: " إنه ورث ابنه بعض دم أبيه فسقط عنه القود " ممنوع؛ فإن القود وجب عليه أوال بقتل أم المرأة، وكان لها أن تستوفيه،

ولها أن تسقطه، فلما قتلها قام وليها في هذه الحال مقامها(.5/96.98.99,190,191)( إعالم الموقعين )27

83

بالنسبة إليها وبالنسبة إلى أمها، ولو كان ابن القاتل؛ فإنه لم يدل كتاب وال سنة وال إجماع وال ميزان عادل على أن الولد ال

يستوفي القصاص من والده لغيره. وغاية ما يدل عليه الحديث أنه ال يقاد الوالد بولده، على ما فيه

من الضعف وفي حكمه من النزاع، ولم يدل على أنه ال يقاد باألجنبي إذا كان الولد هو مستحق القود، والفرق بينهما ظاهر؛ فإنه في مسألة المنع قد أقيد بابنه، وفي هذه الصورة إنما أقيد

باألجنبي، وكيف تأتي شريعة أو سياسة عادلة بوجوب القود على من قتل نفسا بغير حق فإن عاد فقتل نفسا أخرى بغير حق

وتضاعف إثمه وجرمه سقط عنه القود، بل لو قيل بتحتم قتله والبد إذا قصد هذا كان أقرب إلى العقول والقياس.

ومن الحيل المحرمة التي يكفر من أفتى بها تمكين) فصل ( حيث صارت المرأة ابن زوجها من نفسها لينفسخ نكاحها

،موطوءة ابنه، وكذا بالعكس، أو وطأه حماته لينفسخ نكاح امرأته مع أن هذه الحيلة ال تتمشى إال على قول من يرى أن حرمة المصاهرة تثبت بالزنا كما تثبت بالنكاح كما يقوله أبو حنيفة

وأحمد في المشهور من مذهبه "اهـ. فهذا النقل كامال كما ترى قد اقتطف منه على عادته بعض

الجمل المتفرقة فيه التي تحتها خط متصل ثم ساقها بعد حذفما بينها البن القيم من غير إشارة لحذف.

: نفس النقل السابق في اإلعانةالمثال الحادي والعشرون( 10له )ص

نقل الكاتب حسان هذا القول عن ابن القيم في " اإلعانة " ولم يصحح ما اقترفه من التحريف السابق بل زاده تحريفا آخر فقال

ما نصه:" : »ال خالف بين األمة أنهوقال العالمة ابن القيم رحمه الله

ال يجوز اإلذن في التكلم بكلمة الكفر لغرض من األغراض إالالمكره إذا اطمئن قلبه باإليمان.

فالحيلة بالردة على فسخ النكاح كفر، وكذلك التحيل بالردة على حرمان الوارث كفر، واإلفتاء بها كفر، ومن الحيل المحرمة التي

84

يكفر من أفتى بها: تمكين المرأة ابن زوجها من نفسها لينفسخ نكاحها حيث صارت موطوءة ابنه وكذلك العكس أو وطئه حماته

(28لينفسخ نكاح امرأته«.)قال أبو عبد الباري:

قد سبق في المثال الذي قبله تالعب الكاتب حسان بقول ابن القيم هذا، وقد اقترف جريمة أخرى فزاد في أوله ما اقتطفه من

48( فأدمجه مع النقل المذكور وبينهما 141موضع آخر هو )ص صفحة وساق ذلك كله وكأنه كالم واحد إغراقا في احتراف

التزوير والكذب. فقوله في أول النقل )»ال خالف بين األمة أنه ال يجوز اإلذن في

التكلم بكلمة الكفر لغرض من األغراض إال المكره إذا اطمئنقلبه باإليمان ( ليس من هذا الكالم.

وهذا كالم ابن القيم مع جملة مما قبله وما بعده: :" والمقصود أن هذه الحيل ال تجوزقال ابن القيم رحمه الله

أن تنسب إلى إمام؛ فإن ذلك قدح في إمامته، وذلك يتضمن القدح في األمة حيث ائتمت بمن ال يصلح لإلمامة، وهذا غير

جائز، ولو فرض أنه حكي عن واحد من األئمة بعض هذه الحيل المجمع على تحريمها فإما أن تكون الحكاية باطلة، أو يكون

الحاكي لم يضبط لفظه فاشتبه عليه فتواه بنفوذها بفتواه بإباحتها مع بعد ما بينهما، ولو فرض وقوعها منه في وقت ما فال بد أن

يكون قد رجع عن ذلك وإن لم يحمل األمر على ذلك لزم القدح في اإلمام وفي جماعة المسلمين المؤتمين به، وكالهما غير

ال خالف بين األمة أنه ال يجوز اإلذن في التكلم بكلمةجائز، والكفر لغرض من األغراض، إال المكره إذا اطمأن قلبه باإليمان.

ثم إن هذا على مذهب أبي حنيفة وأصحابه أشد؛ فإنهم ال يأذنون في كلمات وأفعال دون ذلك بكثير، ويقولون: إنها كفر، حتى

قالوا: لو قال الكافر لرجل: " إني أريد أن أسلم " فقال له: " اصبر ساعة " فقد كفر، فكيف باألمر بإنشاء الكفر؟ وقالوا: لو

قال: " مسيجد " أو صغر لفظ المصحف كفر... الخ.(.5/96.98.99,190,191)( إعالم الموقعين )28

85

فجاء هذا المسكين فاقتطع منه هذه الجملة التي تحتها الخط صفحة وأوهم أنه كالم واحد، وهو48فأدمجها مع كالم اإلمام بعد

قد حذف هذا المقدار الكثير من كالم اإلمام، وما هذه إال مناحتراف الكذب والتزوير على أهل العلم والله المستعان.

الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير )المثال الثاني والعشرون: هـ (840تـــــ

ــر نقل الكاتب حسان في جوابه للدكتور عبد الرحمن عبد الله عم ( عن ابن الــوزير في العواصــم3" اإلعانــة لطــالب اإلفــادة" )ص

والقواصم النص التالي:" وذكر ابن الوزير اليماني: أن أصحاب الحديث ال يشترطون القطع في التكفير بل يكفــرون أيضــا بالــدليل الظــني وفــرق بينهم وبينــرائط ــد كالم في شـ ــال بعـ ــيعة والمتكلمين فقـ ــة والشـ المعتزلـــيق التكفير:» وهذا الكالم الذي ذكرته في شرائط التكفير والتفس

هو على قواعد المعتزلة والشيعة وجل سائر المتكلمين «. اشــتراط القطــع في التكفــير عنــد المعتزلــةوفي موضــع آخــر:»

فـإن قيــل فمـا تقــول في من كفـر..والشـيعة وطوائـف من األمة مسلما متأوال أو مجترئا هل يكفر المكفر لقول النــبي صــلى اللــه عليه وسلم:»إذا قال المسلم ألخيه يا كافر فقــد بــاء بهــا أحــدهما «؟ قلت: أما المعتزلــة والشــيعة فتمنــع من تكفــيره ألن الحــديث

« انظــر: العواصــمظــني وإن كــان صحيحاـــ أمــا أهــل الحــديث..( " اهـ.368؛ 209، 4/182والقواصم: )

وبعد الرجوع للمواضع المشار إليها تبين أنه لفق كالم ابن الوزير على عادته في تحريف أقوال العلماء ليستخرج منها المعنى الذي

يريده، وقد نبه على ذلك الشيخ عبد الرحمن أبيض في " كشف القناع عن محل النزاع " وقد صدق في كشفه لهذا التالعب، وأنا

أنقل لك نص كالم الشيخ من كتابه ألنه وفى بالمطلوب: (:" وبالنظر في كالم ابن9قال الشيخ عبد الرحمن أبيض )ص

الزير في المواضع المشار إليه تبين ما يلي:

86

اشتراطأوال: الجملة األولى التي وضعت تحتها الخط المقطع:" "القطع في التكفير عند المعتزلة والشيعة وطوائف من األمة

وهذا تمامه(368-4/367مقطوعة من سياق كالم آخر متأخر )بنصه:"

وأما الوجه الثالث: وهو التكفير بمآل المذهب، ويسمى التكفير باإللزام، فقد ذهب إليه كثير، وأنكره المحققون، منهم: محمد بن

منصور الكوفي الشيعي العالمة، وألف في إنكاره كتابا سماه كتاب " الجملة واأللفة " وحكى اختياره عن أكابر أئمة أهل البيت

عليهم السالم وكبار المعتزلة، كما سيأتي بحروفه. ومنهم الشيخ تقي الدين في شرح " العمدة "، والرازي،

والغزالي في " التفرقة "، وغير واحد، وعليه مدار أكثر التكفير، اشتراط القطع فيوهو عندي في غايه الضعف لما تقدم من :"

وهو كذلك فيالتكفير عند المعتزلة والشيعة، وطوائف من األمة،حق من أراد القطع بالكفر".

فحذف من هذه الجملة الموضوعة تحتها الخط المقطع ما قبلهاوما بعدها وفصل بين الجار والمجرور

( فقطع جملة أخرى من سياقها، وهي210-4/209ثم جاء إلى )التي جعلت تحتها الخط المتصل،

وحذف أيضا ما بعدها ليسوق القارئ إلى الكذب الذي افتراهعلى ابن الوزير وهذا تمامها من

موضعها :"منا ثبوت إجماع ظني سكوتي في هذا الوجه الثالث: أنا لو سل

ه معارض بثبوت األخبار الصحيحة الصريحة المتواتر الموضع، فإن الله، وأن محمدا معناها القاضية بإسالم من شهد أن ال إله إال

رسول الله، وأقام الصالة، وآتى الزكاة، وحج البيت، وصام رمضان، وثبوت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يمكن معرفة أقواله بالطرق الصحيحة أولى وأرجح من

ل ما ال يمكن من اإلحاطة بأقوال األمة، وظن موافقة تخيالسكوت لمن تكلم بغير قرينة صحيحة، والله سبحانه أعلم.

87

فإن قيل: فما تقول في من كفر مسلما متأوال أو مجترئا، هل يكفر المكفر، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا قال

المسلم ألخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما "؟ قلت: أما المعتزلة والشيعة، فتمنع من تكفيره، ألن الحديث

فقد قال البخاري فيظني، وإن كان صحيحا، أما أهل الحديث، الصحيح: باب: من كفر أخاه بغير تأويل، فهو كما قال، واحتج في الباب بحديث ابن عمر وأبي هريرة المقدم، " فقد باء بها أحدهما

" وبحديث ثابت بن الضحاك " من حلف بملة غير اإلسالم كاذبافهو كما قال ".

ثم قال: باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأوال، أو جاهال، وأورده منافق، وقول النبي - صلى فيه حديث عمر في قوله لحاطب: إنالله عليه وسلم - لعمر:" وما يدريك ... " الحديث.... الخ الكالم

ولو أنه كان أمينا في النقل، ثم فسر ذلك برأيه من عنده كان أولى، لكن هذه عادة له قديمة، قد نبهها الشيخ الفاضل محمود

شيبلي في بعض رسائله كتذكرة اآلواب قبل سنتين تقريبا. ولو أنه كان أمينا طالب حق ما ترك كالم ابن الوزير الواضح في

المسألة وأنه ال بد أن يكون الدليل قطعيا كما نقلنا، ولم يعمد إلى التقطيع والبتر والتالعب بكالم العلماء، وهذا يجعل تقولهعلى مخالفيه هينا "اهـ كالم الشيخ عبد الرحمن أبيض بنصه.

قال أبو عبد الباري: خالصة ما اقترفه الناقل في النص المنقول هي أن كالم ابن

الوزير تعرض للتحريف في المبنى والمعنى:: ففي أمور هي:أما في المبنى

: فصل الناقل بين الجار والمجرور، وقد علم عند أهل العلمأوال المنع من الفصل بين المتالزمين في النقل والرواية كالجار

والمجرور، والنتعت والمنعوت ونحوهما كالمضاف والمضاف إليه،والعلة والمعلول.

: الفصل بين المبتدأ والخبر، فإن نقل في آخر الكالم، فإنهثانيا88

نقل " وأما أهل الحديث " وحذف خيره، وهو " فقد قالالبخاري ... الخ ".

157: حذف الكالم الكثير والدمج بين النقلين، وبينهما ثالثاصفحة. : التقديم والتأخير بين النقلين، حيث قدم النقل المتأخر فيرابعا

(.210-209( على النقل المتقدم عليه في )ص 368ص-367) فألنه نسب ألهل الحديث ما لم ينسبه إليهموأما في المعنى:

الحافظ ابن الوزير، وأوهم القارئ أن هذه النسبة منقولة عن ابنالوزير وليس كذلك.

: اإلمام الحافظ ابن حجرالمثال الثالث والعشرونهـ ( 852العسقالني ) تـــ

نقل الكاتب عن الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في القول( أنه قال:" 42-41الصائب )ص

وعذر حاطب ما ذكره فإنه صنع ذلك متأوال أن ال ضرر فيه.. وإنما لم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم حاطبا وال هجره ألنه قبل عذره في أنه إنما كاتب قريشا خشية على أهله وولده وأراد أن

يتخذ له عندهم يدا فعذره بذلك..فبين النبي صلى الله عليه وسلم 7/725 و8/503]فتح الباري أنه صادق في اعتذاره وأن الله عفا عنه "

.[11/50و قال أبو عبد الباري:

أول ما يالحظ على هذا النص المنقول هنا تباعد مواضعه من فتح الباري، والذي تقتضيه األمانة العلمية أنه موجود فيه هكذا بنصه ولو في الموضع األول، وقد يكون في الموضعين الثاني والثالث

بمعناه، لكن بالرجوع لكالم الحافظ تبين أن هذه مقاطع ثالثة في سياقات متباعدة، كل في مجلد، واقتطعها الكاتب من سياقاتها

ثم نسقها على هذا النحو، مع التقديم والتأخير، وهذه هيالمقاطع الثالثة مع بعض ما قبلها وبعدها ليتضح ما ذكرناه:

: قوله " وعذر حاطب ما ذكره فإنه صنع ذلكاألول المقطعمتأوال أن ال ضرر فيه ".

89

هذا المقطع األول عنده هو في المجلد الثامن في نسخته التي اعتمد عليها، وهو بعد المقطع الثاني بمجلد، وقد اقتطعه منسياق آخر، وهذا هو سياقه مع بعض ما قبله وبعض ما بعده:

قال الحافظ رحمه الله في فتح الباري:" قوله ) فقال عمر دعني يا رسول الله فأضرب عنقه ( إنما قال ذلك عمر مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب فيما اعتذر به لما كان عند عمر من القوة في الدين وبغض من

ينسب إلى النفاق وظن أن من خالف ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم استحق القتل لكنه لم يجزم بذلك فلذلك

استأذن في قتله وأطلق عليه منافقا لكونه أبطن خالف ما أظهر ، وعندوعذر حاطب ما ذكره فإنه صنع ذلك متأوال أن ال ضرر فيه

الطبري من طريق الحارث عن علي في هذه القصة فقال أليس قد شهد بدرا قال بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك قوله

فقال إنه قد شهد بدرا وما يدريك أرشد إلى علة ترك قتله بأنه شهد بدرا فكأنه قيل وهل يسقط عنه شهوده بدرا هذا الذنب

العظيم فأجاب بقوله وما يدريك إلخ قوله لعل الله عز وجل اطلععلى أهل بدر ... الخ.

فاقتطع الكاتب من هذا السياق ما تحته الخط المتصل، ووصلهبما هو متقدم عليه بمجلد، وحذف ما بينهما، فجمع بين تحريفين:

: أن وصله بما ليس بمتصل به، وأوهم القارئ أنه كالماألولواحد.

: التقديم والتأخير، فإن هذه الجملة متأخرة بمجلد علىالثانيالجملة التي بعدها. : قوله" وإنما لم يعاقب النبي صلى الله عليهالمقطع الثاني

وسلم حاطبا وال هجره ألنه قبل عذره في أنه إنما كاتب قريشا خشية على أهله وولده وأراد أن يتخذ له عندهم يدا فعذره بذلك

" هذا المقطع الثاني عنده هو في المجلد السابع في نسخته التي

اعتمد عليها، وهو قبل المقطع األول بمجلد، وقد اقتطعه منسياق آخر، وهذا هو سياقه مع بعض ما قبله وبعض ما بعده.

90

قال الحافظ في فتح الباري:" واستدل بعض المتأخرين لكونهما لم يشهدا بدرا بما وقع في

قصة حاطب وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يهجره وال عاقبه مع كونه جس عليه بل قال لعمر لما هم بقتله وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

قال وأين ذنب التخلف من ذنب الجس قلت وليس ما استدل به بواضح ألنه يقتضي أن البدري عنده إذا جنى جناية ولو كبرت ال يعاقب عليها وليس كذلك فهذا عمر مع كونه المخاطب بقصة حاطب فقد جلد قدامة بن مظعون الحد لما شرب الخمر وهو

وإنما لم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلمبدري كما تقدم حاطبا وال هجره ألنه قبل عذره في أنه إنما كاتب قريشا خشية

بخالفعلى أهله وولده وأراد أن يتخذ له عندهم يدا فعذره بذلك تخلف كعب وصاحبيه فإنهم لم يكن لهم عذر أصال والله أعلم ...

الخ. فاقتطع هذا الكاتب من هذا السياق ما تحته الخط المتصل، ثم

وصله بما تقدم، فيقال في هذا التحريف بنحو ما تقدم في المقطع الذي قبله من الوصل بما ليس بمتصل به، ومن تأخير ما

هو متقدم. : قوله " فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنهالثالث المقطع

صادق في اعتذاره وأن الله عفا عنه" هذا المقطع الثالث عنده هو في المجلد الحادي عشر في نسخته التي اعتمد عليها، وقد اقتطعه من سياق آخر، وهذا هو سياقه مع بعض ما قبله وبعض

ما بعده.قال الحافظ رحمه الله تعالى:

ويحتمل أن يكون عمر لشدته في أمر الله حمل النهي على ظاهره من منع القول السيء له ولم ير ذلك مانعا من إقامة ما

فبين النبي صلى اللهوجب عليه من العقوبة للذنب الذي ارتكبه قوله بابعليه وسلم أنه صادق في اعتذاره وأن الله عفا عنه

كيف يكتب إلى أهل الكتاب ذكر فيه طرفا من حديث أبي سفيانفي قصة هرقل وهو واضح فيما ترجم له ... الخ اهـ.

91

فاقتطع الكاتب من هذا الكالم ما تحته الخط المتصل ثم وصلهبما تقدم.

: تنبيه ما ذكره الكاتب من التلفيق متعارض، وذلك أن قوله في المقطع األول :" وعذر حاطب ما ذكره، فإنه صنع ذلك متأوال أن ال ضرر

فيه "اهـ مخالف لقوله في المقطع الثاني:" وإنما لم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم حاطبا وال هجره ألنه قبل عذره في أنه

كاتب قريشا خشية على أهله وولده واراد أن يتخذ له عندهم يدافعذره بذلك "اهـ.

ألن المقطع األول يقرر أن عذر حاطب في كونه تأول عدم الضرر بكتابته، وفي المقطع الثاني يقرر أن عذره في كتابته

خشيته على أهله وولده، وهما عذران مختلفان، أصحهما رواية الثاني، وأما األول فال يصح رواية وقد تقرر أن التأويل فرع

التصحيح والله أعلم. : اإلمام أبو العباس، شهاب الدينالمثال الرابع والعشرون

هـ(اهـ.923القسطالني ) تــ ( عن القسطالني:42نقل الكاتب في القول الصائب )ص

قال رحمه الله:" لكن عذره النبي صلى الله عليه وسلم ألنه كان متأوال أن ال ضرر فيما فعله.. وعذره النبي صلى الله عليه وسلم

.6/479 و 9/275إرشاد الساري ألنه كان متأوال إذ ال ضرر فيما فعله" قال أبو عبد الباري:

أول ما يالحظه القارئ لهذا الكالم واإلحالة أمران: : أنه تكرار وليس فيه جديد إال تغيير كلمة )أن( إلى )إذ(األول

ومثل هذا يتنزه عنه أهل العلم أن يقولوه في موضع واحد ألنه الفائدة فيه.

: تباعد اإلحالة التي تنبئ عن أن هذا ليس سياقا واحدا،الثانيوال قاله اإلمام على هذا النظم.

وبالرجوع لكالم القسطالني تبين أنه تعرض لمثل التحريف األول لكالم الحافظ ابن حجر العسقالني، وأن هذا النقل تعرض

92

للتحريف أال وهو اقتطاع الجمل من سياقات متباعدة ودمجبعضها باآلخر ليوهم القارئ أنه كالم واحد متسق.

وليتضح للقارئ ما ذكرنا ننقل الكالم مع بعض ما قبله وما بعدهمن كتاب القسطالني.

: قال القسطالني في باب غزوة الفتح" ...األول المقطع )فقال عمر( بن الخطاب على عادة شدته في دين الله )يا رسول

الله -صلى الله عليه وسلم- دعني أضرب عنق هذا المنافق( لكن عذره النبي -صلىأطلق عليه ذلك ألنه أبطن خالف ما أظهر

)فقال(الله عليه وسلم- ألنه كان متأوال أن ال ضرر فيما فعله عليه الصالة والسالم مرشدا إلى علة عدم قتله )إنه قد شهد

بدرا( وكأنه قال: وهل شهود بدر يسقط عنه هذا الذنب الكبير؟ فأجابه بقوله: )وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا؟ قال(: وألبي ذر واألصيلي وابن عساكر فقال أي مخاطبا لهم

خطاب إكرام )اعملوا ما شئتم( في المستقبل )فقد غفرت لكم( والمراد المغفرة في اآلخرة فلو صدر من أحد منهم ما يوجب

الحد مثال اقتص منه".فاقتطع منه الكاتب ما تحته الخط المتصل فقط.

: قال القسطالني في باب الجاسوس:"الثاني المقطع واستشكل إطالق عمر عليه النفاق بعد شهادته عليه الصالة

والسالم بأنه ما فعل ذلك كفرا وال ارتدادا وال رضا بالكفر بعد اإلسالم. وهذه الشهادة نافية للنفاق قطعا. وأجيب: بأنه إنما قال

ذلك لما كان عنده من القوة في الدين وبغض المنافقين وظن أن فعله هذا يوجب قتله لكنه لم يجزم بذلك فلذا استأذن في قتله

وعذره النبي -وأطلق عليه النفاق لكونه أبطن خالف ما أظهر صلى الله عليه وسلم- ألنه كان متأوال إذ ال ضرر فيما فعله.

)قال(: عليه الصالة والسالم مرشدا إلى علة ترك قتله )وإنه قد شهد بدرا( وكأنه قال: وهل أسقط عنه شهوده بدرا هذا الذنب العظيم؟ فأجاب بقوله: )وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع

على أهل بدر( الذين حضروا وقعتها واستعمل لعل استعمال عسى فأتى بأن. قال النووي ومعنى الترجي هنا راجع إلى عمر

93

ألن وقوع هذا األمر محقق عند الرسول )فقال(: تعالى مخاطبا لهم خطاب تشريف وإكرام "اعملوا ما شئتم" في المستقبل"فقد غفرت لكم" عبر عن اآلتي بالواقع مبالغة في تحققه".

فاقتطع الكاتب منه ما تحته الخط المتصل فقط.

هي مجرد تمثيل، وما في الخفاياتلك أمثلة أكثر من عشرين أكثر من هذا بكثير، وتلك سمة من رقت ديانته، وضعفت بصيرته، واتخذ التالعب بأقوال أهل العلم ديدنا وسجية، ومثل هذا ال يوثق

له بنقل ال عن األحياء وال عن األموات، وبأقل من هذا تسقطالعدالة ويثبت الكذب كما تقدم.

كلمة الختام: وقد قال أهل األدب والشعر قولهم في ذم هؤالء المحرفين ممن

ال يحسن الكتابة وأدبها، لكن يتسلق جدارها كهذا الكاتبالمحترف الذي ال يحسن الكتابة وآبها.

[:"1/76 ]ففي صبح األعشىوكذلك أولعوا بذم حمقى الكتاب ولهجوا بهجوهم في كل زمن.

فمن ذلك قول بعض المتقدمين يهجو كاتبا:كدعوى آل حرب في زيادجمار في الكتابة يدعيها ...

ولو غرقت ثيابك في المدادفدع عنك الكتابة لست منها ...[:"2/502 ]وفيه أيضا

دخيل في الكتابة يدعيها ... كدعوى آل حرب في زياديشبه ثوبه للمحو فيه ... إذا أبصرته ثوب الحداد

فدع عنك الكتابة لست منها ... ولو لطخت وجهك بالمداد[:"207-4/206 ]وفي آثار البشير اإلبراهيمي

: حملة األقالم فينا كثير، ولكن المصيب المسددأيها اإلخوان منهم قليل، وكما يحتاج السيف إلى ساعد قوي، يحتاج القلم إلى

فكر مسدد، وإن أقالمنا اليوم كالسيوف التي قال فيها األول:فهذي سيوف يا عدي بن مالك … كثير ولكن أين بالسيف ضارب

ممن يحترف هذه الحرفة بيننا اليوم ممن يصدقوإن كثيراعليهم قول الشاعر:

94

ا لدهر قد أتى بعجاب … ومحا فنون الفضل واآلداب تباب اب لو انبسطت يدي … فيهم رددتهم إلى الكت وأتى بكت

وإن منهم ألدعياء يتقحمون عرينا نامت آساده، فكأن القائلعناهم بقوله:

لقيط في الكتابة يدعيها … كدعوى آل حرب في زيادفدع عنك الكتابة لست منها … ولو لطخت ثوبك بالمداد

أيها اإلخوان: شتان ما بين السماء والسماوة، فمن السخافة في عقل العقالء أن يقال إنهما واحد ألن النسبة إلى كليهما في حكم

اللغة واحدة اهـ المراد منه. ونختم هذه المقالة بكالم العالمة بكر بن عبد الله في خاتمة كتابه

( وهذا نصها:180)ص وبعد ،،،

تم (( فهذا تصريح من غير تعريض، وتصحيح ليس فيه تمريض)) تبيانه ديانة بأمثلة معاصرة، من المحرفين في تحريفاتهم،

ي مبانيها.للنصوص في بنيتها، وللنقول ف وأن فعلتهم خيانة، تخرق حجاب األمانة، ومن هتك أمانته، جرح

ى))عدالته . (( وما خائن بمزكومن أهم األسباب الواقية من هذه الالغية:

إعمال أحكام الشريعة الغراء: .29بمنع سكنى المبتلى بين األصحاء

إلحاق أدب القضاء، في ظهر من حرف ولغا.ز العدم، وهجر منع تسويق كتب أهل األهواء، وهجرها في حي

أهلها في حيز العوام. انتهى والله الموفق.

(.37/93: )((فهرس الفتاوى)) 2995