العدد 19 - آذار / مارس 2016

3 دراسات وأوراق تحليلية محمود محارب

5 سياسة إسرائيل تجاه األقصى

نبيل زكاوي

جيوسياسية الهجرة السرية بحوض البحر األبيض المتوسط:

23 أبعاد الظاهرة وخلفيات االقتراب األوروبي

خالد محمد دفع اهلل

استجابة البحوث للسياسات:34 حالة بحوث الهجرة القسرية في السودان

فوزية قاسي وعربي بومدين

العالقة بين الجيش والسلطة السياسية في الجزائر: 54 بين حكم الواقع وتحديات نزع الطابع العسكري

نوري دريس

المجتمع المدني في الجزائر المعاصرة:68 اقتصاد سياسي لتجربة انتقال ديمقراطي غير مكتملة

91 المؤشر العربي وحدة استطالع الرأي في المركز العربي

93 المشاركة السياسية والمدنية

107 التوثيــق

أهم محطات التحول الديمقراطي 109 في الوطن العربي

114 الوقائع الفلسطينية

119 مراجعات وعروض كتب علي مرزا

121 "النفط بين السياسات واألوهام"

أحمد جاسم الحسين

133 اإلرهاب وصناعه المرشد/الطاغية/المثقف

عماد قدورة

الحركة الكردية:142 اإلسالميون والعلمانيون بين الصراع والحوار

هاني عواد

149 أحالم مصر في استصالح الصحراء: تنمية أم كارثة؟

ضرار بني ياسين

156 فكرة حقوق اإلنسان

163 تقاريــــر

165 مؤتمر "الشيعة العرب: المواطنة والهوية العربية"

121121

* خبري اقتصادي عراقي.

Oil Policies, Oil myths: Analysis and Memoirs of an OPEC Insider:عنوان الكتاب باإلنكليزية

الكاتب: فاضل الجلبي.

London: I. B. Tauris, 2010 :النارش

عدد الصفحات: 311 صفحة.

علي مرزا*

مراجعة كتاب

"النفط بين السياسات واألوهام"

العدد 19

آذار / مارس 2016 122

أولا: مقدمــة)))، )))يحتوي هذا الكتاب عىل وصف وتحليل وانطباعات وذكريات لرجل

له سعة اطالع وخربة رصينة يف مجال النفط اكتسبها خالل أكرث من

أربعة عقود؛ ابتدأها يف وزارة النفط العراقية )1967-1976(، ومن ثم

انتقل إىل منظمة الدول املصدرة للنفط، أوبك)1978-1989(، وأخريا

مديرا ملركز دراسات الطاقة يف لندن CGES )1989-()3(. ولعل الكاتب

الجيوسياسية الفرتة بتعقيداتها يف طليعة من يستطيع تغطية هذه

اإلقليمية والدولية واالقتصادية؛ فمعرفته بتفاصيلها واتجاهاتها غنية

وشاملة. بعد قراءة الكتاب، يخرج القارئ بأنه تعلم الكثري من تحليل

كان يظهر يف بعض األحيان يف وسائل اإلعالم رسيعا ويف أحيان كثرية

مجتزأ. وال شك يف أن املجالت املهنية واألكادميية والدراسات والكتب

النفطية املتخصصة واملتابعة غطت املوضوعات التي يتناولها الكتـاب

بجديـة واقتدار؛ فعىل سبيل املثال، الكتاب الشامـل الغني باملعرفة

.)(( 2009 سنة ونقح 1992 سنة صدر الذي The Prize "الجائزة"

غري أن للكاتب ميزة مهمة بينها عنوان فرعي للكتاب، وهي أنه كان

وقراراتها املنظمة مداوالت تابع insider األوبك داخل من شخصا

يف القرار تحول خاللها جرى األهمية بالغة فرتة يف فيها، وأسهم

إنتاج النفط وتصديره وتسعريه من كارتل الرشكات الكربى إىل الدول

الكتاب أن اإلعجاب يثري ومام املنظمة. يف األعضاء للنفط املنتجة

صدر والكاتب يف الثامنني من عمره، والذي يتبني منه أنه ال يزال عىل

جانب كبري من حدة الذكاء والتذكر. هناك دامئا محطات "اسرتاحة"

يف الكتاب بذكريات شخصية وفنية واستطالعية ممتعة تريح القارئ

من عناء متابعة القضايا االقتصادية والسياسية والتقنية العويصة.

يتعرض الكتاب لقضايا كثرية؛ من هيكل الصناعة النفطية، إىل تحديد

الجيوسيايس يف الطاقة، والرصاع استهالك النفط يف األسعار، وحصة

منطقة الرشق األوسط، وسياسات األعضاء واتفاقهم واختالفهم داخل

ثقافية وفكرية. ويف إلخ. هذا، إضافة إىل ملحات املنظمة وخارجها،

كل من القضايا املهنية يعرض الكاتب رأيه يف تطورها بدراية وخربة.

يف آثرت لذلك املواضيع. هذه لجميع التطرق الصعب من وعليه،

1 أشكر السادة خرباء النفط عدنان الجنايب وكامل املهيدي والخبري املرصيف موفق حسن محمود عىل مالحظاتهم القيمة عىل مسودة املراجعة، والتي أسهمت يف تحسينها.

باللغة اإلنكليزية يف 2010 يف 311 الصادر الكتاب املراجعة عىل أصل 2 اعتمدت هذه 8)3 صفحة، يف 2013 يف للكتاب عربية ترجمة ولقد صدرت .)Chalabi 2010( صفحة، عبد عطا لألوبك، الحقيقية القصة واألوهام: السياسات بني النفط الجلبي، فاضل انظر:

الوهاب)مرتجم(، )بريوت: املؤسسة العربية للدراسات والنرش، 2013(.

3 عمل الجلبي لفرتة وجيزة بني سنتي 1976 و1978 يف منظمة الدول العربية املصدرة .OAPEC للنفط

4 Yergin, D., The Prize, The Epic Quest for Oil, Money & Power )New York: Free Press, 2009(.

هذه املراجعة عرض جوانب أساسية، يف اعتقادي، ومناقشتها، وهي

ال تغني عن قراءة هذا الكتاب املمتع واملفيد يف آن واحد. ويف كتاب

كهذا ال بد أن تتداخل القضايا، مام أدى إىل تكرار يف بعض األحيان،

وتقطع وعدم وضوح يف التحليل يف أحيان أخرى.

سيتم عرض أهم القضايا التي يطرحها الكتاب يف شكل فقرات متتابعة

يف هذه املراجعة. ويف القضايا أو النقاط املطروحة التي اتفق عليها

أو اختلف فيها، أو يف حالة نتائج ترد يف الكتاب من دون إسناد رقمي

أو تعقيبات أو مالحظات خالل من ذلك فسنبني كاف، تحليل أو

إضافات تحليلية أو رقمية يستند بعضها إىل مصادر مبينة يف هوامش

هذه املراجعة.

ثانيا: مسائل أساسيةيؤكد الكتاب مسائل أساسية يتكرر معظمها يف فصوله:

لقد متكنت الرشكات النفطية الكربى )"األخوات السبع": برتش

زائد رشكة أمريكية))(، برتوليوم BP وشلShell وخمس رشكات

من العرشين القرن من األول النصف خالل ) CFPفرنسية

تكوين كارتل لتنظيم الصناعة النفطية خارج الواليات املتحدة

من خالل تكامل أفقي )ملكيات مشرتكة يف امتيازات دول الخليج

وإيران، ص وأبو ظبي، والكويت، والسعودية، العراق، العريب:

upstream operations 38( يف عمليات استخراج النفط الخام

وتكامل عمودي امتد إىل العمليات الالحقة حتى توزيع املنتجات

النفطية والغاز للمستهلكني downstream operations. ولقد

5 الرشكات الكربى األمريكية الخمس التي تبدلت أسامء بعضها واندمج اثنان منها، هي:ستاندرد أويل أوف نيوجريس: أكسونExxon سوكوين – فاكيوم: موبل Mobil ستاندرد أويل اوف كاليفورنيا: شيفرون Chevron تكساكو Texaco كلف Gulf، واشرتت رشكة شيفرون

هذه الرشكة يف )198، انظر:Yergin, pp. (8(, 721.

123مراجعات وعروض كتب

النفط بين السياسات واألوهام

خالل من النفطية الصناعة استقرار عىل الكارتل هذا حافظ

تخطيط العرض مبا يتالءم مع الطلب عىل النفط الخام املشتق

النفطية والبرتوكياموية. فمن ضمن املنتجات الطلب عىل من

عجز وتشبع الخام، النفط بإنتاج الرشكات تقوم الكارتل هذا

"داخلية"، أسعار باستخدام اآلخر، البعض فائض من بعضها

وصوال إىل تكريره يف املصايف وبيعه للمستهلكني. وكانت األسعار

،prices posted ،"الداخلية )التي كانت أساس األسعار "املعلنة

بعد اتفاقات مناصفة األرباح يف أوائل الخمسينيات( هي أقرب

إىل كلفة إنتاج النفط الخام منها إىل السعر املشتق من الطلب

عىل منتجاته )ما أصبح يعرف فيام بعد سعر الصايف - املرجع

net-back(. ولقد كان ذلك ممكنا بسبب السيطرة شبه الكاملة

املتحدة، الواليات الخام )خارج النفط إنتاج الكارتل عىل لهذا

نجم ما وتوزيع مشتقاته، وتكريره ونقله السوفيايت( واالتحاد

عنه عدم وجود سوق عاملية مستقلة لتبادل النفط الخام )خارج

سبعينيات أوائل يف بداياتها ظهور حتى املتحدة( الواليات

القرن املايض.

ولقد أخذت هذه املنظومة املحكمة لإلنتاج والتسعري الداخيل

خالل من أوال، الستينيات؛ يف للتخلخل تتعرض الخام للنفط

الكربى( الرشكات )عن املستقلة بالرشكات يسمى ما دخول

اإليطالية ENI أيني املثال، سبيل )عىل وأوروبية أمريكية

ملجال الرويس والنفط األمريكية( Occidental وأوكسيدنتال

اإلنتاج/ التصدير والتسعري يف سوق النفط. وثانيا، تكوين منظمة

)العراق، خليجية دول أربع من 1960 يف بغداد يف األوبك

واململكة العربية السعودية، والكويت، وإيران( وفنزويال.

السياسة عن "اإلعــالن ،1968 يف 90 رقم األوبــك قرار ميثل

النفطية يف الدول األعضاء"، منعطفا تاريخيا حيث تضمن القرار

مسؤولية دول األوبك عن تسعري النفط املنتج فيها وحق هذه

الدول يف ملكية االمتيازات النفطية أو املشاركة فيها وتعديلها

وتطوير الرثوة الهايدركربونية عموما فيها.

تنامى دور األوبك وتأثريها بعد توسيع عضويتها وتبدل األوضاع،

منذ أواخر الستينيات. وميثل التملك الوطني للعمليات واملنشآت

النفطية )1972-)197(، متشيا مع القرار 90، من خالل التأميم

الكويت يف النفطية الرشكات مع باالتفاق وفعليا العراق يف

والسعودية وقطر )وامللكية الكاملة الفعلية يف إيران منذ زمن

إحدى أخرى، نفطية دول يف واملشاركات بعده( وما مصدق

أدى، فعليا، والتأثري. ولقد الدور لتنامي هذا الرئيسة الوسائل

إىل كرس التكامل األفقي يف إنتاج النفط والتكامل العمودي مع

العمليات الالحقة مام قاد لتعريض الصناعة النفطية إىل تبعات

تقلبات السوق. بعبارة أخرى، بينام متكن كارتل الرشكات الكربى

االستهالك حاجات مع الغاز الخام/ النفط إنتاج مواءمة من

وتقرير مستوى اإلنتاج للدول املنتجة مبا يحقق التوازن والنمو

عرضت املنتجة الدول ملكية فإن ككل، النفطية الصناعة يف

الصناعة النفطية للتقلب.

بعد سيطرتها عىل اإلنتاج وتأثريها يف التسعري، فإن إسرتاتيجية

الجزائر األوبك وبخاصة النفط من جانب دول أسعار تعظيم

وإيران وفنزويال، ويف بعض األحيان العراق، أرضت إرضارا كبريا

العاملية وبحصة دول األوبك الطاقة النفط يف استهالك بحصة

الدول يف الحصتني، انخفاض حصل ولقد النفط. استهالك يف

استهالك ترشيد تشجيع خالل من ابتداء، OECD املتقدمة

والتوجه النفط محل البدائل وإحالل عموما وكفاءتها الطاقة

نتيجة كانت ولقد األوبك. خارج للنفط منتجة مناطق نحو

مسؤولية تحملها األسعار، زيادة مسؤولية األوبك دول تبني

الزيادة ورفع عبئها عن الرشكات النفطية الكربى يف الوقت الذي

استفادت هذه الرشكات بصورة كبرية من خالل تضخم أرباحها

نتيجة الرتفاع األسعار.

السياسات يف االنسجام التامسك/ ضعف عىل الكتاب يركز

العوامل تغليب وبــالــذات األوبــك، دول ألغلب النفطية

األيديولوجية والسياسية عىل االقتصادية )ص 9)(. ومن خالل

عرض الكتاب يستشف أن ما يطلق عليه ضعف التامسك ينرصف

الدول األعضاء السياسات؛ يتمثل األول مبواقف إىل نوعني من

ويتعلق "كارتل". بوصفها وإسرتاتيجياتها األوبك سياسات من

مجال ففي الدول. لهذه الوطنية النفطية بالسياسات الثاين

سياسات بعض الدول األعضاء ضمن األوبك فإن عدم التامسك -

يف نظر الكاتب - ينبع من عدم التزامها الهدف األساس لألوبك

يف النفط حصة عىل الحفاظ رأيه، يف وهو، "كارتل" بوصفها

التي كانت تطالب الدول تلك العاملية. وهي الطاقة استهالك

الذي الوقت يف املدى القصرية العوائد وتعظيم عالية بأسعار

األساس الهدف تحقيق يف يسهم اعتداال أكرث سعر تبني كان

والجزائر إيران شاه يربز املجال هذا ويف األوبــك. "لكارتل"

االحتياطي ذات إيران أن من الرغم وعىل وليبيا. وفنزويال

النفط، استهالك أمد إطالة مصلحتها من كان العايل النفطي

بحسب السياسة، هذه فاتباع معتدل، سعر تبني خالل من

العدد 19

آذار / مارس 2016 124

رأي الكاتب، من بني عوامل أخرى سيتم التطرق إليها يف القسم

الثالث من املراجعة، كان نتيجة لرغبة الشاه يف التسلح لتحقيق

دور مهيمن إليران يف الخليج. أما الدول الثالث األخرى فموقفها

الكاتب، من صغر حجم احتياطاتها. ولكني نابع، بحسب رأي

أعتقد أن من الصعب قبول رأي الكاتب بعدم متاسك السياسات

للدول الثالث األخرية داخل األوبك ما دامت مدفوعة، بجانب

من سياساتها، بصغر حجم احتياطاتها النفطية. أما النوع الثاين،

أن الظن فأغلب والسياسية األيديولوجية العوامل تغليب يف

الكاتب يقصد به العراق بعد 8)19. وهذا ما سنتناوله يف القسم

الخامس من املراجعة.

ثالثا: األوهام في المشهد النفطي

الكارتل الوهميموقفه وتحدد الكتاب ثنايا يف تتكرر التي املواضيع أهم من لعل

من دور األوبك منذ إنشائها )وتم تلخيصه يف الفصل )1( هو اقتناع

الكاتب أن إطالق صفة "كارتل" عىل منظمة األوبك هو أسطورة أو

من عليها، والتعليق نظره وجهة عرض وقبل .myth شائع، وهم

املالئم أن نذكر أن الكارتل cartel، بشكل عام، هو اتفاق بني مجموعة

البيع أو كمية اإلنتاج أو حصة السوق. والهدف منتجني حول سعر

منه هو تحقيق مجموع أرباح ألعضائه أعىل من ذلك الذي يتحقق

prisoners إذا تنافس األعضاء يف السوق. وبحسب معضلة السجناء

dilemma يف نظرية اللعبة game theory، فإنه يف حالة عدم وجود

آلية داخل الكارتل ملراقبة إنتاج األعضاء وإلزامهم بحدود حصصهم

من الهدف تحقيق يف الفاعلية بعدم الكارتل يتسم عليها، املتفق

تكوينه مام يسهم يف عدم استقراره؛ إذ يؤدي غياب الرقابة واإللزام

هو االتفاق يكون )عندما اإلنتاجية حصصهم األعضاء تخطي إىل

وبالنتيجة املنافسة(، سعر من أعىل سعر لتحقيق اإلنتاج تحديد

ينخفض سعر البيع وينخفض مجموع األرباح مقارنة مع حالة االلتزام

بالحصص. وهي حال عدة دول أعضاء يف األوبك، يف بعض األحيان،

كام يتبني ذلك من الكتاب وبالذات يف الفصل )13( منه؛ بخاصة يف

التي الفعلية اإلنتاج بأرقام األوبك سكرتارية ثقة عدم إىل إشارته

يرد ما ذلك عىل من بدال واعتامدها األعضاء الدول بعض يجهزها

من أرقام يف "الصحافة املتخصصة" التي كانت تبني تخطيها الحصص

أن أعتقد ولكني بها. إلزامهم قادرة عىل املنظمة تكن املقررة. ومل

عندما الكيل اإلنتاجي برنامجها اللتزام الوسيلة متلك كانت األوبك

أقل( بدرجة الخليجية الدول من وغريها )أساسا، السعودية تقبل

العراق إنتاج انخفاض إىل إضافة هذا املتبقي. املنتج دور بتحمل

لفرتات طويلة.

الكتاب عىل تحليل ما كان ميكن أن املجال، ينصب عرض ويف هذا

تحققه املنظمة بوصفها "كارتل" حقيقيا، يسيطر عىل أغلب احتياطي

الحفاظ عىل حصة مهيمنة يف سوق تبنت هدف لو الدويل، النفط

األمد يف الكارتل مصلحة تكمن تحقيقه يف والذي الدولية، النفط

البعيد. ولكن املنظمة فشلت يف تبني هذا الهدف أو تحقيقه؛ فبعد

سيطرة أعضائها عىل إنتاج النفط فيها خالل سبعينيات القرن املايض،

عزلت هذه الدول نفسها )عدا عدد قليل منها( عن املراحل الالحقة

)التكرير والتوزيع( يف downstream الخام وتصديره النفط إلنتاج

ونتيجة العمودي. التكامل إضعاف إىل أدى ما املستهلكة، الدول

األمور التنسيق بخصوص التزام التعاون بني أعضائها وعدم لضعف

املرتبطة بإنتاج النفط upstream، ضعف التكامل األفقي فيام بينهم.

وبذلك مل تستطع املنظمة، بوصفها "كارتل"، أن تقوم بالدور املنظم

للصناعة النفطية يف مجال النفط الخام واملراحل الالحقة، وهو الدور

الكربى يقوم به بكفاءة)6(. ومنذ 1973 الذي كان "كارتل" الرشكات

وحتى العقد الثاين من القرن الواحد والعرشين، مل تستخدم املنظمة

وسيلة تغيري مستوى اإلنتاج لتحقيق االستقرار يف السوق من خالل

للحفاظ عىل أسعار تحقيق أسعار "معتدلة" وإمنا استخدمته غالبا،

عالية. ومبا أن ظروف السوق مل تساند األسعار العالية يف أحيان عديدة،

كام أن املنظمة لجأت إىل زيادة اإلنتاج لتخفيض األسعار أحيانا، فإنها

6 ألسباب اقتصادية وتنظيمية وسياسية، من غري املمكن توقع قيام دول األوبك بوصفها "كارتل" باستثامرات متتد إىل العمليات الالحقة بحجم يحقق تكامال عموديا كام كانت حال

كارتل الرشكات الكربى.

125مراجعات وعروض كتب

النفط بين السياسات واألوهام

ساهمت، بوصفها "كارتل"، يف تقلب األسعار. ويف اتباع سياسة تعظيم

األسعار/ العوائد كان العبء، بخاصة خالل 1973-1988/1987، أشد

الدول، من غريها ملصلحة العراق( ضمنها )من الخليج دول عىل

إىل ذلك يف السبب ويعود اإلنتاجية. الحصص أسلوب تطبيق عند

املنظمة، تحملته هذه إنتاج أعضاء التخفيض يف مجموع أن عبء

الدول، وبالذات السعودية، بوصفها منتجا متبقيا لتعوض عن تخطي

األعضاء اآلخرين حصصهم اإلنتاجية.

عىل "كارتل" صفة إطالق أن الكاتب يعتقد األسباب هذه لكل

املنظمة هو واحد من األوهام الشائعة.

ويف هذا السياق أقدم مالحظايت التالية:

يف حالة القبول مبعيار الحفاظ عىل حصة السوق بوصفه أهم

هدف لألوبك، فإين أتفق مع النتيجة الواردة يف الكتاب يف أن

املنظمة فشلت يف تحقيق هذا الهدف كام يدل عليه انخفاض

انخفض إذ النفطية؛ السوق من أعضائها حصص مجموع

مجموع حصص األعضاء يف التصدير العاملي للنفط الخام الذي

ال يشمل سوائل الغاز NGLs، من 86 % خالل الفرتة الواقعة بني

1969 - 1973 إىل )6 % خالل الفرتة الواقعة بني 1980 - )198،

ولكن .)7( 201( - 2010 بني الواقعة الفرتة خالل % (7 وإىل

يف حاسم تأثري لها كان املنظمة أن إىل يشري نفسه الكتاب

،1988/1987-1973 الفرتة خالل )وتخفيضها( األسعار رفع

الكتاب(. وبناء ويف استمرار تأثريها حتى 2010 )تاريخ صدور

عليه، ميكن القول إنه خالل النصف قرن املايض كان إلجراءات

األوبك وسياساتها بوصفها "كارتل" )أو بوصفها قائدا سعريا()8(

دور ملموس يف املجال السعري )مع أنه اتسم بالتناقص نتيجة

النخفاض حصة األوبك من السوق(، بخاصة من خالل تطبيق

متبقيا. منتجا بوصفها السعودية ودور اإلنتاجية الحصص

صحيح، عند مقارنته بكارتل الرشكات الكربى مل يستطع "كارتل"

)بالطبع استمر ولكنه السوق، يف حصته عىل الحفاظ األوبك

إذا "وهمي" إذن فهو األسعار. يف التأثري يف متناقصة( بدرجة

أخذنا الحفاظ عىل حصة السوق معيارا للحكم، ولكنه كان "غري

7 مصدر األرقام، جدول اكسيل ملحق بـ:OPEC, Annual Statistical Bulletin, )201((; OPEC, Annual Statistical, Bulletin, )200((, p. 3(.

8 أعتقد أن املنظمة هي أقرب إىل قائد سعري price leader، منها إىل كارتل. فاملنظمة أصبحت، من الناحية االقتصادية، منذ بداية السبعينيات متثل اتفاقا بني أهم مصدري النفط مهمني خارج هذا منتجني اإلنتاج، مع وجود تحديد األسعار، من خالل للتأثري يف مستوى االتفاق. فلقد بلغت حصة األوبك من النفط الخام خالل الفرتة الواقعة بني 1969 - 1973

حواىل 3) % من إنتاج العامل و86 % من صادرات العامل، انظر:OPEC )200((, pp. 22, 3(.

الواقعة الفرتة بخاصة خالل األسعار، التأثري يف وهمي" مبعيار

أن السعر بعد ذلك، الرغم من بني 1973-1988/1987. وعىل

خالل الفرتة 1987 / 1988 - 2010، أصبح يتقرر بصورة متزايدة

يف السوق الدولية بتفاعل الطلب والعرض العامليني عىل النفط،

يف ظل تنامي العرض من خارج دول األوبك، وبتأثري أساسيات

ولكن الجيوسياسية، والعوامل والتوقعات النفطية الصناعة

األوبك استمرت بوصفها عامال أساسا يف التأثري يف هذه السوق)9(.

أما خالل الفرتة الواقعة بني نهاية 2010 ومنتصف )201، فلم

يكن للمنظمة دور أساس يف مستوى السعر العايل الذي تحقق

لـ 100 دوالر، السعر تخطي أسباب أهم مرد كان إذ خاللها؛

tight املحصور النفط إلنتاج الدرامي االرتفاع الرغم من عىل

الليبي اإلنتاج يف انخفاضات هو املتحدة، الواليات يف oil

واإليراين والنيجريي والرويس والسوري، إلخ؛ بحيث وازنت هذه

االنخفاضات، خالل هذه الفرتة، الزيادة الكبرية يف إنتاج النفط

املحصور. هذا، إضافة إىل تنامي الطلب العاملي، بخاصة األمرييك

منو العرض وضعف زيادة أدت ذلك بعد اآلسيوي. والصيني/

بني األسعار يف الشديد الحايل التدهور إىل العاملي الطلب

منتصف )201 وأوائل 2016 )10(.

لذلك، فإن إطالق صفة "كارتل وهمي" مبالغ فيه. فهو وال شك

ليس كارتال قويا بخاصة بعد تناقص حصته يف التصدير العاملي

للنفط. ولكنه يبقى مجموعة منظمة من املنتجني الكبار. وإذا

التسعري، ستحافظ هذه املجموعة اتبعت سياسات معتدلة يف

عىل تأثري مهم يف سوق النفط مستقبال. واملقصود بالسياسات

املعتدلة هو تلك التي تحقق تسوية مقبولة بني هدف الحفاظ

عىل حصة مالمئة يف السوق وهدف الحصول عىل حد أدىن من

املصالح مختلفو فاألعضاء املنظمة؛ ألعضاء النفطية العوائد

واإلمكانات النفطية، وال ميكن الرتكيز عىل هدف واحد للمنظمة،

السوق يف لألوبك مضافا تأثريا مينح وما عقدها. انفرط وإال

النفطية هو أن "الفكرة الشائعة" عنها بوصفها "كارتل" أثرت وال

تزال تؤثر يف توقعات السوق، ومن ثم يف سعر النفط. وال أدل

عىل ذلك من تأثري قرار األوبك بعدم تخفيض حصص أعضائها

النفطية األدبيات يف fundamentals النفطية" الصناعة "أساسيات تعبري 9 يستخدم ومنو اإلجاميل(، املحيل )الناتج الدخل مستوى من ضمنها: املتغريات من ليشمل مجموعة نفط احتياطيات تطوير واكتشاف/ والرتشيد، واإلحالل، التكنولوجي، والتطور السكان،

جديدة، إلخ.

10 عيل مرزا، "آثار انخفاض أسعار النفط عىل الدول املستهلكة واملنتجة"، ورقة مساهمة يف ندوة: "تأثري انخفاض أسعار النفط عىل البلدان املصدرة"، املركز العريب لألبحاث ودراسة

السياسات، الدوحة، 7 ترشين الثاين/نوفمرب )201، يف:http://www.dohainstitute.org/file/Get/e32a70d1-069a-(0db-a7a(-6766(1d62((8

العدد 19

آذار / مارس 2016 126

اإلنتاجية يف ترشين الثاين/ نوفمرب )201 وتأكيد ذلك يف كانون

األول/ ديسمرب )201 يف زيادة حدة انخفاض أسعار النفط.

من أخرى أشكال ملصلحة النفط استهالك حصة انخفاض إن

األوسط ملصلحة الرشق نفط استهالك وانخفاض حصة الطاقة

مصادر نفطية أخرى عالية الكلفة، كان نتيجة محصلة متغريات

وعوامل متعددة وليس فقط بسبب ارتفاع أسعار النفط)11(؛ فال

القرن النفط منذ منتصف سبعينيات ارتفاع أسعار أن شك يف

املايض قاد إىل سياسات، يف الدول املستهلكة بخاصة املتقدمة،

لرتشيد استهالك النفط وزيادة كفاءة استخدامه، والذي نتج منه

والنصف العقدين خالل ولكن، استعامله)12(. كثافة انخفاض

أشكال يف متزايدا تأثريا تؤثر البيئية العوامل أخذت األخريين

الطاقة املستخدمة؛ بحيث ازداد استهالك الطاقة املتجددة عىل

مام عموما( fossil fuel األحفوري )والوقود النفط حساب

آخر عامل ساهم كام الكثافة. هذه انخفاض يف أيضا ساهم

الدول يف عموما والطاقة النفط استعامل كثافة انخفاض يف

املتقدمة OECD )ومن املتوقع تنامي مساهمته يف الصني( وهو

التغري يف الهيكل اإلنتاجي فيها من خالل زيادة األهمية النسبية

والسياحة، والرتفيه، والتعليم، والصحة، )االتصاالت، للخدمات

االقتصاد يف الخدمات فقطاعات الصناعة؛ حساب عىل إلخ(

هي أقل كثافة يف استعامل الطاقة من قطاعات الصناعة. لذلك

محصلة أثر أن املتقدمة، الدول يف املثال سبيل عىل يالحظ،

منو أثر عىل تغلب النفط استهالك تخفيض يف العوامل هذه

الناتج املحيل اإلجاميل يف زيادة استهالك النفط، بحيث انخفض

أما األخرية)13(. سنوات العرش خالل الدول، هذه يف استهالكه

تعويض نفط الرشق األوسط بخامات نفطية عالية الكلفة، فلم

لعوامل كان وإمنا األسعار نتيجة الرتفاع ،per se ابتداء يكن،

نتيجة النفطية اإلمــدادات أمان بتهديد تتعلق جيوسياسية

فحرب األوســط؛ الرشق يف املضطربة الجيوسياسية األوضــاع

والحرب نفطية"، "مقاطعة من منها نتج وما ،1973 أكتوبر

أمان تهديد يف حاسم تأثري لهام كان اإليرانية - العراقية

اإلمدادات النفطية ومن ثم إيجاد الدافع لتطوير مصادر أخرى

عالية الكلفة للنفط. أما تأثري األسعار املرتفعة للنفط فإنه كان

11 انخفضت حصة النفط )الخام، وسوائل الغاز( من االستهالك األويل للطاقة يف العامل من 9) % يف 1971 إىل 37 % يف 1990 وإىل 31 % يف 2013، انظر:

International Energy Agency, IEA )2002( World Energy Outlook 2002, p. (10; International Energy Agency, IEA )201((, pp. (7, (8(.

12 كثافة intensity استعامل النفط )أو الطاقة( تساوي حاصل قسمة عدد براميل النفط )أو الوحدات الحرارية BTU( املستخدمة لكل دوالر ناتج – محيل - إجاميل باألسعار الثابتة.

13 IEA )201((, pp. 31-38, 119.

باتجاه إتاحة املربر لذلك. والبد أن جميع هذه العوامل قد أسهم

العاملي النفط يف االنخفاض الحاد يف حصة األوبك من تصدير

من 86 % إىل )6 % خالل عقد واحد، 1980-1973/1969/)198،

مقارنة باالنخفاض األقل حدة، من )6 % إىل 7) %، خالل ثالثة

عقود الحقة 1980/)2010-198/)201.

خالل من السوق حصة عىل الحفاظ إسرتاتيجية تربير ويف

الكتاب إىل أن تبني سعر معتدل غري مبالغ فيه، يتكرر تطرق

انخفاض أثر ألن الطويل املدى عىل مالمئة اإلسرتاتيجية هذه

الكمية زيــادة أثر يتخطاه النفط تصدير عوائد يف السعر

املطلوبة؛ بحيث تكون محصلة انخفاض السعر وارتفاع الكمية

أن الواضح األوبك. ومن العوائد ملجموع دول زيادة املطلوبة

هذا التربير يفرتض أن مرونة الطلب السعرية عىل النفط هي

للمرونة املتوافرة الفعلية التقديرات ولكن الواحد. من أكرب

طويلة السعرية الطلب مرونة أن هي األوىل، حقيقتني: تبني

يف عموما( املفردة، النفطية )وللمنتجات الخام للنفط األمد

أنها أخفض الواحد )مع أقل بكثري من العامل هي معظم دول

أما والصاعدة(. النامية الدول يف منها أكرث املتقدمة الدول يف

الحقيقة الثانية فهي أن هذه املرونة يف انخفاض مستمر حتى

إنها وصلت اآلن إىل مستويات متدنية مقارنة بالسابق))1(. ويف

عىل حفاظه من الرغم )عىل السعر انخفاض فإن ذلك، ضوء

حصة السوق( يؤدي إىل انخفاض العوائد من بيع النفط وليس

14 انظر املصادر التالية، عىل سبيل املثال:World Bank, The Demand for Oil Products in Developing Countries, February )1997(; Joyce M. Dargay & Dermot Gately & Hillard G. Huntington, ‘Price and Income Responsiveness of World Oil Demand, by Product’, December 20, 2007; Phoumin, H. & Kimura, S, ‘Analysis of Price Elasticity of Energy Demand in East Asia, Empirical Evidence and Policy Implications for ESEAN and East Asia’, Economic Research Institute for ASEAN and East Asia, )April, 201((.

127مراجعات وعروض كتب

النفط بين السياسات واألوهام

املطلوبة للكمية النسبي االرتفاع أن ارتفاعها. ويعود ذلك إىل

يكون أقل من االنخفاض النسبي للسعر. لذلك، فإين أعتقد أن

تعويض أساس عىل ليس اإلسرتاتيجية هذه تربير األفضل من

العوائد مجموع يف تأثريها يف السعر النخفاض الكمية زيادة

وإمنا عىل األساس التايل: إن اعتدال السعر يسهم يف إطالة فرتة

النفطية للعوائد الحالية القيمة تكون بحيث النفط استخدام

عىل مدى فرتة االستخدام األطول يف ظل سعر معتدل أعىل من

األقرص يف ظل سعر االستخدام فرتة الحالية عىل مدى القيمة

أمد فوق االستخدام فرتة إطالة افرتاض عىل هذا، فيه. مبالغ

يتقرر يف ضوء سعر حرج، بحيث تلتزم األوبك )مبوافقة أعضائها(

تحديد سعرها "املعتدل" بأقل من السعر الحرج.

وهم األوبك قوة اقتصادية تواجه الغربأما الوهم اآلخر الذي يتعرض له الكتاب، فهو وهم أن األوبك قوة

اقتصادية من العامل الثالث ملجابهة الغرب )والذي دفع إىل تأسيس

وكالة الطاقة الدولية، من قبل الدول املستهلكة املتقدمة يف )197،

بوصفها قوة مجابهة مقابلة، ص 117(. أما حقيقة األمر، من وجهة

األرباح اقتسام يف وسياساتها األوبك تكوين أن فهي الكاتب، نظر

أثناء الستينيات ثم التأميامت واملشاركات يف امتيازات النفط وأخريا

تبني أسعار عالية، خالل السبعينيات والثامنينيات، كلها متت بعدم

ورمبا املتحدة، الواليات وحكومة الكربى النفط رشكات معارضة

"الوهم" كام املتعلق بهذا بتشجيع غري مبارش منها. وسأبني الرشح

الجدد القادمون أخذ الستينيات، عموما. يف خالل الكتاب، يف ورد

)املنتجون املستقلون، واالتحاد السوفيايت( يف بيع النفط بأسعار متثل

خصومات عىل األسعار املعلنة لكارتل الرشكات الكربى. ولقد منحهم

إنتاجهم، زيادة ثم ومن خاماتهم ترصيف يف تنافسية ميزة ذلك

ما أدى إىل انخفاض حصة كارتل الرشكات يف اإلنتاج العاملي، خارج

الواليات املتحدة وكندا واالتحاد السوفيايت والصني )من )8 % يف 0)19

إىل 72 % يف 1960(، )ص 1)(. ولكن اختيار األوبك األسعار املعلنة

الحتساب الرضيبة )يف مقاسمة األرباح( بدال من األسعار األقل التي

حتى النفط، لسعر أرضية تحديد إىل أدى الجدد القادمون منحها

لالتفاقات مع القادمني الجدد، ما أزال ميزة تنافسية عنهم. ولقد قاد

ذلك إىل وقف تدهور حصة الكارتل يف اإلنتاج بل زيادته )إىل 76 % يف

1966(، )ص ))(. أما خالل السبعينيات/ الثامنينيات، فإن سياسات

أرباح زيادة إىل أدت املنظمة تبنتها التي العوائد األسعار/ تعظيم

الرشكات الكربى بصورة كبرية، ما أتاح متويال كافيا لالستثامر يف مناطق

عالية الكلفة للنفط. من ناحية أخرى، ساعد توجيه البرتودوالر إىل

املراكز املالية العاملية عىل إنعاش الصناعات الغربية )هكذا وردت،

بالدوالر النفط تسعري استمرار أن إىل إضافة هذا .)2(0/2(9 ص

أسهم يف استمرار استخدام الدوالر بوصفه العملة األوىل يف احتياطات

أساس إزالة بالتعويض عن أسهم العامل. وبذلك األجنبية يف العملة

الذهب الذي اتخذ قراره الرئيس نيكسون يف أوائل سبعينيات القرن

قوة األوبك مقولة بأن تتمثل نتيجة إىل الكاتب يتوصل املايض.

مصالح خدمت فاألوبك آخر؛ وهم هي الغرب ملجابهة اقتصادية

الغرب متمثلة بالرشكات النفطية الكربى واالقتصادات الغربية.

الكاتب استنتاج عىل قامئة نظر وجهة هذه فإن الحقيقة، ويف

من متباينة بدرجات ييل، كام يوردها التي الشواهد من عدد من

اإلقناع: أوال، اعتمد الكاتب يف استنتاجه بالنسبة إىل الستينيات، كام

E. Penrose الرصينة الربيطانية االقتصادية تحليل عىل هو، يذكر

ثانيا، النامية))1(. الدول يف النفطية الرشكات املمتاز حول كتابها يف

استنتاج الكاتب أن رشكات النفط الكربى أرادت التخيل عن التسعري

وإدارة اإلنتاج يف منطقة الرشق األوسط والتحول إىل مستلم للنفط

وبخالف )1972-197(( العراق يف النفط تأميم فعند .oil lifters

موقفها املتشدد من القانون 80 لسنة 1960 الذي سريد ذكره الحقا،

يبني الكاتب أن موقف الرشكات اتسم بالالمباالة من عمليات التأميم

)ص 93(. من ناحية أخرى، بينام كانت الرشكات مستعدة للتوصل

)شباط/ فرباير طهران مفاوضات يف املنتجة الدول مع تسوية إىل

1971، ص 61( فإنها مل تستجب لطلب األوبك للمفاوضة يف ترشين

مسؤولية عن التخيل يف راغبة كانت وكأنها ،1973 األول/ أكتوبر

تتخذها التي القرارات لقبول ومستعدة اإلنتاج وإدارة التسعري

األوبك. ويستنتج الكاتب ذلك من موقف الالمباالة ملمثل الرشكات

زيك أحمد مع التلفونية ومكاملته Exxon رئيس رشكة G. Piercy

مياين، وزير النفط السعودي، والتي فهم منها عدم اعرتاض الرشكات

األسعار بخصوص املنظمة تتخذها أن ميكن التي القرارات عىل

املثال، سبيل عىل مبارشة؛ غري شواهد ثالثا، .)106 )ص واإلنتاج

مجلة يف 1973 نيسان/ أبريل يف ظهرت مقالة إىل الكاتب إشارة

Foreign Affairs )الصادرة عن "مجلس العالقات الخارجية" املؤثر(

J. Akins لرئيس قسم الشؤون النفطية يف وزارة الخارجية األمريكية

يربر ‘The Oil Crisis: this Time the Wolf is Here’ بعنوان

عن الكتاب يف ورد ما وكذلك النفط. أسعار لزيادة الدعوة فيها

الخام خالل النفط أسعار بتعظيم إيران شاه مطالبة أسباب بعض

السبعينيات ألنه يعتقد )أي الشاه( أو أنه أخرب أن حكومة الواليات

املتحدة تؤيد ذلك )ص )11(. رابعا، شواهد ارتفاع أرباح الرشكات

الكربى واستمرار تسعري النفط بالدوالر والتدوير الفعيل لعوائد النفط

)البرتودوالر( من الدول املصدرة للنفط إىل املراكز املالية العاملية.

15 Edith T. Penrose, The Large International Firm in Developing Countries: The International Petroleum Industry )London: George Allen & Unwin, 1968(.

العدد 19

آذار / مارس 2016 128

رابعا: مسائل اقتصادية متصلةاألوبك قرارات يف أثرت عديدة اقتصادية ملسائل الكتاب يتعرض

وتأثرت بها، خالل السبعينيات والثامنينيات، اخرتت منها ما ييل:

أسعار النفط: خالل الفرتة التي يغطيها الكتاب جرى التحول من

نظام نفطي احتكاري كانت األسعار فيه يقررها كارتل الرشكات

الكربى حتى أوائل السبعينيات، إىل نظام تتقرر فيه األسعار يف

أن غري األوبك. من بتأثري ولكن اآلن، الحال هي كام السوق

السبعينيات أوائل من امتدت انتقالية بفرتة مر التحول هذا

إىل منتصف الثامنينيات؛ ففي أواخر سنة 1973 بعد أن رفضت

االمتيازات، عقود وتعديل التسعري بشأن التفاوض الرشكات

النفط سعر تثبيت خالل من بالتسعري قرارا األوبك اتخذت

السعودي الخفيف oAPI)3 كسعر إشارة، والذي تتحدد أسعار

والنوعية، الكثافة، )باختالف أساسه عىل األوبك خامات باقي

واملوقع الجغرايف(. وأصبح هذا السعر هو أساس األسعار "املعلنة"

لألوبك التي حلت محل األسعار املعلنة للرشكات الكربى ولكن

أدى ،198( منتصف بحلول ولكن .)10( )ص أعىل مبستوى

التزام السعودية سعر اإلشارة، مع كونها املنتج املتبقي، يف الوقت

الذي كان فيه أعضاء آخرون مينحون الخصومات عىل أسعارهم،

إىل هبوط حصتها يف السوق، مام أدى إىل اتخاذها قرارا بالتخيل

بدله وتبنت األوبك خالل من اإلشارة نفط سعر تحديد عن

املرجع - الصايف ويساوي .net-back املرجع - الصايف أساس

أو املتحدة للواليات الرشقي الساحل املنتجات يف برميل سعر

إىل منها والنقل التكرير تكاليف ناقصا سنغافورة أو روتردام

نفط عن التخيل جرى 1988 سنة ويف الخليج. يف تنورة راس

اإلشارة السعودي واستبداله بأسعار خامات برنت وخام تكساس

املتوسط WTI كأسعار إشارة لخامات األوبك. ومن الجدير أن

يذكر أنه مع مهارة الكاتب يف العرض يبقى هناك عدم يقني من

مسألة التسعري خالل الفرتة االنتقالية كام يعرضها الكتاب. عىل

سبيل املثال، مع أنه انتقد أسس تحديد سعر اإلشارة السعودي

من خالل األوبك بوصفها أسسا غري اقتصادية )ص )13(، ولكنه

مل يرشح تفاصيل هذا التحديد أو أسسه.

وحتى إنشائها منذ اإلتــاوة: وفرض الرضيبية األسس توحيد

تنسيقية نشاطات عىل األوبك عمل اقترص الستينيات، أواخر

تجاه الرضيبية والتطبيقات القوانني توحيد ومنها وتنظيمية،

الرشكات النفطية، وبالذات يف اقتسام األرباح. إضافة إىل ذلك،

استطاعت املنظمة زيادة عوائد أعضائها من خالل االتفاق مع

من % 12.( مبقدار royalty ريع إتاوة/ فرض عىل الرشكات

تعد هذه أن النفطية اشرتطت الرشكات أن اإلنتاج. غري قيمة

األرباح احتساب عند الرشكات تكاليف من جزءا املدفوعات

واقتسامها بني الرشكات والدول املنتجة. ولقد أصبح ذلك يعرف

يف حينه "تنفيق" اإلتاوة/ الريع expensing of royalty. بذلك

اإلنتاج قيمة املنتجة مبقدار )6.2 % من الدول عوائد ازدادت

مقارنة بعوائدها قبل فرض اإلتاوة. وميكن بيان ذلك، من خالل

مقارنة العوائد قبل فرض اإلتاوة وبعدها، كام ييل:

األرباح = 0) % × اإلتاوة = 0) % × الدولة قبل فرض حصة

)قيمة اإلنتاج - التكاليف(.

+ اإلنتاج قيمة × % 12.( = اإلتاوة فرض بعد الدولة حصة

0) % × )قيمة اإلنتاج - ).12 % × قيمة اإلنتاج - التكاليف(=

)6.2 % × قيمة اإلنتاج + 0) % × )قيمة اإلنتاج - التكاليف( =

الدولة قبل فرض اإلتاوة.وال 6.25 % × قيمة اإلنتاج + عوائد

تزال الطريقة ذاتها يف االحتساب تستخدم يف اتفاقات املشاركة

يف اإلنتاج؛ فعىل سبيل املثال، يف مشاركات اإلنتاج يف ليبيا حتى

2009 بلغت اإلتاوة 16.7 % والرضيبة )6 %)16(. ومن املفروض

كردستان يف املشاركة اتفاقات يف تستخدم ذاتها الطريقة أن

العراق حيث تبلغ اإلتاوة 10 % والرضيبة )3 %.

نفط الذروة peak-oil: لقد أثار استخدام االحتياطات النفطية

اإلنتاجية الحصص لتقرير معيارا proven reserves املثبتة

للدول األعضاء يف األوبك خالل الثامنينيات مسألة صدقية أرقام

االحتياطات كام تقدمها هذه الدول، بخاصة عندما تكون األرقام

واضح. وتطويري استكشايف بنشاط مرتبطة غري فيها والزيادة

ذلك أن الحصول عىل حصة أعىل من اإلنتاج كان يقدم الدافع

تسارع مع ذلك تزامن ولقد االحتياطات. هذه تضخيم إىل

الطلب العاملي عىل النفط وتباطؤ النمو يف إنتاج املناطق خارج

ويف األوبك. منطقة يف النفطي االستثامر منو وتباطؤ األوبك

ضوء التشكيك يف أرقام االحتياطات النفطية لدول األوبك، فلقد

قد وصل مداه يف النفط إنتاج أن عاملية من ولد ذلك خشية

كافية احتياطات هناك وليس peak ذروته وصل أي الزيادة،

التاريخية بخطاه الطلب منو استمرار فإن وبالنتيجة، إلدامته.

16 عيل مرزا، ليبيا: الفرص الضائعة واآلمال املتجددة )بريوت: املؤسسة العربية للدراسات والنرش، 2012(، الفصل العارش.

129مراجعات وعروض كتب

النفط بين السياسات واألوهام

oil crisis الرسيعة مع عدم مجاراة العرض سيخلق أزمة نفط

or crunch. وتزامن ذلك أيضا مع النقاش الدائر حول نفادية

احتامل ذلك يف مبا عموما، الطبيعية املوارد exhaustibility

نفاد النفط قبل إيجاد بدائل له. أصبح كل ذلك يعرف مبسألة

االرتفاع توقع نتائجها من والتي peak-oil الــذروة - نفط

املستمر يف أسعار النفط نتيجة لتزايد درجة محدوديته واتجاهه

نحو النفاد. ويقدم الكاتب نقاطا مقنعة عموما )يف الفصل 12(

النتقاد طروحات مسألة نفط – الذروة، كام ييل:

إن مجموع احتياطات النفط ملجموع دول األوبك أكرب بكثري مام

هو منشور، بخاصة بالنسبة إىل العراق وإيران )حتى مع األخذ

يف الحسبان بعض مبالغات الدول، كفنزويال واإلمارات(.

عىل الطلب يف النمو أن للثامنينيات الالحقة الفرتات بينت

النفط مل يكن عاليا كام كان متوقعا يف الثامنينيات، وإمنا تباطأ

بصورة ملحوظة بعد ذلك.

إحالل أنواع أخرى من الوقود محل النفط يف استخدامات عديدة.

التقدم التكنولوجي يف زيادة استخالص النفط من احتياطاته.

يف املحصور النفط إنتاج يف الدرامية الزيادة إن القول نافلة ومن

الواليات املتحدة التي حدثت خالل الفرتة الواقعة بني 2008 - )201

مل تكن واضحة املعامل وقت صدور الكتاب، لذلك مل تربز فيه، يف هذا

املجال. من ناحية أخرى، يأخذ الكاتب عىل املناقشات التي دارت أو

االسترشافية والتقارير ذروته إىل النفط إنتاج وصول مبقولة تأثرت

التي قامت بها عدة جهات )كإدارة معلومات النفط األمريكية، ووكالة

الطاقة الدولية، ورشكة أكسون، وإدارة البحوث يف الكونغرس األمرييك،

حجم املقبلة، األزمة من تحذر والتي السبعينيات، أواخر يف إلخ(

املبالغات غري املربرة التي وقعت فيها. كام أنه يشري إىل أن تنبؤاتها

جميعا أثبتت خطأها الواضح بحلول )198 )ص 170(، وهذا صحيح

االسترشافية التقارير هذه أن مالحظة املالئم من أن غري بالطبع.

زت الدول، بخاصة املتقدمة، لرتشيد استهالك والنقاشات األخرى حف

النفط وتشجيع إحالل أنواع أخرى من الوقود وترسيع خطى التقدم

وتقدير النفط عن البحث أساليب تقدم إىل إضافة التكنولوجي،

التي "القامتة" الصورة تبعات تكون قد أخرى، بعبارة احتياطاته.

اإلجراءات اتخاذ يف أسهمت قد والتحليالت التقارير هذه قدمتها

النوع تنبؤاتها؛ فهذا تحقق عدم إىل أدت التي السياسات وتطبيق

من التقارير ليس إسقاطات أو تنبؤات "محايدة" وإمنا ميثل معظمها

تقوم فهي القرار؛ ملتخذي وتوصيات سياسات مناهج أو برامج

املرغوب غري التوجهات استمرار ضوء ويف التنبؤات. باإلسقاطات/

اإلسقاطات. هذه تحقق لتجنب املطلوبة بالسياسات تويص فيها،

ترشين يف صدر الذي "201( العاملية الطاقة آفاق "تقرير ولعل

عىل جيد مثال الدولية، الطاقة وكالة عن ،201( الثاين/ نوفمرب

عىل العاملي الطلب لتطور سيناريوهات عدة يعرض فهو ذلك)17(؛

الطاقة والعرض منها ومن ضمنها النفط حتى 0)20، ولكنه يركز عىل

السيناريو الذي يهدف إىل تقليل أنواع الوقود املرضة بالبيئة بشكل

الجديدة( وآخر بشكل صارم )سيناريو السياسات معتدل )سيناريو

0))( الذي يلتزم أهداف اتفاقية املناخ العاملية التي أعلنت يف باريس

يف كانون األول/ ديسمرب )201.

خامسا: العراق بين عهدينالفصل يتعلق معظم )) و)1(؛ بفصلني العراق الكتاب يخص

الثاين الفصل ويهتم ،19(8 سنة أعقبت التي بالفرتة األول

بالفرتة منذ سنة 2003. وهو يركز عىل األهمية الكربى لحجم

أن )(( الفصل يف ابتداء ويالحظ النفطية. العراق احتياطات

نشاطات االستكشاف والتطوير كانت محدودة يف العراق منذ

العمالق بدء اإلنتاج يف سنة 1928؛ فبعد تطوير حقل كركوك

النفطية الرشكات كارتل لدى كان املايض القرن يف عرشينيات

االمتيازات ومناطق العراق من النفط من يكفيه ما الكربى

األخرى يف الخليج؛ بحيث أهمل النشاط االستكشايف والتطويري

نتيجة ذلك، بعد واألربعينيات. الثالثينيات خالل العراق يف

لعدم االستقرار، فإن فرتات االستكشاف فيه اقترصت عىل فرتتني

القانون صدور بعد )وتوقفت 1960 - 19(2 األوىل: قصريتني؛

80(، والتي اكتشف خاللها حقل الرميلة العمالق وحقول أخرى

17 IEA )201((.

العدد 19

آذار / مارس 2016 130

الحرب اندالع بعد )وتوقفت 1980 - 1973 والثانية: أصغر.

مثل: اكتشف خاللها حقول عمالقة التي اإليرانية( - العراقية

غرب القرنة، ومجنون، وحلفاية، ونهر عمر، وغريها، والتي قادت

،73 )الصفحتان املثبت لالحتياطي برميل مليار (( إضافة إىل

إضافة إىل سيقود كان أوسع استكشافا أن يف شك وال .)219

عن املنشورة العراق أرقام فإن لذلك، أكرب. مثبتة احتياطات

ذلك تبني ولقد الحقيقة. من أقل هي املثبتة االحتياطات

لندن يف للطاقة الدويل املركز إرشاف تحت جرت دراسة من

الذي يديره الكاتب )ص 73(. ويالحظ الكاتب أن العراق كان

يتجنب نرش معلومات عن احتياطاته خالل السبعينيات/ أوائل

من معلام كانت التي املعلومات لرسية نتيجة الثامنينيات

معامل الحكم يف ذلك الوقت. ومل ينرش املعلومات إال حني أصبح

اإلنتاج حصص لتقرير مهام معيارا املثبت االحتياطي حجم

النفطية، العراق سياسات يف أما الثامنينيات. يف األوبك يف

كانت النفطية الرسمية السياسات أن عموما الكاتب فيالحظ

العراق، الشعبية يف والحركات السياسية الطبقة تتأثر مبواقف

والتي كانت ذات أساس أيديولوجي. ويعتقد أنها ال تزال نابعة

تاريخيا من مواقف الحركات السياسية ضد االستعامر الربيطاين،

الزمها وقد له. رمزا األجنبية النفطية الرشكات كانت والذي

الكاتب، نظر وجهة من موضوعي، غري بشكل الشعور هذا

حتى بعد االستقالل وإزالة النظام املليك. كام أنه ينبع أيضا من

تبعات القانون 80 لسنة 1960 الذي صادر ).99 % من مساحة

النفطية، الرشكات تستغلها مل التي concessions االمتيازات

العراقي اإلنتاج منو بتجميد الرشكات هذه واجهته والــذي

لذلك و1970. 1960 السنوات بني األخرى املناطق ملصلحة

أصبح موقف الحركات السياسية )مبساندة من يسميهم الكاتب

الرشكات مع تعاون أي معارضا )2(9 ص الخرباء، "أشباه"

األجنبية. ولقد ظهر ذلك يف املعارضة الشديدة ملرشوع اتفاقية

تأسيس اقرتح مبوجبه والذي ،196( يف النفطية الرشكات مع

القانون قلص التي النفطية الرشكات مبساهمة بغداد" "رشكة

80 مساحة امتيازاتها، ورشكة النفط الوطنية التي أسست حديثا

بغداد، رشكة تأسيس عىل املوافقة حال ويف .)80 - 79 )ص

كانت الرشكات النفطية املساهمة فيها مستعدة لقبول القانون

80 وقبول رشكة النفط الوطنية مشاركا يف رشكة بغداد )بحصة

ابتدائية قدرها 33.3 % مع زيادتها تدريجيا(، مقابل منح رشكة

بغداد حق استثامر حقل الرميلة العمالق. ومع اعتقاد الكاتب

أن رشكة بغداد كان ميكن أن تزيد عوائد العراق زيادة ملموسة

الدواعي أن إال الفرتة، تلك يف العاملي الطلب تصاعد ظل يف

وخارجها؛ الحكومة داخل يف الغالبة هي كانت األيديولوجية

بحيث رفض مرشوع االتفاقية.

وامتد هذا التوجه السيايس العام إىل تهيئة الجو املالئم إلسناد

ولقد .197( - 1972 السنوات خالل النفطية الرشكات تأميم

الوطنية اإلدارة خالل من كبري نفطي نشاط التأميم أعقب

والتطوير االستخراج لعمليات الوطنية( النفط )رشكة املبارشة

الرشكات مع فرعية مقاوالت بعقود باالستعانة واالستكشاف،

النفطية، بخاصة الروسية والفرنسية. وكانت نتيجة هذا النشاط

توسيع الطاقة اإلنتاجية؛ بحيث ارتفع إنتاج النفط الخام من ).1

م-ب-ي يف 1970 إىل ).3 م-ب-ي يف 1979 )18(. وبعد ذلك، استمر

والعقوبات، الحروب أثناء منخفض، مبستوى النفطي اإلنتاج

1988 من امتدت التي "الهدوء" أوقات يف يرتفع كان ولكنه

حتى غزو الكويت يف 1990 وكذلك بعد تطبيق برنامج النفط

مقابل الغذاء خالل الفرتة 1997 - 2002. ولكن نتيجة لتدهور

القدرة املالية والفنية، أبرم العراق يف )199 عقدا للمشاركة يف

اإلنتاج Production-Sharing Agreement, PSA مع رشكتي

China National Oil Corporation,و الروسية Lukoil

العمالق، وجرت القرنة الصينية الستثامر حقل غرب CNOC

Elfو Total فرنسيتني رشكتني مع إنتاج - مشاركة مفاوضات

العقوبات ظروف ولكن عمر. ونهر مجنون حقيل لتطوير

والصينية، الروسية الرشكتني مع االتفاق تنفيذ منعت الدولية

وحالت دون إبرام عقد مع الرشكتني الفرنسيتني )ص 6)7-2)2(.

أسلوب معارضة أن الكاتب فيعتقد ،2003 سنة بعد أمــا

الخدمة عقود أسلوب إىل بدلها واللجوء اإلنتاج يف املشاركة

الفنية Technical Service Contacts, TSCs كانا أيضا بسبب

18 OPEC )200((, p. 21.

131مراجعات وعروض كتب

النفط بين السياسات واألوهام

أسس عىل املبنية غري املشاركة ألسلوب أيديولوجية معارضة

اقتصادية )الفصل )1(. وإضافة إىل مالحظة غياب إطار قانوين

قانون "مرشوع إقرار لعدم نتيجة النفطية الصناعة لتنظيم

اإلنتاجية الطاقة حجم ارتفاع الكاتب ينتقد والغاز"، النفط

الفنية الخدمة والثانية لرتاخيص عقود األوىل الجولتني لحقول

الذروة plateau، ويبلغ 11.7 م-ب-ي(. ولعل أهم إنتاج )أي

األسباب التي يقدمها يكمن يف أن الطلب العاملي املتوقع عىل

النفط ال يستوعب هذا الحجم )إضافة إىل إنتاج الحقول خارج

هذين الجولتني(، كام أنه يصعب استيعابها ضمن حصص األوبك

اإلنتاجية من خالل تخفيض حصص دول أعضاء آخرين)19(. ويرى

األوبك العراق ضمن املتوقع ودور العاملي الطلب أن الكاتب

إنتاجا بحدود 6 م-ب-ي بحلول 2020 ملجموع ميكن أن يربر

العراق. ومن الجدير أن يذكر يف هذا املجال أن مستويات إنتاج

نهاية )201، تعديلها يف تم الخدمة عقود للحقول يف الذروة

لينخفض مجموعها من 11.7 م-ب-ي إىل 7.7-8.1 م-ب-ي)20(.

لعد أسلوب اقتصادية مقنعة يقدم مربرات الكاتب ال أن غري

عقود أسلوب من عائدا( أكرث )أي أفضل اإلنتاج يف املشاركة

عقود أن املتاحة الدراسات تبني املقابل، يف ولكن الخدمة.

تقوم مامثلة عقود من أعىل عوائد للعراق تحقق الخدمة

تعديل الحسبان يف األخذ بعد اإلنتاج، حتى يف املشاركة عىل

العقود الذي جرى يف )201 )21(/)22(، وهذا بالطبع عىل افرتاض

مقتدرة عراقية إدارة وتحت بشفافية تطبق العقود هذه أن

الخدمة أن ذلك يرسي عىل عقود الوقائع ضعفها. غري أثبتت

وعقود املشاركة سوية. ولكن، ظهر عامل آخر رمبا يربر أسلوبا

آخر كال أو جزءا، يف حال استمراره لفرتة طويلة، وهو انخفاض

ولكن، النفط. أسعار النخفاض نتيجة للتمويل الدولة قابلية

طاملا كانت الرشكات املقاولة يف عقود الخدمة مستعدة للقيام

باإلنفاق الرأساميل والتشغييل واستعادته من خالل النفط املنتج

ميكن أن يستمر العمل يف أسلوب عقود الخدمة.

19 حتى صدور الكتاب يف 2010 عقدت جولتان فقط للرتاخيص النفطية )2009 و2010، تباعا(. وفيام بعد، عقدت الجولتان الثالثة والرابعة، وهام غري مهمتني كثريا من ناحية زيادة إنتاج النفط. فالثالثة )2010( تعلقت حرصا بالغاز والرابعة )2012( انطوت )إضافة إىل الغاز(

عىل استكشاف حقول نفطية، يعتقد أنها ليست كبرية، يف املنطقة الوسطى شامل بغداد.

20 مرزا، "االقتصاد النفطي العراقي...".

21 انظر: املرجع نفسه.

22 Merza Ali, ‘First Round of Licensing in Iraq: An Economic Evaluation,’ Middle East Economic Survey, MEES, )2( August 2009(.

سادسا: مسائل أخرى ذات أهمية وردت في الكتاب

بعد انهيار سعر النفط ووصوله إىل ).9 دوالرات/ برميل )برنت( . 1

الرئيس األمرييك حينئذ، جورج يف متوز/ يوليو 1986 قام نائب

منخفض يف لسعر السلبي األثر يدرك كان )والذي األب بوش

منتجي النفط يف الواليات املتحدة(، وممثلون من دول األوبك

كام النفط. سعر لرفع للعمل ودعوه السعودية ملك بزيارة

ذاته االتجاه يف للعمل تاترش الربيطانية الوزراء رئيسة دعت

بسبب تأثر اإلنتاج يف بحر الشامل سلبيا بانخفاض السعر. وتقرر

يف حينه أن السعر "العادل" ينبغي أن يكون 18 دوالرا/ برميل.

وحل منصبه من مياين زيك أحمد رحيل تقرر الوقت، هذا يف

أوائل 1986 ساند مياين سياسة زيادة محله هشام ناظر. ففي

حصة السعودية يف السوق النفطية من خالل التنافس فيها وقام

بتفعيلها )أي عدم التزام دور املنتج املتبقي(، ما ساهم بقوة يف

انهيار سعر النفط )ص 209(.

أول . 2 عندئذ، الكويتي النفط وزير الصباح، خليفة عيل كان

للتأثري إنتاج األوبك يف منتصف سنة 1982، اقرتح تحديد من

الحصص أسلوب لتبني مقدمة هذا وكان النفط. سعر يف

اإلنتاجية، والذي طبق يف اجتامع يف لندن يف آذار/ مارس 1983.

بدور األوبك قيام ضوء يف السوق بحسب التحديد ويتغري

العاملي الطلب من املتبقي بإشباع قيامها أي املتبقي؛ املنتج

آلية وكانت األوبك. أوال من مصادر غري بإشباعه البداية بعد

وتقدير املتوقع العاملي الطلب تقدير يتم ييل: كام الحساب

الذي املتبقي ميثل والفرق األوبك. خارج من املتوقع العرض

ينبغي أن تشبعه دول األوبك. ويف داخل األوبك تنتج كل دولة

العدد 19

آذار / مارس 2016 132

بحسب طاقتها اإلنتاجية واملتبقي هو حصة السعودية. أي إن

املتبقي انخفاض بعد األكرب الوزر حينئذ تحملت السعودية

)الطلب العاملي ناقصا عرض النفط من الدول األخرى(؛ بحيث

بلغ إنتاجها يف )198 حواىل ).2 م-ب-ي يف الوقت الذي بلغت

طاقتها اإلنتاجية 10 م-ب-ي )ص 192()23(.

إن النفط املصدر، والذي خضع فعال للسعر املحتسب من جانب . 3

األوبك )من أوائل السبعينيات إىل أواسط الثامنينيات(، مل يكن

ميثل أكرث من ٪30 من مجموع صادرات األعضاء النفطية. إضافة

إىل الخصومات التي كانت متنحها الدول األعضاء، يعود ذلك إىل

تصدير املنتجات النفطية الذي مل يكن يخضع للسعر املحتسب

من كبرية نسبة املنتجات تؤلف التي فنزويال يف )بخاصة

صادراتها النفطية(، وحالة مقايضة النفط مقابل سلع وخدمات

)ص 200(.

العمل . 4 يف والفاعلية بالنشاط األوبك يف الجزائري الدور اتسم

لتعظيم بالدعوة الكاتب، رأي بحسب مصالحها، تحقيق عىل

انخفاض عن بذلك لتعوض األسعار زيادة خالل من األرباح

طاقتها اإلنتاجية، ولرغبتها أيضا يف الحصول عىل أسعار غاز أعىل،

النفط. ولقد كان وزنها يف بتسعري الغاز نتيجة الرتباط تسعري

قرارات األوبك عائدا إىل شخصيات وفودها القوية )"الثورية"(

واملنزلة السياسية للرئيس هواري بومدين )الفصول 3، و)، و6(.

لقد منحت االمتيازات يف ليبيا "مبارشة" إىل الرشكات األجنبية، . 5

والتي كانت خليطا من رشكات مستقلة )عىل سبيل املثال رشكتي

أوكسيدنتال وايني( ورشكات أمريكية كربى كأكسون. وباملقارنة،

إنتاج متوسط أن األوبك عن الصادرة 200( السنوية اإلحصائية املجموعة 23 تبني 2.( وليس 3.2 م-ب-ي بلغ الغاز( يف )198 )باستثناء سوائل الخام النفط من السعودية

م-ب-ي، انظر:OPEC )200((, p. 21.

غري بصورة منحت الخليج منطقة يف النفطية االمتيازات فإن

مبارشة للرشكات الكربى، من خالل منحها رشكات متثل "واجهة"

نفطيا كارتال بوصفها قدرتها تقوية وبغية الكربى. للرشكات

دخلت الرشكات الكربى فيام بينها، من خالل رشكات الواجهة،

)من الخليجية للدول االمتيازات مناطق يف مشرتكة مبلكيات

ربحية غري رشكات الواجهة رشكات وكانت العراق(. ضمنها

تتلقى أسعار النفط الخام )لغرض حساب أرباح الدول املضيفة(

منح فريد نتج من ذلك وضع األم. ولقد الكربى الرشكات من

الخيار لكارتل الرشكات الكربى إمكانية تقرير التوسع والتقليص

يف إنتاج دول الخليج، بحسب مصلحة الكارتل وتكامله األفقي

ليبيا، يف مستقلة رشكات اعتامد فإن املقابل، يف والعمودي.

أتاح للحكومة الليبي من دون وجود بديل مالئم، النفط عىل

الليبية بعد سنة 1969 "االستفراد" برشكة أوكسيدنتال املستقلة

ما مكنها بعد التفاوض، من موقع قوة، من التوصل إىل اتفاقية

محابية الجانب الليبي يف سنتي 1969 / 1970. ولقد طبق بعض

الدول وباقي ليبيا يف الرشكات باقي عىل االتفاقية هذه بنود

النفطية. ولقد منح ذلك ليبيا، لفرتة معينة منزلة قوية يف قرارات

األوبك )ص 2)(. ومن الجدير أن نذكر، أنه إضافة إىل استعراض

26 الـ الفصل يف ورد فلقد االتفاقية، إىل أدت التي العوامل

من كتاب "الجائزة" أن وزير النفط السعودي األسبق عبد الله

التفاوض أثناء الليبي للجانب االستشارة يقدم كان الطريقي

مع أوكسيدنتال))2(.

الثاين/ يناير . 6 لقد كان قرار تأسيس األوابك AOPEC يف كانون

الجامعة مؤمترات النارصي يف الثوري الخطاب ردا عىل 1968

العربية بخصوص النفط، مع مالحظة أنها منظمة ليس لها تأثري

يف التطورات النفطية يف العامل.

24 Yergin, p. (60.