القول املبني يف حكم االجتهاد عند األصوليني

تأليف

دياب سليم حممد عمر/ دكتور أستاذ ورئيس قسم أصول الفقه كلية الشريعة والقانون بالقاهرة

جامعة األزهر

2

:تقدميصلى اهللا –احلمد هللا رب العالني الذي أنعم علينا بنعمة اإلسالم، والصالة والسالم على سيدنا حممد

الذين كملت عقوهلم بتربيته، فتعلموا منـه ، وعلى آله وصحبه، وإمام اتهدين، سيد املتقني -عليه وسلموكيف يستنبطون حكم اهللا فيما جيد، فرضـي اهللا ، كيف يطبقون نصوص الشريعة اإلسالمية على ما يقع

وحاولوا قدر طاقتهم ، درهاوعلى األئمة اتهدين الذين بذلوا جهدهم يف استنباط األحكام من مصا، عنهم .وجود حلول ملا يعترض الناس يف حيام من مشكالت

:وبعدحيث فتح الطريق أمام العقول ، لعلماء األمة اإلسالمية حق االجتهاد -سبحانه وتعاىل -فقد شرع اهللا

.)١( )فاعتبروا يا أولي األبصار(وطالبها بالعظة واالعتبار

، ة شريعة خالدة صاحلة لكل زمان ومكان، ولتتسع ملواجهة كل مسـتحدث يسالملتكون الشريعة اإلوتعاجل بدوائها الذي تعج به صيدالنياا كل داء جديد دون حاجة السترياد هذا الدواء مـن الشـرق أو

.فدواؤها عالج ناجع لكل داء، الغرب

وميكنها من قيادة زمام احليـاة ، اومبا أن االجتهاد هو الذي يعطي الشريعة اإلسالمية خصوبتها وثراءه : إىل ما حيب اهللا ويرضى آثرت أن أكتب حبثا يف االجتهاد مسيته

)القول املبني يف حكم االجتهاد عند األصوليني( .وخامتة، وثالثة مباحث، وقد جعلته يف مقدمة

.يف عالقة االجتهاد بعلم أصول الفقه: املقدمة

.وأركانه، وشروطهيف تعريف االجتهاد، : املبحث األول

.يف االجتهاد من حيث حكمه التكليفي: املبحث الثاين

.يف االجتهاد من حيث التخطئة والتصويب: املبحث الثالث

.يف احلاجة إىل االجتهاد يف هذا العصر: اخلامتة

.ريأن ميدين مبدد من عنده، وأن يهدين سواء السبيل إنه نعم املوىل ونعم النص -جل عاله –أسأل املوىل

.املؤلف

.من سورة احلشر ٢جزء من اآلية رقم ) ١(

3

املقدمة عالقة االجتهاد بعلم أصول الفقه

:إن لكلمة أصول الفقه نظرتني

وهي من ) أصول الفقه(قبل جعل هذه الكلمة علما على هذا الفن املخصوص املسمى بعلم :إحدامها .هذه اجلهة تعترب مركبا إضافيا يدل جزؤه على جزء معناه

وهي من ) أصول الفقه(على هذا الفن املخصوص املسمى بعلم بعد جعل هذه الكلمة علما :وثانيهماال يدل جزؤه على جزء معناه، فالذي يدل على املعىن املقصود هـو جممـوع ، هذه اجلهة تعترب لفظا مفردا

.)١(هاتني الكلمتني

جامع ملباحث ومل يكتف األصوليون باملعىن اإلضايف، بل نقلوه إىل املعىن اللقيب؛ ألن املعىن اإلضايف غري .أصول الفقه، حيث إنه يشمل األدلة فقط، ومباحث هذا الفن األدلة، والترجيح، واالجتهاد

القواعد والبحوث «: واألصوليون عرفوا أصول الفقه باعتباره علما ولقبا بالذاتيات فقط، فعرفوه بأنه .»اليت يتوصل ا إىل استنباط األحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية

إدراك القواعد والبحوث اليت يتوصل ا إىل استنباط األحكـام «: بالذات مع الفائدة، فعرفوه بأنه أو .»الشرعية من أدلتها التفصيلية

معرفة دالئل الفقه إمجاال، وكيفيـة االسـتفادة منـها، وحـال «: وقد عرفه القاضي البيضاوي بأنه .)٢(»املستفيد

جاءا من ناحية أن العلم كمـا –أو بالذاتيات مع الفائدة ، فقط تعريفه بالذاتيات –وهذان االجتاهان من خالل تعريف أصول الفقه مبعناه للقيب نتـبني )٣(يطلق على إدراك الشيء، يطلق أيضا على نفس املدرك

تنحصر يف األدلة، وكيفية -كما عرفنا -الصلة الوثيقة بني االجتهاد وعلم أصول الفقه، فمباحث هذا الفن .ادة من هذه األدلة، وحال املستفيد منها، وهو اتهداالستف

إن األصويل ينظر يف وجوه داللة األدلة السمعية على األحكام الشرعية، ومن مث فإنـه «: يقول الغزايليكون غري خاف أن املقصود معرفة كيفية اقتباس األحكام من األدلة، فوجب النظر يف األحكام، مث يف األدلة

يف كيفية اقتباس األحكام من األدلة، مث يف صفات املقتبس الذي له أن يقتبس األحكام، فإن وأقسامها، مثواملستثمر ، وطريق يف االستثمار، األحكام مثرات، وكل مثرة هلا صفة وحقيقة يف نفسها، وهلا مثمر ومستثمر

:ى أربعة أقطابهو اتهد، والبد من معرفة صفاته وشروطه وأحكامه، فإذا مجلة األصول تدور عل

لعـة الشـمس للمسـاملي ، وشرح ط٣:، وإرشاد الفحول للشوكاين ص٤٤:، ص١شرح الكوكب املنري للفتوحي ج) ١( .٩- ٨:سالم مدكور ص/ ، ومباحث احلكم للدكتور٢١:ص ١اإلباضي ج

.٥:ص ١منهاج الوصول للبيضاوي بشرح اية السؤل لإلسنوي ج) ٢( .٨ - ٧:سالم مدكور ص/ ، ومباحث احلكم للدكتور٢١:أصول الفقه للشيخ زكريا الربديسي ص) ٣(

4

.يف األحكام :القطب األول

.يف األدلة :والقطب الثاين

.يف طريق االستثمار :والقطب الثالث

.)١(»يف املستثمر وهو اجلتهد الذي حيكم بظنه :والقطب رابع

.بتصرف ٨-٧:ص ١املستصفى للغزايل ج ) ١(

5

املبحث األول تعريف االجتهاد وأركانه وشروطه

:وفيه ثالثة مطالب املطلب األول

تعريف االجتهاد : متهيد

فكلتا هاتني الكلمتني مشتق من مادة » االجتهاد واجلهاد«: مثة كلمتني اشتقتا من مادة واحدة مها إنوإن كال من االجتهاد واجلهاد مكمل لآلخر وخادم له، فاالجتهاد من اجلهاد العلمي، واجلهاد من ) جهد(

.االجتهاد العملي

السلوك، ومثرات االجتهاد تكون هبـاء إذ مل فاالجتهاد ميدانه الفكر والنظر، واجلهاد ميدانه العمل ويكن هناك من يستطيع تنفيذها من أهل القوة، كما أن مكاسب اجلهاد ميكن أن تضيع إذا مل جتد من أهـل

.العلم من يضيء هلا الطريق

.بعد هذا التمهيد الذي اقتضه املناسبة بني االجتهاد واجلهاد، أعود لتعريف االجتهاد لغة واصطالحا

:تعريف االجتهاد لغة: أوال

-الفتح والضم –، وقرئ ما )١(االفتعال من اجلهد بفتح اجليم، وبضمها مبعىن الطاقة: إن االجتهاد لغةاجلهـد «: »خمتار الصحاح«ويف )٢()....والذين ال يجدون إال جهدهم....(: سبحانه وتعاىل -قول اهللا

:أي ؛ته وأجهدها إذا محل عليها يف السري فوق طاقتها، وجهد الرجل يف كذاجهد داب: بالفتح املشقة، يقالوجاهد يف سـبيل اهللا جماهـدة ،جد فيه وبالغ، وجهد الرجل على ما مل يسم فاعله فهو جمهود من املشقة

.)٣(»بذل الوسع واهود: وجهادا، واالجتهاد

مها لغتان يف : الوسع والطاقة، وقيل: غاية، وبالضماملبالغة وال :املشقة، وقيل: اجلهد بفتح اجليم«: وقيل .)٤(»الوسع والطاقة

اجتهد يف محل : االجتهاد يف اللغة حتمل اجلهد، وهو املشقة يف األمر، يقال«: »حاشية التفتازاين«ويف .)٥(»جنةاجتهد يف محل النار: حجر البزارة وال يقال

.١١٤:، وخمتار الصحاح ص١٣٠:ص ٢لسان العرب البن منظور ج ) ١( .٧٩: سورة التوبة من اآلية) ٢( .١١٤:خمتار الصحاح ص) ٣( .٣٨٦:ص ١القاموس احمليط ج ) ٤( .٢٨٩:ص ٢حاشية السعد للتفتازاين على خمتصر ابن احلاجب ج ) ٥(

6

عبارة عن استفراغ الوسع يف حتصيل الشيء، وال : االجتهاد يف اللغة«: لإلسنوي »لاية السؤ«ويف اجتهـدت يف محـل «: وال تقول »اجتهدت يف محل الصخرة«: يستعمل إال فيما فيه كلفة ومشقة، تقول

.)١(»وهو مأخوذ من اجلهد بفتح اجليم وضمها، وهو الطاقة »النواة

وهو بذل ،تدل على االجتهاداضع ثالثة كلها ورد يف القرآن الكرمي يف مو قد) جهد(إن لفظ «: أقول .)٣( )وأقسموا باهللا جهد أيمانهم (: قال اهللا تعاىل )٢(الوسع والطاقة، واملبالغة يف اليمني

:تعريف االجتهاد اصطالحا: ثانيا :هناك اجتاهات لتعريف االجتهاد عند األصوليني، ميكن حصرها يف ثالثة

:االجتاه األولأو كـان يف احلكـم ) غري شـرعي وأشرعي ( التعريف، سواء أكان ذلك يف احلكم يرى التعميم يف

).اعتقادي وأخالقي وعملي(الشرعي

هو بذل الوسع يف بلـوغ «: تعريف إمام احلرمني، حيث عرف االجتهاد بقوله: جتاهومن أمثلة هذا اال . )٤(»الغرض املقصود من العلم ليحصل له

:االجتاه الثاينسواء أكانت ) األحكام العملية واالعتقادية(لكن التعميم يف احلكم الشرعي فقط ،أيضايرى التعميم

.ظنية أم قطعية

سعه يف طلب بذل اتهد و«: حيث عرف االجتهاد بأنه: لغزايلتعريف اإلمام ا: ومن أمثلة هذا االجتاه .)٥( »العلم بأحكام الشريعة

:االجتاه الثالثتعريف االجتهاد على حتصيل األحكام الشرعية فقط كما أنـه جعـل يرى أصحاب هذا االجتاه قصر

.قيدا يف التعريف، وهذا االجتاه لكثري من األصوليني )٦(الظن

:ومن أمثلة هذا االجتاه

.٢٦١:ص ٣اية السؤل ج ) ١(ناديـة / ، واالجتهاد يف الشريعة اإلسالمية للدكتورة١٦١:ص ٣وفتح القدير للشوكاين ج ، ٣٥٦:تفسري البيضاوي ص) ٢(

.١٨:شريف العمري ص .٤٢من اآلية : ، وفاطر٥٣من اآلية : ، والنور٣٨من اآلية : النحل) ٣( .٢٦٢ -٢٦٠:الورقات إلمام احلرمني امش إرشاد الفحول للشوكاين ص) ٤( .٣٥٠:ص ٢املستصفى ج ) ٥( .قيدا يف التعريف خيرج االجتهاد يف القطعيات» الظن«جعل ) ٦(

7

وقد تابعـه يف هـذا »ه الوسع لتحصيل ظن حبكم شرعيياستفراغ الفق«: تعريف ابن احلاجب -١ .)١(التعريف كل من العضد والسعد

وقد تابعه يف هـذا التعريـف »ظن حبكماستفراغ الفقيه الوسع لتحصيل «: عريف ابن السبكيت -٢ .)٢(احمللى

. )٣(»إنه بذل الطاقة من الفقيه يف حتصيل حكم ظين شرعي«: تعريف حمب اهللا بن عبد الشكور -٣

:اخلالصةحيث إنـه ،سا للبحثإن االجتاه الثالث هو الذي نرتضيه أسا«: من خالل ما تقدم نستطيع أن نقول

قصر تعريف االجتهاد على االجتهاد يف األحكام الشرعية العملية الظنية، ومن مث دل على املقصود بالذات، .والتعريفات توجه دائما إىل املقصود من البحث عنه يف العلم

حيس هو بذل الطاقة من الفقيه يف حتصيل حكم ظين شرعي عملي على وجه «: ومن مث يكون االجتهاد .»عن املزيد عليه زمن النفس العج

:ومن خالل هذا التعريف يتضح لنا ما يأيت

إن إصدار األحكام الشرعية العملية دون بذل طاقة واستفراغ وسع يف البحث والتنقيب عن األدلة -١ .دلة للوصول إىل احلكم الشرعي ال يطلق على هذا اسم االجتهادوإمعان النظر يف هذه األ، الشرعية

بـل ،ن بذل اجلهد إذا كان صادرا عن تقليد تهد دون النظر يف األدلة، فهذا ال يسمى اجتهاداإ -٢ .يسمى تقليدا

ألنه فاقد امللكة املؤهلة للنظـر لفقيه ال يطلق عليه اسم االجتهاد؛ن بذل الطاقة واجلهد من غري اإ -٣ .الصحيح

غري شرعي، أو حكم شرعي اعتقادي ال يسمى ن بذل الفقيه للطاقة واجلهد للوصول إىل حكمـ إ٤ .اجتهادا فقهيا

حقيقة، وإن كنا نطلق عليه اسم االجتهاد جلهد يف األدلة القطعية ال يعترب اجتهاداان بذل الطاقة وـ إ٥ .فهو اجتهاد حمرم، حيث إنه ال اجتهاد مع نص قاطع أو إمجاع ،من حيث الصورة

.١١٧:ص ٢، والتلويح للتفتازاين ج ٢٩٠-٢٨٩:ص ٢وحاشية السعد ج، وشرح العضد، خمتصر املنتهى) ١( .٣١٠- ٣٠٩:ص ٢وشرح احمللى عليه ج ، مجع اجلوامع) ٢( .٣٦٢:ص ٢مسلم الثبوت ج ) ٣(

8

املطلب الثاين داالجتها )١(أركان

.االجتهاد، واتهد، واتهد فيه: إن لالجتهاد أركانا ثالثة

:االجتهاد: الركن األول .واتهد فيه، واتهد، نفس االجتهاد: وأركان االجتهاد ثالثة«: يقول الغزايل

فـاملراد . )٢( ..وهو نفس االجتهاد، فهو عبارة عن بذل اهود واستفراغ الوسـع : ما الركن األولفأوهو احلدث املدلول عليه يف التعريف ببذل الطاقة، أو بذل اهـود )٣(هو املعىن املصدري: جتهاد هنااالب

. ، فالركن شيء واحلقيقة شيء آخر)٤(واستفراغ الوسع، وليس املقصود باالجتهاد املعىن احلاصل باملصدر

:اتهد: الركن الثاينهو الفقيه الباذل طاقته يف :أي )٥( درك األحكام الشرعيةهو الفقيه املستفرغ وسعه يف: واملراد باتهد

.استنباطه األحكام الشرعية من أدلتها

:اتهد فيه: الركن الثالث . )٦(»واتهد فيه كل حكم شرعي ليس فيه دليل قطعي«: يقول الغزايل

. )٧(»فما كان من األحكام الشرعية دليله ظين ،وأما ما فيه االجتهاد«: ويقول اآلمدي

. )٨(»يه دليللهو كل حكم ظين شرعي ع«: ويقول العضد

كل حكم شرعي :من خالل هذه التعريفات وغريها للمجتهد فيه يتضح لنا أن اتهد فيه هو«: أقول :ومن مث ال اجتهاد يف »يف القطعياتفرعي دليله ظين، حيث إنه ال اجتهاد

.النصوص القطعية من حيث الثبوت والداللة -١

.)٩(ع الصريح املنقول إلينا بطرق التواتراإلمجا -٢

خمتـار ، إىل عزة ومنعة: فركن الشيء جانبه األقوى، وهو يأوي إىل ركن شديد؛ أياجلانب األقوى، : الركن يف اللغة) ١(أركان الشيء أجزاؤه يف الوجود اليت ال حيصـل : ويف االصطالح. ٩٩:، والتعريفات للجرجاين ص٢٥٥:الصحاح ص

.٢٠٨:ص ٣إال حبصوهلا داخلة يف حقيقته حمققة هلويته، شرح العضد على خمتصر املنتهى ج .٣٥٠:ص ٢ستصفى ج امل) ٢( .هو نفس احلدث الذي يقوم بنفس املتكلم، فيعرب عنه بالعبارة الدالة عليه: املعىن املصدري) ٣( .نفس العبارات اليت تصدر أثرا لقيام املعىن بنفس املتكلم: املعىن احلاصل باملصدر) ٤( .٢٦٢:ص ٣اية السؤل لإلسنوي ج ) ٥( .٣٥٤:ص ٢املستصفى ج ) ٦( .١٦٤:ص ٤حكام لآلمدي ج اإل) ٧( .٢٨٩:ص ٢شرح العضد على خمتصر املنتهى البن احلاجب ج ) ٨( .٣٠:ص ١، وسلم الوصول للمطيعي ج ١٦٤:ص ٤اإلحكام لآلمدي ج ) ٩(

9

:ا تتلخص فيما يأيتإأما األدلة اليت جيوز فيها االجتهاد ف

.ما كان من النصوص ظين الثبوت قطعي الداللة -١

.ما كان من النصوص قطعي الثبوت ظين الداللة -٢

.ما كان من النصوص ظين الثبوت ظين الداللة -٣

.ال إمجاع فيه وما ،أو سنة ،ما ال نص فيه من كتاب -٤

قطعـي :أي طعي؛نه ال جمال لالجتهاد يف كل ما ورد فيه نص واضح صريح وقيتضح لنا مما تقدم أصـلى اهللا عليـه –أو عن رسوله -سبحانه وتعاىل –الداللة والورود، فكل ما هو ثابت صدوره عن اهللا

ال جمال لالجتهاد يف إلطالق، إذا داللته ليس موضع حبث واجتهاد علىواضح يف ) السنة املواترة( -وسلم :ومما ال جمال لالجتهاد فيه أيضا ،ا أنه ال جمال لالجتهاد يف معناهكم ،مورد النص

أما ما فيه جمال لالجتهاد فهو النص الغري قطعي، وما ال نص فيه ، ع الصريح املنقول إلينا بالتواتراإلمجا .)١(أصال

/ وأصول الفقه اإلسـالمي للـدكتور ، ٢٣٦ص ٢والتلويح ج ، ٢٦٠: ص ٢، وج ١٠٥٢:ص ٢أعالم املوقعني ج ) ١(

.وما بعدها ٤٦٢:وما بعدها، وأصول الفقه للشيخ زكريا الربديسي ص ١٠٥٢ص ٢وهبة الزحيلي ج

10

املطلب الثالث االجتهاد )١(شروط

اك شروطا ينبغي توفرها يف اتهد ليكون االجتهاد صحيحا، وحيقق الغاية املرجوة منه، وأهـم إن هن :هذه الشروط يتمثل فيما يأيت

:سالمة االعتقاد :الشرط األولاالستنباط مثة اتفاق بني العلماء على وجوب كون اتهد بالغا عاقال حىت يتمكن من فهم النصوص و

–كما اشترط كثري من األصوليني أن يكون اتهد مسلما، حيث إن االجتهاد ،حيحمنها على الوجه الص .عبادة، واإلسالم شرط يف صحة العبادة -يف نظرهم

جيوز يف االستدالل بناء النتـائج علـى «: وقد أجاز النظام وقوع االجتهاد من غري املسلم، حيث قال .)٢(»سنة على افتراض صحتهمامقدمات فرضية، فال مانع أن يستدل من الكتاب وال

:أن يكون عاملا بلسان العرب :الشرط الثاينليتيسر له فهم خطاب العرب حيث إن ؛من الشروط املتفق عليها يف اتهد ضرورة علمه باللغة العربية

ا فلكي يستنبط اسـتنباط ،القرآن الكرمي قد نزل بلسان عريب مبني، كما أن السنة قد نطق ا رسول عريبوهذا يدلنا على مدى االرتباط الوثيق بني اإلسالم والعربية، فالعربية )٣(صحيحا البد من معرفة اللغة العربية

.ا بغري تذوق اللغة العربيةا صحيحوليس مثة من سبيل إىل فهم اإلسالم فهم ،سالم ووعاء ثقافتهلسان اإل :العلم بالقرآن الكرمي :الشرط الثالثته بالقدر الذي تتعلق به ن يكون عاملا بالقرآن الكرمي، ومعىن علمه بالقرآن الكرمي، معرفأالبد يف اتهد

العلم بأسباب الرتول، والعلم بالناسخ واملنسوخ منه حىت ال : ومما يدخل يف العلم بالقرآن الكرمي ،األحكام . )٤(وغري معمول ا ،وهي يف الواقع منسوخة ،يستدل بآية على حكم

:العلم بالسنة: رابعالشرط الأن يكون عارفا لألحاديث اليت تتعلق ا األحكام، وأن : العلم بالسنة، ومعناه: من الشروط املتفق عليها

يكون عاملا مبا يتضمنه علم مصطلح احلديث، وعارفا بالناسخ واملنسوخ، وكذلك معرفـة أسـباب ورود . )٥(احلديث

.عالماا: العالمة، ومن ذلك أشراط الساعة؛ أي: الشرط يف اللغة) ١(

والتعريفـات . ٣٣٤:خمتار الصـحاح ص . ما يلزم من عدمه العدم، وال يلزم من وجوده وجود وال عدم لذاته: واصطالحا .٤٥٢:ص ١ب املنري للفتوحي ج ، وشرح الكوك١١١:للجرجاين ص

٤، واملوافقات للشـاطيب ج ٢٣٤:ص ٢، والتلويح ج ٣٥٠:ص ٢، واملستصفى ج ٢٠٥:ص ٣اإلحكام لآلمدي ج ) ٢( .٦٩:ص

ومـا بعـدها، ١٨٠:ص ٤، وتيسري التحرمي ج ١٣٣٤:ص ٢، والربهان لإلمام احلرمني ج ٣٥١:ص ٢املستصفى ج ) ٣( .٣٢:يوسف القرضاوي ص/ لدكتورواالجتهاد يف الشريعة اإلسالمية ل

.٨٢٤:، وشروح املنار ص٢٠٥:ص ٣املرجع السابق، واإلحكام لآلمدي ج ) ٤(يوسـف / ، واالجتهاد يف الشريعة اإلسالمية للدكتور٢٥١:، وإرشاد الفحول للشوكاين ص٣٥٢:ص ٢املستصفى ج ) ٥(

.وما بعدها ٢٦:القرضاوي ص

11

:العلم مبواضع اإلمجاع :الشرط اخلامس

خبالف ما أمجع عليه، فيكون خارقا لإلمجاع حىت ال يفيت، اشترط يف اتهد علمه باملسائل امع عليها . )١(باجتهاده

:العلم بأصول الفقه :الشرط السادس

ألن هذا العلم جيعل اتهد يقف على أرض صلبة، حيـث للمجتهد من معرفة علم أصول الفقه؛البد .ل، والتمكن من االستنباطيعطيه القدرة على االستدال

.)٢(»احلديث، واللغة، وأصول الفقه: م علوم االجتهاد ثالثة فنونإن أعظ«: يقول الغزايل

:العلم مبقاصد الشريعة: الشرط السابع

مقاصد الشريعة اليت جاءت لرعاية مصاحل الناس، فالعلم : من الشروط اليت ينبغي على اتهد معرفتهااية األمهية، فقد جعله الشاطيب سببا لالجتهاد ال جمرد شرط له، حيث جعل درجـة مبقاصد الشريعة يف غ

:االجتهاد ملن اتصف بوصفني

.فهم مقاصد الشريعة على كماهلا :أحدمها

.التمكن من االستنباط بناء على فهمه فيها :وثانيهما

. )٣(لثاين وسيلةألن األول هو املقصود، وا اطيب الوصف الثاين كاخلادم لألول؛وقد جعل الش

.هذه هي أهم الشروط املتفق عليها بني العلماء، بيد أنه ال خيفى أن مثة شروطا أخرى اختلف فيها

.معرفة علم الفقه، ومعرفة علم التوحيد: ومن أمثلة ذلك

.٢٢٦:ص ٤، واألصول الفقه للشيخ زهري ج ٢٠٥:ص ٣ي ج ، واإلحكام لآلمد٣٥١:ص ٢املستصفى ج ) ١( .٣٥٣:ص ٢املستصفى ج ) ٢( .٦٧:ص ٤املوافقات للشاطيب ج ) ٣(

12

املبحث الثاين االجتهاد من حيث حكمه التكليفي

: متهيد

)١()فاعتبروا يا أولي األبصار(: ر واالعتبار، قال تعاىلملا كان اإلسالم دين العقل الذي حيض على النظمتناهية والوقائع غري متناهية، )٢(ا لكل زمان وكان، وملا كانت النصوصاحلوملا كان اإلسالم جاء ليكون ص

تصور ذلك واملتناهي ال يفي بغري املتناهي، وملا مل يرد يف الشريعة اإلسالمية نص حبك كل حادثة، حيث ال ي .امت احلوادث تترى والزمان يتجددما د

كـل ن الشريعة اإلسالمية حتمل يف طياا طبيعة االستجابة ملتطلبات واحتياجات كل عصر وومعلوم أ .م مع أصول اإلسالم وغاياتهومن مث البد وأن يكون هلا رأي يف كل واقعة ينسج ،جمتمع

كون لكل واقعة حكم معني، لكنه واجب كفائي مبعىن علمنا أن االجتهاد يف اإلسالم أمر واجب حىت يمل و ،أنه إذا اشتغل يف حتصيله إنسان واحد سقط هذا الواجب عن اجلميع، أما إذا قصر يف حتصيله اجلميـع

.يشتغل به أحد أمث اجلميع بتركه

ينوب ن االجتهاد فيماإ«: »رسالةال«بـ يف كتاب املوسوم -رضي اهللا عنه –يقرر اإلمام الشافعي إذا قام به الـبعض ،شأنه شأن اجلهاد وغريه من فروض الكفاية ،لعباد من فروع الفرائض فرض كفايةعن ا

نه درجة عالية يسع العامة أن جيهلوه، ومساه علم اخلاصة؛ أل »اسقط اإلمث عن الباقني، وإذا تركوه أمثوا مجيع . )٣(لكر اإلمجاع إىل عصره على ذروال يسع الفقهاء أن يهملوه، وق

ما مـن على الكفاية هذا من حيث اجلملة، أإن االجتهاد واجب «: بعد هذا التمهيد نستطيع أن نقوله فإن االجتهاد من حيث احلكم التكليفي الذي يتعلق به ينقسم إىل مخسة أقسام حسبما قرر ،حيث التفصيل

»علماء األصول، بياا فيما يلي

.٢من اآلية : احلشر) ١( .ونصوص السنة النبوية املطهرة، نصوص القرآن الكرمي: املقصود بالنصوص) ٢( .معزوا للمرجع السابق ١٥٥:أمحد محام ص/ للدكتور وما بعدها، ومباحث االجتهاد عند األصوليني ٣٥٧:الرسالة ص) ٣(

13

:القسم األول نيااجتهاد واجب وجوبا عي

:وينحصر هذا االجتهاد يف حالتني :احلالة األوىل

.إذا نزلت باتهد حادثة، وال يدري حكم اهللا فيها، فرض عليه أن جيتهد فيها ليصل إىل حكمها :احلالة الثانية

.وليس هناك من يفيت فيها غريه ،إذا نزلت بغري اتهد نازلةن ا على الفور إذا خاف فوت احلادثة؛ ألمبا عينيا عليه، إهاد واجبا وجوففي هاتني احلالتني يكون االجت

ا يؤدي إىل تأخري البيان عن وقت احلاجة، وتأخري البيان عن وقت احلاجة ممعدم االجتهاد فور انوع شـرع، .)١(فيكون االجتهاد واجبا عليه على التراخي ،أما إذا مل يكن هناك خوف الفوات

م الثاينالقس با كفائيااجتهاد واجب وجو

ويتمثل هذا يف حالة تعدد اتهدين الذين ميكن أن يرجع إليهم يف حكم النازلة، فإذا نزلت بفرد مـن فإذا أفىت )٢(األفراد حادثة، وسأل أحد العلماء عن حكمها كانت اإلجابة فرض كفاية على مجيع اتهدين

.ا أمثوا بترك االجتهاديبوا مجيعحلصول املقصود ا، وإن مل جي ؛واحد منهم برئت ذمة اجلميعومثة حالة أخرى يكون االجتهاد فيها فرض كفاية تتمثل فيما إذا تردد احلكم بني قاضيني مشتركني يف

. )٣(ما، فأيهما تفرد باحلكم سقط الفرضهالنطق باحلكم، فيكون فرض االجتهاد مشتركا بين القسم الثالث اجتهاد مندوب

لفقيه يف الوقائع اليت مل تقع، فيعرف احلكم قبل وقوعهـا، حـىت إذا وقعـت ويتمثل هذا يف اجتهاد اتهدين وجدت احلكم حاضرا فيما إذا استفىت أحد ايف حادثة مل تقعا، كما يتمثل االجتهاد املندوب أيض

. )٤(بعد، فيصدر اتهد حكمه فيها قبل نزوهلا

٤ومـا بعـدها، وتيسـري التحريـر ج ١١٣٤:ص ٤، وكشف األسرار للبخاري ١٤٠:ص ٣اإلحكام لآلمدي ج ) ١(

، ٤٦٠:، وأصول الفقه للربديسـي ص ٣٧٤:، وفصول األصول للسيايب ص٣٦٤:ص ٢، ومسلم الثبوت ج ١٧٩:ص .٢٢٧:ص ٤وأصول الفقه للشيخ زهري ج

.١١٣٤:ص ٤أخص اتهدين بالوجوب من سئل عن حكم النازلة، كشف األسرار للبخاري ج ) ٢(، وفصول األصول ٣٦٤/ ص ٢، ومسلم الثبوت ج ١٧٩:ص ٤، وتيسري التحرير ج ١٤٠:ص ٣اإلحكام لآلمدي ج ) ٣(

.٢٢٧:ص ٤، وأصول الشيخ زهري ج ٤٦٠:، وأصول الربديسي ص٣٧٤:للسيايب ص، وأصـول الفقـه ١١٣٥:ص ٤، وكشف األسرار للبخاري على أصول البـزدوي ج ١٨٠:ص ٤حرير ج تيسري الت) ٤(

.معزوا للمرجع السابق ٤٦١، ٤٦٠:للربديسي ص

14

القسم الرابع اجتهاد مكروه

ورائها، فهذا العادة بوقوعها، وليست مثة مثرة من املسائل االفتراضية اليت مل جترويتمثل يف االجتهاد يفوالذم لفاعله فيمـا رواه ،تغال مبا ال فائدة فيه، وقد ورد النهي عن مثل هذااجتهاد مكروه شرعا؛ ألنه اش

.)١(وطاتلغى عن األ -صلى اهللا عليه وسلم –معاوية أن النيب القسم اخلامس

اد حمرماجته .نة، أو كان يف مقابلة إمجاعمن نص كتاب أو س )٢(وهو ما يكون يف مقابلة دليل قاطع

ا وإمن ،مجاعوهذا يف احلقيقة ليس باجتهاد، وإن كان يف صورة االجتهاد، فال اجتهاد مع نص قاطع أو إ .)٣(احلكم فقد أرادوا بالتقسيم مطلق بذل الطاقة يف استخراج ،ذكره األصوليون من باب التتميم

الفقيه واملتفقـه . يعين كثرة اادلة فيما ال جدوى منه، وال مثة من ورائه: ما حيتاج إليه من كيف وكيف: األغلوطات) ١(

، ومباحث االجتهاد ٣٦٤:ص ٢، ومسلم الثبوت ج ٢٢٣:ص ٤، وأعالم املوقعني ج١١:ص ٧للخطيب البغدادي ج .معزوا للمرجع السابق ١٥٩ – ١٥٨:أمحد محام ص/ عند األصوليني للدكتور

.قاطع من حيث الثبوت وقاطع من حيث الداللة) ٢(، والتقرير والتحبري ١٨٠:ص ٤، وتيسري التحرير ج ٢٢٣:، وإرشاد الفحول ص١٤:ص ٤كشف األسرار للبخاري ج ) ٣(

، وعلـم ٢٢٧:ص ٤، وأصول الفقه للشيخ زهـري ج ٣٠٣:ص ٢، وشرح طلعة الشمس للساملي ج ٢٩٢:ص ٣ج .١٦٠:أصول الفقه للشيخ خالف ص

15

املبحث الثالث حكم االجتهاد من حيث التخطئة والتصويب

:متهيدحكم االجتـهاد يف :أي يف االجتهاد الفقهي فقط؛ -ون اهللابع –إن الكالم يف هذا املبحث سيكون

، حيث إن حمل هـذا )٢(صوابا وخطأ، ولن نتعرض حلكم االجتهاد يف أصول االعتقاد )١(الشرعيات الفرعية .كالمعلم ال

،تهاد يف الشرعيات الفرعية الظنيةإن مثة اتفاقا بني العلماء على جواز االج«: -وباهللا التوفيق –فأقول أو أن املصيب يف االجتهاديات واحد فقط ومن ،هل كل جمتهد مصيب: ولكن بعد اتفاقهم هذا، اختلفوا يف

.»عداه خمطئ؟ :منشأ اخلالف

ألة حكم معني قبل اجتهاد اتهد؟يف كل مس -سبحانه وتعاىل –هللا هل : ومبعثه هوإن منشأ اخلالف .أو ليس هللا تعاىل فيها حكم معني قبل اجتهاد اتهد وإمنا حكمه فيها ما وصل إليه اتهد يف اجتهاده؟

ق واحد، وأن اتهـد حكما معينا قبل االجتهاد ذهب إىل إن احل -سبحانه وتعاىل –هللا فمن رأى أن اتهد ذهب إىل تصويب كـل اتهـدين، دنه ليس هللا حكم معني قبل اجتهاومن رأى أ، صيبخيطئ وي

.يف املسألة اليت كلف به فيها -سبحانه وتعاىل - حيث إن ما وصل إليه اتهد باجتهاده هو حكم اهللا :ومن مث يتضح لنا أن هناك فريقني من العلماء

.)٣(بتصويب كل اتهدين ا يقولفريق .)٤(»ومن عداه خمطئ ،ليس كل جمتهد مصيبا، فاملصيب واحد فقط«: ا يقوليقروف

األحكام الشرعية الفرعية اليت تكون غري قطعية؛ ألن األحكام الفقهية القطعية، كوجوب الصالة، وحتـرمي : املقصود ذا) ١(

فاحلق فيها واحد، واالجتهاد فيها غري جائز، حيث إا أصبحت معلومة ، ، وما إىل ذلك مما علم من دين اهللا قطعياالزنا .من الدين بالضرورة، ومن مث يكون املخطئ فيها آمثا، ويكون منكرها كافرا

املخطئة، ومن عداه خمطئ، واملخطـئ احلكم األصلي االعتقادي املصيب فيه واحد عند مجهور العلماء باتفاق املصوبة و) ٢(وال يقدح اختالفهما يف إمجاع األمة املعصـومة ، آمث، وقد نقل اإلمجاع على ذلك، وال يعتد خبالف اجلاحظ والعنربي

، وكشف ٣٧٢:ص ٢، واملستصفى ج ١٣١٦:ص ٢الربهان إلمام احلرمني ج: راجع ما تقدم بالتفصيل يف. عن اخلطأ، وفصـول األصـول ٨٢٦:، وشرح املنار البن ملك ص٢٢٧:، وإرشاد الفحول ص١٦:ص ٤األسرار للبخاري ج

.وما بعدها، وغري ذلك من املراجع األصولية ٢٨٤:ص ٢فيما بعدها، وشرح طلعة الشمس ج ٣٨٠:للسيايب صـ : من القائلني ذا) ٣( ري، واإلباضـية القاضي أبو بكر الباقالين، وأبو علي اجلبائي وابنه أبو هاشم، وأبو احلسـني البص

.العمانيون إال ابن بركة، وكذلك مذهب أيب يعقوب اإلباضي املغريب، وفصول األصول ٣٨٠:ص ٣، ومسلم الثبوت ج ٣٧٢:ص ٢، واملستصفى ج ٩٦٠:ص ٢املعتمد أليب احلسني البصري ج

.وغري ذلك من املراجع. ٢٧٩:ص ٢، وشرح طلعة الشمس ج ٣٧٠:للسيايب صاألئمة األربعة، كما ذهـب إىل ذلـك اآلمـدي، : مجهور األصوليني من أهل السنة واجلماعة، منهم: من القائلني ذا) ٤(

واإلمام فخر الدين الرازي، والقاضي البيضاوي، وفخر اإلسالم البزدوي، وإباضية املغرب، وابن بركة من أهل عمان، .وغريهم كثري

، وأصول السرخسي ج ٤٣٨:وتنقيح الفصول ص، ٢٩٤، ٢٩٣:ص ٢، وشرح العضد ج ١٨٣:ص ٤اإلحكام لآلمدي ج .٢٧٩:ص ٢، وشرح طلعة الشمس ج ٣٧٠:، وفصول األصول ص٩٥:ص ٢

16

:ولكل من الفريقني أدلة، بياا فيما يلي :أدلة املخطئة: أوال

من الكتاب، والسـنة، )١(خيطئ ويصيب بأدلة كثرية د استدالل القائلون بأن احلق واحد، وأن اته .واإلمجاع، واملعقول

:من الكتاب الكرمي ) أ(وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غـنم (: -سبحانه وتعاىل –قول اهللا -١

ينداهش همكمحا لكنم وا* القولمعا وكما حنيآت كالان ومليا ساهنم٢( ).....،ففه(. :وجه الداللةأخرب بأن سليمان اختص بأنه أدرك –سبحانه وتعاىل - هو أن اهللا : تدالل من هذه اآليةووجه االس

احلق يف القضية، فهو املصيب وحده فيما قضى، ولو كان كل من داود وسليمان قد أصاب احلق مل يكـن .)٣(لتخصيص سليمان بالذكر فائدة، وهذا دليل على أن احلق واحد وهو ما قضى به سليمان

:اعتراض :اعترض الغزايل على االستدالل ذه اآلية من وجوه ثالثة

:الوجه األول، ومنهم من ومن العلماء من مينع اجتهاد األنبياء عقال ،إما حكما باالجتهاد«: كيف يصبح أن يقال

أين جاز االجتهاد هلم أحال اخلطأ عليهم، فكيف ينسب اخلطأ إىل داود عليه السالم؟ ومنا، ومن أمينعه مسع .»؟)٤(نه قال ما قال عن اجتهادأيعلم

ألنه لو كان بالوحي ملا جاز بالطقع بأن حكمهما كان عن اجتهاد؛جياب عن هذا االعتراض : اجلوابوأصـاب ،فاحلكم إذن كان باالجتـهاد ،لداود الرجوع عنه إىل قول سليمانلسليمان خمالفته، وملا جاز .)٥(واحد فاحلق ،سليمان احلق املتعني عند اهللا

: الوجه الثاينإن اآلية تقول على نقـيض «: )٦(ن كل جمتهد مصيب، حيث يقول الغزايلأن اآلية تدل على القول بأ

والباطل واخلطأ يكون ظلمـا )اوعلم اوكال آتينا حكم(: بالتخطئة، حيث قال اهللا فيهما ذهب القائلنيم

.سأكتفي بذكر أهم األدلة) ١( .٧٩وجزء اآلية ٧٨اآلية : األنبياء) ٢(فما ٣٢٢:، وروضة الناظر البن قدامة ص١٨٤:ص ٤، واإلحكام لآلمدي ج ٢٣٩:ص ٢التوضيح لصدر الشريعة ج ) ٣(

.وما بعدها ٧٨:مهدي فضل اهللا ص/ عدها، واالجتهاد واملنطق الفقهي يف اإلسالم دكتورب .٣٧٢:ص ٢املستصفى ج ) ٤(، فما بعـدها، واالجتـهاد يف الشـريعة ٢٢٠:ص ٣، واإلحكام لآلمدي ج ٢٢:ص ٤كشف األسرار للبخاري ج ) ٥(

.١٧٨ - ١٧٧:ليني ص، ومباحث االجتهاد عند األصو١٤٤:حسن مرعي ص/ اإلسالمية للدكتورقد عرب عن رأي أستاذه إمام احلرمني فكان مع املخطئة، ويف كتابه املستصفى يرى أن الكل ٤٥٣:الغزايل يف املنخول ص) ٦(

.الكل مصيب

17

سيما يف ، وأنه احلكم الذي آتاه اهللا، الصف حكمه بأنه حكم اهللا، ومن قضى خبالف حكم اهللا ال يووجهال . )١(»معرض املدح والثناء

نكـرة يف سـياق )اوعلم احكم(: سبحانه وتعاىل –بأن قول اهللا جياب عن هذا االعتراض: اجلوابا وعلمما أوتيا حكمالواقعة، بـل يف تلك ها فيما حكما باإلثبات فال تعم، وليس يف اآلية ما يدل على أ

ونفس األمر، واخلطأ يف واقعة وطرق األحكام يف الواقع ،وتيا العلم بوجوه االجتهادميكن تأويل اآلية بأما أولذلك أثىن اهللا عليهما، سليمان إلصـابته، ا؛ا وعلموتيا حكمال مينع من إطالق القول بأما أ أو مسألة

أحدمها أصاب احلق عند اهللا، وليست حجة للقائلني بأن كل جمتهـد وداود الجتهاده، فاآلية تدل على أن .)٢(كما ادعى الغزايل -مصيب

:الوجه الثالثالتأويل وهو أنه حيتمل أمـا كانـا : الثالث«: ذه اآلية مبسلك التأويل، فيقول على هيعترض الغزايل

ـ على حكما ومها حمقان، مث نزل الوحيفمأذونني يف احلكم باجتهادمها، ك وفق اجتهاد سليمان، فصار ذلحكملكن لرتوله على سليمان –أي خبالف داود عليه السالم –ا برتول الوحي على سليمان خبالفه ا معين

.)٣(»أضيف إليه، ويتعني ترتيل ذلك على الوحي

ن الوحي ما دام قد نزل على سليمان فقد صار ما حكم به هو بأ )٤(جياب عن هذا االعتراض: اجلوابكان حد من أصابه كان مصيبا، ومن أخطأهق املتعني عند اهللا، فغري سليمان يكون خطأ، ومن مث فاحلق وااحل

.خمطئا

وذا يسلم االستدالل ذه اآلية على أن احلق واحد، واتهد خيطئ ويصيب، وهذا ما ذهـب إليـه . )٥(مجهور العلماء

لعلمـه الـذين (: وقوله تعاىل. )٦()والراسخون في العلم اهللاوما يعلم تأويله إال(: قوله تعاىل -٢مهنم هنبطونتس٧()ي(.

:وجه الداللة

.٣٧٣:ص ٢املستصفى ج) ١( .١٧٩:، ومباحث االجتهاد ضد األصوليني ص٥٨:ص ٨، والفقيه واملتفقه ج ٢٢٦:ص ٣اإلحكام لآلمدي ج ) ٢( .٣٧٣:ص ٢ملستصفى ج ا) ٣(حسن مرعـي / ، والدكتور٢٢٠:ص ٣هذا االعتراض ضعيف ال يلتفت إليه كما نبه على ذلك اآلمدي يف اإلحكام ج ) ٤(

إنه واضح، ولوضوحه أمهلـه «: قال يف اجلواب عن هذا االعتراض ١٤٥:يف كتابه االجتهاد يف الشريعة اإلسالمية ص .فيما قرأت» كل املعلقني على اعتراضات الغزايل

، واالجتهاد يف الشريعة اإلسالمية ١٧٩:، ومباحث االجتهاد عند األصوليني ص٢٢:ص ٤كشف األسرار للبخاري ج ) ٥( .١٤٥:حسني مرعي ص/ اإلسالمية للدكتور

.٧من اآلية : آل عمران) ٦( .٨٣النساء من اآلية ) ٧(

18

أو . )١(ا متعينا يدركـه الراسـخ يف العلـم ر حقظإن هاتني اآليتني تفيدان أن يف جمال االستنباط والن .)٢(ومن أخطأه كان خمطئا ولكنه غري آمث املستنبط، فمن أصاب هذا احلق كان مصيبا،

:من السنة) ب(

إذا حكم احلاكم فاجتهد : (قال -صلى اهللا عليه وسلم – ما رواه عمرو بن العاص أن رسول اهللا -١ . )٣( )فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فاخطأ له أجر واحد

: ألمراء اجليوش والسـرايا - عنهارضي اهللا -فيما روته عائشة -صلى اهللا عليه وسلم – قوله -٢وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن ترتهلم على حكم اهللا، فال تفعل، بل على حكمك، فإنك ال تدري «

.)٤(»أتصيب فيهم حكم اهللا أم ال

:وجه الداللة من هذين احلديثنياحلكم املعني عند اهللا إن وجه الداللة من هذين احلديثني وما يف معنامها يدل على أن اتهد قد يصيب

بعد بذل –أجر االجتهاد وأجر اإلصابة، كما أنه قد خيطئ فال يصيب احلق املتعني عند اهللا : فيكون له أجران .فيكون له أجر واحد فقط وهو أجر االجتهاد -جهده واستفراغ وسعه

ن احلـق يف أعلى مري اجليش أو السرايا دون اإلنزال على حكم اهللا دليلأكما أن اإلنزال على حكم .مسائل االجتهاد مع واحد؛ ألنه ال يدري أيصيب فيهم حكم اهللا أم ال

. )٥(ومن مث فليس كل جمتهد مصيبا للحق املتعني عند اهللا تعاىل

:من اإلمجاع) ج( ،قبل ظهور املخالف على إطالق اخلط يف االجتـهاد - رضي اهللا عنهم -فقد انعقد إمجاع الصحابة

هم يف وقائع ال حتصى إطالق اخلطأ على اتهدين من غري نكري، فكان ذلك إمجاعا منهم على فقد اشتهر عن .أن احلق من أقواهلم ليس إال واحدا، وأن اتهد خيطئ ويصيب

أقول فيها برأيي فإن «: )٦(أنه قال يف الكاللة - رضي اهللا عنه -ما روي عن أيب بكر : مثلة ذلكومن أوقد خطأ علـى . »، وإن يكن خطأ فمين ومن الشيطان، واهللا ورسوله منه بريئانا فمن اهللافإن يكن صواب

.وزيد بن ثابت وغريمها ابن عباس يف ترك العول، كما خطأ ابن عباس الصحابة الذين قالوا بالعول

.هذا ال يتأتى إىل على قراءة الوصل) ١( .١٤٦:حسن مرعي ص/ مية للدكتوراالجتهاد يف الشريعة اإلسال) ٢( .١٤٦٠:ص ٤، وسبل السالم للصنعاين ج ٢٥٧:ص ١٢صحيح البخاري بشرح إرشاد الساري ج ) ٣( .١٣٤٢:ص ٤سبل السالم ج ) ٤( ٤، وأصول الفقه للشـيخ زهـري ج ١٤٦:ص ٤، وسبل السالم ج ٢٢٢:، وروضة الناظر ص٢٧٩:ص ٣اإلاج ج ) ٥(

.٢٤٠:ص .خال الوالد والوالدهي ما : الكاللة) ٦(

19

ا فمن اهللا، وإن يكـن هذا ما أراه فإن يكن صواب«: )١(»فتاويه«ل يف انه قوما روي عن ابن مسعود أوإن يـك ،ا فمن اهللا تعاىلفإن يكن صواب«: كما روي عنه مثل قول أيب بكر. )٢( »م معبدأمن ابن خطأ ف

.»خطأ فمين ومن الشيطان واهللا ورسوله بريئان

ا من عمـر حيـث وما روي أيضا من قول عمر لعلي يف اهضة وهي اليت أسقطت جنينا ميتا خوفإمنا أنت مـؤدب ال « :ل عثمان وعبد الرمحن بن عوفاستحضرها، وسأل من حضره عن حكم ذلك، فقا

يعين عثمان وعبد -إن كانا قد اجتهدا فقد أخطأ «: فقال »ماذا تقول؟« :ا سأل عليمث »نرى عليك شيئا .»وإن مل جيتهدا فقد غشاك، عليك الدية - بن عوف رمحنال

ريح يف أن احلق واحد من أصابه فهو يف مثل هذا، وهو ص )٤(مما يفيد التواتر املعنوي )٣(وغري هذا كثريوخمطئ انتـهاء وهـو -كما سيأيت -على الراجح–مصيب مأمور مرتني، ومن أخطأه فهو مصيب ابتداء

.مأجور مرة واحدة

وأما اإلمجاع، فهو أن األمـة قـد «: احلق، فيقول هنأباإلمجاع على »حاشيته«ويستدل الرهاوي يف ا فيما أدى إلياجتمعت على شرعية املناظرة بني اه اجتـهاده مل يكـن تهدين، ولو كان كل جمتهد مصيب

إذ ال فائدة هلا إال اإلصابة ومعرفة احلق ومتييزه عن اخلطأ، وإظهار الصـواب، وتصـويب للمناظرة فائدة؛ .)٥(»اجلميع ينفي ذلك

:من املعقول) د(لفساد، واحلظر واإلباحة، وهذا عن كل جمتهد مصيب لزم اجتماع املتقابلني، ومها الصحة وا: لو قلنا

.)٦(ا شرعياالستلزم اتصاف الشيء بالنقيضني، واملمتنع ال يكون حكم ؛عنممت

.خصني، فإن التناقض ال يكون إال عند احتاد احمللشال نسلم امتناع ذلك بالنسبة إىل : فإن قيل

هلا مثل مهر «: -بعد اجتهاد -سئل ابن مسعود عن رجل تزوج امرأة فلم يفرض هلا صداقا ومل ميسها حىت مات، فقال) ١(

.٢٠٧ - ٢٠٦:ص ٤تيسري التحرير ج . مث قال ما قال يف املنت» نسائها ال وكس وال شطط. ود إشارة إىل أنه ابن امرأة من جنس ناقصات العقل ال يبعد اخلطأ منهومل يقل من ابن مسع -يعين نفسه -أي عبد اهللا ) ٢(

.٢٠٧:ص ٤تيسري التحرير ج ٢٠٧ -٢٠٦:ص ٤، وتيسري التحريـر ج ٢٢:ص ٤، وكشف األسرار للبخاري ج ٢٢١:ص ٣اإلحكام لآلمدي ج ) ٣(

.٢٩:، فما بعدها، واالجتهاد واملنطق الفقهي يف اإلسالم ص٥٩:ص ٨والفقيه واملتفقه ج وجياب عن هـذا » إن هذه األخبار مل تبلغ حد التواتر يف نقلها«: يقول ٢٨٣:ص ٢صاحب شرح طلعة الشمس يف ج ) ٤(

وإال مل تصلح لالستدالل -كما ذكر يف املنت -فإا تفيد التواتر املعنوي، وإن كانت آحادا يف نقلها، بأن هذه األخبار .١١٩:ص ٢التلويح ج . على األصول

٤، وتيسـري التحريـر ج ٢٢٣:ص ٣، واإلحكام لآلمـدي ج ٧٤:، واللمع للشريازي ص٨٢٥:ية الرهاوي صحاش) ٥( .، ولكن جعل هذا الدليل دليال عقليا، كما ذكر أدلة عقلية كثرية غري هذا الدليل٢٠٨ - ٢٠٧:ص

.٢٩٥:ص ٢، وشرح العضد ج ٨٢٥:، وحاشية الرهاوي ص١٢٠:ص ٢التلويح ج ) ٦(

20

ألنه - عليه السالم -عة نبينا ني بالنسبة إىل شخصني أيضا ممتنع يف شريين اجلمع بني املتنافأب: أجيب ؛داع هلم إىل احلق بصريح النصوص أو معناها من غري تفرقة بـني األشـخاص )١(مبعوث إىل الناس كافة

.مات على السواءولدخلوهم يف العميلزم اجلمع بني املتنافيني بالنسبة إىل شـخص : واألصوب أن يقال«: )٢(»التلويح«يقول التفتازاين يف

بإباحة النبيذ، : حدمهاأا فأفتاه ا وشافعيذا استفىت عامي مل يلتزم تقليد مذهب معني جمتهدين حنفيواحد فيما إتغري اجتهاد اتهد، يترجح أحدمها عنده، ومل يستقر علمه على شيء منهما، وأيضا إذا خر حبرمته، وملواآل

م النسخ باالجتهاد، وكذا املقلد إذا صـار ا لزم اجتماع املتنافسني بالنسبة إليه، وإال لزول حقفإن بقى األ .»جمتهدا

إن احلق عند اهللا واحد، «: بعد انتهائنا من أدلة املخطئة، نطرح بعض األسئلة اليت تتصل بالرأي القائل .وسأجيب عنها بإجياز »ن اتهد يصيب وخيطئوإ

:السؤال األولية أو ليس عليه داللـة وال ظنمارة ية أو عليه أىل هل عليه داللة قطعاحلكم املعني عند اهللا سبحانه وتعا

.رة؟امأإن : ، ومن قائل)٣(إن احلكم عليه دليل قطعي: فمن قائل: هناك خالف بني العلماء يف ذلك: اجلواب

ا، فمن احلكم املتعني عند اهللا سبحانه وتعاىل ليس عليه دليل وال أمارة، بل هو كدفني يعثر عليه اتهد اتفاق .)٤(خطأ فله أجر واحدجران، ومن أوجده فله أ

.اب عليه ما يفيده ظنقد نص: أي ؛إن على احلكم أمارة ظنية: )٥(وقال مجهور الفقهاء

.٢٨من اآلية : سبأ )وما أرسلناك إال كافة للناس بشريا ونذيرا (: قال تعاىل) ١( .١٢٠:ص ٢ج ) ٢(وأبو بكر األصم، كما اتفق أصحاب هذا القول على أن اتهد مأمور بطلـب هـذا ، بشر املريسي: من القائلني ذا) ٣(

ما عدا بشـر ، ملخطئ ال إمث عليه، وال يستحق العقاب عندهماحلكم، فإن وجده فهو مصيب، وإال فهو خمطئ، ولكن ا .»إنه يأمث ويستحق العقاب«: املريسي حيث قال

.وقوله هذا باطل حيث إنه حمجوج بالكتاب والسنة واإلمجاع، ومـن ٥األحزاب من اآليـة )لوبكموليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت ق (: فمن الكتاب قوله تعاىل

اجلامع الصـغري » رفع عن أميت اخلطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه«: -صلى اهللا عليه وسلم –السنة قول الرسول .٣٤:ص ٤للسيوطي ج

م االجتهادية، هناك إمجاع من الصحابة والتابعني قبل ظهور املخالف على ترك النكري على املختلفني يف األحكا: ومن اإلمجاع .فيكون هذا إمجاعا منهم على عدم التأثيم

، وشـرح ١١٨:ص ٢والتلويح ج ٣٧٩:ص ٢، وفواتح الرمحوت ج ٢٧٦:ص ٣، واإلاج ج ٣٦١:ص ٢املستصفى ج وهذا املذهب باطل؛ ، وغري ذلك من املراجع. ٤٠٠:، وأصول الفقه للشيخ اخلضري ص٢٨٠:ص ٢طلعة الشمس ج .ات وليس يف القطعياتألن الرتاع يف الظني

٣، واملنـهاج ج ٢٧٨:ص ٣اإلـاج ج . هذا القول نسبه ابن السبكي والبيضاوي وغريمها إىل بعـض املـتكلمني ) ٤( .١٧٢:، ومباحث االجتهاد عند األصوليني ص٢٠٦:ص

، ٢٩٥:ص ٣والتحبري ج التقرير . منهم األئمة األربعة، وكثري من املتكلمني، وأكثر الفقهاء من أصحاب األئمة األربعة) ٥(، وشرح ١١٨:، والتلويح ج ص٢٢:ص ٤، وكشف األسرار للبخاري ج ٢٠٢:ص ٤، وتيسري التحرير ج ٢٩٥:ص

.٨٢٥:املنار ص

21

واتهد ليس مطلفا بإصابة الدليل خلفائه، فمن ظفر به فهو مصيب وله أجران، ومن مل يظفر به فهو . يف خطئه وله أجر واحد )١(خمطئ ومعذور

.ين، وأن املخطئ فيه معذور، بل مأجورظوهذا القول هو املختار، وهو أن احلكم عليه دليل

: السؤال الثاين .عالم يؤجر املخطئ؟: بناء على القول بأن املخطئ مأجور، فالتساؤل هنا

إنه يؤجر على القصد إىل الصواب، وال يؤجر على االجتهاد، حيث أفضـى بـه إىل «: قيل: اجلوابـ . وال أجر على اخلطأاخلطأ، ىكما لو أن هناك شخصني رميا إىل كافر، فأصابه أحدمها، فإنه يـؤجر عل

على قصد اإلصابة فقط يؤجرأما من أخطأ، فإنه ا،القصد واإلصابة مع«.

ا، حيث إنه بذل ما يف وسعه يف الوصول إىل احلق إن املخطئ يؤجر على القصد واالجتهاد مع«: وقيلإنه يثاب على امتثاله أمر اهللا يف طلب احلق، وميثل لذلك باألمري إذا «: )٣(ويقول احملالوي )٢(»والوقوف عليه

ضل فرسه، فأمر غلمانه أن يطلبوه، فخرج كل واحد منهم إىل طريق غري طريق صـاحبه، وال شـك أن الفرس يكون يف جانب واحد، وقد وجب على كل واحد منهم طلب الفرس، ولكن مل جيب علـى كـل

إذ ليس يف وسعهم ذلك، وإذا وجد واحد منهم الفرس ومل جيده اآلخرون، فإن صابة الفرس؛منهم إ واحد .»دجاألمري يثيب كل واحد منهم المتثال أمره يف طلبه، وإن زاد الوا

:السؤال الثالث هل اخلطأ يكون ابتداء وانتهاء، أو يكون ابتداء فقط؟

ابتـداء يف . إن اتهد إذا أخطأ كان خمطئا ابتداء وانتهاء« :)٤(فمن قائل: هناك رأيان للعلماء: اجلواب .»اجتهاده، وانتهاء فيما أدى إليه اجتهاده وانتهى إليه سعيه، وهو احلكم يف نفس األمر

.»وإذا حكم فأخطأ فله أجر واحد«: -صلى اهللا عليه وسلم – واستدل القائل ذا الرأي بقوله

طلق اخلطأ، واملطلق ينصرف إىل الفرد الكامل، وهو أ -اهللا عليه وسلمصلى – ن النيب إ: وجه الداللة .فهذا دليل على أن اتهد إذا أخطأ يكون خمطئا ابتداء وانتهاء. املخطئ ابتداء وانتهاء

إنـه : ومن قصر عنه وفقد الصواب فهو خمطئ وال إمث عليه، وال نقول«: يقول ٢٦١:الشوكاين يف إرشاد الفحول ص) ١(

لعذر يف تركه كالعاجز عن القيام يف الصالة، وهو عندنا قد كلف إصابة معذور؛ ألن املعذور من يسقط عنه التكليف .وأجر على قصده الصواب، وحكمه نافذ على الظاهر، لكنه خفف أمر خطابه، العني

.٣٢٤:، وروضة الناظر ص٢٠٢:ص ٤، وتيسري التحرير ج ٢٩٥:ص ٣التقرير والتحبري ج ) ٢( .٤٩٠:ص ٤ح الكوكب املنري للفتوحي ج ، وشر٣٢٣، ٣٢٢:تسهيل الوصول للمحالوي ص) ٣( .أبو منصور املاتريدي: من القائلني بذلك) ٤(

22

هاد، وطلبـه يف نه مصيب ابتداء وخمطئ انتهاء، أي مصيب ابتداء يف نفس االجتإ: )١(وهناك من يقول :أي ؛وخمطئ انتهاء. احلق عند اهللا تعاىل ا شرعيا حىت كأنه أصابن عمله يقع صحيححق العمل به، حىت أ

.يف إصابة املطلوب وهو احلق عند اهللا تعاىل يغيب عنه وجه إصابتهإن اخلطأ يكون ابتداء وانتهاء؛ بأن اخلطأ املطلق ال «: ويرد أصحاب هذا القول على ما استدل من قال

يدل »إذا حكم فأخطأ فله أجر واحد«: -صلى اهللا عليه وسلم – ول الرسول يستوجب األجر، ومن مث فق .)٢(»على أنه ليس اخلطأ الكامل، فتعني أن يكون اخلطأ فيما هو احلق ال يف نفس االجتهاد

نه ال مينـع يف األقيسـة إنه مصيب ابتداء، وخمطئ انتهاء؛ أل«: ومن مث يكون الرأي املختار هو القائل –ناقض املطالب واألحكام مع رعاية الشرائط بقدر الوسع، وهلذا وصـف اهللا تلة الظنية أن تالشرعية واألد

باحلكم والعلم يف مقام الثناء عليه مع كونه خطأ بداللة سوق - عليه السالم –اجتهاد داود -ارك وتعاىلبتملا كـان حكمـا ابة احلق، فلو كان خطأ من كل وجه صبإ - عليه السالم -الكالم يف ختصيص سليمان

٣(وخطأ ا، بل جهالوعلم( . ن كل جمتهد مصيب، وهذا القول حيمل على أنه مصيب ابتداء أب: نقل عن األئمة األربعة القول: فائدة

.أي مصيب يف نفس االجتهاد ابتداء يف حق العمل مع أن احلق واحد حيتمل اخلطأ والصوابتهد مصيب حممول على أنه مصيب ابتداء، إذا ال وما نقل عن أيب حنيفة بأن كل جم«: يقول الرهاوي

إذ احلق ؛مراد اإلمام بذلك أنه مصيب انتهاء ملا هو عند اهللا تعاىل من احلكم الثابت يف احلادثة نن يكوأجيوز .)٤(»حينئذ يكون متعددا عند اهللا تعاىل ال واحدا واإلمام غري قائل ذا

مذهبنا صـواب حيتمـل «: )٥(البعض، وقوهلم يف الفروع ومما يدل على ذلك أيضا تصرحيهم بتخطئة . )٦(»اخلطأ، ومذهب غرينا خطأ حيتمل الصواب

:أدلة املصوبة: ثانيا :استدل املصوبة على رأيهم بأدلة كثرية نكتفي بذكر أمهها فيما يلي

:الدليل األولقدم الكالم على وجه الداللة من هذه اآلية وقد ت )اوعلم اوكال آتينا حكم(: قول اهللا سبحانه وتعاىل

على ما استدل به اجلمهور، وقد ورد على ذلـك يف الوجه الثاين من الوجوه الثالثة اليت اعترض ا الغزايل .هناك

: الدليل الثاين

.األئمة األربعة: من القائلني بذلك) ١( .١٢٠:ص ٢، والتلويح ج ٢٠٢ص ٤، وتيسري التحرير ج ٨٢٧شرح املنار وحاشية الرهاوي ص ) ٢( .٨٢٨:حاشية الرهاوي ص) ٣( .٨٢٧:حاشية الرهاوي ص) ٤(مـذهبنا : مذهبنا حق، ومذهب اخلصم باطل، ويف الفـروع : يقال يف األصول«: ٨٢٦:ل الرهاوي يف حاشيته صيقو) ٥(

.»صواب حيتمل اخلطأ، ومذهب اخلصم خطأ حيتمل الصواب .٨٢٦:، وحاشية الرهاوي ص٢٩٣:ص ٢، وشرح العضد ج٣٨٢:ص ٢رفع احلاجب ج ) ٦(

23

. )١( »أصحايب كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم«: -صلى اهللا عليه وسلم –قوله جعل االقتداء بأي -صلى اهللا عليه وسلم –داللة من هذا احلديث هو أن النيب إن وجه ال: وجه الداللة

فلو كان احلـق . واحد من الصحابة موجبا للهدى والوصول إىل احلق مع اختالفهم يف األحكام إثباتا ونفياقتـداء مبـن واحدا يف املسألة ملا كان االقتداء بكل واحد منهم موجبا للهدى، بل يكون املوجب له هو اال

ـ على أن كل واحد منهم على احلق، فاحلق متعدد وال ومن مث يكون األمر باتباعهم دليال. أصابه فقط ل ك .مصيب

، ومع التسليم بصحته، فإن هذا احلديث مطلق فـال )٢(اب عن هذا بأن هذا اخلرب ضعيفجي: اجلوابية عنهم، وهذا متفق عليه، فإن كل واحد عموم له يف املقتدى به، فيجوز أن يكون املقتدى به هو أخذ الروا

.)٣(من الصحبة عدل مقبول الرواية، فهذا احلديث ال داللة فيه على املدعي :الدليل الثالث

اا بغري ما أنزل اهللا، فيلو تعني احلكم يف املسألة الواحد لكان املخالف له حكملقوله تعاىل ؛كون كافر :ومن لم يحكم بما أنزل (: لقوله تعاىل أو فاسقا؛. )٤()اهللا فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنزل(

.)٥()اهللا فأولئك هم الفاسقونلكن املتفق عليه أن املخالف للحكم ليس كافرا وال فاسقا، فكان حاكما مبا أنزل اهللا، فيكون حكم اهللا

.الواحد متعددا، وهو ما ندعيهيف املسألة واملخالف له حاكم مبا أنزل اهللا مبنع املالزمة جلواز أن يكون احلكم واحدا،: جياب عن ذلك: اجلواب

أمر اتهد أو حيكم مبا وصل إليه اجتهاده، ومل يكلفه بإصابة احلق املعني، فاتهد خيطئ - سبحانه وتعاىل - . )٦(ويصيب

: الدليل الرابعاد والتحري فـيمن هحد من العلماء إال بعد االجتأو كان احلق واحدا ملا ساغ ألحد من العوام تقليد ل

وليس كذلك بل هو خمري، وحيث خري يف تقليد من شاء دل على التساوي بني اتهـدين، فـإن -دهليق . )٧(الشرع ال خيري إال يف حالة التساوي، فثبت أن الكل مصيب

.٩١:ص ٢جامع بيان العلم وفضله ج ) ١(هذا إسـناد ال «: ديث أخرجه ابن عبد الرب من حديث ابن عمر، وذكره بإسناد فيه احلارث بن غصني، مث قالهذا احل) ٢(

.»تقوم به حجة؛ ألن احلارث بن غصني جمهول .١٥٠:ص ٤املرجع السابق، وتعليق الشيخ عبد الرازق عفيفي على اإلحكام ج

.٢٤١:ص ٤وأصول الفقه للشيخ زهري ج ، ٢٩٨:ص ٢، وشرح العضد ج ٢٢٧:ص ٣اإلحكام لآلمدي ج ) ٣( .٤٤: املائدة من اآلية) ٤( ٤٧: املائدة من اآلية) ٥(، ومباحـث االجتـهاد عنـد األصـوليني ٢٤١، ٢٤٠:ص ٤، وأصول الفقه للشيخ زهري ج ٤٨٠:ص ٣اإلاج ج ) ٦(

.١٨٤:صحسن مرعي / إلسالمية للدكتور، واالجتهاد يف الشريعة ا٣٦٢:ص ٢، واملستصفى ج ٢٢٧:ص ٣اإلحكام لآلمدي ج) ٧(

.١٨٥:، واالجتهاد عند األصوليني ص١٤٨:مرعي ص

24

عن عدم لكونه ال يعرف األعلم، فضال ؛ا بأن العامي إمنا خري يف التقليد ملن شاءجياب عن هذ: اجلواب . )١(معرفته مآخذ اتهدين

:الدليل اخلامس

وما (: يقول اهللا تعاىل ،فضى ذلك إىل الضيق واحلرج، ومها مرفوعان يف الشريعةلو كان احلق واحدا ألفكان . )٣()يريد اهللا بكم اليسر وال يريد بكم العسر(: ويقول أيضا. )٢()جعل عليكم في الدين من حرج

.احلق متعددا، والكل مصيب، وهو املطلوب

مل يكلف اتهدين بإصابة احلـق -سبحانه وتعاىل –مبنع املالزمة، فإن اهللا : جياب عن ذلك: اجلوابا كلفهم ظنهم، وجعل العمل بالظن كفيا، ومما ال شك فيه أن الظـن قطعا حىت يوجد الضيق واحلرج، وإمن

. )٤(ممكن لكل جمتهد، وبذلك ارتفع الضيق واحلرج يف الدين

.ونكتفي ذا القدر من أدلة املصوبة: هذا

–إن احلق واحد عنـد اهللا «: من خالل ما تقدم يتضح لنا رجحان مذهب اجلمهور القائل: الترجيح: ، ورده على أدلة املذهب القائل»وأن اتهد خيطئ ويصيب لسالمة أدلته من االعتراض -سبحانه وتعاىل

.»إن احلق متعدد«

رعية إما نصوص وإما أقيسة ترجـع إىل شن أدلة األحكام الإ: ومما يدل على رجحان مذهب اجلمهورنسبتها إن كانت يكون يف صحة جل تأويلها، وقدالف فيها من أتلك النصوص، والنصوص قد يكون اخل

.خبار اآلحادمن أ

ا، هـذا معىن معين هب أراد ا إال وقدن الشارع ما نص نصأفأما التأويل واخلالف فيه، فإنا نعلم بداهة املعىن قد يصيبه بعض اتهدين وقد ال يصيبه، وأما اخلالف يف أسانيد األخبار، فإننا نعلم أن احلقيقة يف ذلك

ـ ون قد قيل وإما ال، وال جيوز األمران معكما أن يواحدة ال تتعدد، فاخلرب إ ان ا يف حادثة واحدة، إال إذا كصلى اهللا –ألنه ال تعارض وال تناقض بني األخبار الواردة عن رسول اهللا أحدمها ناسخا واآلخر منسوخا؛

إذا روى بعض ف فمن وفق هلذه احلقيقة فهو مصيب، ومن مل يصب هذه احلقيقة فهو خمطئ، )٥( -عليه وسلم فليس . تزوج ميمونة وهو حالل، ورواه آخرون وهو حمروم -صلى اهللا عليه وسلم –بعض الرواة أن النيب

.من اجلائز أن يكون قد تزوجها وهو حالل حمرم

.١٤٨:حسن مرعي ص/ ، واالجتهاد يف الشريعة اإلسالمية للدكتور٢٢٧:ص ٣اإلحكام لآلمدي ج ) ١( .٧٨احلج من اآلية ) ٢( .١٨٥البقرة من اآلية ) ٣( .٢٤٢ - ٢٤١:ص ٤أصول الفقه للشيخ زهري ج ) ٤(، ومباحث االجتهاد عنـد األصـوليني ١٢:ص ٢وأصول السرخسي ج ، فما بعدها ٢١٣:مام الشافعي صالرسالة لإل) ٥(

.معزوا للمرجعني السابقني ١٨٨:ص

25

وأما األقسمة، فمعناها العلل اليت قصدها الشارع بأحكام األصول، ومن املعلـوم أن الشـارع أراد . )١(إن التشريع إمنا هو ملصلحة العباد: ، وعرف وجه صالحيتها، ما دمنا نقولبتشريع احلكم مصلحة عرفها

٢(ا، ومن عداه كان خمطئافمن وفق الستخراج هذه العلة، وإحلاق ما وجد فيه ذلك باألصل كان مصيب(.

فاحلق الذي ال شك فيه وال شبهة، أن احلق واحد وخمافة خمطئ مأجور إذا «: ومن مث يقول الشوكاين . )٣( »ومل يقصر يف البحث بعد إحرازه ملا يكون جمتهدا ،ن قد وىف االجتهاد حقهكا

.)٤(»إن اخلالف بني املخطئة واملصوبة خالف لفظي وال مثرة له«: هناك من يقول: تنبيه

يكلف إال ما أوصله إليه اجتهاده، ال أن كال »إن كل جمتهد مصيب«: إن أراد املصوبة بقوهلم(: أقوليكون لفظيا وال ن اخلالف حينئذأل ؛منهم، فهو صحيح ال خيالف فيه أحد )٥(عليه كالم األكثرين كما يدل

.وال مثرة له

ليس له يف الواقعة حكـم -سبحانه وتعاىل –أن اهللا »إن كل جمتهد مصيب«: أما إذا أرادوا بقوهلم -عما تقدم فضال –دل على رده وال أ. )٦(معني قبل اجتهاد اتهد، بل احلكم يتبع الظن، فهو قول مردود

من أننا لو سلمنا بأن أحكام اهللا يف الواقع إمنا هي أحكام اتهدين، يلزم من ذلك التسليم بأن أحكـام اهللا تعاىل تكون تابعة لظنون اتهدين، وبالتايل يكون التناقض احلاصل فيما بينهم يف األحكام، إمنا مرده إىل اهللا

بارها جمعولة كذلك من قبله، على رغم ما قد يكون فيها يف الواقع من البعد عـن واعت -سبحانه وتعاىل– .املصاحلة، وهو ما ال ميكن التسليم أو القبول به

أو تغريه، فمجرد الظن مفسدة يف اقعالنفسية اليت ال ميكن أن تقرر وت اعن أن الظنون من احلاال فضال، فاحلكم الظاهري ال يف الفعل أو موجودة إذا مل تكن موجودة فعال وال جيعلها قائمة ،ما ال جيعله فاسدا رمأ

.)يغري أو يبدل يف الواقع شيئا

.واهللا أعلم

.٣:ص ٢املوافقات للشاطيب ج ) ١( .٣٧٨:أصول الفقه للشيخ اخلضري ص) ٢( .٢٦٢:إرشاد الفحول ص) ٣( .٢٨٠:ص ٢شرح طلعة الشمس ج ) ٤( .٣٧٨:، وأصول الفقه للشيخ اخلضري ص٢٨٦:ص ٣اإلاج ج ) ٥( .ويكون اخلالف حقيقيا ال لفظيا) ٦(

26

امتةـــاخل احلاجة إىل االجتهاد يف هذا العصرلسنا يف حاجة إىل اجتـهاد «: إن االجتهاد الزم لكل عصر، ولعصرنا هذا ألزم، وال صحة ملن يقول

.الفرا األقدمني مثلها، فكل الصيد يف جوفمن مسألة من املسائل إال ووجدنا عند بدعوى أنه ما »جديد

ألن هذه الدعوى فيها من املبالغة وجتاهل الواقع ما فيها، فليست كتب األقدمني فيها اإلجابة عن كل .سؤال جديد، فأرحام األيام والليايل تتمخض عن أحداث ووقائع جديدة مل يعرفها السابقون

ن بعض الوقائع القدمية قد يطرأ عليها ما يغري طبيعتها، فال يالئمها ما حكم به األقدمون، أو ما على أ .لارف، واحلوجوب تغري الفتوى بتغري الزمان، واملكان، والع مني يقرونأفتوا به بشأا، وهذا ما جعل األقد

غريات كـثرية العصر حدثت فيه متفاحلاجة إىل االجتهاد دائمة ما دامت احلياة تتجدد، وهذا مومن ث .حتتاج إىل االجتهاد

:ن أمثلة ذلكوموكالتأمني بأنواعـه املختلفـة، ،وغري ذلك ،املعامالت املالية املعاصرة، كشركات املسامهة، والتوصية

.زرع األعضاء، وتأجري األرحام، واالستنساخكو، والبنوك بأنواعها املختلفة أيضا

تفق مع مقاصد الستنباط احلكم املناسب الذي ي ؛واستفراغ الوسع ،اجلهدكل هذا وغريه يتطلب بذل مـن عصـر كالم يف كـل ية جاءت ملعاجلة قضايا البشر ومشفالشريعة اإلسالم ،الشرع ومصاحل اخللق

ويف ،ان حىت يرث اهللا األرض ومـن عليهـا فهي صاحلة لكل زمان ومك ،العصور، وكل قطر من األقطارلكل داء، فعلى علمائنا األجالء أن جيتهدوا ما وسعهم االجتـهاد يف اسـتنباط ج الناجعصيدالنياا العال

.األحكام اليت حتقق مصاحل الناس، ووضع احللول الشرعية لكل ما يستجد من وقائع وحوادث

دعوانـا أن وآخر ،وترضى ووفقنا إىل ما حتب )اوهيئ لنا من أمرنا رشد ربنا آتنا من لدنك رحمة( .مد إمام اتهدين، وعلى آله وصحبه أمجعنيحماللهم على سيدنا وصل ،احلمد هللا رب العاملني

د دياب سليم حممد عمر. أ

27

ثبت بأهم املراجع .القرآن الكرمي: أوال

مراجع أخرى: اثاني.

.اإلاج شرح املنهاج للسبكي وابنه -١

.آلمدياإلحكام يف أصول األحكام ل -٢

.إرشاد الفحول للشوكاين -٣

.أصول الفقه للشيخ الربديسي -٤

.أصول الفقه للشيخ اخلضري -٥

.أصول الفقه للشيخ خالف -٦

.أصول الفقه للشيخ الزحيلي -٧

.أصول الفقه للشيخ زهري -٨

.أصول الفقه للسرخسي -٩

.ةأعالم املوقعني البن قيم اجلوزي-١٠

.ويأنوار الترتيل وأسرار التأويل املسمى بتفسري البيضا-١١

.الربهان يف أصول الفقه إلمام احلرمني-١٢

.تسهيل الوصول للمحالوي-١٣

.التعريفات للجرجاين-١٤

.التلويح للتفتازاين-١٥

.تنقيح الفصول للقرايف-١٦

.التوضيح لصدر الشريعة-١٧

.تيسري التحرير ألمري با دشاه-١٨

.جامع بيان العلم وفضله لإلمام ابن عبد الرب القرطيب األندلسي-١٩

.سبكيمجع اجلوامع البن ال-٢٠

.حسن مرعي /اإلسالمية داالجتهاد يف الشريعة -٢١

28

.نادية العمري /االجتهاد يف الشريعة اإلسالمية د-٢٢

.مهدي فضل اهللا /د. اد واملنطق الفقهي يف اإلسالماالجته-٢٣

.حاشية الرهاوي على شرح املنار البن ملك-٢٤

.حاشية السعد للتفتازاين-٢٥

.الرسالة لإلمام الشافعي-٢٦

.ناظر البن قدامة املقدسيروضة الناظر وجنة امل-٢٧

.سبل السالم للصنعاين-٢٨

.سلم الوصول للمطيعي-٢٩

.شرح طلعة الشمس للساملي اإلباضي-٣٠

.شرح الكوكب املنري للفتوحي-٣١

.شرح املنار البن ملك-٣٢

.صحيح البخاري بشرح إرشاد الساري-٣٣

.فصول األصول للسيايب اإلباضي-٣٤

.الفقيه واملتفقه للخطيب البغدادي-٣٥

.باديآللفريوز القاموس احمليط -٣٦

.كشف األسرار للبخاري على أصول البزدوي-٣٧

.لسان العرب البن منظور-٣٨

.اللمع يف أصول الفقه للشريازي-٣٩

.أمحد محام/ مباحث االجتهاد عند األصوليني د-٤٠

.سالم مدكور/ مباحث االجتهاد د-٤١

.خمتار الصحاح حملمد بن أيب بكر عبد القادر الرازي-٤٢

.البن احلاجب خمتصر املنتهى-٤٣

.املستصفى للغزايل-٤٤

.مسلم الثبوت حملب اهللا بن عبد الشكور-٤٥

29

.املنهاج للقاضي البيضاوي-٤٦

.املوافقات للشاطيب-٤٧

.ل لإلسنويؤاية الس-٤٨

.الورقات إلمام احلرمني-٤٩