http://www.anti-el7ad.com

بسم الله الرحمن الرحيم

ملخص لكتاب درء تعارض العقل "

والنقل لشيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه

" الله تعالى

هـ ٧٢٨ – ٦٦١

إعداد و دراسة

محمد السيد الجليند. د

إشراف و مراجعة

عبد الصبور شاهين . د

تلخيص

أحمد محمد بوقرين

قسم أصول الدين –طالب ماجستير

األمريكية المفتوحة بالجامعة

٢

تصدير

" درء تعارض العقل و النقل " هذا الكتاب تقريب لكتاب ابن تيمية رمحه اهللا تعاىل و هو أحد الكتب اليت تقوم على اجلدل لتحقيق الوفاق بني أطراف خمتلفني يف ،

فهم النصوص الدينية و قد كان هلذا االختالف أثر يف متزيق أمتنا إىل حنل .و طوائف

، فاألشعرية ، و كثريا ما كان التمزق الفكري حيمل أمساء رموزه و صانعيه إشارات إىل أؤلئك العلماء الذين عكفوا على تعاطي ، و اجلهمية ، املاتريدية .يف هذه األمة اآلراءو تشقيق ، اخلالفات

الداعية لقد ضرب هؤالء املختلفون صفحا عن مفهوم األوامر اإلهلية الصرحية لوحةلينفذون التماسك حني اغرموا باجلدل و املناظرات و اخلصومات و كأم كانوا و

.و البحث عن احلق ، حتت ستار حرية الرأي ، خمططا لتخريب الوجود اإلسالمي املسلمني إىل حتقيق و حرية الرأي كانت و ال تزال قاعدة الفكر اإلسالمي و أمل

.هذه احلرية أدت إىل نتائج عكسية متاما مزيدا من التقدم و لكن سوء استخدام و لقد ظن أدعياء الفكر أن بني العقل و الشريعة تناقضا و تعاديا يدعوان اإلنسان

احتدمإىل مرافقة العقل و مفارقة الشريعة و كانت هذه املقولة أساس الصراع الذي و يؤكد أن االدعاءو الفرق فجاء لنب تيمية رمحه اهللا ليفند هذا االجتاهاتبني

العقل و الشريعة متعاونان على رسالة واحدة و هذا ما بينه يف طيات كتابه هذا .الذي حنن بصدده

إن الرسالة اليت ض ا ابن تيمية رمحه اهللا يف هذا الكتاب هي أعظم ما تواجه به .ترشيدا للمسرية وتنويرا للعقول االحنرافتيارات التعصب و

٣

مقدمة

ن يف الدراسات الفلسفية قبل غريهم أمهية الكتاب املنهجي يف يدرك املخصصو .قبوال و رفضا ، عرض قضاياه و مناقشتها نقدا و متحيصا

وهذا الكتاب الذي بني أيدينا هو من النمط من املؤلفات اجليدة و اجلادة و قد حبيسا يف خزائن الكتب من القرن الثامن اهلجري إىل أن قيض اهللاظل هذا الكتاب

حتقيقه حتقيقا علميا و أخرجه يف طبعة رائعة و هو املرحوم األستاذ حممد ىلله من تو .رشاد سامل فأخرج اجلزء األول منه

:أمهية هذا الكتاب

مشكلة العالقة بني العقل و الشرع تلك املشكلة اليت أرقت يعاجل هذا الكتاب هذه املشكلة قدميا عوامل الكثري من املفكرين قدميا و حديثا وقد كان سب ظهور

كثرية تتصل بوضع األمة اإلسالمية بني األمم و وضعها السياسي و احلضاري على .خارطة الكرة األرضية و مدى صلة مثقفيها بأصول حضارم أو انقطاعهم عنها

منة وراء اابن تيمية رمحه اهللا هذا كله ووقف إزاءه متسائال عن األسباب الك قرأ :ئل بإمكان تعرض العقل و الشرع و حددها يف أمور هذا الزعم القا

من تصورات عقلية عن اهللا صحيح أر سطو ظن بعض املفكرين أن ما عند •

. خطأ فيه ال .اجلهل باملرياث النبوي املتمثل بالكتاب و السنة الصحيحة •عدم التفرقة بني العقل القطعي الصريح الداللة و بني ما يسميه الناس •

.داللة عقلية معقوالت أو :مبنهج حتليلي رائع متثل فيما يلي وقد أخذ املؤلف يف مواقفه مع معارضيه

٤

كان يبدأ أوال بتحديد املصطلح ليعرف ما فيه من معاين ليمكن بعدها أن • .يقبلها أو يرفضها

. مث يضع أمامه األدلة اليت ظنها الفالسفة عقليات للمناقشة و التمحيص •باألمثلة العقلية أن العقل الصريح ال يتعارض أبدا مع مث يوضح ملعارضيه •

.املنقول الصحيح إنه ميكن للخصوم أن يعارضوا : و يف النهاية يقول ألصحاب هذه الدعاوى •

قولكم مبثل حجتكم و ال متلكون دليال صحيحا تردون به صولتهم عليكم .

حمور اخلالف بينهوسوف يتم التركيز يف هذا التقدمي على قضايا أساسية كانت :و بني خصومه و هي

.منهجه يف إثبات وجود اهللا • .مذهبه يف التوحيد • .موقفه من التشبيه و التنزيه •

٥

مدخل تارخيي - اإلمام ابن تيمية

:نشأته

هو اإلمام تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن اإلمام جمد الدين أب مد بن عبد اهللا بن أيب القاسم بن علي بن عبد اهللا بن الربكات عبد السالم بن أيب حم

.تيمية احلراين يناير ٢٢املوافق -هـ ٦٦١ولد حبران يف يوم االثنني من شهر ربيع األول سنة

هاجر به والده إيل دمشق عندما أغار التتار علي البالد اإلسالم سنة . م ١٢٦٣ن وهو يف سن الصبا مث اجته إيل حفظ القرا. هـ ويف دمشق استقر به املقام ٦٦٧

وفطنته أهل هحتصيل علوم احلديث والفقه واألصول وعلم الكالم ولقد انبهر بذكائ دمشق

:اإلصالحي منهجه

:جهاده

حيدثنا التاريخ عن كثري من مواقف ابن تيمية ضد غارات التتار و حتريض املسلمني هـ اليت كانت بني ٧٠٢ة فلقد تقدم الصفوف يف واقعة شقحب سن، على القتال

التتار و املسلمني و أفىت اجلنود بضرورة الفطر يف رمضان حىت يقووا على مالقاة األعداء و افطر هو أمامهم و كان يبيت لياليه على األسوار حارسا أمينا على أمن

.البالد : حماربة البدع

ليص جمتمعه من لقد اشتدت عداوة ابن تيمية للمتصوفة و الباطنية و حرص على ختخرافام اليت ملكوا ا عقول السذج معلنا هلم انه ال يوجد طريق إىل اهللا غري

.طريق حممد صلى اهللا عليه و سلم و ليس هناك هدى سوى هدى القران

٦

:حمنته ووفاته

جرت الطبيعة البشرية على أن كل من عال جنمه و استشهد بفضله كثر حساده و هم قضاته من الفقهاء الذين كرب مية يف كثري من األحيان تي نلقد كان خصوم اب

عليهم خمالفته هلم يف فتاواهم و أرائهم فألقي به يف السجن عدة مرات بسبب فتاواه ولقد كانت حياة ابن تيمية داخل السجون أحب إليه من حياة جيرب هاجتهادا تو

هذا النحو فما حياته عل استمرتفيها عل النفاق أو السكوت على الباطل و خيرج من السجن إال ليودع يف غريه و ما كانت تنتهي حماكمة إال لتبدأ أخرى

حببسه هذه املرة طائفة أفىتوقد ظل ابن تيمية يف سجنه األخري سنتني و أشهر و قد .القاضي املالكي األخنائي رأسهممن أهل األهواء على

أنيسةو هو يف سجنه و اليت كانت وعندما منع ابن تيمية من الكتابة و التأليف به علته و ازداد به الضيق حىت فاضت روحه الطاهرة إىل اشتدتو زاده الروحي

هـ و مات الرجل كما ٧٢٨لعشرين من ذي القعدة سنة االثننيبارئها ليلة يقضي عظماء الرجال من أصحاب العقائد الثابتة و اإلميان الراسخ الذي جيعل

ق أعدائه فال يتنفسون إال يف غيبته و ال ينعمون باحلياة إال صاحبه غصة يف حلو .بعد رحيله و قد شهد جنازة ابن تيمية من اخلالئق ماال حيصره عد ...رحم اهللا ابن تيمية و جزاه اهللا عن اإلسالم و املسلمني خري اجلزاء

٧

:منهج ابن تيمية يف إثبات وجود اهللا

ى وجود اهللا اجتاهني كالمها ميكن االستدالل به سلك ابن تيمية يف االستدالل عل :على وجود الصانع سبحانه و تعاىل

:املوقف الذايت .١

: االجتاه األول

وهو جلوء املرء إىل الفطرة السليمة اليت هي مضطرة بطبعها إىل اإلقرار بوجود الرب عند حلول و ذلك ملا حتتاجه النفوس من جلوئها إىل قوم عليا تستنقذ ا، اخلالق

.املصائب :الثاين االجتاه

وقد يطرأ على بعض الناس من يفسد فطرم فيحتاجون يف ذلك إىل ما ينري هلم و لذلك بعث اهللا الرسل و أنزل ، السبيل و يوضح هلم الطريق كالتعليم مثال

.الكتب :االجتاه الثالث

ا نفهم من أسلوب ترجيحه على غريه و من هنأن يف النفوس قوة لطلب احلق و .القرآن يف االستدالل على وجود اهللا جاء يف صورة التذكري و التنبيه

:االجتاه الرابع

إىل قبول احلق و رفض الباطل مما يعرض هلا من جند أنه يف كل نفس ما يدفعها .خارج ذاا و يف هذا دليل على أن فطرة اإلنسان مركوزة على االعتراف باحلق

:س االجتاه اخلام

إن كل نفس إذا مل يعرض هلا مصلح و ال مفسد من خارج ذاا فإننا جندها تطلب .ما ينفعها و حتاول أن تدفع عنها ما يضرها

:االجتاه السادس

٨

إنه ال ميكن للنفس أن تكون خالية من الشعور خبالقها و عن اإلحساس بوجوده .وذلك الن نفس البد أن تكون مريدة و شاعرة

: اخلارجي املوقف .٢

أقيسة و آيات : ويقسم ابن تيمية هذه األدلة إىل نوعني :األقيسة . أ

حدث فال بد له من محدث فإذا قيل هذه م. وهي ال تدل إال على معىن غري متعني أو كل ممكن البد له من واجب فإن النتيجة اليت تؤدي إليها مقدمات هذا القياس .

.تدل على عينه لكنها ال. هي إثبات واجب قدمي :اآليات . ب

ويف معرض االستدالل باآليات على وجود اهللا جند القرآن يضع أمام اإلنسان أكثر هذه اآليات داللة و أظهرها وضوحا يف االستدالل وهي أية اخللق من العدم قال

" .خلق اإلنسان من علق . اقرأ باسم ربك الذي خلق : " تعاىل

د اهللا متتاز بوضوحها و بداهتها مع نفسها و هي أكثر إن أدلة ابن تيمية على وجو .مالءمة للنفوس و العقول وجلميع الناس عامتهم و خاصتهم

٩

ابن تيمية بني التشبيه و التنزيه

وضع القرآن أمامنا آيات عديدة يدور احلديث فيها حول تنزيه اهللا تعاىل عن لقد ومل يكن : " و قوله تعاىل " ه شي ليس كمثل: " مشاة احلوادث مثل قوله تعاىل

و مع ذلك فقد ذكر القرآن مجيع الصفات اإلهلية اليت وصف اهللا " له كفوا أحد و طلب من املؤمنني أن يؤمنوا . ا نفسه من العلم و القدرة و العلو و االستواء

بيه صفاته و آيات كتابه العزيز و منها آيات التنزيه وعلى ذلك فليس من التش عجبمييف شي أن يؤمن العبد بأن اهللا عليم و قدير و أنه استوى على عرشه ما دام يعتقد

و ما على .و كما أنه ال يشبه شي يف ذاته ، أنه سبحانه ليس كمثله شي يف صفاته العبد إال أن يثبت وجود الصفة هللا كما أثبتها له القرآن و ال يبحث يف كيفها و

.و تنزيه بال تعطيل ، ثبات بال تشبيه كما ه منهج القرآن يف ذلك إوكان ابن تيمية على هذا املنهج القومي و كان كل ما صرح به أما نطق به القرآن و

إما جاءت به السنة الصحيحة فهو يثبت هللا صفات العلو و االستواء و ايء لته و هذا املنهج قد اخذ به أيضا أبو احلسن األشعري يف رساو اإلتيان و النزول

" .اللمع " و " اإلبانة " إىل أهل الثغر و يف كتابه مثيل و التشبيه و التكييف هلذه الصفات إال أن و مع أن ابن تيمية يصرح بنفي الت

اليت وجهت إىل اإلمام االاماتخصومه نسبوا إليه أقوال كان بعيد عنها ومجيع :منطني من احلديث ابن تيمية سواء يف حياته أو بعد مماته ال تكاد خترج عن

: النمط األول •

.منط من احلديث مكذوب و حمض افتراء عليه بقصد التشنيع و التشويه :النمط الثاين •

.اامه بالتشبيه و التجسيم نتيجة اخلطأ يف فهم مذهبه

١٠

تقريب الكتاب

:هل تتعارض األدلة القطعية : الفصل األول

هذا الفصل قانون الرازي الذي وضعه يف يشرح ابن تيمية رمحه اهللا تعاىل يفوالذي يذهب فيه إىل القول بأن العقل قد يتعارض مع " اية العقول " كتابه

وحينئذ ينبغي عنده أن نرد دليل الشرع و نعتصم بدليل العقل و هذه ، الشرع .الدعوى يردها ابن تيمية من عدة أوجه عارض العقل و الشرع يتطلب إثبات فبني رمحه اهللا أوال أن كالم القائلني بت

مث يطلب بعد ذلك أن ما يدعيه املتكلمون و الفالسفة من أدلة ، التعارض فعال مث بعد ذلك ينظر رمحه ، هي يف ذاا أدلة عقلية صرحية يف داللتها على مطلوا

اهللا فيما يدعونه من شرع هل هو شرعي صحيح أم أنه ليس شرعيا يف ذاته و ذلك ؟ مث يشرح ابن تيمية اجلهة اليت يكون الدليل مقبوال أو هم يسمونه ك

، و ليس أن الدليل يقبل كونه قطعي الداللة على املراد ، ألجلهامرفوضا داللة قطعية ال يشك فيها هفهذ، و كداللة طلوع الشمس على وجود النهار

كسيب مث يتعرض بعد ذلك للعلم فيقسمه إىل علم نظري و عملي مث إىل. عاقل و ، و وهيب و يبني أن العلم باهللا ال يتوقف على العقليات املخالفة للشرع

ينصح الفالسفة اهللا أعلم مبا يليق به النبألفاظ الكتاب و السنة االعتصامو املتكلمني بضرورة

و بني رمحه اهللا أن سبب اخلطأ عندهم هو استعماهلم لتلك األلفاظ ، منا و أا أوقعتهم و أوقعت املسلم معهم يف حرية و ، اىل املة يف حق اهللا تع

، اضطراب

١١

و لو كانت طريقتهم سديدة يف استعمال هذه األلفاظ لكانت الرسل أسبق وملا مل يستعمل الرسل يف حق اهللا ال نفيا ، منهم إىل استعماهلا و اإلشارة إليها

أا ليست هي أو على األقل ، وال إثباتا دل ذلك على أا طريقة فاسدة .الطريقة األقوم هلداية البشر

تقريب الفصل األول

: قال شيخ اإلسالم

إذا تعارضت األدلة السمعية و العقلية : " املقصود هنا الكالم على قول القائل "إخل ... ...

:اجلواب على اعتراض الرازي و الفالسفة • :وحينئذ نقول اجلواب من وجوه

: الوجه األول

"إذا تعارض النقل و العقل : " ن قوله أ .فال نسلم إمكان التعارض حينئذٍ ، إما أن يريد به القطعيين

.فاملقدم هو الراجح مطلقا ، و إما يريد به الظنيين و إذا قدر أن ، فالقطعي هو املقدم مطلقا، و إما أن يريد به أن أحدمها قطعي

.ال لكونه عقليا . قطعيا العقلي هو القطعي كان تقدميه لكونه .فعلم أن تقدمي العقلي مطلقا خطأ كما أن جعل جهة الترجيح كونه عقليا خطأ

:الوجه الثاين

إذ من املمكن ، احنصار القسمة فيما ذكرناه من األقسام األربعة أن يقال ال نسلم : أن يقال

١٢

و إن كانا مجيعا ، فأيهما كان قطعيا قدم ، يقدم العقلي تارة و السمعي أخرى .فيمنع التعارض و إن كانا ظنيني فالراجح هو املقدم ، قطعيني

أو اجلمع بني ، أنه البد من تقدمي العقلي مطلقا أو السمعي مطلقا : فدعوى املدعي بل هناك قسم ليس من هذه –دعوى باطلة –أو رفع النقيضني ، النقيضني

.ريب فيه بل هو احلق الذي ال ، األقسام كما تقدم :الوجه الثالث

هو العقل أصل يف إثبات الشرع يف نفسه أم أصل يف علمنا به ؟فيكون طعنا فيه ، الذي هو العقل إن قدما النقل كان ذلك طعنا يف أصله: " قوله

.غري مسلم " : إما أن يريد به " إن العقل أصل النقل : " وذلك الن قوله

.مر أو أصل يف علمنا بصحته أنه أصل يف ثبوته يف نفس األ، فإن ما هو ثابت يف نفس األمر بالسمع أو بغريه هو ثابت ، فاألول ال يقوله عاقل

سواء علمنا بالعقل أو بغري العقل ثبوته و عدم علمنا باحلقائق و ال ينفي ثبوا يف .أنفسها

.فتبني بذلك أن العقل ليس أصال لثبوت الشرع يف نفسه :الوجه الرابع

، و ثبوت ما أخرب به يف نفس األمر ، عاملا بصدق الرسول أن يقال إما أن يكون .و إما أن ال يكون عاملا بذلك

الن املعلوم ال ، فإن مل يكن عاملا امتنع التعارض عنده إذا كان املعقول معلوما له .يعارضه اهول و إن مل يكن املعقول معلوما مل يتعارض جمهوالن

:امس الوجه اخل

هل أخربت الرسل مبوارد النزاع ؟

١٣

إنه إذا علم صحة السمع و إن ما أخرب به الرسول فهو حق فإما أن يعلم أنه أخرب .أو يظن أنه أخرب به أو ال يعلم وال يظن ، مبحل النزاع

فإن ، يف العقل ما ينايف املعلوم بسمع أو بغريه فإن علم أنه أخرب به امتنع أن يكون .ته أو انتفاؤه ال جيوز أن يقدم دليل يناقض ذلك ما علم ثبو

فتبني بذلك أن اجلزم ، و إن مل يكن يف السمع علم و ال ظن فال معارضة حينئذٍ .بتقدمي العقل مطلقا خطأ و ضالل

: الوجه السادس

جيب تقدمي الشرع عند مظنة التعارض العقل مصدق الن، أن يقال إذا تعارض الشرع و العقل وجب تقدمي الشرع

و ال العلم ، به و الشرع مل يصدق العقل يف كل ما أخرب به للشرع يف كل ما أخرب .بصدقه موقوف على كل ما خيرب به العقل

يكفيك من العقل أن : و معلوم أن هذا إذا قيل أوجه من قوهلم كما قال بعضهم هذا الوجه أن يعلمك صدق الرسول و معاين كالمه و بني ابن تيمية رمحه اهللا يف

.معارضة الشرع للعقل ليس فيه حجة على تقدمي أراء العقالء على الشرع :الوجه السابع

تقدمي املعقول على الداللة الشرعية ممتنع متناقض و أما تقدمي األدلة : أن يقال .الشرعية فهو ممكن مؤتلف

ا بنفسه بل فيه و ليست العقول شيئا واحدا بين، فلو قيل بتقدمي العقل على الشرع االختالف و االضطراب و أما الشرع فهو يف نفسه قول الصادق و هذه صفة

.الزمة له ال تنفك عنه و ال ختتلف باختالف الناس :الوجه الثامن

موارد النزاع من األمور اخلفية

١٤

املسائل اليت يقال أنه قد تعارض فيها العقل و السمع من املسائل البينة : أن يقال كمسائل احلساب اهلندسة و حنو ذلك بل مل ينقل أحد ، روفة بصريح العقل املع

بإسناد صحيح عن نبينا صلى اهللا عليه و سلم شيئا من هذا اجلنس إال يف حديث النقل أنه مكذوب مثل حديث عرق اخليل و أمثاهلا أهلمكذوب موضوع يعلم

ضوعة باتفاق أهل العلم فال جيوز ألحد أن يدخل هذا و من األحاديث املكذوبة املو .أمثاله يف األدلة الشرعية

:الوجه التاسع

إىل عقل من حنتكم عند النزاع ؟على النصوص النبوية قول ال ينضبط معقولةالقول بتقدمي اإلنسان : و هو أن يقال

، ليات كل منهم يقول و ذلك الن أهل الكالم و الفلسفة املتنازعني فيما يسمونه عق

إنه يعلم بضرورة العقل أو بنظره ما يدعى األخر أن املعلوم بضرورة العقل أو : " .بنظره نقيضه

:الوجه العاشر

جمادلة أهل الباطل باليت هي أحسن إذا تعارض العقل و النقل وجب تقدمي فيقال ، أن يعارض دليلهم بنظري ما قالوه

لني مجع بني نقيضني و رفعهما رفع للنقيضني و تقدمي النقل الن اجلمع بني املدلوالن العقل دل على صحة السمع ووجوب قبول ما أخرب به الرسول ، العقل ممتنع

صلى اهللا عليه و سلم فلو أبطلنا النقل لكنا أبطلنا داللة النقل لكنا قد أبطلنا داللة ا عدم تقدميه فال العقل مل يصح أن يكون معارضا للنقل فكان تقدمي العقل موجب

.جيوز تقدمه

١٥

:الوجه احلادي عشر

الدليل اليقيين هو القطعي يف داللته إن ما يسميه الناس دليال من العقليات و السمعيات ليس كثري من دليال و إمنا بظنه

.الظان دليال و هذا متفق عليه بني العقالء :فنقول

تابعني و تابعيهم فهم متفقون على أما املتبعون للكتاب و السنة من الصحابة و الداللة ما جاء به الشرع يف باب اإلميان و األمساء و الصفات و اليوم األخر و ما

يتبع ذلك و املعارضون لذلك من أهل الكالم مل يتفقوا على دليل واحد من العقليات مع العلم أن أهل احلق ال يطعنون يف جنس هذه األدلة العقلية و إمنا فيما

يف نفس صحيحي املعارض أنه خيالف الكتاب و السنة و ليس يف ذلك دليل يدع .و ال دليل مقبول عند عامة العقالء االسم

:الوجه الثاين عشر

كل ما عارض الشرع علم فساده بالعقلإن كل ما عارض الشرع من العقليات فالعقل يعلم فساده و إن مل يعارض العقل و

.وز أن يعارض به ال عقل و ال شرع ما علم فساده بالعقل ال جيو هذه اجلملة تفصيلها هو الكالم على حجج املخالفني للسنة من أهل البدع بأن

نبني بالعقل فساد تلك احلجج و تناقضها و من تأمل ذلك وجد يف املعقول مما يعلم .فساد املعقول املخالف للشرع ماال يعلمه إال اهللا

:الوجه الثالث عشر

دثني مبقاصد الرسول علم احمل

١٦

العاملني بالقرآن عندهم من العلوم ، إن أهل العناية بعلم الرسول : أن يقال الضرورية مبقاصد الرسول و مراده ما ال مينعهم دفعه عن قلوا و هلذا كانوا متفقني

ر كما اتفق أهل اإلسالم على نقل حروف غعلى ذلك من غري تواطؤ و ال تشاوات اخلمس و القبلة بالتواتر ومعلوم أن النقل املتواتر يفيد العلم القرآن و نقل الصل

.اليقيين سواء كان التواتر لفظيا أو معنويا

:الوجه الرابع عشر

األمور الشرعية فطرية و املعاد كإثبات الصفات أن العقل عارضها األمور السمعية اليت يقال: بأن يقال

رار أن الرسول صلى اهللا عليه و سلم جاء ا و و هي مما علم باالضط، و حنو ذلك ما كان معلوما باالضطرار من دين اإلسالم امتنع أن يكون باطال مع كون الرسول

و فمن قدح يف ذلك و أدعى أن الرسول مل جيئ به كان قوله ، رسول اهللا حقا .معلوم الفساد بالضرورة من دين املسلمني

:الوجه اخلامس عشر

قطعي و إما غري قطعي الدليل إماكون الدليل عقليا أو مسعيا ليس هو صفة مدحا أو ذما و ال صحة وال : أن يقال

و هو السمع أو العقل وان كان السمع ، فسادا بل ذلك يبني الطريق الذي به علم و إما كونه شرعيا فال يقابل ، البد له من العقل و كذلك كونه عقليا أو نقليا

بكونه عقليا صفة ذم و شرعيا صفة يدعيامنا بكونه دعيا إذ البدعة تقابل الشرعة و كونه و إ

.مدح وما خالف الشريعة فهو باطل

١٧

من أصول املبتدعة –الفصل الثاين

لبس احلق بالباطل

يشرح املؤلف رمحه اهللا يف هذا الفصل أصال من أصول احلوار العلمي بني أهل

ل املصطلح و معىن اللفظ الذي يستعملونه يف الرأي وهو ضرورة االتفاق على مدلوو ملا كان هذا األصل غائبا يف ذهن الفالسفة يف حوارهم ، النفي أو اإلثبات

.أوقعهم يف خالفات كثرية أوقعت املسلمني بعدهم يف حرية مث أخذ املؤلف يشرح طريقة اإلمام أمحد بن حنبل يف املناظرة اليت جرت بينه

البد أن تشرحوا : القرآن و قال هلم اإلمام أمحد رمحه اهللا و بني خصومه يف خلق حقا ناهافإن كان مع، جممل و معناه مبهم ألنه، لنا معىن اللفظ الذي تستعملونه

و إن كان معناه باطال رددناه عليكم و ال حيق لكم بعد ذلك أن تلزموا ، قبلناه لفاظ ما حتدث اهللا به عن الن يف القرآن عناء عنه و أحكم األ، املسلمني قبوله وال يصح ترك هذه األلفاظ احملكمة جلل ما ، و أخرب به رسوله ، نفسه يف كتابه

.حتدث به هؤالء من ألفاظ جمملة ألتبس فيها احلق بالباطل :هم يعارضون ألفاظ القرآن بألفاظ جمملة •

يف القرآن مثل عن املعاين اليت أثبتها القرآن بعبارات أخرى ليست فإن هؤالء عربوا و غريها ، و واملتحيز ، والعرض ، واجلسم ، و اجلوهر ، واحلدوث ، القدم : لفظ

.من األلفاظ و العبارات اليت تأيت على غري معانيها يف لغة العرب :املبتدعة يوقعون املسلم يف حرية •

ما تريدون: و إذا كانت هذه األلفاظ جمملة فاملخاطب هلم غما أن يفصل و يقول .ذه األلفاظ ؟ فإن فسروها باملعىن الذي يوافق القرآن قيلت و إال ردت عليهم

١٨

و إما أن ميتنع عن موافقتهم يف التكلم ذه األلفاظ نفيا أو إثباتا فإن امتنع عن التكلم ا معهم فقد ينسبوه إىل العجز و اجلهل و إن تكلم ا معهم نسبوه إىل أنه

.تمل حقا و باطال و أومهوا اجلهال باصطالحام أطلق تلط األلفاظ اليت حت

:منهج اإلمام أمحد بن حنبل يف مناظرته •وذا ناظر اإلمام أمحد رمحه اهللا اجلهمية و صار يطالبهم بداللة الكتاب و السنة

على قوهلم فإذا كانت هذه األلفاظ وردت يف الكتاب و السنة وافقهم عليها و إن مقصود املتكلم به و ليس له أصل يف الكتاب و السنة و وجد أن اللفظ ال يدرى

.اإلمجاع رده عليهم

١٩

منهج الرازي يف إثبات : الفصل الثالث

وجود اهللا تعاىل

يشرح املؤلف رمحه اهللا يف هذا الفصل منهج الرازي يف إثبات وجود اهللا عز و جل حينا و مسلك املعتزلة و يرد عليه مبينا أن منهجه قد سلك فيه مسلك الفالسفة

.حينا أخر : و الرازي قد أثبت وجود اهللا خبمسة طرق هي

:الطريق األول *

وجود األشياء بعد أن كانت عدما و هذا ما عرب عنه حبدوث الذوات أو حدوث .األجسام و هذه طريقة املعتزلة

:الطريق الثاين *

وجد و أال يوجد لكنه اآلن موجود مبعىن أن العامل كان ميكن أن ي: طريق اإلمكان .فإذن البد من موجد رجح وجوده من عدمه و هذه طريقة ابن سينا و الفالسفة

:الطريق الثالث *

كل كائن مبا يلزمه و يعينه من الصفات الالزمة اختصاصمبعىن : إمكان الصفات .لوقاته له كالسمع و البصر لإلنسان فذلك دليل على أن هناك ربا خالقا يرعى خم

: الطريق الرابع *

مثل ، و هذا الطريق هو االستدالل حبدوث الصفات و واألعراض على وجود اهللا .صريورة النطفة إنسانا و البذرة زرعا

: الطريق اخلامس *

هو االستدالل مبا يف الصفة من دقة و إحكام وإتقان على وجود الصانع

بني هذه الطرق اخلمسة و ما يف القرآن الكرمي ولقد قارن ابن تيمية رمحه اهللا تعاىل .منها و بني أصل كل طريق و من أخذه الرازي

٢٠

ضرورة التالزم بني –فصل

الدليل و املدلول

يلقي املصنف الضوء يف هذا الفصل على قاعدة عظيمة و هي ضرورة املالزمة بني

جود النهار فإذا الدليل و املدلول و ذلك مثل التالزم الضروري بني الشمس وورأينا الشمس طالعة تيقنا من وجود النهار و مثل داللة وجود الكتابة على الشخص

الكاتب و مثل داللة وجود االبن على أبيه و هذا يساوي متاما وجود اخللق فإنه يسلتزم ضرورة وجود خالقه و أدلة القرآن هي من هذا النوع الذي يظهر فيها

.ليل و مدلوله التالزم الضروري بني كل د و القرآن مسى كل دليل يف آية مبعىن أنه آية على مدلوله و عالمة دالة عليه

و استعمال القرآن لفظ آية أكثر داللة على ضرورة التالزم ، و على صفاته .املطلوب بني الدليل و مدلوله من استعمال لفظ الدليل

:حاجة اخللق إىل خالقهم ضرورة و فطرة •

كثر الناس على أن اإلقرار بالصانع ضروري و فطري و ذلك أن وهلذا كان أ .اضطرار النفوس إىل ذلك أعظم من اضطرارها إىل ماال يتعلق به حاجتها

، فإذا كانت هذه األمور مما حتتاج النفوس إليها والبد هلا منها بل هي ضرورية فيها و أوىل أن يكون ،و هو االعتراف بالصانع و اإلقرار به ، شرطها والزمها كان

.ضروريا يف النفوس

٢١

الدليل و كيفية الداللة –فصل

حتدث ابن تيمية رمحه اهللا تعاىل يف هذا الفصل عن قضية أن الشئ الواحد قد يكون له أكثر من دليل يستدل به عليه و إن من يعلم دليال واحدا من هذه األدلة ال يصح

مث أستدل ، يس هناك ال دليال واحدا فقط له أن ينفي أدلة اآلخرين أو يدعي أنه لرمحه اهللا على هذا األمر بكثري من اآليات و األحاديث اليت تسانده يف هذا الرأي يشرح ا وجهة نظره يف ذلك مث يتعرض رمحه اهللا باحلديث لقضية نفسية هامة و هي وسوسة الشيطان و كيف يتخلص اإلنسان منها بذكر اهللا عز و جل و قراءة

القرآن و يبني رمحه اهللا أن الرسل أمروا باستعمال الربهان الصحيح و قد بني الرسول صلى اهللا عليه و سلم كيف نتخلص من وسوسة الشيطان باالستعاذة باهللا

الن نواهي و الدعاء و التضرع إىل اهللا عز و جل أن يثبت القلب على اإلميان .القلوب بيديه سبحانه

:مع االستعاذة وسوسة الشيطان تزول •

:قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا و القرآن فيه شفاء ملا يف الصدور من األمراض و النيب صلى اهللا عليه و سلم علم أن

و أنه نه معلوم الفساد بالضرورة فأمر ، وسواس التسلسل يف الفاعل يقع يف النفوس خاري عن أنس رضي اهللا تعاىل عند وروده باالستعاذة منه و االنتهاء عنه ففي الب

هذا : لن يربح الناس يتساءلن : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم : عنه قال اهللا خالق كل شئ فمن خلق اهللا ؟ و أمر رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم من وجد

.هذا فليستعذ باهللا من الشيطان و لينته

٢٢

العلوم إما ضرورية –فصل

و إما كسبية

:قسم املصنف العلوم نوعان

فطرية مغروزة يف النفوس مبقتضى الفطرة و أن هذه العلوم قد علوم ضرورية • .بداهتها و ظهورها ال يستطيع املرء أن يقيم دليال على صحتها لشدة

وهناك نوع آخر من العلوم هي ما يسمى بالعلوم الكسبية و هي تطلب •اجة إىل إثبات صحتها بدليل أوضح الدليل على صحتها و هي يف ذاا يف ح

.منها

:مناقشة املناطقة يف التعريف باحلد

ناقش ابن تيمية رمحه اهللا تعاىل يف هذا املوضع املناطقة يف قضية احلد فيوجز ما من أن القصد من التعريف باحلد الشارح هو " الرد على املنطقيني " فصله يف كتابه

سبيل لنا إىل ذلك إال استعمال األلفاظ الشارحة و ال ، متييز احملدود عن غريه و أن هذا هو رأي معظم املفكرين و أن الغاية من التعريف هو التصور التام

للمحدود و ذلك ال يكون إال باجلنس و الفصل كقولنا يف اإلنسان أنه حيوان فالنطق فصل الزم بل ذايت يف اإلنسان وال ميكن تصور اإلنسان بدون صفة، ناطق ،النطق

وابن تيمية رمحه اهللا يعترض على هذه الشروط من وجوه كثرية مبينا هلم ما الفرق .بني الفص الذايت كالنطق و الصفة الدائمة كالضحك مثال

٢٣

طرق معرفة اهللا –فصل

كثرية و متنوعة

:قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا

صار كل طائفة من النظار تسلك ، كانت طرق معرفة اهللا كثرية و متنوعة وملا و هو ، و هذا غلط حمض . طريقا إىل إثبات معرفته و يظن أنه ال طريق إال تلك

قول بال علم فإنه من أين لإلنسان أن يقول أنه ال ميكن املعرفة إال ذا الطريق ؟ و ليس مع النايف ، فالبد من دليل يدل عليه ، فإن هذا نفي عام ال يعلم بالضرورة

و أن غالب ، بل املوجود يدل على أن للمعرفة طرقا أخرى ، دليل يدل عليه عرفوه بدون تلك ، بل و عموم اخللق ، العارفني باهللا من األنبياء و غري األنبياء

.الطريقة املعينة

٢٤

أقوال العلماء يف –فصل

حديث الفطرة

و إذ أخذ ربك من بين آدم : " ويف هذا الفصل يقوم ابن تيمية رمحه اهللا بشرح آية

و " من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟ قالوا بلى كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه : " حديث النيب صلى اهللا عليه و سلم

و وقد أسهب رمحه اهللا تعاىل يف تفسري هذه اآلية الكرمية " أو ينصرانه أو ميجسانه و حتدث عن سبب اخلالف يف حديث الفطرة ، حلديث الشريف و يف شرح هذا ا

الفطرة و قال أن الفطرة الصحيحة ساردا أقوال العلماء يف هذا احلديث و يف معىنهي أصل احلنيفية اليت خلق اهللا خلقه عليها وقال أن الفطرة تدل على خالقها

سبحانه كل مولود يولد على " :به الصادق املصدوق يف قوله و تعاىل و هذا الذي أخرب

" .الفطرة

٢٥

اإلنسان و العبودية –فصل

هللا عز و جل

" و ما خلقت اجلن و اإلنس إال ليعبدون : " أقوال العلماء رمحهم اهللا يف آية

:و للناس يف هذه العبادة اليت خلقوا هلا قوالن

:القول األول •

لقوا هلا و منهم من يقول إمنا مث هؤالء منهم من يقول مجيعهم خ. أا وقعت منهم .خلق هلا بعضهم

:القول الثاين •

:و هؤالء حزبان ، و مع ذلك فلم تقع إال من بعضهم ، أم كلهم خلقوا هلا بغري يشاءونو لكنهم فعلوا ماال ، إن اهللا تعاىل مل يشأ إال العبادة : حزب يقول

.رته و مشيئته و خلقه قدرته و ال مشيئته و هم القدرية املنكرون لعموم قدلكن هو ال حيب ، و قدرته و خلقه همبنشئتبل كل ما وقع فهو : و الثاين يقولون

املأمور به فمنهم من أعانه ففعل، و ال يأمر إال بذلك ، إال العبادة اليت خلقهم هلا .و منهم من مل يفعله

:آية امليثاق و أقوال العلماء فيها •

ذ ربك من بين آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على وإذ أخ: " قال تعاىل أنفسهم ألست بربكم ؟ قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا

"غافلني :فإن هذه اآلية فيها قوالن

٢٦

كما نقل ، من الناس من يقول هذا اإلشهاد كان ملا استخرجوا من صلب آدم .هم مرفوعا عن النيب صلى اهللا عليه و سلم هذا عن طائفة من السلف و رواه بعض

: و يف حديث عمر و غريه انه قال ، ولكن يف حديث أيب هريرة أنه أراهم آدم هؤالء للجنة و هؤالء للنار ففيها إثبات للقدر أن اهللا علم ما سيكون قبل أن يكون

م آدم هي أمثاهل فرآهوعلم الشقي و السعيد من ذرية آدم و سواء كان استخرجه .و أعيام

.فأما نطقهم فليس يف شئ من األحاديث املرفوعة الثابتة و ال يدل عليه القرآن و اإلشهاد يتضمن هداه هلم إىل هذا اإلقرار فإنه قال ، و األخذ يتضمن خلقهم

أي جعلهم شاهدين فالشهادة هي اإلقرار كما يف قوله عز " و أشهدهم : " تعاىل و كما قيل ملاعز " بالقسط شهداء هللا و لو على أنفسكم كونوا قوامني : " و جل

فإشهادهم على أنفسهم جعلهم شاهدين على أنفسهم ، أربعا شهد على نفسه : ألست بربكم قالوا بلي : " أي مقرين له بربوبيته كما قال تعاىل يف متام الكالم

.فقوهلم بلى شهدنا هذا إقرارهم بربويته و هو خملوقون له " شهدنا وهلذ فإن مجيع بين آدم مقرون ذا شاهدون به على أنفسهم و هذا أمر ضروري

.جحده ألحدهلم ال ينفك عنه خملوق وال ميكن بكمال رمحته و إحسانه ال يعذب أحدا إال بعد إرسال رسوله إليهم و إن مث إن اهللا

ريهم كما كان مشركو العرب و غ، كانوا فاعلني ال يستحقون به الذم و العقاب فاعلني للسيئات و القبائح اليت هي سبب الذم و العقاب ، ممن بعث إليهم رسول

و الرب تعاىل مع هذا مل يكن معذبا هلم حىت يبعث إليهم رسوال و الناس هلم يف و قال بكل قول طائفة من املنتسبني إىل السنة من أصحاب ، هذا النقام ثالثة أقوال

.األئمة األربعة .إن األفعال ال تتصف بصفات تكون ا حسنة و ال سيئة البتة : طائفة تقول

٢٧

بل األفعال متصفة بصفات حسنة و سيئة و هذا يعلم بالعقل و : وطائفة تقول .يستحق العقاب بالعقل

بل هي متصفة بصفات حسنة و سيئة تقتضي احلمد و الذم و لكن : وطائفة تقول أصح األقوال و عليه يدل الكتاب و ال يعذب أحد إال بعد بلوغ الرسالة هذا

قبل ، السنة فإن اهللا أخرب عن أعمال الكفار مبا يقتضي أا سيئة قبيحة مذمومة : و أخرب أنه ال يعذم إال بعد إرسال رسول إليهم قال تعاىل ، جميء الرسل إليهم

تني و هذه اآلية حجة على الطائفتني السابق" و ما كنا معذبني حىت نبعث رسوال " و يعلم أن هذا الفعل ، على ثبوت حسن و قبح قد يعلم بالعقول و القرآن دل

، حممود و مذموم . و دل على أنه ال يعذب أحدا إال بعد إرسال رسول

...وصلى اهللا على سيدنا حممد و على آله و صحبه