للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

33

description

للخوف ظل طويل مجموعة قصصية بقلم الكاتبة العراقية منى الصراف الناشر : مجلة الضياء - رئيس التحرير :محسن الوردانى

Transcript of للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

Page 1: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف
Page 2: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

المؤلفة فى سطور

: منى طالب حسن الصراف االسم

بغداد :مواليد

: مهندسة مدني المهنة

ومجموعة وديوان شعر : قلب يتعرق : نصوص ال تخبروا الورد الكاتبة من اعمال

نشر العديد منها ةاالدبي والمقاالت الثقافي قصصية قصيرة .. وبعض الخواطر والومضات

داخل وخارج العراق في الصحف الورقية والمجالت

على بعض شهادات الشكر والتقدير من المنديات االدبية .. : حصلت الكاتبة نواحى التقدير

المشاركة في في المركز الثقافي العراقي وشعراء المتنبي في بغداد ها واالحتفاءات باعمال

من : ت العديد من شهادات الشكر والتقدير منالن ة والمدنيةالعديد من المهرجانات الثقافي

الشكر والتقدير درع االبداع من منظمة االشقاء العرب وزارة الثقافة واالعالم العراقية

احتفاء وشهادة شكر وتقدير من مكتب الطلبة والشباب واالحتفاء من تجمع المرايا الثقافي

شكر وتقدير من رئيس لجنة الحشد الشعبي شكر وتقدير من الشيخ سعد مشعل العراقي

درع التميز واالبداع من قالدة االبداع من تجمع المرايا الثقافي شعراء المرسى في المتنبي

عضوة شهادة شكر وتقدير من رابطة شعراء وادباء المتنبي رابطة شعراء وادباء المتنبي

عضوة في رابطة شعراء يعضوة رابطة شعراء المرسى في المتنب تجمع المرايا الثقافي

عضوة في منظمة االشقاء العرب الثقافية وادباء المتنبي

Page 3: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

للخوف ظل طويل

) الخوف ظله طويل علينا فهمه كي نستطيع التغلب عليه .. هناك شيء اهم من الخوف هو

الفشل والوقوع فيه وتبرير الشجاعة لتجاوز الجبن .. واكبر مواجهة للخوف هي الخطوة الولى لتعيش طيلة حياتك وانت تشعر بنشوة االنتصار ( ا

كانت هذه وصايا جدة تقولها بعد كل حكاية من اساطير الخوف والرعب الطفال مشاكسين اليعرفون السكينة والهدوء في نهارهم .

طفلة شجاعة ! ترعب القطط السوداء وقت الغروب وال تخشى محاكمة تقام ضدها من دا من البشر .. فهي عرفت اللعبة ! وفهمت الخوف وان حكايات القطط وقاضيا وشهو

جدتها صندوق دنيا عناوينه الرعب لكنه هو احد دروب الخيال . لم تتجاوز العاشرة من عمرها شعرها اسود كليل خال من ضوء القمر متموج كما هي

ه وردية امواج دجلة الهادىء حين يالمس بيوتاتهم المتراصة على ضفافه ، بيضاء وشفا حبات كرز في طور النضوج .

تحب اللعب كثيرا مع اطفال محلتها البغدادية العتيقة . كانت تكره وقت الغروب وظهور القمر فهذا سبب كافي كي تترك اللعب والعوده الى البيت

. نُسجت حكايات كثيرة حول بيت تسكنه االشباح في محلتهم ، من الكبار قبل الصغار . بيت

م يتجرأ احدٌ ان يسكنه وان فعلها شخص يولي هاربا بليل ظالم . مهجور لاما اطفال المحلة سكنهم الرعب من هذا البيت ونسجوا حوله الحكايات والقصص وكيف حاول احدهم دخوله في ليلة مع رفاقه وبيده شعلة من نار سمعوا فيه صرخات وقهقهات

رفع راسه الى االعلى لينظر ما واواني تقرع وكيف خنق احدهم في محاوله يأس حين حوله زادت وتيرة الخنق وضحكات تلك السعلوة الطويلة وجسدها يمالءه الشعر كما هو

القرد حتى ان ظلها كان اطول من قامتها الممشوقة طلبت منهم الخروج من الدار واال سيكون مص دمائم لها شرابا ..

ضحكت تلك الطفلة من قصصهم تلك وقالت لهم تعلمون ان للخوف ظالً طويالً !؟ أال -

ردوا عليها وكيف ذلك اال تعلمين انِت ان السعلوة طويلة وتدخل قبرا وتخرج منه كلبااسودا وتدخل اخر وتخرج على هيئة غراب !؟

اخبرتهم انها خرافات الجدات وحكاياتهن . عليكم مواجهة الخوف وان تقفوا بصمود امام يل ! تلك السعلوة ذات الظل الطو

ضحكوا منها وسخروا قالوا لها واجهي انت الخوف لو كنِت حقا تمتلكين تلك الشجاعة ادخلي البيت لوحدِك .

كانت تنظر الى تلك العيون التي احاطتها بالسخرية والضحك على قدرتها وشجاعتها . ردت عليهم بحزم

والجلوس على سطح انتم جبناء هل تعلمون اني شجاعة وبشجاعتي أصل الى النجوم - القمر واشرب الشاي واكل الكعك مع جدتي !

Page 4: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

زادت وتيرة ضحكاتهم قالوا لها ال نريدك ان تجلسي فوق سطح القمر ! فقط ادخلي هذا البيت وقت الغروب -

قالت لهم وبكل ثقة اذن لننتظر وقت الغروب ... -

الحركة والمكان اصبح مخيفا كان الظالم شديدا تلك الليل والمحلة اصبحت شبه خالية من جدا

وقف االطفال على مقربة من البيت المهجور ينتظرون دخولها فيه .. حملت شعلة من نار كانوا قد صنعوها لها .

شعرت ألول مرة في حياتها انها ليست شجاعة حين وضعت القدم االولى عند عتبة الدار . ده فريسة الذل طوال حياتها ! بخطى كانت تخاف الفشل امام اصحابها النها ستكون بع مثقلة دخلت الى باحة الدار كانت تتمتم لنفسها :

احترسي فقط من الذي سيقف خلفك ليخنقِك والذي يظهر امامِك فجأةً شعرت بقلق حاد وسرعة في التنفس وقد جف الفم من ماء ورده ، اتسعت حدقات عينيها

ات من التجشؤ كانت تعتريها حين تواجه وارتجاف شديد لالطراف ، غصة في الحلق ونوب الخوف ازدادت ضربات قلبها شعرت انه سيغمى عليها اخذت تردد حروفا مرتجفةً :

اصمدي انِت شجاعة عليِك االعتراف بالخوف اوال لكن اياِك والفشل البد من الخروج من ِك الجدة .هذا الدار وانِت تشعرين بنشوة االنتصار على هوالء االغبياء .. هكذا علمت

سمعت اصوات تقرع وظال اسودا طويال كان واضحا امامها تسمرت منها االقدام لم تشعر بهما وهذا التجشؤ زاد من وتيرته حين شاهدت عيونا تلمع تشق ظلمة المكان ، صمدت

للحظات والتفت خلفها شاهدت سعفة لنخلة متكئةً على الجدار عرفت بسرعة ذكائها المتقد ذات الظل الطويل التي ارعبت االطفال .. قفزت من امامها قطة سوداء انها السعلوة

اصابتها بالهلع خمنت ان تلك القطة كانت هي من تصدر هذا القرع في االواني لتفتش لها عن بقايا طعام .. خرجت من الدار وبيدها تلك السعفة الطويلة وهي تهش قطة

. سوداءامامها تموء وابتسامة النصر على الشفاه

شخصية شيطانية انثوية شكلها غريب ومخيف وجسدها مليء بالشعر -: السعلوه

Page 5: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

بائعات االماني

نساء احترفن القفز فوق اسوار المدن ، ينظرن الى عينيك فيتغير بك الزمان والمكان ، هاربات من اساطير قديمة ، سقطن من مناقير طيور مهاجرة ، يجمعن االمنيات وينثرنها

بين المدن والطرقات راحالت دائما هن راحالت يحملن االماني والحكايات وبشارات تفيض بالنشوة تدغدغ االحالم يبعن لك االمال من دخان تعيد لك ذكريات عتيقة من ركام السنين وبصيص امل وسط الظالم ، يرسمن كما يشأن لك االسفار على الغيوم ، يخادن

لبشارة لمن ضاقت به الحياة كلماتهّن سحر وبعض حظوظ المطر ، سروب لحمائم تحمل ا للشجن ، نبوءات طريقها الفرح .

كحل نثرنه في العيون وشوم على جدار الجسد ، تتشاجر االضداد في وجوهن ، عيون واسعة سوداء ، غارقات في المستحيل . انها اشرعة الغجر التي كانت تأسر فتنتهن تلك

كانت تتمنى ان تحظى منهن بلقاء .. كانت غارقة بقصصهن الطفلة الرقيقة الدافئة كموالفرح لهن ثوب .. وفي ليلة ظهيرة حارة والناس نيام سمعت وشوشاتهن ونغمات من

احجار الودع وكلمات بين التبشير والتحذير لنساء مخدرات غافيات .. وضعن كل احالمهن تحت الجفون ينتظرن غيث المطر .

الدتها بكل محاوالت التوسل ان تفسح لهن الطريق ودخول عتبة طلبت تلك الطفلة من والدار رفضت االم هذا الطلب لكن بعد ان رأت اصرار ابنتها المدلَلة وافقت بتملل وهي

العالمة بحب ابنتها للفرح المصاحب للغجر .. كن ثالث نساء سمراوات ووجوهن تملؤها البنت الناعمة اتخذن من باحة الدار لهن الوشوم وشوم خضراء جميلة هكذا كانت تراه تلك

مجلس فتحت احداهن خريطتها واحجار ملونه رائعة زاهيه فرشتها فوق قطعة من القماش المزركش واتخذت االخرى مكانا اخر بين صاحبتها االولى التي اجلست الطفلة بقربها

ا باالمنيات وبين صاحبة االحجار . طلبت من االم ان تمسك باحدى االحجار وان توشوشهوان ترمي معها بعض النقود لكي تبوح لها االحجار بالذي ذهب والذي آت ..طلبت

الغجرية من االم ان التغادر نظرتها لمكان اخر غير عينيها .. تململت تنحنحت اخبرتها حكايات من رماد زمن فات واخرى قادمة تحمل احالم ستتحقق في نهاية المطاف .

لومات الحقيقية التي اخبرتها بها تلك القارئة ومن امنيات اخرى ال ذهلت االم من كم المعيعرفها سوى اهل الدار والزوج الذي يشقى ليل نهار من اجل االفضل السرته الكبيرة .. شعرت االم بنشوة االنتصار وافراح تتراقص لها نبضات القلب .. لم تمض سوى لحظات

انفجر بوجهها ونهضت واخبرتهن ان ابليس من هذه االفراح حتى انتفضت االم والغضب لكّن مدرسة بل باالحرى ما اغباه هو تلميذ ينهل منكن الخداع . صرخت بهن وطالبتهن

بمغادرة الدار . اصاب ابنتها الحزن واخذت تبكي قسوة والدتها عليهن في حين منذ لحظات زرعن لها فرحا لم تكن تراه منذ سنوات بوجهها ..

مي لماذا هذا الهجوم على جالبات الفرح لك .. كيف تكونين بهذه القسوة مابالك يا ا - وطلبت منهن مغادرة الدار بهذه الطريقة .. لماذا يا امي !!؟

تنهدت االم خرجت مع زفيرها نار تشتعل قالت البنتها :

Page 6: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

حبيبتي كل الذي اخبرتني به تلك الغجرية كان بسبب استنطاق االخرى الجالسة معك من -علومات وامنيات ال يعرفها سوانا ، وتترجمها بلغة ال نفهما نحن ، تلك المخادعة التي م

تدغدغ امنياتنا واحالمنا .. انه خداع الغجر

الموت االخضر

صراع بين الوجود وعدمه وبين المرئي والالمرئي واناس اخرين يلتزمون الصمت وب الموج ليتسكع بطرقها الضحلة ، بفوضى ازدحمت بها المدينة والكثير ممن فضل رك

لقتل كل اخضرار فيه الحرية نواتها . بالرغم من االختالف الفكري بينهما كان الغريب هو هذا الوئام الذي يجمعهما واالغرب

من هذا ان االثنين كانا مطلوبين من السلطة الحاكمة في بلدهما ، وطريق طويل سارا به ة للنجاة بحياتهما .. كان شابا في الخامسة والعشرين من معا للوصول الى حدوده الغربي

عمره ، وسيما ، انيقا ، مثقفا كانه كتاب يدور في الفضاء اسمه احمد .. واالخر في السابعة والثالثون من عمره طويل القامة اسمر البشرة ولحية بذقن لم تفارق وجهه منذ

بين الشرق والغرب والشمال والجنوب سبع سنين كان يدعى عليا ، فكره مكتبة متنقلة كلما غار في داخله يجد االخرين دائما حاضرين وان غار بهم وجد نفسه .. قليل ماكان يغادر الدار او يطل حتى من نافذة منزله دائم القراءة محب للكتب استطاع ان ينفد الى

االن لم يستطع السماء وعرف في النهاية ان هللا ضوء ساطع ينتشر على الكون لكنه الى ان يعرف وليد من هذا السطوع ! .

كانت رحلة طويلة في الليل والنهار وحديث وارهاصات فكرية تجمعهما كلما ارادا االستراحة قليال وغذاء من التمر وبعض رقائق الخبز اليابس . قال علي لصديقة احمد :

هل تعلم اننا نسير وحياتنا مقدرة -ه لحوار قد يقتل هذا الوقت والخوف الذي كان مصاحبا لهما ابتسم احمد له واشرق وج

طوال هذه الرحلة ورد عليه ان قدر هللا افعالي عليه اذن عدم محاسبتي ! -

كان معتادا على فلسفته في الوجود وانغماسه فيها . اجابه ان الحرية تعبير حقيقي عن الوجود الذي يضحي االنسان من اجلها -ية هي فلسفة الحرية التامة في التفكير دون قيود رد عليه بحروف خرجت اذن الوجود -

من بين صرير اسنانه الى االن انت تعتقد اننا نقتات من االوهام ! - ال .. لكني مازلت ابحث ، ان الوجود الذي اراه ال يراه غيري -

مد علي يده على مكان المخ في رأس احمد هللا صديقي التنَس ان الحلم هو الغطاء الوحيد .. عن الوجود الحقيقة الثابتة هي وجود -

والعدم .. وبين النفي واالثبات . اجابه بكل ثقة

Page 7: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

انا ادافع عن الحياة قبل الدخول في متاهات القيامة ونفيها فهي ال تعنيني وال اريد اثباتها - لكن الحكماء استطاعوا الغور والوصول الى االثبات -

وهو يردد : نعم لكن احكم الحكماء لم يستطيعوا الغور في غربتهم واكتشافها ابتسم لهال ابدا انك مخطىء ان الحكيم عالم ويرتدي رداًء من قماش خشن يخفي ماهو الثمين -

داخله وقف على قدميه وطالب صديقة السير من جديد واالخر ال يريد السكوت دون تكملة هذا

الجدال حكمة والحكماء والفطنة سيصبح الناس في احسن حال ! وترك الجدال لو نتخلص من ال -

مع اؤلئك الذين يجادلون بدون حكمة .. لم يشعر اال بصفعة على قفى رقبته شقت هدوء المكان

اذن اصمت وسر ايها المتحذلق من ذاك الذي يجادل بدون حكمة !؟ - ضحك احمد منه وقال له

جيل بيد والفكر اليساري بيد وقلبك ذهب الى االسالم ! وكان هل تعلم انك كمن يحمل االن - هذا سبب كافي لكي يشي جارك المتأسلم حديثا الى رئيس تنطيمه الحزبي وتهدد بالقتل ..

رد عليه بغضب ال تبا لهم ان استطاعوا الغور في ذاتي ومعرفة ماهيته ، لكنه انت هو السبب ايها الملحد -

ربطني بك !! وتلك الصداقة التي ت ضحك االثنان من تلك السخرية التي جمعتهما معا ..

دخال حقل لسنابل حنطة كان الوقت ليال وصمت المكان ال يشقة سوى صوت خطى اقدامهما على سيقان السنابل ولم يتبَق سوى بضعة عشرات االمتار للوصول الى ضفة

مهما كان يهرب من شيء ما ، قفزا االمان . وفي لحظة سرقت من زمنهما قفز ارنب امااالثنان من شدة الخوف من مكانهما وكاد نبض قلبيهما يتوقف .. اراد احمد التخفيف على

صديقة الكبير وادخاله بجدال اخر ينسيه الذي حدث التخف علي فال شيء يتحرك بدون سبب كما هو هذا االرنب الشيء يتحرك من تلقاء -

.. نفسه دائما هناك اسباب وهل تعلم انني مت قبل االن قالها علي بأسى كبير وصوت به شجون .. صدقني يا احمد -

انا مت ولم يكن حلما واالن انا امضي الى ما ال اعرفه ! هه .. وان مت ؟ ستكون كما هي هذه البذور التي تموت لتخضر من جديد .. ففي موتك -

والدة لذي صدر عنه وهذا هو النمط االبدي .. العودة نعم حقا ان كل شيء يعود الى اصله ا -

الى الهدوء والسكينة .. وأن اختفى الجسد في خضم محيط الوجود سيكون بعيدا عن كل أذى .

ما ان اكمل جملته االخيرة حتى اخترق جمجمته طلق ناري لقناص في برج كان يراقب ريبة جدا من اذن احمد شعر حدودا لم يخرج منها احد يسير على قدميه ، رصاصة كانت ق

بحرارتها عند المرور حركت خصالت شعره وطنين في االذن اصابها بالخرم ولحظات سكون وهدوء وسكينة . سقط على االرض امتزجت دماءه بسيقان السنابل وحنطتها

Page 8: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

الخضراء . اصابت احمد الصدمة والذهول تسمرت قدماه .. عرف ان القناص لم يشاهده صديقه طويل القامة .. حاول ان يهرب من المكان بسرعة ودموع تتساقط هو بل شاهد

اسرع من تلك الرصاصة التي اخترقت رأس صديقه .. عبر الحد الفاصل بين البلدين شعر باالمان ادرك الول مرة في حياته .. ان كل شيء قابل للتغير ، الفكر ، العقائد ،

التستحق ان يضحي االنسان بحياته من اجلها .. فحياة القناعات ، القدوة ، الرموز .. وكلها ذلك الصديق كانت عنده أغلى بكثير من كل هذا الهراء ..

إله

Page 9: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

الحب في الشرق وجع قلب ، يتوارى خلف جدران المدينة المتهالكة وألم جسد وعيون تشعر بالغيرة . نور لنافذة وحبيب يحب اللعب في تتسع حدقاتها ونشاط خيال لعاشقة

الظلمة ويعتبرهاهي اصل كل وجود والكذب اكثر وجوبا من الصدق فيلسوف ساخر بكل ماهو حوله ، إله يسير بين البشر .

دائما كانت تلك الخالفات التي تطفو على سطح عالقتهما والسبب الرئيسي كان غيرة تلك هوى بين البر والبحر .. ومدينة تراقب بشراسة قلوب العشاق العاشقة لحبيب متنقل في ال

لتقتص منهما في اية لحظة . كانت لقاءاتهما سرقة من زمن تلك المدينة اوقات من الخوف اكثر من لحظات عشق

تجمعهما وقبٌل تصل حد النخاع واحضان بحجم الكون يشعرون خاللها بنشوة انتصار العشق على البغض .

تلك الخالفات اخبرها : وفي احدى انِك تشكين بحبي وهناك فرق بين الشك والغيرة -

ردت عليه بانزعاج وهللا كان خطأً مني حين عبرت لك عن حبي بهذه الغيرة ، لحظات ضعف ال تستحقها -

اجابها بتجهم واضح وكيف ستعرفين الحقيقة وقد دخلت الغيرة رأسِك الجميل - عر ! هو الحب وانَت ال تش -

كان يحب ان يشعل نار غيرتها التي يراها في عينيها وصوتها وحتى عراكها معه قال لها :

هل تعلمين ان الغيرة التسمح بالتفكير العقالني ، ستبقيِك دائما مشوشة - اجابته والغضب بدأت تزداد وتيرته بينهما

قتنا هذه ايها المتذاكي ! اي عقالنية تلك التي تتحدث عنها حتى انها غير موجوده بعال - اجابها باستهزاء وغضب

اها اذن التوجد عقالنية بعالقتنا اليس كذلك !؟ وانِت التي ظلمِت بعفن الشرق وال - تستطيعين الخالص إال بعشق خلف جدرانه النتنة !!

نعم حقا ومع كل هذا تردها لي باللعب من خلف ظهري! فقط النني ال امتلك الشرعية - بغيرتي عليك ! اي منطق هذا اخبرني باهلل عليك !؟ حتى

الشرعية !؟ تباً لها من منا استطاع امتالكها! واي منطق هذا الذي يكون صحيحا بمكان ويعتبر جريمة بغيره !

ارادت ان تخفف من وطأة هذا الخالف الذي جعل من لقاءهما نزاعا اخبرته عاليا لكني لم افهم منه كلمة ! هل تعلم حبيبي البارحة سمعت صوتك ، كان -

رد عليها بشيء من المزاح لم اسكر منذ ايام ولم تخطو قدماي شارعكم !؟ -

ردت عليه واالبتسامة عادت مشرقة بوجهها الجميل اذن لعله الصوت الذي اسمعه دائما يأتيني من السماء ! - اهو هللا !؟ اتظنينه موجود !؟ -

Page 10: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

سلة بزهور تتدلى فوق رؤوس النساء نعم حبيبي هو موجود ، - عاد له جنون المزاح مرة اخرى وارد ان يتدفأ بنار غيرتها

ايحب هللا النساء !؟ كان سؤاله غريبا لم تسمعه سابقا - اجابته بحزم :

نعم هللا يحب كل النساء - لكنه لم يتخذ له عاشقة كما انا !؟ - لن يفعلها حبيبي ! - دِك !؟ لماذا باعتقا - كي ال يخنق احدى النساء ! -

اجابها بقوة وحزم اكبر اها اذن ستسمعين اليوم اهات كل النساء ! فال تخنقيني بغيرتِك -

ساكون اليوم إله !!

بسمات بطعم غربي

وحيدا اسير وامي دموعها تالحقني ، عطرك وطني يلدغني في مهجري ، اشمه كلما زاد وطني كان لي سجنا ومنفى مظلما بكياني . وارضا امتلكتها قبل اغتراب روحي .. ونشيد

رحيلي بمقبرة .. غريبا منفيا وروحي سجنت مع احبة هناك تركتهم يذوقون الذل الوانا . انتفْض بامواجك يا بحر اقذفها بوجهي ستزداد نارا من حرارة دموعي .. امتطيت امواج

ي في عروقي ! هربت من شظف العيش الموت كما هم اجدادي ! لعل المغامرة تجرواستعصت سبل الرزق في دروبك وضع سياسي آسن ، بطش ، قتل ، وال رحمة حتى

في اشهر حرماتك .. كان يتمتم ببعض من هذه الكلمات كلما جلس امام البحر يحدث امواجه . شاب مهاجر

لة ان تضعة في اسمر اللون نحيف طويل القامة زادت لحيته السوداء طوال ، كانت كفيخانة االرهابين في بالده حتى شعره لم يصل له مقص حالق منذ ان ترك تلك الحارة وحالقها الذي يحب .. برفقتة رجلين من المنظمة التي كلفتهم المنظمة التابعة للهجرة

بتنظيم شؤونه في بلد المهجر احدهم من اصول عربية وجنسية امريكية مازال يتحدث بشكل طليق واالخر امريكي يهمهم ببعض كلمات عربية ، ربطتهم عالقة اللغة العربية

جيدة فيما بينهم يتسامرون على شاطىء جميل ، امواج البحر تسمع كل همساتهم تثور مرة حزنا وتارة اخرى تصاب بالسكون واحيانا كثيرة كانت تقهقه معهم ..

ه : قال له رجل المنظمة عربي االصول كمحاولة للتخفيف عنهل تعلم قد يصاب المهاجر بالفصام ! سيكون من الصعب علية ان يلون نفسه بالوان -

اخرى مثل اللغة وعادات وثقافات وتضاريس غير التي ولد فيها وسيبقى حنينه الى ذلك البلد واسير روحه ، وحضن االم وعقدة الذنب التي ستالزمه طوال حياته في المهجر لعدم

ا هم ابناء بلده ! ..استطاعته الصمود كم

Page 11: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

: حقا ما تقول صديقي خرجت من بلدي اجر قلبي جرا .. ساعود فانتظر مرجعي !؟ رد عليه :

يبقى الغريب حزينا اينما يكون . - اجابه بشيء من الحزم وبعض من قوه منحها قلبه له

الى نعم أرض غريبة لكني سابحث هنا عن حلم وارتدي له جناحا .. عادت ابتسامته -شفتيه وبعض من المرح . قاطعهم الرجل االمريكي اراد ان يجعل من هذه االبتسامات

ضحكات تشق امواج البحر الذي امامهم : ما رأيكم لو منحتكم بعض من المزاح كي نخرج من هذه االجواء لقد اوجعتم قلبي ! -

ردوا عليه رجاءا هيا اخبرنا .. قال لهم : بار المهاجرين في هذه البلد واحوال اهله ؟هل تعلمون كيف هي اخ - قاال له اخبرنا انت كيف هم !؟ قال لهم بكل بساطة هي :

ان رأيتم عجوزا اسيوية تسير في الشارع تقبلوها بشكل عادي ! ولكن احذروها ان رأيتموها تقود سيارة ابتعدوا عنها قدر المستطاع النه في النهاية ستدعسكم ال محال !!

بقوة وقالوا له اكمل .. ضحكااما في حال رأيتما رجال اسودا يرتدي بدلة كما هو رئيسنا فال تخافوا منه في حين اذا -

رأيتم رجل اسود يرتدي مالبس فضفاضة عليكم الخوف والحذر منه ! اما في حال رأيتم ة اخرين اربع رجال يتحدثون اللغة العربية في مطعم فال خوف منهم .. وان رأيتم اربع

يتحدثون العربية وفي طائرة ركاب فخافوا منهم وخذوا حذركم واذهبوا بسرعة الى الرجل االسود ذو المالبس الفضفاضة الذي خفتم منه اول مرة واطلبوا منه المساعدة ..!!!

ضحك الجميع بقوة حتى الطيور فزعت من ضحكاتهم وطارت عاليا .. ايها الغربيون له طعم ولون غير الذي في بالدي قال له الشاب وهو يضحك حتى مزاحكم

! نظر اليه الرجل ذو االصول العربية وقال له بشي من السخرية : ذكرتني ببيت شعر مازلت احفظه لكني ال اعرف لمن هو : -

كم منزل في االرض يألفه الفتى .. وحنينه ابدا ألول منزل ن من ابرز شعراء العصر العباسي اخبره بسرعة البرق انه ألبي تمام الطائي كا

نظره اليه بأعجاب وضحك بشدة ، وها انا اليوم عرفت انك شاعر يا صديقي ... ذهبوا بعد هذه الجلسة لتكملة سهرتهم في احدى المقاهي لتلك الوالية طلبوا العصائر ، وهو

دائما ما كان يطلب الشاي الرغم من اعتبارها مزحة استمر لكن كلمات صديقة االمريكي حول العرب ازعجته ب

حديثهم عن االرهاب الذي اكلت ناره البلدان العربية وهو كان يحاول ان يخبرهم انهم ضحاياه وليس من صنيعتهم اخبرهم هل تعلمون اننا كما هي البحيرة الرقراق صفحة

سطحها الماء فيها كانها مرآة مصقولة فضة براقة واالرهاب تلك الفقاعة التي تفجرت علىمشوهة ذلك السطح ، فقاعة ماء تحمل ذكورة جسد منخور بتاريخ كتبه سراق تعلموا

القتل والسلب .. فقاعة متاعب وارهاب ، كانوا يصغون اليه بعناية وما هي سوى لحظات حتى سمعوا صوت انفجارات قوية لفت المكان بالفوضى والصراخ انقلبت الطاولة بعد

حت فوق رؤوسهم ، ارتموا ارضا وهم يضعون ايديهم اصطدامهم بها وكراسي اصب

Page 12: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

والكراسي فوق رؤوسهم والناس تنظر اليهم باستغراب ودهشة ، فلم تكن سوى العاب نارية مألت السماء الوانا والناس تصرخ فرحا الستقبال العيد الوطني لهم !!

قال الشاب لصديقة االمريكي :هو حقيقة االشياء ، فاربعة رجال عرب في أريت ليس كل الذي نسمعه او نشاهده -

طائرة مقابل االلعاب النارية في هذه المناسبة !

ليلة صيف

نحن من نصنع االحالم في قلب طفل ونعلمه ان الشيء مستحيل ! ومصباح سحري رغبنا جميعا في امتالكه لنصحوا بعدها ونتعلم الصمود بهذه القسوة .

بعض ...احالم بسيطة جدا قد تبدو لل: مثل حقيبة مدرسية بعجالت النه كان يشكو من ثقل هذة الحقيبة وطريق مدرسته كان ليس بالقريب طفل لم يتجاوز التاسعة من عمره نحيف رقيق وزن حقيبته تعادل وزنه مرتين . واحيانا اخرى كان يرغب في زي مدرسي جديد كره انتظار ذلك الزي حين

سل كي يسرع في تنشيف مالبسه . يغسل وهو ينظر الى الحبل بتوونظارة طبية تساعد على القراءة والكتابة .. هو الوحيد من بين اقرانه في شعبته يعاني من

ضعف البصر .. ولكن مع هذا كله كان يلقب بالعبقري الصغير لشدة ذكائه وحين يسرح صغير كما لدى باالحالم بعيدا ويدلل نفسه يتمنى ان يمتلك عصافير ملونة وحوض اسماك

صديقه المدلل الوحيد الهله . كره شرب الشاي المغمس بالخبز .. الشيء الوحيد الذي كان يسد له الجوع وقت العصر

النهم لم يكونوا يمتلكون السكر فتضطر والدته ان تعطيه بعض حلوى رخيصة يضعها بفمه ويشرب الشاي .

سأل والده يوما : يا ابي كيف اكون غنيا ؟ -

رد عليه والده عندما نستطيع االستغناء عن الكثير من االشياء التي نرغب فيها ! -

استغرب الولد من قول ابيه اذن كيف كنت تقول لي اننا ان فكرنا كثيرا نستطيع ان نصنع المستقبل !؟ وانا العبقري -

الصغير ! شياء يا بني قد تجعلنا سعداء ! السعادة ال تجلبها كثرة امتالكنا لالشياء ! وان ارخص اال -

علينا ان ال ندمن تلك االشياء النه سيكون من الصعب علينا فقدانها ! كان هذا اخر حوار دار بينه وبين والده الذي اعتاد على اقتياده للسجن بين الفينة واالخرى

ات .. النه كان ال يعرف الصمت بزمن كانت حتى كلمة لماذا كفيله ان تدخلك في غياب السجن سنوات طويلة .

Page 13: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

كانت تلك االسرة تعاني انواع المرارات بغياب االب وذل الزوجة لتوفير لقمة عيش الوالدها الصغار .. الفقر نخرهم حتى العظام ولم يمنحهم الرحمة .. الفقر غير رحيم

على الفقراء ! . موع واحضان وحديث زوجة بعد سنه كاملة استقبلت العائلة الوالد العائد من السجن بين د

واوجاعها بغيابه وتوسالتها ان يترجل من صهوة جواده ويسير كما هم باقي خلق هللا ..هناك فارس وجواد واحد وقائد همام عليك الخضوع له .. الم تتعب من السجون وهذا

الغياب اال ترحم بحالي واوالدي ارجوك كفى .. هكذا كانت تتوسله بعد كل عودة من سجن .

في احدى ليالي الصيف الحار ايام تموز كانوا يلوذون الى سطح الدار الستجداء نسمة هواء تجعلهم يضعون احالمهم تحت الوسادة ونور قمر يشق عتمة لياليهم ويذهبون بغفوة

مع امنيات كل واحدا منهم ، يسرقها منهم او شعاع لنور شمس وهجوم من الذباب ..! ية نام العبقري ودموع خبئها بين حنايا وسادته كم كانت تمسح له في تلك الليلة الصيف

الدموع تلك الوسادة .. هب نسيم بارد بليلة كان الحر شديد ال يرحم الفقراء .. غفا مع االمنيات حلم ان السماء تمطر نقودا، عمالت ورقية كثيرة تتطاير في الهواء وتستقر على

ماكان عليه ان يفعله هو ان يلملم ما سقط من السماء .. سطح الدار وبين اسرة اخوته وكل اشتد الهواء ورفع عنه الشرشف وطار واحتضن الجدار نهض من نومه متأسفا على حلم

طار مع الغطاء .. لكنه اصابه الذهول حين رأى ان النقود قد غطت حقا سطح الدار راه ركض وهو يلهث اخذ وتتطاير مع الهواء ! فرك عينيه كبرت حدقاتها لم يصدق ما ي

يجمع تلك النقود وهو يصرخ : ابي ، ابي ، انهض ان حلمي اصبح حقيقة انظر لكل هذه النقود كان وهللا حلما يا ابي وصار حقيقة ! نهض االب من نومة عميقة لم يحَظ بها منذ

اشهر بعد خروجة من السجن .. الليلة التي وضع تحت وسادته الرواتب التي استطاع ان يتقاضاها بعد معانات طويله في المراجعات بين دوائر الدولة .. الحظ ان الهواء اخذ

رواتبه من تحت وسادته وطارت على سطح الدار وولده يلملمها وقلبه يكاد يخرج من عظام صدره .. نظر الى زوجته التي صحت هي االخرى مع كل االوالد على صراخ

تسم ، قال له والده : ولدها وهو يجمع بهذه الوريقات وهي تبارأيت يابني اليوجد شيء مستحيل حلمك حقا اصبح حقيقة ! تستطيع االن ان تشتري -

لك عصافير ملونة وحوض اسماك . رد عليه عليه الصغير بكل فرح :

ابي ونظارة طبية وحقيبة بعجالت . -

غفوة

م لشدة خطورتها . كان يتملكها حاولت ان ال تخبر احدا بانه ستجرى لها عملية في هذا اليوشعور بانها قد التعود منها .. وهي التي التحب الوداع .. تتوارى خلف جدار وتنظر من

بعيد ان اراد احدهم وداعا . حتى ان تعرضت لخداع تضحك من المخادع لظنه بانها التعرف خداعه .

Page 14: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

ما اليه تعود مع كل صراخ عاشقة مجنونة كثيرة هي خالفاتها مع الحبيب .. لكنها كانت دائ وصفقة لباب .

اما هو كان يغار حتى من عقدها الذي يالمس رقبتها يغار من القمر ان طل بنوره على عينيها واخترق تلك النافذتين اللتين تشعان حنانا وعشقا .. اخبرته مرة :

انك تشعر بالغيرة - : ال .. بل ال اريدك منفضة العقاب سكائرهم !

ا انت جعلت مني منفضة !! : وه : التفهمي كلماتي بالمقلوب !

: وانت دائما تتالعب بالكلمات : لست بها متالعب .. بل انِت من تلعب !

ردت عليه بحنق شديد : لم اجيد اللعب يوما !

اجابها باستهزاء : اها ! اذن اقتلي وحوشهم

: ال اتقن القتل ايضا : سيقتلونك هم

يكن ! لن أقتل ولن أُقتل: ل تغيرت نبرة صوته اصبحت اكثر رقة وحنان

: تعرفين انني احبك بعمق وردت عليه وابتسامة على شفتيها

: واعرف ان غيرتك اعمق ! كانت عاشقة ليست كما هن العاشقات .. طلبت من حبيبها يوما في احدى لقاءاتهم باحد

من عيون تتربص بالعاشقين شر .. المطاعم في مدينتهم التي التنام اال : حبيبي اطلب منك شيء نفذه لي ارجوك

: لو طلبت قلبي سامنحه لِك قربانا : ال اريد سوى هذه اللقمة التي تمضغها في فمك

تقطعت الكلمات بين شفتيه ، اصبح معزوال عن كل الذين يحيطونه ! : ماذا تريدين !!؟

قبل ان تاخذ مسارها الى جوفك دعني اذوب بها انا ايضا !! : نعم اريدها .. ضعها بفمي : مجنونة انِت كيف افعلها والناس من حولي ..

: افعلها .. اسرق الوقت منهم وافعلها ! : امري الى هللا ايتها المجنونة .. خذيها بسرعة قبل ان يالحظ احد ذلك ..

مه .. تدفق الدم ساخنا في عروقها تالمست شفتيهما تناولت ذلك الطعام الممضوغ من ف شعرت ان تلك اللقمة تحرق عروقها وتشعلها نارا همهمت بكلمات كلها حزن وشجن :

هل تعلم حين اغفو اراك واقعيا .. وحين اصحو تكون حلمي البعيد !

Page 15: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

ترقرقت دموع الحزن في عينيه شعر الول مرة ان الحياة ضيقة موحشة لم تمنحه يوما ولعبة كانت الخسارة هي كفتها االرجحسوى االساءة

: حبيبتي ساعلنِك آذانا لحبي .. واتوضأ بنور القمر ، واقيم لك صالة طاهرة من كل دنس ، ولية الروح انِت

ردت علية بحزم وقوة اكبر: البد ان اجد لي طريقا النفد من حواجزي فليس دائما االسهل هو االجمل .. من المستحيل

ضي محروقة من احتراقها سامنحك الخبز والعسل هل تعلم ان االرض سانفد ، نعم ار المحروقة تعطي اشهى الثمار ؟ رد عليها

: نعم حبيبتي اعرف .. وساكون اول من يرتشف رحيقكِ الحزن اعتصر حتى الصوت منها وبالكاد سمع حروفها

.. . : لكنها احالم واالحالم خلقت كي ال تتحق وانت هو حلمي البعيد .دخلت الى صالة العمليات والبسوها ثوب عرس ابيض . حفرت صورته بين احداق العيون

واطبقتها باالجفان .. اخذ المخدر منها مأخذه وبقت تتمتم بكلمات غير مفهومة : خذني اليك ربي .. تركتني مع بشر لست منهم هناك ستدعو العشاق للحضور وتعزف

عالن .. خذني اليك ربي . لهم موسيقاك الحب معك سيكون باذهبت بغفوة عميقة ، حلقت عاليا سمعت الريح تغني وذراع الحبيب احتضنتها بقوة اخذها

الى غابات وكهوف مسحورة ونجوم تمطر الحان سماوية .. اشجار علقت عليها كل قصائد العاشقين ، خرير ماء يمأل في كؤوس من اقحوان يسكب على قلبيهما المشتعل .. وجن

ابات ينشدون لهم اجمل كلمات الحب يحتضن احدهما االخر .. حب تغسله العيون غبالدموع .. تحول الجن الى شموع تنير درب العاشقين .. حب كحبهما اليمكن ان يكون بطياته فراق .. كانوا كما هو الرماد حين يشتعل جمرا طائر الفينق يعود مع كل موت

بوالدة جديد صدى كأنها اصطدام كؤوس فارغة مع بعضها .. اخرجتها من سمعت اصوات بعيدة لها

تلك الغابات وكهوفها المسحورة : هل تسمعين ؟ ما هو اسمك ؟ افتحي فمك ؟ اخرجي اللسان ؟ افتحي عينيك ؟

فتحت عينيها كانت فارغتين إال من دموع تركها الجن في االحداق .. تنظر لشيء واحد كها خرج من تلك االحالم قبل ان تخرج هي وقف امامها مد لها تراه لوحدها ، كان هو مال

يده .. نظرت اليه بكل شغف وقالت له .. احبك .. سمعت ضحكات عالية في صالة العمليات .. جس الطبيب لها النبض التفت الى الكادر

الطبي الذين اختارهم بعناية فائقة من اجل اجراء هذه العملية الخطرة وقال لهم : لم اسمع يوما في حياتي المهنية مريضا يصحو من غفوة مخدر ويقول .. احبك ... امرأة

كبيرة في السن اصابتها الشيخوخة تعاني اختالط االزمنة في حجيرات الذاكرة ضاعت فواصلها ومازال الحب هو الباقي بتلك الحجيرات .. قالها ويده تمسح تلك الدموع التي

رائعة يا امي ..لقلبِك السالم .. احبِك امي سقطت على خديه .. كم انت

Page 16: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

ترانيم وسادة

كان اكبر لعنة ممكن ان تصيبها هو الخوف حين تلتزم الصمت في ضجيج الزحام وهي تنزوي تحت ظالل عالم االمس ، حتى الشجاعة اصبحت عبئا ثقيال على كاهلها . حياة

جعلتها درب نور لعوالم نسجتها طويلة مضنية وطريق امتألت بالعثرات ، بحكمتها مخيلتها .

كانت تؤمن ان قلبا واحدا يعشقها يكفيها ان تستمر في العيش ، والدنيا دائمة الدوران فكل شيء في االخر سيعود لها .

جسدها قريب من التعفن ، ذهب اخضراره ، وذاكرة قوية مريرة تشعرها انها اشقى من حديثها مع الوسادة . في االرض .وسعادتها الكبرى هو

لم يكن من السهل اقناعها ان تترك دارها وتنتقل للعيش مع ابنتها الصغرى . اخذ العمر منها مأخذه .. اصابها الضعف في كل شيء حتى انها اصبحت اقصر في قامتها ،

ونظرها اصابه الوهن كما هو جسدها النحيف لدرجة انها بدأت تتلمس االشياء ان ارادت ماهيتها . اكتشاف

مالك ياامي حتى الناس بدأت تثرثر يتصورون اننا غير راغبين ان تعيشي معنا ، - ارجوك تعالي لداري هناك حيث احفادك الذين يحبونك وتحبينهم .

كانت تتحدث الى والدتها بتوسل وبصوت يكاد تشعر معه بسقوط الدموع من العين معلقة حفظتها العيون ذكريات تكدست بهذا ااترك ذكرياتي !؟ داري !؟ مازالت صوركم -

الدار ، جدرانه تكتب سطورا جميلة رحلت دون عودة ، واخرى تعيسة تشبثت بالذاكرة .. اسرتكم مازالت تحوي دفء حكاياتكم .. وهو بيتي وتاريخي وقدري ومقامي هو امجادي

.. هنا كبرتم ومن هنا رحلتم . كبر ألعرف اكثر عن هذه الحياة ، وحين كبرت اه حين كنت صغيرة كم تمنيت ان ا -

تمنيت العودة صغيرة بين جدران هذا الدار .. دخلت سوق الحياة فوجدت اشياء عجيبة ورهيبة ، يا امي حتى ذكرياتي اصبحت تأتي على هيئة وجع .. اصبحت ال اعرف اي

. تعالي نفتش الطرق ساسلك لذلك تعالي معي .. اليهمني اي طريق سنسلكة ما دمنا معا عن حنايا ضحكات وسعادة سرقناه معا انا وانت من الزمن .. يا امي ساجعل من صدري

لك وسادة في صدرك احالم ليست كما هي احالمي ! وسادتك لن تدعني انام ! اه تذكرت لن -

اخرج من هذا الدار ان لم تكن معي وسادتي ! لقديمة التي معك صدقيني جلبت لك وسادة جميلة وافضل من تلك ا -

صرخت بصوت عال وسادتي اريدها وال اريد تلك الجديدة ، حين افتقد لالمان خارج داري ساحتضنها ..

حاضر ، حاضر هذه هي جلبتها معي .. هل تعلمين يا امي بأحضانك اودعت كل -همومي ، انيستي انت جليستي وسادتي وفراشي ، نسمة بين مدي وجزري واول عشق

ى حين انظر الى عينيك اشعر باكتمال انوثتي ، كنت صبرا وايثارا وتسامحا بحياتي حت وقوتي يوم ضعفي .. مالي اراِك تريدين االن التخلي عني !؟

Page 17: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

ردت عليها بصوت جهوري وغضبمن قال ذلك انا كل ما طلبته ان ترافقني وسادتي ! انا ووالدك رحمة هللا كنا نضع عليها -

بنتي كم من شعر اسود ورمادي واالن ابيض حملت تلك الوسادة .. رأسينا هل تعلمين يا اكم من حكايات التعرفها سواها ، عالم اسراري ، حملتني سنوات طويلة منخورة بالوجع

... حاضر وهللا جلبتها معي تلمسيها جيدا .. هيا فلنذهب حيث عصافيرك ينتظرون بشوق -

لتعيشي بينهم شيخوختي نعم هم عصافيري التي تغني -

ضحكت البنت بصوت عال وقالت المها مازلت شباب ياحبيبتي - هه شباب انا االن في الثمانين من عمري . -

فرح االحفاد لتواجد جدتهم معهم وحكاياتها التي ال تنتهي رحالت ساحرة لبالد عجائب ئد تحمل رحالت بين نور ونار واكثرها سحرا كانت عن الوسادة ! كانت تخبرهم ان الوسا

رسائل كثيرة وكل الذي ال تستطيعون البوح به اخبروه الى الوسادة فهي كاتمة االسرار ولن تمل منكم .. انها تحكي اجمل الحكايات ، وتحت الوسادة تتنهد االمنيات .. واحالم ال

يرويها سوى القمر . كان االحفاد يصغون لجدتهم بشغف كبير لكنهم ايضا كانوا يالحظون ان الجدة التفارق

وسادتها اينما ذهبت ! اخذوا ينسجون حولها حكايات كحكايات جدتهم اخبرهم الحفيد االكبر ان في الوسادة سر

وساده كبير علينا ان نكتشفه لعل جدتي تضع كنزها هناك ! ماذا لو باغتناها وفتحنا تلك ال لنعرف ماهو هذا الكنز ؟

سألوا جدتهم يوما ماهو سر وسادتك جدتي ؟ لم تفهموا هذا السر اال حين تكبرون .. انها يا اوالدي وطني وأمي مع كل حكاية ألم -

وحكاية جديدة الوذ اليها .. كنت بنتا في العشرين من عمري حين احتضنتها الول مرة بنتا . كم من اسماء طرزتها على هذه الوساده .. تحلم بفارس وفستان ابيض .

يا احفادي الصبيان هل تشكرون وساداتكم حين تنهضون في الصباح !؟ ال ياجدتي لم نفعل - عليكم ان تشكروها فهي تجلب لكم اجمل االحالم وتغني لكم وقت المنام - حاضر يا جدتي سنشكرها كل صباح -

ما ولم يتجاوز الخامسة عشره من عمره ويعشق ابنة سألها حفيدها االكبر كان رقيقا وسي الجيران .وبين لحظة واخرى يغادرهم الى سطح الدار لعله يحضى بلقاء من يحب ..

جدتي اسألي وسادتك ماهو االصعب في العشق - حبيبي ان الصعوبة والشقاء هي الغيرة في العشق - جدتي وما هو االصعب ؟ - ليك من تعشق ! النه ببساطة ال يعشقك . االصعب ان ال يغار ع -

Page 18: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

خطط االحفاد لخطة محكمة فجدتهم لديها طقوس غريبة حين تريد االستحمام ! تاخذ اغراض حمامها الغريبة اوراق الشجر اليابس وصابون اخضر وليفة غزلتها بيدها وحجر

اسود مخرم ومشط من الخشب ومكحلة من الفضة وايقونة عطر من ماء ورد .ا ان دخلت الحمام حتى اقتنصوا فرصتهم وذهبوا مسرعين الى الوسادة جلبوا معهم م

المقص ليقصوا خيوطها العتيقة ، فتحوها مسرعين ، تطاير الريش منها وهم يغوصون بداخلها فهي كبيرة الحجم ليست كما هي وساداتهم الصغيرة تطاير الريش في ارجاء

بريش قال احدهم كم دجاجة تتصورون في هذة الغرفة فهم لم يشاهدوا من قبل وسادةالوسادة ؟ رد عليه اخاه االصغر لعله حقل دواجن ! اخذ الكل يضحك وهم يتلمسون كل

ركن من فيها دون جدوى وفي غفلة منهم وجدوا جدتهم فوق رؤوسهم تقف .. تسمر التراب االوالد رعبا حينما شاهدوا الجدة قد اصفر لون بشرتها واصبح كما هو لون

وضعت الجدة يدها على منطقة قلبها وهي تتمتم لم اكن اخش الموت يوما لكن سر حياتي كان بهذة الوسادة فهي تاريخي وعنواني . -

سقطت الجدة على ارض الغرفة اخذ االوالد يتباكون ويصرخون جدتي ارجوك سنلملمها لك سنعيد كل ريشة طائرة لمكانها ارجوك جدتي عودي الينا ...

فتحت الجدة عينيها ونظرت اليهم بغضب ان فعلتموها مرة اخرى ضعوها في قبري وبين جسدي وكفني اما االن دعونا نلملمها سويا ونجمع الريشات ونصنع لنا وسادة جديدة

بحكايات تجمعنا معا .

Page 19: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

جانبان .. وركام

، حوارات سياسية فارغة ، اغان فجة عمت الفوضى مدينتها .. جعجعة ، صياح ، زعيق ، وهللا الذي يوزع النعم والشقاء بالتساوي ، واقع ضيق وعالم بال حدود ، حسن نوايا

بأتخاذ الشك عقيدة ، جبناء فوق منابر من بلور ، واخرون يفلسفون الشجاعة ليتجاوزوا كانت تقول جبنهم ، قتلة يبحثون عن االجور ، وبراعة في تفسير الهراء .دائما ما

لحكم من نكون نحن !؟ ومن اين جئنا !؟ الفوضى ازدحمت فوق الجسر وهي تحته التزمت الصمت ..

تهذي بكلمات لم تجد لها تفسيرا يوما . اخبرها زوجها مرة :

انِت تعيشين على اصابعك ورأسك !! - حاولي ان تخرجي من تلك الحفرة وان تحفري حفرة حقيقية بدل ظاللها !؟ اية حفرة حبيبي انقلبت مدينتي ، التعرف سوى صنع الدمار والحروب ، الخوف سكن -:

دروبها حتى طعم الورد تغير فيها ، هل تصدق ان شرفتي تزاحمت فيها الصور ، وقاتل في وطني ال يراها سوى القمر ونجوم بكماء !! وال تنَس هناك هللا الغفور الرحيم الذي

اننا نلعب في الحياة ! سيغفر للتائبين . حبيبي من الذي يلعب بالحياة !؟ اننا ملعوب بنا .. لذلك عليك اطالق النار على الموت ان -:

داهمك الخطر انت واوالدي ! انا انا اتدرب على الموت !!؟ -: نعم لتحيطك الخصوبة وتنعمي في الحياة ! -:

في التدريب على السالح ... استطاع الزوج بعد محاوالت عدة ونقاشات ان يقنع الزوجةوكان مشوارهم شبه يومي الى تلك المزرعة التي طالما حلموا ان يبنوا فيها لهم بيتا بعيدا

عن صخب المدينة .. امتألت ارضها الخضراء بالرصاص بدل الزهور ..

اصبحت بارعة بالتصويب والمواجهة .. اطمإن الزوج عليها ومنح روحه السالم .. لى رحالت عمله المضنية لتوفير حياة افضل لهم كان يتركهم احيانا السابيع وغادرها ا

طويلة .. وتغادر انوثتها معه في انتظار عودة جديدة .. لتتحول بعده الى رجل البيت .. ورجل الصيانة ومشغل مولده الطاقة وطبيب ومعلم وادوارا كثيرة ال عد لها .. كانت

، رقيقة تحرص كثيرا ان تكون بابهى صورة حتى لو بارعة في كل شي .. جميلة ،انيقة كانت في البيت ومعها االوالد فقط .

كان صمتها معلقا برائحة الخوف ، وفنجان قهوتها شاخت به االيام ، صمتها كان صراخا وهمسها نحيبا .. كل الكائنات تبوح خلجاتها ، اال هي التزمت الصمت ..

ا وسيارتها حين تخرج .. حتى مفارز التفتيش التي تحيط واصبح المسدس ال يفارق حقيبته بمدينتها لم يفكر حراسها ان يصادروا منها السالح ، بل كانت تسمع اروع كلمات االطراء

حيا هللا نساءنا الشجاعات ، انتن فخرنا ، وعزنا ...... -

Page 20: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

عة وانامل كم كانت تشعر بالزهو والشموخ حين تسمع كل هذا االطراء منهم وتزداد شجاال تفارق المسدس وعلى استعداد كامل للمواجهة ان شعرت باي خطر قادم حتى لو مجرد شك . كيف ال تفعل ان كان الدافع هو الشرف هذا هو اكثر ما كان يؤرقها في مدينة كثر

فيها العبث والموت . اخبرت زوجها مره في احدى حواراتها التي التنتهي

ينتهي !؟ حبيبي لماذا االمام ال -ضحك من كالمها وهو العالم بفلسفتها لالمور ودائما ما كانت تبحث عن اجابات حتى لو

كانت اسئلتها مبهمة .. حبيبتي ان االمام ال ينتهي ! النه ببساطة غير موجود ! وليس النك لم تصلي اليه ، -

هناك جانبان وركام ! في هذه الحياة . حقا حبيبي اننا ملعوب بنا ! ولسنا الالعبين -

عاد زوجها من احد رحالت عمله وطلب منها احضار المسدس كي يعمل له الصيانه حبيبتي اجلبي لي المسدس كي اقوم على ادامته وتزيته - حاضر حبيبي خذه -ما هذا اين الرصاصات الباقيات لم اجد سوى واحدة !؟ هل اضطررت الستخدامها ايتها -

هلل عليك ماذا حدث في غيابي !؟ الشجاعة ، اخبريني باافرغت المسدس من الرصاص وابقيت على واحدة ! اضعها في رأسي في حال تم -

االعتداء علي ! ال استطيع ان اطلق النار على الموت !

ساطلق النار على الخصوبة ...

اليوتوبيا

بعد سنوات مضنية من كان شابا فقير الحال بكل ثنايا حياته المتعبة ، تخرج من الجامعة الدراسة والعمل معا، تزوج زميلة له احبها كثيرا كما بادلته هي نفس الشعور .

سكن بيتا صغيرا واصبح لديه ثالثة اوالد صبية ، كم كان يتمنى ان يرزقه هللا ببنت لتعلم الصبية االدب حسب اعتقاده .. لكنه كان مؤمنا ان هللا جعل هذا نصيبه في الدنيا .

ستطاع بعد سنوات من العمل المذل والتنقل من مكان الى آخر ان يجمع له مبلغا من االمال يكون له مقدمة لشراء مركبة اجرة تنهي سنوات العذاب والتخلص من اصحاب

العمل الذين لم يَر منهم خيرا . . كان يجوب شوارع مدينته ليال ونهارا ويسمع قصصهم المتعبة والمملة احيانا كثيرة .

حتى يعود الى البيت منهوك القوى ليستأنف عمله في اليوم الثاني . وفي احدى الليالي اكمل عمله واشترى لبيته الفواكه والخضروات ولم ينَس الباميا التي

يحبها كثيرا استوقفه ثالثة رجال طلبوا منه توصيلهم لمكان بعيدا نسبيا .. كيف ال يوافق ان مع الباميا ! وصل معهم الى مكان خال من السكان شعر كانت االجرة ستمنحه اللحم

Page 21: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

بفوهة مسدس توضع خلف راسه صوت يشبه نعيق الغراب يطلب منه الترجل من السيارة ، لم يشعر بعدها اال بضربة افقدته الوعي .. افاق بعدها ولم يجد اللصوص وال

ذت افكاره تتزاحم كيف سيارته ، اصابته الحسرة وااللم لفقدان مصدر رزقه الوحيد واخسيتمكن من تسديد اقساط تلك السيارة وكيف سيوفر اجرة البيت وامور المعيشة للعائلة ..

دموعه تتساقط كشالل نار والحرقه مزقت معدته المصابة بالقرحة اصال ، اخذ يشكي الى هللا وعتابا بكت له مالئكة السماء :

خنقني في ازمنة الضيق ، حتى خبزك منحتني اياه يا هللا .. مالي اراك بعيدا.. لماذا ت -معجونا بالدموع لماذا كل هذا الشر لدى االنسان !؟ اليس الكل تحت قبضتك سائرون !؟

اسمعني االن قبل عقابي اليس لديك محكمة تقضي بعد السماع ! اهو عقاب أحللته علّي ام اء والمحرومين وجعلت انك غفلت عني وادرت لي ظهرك مالي اراك بعيدا عن الفقر

للمجرمين مقاما ووليتهم علينا !اول مرة في حياته يعاتب هللا بهذه القسوة وهو المؤمن بقضائه وقدره .. ظل يسر بخطواته

المثقلة لعله يجد من يقله للبيت .. شاهد من بعيد ضوء ألستراحة او مطعم للمسافرين .. لدموع التي اختلطت مع التراب واصبح وصل اليه بعد تعب وعناء دخل الحمام ليغسل ا

وجهه كبركة وحل رفع راسه الى سقف الحمام واخذ يستغفر ربه : اللهم ياسامع كل نجوى ويا شاهد على كل بلوى ويا كاشف كل بلية يامن يملك حوائج -

السائلين ويعلم ضمائر الصامتين ادعوك يا ربي فقد اشتدت فرقتي وقلت حيلتي وضعفت ل ان يقول يا ارحم الراحمين شاهد من خالل المرآة اللصوص الثالثة وقد قوتي .. وقب

اتخذوا لهم مكانا في المطعم وسيارته تقف في الخارج ، تذكر في لحظة انه دائما ما كان يضع مفتاح احتياطي لسيارته في جيبه ان غفل او فقد مفتاحه االول .. تسلل الى خارج

باب السيارة ويديه ترتعش شعر انها سرقته االولى في المطعم من الباب الثاني .. فتححياته وان كانت سيارته ! ادار محركها وانطلق بها كسرعة الريح دون حتى ان ينظر

للمرآة ليعرف من خلفه .. وصل الى البيت وحمد هللا كثيرا على سالمته وسيارته وكيس كرا . الباميه التي سياكلها بدون اللحم وهو يقبل وجه هللا شا

ما ان فتح صندق السيارة الخراج اكياس الخضروات والفواكه حتى شاهد حقيبة كبيرة ممتلئه بالنقود اصابته الدهشة والهلع ..

تسارعت دقات قلبه واختلطت بنغمات فرح استطاع ان يعيد لنفسه الهدوء في دقائق دخل قهم الرسمية وبمالبس النوم الى البيت طلب من زوجتة واوالده ان يغادروا الدار مع اورا

فقط .. نفذت الزوجة االمر بعد ان شاهدت اصرار زوجها بالخروج بسرعة .. صعدت الى جانبه واالوالد معه في الخلف طلبت منه تفسيرا:

اخبرني ارجوك باهلل عليك مالذي يحدث !؟ - قال لها

ث عن ارض فيها حبيبتي لنخرج من كهف االفاعي هذا .. دعينا نرى النور ونبح -:االشجار مزهرة عالية وثمار تتدلى واطيار تنتقل صاعدة وهابطة تصدح تغرد تصفق باجنحتها تتقلب في الهواء .. حتى دموعنا تشفي ادران القلوب .. هناك سنرى البحر

Page 22: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

والميناء وسفنا تحمل ناسا واليعرفوا سوى الفرح .. هناك سيكون لنا جنة على االرض ور المغردة ...وسنطير مع الطي

نظرت اليه بكل هدوء وسالم في الروح والعيون .. تلك العينان اللتان لطالما عشق سوادهما ووجه كما هو البدر في يوم اكتماله :

حبيبي اذن لن اغادر لوحدي مع اوالدي ! - لتكن الجنة لكل الطيور المعذبة في بالدي !!

كي ال اذل

قعه المعيشي .. ودائم الشكوى في كل شيء واي شيء ! كان شابا متمردا على وااما عائلته في احيان كثيرة كانت تطلق عليه الكثير من االلقاب من بينها المنشار او النار او

تلك المقبرة التي الترد ميتا ! تعبوا كثيرا من كثرة طلباته التي ال تنتهي واستنزفت مدخوالت كل افراد اسرته بقسوة !

حابه كانوا من االثرياء وهنا تكمن معاناة هذا الشاب .. اما اص اخبره والده يوما :

ارجوك يابني اجلس معي لدقائق كي تسمعني واسمعك وليكن بيننا حوارا حضاريا كما - يقولون !

انصت الشاب لوالده بتملل وعيناه تحاول ان تجد لها مكانا اخر غير وجه ابيه ! في الحديث : اخذ الوالد يسترسل معه

ان المال يابني في احيان كثيرة اليجلب السعادة لالثرياء ! - ضحك الشاب من قوله هذا واجابه بشيء من السخرية :

وكيف ذلك باهلل عليك !؟ -ان مال االثرياء هو جواز مرور لتجاوز تعاستهم برفاهية ! ودائما تجدهم كلما زادت -:

لك المكاسب ! ثرواتهم زادوا جبنا وحرصا على تاما الفقير هو من يتمتع بالشجاعة واول من يحمل السالح للدفاع عن الوطن ويلبي نداءك

ان استنجدت به !! استغرب الشاب من هذا الحديث وقال بشي من الحيرة التي بدت ظاهرة على مالمح وجهه

لماذ ا يا ابي هو من يلبي تلك النداءات دون غيره !؟ -:بساطة اليخاف على شيء يفقده .. فهو ال يملك من الدنيا غير الحب وروحه النه بكل -:

النقية وثقته بكل الذين من حوله .. في حين تجد االثرياء حتى هذه الثقة زالت فيما بينهم ! والشك هو ديدنهم في الحياة !

استمر الوالد بالحديث بعد ان شاهد ان ولده يصغي له بكل اهتمام .. ال تعاشر االغنياء ارجوك ان سايرتهم في االنفاق قد يضرون بك وبنا .. ياولدي

وان انفقوا عليك ستذل وهللا ستذل ! .. وقف الشاب بعد ان سمع منبهات سيارات اصحابه عند الباب .. وقال :

Page 23: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

ارجوك انت يا والدي زد لي مصروفي كي ال اذل !! -

حوار في دائرة الضوء

جسدها بنظرة ملؤها األلم بثت شكواها لمسامع خالد الذي يقف على وبينما ترمق مريم خارطة اخرى من الوجود

كثيرا ما كنت في خاصرتي خنجراً ياخالد ؟ - اجابها من عالمه البعيد

ان الخنجر يساعد ! - وكيف يساعد وانا للتو بدأت بأزالة غبار انكساراتي -ندى االطراء وانِت فقط تنتشين بالماء ، اريدِك أن يا مريم لن اكون لِك وردة اغمرِك من -

تظلي بدائرة الظل والضوء معي حتما تقصد دائرة الوحل ! قالتها مريم ومعالم االحتجاج باديه على صوتها الذي ساوره -

التشاؤم واجابها : صدقيني هو نفسه المجال الذي يغرق به اغلب المتصوفة - بهها بالقوة وتعاكسها في االتجاه بل هي االضداد ياخالد تش -

بدا عليه شيء من االقتناع وهو يقول لها حسناً الذي يسير الى االمام وال يضع خلفه شيء أال يبدو اعمى الجانبين !؟ -

لم تتمالك نفسها وردت عليه بغضب كفى كن انت شيء لتعرف قيمة االشياء وعندئذ تحدث عنها -

اجابها بثقه تامه :ي جدا فالذي يملك يساوي الذي يملك والمملوك مساٍو للعبد انا بال شيء لذلك عاد -

يساويني الالشيء طوال حياتي وعطف خالد بقوله :

حسناً أترين الكلمة سيدة على الفرد ام هو سيدها ؟ - اجابته :

احيانا تكتبني الكلمة واحيانا اخرى اكتبها - نصوصا ثريه !؟ هل تعلم ان حواراتنا تصلح ان تبدو

وضحكا ضحكة الواثقين من انفسهم واعقبها خالد بقوله :لهذا افضل ان اكون خنجرا .. قالها تبريرا لوجوده المصاحب لأللم في اعماقها . لم تلبث -

ان ردت عليه :فلسف االمور كما يحلو لك .. انت تحسن ولوج عمق الفالسفة والعوده منها مستنكرا -

ائما ما كانت تسقمني ! اياها بفلسفة د فلم يجد هو بدّا من قوله هذا واخبرها ان ذلك العجوز الذي التقاه يوما اخبره :

من السطح قد يبدو الكبير صغيرا وقد يبدو الصغير كبيرا -

Page 24: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

شيء من االلم اعتصر قلبه وصوته بدا عليه االنكسار هل تعلمين بدأت انسى ان هناك اجزاء افقدها ! -

هذا االعتراف وردت عليه : ادهشهاتبدو كأنك تفقد الذاكره بالوقت الذي تتباكى على فقدان اجزاء منها ! . وبينما سواد -

حدقات خالد كانت تتأمل في كحل مريم اجابها : لن تكوني مضطره للنسيان حينما ال تكون لِك ذاكره . اجابته : -الذبابة ! قالتها في ذروة ابتسامتها حينها اذن هو الفقدان التنكر ستكون ذاكرتك كما هي -

رد عليها : حتى القطة عندما تمر او الذبابة حين تطير فبرأسيهما شيء .. استغرقت بصمتها طويال -

ولم تتفوه بكلمة . شعر بنشوه وانتصار .. اخترق هذا الصمت بقوله :

كون هناك شيء محفوظ ! ال تطلقي االحكام ان حاولِت تفكيك الذاكرة ، فحينها ال ي - ردت عليه واالستغراب يعتليها :

هل فككتها انت لدرجة ان تمحيها !؟ - اجابها بسخريه :

نعم لدرجة انني ضحكت على جدي البارحة - اخبرني ما به جدك مالذي حدث !؟ - البارحة عجائز تبكي ورجال يكظمون غيضهم من الماء ومن هللا !! -

قطعت حديثه ل جدك كان من ضمنهم !؟ اجابها بحزن شديد نعم اغرق المطر الزرع وحصادهم وه -

تماما ، كنت اقف بمنتصفهم واضحك بحسرة وألم ألنهم قبل شهر كانوا يترجون المطر بالهطول واليوم هم له كارهون !! امتعض جدي من قولي هذا قال لي بصوته االجش :

اخرى ! مالذي يجعلك تضحك !؟ اخبرته خسارتي بجهة وضحكتك الصفراء هذه بجهة - اقصد الالشيء أن العتب ليس علّي وال عليك ! -

فقال والدهشه تمأل وجهه واسنانه تصدر صرير .. من اذن !؟ اخبرني من !؟ -

قلت له : على هللا عفواً اقصد الماء !! فصرخ بوجهي انت كافر .. كافر -

اجابته مريم وهي تغص من الضحك : هللا تستحق أن ترمى بحجر ضحكا بشدة وقال لها : و - ضربني بعقاله -

صمتت مريم للحظات وعادت من حيث ذاكرته المتعبه قائلة له : هل تعلم بدأت اخشاك واخشى أن امحى من ذاكرتك المفككه يوما !؟ اجابها : - هنا انصحِك بتبديل السياق والخروج من عقلية النقرة !! ردت عليه -

Page 25: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

اذن هو التنازل للبقاء معاً اليس كذلك !؟ اجابها اسمعيني جيدا وال تقرأيني بالمقلوب الدنيا -قائمة على التنازل حتى ابسط مخلوقات هذا الكون استطاعت ان تغير مساره واصبح على

ما هو عليه االن موع اذن ياخالد انها حكمة اقوى من اسس االرض . نظر اليها بشجن عميق وفي عينيه د -

على وشك ان تتطاير كما هي اجنحة الفراشات اجابها بصوت حنون رقيق : مريم انه الحب .. الحب يا حبيبتي -

الواهمون

كل صباح يفتح ابواب ذلك المسرح العتيق، يسمع تصفيق الجمهور بعد ان يقفوا له على ط وجهه العميقة االقدام اجالال واكراما ... يعتلي منصة المسرح بجسدة النحيل وخطو

-اخترقت حتى العظام .. ينحني للجمهور بكل خشوع ويردد :ايها الواهمون ! الحب بخيل ! والفرح مجرد عنوان !! واحالم ليست كما هي االحالم ..

تختلط برائحة التبغ والعفونه ... !! وتلك الحياة التي ما انفكت تنظر الينا بشراسة لتخبرنا نحكم سوى االساءة ولعبه بين خسارة وربح ... ! آهات .. اذالالت .. اننا هالكون ولم ام

وجميع اسألتكم ستترك بدون اجابات ...! من وراء زجاج نوافذنا عرفنا ماهية الوجود حين يلطخ بالبياض !! عزة نفس.. اتزان..

كما انِت عقائد اشياء اصابتنا بالسأم !! ماذا لو تالشينا في الوحل حتى الراس !؟ ونكون يا حياة ! . ذهب كلكامش السطورة الخلود ..غبي لدرجة النمرود ...........

انحنى امام الجمهور مرة اخرى لكنه لم يسمع اي ضجيج وتصفيق غير صوت صاحب العمل االجش ليخبره : اين انت يا حسان اجلب لنا تلك الرزم المرقمه من المالبس

سرح وانقلها لنا الى الشارع العام ....... المستعمله في الجهة اليسرى من المنفذ حسان االمر لينتظر فجر صباح جديد يصعد به المسرح وحواره الذي ما انفكت

ذاكرته المتعبه من نسيانه منذ ثالثين عاما لتخبره كم كان عظيما وفنانا بوطن لم يعرف غير صنع الموت والدمار .

دعاء ملغى

جاري الممتلئة بالنقود ، كانت قد فتحت شهية واحالم الكثيرين تلك الحقيبة التي وجدها ممن سمع بالقصة .. ومن ضمنهم جارتي .. خمسينية العمر الجميلة الفرحة ، المرحة ..

النزقة .. تدخل بيتي في اي وقت ترغب بدون استئذان ، كما هو حال القطط .. ذب اطراف الحديث حول كل شيء اعتادت على شرب القهوة الصباحية معي .. وكنا نتجا

واي شيء راغبة هي الحديث فيه !! ولو حاولت مرة ان احدثها عن أمر يشغلني بكل سهولة تتركني وتذهب !!

Page 26: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

قالت لي مرة ؛ لماذا هللا ال يرسل لي حقيبة كتلك التي وجدها جارنا !؟ الحقق بها ما اتمنى ا مازحة ؛ ماقولِك لو دعوت لِك هللا .. مللت من هذه االمنية شبة المستحيلة .. قلت له

ليمنحها اياِك ! اتمنى ادعي لي عزيزتي يقال ان دعوة الغريب مستجابة ! -قالت : حسنآ وكم سيكون نصيبي من تلك الحقيبة التي تجدين !؟ -قلت :

سكتت طويال والتفتت ذات اليمين والشمال نظرت الى سقف المطبخ ونطقت اخيرآ ! العشرة بالمائه من محتواها ! سيكون نصيبكِ

ضحكُت بشدة وتعمدت الضحك بقوة .. اخبرتها باني لست بدالل عقارات كي تمنحني تلك النسبة ! أنتفضت بوجهي وصرخت وكم تريدين !!؟

ال ارضى سوى النصف ! -قلت : ! استهجنت بشدة طلبي هذا وغضبت وارتفع صوتها .. انا لم اعرفِك جشعة هكذا يا حبيبتي

بحزم اخبرتها باني ال ارضى بغير النصف !! ان لم توافقي ياعزيزتي لن تجدي تلك الحقيبة النني ببساطة لغيت الدعاء! .. لن ادعو هللا لِك !فخرج وصفقت الباب خلفها !

وتركتني اليام ارتشف قهوتي الصباحية لوحدي ...!!

الفراشات ايضا شجاعات

تاة التي كانت شابة جميلة تملك القلوب ، ذكية تسرق العقول ، لم تغادر ذاكرتي تلك الفشجاعة تخيف القطط السوداء وقت الغروب حين كانت طفلة ، واثقة الخطوة تشعر بالزهو ، من ضمن اسرة مثقفة لم تشعرها يوما بالفرق بينها وبين اخوتها الذكور .. بل كانت في

احيانا كثيرة تتصور انها اشجع منهم .. ا االخت الصغرى فكانت رقيقة نحيفة عروق يدها كانها اغصان شجرة رمان بظالل ماء ام

رقراق ، ابتسامتها كالربيع تفتح االزهار وتجعل الدنيا مشرقة جميلة . دائما ما كانت االخت الكبرى تشعر بمسؤولية حيال تلك االخت الصغيرة خلقت لتكون لها

سيم ان بعثر شعرها االشقر الطويل وتنهال عليها أما واختا وصديقةً تخاف عليها من النبالنصائح كلما سنحت لها الفرصة بذلك وال تبخل عليها باي حوار او استفسار .. في احدى

المرات واثناء عودتهن من المدرسة في ذلك الشارع الطويل المشمس المحاط باالشجار الحمائم يخترق هدوءه في وحدائق الورد االحمر على الجانبين يشبه حمرة خديهما وبوح

مدينة يجلس الناس في المقاهي بهواءها الطلق .. كان هذا الشارع الطويل يربط بين المدرسة والبيت ودائما كان الحوار هو المرافق لهن واحيانا اخرى اغنيات يستذكرانها سوية .. كانت االخت الكبرى تشحن من همة اختها الصغرى لتجعل منها امرأة شجاعة

ما هي .. اخبرتها : ك

Page 27: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

أن المرأة تريد كل شيء وال تعمل هي على ذلك الشيء الذي تريده فتجدينها حتى حين -تتعرض ألساءه او اعتداء وسيلتها الوحيدة هي الصراخ وال تجيد غير ثالث اشياء ..

البكاء ، االغراء ، والدهاء في حين تستطيع ان تكون كما هي النحلة تصنع العسل لمن وتلسع بشدة ان تجاوز احدهم حدودها تحب

ردت االخت الصغرى يا اختي ان دمعة واحدة من امرأة جميلة كفيلة لدحض جميع براهين الرجال -:هه هه .. لكن اذكى امرأة ايضا قد تخدع بسهولة من اغبى رجل اذا احبته .. وعليِك ان -:

برجل معتدي تستطيع الدفاع تعرفي شيء اخر أن المرأة قوية حتى بذراعها ان اصطدمت عن نفسها بقوة كقوة عضالته لكنها تعلمت الخنوع وتلقي االهانة والذل وهي ساكنة

كالدجاجة ! باهلل عليِك حبيبتي أن عضالت الرجل اقوى من المرأة بكثير صفعة واحدة على الوجه -:

وبتها دون فقدان كفيلة باسقاطها ارضا وفقدان الوعي لساعة ومن الرائع لو افاقت من غيبللذاكرة ! ظلت االخت الصغرى تضحك اخترقت قوة ضحكاتها هديل الحمائم واصابتهن

بالخرس ! اجابتها :

هل تعلمين ان تسع اعشار المرأة قوة وشجاعة وذكاء والعشر االخر فتنة -ضالت وهل تعلمين انِت تملكين من الجمال والذكاء بحيث قد ال تكوني بحاجة للتفكير بالع -

كما هو الرجل زادت وتيرة الخالف بين االختين حول العضالت والجمال والذكاء وبلحظة سرقة من

زمنهن الجميل تقدم شابان حاوال التحرش بهن وباسرع من الضوء انهالت قبضة االخت الصغرى الرقيقة على وجه احدهما واوسعته ضربا مزقت قميصة االبيض وازراره

حين تسمرت قدم االخت الكبرى ارضا وتجمدت دماءها في تطايرت في الهواء في العروق واخذت تصرخ ودموعها تنهمر كقطرات مطٍر مع استغاثة الشاب في حين هرب رفيقه من هول ما شاهده من عنف وردت فعل من تلك الفتاة الرقيقة وصراخ اخت اكبر

تستغيث مع المعتدي بكل قوة كفى .. كفى استحلفِك باهلل اختي دعيه يذهب !!! اتركيه .. اتركيه انفه ينزف .. -:

)) حوار في دائرة الضوء ((

وبينما ترمق مريم جسدها بنظرة ملؤها األلم بثت شكواها لمسامع خالد الذي يقف على خارطة اخرى من الوجود

كثيرا ما كنت في خاصرتي خنجراً ياخالد ؟ - اجابها من عالمه البعيد

د ! ان الخنجر يساع - وكيف يساعد وانا للتو بدأت بأزالة غبار انكساراتي -

Page 28: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

يا مريم لن اكون لِك وردة اغمرِك من ندى االطراء وانِت فقط تنتشين بالماء ، اريدِك أن - تظلي بدائرة الظل والضوء معي

حتما تقصد دائرة الوحل ! قالتها مريم ومعالم االحتجاج باديه على صوتها الذي ساوره - ؤم واجابها : التشا

صدقيني هو نفسه المجال الذي يغرق به اغلب المتصوفة - بل هي االضداد ياخالد تشبهها بالقوة وتعاكسها في االتجاه -

بدا عليه شيء من االقتناع وهو يقول لها حسناً الذي يسير الى االمام وال يضع خلفه شيء أال يبدو اعمى الجانبين !؟ -

ت عليه بغضب لم تتمالك نفسها ورد كفى كن انت شيء لتعرف قيمة االشياء وعندئذ تحدث عنها -

اجابها بثقة تامة :عادي جدا فالذي يملك يساوي الذي يملك والمملوك مساٍو للعبد انا بال شيء لذلك -

يساويني الالشيء طوال حياتي وعطف خالد بقوله :

ا ؟ حسناً أترين الكلمة سيدة على الفرد ام هو سيده - اجابته :

احيانا تكتبني الكلمة واحيانا اخرى اكتبها - هل تعلم ان حواراتنا تصلح ان تبدو نصوصا ثريه !؟

وضحكا ضحكة الواثقين من انفسهم واعقبها خالد بقوله :لهذا افضل ان اكون خنجرا .. قالها تبريرا لوجوده المصاحب لأللم في اعماقها . لم تلبث -

ان ردت عليه :فلسف االمور كما يحلو لك .. انت تحسن ولوج عمق الفالسفة والعوده منها مستنكرا -

اياها بفلسفة دائما ما كانت تسقمني ! فلم يجد هو بدّا من قوله هذا واخبرها ان ذلك العجوز الذي التقاه يوما اخبره :

من السطح قد يبدو الكبير صغيرا وقد يبدو الصغير كبيرا - لم اعتصر قلبه وصوته بدا عليه االنكسار شيء من اال

هل تعلمين بدأت انسى ان هناك اجزاء افقدها ! - ادهشها هذا االعتراف وردت عليه :

تبدو كأنك تفقد الذاكرة بالوقت الذي تتباكى على فقدان اجزاء منها ! . وبينما سواد - حدقات خالد كانت تتأمل في كحل مريم اجابها :

ضطرة للنسيان حينما ال تكون لِك ذاكره . اجابته : لن تكوني م -اذن هو الفقدان التنكر ستكون ذاكرتك كما هي الذبابة ! قالتها في ذروة ابتسامتها حينها -

رد عليها : حتى القطة عندما تمر او الذبابة حين تطير فبرأسيهما شيء .. استغرقت بصمتها طويال -

ولم تتفوه بكلمة . انتصار .. اخترق هذا الصمت بقوله : شعر بنشوة و

Page 29: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

ال تطلقي االحكام ان حاولِت تفكيك الذاكرة ، فحينها ال يكون هناك شيء محفوظ ! - ردت عليه واالستغراب يعتليها :

هل فككتها انت لدرجة ان تمحيها !؟ - اجابها بسخريه :

نعم لدرجة انني ضحكت على جدي البارحة - مالذي حدث !؟ اخبرني ما به جدك - البارحة عجائز تبكي ورجال يكظمون غيضهم من الماء ومن هللا !! -

قطعت حديثه وهل جدك كان من ضمنهم !؟ اجابها بحزن شديد نعم اغرق المطر الزرع وحصادهم -

تماما ، كنت اقف بمنتصفهم واضحك بحسرة وألم ألنهم قبل شهر كانوا يترجون المطر كارهون !! امتعض جدي من قولي هذا قال لي بصوته االجش : بالهطول واليوم هم له

خسارتي بجهة وضحكتك الصفراء هذه بجهة اخرى ! مالذي يجعلك تضحك !؟ اخبرته - اقصد الالشيء أن العتب ليس علّي وال عليك ! -

فقال والدهشة تمأل وجهه واسنانه تصدر صريرا .. من اذن !؟ اخبرني من !؟ -

قلت له : على هللا عفواً اقصد الماء !! فصرخ بوجهي انت كافر .. كافر -

اجابته مريم وهي تغص من الضحك : وهللا تستحق أن ترمى بحجر ضحكا بشدة وقال لها : - ضربني بعقاله -

صمتت مريم للحظات وعادت من حيث ذاكرته المتعبة قائلة له : المفككه يوما !؟ اجابها : هل تعلم بدأت اخشاك واخشى أن امحى من ذاكرتك - هنا انصحِك بتبديل السياق والخروج من عقلية النقرة !! ردت عليه -اذن هو التنازل للبقاء معاً اليس كذلك !؟ اجابها اسمعيني جيدا وال تقرأيني بالمقلوب الدنيا -

ى قائمة على التنازل حتى ابسط مخلوقات هذا الكون استطاعت ان تغير مساره واصبح عل ما هو عليه االن

اذن ياخالد انها حكمة اقوى من اسس االرض . نظر اليها بشجن عميق وفي عينيه دموع - على وشك ان تتطاير كما هي اجنحة الفراشات اجابها بصوت حنون رقيق :

مريم انه الحب .. الحب يا حبيبتي -

فارس بدون مالمح

لم تحظ يوما بتجربة حب ترجف احساس لم تكن طفولتها وشبابها كما هن قريناتها وصباها الندي ..جميلة تزهو كثيرا بفكرها ونضجها ، مغروره ، هي مريم ابنة الثامنة

عشر ربيعا .. كانت تقول لصديقاتها

Page 30: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

ال تقعن بالعشق بسرعة .. لتكتشفن بنهاية االمر انكن ساذجات مع كل تجربة فاشلة -: هنا بخيل.. ومجرد عنوان .. لن يكلل بالزواج دائما .. وانتن بهذا العمر الصغير فالعشق

وانتن هذا الذي تبحثن عنه فقط ...! عشقها الكثير .. لكنها كانت على صهوة جواد راية خفاقة ميزان من الذهب ، انحنت لها

اشجار باسقات .. اما هي لم تنحن يوما سوى لتلك الكتب التي زخرت بها مكتبة اخاها الكبير .. .

لبت صديقتها سعاد التي تكبرها سنا ان تراسل حبيبها بدل عنها.. بعث لها برسالة غرام طلم تفهم منها الكثير .... ! وافقت مريم بشرط ان التلتقي تلك الساذجة بذلك الشاب اال لبضع دقائق النه سيكشف ضعف ثقافتها وبساطتها .. بعد ان اطلعت مريم على عمق

للحبيبة وافقت بعد تملل واصرار منها . تعلقت كثيرا بحروفه وثقافته فكره برسالته االولى .. كما بادلها هو نفس هذا الشعور .. ازدادت وتيرة الرسائل بينهما وساعي البريد كانت

تلك العاشقة المغفلة .. سعاد ..خالفات ومشاجرات كانت تحدث بين عشاق الحروف حول الكثير من االمور الفكرية

ة .. لكنهما كانا يعودان لزوايا الحب الذي به من المتسع ما يزيد الشوق بينهما .. والفلسفيهذا كان اسمه ..في احد رسائله ان المرأة هي من صنعت التاريخ ! شب -قال لها خالد :

خالف كبير بينهما على اثر هذا الموضوع .. وهذة الحياة تاريٌخ للنذالة ، اف خالد ان التاريخ عمل انذال والمرأة بريئة منه -قالت له :

ايها الرجال وحدكم من جعلتمونا ليس بتلك السفالة .. تخاصما لفترة من الزمن لكنها كانت دائما لحبه تعود بعد كل صفقة لباب وصراخ .

ان العشق اصبح له لوعة ويريد ان يكون لها ظال يتبعها او توافق هي ان -اخبرها مرة : تكون له ظل ..

انها ال تريده ظال يتبع ، او ظال تتبعه ، بل اريد التوحد فيك لنسخر من ظل -ليه :ردت ع اسود يتبعنا ..

اذن لنتزوج ويكون زواجنا هو هذا االوحد الذي سيجمعنا .. -قال لها :ان الزواج كثيرا ما كان مؤسسة فاشلة ولعبة بين خسارة وربح وسرعان ما -اخبرته :

اة الدائمة االستهزاء بنا !! يضحمل في تلك الحي رد عليها بحنق شديد وغضب ..

ان لم توافقي ساعلن عن حبي لِك بين ازقة بغداد ، واكتب اسمِك على جدرانها العتيقة -: ، ساحدث نوارس دجلة عنِك ، وفي ذلك المقهى .. وبين روادها المحبين للثرثرة ، سيكون

بالف حجر الني عبدتِك ! سيعلنون الحادي اسم مريم قصيدة لجميع العشاق ، سارمى وارجم بِك !!

ارجوك يا خالد التحرقني بنار مدينتي ! فالحب بالشرق سر خطير مدفون بين -اخبرته : حنايا المدينة .. ! التكن كما هو ) نيرون ( حبيبي !!

د ان عرفت سعاد ان مريم رفضت الزواج .. توسلتها ان توافق .. اخيرا وافقت بعاشتعل رمادها جمرا .. اشتعلت بذلك الحبيب الذي لم تلتقي به يوما .. ! وفي نهاية االمر

ستكون سعاد هي الزوجة المحظوظة !! وهو الزوج المغفل !!

Page 31: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

اعلنت له موافقتها وتزوج هو صديقتها ..!! وذهبت هي وابجدياتها الغبية ! الى الجحيم طفأها عادت ودست هذا االنف بين تفاهات الكتب ....!! .. نار لم تشعر بها يوما ولكي ت

لم تمض سوى بضعة اشهر حتى رأت سعاد تجر خلفها حقيبة كبيرة ودموعها كشالل ينهمر .. احتضنتها بقوة وبالكاد سمعت منها تلك الحروف وهي تجهش بالبكاء ...

!! لسِت انِت التي عشقتها لقد طلقني خالد يامريم طلقني .. قال لي انِك مجرد قدر فارغ -: .. لسِت انِت !! ....... .

---------------------

نيرون : امبراطور روماني احرق روما وبنى له قصرا بوسط المدينة

وجوه

بمحلٍة صوت الحمائم يشدوا بها ظهرا وتغريد البالبل لم يفارقها صباحاً كان بيتنا في تلك ات تلك المرأة المجنونة وصراخها النشاز وشجاراتها التي المدينة التي سأمت من مشاجر

تسقم اآلذان تلك التي كانت تسكن بمعية بناتها الثالث في نفس المحلة التي كان صوتها يشق هدوءها وتفر منه اطيار اشجار البيوت بتلك المحلة كانت منه العصافير تصاب

هدوء يوم اال واعقبته عاصفة تقتلع مباني بالذعر والهلع وتفر من اعشاشها.. لم ننعم بالآمالنا وتجرف خيام احالمنا في عراء اليأس .. تدور بنا األيام بكف القدر الذي جعل بيننا تلك المرأة االربعينية دائمة المرض والتي التستطيع السير بدون تلك العكازة التي تبدو

الطباع الكل يكن له الحب اكثر منها سمنا .. اما زوجها فكان رجل ودوداً هادىء واالحترام .

سمعنا بعد يوم عاصف من المشاجرات .. انها رقدت بمستشفى وكانت بين الموت والحياة .. قلت في داخلي لتمت تلك المجنونة ولتذهب الى الجحيم آه كم سببت لهذا البيت وللمحلة

لذي كان اليشكو من من ازعاج ونكد .. لكن الغريب باالمر سماعنا بموت زوجها ذلك ااية علة .مات صاحب الوجه المشرق هادىء الطباع وكم حزنت لمغادرت هذا الرجل

الدنيا بدل زوجتة المقيتة .. عاد الهدوء لذلك البيت ولم تغادر بعدها عصافير المحلة اشجار الحدائق .. مرت اشهر

ق وجهها ولم تستند على تلك الحادثة ورأيت تلك المرأة وقد اكتست عظامها لحما واشرعلى جدران او عكاز .. وامتأل بيتها بالضيوف في حين كنا نعتقد انهم مقطوعي الشجرة .. حتى قطط المحلة لم يفكروا يوما بالدخول لحديقتها ... ! زاد فضولي يوما وسألت جارتها

االقرب لها .. موت زوجها كان قلت لها : كيف استطاعت هذة المرأة ان تنعم بكل هذا االشراق بعد

المفروض هي التي تغادرنا .. كم كرهت حتى اشراقتها تلك والتي سادت محياها بعد فراق الزوج ..

Page 32: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

قالت لي الجارة : ياابنتي كان زوجها رحمه هللا كحمامة خارج بيته وكالذئب داخله اذاق مشاكل وبصوت هذة المرأة وبناتها المر والسم لم يهنئوا يوما بجلسة عائلية دون افتعال ال

اليكاد يسمع حتى ان قدموا له الشاي يفتعل لهن الشجار .. ان اصبحت مؤمنة كفر وان كفرت اصبح مؤمن .. ان قالت ال يقول نعم وان وافقته بال نعم يقول ال .. كانت له سند طوال حياتة ولها اصبح خنجر .. اذاقها الذل والقهر والخذالن .. جعل منها شبه امرأة

ها وهي صاحبة شهادة جامعية تحولت الى كومة من اغصان جافة تنتظر منه تركت عملحتى االحسان لتسير امور بيتها وبناتها .. وحبيسة الدار لم تر نورا يوما ومتهمة بالنور !

وملطخة بالبياض !! كانت محبة له ولها كاره كانت ارض ولها باصق كانت خمر ولها ..وكانت .. وكانت .. يا ابنتي ارجوِك التحكمي مستفرغ كانت صدق وهو كاذب كانت

على ظواهر االمور احيانا موت الظالم رحمة .وكان موته سالم ورحمة لهذة االسرة ....

Page 33: للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

جميع الحقوق محفوظة للمؤلفال يجوز طبع هذا الكتاب أو نشر أو تصوير أو تخزين أى

وسيلة ألكترونية أو ميكانيكية أو بالتصوير جزء منه ، بأية

ةأو غير ذلك إال بإذن من المؤلف

إصدار مجلة الضياء رئيس التحرير / محسن الوردانى