5 · 2017. 7. 9. · لا ذئنيحف ،ةوهق هذهو ،قرم اذه :لثم لاقيف ،ً...

728
- 5 - ا، وصلظا ا ع عدوان إ، ولمتقلعاقبة ل، والعا رب ا مد ا.ع آله وصحبه أ وعٍ مد رسوله عبده و وسلم ع أما بعد:ِ يح وصحِ العزيزب اعية من كتادلة اللفقه، مقرون با ا ٌ ت كتاب فهذاة ابن عثيم م علل ع؛ لِ ستقن زاد ا عمتعح اب اله من كتا ت مادُ تْ ع ، ة ة النبوي السن عليه ما تدعولفقهاء، وزدته من ايه أقوال غ وأضفت إل- يع ترجيحاته دون التزام- ي منسب التأليف الع تناٍ ه بطريقةُ كتبت ، ثم ان خفيضاح معنى أو بيه من إياجة إلي ابداية« قارئه، وقد أسميته: يَ يد ة التي ب لذه ا ع والتقسيم، حتى خرجة التفري ناحي إعطاء اً ياته، ومسا بدا علملب ال لطاٍ عُ م أن يكون خ بفضل ا اً ، طمع» الفقيه.بتدئ تدريس ا أوً خطوة الفقه، وِ وابب زةَ فية موج تعريٍ بذةُ نسألهلكتاب، وأ بإخراج هذا ا م ع الذي أنعD د ا قام هذا ا ني وإن بولَ ص، وأن يكتب له القخل فيه ارزقنيا، وأن يً حسنً بله مني قبو أن يتق تعا لقائه، وما ذلكانه ح سبحدي ا ي ب اً خر دُ أن يكون ما به، وينتفعو خلقه ف ب بعزيز. ا عفريعاتفة بعض الت ع، مع إضاِ ستقن اِ ب زادويب كتا نحو تب ا عً ب قد جعلته مبو وراد.ح اد وإيضاقصون ا بيا عى تكون أسائل، حتب ا مع الذهن، وترت التي نسبته إ ما صحتحاديث إب من الكتا هذا ا أذكر ْ وقد حرصت أنحالته إفيت بإ اكتا أو أحد الصحيح ديثن ا، فإن كاH رسول ا

Transcript of 5 · 2017. 7. 9. · لا ذئنيحف ،ةوهق هذهو ،قرم اذه :لثم لاقيف ،ً...

  • - 5 -

    احلمد هلل رب العاملني، والعاقبة للمتقني، وال عدوان إال عىل الظاملني، وصىل اهلل وسلم عىل عبده ورسوله حممٍد وعىل آله وصحبه أمجعني.

    أما بعد:فهذا كتاب خمترٌص يف الفقه، مقرون باألدلة الرشعية من كتاب اهلل العزيِز وصحيِح مة ابن عثيمني ته من كتاب الرشح املمتع عىل زاد املستقنِع؛ للعلاّ ة، مجْعُت مادَّ السنَّة النبويَّ- دون التزام مجيع ترجيحاته - وأضفت إليه أقوال غريه من الفقهاء، وزدت عليه ما تدعو ، ثمَّ كتبُته بطريقٍة تناسب التأليف العرصي من احلاجة إليه من إيضاح معنى أو بيان خفيٍّناحية التفريع والتقسيم، حتى خرج هبذه احللَّة التي بني يَدي قارئه، وقد أسميته: »بداية الفقيه«، طمًعا بفضل اهلل أن يكون خري ُمعنٍي لطالب العلم يف بداياته، ومسامًها يف إعطاء

    ُنبذٍة تعريفية موَجزة ألبواِب الفقه، وخطوًة أوىل يف تدريس املبتدئني.

    وإنني يف هذا املقام ألمحد اهلل D الذي أنعم عيلَّ بإخراج هذا الكتاب، وأسأله الَقبول له يكتب وأن اإلخلص، فيه يرزقني وأن حسنًا، قبواًل مني يتقبله أن تعاىل خًرا يل بني يدي اهلل سبحانه حني لقائه، وما ذلك بني خلقه فينتفعوا به، وأن يكون ُمدَّ

    عىل اهلل بعزيز.

    ًبا عىل نحو تبويب كتاب زاِد املستقنِع، مع إضافة بعض التفريعات وقد جعلته مبوَّالتي جتمع الذهن، وترتِّب املسائل، حتى تكون أرسع يف بيان املقصود وإيضاح املراد.

    وقد حرصت أْن ال أذكر يف هذا الكتاب من األحاديث إال ما صحت نسبته إىل رسول اهلل H، فإن كان احلديث يف الصحيحني أو أحدمها اكتفيت بإحالته إىل

  • - 6 -

    َموضِعه فيهام، وإن كان يف غري الصحيحني رددته إىل مصدره األصيل ثمَّ أحلقته بحكم العلامء املحققني.

    وال يفوتني أن أنبه إىل أنني أثناء ختريج احلديث أقترص عىل إحالته إىل مصدر واحٍد وقد احلاشية، إطالة بعدم رغبتي الفعل هذا إىل دعاين وقد أوردته، التي املصادر من نبَّهت إىل ذلك حتى ال ُيفهم أنَّ ختريج احلديث هبذه الصورة يرجع إىل قصوٍر بالبحث،

    وإنام كان السبب الذي دعاين إىل ذلك هو ما ذكرُته من الرغبة يف االختصار.

    وصىل اهلل وسلَّم عىل عبده ورسوله حممد؛ وعىل آله وصحبه أمجعني

    كتبـــه

    عضو هيئة التدريس بكلية الرشيعةجامعة الكويت

  • - 7 -

    كتاب الطهــارة

    يف وما احلدث، ارتفاع هي: الرشعي االصطلح ويف النظافة، بمعنى الطهارة: معناه، وزوال اخلََبث.

    الطهارة، له ُتشرتط مما ونحوها الصلة من يمنع بالبدن قائم وصف فاحلدث ذلك َفُيسمى آخر، بُمزيٍل زال أو بنفِسه زال النجاسة، سواء زوال أي اخلََبث وزواُل

    طهارة.

    وزواُل اخلََبث أعم من التعبري بإزالة اخلََبث، ألنَّ اخلبث قد يزول بنفسه، مثاله: لو رها، فإهنا تطُهر بدون إزالٍة ِمناّا، ولو ُوِجد ماٌء أنَّ أرًضا تنجست بالبول ثم جاء املطر وطهَّ

    ِ رائحته فزالت عنه الرائحة بنفِسه طُهر. س بتغريرُّ متنجِّ

    ر به، فُيزال به الناَّجس؛ وُيرَفع به احلدث، وهو وألنَّ الطهارة حتتاج إىل يشء ُيتطهَّاملاء، كان ذلك أول ما ُيبَدُأ بمعرفِة أحكامه.

    »اإلسالم :H النبيِّ قول حسب عىل العبادات باَب العلامُء رتَّب وقد أن تشهد أن ال إله إال اهلل وأن حممًدا رسول اهلل، وتقيم الصالة، وتؤيت الزكاة، وتصوم ألنَّ الصلة؛ عىل الطهارة موا وقدَّ سبيال«)1(، إليه استطعت إن البيت وحتج رمضان،

    الطهارة مفتاُح الصلة ورشٌط فيها.

    )1( رواه مسلم )8(.

  • - 8 -

    بـاب امليـاه

    املاء قسامن: َطُهور ونجس، فام تغريَّ بنجاسة فهو نجس، وما مل يتغريَّ بنجاسة فهو طهور.

    القسم األول: الطَّهور، وهو املاء الباقي عىل خلقته حقيقًة بحيث مل يتغريَّ يشٌء من أوصافه، كاملاء النازل من السامء، قال تعاىل: ]ک ک ک گ گ[ ]الفرقان:48[، أو املاء الباقي عىل خلقته حكاًم بحيث يتغريَّ بام ال يسلبه الطهورية، كاملاء الذي ينبت فيه عشٌب، أو ُطحُلب، أو تساقط فيه ورق شجر فتغريَّ به، فإنه طهور ولو تغريَّ لونه وطعمه ورحيه؛ ألنَّ مثل ذلك يشق التحرز منه، فيشق -مثًل- صيانة املاء من أوراق الشجر لئل

    تسقط فيه، وأيًضا يشق أن يمنع أحٌد هذا املاء أن يتغريَّ بسبب طول مكثه.

    وإذا خالط املاَء يشٌء من الطاهرات، مما يشق صون املاء عنه، فإنه ال ُيسَلب عنه اسم الطَّهورية، إال إذا انتقل انتقااًل كامًل، فيقال مثًل: هذا مرق، وهذه قهوة، فحينئذ ال

    ى رشاًبا ُيضاف إىل ما يتغريَّ به. ى ماًء، وإنام يسماّ ُيسمَّ

    املاء، فالبنزين واملرق وما أشبه ذلك مما سوى وال يرفع احلدَث من السوائل إال ]النساء:43[، ەئ[ ائ ائ ى ى ]ې تعاىل: قال احلدث، يرفع ال املاء

    فأمر بالعدول إىل التيمم إذا مل نجد املاء، ولو وجدنا غريه من املائعات والسوائل.

    القسم الثاين: النَِّجس، وهو الذي تغريَّ طعمه أو لونه أو رحيه بالنَّجاسة.

    فإذا تغريَّ أحد أوصاف املاء الثلثة - الريح أو اللون أو الطعم- بالنجاسة، فهو نجس، وهذا احلكم ُمَمٌع عليه.

    يبقى فإنه الثلثة، أوصافه أحَد تغيِّـر فلم نجاسٌة الطهور املاء خالطت وإذا النبي لقول بالتغيرُّـر، إال ينجس فاملاء ال كثرًيا، أو قليًل املاء عىل طهوريته، سواء كان

  • - 9 -

    ت إحدى ما تغريَّ ُسه يشء«)1(، وُيستثنى من ذلك ينجِّ َطهوٌر ال املاء H: »إنَّ أوصافه الثلثة بالنَّجاسة، فإنه نجس باإلمجاع.

    واملاء هو أوىل ما ُتزال به النجاسة لقول النبي H -يف دم احليض يصيب يف H وقوله فيه«)2(، تصيل ثم تنضحه ثم باملاء تقرصه ثم »حتتُّه الثوب-: األعرايب الذي بال يف املسجد: »أهريقوا عىل بوله َسْجاًل من ماء«)3(، وملاّا بال الصبيرُّ عىل

    اه)4(. ِحجر النبي H دعا بامٍء فأْتَبَعُه إِيَّ

    وِذْكُر املاء يف التطهري يف األدلة السابقة ال يدل عىل تعيينه إلزالة النجاسة، وإنام ذكر ألنه أرسع يف اإلزالة، وأيرس عىل املكلَّف، فالنجاسة إذا زالت بأيِّ ُمزيٍل كان َطُهَر حملرُّها؛ ألنَّ النجاسة عنٌي خبيثة فإذا زالت زال حكمها، وليست وصًفا كاحلدث ال ُيزال إال بام

    جاء يف الرشع.

    فإنه رماًدا فصار بالروث أوقد لو كام العينيَّة، النجاسة به تطهر مما واالستحالة

    ل إىل يكون طاهًرا، وكام لو سقط كلٌب يف مملحة فصار ملًحا فإنه يكون طاهًرا، ألنه حتوَّ

    يشٍء آخر، والعني األوىل ذهبت، فهذا الكلب الذي كان حلاًم وعظاًما صار ملًحا، فامللح

    قىض عىل العني األوىل.

    وإذا تغريَّ املاء بالنجاسة ثم زالت عنه بأيِّ وسيلة، فقد َطُهر، سواء كان بإضافة املاء

    إليه حتى زالت النجاسة، أو تغريَّ بنفسه حتى طهر، أو ُنِزحت منه النجاسة حتى بقي املاء

    ، وباجلملة: فمتى زال تغريرُّ املاء النجس بأيِّ وسيلة طهر. بعد النزح غري متغريِّ

    )1( رواه أمحد )2100(، وهو صحيح، انظر: إرواء الغليل لأللباين )14(.)2( رواه البخاري )307(، ومسلم )291(.

    )3( رواه البخاري )6128(، ومسلم )284(.)4( رواه البخاري )222(، ومسلم )286(.

  • - 10 -

    وإذا شك املرء يف نجاسِة ماٍء كان أصله طاهًرا بنى عىل اليقني، كام لو كان عنده س، ثم وجد فيه روثة ال يدري أهي روثة بعري أم روثة محار، واملاء ماء ال يعلم أنه تنجَّمتغري من الروثة، فحصل شكٌّ هل هو نجس أم طاهر، فإنَّه ُيبنى عىل اليقني، واليقنُي أنه

    طهور، فيتطهر به وال حرج.

    ولو أنَّ رجًل عنده ثوب فشكَّ يف نجاسته، فاألصل الطهارة حتى يعلم النجاسة، ولو كان عنده جلد شاٍة، وشكَّ هل هو جلد مذكاٍة أم جلد ميتة، فالغالب أنه جلد مذكاة فيكون طاهًرا، ولو شكَّ يف األرض عند إرادة الصلة هل هي نجسة أم طاهرة فاألصل H ُشكي إليه الرجل جيد اليشء يف بطنه الطهارة، وقد دلَّ عىل ذلك أن النبي يسمع حتى ينرصف »ال :H فقال ال؟ أم يشٌء منه خرج هل عليه، فيشكل صوًتا أو جيد رحًيا«)1(، وأْمُر النبيِّ H بناء عىل األصل وهو بقاء الطهارة، كام أنَّ ، وبناًء عليه: لو مرَّ شخص حتت ميزاب األصل بقاء اليشء عىل ما كان حتى يتبنيَّ التغريرُّوأصابه منه ماء، وال يدري هل هذا من املراحيض أم من غسيل الثياب، وهل هو من غسيل ثياب نجسة، أم من غسيل ثياب طاهرة، فاألصل الطهارة حتى لو كان لون املاء

    ده. ه أو يتفقَّ ا، وال جيب عليه أن يشمَّ ً متغريِّه وإذا شك املرء يف طهارة ماٍء كان يعلم قبل ذلك أنه نجس، فشك هل زال تغريرُّ

    بالنجاسة أم ال، فاألصل بقاء النجاسة فل يستعمله.ى لقوله H -يف مسألة الشك وإن اشتبه ماء طهور بامء نجس، فإنه يتحرَّواَب ثم لَيْبِن عليه«)2(، كام أنَّ من يف الصلة-: »إذا َشكَّ أحُدُكم يف صالته فليتحرَّ الصَّر اليقني ر اليقني ُرِجع إىل غلبة الظن، وهنا تعذاّ القواعد املقررة عند أهل العلم، أنه إذا تعذاّ

    ي. فرُيجع إىل غلبة الظن وهو التحرِّ

    )1( رواه البخاري )177(، ومسلم )361(.

    )2( رواه البخاري )401(، ومسلم )572(.

  • - 11 -

    النجس، ألنَّ الطهور وهذا هو أنَّ هذا هو قرائن تدل عىل وهذا يف حال وجوِد املحل حينئٍذ قابل للتحري بسبب القرائن.

    وإذا اشتبه الطهور بالنجس ومل يكن هناك قرائن، مثل أن يكون اإلناءان سواء يف النوع واللون، فإنه حيرم استعامل املاء، ألنَّ اجتناب النَّجس واجب، وال يتم إال باجتناهبام، وما ال يتم الواجب إال به فهو واجب، ويف السنة النبوية املباركة ما يشري إىل ذلك، فقد جاء عن النبي H أنه قال يف الرجل يرمي صيًدا فيقع يف املاء: »إْن وجدَته غريًقا يف املاء فال تأكل، فإنك ال تدري املاُء قتله أم سهُمك«)1(، فأمر باجتنابه؛ ألنه ال ُيدرى

    هل هو من احللل أم من احلرام.

    إذا ما عىل وقاسوه به، أخذ أحدمها إىل نفُسه اطمأنت إذا العلامء: بعض وقال اشتبهت الِقبلة عىل اإلنسان، ونظر إىل األدلة فلم جيد شيًئا، فقالوا: يصيل إىل اجلهة التي تطمئن إليها نفسه، فهنا أيًضا يستعمل ما اطمأنت إليه نفسه، وال شكَّ أنَّ استعامل أحد

    املاءين يف هذه احلال فيه يشٌء من الضعف، لكنه خري من العدول إىل التيمم.

    أحد طهارة ظنِّه عىل غلب فإذا ى، يتحرَّ فإنه بنجسة طاهرة ثياب اشتبهت وإن الثياب صىلاّ فيه، وال يكلِّف اهلل نفًسا إال وسعها.

    )1( رواه البخاري )5484(، ومسلم )1929(.

  • - 12 -

    باب اآلنية

    بإناء، إال املاء جوهر سيال ال يمكن حفظه الوعاء، وألن إناء، وهو اآلنية: مجع ناسب أن يذكر باب اآلنية بعد باب املياه.

    ، ألهنا داخلة يف عموم قوله تعاىل: ]ەئ ەئ وئ وئ واألصل يف اآلنية احللاّۇئ ۇئ ۆئ ۆئ[ ]البقرة:29[، لكن إذا كان فيها يشٌء يوجب حتريمها، فهنا حترم.

    وال فرق يف إباحة اآلنية بني أن تكون األواين صغرية أو كبرية، فالصغري والكبري ]ۉ ۉ ې ې ې ې ى :H سليامن نبيِّه عن تعاىل قال مباح، ْحفة، والقدور الراسيات: ى ائ ائ ەئ[ ]سبأ:13[، فاجلفنة: تشبه الصَّ

    التي ال حتمُل ألهنا كبرية راسية لكثرة ما ُيطبخ فيها، فتبقى عىل مكاهنا.

    واستعامله، اختاذه َفيباح واملاس، كاجلواهر ثمينًا، كان ولو طاهر إناء كلرُّ ويباح جائز فاختاذه ذلك، أشبه وما والرشاء للبيع أو للزينة إما فقط يقتنيه أن هو واالختاذ وإن زاد عىل قدر احلاجة، واالستعامل هو التلبس باالنتفاع به، بمعنى أن يستعمله فيام

    يستعمل فيه.

    وقال بعض العلامء: إنَّ الثمني ال يباح اختاذه واستعامله ملا فيه من اخليلء واإلرساف، فُمنع من اختاذه واستعامله لكونه إرساًفا وداعًيا إىل اخليلء والفخر، ال ألنه ثمني.

    * حكم آنية الذهب والفضة:والكبري، الصغري يشمل والفضة، وهذا الذهب آنية والرشب يف األكل ال جيوز حتى امللعقة والسكني، لقوله H: »ال ترشبوا يف آنية الذهب والفضة، وال تأكلوا يف صحافهام، فإهنا هلم يف الدنيا ولكم يف اآلخرة«)1(، وقوله H: »الذي يرشب يف

    )1( رواه البخاري )5426(، ومسلم )2067( .

  • - 13 -

    آنية الذهب والفضة إنام جيرجر يف بطنه نار جهنَّم«)1(، فدلَّت النصوص عىل حتريم األكل والرشب يف آنية الذهب والفضة، وحكى بعضهم اإلمجاع عليه.

    النبي ألن والرشب، األكل غري يف واستعامهلام والفضة الذهب اختاذ حيرم وال H هنى عن يشٍء خمصوص وهو األكل والرشب، وختصيصه األكَل والرشَب دليل عىل أنَّ ما عدامها جائز، ألن الناس ينتفعون هبام يف غري ذلك، ويدل لذلك أنَّ أمَّ سلمة - وهي راوية احلديث- كان عندها ُجلُجل من فضة، جعلت فيه شعراٍت من شعر النبي H فكان الناس يستشفون هبا فُيشَفون بإذن اهلل)2(، وهذا استعامل يف غري

    األكل والرشب.

    بالرتف يعلِّق احلكم باألكل والرشب، ألنَّ مظهر األمة H النبي وكون

    يف األكل والرشب أبلغ منه يف مظهرها يف غري ذلك، وهذه علة تقتيض ختصيص احلكم

    ليس وفضة ذهب والرشب األكل يف أوانيه الذي أنَّ شك ال ألنه والرشب، باألكل

    كمثل من يستعملها يف حاجاٍت ختفى عىل كثري من الناس.

    وُيستثنى من حتريم األكل والرشب يف آنية الذهب والفضة اإلناء املضبَّب بضبٍَّة من

    ة، والتضبيب: رشيط جيمع بني طريف املنكرس، ودليل ذلك ما جاء يف حديث أنس الفضَّ

    ْعب َسْلَسلة من فضة«)3(، I قال: »إنَّ قدح النبي H انكرس فاختذ مكان الشَّ

    م عىل الرجل خاتم وال يقاس الذهب عىل الفضة، ألن النص مل يرد إال يف الفضة، وقد ُحرِّ

    ة، فدلَّ ذلك عىل أنَّ الفضة أهون، ولو كان الذهُب جائًزا الذهب، وأبيح له خاتم الِفضَّ

    جلََبـر النبي H به الكرس، فالذهب أبعد من الصدأ بخلف الفضة.

    )1( رواه البخاري )5634(، ومسلم )2065(.)2( رواه البخاري )5896(.)3( رواه البخاري )3109(.

  • - 14 -

    عب، ألنه مل وال كراهة يف مبارشة الشارب هذه السلسلة التي أصلح بواسطتها الشَّى هذه اجلهة من َقَدحه، وألهنا مباحة، ومبارشة يرد عن النبي H أنه كان يتوخَّ

    املباِح مباحة.

    * حكم آنية الكفار:تباح آنية الكفار وثياهبم، ألنَّ اهلل D قد أباح لنا ذبائح أهل الكتاب، ومن املعلوم أهنم يأتون به إلينا أحياًنا مطبوًخا بأوانيهم، وقد ثبت أنَّ النبي H أكل من الشاة املسمومة التي أهِدَيت له يف خيرب)1(، وأنه H توضأ وأصحاُبه من مزادِة امرأة

    مرشكة)2(، وكل هذا يدل عىل أنَّ ما بارشه الكفار طاهر.

    اليهود من الكتاب وأهل والوثنيِّني املجوس من الكفار آنية بني فرق وال والنصارى، اليهود من الكتاب أهل ذبائح فتجوز الذبائح، يف الفرق إنام والنصارى، وال جتوز ذبائح املرشكني والكفار اآلخرين، مع أنَّ الكلَّ كافر، ولكن ألنَّ اهلل أباح ذبائح أهل الكتاب قال تعاىل: ]ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې[ ]املائدة:5[، اخلبز املراد وليس ،L عباس ابن عن ذلك جاء كام ذبائحهم، بطعامهم: واملراد

    والشعري وما أشبه ذلك، ألن ذلك حلل للمسلني منهم ومن غريهم.

    وإذا كانت هذه األواين وردت إىل املسلمني من أناس ُعرفوا بمبارشة النجاسات من أكل اخلنزير ونحوه، فإنه قد دلَّ الرشع عىل املنع من األكل فيها، إال أْن ال جيد املسلم غريها، فيغسلها ويأكل فيها، حلديث أيب ثعلبة اخلشني I أن النبي H سئل عن آنية الكفار فقال: »ال تأكلوا فيها، إال أْن ال جتدوا غريها فاغسلوها وكلوا فيها«)3(،

    واألوىل التنزه عن آنية الكفار.

    )1( رواه البخاري )5777(.)2( رواه البخاري )344(، ومسلم )682(.

    )3( رواه البخاري )5478( ، ومسلم )1930(.

  • - 15 -

    وتباح ثياب الكفار، وهذا يشمل ما صنعوه وما لبسوه، وال يقال: لعلهم نسجوها بَمنَْسٍج نجس؛ ألنَّ األصل احلل والطهارة، وكذلك ما لبسوه من الثياب فإنه يباح لنا التنزه عن النجاسات كالنصارى، فاألوىل التوقِّي من لبسه، ولكن َمن عرف منه عدم

    ثياهبم بناء عىل ما يقتضيه حديث أيب ثعلبة اخلَُشني السابق.

    * جلد امليتـــة:باب يف ُيذكر ولذلك ونحوها، كاألسقية األواين، من كآنية يستعمل امليتة جلد

    اآلنية.

    وامليتة نجسة، لقوله تعاىل: ]ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ والرجس: ]األنعام:145[، ے[ ے ھ ھ ھ ھ ہ ہ ہ ہ ۀ :J ميمونة لقول الدباغ، ره يطهِّ ولكن نجس، فهو منها، امليتة وجلد النََّجس،

    قال: ميتة، إهنا قالوا: إِهاهبا؟« فقال: »هالَّ أخذتم وهنا، بشاٍة جيررُّ H النبي َمرَّ

    بغ. رها املاُء والَقَرُظ«)1(، وهذا رصيح يف أنه يطهر بالدَّ »ُيطهِّ

    فإذا ُدبِغ اجللد صار طاهًرا وأبيح استعامله يف الرطب واليابس، كأن جُيعل فيه لبٌن أو ماء، وغري ذلك.

    والغنم والبقر كاإلبل الذكاة، حتله مما امليتة كانت إذا باغ بالدِّ امليتة جلد ويطهر ونحوها، وأما ما ال حتله الذكاة؛ فإنه ال يطهر، بدليل أنه جاء يف بعض ألفاظ احلديث: وقال أكله، يباح ما إال ر تطهِّ ال الذكاة أنَّ ومعلوم بالذكاة، فعربَّ ذكاهتا«)2(، »دباغها بعض العلامء: ما كان طاهًرا يف احلياة فإنَّ جلده يطهر بالدبغ، وكل القولني منقول عن

    .V شيخ اإلسلم ابن تيميَّة

    )1( رواه أبو داود )4126(، وهو صحيح، انظر: سلسلة األحاديث الصحيحة لأللباين )2163(.)2( رواه أمحد )20061(، وهو صحيح، انظر: غاية املرام لأللباين )26(.

  • - 16 -

    وكل أجزاء امليتة نجسة كاليد والرجل والرأس ونحوها، وُيستثنى من ذلك الشعر ونحوه كالصوف والوبر والريش وما أشبهها فإنه طاهر، وذهب شيخ اإلسلم إىل طهارة

    عظم امليتة.

    ]ٱ وميتة السمك وغريه من حيوان البحر طاهرة بدون استثناء لقوله تعاىل: ٻ ٻ ٻ ٻ[ ]املائدة:96[.

    جرح أو قتل إذا يسيل الذي الدم واملراد: بنجسة، ليست دم له ليس ما وميتة كالذباب واجلراد والعقرب.

    وما ُفِصل من حيواٍن حيٍّ فهو كميتته طهارًة ونجاسًة وحلاًّ وحرمة، فام ُأبني من السمك فهو طاهر حلل ألنَّ ميتته طاهرة حلل، وما أبني من البقر فهو نجس حرام،

    ألنَّ ميتتها نجسة حرام.

    يدركونه فل اجلامعة يطرده الصيد الطريدة، وهي ذلك العلم من أهل واستثنى ليذبحوه، فيرضبونه بأسيافهم أو خناجرهم، فهذا يقطع يده، وهذا يقطع رجله؛ حتى يموت، وهذا قد أثر عن الصحابة M، وجاء عن احلسن أنه كان ال يرى بالطريدة بأًسا، ويقول: كان املسلمون يفعلون ذلك يف مغازهيم، وقال أمحد: كانوا يفعلون ذلك يف

    مغازهيم، وال يرون به بأًسا.

    وألن الطريدة ال يقدر عىل ذبحها فصارت كالصيد، وكام أن الصيد إذا أصيب يف أيِّ مكان من بدنه ومات فهو حلل، فكذلك الطريدة ألهنا صيد، إال أهنا قطِّعت قبل

    أن متوت.

  • - 17 -

    باب االستنجاء

    االستنجاء يف اللغة: القطع، يقال نجوت الشجرة، أي قطعتها، واملراد به هنا: إزالة اخلارج من السبيلني بامء أو حجر ونحوه.

    »سرت :H النبي لقول اهلل، بسم قول: اخللء دخول عند ويستحب بسم اهلل«)1(، يقول: أن الكنيف أحدهم إذا دخل آدم بني اجلن وعورات أعني بني ما ويقول: أعوذ باهلل من اخلبث واخلبائث؛ لقول أنس I أن النبي H كان إذا دخل اخللء قال: »اللَّهم إين أعوذ بك من اخُلْبث واخلبائث«)2(، واخلُبث بسكون الباء ها، فعىل رواية التسكني فاملراد باخلُْبث: الرش؛ واخلبائث: النفوس الرشيرة، وعىل وضمِّرواية الضم فاخلُُبث مجع خبيث، ويراد به ذكران الشياطني، واخلبائث مجع خبيثة واملراد

    . إناث الشياطني، والتسكني أعماّوألن هذا املكان مأوى اخلبثاء فهو مأوى الشياطني، فناسب أن يستعيذ عند ذلك

    حتى ال يصيبه اخلْبث وهو الرش، وال اخلبائث وهي النفوس الرشيرة.ة مثًل فيقال عند اجللوس لقضاء يَّ ويقال هذا الذكر قبل الدخول، وإن كان يف َبرِّ

    احلاجة.ويسن عند اخلروج من اخللء أن يقول: غفرانك، لقول عائشة J: كان النبي H إذا خرج من الغائط قال: »غفرانك«)3(، وهذا يقال بعد خروجه من مكان

    اخللء، وإن كان يف الربِّ فيقال: عند مفارقته مكان جلوسه.ة اإلثم، فدعا ومناسبة قول غفرانك أن اإلنسان ملا ختفاّف من أذية اجلسم تذكر أذياّ

    اهلل D أن خيفِّف عنه أذية اإلثم كام منَّ عليه بتخفيف أذية اجلسم.

    )1( رواه الرتمذي )606(، وهو صحيح، انظر: إرواء الغليل )50(.)2( رواه البخاري )142(، ومسلم )375(.

    )3( رواه أمحد )25219(، وهو صحيح، انظر: صحيح األدب املفرد لأللباين )537(.

  • - 18 -

    دخول عند م ُتقداّ فاليمنى اخللء، دخول عند اليرسى رجله تقديم ويستحب املسجد واليرسى عند اخلروج منه كام ثبت ذلك يف السنة، وهذا عكس املسجد، فاليمنى م اليرسى عند م يف عكسه، فكان من املناسب أن تقدَّ م يف باب التكريم، واليرسى ُتقدَّ تقدَّ

    دخول اخللء واليمنى عند اخلروج منه، ألنه خروٌج أكمل وأفضل.

    ويستحب لقايض احلاجة أن يبتعَد حتى ال ُيرى جسمه، وهذا إذا كان يف مكان ليس H عن النبي I فيه جدران أو جبال أو أشجار ساترة، خلرب املغرية بن شعبه

    قال: »حتى توارى عنِّي فقىض حاجته«)1(، وهذا مما يوافق املروءة واألدب.

    الذكر فقط، وال يمسح من أصل أن يغسل رأس بوله إذا فرغ من له ويستحب الذكر، وال ينرت ذكره ألن هذا من التنطع املنهي عنه، وهو بدعة وليس سنة، فل ينبغي

    لإلنسان أن يفعله، وكل ما أشبه ذلك فهو من الوساوس التي ال أصل هلا.

    ومعه اخللء إىل يدخل كأن حلاجة، إال اهلل ذكر فيه بيشء اخللء دخول وُيكره أوراق نقدية فيها اسم اهلل، فل بأس يف ذلك، ألن يف تركها تعريًضا هلا للنسيان أو الرسقة

    ونحوه.

    م العلامء دخول اخللء باملصحف سواء كان ظاهًرا أو خفياًّا؛ ألن املصحف فيه وحرَّأرشف الكلم، ودخول اخللء فيه نوع من اإلهانة، لكن لو خاف أن ُيرسق فل بأس أن

    يدخل به، ولو كان غنياًّا جيد بدله.

    ه من األرض، فإْن كان حوله من ينظر ويكره لقايض احلاجة أن يرفع ثوبه قبل دنوِّه من األرض، ألنه كشف للعورة ملن ينظر إليها، إىل عورته فيحُرم عليه رفع ثوبه قبل دنوِّ

    وقد هنى النبي H عن ذلك فقال: »ال ينظر الرجل إىل عورة الرجل«)2(.

    )1( رواه البخاري )203(، ومسلم )274(.)2( رواه مسلم )338(.

  • - 19 -

    قضاء من داٍن القائم ألن واقف، وهو ثوبه يرفع أن فله قائاًم يبول أن أراد ولو احلاجة.

    فسلَّم يبول، وهو H بالنبي رجٌل مرَّ فقد احلاجة، قايض كلم ويكره فلم يرد عليه السلم)1(، أما إذا كان قاضيا احلاجة اثنني، ينظر أحدمها إىل عورة اآلخر فيجلسان الغائط إىل اثنان خيرج »ال :H النبي لقول حرام، فهو ويتحدثان يتحّدثان كاشفني عن عوراهتام فإن اهلل يمقت عىل ذلك«)2(، واملقت أشد البغض، وأما

    إذا مل ينظر أحدمها إىل عورة اآلخر فأقل أحواله أن يكون مكروًها.

    وعليه فل ينبغي أن يتكلم حال قضاء احلاجة إال حلاجة، كأن يرشد أحًدا، أو كلَّمه أحٌد البدَّ أن يردَّ عليه، أو كان له حاجة يف شخص وخاف أن ينرصف، أو طلب ماًء

    ليستنجي، فل بأس حينئٍذ.

    وُيكره البول يف جحر اهلوام والدواب، ألنه خُيشى أن يكون يف هذا اجلحر يشٌء ساكن فُيفِسد عليه مسكنه، أو خيرج عليه وهو عىل بوله فيؤذيه، أو ربام قام برسعة فلم

    يسلم من رشاش البول.

    ويكره لقايض احلاجة مسرُّ فرجه بيمينه، وهذا يشمل كل الفرجني القبل والدبر، لقول النبي H: »ال يمسنَّ أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، وال يتمّسح من اخلالء

    بيمينه، وال يتنفَّس يف اإلناء«)3(، والنهي عن مسِّ الفرج باليمني هو يف حال البول.

    ح من اخلالء ويكره استنجاؤه واستجامره بيمينه؛ لقول النبي H: »ال يتمسَّبيمينه«، ولو احتاج إىل االستنجاء أو االستجامر بيمينه فإنَّ الكراهة تزول، كام لو كانت

    اليرسى شلء أو مصابة.)1( رواه مسلم )370(.

    )2( رواه أمحد )11310(، وهو صحيح، انظر: صحيح الرتغيب والرتهيب لأللباين )156(.)3( رواه البخاري )153(، ومسلم )267(.

  • - 20 -

    وحيرم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء احلاجة إذا كان يف غري بنيان، لقوله أو قوا رشِّ ولكن تستدبروها، وال غائط، وال ببول القبلة تستقبلوا »ال :Hبوا«)1(، أما إذا كان يف البنيان فإنه جيوز استدبار القبلة دون استقباهلا حلديث ابن عمر غرِّL قال: »رقيت يوًما عىل بيت أختي حفصة، فرأيت النبي H قاعًدا حلاجته

    مستقبل الشام مستدبر الكعبة«)2(.وقال بعض العلامء: يكفي احلائل وإن مل يكن بنياًنا، كام لو اجته إىل كومٍة من رمٍل

    أقامها وكان وراءها، أو إىل شجرة وما أشبه.H: »ال لقوله احلاجة، القمر حال قضاء أو الشمس استقبال ُيكره وال بوا«)3(، ومعلوم أنَّ قوا أو غرِّ تستقبلوا القبلة وال تستدبروها ببول وال غائط ولكن رشِّ

    ب والشمس طالعة فإنه يستقبلها. ق أو غرَّ من رشَّكانت فإذا املغرب، أو املرشق جهة إىل ليست القبلة كانت إذا فيام احلكم وهذا

    ل أو جينِّب. القبلة إىل جهة املرشق أو املغرب، فل بدَّ أن يشمِّحني من خيرج أن وعليه حاجته، فوق اخللء يف احلاجة قايض يلبث أن ويكره انتهائه، ألن يف ذلك كشًفا للعورة بل حاجة، وألن احلشوش واملراحيض مأوى الشياطني

    والنفوس اخلبيثة فل ينبغي أن يبقى يف هذا املكان اخلبيث.وحيرم البول والغائط يف الطريق ملا يف حديث النبي H: »اتقوا اللَّعاَنني« انان يا رسول اهلل؟ قال: »الذي يتخىل يف طريق الناس أو يف ظلِّهم«)4(، اللاّعاّ قالوا: وما ويف احلديث اآلخر: »اتقوا املالِعن الثالث: الِباز يف املوارد وقارعة الطريق والظل«)5(،

    )1( رواه البخاري )144(، ومسلم )264(.

    )2( رواه البخاري )148(، ومسلم )266(.

    )3( رواه البخاري )144(، ومسلم )264(.)4( رواه مسلم )269(.

    )5( رواه أبو داود )26(، وهو حسن، انظر: إرواء الغليل لأللباين )62(.

  • - 21 -

    تعاىل: لقوله م حمرَّ وهو للمؤمنني، وإيذاٌء ة للامرَّ ٌة أذياّ الطريق يف البول ألن وذلك ڱ ڳ ڳ ڳ ڳ گ گ گ گ ک ]ک

    ڱ[ ]األحزاب:58[.ط يف الظل الذي يستظل به الناس وينتفعون به، ومثله كام حيرم أن يبول أو يتغوََّمْشَمس الناس يف أيام الشتاء؛ الذي جيلسون فيه للتدفئة؛ ومثله الشجرة التي يقصدوهنا؛ وكذلك الناس، حيتاجها ولكن مطعومة غري أو النخل، كثمرة مطعومة كانت سواء

    ل والتغوط حتتها. الشجرة املحرتمة لكوهنا طعاًما فإنه ال جيوز التبواّل فيها وباجلملة فكلرُّ متمعات الناس ألمٍر ديني أو دنيوي ال جيوز لإلنسان أن يتبوَّ

    ط. أو يتغوَّ

    وإذا قىض اإلنساُن حاجَته وأراد أن يستنجي فال خيلو من حالني:األول: أن يستنجي باملاء، وقد انعقد اإلمجاع عىل جوازه، لقول أنس I: »كان النبيرُّ H يدخل اخللء، فأمحل أنا وغلٌم نحوي إِداوًة من ماء وَعنََزًة؛ فيستنجي

    باملاء«)1(.

    قال: I سلامن حلديث مزئ؛ وهو وحدها، باألحجار يستنجي أن الثاين: »هنانا H أن نستقبل القبلة بغائٍط أو بول، أو أن نستنجي باليمني، أو أن نستنجي بأقلَّ من ثلثِة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم«)2(، وحديث أيب هريرة I أنه مجع للنبي H أحجاًرا وأتى هبا بثوبه، فوضعها عنده ثم انرصف)3(، فدلَّ ذلك عىل جواز االستجامر، وأما اجلمع بني املاء واحلجارة يف االستنجاء فليس فيه دليل ثابت

    .H عن النبي

    )1( رواه البخاري )152(، ومسلم )271(.)2( رواه مسلم )262(.

    )3( رواه البخاري )155( .

  • - 22 -

    واخِلَرق والورق د املتجمِّ اليابس بأحجاٍر ونحوها، كالطني ويشرتط للستجامر واخلشب، أن يكون طاهًرا، ال نجًسا بعينه، وال متنجًسا بغريه قد طرأت عليه النجاسة،

    ألنَّ النجس خبيث فل يكون مطهًرا.

    كام يشرتط يف االستجامر أن حيصل به اإلنقاء، بدليل أنَّ النبي H هنى أن ُيستنجى بأقلَّ من ثلثة أحجار)1(.

    قال فقد ، للجنِّ طعاًما يكون فإنه العظم أما روث، وال بعظٍم ُيستنجى وال H هلم: »لكم كل عظم ذكر اسم اهلل عليه، يقع يف أيديكم أوفر ما يكون حلام«)2(، ًرا، والروث ، وإن كان عظم ميتة فهو نجس فل يكون مطهِّ فل جيوز تنجيسه عىل اجلنِّالنهي عن االستجامر به، فعن أيب هريرة ًرا، وقد ورد نجٌس فلم يصلح أن يكون مطهِّ

    I قال: »كان النبيرُّ H يأمر بثلثة أحجار، وينهى عن الروث«)3(.

    وحيرم االستنجاء بطعام بني آدم وطعام هبائمهم ألن هذا من الكفر بالنعمة، كام حيرم االستنجاء بمحرتم ككتب العلم الرشعي ولو كان مكتوًبا بغري العربية، قال تعاىل:

    ]ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ[ ]احلج:30[.

    قال: I سلامن حلديث مسحات، ثلث يمسح أن االستجامر يف ويشرتط »هنى رسول اهلل H أن نستنجي بأقل من ثلثة أحجار«)4(، فإن مل حيصل اإلنقاء H بالثلث مسحات زاد عليها، وال يكتفي بأقلَّ من ثلث مسحات، ألن النبيهنى أن نستنجي بأقلَّ من ثلثة أحجار، وإذا هنى عن ذلك فإنه جيب أن ال نقع فيام هنى

    عنه، كام أنه يف الغالب ال إنقاء بأقل من ثلثة أحجار.

    )1( رواه مسلم )262(.

    )2( رواه مسلم )450(.)3( رواه أبو داود )8(، وهو حسن، انظر: مشكاة املصابيح لأللباين )347(.

    )4( رواه مسلم )262(.

  • - 23 -

    شعبه تكن مل إذا الثلثة كاألحجار فهو شعب ثلث ذي بحجٍر استجمر ولو . متداخلة، ألن العلة معلومة، فإذا كان احلجر ذا شعب واستجمر بكلِّ جهٍة منه صحاّ

    ويسن قطع االستجامر عىل وتر، لقوله H: »من استجمر فليوتر«)1(، فإن كان الوتر بثلث فهو واجب حلديث سلامن I، وإن كان بام زاد عىل ثلث فاألمر

    للستحباب.

    وجيب االستنجاء لكل خارج من السبيلني، لقول النبي H لعيلٍّ حني سأله عن املذي، قال: »يغسل ذكره ويتوضأ«)2(.

    وال جيب االستنجاء من الريح، ألهنا ال حتدث أثًرا فهي هواء فقط، وغسلها حينئٍذ نوع من العبث، سواء كان هلا صوت أم ال.

    )1( رواه البخاري )161(، ومسلم )237(.)2( رواه أبو داود )181(، وهو صحيح، انظر: إرواء الغليل )116(.

  • - 24 -

    باُب سنِن الُوضوء

    اإللزام، سبيل عىل ال به ُأمر التي وهي الواجب، سوى ما الفقهاء عند السنة وحكُمها: أنه يثاب فاِعُلها وال يعاَقب تارُكها.

    وسنن الوضوء ثامنية:عىل أشق أن »لوال :H لقوله الوضوء، عند د متأكِّ فإنه واك، السِّ أواًل:

    واك مع كلِّ وضوء«)1(. أمتي ألمرهتم بالسِّ

    د م السواك عىل الوضوء وهو من سننه؛ ألن السواك مسنوٌن كلَّ وقت، ويتأكَّ ُقدِّبباب صلٌة فله التطهري، باب من السواك أن كام الُوضوء، غري ُأخرى مواضع يف

    االستنجاء.

    ك يكون بعوٍد، سواء كان الُعود من جريد النخل، أو من عراجينها، أو من والتسورُّك بخرقٍة أو باألصابع، فليس بسنة، سواء كان أغصان العنب، أو من غري ذلك، أما التسورُّ

    ذلك عند الوضوء أو مل يكن.

    بالسواك أمتي ألمرهتم H: »لوال أن أشق عىل لقوله والتسوك مسنون، عند كلِّ صالة«)2(.

    واك مطهرة ويسنرُّ التسوك يف كل وقٍت؛ بالليل أو النهار، لقوله H: »السِّللفم، مرضاٌة للرب«)3(، فأطلق النبي H ومل يقيِّد يف وقٍت دون آخر.

    ، ويف هذا تتحقق فائدة دنيوية كونه مطهرة للفم، وفائدة أخروية كونه مرضاة للربِّوكل هذا حيصل بفعٍل يسري؛ فيحصل عىل أجر عظيم.

    )1( رواه أمحد )7513(، وهو صحيح، انظر: صحيح الرتغيب والرتهيب )205(.)2( رواه البخاري )887(، ومسلم )252(.

    )3( رواه أمحد )7(، وهو صحيح، انظر: مشكاة املصابيح )381( .

  • - 25 -

    :H واك سنة يف حق الصائم، سواء كان قبل الزوال أو بعده، لقوله والسِّ«)1(، فلم يستثن النبي H شيًئا من ذلك، واك مطهرة للفم، مرضاة للربِّ »السِّ

    فيبقى األمر عىل عمومه.

    ويتأكد التسوك عند الصلة، لقوله H: »لوال أن أشق عىل أمتي ألمرهتم واك عند كل صالة«)2(، وعند كل صلة أي: قرهبا، وكلام قرب منها فهو أفضل. بالسِّ

    ك عند كل صلة يشمل الفرض والنفل وصلة اجلنازة لعموم واستحباب التسواّاحلديث.

    اهلل رسول »كان :I حذيفة لقول النوم، من االنتباه عند واك السِّ ويتأكد واك. H إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك«)3(، أي: يغسله ويدلكه بالسِّ

    ويدخل يف هذا االنتباه من نوم الليل ونوم النهار، ألن العلة واحدة وهي تغريرُّ الفم بالنوم.

    واك مطهرة للفم«، وذلك H: »السِّ واك عند تغري الفم لقوله ويتأكد الساًّدا. يقتيض أنه متى احتاج الفم إىل التطهري كان متأكِّ

    وطريقة االستياك عىل حسب ما تقتضيه احلال، فإْن شاء استاك طواًل، وإن شاء استاك عرًضا، وإن شاء فبيده اليمنى أو باليد اليرسى، ومل يثبت يف ذلك سنة بينة.

    ثانًيا: التسمية، فيقول عند ابتدائه: »بسم اهلل«، لقوله H : »ال وضوء ملن مل يذكر اسم اهلل عليه«)4(، فقد ذهب بعض الفقهاء إىل أن التسمية يف الوضوء سنة وليست

    )1( رواه أمحد )7(، وهو صحيح، انظر: مشكاة املصابيح )381( .)2( رواه البخاري )887(، ومسلم )252(.)3( رواه البخاري )245(، ومسلم )255(.

    )4( رواه أمحد )11371(، وهو حسن، انظر: إرواء الغليل )81(.

  • - 26 -

    التسمية، فيه يذكروا مل H النبيِّ وضوء وصفوا الذين من كثرًيا ألنَّ واجبة؛ ومثل هذا لو كان من األمور الواجبة التي ال يصح الوضوء بدوهنا لُذكرت.

    ْكر، وتسقط بالنسيان، فإن نسيها يف وقال بعضهم: جتب التسمية يف الوضوء مع الذرُّي ويستمر؛ ألهنا تسقط بالنسيان إذا انتهى من مجلة الوضوء، أوله وذكرها يف أثنائه فيسمِّ

    فإذا انتهى من بعضه فمن باب أوىل.واجبة فيه التسمية فكانت الطهارتني، إحدى ألنه الغسل، يف التسمية وجتب ا إذا وجبت يف الوضوء وهو أصغر فوجوهبا يف احلدث األكرب من باب كالُوضوء، وألهنَّ :H حيث قال له النبي I م، حلديث عامر أوىل، وال جتب التسمية يف التيماّ

    »إنام كان يكفيك أن تصنع هكذا«)1(، ومل يذكر التسمية.

    ثالًثا: غسل الكفني ثالًثا، ألنه H كان إذا توضأ بدأ بغسل الكفني ثلًثا، پ پ پ ٻ ٻ ٻ ٻ ]ٱ تعاىل: اهلل قول سنيتها ودليل

    پ[ ]املائدة:6[، فبدأ بالوجه ومل يذكر الكفني.وإذا قام من نوم الليل الناقض للوضوء وأراد أن يغمس كفيه يف اإلناء فيجب عليه أن يغسلهام ثلًثا قبل أن يغمسهام؛ لقوله H: »إذا استيقظ أحدكم من نومه، فال

    يغمس يده يف اإلناء حتى يغسلهام ثالًثا، فإنَّ أحدكم ال يدري أين باتت يده«)2(.

    حيسرُّ اإلنسان دام فام اإلحساس، معه فقد ما هو الوضوء ينقض الذي والنوم فإنَّ بنفسه لو أحدث فإنَّ نومه ال ينقض وضوءه، وإذا كان ال حيس بنفسه لو أحدث

    نومه ينقض وضوَءه.

    رابًعا: البداءُة بمضمضة ثم استنشاق ثم استنثار، وهذا بعد غسل الكفني، واألفضل أن يكون ثلث مرات بثلث َغَرفات.

    )1( رواه البخاري )347(، ومسلم )368( .)2( رواه البخاري )162(، ومسلم )278(.

  • - 27 -

    واملضمضة هي إدارة املاء يف الفم، واالستنشاق هو جذب املاء بالنَّفس من األنف، رمها بعد غسل الوجه جاز. والبدء هبام قبل غسل الوجه أفضل، وإن أخَّ

    ك املاء بقوة وجيعله يصل إىل وتسن املبالغة يف املضمضة واالستنشاق، وذلك أن حيرِّكلِّ الفم، وأن يبالغ بجذبه بنَفٍس قوي يف أنفه، ويكفي يف الواجب أن يدير املاء يف فمه

    أدنى إدارة، وأن يستنشق املاء حتى يدخله يف مناخره. H واملبالغة مكروهة للصائم، ألهنا قد تؤدي إىل ابتلع املاء، لذا قال النبيلَِلقيط بن صربة: »وبالغ يف االستنشاق، إال أن تكون صائام«)1(، وال يبالغ يف االستنشاق

    إذا كان ذلك يؤدي به إىل الرضر.

    خامًسا: ختليُل اللحية الكثيفة، فإن كانت خفيفة ال تسرت البرشة فيجب غسلها وما حتتها، ألن ما حتتها ملاّا كان بادًيا كان داخًل يف الوجه، والكثيفة: هي التي تسرت البرشة

    وهذه ال جيب إال غسل ظاهرها فقط.ا من ماء وجيعله حتتها ويعركها حتى تتخلل به، وطريقة التخليل، إما أن يأخذ كفاًّ :I عامر قول ذلك ودليل كاملشط، بأصابعه وخيلِّلها ماء، من كًفا يأخذ أن وإما الكثيفة اللحية H خيلل حليته«)2(، وعىل هذا فيكون ختليل »رأيت رسول اهلل

    سنة.

    أصابعهام ألن آكد، الرجلني يف وهو والرجلني، اليدين أصابع ختليُل سادًسا: عن جاء ما ذلك ودليل اليدين، من آكد فكانتا األذى تبارشان وألهنام متلصقة، رجليه أصابع يدلك توضأ إذا H اهلل رسول »رأيت قال: شداد بن املستورد

    بخنرصه«)3(.

    )1( رواه أبو داود )142(، وهو صحيح، انظر: مشكاة املصابيح )405(.)2( رواه الرتمذي )29(، وهو صحيح، انظر: صحيح الرتمذي )29(.

    )3( رواه أبو داود )148(، وهو صحيح، انظر: صحيح أيب داود لأللباين )148(.

  • - 28 -

    باليد يبدأ والرجلني، اليدين األربعة، باألعضاء خاصٌّ وهو التياُمن، سابًعا: قول التيامن مرشوعية عىل والدليل اليرسى، ثم اليمنى والرجل اليرسى، ثم اليمنى ِله وطهوره تنعله وترجرُّ التيامن يف H يعجبه اهلل J: »كان رسول عائشة

    ويف شأنه كله«)1(.

    ثامنًا: الغسلة الثانية والثالثة، فاألوىل واجبة لقوله تعاىل: ]ٱ ٻ ٻ ٺ ڀ ڀ ڀ ڀ پ پ پ پ ٻ ٻ ٺ ٺ ٺ[ ]املائدة:6[، والثانية أكمل، والثالثة أكمل منهام، ألهنام أبلغ يف التنظيف، وقد ثبت عن النبي H أنه توضأ مرًة مرًة، ومرتنِي مرتني، وثلًثا ثلًثا، ورجليه مرتني، ويديه ثلًثا، وجهه فغسل خمالًفا، كذلك وتوضأ مرشوع، ذلك وكلرُّ

    .H مرًة، وال ُيكره ذلك لثبوته عن النبي

    )1( رواه البخاري )168(، ومسلم )268(.

  • - 29 -

    باُب فروض الوضوء

    الفرض عند أكثر العلامء بمعنى الواجب، وهو ما ُأِمر به عىل وجه اإللزام والتحتيم، وحكمه أنَّ فاعله امتثااًل مثاب، وتارَكه مستحق للعقاب.

    D هلل التعبرُّد به وُيراد واحلُْسن، النظافة وهي الوضاءة من مشتق والُوضوء: بغسل األعضاء األربعة عىل صفة خمصوصة.

    ن منها ويراد بالفروض يف هذا الباب األركان، ألنَّ هذه الفروض هي التي تتكوَّماهية الوضوء، وكلرُّ أقوال أو أفعال تتكون منها ماهية العبادة فإهنا أركان.

    وفروض الوضوء ستٌة، دلَّ عىل انحصارها يف ذلك التتبُّع.پ پ ٻ ٻ ٻ ٻ ]ٱ تعاىل: لقوله الوجه، غسل األول: پ پ[ ]املائدة:6[، وحدرُّ الوجه: من منحنى اجلبهة إىل أسفل اللحية طواًل، هذا وعىل فيه، لوجودمها الوجه من واألنف والفم عرًضا، األذن إىل األذن ومن

    فاملضمضة واالستنشاق من فروض الوضوء، لكنهام غري مستقلني.

    الثاين: غسل اليدين إىل املرفقني، لقوله تعاىل: ]ڀ ڀ ڀ[ ]املائدة:6[، H راع، ويدخل املرفقان يف الَغسل لفعله واملرفق: هو املفصل بني العضد والذِّ

    حيث كان يغسل يده اليمنى حتى يرشع يف العُضد، ثم يغسل يده اليرسى كذلك.

    الثالث: مسح الرأس، ويكفي فيه أن يغمس يده يف املاء، ثم يمسح هبا رأسه، وحدرُّ الرأس من منحنى اجلبهة إىل منابت الشعر من اخللف طواًل، ومن األذن إىل األذن عرًضا،

    والبياُض الذي بني الرأس واألذنني من الرأس.

    ولو مسح بناصيته فقط دون بقية الرأس فإنه ال جيزئه، لقوله تعاىل: ]ڀ ٺ[ ]املائدة:6[، ومل يقل: ببعض رؤوسكم.

  • - 30 -

    وُيمَسح األذنان مع الرأس؛ لقوله H: »األذنان من الرأس«)1(، وملواظبته H عىل مسح األذنني مع الرأس، ويمسحان مرة واحدة، وال ُيسنرُّ أن يأخذ هلام

    ماًء جديًدا، بل السنة أن يمسح أذنيه بفضل ماِء رأسه.

    ]ٺ ٺ ٺ[ كام قال تعاىل: الرابع: غسل الرجلني إىل الكعبني، ]املائدة:6[، والكعبان: مها العظامن الناتئان اللذان بأسفل الساق من جانبي القدم، وهذا هو احلق الذي عليه أهل السنة، فإنَّ النبي H كان يغسل رجليه إىل الكعبني اللذين .M من الصحابة H يف منتهى الساقني، وتبعه كل من وصف وضوء النبي

    ر كلَّ عضٍو يف حمله، ودليله قول اهلل تعاىل: ]ٱ اخلامس: الرتتيب، وهو أن يطهِّٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ال املغسوالت بني املمسوح وإدخال ]املائدة:6[، ٺ[ ٺ ٺ ٺ ُيعلم له فائدة إال الرتتيب، وإال لسبقت املغسوالت عىل نسٍق واحد، وألنَّ اهلل ذكرها مرتبة، كام أن مجيع الواصفني لوضوئه H ذكروا أنه كان يرتبها عىل حسب ما

    ذكر اهلل تعاىل.

    السادس: املواالة، وهي أن يكون اليشء موالًيا لليشء وعقبه بدون تأخري، ودليل ذلك أن النبي H توضأ متوالًيا، وألنَّه H رأى رجًل توضأ وترك عىل قدمه موضع ُظْفر مل يصبه املاء، فقال: »ارجع فأحسن وضوءك«)2(، وصفة املواالة: أْن ال يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله، وُيشرتط أن يكون ذلك بزمٍن معتدل خاٍل من الريح أو شدة احلرِّ والربد، وُيستثنى من ذلك ما إذا فاتت املواالة ألمٍر يتعلق بالطَّهارة، كأن يكون بأحِد أعضائه حائل يمنع وصول املاء كالصبغ مثًل، فاشتغل بإزالته، أو أن

    املاء نفد واشتغل باستخراجه من البئر ونِشفت األعضاء أثناء ذلك؛ فإنه ال يرض.

    )1( رواه أبو داود )134(، وهو صحيح، انظر: سلسلة األحاديث الصحيحة )36(.)2( رواه مسلم )243(.

  • - 31 -

    * النيُة وما يتعلق هبا من األحكام:H: »إنام األعامل النية رشط لصحة العمل وقبوله وإجزائه، لقول النبي أو الصوم، الزكاة أو النطق هبا بدعة سواء يف الصلة ينطق هبا، ألن بالنيات«)1(، وال وليس ثمة حاجة إىل التلفظ بالنيَّة ألن اهلل يعلم هبا، وهي رشط لطهارة األحداث كلها

    لقوله H: »ال يقبل اهلل صالة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ«)2(.

    املطر السطح وجاء ثوبه يف إنسان علاّق فلو األنجاس، لطهارة النيَّة وال تشرتط حتى غسله، وزالت النجاسة، َطُهر، مع أن هذا ليس بفعله وال بنيَّتِه. وتشرتط النية يف

    احلدث األصغر واألكرب، وتشمل الطهارة باملاء والتيمم.

    وإذا توضأ بنية رفع احلدث الذي حصل له بسبب البول مثًل صحَّ وضوُءه، وإذا نوى الطهارة للصلة ارتفع حدثه وإن مل ينِو رفع احلدث، ألن الصلة ال تصح إال بعد

    رفع احلدث.

    وإذا نوى ما تسنرُّ له الطهارة كقراءة القرآن ارتفع حدثه، ألنه إذا نوى الطهارة ملا ُتَسنرُّ له، فمعنى ذلك أنه نوى رفع احلدث ألجل أن يقرأ.

    نوى غسًل وإذا أجزأ عن واجب، اإلحرام- نوى غسًل مسنوًنا - كغسل وإذا واجًبا أجزأ عن املسنون لُدخوله فيه، وإذا نوى الُغسلني الواجب واملستحب أجزأ من

    باب أوىل، وإن جعل لكلٍّ ُغسًل فهو أفضل.

    وإن اجتمعت أحداث توجب وضوًءا، فنوى رفع احلدث عن واحٍد منها، ارتفع دت عن اجلميع، حتى وإن نوى أن ال يرتفع غريه، ألن احلدث وصف واحد وإن تعداّ

    أسبابه، فلو أنه بال ونام وأكل حلم إبل فنوى رفعه من البول ارتفع عن اجلميع.

    )1( رواه البخاري )1(، ومسلم )1907(.)2( رواه البخاري )135(، ومسلم )225(.

  • - 32 -

    بغسله ونوى واحليض، واإلنزال كاجلامع غسًل توجب أحداث اجتمعت ولو واحًدا منها، فإنَّ مجيع األحداث ترتفع.

    وجيب اإلتيان بالنية عند أول واجبات الطهارة وهي التسمية، وجيب أن تكون النية مت بزمٍن كثري فإهنا ال جتزيء. مقرتنة بالفعل، أو متقدمة عليه بزمن يسري، فإذا تقداّ

    وجيب استصحاب حكم النيَّة فل ينوي قطعها، ولو نوى قطع الوضوء بعد انتهائه من مجيع أعضائه فهذا ال ينقض وضوَءه، ألنه نوى القطع بعد متام الفعل، والقاعدة: أن قطع نية العبادة بعد فعلها ال يؤثر، وكذلك الشك بعد الفراغ من العبادة، سواء شك يف

    النيَّة أو يف أجزاء العبادة.

  • - 33 -

    باُب صفة الوضوء

    صفُة الوضوء املشتملة عىل الواجب وغري الواجب: هي أن ينوي، والنية رشٌط؛ لقوله H: »إنام األعامل بالنيات«)1(.

    ثم يسمي، ثم يغسل كفيه ثلًثا، ألن النبي H كان إذا أراد أن يتوضأ غسل كفيه ثلًثا.

    يف املاء إدارة والواجب ه، يمجرُّ ثم فمه يف املاء بإدخاله ويستنشق يتمضمض ثم الفم أدنى إدارة، وال جيب ختليل األسنان ليدخل املاء بينها، كام أنه ال جيب عليه أن يزيل

    األسنان املركبة التي متنع وصول املاء إىل ما حتتها.

    إال تتم ال األنف طهارة ألنَّ يستنثر، ثم أنفه، من بنفٍس املاء بجذب ويستنشق :H باالستنثار بعد االستنشاق، ويبالغ يف االستنشاق إال أن يكون صائاًم؛ لقوله

    »وبالغ يف االستنشاق إال أن تكون صائام«)2(.من انحدر ما إىل الرأس من اجلبهة منحنى من الوجه وحدرُّ وجهه، يغسل ثم

    اللحيني طواًل، واللحيان: مها العظامن النابت عليهام األسنان.ما غسل األحوط كان وإن والذقن، اللحيني من اسرتسل ما غسل جيب وال

    اسرتسل منهام.وحدرُّ الوجه من الَعرض من األذن إىل األذن، والبياض الذي بني العارض واألذن

    من الوجه، والشعر الذي فوق العظم الناتئ يكون تابًعا للرأس.

    ويغسل ما يف الوجه من شعر خفيف وظاهر كثيف، واخلفيف ما ُترى من ورائه غسل فيجب البرشة ورائه من ُترى ال ما والكثيف حتته، وما غسله فيجب البرشة،

    )1( رواه البخاري )1(، ومسلم )1907(.)2( رواه أبو داود )142(، وهو صحيح، انظر: مشكاة املصابيح )405(.

  • - 34 -

    H كان خيلاّل حليته يف النبي أنه يستحب ختليله، ألن باطنه، إال ظاهره دون الوضوء.

    ثم يغسل يديه اليمنى ثم اليرسى إىل املرفقني، وُيدخل املرفقني يف الغسل، ألنَّ أبا H هريرة توضأ، وغسل يديه حتى أرشع يف العضد، وقال: هكذا رأيت النبي

    يفعل)1(، واألفضل أن يبدأ من أطراف األصابع.ثم يمسح رأسه مع األذنني مرة واحدة، ومسح األذنني دلت عليه السنة النبوية من

    قول النبي H وفعله.

    I ثم يغسل رجليه مع الكعبني لداللة السنة عىل ذلك، فقد توضأ أبو هريرةفغسل رجليه حتى أرشع يف الساق، وقال: هكذا رأيت النبي H يفعل)2(، وعىل

    هذا فالكعبان -ومها العظامن الناتئان يف أسفل الساق- داخلن يف الغسل. ويغسل أقطع اليدين والقدمني بقية املفروض لقوله H: »إذا أمرتكم بأمٍر

    فأتوا منه ما استطعتم«)3(، وهكذا بالنسبة لألذن إذا ُقطع بعضها مسح الباقي.فإذا انتهى من وضوئه، قال ما ورد عن النبي H: »أشهد أن ال إله إال اهلل وأشهد أنَّ حممًدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابني واجعلني من املتطهرين«)4(،

    كر، فتحت له أبواب اجلنة الثامنية. فإنَّ من أسبغ الوضوء ثم قال هذا الذِّأو االغتسال، ألنه مل التيمم بعد يقال الوضوء، فل بعد الذكر إال يقال هذا وال ُينْقل بعد الغسل والتيمم، وكلرُّ يشٍء ُوِجد سببه يف عهد النبي H ومل يمنع منه

    مانع ومل يفعله، فإنه ليس بمرشوع.

    )1( رواه مسلم )246(.

    )2( رواه مسلم )246(.)3( رواه البخاري )7288(، ومسلم )1337(.

    )4( رواه مسلم )234(، دون قوله: »اللهم اجعلني من التوابني، واجعلني من املتطهرين«، فهذه الزيادة رواها الرتمذي )55(، وهي صحيحة، انظر: صحيح الرتغيب والرتهيب )224(.

  • - 35 -

    I وتباح إعانة املتوضئ بتقريب املاء إليه أو صبه عليه، ألنَّ املغرية بن شعبةصبَّ املاء عىل رسول اهلل H وهو يتوضأ)1(، كام يباح للمتوضئ تنشيف أعضائه

    وجتفيُفها.

    )1( رواه مسلم )274(.

  • - 36 -

    باُب املسح عىل اخلفني

    جل من اجللود، ويلحق هبام ما يلبس عليهام من الكتاّان ُيلَبس عىل الرِّ ان: ما اخُلفَّجل مما تستفيد منه بالتسخني. والصوف، وكل ما يلبس عىل الرِّ

    النبي عن األحاديث تواترت وقد السنة، أهل باتفاق جائٌز اخلفني عىل واملسح H بجوازه، وخالف يف ذلك الرافضة.

    ويمسح املقيم يوًما وليلة، واملسافر ثلثة أيام بلياليهن، حلديث عيل I قال:

    H للمقيم يوًما وليلة، وللمسافر ثلثة أيام بلياليهن«)1(، واملراد النبيرُّ »جعل

    بالسفر الذي يباح فيه القرص.

    عىل ت نصَّ األحاديث ألن حدث، بعد اخلف عىل املسح من املسح، مدة وتبدأ وال وليلة«)2(، يوًما واملقيم ليال، ثالث اخلفني عىل املسافر »يمسح كحديث: املسح،

    يمكن أن يصدق عليه أنه ماسح إال بفعل املسح.

    الساعة إىل طهارته عىل وبقي اخلفني، ولبس الفجر لصلة توضأ رجًل أنَّ فلو التاسعة ضحى، ثم أحدث ومل يتوضأ إال يف الساعة الثانية عرشة، فإنَّ مدة املسح تبتدئ من الساعة الثانية عرشة إىل أن يأيت دورها من اليوم الثاين إن كان مقياًم، ومن اليوم الرابع

    إن كان مسافًرا، فاملقيم أربع وعرشون ساعة، واملسافر اثنتان وسبعون ساعة.

    ويشرتط لصحة املسح عىل اخلفني أن يكون امللبوس طاهَر العني، فلو كان اخلف طاهَر العني ولكن أصابته نجاسة، فيجوز املسح عليه، ولكن ال يصىلَّ به؛ ألنه يشرتط

    للصلة اجتناب النجاسة.

    )1( رواه مسلم )276(.)2( رواه أمحد )21851(، وهو صحيح، انظر: املسح عىل اجلوربني لأللباين ص )96(.

  • - 37 -

    أو واملرسوق، كاملغصوب لكسبه ًما حمرَّ كان سواء م، املحرَّ عىل املسح جيوز وال ًما لعينه كاحلرير بالنسبة للرجل، ألنَّ املسح عىل اخلفني رخصة، فل ُتستباح باملعصية، حمرَّلبس هذا إقرار هذا اإلنسان عىل ًما مقتضاه ما كان حمرَّ املسح عىل القول بجواز وألنَّ

    م جيب إنكاره. م، واملحرَّ املحرَّ

    وال يشرتط يف اخلف أن يكون ساتًرا للمفروض، ألنَّ النصوص الواردة يف املسح عىل اخلفني مطلقة، وما ورد مطلًقا فإنه جيب أن يبقى عىل إطلقه، وجيب إطلق ما أطلقه

    اهلل ورسوله، وتقييد ما قيَّده اهلل ورسوله.

    وألنَّ كثرًيا من الصحابة فقراء، وغالب الفقراء ال ختلو خفافهم من خروق، فإذا كان هذا غالًبا أو كثرًيا من قوٍم يف عهد رسول اهلل H ومل ينبِّه عليه دلَّ عىل أنه ليس برشط، فإذا جاء اخلف عىل وفق ما أطلقته السنة، فام ظهر من القدم ال جيب غسله،

    بل يكون تابًعا للخف، فيمسح عليه.وجيوز املسح عىل ما ال يستـر لصفائه، ألنَّ حمل الفرض مستور ال يمكن أن يصل

    إليه املاء، وكونه ُترى من ورائه البرشة ال يرض، فليست هذه عورة جيب سرتها.ويصح املسح عىل اخلف وإن كان ال يثبت بنفسه فلو فِرض أن رجًل رجله صغرية، ولبس خًفا واسًعا لكنه ربطه عىل رجله بحيث ال يسقط مع امليش، فيصح املسح عليه،

    وال مانع من املسح عليه ما دام أنه ينتفع به ويميش فيه.

    حاجة وهي واحدة العلة ألن اخلف، عىل قياًسا اجلوارب عىل املسح وجيوز جل إليهام، كام أهنا داخلة يف عموم حديث ثوبان I أن النبي H بعث الرِّن رسية فأمرهم أن يمسحوا عىل العصائب والتساخني)1(، والتساخني يعمرُّ كل ما يسخِّ

    الرجل.

    )1( رواه أبو داود )146(، وهو صحيح، انظر: صحيح أيب داود لأللباين )134(.

  • - 38 -

    وجيوز املسح عىل اللِّفافة، ألن اللِّفافة يعذر فيها صاحبها أكثر من اخلف، ألنَّ خلع جل ثم لبس اخلف، أسهل من الذي حُيل هذه اللِّفافة ثم يعيدها مرًة اخلف ثم غسل الرِّأخرى، فإذا كان الرشع أباح املسح عىل اخلُف، فاللِّفافة من باب أوىل، كام أهنا داخلة يف

    مسمى التساخني.رها عىل رأسه، حلديث املغرية: »أن النبي جل التي يكوِّ وجيوز املسح عىل عاممة الرَّيف كام باخلامر عنها يعربَّ وقد خفيه«)1(، وعىل العاممة وعىل بناصيته مسح H

    احلديث: »مسح عىل اخلفني واخلامر«)2(، يعني العاممة.كها انفلَّت ومتى ثبتت العاممة أو شق نزُعها جاز املسح عليها، وكذلك لو أنه إذا حرَّأكوارها، وكذلك لو أنه إذا نزع العاممة كان الغالب أن الرأس يصيبه الرضر بسبب اهلواء والعرق والسخونة، فريخص له حينئٍذ باملسح، وال جيب أن يمسح ما ظهر من الرأس،

    ولكن يسناّ فِْعل ذلك.نزعه يشق أما ال نزعها، يشق العاممة مثل كانت إذا القلنس املسح عىل وجيوز

    كالطاقية املعروفة فل يمسح عليها، ففرٌق بني ما يشق نزعه وما ال يشق.وما دام أنَّ الرشع قد أجاز املسح عىل العاممة، فكل ما كان مثلها يف مشقة النزع فإنه

    ُيعَطى حكمها.ة النزع وجيوز املسح عىل ُخُر النساء إذا كان هناك مشقة إما لربودة اجلو، أو ملشقَّ

    واللَّف مرة أخرى.

    ولو كان الرأس ملبًَّدا بحناء أو صمغ أو عسل، أو نحو ذلك، فيجوز املسح، ألنه ثبت أن النبي H كان يف إحرامه ملبًِّدا رأسه، فام وضع عىل الرأس من التلبيد

    فهو تابع له، وهذا يدل عىل أن طهارة الرأس فيها يشء من التسهيل.

    )1( رواه مسلم )274(.

    )2( رواه مسلم )275(.

  • - 39 -

    ت املرأة عىل رأسها حلًيا وهو ما ُيسمى باهلامة، جاز هلا املسح عليه. ولو شدَّوال يشرتط للعاممة توقيت كتوقيت اخلف، ألنه مل يثبت عن النبي H أنه

    َتها. وقَّوُيمسح اخلف والعاممة واخلامر يف احلدث األصغر دون األكرب، حلديث صفوان بن عسال قال: »أمَرنا رسوُل اهلل H إذا كنا سفًرا أال ننزع خفافنا ثلثة أيام ولياليهن

    إال من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم«)1(.

    »فإين :H قوله القول هذا ودليل الطهارة، كامل بعد ان اخلُفَّ وُيلبس أدخلتهام طاهرتني«)2(، وقوله: »طاهرتني«، وصف للقدمني، فيكون املعنى أدخلت كلَّ واحدة ومها طاهرتان، فيكون أدخلهام بعد كامل الطهارة، فلو غسل اليمنى ثم لبس قبل غسل اليرسى لكان َلبَِسه قبل كامل الطهارة، فل بدَّ من غسل اليرسى قبل إدخال اخلف يف اليمنى، وقيل: إن املعنى أدخلت كلَّ واحدة طاهرة، وعىل ذلك فلو توضأ رجل ثم غسل رجله اليمنى، فأدخلها اخلف، ثم غسل اليرسى وأدخلها اخلف، جاز ذلك، وهذا اختيار شيخ اإلسلم ابن تيمية V، واألحوط أن ال يدخل قدمه اليمنى يف اخلف قبل

    أن يغسل قدمه اليرسى، ويأيت بالطهارة كاملة.

    ة يشء، وإن انتهت ومن مسح يف سفر ثم أقام، فإنه يتم مسح مقيم إن بقي من املدَّاملدة خلع، ومن مسح يف إقامة ثم سافر، فإنه يتم َمْسح مسافر؛ ألنه ُوِجد السبب الذي يستبيح به هذه املدة قبل أن تنتهي مدة اإلقامة، أما لو انتهت مدة اإلقامة كأن يتمَّ له يوٌم

    وليلة ثم يسافر قبل أن يمسح، ففي هذه احلال جيب أن خيلع.

    ا عىل خف جاز له أن يمسح عليه، ألنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه وإذا لبس خفاًّطاهرتني، وهو شامل لطهارهتام بالغسل واملسح، وهذا القول أيرس للناس، ألن كثرًيا من

    )1( رواه الرتمذي )96(، وهو صحيح، انظر: مشكاة املصابيح لأللباين )520(. )2( رواه البخاري )206( ، ومسلم )274(.

  • - 40 -

    الناس يلبس اخلفني عىل اجلورب ويمسح عليهام، فإذا أراد النوم خلع اخلفني، فإذا قام من نومه مسح عىل اجلوربني ثم لبس اخلفني، فيجوز له أن يمسح عليهام.

    واملسح عىل العاممة ال بد أن يكون شامًل ألكثرها، ويستحب إذا كانت الناصية باديًة أن يمسحها مع العاممة.

    بالرأي لكان ين الدِّ I قال: »لو كان القدم حلديث عيل أكثر ظاهر ويمسح ظاهر عىل يمسح H النبي رأيت وقد أعله، من باملسح أوىل اخلف أسفل

    يه«)1(. ُخفَّ

    ويبدأ من أصابع رجله إىل ساقه، وال يمسح أسفل قدمه وال َعِقَبه ألهنام ليسا من أعىل القدم.

    مل فإذا لليرسى، واليرسى اليمنى، للقدم اليمنى اليد مًعا، اخلفني عىل ويمسح يبدأ فإنه مشلولة أو مقطوعة يديه إحدى تكون أن مثل مجيًعا بيديه يمسح أن يمكنه

    باليمنى.

    ولو لبس خفيه عىل طهارة ثم خلعهام ثم لبسهام وهو عىل طهارته األوىل، فإنه ال يستأنف الطهارة، وال تبطل الطهارة بخلع اخلفني، ألن هذه الطهارة ثبتت بمقتىض دليل رشعي، وما ثبت بمقتىض دليل رشعي فإنه ال ينتقض إال بدليل رشعي، واألصل بقاء له شعٌر كثري، ثم مسح عىل شعره بحيث ال أنَّ رجًل لو القياس الطهارة، ويؤيده من

    يصل إىل باطن رأسه يشء من البلل، ثم حلق شعره بعد الوضوء، فطهارته ال تنتقض.

    فالنبي الطهارة، استئناف عليه جيب فل طهارة، عىل وهو املسح مدة متت ولو H وقَّت مدة املسح، لُيعَرف بذلك انتهاء مدة املسح ال انتهاء الطهارة.

    )1( رواه أبو داود )162(، وهو صحيح، انظر: مشكاة املصابيح لأللباين )525(.

  • - 41 -

    * املسح عىل اجلبرية:ليلتئم، ُيربط عليها ثم الكرس املسح عىل اجلبرية، وهي أعواد توضع عىل وجيوز

    واآلن بدهلا اجلبس.وال ُيتجاوز يف اجلبرية قدر احلاجة، فلو كان الكرس يف األصبع واحتجنا أن نربط كلَّ الراحة لتسرتيح اليد جاز ذلك لوجود احلاجة، ولو زاد عن قدر احلاجة فإنه يمسح

    عىل اجلميع؛ ألنه ملا كان يترضر بنزع الزائد صار اجلميع بمنزلة اجلبرية.وُيمسح عىل اجلبرية يف احلدثني األصغر واألكرب، ألنَّ املسح عىل اجلبرية من باب عىل املسح بخلف واألصغر، األكرب احلدث بني فيها فرق ال والرضورة الرضورة،

    اخلفني فهو رخصة.وإذا وجد جرح يف أعضاء الطهارة، فإن كان مكشوًفا وال يرضه الغسل، ففي هذه

    احلال جيب عليه غسله إذا كان يف حمٍل ُيغسل.وإن كان مكشوًفا ويرضه الغسل دون املسح، ففي هذه احلال جيب عليه املسح دون

    الغسل.وإن كان مكشوًفا ويرضه الغسل واملسح، فإنه يتيمم له.

    وإن كان مستوًرا، فإنه يمسح عىل هذا الساتر، ويغنيه عن غسل العضو وال يتيمم.وال يشرتط كامل الطهارة يف اجلبرية؛ ألهنا تأيت مفاجأة وليست كاخلف متى شاء

    لبسه.ويمسح عىل اجلبرية إىل َحلِّها، إما بربء ما حتتها، وإما لسبٍب آخر، فإذا برئ اجلرح وجب إزالتها؛ ألنَّ السبب الذي جاز من أجله وضُع اجلبرية واملسُح عليها زال، وإذا

    زال السبب انتفى املسبب.ها يف احلال أو متى شاء؛ ألن اجلبرية وال تبطل الطهارة النتقاض اجلبرية، ويعيد شدَّ

    ال يشرتط لوضعها الطهارة.

  • - 42 -

    باُب نواقض الوضوء

    نواقض الوضوء هي مفسداته التي إذا طرأت عليه أفسدته.والنواقض منها ما هو ُمَمع عليه، ومنها ما هو مبنيٌّ عىل اجتهادات أهل العلم،

    .H د إىل كتاب اهلل وسنة رسوله وعند النزاع جيب الراّ

    * ونواقض الوضوء كالتايل:ي سبيل ألنه طريق بر، وسمِّ األول: ما خرج من السبيل، وهذا يتناول القبل والدرُّ

    ]ڦ ڦ ڦ تعاىل: قال الدبر، البول والغائط والريح من منه اخلارج، ويشمل خيرج وغائط بول من »ولكن ال: عساّ بن صفوان حديث ويف ]املائدة:6[، ڄ[ ڄ ڦ

    ونوم«)1(، ويف احلديث: »ال ينرصف حتى يسمع صوًتا أو جيد رحًيا«)2(.

    الكىل يف بحصوة يصاب فقد الدبر، أو القبل من خرجت إذا احلصاة وتنقض فتخرج من ذكره بدون بول.

    ويشمل ما خرج من السبيلني، الطاهَر كاملني، والنجَس كالبول واملذي والودي والدم.وينقض ما خرج من بقية البدن إن كان بواًل أو غائًطا، مثل أن جيري اإلنسان عملية فهو مكان أي من غائط أو بول خرج فإذا أخرى، جهة من اخلارج فيخرج جراحية ناقض قلَّ أو كثر، ويستثنى مما سبق من حدثه دائم، فإنه ال ينتقض وضوؤه بخروجه،

    كمن به سلُس بوٍل أو ريٍح أو غائط.

    وال ينقض الوضوء ما خرج من غري السبيلني قلَّ ذلك أو كثر، إال البول والغائط، ألن األصل عدم النقض، فمن ادعى خلف األصل فعليه الدليل، وألن طهارته ثبتت

    بمقتىض دليل رشعي، فل ترفع عنه طهارة واجبة إال بدليل رشعي.

    )1( رواه الرتمذي )96(، وهو صحيح، انظر: مشكاة املصابيح لأللباين )520(.)2( رواه البخاري )177(، ومسلم )361(.

  • - 43 -

    أو تغطيته بسبب يوجب بالكلية كاجلنون، العقل، سواء كان زواله الثاين: زوال ذلك ملدة معينة كاإلغامء والسكر، فلو رصع ثم استيقظ، أو سكر، أو أغمي عليه، انتقض

    وضوُءه طال الزمن أم قرص.

    النوم، والنوُم مظِنَّة احلدث وليس حدًثا بذاته، فلو نام ولكنه لو انتقض الثالث: وضوُءه أحسَّ بنفسه فإنَّ وضوَءه باٍق، ولو نام بحيث لو أحدث مل حيسَّ بنفسه فقد انتقض وضوُءه، ويدل لذلك قول أنس I:»إن الصحابة M كانوا ينتظرون العشاء عىل

    عهد رسول اهلل H حتى ختفق رؤوسهم ثم يصلرُّون وال يتوضأون«)1(، وحيمل

    حابة عىل ما إذا كان اإلنسان لو أحدث ألحسَّ بنفسه، ويؤيد هذا قول ما ورد عن الصَّ

    ه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء«)2(. النبي H: »العني وكاء السَّ

    فإذا نام وفقد اإلحساس فقد انتقض وضوءه، ألن اإلنسان مل حيكم وكاءه بحيث إنه لو أحدث مل حيساّ بنفسه، فكان نومه ناقًضا، فإن أحسَّ بنفسه مل ينتقض وضوُءه.

    أم بغري شهوة، كر والُقُبل مطلًقا، سواء كان بشهوة الذَّ الوضوء من مّس الرابع: H: »من مسَّ ذكره فليتوضأ«)3(، ه أو بطنه، لقوله وسواء كان املسرُّ بظهر كفِّ H النبي أنه سأل بدليل حديث طلق بن عيلاّ واألمر يف احلديث االستحباب إنام هو H: »ال، النبي الرجل يمسرُّ ذكره يف الصلة أعليه وضوء؟ فقال عن الوجوب عن سأل أنه بدليل الوجوب نفي عىل يدل احلديث وهذا منك«)4(، بضعة فقال: »أعليه«، وكلمُة »عىل« ظاهره يف الوجوب، وعىل القول بأنه مستحب فهذا يعني

    أنه مرشوع وفيه أجٌر واحتياط.)1( رواه مسلم )376(.

    )2( رواه أبو داود )203(، وهو حسن، انظر: صحيح اجلامع الصغري لأللباين )4148(.)3( رواه أبو داود )181(، وهو صحيح، انظر: إرواء الغليل )116(.

    )4( رواه الرتمذي )85(، وهو صحيح، انظر: متام املنة لأللباين ص )103(.

  • - 44 -

    ولو مسَّ ذكره لشهوة وخرج منه يشٌء فيجب الوضوء، نظًرا ملا تعلَّق به من ناقض من نواقض الوضوء.

    ه ه بشهوة انتقض وضوُءه وإال فل، ألنه إذا مسَّ وذهب بعض العلامء إىل أنه إن مسَّ

    ويدل وضوؤه ينتقض ال وحينئٍذ أعضائه، سائر يمسرُّ كأنام صار شهوة حترك بدون

    ه لشهوة فإنه ينتقض ألن العلة لذلك قوله H: »إنام هو بضعة منك«، فإذا مسَّ

    ه عىل هذا الوجه موجودة، وهي احتامل خروج يشء ناقض من غري شعوٍر منه، وألن مسَّ

    خيالف بقية األعضاء، ويؤيده حديث: »من مسَّ ذكره فليتوضأ«)1(.

    اخلامس: أكل حلم اجلزور، وال فرق بني اهلرب وبقية األجزاء، وال فرق بني القليل

    والكثري واملطبوخ والنيئ، وسواء كانت اجلزور كبرية أم صغرية، ودليل ذلك أن رجًل

    حلوم من أ فتوضَّ »نعم، قال: اإِلبل؟ حلوم من أ أنتوضَّ فقال: H النبي سأل

    أ«)2(، أ، وإِن شئت فال تتوضَّ أ من حلوم الغنم؟ قال: »إن شئت فتوضَّ اإِلبل«، قال: أنتوضَّ

    أوا منها«)3(، واألصل يف وسئل H عن الوضوء من حلوم اإلبل، فقال: »توضَّ

    األمر الوجوب.

    وال يلزم الوضوء من ألبان اإلبل؛ ملا رواه أنس I يف قصة العرنياّني أن النبي H أمرهم أن يلحقوا بإبل الصدقة ويرشبوا من أبواهلا وألباهنا، ومل يأمرهم أن يتوضأوا من ألباهنا، مع أن احلاجة داعية عىل ذلك، فدلَّ ذلك عىل أن الوضوء منها ليس

    بواجب.ومرق حلم اإلبل ال يوجب الوضوء ولو ظهر طعم اللحم، والوضوء منه أحوط.

    )1( رواه أبو داود )181(، وهو صحيح، انظر: إرواء الغليل )116(.)2( رواه مسلم )360( .

    )3( رواه أبو داود )184(، وهو صحيح، انظر: صحيح أيب داود )178(.

  • - 45 -

    * الشك يف احلدث:پ ٻ ٻ ٻ ٻ ]ٱ تعاىل: لقوله املحِدث، عىل الصلة حترم ٺ ٺ ٺ ڀ ڀ ڀ ڀ پ پ پ

    ر هلذه الصلة. ٺ[ ]املائدة:6[، فعلل أن املقصود التطهَّحمِدث، أن يصيل وهو ألحٍد فل حيلرُّ وجوازها، الصلة فالطهارة رشط لصحة سواء كان حدًثا أصغر أو أكرب، لقوله H: »ال يقبل اهلل صالًة بغري طهور«)1(،

    وأمجع املسلمون عىل أنه حيرم عىل املحدث أن يصيل بل طهارة.والصلة هي التي بيَّنَها النبي H بأن حتريمها التكبري، وحتليلها التسليم، سواء كانت ذات ركوع وسجود أم ال، كالفرائض اخلمس، واجلمعة، والعيدين، وصلة

    اجلنازة؛ ألهنا مفتتحٌة بالتكبري خمتتمٌة بالتسليم، فهي داخلة يف مسمى الصلة.ن أنه طاهر وشك يف احلدث فإنه يبني عىل اليقني، وهذ