معتقد أهل السنة واجلماعة

يف توحيد األمساء والصفات

حممد بن خليفة التميمي. د: تأليف

املقدمة

إن احلمد اهللا حنمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه ونعوذ باهللا من شرور

.أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اهللا فال مضل له، ومن يضلل فال هادي له

.إال اهللا وحده ال شريك له، له األمساء احلسىن والصفات العلىوأشهد أن ال إله

وأشهد أن حممدا عبده ورسوله، وأمينة على وحيه، أرسله باهلدى ودين احلق،

فبلغ الرسالة وأدى األمانة، ونصح األمة وجاهد يف اهللا حق جهاده، وعبد ربه حىت أتاه

.مااليقني من ربه، صلى اهللا عليه وعلى آله وسلم تسلي

دراسات يف مباحث توحيد األمساء " فهذه الدراسة األوىل من سلسلة : أما بعد

".معتقد أهل السنة واجلماعة يف توحيد األمساء والصفات : " وهي بعنوان" والصفات

:الدراسات التالية -بإذن اهللا-وسيتبعها

".معتقد أهل السنة واجلماعة يف أمساء اهللا احلسىن: "الدراسة الثانية

".معتقد أهل السنة واجلماعة يف صفات اهللا العلى: "الدراسة الثالثة

".قواعد أهل السنة واجلماعة يف نصوص األمساء و الصفات: "الدراسة الرابعة

".مقالة التعطيل وموقف أهل السنة واجلماعة منها: "الدراسة اخلامسة

".منها مقالة التشبيه وموقف أهل السنة واجلماعة : "الدراسة السادسة

:ومقصودي من إصدار هذه السلسلة خدمة اجلوانب التالية

بيان معتقد أهل السنة واجلماعة يف باب أمساء اهللا وصفاته بشكل جيمع بني -ا

الشمولية والتعمق، وذلك من خالل توضيح املسائل الكلية العامة أوال، مث حبث

تعلقة ذا الباب، فقد خصصت القضايا التفصيلية واملباحث اجلزئية للمسائل الكربى امل

الدراسة األوىل لعرض املسائل العامة اليت تربز وتوضح معتقد أهل السنة واجلماعة

بشكل عام، مث خصصت لكل مسألة بعد ذلك دراسة مستقلة تستويف املواضيع

.والقضايا اليت تتصل ا

رقة يف ثنايا مجع شتات املسائل املتعلقة ذا الباب، وهي مسائل متناثرة ومتف -٢

كتب أهل السنة، وقد بذلت جهدي وطاقيت يف مجعها وترتيبها وتبويبها وإخراجها يف

.عليها. نسق تنتظم معه تلك املسائل، ليسهل بعد ذلك معرفتها واالطالع

بيان فساد مقاالت أهل الزيغ والضالل الذين خرجوا عن احلق يف هذا -٣

ومدى احنرافهم وضالهلم، حىت حيذر املسلم الباب، وذلك ليعلم وجه بطالن معتقدام

.من الوقوع يف ذلك

:هذا وقد ضمنت الدراسة األوىل الفصول التالية

.تعريف توحيد األمساء والصفات وعالقته بباقي أنواع التوحيد: الفصل األول

:وفيه مبحثان

.تعريف توحيد األمساء والصفات: املبحث األول

.نواع التوحيدالعالقة بني أ: املبحث الثاين

.معتقد أهل السنة واجلماعة يف أمساء اهللا وصفاته: الفصل الثاين

:وفيه ثالثة مباحث

.التعريف بالسلف الصاحل وبأهل السنة واجلماعة: املبحث األول

.معتقد أهل السنة يف أمساء اهللا وصفاته: املبحث الثاين

.يف أمساء اهللا وصفاتهاألسس اليت قام عليها معتقد أهل السنة : املبحث الثالث

.وختمت ذلك خبامتة وذيلتها بفهارس

وإين ال أدعي أين وصلت ذه الدراسة إىل درجة الكمال، ولكن حسيب أين

اجتهدت، فإن وفقت فذلك بفضل من اهللا وحده، وإن حصل تقصري أو خطأ فهذا من

النصيحة، طبيعة جهد البشر، فأرجو ممن وقف على شيء يف هذه الدراسة أن يبادرين

وأسأل اهللا عز وجل أن يتقبل مين هذا اجلهد وأن جيعله عمال صاحلا ولوجهه خالصا،

.وأن ال جيعل ألحد فيه شيئا

.وآخر دعوانا أن احلمد هللا رب العاملني

حممد بن خليفة التميمي

.معتقد أهل السنة واجلماعة يف توحيد األمساء والصفات

:وفيه متهيد وفصالن

.يف بيان أمهية توحيد األمساء والصفات :التمهيد

.تعريف توحيد األمساء والصفات وعالقته بباقي أنواع التوحيد: الفصل األول

:وفيه مبحثان

.تعريف توحيد األمساء والصفات: املبحث األول

.العالقة بني أنواع التوحيد: املبحث الثاين

. وصفاتهمعتقد أهل السنة واجلماعة يف أمساء اهللا: الفصل الثاين

:وفيه ثالثة مباحث

.التعريف بالسلف الصاحل وبأهل السنة واجلماعة: املبحث األول

.معتقد أهل السمنة يف أمساء اهللا وصفاته: املبحث الثاين

.األسس اليت قام عليها معتقدهم يف أمساء اهللا وصفاته: املبحث الثالث

أمهية توحيد األمساء والصفات: التمهيد

ب العاملني، الرمحن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن ال إله إال اهللا احلمد هللا ر

.وحده ال شريك له، املوصوف بصفات اجلالل، املنعوت بنعوت الكمال

وأشهد أن حممدا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه وخريته من خلقه وحجته على

.عباده، صلى اهللا عليه وعلى آله و سلم تسليما كثريا

:وبعد

فإن من املفيد واملهم لطالب احلق قبل أن يشرع يف دراسة تفاصيل جوانب

توحيد األمساء والصفات أن يكون لديه معرفة بأمهية هذا التوحيد وما له من قيمة

ومرتلة ودور يف جانب االعتقاد على وجه اخلصوص، ويف سائر جوانب الدين على

ملسلم عما هلذا التوحيد من مكانة عالية وجه العموم، فإجياد هذا التصور املفيد يف فكر ا

عليه بالنفع يف إميانه باهللا عز وجل، فيويل هذا -بإذن اهللا تعاىل-ودرجة رفيعة سيعود

اجلانب القدر الواجب له من األمهية، كما يزيده ذلك رغبة يف التفقه يف مسائله

تزود من العلم النافع ومباحثه وتفريعاته، واليت ال يستغين عنها طالب العلم الراغب يف ال

.املفيد

وإن مما يؤسف له أن البعض ينظر إىل هذا التوحيد نظرة املقل من أمهيته وشأنه،

فيظن أن مباحث هذا الباب ال تتجاوز ذكر األقوال املختلفة واملتباينة يف القدر الذي

ومثل يثبت أو ال يثبت من أمساء اهللا وصفاته، وأن األمر ال يعدو ذلك وال خيرج عنه،

هذه النظرة وهذا القول ال يصدر إال عن أحد شخصني، إما جاهل ال يدري ما يف

هذا الباب من مسائل مفيدة، وعلى درجة من األمهية ال غىن للمسلم عنها وعن

.معرفتها

وإما عن شخص منحرف يف عقيدته يظن أن حال هذا الباب ال خيرج عن احلال

يستضيئوا يف هذا الباب وال يف غريه بنور الكتاب الذي عليه عند أهل الباطل الذين مل

والسنة، وبالتايل مل يتجاوز حديثهم يف هذا الباب حدود الطعن يف أمساء اهللا وصفاته

والتشكيك فيها أو يف أكثرها، فصدوا بذلك عن معرفتها فضال عن بيان ماهلا من دور

.ومكانة يف عقيدة املسلم وإميانه بربه تبارك وتعاىل

ادا لطالب احلق، وتعليما للجاهل الغافل، ودعوة للمخالف املنحرف، فإرش

ومذاكرة للعامل أسطر هذه الكلمات اليت تشري إىل بعض ما يف هذا التوحيد من فوائد

.ومزايا، عسى اهللا أن ينفع ا من يطلع عليها ويستذكرها

يانه يف النقاط فأقول وبالته التوفيق ومنه أستمد العون والتسديد ملخصا ما أود ب

:التالية

:هذا التوحيد شطر باب اإلميان، باهللا تعاىل: أوال

ال خيفى على املسلم أمهية اإلميان باهللا، فهو أول أركان اإلميان، بل هو أعظمها،

فما بقية األركان إال تبع له وفرع عنه، وهو أهم ما خلق هلا اخللق وأرسلت به الرسل،

يه امللة، فاإلميان باهللا هو أساس كل خري، ومصدر كل وأنزلت به الكتب، وأسست عل

هداية، وسبب كل فالح، ذلك ألن اإلنسان ملا كان خملوقا مربوبا عاد يف علمه وعمله

إىل خالقه وباريه فبه يهتدي، وله يعمل، وإليه يصري، فال غىن له عنه، وانصرافه إىل

ل شيء عوض، وليس لكل غريه هو عني هالكه وفساده، واإلنسان له باهللا عن ك

شيء عن اهللا عوض، فليس للعبد صالح وال فالح إال مبعرفة ربه وعبادته، فإذا حصل

له ذلك فهو الغاية املرادة له واليت خلق من أجلها، فما سوى ذلك إما فضل نافع، أو

فضول غري نافعة، أو فضول ضارة، وهلذا صارت دعوة الرسل ألممهم إىل اإلميان باهللا

.ه، فكل رسول يبدأ دعوته بذلك كما يعلم من تتبع دعوات الرسل يف القرآنوعبادت

ومالك السعادة والنجاة والفوز يكون بتحقيق التوحيدين اللذين عليهما يقوم

اإلميان باهللا تعاىل، وبتحقيقهما بعث اهللا سبحانه وتعاىل رسوله صلى اهللا عليه وسلم،

.هم ممن أوهلم إىل آخرهموإليه دعت الرسل صلوات اهللا وسالمه علي

التوحيد العلمي اخلربي االعتقادي املتضمن إثبات صفات الكمال هللا : وأحدمها

.تعاىل، وترتيهه فيها عن التشبيه والتمثيل، وترتيهه عن صفات النقص

عبادته وحده ال شريك له، وجتريد حمبته واإلخالص له وخوفه : والتوحيد الثاين

ضا به ربا وإهلا ووليا، وأن ال جيعل له عدال يف شيء من ورجاؤه والتوكل عليه، والر

.األشياء

قل يا {: وقد مجع سبحانه وتعاىل هذين النوعني يف سوريت اإلخالص ومها سورة

.املتضمنة للتوحيد العملي اإلرادي ١}أيها الكافرون

.من سورة الكافرون ١اآلية ١

.ياملتضمنة للتوحيد العلمي اخلرب ٢}قل هو الله أحد{وسورة

فيها بيان ما جيب هللا تعاىل من صفات الكمال وبيان }قل هو الله أحد{فسورة

.ما جيب ترتيهه عنه من النقائص واألمثال

فيها إجياب عبادته وحده ال شريك له، والتربي }قل يا أيها الكافرون{وسورة

.من عبادة كل ما سواه

آلخر، وهلذا كان النيب صلى اهللا عليه وسلم يقرأ وال يتم أحد التوحيدين إال با

اتني السورتني يف سنة الفجر واملغرب والوتر اللتني مها فاحتة العمل وخامتته، ليكون

.٣مبدأ النهار توحيدا وخامتته توحيدا

.فالتوحيد املطلوب من العبد شطره هو توحيد األمساء والصفات

:ف العلوم وأمهها على اإلطالقتوحيد األمساء والصفات أشر: ثانيا

إن شرف العلم تابع لشرف معلومه، لوثوق النفس بأدلة وجوده وبراهينه ولشدة

.احلاجة إىل معرفته وعظم النفع ا

وال ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكربه هو اهللا الذي ال إله إال هو رب العاملني،

وف بالكمال كله، املرته عن كل وقيوم السموات واألرضني، امللك احلق املبني، املوص

.عيب ونقص وعن كل تشبيه ومتثيل يف كماله

فال ريب أن العلم به وبأمسائه وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأفضلها، ونسبته إىل

.٤سائر العلوم كنسبة معلومه إىل سائر املعلومات

ومعلوم أن فالعلم إمنا هو وسيلة إىل العمل ومراد له، والعمل هو الغاية،: فإن قيل

الغاية أشرف من الوسيلة، فكيف تفضل الوسائل على غاياا؟

.من سورة اإلخالص ١اآلية ٢ .٣٦-٣٥طلة الجھمیة صاجتماع الجیوش اإلسالمیة على غزو المع ٣ .١/٨٦مفتاح دار السعادة ٤

كل من العلم والعمل ينقسم إىل قسمني، منه ما يكون وسيلة، ومنه ما : قيل

يكون غاية، فليس العلم كله وسيلة مرادة لغريها، فإن العلم باهللا وأمسائه وصفاته هو

الله {: اد لذاته، قال اهللا تعاىلأشرف العلوم على اإلطالق وهو مطلوب لنفسه مر

وا أن اللهلمعتل نهنيب رل الأمزنتي نثلهض مالأر نمو اتاومس عبس لقي خالذ

أنه فقد أخرب سبحانه ٥}على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما

خلق السموات واألرض ونزل األمر بينهن ليعلم عباده أنه بكل شي عليم، وعلى كل

٦}فاعلم أنه ال إله إلا الله{ :شي قدير فهذا العلم هو غاية اخللق املطلوبة، وقال تعاىل

، فالعلم بوحدانيته تعاىل وأنه ال إله إال هو مطلوب لذاته وإن كان ال يكتفى به وحده

.بل البد معه من عبادته وحده ال شريك له، فهما أمران مطلوبان ألنفسهما

.أن يعرف الرب تعاىل بأمسائه، وصفاته وأفعاله وأحكامه: األمر األول

.أن يعبد مبوجبها ومقتضاها: واألمر الثاين

فكما أن عبادته مطلوبة مرادة لذاا، فكذلك العلم به ومعرفته أيضا، فإن العلم

.٧ضل العباداتمن أف

:توحيد ا ألمساء والصفات هو أصل، العلوم الدينية: ثالثا

كما أن العلم بأمساء اهللا وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأشرفها وأعظمها فهو

أصلها كلها، فكل علم هو تابع للعلم به، مفتقر يف حتقق ذاته إليه، فالعلم به أصل كل

، ومن جهل ربه فهو ملا سواه أجهل، قال علم ومنشؤه، فمن عرف اهللا عرف ما سواه

فتأمل هذه اآلية جتد حتتها ٨}وال تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم{: تعاىل

أن من نسي ربه أنساه ذاته ونفسه فلم يعرف حقيقته وال : معىن شريفا عظيما، وهو

.من سورة الطالق ١٢اآلية ٥ .من سورة محمد ١٩اآلية ٦ .١/١٧٨مفتاح دار السعادة ٧ .من سورة الحشر ١٩اآلية ٨

عاشه ومعاده، ألنه خرج عن فطرته اليت مصاحله، بل نسي ما به صالحه وفالحه يف م

خلق عليها فنسي ربه فأنساه نفسه وصفاا وما تكمل به وتزكو به وتسعد به يف

وال تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان {: معاشها ومعادها، قال تعاىل

ط عليه أمره وقلبه، فال التفات له إىل مصاحله، فغفل عن ذكر ربه فانفر ٩}أمره فرطا

وكماله وما تزكو به نفسه وقلبه، بل هو مشتت القلب مضيعه، مفرط األمر حريان ال

.يهتدي سبيال

فالعلم باهللا أصل كل علم، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصاحل دنياه

ا وما تزكو به وتفلح به، وآخرته، واجلهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصاحلها وكماهل

.١٠فالعلم به سعادة العبد واجلهل به أصل شقاوته

:معرفة أمساء اهللا وصفاته أصل عظيم يف منهج السلف: رابعا

معرفة أمساء اهللا وصفاته هي األساس الذي ينبين عليه عمل العبد، ومن خالهلا

.م ربه ويتقرب إليهتتحدد العالقة اليت تربط العبد بربه، وعلى ضوئها يعبد املسل

:ولذلك كان أصل علم السلف وعملهم هو

.العلم باهللا -ا

.والعمل هللا -٢

.فجمعوا بذلك بني التصديق العلمي والعمل احليب

مث إن تصديقهم عن علم، وعملهم وحبهم عن علم، فسلموا بذلك من آفات

.منحرفة املتكلمة واملتصوفة

بوت واالنتفاء، والوجود والعدم، غالب نظرهم وقوهلم يف الث: فالكالميون

.والقضايا التصديقية، فغايتهم جمرد التصديق والعلم واخلرب

.من سورة الكھف ٢٨اآلية ٩ .١/٨٦مفتاح دار السعادة ١٠

غالب طلبهم وعملهم يف احملبة والبغضة، واإلرادة والكراهة، : والصوفيون

.واحلركات العملية، فغايتهم احملبة واالنقياد والعمل واإلرادة

:فإن كال من املنحرفني له مفسدتان

.القول بال علم إن كان متكلما :إحدامها

.والعمل بال علم إن كان متصوفا

.وهو ما وقع من البدع الكالمية والعملية املخالفة للكتاب والسنة

.فوت املتكلم العمل: واملفسدة الثانية

.وفوت املتصوف القول والكالم

.أما السلف وأتباعهم فقد حققوا كال األمرين

عتمد على معرفة أمساء اهللا وصفاته وأفعاله الواردة يف من القول التصديقي امل

.الكتاب والسنة

والعمل اإلرادي وذلك باتباع األوامر واجتناب النواهي وفق ما شرعه اهللا يف

.كتابه وعلى لسان رسوله صلى اهللا عليه وسلم

ولذلك كان كالمهم وعملهم باطنا وظاهرا بعلم، وكان كل واحد من قوهلم

.١١ونا باآلخر وهؤالء هم املسلمون حقاوعملهم مقر

فالسلف وأتباعهم جعلوا من توحيد األمساء والصفات إحدى الركيزتني اليت قام

عليها منهجهم املعتمد على نصوص الكتاب والسنة، وذلك ملا هلذا التوحيد من أمهية

.ومرتلة، وهذا ما تشهد له كثرة النصوص الشرعية الواردة يف هذا الشأن

:العلم بأمساء اهللا وصفاته يفتح للعبد باب معرفة اهللا: امساخ

إن حمبة الشيء فرع عن الشعور به، وأعرف اخللق باهللا أشدهم حبا له، وكل من

.بتصرف ٢/٤١مجموع الفتاوى ١١

عرف اهللا أحبه، وال سبيل للحصول على هذه املعرفة إال من باب العلم بأمساء اهللا

عرف على أمسائه وصفاته الواردة يف وصفاته، فال تستقر للعبد قدم يف معرفة اهللا إال بالت

القرآن والسنة، فالعلم بأمساء اهللا وصفاته يفتح للعبد هذا الباب العظيم، فاهللا عز وجل

مل جيعل السبيل إىل معرفته من طريق االطالع على ذاته، فهذا الباب موصود إىل قيام

تعلموا أنه لن " :الساعة، كما أخربنا بذلك نبينا حممد صلى اهللا عليه وسلم حيث قال

.١٢"يرى أحد منكم ربة عز وجل حىت ميوت

وكذلك فإن من احملال أن تستقل العقول البشرية مبعرفة ذلك وإدراكه على وجه

التفصيل، فهي عاجزة عن ذلك لكونه من املغيبات اليت ال سبيل إىل معرفتها إال من

فهذه اآلية ١٣}علم إلا قليالوما أوتيتم من ال{: طريق الوحي، واهللا عز وجل يقول

.تبني حمدودية علم اإلنسان

وقد اقتضت رمحة العزيز احلكيم أن بعث الرسل به معرفني وإليه داعني، وجعل

معرفته سبحانه بأمسائه وصفاته، أفعاله هي مفتاح دعوم وزبدة رسالتهم، فأساس

معرفة اهللا سبحانه : يهادعوة الرسل صلوات اهللا وسالمه عليهم، واألصل األول ف

:مث يتبع هذا األصل أصالن عظيمان مها. بأمسائه وصفاته وأفعاله

".شريعته املتضمنة ألمره ويه: "تعريف الناس الطريق املوصلة إىل اهللا، وهي -ا

.تعريفهم مآهلم يف اآلخرة -٢

م وهذان األصالن تابعان لألصل األول مبنيان عليه، فأعرف الناس باهللا أتبعه

.للطريق املوصلة إليه، وأعرفهم حبال الناس عند القدوم عليه

:أساس العلم الصحيح هو اإلميان باهللا وبأمسائه وصفاته: سادسا

على أساس العلم الصحيح باهللا وبأمسائه وصفاته يقوم اإلميان الصحيح والتوحيد

.٨/١٩٣اب الفتن، باب ذكر ابن صیاد أخرجه مسلم في صحیحه، كت ١٢ .من سورة اإلسراء ٨٥اآلية ١٣

ية واإلميان وهو اخلالص، وتنبين مطالب الرسالة مجيعها، فهذا التوحيد هو أساس اهلدا

أصل الدين الذي يقوم عليه، ولذلك فإنه ال يتصور إميان صحيح ممن ال يعرف ربه،

فهذه املعرفة الزمة النعقاد أصل اإلميان، وهي مهمة جدا للمؤمن لشدة حاجته إليها

لسالمة قلبه وصالح معتقده واستقامة عمله، فهذه املعرفة ألمساء اهللا وصفاته وأفعاله

د التمييز بني اإلميان والكفر، والتوحيد والشرك واإلقرار والتعطيل، وترتيه توجب للعب

.الرب عما ال يليق به ووصفه مبا هو أهله من اجلالل واإلكرام

وذلك يتم بتدبر كالم اهللا تعاىل وما تعرف به سبحانه إىل عباده على ألسنة رسله

.بغي له وال يليق به سبحانهمن أمسائه وصفاته وأفعاله وما نزه نفسه عنه مما ال ين

:واجلدير ذكره أن معرفة اهللا نوعان

.املعرفة اإلمجالية: النوع األول

وهي اليت تلزم العبد املؤمن لينعقد ا أصل اإلميان، وهي تتحقق بالقدر الذي مييز

العبد به بني ربه وبني سائر اآلهلة الباطلة، ويتحقق ا اإلميان امل، وجتعله يف سالمة

.من الكفر والشرك املخرجني من اإلميان، وخترجه من حد اجلهل بربه وما جيب له

وهذه املعرفة يتحصل عليها من قراءة سورة اإلخالص، وآية الكرسي وغريها من

.اآليات ومعرفة معانيها

.ولكن هذه املعرفة ال توجب قوة اإلميان والرسوخ فيه

.املعرفة التفصيلية: النوع الثاين

كون مبعرفة األدلة التفصيلية الواردة يف هذا الباب وتعلمها واعتقاد وهذه ت

.اتصاف اهللا ا ومعرفة معانيها والعمل مبقتضياا وأحكامها

وهذه املعرفة هي اليت حيصل ا زيادة اإلميان ورسوخه، فكلما ازداد العبد علما

إنما يخشى الله من عباده { :باهللا زاد إميانه وخشيته وحمبته لربه وتعلقه به، قال تعاىل

كما جتلب للعبد النور والبصرية اليت حتصنه من الشبهات املضللة والشهوات ١٤}العلماء

.احملرمة

:والعلم باهللا يراد به يف األصل نوعان"

العلم به نفسه، أي مبا هو متصف به من نعوت اجلالل واإلكرام وما : أحدمها

.احلسىن دلت عليه أمساؤه

وهذا العلم إذا رسخ يف القلب أوجب خشية اهللا ال حمالة، فإنه البد أن يعلم أن

.اهللا يثيب على طاعته، ويعاقب على معصيته

يراد بالعلم باهللا العلم باألحكام الشرعية من األوامر والنواهي، : والنوع الثاين

.واحلالل واحلرام

:العلماء ثالثة: وهلذا قال بعض السلف

.عامل باهللا ليس عاملا بأمر اهللا -ا

.عامل بأمر اهللا ليس عاملا باهللا -٢

.عامل باهللا وبأمر اهللا -٣

.١٥"الذي يعرف احلالل واحلرام: الذي خيشى اهللا، والعامل بأمر اهللا: فالعامل باهللا

:العلم بأمساء اهللا وصفاته هو حياة القلوب: سابعا

وال أمان وال طمأنينة إال بأن تعرف را فال حياة للقلوب وال نعيم وال سرور

ومعبودها وفاطرها ويكون أحب إليها مما سواه، واإلنسان بدون اإلميان باهللا ال ميكنه

أن ينال معرفة وال هداية، وبدون اهتدائه إىل ربه ال يكون إال شقيا معذبا كما هو

.حال الكافرين

لروح وشاء أن يكون خلق فاهللا تبارك خلق هذا اإلنسان وركبه من اجلسد وا

.من سورة فاطر ٢٨اآلية ١٤ .بتصرف بسیر ٣/٣٣٣مجموع الفتاوى ١٥

وجعل قوام اجلسد ١٦}فإنا خلقناكم من تراب{: اجلسد من التراب، قال تعاىل

وحياته من التراب، فهو يأكل ويشرب ويكتسي من األرض وما فيها، وجعل يف هذا

أن يكون وشاء ١٧}فإذا سويته ونفخت فيه من روحي{: اجلسد الروح، قال تعاىل

قوام هذه الروح وحياا يف معرفة اهللا وعبادته، فال شيء أطيب للعبد وال ألذ وال أهنأ

وال أنعم لقلبه وعيشه من حمبة فاطره وباريه ودوام ذكره والسعي يف مرضاته، لذلك

فإن من يف قلبه أدىن حياة أو حمبة لربه وإرادة لوجهه وشوق إىل لقائه، فطلبه هلذا

على معرفته وازدياده من التبصر فيه، وسؤاله واستكشافه عنه هو أكرب الباب وحرصه

مقاصده وأعظم مطالبه وأجل غاياته، فهذا هو الكمال الذي ال كمال للعبد بدونه،

وله خلق اخللق، وألجله نزل الوحي، وأرسلت الرسل وقامت السموات واألرض،

لة، ونصبت القبلة، وهو ووجدت اجلنة والنار، وألجله شرعت الشرائع، وأسست امل

.قطب رحى اخللق واألمر الذي مدارمها عليه

وهو حبق أفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول، وليست

القلوب الصحيحة والنفوس املطمئنة إىل شيء من األشياء أشوق منها إىل معرفة هذا

.١٨ق فيهاألمر وال فرحها بشيء أعظم من فرحها بالظفر مبعرفة احل

:مثرة معرفة أمساء اهللا وصفاته: ثامنا

مما يدلل ويؤكد أمهية هذا التوحيد هو ما تثمره معرفة أمساء اهللا وصفاته يف قلب

املؤمن من زيادة يف اإلميان ورسوخ يف اليقني، وما جتلبه له من النور والبصرية اليت

.حتصنه من الشبهات املضللة، والشهوات احملرمة

م إذا رسخ يف القلب أوجب خشية اهللا ال حمالة، فلكل اسم من أمساء اهللا فهذا العل

.من سورة الحج ٥اآلية ١٦ .من سورة الحجر ٢٩اآلية ١٧ .٢٩-٢٨الفتوى الحموية الكبرى ص: انظر ١٨

تأثري معني يف القلب والسلوك، فإذا أدرك القلب معىن االسم وما يتضمنه واستشعر

.ذلك، جتاوب مع هذه املعاين وانعكست هذه املعرفة على تفكريه وسلوكه

األمساء احلسىن ولكل صفة عبودية خاصة هي من موجباا ومقتضياا، ف

والصفات العلى مقتضية آلثارها من العبودية وهذا مطرد يف مجيع أنواع العبودية اليت

علم العبد بتفرد الرب تعاىل بالضر والنفع والعطاء واملنع : على القلب واجلوارح، فمثال

ل و واخللق والرزق واإلحياء واإلماتة يثمر له عبودية التوكل عليه باطنا، ولوازم التوك

.مثراته ظاهرا

وعلمه بسمعه تعاىل وبصره وعلمه و أنه ال خيفى عليه مثقال ذرة يف السموات

وال يف األرض، وأنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة األعني وما ختفي الصدور، يثمر

له حفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما ال يرضي اهللا، وأن جيعل تعلق هذه

اهللا ويرضاه فيثمر له ذلك احلياء باطنا، ويثمر له احلياء اجتناب األعضاء مبا حيبه

.احملرمات والقبائح

ومعرفته بغناه وجوده وكرمه وبره وإحسانه ورمحته توجب له سعة الرجاء،

وكذلك . ويثمر له ذلك من أنواع العبودية الظاهرة والباطنة حبسب معرفته وعلمه

ر له اخلضوع واالستكانة واحملبة، وتثمر له تلك معرفته جبالل اهللا وعظمته وعزه، تثم

.األحوال الباطنة أنواعا من العبودية الظاهرة هي موجباا

وكذلك علمه بكماله ومجاله وصفاته العلى يوجب له حمبة خاصة مبرتلة أنواع

.العبودية

.١٩فرجعت العبودية كلها إىل مقتضى األمساء والصفات وارتبطت ا

معرفة العبد ألمساء اهللا وصفاته على الوجه الذي أخرب اهللا عز وجل وذا يتبني أن

به يف كتابه وسنة رسوله صلى اهللا عليه وسلم توجب على العبد القيام بعبودية اهللا على

٢/٩٠مفتاح دار السعادة ١٩

الوجه األكمل، فكلما كان اإلميان بالصفات أكمل كان احلب واإلخالص والتعبد

مساء والصفات اليت يطلع عليها البشر، إذ أقوى، وأكمل الناس عبودية املتعبد جبميع األ

.كل اسم من أمسائه عز وجل له تعبد خمتص به، علما ومعرفة وحاال

أي إن من علم أن اهللا مسمى ذا االسم، وعرف ما يتضمنه من ": علما ومعرفة"

.الصفة مث اعتقد ذلك فهذه عبادة

وتأثريا معينا يف القلب أي إن لكل اسم من أمساء اهللا مدلوال خاصا " حاال"و

والسلوك، فإذا أدرك القلب معىن االسم وما يتضمنه واستشعر ذلك، جتاوب مع هذه

.املعاين وانعكست هذه املعرفة على، تفكريه وسلوكه

ولله الأسماء الحسنى {: وهذه الطريقة مشتقة من قلب القرآن، قال اهللا تعاىل

.٢٠}فادعوه بها

وهو سبحانه يدعو . دعاء املسألة، ودعاء الثناء، ودعاء التعبد: اء ا يتناولوالدع

.٢١عباده إىل أن يعرفوه بأمسائه وصفاته، ويثنوا عليه ا، ويأخذوا حبظهم من عبوديتها

:ضرورة جتنب الباطل وعدم خمالفة طر يق احلق يف هذا الباب: تاسعا

واب خطورة ومزلة من جهة كونه حمل يعترب باب األمساء والصفات من أكثر األب

خالفات شديدة ومعقدة دارت رحاها بني علماء السلف من جهة والفالسفة وأهل

.الكالم واملشبهة من جهة أخرى

فمن واجب طالب العلم أن يتعمق يف فهم احلق املبين على الكتاب والسنة، قال

، فالرد إىل اهللا يكون ٢٢}ى الله والرسولإن تنازعتم في شيء فردوه إل {: تعاىل

بالرد إىل كتابه، والرد إىل الرسول بعد وفاته يكون بالرد إىل سنته صلى اهللا عليه

عرافمن سورة األ ١٨٠اآلية ٢٠ ١/٤٢٠مدارج السالكین ٢١ من سورة النساء ٥٩اآلية ٢٢

، فاهللا أعلم بنفسه، وهو الذي أخرب ٢٣}أأنتم أعلم أم الله{: وسلم، وقد قال تعاىل

اهللا عليه وسلم، وكذلك فإن النيب بأمسائه وصفاته يف كتابه وعلى لسان رسوله صلى

وما {: صلى اهللا عليه وسلم أعلم الناس بربه وأصدقهم خربا، وقد قال اهللا يف حقه

.٢٤}إن هو إلا وحي يوحى ينطق عن الهوى

فمن الواجب على املسلم أن يدرس هذا الباب ويتعمق يف فهمه وفق ما ورد يف

حيذر من التيارات الفلسفية اليت أضرت أصحاا وأدخلتهم يف الكتاب والسنة، وأن

دوامة االحنراف والضياع، فحالت بني قلوم وبني معرفة رم، فأصبحت قلوم

مظلمة جاهلة حبقائق اإلميان، فترتب على ذلك إعراضهم عن اهللا وعن ذكره وحمبته

هم وشوقهم وأنسهم والثناء عليه بأوصاف كماله، ونعوت جالله، فانصرفت قوى حب

.إىل سواه

ومعلوم أنه ال يستقر للعبد قدم يف املعرفة، بل وال يف اإلميان، حىت يؤمن بأمساء

وصفات الرب جل جالله، ويعرفها معرفة خترجه عن حد اجلهل بربه، فاإلميان باألمساء

والصفات وتعرفها هو أساس اإلسالم وقاعدة اإلميان ومثرة شجرة اإلحسان، فمن

ا فقد هدم أساس اإلسالم واإلميان، ومثرة شجرة اإلحسان، فضال عن أن يكون جحده

.من أهل العرفان

فينبغي للمؤمن أن يبذل مقدوره ومستطاعه، يف معرفة األمساء والصفات، وأن

تكون معرفته ساملة من داء التعطيل وداء التمثيل اللذين ابتلي ما كثري من أهل البدع

الرسول صلى اهللا عليه وسلم، فاملعرفة الصحيحة هي املتلقاة من املخالفة ملا جاء به

الكتاب والسنة، وما روي عن الصحابة والتابعني هلم بإحسان، فهذه هي املعرفة النافعة

.اليت ال يزال صاحبها يف زيادة إميانه وقوة يقينه، وطمأنينة أحواله

من سورة البقرة ١٤٠اآلية ٢٣ من سورة النجم ٤، ٣اآليتان ٢٤

باقي أنواع التوحيدتعريف توحيد األمساء والصفات وعالقته ب: الفصل األول

:وفيه مبحثان

تعريف توحيد األمساء والصفات: املبحث األول

العالقة بني أنواع التوحيد: املبحث الثاين

تعريف توحيد األمساء والصفات: املبحث األول

حدود األشياء وتفسريها الذي يوضحها، تتقدم أحكامها، فإن احلكم على

قبل أن حييط علمه -أمر من األمور األشياء فرع عن تصورها، فمن حكم على

.٢٥أخطأ خطأ فاحشا -بتفسريه، وبتصوره تصورا مييزه عن غريه

هو إفراد اهللا بأمسائه احلسىن وصفاته العلى الواردة يف : توحيد األمساء والصفات

.القرآن والسنة، واإلميان مبعانيها وأحكامها

:شرح مفردات التعريف

":إفراد اهللا: "أوال

وحد يوحد : فيقال" وحد"، فأصل هذه الكلمة من "التوحيد"عىن كلمة هذا م

.أي جعله واحدا: توحيدا

.يف اللغة مدارها على انفراد الشيء" وحد"ومادة

.فاملعىن إفراد اهللا بأمسائه: توحيد اهللا بأمسائه: فإذا قلت

":بأمسائه احلسىن : ثانيا

.وضوع ملعنى تعيينا أو متييزاهو اللفظ امل: االسم يف اللغة": بأمسائه "

.ما دل على الذات وما قام ا من الصفات: أو االسم

- السميع -القدير -العزيز -الغفور -الرحيم -الرمحن -اهللا: ومن أمساء اهللا تعاىل

٧التوضیح والبیان لشجرة اإليمان ص ٢٥

...الباري -البصري

.هذا وصف ألمساء اهللا، وقد ورد ذكره يف القرآن الكرمي": احلسىن"

:فيها املواضع اليت ورد -ا

ورد هذا الوصف ألمساء اهللا عز وجل يف أربعة مواضع من كتاب اهللا عز وجل،

:وهذه املواضع هي

.١٨٠األعراف }ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها {: قال تعاىل -أ

له الأسماء قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا ف{: قال تعاىل -ب

.١١٠اإلسراء }الحسنى

.٨طه }الله ال إله إلا هو له الأسماء الحسنى{: قال تعاىل -ج

احلشر }هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى{: قال تعاىل -د

٢٤.

تأنيث أفعل التفضيل، فحسىن تأنيث " فعلى"حسنى على وزن : تصريفها -٢

أحسن، ككربى تأنيث أكرب، وصغرى تأنيث أصغر، ولذلك خيطيء من يقول إا

إن : ، ومن أجل ذلك ال يصح أن نقول"حسنة" "حسن"تأنيث حسن، ألن تأنيث

.إن أمساء اهللا حسىن كما وصفها اهللا بذلك: أمساء اهللا حسنة، والصواب هو أن نقول

.املفضلة على احلسنة، أي البالغة يف احلسن غايته: معىن حسىن: عناهام -٣

هللا أحسن األمساء وأجلها إلنبائها : }ولله الأسماء الحسنى{: املعىن العام لآلية

.عن أحسن املعاين وأشرفها

جيب اإلميان ذا الوصف الذي أخرب اهللا به عن أمسائه وذلك : احلكم املستفاد -٥

االعتقاد اجلازم أن أمساء اهللا هي أحسن األمساء وأمتها وأكملها معىن، ويف هذا ب

الوصف أحكام أخرى مستفاد سيأيت الكالم عنها بإذن اهللا يف املسائل التفصيلية املتعقلة

.بأمساء اهللا احلسىن

":وصفاته العلى: "ثالثا

من أمور ذاتية أو ما قام بالذات مما مييزها عن غريها : الصفة هي": وصفاته "

.معنوية أو فعلية

:ومن صفات اهللا عز وجل

.األصابع -العينان -الوجه -اليدان: الذاتية

.اإلرادة -احلياة -القدرة -العلم: املعنوية

.الرزق -اخللق -االستواء -الرتول: الفعلية

.هذا الوصف جاء ذكره يف نص القرآن العظيم": العلى"

لذين ال يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل ل{: قال تعاىل: املواضع -ا

يمكالح زيزالع وهلى و٦٠النحل }الأع.

وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل {: وقال تعاىل

اتاومي السلى فالأع يمكالح زيزالع وهض والأر٢٧الروم }و.

ويف القرآن العظيم آيات كثرية تدل على كمال صفات اهللا، سيأيت الكالم عنها

.بإذن اهللا يف املسائل التفصيلية املتعلقة بصفات اهللا

.٢٦صيغة أفعل التفضيل، أي أعلى من غريه" األعلى: "تصريفها -٢

.٢٧أي الوصف األعلى: }ولله المثل الأعلى{: القرطيبقال : معىن اآلية -٣

.٢٨أي الكمال املطلق من كل وجه: }ولله المثل الأعلى{: وقال ابن كثري

وهو كل صفة كمال، وكل كمال يف }ولله المثل الأعلى{: وقال ابن سعدي

.٢٩نقصا بوجه الوجود فاهللا أحق به من غري أن يستلزم ذلك

جيب اإلميان مبا أخرب اهللا به عن نفسه وذلك باالعتقاد اجلازم : احلكم املستفاد -٤

٣/١٠٣٠الصواعق المرسلة ٢٦ ١٠/١١٩تفسیر القرطبي ٢٧ ٢/٥٧٣تفسیر ابن كثیر ٢٨ ٤/١٠٤منان تیسیر الكريم الرحمن في تفسیر كالم ال ٢٩

بأن كل ما أخرب اهللا به يف كتابه أو على لسان رسوله صلى اهللا عليه وسلم من

الصفات هي صفات كمال ال نقص فيها بوجه من الوجوه، فهو سبحانه املستحق

.جوهللكمال املطلق من مجيع الو

املثل األعلى يتضمن ثبوت الصفات العليا هللا سبحانه، : "قال اإلمام ابن القيم

.٣٠... "ووجودها العلمي، واخلرب عنها، وذكرها، وعبادة الرب سبحانه ا

":الواردة يف القرآن والسنة : " رابعا

أي جيب الوقوف يف أمساء اهللا وصفاته على ما جاءت به نصوص القرآن والسنة

.زيد على ذلك وال ننقص منهال ن

فال نسمي أو نصف اهللا مبا مل يسم أو يصف به نفسه يف كتابه أو على لسان

.رسوله صلى اهللا عليه وسلم

وذلك ألنه ال طريق إىل معرفة أمساء اهللا وصفاته إال من طريق واحد هو طريق

.-أي الكتاب والسنة -اخلرب

.هللا مسع بال أذنني: فلو قال شخص

.هللا مسع بأذنني: روقال آخ

حلكمنا خبطأ االثنني، ألنه مل يأت ذكر األذنني يف النصوص ال نفيا وال إثباتا،

هللا مسع يليق جبالله كما جاءت بذلك النصوص، وقد انا اهللا أن : واحلق هو أن يقال

ع والبصر وال تقف ما ليس لك به علم إن السم{: نتكلم بغري علم، فقال تعاىل

وبالتايل ال جيوز اإلثبات أو النفي إال ٣١}والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤوال

.بالنص

ال يوصف اهللا إال مبا وصف به نفسه أو : "رمحه اهللا) ٢٤١ت (قال اإلمام أمحد

بتصرف ٣/١٠٣٤الصواعق المرسلة ٣٠ من سورة اإلسراء ٣٦اآلية ٣١

.٣٢"وصفه به رسوله صلى اهللا عليه وسلم ال نتجاوز القرآن والسنة

ليس يف االعتقاد كله يف صفات اهللا : "رمحه اهللا) ٤٦٣ت (عبد الرب وقال ابن

وأمسائه إال ما جاء منصوصا يف كتاب اهللا، أو صح عن رسول اهللا صلى اهللا عليه

وسلم، أو أمجعت عليه األمة، وما جاء من أخبار اآلحاد يف ذلك كله أو حنوه يسلم له

.٣٣"وال يناظر فيه

":يها وأحكامهاواإلميان مبعان: "خامسا

وهذا . أي اإلميان مبا تضمنته من املعاين ومبا ترتب عليها من مقتضيات وأحكام

.ما جاء األمر به واحلث عليه يف القرآن والسنة

، والشاهد٣٤}ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها{: قوله تعاىل: فمن القرآن

".فادعوه ا: "من اآلية قوله

أن اهللا يدعو عباده إىل أن يعرفوه بأمسائه وصفاته، ويثنوا عليه : ستشهادووجه اال

:ا، ويأخذوا حبظهم من عبوديتها، فالدعاء ا يتناول

.ريب ارزقين: كقولك: ٣٥دعاء املسألة

.سبحان اهللا: كقولك: ٣٦ودعاء الثناء

.٣٨كالركوع والسجود: ٣٧ودعاء التعبد

إن هللا تسعة وتسعني امسا، مائة إال ": مقوله صلى اهللا عليه وسل: ومن السنة

.٣٩متفق عليه "واحدا، من أحصاها دخل اجلنة

".من أحصاها: "قوله صلى اهللا عليه وسلم: الشاهد من احلديث

، دار فجر التراث٦١الفتوى الحموية ص ٣٢ ٩٦جامع بیان العلم وفضله ص ٣٣ من سورة األعراف ١٨٠اآلية ٣٤ ما كان فیه طلب جلب نفع أو دفع مضرة: دعاء المسألة ٣٥ لى اهللا، وخال من السؤالما كان فیه التمجید والثناء ع: دعاء الثناء ٣٦ الحركات التعبدية كالصالة فھي الدعاء: دعاء التعبد ٣٧ ١/٤٢٠مدارج السالكین ٣٨ )٨/٦٣(، وأخرجه مسلم في صحیحه ٧٣٩٢، ح ١٣/٣٧٧فتح الباري : انظر. أخرجه البخاري في صحیحه ٣٩

أي حفظها ألفاظا، وفهم معانيها : أن معىن أحصاها: ووجه االستشهاد

.ومدلوالا، وعمل مبقتضياا وأحكامها

وصفاته واعتقاد تسمي اهللا واتصافه ا هو من العبادة وإدراك فالعلم بأمساء اهللا

القلب ملعانيها، وما تضمنته من األحكام واملقتضيات، واستشعاره وجتاوبه لذلك

.بالقدر الذي يؤدي إىل سالمة تفكريه واستقامة سلوكه، هو عبادة أيضا

، ومبا يترتب عليها فأهل السنة يؤمنون مبا دلت عليه أمساء اهللا وصفاته من املعاين

.من مقتضيات وأحكام، خبالف أهل الباطل الذين أنكروا ذلك وعطلوه

فأهل السنة يؤمنون بأن كل اسم من أمساء اهللا يدل على معىن الذي نسميه

:فلذلك كان لزاما على من يؤمن بأمساء اهللا تعاىل أن يراعي األمور التالية" الصفة"

.م هللا عز وجلاإلميان بثبوت ذلك االس: أوال

".الصفة"اإلميان مبا دل عليه االسم من املعىن أي : ثانيا

.اإلميان مبا يتعلق به من اآلثار واحلكم واملقتضى: ثالثا

".السميع: "مثال ذلك

:اسم من أمساء اهللا احلسىن، فالبد من اإلميان به من

.باعتباره امسا من أمساء اهللا احلسىن" السميع"إثبات اسم -ا

.صفة له" السمع"إثبات -٢

.وهو أن اهللا يسمع السر والنجوى" أي الفعل"إثبات احلكم -٣

وهو وجوب خشية اهللا ومراقبته وخوفه واحلياء: وإثبات املقتضى واألثر

.منه عز وجل

كل اسم من أمسائه عز وجل له تعبد خمتص به علما : "قال ابن القيم رمحه اهللا

:ومعرفة وحاال

أي إن من علم أن اهللا مسمى ذا االسم وعرف ما يتضمنه من : فةعلما ومعر

.الصفة مث اعتقد ذلك فهذه عبادة

أي إن لكل اسم من أمساء اهللا مدلوال خاصا وتأثريا معينا يف القلب : وحاال

والسلوك، فإذا أدرك القلب معىن االسم وما يتضمنه واستشعر ذلك، جتاوب مع هذه

.٤٠"هذه املعرفة على تفكريه وسلوكهاملعاين، وانعكست

وكذلك الشأن يف صفات اهللا عز وجل، فالبد من اإلميان مبعانيها وأحكامها،

فهذه عقيدة أهل السنة، خبالف عقيدة املعطلة الذين نفوا ما دلت عليه تلك الصفات

.من املعاين، وتالعبوا بتلك املعاين فحرفوها وبدلوها

على من أراد إثبات الصفات واإلميان بأا صفات فأهل السنة يرون أنه لزاما

:أن يراعي األمور التالية -كمال تثبت هللا حقيقة

.إثبات تلك الصفة فال يعاملها بالنفي واإلنكار -أ

أن ال يتعدى ا امسها اخلاص الذي مساها اهللا به، بل حيترم االسم كما حيترم -٢

ها امسا آخر، كما تسمي املعطلة مسعه الصفة، فال يعطل الصفة وال يغري امسها ويعري

".أعراضا"وبصره وكالمه

".جوارح وأبعاضا " ويسمون وجهه ويديه وقدمه

".حتيزا"ويسمون علوه على خلقه واستواءه على عرشه

ال يف ذاته ) ليس كمثله شيء(عدم تشبيهها مبا للمخلوق، فإن اهللا سبحانه -٣

.وال يف صفاته وال يف أفعاله

يأس من إدراك كنهها وكيفياا، فالعقل قد يئس من تعرف كنه الصفة ال -٤

": بال كيف : "وكيفيتها، فإنه ال يعلم كيف اهللا إال اهللا، وهذا معىن قول أهل السنة

أي بال كيف يعقله البشر، فإن من ال تعلم حقيقة ذاته وماهيته كيف تعرف كيفية

.٤١ومعرفة معانيها، فالكيفية وراء ذلك نعوته وصفاته؟ وال يقدح ذلك يف اإلميان ا،

١/٤٢٠مدارج السالكین ٤٠ بتصرف يسیر ٣٥٨-٣/٣٥٨مدارج السالكین ٤١

حتقيق املقتضى واألثر لتلك الصفات، فلكل صفة عبودية خاصة هي من -٥

فعلم العبد بتفرد -أعين من موجبات العلم ا والتحقق مبعرفتها -موجباا ومقتضياا

".التوكل" الرب باخللق والرزق واإلحياء واإلماتة، يثمر له عبودية

.جبالله اهللا وعظمته وعزه، يثمر له اخلضوع واالستكانة واحملبة وعلم العبد

العالقة بني أنواع التوحيد: املبحث الثاين

بعد شرح تعريف توحيد األمساء والصفات، لعل من املناسب هنا ذكر العالقة

.بني هذا النوع من أنواع التوحيد وبقية أنواع التوحيد

:للتوحيد فنقول ومنهد لذلك بذكر تقسيمات أهل العلم

:أقسام التوحيد

تنوعت عبارات علماء أهل السنة يف التعبري عن أنواع التوحيد، ولكنها مع ذلك

التنوع متفقة يف املضمون، ولعل السبب يف ذلك هو أن تلك التقسيمات مأخوذ من

من قدم ٤٢استقراء النصوص ومل ينص عليها باللفظ مباشرة، ولذلك فمن العلماء

: ثالثة أقسام، هيالتوحيد إىل

.وهو إفراد اهللا بأفعاله كاخللق والرزق: توحيد الربوبية -ا

.وقد تقدم ذكر تعريفه: توحيد األمساء والصفات -٢

وهو إفراد اهللا بأفعال العباد التعبدية؟ كالصالة والصوم : توحيد األلوهية -٣

.والدعاء

:ثة السابقة ومساهومن املتأخرين من زاد قسما رابعا على األقسام الثال

، ولكن )أي التحاكم إىل الكتاب والسنة(توحيد االتباع أو توحيد احلاكمية -٤

يالحظ على من ذكر هذا القسم أن هذا القسم يف احلقيقة داخل ضمن توحيد

، وتیسیر العزيز ١/١٢٨، ولوامع األنوار للسفاريني ٧٦، وشرح الطحاوية ص ٣.يق الھجرتین ص طر: انظر ٤٢ ١٩ -١٧الحمید ص

:األلوهية، ألن العبادة ال تقبل شرعا إال بشرطني مها

.اإلخالص -ا

.االتباع -٢

ان يرجوا لقاء ربه فليعمل عمال صالحا وال يشرك فمن ك{: كما قال تعاىل

.٤٣}بعبادة ربه أحدا

ومن العلماء من قسم التوحيد إىل قسمني، وهذا هو األغلب يف كالم أهل العلم

املتقدمني ألم جيمعون بني توحيد الربوبية وتوحيد األمساء والصفات، وذلك بالنظر

أما يشكالن مبجموعهما جانب العلم باهللا ومعرفته عز وجل، فجمعوا بينهما إىل

.لذلك، بينما توحيد األلوهية يشكل جانب العمل هللا

وتقسيم التوحيد إىل ثالثة أقسام راجع إىل اعتبار متعلق التوحيد، وتقسيمه إىل

.قسمني راجع إىل اعتبار ما جيب على املوحد

:٤٤التوحيد قسمان: فمن العلماء من يقول

:توحيد املعرفة واإلثبات: القسم األول

ويريد به توحيد الربوبية وتوحيد األمساء والصفات ومسي بتوحيد املعرفة، ألن

.معرفة اهللا عز وجل إمنا تكون مبعرفة أمسائه وصفاته وأفعاله

.أي إثبات ما أثبته اهللا لنفسه من األمساء والصفات واألفعال: واإلثبات

:توحيد القصد والطلب: الثاين القسم

ويراد به األلوهية، ومسي بتوحيد القصد والطلب ألن العبد يتوجه بقلبه ولسانه

.وجوارحه بالعبادة هللا وحده رغبة ورهبة، ويقصد بذلك وجه اهللا وابتغاء مرضاته

:٤٥ومن العلماء من يقسم التوحيد إىل قسمني مها

من سورة الكھف ١١٠اآلية ٤٣ ٣/٤٤٩ممن ذكر ابن القیم في كتابه مدارج السالكین ٤٤ ٢/٢٢٨، وابن تیمیة في الصفدية ٣/٤٥٠ممن ذكر ذلك ابن القیم في كتابه مدارج السالكین ٤٥

:التوحيد العلمي اخلربي: القسم األول

.واملقصود به توحيد الربوبية وتوحيد األمساء والصفات

".العلم باهللا"ألنه يعتين جبانب معرفة اهللا، فالعلمي أي : ومسي بالتوحيد العلمي

".الكتاب والسنة: "ألنه يتوقف على اخلرب أي: واخلربي

:التوحيد اإلرادي الطليب: القسم الثاين

يد اإلرادي ألن العبد له يف العبادات واملقصود به توحيد األلوهية، ومسي بالتوح

إرادة، فهو إما أن يقوم بتلك العبادة أو ال يقوم ا، ومسي بالطليب، ألن العبد يطلب

.بتلك العبادات وجه اهللا ويقصده عز وجل بذلك

:٤٦ومن العلماء من يقسم التوحيد إىل قسمني فيقول

:التوحيد القويل: القسم األول

وبية وتوحيد األمساء والصفات، ومسي بالقويل ألنه يف مقابل واملراد به توحيد الرب

توحيد األلوهية الذي يشكل اجلانب العلمي من التوحيد، وأما هذا اجلانب فهو خمتص

.باجلانب القويل العلمي

:التوحيد العملي: القسم الثاين

واملراد به توحيد األلوهية، ومسي بالعملي، ألنه يشمل كال من عمل القلب

عمل اللسان وعمل اجلوارح اليت تشكل مبجموعها جانب العمل من التوحيد، و

.جانب تصديقي علمي، وجانب انقيادي عملي: فالتوحيد له جانبان

:ومن العلماء من يقسم التوحيد إىل قسمني فيقول

:توحيد السيادة: القسم األول

ألن تفرد اهللا ويعىن بذلك توحيد الربوبية وتوحيد األمساء والصفات، ومسي بذلك

بأفعاله وأمسائه وصفاته يوجب له القيادة املطلقة والتصرف التام يف هذا الكون خلقا

١/٣٦٧مجموع الفتاوى : انظر. ممن ذكر ذلك شیخ اإلسالم ابن تیمیة ٤٦

فمن واجب املوحد أن يفرد اهللا . ورزقا وإحياء وإماتة وتصرفا وتدبريا، سبحانه وتعاىل

.بذلك

:توحيد العبادة: والقسم الثاين

.ال حتتاج إىل مزيد تفصيلاملراد به توحيد األلوهية، وتسميته بذلك واضحة

وهذا ما وقفت عليه من تقسيمات العلماء للتوحيد وهي واحدة من حيث

مضموا كما سبق إيضاح ذلك من خالل ربطها بالتقسيم األول، ولذا فإن

.واهللا أعلم. االختالف بينها منحصر يف األلفاظ فقط

:فأقول" العالقة بني هذه األقسام للتوحيد"وأما عن

فال " قسام تشكل مبجموعها جانب اإلميان باهللا الذي نسميه التوحيدهذه األ

يكمل ألحد توحيده إال باجتماع أنواع التوحيد الثالثة فهي متكافلة متالزمة يكمل

بعضها بعضا، وال ميكن االستغناء ببعضها عن اآلخر، فال ينفع توحيد الربوبية بدون

وحيد األلوهية بدون توحيد الربوبية، توحيد األلوهية، وكذلك ال يصح وال يقوم ت

وكذلك توحيد اهللا يف ربوبيته وألوهيته ال يستقيم بدون توحيد اهللا يف أمسائه وصفاته،

فمعرفة اهللا ال تكون . (فاخللل واالحنراف يف أي نوع منها هو خلل يف التوحيد كله

.٤٧)بدون عبادته، والعبادة ال تكون بدون معرفة اهللا، فهما متالزمان

هي عالقة تالزم وتضمن : (وقد أوضح بعضا أهل العلم هذه العالقة بقوله

).ومشول

.فتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد األلوهية

.وتوحيد األلوهية متضمن لتوحيد الربوبية

.وتوحيد األمساء والصفات شامل للنوعني معا

ب وحده ال أن من أقر بتوحيد الربوبية وعلم أن اهللا سبحانه هو الر: بيان ذلك

)ضمن مجموعة الرسائل المنیرية ( ١/١٤٠تحذير أھل اإليمان ٤٧

من ذلك اإلقرار أن يفرد اهللا بالعبادة وحده سبحانه ٤٨شريك له يف ربوبيته لزمه

وتعاىل، ألنه ال يصلح أن يعبد إال من كان ربا خالقا مالكا مدبرا، وما دام كله هللا

.وحده وجب أن يكون هو املعبود وحده

بآيات الدعوة وهلذا جرت سنة القرآن الكرمي على سوق آيات الربوبية مقرونة

:إىل توحيد ا أللوهية، ومن أمثلة ذلك

يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم {: قوله تعاىل

الس نل مزأناء واء بنمالساشا ورف ضالأر ل لكمعي جقون الذتت لكماء لعاء مم

.٤٩}فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فال تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون

وأما توحيد األلوهية فهو متضمن لتوحيد الربوبية، ألن من عبد اهللا ومل يشرك به

.لكه الذي ال رب غريهشيئا فهذا يدل ضمنا على أنه قد اعتقد بأن اهللا هو ربه وما

وهذا أمر يشاهده املوحد من نفسه، فكونه قد أفرد اهللا بالعبادة ومل يصرف شيئا

منها لغري اهللا، ما هو إال إلقراره بتوحيد الربوبية وأنه ال رب وال مالك وال متصرف

.إال اهللا وحده

على وأما توحيد األمساء والصفات فهو شامل للنوعني معا، وذلك ألنه يقوم

إفراد اهللا تعاىل بكل ما له من األمساء احلسىن والصفات العلى اليت ال تنبغي إال له

امللك، وهذا هو توحيد -الرازق -اخلالق -الرب: سبحانه وتعاىل، واليت من مجلتها

.الربوبية

.٥٠التواب، وهذا هو توحيد األلوهية -الرحيم -الغفور -اهللا: ومن مجلتها

.عوة للتوحيدا لقرآن كله د :فائدة

كل سورة يف القرآن هي متضمنة للتوحيد، بل نقول : "قال ابن القيم رمحه اهللا

الالزم ھنا قد يتخلف كما ھو الحال في كفار قريش، فھم يقرون بتوحید الربوبیة كما دلت على ذلك النصوص، ٤٨ م بتوحید الربوبیةولكنھم لم يحققوا الالزم من إقرارھ

من سورة البقرة ٢٢، ٢١اآليتان ٤٩ ٤٢٢-٤٢١الكواشف الجلیة عن معاني الواسطیة للشیخ عبد العزيز السلمان ص : انظر ٥٠

.إن كل آية يف القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه: قوال كليا

:فإن القرآن

.إما خرب عن اهللا وأمسائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي اخلربي -ا

عبادته وحده ال شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه، فهو وإما دعوة إىل -٢

.التوحيد اإلرادي الطليب

.وإما أمر وي، وإلزام بطاعته يف يه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكمالته -٣

وإما خرب عن كرامة اهللا ألهل توحيده وطاعته، وما فعل م يف الدنيا، وما -٤

.وحيدهيكرمهم به يف اآلخرة، فهو جزاء ت

وإما خرب عن أهل الشرك، وما فعل م يف الدنيا من النكال، وما حيل م يف -٥

.العقىب من العذاب، فهو خرب عمن خرج عن حكم توحيده

.٥١"فالقرآن كله يف التوحيد وحقوقه وجزائه، ويف شأن الشرك وأهله وجزائهم

٤٥٠-٣/٤٤٩مدارج السالكین ٥١

ة وبيان معتقدهم التعريف بالسلف الصاحل وبأهل السنة واجلماع: الفصل الثاين

.يف أمساء اهللا وصفاته واألسس اليت قام عليها

:وفيه ثالثة مباحث

التعريف بالسلف الصاحل وبأهل السنة واجلماعة: املبحث األول

معتقد أهل السنة يف أمساء اهللا وصفاته: املبحث الثاين

األسس اليت قام عليها معتقدهم يف أمساء اهللا وصفاته: املبحث الثالث

بحث األول التعريف بالسلف الصاحل وبأهل السنة واجلماعةامل

:التعريف بالسلف: أوال

:معىن السلف لغة -أ

مجع سالف على وزن حارس وحرس، وخادم وخدم، والسالف : السلف(

.٥٢)اجلماعة املتقدمون... املتقدم، والسلف

لك أصل يدل على تقدم وسبق، من ذ) السني، والالم، والفاء: (قال ابن فارس

.٥٣)املتقدمون: السلف الذين مضوا، والقوم السالف

:املقصود بالسلف الصاحل -ب

:تعددت أقوال العلماء يف حتديد ذلك من حيث املدى الزمين(

.فقط -رضوان اهللا عليهم-فمن العلماء من قصر ذلك على، الصحابة -ا

.الصحابة والتابعون: ومن العلماء من قال بأم هم -٢

.٥٤الصحابة والتابعون وتابعو التابعني: اء من قال بأم همومن العلم -٣

والقول الصحيح املشهور الذي عليه مجهور أهل السنة هو أن املقصود بالسلف

٩/١٥٨لسان العرب ٥٢ "سلف"مادة ٣/٩٥معجم مقايیس اللغة ٥٣تألیف ٢٧٧-٢٧٦، وكتاب لزوم الجماعة ص ٩٤-٩٢محمد باكريم ص. وسطیة أھل السنة بین الفرق د ٥٤

.جمال بادي

الصاحل هم القرون الثالثة املفضلة الذين شهد هلم النيب صلى اهللا عليه وسلم باخلريية،

، "ين يلوم، مث الذين يلومخري القرون القرن الذي بعثت فيهم، مث الذ": حيث قال

.، فالسلف الصاحل هم الصحابة والتابعون وتابعو التابعني٥٥متفق عليه

.وكل من سلك سبيلهم وسار على جهم فهو سلفي نسبة إليهم

هي املنهج الذي سار عليه النيب صلى اهللا عليه وسلم والقرون املفضلة : والسلفية

: عليه وسلم بأنه باق إىل أن يأيت أمر اهللا، حلديثمن بعده والذي أخرب النيب صلى اهللا

ال تزال طائفة من أميت ظاهرين على احلق ال يضرهم من خذهلم، حىت يأيت أمر اهللا "

.٥٦"وهم كذلك

فيصح االنتساب إىل هذا املنهج مىت التزم اإلنسان بشروطه وقواعده، فكل من

.ملفضلة فهو ذو ج سلفيحافظ على سالمة العقيدة طبقا لفهم القرون الثالثة ا

:قواعد املنهج السلفي -ج

:ميكن حصر ركائز وقواعد املنهج السلفي على سبيل االختصار يف النقاط التالية

.ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها: أوال

التقيد يف ذلك باملأثور عن الصحابة والتابعني وتابعيهم يف معاين القرآن : ثانيا

:يتم بـواحلديث، وذلك

.االجتهاد يف متييز صحيحه من سقيمه -أ

.٥٧االجتهاد يف الوقوف على معانيه وتفهمه -ب

العمل بذلك واالستقامة عليه اعتقادا وتفكريا وسلوكا وقوال والبعد عن : ثالثا

.كل ما خيالفه ويناقضه

.الدعوة إىل ذلك باللسان والبنان: رابعا

١٨٥، ٧/١٨٤، ومسلم ١١/٤٦٠، ٥/١٩٩أخرجه البخاري ٥٥ ٣/١٥٢٣أخرجه مسلم في صحیحه ٥٦ ١٠- ١/٩، وأصول اعتقاد أھل السنة لاللكائي ١٥٢-١٥٠بیان فضل السلف على الخلف البن رجب ص ٥٧

.قاد والعمل فهو على النهج السلفي بإذن اهللافمن التزم هذه القواعد يف االعت

:ا ألدلة على وجوب اتباع السلف الصاحل ولزوم منهجهم -د

:من القرآن الكرمي: أوال

والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم {: قال تعاىل

نع الله يضر انسبإح يندالخ ارها الأنهتحري تجت اتنج مله دأعو هنوا عضرو مه

يمظالع زالفو كدا ذلا أبيه٥٨}ف.

فرضي عز وجل عن السابقني األولني رضاء مطلقا، ورضي عن التابعني هلم

.بإحسان

بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل ومن يشاقق الرسول من {: وقال تعاىل

.٥٩}المؤمنني نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصريا

متبعهم فتوعد اهللا من اتبع غري سبيلهم بعذاب جهنم، ووعد يف اآلية السابقة

.بالرضوان

:األدلة من السنة: ثانيا

خري الناس قرين مث الذين يلوم مث الذين ": صلى اهللا عليه وسلم قوله -ا

.٦٠"يلوم

اليت شهد النيب صلى اهللا عليه وسلم ا هلذه القرون الثالثة تدل " اخلريية"فهذه

على تفضيلهم وسبقهم وجاللة قدرهم وسعة علمهم بشرع اهللا، وشدة متسكهم بسنة

.كده األحاديث التاليةرسوله صلى اهللا عليه وسلم، وهذا ما تؤ

افترقت اليهود على إحدى وسبعني فرقة، ": قوله صلى اهللا عليه وسلم -٢

وافترقت النصارى على اثنتني وسبعني فرقة، وستفترق هذه ا ألمة على ثالث وسبعني

من سورة التوبة ١٠٠اآلية ٥٨ رة النساءمن سو ١١٥اآلية ٥٩ ١٨٥، ٧/١٨٤، وأخرجه مسلم ١١/٤٦٠، ٧/٦، ٥/١٩٩أخرجه البخاري ٦٠

من كان على مثل ما ": من هي يا رسول اهللا؟ قال: قيل "فرقة كلها يف النار إال واحدة

.حديث صحيح مشهور ٦١"وأصحايبأنا عليه اليوم

فإنه من يعش بعدي فسريى اختالفا كثريا، "... : قوله صلى اهللا عليه وسلم -٣

فعليكم بسنيت وسنة اخللفاء الراشدين املهديني من بعدي، فتمسكوا ا، وعضوا عليها

.٦٢"بالنواجذ، وإياكم وحمدثات األمور، فإن كل حمدثة بدعة، وكل بدعة ضاللة

هللا عليه وسلم بأن يتبعوا سنته وسنة من بعده من اخللفاء الراشدين، فحث صلى ا

.عند وقوع التفرق واالختالف

:من أقوال السلف الصاحل وأتباعهم: ثالثا

ال يزال الناس خبري ما أتاهم العلم من : "عن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا عنه قال

أتاهم العلم من قبل أصاغرهم أصحاب حممد صلى اهللا عليه وسلم ومن أكابرهم، فإذا

.٦٣"وتفرقت أهواؤهم هلكوا

من كان منكم مستنا فليسنت مبن قد مات، فإن احلي : "وعنه رضي اهللا عنه قال

ال تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب حممد صلى اهللا عليه وسلم، أبر هذه األمة قلوبا،

ه صلى اهللا عليه وسلم، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم اهللا لصحبة نبي

وإقامة دينه، فاعرفوا هلم حقهم، ومتسكوا ديهم، فإم كانوا على اهلدى

.٦٤"املستقيم

إنا نقتدي وال نبتدي، ونتبع وال نبتدع، ولن نضل ما : "وعنه رضي اهللا عنه قال

.٦٥"متسكنا باألثر

.٦٦"اتبعوا وال تبتدعوا، فقد كفيتم: " وعنه رضي اهللا عنه قال

، ٤/١٢٠، ١٤٥، ٣/١٢٠، ٢/٣٣٢، واإلمام أحمد ٢٦٤١، ٢٦٤٠، والترمذي ٤٥٩٧، ٤٥٩٦أخرجه أبو داود ٦١ ٣٩٩٣-٣٩٩١وابن ماجه

وغیرھم، ١/٤٤، والدارمي ٢٦٧٦، والترمذي ٤٦٠٧، وأبو داود ١٢٧، ٤/١٢٦أخرجه اإلمام أحمد ٦٢ ٨١٥ح ٢٨١الزھد البن المبارك ص ٦٣ ٢/٨٧جامع بیان العلم وفضله ٦٤ )١١٥ح(شرح أصول اعتقاد أھل السنة لاللكائي ٦٥ ١٣البدع والنھي عنھا البن وضاح ص ٦٦

يا معشر القراء استقيموا وخذوا طريق : "حذيفة بن اليمان رضي اهللا عنهوقال

من كان قبلكم، فواهللا لئن اتبعتموهم لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن أخذمت ميينا ومشاال

.٦٧"لقد ضللتم ضالال بعيدا

.٦٨"العلماء أصحاب حممد صلى اهللا عليه وسلم: "وقال جماهد

جاء عن أصحاب حممد صلى اهللا عليه وسلم، فما العلم ما: "وقال األوزاعي

.٦٩، وكذا قال اإلمام أمحد رمحه اهللا"كان غري ذلك فليس بعلم

اصرب نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل مبا قالوا، : "وقال أيضا

.٧٠"وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصاحل، فإنه يسعك ما وسعهم

: س فذكر أصحاب حممد صلى اهللا عليه وسلم فقالوكان احلسن البصري يف جمل

إم كانوا أبر هذه األمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوما اختارهم اهللا "

لصحبة نبيه صلى اهللا عليه وسلم، فتشبهوا بأخالقهم وطرائقهم، فإم ورب الكعبة

.٧١"على اهلدى املستقيم

فيما أحدث الناس من الكالم يف األعراض ما تقول: وقيل أليب حنيفة رمحه اهللا

واألجسام؟

مقاالت الفالسفة، عليك باألثر وطريقة السلف، وإياك وكل حمدثة، فإا : "قال

.٧٢"بدعة

عليك بآثار السلف وإن رفضك الناس، وإياك ورأي الرجال : "وقال األوزاعي

.٧٣"يموإن زخرفوه لك بالقول، فإن األمر ينجلي وأنت منه على طريق مستق

والواجب على كل مسلم يشهد أن ال إله إال اهللا : "وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية

٢/٢٩جامع بیان العلم ٦٧ ٢/٢٩جامع بیان العلم ٦٨ ٢/٢٩جامع بیان العلم ٦٩ ٥٨الشريعة لآلجري ص ٧٠ ٢/٩٧جامع بیان العلم ٧١ ٣٢٢صون المنطق للسیوطي ٧٢ ٢٣٣المدخل إلى السنن للبیھقي رقم ٧٣

وأن حممدا رسول اهللا أن يكون أصل قصده توحيد اهللا بعبادته وحدة ال شريك له

وطاعة رسوله، يدور على ذلك، ويتبعه أين وجده، ويعلم أن أفضل اخللق بعد األنبياء

انتصارا مطلقا عاما إال لرسول اهللا صلى اهللا عليه هم الصحابة، فال ينتصر لشخص

فإن اهلدي . وسلم، وال لطائفة انتصارا مطلقا عاما إال للصحابة رضي اهللا عنهم أمجعني

يدور مع الرسول حيث دار، ويدور مع أصحابه دون أصحاب غريه حيث داروا، فإذا

لعلماء، فإم قد جيمعون أمجعوا مل جيمعوا على خطأ قط، خبالف أصحاب عامل من ا

على خطأ، بل كل ما قالوه ومل يقله غريهم من األمة ال يكون إال خطأ، فإن الدين

الذي بعث اهللا به رسوله ليست مسلما إىل عامل واحد وأصحابه، ولو كان كذلك

لكان ذلك الشخص نظريا لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وهو شبيه بقول الرافضة

.عصوميف اإلمام امل

والبد أن يكون الصحابة والتابعون يعرفون ذلك احلق الذي بعث اهللا به الرسول،

قبل وجود املتبوعني الذين تنسب إليهم املذاهب يف األصول والفروع، وميتنع أن يكون

هؤالء جاءوا حبق خيالف ما جاء به الرسول، فإن كل ما خالف الرسول فهو باطل،

ن جهة الرسول ما خيالف الصحابة والتابعني هلم وميتنع أن يكون أحدهم علم م

- إن كان حقا -بإحسان، فإن أولئك مل جيتمعوا على ضاللة، فالبد أن يكون قوله

مأخوذا عما جاء به الرسول، موجودا فيمن قبله، وكل قول قيل يف دين اإلسالم،

فه، فإنه قول خمالف ملا مضى عليه الصحابة والتابعون، مل يقله أحد منهم بل قالوا خال

.٧٤"باطل

:التعريف بأهل السنة: ثانيا

".السلف"بدال من عبارة " أهل السنة واجلماعة"يستعمل العلماء تارة مسمى

:وهذه العبارة وردت يف استعمال العلماء ملعنيني مها

٢٦٣-٥/٢٦٢منھاج السنة ٧٤

:املعىن األخص -أ

وهو بعينه مدلول لفظة السلف، فأهل السنة واجلماعة هم الصحابة والتابعون

تابعوهم ومن سلك سبيلهم وسار على جهم من أئمة اهلدى ومن اقتدى م من و

.سائر األمة أمجعني

.فيخرج من هذا املعىن كل طوائف املبتدعة وأهل األهواء

.فالسنة هنا يف مقابل البدعة

.واجلماعة هنا يف مقابل الفرقة

بيض وجوه وتسود يوم ت{: فعن ابن عباس رضي اهللا عنهما يف تفسري قوله تعاىل

وهجتبيض وجوه أهل السنة واجلماعة، وتسود وجوه أهل البدعة : "قالت ٧٥}و

.٧٦"والفرقة

والنهي عن . وهذا املعىن هو املقصود يف األحاديث اليت وردت يف لزوم اجلماعة

.التفرق

يف وهذا املعىن وإن كان أخص من جهة معناه لكنه هو األكثر ورودا واستعماال

.كالم العلماء

:املعىن األعم -٢

والذي يدخل فيه بعض طوائف املبتدعة يف حالة موافقة قوهلم لقول السلف يف

.مسألة بعينها يف مقابلة طائفة بعينها

:وهذا املعىن أقل استعماال لتقيده بشروط معينة هي

.كونه يف مسائل اعتقادية معينة -ا

.كونه يف مقابل طوائف معينة -٢

".الصحابة"و" اخلالفة"استعمال هذا املسمى يف مقابل الرافضة يف مسأليت : ثالهم

من سورة آل عمران ١٠٦اآلية ٧٥ ١/٣٩٠تفسیر ابن كثیر ٧٦

:املنتسبون لإلسالم قسمان: فيقال هنا

.أهل السنة -ا

.ا لرافضة -٢

فيدخل هنا مع أهل السنة بعض طوائف املبتدعة كاألشاعرة وغريهم، وقد

ملا حصل " الصحابة" و" اخلالفة" أدخلوا هنا ملوافقة قوهلم لقول السلف يف مسأليت

.فيهما الرتاع مع الرافضة

:يراد به) أهل السنة(فلفظ : "قال شيخ اإلسالم ابن تيمية

.من أثبت خالفة اخللفاء الثالثة، فيدخل يف ذلك مجيع الطوائف إال الرافضة -ا

وقد يراد به أهل احلديث والسنة احملضة، فال يدخل فيه إال من يثبت -٢

إن القرآن غري خملوق، وإن اهللا يرى يف اآلخرة، ويثبت : (ويقول الصفات هللا تعاىل

.٧٧)"القدر، وغري ذلك من األصول املعروفة عند أهل احلديث والسنة

:وقد عرب شيخ اإلسالم ابن تيمية عن هذين القسمني بتسمية

.٧٨وهو كل ما ليس برافضي" السنة العامة"بأهل : أهل القسم األول

.أي أهل احلديث" السنة اخلاصة" هل بأ: وأهل القسم الثاين

بيان معتقد أهل السنة واجلماعة يف أمساء اهللا وصفاته: املبحث الثاين

أم يؤمنون مبا وردت به نصوص : معتقد أهل السنة يف أمساء اهللا وصفاته هو

:القرآن والسنة الصحيحة إثباتا ونفيا، فهم بذلك

ه أو على لسان رسوله صلى اهللا عليه يسمون اهللا مبا سقى به نفسه يف كتاب -ا

.وسلم، ال يزيدون على ذلك وال ينقصون منه

جامعة اإلمام محمد بن سعود: ، ط٢/٢٢١منھاج السنة ٧٧عن الكتاب والسنة، ولھذا كانوا أبعد طوائف المبتدعة ) أي الروافض(وال ريب أنھم : "قال شیخ اإلسالم ٧٨

ھم المشھورين عند العامة بالمخالفة للسنة، فجمھور العامة ال تعرف ضد السني إال الرافضي، فإذا قال ٣/٣٥٦مجموع الفتاوى .." لست رافضیا: أنا سني، فإنما معناه: أحدھم

ويثبتون هللا عز وجل ويصفونه مبا وصف به نفسه يف كتابه أو على لسان -٢

.رسوله صلى اهللا عليه وسلم من غري حتريف وال تعطيل، ومن غري تكييف وال متثيل

ه أو على لسان رسوله حممد صلى وينفون عن اهللا ما نفاه عن نفسه يف كتاب -٣

.اهللا عليه وسلم، مع اعتقاد أن اهللا موصوف بكمال ضد ذلك األمر املنفي

فأهل السنة سلكوا يف هذا الباب منهج القرآن والسنة الصحيحة فكل اسم أو

صفة هللا سبحانه وردت يف الكتاب والسنة الصحيحة فهي من قبيل اإلثبات فيجب

.بذلك إثباا

في فهو أن ينفى عن اهللا عز وجل كل ما يضاد كماله من أنواع العيوب وأما الن

.والنقائص، مع وجوب اعتقاد ثبوت كمال ضد ذلك املنفي

ال يوصف اهللا إال مبا وصف به نفسه أو وصفه به : "قال اإلمام أمحد رمحه اهللا

".رسوله صلى اهللا عليه وسلم ال نتجاوز القرآن والسنة

أم يصفون اهللا مبا : وطريقة سلف األمة وأئمتها: "تيميةقال شيخ اإلسالم ابن

وصف به نفسه ومبا وصفه به رسوله من غري حتريف وال تعطيل، وال تكييف وال

متثيل، إثبات بال متثيل، وترتيه بال تعطيل، إثبات الصفات، ونفي مماثلة املخلوقات، قال

رد على ٧٩}وهو السميع البصري{ثلة فهذا رد على املم }ليس كمثله شيء{: تعاىل

.املعطلة

:فقوهلم يف الصفات مبين على أصلني

أن اهللا سبحانه وتعاىل مرته عن صفات النقص مطلقا كالسنة والنوم : أحدمها

.والعجز واجلهل وغري ذلك

أنه متصف بصفات الكمال اليت ال نقص فيها على وجه االختصاص مبا : والثاين

.٨٠"صفات، فال مياثله شيء من املخلوقات يف شيء من الصفاتله من ال

من سورة الشورى ١١اآلية ٧٩ ٢/٥٢٣منھاج السنة ٨٠

:ومن النصوص اليت توضح ذلك ما يلي

.٨١}ليس كمثله شيء وهو السميع البصري{: قوله تعاىل -أ

.}ليس كمثله شيء{: ففي مقام النفي

.}وهو السميع البصري{: ويف مقام ا إلثبات

.٨٢}وتوكل على الحي الذي ال يموت{: قوله تعاىل -ب

.}وتوكل على الحي{: ففي مقام اإلثبات

.}الذي ال يموت{: ويف مقام النفي

.٨٣}الله ال إله إلا هو الحي القيوم ال تأخذه سنة وال نوم{: قوله تعاىل -ج

.}الحي القيوم{، و }الله{: مقام اإلثبات ففي

.}ال تأخذه سنة وال نوم{، و}ال إله إلا هو{:ويف مقام النفي

يرتل ربنا عز وجل ": وأما من السنة، ففي مقام اإلثبات قوله صلى اهللا عليه وسلم

.ه، متفق علي٨٤"حني يبقى ثلث الليل اآلخر إىل مساء الدنيا

ملا قضى اهللا عز وجل اخللق كتب يف كتاب فهو ": وقوله صلى اهللا عليه وسلم

.، متفق عليه٨٥"عنده فوق العرش أن رمحيت غلبت غضيب

أربعوا على أنفسكم، فإنكم ال ": ويف مقام النفي قوله صلى اهللا عليه وسلم

.٨٦"تدعون أصم وال غائبا

.٨٧"س بأعورإن اهللا تعاىل لي": وقوله صلى اهللا عليه وسلم

.٨٨"إن اهللا ال ينام وال ينبغي له أن ينام": وقوله صلى اهللا عليه وسلم

ىمن سورة الشور ١١اآلية ٨١ من سورة الفرقان ٥٨اآلية ٨٢ من سورة البقرة ٢٥٥اآلية ٨٣ ١٦٨ح ١/٥٢١، ومسلم ٣/٢٢٩البخاري ٨٤ ١٤ح ٤/٢١٠٧، ومسلم ١٩٤، ح٦/٢٨٧البخاري ٨٥ ٧٣٨٦ح ١٣/٣٧٢البخاري ٨٦ ١٨/٥٩، ومسلم ١٣/٩٠متفق علیه، البخار ٨٧ ١/١١١مسلم في صحیحه ٨٨

من غري حتريف وال تعطيل، ومن غري تكييف : "شرح قول أهل السنة: أوال

".وال متثيل

:توحيد األمساء والصفات له ضدان مها

.التعطيل -ا

.ا لتشبيه والتمثيل -٢

.، فقد كذب تعطيله توحيدهفمن نفى صفات الرب عز وجل وعطلها

.٨٩ومن شبهه خبلقه ومثله م، فقد كذب تشبيهه ومتثيله توحيده

":من غري حتريف وال تعطيل: "معىن قوهلم: أوال

:هذه العبارة فيها متييز لعقيدة أهل السنة عن عقيدة أهل التعطيل

:معىن التحريف وبيان أنواعه -أ

:معىن التحريف -ا

. والتبديل واإلمالةالتغيري: التحريف لغة

.حرفت الشيء عن وجهه إذا أملته وغريتة: فهو يف األصل مأخوذ من قوهلم

امليل بالنصوص عما هي عليه، إما بالطعن فيها، أو بإخراجها : والتحريف شرعا

.عن حقائقها مع اإلقرار بلفظها

.٩٠هو العدول بالكالم عن وجهه وصوابه إىل غريه: أو نقول بعبارة خمتصرة

هو تغيري ألفاظ نصوص األمساء والصفات : والتحريف يف باب األمساء والصفات

.أو معانيها عن مراد اهللا ا

:أنواع التحريف -٢

:التحريف نوعان

٣٦اجتماع الجیوش اإلسالمیة ص ٨٩ ١/٢١٥المرسلة الصواعق ٩٠

:حتريف اللفظ: النوع األول

:هو العدول باللفظ عن جهته إىل غريها، وله أربع صور: وتعريفه

.الزيادة يف اللفظ -ا

.النقصان يف اللفظ -٢

.تغيري حركة إعرابية -٣

.تغيري حركة غري إعرابية -٤

:ومن أمثلة حتريف اللفظ

من الرفع ٩١}وكلم الله موسى تكليما{: حتريف إعراب قوله تعاىل: املثال األول

أي موسى كلم اهللا، ومل يكلمه اهللا، وملا حرفها }وكلم الله{: إىل النصب، وقال

ولما {: فكيف تصنع بقوله: ذا التحريف قال له بعض أهل التوحيدبعض اجلهمية ه

هبر هكلما ونيقاتمى لوساء مفبهت احملرف ٩٢}ج.

هل ميكن أن يقرأ العرش : إن بعض املعطلة سأل بعض أئمة العربية: مثال آخر

ذا التحريف أن يكون وقصد ٩٣}الرحمن على العرش استوى{: بالرفع يف قوله

.٩٤االستواء صفة للمخلوق ال للخالق

:حتريف املعىن: النوع الثاين

. ٩٥هو صرف اللفظ عن معناه الصحيح إىل غريه مع بقاء صورة اللفظ: وتعريفه

هو العدول باملعىن عن وجهه وحقيقته، وإعطاء اللفظ معىن لفظ : تعريفه: أو نقول

.آخر بقدر ما مشترك بينهما

وع هو الذي جال فيه أهل الكالم من املعطلة وصالوا وتوسعوا ومسوه وهذا الن

من سورة النساء ١٦٤اآلية ٩١ من سورة األعراف ١٤٣اآلية ٩٢ من سورة طه ٥اآلية ٩٣ ١/٢١٨الصواعق المرسلة ٩٤ ١/٢٠١الصواعق المنزلة ٩٥

.٩٦تأويال، وهو اصطالح فاسد حادث مل يعهد به استعمال يف اللغة

:ومن أمثلة حتريف املعىن

الرحمن على العرش {: استوىل يف قوله: كقول املعطلة يف معىن استوى

.٩٧}استوى

.النعمة والقدرة ٩٨}بل يداه مبسوطتان{: ىلويف معىن اليد يف قوله تعا

.وجاء أمر ربك ٩٩}وجاء ربك{: ويف معىن ايء يف قوله تعاىل

وقد ذكر اهللا التحريف وذمه حيث ذكره، وهو مأخوذ يف األصل عن اليهود،

راة فهم الراسخون فيه، وهم شيوخ احملرفني وسلفهم، فإم حرفوا كثريا من ألفاظ التو

وما غلبوا عن حتريف لفظه حرفوا معناه، و هلذا وصفوا بالتحريف يف القرآن دون

.غريهم من األمم

وقد درج على آثارهم الرافضة، فهم أشبه م من القذة بالقذة، وكذلك

.١٠٠اجلهمية، فإم سلكوا يف حتريف النصوص مسالك إخوام يف اليهود

.يف املعىن من وجهوأصحاب حتريف األلفاظ شر من أصحاب حتر

.وأصحاب حتريف املعىن شر من أصحاب حتريف اللفظ من وجه

فأصحاب حتريف اللفظ عدلوا باللفظ واملعىن مجيعا عما مها عليه فأفسدوا اللفظ

واملعىن، بينما أصحاب حتريف املعىن أفسدوا املعىن وتركوا اللفظ على حاله فكانوا

.خريا من أولئك من هذا الوجه

حتريف اللفظ ملا أرادوا املعىن الباطل حرفوا له لفظا يصلح له لئال يتنافر فأصحاب

اللفظ واملعىن، حبيث إذا أطلق ذلك اللفظ احملرف فهم منه املعىن احملرف، فإم رأوا أن

٢/١٤٧مختصر الصواعق ٩٦ من سورة طه ٥اآلية ٩٧ من سورة المائدة ٦٤اآلية ٩٨ من سورة الفجر ٢٢اآلية ٩٩

٢١٦- ١/٢١٥الصواعق المرسلة ١٠٠

العدول باملعىن عن وجهه وحقيقته مع بقاء اللفظ على حاله مما ال سبيل إليه، فبدأوا

.١٠١هلم حكمهم على املعىن الذي قصدوابتحريف اللفظ ليستقيم

وأما كون أصحاب حتريف املعىن شرا من أصحاب حتريف اللفظ من وجه، فألن

حتريف املعىن هو األكثر استعماال عند أصحاب التحريف، وألنه أسهل رواجا وسوقا

عند اجلهلة والعوام من الناس، فيفتنت به من ليس لديه زاد من العلم الصحيح املعتمد

.ى الكتاب والسنة وفهم سلف األمةعل

:معىن التعطيل -ب

الذي هو اخللو والفراغ والترك، ومنه قوله ": العطل"مأخوذ من : التعطيل لغة

.١٠٣أي أمهلها أهلها وتركوا وردها ١٠٢}وبئر معطلة{: تعاىل

:والتعطيل يف جانب اهللا ينقسم إىل ثالثة أقسام

صانعه وخالقه، وهو املتمثل فيمن ينكر وجود تعطيل املصنوع عن: القسم األول

.خالق هلذا الكون، وهو قول الدهرية املالحدة

تعطيل عبادته عز وجل، أي ما جيب له عز وجل على عباده من : القسم الثاين

حقيقة التوحيد وإفراده بالعبادة، وهو املتمثل يف أهل الشرك الذين صرفوا شيئا من

.العبادة لغري اهللا عز وجل

تعطيل اهللا سبحانه عن كماله املقدس بتعطيل أمسائه وأوصافه : القسم الثالث

.١٠٤وأفعاله

.وهذا القسم الثالث هو الذي نقصده هنا

نفي األمساء والصفات أو بعضها : فاملراد بالتعطيل يف باب األمساء والصفات هو

.وسلبها عن اهللا

١٤٨، ٢/١٤٧مختصر الصواعق ١٠١ من سورة الحج ٤٥اآلية ١٠٢ ٢٠شرح الواسطیة ص ١٠٣ ١٥٣الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص ١٠٤

.١٠٥اهللا تعاىل هو نفي الصفات اإلهلية، وإنكار قيامها بذات: أو نقول

وقد وقع يف التحريف والتعطيل طوائف، جيمعهم أهل العلم حتت

".املعطلة"مسمى

:وينقسم املعطلة إىل قسمني رئيسيني مها

.الفالسفة: القسم األول

:وهم صنفان

.أهل الفلسفة البحتة: الصنف األول

:أهل الفلسفة الباطنية، وهي نوعان: الصنف الثاين

.وفيةص -ب. رافضية -أ

.أهل الكالم: والقسم الثاين من املعطلة هم

:وهم مخسة أصناف

.اجلهمية -ا

.املعتزلة -٢

.الكالبية -٣

.األشاعرة -٤

.املاتريدية -٥

.وسأفصل احلديث عنهم بإذن اهللا يف دراسة مستقلة

":من غري تكييف والمتثيل: "معىن قوهلم: ثانيا

.نة عن عقيدة املشبهةهذه العبارة فيها متييز لعقيدة أهل الس

.١٠٦جعل الشيء على حقيقة معينة من غري أن يقيدها مبماثل: هو"فالتكييف"

.١٠٧"طوله كعرضه : "قول اهلشامية عن اهللا: مثال ذلك

٢٠شرح الواسطیة ص١٠٥ ٢٧القواعد المثلى ص ١٠٦

".طوله طول سبعة أشبار بشرب نفسه: " أو قوهلم

.وعلى هذا التعريف يكون هناك فرق بني التكييف والتمثيل

.ماثلليس فيه تقيد مب: فالتكييف

.وأما التمثيل فهو اعتقاد أا مثل صفات املخلوقني

.ولعل الصواب أن التكييف أعم من التمثيل

فكل متثيل تكييف، ألن من مثل صفات اخلالق بصفات املخلوقني فقد كيف

.تلك الصفة أي جعل هلا حقيقة معينة مشاهدة

صفات املخلوقني، وليس كل تكييف متثيال، ألن من التكييف ما ليس فيه متثيل ب

.طوله كعرضه: كقوهلم

أي من غري كيف يعقله البشر، وليس " من غري تكييف: "ومعىن قول أهل السنة

أم ينفون الكيف مطلقا، فإن كل شيء البد أن " من غري تكييف: "املراد من قوهلم

ه يكون على كيفية ما، ولكن املراد أم ينفون علمهم بالكيف، إذ ال يعلم كيفية ذات

.١٠٨وصفاته إال هو سبحانه

فمن املعلوم أنه ال علم لنا بكيفية صفاته عز وجل، ألنه تعاىل أخربنا عن الصفات

ومل خيربنا عن كيفيتها، فيكون تعمقنا يف أمر الكيفية قفوا ملا ليس لنا به علم، وقوال

.مبا ال ميكننا اإلحاطة به

معلوم، والكيف جمهول، االستواء: "وقد أخذ العلماء من قول اإلمام مالك

.قاعدة ساروا عليها يف هذا الباب" واإلميان به واجب، والسؤال عنه بدعة

":وال متثيل"

.هو الند والنظري: املثيل لغة

.هو االعتقاد يف صفات اخلالق، أا مثل صفات املخلوقني: والتمثيل

٣١مقاالت اإلسالمیین ص ١٠٧ ٢١شرح العقیدة الواسطیة ص ١٠٨

.وا كبرياله يد كيدي ومسع كسمعي، تعاىل اهللا عن قوهلم عل: وهو قول املمثل

.١٠٩والتمثيل والتشبيه هنا مبعىن واحد، وإن كان هناك فرق بينهما يف أصل اللغة

.هي مساواة الشيء لغريه من كل وجه: فاملماثلة

.هي مساواة الشيء لغريه يف أكثر الوجوه: واملشاة

.أوىل ملوافقة لفظ القرآن" التمثيل"ولكن التعبري هنا بنفي

.١١٠}كمثله شيء ليس{: يف قوله تعاىل

.١١١}فال تضربوا لله الأمثال{: وقوله تعاىل

الذين بالغوا يف إثبات الصفات إىل درجة " املشبهة"وقد وقع يف التمثيل والتكييف

.تشبيه اخلالق باملخلوق

:وقد وقع يف التمثيل كل من

.أتباع حممد بن كرام السجستاين: الكرامية -ا

:لغ عددهم اثنيت عشرة فرقة، وأصوهلا ستة هيوهم طوائف يب

.الزرينية -٣٠النونية -٢٠العابدية -ا

.اهليصمية -٦٠الواحدية -٥٠اإلسحاقية -٤

.اهلشامية الرافضية اإلمامية -٢

.هشام بن احلكم الرافضي: وهم أصحاب

هشام بن سامل اجلواليقي، وكالمها من اإلمامية املشبهة،: وأحيانا تنسب إىل

.١١٢واجلدير بالذكر أن الرافضة اإلمامية كان ينتشر فيهم التشبيه وهذا يف أوائلهم

وأما الرافضة اإلمامية يف الوقت الراهن، فعلى عقيدة املعتزلة يف مسائل الصفات،

.من الشيعة" الزيدية"وكذلك

٢٧القواعد المثلى ص ١٠٩ شورىمن سورة ال ١١اآلية ١١٠ من سورة النحل ٧٤اآلية ١١١ ٦٥شرح األصفھانیة ص ١١٢

"كل معطل ممثل، وكل ممثل معطل: "ثالثا

.بني التعطيل والتمثيلفكل واحد من فريق التعطيل والتمثيل جامع

:بيان مجع املعطلة بني التعطيل والتمثيل -ا

فإم مل يفهموا من أمساء اهللا وصفاته إال ما هو الالئق : أما متثيل املعطلة

.باملخلوق، مث شرعوا يف نفي تلك املفهومات

فهذا تشبيه ومتثيل منهم للمفهوم من أمسائه وصفاته، باملفهوم من أمساء خلقه

موصفا.

يف نفيهم ملا يستحقه اهللا تعاىل من األمساء والصفات الالئقة به : وتعطيل املعطلة

.سبحانه

.مثلوا أوال، وعطلوا آخرا: وبذلك مجعوا بني التعطيل والتمثيل

.وامتاز أهل التعطيل عن أهل التمثيل بنفيهم املعاين الصحيحة للصفات

:مثال جلمع املعطلة بني التعطيل والتمثيل

.١١٣}الرحمن على العرش استوى{: وص االستواء، كقوله تعاىلنص

لو كان اهللا فوق العرش للزم إما أن يكون أكرب من العرش أو : فإن املعطل يقول

فهذا املعطل مل يفهم . أصغر أو مساويا، وكل ذلك من احملال، وحنو ذلك من الكالم

م كان على أي جسم كان، وهذا من كون اهللا على العرش إال ما يثبت ألي جس

.الالزم الذي جاء به املعطل تابع هلذا املفهوم

وكان الواجب عليه أن يثبت هللا استواء يليق جبالله وخيتص به، فال يلزمه شيء

.من اللوازم الباطلة اليت هي من لوازم املخلوقات، وجيب نفيها يف حق اهللا

:فأهل التعطيل وقعوا يف أربعة حماذير

كوم مثلوا ما فهموه من النصوص بصفات املخلوقني، وظنوا أن مدلول :األول

من سورة طه ٥اآلية ١١٣

.النصوص هو التمثيل

.أم عطلوا النصوص عما دلت عليه من إثبات الصفات الالئقة باهللا: الثاين

أم بنفي تلك الصفات صاروا معطلني ملا يستحقه الرب من صفات : الثالث

.الكمال

أم وصفوا الرب بنقيض تلك الصفات، من صفات األموات واجلمادات : الرابع

.١١٤واملعدومات

:١١٥بيان مجع أهل التمثيل بني التعطيل، والتمثيل -٢

:أما تعطيل املمثل فمن وجوه ثالثة

أنه عطل نفس النص الذي أثبت الصفة، حيث صرفه عن مقتضى ما : أحدها

.صفة تليق باهللا ال على مشاة اهللا خللقه يدل عليه، فإن النص دال على إثبات

أنه إذا مثل اهللا خبلقه فقد عطله عن كماله الواجب، حيث شبه الرب : الثاين

.الكامل باملخلوق الناقص

أنه إذا مثل اهللا خبلقه فقد عطل كل نص يدل على نفي مشاة اهللا خللقه، : الثالث

.١١٧}ولم يكن له كفوا أحد{: وقوله ،١١٦}ليس كمثله شيء{: مثل قوله تعاىل

إن اهللا عز وجل ال خياطبنا إال مبا نعقل، فإذا : فإم يقولون: أما متثيل أهل التمثيل

كان مستويا على العرش فهو كاستواء اإلنسان على السرير، إذ ال يعلم االستواء إال

ئص املخلوقني، كما امتاز هكذا، فامتاز هؤالء املمثلة بإثبات استواء هو من خصا

.املعطلة بتعطيل كل اسم لالستواء احلقيقي

والقول الفاصل هو ما عليه األمة الوسط من أن اهللا مستو على عرشه استواء يليق

جبالله وخيتص به، فكما أنه موصوف بأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير،

٨٠ -٧٩الرسالة التدمرية ١١٤ دار فجر للتراث: ط ٦٣ - ٦٢الفتوى الحموية ص: انظر ١١٥ من سورة الشورى ١١اآلية ١١٦ من سورة اإلخالص ٤اآلية ١١٧

القدرة خصائص األعراض اليت وأنه مسيع بصري وحنو ذلك، وال جيوز أن يثبت للعلم و

لعلم املخلوقني وقدرم، فكذلك هو سبحانه فوق العرش وال يثبت لفوقيته خصائص

.فوقية املخلوق على املخلوق وملزوماا

فقد هدى اهللا أصحاب سواء السبيل للطريقة املثلى فأثبتوا هللا حقائق األمساء (

هم مذهبا بني مذهبني وهديا بني والصفات، وتفوا عنه مماثلة املخلوقات، فكان مذهب

.ضاللتني

نصف اهللا مبا وصف به نفسه، ومبا وصفه به رسوله صلى اهللا عليه وسلم، : فقالوا

.من غري حتريف وال تعطيل، ومن غري متثيل وال تكييف

بل طريقتنا إثبات حقائق األمساء والصفات، ونفي مشاة املخلوقات، فال نعطل

.هلوال نؤول وال منثل وال جن

ليس له يدان، وال وجه، وال مسع، وال بصر، وال حياة، وال قدرة، : وال نقول

.وال استوى على عرشه

له يدان كأيدي املخلوقني، ووجه كوجوههم ومسع وبصر وحياة : وال نقول

.وقدرة واستواء، كأمساعهم وأبصارهم وقدرم واستوائهم

.له ذات حقيقة ليست كذوات املخلوقني: بل نقول

.له صفات حقيقة ليست كصفات املخلوقنيو

يف وجهه تبارك وتعاىل، ويديه، ومسعه، وبصره، وكالمه، : وكذلك قولنا

.واستوائه

وال مينعنا ذلك أن نفهم املراد من تلك، الصفات وحقائقها، كما مل مينع ذلك

من أثبت هللا شيئا من صفات الكمال من فهم معىن الصفة وحتقيقها، فإن من أثبت له

سبحانه السمع والبصر أثبتهما حقيقة وفهم معنامها، فهكذا سائر الصفات املقدسة،

جيب أن جتري هذا ارى، وإن كان ال سبيل لنا إىل معرفة كنهها وكيفيتها، فإن اهللا

.١١٨)سبحانه مل يكلف العباد ذلك، وال أراده منهم، ومل جيعل هلم إليه سبيال

ليها معتقد أهل السنة يف باب األمساء األسس اليت قام ع: املبحث الثالث

والصفات

ارتكز معتقد أهل السنة يف باب أمساء اهللا وصفاته على ثالثة أسس رئيسية،

:١١٩هي

اإلميان مبا ورددت به نصوص القرآن والسنة الصحيحة من أمساء : األساس األول

.اهللا وصفاته إثباتا ونفيا

يشبه شيء من صفاته شيئا من صفات ترتيه اهللا جل وعال عن أن: األساس الثاين

.املخلوقني

.قطع الطمع عن إدراك كيفية اتصاف اهللا بتلك الصفات: األساس الثالث

وهذه األسس الثالثة هي اليت تفضل ومتيز عقيدة أهل السنة يف هذا الباب عن

.من جهة) من الفالسفة وأهل الكالم(عقيدة أهل التعطيل

.من جهة أخرى) الكرامية واهلشامية وغريهممن (وعن عقيدة أهل التمثيل

فيه متييز لعقيدة أهل، السنة عن عقيدة املعطلة، فأهل السنة : فاألساس األول

جيعلون األصل يف إثبات األمساء والصفات أو نفيها عن اهللا تعاىل هو كتاب اهللا وسنة

ء والصفات يف نبيه صلى اهللا عليه وسلم، وال يتجاوزوا، فما ورد إثباته من األمسا

.القرآن والسنة الصحيحة فيجب إثباته، وما ورد نفيه فيهما فيجب نفيه

وأما ما مل يرد إثباته ونفيه فال يصح استعماله يف باب األمساء وباب الصفات (

إطالقا، وأما يف باب األخبار فمن السلف من مينع ذلك، ومنهم من جييزه بشرط أن

ن أراد به حقا يليق باهللا تعاىل فهو مقبول، وإن أراد يستفصل عن مراد املتكلم فيه، فإ

٤٢٧ - ٢/٤٢٥الصواعق المرسلة ١١٨ ٢٥والصفات ص منھج ودراسات آليات األسماء ١١٩

.١٢٠)به معىن ال يليق باهللا عر وجل وجب رده

:وجممل القول إن يف األمر ثالثة أبواب

.وهذا جيب االعتماد فيه على الكتاب والسنة فقط: باب األمساء -ا

.وهذا كذلك جيب االعتماد فيه على الكتاب والسنة فقط: باب الصفات -٢

وهذا ال يشترط فيه ورود النص الشرعي، ولكن يشترط أن : باب األخبار -٣

.يكون معىن اللفظ املستعمل ليس بسيء

وحده هو أصل علمهم، فالشبه العقلية هي " العقل"فقد جعلوا : أما أهل التعطيل

األصول الكلية األولية عندهم، وهي اليت تثبت وتنفي، مث يعرضون الكتاب والسنة

لشبه العقلية، فإن وافقتها قبلت اعتضادا ال اعتمادا، وإن عارضتها ردت على تلك ا

كل ما ورد السمع به ينظر : (تلك النصوص الشرعية وطرحت، ويف هذا يقول قائلهم

..فإن كان العقل جموزا له وجب التصديق به

وأما ما قضى العقل باستحالته فيجب فيه تأويل ما ورد السمع به، وال يتصور أن

.مل السمع على قاطع خمالف للمعقوليش

أكثرها غري صحيحة، -يعين ا أحاديث الصفات -وظواهر أحاديث التشبيه

.١٢١)والصحيح منها ليس بقاطع، بل هو قابل للتأويل

فهذا النقل يبني لك مدى تقدمي هؤالء لشبههم العقلية وتعصبهم هلا، وكيف أم

فما أجازته عقوهلم قبلوه، وما مل جتزه جيعلوا هي األصول والسمع معروضا عليها،

عقوهلم شككوا فيه وانتقصوه، ومن مث سعوا يف تأويله وحتريفه، ومن يلقي نظرة على

-ونبوات -كتب األشاعرة مثال جيد أن القوم يقسمون أبواب العقيدة إىل إهليات

)ضمن مجموعة الرسائل المنیرية(البن تیمیة ٤٧ -٢/٤٦رسالة في العقل والروح ١٢٠: ١٣٨ -٢/١٣٧وقال في كتابه المستصفى . ١٣٣ - ١٣٢االقتصاد في االعتقاد ألبي حامد الغزالي ص ١٢١

تعجل نسخھا كل ما دل العقل فیه على أحد الجانبین فلیس للتعارض فیه مجال، إذ األدلة العقلیة يس"وتكاذبھا، فإن ورد دلیل سمعي على خالف العقل، فإما أن ال يكون متواترا فیعلم أنه غیر صحیح، وإما أن

"يكون متواترا فیكون مؤوال وال يكون متعارضا

، ولذلك ومسعيات، وهم يف باب اإلهليات والنبوات ال يقبلون نصوص الكتاب والسنة

لن جتد يف هذين البابني إال الشبه العقلية املركبة وفق القواعد املنطقية، ويا عجبا أنأخذ

!ديننا من كالم اهللا ورسوله، أم من مالحدة اليونان وتالميذهم

فهم -أي البعث واحلشر واجلنة والنار والوعد والوعيد -وأما باب السمعيات

يف مقابل باب . مسوا هذا الباب بالسمعياتيقبلون فيه النصوص الشرعية، وبالتايل

اإلهليات والنبوات، إذ إم يعتمدون فيهما على العقليات، وهؤالء شاوا حال من قال

أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك {: اهللا تعاىل فيهم

يزإلا خ كمنم ا اللهمذاب والع دون إلى أشدري ةاميالق مويا وينالد اةيي الحف

.١٢٢}بغافل عما تعملون

وهو ترتيه اهللا عن مشاة املخلوقني، ففيه متييز لعقيدة أهل : وأما األساس الثاين

.من جهة أخرى السنة عن عقيدة املعطلة من جهة، وعن عقيدة املشبهة

يعتقدون أن ما اتصف اهللا به من الصفات ال مياثله فيها أحد من : فأهل السنة

ليس كمثله {: خلقه، فاهللا عز وجل قد أخربنا بذلك بنص كتابه العزيز حيث قال

ريصالب يعمالس وهء ويفإذا ورد النص بصفة من صفات اهللا تعاىل يف ١٢٣}ش ،

سنة فيجبب اإلميان به واالعتقاد اجلازم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكتاب أو ال

الكمال والشرف والعلو مما يقطع مجيع عالئق أوهام املشاة بينه وبني صفات

املخلوقني، فالشر كل الشر يف عدم تعظيم اهللا، وأن يسبق يف ذهن اإلنسان أن صفة

ملصدق بصفات اهللا اليت متدح ا أو اخلالق تشبه صفة املخلوق، فعلى القلب املؤمن ا

أثىن عليه ا نبيه صلى اهللا عليه وسلم، أن يكون معظما هللا جل وعال غري متنجس

بأقذار التشبيه، لتكون أرض قلبه طيبة طاهرة قابلة لإلميان بالصفات على أساس

من سورة البقرة ٨٥اآلية ١٢٢ من سورة لشورى ١١اآلية ١٢٣

.١٢٤}بصريليس كمثله شيء وهو السميع ال{ :الترتيه، أخذا بقوله تعاىل

فإم مل يفهموا من أمساء اهللا وصفاته إال ما هو الالئق : أما أهل التعطيل

باملخلوق، مث شرعوا يف نفي تلك املفهومات اليت ال وجود هلا إال يف أفهامهم الفاسدة،

فعقيدة هؤالء املعطلة مجعت بني التمثيل والتعطيل، وهذا الشر إمنا جاء من تنجس

قذار التشبيه، فإذا مسعوا صفة من صفات الكمال اليت أثىن اهللا ا قلوم وتدنسها بأ

على نفسه كاستوائه على عرشه وجميئه يوم القيامة وغري ذلك من صفات اجلالل

والكمال، فإن أول ما خيطر يف أذهام أن هذه الصفة تشبه صفات اخللق، فيتلطخ

اهللا حق عظمته حيث سبق إىل القلب بأقذار التشبيه مل يقدر اهللا حق قدره ومل يعظم

ذهنه أن صفة اخلالق تشبه صفة املخلوق، فيكون أوال جنس القلب بأقذار التشبيه مث

دعاه ذلك إىل أن ينفي صفة اخلالق جل وعال عنه بادعاء أا تشبه صفات املخلوق،

رب العاملني فيكون فيها أوال مشبها، وثانيا معطال ضاال ابتداء وانتهاء متهجما على

.١٢٥ينفي صفاته عنه بادعاء أن تلك الصفة ال تليق

فهي تقوم على دعواهم أن اهللا عز وجل ال خياطبنا إال : وأما عقيدة أهل التمثيل

مبا نعقل، فإذا أخربنا عن اليد فنحن ال نعقل إال هذه اليد اجلارحة، فشبهوا صفات

.ىل اهللا عن ذلك علوا كبرياله يد كيدي، تعا: اخلالق بصفات املخلوقني، فقالوا

وأما العارفون به، املصدقون لرسله، املقرون بكماله فهم يثبتون هللا مجيع صفاته،

وينفون عنه مشاة املخلوقات، فيجمعون بني اإلثبات ونفي التشبيه، وبني الترتيه

.وعدم التعطيل، فمذهبهم حسنة بني سيئتني، وهدى بني ضاللتني

ففيه متييز لعقيدة أهل السنة عن عقيدة املشبهة، فأهل السنة : ثالثوأما األساس ال

يفوضون علم كيفية اتصاف الباري عز وجل بتلك الصفات إىل اهللا عز وجل، فال

وال تفسري كنه شيء من صفات ربنا تعاىل (تبارك وتعاىل -علم للبشر بكيفية ذات اهللا

٢٢ -٢١منھج ودراسات آليات األسماء والصفات ص : انظر ١٢٤ ٢٠ -١٩منھج ودراسات آليات األسماء والصفات ص : انظر ١٢٥

يء من ذلك فقوله من الغلو كأن يقال استوى على هيئة كذا، وكل من جترأ على ش

يف الدين واالفتراء على اهللا عز وجل، واعتقاد ما مل يأذن به اهللا وال يليق جبالله

وعظمته ومل ينطق به كتاب وال سنة، ولو كان ذلك مطلوبا من العباد يف الشريعة لبينه

إال بينه اهللا تعاىل ورسوله صلى اهللا عليه وسلم، فهو مل يدع ما باملسلمني إليه حاجة

وال {: ووضحه، والعباد ال يعلمون عن اهللا تعاىل إال ما علمهم كما قال تعاىل

فليؤمن العبد مبا علمه اهللا تعاىل وليقف ١٢٦}يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء

.١٢٧)معه، وليمسك عما جهله وليكل معناه إىل عامله

يات صفات اهللا وتقولوا على اهللا بغري علم، وأما املشبهة فقد تعمقوا يف شأن كيف

له بصر كبصري، ويد كيدي،، وقدم كقدمي، تعاىل اهللا عما يقولون علوا : فقالوا

.كبريا

توضيح األسس الثالثة

اإلميان مبا وردت به نصوص القرآن والسنة الصحيحة من : األساس األول - ا

.أمساء اهللا وصفاته إثباتا ونفيا

:بد فيه من مراعاة ما يليوهذا األساس ال

إن طلب العلم يف املطالب اإلهلية إمنا يكون عن طريق الكتاب والسنة : أوال

.وكالم سلف األمة

فالذي جيب اعتقاده هو أن معرفة هذا النوع من أنواع التوحيد تتوقف على

دراسة الكتاب والسنة، ألن هذا التوحيد يتطلب، أمساء وصفات معينة، وهذه ال سبيل

فنحن نؤمن باهللا تعاىل ومبا (إىل معرفتها واحلصول عليها إال من طريق الكتاب والسنة

أخرب به عن نفسه سبحانه على ألسنة رسله من أمسائه احلسىن وصفاته العلى بال

تكييف وال متثيل، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه مما ال يليق جبالله وعظمته، فإنه أعلم

من سورة البقرة ٢٥٥اآلية ١٢٦ ٣٢٧ -١/٣٢٦معارج القبول : انظر ١٢٧

، ولذلك كان معتقد أهل السنة ١٢٨)وأبني دليال من غريه بنفسه وبغريه وأصدق قيال

هو اإلميان مبا مسى ووصف اهللا به نفسه إثباتا ونفيا، ألنه ال يسمي اهللا أعلم باهللا من

ومن أصدق من الله {: ، وقال تعاىل١٢٩}أأنتم أعلم أم الله{: اهللا، قال تعاىل

فاسأل به {: ، وقال تعاىل١٣١}ال ينبئك مثل خبريو{: ، وقال تعاىل١٣٠}قيال

، فاهللا عز وجل، هو الذي مسى ووصف نفسه مبا جاء يف نص كالمه الذي ١٣٢}خبريا

.هو القرآن

وال يسمي ويصف اهللا بعد اهللا أعلم باهللا من رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم،

، ولقد ١٣٣}إن هو إلا وحي يوحى عن الهوىوما ينطق {: الذي قال اهللا يف حقه

جاءت رسالة النيب صلى اهللا عليه وسلم بإثبات الصفات إثباتا مفصال على وجه

ثلجت به الصدور واطمأنت به القلوب، واستقر اإلميان يف نصابه، وفصلت ذلك

ذلك كان لزاما أعظم من تفصيل األمر والنهي، وقررته أكمل تقرير يف أبلغ لفظ، ول

على كل مسلم أن يؤمن بأمساء اهللا وصفاته الواردة يف الكتاب والسنة من غري زيادة

.وال نقصان

فمعتقد . تقدمي الشرع على العقل، فاألصل يف الدين االتباع واملعقول تبع: ثانيا

له أهل السنة يف هذا الباب ويف غريه من أبواب العقائد واألحكام أن العقل ارد ليس

.إثبات شيء من العقائد واألحكام، وإمنا املرجع يف ذلك إىل القرآن والسنة

فالعقل ال ميكنه إدراك ما يستحقه اهللا تعاىل من األمساء والصفات فوجب

الوقوف يف ذلك على النص، ألن العقل يقصر عن إدراك حقيقة املغيبات حىت وإن

أن حييط علما حبقيقة روحه اليت كانت تلك املغيبات أقرب شيء إليه، فهو قاصر عن

٣٣١ -١/٣٣٠معارج القبول ١٢٨ من سورة البقرة ١٤٠اآلية ١٢٩ من سورة النساء ١٢٢اآلية ١٣٠ من سورة فاطر ١٤اآلية ١٣١ من سورة الفرقان ٥٩اآلية ١٣٢ من سورة النجم ٤، ٣اآليتان ١٣٣

ويسألونك عن الروح قل الروح من {: بني جنبيه ملا أخفى اهللا أمرها عنه، قال تعاىل

، فإذا كان اإلنسان جيهل أمر روحه ١٣٤}أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليال

ح وما ال يصلح لذاته من األمساء والصفات، واهللا فكيف حييط علما بذات اهللا وما يصل

!.قد أخفى عن اخللق كيفية ذاته؟

وحنن إذا تدبرنا عامة ما جاء يف أمر الدين من ذكر صفات اهللا، وما تعبد الناس (

باعتقاده من ذكر عذاب القرب، وسؤال منكر ونكري، واحلوض، وامليزان، والصراط،

أمورا ال ندرك حقائقها بعقولنا، وإمنا ورد األمر وصفة اجلنة وصفة النار، وجدناها

بقبوهلا واإلميان ا، فإذا مسعنا شيئا من أمور الذين، وعقلناه، وفهمناه، فلله احلمد يف

ذلك، والشكر ومنه التوفيق، وما مل ميكنا إدراكه ومل تبلغه عقولنا آمنا به، وصدقناه،

اكتفينا يف ذلك بعلمه، ومشيئته، قال واعتقدنا أن هذا من قبل ربوبيته وقدرته، و

.١٣٦)١٣٥}وال يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء{: تعاىل

، فإم أسسوا دينهم على "مسألة العقل"واعلم أن فصل ما بيننا وبني املعطلة هو (

.املعقول، وجعلوا االتباع واملأثور تبعا للمعقول

ل يف الدين اإلتباع، واملعقول تبع، ولو كان أساس األص: وأما أهل السنة فقالوا

الدين على املعقول الستغىن اخللق عن الوحي، وعن األنبياء، ولبطل معىن األمر والنهي،

.١٣٧)ولقال من شاء ما شاء

فالتقرير بأن النقل مقدم على العقل ال ينبغي أن يفهم منه أن أهل السنة ينكرون

التفكري به يف خلق السموات واألرض، ويف اآليات العقل والتوصل به إىل املعارف و

الكونية الكثرية، فأهل السنة ال ينكرون استعمال العقل، ولكتهم توسطوا يف شأن

:بني طائفتني ضلتا يف هذا الباب، مها" العقل"

من سورة اإلسراء ٨٥اآلية ١٣٤ من سورة البقرة ٢٥٥اآلية ١٣٥ بتصرف ١/٣٢١الحجة في بیان المحجة ١٣٦ ١/٣٢٠المصدر السابق ١٣٧

الذين جيعلون العقل وحده أصل علمهم، ويفردونه، وجيعلون اإلميان : أهل الكالم

املعقوالت عندهم هي األصول الكلية األولية، املستغنية بنفسها والقرآن تابعني له، و

.عن اإلميان والقرآن

فهؤالء جعلوا عقوهلم هي اليت تثبت وتنفي والسمع معروضا عليها، فإن وافقها

قيل اعتضادا ال اعتمادا، وإن عارضها رد وطرح، وهذا من أعظم أسباب الضالل اليت

.دخلت على هذه األمة

الذين يذمون العقل ويعيبونه، ويرون أن األحوال العالية، : ل التصوفوأه

.واملقامات الرفيعة، ال حتصل إال مع عدمه، ويقرون من األمور مبا يكذب صريح العقل

وميدحون السكر واجلنون والوله، وأمورا من املعارف واألحوال اليت ال تكون إال

.ر يعلم بالعقل الصريح بطالامع زوال العقل والتمييز، كما يصدقون بأمو

.وكال الطرفني مذموم

فريون أن العقل شرط يف معرفة العلوم، وكمال وصالح : وأما أهل السنة

.األعمال، وبه يكمل العلم والعمل، لكنه ليس مستقال بذلك

.فالعقل غريزة يف النفس، وقوة فيها، مبرتلة قوة البصر اليت يف العني

ان والقرآن، كان كنور العني إذا اتصل به نور الشمس أو فإن اتصل به نور اإلمي

.النار

.وإن انفرد بنفسه مل يبصر األمور اليت يعجز وحده عن دركها

.وإن عزل بالكلية كانت األقوال واألفعال مع عدمه أمورا حيوانية

فاألحوال احلاصلة مع عدم العقل ناقصة، واألقوال املخالفة للعقل باطلة، والرسل

.١٣٨ت مبا يعجز العقل عن دركه، ومل تأت مبا يعلم بالعقل امتناعهجاء

":مسكن العقل: "فائدة

بتصرف ٣٣٩ -٣/٣٣٨مجموع الفتاوى ١٣٨

أين مسكن العقل يف اإلنسان؟: سئل شيخ اإلسالم ابن تيمية

العقل قائم بنفس اإلنسان اليت تعقل، وأما البدن فهو متعلق : "فأجاب بقوله

.١٣٩}رض فتكون لهم قلوب يعقلون بهاأفلم يسريوا في الأ{: بقلبه، قال تعاىل

مباذا نلت العلم؟: وقيل البن عباس

:، لكن لفظ القلب قد يراد به"بلسان سؤول وقلب عقول: "قال

املضغة الصنوبرية الشكل اليت يف اجلانب األيسر من البدن، اليت جوفها علقة -ا

أال وإن يف اجلسد مضغة ": اهللا عليه وسلم سوداء، كما يف الصحيحني عن النيب صلى

متفق "إذا صلحت صلح اجلسد كله، وإذا فسدت فسد اجلسد كله، أال وهي القلب

.١٤٠عليه

وقد يراد بالقلب باطن اإلنسان مطلقا، فإن قلب الشيء باطنه، كقلب -٢

به وهو احلنطة، واللوزة واجلوزة، وحنو ذلك، ومنه، مسي القليب قليبا، ألنه أخرج قل

إن : باطنه، وعلى هذا فإذا أريد بالقلب هذا فالعقل متعلق بدماغه أيضا، وهلذا قيل

العقل يف الدماغ كما يقوله كثري من األطباء، ونقل ذلك عن اإلمام أمحد، ويقول

).إن أصل العقل يف القلب، فإذا كمل انتهى إىل الدماغ: (طائفة من أصحابه

لنفس هلا تعلق ذا وهذا، وما يتصف من العقل به أن الروح اليت هي ا"والتحقيق

:يتعلق ذا وهذا، لكن

.مبدأ الفكر والنظر يف الدماغ

.ومبدأ اإلرادة يف القلب

والعقل يراد به العلم، ويراد به العمل، فالعلم والعمل االختياري أصله اإلرادة،

املراد، فالبد أن يكون وأصل اإلرادة يف القلب، واملريد ال يكون مريدا إال بعد تصور

من سورة الحج ٤٦اآلية ١٣٩اب المساقاة، باب ، ومسلم، كت٥٢ح ١/١٢٦أخرجه البخاري في اإليمان، باب فضل من استبرأ لدينه ١٤٠

٥١ -٥/٥٠أخذ الحالل وترك الشبھات

القلب متصورا، فيكون منه هذا وهذا، ويبتديء ذلك من الدماغ وآثاره صاعدة إىل

.الدماغ، فمنه املبتدأ وإليه االنتهاء

.١٤١"وكال القولني له وجه صحيح

.اإلميان مبا دلت عليه نصوص األمساء والصفات من املعاين واألحكام: ثالثا

وصفاته، ومبا دلت عليه من املعاين واألحكام، أما فالسلف يؤمنون بأمساء اهللا

.كيفيتها فيفوضون علمها إىل اهللا

وهم برآء مما امهم به املعطلة الذين زعموا أن السلف يؤمنون، بألفاظ نصوص

.األمساء والصفات، ويفوضون معانيها

وهذا الزعم جهل على السلف، فإم كانوا أعظم الناس فهما وتدبرا آليات

لكتاب وأحاديث النيب صلى اهللا عليه وسلم، خاصة فيما يتعلق مبعرفة اهللا تعاىل، ا

فكانوا يدرون معاين ما يقرأون وحيملون من العلم، ولكنهم مل يكونوا يتكلفون الفهم

للغيب احملجوب، فلم يكونوا خيوضون يف كيفيات الصفات شأن أهل الكالم والبدع،

فاته وقعوا يف التأويل والتعطيل، وإمنا أجلأهم إىل فإم حني خاضوا يف ذات اهللا وص

ذلك، الضيق الذي دخل عليهم بسبب التشبيه، فأرادوا الفرار منه فوقعوا يف التعطيل،،

ومل يقع تعطيل إال بتشبيه، ولو أم نزهوا اهللا تعاىل ابتداء عن مشاة اخللق، وأثبتوا

اعتقاد السلف ولبان هلم أن السلف مل الصفة مع نفي املماثلة لسلموا وجنوا، ولوافقوا

.يكونوا محلة أسفار ال يدرون ما فيها

ومن تدبر كالم أئمة السلف املشاهري يف هذا الباب علم أم كانوا أدق الناس

نظرا، وأعلم الناس يف هذا الباب، وأن الذين خالفوهم مل يفهموا حقيقة أقوال السلف

لفوا خمتلفني يف الكتاب، خمالفني للكتاب، وقد واألئمة، ولذلك صار أولئك الذين خا

.١٤٢}وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد{: قال تعاىل

)مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنیرية( ٤٩ -٢/٤٨رسائل في العقل والروح ١٤١ من سورة البقرة ١٧٦اآلية ١٤٢

ومن له اطالع على أقوال األسف املدونة يف كتب العقيدة والتفسري واحلديث

ت وبينوها عند احلديث عن نصوص الصفات يعلم أن السلف تكلموا يف معاين الصفا

ومل يسكتوا عنها، وهذه األقوال هي أكرب شاهد على فهم السلف ملعاين الصفات

.وإميام ا

.رفض التحريف والتعطيل لنصوص األمساء والصفات: رابعا

فالسلف يعتقدون أن الواجب يف نصوص القرآن والسنة مبا يف ذلك نصوص

ن تفهتم وفق ما يقتضيه اللسان األمساء والصفات هو إجراؤها على ظاهرها، وذلك بأ

العريب، وأن ال يتعرض هلا بتحريف أو تعطيل كما فعل املعطلة، الذين تالعبوا بظواهر

.١٤٣رد أا خالفت باطلهم ومناهجهم الفاسدة! النصوص

فنصوص الصفات ألفاظ شرعية جيب أن حتفظ هلا حرمتها، وذلك بأن نفهمها

.عانيها لنصرفها عن مراد الشارعوفق مراد الشارع، فال نتالعب مب

فمن األصول الكلية عند السلف أن األلفاظ الشرعية هلا حرمتها، ومن متام العلم

أن يبحث عن مراد اهللا ورسوله ا ليثبت ما أثبته اهللا ورسوله من املعاين، وينفى ما

.١٤٤نفاه اهللا ورسوله من املعاين

دة يف القرآن والسنة هي من وحبمد اهللا وفضله جند أن نصوص الصفات الوار

الوضوح والكثرة مبكان، حبيث يستحيل تأويلها والتالعب بنصوصها، فلقد جاءت

رسالة النيب صلى اهللا عليه وسلم بإثبات الصفات إثباتا مفصال على وجه أزال الشبهة

وكشف الغطاء، وحصل به العلم اليقيين، ورفع الشك والريب، فثلجت به الصدور،

به القلوب، واستقر اإلميان يف نصابه، فلقد فصلت رسالة نبينا حممد صلى واطمأنت

اهللا عليه وسلم األمساء والصفات واألفعال أعظم من تفصيل األمر والنهي، وقررت

.إثباا أكمل تقرير يف أبلغ لفظ

٢/٣٠١درء تعارض العقل والنقل ١٤٣ بتصرف ١١٤ - ١٢/١١٣مجموع الفتاوى ١٤٤

فاملطلع على نصوص القرآن والسنة اخلبري ما، ال يزيده حتريف املعطلة لتلك

.احتقارا هلم، ويقينا بفساد معتقدهم وبطالنه النصوص إال

وال تروج حتريفات املعطلة إال على اجلاهل مبعرفة تلك النصوص قليل البضاعة

أيت من جهة جهله ال من قلة النصوص الواردة يف هذا الباب، ! فيها، فهذا الصنف

.واهللا أعلم

ء من صفاته شيئا من ترتيه اهللا جل وعال أن مياثل شي: وأما األساس الثاين وهو

.صفات املخلوقني

:فتوضيحه يكون وفق ما يلي

:ا ألدلة الشرعية الواردة يف ترتيه، اهللا عن مشاة املخلوقني: أوال

١٤٥}ليس كمثله شيء{: قال تعاىل -ا

.١٤٦}فال تضربوا لله الأمثال{.: وقال تعاىل -٢

.١٤٧}ثل الأعلىولله الم{: وقال تعاىل -٣

.١٤٨}وله المثل الأعلى{: وقال تعاىل -٤

.١٤٩}هل تعلم له سميا{: وقال تعاىل -٥

.١٥٠}قل هو الله أحد{: وقال تعاىل -٦

.١٥١}ولم يكن له كفوا أحد{: وقال تعاىل -٧

:وجه داللة اآليات

دليل على أن اهللا مرته عن أن يكون له : }ثله شيءليس كم{: قوله عز وجل -ا

من سورة الشورى ١١اآلية ١٤٥ النحل من سورة ٧٤اآلية ١٤٦ من سورة النحل ٦٠آلية ١٤٧ من سورة الروم ٢٧اآلية ١٤٨ من سورة مريم ٦٥اآلية ١٤٩ من سورة اإلخالص ١اآلية ١٥٠ من سورة اإلخالص ٤اآلية ١٥١

.١٥٢مثل يف شيء مما يوصف به من صفات كماله

:واآلية يف تفسريها وجهان

يف الكالم توكيدا "املثل "ليس هو كشيء، و أدخل : أن يكون معناه: األول

.للكالم

يف هي املدخلة" الكاف"ليس مثله شيء، فتكون : أن يكون معناها: والثاين

.١٥٤وهذا وجه قوي حسن وهو األظهر ١٥٣الكالم توكيدا

وقد اتفق أهل السنة على أن اهللا تعاىل ليس كمثله شيء ال يف ذاته، وال يف

.١٥٥صفاته، وال يف أفعاله

:}فال تضربوا لله الأمثال{: وقوله تعاىل -٢

وال تشبهوا له األشباه، فال متثلوا هللا األمثال، : "قال ابن جرير الطربي يف تفسريها

.١٥٦"فإنه ال مثل وال شبه

.١٥٧"أي ال جتعلوا له أندادا وأشباها وأمثاال: "وقال ابن كثري

.}للذين ال يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى{: وقوله تعاىل -٣

ى في السماوات والأرض وهو العزيز وله المثل الأعل{: وقوله تعاىل -٤

يمكالح{.

فاهللا تعاىل وصف نفسه بأن له املثل األعلى، وهو الكمال املطلق، املتضمن (

لألمور الوجودية واملعاين الثبوتية، اليت كلما كانت أكثر يف املوصوف وأكمل كان ا

.أكمل وأعلى من غريه

بحانه وتعاىل أكثر وأكمل، كان له املثل األعلى وملا كانت صفات الرب س

١٦/٩٨مجموع الفتاوى ١٥٢ ١٣ -٢٥/١٢تفسیر الطبري ١٥٣ ١٤٦شرح الطحاوية ص ١٥٤ ٩٩شرح الطحاوية ص ١٥٥ ١٤/١٤٨تفسیر الطبري ١٥٦ ٢/٥٧٨یر تفسیر ابن كث ١٥٧

وكان أحق به من كل ما سواه، بل يستحيل أن يشترك يف املثل األعلى املطلق اثنان،

ألما إن تكافآ من كل وجه، مل يكن أحدمها أعلى من اآلخر، وإن مل يتكافآ،

أو نظري، فاملوصوف به أحدمها وحده، فيستحيل أن يكون ملن له املثل األعلى مثل

وهذا برهان قاطع على استحالة التمثيل والتشبيه، فتأمله فإنه يف غاية الظهور

.١٥٨)والقوة

: روي عن ابن عباس يف تفسريها قوله: }هل تعلم له سميا{: وقوله تعاىل -٥

.١٥٩هل تعلم للرب مثال أو شبيها

.١٦٠موكذلك قال جماهد وسعيد بن جبري وقتادة وابن جريج وغريه

فاألحد يقتضي أنه ال مثل له و ال : }قل هو الله أحد{: وأما قوله تعاىل -٦

.نظري

فالوحدانية تقتضي الكمال، }ولم يكن له كفوا أحد{: وكذا قوله -٧

.١٦١والشركة تقتضي النقص

:شبيه صفات اخلالق بصفات املخلوقني.داللة العقل على بطالن: ثانيا

قول يف الصفات كالقول يف الذات، فإن اهللا ليس كمثله شي ال يف ذاته، وال ال -ا

يف صفاته، وال يف أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقة ال متاثل الذوات، فالذات متصفة

.١٦٢بصفات حقيقة ال متاثل صفات سائر الذوات

أن فقد علم بالضرورة أن بني اخلالق واملخلوق تباينا يف الذات، وهذا يستلزم

يكون بينهما تباين يف الصفات، ألن صفة كل موصوف تليق به كما هو ظاهر من

صفات املخلوقني املتباينة يف الذوات، فقوة البعري مثال غري قوة الذرة، فإذا ظهر التباين

١٤٤، وشرح الطحاوية ص ٣/١٠٣٢الصواعق المنزلة ١٥٨ ١٦/١٠٦تفسیر الطبري ١٥٩

١٣١/ ٣، وتفسیر ابن كثیر ١٠٦/ ١٦تفسیر الطبري ١٦٠ ١٦/٩٩مجموع الفتاوى ١٦١ ٤٣لرسالة التدمرية ص ١٦٢

بني املخلوقات مع اشتراكهما يف اإلمكان واحلدوث، فظهور التباين بينهما وبني اخلالق

.١٦٣أجلى وأقوى

نعلم أن اهللا ال مثل له، وال تضرب له األمثال، اليت فيها مماثلة خللقه، بل له وذا

.املثل األعلى

كيف يكون الرب اخلالق الكامل من مجيع الوجوه مشاا يف : أن يقال -٢

صفاته للمخلوق املربوب الناقص املفتقر إىل من يكمله، وهل اعتقاد ذلك إال تنقص

.١٦٤امل بالناقص جيعله ناقصاحلق اخلالق، فإن تشبيه الك

إذا كان املخلوق مرتها عن مماثلة املخلوق، مع املوافقة يف االسم، فاخلالق ( -٣

.١٦٥)أوىل أن يرته عن مماثلة املخلوق وإن حصلت موافقة يف االسم

فإن اهللا سبحانه وتعاىل أخربنا عما يف اجلنة من املخلوقات، من أصناف املطاعم (

املناكح واملساكن، فأخربنا أن فيها لبنا وعسال ومخرا وماء وحلما واملشارب واملالبس و

.وفاكهة وحريرا وذهبا وفضة وحورا وقصورا

ليس يف الدنيا شيء مما يف اجلنة إال : "وقد قال ابن عباس رضي اهللا عنهما

".األمساء

لحقائق فإذا كانت تلك احلقائق اليت أخرب اهللا عنها، هي موافقة يف األمساء ل

املوجودة يف الدنيا، وليست مماثلة هلا بل بينهما من التباين ما ال يعلمه إال اهللا تعاىل،

فاخلالق سبحانه وتعاىل أعظم مباينة للمخلوقات من مباينة املخلوق للمخلوق، ومباينته

ملخلوقاته أعظم من مباينة موجود اآلخرة ملوجود الدنيا، إذ املخلوق أقرب إىل املخلوق

.١٦٦وافق له يف االسم من اخلالق إىل املخلوق، وهذا بني واضحامل

.االتفاق يف االسم ال يلزم منه متاثل املسمى: ثالثا

٢٦القواعد المثلى ص ١٦٣ ٢٦القواعد المثلى ص ١٦٤ ٥٠الرسالة التدمرية ص ١٦٥ ٤٧المصدر السابق ص ١٦٦

اهللا سبحانه وتعاىل مسى نفسه وصفاته بأمساء ومسى : "قال شيخ اإلسالم ابن تيمية

.ا بعض املخلوقات

.ربا ملكا رؤوفا رحيمافسمى نفسه حيا عليما مسيعا بصريا عزيزا جبارا متك

ومسى بعض عباده عليما، وبعضهم حليما، وبعضهم رؤوفا رحيما، وبعضهم

.مسيعا بصريا، وبعضهم ملكا، وبعضهم عزيزا، وبعضهم جبارا متكربا

ومعلوم أنه ليس العليم كالعليم، وال احلليم كاحلليم، وال السميع كالسميع،

.وهكذا يف سائر أمساء اهللا

.١٦٧}إن الله كان عليما حكيما{: قال سبحانه وتعاىل

.١٦٨}وبشروه بغالم عليم{: وقال

: وقال. ١٧٠}فبشرناه بغالم حليم{: ، وقال١٦٩}إنه كان حليما غفورا{: وقال

}يمحر وفؤاس لربالن ١٧١}إن الله.

.١٧٢}منني رؤوف رحيمبالمؤ{: وقال

.١٧٣}إن الله كان سميعا بصريا{. وقال

.١٧٤}فجعلناه سميعا بصريا{: وقال تعاىل

وكذلك سائر ما ذكر، لكن اإلنسان يعترب مبا عرفه على ما مل يعرفه، ولوال ذلك

ه حي عليم قدير مسيع النسدت عليه طرق املعارف لألمور الغائبة، فإن اإلنسان يعلم أن

بصري متكلم فيتوصل بذلك إىل أن يفهم ما أخرب اهللا به عن نفسه من أنه حي عليم

قدير مسيع بصري، فإنه لوال تصوره هلذه املعاين من نفسه ونظره إليها مل ميكن أن يفهم

من سورة اإلنسان ٣٠اآلية ١٦٧ من سورة الذاريات ٢٨اآلية ١٦٨ من سورة اإلسراء ٤٤اآلية ١٦٩ من سورة الصافات ١٠١اآلية ١٧٠ من سورة البقرة ١٤٣اآلية ١٧١ من سورة التوبة ١٢٨اآلية ١٧٢ من سورة النساء ٥٨اآلية ١٧٣ من سورة اإلنسان ٢اآلية ١٧٤

ر ما غاب عنه، كما أنه لوال تصوره ملا يف الدنيا من العسل واللنب واملاء واخلمر واحلري

والذهب والفضة ملا أمكنه أن يتصور ما أخرب به من ذلك من الغيب، لكن ال يلزم أن

ليس يف الدنيا مما يف : "يكون الغيب مثل الشهادة، فقد قال ابن عباس رضي اهللا عنهما

، فإن هذه احلقائق اليت أخرب ا أا يف اجلنة ليست مماثلة هلذه "اجلنة إال األمساء

ا حبيث جيوز على هذه ما جيوز على تلك، وجيب هلا ما جيب هلا، املوجودات يف الدني

وميتنع ما ميتنع عليها، ويكون مادا مادا ويستحيل استحالتها، فإنا نعلم أن ماء اجلنة

ال يفسد وال يأسن، ولبنها ال يتغري طعمه، ومخرها ال يصدع شارا وال يرتف عقله،

ال من سحاب مثل ما يف الدنيا، ولبنها ليس فإن ماءها ليس نابعا من تراب وال ناز

.خملوقا من أنعام كما يف الدنيا وأمثال ذلك

فإذا كان املخلوق يوافق ذلك املخلوق يف االسم وبينهما قدر مشترك وتشابه

.فعلم به معىن ما خوطبنا به، مع أن احلقيقة ليست مثل احلقيقة

يف اجلنة ملا يف الدنيا، فإذا وصف فاخلالق جل جالله أبعد عن مماثلة خملوقاته مما

نفسه بأنه حي عليم مسيع بصري قدير مل يلزم أن يكون مماثال خللقه، إذ كان بعدها عن

مماثلة خلقه أعظم من بعد مماثلة كل خملوق لكل خملوق، وكل واحد من صغار احليوان

لعاملني شيئا له حياة وقوة وعمل وليست مماثلة للمالئكة املخلوقني، فكيف مياثل رب ا

.١٧٥"من املخلوقني

:توضيح املسألة من جهة اللغة مث الشرع: رابعا

يشكل على البعض كون اهللا مسى نفسه بصفات ومسى عباده بنظري ذلك، فيتردد

.عند ذلك هل يثبت تلك الصفات هللا حقيقة أم ال؟

:اعلم وفقك اهللا أن األلفاظ منها: فمن أجل توضيح هذه املسألة أقول

.هو ما اختلف لفظه واحتد معناه: ا هو مترادفم -ا

بتصرف) مطبوعة ضمن المجموعة المنیرية( ٤٣ -٢/٤٢رسالة في العقل والروح البن تیمیة ١٧٥

.الغضنفر -أسامة -األسد -الليث: مثال ذلك

.هذه ألفاظ خمتلفة واملسمى ا واحد، فتسمى األلفاظ املترادفة

.وهو ما احتد لفظه واختلف معناه: ما هو مشترك -٢

":العني : " لفظ: مثال ذلك

.واحلسد -واجلاسوس -يةوالعني اجلار -فهي تطلق على العني الباصرة

.فاللفظ واحد واملعاين خمتلفة، وهذه تسمى األلفاظ املشتركة

:وهو ما اختلف لفظه ومعناه: ما هو متباين -٣

.واجلنة والنار -السماء واألرض: مثال ذلك

.فلكل لفظ من هذه األلفاظ معىن خيتلف عن اآلخر، فهذه تسمى األلفاظ املتباينة

:و ما اتفق لفظه ومعناه، وهو نوعانوه: ما هو متواطيء -٤

.وذلك إذا كان املعىن متساويا يف اجلميع: التواطؤ املطلق: األول

.زيد رجل وعمر رجل، فاملعىن متساو يف اجلميع: يقال" الرجل"لفظ : مثاله

وذلك إذا كان املعىن متفاوتا متفاضال، ومسي باملشكك : التواطؤ املشكك: الثاين

.ل هذا اللفظ من قبيل املتواطيء أم من املشترك؟لتشكك السامع ه

نور الشمس ونور السراج، فاملعىن يف االثنني واحد، : فيقال" النور" لفظ : مثاله

.١٧٦ولكن هناك تفاوت وتفاضل، فشتان بني نور الشمس ونور السراج

فاألمساء اليت تطلق على اهللا وعلى العباد هي من األلفاظ املتواطئة التواطؤ

ك، فاحلق فيها هو أن يقال إنه بالنسبة لألمساء والصفات اليت تطلق على اهللا املشك

وعلى العباد كاحلي، والسميع، والبصري، والعليم، والقدير، واحلياة، والسمع، والبصر،

.والعلم وحنوها هي حقيقة يف الرب وحقيقة يف العبد

.ولكن للرب تعاىل منها ما يليق جبالله

بتصرف ٢٠٩التحفة المھدية ١٧٦

.به وللعبد منها ما يليق

:وذلك ألن االسم والصفة من هذا النوع له ثالثة اعتبارات

اعتبار من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب تبارك : االعتبار األول

.وتعاىل أو العبد

.اعتباره مضافا إىل الرب خمتصا به: االعتبار الثاين

.اعتباره مضافا إىل العبد كل مقيدا به: االعتبار الثالث

لزم االسم لذاته وحقيقته كان ثابتا للرب والعبد، وللرب منه ما يليق فما

.بكماله، وللعبد منه ما يليق به

.وهذا كاسم السميع الذي يلزمه إدراك املسموعات

.والبصري الذي يلزمه رؤية املبصرات

.والعليم والقدير وسائر األمساء

ف ا، فما لزم هذه فإن شرط صحة إطالقها حصول معانيها وحقائقها للموصو

األمساء لذاا فإثباا للرب تعاىل ال حمذور فيه بوجه، بل يثبت له على وجه المياثله فيه

.خلقه وال يشاهم

فمن نفاه عنه إلطالقه على املخلوق أحلد يف أمسائه وجحد صفات كماله، ومن

ريء من فرث أثبته على وجه ال مياثل فيه خلقه به، كما يليق جبالله وعظمته فقد ب

.التشبيه ودم التعطيل، وهذا طريق أهل السنة

وما لزم الصفة إلضافتها إىل العبد وجب نفيه عن اهللا كما يلزم حياة العبد من

النوم والسنة واحلاجة إىل الغذاء وحنو ذلك، وكذلك ما يلزم إرادته من حركة نفسه يف

ه من احتياجه إىل ما هو جلب ما ينتفع به ودفع ما يتضرر به، وكذلك ما يلزم علو

عال عليه وكونه حمموال به، مفتقرا إليه، حماطا به، كل هذا جيب نفيه عن القدوس

.السالم تبارك وتعاىل

وما لزم الصفة من جهة اختصاصه تعاىل ا فإنه ال يثبت للمخلوق بوجه، كعلمه

سائر صفاته، فإن الذي يلزمه القدم والوجوب واإلحاطة بكل معلوم، وقدرته وإرادته و

.ما خيتص به منها ال ميكن إثباته للمخلوق

فإذا أحطت ذه القاعدة خربا وعقلتها كما ينبغي خلصت من اآلفتني اللتني مها

:أصل بالء املتكلمني

.وآفة التشبيه -٢٠آفة التعطيل -ا

فإنك إذا وفيت هذا املقام حقه من التصور أثبت هللا األمساء احلسىن والصفات

لى حقيقة فخلصت من التعطيل، ونفيت عنها خصائص املخلوقني ومشاتهم، الع

فخلصت من التشبيه، فتدبر هذا املوضع واجعله جنتك اليت ترجع إليها يف هذا الباب،

.١٧٧)واهللا املوفق للصواب

مسى اهللا نفسه بأمساء ومسى : "ومن كالم شيخ اإلسالم يف هذا املوضوع قوله

".ك األمساء خمتصة به إذا أضيفت إليه ال يشركه فيها غريهصفاته بأمساء، وكانت تل

ومسى بعض خملوقاته بأمساء خمتصة م مضافة إليهم، توافق تلك األمساء إذا

.قطعت من اإلضافة والتخصيص

عند اإلطالق والتجريد عن -ومل يلزم من اتفاق االمسني ومتاثل مسمامها واحتاده

متاثل املسمى عند اإلضافة والتخصيص فضال عن اتفاقهما، وال -اإلضافة والتخصيص

.أن يتحد مسمامها عند اإلضافة والتخصيص

.١٧٨}الله ال إله إلا هو الحي القيوم{: فقد مسى اهللا نفسه حيا فقال

يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من {: ومسى بعض عباده حيا فقال

ي١٧٩}الح.

١٦٦، ١/١٦٤بدائع الفوائد ١٧٧ من سورة البقرة ٢٥٥اآلية ١٧٨ من سورة الروم ١٩اآلية ١٧٩

.وليس هذا احلي مثل هذا احلي

.اسم هللا خمتص به" احلي: "ألن قوله

.اسم للحي املخلوق خمتص به }يخرج الحي من الميت{: وقوله

وإمنا يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص، ولكن ليس للمطلق مسمى موجود

.ركا بني املسمينييف اخلارج، ولكن العقل يفهم من املطلق قدرا مشت

يقيد ذلك مبا يتميز به اخلالق عن املخلوق واملخلوق عن : وعند االختصاص

.اخلالق

.والبد من هذا يف مجيع أمساء اهللا وصفاته

.يفهم منها ما دل عليه االسم باملواطأة واالتفاق

وما دل عليه باإلضافة واالختصاص املانعة من مشاركة املخلوق للخالق يف شيء

.صائصه سبحانه وتعاىلمن خ

فبشرناه {ومسى بعض عباده حليما }عليما حكيما{: وكذلك مسى اهللا نفسه

يعين }وبشروه بغالم عليم{: ، يعين إمساعيل، ومسى آخر عليما، فقال}بغالم حليم

.إسحاق، وليس العليم كالعليم، وال احلليم كاحلليم

ا ومسى نفسه مسيعريا{ا بصريصيعا بمكان س ا }إن اللهومسى بعض عباده مسيع

}إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصريا{: بصريا فقال

... ".وليس السميع كالسميع وال البصري كالبصري

وال {: ى صفات عباده بنظري ذلك، فقالوكذلك مسى صفاته بأمساء، ومس(

إن الله هو {: ، وقال١٨١}أنزله بعلمه{، ١٨٠}يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء

نيتالم ةذو القو اقز{، ١٨٢}الرهنم دأش وه ملقهي خالذ ا أن اللهوري لمأو م

من سورة البقرة ٢٥٥اآلية ١٨٠ من سورة النساء ١٦٦اآلية ١٨١ من سورة الذاريات ٥٨اآلية ١٨٢

، ١٨٤}وما أوتيتم من العلم إلا قليال{: ، ومسى صفة املخلوق علما وقوة١٨٣}قوة

}يمللم عي عكل ذ قفولم{: ، وقال١٨٥}والع نم مهدنا عوا بموقال١٨٦}فرح ، :

}ض دعب نل معج ثم فعض نم لقكمي خالذ الله ةقو دعب نل معج ة ثمقو فع

، وليس العليم كالعلم و ال ١٨٨}ويزدكم قوة إلى قوتكم{: ، وقال١٨٧}ضعفا وشيبة

.القوة كالقوة

ووصف نفسه بأنه استوى على عرشه، فذكر ذلك يف سبعة مواضع من كتابه أنه

.استوى على العرش

لتستووا على {: ستواء على غريه يف مثل قولهووصف بعض خلقه باال

.١٩٠}فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك{: ، وقوله١٨٩}ظهوره

.، وليس االستواء كاالستواء١٩١}واستوت على الجودي{: وقوله

.١٩٢}ق كيف يشاءبل يداه مبسوطتان ينف{: ووصف نفسه ببسط اليدين فقال

وال تجعل يدك مغلولة إلى عنقك {: ووصف بعض خلقه ببسط اليد يف قوله

طسا كل البطهسبال توليس اليد كاليد، وال البسط كالبسط، وإذا كان املراد ١٩٣}و ،

، ونظائر بالبسط اإلعطاء واجلود فليس إعطاء اهللا كإعطاء خلقه، وال جوده كجودهم

.هذا كثرية

.فال بد من إثبات ما أثبته اهللا لنفسه ونفي ماثلته خللقه

ليس هللا علم، وال قوة، وال رمحة، وال كالم، وال حيب، وال يرضى، : فمن قال

من سورة فصلت ١٥اآلية ١٨٣ ن سورة اإلسراء ٨٥اآلية ١٨٤ من سورة يوسف ٧٦اآلية ١٨٥ من سورة غافر ٨٣اآلية ١٨٦ من سورة الروم ٥٤اآلية ١٨٧ من سورة ھود ٥٢اآلية ١٨٨ من سورة الزخرف ١٣اآلية ١٨٩ من سورة المؤمنون ٢٨اآلية ١٩٠ من سورة ھود ٤٤اآلية ١٩١ من سورة المائدة ٦٤اآلية ١٩٢ من سورة اإلسراء ٢٩اآلية ١٩٣

كان معطال جاحدا ممثال له باملعدومات -وال نادى، وال ناجى، وال استوى

.واجلمادات

قويت، أو حب كحيب، أو رضاء كرضائي، أو له علم كعلمي أو قوة ك: ومن قال

كان مشبها ممثال هللا باحليوانات، بل ال بد من -يدان كيداي، أو استواء كاستوائي

١٩٤)إثبات بال متثيل، وترتيه بال تعطيل

فصل ما بني معتقد أهل السنة يف هذا األساس ومعتقد أهل التعطيل : خامسا

:وأهل التمثيل

فق أهل السنة على أن اهللا ليس كمثله شيء ال يف ذاته، ات: " قال شارح الطحاوية

.وال يف صفاته، وال يف أفعاله

:قد صار يف كالم الناس لفظا جممال يراد به" التشبيه"ولكن لفظ

من أن خصائص الرب تعاىل ال يوصف ا شيء من : املعىن الصحيح -ا

، وهذا ما دل عليه املخلوقات، وال مياثله شيء من املخلوقات يف شيء من صفاته

.فهذا رد على املمثلة املشبهة }ليس كمثله شيء{: القرآن، قال تعاىل

فمن جعل صفات اخلالق مثل صفات املخلوقني فهو املشبه املبطل املذموم، ومن

.جعل صفات املخلوق مثل صفات اخلالق فهو نظري النصارى يف كفرهم

له : ال يثبت هللا شيء من الصفات فال يقال أن يراد به أنه: املعىن املردود -٢

قدرة، وال علم، وال حياة، ألن العبد موصوف ذه الصفات والزم هذا القول إنه ال

حي، عليم، قدير، ألن العبد يسمى ذه األمساء، وكذلك كالمه ومسعه : يقال له

.١٩٥وبصره وإرادته وغري ذلك

امة الكلية يكون مسماها املطلق وأصل اخلطأ والغلط تومههم أن هذه األمساء الع

الكلي هو بعينه ثابتا يف هذا املعني وهذا املعني، وليس كذلك، فإن ما يوجد يف اخلارج

بتصرف ١٢ -٨رسالة التدمرية ص ال ١٩٤ بتصرف ٩٩شرح الطحاوية ص ١٩٥

.ال يوجد مطلقا كليا، بل ال يوجد إال معينا خمتصا

.وهذه األمساء إذا سمي اهللا ا كان مسماها معينا خمتصا به

.خمتصا بهفإذا سمي ا العبد كان مسماها

فوجود اهللا وحياته ال يشاركه فيها غريه، بل وجود هذا املوجود املعني ال يشركه

فيه غريه، فكيف بوجود اخلالق؟

.وذا ومثله يتبني لك أن املشبهة أخذوا هذا املعىن فزادوا فيه على احلق فضلوا

ق حىت وأن املعطلة أخذوا نفى املماثلة بوجه من الوجوه وزادوا فيه على احل

.ضلوا

وأن كتاب اهللا دل على احلق احملض الذي تعقله العقول السليمة الصحيحة، وهو

.١٩٦احلق املعتدل الذي ال احنراف فيه

:قطع الطمع عن إدراك كيفية اتصاف اهللا بصفاته: األساس الثالث

:وتوضيح هذا األساس يتم مبا يلي

.معرفة ذاتهإن اهللا مل يطلع اخللق على ذاته ومل يكلفهم : أوال

مل يشأ اهللا عز وجل أن جيعل للعباد من سبيل إىل معرفة كيفية وكنه صفاته، فقد

سد سبحانه الطرق املوصلة إىل ذلك، فهو من جهة مل يطلع اخللق على ذاته، فهذا

تعلموا أنكم لن تروا ربكم حىت ": باب موصود إىل قيام الساعة كما جاء يف احلديث

."متوتوا

مل خيربنا اهللا عز وجل بكيفية وكنه صفاته يف كتابه، أو على ومن جهة ثانية

لسان رسوله صلى اهللا عليه وسلم، فما وردت به النصوص إمنا هو إثبات وجود لتلك

.الصفات ال إثبات كيفية

ومن جهة ثالثة فإن اهللا مل يكلف العباد معرفة كيفية صفاته، ومل يتعبدهم بذلك

بتصرف ١٠٤شرح الطحاوية ص ١٩٦

ى اإلميان مبا أخربهم به، فالواجب عليهم أن يؤمنوا وال أراده منهم، بل قصرهم عل

.اإلميان الصحيح مبا كلفوا به، وأن ال يتجاوزوا حدود ذلك

وقد ورد النص يف وجوب قطع الطمع عن إدراك حقيقة كيفية صفات اهللا،

يطون به يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وال يح{: فإدراك ذلك مستحيل، قال تعاىل

١٩٧}علما

إدراك حقيقة الكيفية مستحيل، : "قال الشيخ حممد األمني الشنقيطي رمحه اهللا

فعل مضارع } يحيطون به{: وهذا ما نص عليه يف هذه اآلية من سورة طه، فقوله

) بالفعل املضارع، وفعل األمر، والفعل املاضي(منفي، والفعل الصناعي الذي يسمى

نحويني عن مصدر وزمن، فاملصدر كامن يف مفهومه إمجاعا، فيحيطون يف ينحل عند ال

فيتسلط النفي على املصدر الكامن يف الفعل فيكون معه كالنكرة ) اإلحاطة(مفهومها

ال إحاطة للعلم البشري برب السموات واألرض، : املبنية على الفتح، فيصري املعىن

عن رب ) للخلق(اطة املسندة منفية فينفى جنس أنواع اإلحاطة عن كيفيتها، فاإلح

.١٩٨"العاملني

.قصور العقل عن معرفة كيفية صفات اهللا: ثانيا

إن على العقل أن ييأس من تعرف كنه الصفات وكيفياا لعجزه عن معرفة

ذلك، ألن الشيء ال تعرف كيفية صفاته إال بعد العلم بكيفية ذاته، أو العلم بنظريه

صادق، وكل هذه الطرق منتفية يف كيفية صفات اهللا، فوجب املساوي له، أو باخلرب ال

.بطالن تكييفها

وما أوتيتم من العلم إلا {: وعلم اإلنسان حمدود كما أخرب اهللا بذلك، حيث قال

.٢٠٠}وال يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء{ : ، وقال تعاىل١٩٩}قليال

من سورة طه ١١٠اآلية ١٩٧ ٢٤منھج ودراسات آليات األسماء والصفات ص ١٩٨ من سورة اإلسراء ٨٥اآلية ١٩٩ من سورة البقرة ٢٥٥اآلية ٢٠٠

اإلنسان اليت هي أقرب األشياء إليه بل هي هويته، ال يعرف وإذا كانت نفس

اإلنسان كيفيتها وال حييط علما حبقيقتها، فاخلالق جل جالله أوىل أن ال يعلم العبد

.٢٠١كيفيته وال حييط علما حبقيقته

وقد أدب اهللا عباده املؤمنني ووجههم بأن ال خيوضوا يف أمور ال علم هلم ا،

ف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان وال تق{: فقال

.٢٠٢}عنه مسؤوال

قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن واإلثم والبغي {: وقال تعاىل

كوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما ال بغير الحق وأن تشر

.٢٠٣}تعلمون

ومن املعلوم أنه ال علم لنا بكيفية صفاته عز وجل، ألنه تعاىل أخربنا عنها، ومل

ال مبا ال خيربنا عن كيفيتها، فيكون تعمقنا، يف أمر الكيفية قفوا ملا ليس لنا به علم، وقو

.ميكننا اإلحاطة به، وخمالفة ملا انا اهللا وحذرنا منه، وحرمه علينا

فيجب الكف عن التكييف تقديرا باجلنان أو تقريرا باللسان، أو حتريرا بالبنان،

ألن أية كيفية تقدرها األذهان فاهللا أعظم وأجل من ذلك، مث هي يف الوقت ذاته

وهلذا نقل أصحاب املقاالت عن بعض . ٢٠٤ئلها بذلكستكون كذبا، ألنه ال علم لقا

أنه قال يف ربه يف عام واحد مخسة -الذين خاضوا يف كيفية صفات اهللا-املشبهة

ولو كان من عند غير الله لوجدوا {: ، وصدق اهللا إذ قال يف كتابه العزيز٢٠٥أقاويل

.٢٠٦}فيه اختالفا كثريا

حيذر من التكييف أو حماولته، فإن من فعل ذلك فقد وقع يف فعلى املسلم أن

"وعة الرسائل المنیريةمطبوعة ضمن مجم" ٢/٤٤رسالة في الحقل والروح البن تیمیة ٢٠١ من سورة اإلسراء ٣٦اآلية ٢٠٢ من سورة األعراف ٣٣اآلية ٢٠٣ ٢٨ -٢٧القواعد المثلى ص ٢٠٤ ٣٣مقاالت اإلسالمیین ص ٢٠٥ من سورة النساء ٨٢اآلية ٢٠٦

مفاوز ال يستطيع اخلالص منها، فاخلوض يف ذلك هو مما يلقيه الشيطان يف القلوب،

وهو نزغة من نزغاته، فلذلك جيب على املؤمن أن يلجأ إىل ربه ويستعيذ به من

لشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع وإما ينزغنك من ا{: نزغات الشيطان، قال تعاىل

يمل٢٠٧}ع.

".بال كيف: "معىن قول السلف: ثالثا

أي بال كيف يعقله البشر، فليس املراد من " بال كيف"إن معىن قول السلف

هو نفي الكيف مطلقا، فإن كل شيء البد أن يكون على كيفية ما، " بال كيف"قوهلم

، ٢٠٨هو نفي العلم بالكيف، إذ ال يعلم كيفية ذاته وصفاته إال هو سبحانه ولكن املراد

فهذا مما استأثر اهللا بعلمه فال سبيل إىل الوصول إليه، فكما أن ذات اهللا ال ميكن للبشر

وهلذا ملا سئل اإلمام مالك . معرفة كيفيتها، فكذلك صفاته سبحانه ال نعلم كيفيتها

كيف استوى؟ ٢٠٩}ن على العرش استوىالرحم{: رمحه اهللا فقيل له

االستواء معلوم، والكيف جمهول، واإلميان به واجب، والسؤال : قال رمحه اهللا

.وما أراك إال رجل سوء، وأمر بإخراجه من جملسه: عنه بدعة، مث قال للسائل

االستواء غري جمهول، والكيف : "وقد روى عن شيخه ربيعة بن عبد الرمحن قوله

.أي ال تعقله العقول وال حتيط به" معقول غري

وهذا يقال يف سائر الصفات، وقد مشى أهل العلم على هذا امليزان واعتربوا

.ذلك قاعدة من قواعد الصفات

أي معلوم املعىن يف لغة العرب، فاستوى هنا ): االستواء معلوم(فقول اإلمام مالك

مر يف سائر نصوص الصفات، فإن عديت بعلى فهي هنا مبعىن عال وارتفع، وهكذا األ

.معانيها معروفة يف لغة العرب، وليست جمهولة

من سورة األعراف ٢٠٠اآلية ٢٠٧ شرح العقیدة الواسطیة للھراس ٢٠٨ من سورة طه ٥اآلية ٢٠٩

أي مع إثبام ملعىن االستواء واعتقادهم بأن اهللا مستو على ): والكيف جمهول(

عرشه ومرتفع عليه، إال أم يكلون علم كيفية ذلك االستواء إىل اهللا عز وجل، ألنه

.مما استأثر اهللا بعلمه

أي اإلميان باستواء اهللا على عرشه حقيقة واجب لوروده ): به واجب واإلميان(

.يف النصوص الشرعية

كيف : أي السؤال عن كيفية االستواء، ألن السائل قال): والسؤال عنه بدعة(

استوى؟

.عدم معرفة الكيفية ال يقدح يف اإلميان بالصفات ومعرفة معانيها: رابعا

ال يقدح يف اإلميان بتلك الصفات ومعرفة إن عدم العلم بكيفية صفات اهللا

معانيها، ألن الكيفية وراء ذلك، فالسلف يثبتون هللا ما أثبته لنفسه من صفات الكمال

ويفهمون معاين تلك الصفات، ويفسروا، فإذا أثبتوا هللا السمع والبصر أثبتومها

وإن كان ال حقيقية وفهموا معنامها، وهكذا سائر الصفات جيب أن جتري هذا ارى،

سبيل لنا إىل معرفة كنهها وكيفيتها، فإن اهللا سبحانه مل يكلف العباد ذلك وال أراده

.منهم ومل جيعل هلم إليه سبيال

وكثري من املخلوقات مل جيعل اهللا للعباد سبيال إىل معرفة كنهها وكيفيتها، فهذه

عرفة كنهها أرواح اخلالئق اليت هي أدىن إليهم من كل دان قد حجب عنهم م

وكيفيتها، وقد أخربنا اهللا عن تفاصيل يوم القيامة وما يف اجلنة والنار، فقامت حقائق

ذلك يف قلوب أهل اإلميان وشاهدته عقوهلم ومل يعرفوا كيفيته وكنهه، فال يشك

املسلمون أن يف اجلنة أارا من مخر وأارا من عسل، ولكن ال يعرفون كنه ذلك

".ليس يف الدنيا مما يف اجلنة إال األمساء: "ما قال ابن عباسومادته وكيفيته ك

فكذا األمساء والصفات ال مينع انتفاء نظريها يف الدنيا من فهم معانيها وحقائقها

.٢١٠واإلميان بذلك واعتقاد اتصاف اهللا ا

.فإمياننا صحيح حبق ما كلفنا به، وإن مل نعرف حقيقة ماهيته وكيفيته، واهللا أعلم

األسس الثالثة جيب األخذ ا مجيعا، وال جيوز اإلخالل بشيء منها، فهذا وهذه

.ما كان عليه معتقد السلف من هذه األمة ومن سار على جهم

:وهم ذا توسطوا يف هذا الباب بني طائفتني ضلتا يف هذا الباب مها

.املشبهة -٢٠املعطلة -ا

ه بال تعطيل، فهم ال ينفون عن اهللا فمعتقد السلف هو اإلثبات بال تشبيه، والترتي

ما مسى أو وصف به نفسه يف كتابه أو على لسان رسوله صلى اهللا عليه وسلم،

فيعطلوا أمساءه احلسىن وصفاته العلى وحيرفوا الكلم عن مواضعه، ويلحدوا يف أمسائه

.وآياته كما فعل املعطلة

.شبهةكما أم ال يشبهون صفات اهللا بصفات خلقه كما فعل امل

اخلامتة

دين اهللا تعاىل بني الغايل فيه واملقصر عنه، وإمنا القصد يف سلوك الطريقة

.املستقيمة بني األمرين

.فدين اإلسالم وسط بني األطراف املتجاذبة، فاملسلمون وسط بني أهل امللل

:فهم وسط يف التوحيد بني اليهود والنصارى

خيتص ا املخلوق ويشبهون فاليهود تصف الرب تعاىل بصفات النقص اليت

إنه خبيل، وإنه فقري، وإنه ملا خلق السموات واألرض : اخلالق باملخلوق، كما قالوا

.تعب، تعاىل اهللا عن ذلك علوا كبريا، ولعنوا مبا قالوا

وهو سبحانه اجلواد الذي ال يبخل، والغين الذي ال حيتاج إىل غريه، والقادر

٣/٣٥٨مدارج السالكین ٢١٠

.الذي ال ميسه لغوب

رى يصفون املخلوق بصفات اخلالق اليت خيتص ا ويشبهون املخلوق والنصا

.إن اهللا هو املسيح بن مرمي، وإن اهللا ثالث ثالثة: باخلالق، حيث قالوا

املسيح ابن اهللا، واختذوا أحبارهم ورهبام أربابا من دون اهللا واملسيح بن : وقالوا

.إال هو سبحانه عما يشركون مرمي، وما أمروا إال ليعبدوا إهلا واحدا ال إله

فاملسلمون وحدوا اهللا ووصفوه بصفات الكمال، ونزهوه عن مجيع صفات

النقص، ونزهوه عن أن مياثله شيء من املخلوقات يف شيء من الصفات، فهو

موصوف بصفات الكمال ال بصفات النقص، وليس كمثله شيء ال يف ذاته وال يف

.صفاته وال يف أفعاله

.سط يف النبواتوكذلك هم و

.فاليهود تقتل بعض األنبياء، وتستكرب عن اتباعهم، وتكذم وتتهمهم بالكبائر

والنصارى جيعلون من ليس بنيب وال رسول نبيا ورسوال، كما يقولون يف

.إم رسل، بل يطيعون أحبارهم ورهبام كما تطاع األنبياء: احلواريني

.تكذب باحلقفالنصارى تصدق بالباطل واليهود

.فاليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون

:وأما الشرائع

ال جيوز : فاليهود منعوا اخلالق أن يبعث رسوال بغري شريعة الرسول األول، وقالوا

.أن ينسخ ما شرعه

.جوزوا ألحبارهم أن يغريوا من الشرائع ما أرسل اهللا به رسوله: والنصارى

.ما تقتضيه قدرته يف النبوات والشرائع فاليهود عجزوا اخلالق، ومنعوه

.والنصارى جوزوا للمخلوق أن يغري ما شرعه اخلالق، فضاهوا املخلوق باخلالق

:وكذلك يف العبادات

فاليهود معرضون عن العبادات حىت يف يوم السبت الذي أمرهم اهللا أن يتفرغوا

.فيه لعبادته، إمنا يشتغلون فيه بالشهوات

.ونه ببدع ابتدعوها ما أنزل اهللا ا من سلطانوالنصارى يعبد

.فاليهود مستكربون عن عبادته، والنصارى مشركون به

.واملسلمون عبدوا اهللا وحده مبا شرع، ومن يعبدوه بالبدع

وهذا هو دين اإلسالم الذي بعث اهللا به مجيع النبيني، وهو أن يستسلم العبد هللا

، فمن استسلم له ولغريه كان مشركا، ومن مل ال لغريه، وهو احلنيفية دين إبراهيم

.يستسلم له فهو مستكرب

يف الطعام واللباس وما يدخل يف ذلك من : وكذلك يف أمر احلالل واحلرام

.النجاسات

فاليهود حرمت عليهم طيبات ما أحل هلم، فهم حيرمون من الطيبات ما هو

ت، فاملرأة احلائض ال يأكلون منفعة للعباد، وجيتنبون األمور الطاهرات مع النجاسا

.معها وال جيالسوا فهم يف آصار وأغالل عذبوا ا

والنصارى ال حترم ما حرمه اهللا ورسوله، ويستحلون اخلبائث احملرمة كامليتة

والدم وحلم اخلرتير، حىت إم يتعبدون بالنجاسات كالبول والغائط وال يغتسلون من

، وكلما كان الراهب عندهم أبعد عن الطهارة، وأكثر جنابة، وال يتطهرون للصالة

.٢١١مالبسة للنجاسة، كان معظما عندهم

كذلك أهل السنة يف اإلسالم متوسطون يف مجيع األمور، فإن أهل السنة يف

.اإلسالم كأهل اإلسالم يف امللل

:وقد توسط أهل السنة يف كثري من مسائل االعتقاد، منها ما يلي

فإن مذهب السلف هو إثباا وإجراؤها على ظواهرها : اهللا وصفاتهيف أمساء -ا

١٧٢، ٥/١٦٨منھاج السنة ٢١١

ونفي الكيفية والتشبيه عنها، فتوسطوا بذلك بني املعطلة الذين نفوها فأبطلوا ما أثبته

.اهللا ورسوله

.واملشبهة الذين خرجوا ا إىل ضرب من التشبيه والتكييف

م أثبتوا هللا فعال ومشيئة فإن مذهب السلف هو أ": القدر"يف أفعال اهللا -٢

وأثبتوا للعبد فعال ومشيئة داخلة حتت مشيئة اهللا وقدرته، فتوسطوا بذلك بني اجلربية

.الذين أنكروا قدرة العبد ومشيئته والقدرية الذين أنكروا قدرة اهللا يف أفعال العباد

فإن مذهب السلف هو أن اإلميان اعتقاد وقول وعمل يزيد : يف اإلميان -٣

نقص، فتوسطوا بذلك بني املرجئة الذين أخرجوا العمل عن مسمى اإلميان، وي

.واخلوارج واملعتزلة الذين أنكروا زيادة اإلميان ونقصانه

فإن مذهب السلف هو أن مرتكب ": أي مرتكب الكبرية"يف وعيد اهللا -٤

، إن الكبرية مؤمن بإميانه، فاسق مبعصيته، وهو مستحق للوعيد ولكنه حتت مشيئة اهللا

.شاء عذبه على قدر ذنبه مث خيرجه من النار، وإن شاء غفر له وأدخله اجلنة

ال يضر مع اإلميان : فهم بذلك توسطوا بني املفرطني من املرجئة الذين قالوا

، فاخلوارج )اخلوارج واملعتزلة(ذنب، كما ال ينفع مع الكفر طاعة، وبني الوعيدية

هو يف مرتلة بني مرتلتني، ويتفقون على : زلة يقولونهو كافر يف الدنيا، واملعت: يقولون

.أنه يف اآلخرة خالد خملد يف النار

فإن مذهب السلف هو : يف أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم -٥

االعتراف بفضل الصحابة مجيعا رضي اهللا عنهم وأرضاهم، وأم أكمل هذه األمة

ل بتعديل اهللا هلم، ولكنهم مل يغلوا فيهم ومل إميانا وإسالما وعلما وحكمة، وأم عدو

يعتقدوا عصمتهم، بل قاموا حبقوقهم وأحبوهم لعظيم سابقتهم وحسن بالئهم يف

نصرة اإلسالم وجهادهم مع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فهم بذلك توسطوا بني

.الرافضة واخلوارج

ما كفروهم أو كفروا يسبون الصحابة ويلعنوهم ورب -قبحهم اهللا-فالرافضة

بعضهم، والغالية منهم مع سبهم لكثري من الصحابة واخللفاء يغلون يف علي رضي اهللا

.عنه وأوالده ويعتقدون فيهم اإلهلية

واخلوارج قابلوا هؤالء الروافض فكفروا عليا ومعاوية ومن معهما من الصحابة

.وقاتلوهم واستحلوا دماءهم وأمواهلم

الستة هم أعرف الناس باحلق، ولذلك فإن كل طائفة سوى واملقصود أن أهل

أهل السنة واحلديث املتبعني آثار رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، ال ينفردون عن

طائفة أهل السنة إال بقول فاسد، وال ينفردون بقول صحيح، وكل من كان عن السنة

.أبعد، كان انفراده باألقوال واألفعال الباطلة أكثر

.يد من لزم السنة، واهللا املوفق وهو اهلادي إىل سبيل الرشادفالسع

ثبت املراجع

اجتماع اجليوش اإلسالمية على غزو املعطلة واجلهمية، البن قيم اجلوزية، -ا

.الناشر مكتبة ابن تيمية بالقاهرة

.االقتصاد يف االعتقاد أليب حامد الغزايل، الناشر دار الكتب العلمية، بريوت -٢

.ائع الفوائد، البن قيم اجلوزية، الناشر دار الكتاب العريب، بريوتبد -٣

البدع والنهي عنها، حممد بن وضاح القرطيب، الناشر دار الكتاب العريب، -٤

.بريوت

بيان فضل علم السلف على اخللف، البن رجب احلنبلي، بتحقيق حممد ابن -٥

.ناصر العجمي، الناشر الدار السلفية

اإلميان عن احلكم بغري ما أنزل الرمحن، إمساعيل بن إبراهيم حتذير أهل -٦

.الناشر املكتبة املنريية) ضمن الرسائل املنريية(اخلطيب

: التحفة املهدية شرح الرسالة التدمرية، فاحل بن مهدي آل مهدي، ط -٧

.اجلامعة اإلسالمية

ير الطربي، ، حممد بن جر)جامع البيان عن تأويل آي القرآن(تفسري الطربي -٨

.ط الثالثة. الناشر مكتبة احلليب

.، الناشر دار املعرفة)تفسري القرآن العظيم(تفسري ابن كثري -٩

.، الناشر دار إحياء التراث)اجلامع ألحكام القرآن(تفسري القرطيب -١٠

تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان، للشيخ عبد الرمحن بن سعدي، -١١

.سالميةط اجلامعة اإل

التوضيح والبيان لشجرة اإلميان، للشيخ عبد الرمحن بن سعدي، الناشر -١٢

.مكتبة دار األقصى

.جامع بيان العلم وفضله، البن عبد الرب، الناشر دار الكتب العلمية -١٣

دار : اجلواب الكايف ملن سأل عن الدواء الشايف، البن قيم اجلوزية، الناشر -١٤

.الكتب العلمية

حممد ابن . حلجة يف بيان احملجة، حممد بن إمساعيل األصبهاين، بتحقيق دا -١٥

.ربيع مدخلي، الناشر دار الراية

درء تعارض العقل والنقل لشيخ اإلسالم ابن تيمية، بتحقيق حممد رشاد -١٦

.جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية: سامل، ط

: بتحقيق حممد السعوي، ط الرسالة التدمرية لشيخ اإلسالم ابن تيمية، -١٧

.شركة العبيكان

) ضمن الرسائل املنريية(رسالة يف العقل والروح لشيخ اإلسالم ابن تيمية -١٨

.املطبعة املنريية: ط

.سنن أيب داود، الناشر دار احلديث -١٩

.سنن الترمذي، الناشر دار إحياء التراث -٢٠

.سنن الدارمي، الناشر دار الكتب العلمية -٢١

شركة الطباعة : سنن ابن ماجه، بتحقيق حممد مصطفى األعظمي، ط -٢٢

.العربية بالرياض

أمحد ابن . شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة، لاللكائي، بتحقيق د -٢٣

.سعد الغامدي، الناشر دار طيبة

.شرح العقيدة الطحاوية، الناشر املكتب ا إلسالمي -٢٤

.مؤسسة مكة للطباعة: د خليل هراس، طشرح العقيدة الواسطية، حملم -٢٥

.صاحل الفوزان، الناشر مكتبة املعارف بالرياض. شرح العقيدة الواسطية، د -٢٦

.الشريعة، حممد بن احلسني اآلجري، الناشر حديث أكادميي، بباكستان -٢٧

.صحيح البخاري مع فتح الباري البن حجر، الناشر دار الفكر -٢٨

.املعرفةدار : صحيح مسلم، ط -٢٩

علي حممد الدخيل اهللا، . الصواعق املرسلة البن قيم اجلوزية، بتحقيق د -٣٠

.الناشر دار العاصمة

أمحد . علي ناصر فقيهي، د. الصواعق املرتلة، البن قيم اجلوزية، بتحقيق د -٣١

.اجلامعة اإلسالمية: بن عطية الغامدي، ط

لسيوطي، الناشر دار الكتب صون املنطق والكالم عن فن املنطق والكالم ل -٣٢

.العلمية، بريوت

: املطبعة السلفية، ط: الفتوى احلموية الكربى لشيخ اإلسالم ابن تيمية، ط -٣٣

.دار فجر للتراث

القواعد املثلى يف صفات اهللا وأمسائه احلسىن، الشيخ حممد بن صاحل ابن -٣٤

.عثيمني، الناشر مكتبة الكوثر

الواسطية، الشيخ عبد العزيز حممد السلمان، الكواشف اجللية عن معاين -٣٥

.مطابع اد: ط

جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، مجع وترتيب عبد الرمحن بن قاسم -٣٦

.وابنه حممد

خمتصر الصواعق املرسلة على اجلهمية واملعطلة، البن قيم اجلوزية، الناشر -٣٧

.دار الفكر

.زية، الناشر دار الفكرمدارج السالكني البن قيم اجلو -٣٨

حممد ضياء الرمحن . املدخل إىل السنن الكربى للبيهقي، بتحقيق د -٣٩

.األعظمي، الناشر دار اخللفاء

.املستصفى أليب حامد الغزايل، الناشر دار املعرفة -٤٠

.مسند ا إلمام أمحد بن حنبل، الناشر دار صادر -٤١

.شر املطبعة السلفيةمعارج القبول، حافظ بن محد حكمي، النا -٤٢

معجم مقاييس اللغة، أمحد بن فارس، بتحقيق عبد السالم هارون، الناشر -٤٣

.مكتبة مصطفى احلليب

.مفتاح دار السعادة البن قيم اجلوزية، الناشر دار الكتب العلمية -٤٤

.مقاالت اإلسالميني أليب احلسن األشعري، الناشر دار إحياء التراث العريب -٤٥

اج السنة النبوية يف نقض كالم الشيعة القدرية، لشيخ اإلسالم ابن منه -٤٦

.جامعة اإلمام حممد بن سعود: تيمية، ط

منهج ودراسات آليات األمساء والصفات للشيخ حممد األمني الشنقيطي، -٤٧

.اجلامعة اإلسالمية: ط

وجوب لزوم اجلماعة وترك التفرق، مجال أمحد بادي، الناشر دار الوطن -٤٨

.للنشر

حممد باكرمي، رسالة مقدمة لنيل درجة . وسطية أهل السنة بني الفرق، د-٤٩

).مطبوعة على اآللة الكاتبة(الدكتوراه بقسم العقيدة باجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة