778

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

م اهللا الرمحن الرحيمـــــــــــــــبس ال اهللا شـهادة تـربئ احلمد هللا الذي هيدي من يشاء إىل رصاط مستقيم فـنعم اهلـاد ، وأشـهد أن ال إلـه إ

. قائلها من اإلحلاد وأشهد أن حممدا عبده ورسوله أكرم العباد ، أرسله باهلدى ودين احلق ليظهره عىل الدين كله ولـو كـره أهل العناد ، فله الفضيلة والوسيلة واملقام املحمود ولواء احلمد الذي حتته كل محاد ، صـىل اهللا عليـه وعـىل

ها وأحسنها وأزكاها ، صالة وسالما دائمني إىل يوم التناد آله أفضل الصلوات وأطيب . ه، وأخرجنـا بـه مـن الظلـامت إىل النـور، ب وهدانا صىل اهللا عليه وسلم وبعد؛ فإن اهللا أرسل نبيه حممدا

جلنابه الرفيع جيب بيان حكمه ومـا جيـب وآتانا بربكة رسالته ويمن سفارته خري الدنيا واآلخرة، واملتعرض . ن النكال عليه م

واملقصود هنا بيان احلكم الرشعي الذي يفتى به ويقىض، وجيب عىل كل أحد القيام بام أمكن منـه، واهللا : هو اهلادي إىل سواء السبيل، وهو مرتب عىل أربعة مسائل

يف أن الساب يقتل سواء كان مسلام أو كافرا : املسألة األوىل . . قتله وإن كان ذميا يتعني أنه : الثانية . يف حكمه إذا تاب : الثالثة . يف بيان السب ما هو : الرابعة

* * *

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

املسألة األوىل من مسلم وكافر فإنه جيب قتله صىل اهللا عليه وسلمأن من سبه

أمجع عوام العلامء عىل أن عـىل مـن سـبه القتـل، قالـه مالـك « : هذا مذهب عامة العلامء، قال ابن املنذر

. » ال يقتل الذمي : عن النعامن ي وحك . افعي والليث وأمحد وإسحاق والش صـىل اهللا إمجاع املسلمني عىل قتل من سـب النبـي – من أصحاب الشافعي – وحكى أبو بكر الفاريس

. ، كام أن حكم من سب غريه اجللد عليه وسلم أراد أو أنه – قاله شيخ اإلسالم – ألول من التابعني والصحابة ا وهذا اإلمجاع حممول عىل إمجاع الصدر

. إمجاعهم عىل وجوب قتله إذا كان مسلام، وكذلك قيده القايض عياض ، أو دفع شيئا ممـا أنـزل اهللا، أو أمجع املسلمون أن من سب اهللا أو سب رسوله : وقال إسحاق بن راهويه

. أنه كافر، وإن كان مقرا بكل ما أنزله اهللا : قتل نبيا . » قتله ال أعلم أحدا اختلف يف وجوب « : قال اخلطايب

. أمجع العلامء أن شاتم الرسول املتنقص له كافر، ومن شك يف كفره كفر : وقال حممد بن سحنون أن الساب املسلم يقتل بال خالف، وهو مذهب األئمة األربعة وغريهم، وإن كـان ذميـا : وحترير القول

أمحـد يف مواضـع عند مالك وأهل املدينة، وهو مذهب أمحد وفقهـاء احلـديث، نـص عليـه – أيضا – قتل . متعددة

أنه يقتل مسلام كـان أو كـافرا، قيـل ألمحـد : حنبل وأبو الصقر واخلالل وعبد اهللا وأبو طالب نقل فيـه : صـىل اهللا عليـه نعم، أحاديث، منها حديث األعمى الذي قتل املرأة حني سمعها تشتم النبي : حديث؟ قال

. )1 ( ، وحديث حصني وسلم . ، فال خالف عنه أن يقتل، وأنه ينتقض عهده » الشايف « و بكر يف وال يستتاب، رواه أب : قال

.732أخرجه اخلالل يف اجلامع رقم ) 1(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

أنه ال ينتقض عهده، وتبعـه مجاعـة مـن األصـحاب، كالـرشيف، وابـن : وذكر القايض رواية يف الذمي التي فيهـا غـضاضة عـىل املـسلمني وآحـادهم يف األفعال عقيل، وأيب اخلطاب، واحللواين، ذكروا يف مجيع

...... روايتـني، مـع اتفـاقهم عـىل أن املـذهب انتقاضـه بـذلك، : مثل سب الرسـول أو مال أو دين، نفس . روايتني

. ثم هؤالء كلهم ذكروا أن ساب الرسول يقتل وإن كان ذميا، وأن عهده ينتقض ال ينـتقض العهـد بـذلك، : وهذا أقرب من تلك الطريقة، وعىل الرواية التي تقـول : قال شيخ اإلسالم

مرشوطا عليهم، فإن كان مرشوطا؛ ففيه وجهان فإنام ذلك إذا مل يكن : . ينتقض، قاله اخلرقي، وصححه اآلمدي : أحدمها . ال ينتــقض، قاله القايض : والثاين

من املتأخرين إقرار نصوصه عىل حاهلا، وقـد نـص ومن تبعهم والذي عليه عامة املتقدمني من أصحابنا عىل املسلمني، أو زنى بمسلمة، أو قتـل مـسلام، عىل أن ساب الرسول يقتل وينتقض عهده، وكذا من جس

. أو قطع الطريق، ونص عىل أن قذف املسلم أو سحره ال يكون نقضا للعهد . وهذا هو الواجب تقرير نصوصه، فال خيرج منها يشء، للفرق بني نصوصه : قال شيخ اإلسالم

صحابه فذكروا فيام إذا ذكـر اهللا ، وأنه يقتل، وأما أ بسبه وأما الشافعي؛ فاملنصوص عنه أنه ينتقض العهد وطا أو ال، ومـنهم مـن حكـى هـذه وجهني، ومنهم من فرق بني أن يكـون مـرش : أو رسوله أو كتابه بسوء

ينقض العهد، ويوجـب صىل اهللا عليه وسلم أن سب النبي : الوجوه أقواال، واملنصور يف كتب اخلالف عنه . القتل

العهد بالـسب، وال يقتـل بـذلك لكـن يعـزر عـىل إظهـار نتقض ال ي : وأما أبو حنيفة وأصحابه؛ فقالوا إذا تكـرر، أن ما ال قتل فيه عندهم، مثـل القتـل باملثقـل، واجلـامع يف غـري القبـل : املنكرات، ومن أصوهلم

لإلمام أن يقتل فاعله، وله أن يزيد عىل احلد املقدر إذا رأى املصلحة، وحيملوا ما جاء عن النبي وأصـحابه ف . القتل سياسة : يف مثل هذه اجلرائم، عىل أنه رأى املصلحة يف ذلك، ويسمونه من القتل

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

أن له أن يعزر بالقتل يف اجلرائم التي تغلظت بالتكرار، وأفتى أكثرهم بقتل من أكثر من سب : وحاصله . يقتل سياسة : الرسول من أهل الذمة، وإن أسلم، قالوا

األدلة عىل وجوب قتل الساب : - إن كـان ذميـا – ، ونقض عهده بذلك قتل الساب هللا أو رسوله أو دينه أو كتابه والدليل عىل وجوب

. الكتاب والسنة وإمجاع الصحابة والتابعني واالعتبار : أما الكتاب، فمواضع

قاتلوا الذين ال يؤمنون باهللا وال باليوم اآلخر﴿ :قوله تعاىل: أحدها م إىل أن يعطوا فأمر بقتاهل )1(﴾ اآليةاجلزية وهم صاغرون، فال جيوز تركهم إال إذا كانوا صاغرين حال إعطائهم اجلزية، ومعلوم أن إعطائهم

وإذا كان الصغار حاال هلم يف مجيع املدة، فمن اجلزية من حني بذهلا والتزامها إىل حني تسليمها وإقباضها، . وهذا فعل متعزز مراغماحلقري،: سب اهللا ورسوله فليس بصاغر؛ ألن الصاغر

. الذل والضيم : الصغار : قال أهل اللغةكيف يكون للمرشكني عهد عند اهللا وعند رسوله ﴿ : قوله تعاىل : املوضع الثاين وإن نكثـوا ﴿ : إىل قوله ﴾

أيامهنم من بعد عهدهم وطعنوا يف دينكم فقاتل وا أئمة الكفر نفى سبحانه أن يكون هلم عهد إال ما . )2 ( ﴾ اآلية أن العهد ال يبقى للمرشك إال ما دام مـستقيام، ومعلـوم أن جماهرتنـا بالوقيعـة يف داموا مستقيمني لنا، فعلم

منني، فإنـه جيـب ربنا ونبينا وكتابنا وديننا يقدح يف االستقامة، كام لو حاربونا، بل ذلك أشد علينا إن كنا مـؤ علينا أن نبذل دماءنا وأموالنا حتـى تكـون كلمـة اهللا هـي العليـا، وال جيهـر يف ديارنـا بـيشء مـن أذى اهللا

كيف وإن يظهروا عليكم ال يرقبوا فيكم إال وال ذمة ﴿ : ورسوله، يوضحه قوله كيـف يكـون هلـم : أي )3 ( ﴾ فعلم أن من كانت حاله أنه إذا ظهـر مل يرقـب مـا بيننـا ! يرقبوا الرحم وال العهد عليكم مل عهد ولو ظهروا

وبينه من العهد، مل يكن له عهد، ومن جاهرنا بالطعن يف ديننا كان ذلك دليال

.29:التوبة )1( .12- 7:التوبة )2( .8:التوبة )3(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

؟ وهذا بخـالف ! عىل أنه لو ظهر مل يرقب العهد، فإنه مع وجود الذلة يفعل هذا، فكيف يكون مع العزة . هذا الكالم من مل يظهر لنا مثلوإن نكثـوا أيامهنـم مـن بعـد عهـدهم وطعنـوا يف ديـنكم فقـاتلوا أئمـة ﴿ : قوله تعـاىل : املوضع الثالث

الكفر ﴾ ) 1( . : وهذه اآلية تدل من وجوه

ه مـن أقـوى أن جمرد نكث األيامن مقتض للمقاتلة، وذكره الطعـن يف الـدين ختصيـصا لـه بأنـ : أحدها األسباب املوجبة للقتال، أو ذكره عىل سبيل التوضيح وبيان سبب القتال، أو ألنـه أوجـب القتـال يف هـذه

فقاتلوا أئمة الكفر ﴿ : ية بقوله اآل أال تقاتلون قوما نكثوا أيامهنم ومهوا بإخراج الرسـول ﴿ : ، وبقوله ﴾ ﴾ ) 2( ، ذلك أن من مل يصدر منه إال جمرد نكث اليمني جاز أن يؤمن ويعاهد، فأمـا مـن طعـن يف الـدين فإنـه فيفيد

ر دماء من آذى اهللا ورسوله وطعـن د كان ين و ، صىل اهللا عليه وسلم يتعني قتاله، وهذه كانت سنة رسول اهللا . يف الدين

من طعن يف الدين فقـط، فمفهـوم هذا يفيد أن من طعن يف الدين ونكث عهده جيب قتاله، أما : فإن قيل . اآلية أنه وحده ال يوجب هذا احلكم؛ ألنه علق احلكم عىل صفتني، فال جيب وجوده عند وجود إحدامها

جيوز تعليقه بصفة عديمة التأثري، ثم أن يكون لكل صفة تأثري يف احلكم؛ إذ ال منال ريب أنه البد: قلنا يقتل زيد ألنه مرتد زان، وقد يكون جمموع اجلزاء مرتبا عىل: قالكام يقد تكون كل صفة مستقلة بالتأثري،

والذين ال يدعون مع اهللا إهلا آخر﴿: املجموع، ولكل وصف تأثري يف البعض، كقوله وقد تكون )3(﴾ اآلية تلك الصفات متالزمة كل منها لو فرض جترده لكان مؤثرا مستقال أو مشرتكا، فيذكر إي ضاحا وبيانا

، وقد يكون بعضها مستلزما للبعض »عىص اهللا ورسوله«، و»كفروا باهللا وبرسوله«: للموجب، كام يقال

.12:التوبة )1( .13:التوبة )2( .68:الفرقان )3(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

إن الذين يكفرون بآيات اهللا ويقتلون النبيني بغري حق ﴿:من غري عكس، كام قال تعاىل وهذه اآلية )1(﴾ اآليةإن نقض العهد هو املبيح للقتال، والطعن يف : أقىص ما يقالفرضت كان فيها داللة؛ ألن من أي األقسام

إذا كان الطعن يغلظ قتال من ليس بيننا وبينه عهد ويوجبه، فأن : الدين مؤكد له وموجب له، فنقول . أوىل– وهو ملتزم للصغار –يوجب قتل من بيننا وبينه ذمة

لرسول أو سب اهللا أو عاب اإلسالم عالنية، فقد نكث يمينـه وطعـن أن الذمي إذا سب ا : الوجه الثاين يف ديننا؛ ألنه ال خالف بني املسلمني أنه يعاقب عىل ذلك ويؤدب، فعلم أنـه مل يعاهـد عليـه، فيجـب قتلـه

والقرآن يوجب قتل من . بنص اآلية، وهذه داللة قوية حسنة، فإنه قد وجد منه نكث يمينه وطعن يف الدين . ن يف الدين نكث وطع

؛ لطعنهم يف الدين، وثانيا علـل ذلـك بـأهنم ال أيـامن هلـم، فهـو » أئمة الكفر « أنه سامهم : الوجه الثالث . يشمل مجيع الناكثني الطاعنني

الطعـن فيـه، ودعوتـه إىل خالفـه، وهـذا وإمام الكفر هو الداعي إليه ، وإنام صار إماما يف الكفر ألجل ). فقاتلوا أئمة الكفر : ( ين فهو إمام يف الكفر، فيجب قتاله لقوله شأن اإلمام، فكل طاعن يف الد

أال تقاتلون قوما نكثوا أيامهنـم ومهـوا بـإخراج الرسـول وهـم بـدءوكم أول ﴿ : أنه قال : الوجه الرابع مرة وسبه أغلـظ . من األذى له ، وذلك ملا فيه فجعل مههم بإخراج الرسول من املحضضات عىل قتاهلم )2 ( ﴾

. من اهلم بإخراجه، ألنه عفى عام الفتح عن الذين مهوا بإخراجه، ومل يعف عمن سبهقاتلوهم يعذهبم اهللا بأيديكم وخيزهم وينرصكم عليهم ويشف صدور قوم مـؤمنني ﴿ : قوله : اخلامس ﴾

ونـرصنا بقتال الناكثني الطاعنني يف الدين، فضمن أنا إذا فعلناه عذهبم وأخزاهم – سبحانه – ، فأمر )3 ( آلية ا ر املؤمنني الذين تأذوا من نقضهم، وأذهب غيظ قلوهبم، فدل عىل أن الناكث الطـاعن عليهم، وشفى صدو

. للرسول ناكث طاعن فيستحق القتل مستحق لذلك كله، والساب

.21:آل عمران )1( .13:التوبة )2( .14:التوبة )3(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

ويشف صدور قـوم مـؤمنني ﴿ : قوله أن : السادس ويـذهب غـيظ قلـوهبم * دليـل عـىل أن شـفاء )1 ( ﴾ ، فمن سب مطلوب احلصول الصدور من أمل النكث والطعن، وذهاب الغيظ احلاصل أمر مقصود للشارع

. يثري الغضب هللا ورسوله الرسول، فإنه يغيظ املؤمنني ويؤملهم أكثر من سفك دمائهم وأخذ ماهلم، فإن هذاأمل يعلموا أنه من حيادد اهللا ورسوله ﴿ : قوله سبحانه : املوضوع الرابع ، فإنـه يـدل عـىل أن أذى )2 ( ﴾ اآلية

ومـنهم الـذين يـؤذون ﴿ : حمادة هللا ولرسوله؛ ألنه قـال هـذه اآليـة عقـب قولـه صىل اهللا عليه وسلم النبي النب . )3 ( ﴾ ي

. ملن كان يسبه من املرشكني املنافقني صىل اهللا عليه وسلم وسبب نزول اآلية عتابه إن الذين يؤذون اهللا ورسوله لعنهم اهللا يف الدنيا واآلخرة ﴿ : قوله سبحانه : املوضع اخلامس وهـذه . )4 ( ﴾

صـىل اهللا عاهدهم عىل أن يؤذوا اهللا ورسوله، يوضح ذلك قوله توجب قتل من آذى اهللا ورسوله، ونحن مل ن . » لكعب بن األرشف، فإنه قد آذى اهللا ورسوله من « : عليه وسلم

* * *

.15-14:التوبة )1( .63: التوبة )2( .61: التوبة )3( .57:األحزاب )4(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

لــفص وأما اآليات الدالة عىل كفر الشاتم وقتله إذا مل يكن معاهدا، وإن كان مظهرا لإلسالم فكثـرية، مـع أنـه

. جممع عليهومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن ﴿ : قوله تعاىل : منها والـذين يـؤذون رسـول ﴿ : إىل قولـه ﴾

اهللا هلم عذاب أليم أمل يعلموا أنه من حيادد اهللا ورسوله ﴿ : إىل قوله ﴾ ، فعلم أن إيذاء رسـول اهللا حمـادة هللا )1 ( ﴾ ه؛ ألن ذكر اإليذاء هو الذي اقتىض ذكر املحادة؛ فيجب أن يكون داخال فيه، فيدل عـىل أن اإليـذاء ولرسول

هي املعـاداة وذلـك كفـر وحماربـة، فيكـون واملحادة كفر؛ ألنه أخرب أن له نار جهنم خالدا فيها؛ بل املحادة . املؤذي لرسول اهللا كافرا عدوا هللا ورسوله حماربا هللا ورسوله

. )2 ( » من يكفيني عدوي « : فقال صىل اهللا عليه وسلم أن رجال كان يسب النبي : ث ويف احلديال جتد قوما يؤمنون باهللا واليوم اآلخر يوادون من حاد اهللا ورسـوله ﴿ : وأيضا قوله ، فـإذا كـان مـن )3 ( ﴾

! يوادد املحاد ليس بمؤمن، فكيف باملحاد نفسه؟ ، فثبـت أن )4 ( ، فـأراد أبـو بكـر قتلـه صىل اهللا عليه وسلم إن سبب نزوهلا أن أبا قحافة شتم النبي : وقيل

. املحاد كافر حالل الدمحيذر املنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بام يف قلوهبم قل استهزءوا ﴿ : قوله : الدليل الثاين : إىل قولـه ﴾

قل أباهللا وآياته ورسوله كنتم تستهزءون ﴿ ال تعتـذروا قـد كفـرتم * ، وهـذا نـص أن االسـتهزاء بـاهللا )5 ( ﴾ . أو هازال فقد كفر كل متنقص رسول اهللا جادا يح، فدلت اآلية أن وآياته ورسوله كفر رص

ومنهم من ﴿ : قوله سبحانه : الدليل الثالث يلمزك يف الصدقات . العيب والطعن : واللمز )1 ( ﴾

.63 – 61: التوبة )1( .)8/45: (»احللية«وأبو نعيم يف ) 307 ، 5/237: (»املصنف«أخرجه عبد الرزاق يف ) 2( .22: املجادلة )3( .ذكره الواحدي يف أسباب النزول) 4( .66- 64: التوبة )5(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

ومنهم الذين يؤذون النبي ﴿ : وقال ، فدل عىل أن كل من ملـزه وآذاه كـان مـنهم، فلـام أخـرب أن )2 ( ﴾ اآلية . الذين يلمزون النبي ويؤذونه من املنافقني ثبت أنه دليل عىل النفاق

فال ﴿ : قوله : الدليل الرابع وربك ال يؤمنون حتى حيكموك فيام شجر بينهم سـبحانه – ، أقـسم )3 ( ﴾ اآلية يؤمنون حتى حيكموه يف اخلصومات التي بينهم، ثم ال جيدوا يف نفوسهم ضيقا من حكمـه، بنفسه أهنم ال–

. بل يسلموا تسليام حلكمه ظاهرا وباطناأمل تر إ ﴿ : وقال قبل ذلك ىل الذين يزعمون أهنـم آمنـوا بـام أنـزل إليـك ومـا أنـزل مـن قبلـك يريـدون أن

يتحاكموا إىل الطاغوت وإذا قيـل هلـم تعـالوا إىل مـا أنـزل اهللا وإىل الرسـول رأيـت املنـافقني ﴿ : إىل قوله ﴾ صدون عنك صدودا ي فبني أن من دعي إىل التحاكم إىل كتاب اهللا وإىل رسوله، فصد عن رسوله، كـان ، )4 ( ﴾

إنـام كـان قـول املـؤمنني إذا دعـوا إىل اهللا ورسـوله لـيحكم بيـنهم أن يقولـوا سـمعنا ﴿ : منافقا، مـع قولـه وأطعنا فمن توىل عن طاعة الرسول وأعرض عن حكمه، فهو منافق وليس بمـؤمن، بـل املـؤمن مـن ، )5 ( ﴾ . سمعنا وأطعنا : يقول

! وإذا ثبت النفاق بمجرد اإلعراض عن حكم الرسول، فكيف بالتنقص والسب ونحوه؟إن الذين يؤذون اهللا ورسوله لعنهم اهللا يف ﴿ قوله : الدليل اخلامس الدنيا واآلخرة ، فقـرن أذاه )6 ( ﴾ اآليـة

ه، ومن آذى اهللا فهو كـافر لي وقد جاء ذلك منصوصا ع بأذاه، كام قرن طاعته بطاعته، فمن آذاه فقد آذى اهللا، حالل الدم، يوضحه أنه جعل حمبة اهللا ورسوله، وإرضاء اهللا ورسوله، وطاعـة اهللا ورسـوله شـيئا واحـدا،

حمادة اهللا ورسوله، وأذى اهللا ورسوله، ومعصية اهللا ورسوله، شـيئا واحـدا، ] و [ له وجعل شقاق اهللا ورسو

.58: التوبة )1( .61: التوبة )2( .65: النساء )3( .61-60: النساء )4( .51: النور )5( .57: األحزاب )6(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

ففي ذلك بيان لتالزم احلقني، وأن جهة اهللا ورسوله جهة واحدة؛ فمـن آذى الرسـول فقـد آذى اهللا، ومـن أطاع الرسول فقد أطاع

أقامـه مقـام نفـسه يف أمـره وهنيـه، اهللا؛ ألنه واسطة بني اهللا وبني اخللق، ليس ألحد منهم طريق غريه، وقد . وإخباره وبيانه، فال جيوز أن نفرق بني اهللا ورسله يف يشء من هذه األمور

فإنه فرق بني أذى اهللا ورسوله، وبني أذى املؤمنني واملؤمنات، فجعل هذا قد احتمل هبتانا وإثـام : وأيضا ب املهني، ومعلوم أن أذى املؤمنني قد يكـون مبينا، وجعل عىل ذلك لعنته يف الدنيا واآلخرة، وأعد له العذا . فيه اجللد فيكون من كبائر اإلثم، وليس فوقه إال الكفر والقتل

فـال اإلبعاد عن الرمحة، وال يطرد من رمحته يف الدنيا واآلخرة إال الكافر، : ، واللعن فإهنم لعنهم : وأيضاملعـونني أيـنام ثقفـوا أخـذوا وقتلـوا ﴿ : لـه يكون حمقون الدم، بل مباحه؛ ألن حقنه رمحة عظيمة، يؤيده قو

تقتيال ﴾ ) 1( . . أن سائر من لعنه اهللا يف كتابه؛ إما كافر أو مباح الدم : يؤيده

إن الــذين يرمــون املحــصنات الغــافالت املؤمنــات لعنــوا يف الــدنيا ﴿ : يــرد عليــك قولــه : فــإن قيــل

واآلخ رة . مع أن جمرد القذف ليس بكفر )2 ( ﴾ : فجوابه من وجوه

ففـي قـذفها طعـن وغـريه، )3 ( عباس قاله ابن– ريض اهللا عنها – أن هذه اآلية نزلت يف عائشة : أحدها إىل أن – يف روايـة عنـه – وهلذا ذهب أمحـد . ، فإن زنى امرأة الرجل يؤذيه صىل اهللا عليه وسلم وأذى للنبي

حمصنة كاألمة والذمية، وهلا زوج أو ولد حمصن حد لقذفها، ملا يلحقه من العار بولـدها من قذف امرأة غري ، فـإن مـن يقـصد صىل اهللا عليه وسلم وزوجها املحصنني، فتكون هذه اآلية خاصة بمن قذف أزواج النبي

، أو يتـوب، أزواجه فهو منافق، فأما من رمى امرأة من املسلمني فهو فاسق، كام قال تعاىل عيب النبي بعيب

.61:األحزاب )1( .23: النور )2( ).64/ 5: (»الدر املنثور«يف ، وذكره السيوطي 18/104أخرجه الطربي يف تفسريه ) 3(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

يرمون املحصنات الغافالت املؤمنات ﴿ : كون األلف والالم يف قوله ت و عهدية راجعـة إىل معهـود وهـم ، ﴾

؛ ألن الكالم يف قصة اإلفك، أو يقرص اللفظ العام عـىل سـببه للـدليل صىل اهللا عليه وسلم أزواج الرسول مشهود هلن باإليامن، وهن أمهات املؤمنني، وهـن ليه وسلم صىل اهللا ع الذي يوجب ذلك؛ ألن أزواج النبي

. أزواجه يف الدنيا واآلخرةوالذي توىل كربه منهم له عذاب عظيم ﴿ : وقال تعاىل فعلم أن الذي يرمي أمهـات املـؤمنني يعيـب )1 ( ﴾

فـرميهن نفـاق مبـيح . نافق ابـن أيب ، وتوىل كرب اإلفك، وهذه صفة امل صىل اهللا عليه وسلم بذلك رسول اهللا ، أو أوذين بعد العلم بأهنن أزواجه يف اآلخرة، فإنه ما بغت صىل اهللا عليه وسلم للدم إذا قصد به أذى النبي

. امرأة نبي قط رجـل قـد بلغنـي أذاه يف من يعذرين من « : » الصحيحني « فيام ثبت عنه يف صىل اهللا عليه وسلم وهلذا قال

. احلديث » ... علمت عىل أهيل إال خريا أهل بيتي فواهللا ما صـىل اهللا ومل ينكـر النبـي » أنا أعذرك منه، إن كان من األوس رضبنـا عنقـه « : فقال سعد بن معاذ : وفيه

. امره يف رضب أعناقهم ئ عىل سعد است عليه وسلم قتل النبـي وال يرد عىل ذلك مسطح وحسان ومحنة، وإن كانوا يف أهل اإلفك، فإهنم مل يرموا بنفاق، ومل ي

، وال ظهـر صىل اهللا عليـه وسـلم أحدا يف ذلك السبب، بل اختلف يف جلدهم، فإهنم مل يقصدوا أذى النبي . منهم دليل أذاه، بخالف ابن أيب الذي إنام كان قصده أذاه

مل يكن قد ثبت عندهم أن أزواجه يف الدنيا هن أزواجـه يف اآلخـرة، وكـان وقـوع ذلـك مـنهن : وأيضا . يف القصة صىل اهللا عليه وسلم لذلك توقف النبي ممكن عقال، و

هـي : أن اآلية عامة، وقد روي من غري وجه أن قذف املحصنات من الكبائر، ثم قد يقـال : الوجه الثاين يف مرشكي العرب من أهل مكة، فكانت املرأة إذا خرجت إىل رسول اهللا مهاجرة قذفها املرشكون مـن أهـل

منات قذفا يصدهن به عن اإليامن، ويقصد ذم املؤمنني لينفـر النـاس عـن مكة، فيكون ذلك فيمن قذف املؤ . اإلسالم، كام فعل كعب بن األرشف

.11: النور )1(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

. صىل اهللا عليه وسلم وعىل هذا؛ فمن فعل ذلك فهو كافر، وهو بمنزلة من سب النبي لعنوا يف الدنيا واآلخرة وهلـم عـذ ﴿ : ولكن قوله مطلقا؛ هي عامة : وقد يقال اب عظـيم هـو مبنـي )1 ( ﴾

فلم يسم الالعن من هو، فيجوز أن يكون الالعن غري اهللا من املالئكة والناس، وجاز أن يلعـنهم للمفعول، ان قذفه طعنـا يلعن من ك واهللا إنام . اهللا يف وقت، أو يلعن بعضهم دون بعض، ويلعنهم بعض خلقه يف وقت

يتكـون بمعنـى الـدعاء علـيهم، وقـد يكـون بمعنـى أهنـم خلقه بعضهم لـبعض فقـد يف الدين، وأما لعنهفنجعـل لعنـة اهللا عـىل ﴿ : يبعدوهنم عن رمحة اهللا، ويؤيده أن الرجل إذا قذف زوجته تالعنا، وكذلك قولـه

الكاذبني عن مواطن األمـن فمام يلعن به القاذف أن جيلد وترد شهادته ويفسق، فإنه عقوبة له، وإقصاء )2 ( ﴾ القبول، وهي من رمحة اهللا، وهذا بخالف من أخرب اهللا أنه لعنه يف الدنيا واآلخـرة، فـإن لعنـة اهللا توجـب و

. زوال النرص عنه من كل وجه، وبعده عن أسباب الرمحةوأعد هلم عذابا مهينا ﴿ : يؤيده أنه قال هنا : قولـه ، ك ، ومل جيئ العذاب املهني يف القرآن إال للكـافرين )3 ( ﴾

وللكافرين عذاب مهني ﴿ ﴾ ) 4( . ومن يعص اهللا ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عـذاب مهـني ﴿ : وأما قوله ؛ فهـي )5 ( ﴾

لكـافرين، فـإن جهـنم والعذاب إنام أعد ل . أنه أعده له فيمن جحد الفرائض واستخف هبا، عىل أنه مل يذكر . هلم خلقت؛ ألهنم ال بد هلم من دخوهلا وما هم منها بمخرجني

فإهنم خيرجـون منهـا ولـو ، وإذا دخلوها فيجوز أال يدخلوها إذا غفر هلم وأما أهل الكبائر من املؤمنني . بعد حني

ال ترفعوا أصواتكم فوق صوت ال ﴿ : - سبحانه – قوله : الدليل السادس نبي . )1 ( ﴾ اآلية

.23: النور )1( .61: آل عمران )2( .57: األحزاب )3( .90: البقرة )4( .14: النساء )5(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

هناهم عن رفع أصواهتم فوق صوته، وعـن اجلهـر لـه كجهـر بعـضهم – سبحانه – أنه : فوجه الداللة لبعض، ألن ذلك قد يفيض إىل حبوط العمل وصاحبه ال يشعر، وما يفيض إىل حبـوط العمـل جيـب تركـه

ومن يكفر باإليام ﴿ : غاية الوجوب، والعمل حيبط بالكفر لقوله ن فقد حـبط عملـه وال حتـبط األعـامل )2 ( ﴾ عملـه كلـه مل يـدخلها، نعـم قـد يبطـل بغري الكفر، ألن من مات مؤمنا البد له من دخول اجلنة، ولو حبط

. بعضها بوجود ما يفسده، كاملن واألذى أدب ال يـشعر؛ ألن فيـه سـوء وإذا ثبت أن رفع الصوت واجلهر به خياف منـه أن يكفـر صـاحبه وهـو

فهـو ! واستخفاف وهو ال يشعر به؛ فكيف بمن يسبه ويستخف به ويؤذيه مع قـصده لـه وتعمـده لـذلك؟ . كافر بطريق األوىلال جتعلوا دعاء الرسول بينكم كـدعاء بعـضكم بعـضا ﴿ : - سبحانه – قوله : الدليل السابع : إىل قولـه ﴾

فليحذر الذين خيالف ﴿ ون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ﴾ ) 3( . وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ﴿ : ، لقوله فأمر من خيالف أمره أن حيذر الفتنة وهي الردة والكفر ﴾ ) 4( .

وجعـل » به يشء من الزيغ فيهلكـه الفتنة الرشك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع يف قل « : قال اإلمام أمحدفال وربك ال يؤمنون حتى حيكموك فيام شجر بينهم ﴿ : يتلو هذه اآلية . )5 ( ﴾ اآلية

فليحـذر ﴿ : فقـال : فالن أو فالن، قال فأتعجب من قوم عرفوا اإلسناد وصحته ويذهبون إىل رأي : قال الذين خيالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة تدري ما الفتنة؟ الكفر، فيدعون احلـديث وتغلـبهم أهـواؤهم )6 ( ﴾

. إىل الرأي

.2: احلجرات )1( .5: املائدة )2( .63: النور )3( .193: البقرة )4( .65: النساء )5( .63: النور )6(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

إىل الكفر إنام هو ملـا قـد يقـرتن من الكفر أو العذاب األليم، وإفضاؤه قد حذر وإذا كان املخالف ألمره ظم مـن ذلـك مـن الـسب واالنتقـاص فعل إبليس، فكيف بمن عمل ما هو أع به من استخفاف بحقه كام

! ونحوه؟ . مع أنه بحمد هللا جممع عليه وهذا باب واسع

وما كان لكم أن تؤذوا رسـول اهللا وال أن تنكحـوا أزواجـه مـن ﴿ : قال– سبحانه – أنه : الدليل الثامن بعده أبدا عده؛ ألنه يؤذيه، وجعله عظـيام عنـد اهللا، ثـم إن مـن من ب فحرم عىل األمة أن تنجح أزواجه . )1 ( ﴾

تم له أوىل، والدليل عىل ذلـك مـا ا القتل جزاء له بام انتهك من حرمته، فالش عقوبته أزواجه أو رساريه نكح ، فـأمر عليـا أن صىل اهللا عليـه وسـلم بأم ولد النبي عن أنس أن رجال كان يتهم » صحيحه « رواه مسلم يف

اخرج، فتناول يده فأخرجه، فإذا هـو جمبـوب لـيس : عيل فإذا هو يف ركي يتربد، فقال له يرضب عنقه، فأتاه . إنه جمبوب ما له ذكر : فقال له صىل اهللا عليه وسلم له ذكر، فكف عيل، ثم أتى النبي

وقبل أن تقدم عليه وكذلك ملا تزوج رسول اهللا قيلة بنت قيس أخت األشعث، ومات قبل أن يدخل هبا أن يرضب عليها احلجاب وتكون من أمهات املؤمنني، وبني أن يطلقها فتنكح مـن إنه خريها بني : ، وقيل )2 (

مـا : شاءت، فاختارت النكاح، فتزوجها عكرمة بعد رسول اهللا، فبلغ أبا بكر فهم بقتلهام حتى قال له عمـر . )3 ( هي من أمهات املؤمنني، فرتكها

.53: األحزاب )1(: »اإلصابة«وقال احلافظ عن سنده يف . - ريض اهللا عنهام –عن ابن عباس ) 3245/ 6: (»معرفة الصحابة«يف أخرجه أبو نعيم ) 2(

.»موصول قوي اإلسناد«): 4/394(، ). 393/ 4: (»اإلصابة«، و)38/ 4: (»املستدرك«وانظر . عن عامر الشعبي مرسال) 327/ 10: (»تفسريه«أخرجه ابن جرير يف ) 3(

).513/ 3: (»تفسري ابن كثري«و

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصــل : وأما السنة فأحاديث

وتقـع فيـه؛ صىل اهللا عليـه وسـلم ا رواه الشعبي عن عيل أن هيودية كانت تشتم النبي م : احلديث األول . فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل رسول اهللا دمها

وهـو حـديث جيـد، وهـو ، )1 ( رواه أبو داود وابن بطة، واستدل به أمحد، وروي أن الرجل كان أعمـى اقا؛ ألن الـشعبي صـحيح املراسـيل عنـدهم، متصل؛ ألن الشعبي رأى عليا، ولو كان مرسال فهو حجة وف

. ليس له مرسل إال صحيح دليل عىل قتل الذمي واملـسلم وهو ، صىل اهللا عليه وسلم ؛ ألجل شتم النبي يف جواز قتلها وهذا رصيح

. واملسلمة إذا سبا بطريق األوىل وتقـع عليـه وسـلم صـىل اهللا أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبـي : ما روى ابن عباس : احلديث الثاين

فأهدر دمهـا، صىل اهللا عليه وسلم فيه، فأخذ املغول ووضعه يف بطنها واتكأ عليه فقتلها، ثم ذكر ذلك للنبي . رواه أبو داود والنسائي، واستدل به أمحد

فهذه القصة يمكن أن تكون هي األوىل، فتكون هيودية، وهو قول القايض أيب يعىل وغريه، جعلـوا كـال . ة أخرى قعة واحدة، ويمكن أن تكون هذه قص ا احلديثني و

فهذا دليـل أنـه اعتقـد ، » يقتل؛ ألن السب ارتداد صىل اهللا عليه وسلم فيه أن ساب النبي « : قال اخلطايب أهنا مسلمة، وليس احلديث يف دليل عىل ذلك، بل الظاهر أهنا كافرة، فإن يف احلديث أن سيدها كـان ينهاهـا

بال حرص از وطؤها وإبقاؤها مدة طويلة مرارا ولو كانت مرتدة ملا ج ، وهو قصة كعـب بـن األرشف اليهـودي، ما احتج به الشافعي أن الذمي إذا سب قتل : احلديث الثالث

فقـام ؟ » من لكعب بن األرشف فإنه قد آذى اهللا ورسـوله « : ، قال فيها رسول اهللا )2 ( وقصته مشهورة معلومة فـأذن يل أن أقـول شـيئا، فـأذن لـه، : قال ، » نعم « : أن أقتله؟ قال أحتب ! اهللا يا رسول : حممد بن مسلمة فقال

.تقدم خترجيه) 1( ).1801(، ومسلم رقم )2510(أخرجه البخاري رقم ) 2(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

احلـديث، ... وأيـضا واهللا لتملنـه : إن هذا الرجل قد أراد الصدقة وعنانا، فلام سمعه كعب قـال : فأتاه فقال . فقتلوه

فنـدب رسـول اهللا إىل قتلـه، فـأتى صـىل اهللا عليـه وسـلم وهو متفق عليه، وكان كعب قد هجـا النبـي إنه لـو قـر كـام قـر غـريه ملـا « : إنه قد اغتيل وهو سيدنا، فقال رسول اهللا : فقالوا عب رسول اهللا أصحاب ك

. » أوذي، لكنه نال منا األذى وهجانا بالشعر، ومل يفعل هذا أحد منكم إال كان السيف . فذلت هيود وحذرت من يوم قتل كعب بن األرشاف ، فكـل مـن آذى اهللا » آذى اهللا ورسـوله فإنه قـد « : وكان كعب معاهدا، فلام سب نقض عهده، وقال فيه

. ورسوله باتفاق املسلمني، فيكون موجبا للقتل هللا ورسوله قتل، والسب أذى مـن « : صـىل اهللا عليـه وسـلم رسـول اهللا قال : قال– ريض اهللا عنه – ما روي عن عيل : احلديث الرابع

. أبو القاسم األزجي، وأبو ذر اهلروي رواه أبو حممد اخلالل، و ، » سب نبيا قتل، ومن سب أصحابه جلد . بن زبالة وهو ضعيف، قاله شيخ اإلسالم ؛ لكن فيه عبد العزيز بن احلسن وظاهر قتله من غري استتابة

أقتلـه؟ : أغلـظ رجـل أليب بكـر الـصديق، فقلـت : ما روى عبد اهللا عن أيب برزة قال : اخلامس احلديث . رواه النسائي . صىل اهللا عليه وسلم ليس هذا ألحد بعد رسول اهللا : فانتهرين وقال . ، بسند صحيح » سننه « أن رجال شتم أبا بكر، فذكره، رواه أبو داود يف : ويف روايه

أبـو داود، وإسـامعيل بـن إسـحاق، : به مجاعات من العلامء عىل قتل ساب الرسول، مـنهم وقد استدل . وأبو بكر عبد العزيز، والقايض أبو يعىل، وغريهم

. يد أن من سبه يف اجلملة أبيح قتله، وهو عام يف املسلم والكافر وهذا احلديث يف هجت امرأة من خطمة النبي : قصة العصامء بنت مروان، ما روي عن ابن عباس قال : احلديث السادس ، فـأخرب أنا يـا رسـول اهللا، فـنهض فقتلهـا : ؟ فقال رجل من قومها » من يل هبا « : ، فقال صىل اهللا عليه وسلم

، وقصتها مبسوطة عند بعض أهل املغـازي، وكـان )1 ( ال ينتطح هبا عنزان « : فقال عليه وسلم صىل اهللا النبي : الرجل عمري بن عدي، فامتدحه حسان بأبيات

) 13/99(و اخلطيب يف تاريخ بغداد -(1/180(ومن طريقه ابن اجلوزي يف العلل املتناهية -) 6/145(رواه ابن عدي يف الكامل ) 1(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

بنـــي وائـــل وبنـــي واقــــف

ـــي اخلـــزرج وخطمـــة دون بن

ــا ــت أخــتكم وحيه ــا دع ــى م مت

ـــــا جتـــــي ـــــا واملناي بعولته

ـــه ـــدا عرق ـــى ماج ـــزت فت فه

كــــريم املــــداخل واملخــــرج

ـــدما فـــرضجها مـــن نجيـــع ال

ــــصباح ومل ختــــرج ــــل ال قبي

ـــــا ـــــرد اجلن ـــــأوردك اهللا ب ف

ـــولج ـــة امل ـــذالن يف نعم ن ج

وكان قتلها خلمس ليال بقني من رمضان مرجع رسول اهللا من بدر، وذكر هذه القصة أصـحاب الـسري، وأهنـا قتلـت لـسبها والواقدي وغريهم، وهي مشهورة، » األموال « عبيد يف مثل ابن سعد والعسكري وأبو

. صىل اهللا عليه وسلم النبي صـىل النبي هجاء قصة أيب عفك اليهودي، ذكره أهل املغازي والسري ، وكان من شأنه : احلديث السابع

، حتى خرج إىل بدر وظفره اهللا بمن ظفره، فحسده وهجاه وذم مـن اتبعـه، أعظـم مـا فيهـا اهللا عليه وسلم : قوله

ــــب ــــرهم راك ــــسلبهم أم في

ـــا حرا ـــشتى مع ـــا حـــالال ل م

أهـل املغـازي، لكنه من رواية . كان هيوديا نذر أن أقتله، وذكر حممد بن سعد أنه عيل : قال سامل بن عمري . لكنه يصلح أن يكون عاضدا ومؤكدا ومؤيدا بال تردد

حديث أنس بن زنيم الدييل، وهو مشهور عند أهل السري، ذكره ابن إسحاق والواقدي : احلديث الثامن ؛ فسمعه غالم من خزاعة فشجه، وكان قد ندر رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم رسول اهللا أنه هجا ، مها وغري

: معتذرا ومدحه يف قصيدة أوهلا صىل اهللا عليه وسلم أهدره، فلام بلغه ذلك جاء إىل رسول اهللا : دمه، أي أأنــت الــذي هتــدى معــد بــأمره

بل اهللا هيدهيا وقـال لـك أشـهد

ناقـة فـوق رحلهـا فام محلت من

ـــد ـــن حمم ـــة م ـــر وأوىف ذم أب

وابن بشكوال يف غوامض األسامء ) 51/224ج(تاريخ دمشق و ابن عساكر يف) 857و856(والقضاعي يف مسند الشهاب

حممد بن احلجاج اللخمي عن جمالد بن سعيد عن الشعبي عن ابن عباس مرفوعا وحممد بن احلجاج كلهم من طريق) 2/521(املبهمة .موضوع) 6013السلسلة الضعيفة ( وقال عنه العالمة األلباين يف.اللخمي يضع احلديث

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

ــك مــدركي تعلــم رســول اهللا أن

وأن وعيدا منك كاألخـذ باليـد

تعلــم رســـول اهللا أنــك قـــادر

عىل كل سكن من هتـام ومنجـد

ونبـــي رســـول اهللا أين هجوتـــه

فال رفعت سوطي إىل إذن يـدي

سوى أنني قد قلت يا ويـح فتيـة

وأسعد أصيبوا بنحس يوم طلق

فـإين ال عرضـا خرقـت وال دمـا

هرقت ففكر عامل احلـق واقـصد

بلغ رسول اهللا قصيدته واعتذاره، وكلمه فيه نوفل بن معاوية الدييل وشـفع فيـه، وكـان قـد شـجه فلام : فداك أيب وأمي، ثم قدم واعتـذر، وقـال : ، قال نوفل » قد عفوت عنه « : بعض بني خزاعة، فقال رسول اهللا

. بوا عليه إهنم قد كذ ودخل فيهم خزاعة وبنـو كان قد صالح قريشا عرش سنني، صىل اهللا عليه وسلم أن النبي : فوجه الداللة

وشجه ذلك الرجل، فلوال أهنم علمـوا – عىل ما قيل عنه – ثم إن هذا الرجل املعاهد هجا رسول اهللا بكر، . م منه مل يفعلوا ذلك من املعاهد مما يوجب االنتقا صىل اهللا عليه وسلم أن هجاء النبي

اهلـاجي يبـاح دمـه، ثـم إنـه هدر دمه لذلك، وهذا نص يف أن املعاهـد صىل اهللا عليه وسلم ثم إن النبي ومع ذلك فأنكر أنه دليل عىل إسالمه، » تعلم رسول اهللا « : عدوه من الصحابة، وقوله أسلم يف شعره، وهلذا

يكـن مـا فعلـه مبيحـا وبينهم حروب وقتـال، فلـو مل عليه، فإهنم أعداؤه، ه، ورد شهادة الذين شهدوا هجا . لدمه، ملا احتاج إىل فعل يشء من ذلك

وتكذيبه املخربين ومدحه لرسول اهللا، طلب العفـو منـه عـن إهـدار دمـه، ثم إنه بعد إسالمه واعتذاره معتذرا، وإنام عفا عىل املذنب، فعلم أنه كان له أن يعاقبه بعد جميئه مسلام والعفو إنام يكون مع جواز العقوبة

ما شاء، فـال هادن املقيم ببلده يظهر ببلده وامل عنه حلام وكرما، مع أن العهد كان عهد هدنة ليس عهد جزية، . وأن اهلاجي ال ذمة له ينتقض عهده حتى حيارب، فعلم أن اهلجاء من جنس احلراب وأغلظ منه،

ل العلـم، واستفاضـت عنـدهم استفاضـة قصة ابن أيب رسح، وهي مما اتفق عليها أهـ : احلديث التاسع أن يوم فتح مكة اختبأ عبد اهللا بن سعد بن أيب رسح عند عثامن بـن عفـان، ، وذلك )1 ( اآلحاد تغني عن رواية

رقم » السلسلة الصحيحة«، وصححه العالمة األلباين، يف)106-105/ 7: (، والنسائي)4359، 2683(أخرجه أبو داود رقم ) 1(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

يا رسول اهللا بايع عبد اهللا، فرفع رأسه فنظر إليه ثالثـا، : فقال صىل اهللا عليه وسلم فجاء به حتى أوقفه النبي أما فيكم رجل رشـيد يقـوم إىل هـذا حـني « : د الثالث، ثم أقبل عىل أصحابه فقال كل ذلك يأبى، فبايعه بع

، أال أومـأت إلينـا بعينـك؟ ما ندري يا رسول اهللا مـا يف نفـسك : ، فقالوا » فيقتله رآين كففت يدي عن بيعته . ك رواه أبو داود بإسناد صحيح، والنسائي كذل » إنه ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة األعني « : فقال

وكـان ابـن وكان قد ندر رسول اهللا دمه، وكان أخا عثامن من الرضاعة، فشفع له إىل رسول اهللا فرتكـه، ، وكـان ملـا رجـع إىل أيب رسح هذا قد أسلم ثم ارتد وحلـق باملـرشكني، وكـان يكتـب لرسـول اهللا الـوحي

: كذا أو كـذا، فيقـول : ل له فأقو شئت، إنه ليأمرين أن أكتب له اليشء إين ألرصفه كيف : املرشكني يقول هلم نعـم « : فيقـول لـه » عزيـز حكـيم « : أو أكتب : ، فيقول » عليم حكيم « : ، وذلك أن رسول اهللا كان يقول نعم

. » كالمها سواءومن أظلم ممن افرتى عىل اهللا كذبا أو قال أوحي إيل ومل يوح إليه يش ﴿ : إن فيه نزلت : وقيل ء ومن قـال

سأنزل مثل ما أنزل اهللا . )1 ( ﴾ اآلية ويقره رسـول اهللا عـىل أنه افرتى عىل رسول اهللا أنه كان يتمم له الوحي ويكتب ما يريده : فوجه الداللة

. ذلك، وهذا نوع من أنواع السب . )2 ( كلام دفنوه تلفظه األرض وكذلك ملا افرتى عليه كاتب آخر مثل ذلك، قصمه اهللا وعاقبه بأن أماته، و

. فهذا من أوضح األدلة أن اهللا منتقم لرسوله ممن طعن عليه ثم عفوه عنـه بعـد ذلـك » هال قتلتموه « : تائبا مسلام، وقول رسول اهللا فإباحة دم ابن أيب رسح بعد جميئه

أن لـه أن يقتـل مـن كان له أن يقتله وأن يعفو عنه، وهو دليـل عـىل صىل اهللا عليه وسلم دليل عىل أن النبي . وعاد إىل اإلسالم سبه، وإن تاب

)1723.(

.93: األنعام )1( .)2781(، ومسلم رقم )3617(أخرجها البخاري رقم ) 2(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

إن جرمي عظيم، وقد جئت « : كان قد رجع إىل اإلسالم قبل الفتح، وقال لعثامن وصح أن ابن أيب رسح صـىل اهللا بعد الفتح، وهدوء الناس بعدما تاب، فأراد النبـي صىل اهللا عليه وسلم ، ثم جاء به إىل النبي » تائبا

سلمني أن يقتلوه حينئذ، وتربص زمانـا ينتظـر قتلـه، ويظـن أن بعـضهم سـيقتله، وهـذا امل من عليه وسلم . أوضح دليل عىل جواز قتله بعد إسالمه

بأنـه كـان ، صىل اهللا عليه وسـلم واعلم أن افرتاء ابن أيب رسح والكاتب اآلخر النرصاين عىل رسول اهللا ال يكتبه إال ما أنـزل اهللا عليـه، وال يـأمره أن يثبـت م صىل اهللا عليه وسل يتعلم منهام افرتاء ظاهر، فإن النبي

. قرآنا إال ما أوحاه اهللا وال يترصف به كيف شاء، بل يترصف كام يشاء اهللا تعاىل أقره عىل أن يكتب شـيئا غـري مـا ابتـدأه صىل اهللا عليه وسلم كان رسول اهللا هل ثم اختلف أهل العلم؛

: ل قال له شيئا؟ عىل قولني بإكتابه، وه صىل اهللا عليه وسلم النبي وابن أيب رسح افرتيا ذلك كله، وأنه مل يصدر منـه إقـرار عـىل كتابـة غـري مـا قالـه أن النرصاين : أحدمها

. أصال، وإنام افرتيا ذلك لينفرا الناس عنه ، » سـميعا بـصريا « : قال لـه شـيئا، فيقـول لـه ويمـيل عليـه صىل اهللا عليه وسلم أن النبي : والقول الثاين

. ، ونحو ذلك )1 ( » دعه « : ، فيقول له » سميعا عليام « : تب فيك اكتب كذا وإن شئت كـذا فكـل صـواب، وقـد جـاء : ويكون كل واحد من احلرفني قد نزل، فيقول له

: القرآن عىل سبعة أحرف كلها شاف كـاف، إن قلـت أنزل « : أنه قال صىل اهللا عليه وسلم مرصحا عن النبي . » ذلك ما مل ختتم آية رمحة بعذاب أو آية عذاب برمحة فهو ك » غفور رحيم « أو » عزيز حكيم «

بعـدة أسـامء اآلية الواحـدة فاألحاديث تدل عىل أن من احلروف السبعة التي نزل عليها القرآن أن ختتم خيريه صىل اهللا عليه وسلم فكان النبي من أسامء اهللا تعاىل عىل سبيل البدل، خيري القارئ يف القراءة بأهيا شاء،

أو كذا وكذا لكثرة مـا سـمعه منـه : ما شاء من تلك احلروف، وربام قرأها النبي بحرف، فيقول له أن يكتب ؛ ألن اآلية نزلت باحلرفني معا، فيقره عىل ذلك، ثم إن اهللا نسخ » نعم كالمها سواء « : خيري بحرفني، فيقول له

.1354 وعبد بن محيد يف مسنده 2132و أبو داود الطياليس ) 3/245( أخرجه امحد ) 1(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

ضة اآلخرة عىل حرف زيد يف كل رمضان، وكانت العر يعارض النبي بالقرآن احلروف ملا كان جربيل بعض . الناس بن ثابت الذي يقرأ به الناس اليوم، وهو الذي مجع عثامن والصحابة عليه

؟ فيقـول » تفعلون « أو » تعملون « أكتب : صىل اهللا عليه وسلم أنه كان يقول للنبي : وروي فيها وجه آخر . » اكتب أي ذلك شئت « : له

ما أنزلـه اهللا كالمها منزال، أو يكتب ىل اهللا إن كان فيوفقه اهللا للصواب من ذلك، فيكتب أحب احلرفني إ ، وعلـام القـرآن توسعة يف املنزل، وثقة يف اهللا بحفـظ صىل اهللا عليه وسلم فقط، وكان هذا التخيري من النبي

، وضمن أنه ال يأتيـه الباطـل مـن بـني بأنه ال يكتب إال ما أنزل، وليس هذا بمنكر يف كتاب توىل اهللا حفظه . من خلفه يديه وال

اآليـة حتـى مل يبـق منهـا إال صىل اهللا عليه وسلم أنه ربام كان يسمع من النبي : وذكر بعضهم وجها ثالثا صـىل ، فيكتبه ثم يقرأه عـىل النبـي الفطن الذكي كلمة أو كلمتان، فيستدل بام قرأ منها عىل باقيها، كام يفعله

فتبـارك اهللا أحـسن ﴿ : ك لعمر بن اخلطاب يف قولـه ، كام اتفق مثل ذل » كذلك أنزل « : فيقول اهللا عليه وسلم اخلالقني ﴾ ) 1( .

. والقول األول أشبه األقوال : قال شيخ اإلسالم ، ومـوالة بنـي صـىل اهللا عليـه وسـلم حديث القينتني اللتني كانتا تغنيان هبجاء النبـي : احلديث العارش

. هاشم تغنيـان هبجـاء ر رسول اهللا بقتل قينتـني البـن خطـل وذلك كان مشهور مستفيض عند أهل السري، فأم

. رسول اهللا، فقتلت إحدامها وكمنت األخرى حتى استؤمن هلا . ذكره حممد بن عائذ، وابن إسحاق، وعبد اهللا بن حزم

ممـا اتفـق عليـه علـامء الـسري البن خطل، فأمر رسول اهللا بقتلهام معـه، وحـديثهام وقيل كانت القينتان . واستفاض

.14: املؤمنون )1(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

أن تعمد قتل املرأة ملجرد الكفر األصيل ال جيوز باإلمجاع، وقد استفاضت بـذلك الـسنة : لداللة ووجه ا . عن رسول اهللا أنه هنى عن قتل النساء والصبيان

إنام كان ألجل اهلجاء الذي كانتا تغنيان به، فمن هجـاه وسـبه وجـب فعلم أن أمره بقتل هاتني املرأتني . قتله بكل حال

دخل مكة عام الفتح وعىل رأسه املغفر، فلام نزعـه، جـاء صىل اهللا عليه وسلم أنه : احلديث احلادي عرش . » اقتلوه « : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال : رجل فقال

صـىل اهللا عليـه وسـلم أن النبـي : ، وأنه قتل وكان جرمه » الصحيحني « وهذا مما استفاض نقله، وهو يف فغضب عىل رفيقه لكونه مل يصنع له طعاما، فقتلـه، ثـم خـاف مه استعمله عىل الصدقة، وأصحبه رجال خيد

ويـأمر جاريتيـه تغنيـان صىل اهللا عليه وسلم هيجو رسول اهللا أن يقتل فارتد واستاق إبل الصدقة، وأنه كان . قتل النفس، والردة، واهلجاء : بذلك، فله ثالث جرائم مبيحة لدمه

بغي أن يسلم إىل أولياء القتيل الذي قتله من خزاعة؛ إمـا فال يمكن قتله أنه كان بالقصاص؛ ألنه كان ين . أن يقتلوه، وإما أن يعفوا عنه أو يأخذوا الدية

إىل البيـت وهذا ابن خطل قد فر ألن املرتد يستتاب، وإذا استنظر أنظر، – أيضا– ومل يقتل ملجرد الردة النبي بعد علمه بذلك بقتله، وليس هـذا سـنة عائذا به، طالبا لألمان، تاركا للقتال، ملقيا للسالح، وقد أمر . من يقتل ملجرد الردة، فثبت أنه إنام كان ألجل اهلجاء والسب

، صـىل اهللا عليـه وسـلم أمر بقتل مجاعة ألجـل سـبه صىل اهللا عليه وسلم أن النبي : احلديث الثاين عرش ن ذلـك مـا تقـدم عـن ابـن وقتل مجاعة ألجل ذلك، مع كفه عمن هو بمنزلتهم يف كونه كافرا حربيـا؛ فمـ

. أمر يوم فتح مكة بقتل ابن الزبعري صىل اهللا عليه وسلم املسيب أن النبي ملا قدم رسول اهللا املدينة منرصفا عن الطائف كتب بجري بن زهري إىل أخيه كعب : وذكر ابن إسحاق قال

بقي من شعراء قريش ابن بن زهري خيربه أن رسول اهللا قد قتل رجاال بمكة ممن كان هيجوه ويؤذيه، وأن من ابن الزبعري إىل نجران، ثم قدم عىل رسـول اهللا الزبعري وهبرية بن أيب وهب قد هربوا يف كل وجه، فهرب

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

مسلام وله أشعار حسنة يف التوبة واالعتذار، فأهدر دمه للسب مع أمانه جلميع أهل مكة إال من كان جرمـه . مثله

ابـن عبـد املطلـب، قـصته يف هجائـه ، وأبو سفيان بن احلـارث رية بن املغ ومن ذلك عبد اهللا بن أيب أمية للنبي مشهورة، وكان أخاه من الرضاعة أرضعته حليمة، فأهدر دمه جلل أذاه وهجائه له وألصحابه، حتـى جاء واعتذر وأسلم وجعل يتشفع بعمه العباس وبعـيل وبكـل أحـد، ثـم دخـل عليـه وأنـشده يف إسـالمه

: واعتذاره حتى رق له فقال لعمـــرك إين يـــوم أمحـــل رايـــة

لتغلب خيل الالت خيـل حممـد

ــه ــم ليل ــريان أظل ــدلج احل لكامل

فهذا أواين حني أهدى وأهتـدي

ــي هــداين هــاد غــري نفــيس ودلن

عىل اهللا من طـردت كـل مطـرد

. وذكر باقي األبيات لعبـد اهللا بـن أيب أميـة – فطلبنا الدخول عىل رسول اهللا، فأبى، فكلمته أم سلمة زوجته : ويف رواية قال

صهرك وابن عمتك وابن عمك وأخوك، وقد جاء اهللا هبام ! يا رسول اهللا : فقالت– وأيب سفيان بن احلارث مسلمني، ال يكونان أشقى الناس بك، وقد عفوت عمن هو أعظم جرما منهام، وأنـت أحـق النـاس عفـوا

: فقـال– ] ابنـه [ وكـان معـه – رب أليب سـفيان ، فلام بلغ اخل » هتك عريض ال حاجة يل به « : فقال . عن جرمه واهللا ليقبلن مني أو ألذهبن أنا وابني حتى نمـوت يف الربيـة جوعـا وعطـشا، وأنـتم أحلـم النـاس وأكـرم

قتـل عبـد اهللا ابـن أيب أميـة . فرق رسول اهللا حينئذ، فأذن ودخال فأسـلام، وكانـا حـسني اإلسـالم . الناس . ة عمر بالطائف، ومات أبو سفيان يف خالف

أنه ندر دم أيب سفيان بن احلارث دون غريه من صناديد قريش الـذين كـانوا أشـد تـأثريا : فوجه الداللة باجلهاد واليد واملال، وليس له سبب سوى السب واهلجاء، ثم جاء مسلام، وهـو يعـرض عنـه، وكـان مـن

وكـذلك أمـر . احلـديث ؟ كل ذلك بسبب هتك عرضه كام فرسه يف ! شأنه أن يتألف األباعد فكيف بعشريته . ابن أيب رسح، وابن خطل، واحلويرث، ومقيس، وعكرمة، وهبار : يوم الفتح بقتل ستة سامهم

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فمثل هذا مشهور عن هؤالء، وقد رواه األئمة، وأكثر ما فيه أنه مرسل، واملرسـل إذا روي مـن جهـات عند أهـل املغـازي أقـوى ممـا يـروى خمتلفة ال سيام ممن له عناية هبذا األمر كان كاملسند؛ بل بعض ما يشتهر

. باإلسناد الواحد : رسـول اهللا يا معرش قريش مايل أقتل بينكم صـربا؟ فقـال : وكذلك عقبة بن أيب معيط قتل صربا فقال

. » بكفرك وافرتائك عىل رسول اهللا « . وكذلك النرض بن احلارث قتله عيل صربا لسبه لرسول اهللا

ن من بني أسارى بدر، وأمر بقتل من كان هيجوه بعد الفتح مـن ففي هذا بيان أن السب أوجب قتل هذي . قريش وسائر العرب

. وكذلك جني سب وهجا فقتله عفريت من اجلن كان قد أسلم، فأخرب به رسول اهللا الناس . » الصحيح « وكذلك أبو رافع بن أيب احلقيق اليهودي، وقصته املشهورة يف

. يؤذيه فإنه يقتل وحيض عليه الناس فكل األحاديث دالة عىل أن من كان هيجوه و ما روي من حديث أيب القاسم عبد اهللا بـن حممـد البغـوي، ورواه أبـو أمحـد بـن : احلديث الثالث عرش

كان حي من بني ليث مـن املدينـة عـىل ميلـني، وكـان رجـل قـد خطـب مـنهم يف : قال » الكامل « عدي يف كساين هذه احللة وأمـرين صىل اهللا عليه وسلم ل اهللا إن رسو : اجلاهلية فلم يزوجوه، فأتاهم عليه حلة، فقال

: ، فأرسـلوا إىل رسـول اهللا، فقـال أن أحكم يف دمائكم وأموالكم، ثم نزل عىل تلك املـرأة التـي كـان حيبهـا : ، ثـم قـال » إن وجدته فاقتله، وإن وجدته ميتـا فأحرقـه يف النـار « : ، ثم أرسل رجال فقال » كذب عدو اهللا « . » فليتبوأ مقعده من النار من كذب عيل متعمدا «

. وإسناده عىل رشط الصحيح، ال يعلم له علة . » ال حترقه، فإنه ال يعذب بالنار إال رب النار « : ثم قال : وله شاهد، وفيه

: وللناس يف هذا احلديث قوالن يكفر بذلك، قالـه : األخذ بظاهره يف قتل من تعمد الكذب عىل رسول اهللا ومن هؤالء من قال : أحدمها

. اعة، منهم أبو حممد اجلويني مج

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

، )1 ( » إن كذبا عيل لـيس ككـذب عـىل أحـدكم « : أن الكذب عليه كذب عىل اهللا، وهلذا قال : ووجه ذلك . أمر اهللا، فإن الكاذب عليه كاملكذب له جيب اتباع به، جيب اتباعه كام فإن ما أمر به الرسول فقد أمر اهللا

تكذيبه اإلخبار عن خربه أنـه لـيس بـصدق، وذلـك يوضحه أن تكذيبه نوع من الكذب، فإن مضمون وأيضا فإن الكاذب عليه يدخل يف دينه ما ليس منـه عمـدا، ويـزعم أنـه جيـب عـىل األمـة . إبطال لدين اهللا . التصديق بذلك

استهزاء واستخفاف به؛ ألنه يزعم أنه أمر بأشياء ليست ممـا أمـر بـه، بـل وقـد ال جيـوز – أيضا – وهو . إىل السفة، أو أنه خيرب بأشياء باطلة، وهذا نسبة له إىل الكذب، وهو كفر رصيح ] له [ نسبة األمر هبا، وهذا

وأسوأ حـاال، فكـذلك الكـذب عـىل وباجلملة؛ فمن تعمد الكذب عىل اهللا، فهو كاملتعمد لتكذيب اهللا . رسوله كالتكذيب له – ال يمكن دفعهـا قـوة وكثـرة لة وذكر له أد– » واعلم أن هذا القول يف غاية القوة « : قال شيخ اإلسالم

لكن يتوجه أن يفرق بني الذي يكذب عليه مشافهة، وبني الـذي يكـذب عليـه بواسـطة، مثـل أن « : ثم قال هـذا احلـديث : حدثني فالن بن فالن عنه بكذا، فإن هذا إنام كذب عىل ذلـك الرجـل، فأمـا إن قـال : يقول

. ذا قد كذب عليه صحيح، أو ثبت عنه أنه قال ذلك عاملا بأنه كذب، فه . أما إذا افرتاه ورواه رواية ساذجة؛ ففيه نظر

وأما من روى حديثا وهو يعلم أنه كذب؛ فهو حرام، لكن ال يكفر، إال أن ينضم إىل روايته مـا يوجـب صىل الكفر؛ ألنه صادق يف أن شيخه حدثه به، وعىل هذا؛ فمن سبه فهو أوىل بالقتل ممن كذب عليه، والنبي

. ، فكذلك الساب وأوىل قد أمر بقتل الذي كذب عليه من غري استتابة وسلم اهللا عليه أن الكاذب عليه تغلظ عقوبته وال يكفـر وال جيـوز قتلـه، ألن موجبـات الكفـر والقتـل : والقول الثاين

ومن قال هذا فال بد أن يقيد كالمه بأنـه مل يكـن . معلومة، وليس هذا منهام، فال جيوز أن يثبت ما ال أصل له الكذب عليه متضمنا لعيب ظاهر، فأما إن أخرب أنه سمعه يقول كالما يدل عىل نقصه وعيبه داللـة ظـاهرة،

).4(، ومسلم رقم )1291(أخرجه البخاري رقم )1(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

، ونحوه من الرتهات، فهذا مستهزئ بـه اسـتهزاء ظـاهرا، وال ريـب أنـه كـافر )1 ( عرق اخليل : مثل حديث . ذكر ذلك شيخ اإلسالم . حالل الدم

اصه؛ ألنه زعم أنه حكمه يف دماء قـوم وأمـواهلم، وأذن كذب عليه كذبا يتضمن عيبه وانتق فهذا الرجل . له أن يبيت حيث شاء من بيوهتم، ليبيت عند تلك املرأة ويفجر هبا

ومن زعم أن حلل املحرمات، فقد انتقصه وعابه، فثبت احلديث نص يف قتل الطاعن عىل كال القـولني، ؛ فألنه طاعن، ويؤيـد األول أهنـم لـو ظهـر هلـم وهو املطلوب، أما عىل األول؛ فألنه كافر، وأما عىل الثاين

. وسب لبادروا إىل اإلنكار عليه طعن مـا أحـسنت وال : ملا أعطـاه صىل اهللا عليه وسلم حديث األعرايب الذي قال للنبي : احلديث الرابع عرش

. )2 ( » لو قتلتموه لدخل النار « : أمجلت، فأراد املسلمون قتله، فقال ويف هـذا . دخل النار، وذلك لكفره وجواز قتله، وإال كـان يكـون شـهيدا إذا قتل فيدل عىل أن من آذاه

. عفى عنه؛ ألنه كان له أن يعفو عمن آذاه صىل اهللا عليه وسلم احلديث أنه : إن هذه قسمة مـا أريـد هبـا وجـه اهللا، فقـال عمـر : ومن ذلك قول الذي قال له حني قسم غنائم حنني

. دعني أرضب عنق هذا املنافق صىل اهللا عليـه ، وإنام منعه لئال يتحدث الناس أن حممدا يقتل أصحابه، كذا قاله » الصحيح « يف واحلديث

. وسلملئن رجعنا إىل املدينة ليخـرجن األعـز منهـا األذل ﴿ : ومن ذلك قول عبد اهللا بن أيب : ، فقـال عمـر )1 ( ﴾

، فخاف أن ينفر الناس عـن ذلك واإلسالم ضعيف وكان . » إذن ترعد له أنوف « دعني أرضب عنقه، فقال . )2 ( اإلسالم

هذا حديث ال يشك يف وضعه، وما وضع مثل «: وقال عقبة) 105/ 1: (»املوضوعات«حديث موضوع خمتلق، أخرجه ابن اجلوزي يف ) 1(

.اهـ» هذا مسلم وفيه إبراهيم بن احلكم شديد ،)177 رقم 472/ 1: (»أخالق النبي«وأبو الشيخ يف » 160 - 159/ 3: الكشف«أخرجه البزار ) 2(

.الضعف

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

أنا أعذرك، إن كان من : قال سعد بن معاذ [ » من يعذرين يف رجل بلغ أذاه يف أهل بيتي؟ « : وكذلك قوله . صىل اهللا عليه وسلم ، ومل ينكر عليه النبي ] األوس رضبت عنقه

ملـا افتـتح : )3 ( عـن الـشعبي » مغازيـه « مـوي يف قال سعيد بن حييى بن سـعيد األ : احلديث اخلامس عرش أبـا سـفيان ابـن حـرب فأعطـاه ثم دعـا , مكة دعا بامل العزى فنثره بني يديه صىل اهللا عليه وسلم رسول اهللا

من قريش فأعطاهم، فجعل يعطي الرجل القطعة مـن منها، ثم دعا سعيد بن حريث فأعطاه، ثم دعا رهطا إنـك لبـصري حيـث تـضع التـرب، ثـم قـال الثانيـة، : فقام رجل فقال الذهب فيها مخسون مثقاال وسبعون،

، ثـم » وحيك إذا ال يعدل أحد بعـدي « : نرى عدال، فقال إنك لتحكم وما : فأعرض عنه، ثم قام الثالثة فقال لو قتلتـه لرجـوت أن يكـون أوهلـم « : ، فذهب فلم جيده، فقال » اذهب فاقتله « : دعا رسول اهللا أبا بكر فقال

. » وآخرهم وهذه قصة أخرى غـري قـصة غنـائم ذا نص يف قتل مثل هذا الطاعن عىل رسول اهللا من غري استتابة، فه

حنني، وال قصة الذهب الذي بعثه عيل، وكان هدم العزى عقيب الفتح سنة ثامن، وحنني بعـد ذلـك يف ذي . القعدة، وحديث عيل سنة عرش

، ونزل القرآن بتقريـر ذلـك، عليه وسلم صىل اهللا وتقدم أن عمر قتل الرجل الذي مل يرض بحكم النبي . وجرمه أسهل من جرم هذا

خيـرج مـن ضئـضئ « : حديث الذي ملزه يف قسمة الذهبية التي أرسل هبا عيل، وقـال » الصحيحني « ويف يتلون كتاب اهللا رطبا ال جياوز حناجرهم يمرقون من الدين كام يمرق السهم مـن الرميـة، يقتلـون هذا قوم

. » دعون أهل األوثان، لئن أدركتهم ألقتلنهم قتل عاد أهل اإلسالم، وي

.8: املنافقون )1( .- ريض اهللا عنه –من حديث جابر ) 2584(، ومسلم رقم )3518(أخرجه البخاري رقم ) 2( وفيه لني؛ لكن له ما يؤيد – هو ابن سعيد –وهذا احلديث مرسل، وخمرجه عن جمالد «): 344/ 2: (»الصارم«قال شيخ اإلسالم يف ) 3(

. اهـ»معناه

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

، ال قوم يف آخر الزمان حداث األسنان، سفهاء األحالم، يقولون من خري قـول الربيـة سيخرج « : وقال حناجرهم، يمرقون من الدين كام يمرق السهم من الرمية فـأينام لقيتمـوهم فـاقتلوهم فـإن يف إيامهنم جياوز

. )1 ( » وم القيامة قتلهم أجرا ملن قتلهم ي أمر بقتل طائفة هذا الرجل العائـب عليـه، صىل اهللا عليه وسلم فهذه األحاديث كلها دليل عىل أن النبي

مـن فرتب القتل عىل مـروقهم )2 ( » هم رش قتىل حتت أديم السامء « : ، وقال وأخرب أن يف قتلهم أجرا ملن قتلهم رقوا، وهم أصناف، وكان هذا أوهلم قـد خـرج يف زمنـه ملا غلوا فيه حتى م فعلم أنه املوجب لقتلهم الدين،

. فعاب قسمه صىل اهللا عليه وسلم فكل من عاب شيئا من سنته فحكمه كحكمهم، فمن زعم أنه جيور يف قسمه فهو مكذب لـه، وال جيـب

وهو مناقض ملا تضمنته الرسالة من أمانته ووجـوب طاعتـه، وزوال احلـرج عـن الـنفس مـن اتباعه عنده، عىل أحد، فمن طعـن يف هـذا حييف بقوله وفعله، فإن اهللا قد أوجب طاعته واالنقياد حلكمه، وأنه ال قضائه

. الكفر وأشنعه فقد طعن يف صحة تبليغه، وذلك طعن يف الرسالة، وهذا من أقبح

.- ريض اهللا عنه –من حديث عيل ) 1066(، ومسلم رقم )3611(أخرجه البخاري رقم ) 1( ).176(، وابن ماجه رقم )3000(، والرتمذي رقم )643/ 2: (»السنة«، وابنه يف )250/ 5: (أخرجه أمحد) 2(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصـــل ومل ؛ فقد نقل ذلك عنهم يف قضايا متعددة منتـرشة مستفيـضة، - ريض اهللا عنهم – وأما إمجاع الصحابة

. فصارت إمجاعا = ينكرها أحد منهم . واعلم أنه ال يمكن ادعاء إمجاع الصحابة عىل مسألة فرعية بأبلغ من هذه الطريق : قال شيخ اإلسالم

، غنت إحـدامها بـشتم رفع إىل املهاجر امرأتان مغنيتان : قال فمن ذلك ما ذكره سيف بن عمر التميمي ونزع ثناياها، وغنت األخرى هبجاء املسلمني؛ فقطع يـدها ونـزع فــقطع يدها ؛ صىل اهللا عليه وسلم النبي . ثنيتها

مـا ، فـوال صىل اهللا عليه وسلم بلغني الذي رست به يف املرأة التي غنت بشتم النبي : فكتب إليه أبو بكر قد سبقتني فيها ألمرتك بقتلها؛ ألن حد األنبياء ليس يشبه احلدود، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتـد،

. و معاهد فهو حمارب غادر أ أما بعـد فإنـه بلغنـي أنـك قطعـت يـد امـرأة تغنـت هبجـاء : وكتب إليه يف التي تغنت هبجاء املسلمني

ذميـة ] ــت [ تدعي اإلسـالم فـأدب وتقدمـه دون املثلـة، وإن كانــ ، فإن كانت ممن املسلمني ونزعت ثنيتها يف مثل هذا لبلغـت مكروهـك، فأقبـل ، ولو كنت تقدمت إليك فلعمري ملا صفحت عنه من الرشك أعظم

. إال يف قصاص الدعة وإياك واملثلة يف الناس، فإهنا مأثم ومنفرة كان له أن صىل اهللا عليه وسلم أنه من شتم النبي : غري سيف، وهذا يوافق ما تقدم عنه وذكر هذه القصة

مـن مـسلم عليه وسلم صىل اهللا يقتله، وليس ذلك ألحد بعده، وهذا رصيح يف وجوب قتل من سب النبي ، بخالف من سب الناس، وأن قتلها حد لألنبياء، كـام أن ومعاهد، وإن كانت امرأة، وأن يقتل بدون استتابة

أبـو بكـر أن جيمـع ، فكره فيها وعمل هلا حدا ألنه اجتهد بقتلها؛ جلد من سب غريهم حد له، وإنام مل يأمره كتاب أيب بكر، وهو حمل اجتهـاد سـبق هاجر توبتها قبل مل ا ل ب عليها حدين، وحيتمل أهنا أسلمت أو تابت فق

. فيه حكم فلم يغريه أبو بكر؛ ألن االجتهاد ال ينقض باالجتهاد صـىل برجل سب النبـي – اهللا عنه ريض– أيت عمر : قال عن ليث عن جماهد » مسائله « وروى حرب يف

. بيائه فاقتلوه من سب اهللا أو رسوله أو أحدا من أن : فقتله ثم قال اهللا عليه وسلم

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

أيام مسلم سب اهللا أو رسوله أو أحدا من األنبياء، فقد كـذب برسـول اهللا، : وقال جماهد عن ابن عباس . وهي ردة، يستتاب فإن تاب وإال قتل، وأيام معاهد سب أحدا من األنبياء، فقد نقض العهد فاقتلوه

وكـان قـد وقـع منـه خل الشام، أن عمر قال للنبطي الذي كتب له كتابا حني د– أيضا – ى حرب ورو . )1 ( فتدخل علينا يف ديننا، لئن عدت ألرضبن عنقك مل أعطك األمان … : يشء فقال

إنـا مل : بمحرض من الصحابة من املهاجرين واألنـصار يقـول ملـن عاهـده– ريض اهللا عنه – فهذا عمر – بـذلك إمجـاع الـصحابة وحلف لئن عاد ليرضبن عنقه، فعلم العهد عىل أن تدخل علينا يف ديننا، نعطك

عىل أن أهل العهـد لـيس هلـم أن يظهـروا االعـرتاض علينـا يف ديننـا، وأن ذلـك مبـيح – ريض اهللا عنهم . لدمائهم

س . ، وهذا ظاهر ال خفاء به صىل اهللا عليه وسلم وإن أعظم االعرتاض سب النبي لـو : ، فقال ابن عمر وسلم صىل اهللا عليه هذا يسب النبي : أنه مر براهب، فقيل له : عن ابن عمر وروي

. )2 ( سمعته لقتلته ابـن عبـاس يف شـأن عائـشة ، وحـديث )3 ( وذكر هذا احلديث غري واحد، وتقدم حديث صبيغ من عمر

. خاصة صىل اهللا عليه وسلم وأزواج النبي . )4 ( ، رواه أمحد صىل اهللا عليه وسلم أنه قتل امرأة سبت النبي : وبخرب خالد بن الوليد

.»تارخيه«ن عساكر يف ، واب)307 – 305/ 3: (»اجلليس الصالح« املعاىف النهرواين يف – أيضا –وأخرجه ) 1( .تقدم خترجيه ) 2(، )1138 – 1136(، والاللكائي رقم )153، 152(رقم » الرشيعة«، واآلجري يف )146(رقم » السنن«والقصة أخرجها الدارمي يف ) 3(

/ 2: (»ةاإلصاب«وغريهم، وهي قصة مشهورة صححها غري واحد من أهل العلم، وانظر ) 309، 308(رقم » اإلبانة«وابن بطة يف .يف ترمجة صبيغ) 198

).4 هامش – 41/ ص(وانظر . ويف سنده من مل يسم. عن ابن مهدي به) 203 – 202/ 8: (»الكربى«وأخرجه البيهقي يف ) 4(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

سمع نـرصانيا شـتم النبـي – وكانت له صحبة – رك بسنده أن غرفة بن احلارث الكندي وذكر ابن املبا ، فقـال إنا قـد أعطينـاهم العهـد : إىل عمرو بن العاص، فقال ، فرضبه فدق أنفه، فرفع صىل اهللا عليه وسلم

. )1 ( صدقت : ، فقال له عمرو صىل اهللا عليه وسلم العهد عىل سب الرسول اهللا أن نعطيهم معاذ : غرفة .- ريض اهللا عنهم – فهذه أقوال الصحابة والتابعني هلم بإحسان

* * * : وأما االعتبار، فمن وجوه

. أن عيب ديننا وشتم نبينا جماهدة ملا وحماربة؛ فكان نقضا للعهد كاملحاربة باليد وأوىل : أحدهاوجاهدوا بأموالكم وأنفسكم يف سبيل ا ﴿ : يبني ذلك قوله ، واجلهاد يف النفس يكون باللسان كـام )2 ( ﴾ هللا

. يكون باليد أنا وإن أقررناهم عىل ما يعتقدونه من الكفر، فهو إقرار عـىل مـا يـضمرونه مـن العـداوة، : الوجه الثاين

. وأما إظهار السب هللا ولرسوله ودينه؛ فهو حماربة تنقض العهد أن يكفوا عن إظهار الطعن والشتم، كام يقتـيض يقتيض الذي بيننا وبينهم أن مطلق العهد : الوجه الثالث

اإلمساك عن سفك الدماء، بل السب أعظم من سفك الدماء، ألنا نبذل املال والنفس عىل أن نعزر الرسول . ونعظمه ويعلو الدين، وهم يعلمون ذلك من ديننا فإذا خالفوه انتقض عهده

كـام , قد بني فيه ذلك ورشطه عليهم – ريض اهللا عنه – أن العهد الذي عاهدهم عليه عمر : الوجه الرابع . روى ذلك حرب بإسناد صحيح عن عبد الرمحن بن غنم

أن العقد مع أهل الذمة عىل أن تكون الدار لنا جتري فيها أحكام اإلسـالم، وعـىل أهنـم : الوجه اخلامس دين ينـايف كـوهنم يف أهل صغار وذلة، عىل هذا عوهدوا وصوحلوا، فإظهـار شـتم الرسـول والطعـن يف الـ

. صغار وذلة

هقي يف ، والبي) مسندة– 2048رقم : (»املطالب العليا«كام يف » مسنده«، وأبو يعىل يف )110/ 7: (»التاريخ الكبري«أخرجه البخاري يف ) 1(

).215/ 5(، وصحح البوصريي إسناده )220/ 9: (»الكربى« .41: التوبة )2(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

ومنعـه وإجاللـه وتعظيمـه، وذلـك أن اهللا فرض علينا تعزير الرسول وتوقريه ونرصه : الوجه السادس . يوجب صون عرضه بكل طريق

فرض علينا؛ ألنه من التعزير، وهـو مـن أعظـم صىل اهللا عليه وسلم أن نرص رسول اهللا : الوجه السابعإال تنرصوه فقد نرصه اهللا ﴿ : اجلهاد، وقد قال تعاىل ، فكيف بنرص سـيد ، بل نرص آحاد املسلمني واجب )1 ( ﴾

. صىل اهللا عليه وسلم ولد آدم ، فمتـى أن الكفار قد عوهدوا عىل أن ال يظهـروا شـيئا مـن املنكـرات املختـصة بـدينهم : الوجه الثامن

. استحقوا عقوبة ذلك، وهي القتل أظهروا شيئا منها عوقبوا؛ فكذلك إذا أظهروا سب الرسول وأهنم يعاقبون عليه إذا فعلوه أنه ال خالف بني املسلمني أهنم ممنوعون من إظهار السب، : الوجه التاسع أهنم مل يقروا عليه، وإذا فعلوا ما مل يقروا عليه من اجلنايـات اسـتحقوا عقوبتـه باالتفـاق، بعد النهي، فعلم

. فكذلك سب الرسول يوجب قتلهم وسب غري الرسول يوجب جلدهم، يئا مما عوهـدوا عليـه انـتقض عهـدهم، كـام أن القياس اجليل يقتيض أهنم متى خالفوا ش : الوجه العارش

يـف كام ينفسخ البيع وغـريه إذا مل ذهب إليه طائفة من الفقهاء، وإذا مل يفوا بام عوهدوا عليه انفسخ عقدهم أن يلتزم اآلخر بام التزمـه، فـإذا مل ما التزمه برشط ؛ فإنه إنام التزم أحد املتعاقدين بام رشطه، واحلكمة ظاهرة

. يلتزم له اآلخر صار هذا غري ملتزم، فإن احلكم املعلق برشط ال يثبت عند عدمه باتفاق العقالء الرشط، مل ينفسخ العقد بفواتـه، بـل ، له أن يبذله بدون فإن كان املعقود عليه حقا للعاقد إذا تبني ذلك،

. فسخه، كام إذا رشط رهنا يف البيع له وإن كان حقا هللا أو لغريه ممن يترصف له بالوالية؛ مل جيز إمضاء العقد، بـل ينفـسخ بفـوات الـرشط، أو

. حرة مسلمة فبانت وثنية جيب فسخه، كام إذا رشط الزوجة رشط علـيهم فقـد خالفوا شـيئا ممـا وعقد الذمة ليس حقا لإلمام؛ بل هو حق هللا ولعامة املسلمني، فإن

أن يلحقه بمأمنه وخيرجه من دار اإلسالم، وهذا ضـعيف؛ ألن : وفسخه جيب عىل اإلمام فسخ العقد، : قيل . حق هللا العقد بفواته من غري فسخ، وهنا رشوط الذمة الرشط حق هللا، فينفسخ

.40: التوبة )1(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

باملـسلمني، بال رشط، فإنام ذلك فيام ال رضر فيه عىل املسلمني، فأما مـا يـرض ولو فرض جواز إقرارهم عليه بحال، ولو فرض إقرارهم عىل ما يـرض املـسلمني يف أنفـسهم وأمـواهلم فـال جيـوز فال جيوز إقرارهم

. إقرارهم عىل إفساد دين اهللا والطعن عىل كتابه ورسوله املبيـع مـن العيـوب، وحلـول الـثمن، ومقتىض عقد الذمة أن ال يظهروا سب الرسول، كام أن سـالمة

، فـإن موجـب والزوج من املوانع، وإسالم الزوج وحريته من موجب العقد املطلق ومقتضاه وسالمة املرأة والسب مما يعلم أن املسلمني يقصدونه بعقـد واإلمساك عن الطعن . العقد هو ما يظهر عرفا وإن مل يتلفظ به

. كام يطلبون الكف عن مقاتلتهم وأوىل، فإنه من أكرب املؤذيات الذمة، ويطلبونه غـري مـا عىل دينهم، ومنه استحالل السب، فإذا قالوا ذلـك مل يقولـوا أهل الذمة قد أقررناهم : فإن قيل

. أقررناهم عليه لـيس هلـم أن ومن دينهم استحالل قتال املسلمني وأخذ أمواهلم وحماربتهم بكل طريق، ومع هذا ف : قلنا

يعتقدوا ما يعتقدونـه رهم عىل أن ومتى فعلوا نقض عهدهم، وذلك ألنا وإن كنا نق يفعلوا ذلك بعد العهد، يظهروا ذلك ويتكلموا به من بني املـسلمني، ونحـن ال نقـول بـنقض فلم نقرهم عىل أن وخيفوا ما خيفونه،

. ذلك كان قد أظهروه عهد الساب حتى نسمعه أو يشهد به املسلمون، فمتى حصل ف، وقتل العلـامء والـصاحلني، املساجد، وإحراق املصاح عىل هدم ولو أقررناهم عىل دينهم ألقررناهم

. من ذلك البتة فإهنم يدينون بذلك، وال خالف أهنم ال يقرون عىل يشء* * *

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

املسألة الثانية أنه يتعني قتله، وال جيوز اسرتقاقه، وال املن عليه، وال فداؤه

وسواء تله وكذا الزنديق، أما إن كان مسلام فباإلمجاع؛ ألنه نوع من املرتد أو من الزنديق، واملرتد يتعني ق ، سـواء كـان رجـال أو امـرأة، وإن كـان معاهـدا - أيضا – وإن كان معاهدا يتعني قتله كان رجال أو امرأة،

من السلف ومن تبعهم، وقـد تقـدم قـول ، سواء كان رجال أو امرأة عند عامة الفقهاء - أيضا – يتعني قتله مالـك : القتل، وممن قالـه صىل اهللا عليه وسلم من سب النبي أمجع عوام أهل العلم عىل أن عىل « : ابن املنذر

، وهـذا اللفـظ دليـل » ال يقتل الذمي : وحكي عن النعامن . والليث وأمحد وإسحاق، وهو مذهب الشافعي : عىل وجوب قتله عند عامة العلامء، ولقتله مأخذان

. انتقاض عهده : أحدمها . ث أنه حد من احلدود، وهو قول فقهاء احلدي : والثاين

فيه من الرشك أعظم من سـب النبـي ما هم « : إن أظهروا السب قتلوا، وأخطأ من قال : قال ابن راهوية نقض للعهد، وكذلك فعل عمر بن عبد العزيز فال شـبهة يقتلون، ألنه : قال إسحاق . » صىل اهللا عليه وسلم

، » ما عىل هـذا صـاحلناهم « : وقال صىل اهللا عليه وسلم يف ذلك، وقد قتل ابن عمر الراهب الذي سب النبي ه وانتقاض عهده، وتقدم بعـض نـصوصه، وكـذلك نـص عامـة وكذلك نص اإلمام أمحد عىل وجوب قتل

. يف مجلة ناقيض العهد – أيضا – أصحابه، ذكروه بخصوصه يف مواضع، وذكروه يـه كـالم يتعني قتله وقتل غريه من ناقيض العهد، كـام دل عل : ثم املتقدمون وطوائف من املتأخرين قالوا

. أمحد الذمة، كام خيـري يف األسـري، فـدخل هـذا وذكر طوائف منهم أن اإلمام خيري فيمن نقض العهد من أهل

الساب يف عموم الكالم؛ لكن املحققون منهم كالقايض وغريه قيد ذلك بغري الساب، وأما الـساب فيتعـني بـأن : يف موضـع آخـر قيـدوه موضـع الـذين أطلقـوا يف فإما أن ال حيكى يف تعني قتله خالف؛ لكون . قتله

يف موضـع الساب يتعني قتله، فهو غري داخل يف العموم، أو حيكى فيه وجه ضـعيف؛ ألن الـذين قـالوا بـه . نصوا عىل خالفه يف موضع آخر

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

هـو : يتعني قتله، ومنهم من ذكر اخلالف، وقـال : فمنهم من قال– أيضا – واختلف أصحاب الشافعي . ويكون كاألسري جيب عىل اإلمام أن يفعل فيه األصلح : قالوا له، كغريه، والصحيح جواز قت

. وكالم الشافعي يقتيض أن الناقض حكمه حكم احلريب، ويف موضع أمر بقتله عينا من غري ختيري ال ينتقض عهـد أهـل الذمـة إال أن يكونـوا : فال جتيء هذه املسألة عىل أصلهن إذ أصله : وأما أبو حنيفة

. عليهم متنعون بذلك عىل اإلمام فال يمكنه إجراء أحكامنا أهل شوكة ومنعة، في منا، مانعني للجزية من غـري ظلـم أو يلحقـوا ممتنعني إال أن خيرجوا ال ينتقض عهدهم : ومذهب مالك

الزنا قتـل إن إذا استكره الذمي مسلمة عىل : قتل ساب الرسول عينا، وقال بدار احلرب، لكن مالكا يوجب . أمة عوقب العقوبة الشديدة كانت حرة، وإن كانت

: يتعـني قتلـه كـل مـن نقـض : ] يقول [ أما عىل قول من كام نص عليه األئمة، قتله فشاتم الرسول يتعني مـن كـام ذكرنـاه وأذى، بـام فيـه رضر عـىل املـسلمني يتعني قتل كل ناقض للعهد : وهو يف أيدينا، أو العهد

بـسب الرسـول يتعني قتـل مـن نقـض العهـد : يقول أو مذهب اإلمام أمحد، وكام دل عليه كالم الشافعي، عامـة الـذين ذكـروه يف نـص عليـه القايض، وكام ذكره طائفة من أصحاب الشافعي، وكام وحده، كام ذكره

ذكروا يف مواضع أخـر عىل سبيل اإلمجال، فإهنم نواقض العهد، وذكروا أن اإلمام يتخري فيمن نقض العهد . أنه يقتل من غري ختيري فظاهر

إنـه يـستويف منـه : فقد ذكرنا أهنم قـالوا ؛ يتخري فيه اإلمام إن كل ناقض للعهد : ما عىل قول من يقول وأ عليهم، وهذه ألن عقد الذمة عىل أن جتري أحكامنا عليهم، وهذه أحكامنا احلقوق كالقتل واحلد والتعزير؛

. أحكامنا، ثم إذا استوفينا فاإلمام خمري فيه، كاألسري كام لو نقض بزنى أو قطع طريـق، فإنـه فيمكنهم القول بقتل الساب حدا من احلدود، وعىل هذا القول؛

يقتل بذلك إن أوجب القتل، بل قد يقتل الذمي حدا من احلدود وإن مل ينتقض عهـده، كـام لـو قتـل ذميـا، . مل ينتقض عهده : عىل هذا الوجه إن كان فيهم من يقول ومذهب مالك يمكن توجيهه

بأن اإلمام يتخري فيه إنام يدل عىل عمـوم كـالم بعـض الفقهـاء أو إطالقـه، وكـذلك وباجلملة؛ فالقول . إنه يلحق بدار احلرب : قوهلم

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

املفـرس، وأخذ املذاهب من اإلطالقات جير إىل غلـط علـيهم، بـل البـد مـن أخـذ ذلـك مـن كالمهـم مـن أقـوال له ما قدمناه ، والدليل عىل تعني قت ضعيف نقال وتوجيها وباجلملة؛ فإن تقرر يف هذا خالف فهو . الصحابة والتابعني والسنن واآليات

* * *

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

املسألة الثالثة أنه يقتل وال يستتاب سواء كان مسلام أو كافرا

مسلام كان أو كافرا فعليه القتل، وأرى أن يقتل صىل اهللا عليه وسلم كل من شتم النبي : قال اإلمام أمحد . وال يستتاب

. كان مسلام، وأنه ناقض للعهد إن كان ذميا مع نصه أنه مرتد إن صـىل اهللا عليـه أم النبـي استتابة، حتـى فـيمن قـذف وكذلك أطلق غالب أصحابه أنه يقتل ومل يذكروا

. أطلقوا قتله ومل يذكروا استتابة وسلم . هل جيب استتابته أم يستحب؛ روايتان منصوصتان مع أنه له يف قتل املرتد غري الساب

ال : إن كان كافرا ويقلع عن السب، فقال القايض وغريه سب بأن يسلم أو يعود إىل الذمة فلو تاب من ال ألن املعرة تلحق الرسول، وكذلك قال ابن عقيل، وهو حـق ؛ صىل اهللا عليه وسلم تقبل توبة من سب النبي

. آدمي مل يعلم إسقاطه إن كـان : يفة والـشافعي يف قـوهلام ، خالفا أليب حن بل يقتل ولو تاب ال تقبل توبته : قال عامة األصحاب

. مسلام يستتاب؛ فإن تاب وإال قتل . عهده، واختلف أصحاب الشافعي فيه ال ينتقض : وإن كان ذميا؛ فقال أبو حنيفة

قتـل ومل صـىل اهللا عليـه وسـلم النبـي من سـب « : - ممن يعتمد نقله وهو – » اإلرشاد « قال الرشيف يف . » ن أسلم يستتب، ومن سبه من أهل الذمة قتل وإ

. وجب قتله، وال تقبل توبتـه صىل اهللا عليه وسلم من سب النبي « : » اخلصال « وقال أبو عيل بن البناء يف . » وال يستتاب– أيضا – وإن كان كافرا فأسلم؛ فالصحيح من املذهب أنه يقتل

يـسقط يف وجوب قتل املسلم والكافر، وأنـه ال خالفا ومذهب مالك كمذهبنا، وعامة هؤالء مل يذكروا . بالتوبة من إسالم وغريه

من سب النبي قتل ومل تقبل توبتـه، فـإن كـان كـافرا فأسـلم ففيـه « : » اجلامع الصغري « وقال القايض يف . » روايتان

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

. وكذلك ذكر أبو اخلطاب فيمن سب أمه ال تقبل توبته، وإن كان كافرا فروايتان الـسب، عـن ويرجـع رواية بأن يـسلم يف– أيضا – وحكى بعض أصحابنا رواية أن املسلم تقبل توبته

ومن احتذى حذوه من املتـأخرين، فـتلخص أن األصـحاب حكـوا يف ، » اهلداية « كذا ذكره أبو اخلطاب يف : توبة الساب ثالث روايات

. ال تقبل، وهي املنصورة- . تقبل- إذا قلنـا تقبـل هـو أن املسلم، وتوبة الذمي ، فتقبل توبة الكافر دون الفرق بني الكافر واملسلم : الثالثة-

. وطلب عقد الذمة ثانيا مل يعصم رواية واحدة كام تقدم إن أقلع فأما يسلم، روايـة هـذه االسـتتابة لكـن ال جتـب فترشع اسـتتابته بـالعود إىل الذمـة؛ خيري فيه كاألسري، وعىل قولنا

: ل، وعىل قول من يقول قط عنه القت واحدة، وعىل الرواية التي ذكرها أبو اخلطاب فإنه إن أسلم الذمي س . جتب دعوة كل كافر قد جتب استتابة الذمي

تقبـل، عكـس مـا ذكـره األصـحاب مـن أن توبة املسلم عىل روايتني، وتوبة الكافر ال : وذكر السامري أنـا إذا قبلنـا توبـة املـسلم بإسـالمه فتوبـة الـذمي الفرق، وليس األمر كذلك، بل فيه خلل، وإال فال ريب

. شيخ اإلسالم ذكره . بإسالمه أوىل غلطا من املسلم ال اعتقادا، فتقبل توبتـه السب قد يكون : ما ذكره السامري بأن يقال وقد يوجه : ثم قال

سبه أذى حمض ال ريب فيه فإذا وجب عليه احلـد مل يـسقط بإسـالمه إذ هو عثرة لسان أو قلة علم، والذمي . كسائر احلدود

وحكـي ، - أيـضا – تقبل توبتهام يف املشهور فإن تابا مل ملشهور، يف املنصوص ا فتلخص أهنام ال يستتابان عنه يف الذمي إذا أسلم سقط عنه القتل وإن مل يستتب، وحكي عنه أن املسلم يستتاب وتقبل توبتـه، وخـرج

. عنه يف الذمي أنه يستتاب، وهو بعيد . أكثر العلامء ، و أصحابه واعلم أنه ال فرق بني سبه بالقذف وغريه، نص عليه، وذكره عامة

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

: فذكر الروايتني يف املسلم ويف الكـافر يف القـذف، ثـم قـال أبو حممد بني القذف والسب، وفرق الشيخ . وسيأيت حترير ذلك ، » أنه يسقط باإلسالم وكذلك سبه بغري القذف، إال «

ة توبـ أنـه ال يقبـل : واملـشهور مـن مذهبـه – أيضا – مذهب مالك، فإنه يقتل الساب وال يستتاب وأما جعلـه وروي عنه أنـه الزنديق، ويقتل عندهم حدا ال كفرا إذا أظهر التوبة، وحكمه حكم املسلم إذا سب، . وإن أبى قتل فعىل هذا يستتاب، فإن تاب نكل، : ردة، قال أصحابه

. عبد الوهاب وغريه روايتني، ذكرمها عىل فهل يدرأ عنه إسالمه القتل؛ ، وأما الذمي إذا سب ثم أسلم : فلهم يف الساب وجهان ب الشافعي؛ وأما مذه . إذا تاب سقط عنه القتل هو كاملرتد : أحدمها . أن حده القتل بكل حال : والثاين

تاب زال القتل، وجلد ثامنـني للقـذف، ، فإن أن الساب بالقذف يقتل للردة : قوال ثالثا وذكر الصيدالين . وبغري القذف يعزر بحسبه

بالكتـاب عن املعـارض، واسـتدل عـىل ذلـك وأجاب ما يعارضها ثم ذكر أدلة من قال ال تقبل توبته و . هناك بأدلة ال يمكن أحدا دفعها، مقدارها ثامن كراريس بالبلدي، فليطالع واالعتبار، والسنة واإلمجاع

* * *

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

املسألة الرابعة يف بيان السب املذكور، والفرق بينه وبني جمرد الكفر

: وذلك أن نقول وقبل ذلك البد من تقديم مقدمة، مستحال أو كـان ذاهـال أو كان سواء اعتقد الساب أنه حمرم كفر ظاهرا وباطنا، سب اهللا أو سب رسوله

. عن اعتقاد، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلني بأن اإليامن قول وعمل سلمون أن مـن املـ قد أمجـع « :- وهو أحد األئمة يعدل بالشافعي وأمحد – وقد قال إسحاق بن راهوية

. » اهللا أنه كافر وإن كان مقرا بكل ما أنزل = أو دفع شيئا مما أنزل اهللا، أو قتل نبيا ، سب اهللا، أو سب رسوله ؛ أمحـد يف كفره كفر، ونص عـىل ذلـك غـري واحـد مـن األئمـة ومن شك : وبذلك قال سحنون، وقال

. » ء من آيات اهللا فهو كافر بيش كل من هزل « : قال والشافعي وغريه، . أو جادا، وهذا هو الصواب من سب اهللا أو رسوله كفر إن مازحا : وغريهم وكذلك قال أصحابنا

مل استحل ذلك، : أو مل يستحله، فإن قال فإنه يكفر سواء استحله : من سب اهللا أو رسوله : وقال القايض يف البـاطن، فـإن كـان ، وإنام حيكم بكفره ظاهرا، أما واحدة، وكان مرتدا احلكم، رواية مل يقبل منه يف ظاهر

. صادقا؛ فهو مسلم كام قلنا يف الزنديق إن استحله كفر، وإن مل يستحله فـسق ومل صىل اهللا عليه وسلم القايض عن الفقهاء أن ساب النبي وذكر

ورد يكفر كساب الصحابة، وحكي عن بعض أهل العراق فيمن سب الرسول جيلـد، فـأنكر ذلـك مالـك . فتياه

. ض الناس مل يكفر املستخف به ى ابن حزم أن بع وحك واخلالف الذي ذكره ابن حـزم العراق أن رد هذه احلكاية عن بعض فقهاء بعد – وذكر القايض عياض

وتـأول الفتيـا عـىل بـالعلم، عىل أن أولئك مل يـشتهروا عن غري واحد، ومحل احلكاية من اإلمجاع بام نقله – . وجوه

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

الفقهاء أنه إذا كان مستحال كفر وإال فـال، لـيس هلـا أصـل، واحلكاية املذكورة عن : قال شيخ اإلسالم عـىل جاريـة ظنوهـا وهـي كـذب ، ها عن الفقهاء الذين حكو القايض من كتاب بعض املتكلمني وإنام نقلها

. ، إنام ذلك غلط أصوهلم، فال يظن ظان أن يف املسألة خالفا

فصـــل : فنقول ثم نعود إىل مقصود املسألة

. نذكر عبارات العلامء ، ونحن وإن مل يكن كل كفر سبا ، وشتم يبيح الدم فهو كفر ت أن كل سب قد ثب . » وال يستتاب القتل، من شتم الرسول أو تنقصه مسلام كان أو كافرا فعليه « : قال اإلمام أمحد

. القتل من ذكر شيئا يعرض بذكر الرب فعليه : وقال أمـه هـو أصحابنا أن قذف وال خيتلف ، يح ردة كالترص التعرض لسب اهللا وسب رسوله : وقال أصحابنا

. من مجلة سبه املوجب للقتل وأغلظ أو خـصلة مـن أو أحلق به نقصا يف نفسه أو نسبه أو دينـه كل من سبه أو ما عابه « : وقال القايض عياض

فهـو = عىل طريق السب له واإلزراء عليه، أو الغض منه والعيـب لـه خصاله، أو عرض به، أو شبهه بيشء مـا ال أو نسب إليـه ، عليه أو دعا له، ، أو متنى مرضة من لعنه وكذلك . كان أو تلوحيا ، ترصحيا قتل ساب له ي

ومنكر من القـول وزور، ، وهجر من الكالم بسخف العزيزة ، أو عيبه يف جهته يليق بمنصبه عىل طريق الذم . ة اجلائزة واملعهودة لديه أو غمصه ببعض العوارض البرشي واملحنة عليه، مما جيري من البالء بيشء أو عريه . » هلم جرا و وهذا كله إمجاع من العلامء وأئمة الفتوى من أصحابه : قال

. ديق أو شتمه أو عابه أو تنقصه قتل؛ كالزن : ومل يستتب، قال ابن القاسم من سبه قتل : وقال مالك . أن من دعا عىل نبي بيشء من املكروه قتل بال استتابة وذكر بعض املالكية

: ياض أجوبة مجاعة من فقهاء املالكية املشاهري بالقتل بدون استتابة يف قضايا وذكر ع تريـدون : قبـيح الوجـه واللحيـة، فقـال رجـل إذ مر هبم صفة النبي؛ رجل سمع قوما يتذاكرون : منها . هي صفة هذا املار صفته؟ تعرفون . كان أسود صىل اهللا عليه وسلم النبي : رجل قال : ومنها

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

. فعل اهللا به كذا : فقال ! » ال وحق رسول اهللا « : له رجل قيل : ومنها . صىل اهللا عليه وسلم أد، وأشك إىل النبي : عشار قال : ومنها ، ويزعم أن زهده مل يكن قصدا، ولو » ختن حيدرة « و » اليتيم « : كان يسميه يف أثناء مناظرته متفقه : ومنها

. قدر عىل الطيبات ألكلها وأشباه هذا . فيه استهانة فهو سب كل تعريض : قال الشافعي

. إنه مرتد : - فيمن تنقصه، أو برئ منه، أو كذبه – وقال أبو حنيفة وأصحابه عـىل مبيح للدم، وهم يف استتابته فقد اتفقت نصوص العلامء من مجيع الطوائف عىل أن التنقص به كفر

يمزح، فهذا كلـه سـواء، يف ذلك بني أن يقصد عيبه أو ال يقصده أو هيزل أو ما تقدم من اخلالف، وال فرق . فإن الرجل يتكلم بالكلمة ما يلقي هلا باال هتوي به يف النار أبعد ما بني املرشقني

الـذي بام يؤذي به الناس من القول ، وهو مأخوذ له فقد آذى اهللا ورسوله ومن قال ما هو سب وتنقصإنام كنا ﴿ : ، أمل تسمع إىل قوله وإن مل يقصد أذاهم هو نفسه أذى نخوض ونلعب . )1 ( اآلية ﴾

حتـى أفحـش يف صـىل اهللا عليـه وسـلم فمن شاجر غريه وبحث معه يف حكم وحرج لذكر رسول اهللا فال وربك ال يؤمنون حتى حيكموك فـيام شـجر بيـنهم ﴿ : ؛ فهو كافر بنص التنزيل؛ لقوله منطقه . )2 ( ﴾ اآليـة

. صوده رد اخلصم وال يعذر هذا بأن مق ، )3 ( » اعدل فإنك مل تعدل « : ، وقول اآلخر » ذه قسمة ما أريد هبا وجه اهللا ه « : قول القائل : ومن هذا الباب

: ، فإن هذا كفر رصيح، وإنام عفى عنه كـام عفـى عمـن قـال )4 ( » أن كان ابن عمتك « : وقول ذلك األنصاري : ، وعن الذي قال » إن هذه لقسمة ما أريد هبا وجه اهللا «

.65: التوبة )1( .65: النساء )2(، وجاء من - ريض اهللا عنه –من حديث ابن مسعود ) 1062(، ومسلم رقم )6150(هو ذو اخلويرصة، وقصته أخرجها البخاري رقم ) 3(

.رواية غريه أيضا ).2362(الزبري بن العوام يف قصة رشاج احلرة، أخرجها البخاري رقم : يعني)4(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

صـىل اهللا عليـه وسـلم أنه قتل رجال مل يرض بحكم النبـي – ريض اهللا عنه – ذكرنا عن عمر ، وقد » اعدل «

؟ ! فكيف بمن طعن يف حكمه ، )1 ( فنزل القرآن بموافقته : من قال أن هذا كان عقوبته التعزير، ثم منهم : - منهم ابن عقيل وأصحاب الشافعي – وقد ذكر طائفة

أمر الـزبري أن عاقبه بأن : ومنهم من قال . ؛ ألن احلق له عفى عنه : نهم من قال ؛ ألنه غري واجب، وم مل يعزره ، وهذه كلها أقـوال رديـة، وال يـسرتيب مـن تأمـل أن هـذا كـان يسقي ثم حيبس املاء حتى يرجع إىل اجلدر

. يستحق القتل . إنه كفر : ففي رواية صحيحة أنه كان من أهل بدر، وال يقال عن بدري : قيل فإن يف حـديث كام وقـع . ذه الزيادة ذكرها أبو اليامن عن شعيب ومل يذكرها أكثر الرواة، فهي وهم ه : فيقال

ولـذلك مل ، من أهل بدر، وال خيتلف أهل املغـازي والـسري أهنـام مل يـشهدا بـدرا كعب وهالل بن أمية أهنام . ؛ لكن الظاهر صحتها عن الزهري ابن إسحاق يف روايته يذكره

فلعلها كانت قبـل بـدر، وسـمي الرجـل حلديث أن هذه القصة كانت بعد بدر؛ ليس يف ا : فنقول حينئذ ولـو كانـت بعـد بـدر فقـد تـاب قائلهـا . بدريا؛ ألن ابن الزبري حدث بالقصة بعد أن صار الرجـل بـدريا

. واستغفر، فإن التوبة جتب ما قبلها

.»تفسريه«، وابن أيب حاتم يف )162/ 4: (وابن جرير» تفسريه«، وابن دحيم يف »تفسري«هذه القصة أخرجها إسحاق بن راهويه يف )1(

.ومال إىل تقويتها ابن تيمية وابن حجر). 2/322: (»ورالدر املنث«، و)46/ 5: (»فتح الباري«، و)85-81/ 2: (»الصارم«وانظر إىل

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصـــل الفـرق بـني الـسب ال : يعتنى به إذا ثبت أن كل سب ترصحيا أو تعريضا موجب للقتل، فالذي جيب أن

: تقبل منه التوبة والكفر الذي تقبل منه التوبة، فنقول بعض األحاديث ذكر الشتم والسب، ويف هذا احلكم قد نيط يف الكتاب والسنة باسم أذى اهللا ورسوله،

غـة، كاسـم ، واالسم إذا مل يكن له حـد يف الل والشتم السب الصحابة والفقهاء من ذكر وكذلك ما يف ألفاظ إىل العرف، كـالقبض والكفر واإليامن، فإنه يرجع يف حده األرض والسامء، وال يف الرشع كالصالة والزكاة

سـبا أو انتقاصـا أو يف حد األذى والسب والشتم إىل العرف، فام عده أهل العرف واحلرز، فيجب أن يرجع واملعترب أن [ كفر وليس بسب، ، فهو ] ر وهو كف [ فهو من السب، وما مل يكن كذلك عيبا أو طعنا ونحو ذلك

فعىل هذا كـل مـا لـو قيـل لغـري ؛ ] وإن مل يكن سبا وأذى لغريه صىل اهللا عليه وسلم وأذى للنبي يكون سبا صـىل اهللا عليـه أوجب تعزيرا أو حدا بوجه من الوجوه؛ فإنه من باب سب النبي صىل اهللا عليه وسلم النبي . كالقذف واللعن وغريمها وسلم ؛ فهو كفر حمض، وإن كـان ؛ فإن مل يتضمن إال جمرد عدم التصديق بنبوته ما خيتص بالقدح يف النبوة ا وأم

. مع عدم التصديق؛ فهو من السب واستهانة فيه استخفاف ، ثم ما ثبت أنه ليس بـسب؛ املحضة هل هي من السب أو من الردة يرتدد الفقهاء وهنا مسائل اجتهادية

والفـرق وإال فهو مرتد حمض، واستقـصاء األنـواع ندقة حكمه حكم الزنديق، ز فهو به صاحبه فإن استرس . بينها له موضع آخر

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصـــل فأما الذمي فيجب التفريق بني جمرد كفره به وبني سبه، فإن كفره به ال ينقض العهد وال يبيح دم املعاهـد

. ويوجب القتل كام تقدم باالتفاق، وأما سبه له فإنه ينقض العهد . » صىل اهللا عليه وسلم يوجب إقرارهم عىل تكذيبه ال عىل سبه عقد الذمة « : لقايض قال ا بني شـتم مل يفصلوا من مسلم ومعاهد اآلثار عن الصحابة وعن السلف كلها مطلقة فيمن شتم : فنقول

يـتكلم ، أن ال » ال يظهره « : ، وأعني بقويل يكرره، أو يظهره أو ال يظهره أو ال ، وال بني أن يكرر الشتم وشتم مسلامن أهنام سمعاه يشتم أو يقر بالـشتم، اللهـم به يف مأل من املسلمني، وإال فاحلد ال يقام عليه حتى يشهد

. إال أن يفرض أنه شتمه يف بيته خاليا؛ فسمعه جريانه املسلمون أو من اسرتق السمع منهم أنـه : أطلقه سائر أصـحابنا وكذلك كل من شتمه أو تنقصه مسلام كان أو كافرا قتل، : وقال مالك وأمحد

. مسلام كان أو كافرا إن تنقصه قتل ، وطرد ابن عقيل هذا القيـاس يف أن ما أبطل اإليامن أبطل األمان إذا أظهروه : وذكر القايض وابن عقيل

أن الـذمي متـى : إن اهللا ثالث ثالثة، ونحو ذلك : ى والتثليث، كقول النصار من التثنية كل ما ينقض اإليامن . نقض العهد من الرشك يعلم من دينه أظهر ما

– كل من ذكر شيئا يعرض به الرب فعليه القتل « : وقد نص عىل ذلك أمحد يف رواية حنبل : قال القايض . » وهذا مذهب أهل املدينة– مسلام كان أو كافرا

. يقتل ألنه شتم : كذبت، فقال : وقال أمحد يف رجل هيودي سمع مؤذنا يؤذن فقال = ليس بنبي، أو مل يرسل، أو مل ينزل عليـه قـرآن وإنـام هـو يشء قالـه : فيمن سبه فقال وقال ابن القاسم

. ال يشء عليهم = ، وإنام نبينا موسى أو عيسى وإنام أرسل إىل املسلمني إنه مل يرسل إلينا ]: قال [ وإن . يقتل ه، وهلـم وهذا قول حممد بن سحنون، وذكره عـن أبيـ أدب وسجن طويال = دينه خري من ديننا : ولو قال

. كفر ال يقتل، وبغريه يقتل إال أن يسلم قول إذا سبه بالوجه الذي به يعاقب ويسجن، قد تقدم نـص اإلمـام : - » كذبت « تشهده حني للمؤذن إذا قال ال– وقال يف اليهودي

. أمحد يف مثل هذه الصورة عىل القتل؛ ألنه شتم

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

عـىل الذمي ويقتل به إذا قلنـا بـذلك وكذلك اختلف أصحاب الشافعي يف السب الذي ينتقض به عهد : وجهني

، وهـذا ، وإن كانوا يعتقدون ذلك دينـا يف ديننا إذا أظهروه ينتقض بمطلق السب لنبينا والقدح : أحدمها . قول أكثرهم فيـه دينـا مـن أنـه لـيس برسـول والقـرآن لـيس بكـالم اهللا؛ فهـو بام يعتقدونـه أهنم إن ذكروه : والثاين

، بل يعـزر عـىل وهذا ال ينتقض العهد به بال تردد : ، قالوا سيح ومعتقدهم يف التثليث كإظهارهم قوهلم يف امل . إظهاره

يـنقض العهـد، وهـذا اختيـار : يف نسبه؛ فهو الذي قيل فيه دينا؛ كالطعن بام ال يعتقدونه وأما إذا ذكروه . الصيدالين وأبو املعايل وغريمها

سـواء، وأن مطلـق الـسب نا ومـا ال يعتقدونـه فيـه دينـا فيه دي واألدلة تدل عىل أن السب بام يعتقدونه وينفرون عنه الناس إنام كـان فإن الذين كانوا هيجونه ويعيبونه . كفاية موجب للقتل، وقد تقدم ذلك بام فيه

. ذلك فيام يعتقدونه، ومع ذلك أمر بقتلهم . وهذا الفرق متهافت جدا

وحينئـذ . أنا اعتقـده دينـا : أن يقول سبه أمكن كل من دينا هلم ال يكون سبا إال ما ليس : لو قلنا : وأيضا : فنقول

أن نفوه بذلك؛ لكـن نتعاظم ثيل سبه وذكر صفة ذلك مما يثقل عىل القلب واللسان، ونحن التكلم يف مت حظه من ذلـك يف أنواع السب مطلقا من غري تعيني، والفقيه يأخذ فنحن نفرض الكالم للحاجة إىل الكالم

: فنقول لعنـه اهللا، قبحـه اهللا، : مـن النـاس فمثل أن يقول القائـل لغـريه : الدعاء دعاء وخرب، أما : ان السب نوع

عـن ، وكذلك لـو قـال ، فهذا سب لألنبياء ولغريهم أخزاه اهللا، ال رمحه اهللا، ال ريض اهللا عنه، قطع اهللا دابره ، ونحو ذلك من الدعاء بام فيه رضر حمى اهللا اسمه : ال رفع اهللا ذكره، أو : ال صىل اهللا عليه وال سلم، أو : نبي

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

املسلم بكـل أو من معاهد فهو سب، فيقتل فهذه كله إذا صدر من مسلم اآلخرة، أو يف يف الدنيا أو يف الدين . حال، والذمي يقتل بذلك إذا أظهره

بعـض النـاس بحيـث يفهمـه القـول، إن أظهر الدعاء له وأبطن الدعاء عليه إبطانا يعرف من حلن فأما : ؛ ففيه قوالن » السالم « : إذا أخرجه خمرج التحية، وأظهر أنه يقول » عليكم السام « : البعض، مثل قوله دون

عن اليهودي حـني حيـاه صىل اهللا عليه وسلم أنه من السب الذي يقتل به، وإنام كان عفو النبي : أحدمها . والشافعية واحلنبلية بذلك حال ضعف اإلسالم، ملا كان مأمورا بالعفو، وهذا قول طائفة من املالكية

وإنـام ألهنـم مل يظهـروا الـسب ومل جيهـروا بـه، أنه ليس من السب الذي ينقض العهـد؛ : والقول الثاين ، وقـد ال يفطـن خفيا يفطن له بعض الـسامعني حذفا » الالم « والسالم لفظا وحاال وحذفوا أظهروا التحية

قول مجاعـة مـن املتقـدمني مـن أصـحابنا ، وهذا نا له، وهلذا أمرنا أن نرد عليهم، وجعل ذلك رشعا باقيا في . وغريهم

مـن املـسلمني بـاملوت وتـرك الـدين عىل فإن الدعاء . باملوت وهو حق ليس بسب هذا دعاء : وال يقال . السب، كام أن الدعاء بالصحة والسالمة كرامة أعظم

فـإن الكفـر ، القتـل كـام تقـدم اخلرب، فكل ما عده الناس شتام وسبا أو تنقصا، فإنه جيب به : النوع الثاين أنـه خيتلـف سـبا ويف حـال ليـست بـسب، فعلـم تكـون يف حـال الواحدة للسب، والكلمة ليس مستلزما

للسب حد لغوي وال رشعي رجـع فيـه إىل العـرف، فـام مل يكن ، وإذا باختالف الناس واألحوال واألقوال ال : نذكر من ذلك أقساما فنقول فال، ونحن عليه كالم الصحابة والعلامء وإال الناس محل كان سبا يف عرف

شك أن إظهار التنقص واالستهزاء به عند املـسلمني سـب؛ كالتـسمية باسـم احلـامر والكلـب، أو وصـفه باملسكنة واخلزي واملهانة، واإلخبار بأنه يف العذاب وأن عليه آثام اخلالئق، وكذلك إظهـار التكـذيب عـىل

ذلك شـعرا فهـو حمتال، وأنه يرض من اتبعه، فإن نظم ه ساحر خادع وجه الطعن يف املكذب؛ مثل وصفه بأن . يف الشتم، فإنه حيفظ أبلغ

ال أرىض : ال أحبـه، أو : ، أو لست مـصدقه لست متبعه، : ه بغري طعن، مثل قوله إن أخرب عن معتقد وأما . ألسالف فقد أخرب بمعتقده، وهو حيصل جلهله أو لعناده وحسده وتقليد ا وال قرينة عىل تنقصه، به

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

؛ فهـو تكـذيب رصيـح، وكـل تكـذيب فقـد تـضمن نـسبته إىل » رسوال وال هو نبي مل يكن « : وإذا قال فرق من حيث أن هذا إنـام تـضمن » كذاب « وقوله » ليس بنبي « : قوله لكن بني . الكذب ووصفه بأنه كذاب

نفيـا جمـردا فاته ، وليس من نفى عن غريه بعض صـ » إين رسول اهللا « : التكذيب بواسطة علمنا أنه كان يقول بعضها يعد سبا وبعضها ال ها، واملعنى الواحد يؤدى بعبارات التكذيب يف دعوا كمن نفاها عنه ناسبا له إىل

. يعد سبا* * *

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصل فيمن سب اهللا تعاىل . ألنه كافر بل أسوأ حاال منه وجب قتله باإلمجاع؛ فإن كان مسلام

ته، بمعنى أنه هل يستتاب كاملرتد ويسقط عنه إذا أظهر التوبـة ثم اختلف أصحابنا وغريهم يف قبول توب : بعد رفعه إىل السلطان؟ عىل قولني

كالروايتني يف ساب الرسول، هذه طريقـة أيب اخلطـاب ، أنه بمنزلة ساب الرسول فيه الروايتان : أحدمها . ومن تبعه من املتأخرين، ويدل عليه كالم أمحد، وهو مذهب أهل املدينة

بعـد القـدرة عليـه كـام ذكرنـا يف سـاب ه الطريقة؛ فظاهر املذهب أنه ال يسقط القتـل بالتوبـة وعىل هذ . الرسول

إنـه يقتـل ومل = فإنه يكون مرتدا، وبالرواية األوىل قال مالك والليث وابن القاسـم : وأما الرواية الثانية . يستتب

مـع الرشيف وابن البنـاء وابـن عقيـل، يستتاب وتقبل توبته بمنزلة املرتد، وهذا قول القايض و : والثاين : قـالوا الـشافعي، أصـحاب إن ساب الرسول ال يستتاب وهو قول طائفة من املدنيني، وكـذا ذكـره : قوهلم

. سب اهللا ردة، وهذا مذهب أيب حنيفة سب اهللا كفر حمض حق هللا، : قال ومن فرق هو ردة، : فقالوا فأما مأخذ من استتاب الساب هللا ورسوله؛

علم منه أنه يسقط حقه عن التائب وال يلحقـه غـضاضة وال معـرة، وحرمتـه يف قلـوب – حانه سب– وهو من أن هتتكها جرأة أحد، وهبذا يظهر الفرق بينه وبني الرسول، وألنـه حـق آدمـي فـال يـسقط العباد أعظم

. بالتوبة . والرسقة والرشب زنا ال ينجرب إال باحلد فأشبه ال من حرمة اهللا وبالنظر إىل أنه حق هللا، فام انتهكه

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصـــل وقد تقدم نص أمحد أنـه يقتـل مـسلام كـان أو ذميـا، وإن كان الساب هللا ذميا؛ فهو كام لو سب الرسول،

: وكذا مذهب مالك وأصحابه، وكذلك أصحاب الشافعي؛ لكن هنا مسألتان وكذلك أصحابنا : أن سب اهللا عىل قسمني : إحدامها بـل هـو اسـتهانة عنـد املـتكلم وغـريه، كـاللعن، فهـذا هـو الـسب بـال سبه بام ال يتدين بـه، : أحدمها

له ولد وصاحبة، فهذا مما اختلـف : أن يكون مما يتدين به، ويعتقده تعظيام، مثل قول النصارى : والثاين . ريب . ينتقض به عهده : فقال القايض وابن عقيل إذا أظهره الذمي؛ فيه

، وهو ظاهر كالم أمحـد، وذلـك أن الكـافر ال يقـول ب ما يتدين به ليس هو بس : وقال مالك والشافعي . ذلك سبا، بل هو عنده تعظيم

: يف استتابة الذمي : املسألة الثانية ال ابن القاسم وغـريه مـن من مذهب الشافعي، وكذا ق فجمهور أصحابنا يقبلون توبته، وهذا املعروف

. وهو ظاهر كالم أمحد ل، أنه ال يستتاب بل يقت : إنه يستتاب، واملنصوص عن مالك : املالكية : فالسب ثالثة مراتب وباجلملة؛

حكمه حكم سائل أنواع الكفر، وقد ذكرنا ما يتدين به، كقول النصارى يف عيسى ونحوه، فهذا : األوىل ، وهـو القتل عنه باإلسالم متوجـه به؛ فسقوط وإذا قيل بانتقاض العهد اخلالف يف انتقاض العهد بإظهاره،

. قول اجلمهور ، وكرد » كذبت « : وهو سب لدين املسلمني، كقول اليهودي للمؤذن أن يذكر ما يتدين به، : بة الثانية املرت

حكم سب الرسـول يف انتقـاض العهـد عاب شيئا من أحكام اهللا؛ فهذا حكمه النرصاين عىل عمر، وكام لو . » ذكر اهللا أو كتابه بسوء « : به، وهو الذي عناه الفقهاء بقوهلم

. اإلسالم؛ فهو كسب الرسول وأما سقوط القتل ب ال يتدين به، بل هو حمرم يف دينه كاللعن، فال يظهر بينه وبني سب املسلم فرق، أن يسبه بام : املرتبة الثالثة

بل ربام كان أشد، فإسالمه ال جيدد له اعتقادا لتحريمه، بل هـو فيـه كالـذمي إذا زنـى أو قتـل أو رسق ثـم

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

، فأن ال تقبل توبة الـذمي أوىل، بخـالف سـب الرسـول، سلم من سب اهللا ال تقبل توبة امل : ، فإذا قلنا أسلم . ويشبه ذلك زناه بمسلمة

: وهذا القسم اختلف الفقهاء فيه عىل ثالثة أقوال . أن الذمي يستتاب منه كاملسلم : أحدها . عن أمحد وقول ابن القاسم وهو قول الشافعي ورواية ال يستتاب، لكن إن أسلم ال يقتل، : والثاين

أنه يقتل بكل حال، وهو ظاهر كـالم مالـك وأمحـد، كـام نقـول يؤخـذ منـه حـد الزنـا : والقول الثالث . ؛ ألنه حمرم عنده وعند املسلمني كذا هذا، ويدل عىل ذلك أكثر األدلة والرسقة

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصـــل ، لكن ظهر أنـه مل يقـصد موصوفا بوصف أو مسمى باسم، وذلك يقع عىل اهللا أو بعض رسله فإن سب

حتريمـه، ويعـزر مـع العلـم يرده، فهذا القول وشبهه حرام يف اجلملة، يستتاب صاحبه منـه إن مل يعلـم ومل . تعزيرا بليغا، لكن ال يكفر وال يقتل

من سب الدهر أو الزمان الذي فرق بينه وبني األحبة، ويعتقد أن فاعل ذلك هو الـدهر، وفاعلـه : مثاله صـىل اهللا عليـه وسـلم عليه من حيث مل يعتمـده، وإىل هـذا أشـار السب فيقع – تعاىل – حقيقة إنام هو اهللا

. » ال تسبوا الدهر فإن اهللا هو الدهر « : بقوله فقـد أتـى عظـيام، مـع أنـه مل يـدخل فيـه نـوح يا ابن كذا وكذا إىل آدم، : من سب رجال وقال : وكذلك

. ه األنبياء وغريهم من النبيني، ومثل هذا العموم يف هذه احلال ال يقصد ب وإدريس وشيث وإنـام أراد مل يـرد األنبيـاء » لعن اهللا العرب وبني إرسائيل وبني آدم « : وكذلك قال ابن أيب زيد فيمن قال

وهو قياس ، وهذه مسألة الكرماين، ، وذهب قوم إىل قتله عليه األدب بقدر اجتهاد السلطان = الظاملني منهم . » أمرين به عصيت اهللا يف كل ما « : ن قال م أحد الوجهني ألصحابنا في

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصـــل ، وال يعلم أن أحدا فـرق بـني نبـي ونبـي، صىل اهللا عليه وسلم واحلكم يف سائر األنبياء كاحلكم يف نبينا . وال ريب أن جرم سابه أعظم من ساب غريه

فصـــل برأها اهللا منـه، فقـد كفـر، حكـى عائشة بام قذف فمن ؛ صىل اهللا عليه وسلم فأما من سب أزواج النبي

. اع عليه غري واحد اإلمج : ؛ ففيه قوالن صىل اهللا عليه وسلم وأما من سب غريها من أزواجه

. أنه كسب واحد من الصحابة عىل ما سيأيت : أحدمها . أن من قذف واحدة من أمهات املؤمنني؛ فهو كقذف عائشة– وهو الصحيح - : والثاين

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصـــل ؛ فقد أطلق أمحـد أنـه ينكـل وتوقـف عـن- اهللا عنهم أمجعني ريض – فأما من سب أحدا من الصحابة

يعاقب وجيلد وحيبس حتى يموت أو يرجع عـن ذلـك، وهـذا املـشهور مـن مـذهب : ، بل قال كفره وقتله . مالك

. أوجب قتله ال أعلم أحدا : قال ابن املنذر يف ديـنهم، من سب الصحابة مستحال كفر، وإال فسق، سواء كفـرهم أو طعـن : أبو يعىل وقال القايض

. ذلك الفقهاء عىل . ورصح بذلك كثري من أصحابنا من الفقهاء بقتل من سب الصحابة، وكفروا الرافضة طائفة وقد قطع

. إن سب فقد كفر فال يزوج : يف الرافيض » املقنع « يف قال أبو بكر عبد العزيز رصه القـايض، وإن كـان سـبا ال ونـ كفـر، = إن سبهم سبا يقدح يف ديـنهم أو عـدالتهم : ولفظ بعضهم

. يسبه سبا يقصد غيظه مل يكفر أو قدح، مثل أن يسب أبا أحدهم، ي رجال مـن أصـحاب النبـي من شتم : هذا زنديق، وقال يف رواية حنبل : قال أمحد يف الرجل يشتم عثامن

. )1 ( ما أراه من اإلسالم ؛ صىل اهللا عليه وسلم ف يف روايـة عبـد اهللا وأيب فقد أطلق أمحد القول أنه يكفر بسبه ألحد من الصحابة، وتوقـ : قال القايض . يقتيض أنه مل حيكم بكفره ، وكامل احلد وإجياب التعزير طالب عن قتله

فإنـه يكفـر عىل من استحل سبهم، » ما أراه عىل اإلسالم « : - قول أمحد يعني – محل قوله فيحتمل : قال نـا يف عـدالتهم وحيتمل أن حيمل عىل أن مـن سـب طع . بال خالف، وحيمل إسقاط القتل عىل غري املستحل

بالـسياسة والـشجاعة، علـم وقلـة معرفـة كان فـيهم قلـة : ، نحو قوله فيقتل، ومن سب ال لطعن فال يقتل . وفيهم شح وحمبة الدنيا ونحوه

: وحيتمل أن حيمل كالمه عىل ظاهره فيكون يف ساهبم روايتان : قال . يفسق : يكفر، والثانية : أحدمها

).781 رقم 493/ 3: (»السنة«أخرجه اخلالل يف ) 1(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

: ل القايض، وغريه حكوا يف تكفريه روايتني وعىل هذا استقر قو : قال شيخ اإلسالم . ومن قذف عائشة بام برأها اهللا منه كفر بال خالف : قال القايض

: ونحن نرتب الكالم يف فصلني : قال شيخ اإلسالم . يف حكم سبهم مطلقا : أحدمها . يف تفصيل أحكام الساب : والثاين

. والسنة حرام بالكتاب صىل اهللا عليه وسلم فسب أصحابه : أما األولوال يغتب بعضكم بعضا ﴿ : ؛ فألنه غيبة وقد قال أما الكتاب والـذين يـؤذون املـؤمنني ﴿ : ، وقولـه )1 ( ﴾

واملؤمنات بغري ما اكتسبوا فقـد احتملـوا هبتانـا وإثـام مبينـا لقـد ريض اهللا عـن ﴿ : ، وقـال )2 ( ﴾ املـؤمنني إذ يبايعونك حتت الشجرة . )4 ( » أنه ال يدخل النار أحد بايع حتت الشجرة « : وقد ثبت يف الصحيح )3 ( ﴾

لقد تاب اهللا عىل النبي واملهـاجرين واألنـصار ﴿ : وقال تعاىل والـذين جـاءوا مـن ﴿ : ، وقـال )5 ( ﴾ اآليـة بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا وإلخواننا الذين سبقونا باإليامن وال جتعل يف قلوبنا غال للذين آمنوا ربنـا إنـك

رءوف رحيم ﴾ ) 6( . اعلـه، وذكـر عـدة فعلم أن االستغفار هلم وطهارة القلب من الغل أمر حيبـه اهللا ويرضـاه ويثنـي عـىل ف

. آيات ال تسبوا أصحايب فوالذي نفيس بيده لو أنفق أحـدكم مثـل أحـد « : قوله )7 ( ؛ ففي الصحيحني وأما السنة

. » ذهبا ما بلغ مد أحدهم وال نصيفه

.12: احلجرات )1( .58: األحزاب )2( .18: الفتح )3( .- ريض اهللا عنها –من حديث أم مبرش ) 2496(أخرجه مسلم رقم ) 4( .117: التوبة )5( .10: احلرش )6( .- ريض اهللا عنه –عن أيب سعيد ) 2540(، ومسلم رقم )3673(ري رقم أخرجه البخا) 7(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

. » ال تسبوا أصحايب، دعوا يل أصحايب « : )1 ( وروى الربقاين وأنصارا وأصهارا، فمـن سـبهم فعليـه إن اهللا اختارين واختار يل أصحابا، جعل يل منهم وزراء « : وقال

. )2 ( » لعنة اهللا واملالئكة والناس أمجعني ال يقبل اهللا منه يوم القيامة رصفا وال عدال اهللا اهللا يف أصحايب، ال تتخذوهم غرضا من بعدي، من أحبهم فقد أحبني، ومـن أبغـضهم فقـد « : وقال

رواه الرتمـذي : » من آذى اهللا فيوشك أن يأخـذه أبغضني، ومن آذاهم فقد آذاين، ومن آذاين فقد آذى اهللا، و . )3 ( وغريه

. )4 ( رواه ابن البناء » من سب أصحايب فقد سبني، ومن سبني فقد سب اهللا « : ويف لفظ . )5 ( رواه الزبريي » لعن اهللا من سب أصحايب « : وقال

. وغري ذلك من السنة

) 60/ ص(» جزء ال تسبوا أصحايب«وانظر . وحسنه هو واحلافظ» » املصافحة«أخرجه الربقاين يف « ): 34/ 7: (»الفتح«قال احلافظ يف ) 1( .البن حجر

، )834 رقم 515/ 3: (»السنة«، واخلالل يف )140/ 17: (»بريالك«، والطرباين يف )469/ 2: (»السنة«أخرجه ابن أيب عاصم يف )2(وغريهم، كلهم من طريق حممد بن طلحة املدين عن عبد الرمحن بن سامل بن عتبة بن عويم بن ساعدة عن أبيه عن ) 632/ 3: (واحلاكم .جده

األلباين يف ختريج السنة بجهالة عبد الرمحن وضعفه . »هذا حمفوظ هبذا اإلسناد«: وصححه احلاكم ووافقه الذهبي، وقال شيخ اإلسالم، ومن حديث جابر أخرجه )99/ 2: (»تارخيه«بن سامل، وسوء حفظ حممد ابن طلحة، وله شاهد من حديث أنس أخرجه اخلطيب يف

.»رجاله ثقات ويف بعضهم خالف«): 16/ 10: (»املجمع«قال اهليثمي يف ) 288/ 3الكشف «البزار ، وابن حبان كام يف )465/ 2: (»السنة«، وابن أيب عاصم يف )49/ 1: (»فضائل الصحابة«، ويف )87/ 4: (»املسند«أخرجه أمحد يف ) 3(

. واحلديث إسناده ضعيف– ريض اهللا عنه –، وغريهم من حديث عبد اهللا بن مغفل )244/ 16: (»اإلحسان«نحوه من حديث معاذ بن جبل؛ لكنه من طريق عبد اهللا بن خراش عن ب» 210/ 4: (»الكامل«كذا قال ابن تيمية، وأخرجه ابن عدي يف ) 4(

.»وأصهاري«: وزاد فيه بعد أصحايب. العوام بن حوشب، وأحاديثه عامتها مناكريوالبزار ) 3958(وأخرجه الرتمذي رقم ). 1248/ 7: (عن حممد بن خالد عن عطاء بن أيب رباح به، مرسال أخرجه الاللكائي) 5(

النهي عن سب «، والضياء يف )1248/ 7: (، والاللكائي)434/ 12: (»الكبري«، والطرباين يف »294 – 293/ 3: الكشف« . مرفوعا عن ابن عمر، وهو من مفاريد سيف ابن عمر) 7(رقم : »األصحاب .وأيب هريرةمن هذه الطريق املرفوعة عن ابن عمر، وللحديث شاهدان من حديث أنس : اهـ أي» هذا حديث منكر«: قال الرتمذي

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

علم فيه خالفا بني أهل الفقه والعلـم مـن وإذا كان شتمهم هبذه املثابة، فأقل ما فيه التعزير، وهذا مما ال ن وسائر أهـل الـسنة واجلامعـة جممعـون عـىل أن . والتابعني هلم بإحسان صىل اهللا عليه وسلم أصحاب النبي

الواجب الثناء عليهم واالستغفار هلـم والـرتحم علـيهم، والـرتيض عـنهم، واعتقـاد حمبـتهم ومـواالهتم، . وعقوبة من أساء فيهم القول

احلديث، وألن بعـضهم )1 ( » ال حيل دم امرئ مسلم إال بإحدى ثالث « : ال يقتل بشتمهم لقوله : فمن قال . ربام سب بعضا ومل يكفر أحد بذلك

: يقتل الساب أو يكفر؛ فاحتجوا بأشياء : ومن قالحممد رسول اهللا والذين معه ﴿ : قوله : منها )2 ( اآلية ﴾

فيام أذهلم اهللا به وأخزاهم وكبتهم، ومن شارك الكفار فيام كبتـوا بـه جـزاء فمن غيظ هبم فقد شارك الكفار يوضـحه أنـه علـق احلكـم بوصـف مـشتق . لكفرهم فهو كافر مثلهم؛ ألن املؤمن ال يكبت جـزاء للكفـر

الكفر مناسب ألن يغاض صاحبه، فإذا كان هو املوجب ألن يغاظ صاحبه بأصـحاب حممـد، مناسب؛ ألن ما أراه عىل « هبم فقد وجد يف حقه موجب ذاك وهو الكفر، وهذا معنى قول اإلمام أمحد فكل من غاضه اهللا

.- يعني الرافيض – » اإلسالم من أبغضهم فقد أبغضني، ومن آذاهـم فقـد آذاين، ومـن سـبهم « : صىل اهللا عليه وسلم قوله ومن ذلك

، وأذى اهللا ورسوله كفر، وهبـذا )3 ( » وال عدال فعليه لعنة اهللا واملالئكة والناس أمجعني، ال يقبل اهللا منه رصفا قبل استقرار الـصحبة وأذى وبني أذاهم سائر املسلمني، يظهر الفرق بني أذاهم قبل استقرار الصحبة وأذى

سائر املسلمني، وبني أذاهم بعد ثبوت الصحبة، فـإن مـن كـان عـىل صـحبته ومـات عليهـا فـإن أذاه أذى : ، كام قيل » اعتربوا الناس بأخداهنم « : - عنه ريض اهللا– مصحوبه، قال ابن مسعود

عن املرء ال تسأل وسل عن قرينه

ـــدي ـــارن يقت ـــرين باملق فكـــل ق

.وجاء من حديث مجاعة من الصحابة. - ريض اهللا عنه –من حديث ابن مسعود ) 1676(، ومسلم رقم )6878(أخرجه البخاري رقم ) 1( .29: الفتح )2( .مىض خترجيه )3(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

رجـل سـوء : يف أصحابه، حتـى يقـال هؤالء قوم أرادوا قدح الرسول فام أمكنهم فقدحوا : وقال مالك . كان له أصحاب سوء

. » من عملكم كله خري ال تسبوا أصحاب حممد، فإن مقام أحدهم « : قال ابن عمر . رواه مسلم » إال منافق أنه ال حيبك إال مؤمن وال يبغضك : إنه لعهد عهده إيل رسول اهللا « : وقال عيل

. » آية اإليامن حب األنصار، وآية النفاق بغض األنصار « : » الصحيحني « ويف ومـن أبغـضهم ، مـن أحـبهم أحبـه اهللا ] األنصار ال حيبهم إال مؤمن وال يبغـضهم إال منـافق [ « : وفيهام . » أبغضه اهللا

فمن سبه فقد زاد عىل بغضهم، فيجب أن يكون منافقا، وإنام خص األنصار؛ ألهنـم هـم الـذين تبـوءوا الدار واإليامن من قبل املهاجرين، وآووا رسول اهللا ونرصوه ومنعوه، وبـذلوا نفوسـهم وأمـواهلم يف إقامـة

يف األمـوال، وكـان املهـاجرين قلـيال غربـاء واسوهم ن دينه، وعادوا األمحر واألسود من أجله، واملهاجري وأراد أن يعرف الناس قدر األنصار، لعلمه أن النـاس يكثـرون واألنـصار يقلـون، وأن . فقراء مستضعفني

يف بـام أمكنـه؛ فهـو رشيكهـم ورسـوله األمر سيكون يف املهاجرين، فكل من شارك األنـصار يف نـرص اهللا منـافق الذين نـرصوه، ومبغـضهم رسوله نفاق، يدخل يف ذلك كل الصحابة احلقيقة، فبغض من نرص اهللا و

. كافر ملا ذكرناه بغض بني هاشم نفاق، وبغض أيب بكر وعمر نفاق، والـشاك يف أيب : كان يقال « : قال طلحة بن مرصف

. )1 ( » بكر كالشاك يف السنة متي يف آخر الزمان قوم يـسمون يظهر يف أ « : صىل اهللا عليه وسلم قال رسول اهللا : قال عيل بن أيب طالب عن كثري النواء، عن إبراهيم بـن احلـسن عـن » املسند « رواه عبد اهللا بن أمحد يف » الرافضة يرفضون اإلسالم . )2 ( أبيه عن جده عن عيل فذكره

بنحوه عن ) 353م رق290/ 1: (»السنة«، وأخرجه اخلالل يف )1266/ 7: (»الاللكائي«، و)968/ 2: (»الفضائل«رواه أمحد يف ) 1(

.حمارب بن دثار ).460/ 2: (، وابن أيب عاصم)546/ 2: (»السنة«وأخرجه عبد اهللا بن أمحد يف ) 2(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

. وهو يف السنن من وجوه صحيحة، وكثري يضعف أنت وشيعتك يف اجلنـة، ! يا عيل « : سلم صىل اهللا عليه و قال يل النبي : و حييا احلامين عن عيل قال وروى أب

ينتحلـون حـب أهـل : قال عيل . » الرافضة، إن أدركتهم فاقتلهم فإهنم مرشكون : وإن قوما هلم نبز يقال هلم . رواه عبد اهللا بن أمحد . - ريض اهللا عنهام – البيت وليسوا كذلك، وآية ذلك أهنم يشتمون أبا بكر وعمر

ون مودتنا يكذبون علينـا، مارقـة، آيـة ذلـك أهنـم يـسبون أبـا بكـر يكون بعدنا قوم ينتحل « : ويف لفظ . » وعمر

. » أينام أدركتموهم فاقتلوهم فإهنم مرشكون « : ، وفيه )1 ( ورواه البغوي . ومرفوعا )2 ( وروي موقوفا عىل عيل

إن اهللا اختارين واختـار يل أصـحايب، فجعلهـم أنـصاري « : قال رسول اهللا : ورواه ابن بطة عن أنس قال ، أال فـال وال تـشاربوهم أصهاري، وإنه سيجيء آخر الزمان قوم ينتقصوهنم، أال فـال تواكلـوهم وجعلهم . وفيه نظر )3 ( » ، أال فال تصلوا معهم وال تصلوا عليهم، عليهم حلت اللعنة تناكحوهم

عن عيل أنه بلغـه أن عبـد وروي أضعف من ذلك عن أيب هريرة، لكن هذا مأثور عن الصحابة، فروي وهذا حمفوظ عن أيب األحوص، ورواه النجاد وابن بطـة . )4 ( وعمر فهم بقتله السوداء ينتقص أبا بكر اهللا بن

. والاللكائي وغريهم ومراسيل إبراهيم جياد، وال يظهر عيل أنه هم بقتل رجل إال وهو حالل قتله عنده، وإنـام تركـه خـوف

. الفتنة، كام أمسك رسول اهللا عن قتل بعض املنافقني

.، وفيه ما تقدم من الضعف)1456/ 8: (- أيضا –كام ذكر شيخ اإلسالم، وأخرجه الاللكائي ) 1( ).1456/ 8: (أخرجه الاللكائي) 2(وهو ). 187/ 1: (»املجروحني«، وابن حبان يف )126/ 1: (»الضعفاء«، والعقييل يف )769 رقم 483 /2: (»السنة«أخرجه اخلالل يف ) 3(

.خرب باطل كام قال ابن حبان ).1264/ 7: (أخرجه الاللكائي) 4(

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

، وعبـد الـرمحن صـحايب )1 ( » لو سمعت رجال يسب عمـر لـرضبت عنقـه « : الرمحن بن أبزى وقال عبد . مشهور، كان عامال يف مكة، واستعمله عيل عىل خراسان

ال يفضلني أحد عىل أيب بكر وعمر إال جلدته جلد املفرتي، خري الناس بعد رسول اهللا أبـو « : وقال عيل . وابن بطة وغريمها، واآلثار يف ذلك كثرية جدا رواه عبد اهللا ابن أمحد . )2 ( » بكر ثم عمر

عمـر : يف أيب بكـر وعمـر، فقـال رجـل تداروا : عن ابن أيب ليىل قال وروى اإلمام أمحد بإسناد صحيح رضبـا بالـدرة ] يـرضبه [ فجعـل : عمر، قال فبلغ . بل أبو بكر أفضل منه : أفضل من أيب بكر، وقال اجلارود أبا بكر كان خري الناس بعـد رسـول : إليك عني، ثم قال عمر : ارود فقال حتى شغر برجليه، ثم أقبل إىل اجل

. من قل غري هذا أقمنا عليه حد املفرتي : اهللا يف كذا وكذا، ثم قال جيلدان ملن يفـضل عليـا عـىل أيب بكـر – ريض اهللا عنهام – فإذا كان حد اخلليفتان الراشدان عمر وعيل . علم أن عقوبة السب عندمها فوق ذلك بكثري = ذلك سب وعمر، أو يفضل عمر عىل أيب بكر، وليس يف

.بنحوه) 255/ 1: (»السنة«أخرجه اخلالل يف ) 1( : » الفـضائل « أخرجه أمحـد يف » املفرتي « األثر األول ينتهي عند قوله . مجعها املؤلف يف سياق واحد– ريض اهللا عنه – هذان أثران عن عيل ) 2 (

). 562 / 2 : ( » السنة « ، وعبد اهللا بن أمحد يف ) 83 / 1 ( ولو كنت تقدمت يف هذا لعاقبت فيه، ولكني أكره العقوبة – ريض اهللا عنهام –بلغني أن قوما يفضلوين عىل أيب بكر وعمر «: واألثر الثاين قوله، )336/ 1: (»الفضائل«أخرجه أمحد يف . إىل آخره» ...ومن قال شيئا من ذلك فهو مفرت، عليه ما عىل املفرتي، خري الناسقبل التقدم،

.وغريمها) 588/ 2: (»السنة«وابنه يف

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فصـــل : وتفصيل القول يف ذلك

أن من اقرتن بسبه دعوى أن عليا إله، أو أنه نبي وأن جربيل غلط؛ فال شك يف كفر هذا، بال ال شـك يف . كفر من توقف يف تكفريه

طنـة تـسقط األعـامل املـرشوعة، با وكذلك من زعم أن القرآن نقص منه يشء وكتم، أو أن له تأويالت . ذلك، وهذا قول القرامطة والباطنية، ومنهم التناسخية، وال خالف يف كفر هؤالء كلهم ونحو

بعـضهم ببخـل، أو جـبن، أو قلـة ، مثـل وصـف وأما من سبهم سبا ال يقدح يف عدالتهم وال يف دينهم ر، وعـىل ذلـك حيمـل كـالم مـن مل ونحوه، فهذا يستحق التأديـب والتعزيـر، وال يكفـ علم، أو عدم زهد، . يكفرهم من العلامء

. وأما من لعن وقبح مطلقا؛ فهذا حمل اخلالف، لرتدد األمر بني لعن الغيظ، ولعن االعتقاد أو أهنم ارتدوا بعد رسول اهللا إال ملا نفرا قليال ال يبلغون بـضعة عـرش، : وأما من جاوز ذلك إىل أن زعم

. يف كفر قائل ذلك، بل من شك يف كفره فهو كافر – أيضا – أهنم فسقوا؛ فال ريب . يف املحيا واملامت متسخ خنازير أن وجوههم وهؤالء قد ظهر هللا فيهم مثالت، وتواتر

وباجلملة؛ فمن أصناف السابة من ال ريب يف كفره، ومنهم من ال حيكم بكفره، ومنهم مـن يـرتدد فيـه، احلـال، واهللا بحسب ما اقتـضاه لكن هذا لطال جدا؛ وليس هذا موضع االستقصاء يف ذلك، ولو تقصيناه،

. أعلم* * *

] يف شهر احلجة سنة ثالثني وسبع مئـة، وحـسبنا اهللا ونعـم الوكيـل، [ اخترصه كاتبه حممد بن عيل بن حممد . يف شهر القعدة سنة ثالثني وسبع مئة » خمترص الصارم املسلول « انتهى

* * *

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

فهرس املوضوعات املقدمة

من مسلم وكافر فإنه جيب قتله صىل اهللا عليه وسلم أن من سبه : املسألة األوىل األدلة عىل وجوب قتل الساب

يف اآليات الدالة عىل قتل الساب وكفره إذا مل يكن معاهدا : فصل وأما السنة فأحاديث : فصل . يف إمجاع الصحابة : فصل

وز اسرتقاقه وال املن عليه وال فداؤه أنه يتعني قتله، وال جي : املسألة الثانية أنه يقتل وال يستتاب سواء كان مسلام أو كافرا : املسألة الثالثة يف بيان السب املذكور والفرق بينه وبني جمرد الكفر : املسألة الرابعة

عود إىل املسألة : فصل ه التوبة ، والكفر الذي تقبل من الفرق بني السب الذي ال تقبل منه التوبة : فصل صىل اهللا عليه وسلم جيب التفريق بني جمرد كفر الذمي وبني سبه للنبي : فصل

فصل فيمن سب اهللا تعاىل إن كان الساب ذميا : فصل إذا سب موصوفا أو مسمى وذلك يقع عىل اهللا أو بعض رسـله، مثـل سـب : فصل

... الدهر، أو سب آباء رجل إىل آدم

صىل اهللا عليه وسلم بياء كاحلكم يف نبينا احلكم يف سائر األن : فصل صىل اهللا عليه وسلم فيمن سب أزواج النبي : فصل

فصل فيمن سب أحدا من الصحابة يف تفصيل القول يف الرافضة وحكم مقاالهتم فصل

ملسو هيلع هللا ىلصخمترص الصارم املسلول عىل شاتم الرسول

* * *