hobbollah.comhobbollah.com/.../files/hewarat/33_d_1361861202.docx  · Web viewحوار حول...

26
ي ن ي ر الد ك ف ل د ا دي ج ت ات ي ل كا ش وا ي ن ه مد ل ا فّ ر ط ت ل ول ا ح وار ح له ل ا ب ح در ي ح خ ي ش ل ع ا م5 رج ف ا ي ي ه: رّ عد< ار وا و ح ل رى ا ج< ا، ه ي ت ي و ك ل ا ى< را ل ا ه ف ي ح ص ي ف ر ش ند: عد ل ا12278 : خ ت ار ي ي، 11/02/2013 م( 1 ) . س1 وم؟ ه ف م ل ا ا هد ل م ك ف ي ر ع ي و ه ، ما ه ي ع ي ش ل ا ةّ ي ف ل س ل وم ا ه ف م داول ي ة ي ه را ل ا له ح ر م ل ا ي فّ م ت ي: له ل ا ب حs حt د s ي م خ طلs ص م ل ا ا دs داول ه s ي< دا s : ي ا s ي هs ر ثs ع ي م ل ك s ش نً ا s ي ير ق ي فs ص ت ل د وا s ف ع ل ا ي ل وا ي ف ي هن دs م ل ا فّ رs ط ت ل ا ره ث s ت د و s ايt ر ت ب ف ع ره ث s خ< الأ وات نs ش ل ا ي ف ي م ا s ي ت ل ا ي د s ح< ه اs ّ ي ك ل، و اك s ي ه و، هs م ل لك ه ا دs ه ل دs ّ وح م ف s ي ر ع ي5 ن ع ث يدs ج ل ا5 ن ك م ي ، ولأ ي فراs لعم ا ا s ط ت ل وط ا قs س عد ي ي م لأ س م الأ ل عا ل ا خ ت ار ي ل ا ساجt ن ي س لأ ي سع وّ ام ي ي ع ي س لأق ع ي ا5 ن ع ر ث ب ع ي ي ه ةّ ي ع ي ش ل ا ةّ ي ف ل س ل اّ 5 ن< م ا ه عض ي رى ت ما ي ف فَ طsم ي ل ه ا ات s س ن رى ث s ف ك ي طs م ي ي ه ه ي ع ي s ش ل ا ه ي ف لs س ل اّ 5 ن< ي ا ل ا5 رون s ج ا ب ه د s ه، ي s ات يّ ل ج ت ه و s دات ي ف ع يّ لs ك ب1 ي ض ت ق ا ، ف ه وت ح< والأ له< ي س< الأ ض ع ي ر ش ن عدم ل ه ف ي ح ص ل ا تّ ر ط ض ا ب ي ح وار، حل ل ل ملكا اّ ض ت ل و ا ه ا هدّ 5 ن< ي ا ل ر ا ا س ن)( .) له ال ب ح در ي ح( ه وت ن لت ا

Transcript of hobbollah.comhobbollah.com/.../files/hewarat/33_d_1361861202.docx  · Web viewحوار حول...

حوار حول التطرف المذهبي وإشكالياتتجديد الفكر الديني

مع الشيخ حيدر حب اللهأجرى الحوار وأعده: ريتا فرج

: 12278العدد: نشر في صحيفة الرأي الكويتية، بتاريخ .(1)م11/02/2013،

: يتم في المرحل888ة الراهن888ة ت888داول مفه888وم الس888لفية1سالشيعية، ما هو تعريفكم لهذا المفهوم؟

: بدأ تداول ه��ذا المص��طلح من��ذ ح��حب الله والي العق��د والنص��ف تقريب��ا بشكل مبعثر هنا وهناك، ولكنه أخذ بالتن��امي في الس��نوات األخ��يرة عقب تزايد وتيرة التطرف المذهبي في الع��الم اإلس��المي بع��د س��قوط النظ��ام العراقي، وال يمكن الحديث عن تعريف موح��د له��ذه الكلم��ة، ففيم��ا ي��رى بعض��هم أن الس��لفية الش��يعية هي تعب��ير عن انغالق ش��يعي ت��ام وس��عي الستنساخ التاريخ بكل تعقيداته وتجلياته، ي��ذهب آخ��رون إلى أن الس��لفية الشيعية هي نمط تكفيري يشابه النمط الموج��ود عن��د بعض أه��ل الس��نة، والذي يبدو لي أن السلفية الشيعية � إذا أردنا أن نصر على استخدام ه��ذا المصطلح � ليست طيفا واحدا، بل هي متعددة األطياف بحيث نج��د ش��دة هن��ا وض��عفا له��ا هن��اك، لكن مع��الم ه��ذه الس��لفية تب��دو لي في العناص��ر التالية: أوال: سعي دؤوب بكل ق��وة للترك��يز على الخصوص��يات المذهبي��ة، مقابل تحفيف اإلضاءة على العناص��ر المش��تركة بين الم��ذاهب، وه��ذا م��ا يج��ر بش��كل تلق��ائي إلى محاول��ة الحف��ر في ال��تراث اللتق�اط ك��ل عنص��ر مختل��ف، بوص��فه معلم��ا من مع��الم التش��يع، فيم��ا يتم تفس��ير العناص��ر المشتركة والوحدوية في التراث على أنها جاءت ألس��باب طارئ��ة كالتقي��ة وغيرها، ومن ثم فهي ال تمثل العمق األصيل للم��ذهب الش��يعي. وه��ذا م��ا قد يؤدي إلى رسم مسلسل جديد لألولويات وتحديد مختلف للع��دو أيض��ا.

بعض)( 1 نشر لعدم الصحيفة اضطرت حيث للحوار، الكامل النص هو هذا أن إلى يشار.) الله ) حب حيدر التنويه فاقتضى واألجوبة، األسئلة

ثاني��ا: توجي��ه س��هام النق��د ال��داخل ��� م��ذهبي إلى مش��روع التق��ريب بين المذاهب واعتباره تضحية بالمذهب لمصالح سياسية بحت��ة. ثالث��ا: الس��عي إلخراج المذهب الشيعي من مرحلة التقية والمعارضة إلى مرحلة اإلعالنر م��ا تبث��ه بعض القن��وات والمواجهة الص��ريحة والش��فافة، وه��ذا م��ا يفس�� الشيعية من لعن الخلفاء والصحابة وأمهات المؤمنين، وبيان عيوبهم بك��ل أسلوب ممكن. رابعا: رفض أن يمث��ل التش��يع أي تي��ار فك��ري آخ��ر داخ��ل المذهب الشيعي، والتشكيك في طهارة مولد الكثير من التيارات الفكرية الشيعية المعاصرة األخرى التي ال تذهب هذا الم��ذهب. خامس��ا: المبالغ��ة في إب��راز الج��وانب الش��عائرية للم��ذهب الش��يعي وتحويله��ا من طق��وس وشعائر ظاهرية إلى جوهر أصيل للمذهب الشيعي، تماما كتحويل الت��اريخ

إلى معتقدات، وهو تحويل بالغ الخطورة.

: م88ا هي األس88س العقدي88ة ال88تي تنهض عليه88ا الس88لفية2سالشيعية؟ وإلى أين تمتد جذورها؟

هذا االتجاه الفكري ليس مذهبا آخر داخ��ل الم��ذهب اإلم��امي،حب الله:��ز يمكن��ني أن أتح��دث عن لكنه تيار من تيارات التفكير العقدي، ولكي أمي ثالثة اتجاهات أساسية اليوم في التفكير العقدي اإلمامي تدور حول قضية اإلمامة وتفسيرها: االتجاه األول يميل إلى أخذ الحد األعلى لإلمام��ة، وهم الذين يذهبون ��� إض��افة إلى م��ا يقول��ه االتج��اه الث��اني اآلتي ��� إلى اعتب��ار�ة، األئمة وسائط في الفيض اإللهي، وأنهم مظهر األسماء والص�فات اإللهي وأن لهم الوالية على عالم الوج��ود وهم س��الطينه ال��ذين ي��ديرون الوج��ود كله، وأنهم يعلمون الغيب وما ك��ان وم��ا س��يكون إلى ي��وم القيام�ة، وأنهم يعلمون كل شيء بما في ذلك اللغات وكل صغيرة وكبيرة في هذا الكون، وأنهم مستقلون بالتشريع حتى بعد وفاة الن��بي، وأنهم عين الق��رآن وليس شيئا غيره، وأنهم مح��دثون وت��نزل عليهم المالئك��ة وتع��رض عليهم أفع��ال العباد دوما، وأن اإلمامة حلقة في سلس��لة نظ��ام الوج��ود كل��ه، وأنهم م��ذ كانوا أجنة في بط��ون أمه��اتهم ك��انوا معص��ومين عن ال��ذنب مطلق��ا وعن الخطأ مطلقا وعن النسيان مطلق��ا، وأن األئم��ة خلق��وا قب��ل خل��ق الع��الم

وكانوا أن�وارا، وأنهم ال��ذين يحاس��بون الن��اس ي��وم القيام��ة ب�أمر من الل��ه تعالى وترجع إليهم الناس ويكون بعثها لهم، وأن حي��اتهم محكوم��ة لنظ��ام الكرامات والنشاط الغيبي الدائم أو شبه الدائم، وأن من المس��تحيل فهم حقيقتهم، وأن الصحابة وأمهات المؤمنين ارتدوا وكفروا إال القليل الن��ادر، وأن أهل السنة كفار حقيقة وإن تعاملنا معهم معاملة ظ��اهر اإلس��الم في الدنيا.. وهذا الفري�ق يوج�د بعض االختالف�ات في بعض التفاص�يل المش�ار إليها بين أنص��اره. ويس��تند ه��ذا الفري��ق إلى ع��دد من األدل��ة ذات الط��ابع الفلس��في حين��ا، والص��وفي العرف��اني حين��ا آخ��ر، وك��ذلك إلى ع��دد من��ة النصوص الحديثية الموج��ودة في مختل��ف مص��ادر الح��ديث عن��د اإلمامي وغيرهم. وهذا ه��و التوج��ه ال�ذي يمي��ل إلي��ه االتج��اه ال�ذي تطلق�ون علي��ه )السلفية الشيعية(. االتجاه الثاني: وهو الذي يميل إلى أخذ الحد األوسط، حيث يرى هؤالء أن اإلمامة امتداد للرسالة النبوية، وحماية لها، واس��تمرار ض��روري لمش��روعها، وأنه��ا ض��رورة وليس��ت خي��ارا، وأنه��ا إدارة ش��ؤون الناس في الدنيا والدين على مس��توى االجتم��اع البش��ري ال على مس��توى

��� االعتق��اد بإم��امتهم المنص��وص عليه��ا1التكوين، وأن المطلوب منا هو: من الله تعالى بوحي أنزله على رس��وله، وأنهم معص��ومون مطه��رون من

� اعتبارهم مرجعا في أخ��ذ ال��دين2الذنب مطلقا وعن الخطأ في الدين. الذي نزل على محمد، فالب��د من الرج��وع إلى س��نتهم الش��ريفة ال��تي هي

�3شرح معصوم للكتاب والسنة النبوية، وهذه هي )المرجعي��ة العلمي��ة(. �ون لألم��ة لزوم طاعتهم وثبوت واليتهم على الن��اس، فهم الحك�ام الحقيقي بعد وفاة الرسول، واألمة ملزمة بإط��اعتهم فيم�ا ي�أمرون وينه��ون، وه��ذه

� لزوم محبتهم ومودتهم بمقتض��ى مث��ل آي��ة4هي )المرجعية السياسية(. المودة وأن تعيش األمة معهم حالة عاطفية وعشقية، وه��و م��ا يتجلى في مثل شعائر عاشوراء الحسين وزيارة مراقدهم وبيان مظل��وميتهم، ويمكن��ة(. وه��ذا كل��ه معن��اه أنهم ي��رون أن ��ة الروحي أن نسمي هذه ب�� )المرجعي الرسول قد نصب عليا إماما من بعده يتل�وه أح�د عش�ر إم�ام، وأن ه�ؤالء األئمة معصومون في مجال تبلي��غ ال��دين وفي س��لوكياتهم األخالقي��ة، وأن األمة قصرت باستبعادهم عن المرجعية العلمية واألخذ منهم، وأنهم أفضل

� االعتقاد ب��أنهم مح��ل رعاي��ة الل��ه وتس��ديده،5شراح القرآن والسنة و.. وأنه قد تصدر منهم الكرامات والبرك��ات، وأن العب��اد تس��أل الل��ه وت��دعوه

بحقهم وح��ق األنبي��اء جميع��ا، ولكن حي��اتهم ك��انت تج��ري ��� في غالبيته��ا الساحقة � على وفق النظام الطبيعي ولم تكن تجري على أساس قوانين الغيب المتعالية عن قانون الطبيعة، فهم بشر كسائر الن��اس لهم فض��لهم وبركتهم ومقامهم عند الل��ه تع��الى. ومن هن��ا ال ي��ؤمن ه��ؤالء بوالي��ة أه��ل البيت التكوينية وال بعلمهم بالغيب وال بكونهم أن��وارا وال بعلمهم المطل��ق، ��ا وال بحس��ابهم للن��اس أو ك��ونهم المع��اقب والم��ثيب، وال بك��ونهم تجلي للصفات واألسماء اإللهية، وال بكونهم من يوجه إلي��ه دع��اء المؤم��نين، ب��ل الدعاء لله وحده، وغير ذلك مما قاله الفريق األول، وقد نج��د بعض رج��ال

��� ال��ذهاب إلى أن م��ا حص��ل6هذا االتجاه يرى بعض أفكار االتجاه األول. بعد وفاة الرسول كان غصبا للخالف��ة، لكن المهم الي��وم ه��و الترك��يز على��ة في األم��ة، وت��رك الح��ديث )إال في مرجعية أهل البيت العلمي��ة والروحي مجال البحث التخصصي( عن التاريخ واالستغراق فيه، وعدم ال��دخول في مشاحنات طائفية، وال س�ب أو لعن أح�د من الس��ابقين، ب�ل يقول�ون ب�أن )تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم(، وأننا نتبرأ منهم بتركهم وعدم األخذ بأفعالهم وال االقت��داء بهم فيم��ا أق��دموا علي��ه... وكم��ا االتج��اه األول ك���ذلك الح���ال في ه���ذا االتج���اه، حيث يختل���ف أنص���اره في بعض التفاصيل هنا وهناك. ويس��تند ه��ؤالء في مق��االتهم إلى النص��وص القرآني��ة والحديثية الكثيرة التي يرونها لصالحهم، وأن األحاديث التي لصالح الفريق األول إما مجعولة أو ضعيفة الس��ند أو معارض��ة للق��رآن والت��اريخ. االتج��اه الثالث: وهو الذي ي��رى أن أه��ل ال��بيت ليس��وا س��وى علم��اء أب��رار، وأنهم مرجع يهتدى به، لكنهم ليسوا منصوصا عليهم باالس��م، وال معص��ومين، وال غير ذلك مما قال��ه الفري��ق األول، وه��ذا ه��و ال��ذي طرح��ه م��ؤخرا وبق��وة

الشيخ محسن كديور في إيران. وأم��ام ه��ذه االتجاه��ات الثالث��ة، نج��د االتج��اه األول يتهم الفري��ق الث��اني والث��الث بالتقص��ير في ح��ق أه��ل ال��بيت، وب��رفض البع��د الاله��وتي في شخصيتهم، وبالتأثر بأهل السنة عامة وبالمذهب السلفي خاصة. فيما يرى بعض أنصار الفريق الثاني وك��ل أنص��ار الفري��ق الث��الث، أن الفري��ق األول مغال في حق أهل البيت، وأن أه��ل ال��بيت ح��اربوا ه��ذا الغل��و، وأن الغل��و الذي حاربوه ليس هو تأليه أهل البيت في عرض الله، حيث لم يق��ل أح��د

بذلك في التاريخ، بل الغلو هو هذا الذي يدعيه الفريق األول. ب�ل ق��د نج��د هنا وهناك كلم��ات يطلقه��ا بعض أنص��ار الفري��ق الث��اني والث��الث في ح��ق الفري��ق األول معت��برين أن بعض م��ا يقولون��ه أو يفعلون��ه ش��رك. وي��رى الفريق الث��اني أن االتج��اه الث��الث أخط��أ في نفي��ه النص على أه��ل ال��بيت والعصمة، ويرى أنهما صحيحان وموجودان في التراث والتاريخ والح��ديث، فيما يرى الفريق األول أن الفري��ق الث��الث ليس من الش��يعة أساس��ا؛ ألن

كل من ينكر النص والعصمة ال يمكن أن يكون إماميا مطلقا. وإذا أردنا أن نحلل ج��ذور التح��ول ه��ذا، فيمكن الرج��وع إلى م��ا ترك��ه لن��ا��ة ��ة المذهبي العص��ر الص��فوي، ففي ه��ذا العص��ر ظه��رت التي��ارات اإلخباري الشيعية، وفي الوقت عينه ظهرت مدرسة صدر الدين الشيرازي الصوفية الفلس��فية. فعلى خ��ط الم��ذهب اإلخب��اري ال��ذي تن��امى بفض��ل الص��راع العثماني الصفوي نجد رغبة دائمة في التم��ايز عن أه��ل الس��نة، فظ��واهر الدالالت القرآنية ليست حجة عند كثيرين منهم، وكذلك العقل في مساحة��ة األولى هي نص��وص أه��ل ال��بيت كب��يرة من��ه، وك��ذا اإلجم��اع، والمرجعي الحديثية التي ارتقى بها بعض اإلخباريين إلى حد أنه��ا يقيني��ة في ص��دورها ودالالته��ا، مق��تربين من تي��ار كب��ير عن��د أه��ل الس��نة في التعام��ل م��ع الصحيحين. لق��د انتق��د اإلخب��اريون قب��ل ع��دة ق��رون التق��ارب بين الس��نة

ه���( والعالم��ة الحلي )460والشيعة، ورفضوا سياس��ة الش��يخ الطوس��ي ) ه�( في التواصل العلمي م��ع أه��ل الس��نة واالس��تفادة من منج��زاتهم725

وتجاربهم ونقل أفكارنا إليهم بطرق هادئة. وأم��ا على خ��ط مدرس��ة ص��در ه�( الفلسفية، فقد أخذت ه��ذه المدرس��ة عرف��ان1050الدين الشيرازي )

ابن ع��ربي وتص��وفه، والتقطت نظري��ات )اإلنس��ان الكام��ل، والشخص��ية المحمدية، والصادر األول( ال��تي عليه��ا م��دار الوج��ود، ثم تم إس��قاط ه��ذا��ة المنجز الصوفي الفلسفي على نظرية اإلمامة الش��يعية، ف��انتقلت نظري��ة ذات بع��د اجتم��اعي دي��ني اإلمامة في العص��ر الص��فوي من كونه��ا نظري ومع��رفي في الحي��اة اإلس��المية كم��ا ك��ان يفهمه��ا متكلم��و بن��و ن��وبخت والشريف المرتضى والشيخ المفيد والشيخ الطوسي وغيرهم، إلى بع��دها الوجودي التكويني، ليصبح اإلمام حلقة في سلس��لة حلق��ات الوج��ود كل��ه، وتكون له الوالية التكوينية على العالم كما رأينا. إنه انتقال ليس بالبسيط،

وإنه التحول التاريخي الكبير الذي أخرج تيارات منزوية نس��بيا في الت��اريخ الشيعي إلى أن يصبح لها دور كبير في العصور المتأخرة، دون أن أت��دخل هنا في عملية التقويم، وأي من هذه التيارات هو الصحيح أو غ��ير الص��حيح��ة وديني��ة. وه��ذا كل��ه يع��ني أن الج��ذور تمت��د إلى من زاوي��ة نقدي��ة وعلمي السياق السياسي من جهة، والسياق الفلس��في الص��وفي من جه��ة ثاني��ة،��ه على ال��دوام ك��انت هن��اك ص��راعات بين التي��ار ومن الالفت للنظ��ر أن اإلخب��اري والص��وفية، لكنهم��ا في ه��ذا الموض��وع التقي��ا على مش��تركات

ليست قليلة.

: ه88ل ثم88ة حض88ور للس88لفية الش88يعية في لبن88ان؟ وبم88اذا3سيطالب دعاتها؟

���ه رغم بعض المش���تركات الفكري���ة بين الحرك���ةحب الل88ه: أعتق���د أن اإلسالمية السياسية الشيعية وما يس��مى بالتي��ار الس��لفي الش��يعي، إال أن نقاط االختالف ليست قليلة، فمهما فسرنا فكرة الوح��دة اإلس��المية ال��تي ينادي بها اإلسالم الثوري الش��يعي، ف��إن ه��ذه الفك��رة تش��كل أساس��ا من أساسيات نشاطه، ويرى العديد من التيار اآلخر أن التيار الث��وري الش��يعي فرط في المعتقد المذهبي لصالح األهداف السياسية. فعندما يكون الع��دو اإلسرائيلي هدفا أساسيا للحركة اإلسالمية، فيما نجد تناميا لمعاداة السنة في التي���ار الس���لفي الش���يعي، فمن الط���بيعي أن تح���دث تم��ايزات في األولويات. إن مطالب السلفية تج��اه الحرك��ة السياس��ية الش��يعية تتلخص��ة من جه��ة، والح��د من تجاه��ل في ضرورة وقف ما تعتبره تنازالت مذهبي مع��اداة الم��ذهب الس��لفي الس��ني أو تفس��يرها حرب��ا سياس��ية وليس��ت عقائدية، فهناك رغبة واضحة عند االتج��اه الس��لفي في تفس��ير م��ا يح��دث��ة مذهبي��ة، بينم��ا يس��عى التي��ار ��ه ح��رب عقائدي في المنطق��ة الي��وم بأن��ة. وهن��اك السياسي وبكل قوة العتبارها حربا سياسية ذات خي��وط عقائدي مبررات كثيرة لالعتبارين المشار إليهما. وال يبدو لي أن ما يس��مى بالتي��ار السلفي الش��يعي يمس��ك بزم��ام األم��ور، ب��ل م��ا زال على اله��امش على مستوى القرارات الكبرى في األم��ة الش��يعية، وال يمل��ك حض��ورا سياس��يا

مؤثرا في الساحة وفي األحداث، بل يقتصر حض��وره على بعض الج��وانب��ة. كم��ا ال يب��دو لي أن ت��أثيره في الحرك��ة اإلعالمي��ة والثقافي��ة والتعبوي��ة ال��تي ق��د نج��دها بين��ه السياسية بارز، رغم بعض عناص��ر االلتق��اء العقدي وبين بعض شخصيات التيارات السياس��ية. النقط��ة المهم��ة هن��ا هي كي��ف

يفكر الفريقان في تحقيق ما يراه كل واحد منهما أهدافا أساسية.

: هل تخافون على التيار الشيعي الوسطي )ال88ديني( من4س الخطاب السلفي، تحديدا على مس88توى اإليم88ان الجمعي ل88دى

الجمهور الشيعي في لبنان؟ إذا ظل تنامي التوتر الطائفي في المنطق��ة على وتيرت��ه ف��إنحب الله:

المخاوف سوف تزداد بشكل طبيعي، ويمكن قياس األمور على ما يحصل في الداخل السني أيضا، فكلما تنامى التوتر الط��ائفي في المنطق��ة رأين��ا تزايدا لحض�ور المنط�ق الم�ذهبي المنغل�ق في الوس�ط الس�ني، ه�ذا ه��و المنطق الطبيعي لألشياء، لكنني أستبعد أن يصل الحال بالمجتمع الشيعي في بلد مثل لبنان إلى حد إمس��اك التي��ار الس��لفي بمفاص�له؛ إذ ال الوض��ع الشيعي يسمح بذلك، وال المصالح العليا السياسية للجماع��ة يمكن له��ا أن تتحقق في ظل وضع من هذا القبيل، ما لم نشهد ظه��ورا للبراغماتي��ة في��ة، كم��ا ��ة إلى البراغماتي العم��ل، بحيث يتح��ول الفك��ر الس��لفي من العقدي رأين��اه في بعض المواق��ع على المس��توى الس��ني، وه��ذا التح��ول نح��و البراغماتي��ة، وال��ذي يفرض��ه الواق��ع الض��اغط اللبن��اني ال��ذي لن يس��مح بخطاب طائفي لمدة طويل��ة، س�وف ي�ترك أث�ره م��رة أخ�رى على البني��ة��ة، فالخط��اب الم��ذهبي الفكرية والثقافية شئنا أم أبينا، فهناك عالقة جدلي المنغلق يمكن أن يحظى بشعبية في ظل تشنج طائفي، لكن عندما يؤدي التشنج الطائفي إلى انفجار كب��ير ال يتحمل��ه الم��ذهب هن��ا أو هن��اك، فه��ذا يع��ني أن الخط��اب الم��ذهبي سيخض��ع للتش��ذيب انس��جاما م��ع ض��رورات��ة(، وي��ترك ه��ذا األم��ر على الم��دى البعي��د ت��أثيره في المرحلة )البراغماتي تحويل الخطاب المرحلي البراغماتي إلى جزء من الخطاب الديني الع��ام، فاسحا المجال مرة أخرى لتيار تقريبي غير منغلق. إن بل��دا مث��ل لبن��ان ال

يمكنه في تقديري تحمل خطاب سلفي منغلق لفترة طويل��ة، س��واء ك��ان شيعيا أم سنيا أم غير إسالمي، حتى لو رأين��ا في��ه بعض الجي��وب الس��لفية هنا وهناك عند هذا المذهب أو ذاك، مما يمكن أن يس��تخدمه السياس��يون

بمثابة أوراق ضغط ال أكثر. ويمكنني أن أشير أخيرا إلى أن الشيعة في لبنان وإن تعرفوا خالل العقود األخيرة على قراءات جديدة ومختلفة للتشيع ما كانوا ألفوها من قب��ل، إال أن عقلية التعايش والتسامح والتواص��ل م��ا ت��زال مس��يطرة عليهم نتيج��ة��ة ك��انت التراكمات التاريخية الكث��يرة لظ��روفهم وتج��اربهم، بوص��فهم أقلي تسعى على الدوام لعدم تثوير األكثرية ضدها بم��ا يفس��د عليه��ا مص��الحها، وهذا ما يحول دون تبنيهم بسهولة خيار مواجهة األكثرية المحيطة بهم في المنطقة ويضعف من الخطاب الديني المتشدد مذهبيا عندهم ويزوي��ه في

دوائر صغيرة مغلقة، أو يحوله إلى مجرد خطاب ديني داخلي.

: ما رأيكم في حركة االجتهاد عند الش88يعة، وتحدي88دا ل88دى5سالمراجع الدينية في قم والنجف؟

يمكنني بك��ل ثق��ة أن أق��ول ب�أن حرك��ة االجته��اد عن��د الش�يعةحب الله: شهدت نموا غير طبيعي خالل القرن األخير، ففي هذا القرن ش��هدنا أك��بر��ة، تل��ك التنظ��يرات ال��تي عملت التنظيرات األصولية والفقهية عند اإلمامي بقوة على إخراج الفقه الشيعي من وضع منغلق منكمش إلى وضع منفتح حي��وي مختل��ف، وفي ه��ذا الق��رن ظه��ر عمالق��ة في الفك��ر الش��يعي التجديدي. ينبغي اإلقرار بأن مثل هذه األمور صارت اليوم من الواضحات، ويبدو لي أن التيار التجديدي في االجتهاد الشيعي م�ا ي�زال س��ائرا بوت�يرة جيدة نسبيا، لكن هذا ال يمنع عن تأثير حالة االنغالق اإلسالمي العام ال��ذي لف العالم العربي واإلسالمي منذ بدايات العقد األخير من القرن الماضي،��ة أخ��ذت تعي��د النظ��ر في حركة االجتهاد الشيعي، فبعض التيارات التقليدي في مجموعة من األصول واألفكار التي أنتجها عصر النهضة الش��يعي من��ذ بدايات القرن العشرين مع السيد محسن األمين والميرزا النائيني، معتبرة أنها ال ترقى إلى مستوى التنظ��ير العلمي المعم��ق في النص��وص الديني��ة،

وأنها جاءت مج��رد اس��تجابة لض�غوطات الواق��ع، ولم تكن نتيج��ا لق�راءات داخل � نصية. بالنس��بة لي شخص��يا أج��د أن ه��ذا الكالم منطقي في بعض جوانبه، فتنظيرات النهوضيين الشيعة � كإخوانهم السنة � كانت، كما ي��رى��ة ومحاول��ة أمثال الدكتور أركون، في جزء منها مبسطة للمش��اكل الفكري االلتفاف عليها. لكن ذلك ال يعني القطيعة معه��ا، بق��در م��ا يع��ني ض��رورة االستمرار في نقدها والبناء على النقد لتكوين تصورات أكثر نضجا. والذي حصل عند بعضهم أن أصيب بردة فعل واسعة إزاء عقلنة الفقه اإلسالمي عموما أو إدخال�ه في س��ياق من��اهج البحث الجدي�دة في ق��راءة النص��وص الدينية، فهناك توج��ه ل��دى بعض التي��ارات ي��رفض االس��تمرار في مس��يرة العقالنية في التعامل مع قضايا الشريعة والتاريخ وغيرهما، وي��رى ه��ؤالء � منطلقين من رصيد مذهبي � أن العقلنة تفضي إلى تحكيم العقل البشري في الشريعة، وتكريس ثقافة )القياس( التي رفضت بشدة من قب��ل أئم��ة أهل البيت النبوي، لهذا يتوجس هؤالء جدا من بعض النداءات التي تطالب بأرخنة الفقه ولو جزئيا، أو باالهتمام بالفقه المقاصدي، ويرون في ذلك ما يوجب الريبة والقلق. وبكلمة مختصرة يمكنني القول بأن أبرز المرجعيات الكبرى على المستوى الشيعي اليوم مازال أكثرها يعيش � بدرج��ة معين��ة طبعا � تحت تأثير مقوالت عصر النهضة في الستينيات والس��بعينيات، وإن لم تبدو مواصلة للسير قدما في�ه، لكن فريق�ا آخ�ر يب�دو لي مح�دودا أخ�ذ��ه ل��و اس��تمر الوض��ع به��ذه الح��ال ف��إن ��ل لي أن يخرج عن هذا الجو، ويخي��ة الجيل القادم من المرجعيات ربما ال يتفاعل م��ع مق��والت النهض��ة الديني بقدر ما تفاعل الجيل الحاضر؛ ألن المؤشر الحالي يدلنا على قل��ق ج��زئي

في هذا الموضوع. المطلوب اليوم هو االستمرار في مسيرة العقالنية الفقهية عبر إنتاج نظم اجتهاد فقهي م��تين، وع��دم الخ��وف من نق��د التي��ارات المتش��ددة، وع��دم مراعاتها أو مجاملتها بشكل مفرط؛ ألن مشكلة حركة التجدي��د أنه��ا ب��اتت تخشى على نفسها أن تفقد حضورها في داخل المؤسسة الدينية، فتقل��ل لذلك من سرعتها ونشاطها التجديدي مراع��اة للح��ال القائم�ة ال��تي ب�اتت��ة في بعض الح��وزات تميل إلى فضاء الالمعقول، ولهذا بتنا نجد عودة قوي��ة لمناهض��ة الفك��ر الفلس��في العقالني عام��ة واتهام��ه بالهرطق��ة العلمي

والزندق��ة، رغم م��ا ش��هدناه من تط��ور ال��درس الفلس��في خالل الف��ترةاألخيرة مع مثل العالمة الطباطبائي والسيد محمد باقر الصدر.

: ه88ل تعتق88دون بض88رورة إحي88اء التي88ار اإلص88الحي عن88د6سالمسلمين في ظل سطوة الخطاب الديني المتشدد؟

إذا ك��انت هن��اك كلم��ة أق��وى من كلم��ة الض��رورة والحتمي��ةحب الل88ه: واللزوم فإنني أتبناها. نحن اليوم في أشد لحظات تاريخ أمتنا حاجة للعقل اإلصالحي المتوازن والمدروس، ولو تركنا األمور للتدين المنغلق المتشدد واإلقصائي عند مختلف المذاهب فق�د ال تق��وم لن��ا بع��د ذل�ك قيام�ة. يجب الوقوف صفا واحدا في مواجهة التدين التاريخي االستنس��اخي الماض��وي، وفي الوقت عينه عدم التضحية بالقيم والمف�اهيم الديني�ة الثابت�ة، وه��ذا ال يك��ون إال بالتع��اون والتنس��يق بين مكون��ات حرك��ة ال��وعي ال��ديني على اختالف انتماءاتها المذهبية والسياسية واالجتماعية والفكرية. وك��ذلك نحن بحاجة إلى نقد الذات، فقد أخفقنا في امتالك قلوب جماهير األمة في غير موقع، وإنني من الرافضين بشدة للتطهر ال��ذي يمارس��ه بعض��نا ع��بر لعن��ة، وتنزي��ه ال��ذات من التقص��ير والتع��ويض األمة واتهامها بالتخلف والرجعي بقذف اآلخرين بألوان الفاحشة. أع��رف أن الظ��روف عص��يبة على حرك��ة الوعي الديني التجديدي، لكن هذا ال يمنع من وجود عناصر متع�ددة للق�وة ينبغي اس��تغاللها. وس��ابقا قب��ل س��بع س��نوات تقريب��ا دع��وت ��� في ح��وار صحفي � لم��ؤتمر ع��ام لحرك��ة اإلص�الح ال��ديني في الع��الم الع��ربي، ليس غرضه الدعاية أو بروتوكوالت العرب المعتادة، بقدر ما نقصد منه تش��كيل هيئات تنسيق واإلعداد لتكوين تيار فك��ري وثق��افي ل��ه مكونات��ه المختلف��ة وعناصر قوته التي تجمعه وتتعاون بين أطياف��ه، وم��ا ي��دلني على ض��رورة دعوتي ه��ذه أنه��ا في حين��ه س��ببت موج��ة من النق��د في أوس��اط االتج��اه المحافظ في المؤسسة الديني��ة، إن ه��ذا مؤش��ر طيب يفي��د في الكش��ف عن مديات ضرورة عمل من هذا الن��وع، ينطل��ق من موق��ع الح��رص على

الدين وليس من موقع تصفية حسابات معه.

: كيف تقوم88ون تجرب88ة دع88اة التجدي88د ال88ديني في إي88ران،7ستحديدا عبد الكريم سروش؟

إن تجربة التجديد الديني المت��أخرة في إي��ران تب��دو لي تع��انيحب الله: من مشاكل جمة، فمن جهة خرج سرب ال يس�تهان ب�ه من دع��اة التجدي�د الديني في إيران عن إطار اإلصالح الديني، ليخت��اروا رفض ال��دين أساس��ا ويميلوا نحو وجودية سارترية أو إلحاد جديد، وه��ذا الفري��ق وإن ب��دأ يق��وى��ني أعتق��د في الفترة األخيرة بسبب األزمات السياسية واالقتصادية، إال أن بأنه لم يق��در بع��د على تحري��ك الحال��ة القائم��ة وإيج��اد زحزح��ة فيه��ا؛ ألن المجتمع اإليراني مجتمع ديني محافظ أو مجتم��ع روحي م��ؤمن، وخط��اب من هذا النوع من شأنه أن يفق��د ص��احبه ق��درة الت��أثير المجتمعي ويعزل��ه في حصار النخبة وأوهامها؛ ألن مخاطبة أجيال لم تأت بعد كمخاطب��ة أمم قد ماتت، لن تجد له��ا آذان��ا ص��اغية تس��مع. أم��ا الس��رب اآلخ��ر من دع��اة التجديد الديني فهم أولئك الذين فضلوا الهروب نح��و التص��وف والعرف��ان؛ ألن المشكلة التي يعتقدون أن الوضع القائم ديني��ا يع��اني منه��ا ترج��ع إلى عنصرين: العقيدة والشريعة، فكلما حررنا الدين من االعتقادات والشرائع صرنا أكثر تسامحا وأقل عنفا، وبتنا نقترب أك�ثر من المش�اركة والتعددي�ة والديمقراطية وغير ذل��ك من األم��ور ال��تي تت��وق إليه��ا الي��وم المجتمع��ات اإلس��المية عموم��ا. ويب��دو لي ه��ذا الفري��ق أك��ثر ق��درة على الت��أثير في المجتم��ع اإلي��راني من الفري��ق األول؛ ألن الشخص��ية اإليراني��ة في عم��ق تراثه��ا وتاريخه��ا تمي��ل إلى النزع��ة الروحي��ة العميق��ة، وتغ��رد محلق��ة في رحابها، وإليران ت��اريخ عري��ق وم��ذهل حق��ا في ع��الم التص��وف والعرف��ان والفلسفة الروحية يستحق كل تقدير واحترام، من هنا فهذا الطرح يدغدغ عناصر عدة في الشخصية اإليرانية، ويمكنه أن يشكل بديال في مكان م��ا. لكن المشكلة تكمن في أن هذا الفريق كأنه يريد أن يف��ر من وض��ع ق��ائم دون تحديد األوضاع األخرى بشكل دقيق، كما أن بعض المنجزات الفكرية��ة له��ذا الفري��ق ب��ات ي��دخل في العق��د األخ��ير إط��ار اإلث��ارات اإلعالمي��ة واجتماعي��ة والتوظيف السياس��ي أك��ثر من إط��ار تق��ديم منج��زات فكري معمقة ومتأنية ومدروسة، كتلك التي شهدناها مع بعض رموز هذا الفري��ق منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي إلى بدايات الق��رن الح��الي، كم��ا

أن لدي شعورا قويا ب��أن الكث��ير من المنج��ز الفك��ري م��ؤخرا ب��ات مج��رد�ة نهض�وية أصداء غاضبة من الوضع الق�ائم أك��ثر من كونه�ا مش��اريع فكري ق��ادرة على تحس�ين الوض��ع ل��و أمس��كت األم��ور بي��دها. إن تح��ول الفك��ر التجدي��دي من إط��ار ال��وعي الب��دائلي إلى إط��ار الجم��ود على المعارض��ة النقدية، يضعنا أمام ما يشبه ما حصل تماما مع بعض الحرك��ات اإلس��المية في عصر ما قبل إمساكها بالسلطة، إذ تحدث عادة فجوة كب��يرة تعي��د لن��ا خيبة األمل عندما تصبح األمور بيدنا، لهذا فإن مشروع التجديد الديني في إيران مطالب برس�م ب�دائل واض��حة ورؤى ناض�جة لص��يغ العيش وأنم�اط الحي��اة ال��تي يراه��ا، وحل��وال معقول��ة ألزم��ات الش��باب المعاص��ر. وإطالق الش��عارات العريض��ة والكالم الع��ام واألفك��ار ذات الط��ابع الكلي لم يع��د

يكفي لتحقيق النجاحات المرجوة أو ضمان استمرارها لو تحققت.

: ما رأيكم في وثائق األزهر، السيما الوثيقة التي تح88دثت8س عن التعددي88ة واح88ترام اآلخ88ر؟ وه88ل يمكن اعتباره88ا بمثاب88ة الخط88وة األولى باتج88اه المجم88ع الفاتيك88اني الث88اني؟ وم88اذا

تتوقعون أن تكون عليه وثيقة األزهر حول المرأة؟ مثل هذه الوثائق وغيرها ضروري والزم من حيث المبدأ ويفتححب الله:

أمامنا أفقا جديدة لتغي��ير الوض��ع الق��ائم، لكن القض��ية ليس��ت في إص��دار��ة، وه��ذا بيانات وإعالنات من هذا النوع، بل في خلق ثقافة تعددية مجتمعي األمر ال تشكل مثل هذه البيانات سوى مقدم��ة أولى بس��يطة ل��ه، الس��يما عندما ال تملك الجهة المص��درة تم��ام مفاص��ل المجتم��ع ال��ديني أو أغلبه��ا على مستوى الع�الم اإلس�المي، نظ��را لتع�دد األقط��اب والتي�ارات الديني�ة التي تتخذ لنفسها مرجعيات مختلفة. وغالبا ما يتلقى الشارع المسلم مثل��ة ه��ذه المواق��ف من المرجعي��ات الديني��ة على أنه��ا مراع��اة ديني��ة مرحلي لحاجات سياسية قائمة ومؤقتة، لهذا فهو ال يرى فيها جدية الرؤية الديني��ة في مسألة اآلخر والحوار والتعددية، األمر الذي يفق��دها م��ع األس��ف فع��ل إحداث تغيير حقيقي في قراءتنا لآلخر. ال نريد للمؤسسة الدينية الش��يعية والسنية أن تنطلق من موقع محاك�اة فق�ط، ب�ل من موق��ع رؤي�ة حقيقي�ة

��ه لم جادة نابع��ة من الص��ميم ومن اقتن��اع دي��ني عمي��ق، وه��ذا م��ا أج��د أن يحصل ح�تى اآلن في كث��ير من المواق��ع، ب�ل ه�ذا ه��و م�ا يجع��ل المت�دين العربي والمسلم أقرب إلى ثقافة الخطاب السلفي من��ه إلى خط��اب من هذا النوع؛ ألن الخطاب الس��لفي يق��دم ل��ه رؤي��ة ج��ادة منطلق��ة من إرث ديني له تاريخ طويل، بينما لم يقدر الخطاب التجدي��دي في بعض مواقع��ه أن يشرعن نفسه دينيا؛ وغالبا ما يستند إلى ضرورات الواق��ع في ش��رعنة��ه ال يق��دم ذاته، األمر الذي يجعله عرضة لنقد التيار الس��لفي من موق��ع أن سوى اجتهادات في مقابل النص المقدس، أو ابتداعات في مقابل الس��نة وسيرة السلف؛ لهذا فال تجده يقف على أرض ديني��ة ص��لبة، وه��ذه نقط��ة ضعف أساسية ينبغي التنبه لها، وهي تفرض � إلى جانب اإلصالح الرؤيوي الخ��ارج دي��ني ��� إص��الحا من ال��داخل، أي من بني��ة النص��وص وتفس��يرها، يح��اكي طرائ��ق العق��ل التقلي��دي في االجته��اد ال��ديني. إن مجتمعاتن��ا هية مجتمعات دينية أيديولوجية عاطفية فالبد أن نشتغل عليها بطريق��ة خاص��

ال تثير انفعالها أو تجرح نرجسيتها في مكان ما.

: ما رأيكم في خطاب السلفيين في دول الربي88ع الع88ربي9ستجاه المرأة واألقليات؟

��ني أختل��ف م��ع ه��ذاحب الله: مع احترامي لكل االجتهادات الدينية، إال أن الخطاب من عدة جوانب، فمن جهة أجد أن األسس التي يقوم عليها ه��ذا الخطاب � على مستوى االجتهاد الشرعي ��� تفتق��ر في بعض جوانبه��ا إلى األدلة المقنعة دينيا وعقليا، فكثيرا م��ا بتن��ا نس��تند في االجته��ادات الديني��ة إلى االستنسابات الشخصية، أو إلى مجرد إجماع العلماء السابقين ال��ذين يحق لنا االختالف معهم، أو إلى األع��راف غ�ير الحج�ة ال��تي ك��انت ش��ائعة��دة وض��عيفة المص��در واإلس��ناد س��ابقا، أو إلى نص��وص ديني��ة غ��ير مؤك��ة في الح��ديث الش��ريف ال ت��رقى إلى والمض��مون، أو إلى نص��وص آحادي��ة مستوى البت الشرعي بها، السيما مع ع��دم أخ��ذنا بعين االعتب��ار مرجعي الق�رآن الك�ريم في الحكم على أح��اديث الس��نة الش�ريفة ص�حة وض��عفا، وكذلك بعض مناهج فهم النصوص وهي تلك المناهج التي ال تأخذ س��ياقات

ص��دور النص ونزول��ه بعين االعتب��ار، مم��ا يب��تر النص عن س��ياقه، وينتج بالتالي فهما غير صحيح ل��ه. وليس المج��ال مج��ال ال��دخول في مقارب��ات��ة في ه��ذا الموض��وع، لكن ه��ذه المش��كلة قائم��ة. كم��ا أن اجتهادي��ة نقدي فوض��ى اإلفت��اء وتع��دد المرجعي��ات الديني��ة الص��غيرة الحجم يول��د بش��كل تلقائي وهنا في االجتهاد الشرعي الذي يخلق ثقافة هنا أو هناك، فكل من يملك بعض المعلومات البسيطة ب��اتت تش��رئب عنق��ه للتص��دي لإلفت��اء أو للتصدي لخلق ثقافة دينية، انطالقا من وعي غير عمي��ق للنص��وص واللغ��ة والتاريخ. لنأخذ مث��ال الم��رأة ف��النص الق��رآني واض��ح في األم��ر بالعش��رة بالمعروف، ولكن الكثير من تفاصيل ثقافتنا الدينية تك��ون عش��رة بالس��وء بين الرج��ل وزوجت��ه. والنص الق��رآني واض��ح في أن للم��رأة والي��ة داخ��ل الجماع��ة الديني��ة )والمؤمن��ون والمؤمن��ات بعض��هم أولي��اء بعض ي��أمرون بالمعروف وينهون عن المنكر(، بن��اء على تفس��يرها بالوالي��ة المص��طلحة، أم��ا نحن فنجع��ل الم��رأة مخلوق��ا منب��وذا حق��يرا ال ي��رقى إلى مس��توىح ب��ل وال االنتخ��اب، انطالق��ا من ثقاف��ة المشاورة معه، وال يحق له الترش��

حديثية غير منقحة في كثير من األحيان. على خ��ط آخ��ر، أج��د أن الكث��ير من الخط��اب الس��لفي ال ي��راعي الزم��ان والمخاطب وعناصر اإلقناع ومناهج التدرج والعمل المراحلي، وذلك بحجة أنه خطاب ال يخاف في الله لوم��ة الئم، فاألنبي��اء ج��اؤوا ليخ��اطبوا الن��اس على ق��در عق��ولهم، واس��تخدموا لغتهم ليص��لوا إلى عق��ولهم وقل��وبهم ووج��دانهم، وك�انت الرحم�ة في خل�ق الن��بي عنص�را مس�اعدا على جذب�ه اآلخرين، وثقافة الرهبة والتخوي��ف لآلخ��ر في النص الق��رآني منطلق��ة من التعام���ل م���ع من أس���ميه: )ك���افر المواجه���ة( وليس )ك���افر العقي���دة(، فالظروف التاريخية القمعية ال��تي واجهه��ا المس��لمون في مك��ة والمدين��ة من قبل قريش والعرب، ك��ان من الط��بيعي أن تخل��ق ثقاف��ة جه��اد وق��وة ودفاع وتعزز منطق الرهب��ة وإيج��اد الت��وازن، ولم��ا ك��ان الف��رز السياس��ي قائما على المعتقد؛ ألنه هو الذي يول��د الجماع��ة المناهض��ة لحرك��ة الن��بي محمد ويجمع عق��دها وجمانه��ا، فق��د أطل��ق الق��رآن الك��ريم اس��م الكف��ار عليهم؛ ألن الوصف الجامع لمكونات المجتمع المعادي والمح��ارب لحرك��ة النبي هو وصف الكفر بحركته النبوية، وليس وص��ف العروب��ة أو العش��يرة

الخاصة أو القبيلة, وقد بتر بعض العلماء هذا الن��وع من الس��ياقات، فب��اتوا يريدون اليوم أن يطبقوا لغ�ة العن�ف الديني�ة وال�ترهيب والتنف�ير في ح�ق�ات الديني�ة األخ�رى. لس�ت أدعي الجميع، حتى المسلمين فضال عن األقلي كما يحاول بعضنا أن يقول بأن الدين يساوي الديمقراطية والدولة المدنية المعاصرة بكل تفاصيلها، فهذا كالم يحتاج للكث��ير من النق��اش، لكن أزعم أن لغة الخط��اب ال��ديني الس��لفي في كث��ير من مواقعه��ا هي لغ��ة منف��رة لآلخر ال��ذي يف��ترض أن أب��ني مع��ه حي��اة مش��تركة أو أقرب��ه من اإلس��الم

وأحسن صورته أمامه.

: ما رأيكم في إمامة المرأة لصالة مختلط88ة، كم88ا فعلت10سآمنة ودود؟

ه��ذا الموض��وع ي��درس في االجته��اد الش��رعي، ولك��ل إنس��انحب الله: يمل��ك مقوم��ات ه��ذا االجته��اد الش��رعي أن يط��رح رأي��ه، ولآلخ��رين أن يناقشوه بكل شفافية ووضوح. وللفقهاء المنتصرين للتحريم أدلة متعددة، واإلمام الخوئي � مع إفتائه بعدم جواز إمامة الم�رأة للرج�ال، نتيج��ة بعض األدلة االجتهادية التحليلية � لكنه يق��ر بع��دم وج��ود آي��ة وال ح��ديث ش��ريف معتبر السند يثبت ذل��ك، وهن��اك من ي��رى أن الفقي��ه اإلم��امي الش��يخ ابن حمزة الطوسي المتوفى في القرن السادس الهجري، كان ال يرى ش��رط الذكورة في إمام الجماعة شرطا الزما، ويظهر من الفقيه اإلمامي الكب��ير

ه�( وهو المعروف بنقده الفقهي، أنه ي��رى598الشيخ ابن إدريس الحلي ) وج��ود احتم��ال في تج��ويز إمام��ة الم��رأة للرج��ال، وإن م��ال في نهاي��ة المطاف إلى التحريم. وقد أفتى أحد مراجع الش��يعة الح��اليين في إي��ران، وهو الشيخ يوسف الصانعي، بجواز إمام��ة الم��رأة للرج��ال والنس��اء مع��ا،

وذكر ذلك في تعليقته الفتوائية على كتاب تحرير الوسيلة. لكنني ال أعتقد أن مش��كلة الم��رأة تكمن في مث��ل ص��الة الجماع��ة، ح��تى نحاول التركيز على هذا األمر، فالمرأة اليوم تحت��اج لح��ق العم��ل والتعليم في وطننا الع��ربي، وتحت��اج للحماي��ة من العن��ف األس��ري الج��ائر، وتحت��اج للحضور في الحياة السياسية واالجتماعية، وهذا ما يتطلب اجتهادات دينية

على هذا الصعيد، وسنا للقوانين المساعدة على خلق مناخ له��ذه األم��ور.��دي دي��ني. وفي مج��ال أما مسألة إمامتها لص��الة الجماع��ة فهي ش��أن تعب العب��ادات في ال��دين نحن نج��د الكث��ير من األم��ور ال��تي تح��وي ش��كال من أشكال التعبد الذي ال يعني بالضرورة رس��الة معين��ة ذات بع��د سياس��ي أو اجتماعي، مثل أعمال الحج وتفاصيله التي ما تزال تب��دو لن��ا غ��ير واض��حة

من حيث تفاصيل عقلنتها.

: كي888ف تق888اربون الخالص888ات ال888تي تق888دم به888ا بعض11س المفكرين العرب من أمثال محمد أركون ونصر حامد أب88و زي88د، خصوصا أنهما طالبا بقراءة حديث88ة لإلس88الم، بن88اء على من88اهج

العلوم االجتماعية الحديثة؟ إنني أض��م ص��وتي إلى ك��ل مط��الب بق��راءة جدي��دة لإلس��الم،حب الله:

تستعين بالمنجز الفكري والعلمي ال��ذي وص��له البش��ر، لكن ه��ذا ال يع��ني صحة كل ما توصل إليه البشر، ففي المرحل��ة األولى يجب تحدي��د موق��ف واض��ح من العل��وم اإلنس��انية والس��يما االجتماعي��ة، من زاوي��ة األص��ول الفلسفية التي قامت عليها ه��ذه العل��وم، ف��إذا كنت مؤمن��ا بالل��ه والغيب، ولي قراءة فلسفية خاصة في تفسير الوجود واإلنسان والغايات والمبادئ والمآالت، فمن الطبيعي أن تك��ون ل��دي مواق��ف معين��ة من بعض العل��وم اإلنسانية ال��تي ب��نيت على رؤى فلس��فية مختلف��ة تمام��ا عن رؤي��تي ال��تي أقتن��ع به��ا، ومج��رد أن ه��ذه العل��وم تط��ورت الي��وم وحققت نجاح��ات في مجاالت متعددة ال يعني االعتقاد بأنها معص��ومة عن الخط��أ، بم��ا في ذل��ك األخطاء الكبيرة والفادحة المنطلقة من إشكاليات بنيوية وفلسفية، وهناك��ة، من يعتقد بأن علمي النفس واالجتماع بني��ا على أس��س علماني��ة إلحادي وهنا من حق المتدين بأي دين ك��ان أن يتوق��ف قليال في المنهج والعناص��ر التي كونت هذه العل��وم، وليس ه��ذا من تحكيم النص ال��ديني في المنج��ز��ة للمعرف��ة والوج��ود العلمي، ب��ل ه��و من تحكيم الرؤي��ة الفلس��فية اإللهي والغايات، في الدراسات اإلنسانية، من هنا فإنني أوافق على تقديم قراءة من ه��ذا الن��وع ال��ذي قدم��ه أرك��ون وغ��يره لإلس��الم، لكن من حقي أن ال

أعتبر هذه القراءات نهائية، وأن أقرأ الدين من زاوية فلسفية مختلفة. إن علمنة العلوم اإلنسانية هو موقف فلسفي في نهاية المطاف، وله أص��وله في تفسير الوجود والحياة، فمن يختل�ف م�ع ه��ذا الموق��ف الفلس�في منل إليه��ا الطبيعي أن يترك اختالفه هذا اختالفا في بعض النتائج ال��تي تتوص��

العلوم اإلنسانية، مع احترامه لكل القراءات العلمية األخرى.