ملامح المجتمع المسلم

182
سلمح المجتمع المم ملقرضاوي يوسف الكتاب تجميع ا تملقرضاويخ الدكتور يوسف ا من موقع الشيhttp://www.qaradawi.net موقع عن طريقhttp://www.y-ebooks.com

description

كتاب قيم لفضيلة الدكتور/ يوسف القرضاوي

Transcript of ملامح المجتمع المسلم

Page 1: ملامح المجتمع المسلم

مالمح المجتمع المسلم

يوسف القرضاوي

تم تجميع الكتاب

من موقع الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي

http://www.qaradawi.net

عن طريق موقع

http://www.y-ebooks.com

Page 2: ملامح المجتمع المسلم

مقــــدمة

الحمد هلل حمدا كثرا طبا مباركا فه، والصبلة والسبلم على رسوله المبعوث رحمة للعالمن، وعلى آله .وصحبه أجمعن

وهل المجتمع إال . فكل منهما تؤثر باآلخر وإثر فه. أما بعد ، فقد عنى اإلسبلم بالمجتمع عناة بالفردفكان صبلح الفرد الزما لصبلح المجتمع، فالفرد أشبه . مجموعة من األفراد ربطت بنهم روابط معنة

. باللبنة ف البنان، وال صبلح للبنان إذا كانت لبناته ضعفة. م، والتكؾ الصحح، والسلوك القومكما ال صبلح للفرد إال ف مجتمع ساعده على النمو السل

وتنمو وتترعرع ف مناخها، واالنتفاع بسمابها وهوابها . فالمجتمع هو التربة الت تبنت فها بذرة الفردوما كانت الهجرة النبوة إلى المدنة، إال سعا إلى مجتمع مستقل تتجسد فه عقابد اإلسبلم . وشمسها

مسنا ف عصرنا محنة الفرد المسلم ف المجتمعات الت ال تلتزم وقد ل. وقمه وشعابره وشرابعهوكؾ عش هذا . باإلسبلم منهاجا لحاتها، ناهك بالمجتمعات الت تعادي شرعته، وتطارد دعوته

الفرد ف توتر وقلق وحرة، نتجة لما حس به من تناقض صارخ بن ما إمن به من أوامر دنه و ا عاشه وضؽط عله من أفكار المجتمع ومشاعره وتقالده وأنظمته وقواننه، نواهه، من جهة، و م

كما -اإلنسان . الت راها مخالفة لتوجهات عقدته، وأحكام شرعته، وموارث ثقافته، من جهة أخرى, ه أي أنه ال ستطع أن عش وحد. حوان اجتماع : وكما قال المحدثون , مدن بطبعه -قال القدماء

وقد قال الشاعر . وستمر نوعه , وتتحقق مطالبه , حتى تستقم حاته , بل ال بد أن تعاون مع ؼره خدم واإلسبلم ال صور -وان لم شعروا -الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض : العرب

ا أها الذن ) :اإلنسان وحده ، إنما صوره ف مجمع ، ولهذا توجهت التكالؾ إله بصؽة الجماعةوذلك أن تكالؾ اإلسبلم محتاج إلى التكاتؾ والتضامن ف ( ا أها المإمن)ولم جا ف القرآن ( آمنوا

.ستوي ف ذلك العبادات والمعامبلت. حملها والقام بؤعبابها

اون إال بمسجد تع, فإذا نظرنا إلى فرضة كالصبلة وجدنا أنها ال مكن أن تقام كما رد اإلسبلم, ومعد علمهم, وخطب بخطبهم, وإمام إمهم, المجتمع على بنابه، ومإذن علن الناس بمواقت الصبلة

. وإنما نظمه المجتمع, وهذا كله ال قوم به الفرد:) كما قال تعالى , أن تقم الصبلة: وقد جعل القرآن أول أعمال الدولة المسلمة إذا مكن لها ف األرض

(.اآلة… ف ألرض أقاموا الصبلة وآتوا الزكاة الذن إن مكناهم

وضرورة ترتب أمور الحاة ف رمضان ترتبا عن على الصام , ومثل ذلك قال ف فرضة الصومفاألصل فها أنها تنظم اجتماع تشرؾ عله , الزكاة: ومن باب أولى. والقام والسحور وؼرها

أما . وكذلك كل شعابر اإلسبلم وأركانه. ن نص علهم القرآن الذي( العاملن علها ) بواسطة, الدولة, إال ف ظبلل مجتمع ملتزم باإلسبلم -كما نشدها اإلسبلم -األخبلق والمعامبلت فبل تصور أن تقوم .تعبد هلل بإقامة حاته على أساس اإلسبلم

فهو تكلم بلسان ( إاك نستعنإاك نعبد و) وقد عم اإلسبلم المسلم أن قول إذا ناجى ربه ف صبلته فالجماعة ( اهدنا الصراط المستقم: )وكذلك إذا دعا ربه دعا بصؽة الجمع, وإن كان وحده, الجماعة

ة ف وجدانه، حاضرة على لسانه والمجتمع المسلم مجتمع متمز عن سابر المجتمعات بمكوناته . ح, والمسلمون مطالبون بإقامة هذا المجتمع. متوازن, أخبلق, فهو مجتمع ربان، إنسان, وخصابصه

Page 3: ملامح المجتمع المسلم

حاة توجهها : وحوا ف ظله حاة إسبلمة متكاملة, وجسدوا فه شخصتهم, حتى مكنوا فه لدنهموتحركها الشاعر , وتقودها المفاهم اإلسبلمة, وتزكها العبادات اإلسبلمة , العقدة اإلسبلمة

, وتهمن علها القم اإلسبلمة, مة وتجملها اآلداب اإلسبلمةوتضبطها األخبلق اإلسبل, اإلسبلمة. التعالم اإلسبلمة: وتوجه اقتصادها وفنونها وساستها, ومحكمها التشرعات اإلسبلمة

الذي طبق الشرعة اإلسبلمة -فقط -هو -كما تصوره أو صوره الكثرون , فلس المجتمع المسلمبل ظالم لهذا , فهذا تصور وتصور قاصر, صوصا جانب الحدود والعقوباتوخ, ف جانبها القانون

وفى جانب واحد من التشرع هو , واختصار لكل مقوماته المتعددة ف مقوم واحد هو التشرع, المجتمع .أو الجناب, التشرع الجزاب

, ذا المجتمع الذي ننشدههو إلقاء الضوء على المكونات أو البلمح األساسة له: لهذا كان من المهم هنالحل محل , والذي قامت حركات وجماعات إسبلمة ف شتى أنحاء العالم العرب واإلسبلم تدعو إله

مما ؼزانا به ,سواء أكانت جاهلة وافدة, الت اختلط فها اإلسبلم بالجاهلة, المجتمعات الحاضرةالت , من رواسب عصور التخلؾ, هلة موروثةأم جا, الرأسمال واالشتراك: االستعمار الؽرب بشقه

, وقد صدر ل كتاب منذ سنن. حكاما ومحكومن, كما ساء تطبقهم له, ساء فه ا فهم السلمن لدنهم. وهو ف الحققة جزء من هذا الكتاب( ؼر المسلمن ف المجتمع اإلسبلم : )هو

وربما أهدره ف . ن طول الكتاب على القارئخشه م, كما تركت موضوعا تعلق بالدولة ونظام الحكموعسى أن كون ف هذه الفصول ما ساعد على كشؾ . أو ألحمه به ف طبعه أخرى, رسالة مستقلة

.وتتعلق به القلوب, وتشربب نحوه األعناق, اللثام عن معالم هذا المجتمع الذي مرنو إله األبصار

والعمل على تحققه ف الواقع، كلما استطعنا إلى ذلك , وعسى أن زدنا ذلك إصرارا على السع إلهعقدة وشرعة , فعلن والءه الكامل لئلسبلم. مهما صؽرت رقعته من دار اإلسبلم -ف أي وطن , سببل

. الداخلة والخارجة على اإلسبلم: وساسته كلها, المادة والمعنوة: وبنى حاته كلها, ومنهاج حاةأو , ألن سكانها مسلمون, والت تنتسب إلى اإلسبلم, نقس المجتمعات القابمة الومومن ناحة أخرى

أو المصدر الوحد للقوانن , أو أن الشرعة ه المصدر الربس, ألن دستورها علن أن دنها اإلسبلم .لنعرؾ مدى قربها أو بعدها منه, نقسها إلى هذا المجتمع ف صورته المثالة المنشودة :

وهم عن روحه , أو تمسكون بشكلات منه, وهم عنه صادون, ما أكثر الذن تمسحون باإلسبلمؾوهم ألعدابه , أو حتفلون بؤعاده, وهم بالبعض اآلخر كافرون, أو إمنون ببعض كتابه, معرضون

، ربنا ربنا علك توكلنا وإلك أنبنا وإلك المصر! ) ولشرعته معارضون , ولدعاته معادون, موالون .( ال تجعلنا فتنة للذن كفروا واؼفر لنا، ربنا إنك أنت العزز الحكم

فمهمة المجتمع األولى ه .مقدة اإلسبلم: إن أول أساس قوم علبه المجتمع السلم وقوم به هو العقدة مان باهلل وعقدة اإلسبلم تتمثل ف اإل.ومد نورهاف اآلفاق, حماة هذه العقدة ورماتها وتثبتها كل آمن , آمن الرسول بما أنزل إله من ربه والمإمنون:) ومبلبكته وكتبه ورسله والوم اآلخر

ؼفرانك ربنا وإلك , وقالوا سمعناوأطعنا, باللهومبلبكته وكتبه ورسله ال نفرق بن أحد من رسلهوعلى , ساالتاإللهة كلهاألنها تقوم على تراث الر, تجمع وال تؽرق, فه عقدة تبنى وال تهدم(المصر

( . ال نفرق بن أحد من رسله: ) اإلمان برسل اله جمعا, (شهادة أن ال إله إالاله وأن محمدا رسول اله : ) ولهذه العقدة عنوان لخصها أو شعار عبر عنها هو

, الطبعة وإلى الطبعة وما وراء, هذه العقدة ه الت تمثل وجهة نظر السلمنإلى الكون ورب الكون, إلى الخلقوالخالق: وبعبارة أخرى, وإلى العالم المنظور والعالم ؼر المنظور, والى الحاة وما بعدالحاة

وحوانه , بجماده ونباته, فهذا الكون بؤرضه وسمابه.إلى عالم الشهادة وعالم الؽب, إلى الدنا واآلخرةفبل بد لهمن خالق علم , ولم خلق نفسه, ر شاهذا الكون لم خلق من غ.... وجنهومبلبكته , وإنسانه

Page 4: ملامح المجتمع المسلم

وكل حركة فه بمقدار , فكل ذرة فه بمزان,وقد قدر كل شا فه تقدرا , خلقه فسواه, قدر عزز حكم, الذي تدل كل كلمه بل كل حرؾ ف كتاب الوجود على مشبته وقدرته,وذلك الخالق هو هللا. وحسبان

هذا الخال (وإن من شا إال سبح بحمده, السبع واألرض ومن فهن تسبح له السموات: ) وعلمهوحكمهواحد أحد ال شرك له ف ذاته وال ف ,رب كل شء, رب العالمن, ال هو رب السموات واألرض

وهو وحده الخالق البارئ , فهو وحدهالقدم األزل وهو وحده الباق األبدي, وال ف أفعاله, صفاتهوال شبه وال , والوالد, وال ولد له , ال ند له وال ضد له , والصفات العبل, نىله األسماء الحس,المصور

هو األول واآلخر والظاهر (قل هو هللا أحد، هللا الصمد، لم لد ولم ولد، ولم كن له كفوا أحد)نظر ,كل ما ف هذا الكون العظم (لس كمثله شا، وهو السمع البصر( )والباطن، وهو بكل شا علم

ودا واحدة ه الت , هو الذي دبر أمره , مدل على أنعقبل واحدا , صامته وناطقه , علوه وسفله تبعا , وتهدم بنانه , واضطرب مزانه , وافلت زمامه , وتوجه دفتهوإال الختل نظامه , تدر رحاه

. . دالمتعددة الت تحرك واختبلؾ األي, لماتقض به الضرورة من اختبلؾ العقول المتبانة الت توجه ( فسبحان هللا رب العرش عما صفون,لو كان فهما آلهةإال هللا لفسدتا ) وصدق اله العظم إذ قول

إذ لذهب كئلله بما خلق ولعبل بعضهم على , ما اتخذ هللا من ولد وما كان معه من إله : ) وقالجل شؤنه ان معه آلهة كما قولون إذا البتؽوا إلى ذي قل لو ك: ) وقول (سبحان هللا عما صفون , بعض

( .العرشسببل ، سبحانه وتعالى عما قولون عبل كبرا

وكل ما ف السموات , أن كل من فى السموات ومن ف األرض عبدله: فالحققة الت ال مراء فهاكما قول , لدا لهأو و, فلس أحد وال شا من العقبلءأو من ؼر العقبلء شركا له, واألرض ملك له

وقالوا اتخذ هللا ولدا، سبحانه، بل له ما ف السموات وما ف األرض، كل له )الوثنن وأشباه الوثنن، ومن ضل عن هذه الحققه ف (قانتون، بدع السموات واألرض وإذا قضى أمرا فإنما قول له كن فكون

إن : ) عارة واضحة وضوح الشمس ف الضحىورىالحققة , الدنا فسكشؾ عنه الؽطاء ف اآلخرة لكل من فالسموات واألرض إال آتى الرحمن عبدا أتى أحصاهم وعدهم عدا ،وكلهم آتة وم القامة

وهذا الرب ال هو وحدهالذي ستحق العبادة , فبل عجب بعد ذلك أن كون هذا الخالق العظم(فردا فالمعنى المركب من الخضوع , ؼاة الخضوعوؼاة الحبستحق : ) وبعبارة أخرى, والطاعة المطلقة

(.هو الذي نسمه العبادة , الممزوج بالحب كبللحب, كل الخضوع

أو ال ستحقكل الخضوع وكل الحب إال .. أي ال ستحق العبادة ؼره ( ال إله إال هللا ) وهذا هو معنىوتقاد لحكمه , وتسبح بحمده األلسنة , وتسجدلعظمته الجباه, فهو وحده الذي تخضع ألمره الرقاب..هو

فهو المتفرد بالكمال , وهو وحده الذي تتجه إله األفبدة بالحب كل الحب .القلوب والعقول واألبدانوما فالوجود من جمال فهو , وهو مصدر الجمال كله, والكمال من شؤنه أن حب وحب صاحبه,كله

) ومصدر اإلحسان كله , وهو واهب النقم كلها,ه والجمال من شؤنه أن حب وحب صاحب, مستمد منهال إله إال » معنى .واإلحسان دابما حب والنعمة دابما تحب وحب صاحبها(وما بكم من نعمة فمن هللا

ورفض , وحكم ؼر حكمه وأمر ؼر أمره,هو رفض الخضوع والعبودة لسلطان ؼر سلطانه« اله .والحب إال له وفه , الوالء إال له

ثبلثة ذكرتها , إن عناصر التوحد كما جاء بهاالقرآن الكرم: إذا أردنا أن نزد هذا المعنى إضاحا قلناوقل أؼر هللا : )أال تبؽ ؼر هللا ربا : أولها:وهى سورة عنت بتثبت أصول التوحد , سورة األنعام

(.أبؽ ربا وهو رب كل شا

(.أؼر هللا اتخذ ولا فاطر السموات واألرض وهو طعم والطعمقل : )أال تتخذ ؼر هللا ولا : وثانها

(أفؽر هللا ابتؽ حكما وهو الذي أنزل إلكم الكتاب مفصبل : )أال تبتؽ ؼر هللا حكما : وثالثها

Page 5: ملامح المجتمع المسلم

إبطال األرباب المزعومةالت اتخذها الناس قدما (: أال تبتؽى ؼر هللا ربا ) معنى العنصر األول أم من الشمس , سواء أكانت من الحجروالشجر أم من الفضة والتبر, ف الشرق والؽرب ,وحدثا معنى العنصر األول هو رفض لكل األرباب إال هللا وإعبلن الثورة ,أم من الجن والبشر, والقمر

ال .) الذن أرادوا أن تخذوا عباد هللا عبدا لهم وخوال , علىالمتؤلهن ف األرض المستكبرن بؽر الحق فبل جوز أن . إال لخالقه وباربه,هو اإلعبلن العام لتحرر اإلنسان من الخضوع والعبودة( إله إال هللا

إال لقوم األرض والسمواتولهذا , أو تخشع القلوب, أو تنخفضالجباه, أو تطاطا الرإوس , تعنو الوجوهوالقاصرة من النصارىبهذه اآلة , مراءختم رسابله إلى الملوك واأل( صلى هللا عله وسلم)كان النب

ا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بنناوبنكم أال نعبد إال اله وال نشرك به ثسبا وال تخذ : ) الكرمة ( .فإن تولوا فقولوا اشهدوا بؤنا مسلمون, بعضنا بعضا أربابا من دون هللا

ومن أجل هذا تعرض . رد على كل جبار ف األرضإعبلنا بالعصان والتم( ربنا هللا) وكانت كلمة أتقتلون رجبل قول رب :) موسى للتهدد بالقتل، وقام رجل مإمن من آل فرعون دافع عنه وقول

وـؤصحابه لبلضطهاد واألذى واإلخراج من ( صلى هللا عله وسلم) ومن أجل ذلك تعرض رسولنا (هللا (.م بؽر حق إال أن قولوا ربنا هللاالذن أخرجوا من داره)الدار واألموال

رفض الوالء لؽر هللا وحزبه، فلس من التوحد أن (: أال تتخذ ؼر هللا ولا )ومعنى العنصر الثان ال تخذ المإمنون الكافرن أولاء من دون :) قال تعالى. زعم زاعم أن ربه هو هللا، وربما ألعداء هللا

أن خلص : إن حققة التوحد لمن آمن بؤن ربه هو هللا ( ن هللا ف شاالمإمنن، ومن فعل ذلك فلس مإنما ولكم هللا ورسوله والذن آمنواوالذن » : كما قال سبحانه , والءه له ولمن أمر اللهتعالى بمواالته

قمون الصبلة وإتون الزكاة وهم راكعون ومن تول اللهورسوله والذن آمنوا فإن حزب هللا هم ( .البونالػ

ومن هنا أنكر القرآن على المشركن أنهم قسموا قلوبهم بنه تعالى وبناألنداد الت اتخذوها من األصنام ومن الناس من تخذ من دون هللا أندادا . ) فجعلوا لها من الحب والوالء مثلما جعلوا هلل , واألوثان

فبل , على ال قبل الشركة ف قلوب عباده المإمنن إن هللا ت(. حبونهم كحب هللا والذن أمنوا أشد حبا هللإن . وبعضه للمخلوق, جوز أن كون بعض القلب هلل وبعضه للطاؼوتوأن كون بعض والبه للخالق

وهذا هو الفرق بن , واألمر كله , صاحب الخلق كله, الوالء كله والقلب كلهجب أن كون له ضرب )والمشرك موزع بن هللا وبنؽر هللا , العبودة له خالص, المإمن سلم هلل , المإمنوالمشرك

بل أكثرهم ال , الحمد هلل ,هللا مثبل رجبل فه شركاء متشاكسون ورجبل سلمالرجل هل ستوان مثبل ( .علمون

وكل أمر , رفض الخضوع لكل حكمؽر حكم هللا : أال تبؽى ؼر هللا حكما : ) ومعنى العنصر الثالثوكل وضع أو عرؾ أو تقلد أو , وكل قانونؽر شرع هللا , وكل نظام ؼر نظام هللا , هللا ؼر أمر

ببل إذن من , ومن قبل شبا من ذلك حاكما كان أو محكوما . منهج أو فكرة أو قمة لم ؤذنبها هللا والحكم , ألنه ابتؽى ؼر اللهحكما , اللهوسلطان ، فقد أبطل عنصرا أساسا من عناصر التوحد

ذلك الدن القم , إن الحكمإال هلل أمر أال تعبدوا إال إاه: ) لهذا قال سبحانه, والتشرع من حق هللا وحدهوهذا العنصر إنما هو ف الواقع مقتضى إفراد هللا تعالى بالربوبة واإللهة (.ولكن أكثر الناس ال علمون

وحلل ما رد وحرم , ونهى مماشاء, ؤمر بما شاء, فإن من اتخذ أحدا من عباد هللا شارعا وحاكما ,وحرم , والمسر , والخمر , والربا , كالزنا , و أعطاه حق الطاعة ف ذلك ولو أحبللحرام , ما رد واألمر , والزكاة , والجهاد , كالخبلفة : وأسقط الواجبات , وتعددالزوجات , كالطبلق : الحبلل

من اتخذ مثل هذا حكما وشارعافقد جعله ف , وإقامة حدود هللا و ؼرها , كر بالمعروفوالنهى من المنوهذاما جاء به القرآن وفسرته السنة النبوة . ونقاد له ف كل ما شرع, الحققة ربا طاع ف كل أمر

Page 6: ملامح المجتمع المسلم

دون هللا اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من : ) فقد جاء ف سورة التوبة عن أهبللكتاب قوله تعالى.. ( .ال إله إال هوسبحانه عما شركون , هوالمسح ابن مرم وما أمروا إال لعبدوا إلها واحدا

فكف اتخذوهم أربابا وهم لم سجدوا لهم ولم عبدوهم عبادة األوثان ؟جب عن ذلك رسول هللا وكان فما رواه اإلمام أحمد والترمذي وابن جرر منقصة إسبلم عدى بن

فدخل على رسول , وتحدث الناس بقدومه, الطاب، وكان قد تنصر ف الجاهلة وقدم إلى المدنة حاتماتخذوا أحبارهم ورهبانهم ) وفى عنقه صلب من فضة، وهو قرأ هذه اآلة( صلى هللا عله وسلم)هللا

بلى إنهم حرموا )(: صلى هللا عله وسلم)إنهم لم عبدوهم فقال : فقلت: قال عدى( أربابا من دون هللا (.علهم الحبلل وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إاهم

اتخذوا أحبارهم أربابا من : )وهكذا قال حذفة بن المان، وابن عباس وؼرهما ف تفسر: قال ابن كثرتاب هللا وراء استنصحوا الرجال ونبذوا ك: أنهم اتبعوهم فما حللوا وحرموا، وقال السدى(: دون هللا

، أي الذي إذا حرم الشء فهو الحرام، (ومت أمروا إال لعبدوا إلها واحدا ) ظهورهمـ ولهذا قال تعالى. وما حلله فهو الحبلل، وما شرعه اتبع، وما حكم به نفذ، ال إله إال هو، سبحانه عما شركون

أال تبؽى ؼر هللا : ومقتضاه( إال هللاال إله )كلمة. هذا هو مجمل معنى الكلمة األولى من كلمت الشهادةوال تبتؽ ؼر هللا حكما، كما نطق القرآن العظم ف صرح آاته . ربا، وال تتخذ ؼر هللا ولا

.المحكمات

( محمد رسول هللا: )وأما معنى الكلمة الثانة من كلمت الشهادة الت دخل بها المرء باب اإلسبلم فهبالوحدانة، وإفراده سبحانه باإللهة، والربوبة، ال ؽن ما لم نضم إلها هذا إن اإلقرار هلل تعالى

فإن هللا جل شؤنه قد اقتضت حكمته أال دع الناس همبل، وال تركهم (. محمد رسول هللا: )الشطر الثاننهم إلى سدى، فؤرسل إلهم ما بن حن وآخر مبلؽن عنه، هدون خلقه إله، ودلونهم عله ورشدو

رسبل مبشرن ومنذرن لببل كون للناس على هللا حجة بعد ..)مراضه، وحذرونهم من مساخطهكما أن مهمة هإالء الرسل وضع القواعد والقم والموازن الت تضبط الحاة وتنظم المجتمع، ( الرسل

نازعواـ فجدون فها الحق وتهده للت ه أقوم، وحتكم الناس إلها إذا اختلفوا، وفبون إلها إذا تالذي ال باطل معه، والعدل الذي ال ظلم فه، والخر الذي طرد الشر، والفضلة الت تقاوم الرذلة،

لقد أرسلنا رسلنا بالبنات وأنزلنا معهم الكتاب والمزان لقوم الناس (قال تعالى ..والفساد واالنحراؾوهو ( المزان)وهو نصوص الوح اإلله المعصوم، و( اب، فهذا ما أنزل هللا على رسول الكت(بالقسط

القم والمعار الربانة الن جاءت بها النبوات من المثل العلا والفضابل اإلنسانة الت تسر ف ضوء ، ولوال هإالء الرسل لضل الناس السبل ف تصورهم لحققة األلوهة، وطرقهم إلى (الكتاب)

سببل . وابتدعوا طرابق قددا، وسببل شتى، وما أنزل هللا بها من سلطان. .مرضاتها وواجبهم نحوهاصلى هللا عله )وخاتم هإالء الرسل هو محمد . تفرق وال تجمع، وتهدم وال تبن، وتضل وال تهدي

، فهو المبلػ عن أمره وشرعه، وبه عرفنا ما رد هللا منا، وما رضاه لنا، وما ؤمرنا به، وما (وسلمعرفنا ما ..وعرفنا طرقنا بن المنشؤ والمصر..وعرفنا منشؤنا ومصرنا..وبه عرفنا ربنا..عنه نهانا

لعشنا ف ظلمات وعماة، ال ( صلى هللا عله وسلم)ولواله ..وما فرضه وأوجبه..أحله ربنا وما حرمه من اتبع رضوانه وقد جاءكم من هللا نور وكتاب مبن، هدي به هللا: )نعرؾ لنا ؼاة، وال نهتدي سببل

(.سبل السبلم وخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه وهدهم إلى صراط مستقم

به عرفنا أن وراء هذه الحاة حاة أخرى توفى فها كل نفس ما كسبت، وتجزى بما عملت، فجزى ، وثوابا وعقابا، به عرفنا أن وراءنا حسابا ومزانا . الذن أساءوا بما عملوا، والذن أحسنوا بالحسنى

به عرفنا مبادئ الحق، (. فمن عمل مثقال ذرة خرا ره، ومن عمل مثقال ذرة شرا ره: )وجنة وناروقواعد العدل، ومعان الخر، ف شرعته ال تضل وال تنسى، شرعها من علم السر وأخفى، من ال

Page 7: ملامح المجتمع المسلم

ومن ثم كانت (. ق وهو اللطؾ الخبرأال علم من خل..)تخفى عله خافة، من علم المفسد من المصلحأال : واألخرى معناها. ، فهذه معناها أال عبد إال هللا(ال إله إال هللا: )تتمة لكلمة( محمد رسول هللا : )كلمة

وال عجب ـن كانت طاعة رسول هللا جزءا من طاعة . عبد هللا إال بما شرعه وأوحاه على لسان رسولهقل إن كنتم تحبون هللا : )، وكان أتباعه من أمارات محبة هللا(طاع هللامن طع الرسول فقد أ)هللا

وكان الرضا بحكمه وشرعه جزءا ال تجزأ ( فاتبعون حببكم هللا وؽفر لكم ذنوبكم، وهللا ؼفور رحمصلى هللا )وال عد ف زمرة المإمنن من رفض أمرا وحكما حكم به رسول هللا , من اإلمان باهلل تعالى

فقد أرسله مبنا للناس ما , مما أنزله عله من كتابه أو مما أوحاه إله بانا لهذا الكتاب , ( ه وسلمعلفلس بمإمن أبدا من احتكم إلى ؼر رسول , وهذا أمر بن ؼاة البان ف القرآن الكرم . نزل إلهم

.أو تردد فه مجرد تردد , أو رد حكمه , اله

وما كان لمإمن وال مإمنة إذا قضى هللا ورسوله أمرا أن كون لهم الخرة من :) قول القرآن العززوقول سبحانه منددا بقوم من مرضى القلوب (. أمرهم، ومن عص هللا ورسوله فقد ضل ضبلال مبنا

وقولون آمنتا باهلل وبالرسول وأطعنا ثم تولى فرق منهم من بعد ذلك، وما أولبك : ) من المنافقن لمإمنن، وإذا دعوا إلى هللا ورسوله لحكم بنهم إذا فرق منهم معرضون، وإن كن لهم الحق ؤتون با

إله مذعنن، أف قلوبهم مرض أم ارتابوا أم خافون أن حؾ هللا علهم ورسوله، بل أولبك هم وا سمعنا وأطعنا، الظالمون، إنما كان قول المإمنن إذا دعوا إلى هللا ورسوله لحكم بنهم أن قول

ورضى , ( صلى هللا عله وسلم)وقول مم شؤن من تردد ف قبول حكم رسول هللا( وأولبك هم المفلحونألم تر إلى الذن زعمون أنهم آمنوا بما أنزل )قل إنهم بعض الهود , االحتكام إلى آخرن من البشر

د أمروا أن كفروا به ورد الشطان أن إلك وما أنزل من قبلك ردون أن تحاكموا إلى الطاؼوت وقضلهم ضبلال بعدا، وإذا قل لهم تعالوا إلى ما أنزل هللا وإلى الرسول رأت المنافقن صدون عنك

فبل وربك ال إمنون حتى حكموك فما شجر بنهم ثم ال جدون : ) إلى أن قال مقسما ومإكدا (..صدودا صلى هللا عله )هذا هو شؤن المإمنن مع رسول هللا ( لموا تسلما ف أنفسهم حرجا مما قضت وس

, إنهم ال تردون لحظة ف قبول الحكم أو رفضه : وشرع رسول هللا , وحكم رسول هللا , ( وسلمكما فعل المنافقون بل , وال تولون عن االنقاد والطاعة , لس لهم الخرة من أمرهم -وبعبارة أخرى .« سمعنا وأطعنا » : هم دابما شعارهم ومبدإ

فهو . وكل ما سوى هللا ورسوله -وهذا بخبلؾ المنافقن الذن رضون االحتكام إلى ؼر هللا ورسوله إما : فهما حكمان ال ثالث لهما ( . . ردون أن تحاكموا إلى الطاؼوت : )ولهذا قال تعالى -طاؼوت

.هللا وإما الطاؼوت

وإذا قل لهم تعالوا إلى ما : )ة المنافقن وموقفهم من شرع هللا وحكم رسوله لقد رسمت اآلات صوراإلمان عمن لم حكم -بشدة -ونفت ( أنزل هللا وإلى الرسول رأت المنافقن صدون عنك صدودا

ه فهذ, ولم كتؾ بذلك فاشترط الرضا والسلم بهذا الحكم . وحكم بسنته بعد مماته , رسول هللا ف حاته فمن أعرض ( ثم ال جدوا ف أنفسهم حرجا مما قضت وسلموا تسلما:)ه طبعة اإلمان وثمرته

وقمه , وتلقى شرابعه وقواننه ونظمه وتقالده ,وأصم أذنه عن هذه اآلات, عن هذه النذر كلها أن حكم ف ، ورض ب(صلى هللا عله وسلم)وموازنه ومفاهمه وتصوراته عن ؼر طرق رسول هللا

-سمهم كما تشاء-هذه األمور الخطرة فبلسفة من الشرق أو الؽرب، أو علماء أو حكماء، أو مشرعن فقد ضاد هللا فما شرع، وناصب هللا ورسوله العداء، ومرق من الدن كما مرق السهم من الرمة، وال

أنزل هللا، فقال ف ساق واحد من ؼرو أن حكم كتاب هللا بالكفر والظلم والفسوق على من لم حكم بما ومن لم حكم بما أنزل هللا فؤولبك هم )، (ومن لم حكم بما أنزل هللا فؤولبك هم الكافرون: )سورة المابدة

واستعمال هذه األلفاظ ف القرآن الكرم (. ومن لم حكم بما أنزل هللا فؤولبك هم الفاسقون)، (الظالمونومن كفر بعد ذلك فؤولبك هم ) ، (والكافرون هم الظالمون: ) قال تعالى. دل على أن معانها متقاربة

Page 8: ملامح المجتمع المسلم

فالذي ال حكم بما أنزل هللا كافر أو ظالم أو فاسق، أو ( وما جحد بآاتنا إال الكافرون) ، ( الفاسقونوخصوصا إذا اعتقد أن ما أنزل هللا، مثل الجمود والتخلؾ والرجعة، وما . جامع لهذه الصفات كلها

ومن التحرؾ الظالم آلات ! ع الناس هو التطور والتقدم الذي صلح به المجتمع وترتقى به الحاةشرإن هذه اآلات نزلت ف شؤن أهل الكتاب : أن قول قابل , والسخرة الصارخة بعقول الخلق , الخالق

وان نزلت ف -كمة أن هذه اآلات الح -أو تناسى -ونسى هذا القابل الجريء , من الهود والنصارى من ) تتناول بحكمها جمع األفراد الذن شملهم مدلولها وهم كل , قد جاءت بؤلفاظ عامة -ساق خاص

. ال على خصوص السبب كما قرر أبمة اإلسبلم , فالمدار على عموم اللفظ , ( لم حكم بما أنزل اله ألنهم طرحوا ما أنزل اله وراءهم , ول ومحال أن دمػ هللا بالظلم والكفر والفسوق أهل الكتاب األ

أن تخذوا كتاب -وهم أهل الكتاب اآلخر الخاتم -للمسلمن وحدهم ‹ثم بح , ولم حكموا به , ظهرا ما فابدة ذكر هذه اآلات ف ساق الحدث عن أهل !! وتخذوا ؼره منهاجا ودستورا , اله مهجورا

وحكموا بؽر شرعة , ذر السلمن أن صنعوا مثل صنعهم إن لم كن المقصود منها تح, الكتاب ومن حلل عه ؼضبى فقد هوى : ) وهل علهم عذاب هللا وؼضبه , فدمؽوا بمثل ما دمؽوا به , ربهم إذا كان من حق الناس أن هملوا الكتاب وعصوا , لماذا أنزل هللا للناس كتاب وبعث لهم رسول ( .

وما )، (إنا أنزلنا إلك الكتاب بالحق لتحكم بن الناس بما أراك هللا: رك وتعالى وقد قال تبا( الرسول ؟وأنزلنا : )،ومن ثم خاطب هللا رسوله بعد أن ذكر اآلات السابقة(من رسول إال لطاع بإذن هللا\أرسلنا ن

زل هللا، وال تبع إلك المباب بالحق مصدقا لما بن ده من الكتاب ومهمنا عله، فاحكم بنهم بما أنوأن احكم بنهم هللا إلك، فإن تولوا فاعلم إنما : )، ثم قول ف اآلة التالة(أهواءهم عما جاءك من الحق

رد هللا أن صبهم ببعض ذنوبهم، وإن كثرا من الناس لفاسقون، أفحكم الجاهلة بؽون الجاهلة (.بؽون، ومن أحسن منه هللا حكما لقوم وقنون

إما هللا، وإما : وهما حكمان ال ثالث لهما. إما اإلسبلم، وإما الجاهلة: هما حكمان ال ثالث لهماؾوال .. إما هللا واإلسبلم، وإما الطاؼوت والجاهلة: ولختر قوم ألنفسهم..فلختر امرإ لنفسه. الطاؼوت

. وسط دون ذلكإنهم حرب على .. ورسوله، إنهم مع اإلسبلمإنهم مع حكم هللا: أما الذن آمنوا فلس لهم الخرة من أمرهم

وأما الذن (. سمعنا وأطعنا:) إن شعارهم إذا دعوا إلى هللا ورسوله لحكم بنهم . الطاؼوت والجاهلةوالذن كفروا أولاإهم )كفروا فهم دابما ف سبل الطاؼوت، وهم دابما متردون ف حفر الجاهلة

(.ى الظلمات، أولبك أصحاب النار، هم فها خالدونالطاؼوت خرجونهم من النور إل

:وهنا مالحظتان مهمتان وهى مساوة لما شاع ف ممرنا , أن الحكم بما أنزل اله فرضة محكمة ال خالؾ فها مسلم : األولى

المحللة , الحاكمة التشرعة اآلمرة الناهة : وهى تعنى . عز وجل ( الحاكمة هلل ) من تعبر . المتفردة باإللزام والتكلؾ للخلق كافة , حرمة والم

. أو سد قطب ف مصر , وقد توهم بعض الناس أن هذه الفكرة من مبتكرات المودودى ف باكستان واألصولون ذكرون ذلك ف , اإلسبلم ( أصول الفقه ) أن هذه الفكرة مؤخوذة من علم : والواقع من هو ؟ فكلهم متفقون على أن ( الحاكم ) وفى موضوع , ل من مقدمات علم األصو( الحكم ) مبعث

كما , حتى المعتزلة ال خالفون ف ذلك . أي صاحب الحق المطبق ف التشرع لخلقه . الحاكم هو هللا . من كتب األصول المشهورة( مسلم الثبوت ) بنه شارح

قنا بعضها ف بان فرضة الحكم بما س. والدالبل على ثبوت هذا المبدأ من القرآن والسنة بنة واضحة .أنزل هللا

فاإلنسان هو الذي فهم , ال لؽى دور اإلنسان , أن الحاكمة أو الحكم بما أنزل اله تعالى : الثانة وهى ( منطقة العفو) مما سماه , ومبل الفراغ فما ال نص فه , وستنبط منها , النصوص الوجهة إله

Page 9: ملامح المجتمع المسلم

وجتهد , فهنا جول العقل المسلم وصول , رحمة بنا فر نسان , الشارع قصدا تركها, منطقة واسعة .ف ضوء النصوص واألصول

معنى قيام المجتمع على عقيدة اإلسالم

ومعنى قام ( محمد رسول اله, ال إله إال هللا) عقدة :هذه ه العقدة الت قوم علها المجتمع المسلمها وعمل على تثبت, أنه قوم على احترام هذه الماه وتقدسها : المجتمع المسلم على العقدة اإلسبلمة

و , وشبهات المضللن, ورد عنها أباطل المفترن , رب ناشبة المسلمن علها , ف العقول والقلوب عن طرق األجهزة التوجهة الت تإثر ف سر , جل فضابلها وآثارها ف حاة الفرد والمجتمع

السنما واألدب بكل فنونه من المساجد والمدارس والصحافة واإلذاعة والتلفزون والمسرح و, المجتمع من شعر ونثر وقصص,

لس معنى قام المجتمع المسلم على العقدة اإلسبلمة إكراه ؼر المسلمن على التخل عن . وتمثل ألن القرآن حسم هذه القضة , ولن خطر من بعد , فذلك لم خطر ببال السلم من قبل , كبل , عقابدهم (.ال إكراه ف الدن، قد تبن الرشد من ألؽ) لعبارة أنه حن أعلن بصرح ا, من قدم

كان أكثر المجتمعات سماحة مع , ف عصور ازدهاره , وقد أثبت التارخ أن المجتمع اإلسبلم . بشهادة األجانب أنفسهم , المخالفن له ف العقدة

قد التزم .. بل هو مجتمع ملتزم , أنه لس مجتمعا ساببا , معنى قام المجتمع على العقدة اإلسبلمة وال مجتمعا , وال مجتمعا وثنا , ( ال دنا ) وال مجتمعا علمانا , فلس مجتمعا مادا , عقدة اإلسبلم

. وال مجتمعا اشتراكا ماركسا , وال مجتمعا لبرالا رأسمالا , هودا أو نصرانا عقدة اإلسبلم .... وعقدة اإلسبلم تعلو وال تعلى , اإلسبلم عقدة , إنما هو مجتمعا دن بعقدة التوحد

ال تقبل أن تكون على هامش الحاة ف المجتمع وأن تزاحمها عقدة أخرى تبدل نظرة الناس إلى هللا .والكون والحاة , واإلنسان

ار من هبة فاألنه( الطبعة) لحل اسم ( هللا )فلس بمجتمع مسلم ذلك الذي ختف ف توجه اسم , والؽابات منحة من الطبعة، والطبعة ه الت أنشؤت هذا الشء وطورت ذاك الشء , الطبعة

.ولس هو هللا خالق كل شء ورب كل شء ومدبر كل أمر

أن هللا خلق الكون وتركه، فلس له إشراؾ عله، : إن تصور المجتمع الؽرب لئللهة وعبلقتها بالكونال تدبر له، وشبه أن كون هذا مستمدا من تصور الفلسفة الونانة لئلله، وخاصة وال إحاطة به، و

أما الكون فبل دبر فه أمرا، وال عرؾ : شبا إال عن ذاته -عنده-الذي ال علم اإلله ( أرسطو)فلسفة أما . عن نفسهالذي ال علم اإلله عنده شبا حتى ( أفلوطن)عنه خرا وال شرا، وأؼرب منه فلفة

سبح هلل ما ف السموات واألرض، وهو :) تصور المجتمع المسلم لئلله، فتعبر عنه هذه اآلات وأمثالهاالعزز الحكم، له ملك السموات واألرض، ح ومت، وهو على كل شء قدر، هو األول وآلخر

ستة أام ثم استوى على والظاهر والباطن، وهو بكل شء علم، هو الذي خلق السموات واألرض ف العرش، علم ما لج ف األرض وما خرج منها وما نزل من السماء وما عرج فها، وهو معكم أن ما

Page 10: ملامح المجتمع المسلم

كنتم، وهللا بما تعملون بصر، له ملك السموات واألرض، وإلى هللا ترجع األمور، ولج اللل ف النهار مفهوم ) لس بمجتمع مسلم ذلك الذي نكمش فه و. وولج النهار ف اللل، وهو علم بذات الصدور

أو ؼر ذلك من , لحل محله اإلمان بالوجودة أو القومة أو الوطنة , والدار اآلخرة , باهلل ( اإلمان .وان لم سموها آلهة , من دون هللا أو مع هللا , األوثان الت عبدها أناس هنا وهناك

صلى هللا عله وسلم باعتباره الموجه المعصوم ( محمد ) فه اسم ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي توارى. وؼرهم من مفكري الشرق والؽرب ( ماو) و ( لنن) و (ماركس ) ، واألسوة المطاع ، لتبرز أسماء

والتشرع ، , بوصفه مصدر الهداة « القرآن » ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي هجر فه كتاب هللا وتإخذ منها مناهج الفكر والتشرع والسلوك ، أو , تضف علها القداسة , تب أخرىوالحكم ، لتظهر ك

.ستمد منها القم والموازن والمثل

والناس سكوت على هذا الكفر , وكتبه ورسله -جل شؤنه -ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي سب فه هللا حتى اجترأ ملحد أفاك أن , زندقا فاجرا أو زجروا, ال ستطعون أن إدبوا مرتدا كافرا , البواح

أن اإلنسان العرب الجدد هو الذي عتقد أن اله واألدان دمى محنطة ف : نشر ف صحفة علنة .متحؾ التارخ

أو تزاحمها كالعقدة , ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي سمح بعقدة أخرى تناوئ العقدة اإلسبلمة وإن من الخطؤ أن ظن ظان أن االشتراكة ونحوها . أو القومة عند الؽبلة , أو االشتراكة, الشوعة

تخذ أسلوبا معنا ف تنظم شإون , لست عقدة تناوئ اإلسبلم وإنما ه مذهب اقتصادي أو اجتماع نظر ف -والواقع أن االشتراكة العلمة ( . عقدة) ولس له طابع دن حتى سمى , الحاة وعبلقاتها

والى الحاة , تتضمن وجهة نظر إلى العالم والى التارخ , وعقدة شاملة , فلسفة حاة كاملة -أصحابها : ) ولهذا أطلق علها وعلى أمثالها بعض المإلفن , تخالؾ وجهة اإلسبلم , وإلى هللا , والى اإلنسان ,

فبل تؤخذ من مناهج , على هامش حاته ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي جعل العقدة (. أدان بؽر وح وال من أجهزة , وال من مناهجاإلعبلم واإلرشاد , وال من مناهج الثقافة والفكر , التربة والتعلم وال , وموضعا محدودا ، فلس ه الموجه األول , إال حزا ضببل , بصفة عامة , التوجه والتؤثر وإنما ه شا ثانوي جا , واألسر والجماعات , اة األفراد وال المإثر األول ف ح, المحرك األول الذي -لقد كانت عقدة اإلسبلم ف المجتمع األول . وفى المكان األخر إن بقى له مكان , ف ذل القافلة

ه الدافع -ومن تبعهم بإحسان , وورثه من بعده صحابته , صلى هللا عله وسلم -أنشؤه رسول هللا .إن لم نقل األوحد , ف حاتهم , والمإثر األول » جه األول والو, األول

وكانت ه أساس , وكانت ه أساس الترابط والتجمع , كانت العقدة ه مصدر التصور والفكر وكانت ه نبوع الفضابل واألخبلق .... وكانت ه الدافع إلى الحركة واالنطبلق , الحكم والتشرع

.ومجاالت البذل واإلثار , ت ف مادن الجهاد واالستشهاد كانت ه صانعة البطوال...

وأن كون تؤثرها ف , وهكذا جب أن تكون , هكذا كانت العقدة وكان أثرها ف المجتمع السلم األول بكل أركانها -إن العقدة اإلسبلمة ...كل مجتمع رد أو راد له أن كون مسلما الوم أو ؼدا

وأي بنان على ؼر عقدة فهو بنان . ألي بنان اجتماع متن , األساس المكن ه -وخصابصها .وشك أن نهار , على الرمال

-زورا -وإن كتب عله , مجتمع نتم إلى اإلسبلم على ؼر عقدة اإلسبلم , وأسوأ منه أن راد بناأقمن . ) ن سقط البناء كله على من فه ال لبث أ, إنه ؼش ف المواد األساسة للبناء . اسم اإلسبلم

أسس بنانه على تتقوى من هللا ورضوان خر أم من أسس بنانه على شفا جرؾ هار فانهار به ف نار

Page 11: ملامح المجتمع المسلم

(. وهللا ال هدى القوم الظالمن, جهنم تمثل ذلك . جسد العقدة الماركسة وفلسفتها المادة -أام ازدهاره وسلطانه-لقد رأنا المجتمع الشوع

وف تشرعه وقواننه، وف تربته، وتعلمه، وف ثقافته . أن ال إله والحاة مادة: ف دستوره الذي علنفبل ؼرو أن كون . وهذا شؤن كل مجتمع عقابدي. وإعبلمه، وف سابر أنظمته ومإسساته وساساته

سان والحاة، وإلى رب الكون المجتمع المسلم مرآة تعكس عقدته وإمانه، ونظرته إلى الكون واإلن . وبارئ اإلنسان، وواهب الحاة

ومواجهة الردةالمجتمع المسلم

ولهذا كانت الردة , أي ما هدد عقدته , ما هدد وجوده المعنوي : أشد ما واجه المسلم من األخطار وكان أعظم ما كد له أعداإه أن . أشد األخطار على المجتمع المسلم -الكفر بعد اإلسبلم -عن الدن

وال زالون قاتلونكم حتى : ) كما قال تعالى . لة فتنوا أبناءه عن دنهم بالقوة والسبلح أو بالمكر والح .ردوكم عن دنكم إن استطاعوا

تهدؾ إلى اقتبلعه من جذوره , وهجمات شرسة , وفى عصرنا تمرض المجتمع المسلم لؽزوات عنفة والذي ال زال مارس نشاطه ف العالم, الذي بدا مع االستعمار الؽرب , تمثلت ف الؽزو التنصرى ,

كما وضح , تنصر المسلمن ف العالم : ومن أهدافه , وفى الجالات واألقلات اإلسبلمة , اإلسبلم

وقدمت له أربعون دراسة حول اإلسبلم . 1978الذي عقد هناك سنة «‹ كورادو » ذلك ف مإتمر

) ك معهد وأسس لذل, ورصد لذلك ألؾ ملون دوالر . وكفة نشر النصرانة بنهم , والمسلمن .لخرج المتخصصن ف تنصر المسلمن ( زومر

وعمل بكل جهد , وفى أوروبا , كما تمثلت ف الؽزو الشوع الذي اجتاح ببلدا إسبلمة كاملة ف آسا . . وتنشبة أجال ال تعرؾ من اإلسبلم كثرا وال قلبل , وإخراجه من الحاة نهابا , إلماتة اإلسبلم

, الذي ال برح قوم بمهمته إلى الوم ف قلب دار اإلسبلم , الؽزو العلمانى البلدنى : اف وثالثة األثولعل هذا الؽزو هو , وحتفى باإلسبلم الخراف , طارد اإلسبلم الحق , وستخفى أحانا , ستعلن حنا

أن قاوم الردة من -به لك حافظ على بقا -وواجب المجتمع المسلم . أخبث تلك األنواع وأشدها خطرا كما تنتشر النار ف , حتى تمتد وتنتشر , وال دع لها الفرصة , أي مصدر جاءت وبؤي صورة ظهرت

.الهشم

الذن اتبعوا , حن قاتلوا أهل الردة , معه -رضى هللا عنهم -وهذا ما صنعه أبو بكر والصحابة . وكادوا قضون على اإلسبلم ف مهده مسلمة وسجاح واألسدى والعنسى, األنباء الكذبة

وال , وتشع بن جنباته الردة , أن بتلى المجتمع المسلم بالمرتدن المارقن : ومن الخطر كل الخطر : وهو ما عبر عنه أحد العلماء عن الردة الت ذاعت ف هذا العصر بقوله . جد من واجهها وقاومها

حتى ال تتفاقم وتطار شررها , ن مقاومة الردة الفردة وحصارها وال بد م( ردة وال أبا بكر لها ) .فمعظم النار من مستصؽر الشرر , وتؽدو ردة جماعة

Page 12: ملامح المجتمع المسلم

, وجمهورهم على أنها القتل -وإن اختلفوا ف تحددها -ومن ثم أجمع فقهاء اإلسبلم على عقوبة المرتد . بل الثمانة , وهو رأى الذاهب األربعة

عن ابن عباس وأبى موسى ومعاذ وعل : ملة أحادث صححة عن عدد من الصحابةوفها وردت جمثل , وقد جاءت بصػ مختلفة . وعثمان وابن مسعود وعابشة وأنس وأبى هررة ومعاوة بن حدة

ومثله من أبى هررة مند , رواه الجماعة إال مسلما ( ) من بدل دنه فاقتلوه : ) حدث ابن عباس ال حل دم : ) وحدث ابن مسعود ( . وعن معاوة بن حدة بإسناد رجاله ثقات, سناد حسن الطبرانى بإ

, والثب الزانى , النفس بالنفس : وأن رسول هللا إال بإحدى ثبلث , امرئ مسلم شهد أن ال إله إال هللا رجل ) . . . . :وفى بعض صؽه عن عثمان ( . رواه الجماعة ( ) المفارق للجماعة , والتارك لدنه

رواه الترمذى وحسنه والنسابى ( ) أو قتل نفسا بؽر نفس , أو زنى بعد إحصانه , كفر بعد إسبلمه قال العبلمة ابن ( . وقد صح هذا المعنى من رواة ابن عباس أضا وأبى هررة وأنس , وابن ماجه

.والقتل بكل واحدة من هذه الخصال متفق عله بن المسلمن: رجب

بعد أن استتابهم , فحرقهم بالنار , قد نفذ عل كرم هللا وجهه عقوبة الردة ف قوم ادعوا ألوهته و :طرحهم ف النار وهو قول, فلم توبوا ولم زدجروا , وزجرهم

لما رأت األمر أمرا منكرا أججت ناري، ودعوت قنبرا .وقنبر هو خادمه وؼبلمه

ورأى أن الواجب أن قتلوا ال أن ( ال تعذبوا بعذاب هللا: ) اآلخر وقد اعترض عله ابن عباس بالحدث. فكان خبلؾ ابن عباس الوسلة ال ف المبدأ . حرقوا

) قضاء هللا ورسوله : وقال معاذ . وكذلك نفذ أبو موسى ومعاذ القتل ف هودي ف المن أسلم ثم ارتد (. متفق عله

فكتب فهم إلى عمر , قوما ارتدوا عن اإلسبلم من أهل العراق أن ابن مسعود أخذ: وروى عبد الرزاق وإذا لم , فإن قبلوها فخل عنهم , وشهادة أن ال إله إال اله , أن اعرض علهم دن الحق : فكتب إله .

.ولم قبلها بعضهم فقتله , فقبلها بعضهم فتركه .. قبلوها فاقتلهم

فبعث به عتبة بن فرقد إلى , د العجل تنصر بعد إسبلمهوروى عن أبى عمرو الشبانى أن المستور.( . فاسستابه فلم تب، فقتله, عل

وأمر , قبل توبة جماعة من المرتدن ( صلى هللا عله وسلم)أن النب : وقد ذكر شخ اإلسبلم ابن تمة مثل . مسلمن ضموا إلى الردة أمورا أخرى تتضمن األذى والضرر لئلسبلم وال, بقتل جماعة آخرن

ولم تب قبل القدرة , لما ضم إلى ردته قتل المسلم وأخذ المال , أمره بقتل مقس بن حبابة وم الفتح وكذلك أمر بقتل ابن خطل لما ضم إلى . وأمر بقتل العرنن لما ضموا إلى ردتهم نحوا من ذلك , عله

وفرق . إلى ردته الطعن عله واالفتراء لما ضم, وأمر بقتل ابن أبى سرح . ردته السب وقتل المسلم والردة الت فها محاربة هللا ورسوله , أن الردة المجردة تقبل معها التوبة : ابن تمة بن النوعن

. والسع ف األرض بالفساد ال تقبل فها التوبة قبل القدرة ولو صح ذلك . نقض هذه الدعوى وما نقله ابن تمة, لم نقل أن رسول هللا كان قتل مرتدا : وقد قل

إذ لم تستعلن ف عهده . كما لم عاقب أحدا عمل عمل قوم لوط . فؤلن هذه الجرمة لم تظهر ف عهده (. صلى هللا عله وسلم )

روى عبد الرزاق . فقد ورد عن عمر بن الخطاب ما خالؾ ذلك , ومع أن الجمهور قالوا بقتل المرتد ما فعل الستة الرهط من بكر : فسؤله , فقدم على عمر ( تستر) أن أنسا عاد من : والبهقى وابن حزم

قوم ارتدوا عن , ا أمر المإمنن : ولحقوا بالمشركن، قال, الذن ارتدوا من اإلسبلم , بن وابل قال ( ون إنا هلل وإنا إله راجع: أي قال ) فاسترجع عمر . قتلوا بالمعركة , ولحقوا بالمشركن , اإلسبلم

Page 13: ملامح المجتمع المسلم

( . فإن أبوا أودعتهم السجن, كنت أعرض علهم اإلسبلم , نعم : وهل كان سبلهم إال القتل ؟ قال : أنسإجل ما رجت : وفى لفظ له . هذا الذي نؤخذ به : وكذلك قال الثوري , وهذا هو قول إبراهم النخعى

. توبته كما فرقوا ف المبتدعن بن , مؽلظة والمخففة فرقوا ف أمر البدعة بن ال, أن العلماء : والذي أراه

وفى أمر , وكذلك جب أن نفرق ف أمر الردة بن الردة الؽلظة والخففة . الداعة وؼر الداعة .المرتدن بن الدامة وؼر الداعة

فاألولى , وكان المرتد دامة إلى بدعته بلسانه أو بقلمه -كردة سلمان رشدي -فما كان من الردة مؽلظا و سدا لباب , استبصاال للشر, وظاهر األحادث , ف التؽلظ ف العقوبة، واألخذ بقول جمهور األمة

. الفتنة إن المرتد الدامة إلى الردة . وإال فمكن األخذ بقول النخعى الثوري وهو ما روى عن الفاروق عمر

فهو مندرج ضمن الذن حاربون هللا , بل هو حرب عله وعلى أمته , لس مجرد كافر باإلسبلم , محاربة بالد : نوعان -كما قال ابن تمة -والمحاربة . ورسوله وسعون ف األرض فسادا

ولذا كان النب , قد تكون أنكى من المحاربة بالد , والمحاربة باللسان ف باب الدن , ومحاربة باللسان وكذلك اإلفساد . مع استبقابه بعض من حاربه بالد , به باللسان عله الصبلة والسبلم قتل من كان حار

فثبت أن .. وما فسده اللسان من األدان أضعاؾ ما تفسده الد , قد كون بالد ، وقد كون باللسان كما , والقلم أحد اللسانن . والسع ف األرض بالفساد باللسان أإكد, محاربة هللا ورسوله باللسان أشد

وال سما ف عصرنا ، إلمكان نشر ما كتب , بل ربما كان القلم أشد من اللسان وأنكى , لحكماء قال ا. على نطاق واسع

فهو , هذا إلى أن المرتد محكوم عله باإلعدام األدب من الجماعة المسلمة ، وهذا أشد من (ومن تولهم منكم فإنه منهم : ) فاهلل تعالى قول , محروم من والبها وحبها ومعاونتها

.القتل الحس عند ذوى العقول والضمابر من الناس

في عقوبة الردةسر التشديد

, على العقدة واإلمان -أول ما قوم -أن المجتمع المسلم قوم : وسر هذا التشدد ف مواجهة الردة , ومحور وجوده ولهذا ال سمح ألحد أن نال من هذا األساس , ومحور حاته , فالعقدة أساس هوته ألنها خطر على ! الجرابم ف نظر اإلسبلم كبرى( الردة المعلنة ) ومن هناكانت . أو مس هذه الهوة

الدن ) وخطر على الضرورة األولى من الضرورات الخمس , شخصة المجتمع وكانه المعنوي . ألن المإمن ضح بنفسه ووطنه وماله من أجل دنه , والدن أولها ( والنفس والنسل والعقل والمال

الخروج من دنه إلى دن ما، ألن اإلمان المعتد هو ما كان وإلسبلم ال كره أحدا على الدخول فه، وال، وف (أفؤنت تكره الناس حتى كونوا مإمنن: )وقد قال تعالى ف القرآن المك. عن اختار واقتناع

(. ال إكراه ف الدن، قد تبن الرشد من الؽ: )القرآن المدن: ) وم وخرج منه ؼدا، على طرقة الهود الذن قالواولكنه ال قبل أن كون الدن ألعوبة، دخل فه ال

(. آمنوا بالذي أنزل على الذن آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم رجعونوال عقاب اإلسبلم بالقتل المرتد الذي ال جاهر بردته، وال دعو إلها ؼره، ودع عقابه إلى اآلخرة إذا

ن رتدد منكم عن دنه فمت وهو كافر فؤولبك حبطت أعمالهم ف وم: )مات على كفره، كما قال تعالى

Page 14: ملامح المجتمع المسلم

. وقد عاقبه عقوبة تعزرة مناسبة(. الدنا واآلخرة، وأولبك أصحاب لنار، هم فها خالدونإنما عاقب المرتد المجاهر، وبخاصة الداعة للردة، حماة لهوة المجتمع، وحفاظا على أسسه ووحدته،

الهوة واالنتماء والوالء، فبل : الدنا إال وعنده أساسات ال سمح بالنل منها، مثل وال وجد مجتمع ف اعتبرت : ومن أجل هذا . قبل أي عمل لتؽر هوة المجتمع، أو تحول والبه ألعدابه، وما شابه ذلك

ولم قل . كبرى جرمة -باإللقاء بالمودة إلهم، وإفشاء األسرار لهم -الخانة للوطن، ومواالة أعدابه .أحد بجواز إعطاء المواطن حق تؽر والبه الوطن لمن شاء، ومتى شاء

فالمرتد . والردة لست مجرد موقؾ عقل، ببل ه أضا تؽر للوالء، وتبدل للهوة، وتحول لبلنتماء. أخرىنقل والءه وانتماءه من أمة ألخرى، ومن وطن إلى وطن آخر، أي من دار اإلسبلم إلى دار

. فهو خلع نفسه من أمة اإلسبلم، الت كان عضوا فجسدها، ونضم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومهاكما ف حث ابن مسعود (. التارك لدنه، المفارق للجماعة: ) وعبر عن ذلك الحدث النبوي بقوله

.نه مفارق للجماعةوصؾ كاشؾ ال منشا، فكل مرتد عن دي( المفارق للجماعة)وكلمة . المتفق عله

ومهما كن من جرمه، فنحن ال نشق عن قلبه، وال نتسور عله بته، وال نحاسبه إال على ما علنه جهرة بلسانه أو قلمه أو فعله، مما كون كفرا بواحا صرحا ال مجال فه لتؤول أو احتمال، فؤي شك ف ذلك :

ة المرتد المعالن الداعة، عرض المجتمع كله للخطر، إن التهاون ف عقوب. فسر لمصلحة المتهم بالردةوفتح عله باب فتنة ال علم عواقبها إال هللا سبحانه، فبل لبث المرتد أن ؽرر بؽره وخصوصا من

الضعفاء والبسطاء من الناس وتتكون جماعة مناوبة لؤلمة تستبح لنفسها االستعانة بؤعداء األمة علها، تمزق فكري واجتماع وساس، قد تطور إلى صاع دموي بل حرب أهلة تؤكل وبذلك تقع صراع و

مجموعة محدودة مرقوا من دنهم، واعتنقوا : وهذا ما حدث بالفعل ف أفؽانستان. األخضر والابسالعقدة الشوعة بعد أن درسوا ف روسا، وجندوا ف صفوؾ الحزب الشوع، وف ؼفلة من الزمن

ولم سلم . كم، وطفقوا ؽرون هوة المجتمع كله، بما تحت أدهم من سلطان وإمكاناتوثبوا على الحأبناء الشعب األفؽان لهم، بل قاوموا ثم قاوموا، و اتسعت المقاومة الت كونت الجهاد األفؽان الباسل

ن وطنهم ضد المرتدن الشوعن الذن لم بالوا أن ستنصروا على أهلهم وقومهم بالروس، دكوبالدبابات وقذفونه بالطابرات، ودمرونه وكان ضحاا المبلن من القتلى والمعوقن والمصابن

. والتامى واألرامل والثكالى، والخراب الذي أصاب الببلد وأهلك الزرع والضرعول كل هذا لم كن إال أثرا للؽفلة عن المرتدن، والتهاون ف أمرهم والسكوت على جرمتهم ف أ

ولو عوقب هإالء المارقون الخونة، قبل أ، ستفحل أمرهم، لوق الشعب والوطن شرور هذه . األمر .الحرب الضروس وآثارها المدمرة على الببلد والعباد

أمور مهمة تجب مراعاتها

:والذي أرد أن أذكره هنا جملة أمور

أن الحكم بردة مسلم عن دنه أمر خطر جدا، ترتب عله حرمانه من كل والء وارتباط : األولوأوالده، إذ ال حل لمسلمة أن تكون ف عصمة باألسرة والمجتمع، حتى إنه فرق بنه وبن زوجة

. كافر، كما أن أوالده لم عد مإتمنا علهم، فضبل عن العقوبة المادة الت أجمع علها الفقهاء ف جملتها

Page 15: ملامح المجتمع المسلم

لهذا وجب االحتاط كل االحتاط عند الحكم بتكفر مسلم ثبت إسبلمه ألنه مسلم بقن، فبل زال القن .بالشك

وقد . تكفر من لس بكافر، وقد حذرت من ذلك السنة النبوة، أبلػ التحذر: األمور خطرا ومن أشد : الت انتشرت ف وقت ما. لمقاومة تلك الموجة العاتة( ظاهرة الؽلو ف التكفر)كتبت ف ذلك رسالة

.التوسع ف التكفر، وال زال وجد من عتنقها

مرئ مسلم، هم الراسخون ف العلم من أهل االختصاص الذن أن الذي ملك الفتوى بردة ا: الثانمزون بن القطع والظن بن المحكم والمتشابه، بن ما قبل التؤول وبن ما ال قبل التؤول، فبل

إنكار المعلوم من الدن بالضرورة، أو وضعه موضع : كفرون إال بما ال جدون له مخرجا مثل ما : مثال ذلك. رعة، ومثل سب هللا تعالى ورسوله وكتابه عبلنة، ونحو ذلكالسخرة من عقدة أو ش

أفتى به العلماء من ردة سلمان رشدي، ومثله رشاد خلفة الذي بدأ بإنكار السنة ثم أنكر آتن من القرآن خاتم ( صلى هللا عله وسلم)ف آخر سورة التوبة ثم ختم كفره بدعوى أنه رسول هللا، قاببل إن محمد

وقد صدر بذلك قرار من مجلس المجتمع الفقه لرابطة العالم !! النبن ، ولس خاتم المرسلن .اإلسبلم

وال جوز ترك مثل هذا األمر إلى المتسرعن أو الؽبلة، أو قلل البضاعة من العالم، لقولوا على هللا .ما ال علمون

الذي ال , بعد حكم القضاء اإلسبلم المختص , ي أن الذي نفذ هذا هو ولى األمر الشرع: الثالث وال رجع إال إلى المحكمات البنات من كتاب اله تعالى وسنة , حتكم إال إلى شرع هللا عز وجل

فإن تنازعتم ف شا : ) وهما اللذان رجع إلهما إذا اختلؾ الناس , ( صلى هللا عله وسلم) رسوله ( . تإمنون باهلل والوم اآلخر فردوه إلى هللا والرسول إن كنتم

فإذا لم توافر فه ذلك استعان بؤهل , واألصل ف القاض ف اإلسبلم أن كون من أهل االجتهاد .فكون من قضاة النار , أو قضى بالهوى , وال قضى على جهل . حتى بن له الحق , االجتهاد

بل قال شخ اإلسبلم ابن . قبل تنفذ العقوبة فه , رتد أن جهور الفقهاء قالوا بوجوب استتابة الم: الرابع وبعض , هو إجماع الصحابة رض هللا عنهم ( : الصارم المسلول على شاتم الرسول )تمة ف كتاب

. ستتاب أبدا : ومنهم من قال , وبعضهم بؤكثر , وبعضهم بؤقل , الفقهاء حددها بثبلثة أام صلى هللا ) وكذلك ساب الرسول , فبل توبة له , ظهر ؼر ما بطن ألنه, واستثنى بعضهم الزندق

. وألؾ ابن تمة كتابه ف ذلك , فبل تقبل منه توبة , لحرمة رسول هللا وكرامته , ( عله وسلمإن , وتقوم عله الحجة , عسى أن تزول منه الشبهة , والمقصود بذلك إعطاإه الفرصة لراجع نفسه

. وله هللا ما تولى , أو عمل لحساب آخرن , وان كان له هوى , بإخبلص كان طلب الحققةأما . ولكن هذا ف أحكام اآلخرة , إن قبول التوبة إلى هللا ولس إلى اإلنسان : ومن المعاصرن من قال

فقد , وال ننقب عن قلوب الخلق , ونقبل اإلسبلم الظاهر , ف أحكام الدنا فنحن نقبل التوبة الظاهرة ( ال إله إال هللا : ) وقد صح ف الحدث أن من قالوا . وهللا تولى السرابر , أمرنا أن نحكم بالظاهر

إن : ومن هنا نقول. عنى فما انعقدت قلوبهم . وحسابهم على هللا تعالى , عصموا دماءهم وأموالهم وتحددها , باستحقاق العقوبة ثم الحكم عله, إعطاء عامة األفراد حق الحكم على شخص ما بالردة

حمل خطورة شددة على دماء الناس وأموالهم وأعراضهم -وتنفذ ذلك ببل هوادة , بؤنها القتل ال ؼر وال حكمة أهل القضاء , الذي لس له علم أهل الفتوى -أن جمع الشخص العادي : ألن مقتضى هذا , فهو , وحكم ونفذ -تهم : وبعبارة أخرى -فتى : ده سلطات ثبلثا ف -وال مسإولة أهل التنفذ ,

!!اإلفتاء واالدعاء والقضاء والشرطة جمعا

Page 16: ملامح المجتمع المسلم

اعتراضات مردودة لبعض المعارضين

على عقوبة الردة بؤنها لم ترد -من ؼر أهل العلم الشرع -ولقد اعترض بعض الكاتبن ف عصرنا ف القرآن الكرم، ولم ترد إال ف حدث من أحادث اآلحاد، وحدث اآلحاد ال إخذ به ف الحدود، فهم

. لذلك نكرونها

:وهذا الكالم مردود من عدة أوجه

قل أطعوا هللا :) أن السنة الصححة مصدر لؤلحكام العملة باتفاق جمع المسلمن، وقد قال تعالى : أوال . ونفذه الصحابة ف عهد الراشدن , وقد صحت األحادث بقتل المرتد ( وأطعوا الرسول

ؼر مسلم ، فجمع المذاهب المتبوعة أخذت بؤحادث والقول بؤن أحادث اآلحاد ال إخذ بها ف الحدودمع أن ف عقوبة الردة أصح وأوفر أؼزر مما ورد ف عقوبة , ف عقوبة شارب الخمر , اآلحاد

. شارب الخمر إلؽاء السنة من : لكان معناه , أن أحادث اآلحاد ال عمل بها ف األحكام : ولو صح ما زعمه هإالء

ولم عد هناك . منها % -99إن لم نقل % - 95إلؽاء: أو على األقل . سبلم مصدرة التشرع اإل

. اتباع الكتاب و السنة : معنى لقولنا والحدث . أن أحادث اآلحاد ه الجمهرة العظمى من أحادث األحكام: فمن المعروؾ لدى أهل العلم

الحدث أنه ال كاد وجد، كما ذكر ذلك نادرا جدا، حتى زعم بعض أبمة -الذي قابل اآلحاد -المتواتر . اإلمام ابن صبلح ف مقدمته الشهرة ف علوم الحدث

على أن كثرا ممن تناولون هذا األمر ال دركون معنى حدث اآلحاد وحسبون أنه الذي رواه واحد ثبلثة أو أربعة أو , ن أما لم بلػ درجة التواتر، وقد روه اثنا: فالمرتد بحدث اآلحاد . فقط، وهذا خطؤ

. أكثر من الصحابة وأضعافهم من التابعن وحدث قتل المرتد قد رواه جم ؼفر من الصحابة، ذكرنا عددا منهم فهو من األحادث المستفضة

.المشهورة

السنة ) وكد أجمع فقهاء األمة من كل المذاهب , اإلجماع : أن من مصادر التشرع المعتمدة : ثانا إال ما , وأوشكوا أن تفقوا على أنها القتل , على عقوبه المرتد, ومن خارج المذاهب , ( ر السنة وؼ

.مجمع علها -ف الجملة -ولكن العقوبة , روى عن عمر والنخعى والثورى

, إن آة المحاربة المذكورة ف سورة المابدة تختص بالمرتدن : أن من علماء السلؾ من قال : ثالثا إنما جزاء الذن حاربون هللا ورسوله وسعون ف األرض فسادا أن قتلوا أو ) هى قوله تعالى و

. اآلة ( صلبوا أن محاربة هللا : وقد نقلنا من كبلم ابن تمة . وممن قال بؤن هذه اآلة ف المرتدن أبو قبلبة وؼره

أن األحادث الت : كما زد ذلك . ي األرض وكذلك اإلفساد ؾ, ورسوله باللسان أشد من المحاربة بالد فإنه قتل أو , ورجل خرج محاربا له ورسوله ) ذكر بعضها , قررت استباحة دم المسلم بإحدى ثبلث

التارك ) أو ( ارتد بعد إسبلم ) كما ف حدث عابشة بدال من عبارة , ( صلب أو نفى من األرض .ن اآلة تشمل فما تشمل المرتدن الداعن إلى ردتهم وهو ما دل على أ. إلخ ( ... لدنه

Page 17: ملامح المجتمع المسلم

ا أها الذن آمنوا من رتد منكم عن دنه فسوؾ ؤت هللا بقوم حبهم وحبونه أذلة على ) وفى القرآن وهذا دل على أن هللا هؤ (. المإمنن أعزة على الكافرن جاهدون ف سبل هللا وال خافون لومة البم

مثل أبى بكر , من المإمنن المجاهدن الذن وصفهم هللا بما وصفهم به , ن قاومهم للمرتدن موكذلك جاءت مجموعة من اآلات ف شؤن . الذن أنقذوا اإلسبلم من فتنة الردة, والمإمنن معه

طل والحلؾ البا, تبن أنهم حموا أنفسهم من القتل بسبب كفرهم عن ط ق األمان الكاذبة , المنافقن اآلة، ( حلفون لكم لترضوا عنهم ) , ( اتخذوا أمانهم جنة : ) كما ف قوله تعالى , إلرضاء المإمنن

, فهم نكرون أنهم كفروا , اآلة ( حلفون باهلل ما قالوا ولفد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسبلمهم ) فدل ذلك أن الكفر إذا ثبت علهم بالبنة , ر وحلفون أنهم لم تكلموا بكلمة الكؾ, وإكدون ذلك بؤمانهم

(.وأمانهم الفاجرة لم تؽن عنهم شبا, فإن جنتهم تكون قد انخزمت ,

ردة السلطان

وقاوم , الذي فترض فه أن حرس عقدة األمة , ردة الحكم , ردة السلطان : وأخطر أنواع الردة , فإذا هو نفسه قود الردة , وال بقى لهم من باقة ف رحاب المجتمع المسلم , وطارد المرتدن , الردة

ومنحهم , وفتح لهم النوافذ واألبواب , وحمى المرتدن , الفسوق سافرا ومقنعا ونشر, سرا وجهرا :، أو كما قال الشاعر العرب ( حامها حرامها ) ال: وصبح األمر كما قال المثل , األوسمة واأللقاب

!!وراعى الشاة حمى الذنب عنها فكؾ إذا الرعاة لها ذباب ؟

مستخفا , مستهنا بالعقدة . معادا ألولاء هللا , موالا ألعداء هللا , نرى هذا الصنؾ من الحكاممن , مهنا لكل مقدسات األمة ورموزها , ؼر موقر لؤلوامر والنواه اإللهة والنبوة , بالشرعة

الء وهإ, وأبطال اإلسبلم , واألبمة األعبلم , والخلفاء األخار , واآلل األطهار , الصحابة األبرار والحجاب للنساء , مثل الصبلة ف المساجد للرجال , عتبرون التمسك بفرابض اإلسبلم جرمة وتطرفا

ف التعلم واإلعبلم , الت جاهروا بها ( تجفؾ المنابع ) بل عملون وفق فلسفة , وال كتفون بذلك . بل ه طاردون , عند هذا الحد وال قفون . وال نفسة مسلمة , حتى ال تنشؤ عقلة مسلة , والثقافة

, ترد أن ةتجدد الدن , وؽلقون األبواب ف وجه كل دعوة أو حركة صادقة , الدعاة الحققن تحرص على أن -مع هذه الردة الظاهرة -والؽرب أن بعض هذه الفبات . وتنهض بالدنا على أساسه

وهم قوضون , لتعاملهم األمة على أنهم مسلمون و, لتستؽله ف هدم اإلسبلم , بقى لها عنوان اإلسبلم وتقرب الذن حرقون , بتشجع التدن الزابؾ , وبعضها تجتهد أن تتمسح بالدن . بنانها من الداخل

, وهنا تعقد الموقؾ ( وعمبلء الشرطة , علماء السلطة ) ممن سماهم الناس , لها البخور من رجاله , وهو كفر بواح كما سماه الحدث ، , ء بل من الذي فتى بكفرهم أوال فمن الذي قم الحد على هإال

الرأي ) ومن الذن حكم بردتهم وأجهزة اإلفتاء الرسم والقضاء الرسم ف أدهم ؟ لس هناك إال والذي , الذي قود األحرار من العلماء والدعاة وأهل الفكر , والضمر اإلسبلم العام , المسلم ( العام

أن تحول إلى بركان نفجر ف وجوه -وقطعت دونه األسباب , إذا سدت أمامه األبواب . لبث الأو تنازل عن عقدته ورسالته , فلس من السهل أن فرط المجتمع المسلم ف هوته . الطؽاة المرتدن

.وسر بقابه , الت ه مبرر وجوده ,

Page 18: ملامح المجتمع المسلم

واالستعمار الشرق الروس ف الجمهورات , الجزابر وقد جرب ذلك االستعمار الؽرب الفرنس ف لم تستطع اجتثاث جذور الهوة , ورؼم قسوة التجربة وطولها هنا وهناك , اإلسبلمة ف آسا

. والشعب المسلم , وبقى اإلسبلم , وذهب االستعمار والطؽان , والشخصة اإلسبلمة , اإلسبلمة العلمانن والمتؽربن ( الوطنن ) م ودعاته من بعض الحكام ؼر أن الحرب الت شنت على اإلسبل

.من حرب المستعمرن , وأشد ضراوة , كانت أحد عداوة -بعد استقبللها -ف بعض األقطار

الردة المغلفة

فهو أذكى من أن علن , وال فوتنا هنا أن ننبه على نوع من الردة ال تبجح تبجح المرتدن المعالنن ال تراه , م ف األجسام وتسلل به إلى العقول تسلل األسقا, بل ؽلفه بؤؼلفة شتى , الكفر بواحا صراحا

بل , فهو ال قتل بالرصاص دوى , وظهر عرضه , ولكن بعد أن بدو مرضه , حن ؽزو الجسم , والبصراء ف الدن , وهذا دركه الراسخون ف العلم . ضعه ف العسل والحلوى , بالسم البطء

وال دعون للقانون , كنون من أنفسهم ال م, ولكنهم ال ملكون أن صنعوا شبا أمام مجرمن محترفن .الذن هم ف الدرك األسفل من النار ( المنافقون)فهإالء هم . فرصة لمسك بخناقهم

, ومجبلت تباع , ف صحؾ تنشر وكتب توزع ! الت تطالعنا كل وم آثارها ( الردة الفكرة) إنها أخطر -ف رأ -وهذه الردة المؽلفة . تحكم وقوانن , وتقالد تروج , وبرامج تشاهد , وأحادث تذاع

, وال تقاوم كما تقاوم الردة الصرحة, وعلى نطاق واسع , ألنها تعمل باستمرار , من الردة المكشوفة . إن النفاق أشد خطرا من الكفر الصرح . وتثبر الجماهر , وتلفت األنظار , الت تحدث الضجج

أخطر على اإلسبلم من كفر أبى جهل ومن تبعه , ه من منافق المدنه ونفاق عبد هللا بن أبى ومن تبعأي المصرحن بالكفر ف ( الذن كفروا : )ولهذا ذم القرآن ف أوابل سورة البقرة. من مشرك مكةوراوحنا , إنها الردة الت تصاحبنا وتماسنا . وذكر المنافقن ف ثبلث عشرة آه , آتن اثنتن فقط

إن الفرضة ردة وال أبا بكر لها -كما قال شخ اإلسبلم الندوى -إنها . وال تجد من قاومها, وتعادناوزال , وتسقط أقنعهم , الفكر بالفكر حتى تسقط أوراقهم , محاربتهم بمثل أسلحتهم : ه , المإكد هنا

المروءة والمسموعة :صحح أنهم ممكنون من أوسع المنابر اإلعبلمة . شبهاتهم بحجج أهل الحق ورصد اإلمان ف قلوب شعوبنا وتؤد هللا تعلى لنا، كلها كفلة , ولكن قوة الحق الذي معنا , والمربة

فؤما الزبد )، ( بل نقذؾ بالحق على الباطل فدمؽه فإذا هو زاهق: )أن تهدم باطلهم على رإوسهم …(فذهب جفاء، وأما ما نفع الناس فمكث ف األرض

.دق هللا العظموص

Page 19: ملامح المجتمع المسلم

فمهمة المجتمع األولى ه .مقدة اإلسبلم: دة إن أول أساس قوم علبه المجتمع السلم وقوم به هو العقوعقدة اإلسبلم تتمثل ف اإلمان باهلل .ومد نورهاف اآلفاق, حماة هذه العقدة ورماتها وتثبتها كل آمن , آمن الرسول بما أنزل إله من ربه والمإمنون:) ومبلبكته وكتبه ورسله والوم اآلخر

ؼفرانك ربنا وإلك , وقالوا سمعناوأطعنا, رق بن أحد من رسلهباللهومبلبكته وكتبه ورسله ال نؾوعلى , ألنها تقوم على تراث الرساالتاإللهة كلها, تجمع وال تؽرق, فه عقدة تبنى وال تهدم(المصر

( . ال نفرق بن أحد من رسله: ) اإلمان برسل اله جمعا, (شهادة أن ال إله إالاله وأن محمدا رسول اله : ) ولهذه العقدة عنوان لخصها أو شعار عبر عنها هو

, وإلى الطبعة وما وراء الطبعة, هذه العقدة ه الت تمثل وجهة نظر السلمنإلى الكون ورب الكون, إلى الخلقوالخالق: وبعبارة أخرى, وإلى العالم المنظور والعالم ؼر المنظور, والى الحاة وما بعدالحاة

وحوانه , بجماده ونباته, فهذا الكون بؤرضه وسمابه.إلى عالم الشهادة وعالم الؽب, إلى الدنا واآلخرةفبل بد لهمن خالق علم , ولم خلق نفسه, هذا الكون لم خلق من ؼر شا.... وجنهومبلبكته , وإنسانه

ه بمقدار وكل حركة ؾ, فكل ذرة فه بمزان,وقد قدر كل شا فه تقدرا , خلقه فسواه, قدر عزز حكم, الذي تدل كل كلمه بل كل حرؾ ف كتاب الوجود على مشبته وقدرته,وذلك الخالق هو هللا. وحسبان

هذا الخال (وإن من شا إال سبح بحمده, تسبح له السموات السبع واألرض ومن فهن: ) وعلمهوحكمهف ذاته وال ف واحد أحد ال شرك له ,رب كل شء, رب العالمن, ال هو رب السموات واألرض

وهو وحده الخالق البارئ , فهو وحدهالقدم األزل وهو وحده الباق األبدي, وال ف أفعاله, صفاتهوال شبه وال , والوالد, وال ولد له , ال ند له وال ضد له , والصفات العبل, له األسماء الحسنى,المصور

هو األول واآلخر والظاهر (م كن له كفوا أحدقل هو هللا أحد، هللا الصمد، لم لد ولم ولد، ول)نظر , كل ما ف هذا الكون العظم (لس كمثله شا، وهو السمع البصر( )والباطن، وهو بكل شا علم

ودا واحدة ه الت , هو الذي دبر أمره , مدل على أنعقبل واحدا , صامته وناطقه , علوه وسفله تبعا , وتهدم بنانه , واضطرب مزانه , وافلت زمامه , ظامه وتوجه دفتهوإال الختل ن, تدر رحاه

. . واختبلؾ األدالمتعددة الت تحرك , لماتقض به الضرورة من اختبلؾ العقول المتبانة الت توجه ( فسبحان هللا رب العرش عما صفون,لو كان فهما آلهةإال هللا لفسدتا ) وصدق اله العظم إذ قول

إذ لذهب كئلله بما خلق ولعبل بعضهم على , ما اتخذ هللا من ولد وما كان معه من إله : ) وقالجل شؤنه قل لو كان معه آلهة كما قولون إذا البتؽوا إلى ذي : ) وقول (سبحان هللا عما صفون , بعض

( .العرشسببل ، سبحانه وتعالى عما قولون عبل كبرا

وكل ما ف السموات , ل من فى السموات ومن ف األرض عبدلهأن ك: فالحققة الت ال مراء فهاكما قول , أو ولدا له, فلس أحد وال شا من العقبلءأو من ؼر العقبلء شركا له, واألرض ملك له

وقالوا اتخذ هللا ولدا، سبحانه، بل له ما ف السموات وما ف األرض، كل له )الوثنن وأشباه الوثنن، ومن ضل عن هذه الحققه ف (السموات واألرض وإذا قضى أمرا فإنما قول له كن فكون قانتون، بدع

إن : ) ورىالحققة عارة واضحة وضوح الشمس ف الضحى, الدنا فسكشؾ عنه الؽطاء ف اآلخرة لكل من فالسموات واألرض إال آتى الرحمن عبدا أتى أحصاهم وعدهم عدا ،وكلهم آتة وم القامة

وهذا الرب ال هو وحدهالذي ستحق العبادة , فبل عجب بعد ذلك أن كون هذا الخالق العظم(فردا فالمعنى المركب من الخضوع , ستحق ؼاة الخضوعوؼاة الحب: ) وبعبارة أخرى, والطاعة المطلقة

(.هو الذي نسمه العبادة , الحب الممزوج بالحب كل, كل الخضوع

أو ال ستحقكل الخضوع وكل الحب إال .. أي ال ستحق العبادة ؼره ( إال هللا ال إله) وهذا هو معنىوتقاد لحكمه , وتسبح بحمده األلسنة , وتسجدلعظمته الجباه, فهو وحده الذي تخضع ألمره الرقاب..هو

Page 20: ملامح المجتمع المسلم

فهو المتفرد بالكمال, وهو وحده الذي تتجه إله األفبدة بالحب كل الحب .القلوب والعقول واألبدانوما فالوجود من جمال فهو , وهو مصدر الجمال كله, والكمال من شؤنه أن حب وحب صاحبه,كله

) ومصدر اإلحسان كله , وهو واهب النقم كلها,والجمال من شؤنه أن حب وحب صاحبه , مستمد منهال إله إال » معنى .واإلحسان دابما حب والنعمة دابما تحب وحب صاحبها(وما بكم من نعمة فمن هللا

ورفض , وحكم ؼر حكمه وأمر ؼر أمره,هو رفض الخضوع والعبودة لسلطان ؼر سلطانه« اله .والحب إال له وفه , الوالء إال له

ثبلثة ذكرتها , إن عناصر التوحد كما جاء بهاالقرآن الكرم: وإذا أردنا أن نزد هذا المعنى إضاحا قلناقل أؼر هللا : )أال تبؽ ؼر هللا ربا : أولها:تثبت أصول التوحد وهى سورة عنت ب, سورة األنعام

(.أبؽ ربا وهو رب كل شا

(.قل أؼر هللا اتخذ ولا فاطر السموات واألرض وهو طعم والطعم: )أال تتخذ ؼر هللا ولا : وثانها

(أنزل إلكم الكتاب مفصبل أفؽر هللا ابتؽ حكما وهو الذي: )أال تبتؽ ؼر هللا حكما : وثالثها

إبطال األرباب المزعومةالت اتخذها الناس قدما (: أال تبتؽى ؼر هللا ربا ) معنى العنصر األول أم من الشمس , سواء أكانت من الحجروالشجر أم من الفضة والتبر, ف الشرق والؽرب, وحدثا لكل األرباب إال هللا وإعبلن الثورة معنى العنصر األول هو رفض ,أم من الجن والبشر, والقمر

ال .) الذن أرادوا أن تخذوا عباد هللا عبدا لهم وخوال , علىالمتؤلهن ف األرض المستكبرن بؽر الحق فبل جوز أن . إال لخالقه وباربه,هو اإلعبلن العام لتحرر اإلنسان من الخضوع والعبودة( إله إال هللا

إال لقوم األرض والسمواتولهذا , أو تخشع القلوب, أو تنخفضالجباه, الرإوس أو تطاطا , تعنو الوجوهوالقاصرة من النصارىبهذه اآلة , ختم رسابله إلى الملوك واألمراء( صلى هللا عله وسلم)كان النب

با وال تخذ ا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بنناوبنكم أال نعبد إال اله وال نشرك به ثس: ) الكرمة ( .فإن تولوا فقولوا اشهدوا بؤنا مسلمون, بعضنا بعضا أربابا من دون هللا

ومن أجل هذا تعرض . إعبلنا بالعصان والتمرد على كل جبار ف األرض( ربنا هللا) وكانت كلمة ب أتقتلون رجبل قول ر:) موسى للتهدد بالقتل، وقام رجل مإمن من آل فرعون دافع عنه وقول

وـؤصحابه لبلضطهاد واألذى واإلخراج من ( صلى هللا عله وسلم) ومن أجل ذلك تعرض رسولنا (هللا (.الذن أخرجوا من دارهم بؽر حق إال أن قولوا ربنا هللا)الدار واألموال

أن رفض الوالء لؽر هللا وحزبه، فلس من التوحد (: أال تتخذ ؼر هللا ولا )ومعنى العنصر الثان ال تخذ المإمنون الكافرن أولاء من دون :) قال تعالى. زعم زاعم أن ربه هو هللا، وربما ألعداء هللا

أن خلص : إن حققة التوحد لمن آمن بؤن ربه هو هللا ( المإمنن، ومن فعل ذلك فلس من هللا ف شاولكم هللا ورسوله والذن آمنواوالذن إنما» : كما قال سبحانه , والءه له ولمن أمر اللهتعالى بمواالته

قمون الصبلة وإتون الزكاة وهم راكعون ومن تول اللهورسوله والذن آمنوا فإن حزب هللا هم ( .الؽالبون

ومن هنا أنكر القرآن على المشركن أنهم قسموا قلوبهم بنه تعالى وبناألنداد الت اتخذوها من األصنام ومن الناس من تخذ من دون هللا أندادا . ) من الحب والوالء مثلما جعلوا هلل فجعلوا لها, واألوثان

فبل , إن هللا تعلى ال قبل الشركة ف قلوب عباده المإمنن (. حبونهم كحب هللا والذن أمنوا أشد حبا هللإن . وقوبعضه للمخل, جوز أن كون بعض القلب هلل وبعضه للطاؼوتوأن كون بعض والبه للخالق

وهذا هو الفرق بن , واألمر كله , صاحب الخلق كله, الوالء كله والقلب كلهجب أن كون له

Page 21: ملامح المجتمع المسلم

ضرب )والمشرك موزع بن هللا وبنؽر هللا , خالص العبودة له , المإمن سلم هلل , المإمنوالمشرك بل أكثرهم ال , مد هلل الح,هللا مثبل رجبل فه شركاء متشاكسون ورجبل سلمالرجل هل ستوان مثبل

( .علمون

وكل أمر , رفض الخضوع لكل حكمؽر حكم هللا : أال تبؽى ؼر هللا حكما : ) ومعنى العنصر الثالثوكل وضع أو عرؾ أو تقلد أو , وكل قانونؽر شرع هللا , وكل نظام ؼر نظام هللا , ؼر أمر هللا

ببل إذن من , قبل شبا من ذلك حاكما كان أو محكوما ومن . منهج أو فكرة أو قمة لم ؤذنبها هللا والحكم , ألنه ابتؽى ؼر اللهحكما , اللهوسلطان ، فقد أبطل عنصرا أساسا من عناصر التوحد

ذلك الدن القم , إن الحكمإال هلل أمر أال تعبدوا إال إاه: ) لهذا قال سبحانه, والتشرع من حق هللا وحدهوهذا العنصر إنما هو ف الواقع مقتضى إفراد هللا تعالى بالربوبة واإللهة (.س ال علمونولكن أكثر النا

وحلل ما رد وحرم , ونهى مماشاء, ؤمر بما شاء, فإن من اتخذ أحدا من عباد هللا شارعا وحاكما ,وحرم , والمسر , والخمر, والربا , كالزنا , و أعطاه حق الطاعة ف ذلك ولو أحبللحرام , ما رد واألمر , والزكاة , والجهاد , كالخبلفة : وأسقط الواجبات , وتعددالزوجات , كالطبلق : الحبلل

من اتخذ مثل هذا حكما وشارعافقد جعله ف , وإقامة حدود هللا و ؼرها , بالمعروفوالنهى من المنكر هذاما جاء به القرآن وفسرته السنة النبوة و. ونقاد له ف كل ما شرع, الحققة ربا طاع ف كل أمر

اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون هللا : ) فقد جاء ف سورة التوبة عن أهبللكتاب قوله تعالى.. ( .ال إله إال هوسبحانه عما شركون , هوالمسح ابن مرم وما أمروا إال لعبدوا إلها واحدا

سجدوا لهم ولم عبدوهم عبادة األوثان ؟فكف اتخذوهم أربابا وهم لم يجب عن ذلك رسول هللا وكان فما رواه اإلمام أحمد والترمذي وابن جرر منقصة إسبلم عدى بن

فدخل على رسول , وتحدث الناس بقدومه, حاتم الطاب، وكان قد تنصر ف الجاهلة وقدم إلى المدنةاتخذوا أحبارهم ورهبانهم ) ن فضة، وهو قرأ هذه اآلةوفى عنقه صلب م( صلى هللا عله وسلم)هللا

بلى إنهم حرموا (: )صلى هللا عله وسلم)إنهم لم عبدوهم فقال : فقلت: قال عدى( أربابا من دون هللا (.علهم الحبلل وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إاهم

اتخذوا أحبارهم أربابا من : )باس وؼرهما ف تفسروهكذا قال حذفة بن المان، وابن ع: قال ابن كثراستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب هللا وراء : أنهم اتبعوهم فما حللوا وحرموا، وقال السدى(: دون هللا

، أي الذي إذا حرم الشء فهو الحرام، (ومت أمروا إال لعبدوا إلها واحدا ) ظهورهمـ ولهذا قال تعالى. ل، وما شرعه اتبع، وما حكم به نفذ، ال إله إال هو، سبحانه عما شركونوما حلله فهو الحبل

أال تبؽى ؼر هللا : ومقتضاه( ال إله إال هللا)كلمة. هذا هو مجمل معنى الكلمة األولى من كلمت الشهادةه وال تبتؽ ؼر هللا حكما، كما نطق القرآن العظم ف صرح آات. ربا، وال تتخذ ؼر هللا ولا

.المحكمات

( محمد رسول هللا: )وأما معنى الكلمة الثانة من كلمت الشهادة الت دخل بها المرء باب اإلسبلم فهإن اإلقرار هلل تعالى بالوحدانة، وإفراده سبحانه باإللهة، والربوبة، ال ؽن ما لم نضم إلها هذا

د اقتضت حكمته أال دع الناس همبل، وال تركهم فإن هللا جل شؤنه ق(. محمد رسول هللا: )الشطر الثانسدى، فؤرسل إلهم ما بن حن وآخر مبلؽن عنه، هدون خلقه إله، ودلونهم عله ورشدونهم إلى

رسبل مبشرن ومنذرن لببل كون للناس على هللا حجة بعد ..)مراضه، وحذرونهم من مساخطهالقواعد والقم والموازن الت تضبط الحاة وتنظم المجتمع، كما أن مهمة هإالء الرسل وضع ( الرسل

وتهده للت ه أقوم، وحتكم الناس إلها إذا اختلفوا، وفبون إلها إذا تنازعواـ فجدون فها الحق الذي ال باطل معه، والعدل الذي ال ظلم فه، والخر الذي طرد الشر، والفضلة الت تقاوم الرذلة،

لقد أرسلنا رسلنا بالبنات وأنزلنا معهم الكتاب والمزان لقوم الناس (قال تعالى ..واالنحراؾوالفساد

Page 22: ملامح المجتمع المسلم

وهو ( المزان)وهو نصوص الوح اإلله المعصوم، و( ، فهذا ما أنزل هللا على رسول الكتاب(بالقسطانة الت تسر ف ضوء القم والمعار الربانة الن جاءت بها النبوات من المثل العلا والفضابل اإلنس

، ولوال هإالء الرسل لضل الناس السبل ف تصورهم لحققة األلوهة، وطرقهم إلى (الكتاب)سببل . وابتدعوا طرابق قددا، وسببل شتى، وما أنزل هللا بها من سلطان.. مرضاتها وواجبهم نحوها

صلى هللا عله )لرسل هو محمد وخاتم هإالء ا. تفرق وال تجمع، وتهدم وال تبن، وتضل وال تهدي، فهو المبلػ عن أمره وشرعه، وبه عرفنا ما رد هللا منا، وما رضاه لنا، وما ؤمرنا به، وما (وسلم

عرفنا ما ..وعرفنا طرقنا بن المنشؤ والمصر..وعرفنا منشؤنا ومصرنا..وبه عرفنا ربنا..نهانا عنهلعشنا ف ظلمات وعماة، ال ( صلى هللا عله وسلم)واله ول..وما فرضه وأوجبه..أحله ربنا وما حرمه

وقد جاءكم من هللا نور وكتاب مبن، هدي به هللا من اتبع رضوانه : )نعرؾ لنا ؼاة، وال نهتدي سببل (.سبل السبلم وخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه وهدهم إلى صراط مستقم

توفى فها كل نفس ما كسبت، وتجزى بما عملت، فجزى به عرفنا أن وراء هذه الحاة حاة أخرىبه عرفنا أن وراءنا حسابا ومزانا، وثوابا وعقابا، . الذن أساءوا بما عملوا، والذن أحسنوا بالحسنى

به عرفنا مبادئ الحق، (. فمن عمل مثقال ذرة خرا ره، ومن عمل مثقال ذرة شرا ره: )وجنة ونارعان الخر، ف شرعته ال تضل وال تنسى، شرعها من علم السر وأخفى، من ال وقواعد العدل، وم

ومن ثم كانت (. أال علم من خلق وهو اللطؾ الخبر..)تخفى عله خافة، من علم المفسد من المصلحأال : معناها واألخرى. ، فهذه معناها أال عبد إال هللا(ال إله إال هللا: )تتمة لكلمة( محمد رسول هللا : )كلمة

وال عجب ـن كانت طاعة رسول هللا جزءا من طاعة . عبد هللا إال بما شرعه وأوحاه على لسان رسولهقل إن كنتم تحبون هللا : )، وكان أتباعه من أمارات محبة هللا(من طع الرسول فقد أطاع هللا)هللا

الرضا بحكمه وشرعه جزءا ال تجزأ وكان( فاتبعون حببكم هللا وؽفر لكم ذنوبكم، وهللا ؼفور رحمصلى هللا )وال عد ف زمرة المإمنن من رفض أمرا وحكما حكم به رسول هللا , من اإلمان باهلل تعالى

فقد أرسله مبنا للناس ما , مما أنزله عله من كتابه أو مما أوحاه إله بانا لهذا الكتاب , ( عله وسلمفلس بمإمن أبدا من احتكم إلى ؼر رسول , البان ف القرآن الكرم وهذا أمر بن ؼاة. نزل إلهم

.أو تردد فه مجرد تردد , أو رد حكمه , اله

وما كان لمإمن وال مإمنة إذا قضى هللا ورسوله أمرا أن كون لهم الخرة من :) قول القرآن العززبحانه منددا بقوم من مرضى القلوب وقول س(. أمرهم، ومن عص هللا ورسوله فقد ضل ضبلال مبنا

وقولون آمنتا باهلل وبالرسول وأطعنا ثم تولى فرق منهم من بعد ذلك، وما أولبك : ) من المنافقن بالمإمنن، وإذا دعوا إلى هللا ورسوله لحكم بنهم إذا فرق منهم معرضون، وإن كن لهم الحق ؤتون

بوا أم خافون أن حؾ هللا علهم ورسوله، بل أولبك هم إله مذعنن، أف قلوبهم مرض أم ارتاالظالمون، إنما كان قول المإمنن إذا دعوا إلى هللا ورسوله لحكم بنهم أن قولوا سمعنا وأطعنا،

ورضى , ( صلى هللا عله وسلم)وقول مم شؤن من تردد ف قبول حكم رسول هللا( وأولبك هم المفلحونألم تر إلى الذن زعمون أنهم آمنوا بما أنزل )قل إنهم بعض الهود , ن البشراالحتكام إلى آخرن م

إلك وما أنزل من قبلك ردون أن تحاكموا إلى الطاؼوت وقد أمروا أن كفروا به ورد الشطان أن ن عنك ضلهم ضبلال بعدا، وإذا قل لهم تعالوا إلى ما أنزل هللا وإلى الرسول رأت المنافقن صدو

فبل وربك ال إمنون حتى حكموك فما شجر بنهم ثم ال جدون : ) إلى أن قال مقسما ومإكدا (..صدودا صلى هللا عله )هذا هو شؤن المإمنن مع رسول هللا ( ف أنفسهم حرجا مما قضت وسلموا تسلما

, قبول الحكم أو رفضه إنهم ال تردون لحظة ف : وشرع رسول هللا , وحكم رسول هللا , ( وسلمكما فعل المنافقون بل , وال تولون عن االنقاد والطاعة , لس لهم الخرة من أمرهم -وبعبارة أخرى

.« سمعنا وأطعنا » : شعارهم ومبدإهم دابما

Page 23: ملامح المجتمع المسلم

فهو . وكل ما سوى هللا ورسوله -وهذا بخبلؾ المنافقن الذن رضون االحتكام إلى ؼر هللا ورسوله إما : فهما حكمان ال ثالث لهما ( . . ردون أن تحاكموا إلى الطاؼوت : )ولهذا قال تعالى -ت طاؼو

.هللا وإما الطاؼوت

وإذا قل لهم تعالوا إلى ما : )لقد رسمت اآلات صورة المنافقن وموقفهم من شرع هللا وحكم رسوله اإلمان عمن لم حكم -بشدة -ونفت ( أنزل هللا وإلى الرسول رأت المنافقن صدون عنك صدودا

فهذه , ولم كتؾ بذلك فاشترط الرضا والسلم بهذا الحكم . وحكم بسنته بعد مماته , رسول هللا ف حاته فمن أعرض ( ثم ال جدوا ف أنفسهم حرجا مما قضت وسلموا تسلما:)ه طبعة اإلمان وثمرته

وقمه , وتلقى شرابعه وقواننه ونظمه وتقالده ,اآلاتوأصم أذنه عن هذه , عن هذه النذر كلها ، ورض بؤن حكم ف (صلى هللا عله وسلم)وموازنه ومفاهمه وتصوراته عن ؼر طرق رسول هللا

-سمهم كما تشاء-هذه األمور الخطرة فبلسفة من الشرق أو الؽرب، أو علماء أو حكماء، أو مشرعن صب هللا ورسوله العداء، ومرق من الدن كما مرق السهم من الرمة، وال فقد ضاد هللا فما شرع، ونا

ؼرو أن حكم كتاب هللا بالكفر والظلم والفسوق على من لم حكم بما أنزل هللا، فقال ف ساق واحد من هم ومن لم حكم بما أنزل هللا فؤولبك)، (ومن لم حكم بما أنزل هللا فؤولبك هم الكافرون: )سورة المابدة

واستعمال هذه األلفاظ ف القرآن الكرم (. ومن لم حكم بما أنزل هللا فؤولبك هم الفاسقون)، (الظالمونومن كفر بعد ذلك فؤولبك هم ) ، (والكافرون هم الظالمون: ) قال تعالى. دل على أن معانها متقاربة

أنزل هللا كافر أو ظالم أو فاسق، أو فالذي ال حكم بما( وما جحد بآاتنا إال الكافرون) ، ( الفاسقونوخصوصا إذا اعتقد أن ما أنزل هللا، مثل الجمود والتخلؾ والرجعة، وما . جامع لهذه الصفات كلها

ومن التحرؾ الظالم آلات ! شرع الناس هو التطور والتقدم الذي صلح به المجتمع وترتقى به الحاةإن هذه اآلات نزلت ف شؤن أهل الكتاب : أن قول قابل , والسخرة الصارخة بعقول الخلق, الخالق

وان نزلت ف -أن هذه اآلات الحكمة -أو تناسى -ونسى هذا القابل الجريء , من الهود والنصارى من ) تتناول بحكمها جمع األفراد الذن شملهم مدلولها وهم كل , قد جاءت بؤلفاظ عامة -ساق خاص

. ال على خصوص السبب كما قرر أبمة اإلسبلم , فالمدار على عموم اللفظ , ( اله لم حكم بما أنزلألنهم طرحوا ما أنزل اله وراءهم , ومحال أن دمػ هللا بالظلم والكفر والفسوق أهل الكتاب األول

كتاب أن تخذوا -وهم أهل الكتاب اآلخر الخاتم -للمسلمن وحدهم ‹ثم بح , ولم حكموا به , ظهرا ما فابدة ذكر هذه اآلات ف ساق الحدث عن أهل !! وتخذوا ؼره منهاجا ودستورا , اله مهجورا

وحكموا بؽر شرعة , إن لم كن المقصود منها تحذر السلمن أن صنعوا مثل صنعهم , الكتاب عه ؼضبى فقد هوى ومن حلل : ) وهل علهم عذاب هللا وؼضبه , فدمؽوا بمثل ما دمؽوا به , ربهم إذا كان من حق الناس أن هملوا الكتاب وعصوا , لماذا أنزل هللا للناس كتاب وبعث لهم رسول ( .

وما )، (إنا أنزلنا إلك الكتاب بالحق لتحكم بن الناس بما أراك هللا: وقد قال تبارك وتعالى ( الرسول ؟وأنزلنا : )هللا رسوله بعد أن ذكر اآلات السابقة ،ومن ثم خاطب(من رسول إال لطاع بإذن هللا\أرسلنا ن

إلك المباب بالحق مصدقا لما بن ده من الكتاب ومهمنا عله، فاحكم بنهم بما أنزل هللا، وال تبع وأن احكم بنهم هللا إلك، فإن تولوا فاعلم إنما : )، ثم قول ف اآلة التالة(أهواءهم عما جاءك من الحق

أن صبهم ببعض ذنوبهم، وإن كثرا من الناس لفاسقون، أفحكم الجاهلة بؽون الجاهلة رد هللا (.بؽون، ومن أحسن منه هللا حكما لقوم وقنون

إما هللا، وإما : وهما حكمان ال ثالث لهما. إما اإلسبلم، وإما الجاهلة: فهما حكمان ال ثالث لهماوال .. إما هللا واإلسبلم، وإما الطاؼوت والجاهلة: قوم ألنفسهمولختر ..فلختر امرإ لنفسه. الطاؼوت

. وسط دون ذلكإنهم حرب على ..إنهم مع حكم هللا ورسوله، إنهم مع اإلسبلم: أما الذن آمنوا فلس لهم الخرة من أمرهم

أما الذن و(. سمعنا وأطعنا:) إن شعارهم إذا دعوا إلى هللا ورسوله لحكم بنهم . الطاؼوت والجاهلة

Page 24: ملامح المجتمع المسلم

والذن كفروا أولاإهم )كفروا فهم دابما ف سبل الطاؼوت، وهم دابما متردون ف حفر الجاهلة (.الطاؼوت خرجونهم من النور إلى الظلمات، أولبك أصحاب النار، هم فها خالدون

:وهنا مالحظتان مهمتان وهى مساوة لما شاع ف ممرنا , مسلم أن الحكم بما أنزل اله فرضة محكمة ال خالؾ فها : األولى

المحللة , الحاكمة التشرعة اآلمرة الناهة : وهى تعنى . عز وجل ( الحاكمة هلل ) من تعبر . المتفردة باإللزام والتكلؾ للخلق كافة , والمحرمة

. مصر أو سد قطب ف , وقد توهم بعض الناس أن هذه الفكرة من مبتكرات المودودى ف باكستان واألصولون ذكرون ذلك ف , اإلسبلم ( أصول الفقه ) أن هذه الفكرة مؤخوذة من علم : والواقع من هو ؟ فكلهم متفقون على أن ( الحاكم ) وفى موضوع , من مقدمات علم األصول ( الحكم ) مبعث

كما , الفون ف ذلك حتى المعتزلة ال خ. أي صاحب الحق المطبق ف التشرع لخلقه . الحاكم هو هللا . من كتب األصول المشهورة( مسلم الثبوت ) بنه شارح

سقنا بعضها ف بان فرضة الحكم بما . والدالبل على ثبوت هذا المبدأ من القرآن والسنة بنة واضحة .أنزل هللا

ن هو الذي فهم فاإلنسا, ال لؽى دور اإلنسان , أن الحاكمة أو الحكم بما أنزل اله تعالى : الثانة وهى ( منطقة العفو) مما سماه , ومبل الفراغ فما ال نص فه , وستنبط منها , النصوص الوجهة إله

وجتهد , فهنا جول العقل المسلم وصول , رحمة بنا فر نسان , تركها الشارع قصدا , منطقة واسعة .ف ضوء النصوص واألصول

معنى قيام المجتمع على عقيدة اإلسالم

ومعنى قام ( محمد رسول اله, هللا ال إله إال) عقدة :هذه ه العقدة الت قوم علها المجتمع المسلموعمل على تثبتها , أنه قوم على احترام هذه الماه وتقدسها : المجتمع المسلم على العقدة اإلسبلمة

و , وشبهات المضللن, ورد عنها أباطل المفترن , رب ناشبة المسلمن علها , ف العقول والقلوب عن طرق األجهزة التوجهة الت تإثر ف سر , الفرد والمجتمع جل فضابلها وآثارها ف حاة

من المساجد والمدارس والصحافة واإلذاعة والتلفزون والمسرح والسنما واألدب بكل فنونه , المجتمع من شعر ونثر وقصص,

التخل عن لس معنى قام المجتمع المسلم على العقدة اإلسبلمة إكراه ؼر المسلمن على . وتمثل ألن القرآن حسم هذه القضة , ولن خطر من بعد , فذلك لم خطر ببال السلم من قبل , كبل , عقابدهم (.ال إكراه ف الدن، قد تبن الرشد من ألؽ) حن أعلن بصرح العبارة أنه , من قدم

معات سماحة مع كان أكثر المجت, ف عصور ازدهاره , وقد أثبت التارخ أن المجتمع اإلسبلم . بشهادة األجانب أنفسهم , المخالفن له ف العقدة

قد التزم .. بل هو مجتمع ملتزم , أنه لس مجتمعا ساببا , معنى قام المجتمع على العقدة اإلسبلمة عا وال مجتم, وال مجتمعا وثنا , ( ال دنا ) وال مجتمعا علمانا , فلس مجتمعا مادا , عقدة اإلسبلم

Page 25: ملامح المجتمع المسلم

. وال مجتمعا اشتراكا ماركسا , وال مجتمعا لبرالا رأسمالا , هودا أو نصرانا عقدة اإلسبلم .... وعقدة اإلسبلم تعلو وال تعلى , عقدة اإلسبلم , إنما هو مجتمعا دن بعقدة التوحد

ل نظرة الناس إلى هللا ال تقبل أن تكون على هامش الحاة ف المجتمع وأن تزاحمها عقدة أخرى تبد .والكون والحاة , واإلنسان

فاألنهار من هبة ( الطبعة) لحل اسم ( هللا )فلس بمجتمع مسلم ذلك الذي ختف ف توجه اسم , والؽابات منحة من الطبعة، والطبعة ه الت أنشؤت هذا الشء وطورت ذاك الشء , الطبعة

.ل شء ومدبر كل أمر ولس هو هللا خالق كل شء ورب ك

أن هللا خلق الكون وتركه، فلس له إشراؾ عله، : إن تصور المجتمع الؽرب لئللهة وعبلقتها بالكونوال إحاطة به، وال تدبر له، وشبه أن كون هذا مستمدا من تصور الفلسفة الونانة لئلله، وخاصة

أما الكون فبل دبر فه أمرا، وال عرؾ : عن ذاته شبا إال -عنده-الذي ال علم اإلله ( أرسطو)فلسفة أما . الذي ال علم اإلله عنده شبا حتى عن نفسه( أفلوطن)عنه خرا وال شرا، وأؼرب منه فلفة

سبح هلل ما ف السموات واألرض، وهو :) تصور المجتمع المسلم لئلله، فتعبر عنه هذه اآلات وأمثالهاالسموات واألرض، ح ومت، وهو على كل شء قدر، هو األول وآلخر العزز الحكم، له ملك

والظاهر والباطن، وهو بكل شء علم، هو الذي خلق السموات واألرض ف ستة أام ثم استوى على العرش، علم ما لج ف األرض وما خرج منها وما نزل من السماء وما عرج فها، وهو معكم أن ما

ما تعملون بصر، له ملك السموات واألرض، وإلى هللا ترجع األمور، ولج اللل ف النهار كنتم، وهللا بمفهوم ) ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي نكمش فه . وولج النهار ف اللل، وهو علم بذات الصدور

أو ؼر ذلك من ,لحل محله اإلمان بالوجودة أو القومة أو الوطنة , والدار اآلخرة , باهلل ( اإلمان .وان لم سموها آلهة , من دون هللا أو مع هللا , األوثان الت عبدها أناس هنا وهناك

صلى هللا عله وسلم باعتباره الموجه المعصوم ( محمد ) ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي توارى فه اسم . من مفكري الشرق والؽرب وؼرهم( ماو) و ( لنن) و (ماركس ) ، واألسوة المطاع ، لتبرز أسماء

والتشرع ، , بوصفه مصدر الهداة « القرآن » ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي هجر فه كتاب هللا وتإخذ منها مناهج الفكر والتشرع والسلوك ، أو , تضف علها القداسة , والحكم ، لتظهر كتب أخرى

.ستمد منها القم والموازن والمثل

والناس سكوت على هذا الكفر , وكتبه ورسله -جل شؤنه -ذلك الذي سب فه هللا ولس بمجتمع مسلم حتى اجترأ ملحد أفاك أن , أو زجروا زندقا فاجرا , ال ستطعون أن إدبوا مرتدا كافرا , البواح

ي أن اإلنسان العرب الجدد هو الذي عتقد أن اله واألدان دمى محنطة ؾ: نشر ف صحفة علنة .متحؾ التارخ

أو تزاحمها كالعقدة , ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي سمح بعقدة أخرى تناوئ العقدة اإلسبلمة وإن من الخطؤ أن ظن ظان أن االشتراكة ونحوها . أو القومة عند الؽبلة , أو االشتراكة , الشوعة

تخذ أسلوبا معنا ف تنظم شإون , ع لست عقدة تناوئ اإلسبلم وإنما ه مذهب اقتصادي أو اجتماف نظر -والواقع أن االشتراكة العلمة ( . عقدة) ولس له طابع دن حتى سمى , الحاة وعبلقاتها

والى الحاة , تتضمن وجهة نظر إلى العالم والى التارخ , وعقدة شاملة , فلسفة حاة كاملة -أصحابها : ) ولهذا أطلق علها وعلى أمثالها بعض المإلفن , تخالؾ وجهة اإلسبلم , وإلى هللا, والى اإلنسان ,

فبل تؤخذ من مناهج , ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي جعل العقدة على هامش حاته (. أدان بؽر وح وال من أجهزة, وال من مناهجاإلعبلم واإلرشاد , وال من مناهج الثقافة والفكر , التربة والتعلم وال , وموضعا محدودا ، فلس ه الموجه األول , إال حزا ضببل , بصفة عامة , التوجه والتؤثر

Page 26: ملامح المجتمع المسلم

وإنما ه شا ثانوي جا , واألسر والجماعات , وال المإثر األول ف حاة األفراد , المحرك األول الذي -م ف المجتمع األول لقد كانت عقدة اإلسبل. وفى المكان األخر إن بقى له مكان , ف ذل القافلة

ه الدافع -ومن تبعهم بإحسان , وورثه من بعده صحابته , صلى هللا عله وسلم -أنشؤه رسول هللا .إن لم نقل األوحد , ف حاتهم , والمإثر األول » والوجه األول , األول

وكانت ه أساس , وكانت ه أساس الترابط والتجمع , كانت العقدة ه مصدر التصور والفكر وكانت ه نبوع الفضابل واألخبلق .... وكانت ه الدافع إلى الحركة واالنطبلق , الحكم والتشرع

.ومجاالت البذل واإلثار , كانت ه صانعة البطوالت ف مادن الجهاد واالستشهاد ...

وأن كون تؤثرها ف , ون وهكذا جب أن تك, هكذا كانت العقدة وكان أثرها ف المجتمع السلم األول بكل أركانها -إن العقدة اإلسبلمة ...كل مجتمع رد أو راد له أن كون مسلما الوم أو ؼدا

وأي بنان على ؼر عقدة فهو بنان . ألي بنان اجتماع متن , ه األساس المكن -وخصابصها .وشك أن نهار , على الرمال

-زورا -وإن كتب عله , مجتمع نتم إلى اإلسبلم على ؼر عقدة اإلسبلم , وأسوأ منه أن راد بناأقمن . ) ال لبث أن سقط البناء كله على من فه , إنه ؼش ف المواد األساسة للبناء . اسم اإلسبلم

أسس بنانه على تتقوى من هللا ورضوان خر أم من أسس بنانه على شفا جرؾ هار فانهار به ف نار(. وهللا ال هدى القوم الظالمن, جهنم

تمثل ذلك . جسد العقدة الماركسة وفلسفتها المادة -أام ازدهاره وسلطانه-لقد رأنا المجتمع الشوع وف تشرعه وقواننه، وف تربته، وتعلمه، وف ثقافته . أن ال إله والحاة مادة: ف دستوره الذي علن

فبل ؼرو أن كون . وهذا شؤن كل مجتمع عقابدي. ظمته ومإسساته وساساتهوإعبلمه، وف سابر أنالمجتمع المسلم مرآة تعكس عقدته وإمانه، ونظرته إلى الكون واإلنسان والحاة، وإلى رب الكون

. وبارئ اإلنسان، وواهب الحاة

المجتمع المسلم ومواجهة الردة

ولهذا كانت الردة , أي ما هدد عقدته , ما هدد وجوده المعنوي : أشد ما واجه المسلم من األخطار وكان أعظم ما كد له أعداإه أن . أشد األخطار على المجتمع المسلم -د اإلسبلم الكفر بع -عن الدن

وال زالون قاتلونكم حتى : ) كما قال تعالى . فتنوا أبناءه عن دنهم بالقوة والسبلح أو بالمكر والحلة .ردوكم عن دنكم إن استطاعوا

تهدؾ إلى اقتبلعه من جذوره , ت شرسة وهجما, وفى عصرنا تمرض المجتمع المسلم لؽزوات عنفة والذي ال زال مارس نشاطه ف العالم , الذي بدا مع االستعمار الؽرب , تمثلت ف الؽزو التنصرى ,

كما وضح , تنصر المسلمن ف العالم : ومن أهدافه , وفى الجالات واألقلات اإلسبلمة , اإلسبلم

وقدمت له أربعون دراسة حول اإلسبلم . 1978د هناك سنة الذي عق«‹ كورادو » ذلك ف مإتمر

) وأسس لذلك معهد , ورصد لذلك ألؾ ملون دوالر . وكفة نشر النصرانة بنهم , والمسلمن .لخرج المتخصصن ف تنصر المسلمن ( زومر

Page 27: ملامح المجتمع المسلم

وعمل بكل جهد , روبا وفى أو, كما تمثلت ف الؽزو الشوع الذي اجتاح ببلدا إسبلمة كاملة ف آسا . . وتنشبة أجال ال تعرؾ من اإلسبلم كثرا وال قلبل , وإخراجه من الحاة نهابا , إلماتة اإلسبلم , الذي ال برح قوم بمهمته إلى الوم ف قلب دار اإلسبلم , الؽزو العلمانى البلدنى : وثالثة األثاف ولعل هذا الؽزو هو , وحتفى باإلسبلم الخراف , إلسبلم الحق طارد ا, وستخفى أحانا , ستعلن حنا

أن قاوم الردة من -لك حافظ على بقابه -وواجب المجتمع المسلم . أخبث تلك األنواع وأشدها خطرا كما تنتشر النار ف , حتى تمتد وتنتشر , وال دع لها الفرصة , أي مصدر جاءت وبؤي صورة ظهرت

.الهشم

الذن اتبعوا , حن قاتلوا أهل الردة , معه -رضى هللا عنهم -صنعه أبو بكر والصحابة وهذا ما. مسلمة وسجاح واألسدى والعنسى وكادوا قضون على اإلسبلم ف مهده , األنباء الكذبة

وال , وتشع بن جنباته الردة , أن بتلى المجتمع المسلم بالمرتدن المارقن : ومن الخطر كل الخطر : وهو ما عبر عنه أحد العلماء عن الردة الت ذاعت ف هذا العصر بقوله . جد من واجهها وقاومها

حتى ال تتفاقم وتطار شررها , وال بد من مقاومة الردة الفردة وحصارها ( ردة وال أبا بكر لها ) .فمعظم النار من مستصؽر الشرر , وتؽدو ردة جماعة

, وجمهورهم على أنها القتل -وإن اختلفوا ف تحددها -اإلسبلم على عقوبة المرتد ومن ثم أجمع فقهاء. بل الثمانة , وهو رأى الذاهب األربعة

عن ابن عباس وأبى موسى ومعاذ وعل : وفها وردت جملة أحادث صححة عن عدد من الصحابةمثل , وقد جاءت بصػ مختلفة . وعثمان وابن مسعود وعابشة وأنس وأبى هررة ومعاوة بن حدة

ومثله من أبى هررة مند , رواه الجماعة إال مسلما ( ) من بدل دنه فاقتلوه : ) حدث ابن عباس ال حل دم : ) وحدث ابن مسعود ( . وعن معاوة بن حدة بإسناد رجاله ثقات, الطبرانى بإسناد حسن

, والثب الزانى , النفس بالنفس : هللا إال بإحدى ثبلث وأن رسول , امرئ مسلم شهد أن ال إله إال هللا رجل : ) . . . . وفى بعض صؽه عن عثمان ( . رواه الجماعة ( ) المفارق للجماعة , والتارك لدنه

رواه الترمذى وحسنه والنسابى ( ) أو قتل نفسا بؽر نفس , أو زنى بعد إحصانه , كفر بعد إسبلمه قال العبلمة ابن ( . المعنى من رواة ابن عباس أضا وأبى هررة وأنس وقد صح هذا, وابن ماجه

.والقتل بكل واحدة من هذه الخصال متفق عله بن المسلمن: رجب

بعد أن استتابهم , فحرقهم بالنار , وقد نفذ عل كرم هللا وجهه عقوبة الردة ف قوم ادعوا ألوهته :رحهم ف النار وهو قولط, فلم توبوا ولم زدجروا , وزجرهم

لما رأت األمر أمرا منكرا أججت ناري، ودعوت قنبرا .وقنبر هو خادمه وؼبلمه

ورأى أن الواجب أن قتلوا ال أن ( ال تعذبوا بعذاب هللا: ) وقد اعترض عله ابن عباس بالحدث اآلخر. فكان خبلؾ ابن عباس الوسلة ال ف المبدأ . حرقوا

) قضاء هللا ورسوله : وقال معاذ . موسى ومعاذ القتل ف هودي ف المن أسلم ثم ارتد وكذلك نفذ أبو(. متفق عله

فكتب فهم إلى عمر , أن ابن مسعود أخذ قوما ارتدوا عن اإلسبلم من أهل العراق : وروى عبد الرزاق وإذا لم , ن قبلوها فخل عنهم فإ, وشهادة أن ال إله إال اله , أن اعرض علهم دن الحق : فكتب إله .

.ولم قبلها بعضهم فقتله , فقبلها بعضهم فتركه .. قبلوها فاقتلهم

Page 28: ملامح المجتمع المسلم

فبعث به عتبة بن فرقد إلى , وروى عن أبى عمرو الشبانى أن المستورد العجل تنصر بعد إسبلمه.( . فاسستابه فلم تب، فقتله, عل

وأمر , قبل توبة جماعة من المرتدن ( لى هللا عله وسلمص)أن النب : وقد ذكر شخ اإلسبلم ابن تمة مثل . ضموا إلى الردة أمورا أخرى تتضمن األذى والضرر لئلسبلم والمسلمن , بقتل جماعة آخرن

ولم تب قبل القدرة , لما ضم إلى ردته قتل المسلم وأخذ المال , أمره بقتل مقس بن حبابة وم الفتح وكذلك أمر بقتل ابن خطل لما ضم إلى . عرنن لما ضموا إلى ردتهم نحوا من ذلك وأمر بقتل ال, عله

وفرق . لما ضم إلى ردته الطعن عله واالفتراء , وأمر بقتل ابن أبى سرح . ردته السب وقتل المسلم ورسوله والردة الت فها محاربة هللا , أن الردة المجردة تقبل معها التوبة : ابن تمة بن النوعن

. والسع ف األرض بالفساد ال تقبل فها التوبة قبل القدرة ولو صح ذلك . وما نقله ابن تمة نقض هذه الدعوى , لم نقل أن رسول هللا كان قتل مرتدا : وقد قل

إذ لم تستعلن ف عهده . كما لم عاقب أحدا عمل عمل قوم لوط . فؤلن هذه الجرمة لم تظهر ف عهده (. هللا عله وسلم صلى)

روى عبد الرزاق . فقد ورد عن عمر بن الخطاب ما خالؾ ذلك , ومع أن الجمهور قالوا بقتل المرتد ما فعل الستة الرهط من بكر : فسؤله , فقدم على عمر ( تستر) أن أنسا عاد من : والبهقى وابن حزم

قوم ارتدوا عن , ا أمر المإمنن : قالولحقوا بالمشركن، , الذن ارتدوا من اإلسبلم , بن وابل قال ( إنا هلل وإنا إله راجعون : أي قال ) فاسترجع عمر . قتلوا بالمعركة , ولحقوا بالمشركن , اإلسبلم

( . فإن أبوا أودعتهم السجن, كنت أعرض علهم اإلسبلم , نعم : وهل كان سبلهم إال القتل ؟ قال : أنسإجل ما رجت : وفى لفظ له . هذا الذي نؤخذ به : وكذلك قال الثوري , خعىوهذا هو قول إبراهم الن

. توبته كما فرقوا ف المبتدعن بن , فرقوا ف أمر البدعة بن المؽلظة والمخففة , أن العلماء : والذي أراه

فى أمر و, وكذلك جب أن نفرق ف أمر الردة بن الردة الؽلظة والخففة . الداعة وؼر الداعة .المرتدن بن الدامة وؼر الداعة

فاألولى , وكان المرتد دامة إلى بدعته بلسانه أو بقلمه -كردة سلمان رشدي -فما كان من الردة مؽلظا و سدا لباب , استبصاال للشر, وظاهر األحادث , ف التؽلظ ف العقوبة، واألخذ بقول جمهور األمة

. الفتنة إن المرتد الدامة إلى الردة . خذ بقول النخعى الثوري وهو ما روى عن الفاروق عمر وإال فمكن األ

فهو مندرج ضمن الذن حاربون هللا , بل هو حرب عله وعلى أمته , لس مجرد كافر باإلسبلم , محاربة بالد : نوعان -كما قال ابن تمة -والمحاربة . ورسوله وسعون ف األرض فسادا

ولذا كان النب , قد تكون أنكى من المحاربة بالد , والمحاربة باللسان ف باب الدن , ة باللسان ومحاربوكذلك اإلفساد . مع استبقابه بعض من حاربه بالد , عله الصبلة والسبلم قتل من كان حاربه باللسان

فثبت أن .. ؾ ما تفسده الد وما فسده اللسان من األدان أضعا, قد كون بالد ، وقد كون باللسان كما , والقلم أحد اللسانن . والسع ف األرض بالفساد باللسان أإكد, محاربة هللا ورسوله باللسان أشد

وال سما ف عصرنا ، إلمكان نشر ما كتب , بل ربما كان القلم أشد من اللسان وأنكى , قال الحكماء . على نطاق واسع

فهو , عله باإلعدام األدب من الجماعة المسلمة هذا إلى أن المرتد محكوم، وهذا أشد من (ومن تولهم منكم فإنه منهم : ) فاهلل تعالى قول , محروم من والبها وحبها ومعاونتها

.القتل الحس عند ذوى العقول والضمابر من الناس

Page 29: ملامح المجتمع المسلم

سر التشديد في عقوبة الردة

, على العقدة واإلمان -أول ما قوم -أن المجتمع المسلم قوم : وسر هذا التشدد ف مواجهة الردة , ومحور وجوده ولهذا ال سمح ألحد أن نال من هذا األساس , ومحور حاته , ته فالعقدة أساس هو

ألنها خطر على ! كبرى الجرابم ف نظر اإلسبلم ( الردة المعلنة ) ومن هناكانت . أو مس هذه الهوة الدن ) وخطر على الضرورة األولى من الضرورات الخمس , شخصة المجتمع وكانه المعنوي

. ألن المإمن ضح بنفسه ووطنه وماله من أجل دنه , والدن أولها ( فس والنسل والعقل والمال والنوإلسبلم ال كره أحدا على الدخول فه، وال الخروج من دنه إلى دن ما، ألن اإلمان المعتد هو ما كان

، وف (تى كونوا مإمننأفؤنت تكره الناس ح: )وقد قال تعالى ف القرآن المك. عن اختار واقتناع(. ال إكراه ف الدن، قد تبن الرشد من الؽ: )القرآن المدن

: ) ولكنه ال قبل أن كون الدن ألعوبة، دخل فه الوم وخرج منه ؼدا، على طرقة الهود الذن قالوا(. آمنوا بالذي أنزل على الذن آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم رجعون

عقاب اإلسبلم بالقتل المرتد الذي ال جاهر بردته، وال دعو إلها ؼره، ودع عقابه إلى اآلخرة إذا والومن رتدد منكم عن دنه فمت وهو كافر فؤولبك حبطت أعمالهم ف : )مات على كفره، كما قال تعالى

. تعزرة مناسبةوقد عاقبه عقوبة (. الدنا واآلخرة، وأولبك أصحاب لنار، هم فها خالدونإنما عاقب المرتد المجاهر، وبخاصة الداعة للردة، حماة لهوة المجتمع، وحفاظا على أسسه ووحدته،

الهوة واالنتماء والوالء، فبل : وال وجد مجتمع ف الدنا إال وعنده أساسات ال سمح بالنل منها، مثل اعتبرت : ومن أجل هذا . به ألعدابه، وما شابه ذلكقبل أي عمل لتؽر هوة المجتمع، أو تحول وال

ولم قل . جرمة كبرى -باإللقاء بالمودة إلهم، وإفشاء األسرار لهم -الخانة للوطن، ومواالة أعدابه .أحد بجواز إعطاء المواطن حق تؽر والبه الوطن لمن شاء، ومتى شاء

فالمرتد . للوالء، وتبدل للهوة، وتحول لبلنتماءوالردة لست مجرد موقؾ عقل، ببل ه أضا تؽر . نقل والءه وانتماءه من أمة ألخرى، ومن وطن إلى وطن آخر، أي من دار اإلسبلم إلى دار أخرى

. فهو خلع نفسه من أمة اإلسبلم، الت كان عضوا فجسدها، ونضم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومهاكما ف حث ابن مسعود (. التارك لدنه، المفارق للجماعة: ) ولهوعبر عن ذلك الحدث النبوي بق

.وصؾ كاشؾ ال منشا، فكل مرتد عن دنه مفارق للجماعة( المفارق للجماعة)وكلمة . المتفق عله

ومهما كن من جرمه، فنحن ال نشق عن قلبه، وال نتسور عله بته، وال نحاسبه إال على ما علنه جهرة ه أو فعله، مما كون كفرا بواحا صرحا ال مجال فه لتؤول أو احتمال، فؤي شك ف ذلك بلسانه أو قلم:

إن التهاون ف عقوبة المرتد المعالن الداعة، عرض المجتمع كله للخطر، . فسر لمصلحة المتهم بالردةبؽره وخصوصا من وفتح عله باب فتنة ال علم عواقبها إال هللا سبحانه، فبل لبث المرتد أن ؽرر

الضعفاء والبسطاء من الناس وتتكون جماعة مناوبة لؤلمة تستبح لنفسها االستعانة بؤعداء األمة علها، وبذلك تقع صراع وتمزق فكري واجتماع وساس، قد تطور إلى صاع دموي بل حرب أهلة تؤكل

دة مرقوا من دنهم، واعتنقوا مجموعة محدو: وهذا ما حدث بالفعل ف أفؽانستان. األخضر والابسالعقدة الشوعة بعد أن درسوا ف روسا، وجندوا ف صفوؾ الحزب الشوع، وف ؼفلة من الزمن

ولم سلم . وثبوا على الحكم، وطفقوا ؽرون هوة المجتمع كله، بما تحت أدهم من سلطان وإمكاناتاتسعت المقاومة الت كونت الجهاد األفؽان الباسل أبناء الشعب األفؽان لهم، بل قاوموا ثم قاوموا، و

ضد المرتدن الشوعن الذن لم بالوا أن ستنصروا على أهلهم وقومهم بالروس، دكون وطنهم بالدبابات وقذفونه بالطابرات، ودمرونه وكان ضحاا المبلن من القتلى والمعوقن والمصابن

Page 30: ملامح المجتمع المسلم

. لخراب الذي أصاب الببلد وأهلك الزرع والضرعوالتامى واألرامل والثكالى، واكل هذا لم كن إال أثرا للؽفلة عن المرتدن، والتهاون ف أمرهم والسكوت على جرمتهم ف أول

ولو عوقب هإالء المارقون الخونة، قبل أ، ستفحل أمرهم، لوق الشعب والوطن شرور هذه . األمر .د والعبادالحرب الضروس وآثارها المدمرة على الببل

أمور مهمة تجب مراعاتها

:والذي أرد أن أذكره هنا جملة أمور

أن الحكم بردة مسلم عن دنه أمر خطر جدا، ترتب عله حرمانه من كل والء وارتباط : ولاألباألسرة والمجتمع، حتى إنه فرق بنه وبن زوجة وأوالده، إذ ال حل لمسلمة أن تكون ف عصمة

. لفقهاء ف جملتهاكافر، كما أن أوالده لم عد مإتمنا علهم، فضبل عن العقوبة المادة الت أجمع علها الهذا وجب االحتاط كل االحتاط عند الحكم بتكفر مسلم ثبت إسبلمه ألنه مسلم بقن، فبل زال القن

.بالشك

وقد . تكفر من لس بكافر، وقد حذرت من ذلك السنة النبوة، أبلػ التحذر: ومن أشد األمور خطرا : الت انتشرت ف وقت ما. مقاومة تلك الموجة العاتةل( ظاهرة الؽلو ف التكفر)كتبت ف ذلك رسالة

.التوسع ف التكفر، وال زال وجد من عتنقها

أن الذي ملك الفتوى بردة امرئ مسلم، هم الراسخون ف العلم من أهل االختصاص الذن : الثانال قبل التؤول، فبل مزون بن القطع والظن بن المحكم والمتشابه، بن ما قبل التؤول وبن ما

إنكار المعلوم من الدن بالضرورة، أو وضعه موضع : كفرون إال بما ال جدون له مخرجا مثل ما : مثال ذلك. السخرة من عقدة أو شرعة، ومثل سب هللا تعالى ورسوله وكتابه عبلنة، ونحو ذلك

بدأ بإنكار السنة ثم أنكر آتن من القرآن أفتى به العلماء من ردة سلمان رشدي، ومثله رشاد خلفة الذي خاتم ( صلى هللا عله وسلم)ف آخر سورة التوبة ثم ختم كفره بدعوى أنه رسول هللا، قاببل إن محمد

وقد صدر بذلك قرار من مجلس المجتمع الفقه لرابطة العالم !! النبن ، ولس خاتم المرسلن .اإلسبلم

إلى المتسرعن أو الؽبلة، أو قلل البضاعة من العالم، لقولوا على هللا وال جوز ترك مثل هذا األمر .ما ال علمون

الذي ال , بعد حكم القضاء اإلسبلم المختص , أن الذي نفذ هذا هو ولى األمر الشرع : الثالث ى وسنة وال رجع إال إلى المحكمات البنات من كتاب اله تعال, حتكم إال إلى شرع هللا عز وجل

فإن تنازعتم ف شا : ) وهما اللذان رجع إلهما إذا اختلؾ الناس , ( صلى هللا عله وسلم) رسوله ( . فردوه إلى هللا والرسول إن كنتم تإمنون باهلل والوم اآلخر

فإذا لم توافر فه ذلك استعان بؤهل , واألصل ف القاض ف اإلسبلم أن كون من أهل االجتهاد .فكون من قضاة النار , أو قضى بالهوى , وال قضى على جهل . حتى بن له الحق , د االجتها

Page 31: ملامح المجتمع المسلم

بل قال شخ اإلسبلم ابن . قبل تنفذ العقوبة فه , أن جهور الفقهاء قالوا بوجوب استتابة المرتد : الرابع وبعض , عنهم هو إجماع الصحابة رض هللا( : الصارم المسلول على شاتم الرسول )تمة ف كتاب

. ستتاب أبدا : ومنهم من قال , وبعضهم بؤكثر , وبعضهم بؤقل , الفقهاء حددها بثبلثة أام صلى هللا ) وكذلك ساب الرسول , فبل توبة له , ألنه ظهر ؼر ما بطن , واستثنى بعضهم الزندق

. بن تمة كتابه ف ذلك وألؾ ا, فبل تقبل منه توبة , لحرمة رسول هللا وكرامته , ( عله وسلمإن , وتقوم عله الحجة , عسى أن تزول منه الشبهة , والمقصود بذلك إعطاإه الفرصة لراجع نفسه

. وله هللا ما تولى , أو عمل لحساب آخرن , وان كان له هوى , كان طلب الحققة بإخبلص أما . ولكن هذا ف أحكام اآلخرة , إلنسان إن قبول التوبة إلى هللا ولس إلى ا: ومن المعاصرن من قال

فقد , وال ننقب عن قلوب الخلق , ونقبل اإلسبلم الظاهر , ف أحكام الدنا فنحن نقبل التوبة الظاهرة ( ال إله إال هللا : ) وقد صح ف الحدث أن من قالوا . وهللا تولى السرابر , أمرنا أن نحكم بالظاهر

إن : ومن هنا نقول. عنى فما انعقدت قلوبهم . وحسابهم على هللا تعالى , عصموا دماءهم وأموالهم وتحددها , ثم الحكم عله باستحقاق العقوبة , إعطاء عامة األفراد حق الحكم على شخص ما بالردة

حمل خطورة شددة على دماء الناس وأموالهم وأعراضهم -وتنفذ ذلك ببل هوادة , بؤنها القتل ال ؼر وال حكمة أهل القضاء , الذي لس له علم أهل الفتوى -أن جمع الشخص العادي : ن مقتضى هذا أل, فهو , وحكم ونفذ -تهم : وبعبارة أخرى -فتى : سلطات ثبلثا ف ده -وال مسإولة أهل التنفذ ,

!!اإلفتاء واالدعاء والقضاء والشرطة جمعا

اعتراضات مردودة لبعض المعارضين

لردة بؤنها لم ترد على عقوبة ا -من ؼر أهل العلم الشرع -ولقد اعترض بعض الكاتبن ف عصرنا ف القرآن الكرم، ولم ترد إال ف حدث من أحادث اآلحاد، وحدث اآلحاد ال إخذ به ف الحدود، فهم

. لذلك نكرونها

:وهذا الكالم مردود من عدة أوجه

قل أطعوا هللا:) أن السنة الصححة مصدر لؤلحكام العملة باتفاق جمع المسلمن، وقد قال تعالى : أوال . ونفذه الصحابة ف عهد الراشدن , وقد صحت األحادث بقتل المرتد ( وأطعوا الرسول

والقول بؤن أحادث اآلحاد ال إخذ بها ف الحدود ؼر مسلم ، فجمع المذاهب المتبوعة أخذت بؤحادث قوبة مع أن ف عقوبة الردة أصح وأوفر أؼزر مما ورد ف ع, ف عقوبة شارب الخمر , اآلحاد

. شارب الخمر إلؽاء السنة من : لكان معناه , أن أحادث اآلحاد ال عمل بها ف األحكام : ولو صح ما زعمه هإالء

ولم عد هناك . منها % -99إن لم نقل % - 95إلؽاء: أو على األقل . مصدرة التشرع اإلسبلم

. اتباع الكتاب و السنة : معنى لقولنا والحدث . أن أحادث اآلحاد ه الجمهرة العظمى من أحادث األحكام: العلم فمن المعروؾ لدى أهل

نادرا جدا، حتى زعم بعض أبمة الحدث أنه ال كاد وجد، كما ذكر ذلك -الذي قابل اآلحاد -المتواتر . اإلمام ابن صبلح ف مقدمته الشهرة ف علوم الحدث

دركون معنى حدث اآلحاد وحسبون أنه الذي رواه واحد على أن كثرا ممن تناولون هذا األمر ال

Page 32: ملامح المجتمع المسلم

ثبلثة أو أربعة أو , ما لم بلػ درجة التواتر، وقد روه اثنان أ: فالمرتد بحدث اآلحاد . فقط، وهذا خطؤ. أكثر من الصحابة وأضعافهم من التابعن

من األحادث المستفضة وحدث قتل المرتد قد رواه جم ؼفر من الصحابة، ذكرنا عددا منهم فهو .المشهورة

السنة ) وكد أجمع فقهاء األمة من كل المذاهب , اإلجماع : أن من مصادر التشرع المعتمدة : ثانا إال ما , وأوشكوا أن تفقوا على أنها القتل , على عقوبه المرتد, ومن خارج المذاهب , ( وؼر السنة

.مجمع علها -ف الجملة -لعقوبة ولكن ا, روى عن عمر والنخعى والثورى

, إن آة المحاربة المذكورة ف سورة المابدة تختص بالمرتدن : أن من علماء السلؾ من قال : ثالثا إنما جزاء الذن حاربون هللا ورسوله وسعون ف األرض فسادا أن قتلوا أو ) وهى قوله تعالى

. اآلة ( صلبوا أن محاربة هللا : وقد نقلنا من كبلم ابن تمة . ف المرتدن أبو قبلبة وؼره وممن قال بؤن هذه اآلة

أن األحادث الت : كما زد ذلك . وكذلك اإلفساد ف األرض , ورسوله باللسان أشد من المحاربة بالد ل أو فإنه قت, ورجل خرج محاربا له ورسوله ) ذكر بعضها , قررت استباحة دم المسلم بإحدى ثبلث

التارك ) أو ( ارتد بعد إسبلم ) كما ف حدث عابشة بدال من عبارة , ( صلب أو نفى من األرض .وهو ما دل على أن اآلة تشمل فما تشمل المرتدن الداعن إلى ردتهم . إلخ ( ... لدنه

حبهم وحبونه أذلة على ا أها الذن آمنوا من رتد منكم عن دنه فسوؾ ؤت هللا بقوم ي) وفى القرآن وهذا دل على أن هللا هؤ (. المإمنن أعزة على الكافرن جاهدون ف سبل هللا وال خافون لومة البم

مثل أبى بكر , من المإمنن المجاهدن الذن وصفهم هللا بما وصفهم به , للمرتدن من قاومهم وكذلك جاءت مجموعة من اآلات ف شؤن . ةالذن أنقذوا اإلسبلم من فتنة الرد, والمإمنن معه

والحلؾ الباطل , تبن أنهم حموا أنفسهم من القتل بسبب كفرهم عن ط ق األمان الكاذبة , المنافقن اآلة، ( حلفون لكم لترضوا عنهم ) , ( اتخذوا أمانهم جنة : ) كما ف قوله تعالى , إلرضاء المإمنن

, فهم نكرون أنهم كفروا , اآلة ( د قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسبلمهم حلفون باهلل ما قالوا ولؾ) فدل ذلك أن الكفر إذا ثبت علهم بالبنة , وحلفون أنهم لم تكلموا بكلمة الكفر , وإكدون ذلك بؤمانهم

(.وأمانهم الفاجرة لم تؽن عنهم شبا, فإن جنتهم تكون قد انخزمت ,

ردة السلطان

وقاوم , ة الذي فترض فه أن حرس عقدة األم, ردة الحكم , ردة السلطان : وأخطر أنواع الردة , فإذا هو نفسه قود الردة , وال بقى لهم من باقة ف رحاب المجتمع المسلم , وطارد المرتدن , الردة

ومنحهم , وفتح لهم النوافذ واألبواب , وحمى المرتدن , ونشر الفسوق سافرا ومقنعا , سرا وجهرا :، أو كما قال الشاعر العرب ( حامها حرامها ) ال: وصبح األمر كما قال المثل , األوسمة واأللقاب

!!وراعى الشاة حمى الذنب عنها فكؾ إذا الرعاة لها ذباب ؟

Page 33: ملامح المجتمع المسلم

مستخفا , مستهنا بالعقدة . معادا ألولاء هللا , موالا ألعداء هللا , نرى هذا الصنؾ من الحكام من , مهنا لكل مقدسات األمة ورموزها , ؼر موقر لؤلوامر والنواه اإللهة والنبوة , بالشرعة

وهإالء , وأبطال اإلسبلم , واألبمة األعبلم , والخلفاء األخار , واآلل األطهار , الصحابة األبرار والحجاب للنساء , مثل الصبلة ف المساجد للرجال , عتبرون التمسك بفرابض اإلسبلم جرمة وتطرفا

ف التعلم واإلعبلم , الت جاهروا بها ( تجفؾ المنابع ) فق فلسفة بل عملون و, وال كتفون بذلك . بل ه طاردون , وال قفون عند هذا الحد . وال نفسة مسلمة , حتى ال تنشؤ عقلة مسلة , والثقافة

, ترد أن ةتجدد الدن , وؽلقون األبواب ف وجه كل دعوة أو حركة صادقة , الدعاة الحققن تحرص على أن -مع هذه الردة الظاهرة -والؽرب أن بعض هذه الفبات . نا على أساسهوتنهض بالد

وهم قوضون , ولتعاملهم األمة على أنهم مسلمون , لتستؽله ف هدم اإلسبلم , بقى لها عنوان اإلسبلم ذن حرقون وتقرب ال, بتشجع التدن الزابؾ , وبعضها تجتهد أن تتمسح بالدن . بنانها من الداخل

, وهنا تعقد الموقؾ ( وعمبلء الشرطة , علماء السلطة ) ممن سماهم الناس , لها البخور من رجاله , وهو كفر بواح كما سماه الحدث ، , فمن الذي قم الحد على هإالء بل من الذي فتى بكفرهم أوال

الرأي ) أدهم ؟ لس هناك إال ومن الذن حكم بردتهم وأجهزة اإلفتاء الرسم والقضاء الرسم ف والذي , الذي قود األحرار من العلماء والدعاة وأهل الفكر , والضمر اإلسبلم العام , المسلم ( العام

أن تحول إلى بركان نفجر ف وجوه -وقطعت دونه األسباب , إذا سدت أمامه األبواب . ال لبث أو تنازل عن عقدته ورسالته , المجتمع المسلم ف هوته فلس من السهل أن فرط . الطؽاة المرتدن

.وسر بقابه , الت ه مبرر وجوده ,

واالستعمار الشرق الروس ف الجمهورات , وقد جرب ذلك االستعمار الؽرب الفرنس ف الجزابر الهوة لم تستطع اجتثاث جذور , ورؼم قسوة التجربة وطولها هنا وهناك , اإلسبلمة ف آسا

. والشعب المسلم , وبقى اإلسبلم , وذهب االستعمار والطؽان , والشخصة اإلسبلمة , اإلسبلمة العلمانن والمتؽربن ( الوطنن ) ؼر أن الحرب الت شنت على اإلسبلم ودعاته من بعض الحكام

.رب المستعمرن من ح, وأشد ضراوة , كانت أحد عداوة -بعد استقبللها -ف بعض األقطار

الردة المغلفة

فهو أذكى من أن علن , تبجح تبجح المرتدن المعالنن وال فوتنا هنا أن ننبه على نوع من الردة الال تراه , وتسلل به إلى العقول تسلل األسقام ف األجسام , بل ؽلفه بؤؼلفة شتى , الكفر بواحا صراحا

بل , فهو ال قتل بالرصاص دوى , وظهر عرضه , ولكن بعد أن بدو مرضه , حن ؽزو الجسم , والبصراء ف الدن , وهذا دركه الراسخون ف العلم . ف العسل والحلوى ضعه , بالسم البطء

وال دعون للقانون , ال مكنون من أنفسهم , ولكنهم ال ملكون أن صنعوا شبا أمام مجرمن محترفن .الذن هم ف الدرك األسفل من النار ( المنافقون)فهإالء هم . فرصة لمسك بخناقهم

, ومجبلت تباع , ف صحؾ تنشر وكتب توزع ! الت تطالعنا كل وم آثارها ( الفكرةالردة ) إنها أخطر -ف رأ -وهذه الردة المؽلفة . وقوانن تحكم , وتقالد تروج , وبرامج تشاهد , وأحادث تذاع

, الصرحة وال تقاوم كما تقاوم الردة, وعلى نطاق واسع , ألنها تعمل باستمرار , من الردة المكشوفة . إن النفاق أشد خطرا من الكفر الصرح . وتثبر الجماهر , وتلفت األنظار , الت تحدث الضجج

Page 34: ملامح المجتمع المسلم

أخطر على اإلسبلم من كفر أبى جهل ومن تبعه , ونفاق عبد هللا بن أبى ومن تبعه من منافق المدنه أي المصرحن بالكفر ف ( الذن كفروا: )ولهذا ذم القرآن ف أوابل سورة البقرة. من مشرك مكةوراوحنا , إنها الردة الت تصاحبنا وتماسنا . وذكر المنافقن ف ثبلث عشرة آه , آتن اثنتن فقط

إن الفرضة ردة وال أبا بكر لها -كما قال شخ اإلسبلم الندوى -إنها . وال تجد من قاومها, وتعادنا وزال , وتسقط أقنعهم , الفكر بالفكر حتى تسقط أوراقهم , سلحتهم محاربتهم بمثل أ: ه , المإكد هنا

المروءة والمسموعة : صحح أنهم ممكنون من أوسع المنابر اإلعبلمة . شبهاتهم بحجج أهل الحق ورصد اإلمان ف قلوب شعوبنا وتؤد هللا تعلى لنا، كلها كفلة , ولكن قوة الحق الذي معنا , والمربة

فؤما الزبد )، ( بل نقذؾ بالحق على الباطل فدمؽه فإذا هو زاهق: )اطلهم على رإوسهمأن تهدم ب …(فذهب جفاء، وأما ما نفع الناس فمكث ف األرض

.وصدق هللا العظم

وكلفهم القام , هو الشعابر الت فرضها هللا على المسلمن -بعد العقدة -والمقوم الثان للمجتمع المسلم , ن حققة إمانهم به وعبروا بها ع, وربحوا مثوبته , وبتؽوا بها رضوانه , لتقربوا بها إله , بها

. وقنهم بلقابه وحسابه أركان اإلسبلم ومبانه -مع الشهادتن -وأظهر هذه الشعابر ه الفرابض األربع الت عرفت بؤنها

. « العبادات » والت خصها الفقها ء باسم , العظام أن ال إله إال هللا وأن شهادة : بنى اإلسبلم على خمس : ) وفى التنوه بؤمرها جاء الحدث المشهور

وحج البت لمن استطاع إله سببل , وصوم رمضان , وإتاء الزكاة , وإقام الصبلة , رسول هللا -محمد. وأكدها حدث جبرل وؼره (

ونوه , وشدد الحدث علهما , ولكنى أضؾ إلى هذه األربع فرضتن أساستن أكد اإلسبلم أمرهما فهما جدرتان أن تقدا من دعابم ,بمنزلتهما عند هللا

, فرضة األمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر : وهما . اإلسبلم وشعابره الكبرى . وفرضة الجهاد ف سبل هللا

: وهى , وبذلك تكون الفرابض األساسة والشعابر الكبرى العملة ستا

. إقامة الصالة .1

. إتاء الزكاة .2

. صوم رمضان .3

.حج البت .4

. األمر بالمعروف والنهى عن المنكر .5

. الجهاد ف سبل هللا .6

Page 35: ملامح المجتمع المسلم

تتمز بهاحاة الفرد المسلم من ؼر , وظاهرة , ألنها عبلمات فارقة , وإنما سمت هذه الفرابض شعابر . كما تتمز بها حاة المجتمع المسلم من ؼر المسلم , المسلم

قال . واستقرارها ف حناا الصدور , العقدة ف القلوب وإقامة هذه الشعابر وتعظمها دلل على قوة وسؤكتف هنا بالحدث عن ثبلث من هذه ( . ذلك ومن عظم شعابر هللا فإنها من تقوى القلوب: ) تعالى

فلس المراد . واألمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر , الصبلة والزكاة : وهى , العبادات أو الفرابض .هنا هو االستقصاء

الصــالة

وأول ما , ضته الومة المتكررة وفر, فه عمود اإلسبلم , أولى هذه الفرابض والشعابر ه الصبلة

. وبن المإمنن والكفار , وهى الفصل األول بن اإلسبلم والكفر , حاسب المإمن عله وم القامة ، (بن الرجل وبن الكفر ترك الصبلة : ) ف أحادثه -صلى هللا عله وسلم-وهذا ما أكده الرسول

وكان هذا المعنى واضحا تمام الوضوح لدى ( . تركها فقد كفر فمن, الصبلة : العهد الذي بننا وبنهم )ال رون شبا -كان أصحاب رسول هللا : ) قال عبد هللا بن شقق العقلى , الصحابة رضوان هللا علهم

وال ؼرو أن جعل القرآن الصبلة فاتحة خصال المإمنن ( . من األعمال تركه كفر ؼر الصبلة وفى , ( قد أفلح المإمنون ،الذن هم ف صبلتهم خاشعون ) فهو ف البدء قول ,المفلحن وخاتمتها

داللة على مكانة الصبلة ف حاة الفرد المسلم ( والذن هم على صلواتهم حافظون: ) الختام قولوأما , كما جعل القرآن إضاعة الصبلة من صفات المجتمعات الضالة المنحرفة . والمجتمع المسلم

فخلؾ من بعدهم خلؾ : )قول سبحانه . فهو من سمات المجتمع الكافر , علها والسخرة بها التمردقل -وإذا ‹ -وقول ف شؤن الكفرة المكذبن , ( فسوؾ لقون ؼا , أضاعوا الصبلة واتبعوا الشهوات

وذلك بؤنهم قوم , وإذا نادتم إلى الصبلة اتخذوها هزوا ولعبا:)وفى آة أخرى , لهم اركعوا ال ركعونمجتمع . كما أنه رمان النشؤة والمصدر , إن المجتمع المسلم مجتمع ربان الؽاة والوجهة ( . ال عقلون

والصبلة ه العبادة الومة الت تجعل المسلم دابما على , مرتبط بعروته الوثقى , موصول الحبال باهلل وكلما أنسته مشاؼل الدنا ربه جاءت , لصبلة فانتشلته كلما ؼرق ف لجج الحاة جاءت ا, موعد مع هللا

) فه , جاءت الصبلة فطهرته , أو ؼر قلبه تراب الؽفلة , وكلما ؼشه دنس الذنوب , الصبلة فذكرته فبل بقى من , وتتطهر فه القلوب كل وم خمس مرات , الروح الذي تؽتسل فه األرواح ( الحمام

. درنها شا , فإذا صلتم الصبح ؼسلتها , تحترقون تحترقون : ) -صلى هللا عله وسلم-ود عن النب روى ابن مسع

لعصر ؼسلتها 1فإذا صلتم , ثم تحترقون تحترقون , فإذا صلتم الظهر ؼسلتها , ثم تحترقون تحترقون

لعشاء فإذا صلتم ا, ثم تحترقون تحترقون , فإذا صلتم المؽرب ؼسلتها , ثم تحترقون تحترقون , . ثم تنامون فبل تكتب علكم حتى تستقظوا , ؼسلتها

, فالجماعة ف الصبلة إما فرض كفاة . كما امتازت باألذان , وامتازت الصبلة اإلسبلمة بالجماعة صلى هللا -وألهمة الجماعة هم النب . وإما فرض عن كما قول اإلمام أحمد , كما قول أكثر األبمة

ألنهم كانوا تخلفون عن الجماعات وصلون ف بوتهم , ن حرق على قوم بوتهم بالنار أ, -عله وسلم( لقد رأتنا وما تخلؾ عنها إال مرض أو منافق معلوم النفاق : ) وقال ابن مسعود ف الجماعة . . وألهمه صبلة الجماعة حرص اإلسبلم على إقامتها ولو ف أثناء الحرب .

: تإدى خلؾ إمام واحد على مرحلتن , وهى صبلة خاصة بالحرب والمعارك ( صبلة الخوؾ) فشرع , تصلى ف المرحلة األولى طابفة من المقاتلن ركعة وراء اإلمام ثم تنصرؾ إلى مواقعها العسكرة

Page 36: ملامح المجتمع المسلم

. ثم تؤت الطابفة الت كانت ف مواجهة العدو فتصلى بقة الصبلة خلؾ اإلمام , وتكمل صبلتها هناك ولم هذا كله ؟ لببل فوت أحدا من المجاهدن فضل الجماعة الت . مع لبس السبلح وأخذ الحذر كل هذا

فلم بال بتقسم الصبلة وإباحة كثر من الحركات والمش من أجل الحفاظ , حرص علها اإلسبلم لتقم طابفة منهم وإذا كنت فهم فؤقمت لهم الصبلة ؾ: ) وقد جاءت هذه الصبلة ف القرآن الكرم . علها

معك وما أخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فكونوا من ورابكم ولتؤت طابفة أخرى لم صلوا فلصلوا معك ود الذن كفروا لو تؽفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فملون علكم ملة , ولؤخذوا حذرهم وأسلحتهم

, وخذوا حذركم, عوا أسلحتكموال جناح علكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تض, واحدة( . إن هللا أعد للكافرن عذابا مهنا

وتربص العدو , فاستعار المعارك , دلنا على منزلة الصبلة نفسها , وهذا كما دلنا على منزلة الجماعة وإنما جب أن تإدى بالصورة , ال سقطالصبلة أو شؽل عنها , واالشتؽال بالجهاد ف سبل هللا ,

وكفى عند الضرورة النة , عند االلتحام , وال استقبال قبله , ولو ببل ركوع وال سجود , طاعة المستحافظوا على الصلوات والصبلة الوسطى وقوموا : ) قال تعالى , وما مكن من التبلوة واإلشارة والذكر ومعنى , ( م ما لم تكونوا تعلونفإذا أمنتم فاذكروا هللا كما علمك, هلل قانتن ، فإن خفتم فرجاال أو ركبانا

. مستقبلن القبلة أو ؼر مستقبلها كؾ استطعتم , أي صلوا مشاة أو راكبن ( : فرجاال أو ركبانا : ) . ونطبق هذا على راكب الطابرات والدبابات والمصفحات ونحوها

ه األصوات كل وم خمس مرات الذي ترتفع ب, ذلك النداء الربان : وامتازت الصبلة اإلسبلمة باألذان أربع -هللا أكبر : ) معلمة بدخول وقت الصبلة معلنة بالعقابد الربسة والمبادئ األساسة لئلسبلم ,

على , مرتن -ح على الصبلة , مرتن -أشهد أن محمدا رسول هللا , أشهد أن ال إله إال هللا , مرات ( . إله إال هللا ال, مرتن -هللا أكبر , مرتن -الفبلح

تعلو به صحات المإذنن فجاوبهم المإمنون ف كل , هذا األذان بمنزلة النشد القوم ألمة اإلسبلم . وتثبتا لها ف العقول والقلوب , تؤكدالمعانها ف األنفس , فرددون معهم ألفاظ األذان ذاتها , مكان

. ة روحة ف حاة المسلم لست مجرد صل -كما شرعها اإلسبلم -والصبلة وما شرع لها من التجمع واالنتظام وما أقم لها من بوت هللا ، , بما سن لها من األذان واإلقامة -إنها

وما رجب , وتحدد المواقت , واستقبال القبلة , وأخذ الزنة , وما اشترط لها من النظافة والطهارة بهذا كله أصبحت أكثر من -تفتتح بالتكبر وتختتم بالتسلم, فها من حركات وتبلوة وأقوال وأفعال

. . . شمل األبدان والعقول والقلوب . ومنهج تربة وتعلم متكامل , إنها نظام حاة , عبادة مجردة الصبلة تطق عمل لمبادئ . والقلوب تتزكى وتتطهر , والعقول تتعلم وتتثقؾ , فاألبدان تنظؾ وتنشط

وتبرز , والمساواة والحرة , فتحت المسجد تتجلى معان اإلخاء , ة واالجتماعة المثلى اإلسبلم الساس. والنظام الجمل , والطاعة المبصرة , معان الجندة المإمنة

, وال قؾ أثر الصبلة عند هذا الحد الفردي : ) قول اإلمام الشهد حسن البنا مبنا أثر أثرها الروح منهاج كامل لتربة األمة , وحققتها الباطنة , وصفها اإلسبلم بؤعمالها الظاهرة بل إن الصبلة كما

وهى بآثارها الروحة وأذكارها , فه بؤعمالها البدنة وأوقاتها المنتظمة خر ما فد البدن : الكاملة قرآن الكرم وال -وهى باشتراط القراءة فها , وتبلوتها وأدمتها خر ما هذب النفس ورقق الوجدان

فخرج المصلى , تؽذى العقل وقد الفكر بكثر من حقابق العلوم والمعارؾ -منهاج ثقافة مالة شامل فؤي كمال ف التربة اإلنسانة الفردة بعد هذا ؟ ثم , وؼذى عقله , ورق شعوره , المتقن وقد صح بدنه

ومرة ف كل أسبوع عل المعان , ه باشتراط الجمعة والجماعة تجمع األمة خمس مرات ف كل ومفؤي , االجتماعة الصالحة من الطاعة والنظام والحب واإلخاء والمساواة بن دي هللا العل الكبر

وشد على هذه المثل العالة ؟ إن الصبلة , كمال ف المجتمع أتم من أن قوم على هذه الدعابم ولقد خطر ل وأنا أستعرض المبادئ االجتماعة , مشد وبناء لؤلمة , اإلسبلمة تربة للفرد كاملة

) فؤخذت من : العصرة أن الصبلة اإلسبلمة أخذت بؽر ما فها وطرحت نقابصها ومساوها والتآخ . بجمع الناس ف صعد واحد ال ملكه إال هللا وهو المسجد, معنى المساواةوالتآخ( الشوعة

Page 37: ملامح المجتمع المسلم

النظام والحزم ( الدكتاتورة ) وأخذت من . لكه إال اله وهو المسجد بجمع الناس ف صعد واحد ال م( الدمقراطة) وأخذت من , بإلزام الجماعة اتباع اإلمام ف كل حركة وسكون ومن شذ شذ ف النار

: وطرحت كل ما سوى ذلك , النصح والشورى ووجوب رد اإلمام إلى الصواب إذا أخطؤ كابنا من كان لكانت عصارة سابؽة من الخر ال , وإباحة الدمقراطة , عة ، واستمداد الدكتاتورةمن فوضى الشو

. كدر فها وال التواء . ومن أجل هذا كله عنى المجتمع المسلم ف عصور السلؾ الصالح بؤمر الصبلة

وا أن عرفوا فإذا أراد, وتقاس منازلهم ودرجاتهم , بها توزن أقدار األشخاص ( المزان ) حتى سموها وهذا مصداق . . ومقدار محافظته علها وإحسانه لها , سؤلوا عن صبلته , دن رجل ومدى استقامته

إنما عمر مساجد هللا : ) ثم تبل , ( إذا رأتم الرجل عتاد المساجد فاشهدوا له باإلمان :) الحدث النبوي فعسى أولبك أن كونوا من , ولم خشى إال هللا من آمن باهلل والوم اآلخر وأقام الصبلة وآتى الزكاة

( . المهتدنبعد أن هاجر إلى المدنة ه , -صلى هللا عله وسلم-ومن هنا كانت أول مإسسة أنشؤها الرسول

. وبرلمانا للتفاهم , ومدرسة للعلم , الذي كان جامعا للعبادة , المسجد النبوي , واختلفوا فمن تركها عمدا كسبل , لها واستخفافا بها فقد كفر وأجمع األبمة على أن من تركها جحودا

ومنهم من حكم عله بالفسق واستحقاق . كؤحمد وإسحاق , فمنهم من حكم عله بالكفر واستحقاق القتل ومنهم من حكم عله بالفسق واستحقاق التعزر والتؤدب بالضرب والحبس , القتل كمالك والشافعى

إن الصبلة متروكة لضمر المسلم إن شاء أداها : ولم قل أحد منهم . . ى كؤبى حنفة حتى توب وصلبل أجمعوا على أن من واجب الحاكم أو الدولة المسلمة أن تتدخل , وحسابه على هللا , ، وإن شاء تركها

إلسبلم فلس بمجتمع مسلم ذلك الذي دع المنتسبن ل. بالزجر والتؤدب لكل مصر على ترك الصبلة . بدعوى أن الناس أحرار فما فعلون , وال تعرض لهم بعقاب وال تؤدب , دون أن ركعوا له ركعة

ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي سوى بن المصلن وؼر المصلن ء بله أن قدم تارك الصبلة . وضعهم ف موضع القادة والموجهن

مإسساته وشركاته ومدارسه ولس فها مساجد تقام فها ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي تنشا دواونه و, ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي قوم نظام العمل فه على أن ال وقت للصبلة . ورتفع اآلذان , الصبلة

: ولفت نظره إلى هذا الخطؤ الجسم , ومن خالؾ ذلك من الموظفن والعاملن عوقب بما ناسب المقام ك الذي تقام فه الندوات واألحفال واالجتماعات والمحاضرات ودخل وقت ولس بمجتمع مسلم ذل

لس بمجتمع مسلم ذلك الذي ال ؤخذ : قبل ذلك كله . وال أذان سمع وال صبلة تقام , الصبلة ونته , فإمرون بها لسبع , منذ نعومة األظفار , ف المدارس والبوت , أبناءه وبناته بتعلم الصبلة

. علها لعشر وضربونولس بمجتمع مسلم ذلك الذي ال تحتل الصبلة من برامجه التعلمة والثقافة واإلعبلمة مكانا لق

.بؤهمتها ف دن هللا ، وفى حاة المسلمن

الزكاة

وهى شققة , العظام . والركن المال االجتماع من أركان , والزكاة ه الشعرة الثانة ف اإلسبلم قرنت بها ف كتاب هللا , الصبلة ف القرآن والسنة

وتارة بصؽة ( وأقموا الصبلة وآتوا الزكاة) ة األمر، مثل قوله تعالىثمانة وعشرن مرة، تارة بصػإن الذن آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصبلة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم : )الخبر مثل قوله

(. وال خوؾ علهم وال هم حزنون

Page 38: ملامح المجتمع المسلم

سبلم أو ف مجتمع المسلمن، وطورا تؤت الزكاة مقرونة بالصبلة ف صورة الشرط للدخول ف دن اإل: قال تعالى ف سورة التوبة ف شؤن المشركن المحاربن

وقال بعد بضع آات من , ( إن هللا ؼفور رحم , فإن تابوا وأقاموا الصبلة وآتوا الزكاة فخلوا سبلهم ) م عترؾ لمشرك فل( . فإن تابوا وأقاموا الصبلة وآتوا الزكاة فإخوانكم ف الدن : ) نفس السورة

, واكتساب أخوة أبنابه إال بالتوبة من الكفر , وال باالنتساب إلى المجتمع المسلم , بالدخول ؾ اإلسبلم , وحث علها األنباء , جاءت بها النبوات -كالصبلة -وهى عبادة قدمة . وإقام الصبلة وإتاء الزكاة

أثنى هللا على أبى األنباء إبراهم . هم إلى أممهم وفى طلعة وصاا, وكانت ف طلعة وصاا هللا لهم وجعلناهم أبمة هدون بؤمرنا وأوحنا إلهم فعل الخرات وإقام : ) وعلى إسحاق وعقوب فقال لهم

( . وكانوا لنا عابدن , الصبلة وإتاء الزكاة ( . مرضا وكان ؤمر أهله بالصبلة والزكاة وكان عند ربه:) وأثنى على إسماعل بقوله

فسؤكتبها للذن تقون وإتون الزكاة والذن هم , ورحمت وسعت كل شا : ) وجاء ف خطابه لموسى ( . بآاتنا إمنون

و ال تعبدون إال هللا وبالولدن إحسانا وذي القربى والتامى والمساكن )وذكر ف بانه لبنى إسرابل وأوصان : )وقال على لسان عسى ف المهد(. الزكاة وقولوا للناس حسنا وأقموا الصبلة وآتوا

وما أمروا إال لعبدوا هللا مخلصن له الدن : ) وقال ف ألهل الكتاب( بالصبلة والزكاة ما دمت حا ( . وذلك دن القمة , حنفا وقموا الصبلة وإتوا الزكاة

. شعرتان وفرضتان وعبادتان -ماكلتاه-وف مجمل هذه اآلات نرى الزكاة قرنة الصبلة، فهما ولكونها عبادة وقربة إلى هللا اشترطت , والزكاة عبادة مالة اجتماعة , الصبلة عبادة بدنة روحة

وهذا بعض ما مزها من . فبل تقبل زكاة إال بنة التقرب إلى هللا , الشرعة فها النة واإلخبلص وان اشتركت ف األصل -أن الزكاة الت فرضها اإلسبلم : بد أنا نإكد هنا . الضربة الوضعة

وال , لم سبق إله دن سماوي , ه ف الواقع نظام جدد فرد -واالسم مع الزكاة ف الدانات السابقة ولكنها ضربة وعبادة , إنها لست مجرد إحسان موكول إلى إمان الفرد وضمره . قانون أرضى

. وسلطان الدولة , رقابة الجماعة و, حرسها إمان الفرد وبعبارة أجزى بواسطة الدولة , فاألمل ف اإلسبلم أن تإخذ الزكاة بواسطة اإلمام والسلطات الشرعة

( العاملن علها : ) عن طرق الجهاز اإلداري الذي نص عله القرآن ف صراحة وسماه, المسلمة , استقبلل مزانتها من األبواب األخرى ف المزانة داللة على, وجعل لهم سهما من مصارؾ الزكاة

ومن ثم , وال درك المستحقون منها شبا ذكر , حتى ال تذوب حصلتها ف مصارؾ الدولة المتنوعة أنها تإخذ : ) ف الحدث من الزكاة, وجاء ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكهم بها: ) قال القرآن

ولست تبرعا اختارا متروكا , فرضة تإخذ أخذا -إذن -فه , (ى فقرابهم من أؼنابهم فترد عل. لضمابر األشخاص

جش , أبا بكر الصدق , وال نعجب بعد ذلك إذا حدثنا التارخ الصادق أن الخلفة األول لرسول هللا نقم : وقالوا, لزكاة وأعلن الحرب على أقوام من العرب امتنعوا عن أداء ا, وبعث الكتابب , الجوش

:) وقال كلمته الشهرة , فؤبى الصدق أن هادنهم ف شء مما أوجب هللا, الصبلة وال نإتى الزكاة عقاال : وفى رواة , أي عنزة صؽرة -وهللا لو منعون عناقا , وهللا ألقاتلن من فرق بن الصبلة والزكاة

, النبوة , م فرق أبو بكر بن المرتدن الذن اتبعوا أدعاء ول( . كانوا إدون لرسول هللا لقاتلهم عله - . الزكاة وقاتل أولك وهإالء , وبن الممتنعن من إتاء

حدد , وتوزعها على مستحقها , ولما كانت الزكاة ضربة تتولى الدولة المسلمة جباتها من أربابها ولم دعها لضمابر , ارؾ الت توضع فها والمص, اإلسبلم مقادرها ونصبها والنسب الواجبة فها

. المإمنن وحدها ف مقدارها ونسبتها ومواردها ومصارفها

Page 39: ملامح المجتمع المسلم

األمر بالمعروف والنهي عن المنكر

. وهذه ه الفرضة أو الشعرة من فرابض اإلسبلم وشعابره،وه ساج الشعابر السابقة وحارستهافالمؤلوؾ والشابع هو , وربما استؽرب بعض الناس أن تكون هذه ضمن الفرابض األساسة ف اإلسبلم

. كن المتتبع للقرآن والسنة جد ذلك أوضح من فلق الصباح ول. األربع الت سلؾ ذكرها فالقرآن جعل األمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر هو الخصصة األولى الت تمزت بها هذه األمة

كنتم خر أمة أخرجت للناس تؤمرون بالمعروؾ وتنهون عن : ) وفاقت بها أمم األرض , المسلمة ( . المنكر وتإمنون باهلل

ألن , مع أن اإلمان هو األساس , األمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر ف الذكر على اإلمان قدمالت لم تخرج , ولكن األمر والنهى فضلة هذه األمة , اإلمان باهلل قدر مشترك بن األمم الكتابة جمعا

, فحسب , لتعش لنفسها ولم خرجها , بل أخرجها هللا إخراجا , للوجود من نفسها كالنبات الصحراوي همها أن تشع المعروؾ وتثبته، وأن تزل , فه أمة دعوة ورسالة , للبشرة كلها , بل أخرجت للناس

وقبل اآلة المذكورة ببضع آات جاء قوله تبارك وتعالى ولتكن منكم أمة دعون إلى . المنكر وتمنعهولتكن منكم : )واآلة الكرمة(. المفلحون الخر وؤمرون بالمعروؾ ونهون عن المنكر، وأولبك هم

ولكن , لكن ل منك الصدق الوف : للتجرد كما تقول ( من) األول أن تكون : تحتمل معنن( أمة أي كن الصدق الوف , هنا لست للتبعض بل للتبرد ( من ) ؾ , منك المسلم المعاهد ف سبل هللا

ولعل مما إد . إلخ . . . كونوا أمة دعون إلى الخر : معنى اآلة وكذلك كون, وكن المسلم المجاهد ( .وأولبك هم المفلحون : ) كما فد قوله تعالى , دون ؼرهم . هذا المعنى حصر الفبلح ف هإالء

كل , آمرة بالمعروؾ ناهة عن المنكر , أن تكون األمة كلها داعة إلى الخر : ومقتضى هذا التفسر ( منكم) ف ( من ) أن تكون : والمعنى الثان . حتى تكون من أهل الفبلح , كانته وطاقته بحسب م

, متمكنة , ومقتضى هذا أن كون ف المجتمع المسلم طابفة قادرة, للتبعض كما هو الشابع المتبادر إجاد -له والمخاطب بهذا األمر اإل, لتقوم بواجب الدعوة واألمر والنهى , معدة اإلعداد المبلبم

, فعلهم تهبة األسباب لوجودها , هم جماعة المسلمن كافة وأولو األمر خاصة -الطابفة المذكورة عم اإلثم جمع , فإذا لم توجد هذه األمة أو هذه الطابفة المنشودة , وإعانتها مادا وأدبا لتقوم برسالتها

. ككل فرض كفاب ترك وهمل , المسلمن ومجتمع , ف دولة تدر لهم ظهرها , وجد أفراد متناثرون قومون بالوعظ واإلرشاد وال كفى أن ي

( أمة ) فاألفراد المتناثرون ال كونون , (أمة ) إنا أراد وجود , فالقرآن لم رد ذلك , نؤى منهم بجانبه وأن . الم وأعظم بواب الخر هو اإلس, كما فترض أن تكون لهذه األمة حرة الدعوة إلى الخر ,

فكل ذي لسان , واألمر والنهى شا أخص وأكبر من الوعظ والتذكر, تكون قادرة على أن تؤمر وتنهى والذي طالبت به اآلة الكرمة إنا هو , ولس قادرا دابما أن ؤمر ونهى , قادر على أن عظ وذكر

والت تمز بها عن مجتمع , منن وفى بان السمات العامة لمجتمع المإ. إجاد أمة تدعو وتؤمر وتنهى ؤمرون , والمإمنون والمإمنات بعضهم أولا ء بعض : ) المنافقن قول القرآن ف سورة التوبة

أولبك سرحمهم , بالمعروؾ ونهون عن المنكر وقمون الصبلة وإتون الزكاة وطعون هللا ورسوله وجعلت الجمع , ة أنها قرنت المإمنات بالمإمنن ومن الجمل ف اآل, ( إن هللا عزز حكم , هللا

وهذه , تبعه األمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر -رجاال ونساء -وحملتهم , بعضهم أولاء بعض , ألنها السمة األولى للمجتمع المسلم , شعرة األمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر على الصبلة والزكاة

سبلم ال كفى منهم أن صلحوا ف أنفسهم حتى عملوا على إصبلح فاإل, وألفراد المجمع المسلم والعصر، إن اإلنسان لف خسر ، إال الذن آمنوا : ) وفى هذا أضا جاءت سورة العصر , ؼرهم

فلم كؾ اإلمان والعمل , ( وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر, ن والهبلك حتى ضموا إلى ذلك التواص بالحق والتواص بالصبر لنجاتهم من الخسرا, الصالح

Page 40: ملامح المجتمع المسلم

وشع ف المجتمع معنى التناصح والدعوة إلى التمسك , حتى شتؽلوا بإصبلح ؼرهم : وبعبارة أخرى وفى سورة التوبة . وصبح ذلك من مقومات المجتمع كاإلمان وعمل الصالحات , بالحق والصبر عله

: ) وذلك قوله , اؾ المإمنن الذن اشترى هللا منهم أنفسهم وأموالهم بؤن لهم الجنة بان ألوص, أضا التاببون العابدون الحامدون السابحون الراكعون الساجدون اآلمرون بالمعروؾ والناهون عن المنكر

لمة حن وفى سورة الحج ذكر القرآن أهم واجبات األمة المس( . وبشر المإمنن, والحافظون لحدود هللا إن هللا لقوى عزز , ولنصرن هللا من نصره : ) فقال , وكون لها دولة وسلطان , هللا لها ف األرض

وهلل , ، إن الذن إن مكناهم ف األرض أقاموا الصبلة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروؾ ونهوا عن المنكرأهم ما تقوم به -ب الصبلة والزكاة إلى جان -فاألمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر ( . عاقبة األمور

كما , إال بهذا , بل ه ال تستحق نصر هللا , دولة اإلسبلم بعد أن مكن هللا لها ونصرها على عدوها إنها تمم على , هذه ه فرضة األمر بالمعروؾ والنهى من المنكر ف القرآن . بنت اآلتان الكرمتان

.كما أن الزكاة علم على وجوب التكافل المادي بنهم, وجوب التكافل األدب بن المسلمن

وذلك فما . وجاء الحدث النبوي فصور هذا التكافل األدب أبلػ ما كون التصور وأروعه وأصدقه :رواه البخاري وؼره عن النعمان بن بشر

,كمثل قوم استهموا على سفنة , مثل القابم على حدود هللا والواقع فها )

وكان الذن ف أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من , وبعضهم أسفلها , ر بعضهم أعبلها فصافإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جمعا ! ولم نإذ من فوقنا , لو أنا خرقنا ف نصبنا خرقا : فقالوا, فوقهم

أن ؽرس الطؽان أو إن أسوا ما صب المجتمعات( وان أخذوا على أدهم نجبوا ، ونجبوا جمعا , وبذلك . وال أمر وال نهى , وال تجهر بدعوة وال نصحة , فبل تعلن بكلمة حق , الخوؾ فها األلسنة

وجترئ الشر ودعاته على الطهور , وتذوى شجرة الخر , تتهدم منابر اإلصبلح وتختف معان القوة من ؼر أن عبد مقاومة وال مقاطعة , وده وجن, وتروج بضامة إبلس , فتنعق سوق الفساد , واالنتشار

فصب الببلء والنكبات على المقترفن للمنكر والساكتن , وحنبذ ستوجب المجتمع نقمة هللا وعذابه . ( .واعلموا أن هللا شدد العقاب , واتقوا فتنة ال تصبن الذن ظلموا منكم خاصة : ) قال تعالى , عله

إن الناس إذا رأوا الظالم فلم ؤخذوا على ده أوشك أن عمهم هللا بعذاب )وقال صلى هللا عله وسلم (. من عنده

إن هللا لعن بنى ( ا ظالم، فقد تودع منهم: إذا رأت أمت تهاب فبل تقول للظالم:) وف حدث آخر النتشار, وسلط علهم من ال رحمهم , وضرب قلوب بعضهم ببعض , إسرابل على لسان أنبابه

لعن الذن كفروا من بنى إسرابل : ) قال تعالى . المنكرات بنهم دون أن تجد من ؽرها أو نهى عنها , ذلك بما عصوا وكانوا عتدون و كانوا ال تناهون عن منكر فعلوه , عن لسان داود وعسى ابن مرم

, مة أو مرض على األقل وأسوا مما ذكرنا أن موت الضمر االجتماع لؤل(. لببس ما كانوا فعلون الذي عرؾ به , ففقد المجتمع حسه الدن واألخبلق -بعد طول اإللؾ للمنكر والسكوت عله

والرشد من , والحبلل من الحرام , وفقد العقل البصر الذي مز الخبث من , المعروؾ من المنكر أو رى , والبدعة سنة , ى ألسنة بدعة فر, وعند ذلك تختل موازن المجتمع وتضبط مقاسه , الؽ

واالستقامة , من اعتبار التدن رجعه , ما نحسه ونلمسه ف عصرنا عند كثرن من أبناء المسلمن وبعبارة موجزة واالنحبلل , وما ال نعلم , واإللحاد تحررا , والفجور فنا , واالحشام جمودا , تزمتا : إلى آخر ما نعلم وما ال نعلم، وبعبارة موجزة.. خلفا ف التفكر واالنتفاع بتراث السلؾ م, تقدما

وتتعالى , أن خفت صوت الحق : وأسوا من هذا وذاك ! والمنكر معروفا , صبح المعروؾ منكرا , ناهه عن المعروؾ , آمره بالمنكر , تتجاوب بها األرجاء داعه إلى الفساد , صحات الباطل

( من أجابهم إلها قذفوه فها , دعاة على أبواب جهنم : ) دث الشرؾ بؤنهم صحات الذن وصفهم الحوهو المجتمع الذي , هذا هو شؤن مجتمع المنافقن الذن جعلهم القرآن ف الدرك األسفل من النار .

ؤمرون بالمنكر ونهون عن , المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض : ) حددت معالمه اآلة الكرمة

Page 41: ملامح المجتمع المسلم

وهذه الخصال مناقضة ( . إن المنافقن هم الفاسقون , نسوا هللا فنسهم , معروؾ وقبضون أدهم ال, والمإمنون والمإمنات بعضهم أولاء بعض : ) كما صورته آة , تمام المناقضة لمجتمع المإمنن

ؤمر , والذي عننا هنا أنه مجتمع منكوس على رأسه, ( ؤمرون بالمعروؾ ونهون عن المنكرونهى عن , وؤمر بالقسط , فإذا ارتفع فه للحق صوت دعو إلى هللا . بالمنكر ونهى عن المعروؾ

-أو االؼتال خفه , كان جزاإه الموت جهارا على حبل المشنقة ف وضح النهار , الفساد والظلم . بهم حن قتلوهم بؽر حق كما صنع بنو إسرابل بؤنبا. ف جنح اللل -بالرصاص أو بساط التعذب

فرفعه هللا , ومنهم من تآمروا على قتله وصلبه , ومنهم من نشروه بالمنشار , فمنهم من ذبحوه بالسكن إن الذن من كفرون بآات هللا وقتلون : ) وهو على مله األنباء والدعاة إلى هللا قوله سبحنه . إله

القسط من الناس فبشرهم بعذاب ألم ، أولبك الذن حبطت النبن بؽر حق وقتلون الذن ؤمرون ب, إن هذه المراحل المتدرجة ف االنحطاط والفساد ( . أعماهم ف الدنا واآلخرة وما لهم من ناصرن

, فالشبهات تجر إلى صؽابر المحرمات , وجر بعضها إلى بعض , ؤخذ بعضها بحجز بعض ومن أروع األحادث الت وضحت . والعاذ باهلل , ر تجر إلى الكفر والكبائ, والصؽابر تجر إلى الكبابر

, كؾ أنتم إذا طؽى نساإكم : ) ما رواه أبو أمامة مرفوعا , هذا التنزل ف دركات الشر والمعصة والذي نفس , نعم : ) وان ذلك لكابن ا رسول هللا ؟ قال : قالوا ! ؟(وتركتم جهادكم , وفسق شبانكم

كؾ أنتم إذا لم تؤمروا بمعروؾ : )وما أشد منه ا رسول هللا ؟ قال : قالوا ( ! أشد منه سكون و, بده وأشد منه , والذي نفس بده , نعم : ) قال : وكابن ذلك ا رسول هللا ؟: قالوا ! . ؟( ولم تنهوا عن منكر

والمنكر , رأتم المعروؾ منكرا كؾ أنتم إذا: ) قال ! وما أشد منه ا رسول هللا ؟: قالوا ! ! سكون ( ! وأشد منه سكون , والذي نفس بده , نعم : ) قال ! وكابن ذلك ا رسول هللا ؟: قالوا ! ؟( معروفا

قالوا ! ؟( ونهتم عن المعروؾ , كؾ أنتم إذا أمرتم بالمنكر : )قال ! وما أشد منه ا رسول هللا ؟: قالوا ب : قول هللا تعالى ! وأشد منه سكون , والذي نفس بده , نعم : ) قال ! وكابن ذلك ا رسول هللا ؟:

( .حلفت ألتحن لهم فتنة صر الحلم فها حران

, والمنكر معروفا , متى ؼدا المعروؾ منكرا , وبدو أن الكثر مما حذر منه هذا الحدث مد وقع « أصولا »» وأمسى الداع إلى اإلسبلم , وأصبحت الدعوة إلى اإلسبلم وشرعته وكؤنها جرمة

والحراس األقاظ , اآلمرن بالمعروؾ والناهن عن المنكر , ولكن الدعاة إلى هللا ! مكانه قفص االتهام المهم هو تؤكد هذه . وان تعالت من حولهم أصوات الباطل, لدن هللا ، لم زل صوتهم قوا بالحق

, الذي جسا هذه الشعرة ف الحاة العملة ( المحتسب ) حاء وظفة وإ, الفرضة العظمة وإحاإها الرأي العام » وإذا كان بعض الناس ف عصرنا تحدثون عن . وكانله شؤن خطر ف مجتمع المسلمن

وتقوم ما عوج من شبون , وأثره ف الرقابة على رعاة مبادئ األمة وأخبلقها وآدابها ومصالحها « المستند إلى أقوم , ن فرضة األمر والنهى كفلة بؤن تنشا الرأي العام الواع البصر فإ, حاتها

, ألنها معار مستمدة من الحق األزل األبدي , المعار األخبلقة واألدبة وأعدلها وأخلدها وا ثبتها .من هللا عز وجل

كما تمز المجتمع المسلم بعقابده وشعابره، تمز كذلك بؤفكاره ومفاهمه وتصوراته فالمجتمع المسلم والقم , إلى األشاء و األحداث واألشخاص والمواقؾ تسوده أفكار ومفاهم تحدد وجهة نظره

وستق وجهة , وهو ال ستمد حكمه , فهو حكم على هذه األمور كلها من زاوة اإلسبلم . والعبلقات , الت تمثل رواسب العصور , المصفاة من الشوابب والزوابد , نظره إال من مصادر اإلسبلم النقة

Page 42: ملامح المجتمع المسلم

. وتؤول الجاهلن , وانتحال المبطلن , وتقصر المقصرن , لن وتإكد التحور من ؼلو الؽاحتى تستقم نظرتهم إلى األمور , لقد حرص اإلسبلم منذ طلوع فجره على أن صحح مفاهم أبنابه

, وال انحرافات الهوى , فلم دعهم لشطحات الفكر . وتحد تصورهم العام لؤلشاء والقم , والواقؾولهذا . وتتفرق بهم سبل الباطل عن سبل الحق , وضلوا عن سواء الصراط , لقصد.فزؽوا عن اوالتصورات , على تصحح المفاهم المؽلوطة واألفكار الخاطبة, كما د أبت السنة , دأب القرآن

فهم بعض األعراب أن اإلذعان مجرد إعبلن وتظاهر، فنزل . الت تشع ف أذهان الناس , المنحرفة قالت األعراب آمنا، قل لم تإمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما دخل :) ح هذا المفهوم قول القرآن صح

إنما المإمنون الذن آمنوا باهلل ورسوله ثم لم رتابوا وجاهدوا :) إلى أن قال( ..اإلمان ف قلوبكمأن البر أو : دوأشاع بعض أهل الكتاب من الهو( بؤموالهم وأنفسهم ف سبل هللا، أولبك هم الصادقون

التقوى هو االهتمام برسوم معنة، وشكلات خاصة، ولهذا أقاموا الدنا وأقعدوها حن تحول الرسول من بت المقدس إلى الكعبة، وجعلها هللا له قبله، فنزلل القرآن بن حققة البر والتقوى والدن الحق

ن البر من آمن باهلل والوم اآلخر والمبلبكة لس البر أ، تولوا وجوهكم قبل المشرق والمؽرب ولك:) فقالوالكتاب والنبن وآتى المال على حبه ذوي القربى والتامى والمساكن وابن السبل والسابلن وف

الرقاب وأقام الصبلة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا، والصابرن ف البؤساء والضراء وحن (.أولبك هم المتقونالبؤس، أولبك الذن صدقوا، و

وحسب بعض الناس أن طرق اإلمان إلى الجنة مفروش باألزهار والراحن ال فتنة فه وال اضطهاد آلم، أحسب الناس أن تركوا أن :) وال عذاب، فنزل القرآن درأ هذا الوهم، وخطا هذا الفهم إذ قول

(.. علمن هللا الذن صدقوا ولعلمن الكاذبنقولوا آمنا وهم ال فتنون، ولقد فتنا الذن من قبلهم، فلأم حسبتم أ، (.. ) أم حسبتم أ، تدخلوا الجنة ولما علم هللا الذن جاهدوا منكم وعلم الصابرن:) وقول

تدخلوا الجنة ولما ؤتكم مثل الذن خلوا من قبلكم، مستهم البؤساء والضراء وزلزلوا حتى قول الرسول (.نصر هللا، أال إن نصر هللا قرب والذن آمنوا معه متى

وتصور بعض الناس أن من قتل ف سبل هللا قد مات، كما موت اآلخرون من البشر فنف القرآن هذا وال تقولوا لمن قتل ف سبل هللا أموات بل أحاء ولكن ال :) الحسبان وضع مفهوما جددا إذ قول

ومن الناس من (. ل هللا أمواتا بل أحاء عند ربهم رزقونوال تحسبن الذن قتلوا ف سب) ، (تشعرونوبن أن التؽر , فقرر القرآن عكس ذلك ,حسب أن التؽر المادي سبب التؽر ف عالم النفس

وصحح ( . إن هللا ال ؽر ما بقوم حتى ؽروا ما بؤنفسهم : ) الروح والمعنوي هو األصل واألساس : فنقلها من دابرتها الضقة ف عقول جماهر الناس , عن الفوز والفبلح والخسران القرآن فكرة الناس

فمن زحزح عن النار وأدخل : ) فقول , الدابرة المادة الدنوة العاجلة إلى دابرة أرحب وأخلد وأبقى قل ) ، (به فصلىقد أفلح من تزكى، وذكر اسم ر) ، ( وما الحاة الدنا إال متاع الؽرور, الجنة فقد فاز

وظن فرق من (. إن الخاسرن الذن خسروا أ،فسهم وأهلهم وم القامة، أال ذلك هو الخسران المبن, وأن المرأة لعنة مجسمة وفتنة تمشى على األرض , البشر أن النساء شاطن خلقن لؽواة الرجال

نفسكم أزواجا لتسكنوا إلها وجعل بنكم ومن آاته أن خلق لكم من أ: ) وقول , فنفى القرآن هذا الظن (.إن ف ذلك آلات لقوم تفكرون , مودة ورحمة

وعتقد فبة من الناس أن الظلمة والنور أثران إللهن مختلفن صطرعان حتى تكون الؽلبة ف النهاة الظلمات خلق السموات واألرض وجعل)فبن القرآن أنهما أثران لخالق واحد واله واحد , ألحدهما

قل أرأتم إن جعل هللا علكم اللل سرمدا إلى وم ) ،( وجعلنا اللل لباسا، وجعلنا النهار معاشا )، (والنور

عاما بن الحقابق 23وهكذا ظل القرآن الكرم (. القامة من إله ؼر هللا ؤتكم بضاء، أفبل تسمعون

ءت السنة النبوة فكانت البان والتفسر النظري وجا. وزؾ األباطل، وصحح التصورات والمفاهم

Page 43: ملامح المجتمع المسلم

صحح ووضح، وبن وهدم حتى استقام ( صلى هللا عله وسلم)والعمل للقرآن، وظل الرسول الكرم للمجتمع المسلم تصوره، واتضحت مفاهمه وأصبح على بنة من ربه وبصرة من أمره، كما خاطب

قل هذه سبل أدعوا إلى هللا ، على بصرة أنا ومن اتبعن، ( :) صلى هللا عله وسلم) هللا تعالى رسولهمفاهم كثرة جدا لعل أهمها ( صلى هللا عله وسلم)وصحح النب (. وسبحان هللا وما أنا من المشركن

ال إمن أحدكم حتى حب : "مفهوم اإلمان، فلس اإلمان بالتمن ولكن ما وقر ف القلب وصدقه العمللس بمإمن من بات " ، "ال إمن أحدكم حتى كون هواه تبعا لما جبت به" ، "حب لنفسهألخه ما

إلى أحادث كثرة " اإلمان بضع وسبعون شعبة والحاء شعبة من اإلمان" ، "شبعان وجارة جابعا وضع اإلسبلم مفهوما جدد, " شعب اإلمان " ف مإلؾ ضخم باسم ( البهقى ) جمعها أحد األبمة ف فربطها بمقاصدها وناتها الباعثة علها وجل موضع نظره هو القلب ال , ف قبول األعمال

إن هللا ال نظر إلى صوركم وأجسامكم ) , ( إنما األعمال بالنات وإنما لكل امرئ ما نوى : ) الجوارح وإذا فسدت , لجسد كله أال إن ف الجسد مضؽة إذا صلحت صلح ا) , (ولكن نظر إلى قلوبكم وأعمالكم

( .أال وهى القلب , فسد الجسد كله

, وحققة القوة ( . إنما الؽنى ؼنى النفس , لس الؽنى عن كثرة العرض : ) وبن حققة الؽنى فقول إنما الشدد الذي ملك نفسه عند , لس الشدد بالصرعة : ) فردها إلى قوة النفس ال إلى قوة الجسم

: ونفى الصورة الفاشة عند جمهور الناس عن المسكن فقول , قة المسكنة والمسكن وحق( . الؽضب إنما المسكن الذي ال جد عن , وال اللقمة وال اللقمتان , لس المسكن الذي ترده التمرة والتمرتان )

( . ن المتعفؾ إنما المسك: ) وفى رواة ( . وال قوم فسؤل الناس , بقة وال نظر له فتصدق عله مقاس التفاضل ( صلى هللا عله وسلم) وبن الرسول ( . ال سؤلون الناس إلحافا : ) واقرءوا إن شبتم من , ورد المفاهم الشابعة . حصرة ف اإلمان والتقوى والعمل الصالح , وجماعات ´ بن الناس أفرادا

أو ما شابه ذلك , أو الضخامة والفخامة , والنسب أو الجنس , والجاه أو المال والؽنى , اعتبار الزنة ورب فقر خر , ( لو أقسم على هللا ألبره , فرب أشعث مدفوع باألبواب ) , من مقاس مادة دنوة

وال ألحمر على أسود إال بالتقوى , وال فضل لعرب على أعجم ) , من ملا األرض من ؼنى مشهور ؤت الرجل العظم السمن عندي وم القامة فبل زن ) , ( به نسبه ومن بطؤ به عمله لم سرع ) , (

اختبلل المقاس ف آخر الزمان فقول ( صلى هللا عله وسلم)وبن الرسول ( . عند هللا جناح بعوضة وما ف قلبه مثقال حبة , وما أجلده , وما أعقله , ما أظرفه : ؤت على الناس زمان قال للرجل فه : )

وتسطر , أفكار اإلسبلم ومفاهمه وتصوراته ه الت تعمل وحدها ف المجتمع المسلم ( . من إمان , فكرة اإلسبلم عن اإلنسان . وتربته و تعلمه , وثقافته وإعبلمه , وتوجه أدبه وفنه , على عقول بنه

, وعن العدل واإلحسان , قوى وعن التدن والبر والت, وعن المال والؽنى والفقر , وعن الحاة والدنا .وعن الصبر والرضا , وعن الزهد والقناعة , وعن التحضر والتخلؾ , وعن التقدم والتؤخر

. فكرة اإلسبلم عن الرجل والمرأة والعبلقة بنهما . فكرة اإلسبلم عن الؽن والفقر والعبلقة بنهما

. فكرة اإلسبلم عن الحاكم والمحكوم والعبلقة بنهما .فكرة اإلسبلم عن الفرد والمجتمع والعبلقة بنهما

دون ؼرها من , المهمنة عله , هذه األفكار وما شابهها جب أن تكون ه الموجهة للمجتمع المسلم وذلك ألن أفكار اإلسبلم ومفاهمه ه وحدها المستقاة من المصدر اإلله . األفكار والتصورات وسنة رسول ال نطق عن ( ت آاته ثم فصلت من لدن حكم خبركتاب أحكم) المعصوم فمصدرها

( .إن هو إال وح وحى ) الهوى

Page 44: ملامح المجتمع المسلم

, ونتجة لذلك كانت هذه األفكار وحدها ه الت تتسم بالشمول والعمق والتوازن ف تقومها لؤلمور الت تجعل الدنا , لة ففكرة اإلسبلم عن الحاة ه الفكرة المتوازنة المعتد. ونظرتها إلى جمع العبلقات

, والطرق جب أال شؽل عن الؽاة الت إلها تشد الرحال , وطرقا إلى دار الخلود , مزرعة لآلخرة . حتى هون اجتازه بمراحله على المسافرن , ولكنه جب أن كون مرحا مزدانا باألشجار والظبلل

و نبؽ التعجل بفنابه بالتبتل , وان العالم شر , ة إن الحاة لعن: فلست ه الفكرة المتشابمة القابلة وكما مارس , كما قول المذهب المانوي ف فارس , وعن الطبات , والرهبانة واالنقطاع عن الزواج

, ولست ه الفكرة الدهرة الملحدة . والفقراء ف الهندوسة , ف النصرانة , ذلك رجال الرهبانة , أرحام تدفع وأرض تبلع , ( ي إال حاتنا الدنا نموت ونحا وما هلكنا إال الدهر ما ه: )الت مضمونها

وفكرة اإلسبلم عن اإلنسان ه الفكرة المتوازنة المعتدلة . ولس وراء ذلك بعث وال حساب وال جزا ء ف أو هو روح سكن , فهو جسم وروح , الت تنظر إله على أنه مخلوق مكرم ذو طبعة مزدوجة ,

إن خالق بشرا من طن فإذا سوته : ) كما قال تعالى ف خلق اإلنسان األول , ؼبلؾ من الجسم وجب أن عطى الجسم حقه، والروح حقه من شرعة ( ونفخت فه من روح فقعوا له ساجدن

. اإلسبلم، بلحمه ودمه إن اإلنسان لس إال هذا الجسم بؤجهزته وأعضابه: فلست ه الفكرة المادة القابلة

وأعصابه وؼرابزه ودوافعه، ولس وراء الجسم شء آخر، فه تنظر إلى اإلنسان كما تنظر إل ولست ه الفكرة الروحة المسرفة الت . العالم، فالعالم مادي وال إله له، واإلنسان مادي وال روح فه

ال نجاة لئلنسان، وال إن الجسم شر ورجس، وإن الروح وحدها ه محل الطهر والسمو، ؾ: تقولفلس بمجتمع مسلم . خبلص إال بتعذب النفس وحرمانه لتسنى للروح أن تصفو وتترقى وتتزكى

ذلك المجتمع الذي شع فه مفهوم الحاة، كما هو عند الؽربن، وال كما هو عند : صحح اإلسبلم إذن. من، وال تصور المادن المسرفنولس هو الذي تصور اإلنسان تصور الروحن المتشائ. البوذن

.. ولس بمجتمع مسلم صحح ذلك الذي فهم التقوى على أنها ترقع، ولحة تعف ومسبحة تدار ف الدولس بمجتمع مسلم ذلك الذي فهم التدن . وإن لم كن وراءها علم نافع وال قلب خاشع وال عمل صالح

وإلن كان تعامل بالربا ف تجارته، أو ..حج وعمرةعلى أ،ه مجرد أداء الشعابر من صبلة وصام و, دع المرء فه زوجته مكشوفة الذراعن والساقن ، أو دع أوالده ف المدارس التبشر والتنصر، أ

أو رى المنكر ضاربا أطنابه ف كل مكان، والفساد . تركهم فرسة للمربات الكافرات أو الفاسقاتمؽفبل فرضة األمر بالمعروؾ والنه عن ! نفس نفس: وهو قول .ناشرا ظبلمه على كل وضع

ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي شع فه مفهوم العدل االجتماع على . المنكر، والجهاد لمقاومة الباطلمما جعل , دوانق على بعض الفقراء والمحتاجن , أ،ه نهب القناطر المقنطرة، ثم التصدق بدرهمات أ

".اشتراكة الصدقات " طؤ عدالة اإلسبلم فطلق علها اسم بعضهم فهم خ

بزعم إعطابها -ملكة مشروعة من أصحابها األؼناء -ولس العدل أضا هو نهب األموال المملوكة للعدل االجتماع -كذلك -فهذا المفهوم , وإن لم صل إلى الفقراء منها نقر وال قطمر , للفقراء

.ى فكرة اإلسبلم مفهوم خاطا دخل عل

إذا رأت الفقر مقببل فقل ) :ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي نظر إلى الفقر والؽنى نظر الصوفى القابل ولس بمجتمع مسلم (! ذنب عجلت عقوبته : وإذا رأت الؽنى مقببل فقل , مرحبا بشعار الصالحن :

وأنها ه الت أخرجت آدم من , أخت إبلس ذلك الذي نظر إلى المرأة على أنها أحبولة الشطانو ووكما ظن لؤلسؾ كثر من المسلمن بحكم -وكما عتقد الهود والنصارى , كما تزعم التوراة -الجنة

. الثقافة المسمومة الت تلقوها ف المدارس أو من أجهزة اإلعبلم بالمرأة مع أن فطرة هللا خالفت ولس هو أضا الذي شع فه ذلك المفهوم الخاطا عن مساواة الرجل

Page 45: ملامح المجتمع المسلم

الرجال قوامون على النساء بما فضل هللا بعضهم على : ) والمسإولة , وجعلت للرجل القوامة , بنهما ( .بعض وبما أنفقوا من أموالهم

:إن األفكار والمفاهم الت تشع ف المجتمعات المنتسبة إلى اإلسبلم الوم ألوان وأنواع شتى

الت ال زال لها أثرها ف كثر من األنفس , من بقاا القم والتعالم اإلسبلمة الصححة بعضها (ا ) شرحون رسالته شرحا رد إلها , وخصوصا بعد أن قام لئلسبلم دعاة واعون ف ببلد شتى , والعقول

.ودرا الشبهات عنها , فطرتها وشمولها

, ت تخؾ فها الفكر اإلسبلم ف مختلؾ المجاالت وبعضها من رواسب العصور األخرة ال (ب ) كما ابتلوا بسوء , وأصب المسلمون بسوء الفهم لئلسبلم , وأؼلق باب االجتهاد , ففقد األصالة واإلبداع

.التطبق له كذلك

الذي كان وبعضها من الروافد األجنبة الت أكبر همه , مع االستعمار , زحفت على دار اإلسبلم (ج ) لسهل عله بعد ذلك ل زمامهم إلى الوجهة الت رد , أن ؽر أفكار المسلمن وتصورا تهم وأذواقهم

.

سواء أكانت من , وواجب المجتمع المسلم أن طارد كل المفاهم الت ال تستمد من اإلسبلم الصحح .مستعمر الؽرب رواسب التخلؾ واالنحراؾ عن اإلسبلم أم من األفكار الؽازة الوافدة مع ال

ونظرتهم , فكرة كثر من المسلمن ف كثر من األقطار عن المرأة وعبلقتها بالرجل فمن النوع األول, ال ترى رجبل , جب أن تظل حبسة البت حتى إوها القبر , إلها باعتبارها مخلوقا ناقصا أو خطرا

.افع وال تخرج لعبادة أو عمل صالح أو علم ن, وال راها رجل

بطرق مباشر أو , العصرن الذن تثقفوا بثقافة الؽرب , فكرة كثر من المسلمن ومن النوع الثانوعدون , من الحقوق المشروعة , فاعتبروا خروج المرأة على فطرتها ووظفتها , ؼر مباشر

ون القول بؽر ذلك وعتبر. من الحرة المطلوبة -بؽر قد وال تحفظ -اختبلطها بالرجال األجانب واألفكار األجنبة الدخلة اآلن ه الت تقلب ! والتطرؾ ف السلوك , ضربا من الرجعة ف التفكر

ومن أخطر المفاهم الت لقنها إاهم . وتسود لدى جمهور المتعلمن من خرج الجامعات وؼرها . كما تصوره الؽربون ( الدن) مفهوم : الؽزو الثقاف هو

إنه , ؼر المفهوم السابد عند الؽربن حتى المتدنن منهم , دابرته ومداه ( الدن) فمفهوم اإلسبلم عن ولهذا , ال عبلقة له بشإون الدولة وأنظمة المجتمع , عندما مجرد عبلقة بن ضمر اإلنسان وربه

.قامت الحاة الحدثة هناك على أساس الفصل بن الدولة والدن

من قضاء الحاجة إلى قام : سبلم فهو ف نظر المسلمن منهج شامل نظم شإون الحاة كلها أما اإلومن الصبلة والصام إلى شإون , ومن أدب األكل والشرب إلى نظام االقتصاد وساسة الحكم , الدولة

.الحرب والسلم والعبلقات الدولة

وكل , ال فرج قول وال عمل عن سلطانها , لفن والشرعة اإلسبلمة ه الحاكمة على جمع أفعال المكالكرامة , أو االستحباب أو الحرمة , عمل صادر عن مكلؾ ال بد أن تعطه الشرعة حكمه من الوجوب

.ومهمة الشرعة ه إخراج المكلؾ من اتباع داعة هواه إلى التقد بؤحكام هللا , أو اإلباحة

Page 46: ملامح المجتمع المسلم

بحسب ما , اء بتؽطة جمع الوقابع واألحداث الت تمر بالبشر ومصادر الشرعة فها الوفاء كل الوؾونزلنا علك الكتاب تبانا لكل شء وهدى ورحمة وبشرى .. ) احتوت من أصول وقواعد ونصوص

( .للمسلمن

هو ( صلى هللا عله وسلم)فكان الرسول , وقد كان الواقع التطبق لئلسبلم شاهدا على معه هذه الفكرة ولم , والقاض ف خصوماتهم , وهو إمام السلمن وربس دولتهم , والقابم بؤمر الدن , عن هللا المبلػ

: ) كما كان حدث ذلك ف بنى إسرابل الذن قالوا لنبهم , كن معه ملك أو حاكم قوم بؤمور الساسة (.وت ملكا وقال لهم نبهم إن هللا قد بعث طال( )ابعث لنا ملكا نقاتل ف سبل هللا

هم أبمة المسلمن ف الصبلة ورإساإهم , ( صلى هللا عله وسلم)الراشدون ورسول هللا , وكان الخلفاء , ولهذا عرؾ العلماء . وكذلك كان من بعدهم من خلفاء بنى أمة والعباس , ف اإلدارة والساسة

. الدنا به نابة عامة من رسول هللا ف حراسة الدن وساسة: الخبلفة بؤنها حتى مكن , جب أن سود مشع ف المجتمع المسلم ( الدن ) وهذا المفهوم اإلسبلم المسح من

و رضه عدما قاس كل ,بعدها محاكمة كل مسلم إلى دنه الذي ألزمه وآمن به و رضه هللا له . ضل وال نسى الذي ال خطا وال, االعتبارات والتصورات واألقوال واألعمال بمقاس الدن

نوعان من المفاهيم خطر على المجتمع

خطر على المجتمع والمجتمع المسلم الوم جب أن تحرر من نوعن من نوعان من المفاهم هما واآلخر , بعضها سطر على العامة : المفاهم الدخلة عله، سطر كل نوع منهما على عدد من الناس

.أو النخبة , سطر على العامة وسوء الفهم لئلسبلم المفاهم الت دخلت على اإلسبلم وعلى مجتمعاته ف عصور التخلؾ :النوع األول

, ومن الزهد بؤنه ترك الحاة لؽر المإمنن , مثل المفاهم إلى شاعت وسادت من التوكل بؤنه التواكل . وعن االجتهاد بؤنه , وعن الفقه بؤنه نقل ما قاله األقدمون , وعن اإلمان بالقدر بؤنه ضرب من الجبرة

وعن بركة القرآن أنها , وعن المرأة بؤنها أحبولة الشطان , وعن العقل بؤنه نقض النقل , باب قد أؼلق وعن , وعن بركة السنة أنها ف قراءة البخاري عند األزمات , ف تعلقه للحفظ من العن أو من الجان

إلى ؼر . األولاء والكرامات وما شاع حولها من اعتقادات وأفكار تناقض سنن هللا ف األنفس واآلفاقواالجترار , والتقلد الفقه , والجمود الفكري , م الت سادت ف زمن الركود العلم ذلك من المفاه

.واالنتكاس الحضاري , واالستبداد الساس , واالنحراؾ الصوف , الكبلم

مع زحؾ االستعمار، فدخلت من بابه، وسارت ف , المفاهم الت زحفت على مجتمعاتنا :والنوع الثانإنها المفاهم المتعلقة . الؽرب لها قبلة وإماما، ولم كن لنا بها عهد وال خطرت لنا ببال ركابه، واتخذت, وبالتقدم والرجعة , بالتحرر والجمود , وبالفضلة والرذلة , والرجل والمرأة , بالدن والدنا

. وبالحبلل والحرام وحرة الفسوق , بن حرة الحقوق , الكفر وحرة , المفاهم المتعلقة بالحدود الفاصلة بن حرة الفكر

الت تعتبر , إنها المفاهم الؽزو الفكري . بن الدولة الدنة والدولة اإلسبلمة , بن العلمة والعلمانة , واألمر , والدعوة إلى تحكم الشرعة تطرفا , والتمسك بالسلوك الدن تزمتا , اإلمان بالؽب تخلفنا

Page 47: ملامح المجتمع المسلم

, تحررا -ببل قود -واختبلط الرجل بالمرأة , ى عن المنكر تدخبل ف شإون اآلخرن بالمعروؾ والنهواعتبار علما ء الدن , واالنتفاع بالتراث تعصبا , وعودة المرأة المسلمة إلى الحجاب الشرع رجعة

( .التنور)أعبلم ( التؽرب ) ودعاة , حرس التخلؾ

كرن اإلسبلمن أن قدموا األفكار والمفاهم الشرعة اإلسبلمة والواجب على الدعاة والعلماء والمؾفكلتاهما . سواء دخلت قدما أم حدثا , الصححة األصلة لتحل محل األفكار والمفاهم الؽربة الدخلة

تعبر ب -أو , واألفكار المستوردة الؽازة المدمرة , األفكار القدمة المتعفنة : ال تمثل اإلسبلم الصحح .واألفكار الممتة , األفكار المتة : -األستاذ هالك بن نب

فعلنا أن نتبنى مفاهم التار , ومن ناحة أخرى إذا نظرنا إلى القضة ف ضوء الوسطة والتطرؾ الذي , سواء أكان إلى الؽلو واإلفراط , ونرفض التطرؾ , الذي تحدثنا عنه ف كتب أخرى , الوسطى

الفضابل اإلسبلمة أم إلى التقصر والتفرط الذي تمثله الشرابح العلمانة والمؽتربة ف تمثله بعض, وبعضها بعد جدا , بعضها قرب جدا , وهى متفاوتة ف تؤثرها بالعلمانة والتؽرب , أوطاننا

. وبعضها بن بن أردت بها تحدد ( والعلمانة اإلسبلم) لقد ذكرت ثمانة عشر مفهوما أساسا عن اإلسبلم ف كتاب

) أو , أو مجهول , حتى ال زعم زاعم إننا ندعو إلى إسبلم ؼامض , مبلمح اإلسبلم الذي ندعو إله وقدمت مجموعة إسبلمة مستنرة رإة إسبلمة معتدلة ! كما شاء( من شاء) ألن فسر, قابل ( هبلم

وان كنت قد أخالؾ ف , أنا موافق علها ف جملتها و, صاؼها األستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد .بعض التفصبلت

وهذا الكتاب ذاته قدم مبلمح عن المجتمع المسلم الذي ننشده ف ضره مفاهم المدرسة الوسطة الت , وتوفق بن محكمات الشرع ومقتضات العصر , وتربط بن الدن والدنا , تراخى بن العقل والنقل

وتستشرؾ المستقبل , وتستلهم الحاضر , ن الثوابت والمتؽرات وتجمع بن السلفة والتجدد وتوازن ب .والتسامح ف ؼر تهاون , وتزمن باالنفتاح ف ؼر ذوبان ,

. كما تمز المجتمع المسلم بما سوده من أفكار ومفاهم، تمز أضا بما سوده من مشاعر وعواطؾفهناك مجتمعات تسودها مشاعر الحقد الطبق، ومجتمعات تسودها مشاعر التمز العنصري،

ونجد المجتمعات تتفاوت كذلك ف مشاعر الوالء والعداء، . مشاعر العصبة القومة ومجتمعات تسودهاوالمجتمع المسلم قد جعل والءه لئلسبلم وأهله . وعواطؾ الحب وابؽض وأحاسس الؽضب والرضا

وأنصاره، كما جعل عداءه ألعداء اإلسبلم ومحاربه، وهذا مبنى على فكرة الوالء هلل ورسوله، ومن والمجتمع اإلسبلم تمز بما سوده من عاطفة اإلخاء الوثق . ولا فقد اتخذ عدوه عدوا اتخذ هللا

والحب العمق بن أبنابه، أعن أبناء اإلسبلم جمعا، مهما تناءت بهم الدار، وتفرقت بهم األوطان، . واختلفت منهم األجناس واأللوان وتفاوتت بنهم المراكز والطبقات

واذكروا ( نه قد امتن على المسلمن بنعمة اإلخاء كما امتن علهم بنعمة اإلمان، قال تعالى إن هللا سبحاهو : )، وقال خاطب رسوله(نعمت هللا علكم إذ كنتم أعداء فؤلؾ بن قلوبكم فؤصبحت بنعمته إخوانا

فت بن قلوبهم الذي أدك بنصره وبالمإمنن، وألؾ بن قلوبهم لو أنفقت ما ف األرض جمعا ما أل

Page 48: ملامح المجتمع المسلم

أنه ال مجال ف المجتمع اإلسبلم الحق لمشاعر الحقد (. ولكن هللا ألؾ بنهم، إنه عزز حكموال مشاعر العصبة لرقعة . والصراع بن الطبقات، وال مشاعر الكبر والتمز بن األجناس واأللوان

. م، وقم المسلم هم أهل اإلسبلموال لقوم من أهل اإلسبل. دون رقعة -الوطن اإلسبلم-من دار اإلسبلم لم . ف المدنة ضم تحت سقفه أجناسا وألوانا وطبقات( صلى هللا عله وسلم-لقد كان مسجد النب

حسوا بؽر شعور األخوة الجامعة، ولم شعروا بؤي تفرقة أو تماز بنهم، منهم الفارس كسلمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوؾ، والفقر كؤب والروم كصهب والحبش كببلل، والؽن كعثمان ا

ذر وعمار، وفهم البدوي والحضري، والمتعلم واألم، واألبض واألسود، والرجل والمرأة، . كلهم أخوة ف ظل اإلسبلم، وتحت راة القرآن: والضعؾ والقوي، والرقق والحر

دبه األساسة، الت تقرن إلى الشهادة هلل واإلخاء اإلسبلم لس أمرا على هامش اإلسبلم، ولكنه أحد مباإنما المإمنون : )بالرسالة، ألنه أثر اإلمان ومقتضاه( صلى هللا عله وسلم)نعهالى، بالوحدانة، ولمحمد

(. إخوةكان دعو دبر كل صبلة بهذا الدعاء الرابع ( صلى هللا عله وسلم)روى أحمد وأبو داوود أن النب

اللهم ربنا ورب ( ) ورب كل شء وملكه أنا شهد أنك هللا وحدك وال شرك لك ة اللهم ربنا Lالفرد

اللهم ربنا ورب كل شء وملكه أنا شهد أن ( )كل شء وملكه أنا شهد أن محمدا عبدك ورسولكأن العباد كل العباد إخوته، : فهذا هو محمد رسول هللا شسهد وشهد هللا رب كل شء( العباد كلهم أخوة

. وهذا هو إخاء اإلسبلم، إخاء بن الناس وبن المسلمن خاصةالذي هو شرط لدخول الجنة فقول ÷ اإلخاء والحب شرطا لئلمان( صلى هللا عله وسلم)وجعل النب

ال إمن أحدكم حتى حب )، (والذي نفس بده لن تدخلوا الجنة حتى تإمنوا، ولن تإمنوا حتى تحابوا( المسلم أخو المسلم، ال ظلمه وال سلمه وال ) وبن عبلقة المسلم بالمسلم ، فقول ( فسهألخه ما حب لن

(. حقره وال خذله، بحسب امرئ من الشر أن حقر أخاه المسلمالرابطة الفذة الت عرؾ بها اإلسبلم ه رابطة اإلخاء بن أبنابه، دون أة رابطة أخرى، فقد حارب

اعها ومظاهرها، العصبة للقبلة أو للجنس أو للون أو للوطن أو للطبقة أو اإلسبلم العصبة بكل أنوأو لؽر ذلك مما تعصب الناس له إال للحق الذي نزل به الوح، وقامت به السموات .. للحزب

. واألرضلس منا من دعا إلى عصبة، ولس منا من قاتل على (: ) صلى هللا عله وسلم)قول رسول هللا

المجتمع المسلم وما ( صلى هللا عله وسلم)ولقد صور النب (. لس منا من مات على عصبةعصبة، وترى المإمنن ف توادهم : )سوده من مشاعر التواد والتعاطؾ والتراحم فقال ف حدثه المشهور

وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تدعى له سابر األعضاء بالحمى فالمجتمع الذي عش فه كل فرد لنفسه، وال ؤسى آلالم اآلخرن وال حس بؤحزانهم، وال (. هروالس

. فرح لفرحهم، ولس هو بالمجتمع المسلمالمجتمع الذي طؽى فه القوي على الضعؾ، وقسو فه الؽن على الفقر، وشح فه الواجد على

.المحروم، لس هو بالمجتمع المسلم

Page 49: ملامح المجتمع المسلم

مهمة المجتمع مع المشاعر اإلسالمية

:إن دور المجتمع المسلم مع المشاعر اإلسبلمة تمثل فما ل

المسجد، المدرسة ، : بوةتثبت هذه المشاعر وتقومها، وإشاعتها بكل الوسابل اإلعبلمة والتر .1 .الكتاب، الصحفة، اإلذاعة، التلفاز، الخالة، وكل وسلة تعن على تحقق هذه الؽاة

: لك ثبت مشاعر اإلخاء بن المسلمن قول دبر كل صبلة( صلى هللا عله وسلم) لقد رأنا النب . تثبتا لهذا المعنى الكبر( اللهم ربنا ورب كل شء وملكه، أنا شهد أن العباد كله أخوه)

ومن حسن حظ المسلمن أن األفكار والمشاعر الت جاء بها دنهم لم دعها مجرد أشاء مثالة مجنحة، بل ربطها بشعابرها وآدابه الومة، فإذا نظرنا إلى الصبلة اإلسبلمة وجدنا فها تثبتا مستمرا لما دعوا

كذلك الصام والحج، وكذلك أدب التحة وتشمت . والمحبة والمساواةإله اإلسبلم من التعارؾ واإلخاء .العاطس وعادة المرض، وؼرها من اآلداب االجتماعة الت حث علها اإلسبلم

.تجسد هذه المشاعر اإلسبلمة ف واقع ملموس وأوضاع عملة .2

تمثل ف نظام . ر وتكافلفمشاعر التراحم والمودة بن ذوي القربى جب أن تتجسد ف تواصل وتزاو) ف اإلسبلم، حث جب على القرب الموسر أن نفق على قربه المحتاج كما قال تعالى " النفقات"

للرجال ) ، ومثله نظام المراث(وأولو األرحام بعضهم أولى ببعض ف كتاب هللا)، (وآت ذا القربى حقهترك الوالدان و األقربون مما قل منه أو كثر، نصب مما ترك الوالدان واألقربون وللنساء نصب مما

ومشاعر اإلخاء والمحبة بن المسلمن جب تتجسد ف صورة تكافل معاش (. نصبا مفروضا" الزكاة"وتضامن عسكري، واتحاد ساس، وتعاون اقتصادي، بمعنى أن تجسد هذا اإلخاء ف مثل

أن -بالتضامن-جهاد الذي وجب على المسلمن تإخذ من أؼنابهم، لترد على فقرابهم، وف مثل الالت نفرض على " الخبلفة"وف مثل . دفعوا عن كل أرض إلسبلمة دنستها أقدام العدو الكافر

. المسلمن وحدة القادة، المنبثقة عن وحدة العقدة ووحدة الفكر، ووحدة السلوك ، ووحدة الوطنل من قدومه إلى المدنة بعد الهجرة إاخ بن المهاجرن أو( صلى هللا عله وسلم)لهذا رأنا النب

واألنصار مإاخاة عاطفة عملة، جعلتهم تقاسمون السراء والضراء، حتى روى أنهم كانوا توارثون . بهذا اإلخاء

ولما انتهى هذا اإلخاء الخاص بق اإلخاء العام سود المجتمع اإلسبلم وحكمه متمثبل ف نظام الفرد، بشتى أقسامه وألوانه، والتعاون الشامل بن كافة أفراده وجماعاته، ذلك التعاون الذي التكافل

.خر تمثل كالبنان شد بعضه بعضا ( صلى هللا عله وسلم)مثله النب

أال سمح للمشاعر المضادة اإلسبلمة بالظهور والتؤثر ف المجتمع المسلم، بل جتث جذورها .3 طاردها إذا ظهرت بحث تموت ف مهدها حتى ال تظهر، وي

وقاومها بصراحة وجبلء -المنافة لؤلخوة اإلسبلمة -برأ العصبة ( صلى هللا عله وسلم)ولهذا رأناه خشة على المجتمع اإلسبلم الولد أن تمزقه الجاهلة الت سادته دهرا طوبلـ وجعلت الرجل ؽضب

وف هذا جاء الحدث الشرؾ برأ من كل من دعى . ، ظالما أو مظلوما مبطبل , البن قبلته محقا كان أ: إلى عصبة، أو قاتل إلى عصبة، أو مات على عصبة، وقول

ولما استطاع رجل من خبثاء الهود أن حى مشاعر العصبة الجاهلة بن األوس والخزرج ، وما فقد ذكر المفسرون عن محمد بن . هم إلى أخوة اإلسبلم ورد, أطفؤ رسول هللا نار الفتنة بنور اإلمان

أن رجبل من الهود مر بمؤل من األوس والخزرج فساءه ما هم عله من االتفاق واأللفة : إسحاق وؼره

Page 50: ملامح المجتمع المسلم

وؼره من أام ( بعاث ) وأمره أن جلس بنهم وذكرهم ما كان من حروبهم وم , فبعث رجبل معه . وتثاوروا , زل ذلك دأبه حتى حمت نفوس القوم، وؼضب بعضهم على بعض فلم ي, ففعل , الجاهلة

فبلػ ذلك النب , ( الحرة ) وطلبوا أسلحتهم وتواعدوا إلى , ا لؤلوس وا للخزرج : ونادوا بشعارهم , هللا ! ا معشر المسلمن : ) فؤتاهم بمن معه من المهاجرن من أصحابه فقال ( صلى هللا عله وسلم)

وقطع عنكم , وأكرمكم به , بعد أن هداكم هللا إلى اإلسبلم !. أبدعوى الجاهلة وأنا بن أظهركم ؟! هللا فعرؾ ! ؟( وألؾ بن قلوبكم ترجعون إلى ما كنتم عله كفارا , واستنقذكم به من الكفر , أمر الجاهلة

وعانق الرجال , وبكوا , هم فؤلقوا السبلح من أدي, القوم أنها نزؼة من الشطان وكد لهم من عدوهم ( .سامعن مطعن ( صلى هللا عله وسلم)ثم انصرفوا مع رسول هللا , بعضهم بعضا

وهكذا جب أن كون المجتمع المسلم متنبها إلى هذه المداخل الت دخل منها الشطان لفسد بها قلوب ر المجتمع المسلم ف عصرنا من ؼلو ومن هنا جب أن تحر. وثر بنهم نزؼات الجاهلة , المسلمن

الت تتسرب إلى حاة المسلمن لتحل ( الوطنة ) واإلقلمة ( القومة ) النزؼات العصبة العنصرة . وتقؾ منها موقؾ العداء , محل األخوة اإلسبلمة والوحدة اإلسبلمة

, وطنه الخاص، فهذا أمر فطرى وإلى , ال جناح على المسلم أن وجه اهتمام أكبر إلى قومه األقربن .ولكن ف دابرة انتمابه الكلى لئلسبلم وأمته

وقض على العوامل الت , أن سد النوافذ الت تهب منها رح البؽضاء والخصومة والفرقة .4 .وتهدم الشاعر اإلسبلمة , تدمر معان اإلخاء اإلسبلم

وؼرها من الرذابل الت تمزق , السخرة بالخلق وهذا هو السر ف تحرم اإلسبلم للؽبة والنممة و .وتقتل روح المحبة بن الناس , العرا

وإن , أحاسنكم أخبلقا : إن أحبكم إلى وأقربكم منى ف اآلخرة ( : ) صلى هللا عله وسلم)قول النب ( . ونأساوبكم أخبلقا ، الثرثارون المتفهقون المتشدق: أبؽضكم إلى وأبعدكم منى ف اآلخرة

نكر اإلسبلم التفاوت الفاحش بن األفراد والطبقات بحث وجد الفقر المدقع إلى -أضا -ومن هنا إذ ال تصور قام أخوة بن , والترؾ المسرؾ إلى جوار الحرمان البابس , جنب الثراء العرض

.وبن محروم شكو سؽب البطن وجفاؾ الرق , مترؾ ؼارق ف النعم إلى أذقانه

ليس بمجتمع مسلم

ألن هذا الحقد إما أن كون نتجة , بق ذلك الذي تسوده مشاعر الحقد الط -إذن -لس بمجتمع مسلم وإما أن , وهذا ال قر اإلسبلم وجوده ف مجتمعه , تظالم اجتماع وبؽى بعض الناس على بعض

وتإجج نار الصراع بن طوابفه , كون نتجة لعوامل خارجة تعمل على تقسم المجتمع تقسما طبقا وان تكن ف الواقع أداة تستخدم ألؼراض , لة ف الظاهر فالعمال والفبلحون فبة أو طبقة مدل, وفباته

وأما سابر الفبات من المبلك والتجار والمثقفن والطبلب وأصحاب الوظابؾ . . شطانة خبثة إن , المؽضوب علها والت تعش ف الدرجة الثانة ( البرجوازة ) فهم الفبات , واألعمال المختلفة

:فاإلسبلم سمى الحسد والبؽضاء , ال قره اإلسبلم أضا سمح لها بالبقاء وهذا كله

ولس بمجتمع ( ! ال تحلق الشعر ولكن تحلق الدن , إنها الحالقة : ) ، قول عن البؽضاء (داء األمم ) أو القومة على , مسلم ذلك الذي تتقدم فه العصبة الوطنة

: أو قول المسلم العرب, ن وطن قبل د: حتى قول المسلم , األخوة اإلسبلمة قومت قبل : أو الصومال , أو النجري , أو قول المسلم الهندي أو الفارس , عروبت قبل إسبلم

:عقدت ، وبلػ األمر ببعض الناس أن جعلوا مثلهم ال قول الشاعر القروي

Page 51: ملامح المجتمع المسلم

بالدك قدمها على كل ملة ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم

(برهم ) منح العرب وحدة وسبروا بجثمان على دن هبون دنا

!سالم على كفر وحد بننا وأهال وسهال بعده بجهنم

ودار اإلسبلم فوق كل األوطان , ورابطة العقدة فوق كل الروابط , فاألخوة اإلسبلمة فوق العصبات تجند لتقدسها , بد من دون هللا تع( أوثان) لس بمجتمع مسلم ذلك الذي تتخذ فه األوطان والقومات .

ووجه , وتجسد حولها المشاعر والعواطؾ , األقبلم واأللسنة وجمع أجهزة التؤثر والتوجه واإلعبلم إنها وثنة من نوع جدد . . وان لم عبروا عنها باللفظ , إلى درجة العبادة بالفعل , لها الحب والوالء

حتى لفت ذلك أنظار , ها وسرت عدواها إلى ببلد اإلسبلم ثم انتقل وباإ, ظهرت ف بلدان شتى ولس . أن تنبعث من أرض التوحد وثنة من طراز جدد : الباحثن والمراقبن من ؼر المسلمن

بمجتمع مسلم ذلك الذي عادى المسلمن ، ووالى أعدا ء اإلسبلم، أو ستوي بن المسلمن والمشركن وكذلك مشاعر , فمشاعر الوالء لئلسبلم وأهله ه الت تقود المجتمع المسلم , أو الملحدن ف المعاملة

, الحب ف هللا : فؤوثق عرا اإلمان , وصدون عن سبله , البؽض ألعداء اإلسبلم الذن كدون ألهله .والعداوة ف هللا , والوالء هلل , والبؽض ف هللا

ا أها الذن آمنوا ال تتخذوا الكافرن أولاء : ) النداء اإلله ومن هنا تكرر ف القرآن الكرم مثل هذا ا أها الذن آمنوا ال تتخذوا عدوى ! ) ؟( من دون المإمنن، أتردون أن تجعلوا هلل علكم سلطانا مبنا

ا أها ) ,( ا أها الذن آمنوا ال تتولوا قوما ؼضب هللا علهم ) ، (وعدوكم أولاء تلقون إلهم بالمودةإن , ومن تولهم منكم فإنه منهم , الذن آمنوا ال تتخذوا الهود والنصارى أولا ء بعضهم أولا ء بعض

ا أها الذن آمنوا ال تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولاء إن استحبوا الكفر ) ، ( هللا ال هدى القوم الظالمن (.لمون ومن تولهم منكم فؤولبك هم الظا, على اإلمان

وأنهم ضلوا , وهكذا دمػ القرآن من اتخذوا أعدا ء هللا أولاء لهم وأحباء بؤنهم منهم، وأنهم ظالمون : وأنهم جعلوا هلل علهم سلطان مبن ، كما جعل ذلك ف آة أخرى من صفات المنافقن , سواء السبل

أبتؽون , ن أولاء ء من دون المإمنن بشر المنافقن بؤن لهم عذابا ألما، و الذن تخذون الكافر) ال تجد قوما مإمنون باهلل : ) ونفى عنهم اإلمان ف آة أخرى فقال ( . عندهم العزة فإن هلل جمعا

وف آة (. أبناءهم أو إخوانكم أو عشرتهم, والوم اآلخر وادون من حاد هللا ورسوله ولو كانوا آباءهم أال تخذ المإمنون الكافرن أولاء من دون المإمنن، : ) ف شء، قال تعالىثالثة جعلهم لسوا من هللا

( ومن فعل ذلك فلس من هللا ف شء إال أن تتقوا منهم تقاة ، و حذركم هللا نفسه، وإلى هللا المصرن خبلل بل م, أو الطبقة , أو العنصر , المجتمع المسلم ال نظر إلى الناس من خبلل األرض أو اللون

.العقدة بالنسبة للمسلمن، ومن خبلل الرابطة اإلنسانة بالنسبة لؽر المسلمن

: ) ظاهروا علهم والبر والقسط لكل الناس ما لم قاتلوا المسلمن أو . فالوالء هلل ولرسوله وللمإمنن إن , وهم وتقسطوا إلهم ال نهاكم هللا عن الذن لم قاتلوكم ف الدن ولم خرجوكم من داركم أن تبر

( .هللا حب المقسطن

فبل جوز الخلط بن الوالء , والقطط والكبلب , حتى البهابم العجماوات , والرحمة لكل مخلوقات هللا .فتخصص الوالء للمسلمن ال نفى البر والعدل والرحمة باآلخرن . وؼره من البر والرحمة

ومز بن األخ , م عند المسلمن والذي فرق إنسان عن آخر فؤساس التقس: ) قول برنارد لوس والذي قصدنا باإلمان عند المسلمن .. واالنتساب أو عدمه إلى أمة اإلسبلم , هو اإلمان , واألجنب

والبإرة الت تجمع , وعنى أضا القوة االجتماعة ف األمة والمقاس الوحد لهوتها , عنى الدن على األقل ) فف المجتمع اإلسبلم العالم كل مسلم أخ لكل مسلم آخر . ء الجماعةحولها وال

فهو أقرب له من مواطنه الذي قد تكلم لؽته ونحدر , مهما كانت لؽته واصله وسبللته وببلده (نظرا دامى من نفس سبللته، ولكنه ال دن بنفس عقدته، حتى إن المسلم المإمن رفض أي صلة بؤسبلفه الق

ف العهود الجاهلة، ألنه ال حس أن بنه وبنهم أي رابطة من هوة عقابدة أو صلة روحة، وإهمال

Page 52: ملامح المجتمع المسلم

المسلمن لعلم اآلثار وعدم اهتمامهم به ف الشرق األوسط المسلم، ال عن أن المسلمن جهلة برابرة، وإحساس . قوم حضارة سامة فعلى العكس من ذلك أنهم.. كبل..ال ستطعون فهم أهمة هذه األشاء

قوي مرهؾ بالتارخ ومكانتهم، إال أن تارخ المسلمن بدأ بظهور اإلسبلم وسلفهم الصالح هم أوابل المسلمن عند قبلة اإلسبلم، ف قلب جزرة العرب، فقدماء المصرن من المشركن والبابلون وؼرهم

. (ؼم من الصلة الوطنة ف الدم والترابمن الشعوب القدمة، هم ؼرباء أجانب عنهم، على الر

. تمز أضا بؤخبلقه وفضابله , ومفاهمه ومشاعره , ه وشعابره كما تمز المجتمع المسلم بعقابد , فهو مجتمع العدل واإلحسان والبر والرحمة , فاألخبلق والفضابل جزء أصل من كان هذا المجتمع

, والسخاء والشجاعة , والعزة والتواضع , والحاء والعفاؾ , والصبر والوفاء , والصدق واألمانة , والقصد واالعتدال , والنظافة والتجمل , والمروءة والنجدة , والبذل والتضحة ,واإلباء والشرؾ

, واالستعبلء على الشهوات , والؽرة على الحرمات , والسماحة والحلم ء والنصحة والتعاون وبخاصة بر الوالدن , واإلحسان إلى الخلق كافة , واإلثار للؽر , والرؼبة ف الخر , والؽضب للحق

. . والنهى عن المنكر , واألمر بالمعروؾ , ودعوة الناس إلى الخر , وإكرام الجار, وصلة األرحام , , والتوبة إله , اإلخبلص له : وأولها . ومكارم األخبلق , وخبلل المكرمات , وكل خصال الخر

, ى مرضاته والحرص عل, والتعظم لشعابره , والخشة منه والرجاء ف رحمته , والتوكل عله إلى ؼر ذلك من المعان الربانة الت ؽفلها كثر من الناس حن تحدثون عن , والحذر من مساخطه وإنما تشمل ما بن , فلست األخبلق ما تعلق بما بن اإلنسان واإلنسان فحسب , األخبلق ف اإلسبلم

وشتد ف تحرم , واألخبلق الردبة , وهو ف الجانب السلب حرم كل الرذابل . اإلنسان وخالقه أضا , وعدهما رجسا من عمل الشطان , فحرم الخمر والمسر . بعضها ء فجعلها ف مرتبة الكبابر

ومثل ذلك الشذوذ الجنس الذي هو عبلمة على انتكاس , وحرم الزنى وكل ما قرب أو عن عله وال الناس بالباطل وخاصة إذا كانوا ضعفا ء كالتامى وأكل أم, وحرم الربا , الفطرة وانهار الرجولة

, بالا أو اللسان , وإذاء اآلخرن , واإلساءة إلى الجار , وحرم عقوق الوالدن وقطعة األرحام , . الكذب والخانة والؽدر وإخبلؾ الوعد والفجور ف الخصومة : وجعل من خصال النفاق

والعقول الراشدة جاء اإلسبلم فؤنكرها وألح ف إنكارها , وكل رذلة منكرها الفطر السلمة كما أن كل األخبلق الفاضلة الت تعرفها الفطر والعقول وسعد بسادتها األفراد والجماعات قد أقرها

, ( صلى هللا عله وسلم)أو قرا أحادث رسول هللا , والذي تلو كتاب هللا تعالى . وأمر بها وحث علها ولست من األعراض الطاربة , ه األخبلق والفضابل من المقومات الذاتة للمجتمع المسلم رى أن هذ

فه ف القرآن من الصفات األساسة للمإمنن والمتقن , وال من األمور الهامشة ف حاته , عله وه ف .. وال سعد بالحاة الدنا ؼرهم, وال نجو من النار ؼرهم , الذن ال دخل الجنة ؼرهم

ومن أعرض عنها فقد . والتخل عن أضدادها , ال تم اإلمان إال بالتحل بها , السنة من شعب اإلمان . وبربت منه ذمة هللا وذمة رسوله , وتعرض لسخط هللا ولعنته , جانب أوصاؾ المإمنن

حسب ترتب القرآنة لؤلخبلق اإلسبلمة تصورها النماذج األمة( اللوحات ) ونعرض بعض :المصحؾ

لس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمؽرب ولكن البر من آمن باهلل والوم اآلخر ) .1والمبلبكة والكتاب والنبن وآتى المال على حبه ذوي القربى والتامى والمساكن وابن السبل

Page 53: ملامح المجتمع المسلم

اهدوا، والصابرن ف والسابلن وف الرقاب وأقام الصبلة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا ع (. البؤساء والضراء وحن البؤس، أولبك الذن صدقوا، وأولبك هم المتقون

مزجت اآلة الكرمة بن العقابد من اإلمان باهلل والوم اآلخر والمبلبكة والكتب والنبن وبن الشعابر والوفاء بالعهد , إلخ .. امى واألخبلق من إتاء المال على حبه ذوى القربى والت, من الصبلة والزكاة

وحققة التدن , وجعلت هذا المزج الناس هو حققة البر . والصبر على البؤساء والضراء وحن البؤس .وحققة التقوى كما ردها هللا

إنما تذكر أولو األلباب، الذن وفون بعهد هللا وال نقضون المثاق، والذن صلون ما أمر هللا ) .2وخشون ربهم وخافون سوء الحساب، والذن صبروا ابتؽاء وجه ربهم وأقاموا به أن وصل

(الصبلة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعبلنة ودرءون بالحسنة السبة أولبك لهم عقبى الدار

واألخبلق , تمزت هذه اللوحة األخبلقة بالمزج بن األخبلق الربانة كخشة هللا وخوؾ سوء الحساب فإن المتؤمل . إن صح هذا التمز , ة من الوفاء والصبر والصلة واإلنفاق ودرء السبة بالحسنة اإلنسان

والصلة ه لما أمر هللا به , فالوفاء وفاء بعهد هللا , ف اآلة جدها قد وصلت األخبلق كلها بالربانة فه كلها أخبلق ربانه , واإلنفاق هو مما رزق هللا , والصبر إنما هو ابتؽاء وجه هللا , أن وصل

تقرب به المإمنون إلى , ألنها جمعا ضرب من العبادة , ولهذا قرنت بإقامة الصبلة , موصولة باهلل . وتلقون به ما عند هللا , هللا

قد أفلح المإمنون، الذن هم ف صبلتهم خاشعون، والذن هم عن اللؽو معرضون، والذن هم ) .3لفروجهم حافظون، إال على أزواجهم أو ما ملكت أمانهم فإنهم ؼر للزكاة فاعلون، والذن هم

ملومن، فمن ابتؽى وراء ذلك فؤولبك هم العادون، والذن هم ألماناتهم وعهدهم راعون، والذن هم على صلواتهم حافظون، أولبك هم الوارثون، الذن رثون الفردوس هم فها

(خالدون

وه معدودة ف -الصبلة، والفعل للزكاة، والمحافظة على الصلوات ف هذه اللوحة نجد الخشوع فجنبا إلى جنب مع اإلعراض عن اللؽو، وحفظ الفروج عن الحرام، ورعاة -إطار الشعابر والعبادات

.األمانات والعهود

وعباد الرحمن الذن مشون على األرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سبلما، والذن ) .4تون لربهم سجدا وقاما، والذن قولون ربنا اصرؾ عنا عذاب جهنم، إن عذابها كان ب

ؼراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما، والذن إذا أنفقوا لم سرفوا ولم قتروا وكان بن ذلك قواما، إلها آخر والذن إذا أنفقوا لم سرفوا ولم قتروا وكان بن ذلك قواما، والذن ال دعون مع هللا

وال قتلون النفس الت حرم هللا إال بالحق وال زنون، ومن فعل ذلك لق أثاما، ضاعؾ له العذاب وم القامة وخلد فه مهانا، إال من تاب وآمن وعمل عمبل صالحا فؤولبك بدل هللا

لى هللا متابا، سباتهم حسنات، وكان هللا ؼفورا رحما، ومن تاب وعمل صالحا فإنه توب إوالذن ال شهدون الزور وإذا أمروا باللؽو مروا كراما، والذن إذا ذكروا بآات ربهم لم خروا علها صما وعمانا، والذن قولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذراتنا قرة أعن واجعلنا للمتقن

(ما، خالدن فها مستقرا ومقاما إماما، أولبك جزون الؽرفة بما صبروا ولقون فها تحة وسبل

فما أوتتم من شء فمتاع الحاة الدنا، وما عند هللا خر وأبقى للذن آمنوا وعلى ربهم ) .5توكلون، والذن جتنبون كبابر اإلثم والفواحش وإذا ما ؼضبوا هم فؽرون، والذن استجابوا

هم نفقون، والذن إذا أصابهم البؽ هم لربهم وأقاموا الصبلة وأمرهم شورى بنهم ومما رزقنا (.نتصرون، وجزاء سبة سبة مثلها، فمن عفا وأصلح فؤجره على هللا، إنه ال حب الظالمن

: والجدد ف هذه اللوحة أو الباقة آمران ف ؼاة األهمة بالنظر إلى المجتمع المسلم

Page 54: ملامح المجتمع المسلم

, ر األساسة المكونة لشخصة المجتمع المسلم تقرر مبدأ الشورى باعتباره عنصرا من العناص: األولوال , ولهذا وضعت الشورى بن إقامة الصبلة وإتاء الزكاة المعبر عنه هنا بكلمة اإلنفاق مما رزق هللا

فما وضع بنهما ال كون من األمور الثانوة , خفى على أحد مكانة الصبلة والزكاة ف دن اإلسبلم . أو الهنة ف دن هللا

فلسر من شؤن المسلم الخضوع للبؽ أو االنحناء , هو االنتصار إذا أصابهم البؽ : واألمر الثان . إال من عفا عن قدرة فؤجره على هللا , بل مقابلته بمثله لزجر ورتدع . للظلم والعدوان

ومكانها ف تكون ,من هذه اللوحات أو الباقات الت قدمناها تبن لنا منزلة األخبلق ف اإلسبلم -مكة ومدنه -فالقرآن , ولست هذه كل ما ف القرآن الكرم عن األخبلق والفضابل . المجتمع المسلم

تجمع بن المثالة والواقعة وتمزج , ملا باآلات واللوحات الت تقدم لنا نماذج خلقة كرمة وال من بعده شرعة -لم تعرفهما من قبل , بام ف اتساق والت, الروحانات بالمادات أو الدن بالدنا

. وال نظام قل تعالوا : ) وستطع القارئ المسلم أن رجع إلى سورة األنعام فقرأ فها الوصاا العشر من أواخرها

اآلات أو رجع إلى سورة . . (. وبالوالدن إحسانا , أال تشركوا به شبا , أتل ما حرم ربكم عكم . اآلات ( .. وقضى ربك أال تعبدوا إال إاه وبالوالدن إحسانا : ) را الوصاا السبع عشرة اإلسراء فق

أو رجع إلى سورة الدهر وتلو فها أوصاؾ األبرار . . أو رجع إلى سورة لقمان وقرأ وصته البنه نا وتما وأسرا وفون بالنذر وخافون وما كان شره مستطرا ، وطعمون الطعام على حبه مسك: )

. اآلات(. . . وكؾ آذنهم , أو رجع إلى سورة البقرة وقرأ ف أواخرها آات هللا ف تحرم الربا ونذره ألكلة الربا

. بحرب من هللا ورسوله إن لم توبوا وكتفوا برإوس أموالهم آمنوا ال حل لكم أن ترثوا ا أها الذن : ) وكؾ أوصت بالمرأة خرا , أو رجع إلى سورة النسا ء

. اآلة ) …. . . وال تعضلوهن , النسا ء كرها وبالوالدن إحسانا , واعبدوا هللا وال تشركوا به شبا : ) أو قرأ ف نفس السورة آة الحقوق العشرة

وما وبذي القربى والتامى والمساكن والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبل اآلة . . . ( ملكت أمانكم

ا أها الذن آمنوا إنما الخمر والمسر واألنصاب واألزالم رجس من عمل : ) أو قرأ ف سورة المابدة . ال ستعملها القرآن إال مع الشرك وكبابر اإلثم ( االجتناب ) وكلمة , ( الشطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون

فإن جل أوامر القرآن , ن نتتبع موارد األخبلق ف آات القرآن العظم وطول بنا الحدث لو أردنا أ . جانب األخبلق: ونواهه تتعلق بهذا الجانب الخطر من حاة الناس

وهذا خبلؾ , وإنما سمها أوامر ونواه ( أخبلقا ) وربما خالفنا بعض الناس ف تسمة هذه األمور ال مشاحة ف : وقد قال علماإنا قدما . وع نفسه إثباتا ونفا ف االصطبلح والتسمة ال ف الموض

وإنما اخترنا تسمة هذه األمور . وال ضر الخبلؾ ف األسماء متى وضحت المسمات , االصطبلح . ألن تعرؾ األخبلق نطبق علها تمام االنطباق ( أخبلقا ) الت جاء بها القرآن والسنة

Page 55: ملامح المجتمع المسلم

مهمة المجتمع المسلم مع األخالق

كمهمته بالنظر إلى العقدة والمفاهم والشعابر , إن مهمة المجتمع بالنظر إلى األخبلق والفضابل . والعواطؾ

: إنها مهمة ذات ثبلث شعب

. الحماة -3. التثبت -2. توجه ال -1

والتثبت كون . والدعوة واإلرشاد , فالتوجه كون بالنشر والدعاة ومختلؾ وسابل اإلعبلم والتثقؾ . على مستوى األسرة والمدرسة والجامعة , والتربة العمقة الجذور , بالتعلم الطول المدى

: والحماة تكون بؤمرن

العام القظ الذي ؤمر بالمعروؾ ونهى عن المنكر و كره الفساد ونفر من برقابة الرأي .1 . االنحراؾ

وعاقب عله بعد وقوعه، زجرا للمنحرؾ وتؤدبا , وبالتشرع الذي منع الفساد قبل وقوعه .2 . وتطهرا لجو الجماعة من التلوث , للمستهتر

تسرى فضابله ف حاة المجتمع , د أخبلق اإلسبلم وبهذه األمور من التوجه والتثبت والحماة تسوفلس إذن بمجتمع مسلم ذلك الذي تختف فه أخبلق . سران العصارة الحة ف الؽصون واألوراق

. لتبرز أخبلق الفجار , المإمنن ولس بمجتمع . فتحا وتنمو أخبلق الضعؾ , ولس بمجتمع مسلم ذلك الذي تموت فه أخبلق القوة

. والخضوع لؤلقواء , م ذلك الذي شع فه خلق القسوة على الضعفاء مسلفنرى الناس , والخوؾ من حسابه , ومراقبته تعالى , لس بمجتمع مسلم ذلك الذي تضمر فه تقوى هللا

وإنما هم ف ؼفلة , ونطلقون وكؤنما لس هناك حساب نتظرهم , تصرفون وكؤنما هم آلهة أنفسهم . ف ؼمرة ساهون و, معرضون

ف مواجهة األمور وإلقاء األوزار على , لس بمجتمع مسلم ذلك الذي سوده التواكل والعجز والسلبة كاهل األقدار

وإخر أهل , وكرم أهل الفجور , وكرم الفاسقون , لس بمجتمع مسلم ذلك الذي هان فه الصالحون . القوى

ال تصرخ، : وقال فه للمضروب, وحابى فه المبطل , ه المحق لس بمجتمع مسلم ذلك الذي ظلم ف. كؾ دك : وال قال للضارب

. وقضى فه كل أمر بالرشوة, وتشترى فه الضمابر , لس بمجتمع مسلم ذلك الذي تفسد فه الذمم . فضل فضله وال عرؾ الذي , لس بمجتمع مسلم ذلك الذي ال وقر فه الكبر وال رحم فه الصؽر

. فتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال , لس بمجتمع مسلم ذلك الذي تتمع فه األخبلق .. وفقد فه الرجال الؽرة وتفقد النساء الحاء , لس بمجتمع مسلم ذلك الذي تشع فه الفاحشة

رفون إال راء ونفاقا ، وطلبا لس بمجتمع مسلم ذلك الذي ال كاد الناس تكلمون فه أو عملون أو تصواألتقاء األخفاء ، الذن إذا , وال تكاد ترى فه جندا مجهوال، من المخلصن البررة , للشهرة والجاه

. وإذا ؼابوا لم فتقدوا , حضروا لم عرفوا وابتمن , ووعد فؤخلؾ , لس بمجتمع مسلم ذلك الذي تسوده أخبلق المنافقن من كل من حدث فكذب

. وخاصم ففجر , وعاهد فؽدر , فخان , وتجافى فه اإلخوان , وعق فه األبناء اآلباء , لس بمجتمع مسلم ذلك الذي همل فه اآلباء األبناء

ونهزم , وتنفق فه سوق الؽبة والنممة وفساد ذات البن , وتناكر فه الجران , وتتقطع فه األرحام

Page 56: ملامح المجتمع المسلم

بكل ( مجتمع أخبلق ) -وال شك -فالمجتمع المسلم . أمام الشح واألنانة وحب الذات فه البذل واإلثارأو األؼراض , لس مجتمعا تسبره المنافع المادة , من شمول وسعة ( األخبلق ) ما تحمله كلمة

تزم بها ل, بل هو مجتمع تحكمه فضابل ومثل علا . . كبل . أو االعتبارات العسكرة وحدها , الساسة صلى )وال عجب ف ذلك فقد قال رسول هللا , وتقد بحدودها مهما كلفه ذلك من مشقات وتضحات ,

فبل انفصال ف هذا المجتمع بن العلم ( . إنما بعثت ألتمم مكارم األخبلق »‹ (: هللا عله وسلم وال بن , ن الساسة واألخبلق وال ب, وال بن االقتصاد واألخبلق , وال بن الفن واألخبلق , واألخبلق

صؽرها وكبرها , وإنما األخبلق عنصر همن على كل شإون الحاة وتصرفاتها , الحرب واألخبلق . فردها وجماعها ,

تمز , واألخبلق والفضابل , واألفكار والمشاعر , وكما تمز المجتمع المسلم ف العقدة والشعابر العقدة وما : النابعة من تلك األمور المذكورة , المصبوؼة بصبؽته , كذلك بآدابه وتقالده الخاصة به

والنوم , والزنة والملبس , إن لهذا المجتمع آدابه وتقالده ف المؤكل والمشرب . وتفرع عنها , تبعها والزواج , والصداقة والصحبة , والعمل والراحة , والزمالة والعشرة , والسفر واإلقامة , والقظة

وف العبلقة بن القرب , ه وف العبلقة بن الولد وأب, ف العبلقة بن الرجل والمرأة , والطبلق وف العبلقة بن الؽن , ونى العبلقة بن الكبر والصؽر , وف العبلقة بن الجار وجاره , وقربه وف العبلقة بن الربس والمرإوس، وف العبلقة بن , وف العبلقة بن البابع والمشترى , والفقر

. الخادم والمخدوم

من تقاليد المجتمع المسلم

لتكون ف خدمة عقدته وشعابره , إن هذه التقالد واآلداب والعادات أنشؤها اإلسبلم ف المجتمع المسلم . وأخبلقه وفضابله , ومفاهمه ومشاعره ,

فستمتع أفراده بالنوم الهادئ العمق ، ف , وستقظ مبكرا , أنه نام مبكرا : المجتمع المسلم فمن تقالد ووفر مبلن , ووفر صحة أبنابه وقوتهم الت ذبلها السهر الطول , اللل الذي جعله هللا لباسا

ع الناس بعد ذلك بوقت وتمت, الكلوات من الطاقة الكهربابة الت تستهلك ف السهر لؽر ضرورة ( صبلة الفجر ) البكور المبارك ونسم الصباح المبكر ، وهذا التقلد الجمل المتمز إنما صنعته

. وأدابها ف وقتها قبل أن تطلع الشمس , ووجوب االستقاظ لها لد المجتمع ومن تقا. ومن هنا نتبن أن تقالد المجتمع المسلم ال انفصال بنها وبن مقوماته األخرى

كما ال جوز , أن الرجل ال جوز له أن خلو بامرأة أجنبة دون حضور زوج وال محرم لها : المسلم فبل , وأن المرأة المسلمة جب علها االحتشام والتصون , ببل زوج وال محرم , لها أن تسافر وحدها

حرم علها أن تتبرج تبرج الجاهلة و, جوز لها أن تبدى من زنتها إال ما ظهر منها كالوجه والكفن أو ؼر ذلك مما فعله نسا ء العصر تقلدا , وأن تظهر ذراعها أو ساقها أو نحرها أو شعرها ,

ولكنه مبنى على نظرة , إن هذا التقلد لس عبثا وال تحكما . حضارة الؽرب : للحضارة الجاهلة األخبلق ف المجتمع، و قمة العفاؾ والتصون ونظرته إلى , اإلسبلم إلى كل من الرجل والمرأة

والحاء باعتبارها فضابل إنسانة رفعة، واعتبار الزنا فاحشة وجرمة خطرة على الفرد وعلى األسرة . إذا شاعت وتطار شررها , وعلى بنا ء المجتمع كله ,

, ن األزواج والزوجات والشك ب, وانتشار الخانة , وفساد الشباب , فإن نتجتها طؽان الشهوات

Page 57: ملامح المجتمع المسلم

وانحبلل الروابط , واختبلط األنساب , وكثرة اللقطاء وأوالد الحرام , وشوع األمراض التناسلة ( . وال تقربوا الزنا، إنه كان فاحشة وساء سببل : )وصدق هللا . واألخبلق

فجاءت آداب اإلسبلم , ه لم كن بد من إؼبلق الطرق الموصلة إل, فإذا كان الزنى فاحشة وسببل سبا ومنع التبرج واإلؼراء وسد الذرعة إلى الفتن، ما ظهر منها وما , واالحتشام , وتقالده ف التصون

إن هللا خبر بما , قل للمإمنن ؽضوا من أبصارهم وحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم : ) بطن , ال بدن زنتهن إال ما ظهر منهاصنعون، وقل للمإمنات ؽضضن من أبصارهن وحفظن فروجهن و

ولضربن بخمرهن على جوبهن وال بدن زنتهن إال لبعولتهن أو آبابهن أو آباء بعولتهن أو أبنابهن أو . اآلة..(أبناء بعولتهن أو إخوانهن

ال تنفصم عراها ببلوغ االبن, أن بن الولد وأبه رابطة أبدة مقدسة : ومن تقالد المجتمع المسلم كما هو عند الؽربن الذن صبح االبن عندهم بعد أن , أو بزواجه , رشده، أو باستقبلله االقتصادي

بل إن , ال كاد عرفهما إال ف المناسبات إن عرفهما , كبر وتزوج كؤنه شخص ؼرب عن أبوه ل ذي رحم محرم حتى تشمل األقارب من األصول والفروع والعصبة وك, اإلسبلم لوسع دابرة األسرة

واألخوال والخاالت , واألعمام والعمات , فاألجداد والجدات واألحفاد واألسباط , من الرجال والنساء , ولها حقوق جب أن تإدى , وقرابة جب أن ترعى , كل هإالء أرحام جب أن توصل … وأوالدهم

واتقوا هللا الذي تساءلون به : ) إلى وجوب النفقة والرعاة بالمعروؾ, من الزارة والمودة واإلحسان وآت ذا ) ، (وأولوا ألرحام بعضهم أولى ببعض ف كتاب هللا) ، (إن هللا كان علكم رقبا , واألرحام

( . القربى حقه والمسكن وابن السبل وال , به أنه ال ؤكل المتة والدم ولحم الخنزر وما أهل لؽر هللا : ومن آداب المجتمع المسلم وتقالده

وهو ؤكل وشرب بالمن، وبدأ . وال قدم شبا من ذلك على موابده , شرب الخمر والمسكرات ومن آداب المجتمع . وال ؤكل أو شرب ف إناء ذهب أو فضة , وختمه بحمد هللا , طعامه باسم هللا

وقد أؼناهم هللا , ورده فرض كفاة ,وإلقاإه سنة , وهو تحة السلمن فما بنهم , إفشاء السبلم : المسلم ، وقد (عم مساء ) أو , ( عم صباحا ) أو قول كـ, به عن تحاا الجاهلة من فعل كالسجود واالنحناء

فسلم الصؽر .حتى ال تواكل الناس ف البدء بها إذا تبلقوا , وضع الرسول لهذه لتحة قواعد ضابطة وإذا حتم بتحة فحوا بؤحسن : ) وقال تعالى , مار على الجالس وال, والقلل على الكثر , على الكبر

ا أها الذن آمنوا ال تدخلوا بوتا ؼر بوتكم : ) ومن آدابه ما ذكره القرآن بقوله ( . منها أو ردوها ها فها أحدا فبل تدخلو.ذلكم خر لكم لعلكم تذكرون، فإن لم تجدوا, حتى تستؤنسوا وتسلموا على أهلها

( وهللا بما تعملون علم , هو أزكى لكم , وإن قل لكم ارجعوا فارجعوا , حتى إذن لكم وعادة المرض , وتشمت العاطس , وإكرام الضؾ , اإلحسان إلى الجار : ومن آداب المجتمع المسلم

تفاوت ف حكمها الت ت, إلى ؼر ذلك من اآلداب والتقالد , وتعزة المصاب , وتشع جنازة المت , . ومستحب مندوب , ما بن واجب مفروض

الميةمن آثار التقاليد اإلس

نذكر منها , إن هذه اآلداب والتقالد اإلسبلمة تحقق ف المجتمع المسلم جملة من المزاا واآلثار الطبة :

Page 58: ملامح المجتمع المسلم

واضحة التقاسم , فهذه اآلداب والتقالد تجعل للمجتمع المسلم شخصة متمزة المبلمح : التمز .1, وقتبس عاداتها , ا وتمسكه أن ذوب ونصهر ف ؼره من المجتمعات فتقمص شخصته,

, وما صلح وما ال صلح , دون تفرقة وال تمز بن ما جوز وما ال جوز , ونقل تقالدها واتبعت حضارة , إذ انسلخت من ذاتتها , وهذا ما تورط فه أكثر الشعوب المسلمة الوم

صلى )ول الكرم وهذا ما حذر منه ونبؤ به الرس. بؽر تمحص , الؽرب وأخذت تقالده جملة حتى لو دخلوا , وذراعا بذراع , لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشر : ) حن قال ( هللا عله وسلم

؟( فمن : ) الهود والنصارى ا رسول هللا ؟ قال : قالوا ( ! جحر ضب لدخلتموه

، واختلفت وان تناءت دارهم -إن هذه اآلداب والتقالد تنشا بن المسلمن : الوحدة العملة .2وحدة عملة واقعة، بجوار الوحدة -وتفاوتت مراكزهم وطبقاتهم , وتبانت عروقهم , ألسنتهم

فحثما . واألفكار والمشاعر, العقدة والفكرة والشعورة الت أنشؤها اتحاد العقدة والشعابر ستقبلوك وا, ( السبلم ) نزلت بن قوم مسلمن ف أي أرض كانت، حوك بتحة اإلسبلم

من كان إمن باهلل والوم اآلخر : ) باإلكرام والقرى، تبعا ألدب اإلسبلم ف إكرام الضؾ وؤكلون بالد , وجدتهم بدأون طعامهم باسم هللا , فإذا تناولت طعامك معهم ( . فلكرم ضفه

ترك من التقالد فهناك قدر مش. وال قدمون لك خنزرا وال خمرا , المنى، وبختمون بالحمد هلل إال ف , ال فترق عنهم , والعادات شعر المسلم أنى ذهب أنه بن أهله وإخوانه وذوه

. نتجة الختبلؾ الببات واألحوال , جزبات تفصلة

واحترام البساطة , فإن تقالد اإلسبلم وآدابه تقوم على مراعاة الفطرة : البساطة واالعتدال .3. والتعقد، والبعد عن االختال واإلسراؾ وتجنب التكلؾ, والسر

وخفؾ من , وقلل التكالؾ , أن سر األمور , ومن شؤن هذه البساطة والقصد واالعتدال فما ال عود على المجتمع واقتصاده وأخبلقه ومثله إال , واألموال , بعثرة الجهود واألوقات

. بالضرر والخسران

ي اللبس والتزن للمرأة المسلمة، تناف هذا التهالك المحموم على كل بدع، إن تقالد المجتمع المسلم ؾوتناقض هذا اإلسراؾ , وأقدرها على اإلؼراء , وهذا السباق الشعور على أقرب األزاء إلى اإلثارة

ووشر األسنان و , ونمص الحواجب ( الباروكة ) من وصل الشعر , ف التجمل والتجمل , المجنون . لما فه من تؽر خلق هللا ( صلى هللا عله وسلم)وؼر ذلك مما لعنه رسول هللا ( التجمل جراحات )

ولم عد القابم بالتجمل امرأة , فاحتاجت إلى من جملها , ولم عد كفى المرأة أن تقوم بتجمل نفسها لمرأة ه الت تخرج من بل أصبحت ا. كما كان حدث ف العصور السابقة أحانا , تؤتى إلها ف بتها

قوم بتجملها وتزنها وتقاضى على ذلك أفحش األجور ( كوافر ) بتها لتذهب إلى محل رجل أجنب .

مهمة المجتمع المسلم مع اآلداب والتقاليد

, وربى علها أبناءه وبناته , أن بث هذه اآلداب -كما ه مهمته دابما -إن مهمة المجتمع المسلم هنا . الحضانة إلى الجامعة من, ونشا علها تبلمذه وتلمذاته، ف كل مراحل التعلم ومستواته وأنواعه

وبكل أسلوب من أسالب التؤثر والبان , وحببها إلى الشعب بكل وسلة من وسابل التوجه واإلعبلم . والنكتة , والمجلة والصحفة , والنشرة والكتاب , والقصة والمسرحة , بالمقالة والقصدة :

وأن تتعاون على ذلك كل . صورة المشاهدة بالكلمة المقروءة والكلمة المسموعة وال, والكاركاتر والفنة كالمسرح، والتربوة كالمدرسة، واإلعبلمة كالتلفاز، وال جوز , الدنة كالمسجد : المإسسات

:كما قال الشاعر, وتهدم أجهزة أخرى ف جوانب , أن بنى جهاز ف جانب

Page 59: ملامح المجتمع المسلم

متى بلػ البنان وما تمامه إذا كنت تبنه وؼرك هدم ؟ فلو ألؾ بان خلفهم هادم كفى فكؾ ببان خلفه ألؾ هادم ؟ا: وقال آخر

وواجب . وهذا صدق ف المادات و المعنوات . وال سما أن الهدم ف عصرنا باأللؽام ال بالمعاول المجتمع المسلم ف عصرنا أن نق آداب المجتمع وتقالده مما دخل علها من أمور ؼربة عن طبعته

الذي , والتخلؾ الحضاري , نة المعتدلة، سواء ف ذلك ما أدخلته عصور االنحطاط الفكري المتوازوما زحفت به علنا الحضارة الؽربة الحدثة من بدع منكرة ف . أصاب العالم اإلسبلم لعدة قرون

, لنساء واألعراس ومختلؾ المناسبات والعبلقات بن الرجال وا, األزاء واألثاث والمآكل والمشارب . وؼر ذلك

. ولهذا نجد المجتمع اإلسبلم اآلن ضم فرقن من الناس عشان على طرف نقض

مع , أن راها مجرد رإة هناك من ال سمح لخاطب ابنتهنجد . فإذا أخذنا موضوع األسرة مثبل عقد علها العقد بل ف بعض الببلد ال رى الخاطب زوجته بعد أن, مخالفة ذلك لؤلحادث الصححة

من دع للمخطوبة الحبل على الؽاربوفى مقابل هإالء ! وإنما راها وتراه للة الزفاؾ فقط , الشرع إلى المتنزهات أو السنمات، سحابة , متؤبطا ذراعها، ؼادن أو رابحن , لتخرج مع خاطبها وحدهما ,

وهناك من األزواج .ا معرفة مخالطة ومعاشة وعرفه, حتى سبر ؼورها , النهار أو زلفا من اللل وال راعى , وال عترؾ لها بحق , ال ستشرها ف أمر , من عامل امرأته كؤنها قطعة أثاث ف البت

. ورى ذلك من الرجولة , لها شعورا ؼدو بل ت, وال أثر لقوامته على األسرة , فبل شخصة له , وعكس ذلك من جعل زمامه ف د امرأته

المتحكمة ف عبلقات , الموجهة لتربة األوالد , المتصرفة ف المال , الزوجة ه اآلمرة الناهة . الزوج حتى بؤمه وأبه وذوى قرابته

لخص بذلك , من حرم البنات من مراثهن الشرع الذي كتبه هللا لهن : وهناك ف مجال المراث. عالى ف حكمهأبناءه الذكور، كؤنما ستدرك على هللا ت

حبلفا لما فرض هللا عز وجل ف كتابه، , وعلى النقض من ذلك من رد أن سوى بن االبن والبنت واألمثلة . ألنه فاوت بنهما ف األعباء والتكالؾ المالة , ناسا أن الشرع فاوت بنهما ف األنصبة

حمى هذه اآلداب والتقالد بعد ذلك بالقانون ثم على المجتمع أن. وحسبنا ما ذكرناه . على ذلك كثرة ومحوا معالم شخصتها , فبل ترك الحبل على الؽارب للذن ردون أن فسدوا آداب األمة , والسرع

فإذا تهاون المجتمع ف آدابه . وفرضها علها شرعها , الت تلقتها من وح ربها , ودمروا تقالدها , . نفقد تخلى من رسالة المجتمع المسلم الحق , للمخربن فعلون ما شاإون وتقالده، وأطلق العنان

, ونفلت من آدابه األصلة , ذلك الذي نسلخ من تقالده العرقة : لس بمجتمع مسلم صادق اإلسبلم له وتمحى ذاتته وصح ذبل لؽره، وقد جع, وآدابا ؼربة عنه، فتذوب شخصته , لتقبل تقالد دخلة

ونسا ه , ورجاله تحلون بخواتم الذهب , فترى أبناءه ؤكلون بالشمال وشربون بالشمال . هللا رأسا . وإبداء البطون والظهور , وتعرة الصدور , تشبهن بالكافرات ف كشؾ الشعور

. لس بمجتمع مسلم ذلك الذي ختل فه الرجال بالنساء ببل زوج وال محرم وال رقب وال حسب ف -اختبلط تماس واحتكاك والتصاق -لس بمجتمع مسلم ذلك الذي ختلط فه الفتان والفتات

. ووسابل المواصبلت , والمعسكرات والرحبلت , المعاهد والجامعات تخرب , الصحفة والسنمابة واإلعبلمة : لس بمجتمع مسلم ذلك الذي تترك فه المإسسات المشبوهة

سلط علها رحا سموما فها عذاب ألم، تدمر كل شا بؤمر سادتها من الصهانة كان األمة، وتبالمقاالت المضللة، واألخبار الزابفة، والقصص الماجنة، والصور الفاجرة : والمستعمرن والشوعن

. طل الهابطة، والمسلسبلت المطعمة باألبا( األفبلم ) والمسرحات الداعرة، و , واألؼان الخلعة , كما حام عن أرضه أن , الذي حام عن آدابه األصلة، وتقالده الثابتة : إنما المجتمع المسلم حقا

. وعن كرامته أن تهان , وعن ثرواته أن تنتهب , وعن حرماته أن تنتهك , تحتل

Page 60: ملامح المجتمع المسلم

والمصر، والؽاة، , الت تحدد له فلسفته الكلة عن المبدأ ( العقابد ) كما قوم المجتمع المسلم على مجتمع )وبها ظهر أنه .. أن ؟ ولم ؟ من أن ؟ وإلى : وتجب اإلنسان عن أسبلته القدمة الجددة

وقوم على الشعابر الت تجسد صلته باهلل تعالى ف أعمال ظاهرة، وبها . ال شرك باهلل شبا ( موحدوقوم على األفكار والمفاهم الواضحة الت . أهم وظابفه عبادة هللا تعالى ( مجتمع متعبد)ظهر أنه

الت ال تنسبه لمن , خاص والمذاهب من خبلل موازنه الخاصة تجعله قوم األعمال والمواقؾ واألشز (مجتمع فكرى ) أو سار فهو . متم

باعتبارها أوامر ونواه , وقوم على أخبلق وفضابل إمن بها إمانه بدنه وشرعته، فه جزء منه ى آداب وتقالد خاصة وقوم ذلك المجتمع عل. (مجتمع أخالق ) فهو , صادرة إله من ربه سبحانه

كما قوم المجتمع على ذلك . تجعله نسج وحده، ؼر مقلد لؽره، ممن بعد عنه زمانا، أو بعد عنه مكانا . الرفعة، الت تتطلع إلها البشرة الراقة (القم اإلنسانة) كله، قوم كذلك على

نسان وحرته وحرماته، وحقوقه، وصانة وأعنى بالقم اإلنسانة تلك الت تقوم على احترام كرامة اإل .دمه وعرضه وماله وعقله ونسله، بوصفه إنسانا، وعضوا ف مجتمع

:ونركز هنا على مجموعة من القم األساسة وهى

العلم، والعمل، والحرة، والشورى، والعدل، واإلخاء

العلم

العلم قمة من القم العلا، الت جاء بها اإلسبلم وأقام علها حاة اإلنسان المعنوة والمادة، األخروة ن وداع العمل، وهو المرشح األول للخبلفة ف األرض، وبه فضل آدم والدنوة، وجعله طرق اإلما

ألنهم أعبد هلل من الذن توقعوا منهم أن ! أبو البشر على المبلبكة، الذن تطلعوا إلى منصب الخبلفة إن أعلم ما ال تعلمون، وعلم آدم األسماء : ) فسدوا ف األرض وسفكوا الدماء، فقال تعالى ردا علهم

وأول ما نزل منه على الرسول , إن اإلسبلم هو دن العلم، والقرآن كتاب العلم . اآلات. . . ( لها ككتاب فصلت آاته قرآنا : ) والقرآن . والقراءة ه باب العلم ( إقرأ باسم ربك الذي خلق :) الكرم

قل هل ستوي الذن علمون : ) والقرآن جعل العلم أساس التفاضل بن الناس ( . عربا لقوم علمون أنه ال إله إال : )كما جعل أهل العلم هم الشهداء هلل تعالى بالتوحد، مع المبلبكة ( . والذن ال علمون

إنما ) وأهل العلم كذلك هم المإهلون لخشه هللا تعالى وتقواه ( . هو والمبلبكة وأولوا العلم قابما بالقسط فبل بخشى هللا إال من عرفه، وإنما عرؾ هللا بآثار قدرته ورحمته ف , ( حشى هللا من عباده العلماء

ألم تر أن هللا أنزل : ) خلقه، ولهذا جاءت هذه الجملة ف ساق الحدث عن آات هللا تعالى ف الكون من السماء ماء فؤخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها، ومن الجبال جدد بض وحمر مختلؾ ألوانها

( . ب سود، ومن الناس والدواب واألنعام مختلؾ ألوانه كذلك، إنما خشى هللا من عباده العلماء وؼرابالت تنبذ الخرافة، وتتمرد على التقلد األعمى، لؤلجداد (العقلة العلمة ) والقرآن أعظم كتاب نشا

ف مقام البحث عن الحقابق واآلباء أو للسادة والكبراء، أو للعوام والدهماء، وترفض الظنون واألهواءوالعقابد القنة، وال تقبل دعوى إال ببرهان قاطع، من المشاهدة المإكدة ف الحسات، ومن المنطق

Page 61: ملامح المجتمع المسلم

وعتبر القرآن النظر فرضة، والتفكر عبادة، . السلم ف العقلات، ومن النقل الموثق ف المروات . رفة شكرا لنعم هللا، وتعطلها سببل إلى جهنم والبحث عن الحققة قربة، واستخدام أدوات المع

وإذا قل لهم اتبعوا ما أنزل هللا قالوا بل نتبع ما : ) اقرأ هذه اآلات ف القرآن، وهى ؼض من فض وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا . ) ؟( ألفنا عله آباءنا، أو لو كان آباإهم ال عقلون شبا وال هتدون

( . ضلونا السببل، ربنا آتهم ضعفن من العذاب والعنهم لعنا كبرا وكبراءنا فؤ( . قال لكل ضعؾ ولكن ال تعلمون) ( وما لهم به من علم، إن تبعون إال الظن، وإن الظن ال ؽنى من الحق شبا )( إن تبعون إال الظن وما تهوى األنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى)( عن سبل هللا وال تتبع الهوى فضلك)( وهللا أخرجكم من بطون أمهاتكم ال تعلمون شبا وجعل لكم السمع واألبصار واألفبدة لعلكم تشكرون)( وال تقؾ ما لس لك به علم، إن السمع والبصر والفإاد كل أولبك كان عنه مسإوال )( نببون بعلم إن كنتم صادقن)( إال الظن وإن أنتم إال تخرصون قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا، إن تتبعون)( ابتون بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقن)( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقن)( أو لم نظروا ف ملكوت السموات واألرض وما خلق هللا من شء)( قل انظروا ماذا ف السموات واألرض) (نى وفرادى ثم تتفكرواقل إنما أعظمكم بواحدة، أن تقوموا هلل مث)

والمراد (. وأولى األبصار)، ( أولى النهى)، و ( أولى األلباب) ونوه القرآن ف كثر من آاته بـ. العقل ال الحس: بالبصر هنا

، (لقوم عقلون)، و(لقوم تفكرون)آات ( الكون)، وكتابه المنظور (القرآن)وبن ف كتابه المسطور . ؟ (أفبل تتفكرون)؟ ، (أفبل تعقلون: )فه من فواصل تنبه العقول الؽافلة مثلوكم (. لقوم علمون)و

لعلم فرضة على كل مسلم ومسلمة، وأن منه ما هو فرض 1وعلماء اإلسبلم متفقون على أن طلب

ففرض العن ما ال بد للمسلم منه ف فهم دنه عقدة وعبادة وسلوكا، . عن، ومنه ما هو فرض كفاةوفرض الكفاة كل ما به قوام الدن . دناه، حتى كف نفسه، وأسرته، وهم ف كفاة أمته وف عمل

ولهذا قرر علماء المسلمن أن تعلم الطب . والدنا للجماعة المسلمة، من علوم الدن وعلوم الدنا بها، فرض كفاة والهندسة وؼرهما من فروع العلم، وكذلك تعلم الصناعات الت ال تقوم حاة الناس إال

على األمة، فإذا وجد فها عدد كاؾ من العلماء والخبراء، والفنن ف كل مجال، بحث تسد به الثؽرات، وتلبى الحاجات، فقد أدت األمة واجبها، وسقط اإلثم والحرج عنها، وإذا قصرت األمة ف

، فاألمة كلها آثمة، وبخاصة جانب من هذه الجوانب الدنوة، وؼدت عالة على ؼرها كلا أو جزبا . أولو األمر فها

وعلى ضوء هذه المعان قامت حضارة إسبلمة رفعة البنان، متنة األركان، جامعة بن العلم ولم عرؾ ف هذه الحضارة ما عرؾ ف أمم أخرى من الصراع بن العلم والدن، أو بن . واإلمان

بل كان كثر من علماء الشرع أطباء وراضن وكمابن . الحكمة والشرعة، أو بن العقل والنقل( . ابن رشد والفخر الرازي والخوارزم وابن النفس وابن خلدون وؼرهم : مثل ) وفلكن وؼرهم،

وقد بن اإلمام محمد عبده أن أصول اإلسبلم تتفق كل االتفاق مع العلم والمدنة، وأقام على ذلك اإلسبلم والنصرانة ) وص الدن ومن تارخ المسلمن، وذلك ف كتابه القم البراهن الناصعة من نص

( . مع العلم والمدنة

Page 62: ملامح المجتمع المسلم

العمل

وهو أضا . علم ببل عمل، كشجر ببل ثمر، أو سحاب ببل مطر: وهو ثمرة العلم، ولهذا قل ف تراثنا ومهما ختلؾ علماء الكبلم ف اعتبار العمل جزءا . ثمرة اإلمان الحق، إذ ال تصور إمان ببل عمل

. ما ال رب فه أن اإلمان الصادق ال بد أن ثمر عمبل من حققة اإلمان، أو شرطا له، أو أثرا له، ؾاإلمان ما وقر ف : ولهذا قرن القرآن بن اإلمان والعمل ف عشرات من آاته، ولهذا قال السلؾ

. القلب، وصدقه العملوهذه . بذل الجهد الواع لتحقق مقاصد الشارع من اإلنسان فوق هذه األرض : والعمل المطلوب هو

الذرعة ) تتحدد ف ثبلث ذكرها اإلمام الراؼب األصفهانى ف كتابه -كما أشار إلها القرآن -لمقاصدا وهى ( إلى مكارم الشرعة

(وما خلقت الجن واإلنس إال لعبدون: ) كما قال تعالى ،العبادة .1

.عن آدم وذرته(..إن جاعل ف األرض خلفة: ) كما قال تعالى ،الخالفة .2

( . هو أنشؤكم من األرض واستعمركم فها : ) ، كما قال تعالى عمارةال .3

جزء من العبادة، وقام بحق -عند أدابها بقصد ونة -وهذه الثبلثة متداخلة ومتبلزمة، فالعمارة والعمل . والعبادة بمعناها الواسع تشمل الخبلفة والعمارة، وال خبلفة بؽر عبادة وعمارة . الخبلفة

تعبر قرآن جامع، شمل كل ما صلح به : ، والصالحات (عمل الصالحات ) ف اإلسبلم هو المنشود فهو ضم العبادات والعامبلت، أو عمل المعاش والمعاد، كما . الدن والدنا، وصلح به الفرد والمجتمع

الموت والحاة، ولقد بن القرآن أن هللا تعالى خلق السموات واألرض، وخلق. عبر علماإنا رحمهم هللا ، (لبلوكم أكم أحسن عمبل : )وجعل ما على األرض زنة لها، لهدؾ واضح حدده بقوله سبحانه

أن الخالق جل شؤنه ال رد من الناس أي عمل، وال : ومعنى هذا ( . لنبلوهم أهم أحسن عمبل : )وقولهنهم لس بن العمل السا والحسن، بل فالسباق ب . (العمل األحسن) مجرد العمل الحسن، بل رد منهم

الت ه : ) وال ؼرو أن وجدنا من العبارات القرآنة المؤنوسة عبارة . بن العمل الحسن واألحسن بالت ه ) ، وستثمر مال التم (بالت ه أحسن) ، وبدفع (بالت ه أحسن ) ، فالمسلم جادل (أحسن

فهو رنو دابما ( . واتبعوا أحسن ما أنزل إلكم من ربكم: ) به ، وتبع أحسن ما أنزل إله من ر(أحسن والعمل االقتصادي بكل، فروعه وأنواعه من أفضل . إلى ما هو أحسن، ولس إلى مجرد الحسن

وخصوصا العمل اإلنتاج . القربات إلى هللا، إذا صحت فه النة، وأدى بإتقان، والتزمت فه حدود هللاوقد توارث العرب من قدم احتقار العمل الدوي والحرف، وكان . حدد وتعدن من زراعة وصناعة و

أحدهم إثر أن ذهب إلى األمر أو شخ القبلة، سؤله المعونة، على أن بذل جهدا كفل له عشا خر وأكرم من -بلبمه، فبن لهم الرسول الكرم أن أي عمل لكسب العش وان قل دخله، وكثر جهده

ألن ؤخذ أحدكم حبله على ظهر، فؤت : ) قول عله الصبلة والسبلم . إال الناس، أعطوه أو منعوهسوفى ( . بحزمة من الحطب فبعها، فكؾ هللا بها وجهه، خر من أن سؤل الناس، أعطوه أو منعوه

وإن نب هللا داود ما أكل أحد طعاما قط خرا من أن ؤكل من عمل ده،: ) الحث على االحتراؾ قول ما من مسلم ؽرس ؼرسا أو : ) وفى الحث على الزرع والؽرس قول ( . كان ؤكل من عمل ده

ومن أروع التوجهات النبوة ف ( . زرع زرعا فؤكل منه طر أو إنسان أو بهمة إالكان له به صدقة ) أحدكم فسلة، فإن استطاع أال تقوم إن قامت الساعة وفى د:)الحدث الذي قول : بان قمة العمل

Page 63: ملامح المجتمع المسلم

( . الشتلة ) النخلة الصغرة، أي ما نسمه : والفسلة ( .حتى ؽرسها فلؽرسها ( أي الساعة ! ولماذا ؽرسها والساعة قابمة، وهو لن نتفع بها، وال أحد من بعده ؟

منتجا، حتى تنفد آخر نقطة إنه دلل عملى أن العمل مطلوب لذاته، وأن على المسلم أن ظل عامبل ولو وعى المسلمون . إن العمل عبادة وقربة، أكل الناس من ثمره أو لم ؤكلوا! زت ف سراج الحاة

وكانت . هذه التعلمات لفتح هللا علهم بركات من السماء، واألرض، وأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهماء، ولم عشوا كبل على ؼرهم من األمم، حتى إنهم ال مجتمعاتهم ف طلعة مجتمعات العام إنتاجا وثر

كفون أنفسهم من القوت الوم الذي به عشهم وحاتهم، وببلدهم ببلد زراعة، وال من السبلح الذي حتاجون إله ف حماة حرماتهم وأرضهم وعرضهم، فلو كؾ اآلخرون أدهم منهم لهلكوا مادا من

. من الذلالجوع، وهلكوا معنوا

الحرية

ت ترفع من اإلنسان كل ألوان الضؽط والقهر الحرة، ال: ومن القم اإلنسانة الت عظم أمرها اإلسبلم . سدا ف الكون، عبدا هلل وحده: وتجعله كما أراد هللا له . واإلكراه واإلذالل

وكل ، والحرة المدنة، والحرة الساسة، والحرة الفكرة، الحرة الدنة: وتشمل هذه الحرة . الحرات الحققة

االعتقاد، وحرة ممارسة الشعابر، فبل قبل اإلسبلم بحال أن كره أحد حرة : ونعنى بالحرة الدنةونصوص القرآن الكرم مرحة . على ترك دن رضه واعتنقه، أو جبر على اعتناق دن ال رضاه

؟ ( أفؤنت تكره الناس حتى كونوا مإمنن : ) ف ذلك كل الصراحة، فف القرآن المك قول تعالى ( . ال إكراه ف الدن، قد تبن الرشد من الؽ : ) ن قول سبحانه وف القرآن المد

له ما ،(جنسة دار اإلسبلم)ومن دخل ف ذمة المسلمن من أصحاب األدان األخرى، فقد ؼدا حمل وعله ما علهم ف الجملة، إال ما اقتضته طبعة التمز الدن، فبل فرض عله كل ما , للمسلمن

ومن الناس من كتب ف عصرنا . لمسلمن، وال حرم عله كل ما حرم على المسلمن فرض على اإن التراث العرب واإلسبلم لم عرؾ الحرة بالمفهوم الحدث والمعاصر، الذي نقل إلنا من : قول

فقط، فالحر من لس عبدا، ( عدم الرق) إنما عرؾ الحرة بمعنى . الؽرب، بعد الثورة الفرنسةفنحن حن نإمن بالحرة، أو ننادى بالحرة عالة على فرنسا، فقبلها لم . لحرة مقابل الرق والعبودةوا

أنهم مثقفون وعلمون، -وزعم لهم -وإن ألعجب أن قول هذا أناس زعمون !! نكن نعرؾ منها شا لنا أن نضع ونظرا ألن بعض الناس قد ؽره هذا الكبلم المزوق، وجب ع! وباحثون موضوعون

: أمامهم بعض الحقابق تبصرة وتذكرة اإلنسان ال ننكر أن األمل والحققة اللؽوة ف معنى الحرة، هو ما قابل الرق الذي عنى تحكم : أوال

ولكن لس . والحرة تعن التخلص من هذا التحكم والتسلط، وفكاك رقبته منه. ف آخر وتسلطه عله. لمة هذا هو المعنى الوحد للك

. لقد اتسعت الكلمة لتشمل تخلص اإلنسان من كل تسلط عله بؽر حق، من سلطة جابرة، أو قوة قاهرة وفى هذا جاءت كلمة عمر بن الخطاب لواله على مصر عمرو بن العاص، وه كلمة محفورة ف

؟ا ( متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا : ) ذاكرة التارخ وبقول على بن أبى طالب ف . بحت تصدر بها اآلن الدساتر ومواثق حقوق اإلنسان وهى كلمة أص

(الحر)وقد استعمل كثر من الشعراء كلمة (. وال تكن عبد ؼرك وقد جعلك هللا حرا : ( وصته البنه :كقول من قال . بمعنى اإلنسان العزز الكرم

Page 64: ملامح المجتمع المسلم

! العبد قرع بالعصا والحر تكفه المبلمة والحر من دان إنصافا كما دنا : اآلخر وقال

:وقال ؼره ف وصؾ بعض الحسان العففات حور حرابر ما هممن بربة كظباء مكة صدهن حرام

: وفى أمثال العرب ( !تجوع الحرة وال تؤكل بثدها )

:وقالوا (.الصبر مر، ال تجرعه إال حر )

ال عنى بالضرورة : ى مفهوم أو مضمون نعرفه اآلن ثم إن عدم وجود لفظ أو مصطلح معن دل عل. فقد وجد هذا المضمون أو المحتوى تحت لفظ أو مصطلح آخر. عدم وجود هذا المدلول أو المضمون

(المساواة)فقد ال جد الباحث ف تراثنا كلمة . وقد وجد منثورا تحت كلمات أو مصطلحات أخرى لكنه بؤدنى بحث جد مضمونها مبثوثا منتشرا، ف آات القرآن و. مستخدمة كما نستخدمها نحن اآلن

وفى عبادات اإلسبلم وشعابره، من الصبلة والصام والحج , وأحادث الرسول العظم , الكرم وفى مبادئ اإلسبلم الت . والعمرة، وفى أحكام اإلسبلم وعقوباته الت ال تفرق بن الشرؾ والوضع

: ناس واأللوان والطبقات، وتجعل الناس سواسة كؤسنان المشط ومثل ذلك تحطم الفوارق بن األج( وهلل العزة ولرسوله وللمإمنن : ) بالعزةأو ( ولقد كرمنا بنى آدم : ) ، فقد عبر عنها بالكرامة الحرة

اب والتروعبتحرم اإلرهأو (. فؤما التم فبل تقهر، وأما السابل فبل تنهر : ) بتحرم القهر والنهرأو . من جرد ظهر مسلم بؽر حق : ) بتحرم الضرب والتعذبأو ( . ال حل لمسلم أن روع مسلما : )

. أو بؽر ذلك من العبارات واألسالب (. لق هللا وهو عله ؼضبان أن اإلسبلم حرض على القتال وإعبلن الحرب من أجل تحرر المستضعفن ف : وأكثر من ذلك ومالكم ال تقاتلون ف سبل هللا والمستضعفن من : )قول تعالى . ر الطؽاة والمتجبرناألرض من ن

الرجال والنسا ء والولدان الذن قولون ربنا أخرجنا من هذه القرة الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولا ( . واجعل لنا من دونك نصرا

تبداد، فبل أقل من أن هاجروا من دارهم، وال قبلوا على وإذا لم قدر الناس على مقاومة الطؽان واالسوقد توعد القرآن الكرم بالوعد الشدد من رض . أنفسهم الهوان والبقاء تحت نر الظلم واالستعباد

قول . بهذه الحاة المهنة، واستسلم لها طابعا فبل هو قاوم مع المقاومن، وال هو هاجر مع المهاجرن إن الذن توفاهم المبلبكة ظالم أنفسهم قالوا فم كنتم قالوا كنا مستضعفن ف : ) ل هللا عز وج

األرض، قالوا أم تكن أرض هللا واسعة فتهاجروا فها، فؤولبك مؤواهم جهنم، وساءت مصرا، إال أن المستضعفن من الرجال والنساء والولدان ال ستطعون حلة وال هتدون سببل، فؤولبك عسى هللا

على أن الذي عطى اإلسبلم حقه من الفهم والتدبر، جد أن ( . عفوا عنهم، وكان هللا عفوا ؼفورا والتوحد هو األساس العقل والفلسف لتحقق مبدأ . جوهره هو التوحد، فهو روح الوجود اإلسبلم

. الحرة، بل لتحقق مبادئ الحرة واإلخاء والمساواة جمعا تعنى إسقاط المتؤلهن والمتجبرن ف األرض، وإنزالهم من -( ال إله إال هللا ) كلمة -وحد وكلمة الت

, عروش الربوبة المزفة، واالستعبلء على الخلق، إلى ساحة المشاركة للناس جمعا ف العبودة هلل النصارى وملوكهم ف إلى قصر وأمرا ء ( صلى هللا عله وسلم)ولهذا كانت رسابل النب . والبنوة آلدم

ا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بننا وبنكم أال نعبد : )مصر والحبشة وؼرها مختومة بهذا النداء ( . إال هللا وال نشرك به شبا وال تخذ بعضنا بعضا أربابا من دون هللا

ناس بعضا أربابا من دون إن أعظم ما دمر حرة البشر، وأتى على بنانها من القواعد، اتخاذ بعض الولك سترد الناس حرمتهم وكرامتهم جب تحطم هإالء األرباب األدعاء، واآللهة المزورن، . هللا

خصوصا ف أنفس الذن توهموهم أربابا حقا، وهم مخلوقون مثلهم، ال ملكون ألنفسهم ضرا وال نفعا

Page 65: ملامح المجتمع المسلم

صلى هللا عله )كو العرب هذه الحققة منذ دعا النب ولقد وعى مشر. وال موتا وال حاة وال نشورا من أول وم إلى التوحد، وشهادة أن ال إله إال هللا، وعلموا أن وراء هذه الكلمة انقبلبا ف الحاة ( وسلم

االجتماعة والساسة، وأنها تإذن بمبلد جدد لبنى اإلنسان، وال سما الفقراء والمستضعفن ؼرو أن وقفوا ف وجهها، وجندوا كل قواهم لحرب كل من آمن بها، واستجاب والمسحوقن، فبل

. لندابها

الشورى

. الشوري : ومن القم اإلنسانة واالجتماعة الت جاء بها اإلسبلم أال نفرد اإلنسان بالرأي وحده ف األمور الت تحتاج إلى مشاركة عقل آخر أو أكثر، : ومعنى الشورى

. فرأى االثنن أو الجماعة أدنى إلى إدراك الصواب من رأى الواحد كما أن التشاور ف األمر فتح مؽالقه، وتح النظر إله من مختلؾ زوااه، بمقتضى اختبلؾ اهتمامات

فراد، واختبلؾ مداركهم وثقافتهم، وبهذا كون الحكم على األمر مبنا على تصور شامل، ودراسة األ. مستوعبة

فاإلنسان بالشورى ضؾ إلى عقله عقول اآلخرن وإلى علمه علوم اآلخرن، وفى هذا قول الشاعر : العرب

إذا بلػ الرأي المشورة فاستعن برأي نصح أو نصحة حازم ب الشورى علك ؼضاضة فإن الخواف قوة للقوادموال تحس

. وقد دعا اإلسبلم إلى الشورى ف حاة الفرد، وفى حاة األسرة، وفى حاة المجتمع والدولة

:الشورى في حياة الفرد

سبلم المسلم إذا أراد أن قدم على أمر من األمور المهمة، الت تختلؾ فها فف حاة الفرد ربى اإلالوجهات، وتتعارض اآلراء والرؼبات، وتردد فها المرء بن اإلقدام واإلحجام، أن ستعن بؤمرن

. ساندانه على اتخاذ القرار األصوب ة ركعتن عقبها دعاء مضمونه أن ربان، وهو استخارة هللا تعالى، وهى صبل: أحد هذن األمرن

. ختار هللا له خر األمرن ف دنه ودناه، ومعاشه ومعاده وبهذا جمع بن استخارة . إنسان، وهو استشارة من ثق برأه وخبرته ونصحه وإخبلصه: والثان

( م من استشارال خاب من استخار، وال ند: ) وقد حفظ المسلمون من تراثهم . الخالق، واستشارة الخلقف كثر من أمورهم ( صلى هللا عله وسلم)وقد كان الصحابة رض هللا عنهم ستشرون النب .

كما رأنا حن استشارته فاطمة بنت قس . الخاصة، فشر علهم بما راه صوابا أو أصوب أو أفضلأما معاوة فصعلوك ال : ) ا فقال له. معاوة وأبو جهم: ف أمر زواجها، وقد أبدى الرؼبة فها رجبلن

واقترح علها أن تتزوج أسامة . أي ضرب النساء( ! مال له، وأما أبو جهم فبل ضع عصاه عن عاتقه. وكان الرسول الكرم عله الصبلة والسبلم ستشر بعض أصحابه ف أموره الخاصة كذلك . بن زد

. طالب، وسؤل أسامة بن زد ستشر على بن أبى ( حدث اإلفك)فقد رأناه ف أزمة

Page 66: ملامح المجتمع المسلم

: :الشورى في حياة األسرة

وذلك . وفى حاة األسرة دعو اإلسبلم إلى أن تقوم الحاة األسرة على أساس من التشاور والتراضولو كانت بكرا -فضت نصوص الشرعة أن ستبد األب بتزوج ابنته ولهذا ر. منذ بداة تكون األسرة

وأوجب التوجه النبوي أن تستؤذن البكر، وان كانت تستحى، فجعل إذنها . دون أن ؤخذ رأها -صلى هللا عله )وقد رد النب . فإن سكوتها عند عرض األمر علها دلل على الرضا والقبول . صماتها

زواج الت تمت بؽر إرادة البنت، ألن الشرع لم جز ألحد أن تصرؾ ف مالها بعض عقود ال( وسلمبل رؼبت السنة آباء البنات أن شاوروا أمهات ! وملكها بؽر إذنها، فكؾ بمصرها ومستقبل حاتها ؟

بناتهن ف أمر زواجهن، أي شاور الرجل زوجته عند تروج ابنتهما، وفى هذا جاء الحدث الذي رواه وذلك أن األم أعلم بابنتها من األب، فه باعتبارها أنثى (. آمروا النساء ف بناتهن : ) اإلمام أحمد

وبعد بناء . تعرؾ اتجاهها وعواطفها، والبنت تبوح ألمها عن أسرارها ما ال تجرإ أن تبوح به لوالدهانهما، وفما هم كل واحد منهما األسرة نبؽ للزوجن ،ن تفاهما وتشاورا فما هم الحاة المشتركة ب

وال جوز أن ستهان برأي المرأة هنا، كما شع عند . على حدة، وفما هم حاة ذرتهما ومستقبلها وما كان أحصؾ رأي خدجة . بعض األمر، فكم من امرأة كان رأها خرا وبركة على أهلها وقومها

فإاد النب، والذهاب معه إلى ابن عمها ورقة بن وموقفها ف أول ساعات الوح، ودورهما ف تثبت . وسؤت الحدث عنه. وكذلك رأي أم سلمة وم الحدبة. نوفل، لطمبنه وبشرهالتنبه على ضرورة التشاور والتراض بن الزوجن فما تصل برضاع األوالد :ومن الروابع القرآنة

والوالدات رضعن أوالدهن حولن كاملن، لمن أراد :) قول تعالى. وفطامهم، ولو بعد االنفصال بنهمافإن أرادا :) ، إلى أن قال . . . (أن تم الرضاعة، وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروؾ

( . فصاال عن تراض منهما وتشاور فبل جناح علهما

:الشورى في حياة المجتمع والدولة

أما الشورى ف حاة المجتمع والدولة المسلمة، فقد جعلها القرآن من المكونات المهمة للجماعة المسلمة، فقد ذكر الشورى ف . وذلك ف القرآن آلمك الذي برس القواعد، وضع األسس للحاة اإلسبلمة

: وهى. ن الصفات األساسة الت ال تم إسبلم وال إمان إال بهاأوصاؾ المإمنن، مقرونة بمجموعة ماالستجابة هلل تعالى، وإقام الصبلة، واإلنفاق مما رزق هللا، وهذا ما ذكر ف السورة الت تحمل اسم

: ) ، إلى أن قال (وما عند هللا خر وأبقى للذن آمنوا وعلى ربهم توكلون) قول تعالى (الشورى)والمراد بقوله (. جابوا لربهم وأقاموا الصبلة وأمرهم شورى بنهم ومما رزقناهم نفقونوالذن است

الذي أمر هللا ( األمر)وهو . األمر العام الذي هم جماعتهم، وإثر ف حاتهم المشتركة (: وأمرهم)ورهم ف وشا: ) فقد قال تعالى ف سورة آل عمران من القرآن المدن . تعالى رسوله بالمشاورة فه

( . األمر ، الت شاور النب فها أصحابه، ونزل عن رأه (أحد) وقد جاء هذا األمر من هللا ورسوله بعد ؼزوة

سبعن من : إلى رأى أكثرتهم، وكانت النتجة ما أصاب المسلمن من قرح، وما اتخذه هللا من شهدا ءومع هذا أمر هللا رسوله بالمشاورة .خار الصحابة، منهم حمزة ومصعب وسعد بن الربع وؼرهم

ففها خر وبركة، وإن جاءت النتجة ف إحدى المرات على , استمر على مشاورتهم : لهم، ومعناه : أكثر الناس مشاورة ألصحابه( صلى هللا عله وسلم)وقد كان النب . ؼر ما تحب، فالعبرة بالعاقبة

ولم دخل المعركة إال بعد أن اطمؤن إلى . ابه، وبعده، قبل القتال، وفى أثن(بدر) شاورهم ف ؼزوة ، فنزل عن رأه إلى رأى األكثرة الت رأت الخروج إلى القوم، (أحد)وشاورهم ف . رضا جمهورهم

على شا من ثمار المدنة، ( ؼطفان)، وهم أن صالح (الخندق)وشاورهم ف . ال القتال داخل المدنةشاور أم سلمة ف ( الحدبة ) وفى . األنصار ذلك، فوقؾ عند رأهم لعزلهم عن قرش، وأبى ممثلو

فؤشارت عله أم . امتناع أصحابه عن التحلل من إحرامهم بعد الصلح، فقد عز علهم ذلك بعد نة العمرة

Page 67: ملامح المجتمع المسلم

سلمة أن خرج إلهم، وتحلل من إحرامه أمامهم دون أن تكلم، فما أن رأوه فعل ذلك، حتى بادروا إلى واإلسبلم كما ؤمر الحاكم أن ستشر، ؤمر األمة أن تنصح له، كما جاء ف الحدث . داء به االقت

وفرضة (. هلل ولرسوله ولكتابه وألبمة المسلمن وعامتهم . . . . . . . . الدن النصحة : )الصحح ك فرضة األمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر فرضة عامة، تشمل الحكام والمحكومن كافة، كذل

فلس ف . التواص بالحق، والتواص بالصبر، الت ال نجاة لئلنسان من خسران الدنا واآلخرة إال بها ولس فهم أحد أصؽر من أن وصى . المسلمن أحد أكبر من أن وصى ونصح، وإمر ونهى

الفا لرأه فؤخذ به، شار عله بالرأي مخ( صلى هللا عله وسلم)وقد كان النب . ونصح وؤمر ونهى . ودع رأه الشخص

فخش عمر أن فهمها ( دخل الجنة -ال إله إال هللا -من قال : ) وقد بعث أبا هررة بشر الناس بؤن الناس فهما مؽلوطا، وفصلوا الكلمة عن العمل، ولذا أوقؾ أبا هررة، وبن للرسول خوفه من أن تكل

وقال أبو (. فخلهم عملون( :) صلى هللا عله وسلم)هم عملون، فقال الرسول فخل: الناس على ذلك قاببل إن رأتمون على حق : ) بكر ف خطابه الساس األول بعد توله الخبلفة، بن منهجه ف الحكم

أطعون ما أطعت هللا فكم، فإن عصته فبل طاعة إلى . فؤعنون، وإن رأتمون على باطل فسدد ونى. أها الناس، من رأى منكم ف اعوجاجا فلقومن: وقال عمر ( . م علك

! لو رأنا فك اعوجاجا لقومناه بحد سوفنا : فقال له أحدهم ! الحمد هلل الذي جعل ف رعة عمر من قوم عمر بحد سفه : فقال عمر

قول ذلك ألمر المإمنن فقال اتق هللا ا عمر ا فؤنكر عله بعض من عنده أن : وقال له بعضهم وما . ال خر فكم إذا لم تقولوها، وال خر فنا إذا لم نسمعها . دعه: عمر

: بل إن الرسول شرع المعارضة المسلحة لؤلمر الفاجر بشرطن

) : االنحراؾ البن عن منهج اإلسبلم ف عقدته أو شرعته، وهو ما أطلق عله الحدث النبوي : األولمن باعه من أصحابه أن صبروا على ( صلى هللا عله وسلم)فقد أوصى الرسول (.البواح الكفر

إال أن تروا كفرا بواحا عندكم فه من : ) أمرابهم وإان استؤثروا، بعض المكاسب الدنوة دونهم، قال (. هللا برهان

وإال وجب . الته منكر أكبر منهأن تكون هناك قدرة على إزالة المنكر، دون أن ترتب على إز: والثان. بنا ء على قاعدة ارتكاب أخؾ الضررن، وأهون الشرن. تحمل المنكر األدنى مخافة وقوع المنكر ال

وعند هذا الخوؾ تنتقل المعارضة من القتال بالد، إلى الساسة باللسان والقلم، ثم إلى اإلنكار بالقلب، ما من نب (: ) صلى هللا عله وسلم)بن مسعود عن النب وفى هذا جاء حدث ا. وذلك أضعؾ اإلمان

بعثه هللا ف أمة قبل، إال كان له من أمته حوارون وأصحاب ؤخذون بسنته، وقتدون بؤمره، ثم إنها فمن جاهدهم بده فهو مإمن، . قولون ما ال فعلون، وفعلون ما ال إمرون, خلؾ من بعدهم خلوؾمإمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مإمن، ولس وراء ذلك من اإلمان حبة خردل ومن جاهدهم بلسانه فهو

والقرآن الكرم نقل لنا صورة طبة عن الحكم الذي قوم على الشورى، ممثبل ف ملكة سبؤ الت (. ا أها المؤل افتون ف أمري : ) فاجؤها كتاب سلمان عله السبلم حمله الهدهد، فجمعت قومها وقالت

ا كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون، قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بؤس شدد واألمر إلك فانظري ماذا متؤمرن ، قالت إن الملوك إذا دخلوا قرة أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك فعلون، وإن مرسلة

لشورى الحكم بالملكة وقد انتهى هذا السلوك ا. اآلات( … إلهم بهدة فناظرة بم رجع المرسلون فنجت ونجا معها قومها من حرب خاسرة، وكسبت . الرشدة إلى أن أسلمت مع سلمان هلل رب العالمن

. بذلك الدنا واآلخرةونقل القرآن صورة أخرى مظلمة عن الحكم الذي قوم على التؤله والتسلط، مثل حكم فرعون الذي قال

، والذي ال ستشر ف األمور الهامة إال بطانته (ت لكم من إله ؼريما علم)، (أنا ربكم ال : ) للناس الخاصة، كما رأنا ذلك ف قصة فرعون مع موسى، حن حاور فرعون فؤفحمه، فهدده بالسجن، فقال

أو لو جبتك بشء مبن ، قال فؤت به إن كنت من الصادقن، فؤلقى عصاه فإذا ه ثعبان : ) موسى

Page 68: ملامح المجتمع المسلم

ه بضاء للناظرن، قال للمبل حوله إن هذا لساحر علم، رد أن خرجكم من مبن ونزع ده فإذا فقط، ثم ه ( المؤل حوله) فهذه لست استشارة حققة، ألنها تخص ( . أرضكم بسحره فماذا تؤمرون

استشارة موجهه، فهو ال ؤخذ رأهم ف شؤن موسى وماذا تكون رسالته، وما حققة أمره؟ بل حكم عله (. إن هذا لساحر علم، رد أن خرجكم من أرضكم بسحره: ) أن سؤلهم الرأي قبل

إن فرعون عبل ف األرض وجعل : ) وقد بن القرآن حققة حكم فرعون، وموقفه من رعته حن قال( العلو) فهذا ( . أهلها شعا ستضعؾ طابفة منهم ذبح أبناءهم وستح نساءهم، إنه كان من المفسدن

وقد كرر القرآن ذلك ف (. الطؽان)األرض هو ما نعبر عنه ف لؽة الساسة المعاصرة بكلمة ف ولم كن علو فرعون وطؽانه على بنى إسرابل (. إنه كان عالا من المسرفن :) وصؾ فرعون

وحدهم، بل على المصرن أضا، إذا خطر ألحدهم أو لفبة منهم أن خرجوا عن خطة، وتمردوا علىوهذا ما تجلى واضحا ف موقفه من السحرة الذن جلبهم من كل صوب لنصروه على . ربوبته

قال آمنتم . ) موسى،بعد أن تبن لهم، حن آمنوا برب هارون وموسى، بعد أن تبن لهم الحق من الباطلألصلبنكم ف له قبل أن آذن لكم، إنه لكبركم الذي علمكم السحر، فؤلقطعن أدكم وأرجلكم من خبلؾ و

( . جذوع النخل ولتعلمن أنا أشد عذابا وأبقى

إنه رد أن حجر على عقول الناس وقلوبهم، فبل جوز ( آمنتم له قبل أن آذن لكم : ) وانظر إلى قولهلقد ذم القرآن فرعون، وذم !! لعقل أن قتنع بشء وال لقلب أن إمن بؤمر، إال بإذنه وبعد تصرح منه

الذي مثل الرأسمالة البشعة الجشعة، الت ال ترى ألحد ( قارون) سة المتحالفة معه، مثل القوى الدنومثل هامان (. إنما أوتته على علم عندي : ) كما جسدها قارون بقوله. علها حقا فما ملك من مال

فهو . ؼة األكبرالذي مثل الساسن النفعن الذن ضعون قدراتهم الذهنة والتنفذة ف خدمة الطا! عقله المفكر، وساعده المنفذ

كما شمل القرآن بالذم أموال الطؽاة من الجنود الذن عتبرون أدوات ف أدهم، ستقدمونها لجلد وقول عن (. إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطبن: ) الشعوب وقهرها، ولهذا قال القرآن

تشمل ( الجنود) وكلمة ( . الم، فانظر كؾ كان عاقبة الظالمن فؤخذناه وجنوده فنبذناهم ف: ) فرعون . كل أعوان الطاؼة من عسكرن ومدنن

: والقرآن حارب الطؽان واالستبداد من عدة نواح( كذلك طبع هللا على كل قلب متكبر جبار: ) من ناحة الحملة على الطؽاة والمتجبرن ف األرض

( . ار عندواستفتحوا وخاب كل جب). ومن ناحة الحملة على األعوان المباشرن من كبار مثل هامان وقارون أو صؽار مثل جنود فرعون

لم ؟ أو كؾ؟ بله : الحملة على الشعوب الت تسلم قادها للطؽاة، دون أن تسؤلهم وما : ومن ناحة ثالثة!. ال، بملء فها : أن تقول

رب إنهم عصون واتبعوا من لم زده ماله وولده إال خسارا : ) بقوله لقد ذم القرآن قوم نوح على لسانه(. واتبعوا أمر كل جبار عند، وأتبعوا ف هذه الدنا لعنة ووم القامة: ) وذم عادا قوم هود بقوله ( .

ا وعرض القرآن لنا صور(. فاستخؾ قومه فؤطاعوه، إنهم كانوا قوما فاسقن: ) وذم قوم فرعون بقوله جمة من مشاهد اآلخرة، وفها تبلوم السادة الكبراء المضلون، وأتباعهم المضللون، وتبرأ بعضهم من

ولكن هللا حكم على الجمع . بعض، ولعن بعضهم بعضا، وحاول كل فرق أن لقى بالتبعة على اآلخرالسببل، ربنا آتهم ضعفن من وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فؤضلونا . ) بؤنهم من أهل النار

إذ تبرأ الذن اتبعوا من الذن اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم األسباب، (. ) العذاب والعنهم لعنا كبرا وقال الذن اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا، كذلك رهم هللا أعمالهم حسرات علهم،

الرضا والبعة : ن أساس قبول القادة الساسة لؤلمة ف اإلسبلم هوإ(. وما هم بخارجن من النار فمن رضه المسلمون إماما إي أمرا وربسا لهم، وباعوه على ذلك، فهو الول الشرع . االختارة

واإلسبلم ال . وتجب المناصحة له بالحق، والمعاونة له على كل خر. الذي تجب طاعته ف المعروؾرجل الناس ف صبلة الجماعة وهم له كارهون، فكؾ قبل أن قود رجل األمة كلها ف حب أن إم

Page 69: ملامح المجتمع المسلم

ثبلثة ال ترفع : ) شبونها العامة، وهى له كارهة، وبه ضابقة، وعله ساخطة؟ جاء ف الحدث الشرؾ رجل أم قوم وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها علها ساخط، : صبلتهم فوق رإوسهم شبرا

(.وان متصارمان وأخ

العدل

ومن القم اإلنسانة األساسة الت جاء بها اإلسبلم، وجعلها من مقومات الحاة الفردة واألسرة بن الناس هو هدؾ -أي العدل -حتى جعل القرآن إقامة القسط (.العدل): واالجتماعة والساسة رسلنا رسنا بالبنات وأنزلنا معهم الكتاب والمزان لقوم لقد أ: ) قول تعالى . الرساالت السماوة كلها

ولس ثمة تنوه بقمة القسط أو العدل أعظم من أن كون هو المقصود األول من (. الناس بالقسط فبالعدل أنزلت الكتب، وبعثت الرسل، وبالعدل قامت السموات . إرسال هللا تعالى رسله، وإنزاله كتبه

أن عطى كل ذي حق حقه، سوء أكان ذو الحق فردا أم جماعة أم شبا من : دلوالمراد بالع .واألرض فال . األشاء أم معنى من المعان، ببل طؽان وال إخسار، فبل بخس حقه وال جور على حق ؼره

والسماء رفعها ووضع المزان، أال تطؽوا ف المزان، وأقموا الوزن بالقسط وال تخسروا : ) تعالى. بؤن وازن بن حق نفسه، وحق ربه، وحقوق ؼره: واإلسبلم ؤمر المسلم بالعدل مع النفس (. نالمزا

كما قال عله الصبلة والسبلم لعبد هللا بن عمرو، حن جار على حق نفسه بمداومة صام النهار وقام (. زورك علك حقا إن لبدنك علك حقا، وإن لعنك علك حقا، وإن ألهلك علك حقا، وإن ل: ) اللل

فانكحوا : ) قول تعالى. مع الزوجة، أو الزوجات، مع األبناء والبنات: وؤمر اإلسبلم بالعدل مع األسرةصلى هللا )وقول الرسول (. ما طاب لكم من النساء مثنى وثبلث ورباع، فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة

عله )أراد بشر ابن سعد األنصاري أن شهده ، وحن (اتقوا هللا واعدلوا ف أوالدكم(: ) عله وسلم؟ (أكل أوالدك أعطتهم مثل هذا: ) على هبه معنه آثر بها بعض أوالده، سؤله النب( الصبلة والسبلم

وؤمر اإلسبلم بالعدل مع الناس كل (. أشهد على ذلك ؼري، فإن ال أشهد على جور : ) قال. ال: قالوعدل المسلم مع من كره، ال تدفعه عاطفة الحب إلى المحاباة عدل المسلم مع من حب، : الناس

قول تعالى ف العدل مع من . بالباطل، وال تمنعه عاطفة الكره من اإلنصاؾ وإعطاء الحق لن ستحقوقل (. ا أها الذن آمنوا كونوا قوامن بالقسط شهداء له ولو على أنفسكم أو الوالدن واألقربن: نحب

ا أها الذن آمنوا كونوا قوامن هلل شهداء بالقسط، وال جرمنكم شنآن : )لعدل مع من نعاديسبحانه ف اوكم حفل التارخ الساس والقضاب ف (. قوم على أال تعدلوا، واعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا هللا

. ةاإلسبلم بمواقؾ رابعة، حكم فها لؽر المسلمن، ضد المسلمن، وللرعة ضد الدعا. ؤمر اإلسبلم بالعدل ف القول، فبل خرجه الؽضب عن قول الحق، وال دخله الرضا ف قول الباطل

وؤمر بالعدل ف الشهادة، فبل شهد إال بما علم، ال (. وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى : ) قول تعالى، ( دل منكم وأقموا الشهادة هللوأشهدوا ذوي ع: ) قال تعالى . زد وال نقص، وال حرؾ، وال بدل

إن هللا ؤمركم أن : ) كما قال تعالى . وؤمر اإلسبلم بالعدل ف الحكم(. كونوا قوامن هلل شهداء بالقسط)وقد استفاضت األحادث ف فضل ( . تإدوا األمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بن الناس أن تحكموا بالعدل

الذن ظلهم هللا ف ظله وم ال ظل إال ظله، وأحد الثبلثة الذن ال ترد فهو أحد السبعة( اإلمام العادل) . لهم دعوة

وبقدر ما أمر اإلسبلم بالعدل وحث عله، حرم الظلم أشد التحرم، وقاومه أشد المقاومة، سواء ظلم . للمحكومن النفس أم ظلم الؽر، وبخاصة ظلم األقواء للضعفاء، وظلم األؼناء للفقراء، وظلم الحكام

واتق دعوة المظلوم، فلس بنها : )قول الرسول لمعاذ. وكلما اشتد ضعؾ اإلنسان كان ظلمه أشد إثما : دعوة المظلوم رفعها هللا فوق الؽمام، وفتح لها أبواب السماء، وقول الرب: )وقال( . وبن هللا حجاب

Page 70: ملامح المجتمع المسلم

( . وعزت ألنصرنك ولو بعد حن العدل : وراد به. العدل االجتماع: الذي شدد فه اإلسبلم ما سم ف عصرناومن أبرز أنواع العدل،

ف توزع الثروة، وإتاحة الفرص المتكافبة ألبنا ء األمة الواحدة، وإعطاء العاملن ثمرة أعمالهم وجهودهم دون أن سرقها القادرون وذوو النفوذ منهم، وتقرب الفوارق الشاسعة بن األفراد والفبات

وهذا الجانب سبق فه . عضها وبعض، بالحد من طؽان األؼناء والعمل على رفع مستوى الفقراءباإلسبلم سبقا بعدا، حتى إن القرآن منذ عهده المك لم ؽفل هذا األمر الحوي، بل إعطاء عناة بالؽة،

لم نك من : لواقا) فمن لم طعم المسكن كان من أهل سقر المعذبن ف النار، . ومساحة واسعةوال كفى أن تطعم المسكن، بل جب أن تحمل نصبك ف الدعوة (. المصلن، ولم نك نطعم المسكن

أرأت الذي كذب بالدن فذلك الذي دع : ) إلى إطعامه، والحض على رعاة ضروراته وحاجاته(. التم، وال حض على طعام

مع الكفر باهلل تعالى، الموجب للعذاب األلم، وصل وإهمال هذا الحض ضعه القرآن جنبا إلى جنبخذوه فؽلوه، ثم الجحم صلوه، ثم ف سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه، إنه كان ال إمن : ) الجحم

والمجتمع الجاهل مجتمع مذموم مسخوط عله من هللا (. باهلل العظم، وال حض على طعام المسكنكبل بل ال تكرمون : ) عفة فه، وانشؽال األقواء، بؤكل التراث وحب المالتعالى، لضاع الفبات الض

لقد اهتم ( . التم، وال تحاضون على طعام المسكن، وتؤكلون التراث أكبل لما وتحبون المال حبا جما مبلبم لكل اإلسبلم بالطبقات الضعفة ف المجتمع، فشرع لهم من األحكام والوسابل ما كفل لهم العمل ال

عاطل، واألجر العادل لكل عامل، والطعام الكاف لكل جابع، والعبلج الكاف لكل مرض، والكساء المؤكل والملبس والمسكن، وكل ما : وتشمل هذه الكفاة. والكفاة التامة لكل محتاج. المناسب لكل عران

وهذا تعرؾ . الشخص ولمن عولهال بد له منه، على ما لق بحاله، من ؼر إسراؾ وال تقتر، لنفس . (المجموع)اإلمام النوى ف

الت اعتبرها اإلسبلم . الزكاة وأعظمها أولهاوفرض لذلك اإلسبلم حقوقا مالة ف األموال األؼناء، ثالث أركانه، إدها المسلم طوعا واحتسابا، وإال أخذت منه كرها، ولو أن طابفة ذات شوكة امتنعت

. فه من األمة والها. تإخذ الزكاة من األؼناء لترد على الفقراء. قوتلت علها بحد السوؾ من أدابها. واألرجح أن عطى الفقر من الزكاة كفاة العمر الؽالب ألمثاله، متى اتسعت حصلة الزكاة لذلك

ذا الموضوع، نبؽ وقد ألفت كتب ف ه. وبذلك بصبح ف العام القادم دا معطة ال آخذة، علا ال سفلىخطوط عرضة مركزة (الصحوة اإلسبلمة وهموم الوطن العرب واإلسبلم) وفى كتابنا . أن تراجع

. لمقومات العدل االجتماع ف اإلسبلم، حسن الرجوع إلها

اإلخــــاء

أن عش الناس ف : ومعناه -أو األخوة -اإلخاء : ومن القم اإلنسانة االجتماعة الت دعا إلها اإلسبلمألسرة الواحدة، الت حب بعضها بعضا، المجتمع متحابن مترابطن متناصرن، جمعهم شعور أبناء ا

وشد بعضها أزر بعض، حس كل منها أن قوة أخه قوة له، وأن ضعفه ضعؾ له، وأنه قلل بنفسه والقران جعل . وألهمة هذه القمة ف بناء المجتمع المسلم سنفصل فها بعض التفصل . كثر بإخوانه

وجعل (. إنما المإمنون إخوة: ) ال نفصل عنه، قول تعالىاإلخاء ف المجتمع المإمن صنو اإلمان، وواذكروا نعمت هللا علكم عكم إذ كنتم أعداء فؤلؾ بن : )القران األخوة نعمة من أعظم النعم، فقول

هو الذي أدك : )وقول ف سورة أخرى ممتنا على رسوله الكرم(. قلوبكم فؤصبحتم بنعمته إخوانا وألؾ بن قلوبكم، لو أنفقت ما ف األرض جمعا ما ألفت بن قلوبهم ولكن هللا بنصره وبالمإمنن،

.. المسلم أخو السلم، ال ظلمه وال سلمه (: )صلى هللا عله وسلم)وقول النب (. بنهم، إنه عزز حكم

Page 71: ملامح المجتمع المسلم

ما روى اإلمام وقد ذكرنا من قبل (. وكونوا عباد هللا إخوانا … ال تحاسدوا، وال تباؼضوا، وال تناجشوا : كان قول دبر كل صبلة ( صلى هللا عله وسلم)أن النب : أحمد من حدث زد بن أرقم

. اللهم ربنا ورب كل شا وملكه أنا شهد أنك هللا وحدك ال شرك لك ). اللهم ربنا ورب كل شا وملكه أنا شهد أن محمدا عبدك ورسولك ) . ا شهد أن العباد كلهم إخوة اللهم ربنا ورب كل شا وملكه أن)

إن : )وقوله. بعد الشهادة هلل تعالى بالوحدانة، ولمحمد بالعبودة والرسالة( األخوة)فجعل إقرار مبدأ : حتمل معنن كبلهما صحح ( العباد كلهم إخوة

. ة له سبحانهأن العباد هنا هم البشر كافة، فهم أخوة بعضهم لبعض، بحكم البنوة ألدم، والعبود: األولوقد وصؾ هللا تعالى عددا من الرسل ف القرآن بؤنهم إخوة ألقوامهم رؼم . وهذه أخوة إنسانة عامة

، (وإلى عاد أخاهم هودا : كفرهم برسالتهم، الشتراكهم معهم ف الجنس واألصل، كما ف قوله تعالى (. وإلى مدن أخاهم شعبا ) ، (وإلى ثمود أخاهم صالحا )

أن العباد هنا هم المسلمون خاصة، بحكم اشتراكهم ف أمة واحدة، تضمهم عقدة واحدة ه : يالثانالتوحد، وقبلة واحدة ه الكعبة البت الحرام، وكتاب واحد هو القرآن، ورسول واحد هو محمد عله

. الصبلة والسبلم، ومنهج واحد، هو شرعة اإلسبلمكل ما ف األمر أن لهذه . ولى، إذ ال تنافى بن الخاص والعام وهذه أخوة دنة خاصة، ال تنافى األ

.األخوة حقوقا أكثر، بمقتضى وحدة العقدة والشرعة، والفكر والسلوك

المحبة ومراتبها

المحبة، وأدنى درجات المحبة سبلمة الصدور من الحسد : ومن العناصر األساسة لهذه األخوةوالقرآن عتبر العداوة والبؽضاء عقوبة قدرة عاقب هللا . والبؽضاء واألحقاد وأسباب العداوة والشحناء

ومن الذن قالوا إنا نصارى أخذنا : )كفرون برساالته، ومنحرفون عن آاته، كما قال تعالى إلىبها من مثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فؤؼرنا بنهم العداوة والبؽضاء إلى وم القامة، وسوؾ نببهم هللا بما

( . كانوا صنعون موبقة ف نظر اإلسبلم، فجعل العلة األولى ف وتحدث القرآن عن الخمر والمسر وهما من الكبابر ال

تحرمهما، الجدرة بالنص علها، ه إقاع العداوة والبؽضاء ف المجتمع، رؼم ما لهما من مضار إنما رد الشطان أن وقع بنكم العداوة والبؽضاء ف الخمر : ) ومساوئ أخرى ال تؽفى، فقول تعالى

. (داء األمم): وقد جاء ف الحدث تسمة هذه اآلفات(. عن الصبلةو المسر وصدكم عن ذكر هللا والحالقة، حالقة الدن ال حالقة الشعر، وذلك لخطرها على الجماعة وتماسكها : كما أن الحدث سماها

الحسد : دب إلكم داء األمم من قبلكم: )وف هذا قول عله الصبلة والسبلم . المادي والمعنويأال أدلكم على أفضل (. ) تحلق الشعر، ولكن تحلق الدن: ضاء ه الحالقة، ال أقول والبػ. والبؽضاء

وفى (. من درجة الصبلة والصام والصدقة ؟ إصبلح ذات البن، فإن فساد ذات البن ه الحالقة لكل تفتح أبواب الجنة وم االثنن والخمس، فؽفر(. ) تحلق الشعر، ولكن تحلق الدن: ال أقول: )رواة

انظروا هذن حتى صطلحا، : عبد ال شرك باهلل شبا، إال رجل كان بنه وبن أخه شحناء، فقال( . انظروا هذن حتى صطلحا، انظروا هذن حتى صطلحا

ال حل لمسلم أن هجر أخاه فوق ثبلث، لتقان فعرض هذا وعرض هذا وخرهما الذي بدأ بالسبلم ) رجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها : صبلتهم فوق رإوسهم شبرا ثبلثة ال ترتفع(. )

إن جو البؽضاء والشحناء جو عفن كره، تروج فه . أي متقاطعان‹ (علها ساخط، وأخوان متصارمانكل بضابع الشطان هن سوء الظن، والتجسس، والؽبة والنممة، وقول الزور، والسب واللعن، وقد

Page 72: ملامح المجتمع المسلم

وهذا هو الخطر، الذي حذر منه النب الكرم، واعتبره من . أن قاتل األخوة بعضهم بعضا نته إلىسباب المسلم فسوق، (. )ال ترجعوا بعدي كفارا ضرب بعضكم رقاب بعض : )أثر الجاهلة، وقال

لمإمنون إنما ا: ) لهذا كان إصبلح ذات البن من أفضل األعمال والقربات إلى هللا تعالى(. وقتاله كفر فاتقوا هللا وأصلحوا ذات بنكم، وأطعوا هللا (. )إخوة فؤصلحوا بن أخوكم واتقوا هللا لعلكم ترحمون

ال خر ف كثر من نجواهم إال من أمر بصدقة أو معروؾ أو إصبلح بن (. )ورسوله إن كنتم مإمننبل جعلت الشرعة سهما من (.الناس، ومن فعل ذلك ابتؽاء مرضات هللا فسوؾ نإته أجرا عظما

حصلة الزكاة للؽارمن ف إصبلح ذات البن، إعانة لهم على القام بهذه المكرمات، الت كان قوم بها أصحاب القلوب الكبرة والهمم العالة، فتحملون ما بن القبابل المتخاصمة من دات ومؽارم وان

لمن قوم ( صلى هللا عله وسلم)رخص النب وألهمة إصبلح ذات البن،. ضاقت بذلك أموالهم باإلصبلح أال لتزم الصدق الكامل ف وصؾ موقؾ كل طرؾ من اآلخر، فنقل بعض العبارات كما

قلت، قد إجج نار الخصومة وال طفبها، فبل بؤس بشء من التزن، وشا من المعارض، وف هذا و من هذه الدرجة (. أو أنمى خرا , ثنن فقال خرا لس بكذاب من أصلح بن ا: ) جاء الحدث الصحح

ال : ) درجة سبلمة الصدور من األحقاد والبؽضاء الدرجة الت عبر عنها الحدث الصحح الذي قول -والذي نفس بده ال إمن عبد حتى حب :)وفى لفظ (. إمن أحدكم حتى حب ألخه ما حب لنفسه

فإذا كان حب لنفسه رؼد . أن كره له ما كره لنفسه: ومقتضى ذلك (. ألخه ما حب لنفسه من الخروإذا كان حب أن وفق ف حاته الزوجة، أحب للناس أن كونوا سعداء . العش أحب ذلك لسابر الناس

وإذا كان ال حب أن ذكره أحد بسوء . وإذا كان حب أن كون أوالده نجباء، أحب ذلك لؽره. موفقنفهو نزل إخوانه منزلة نفسه . و ؼبته، كان موجب اإلمان أال حب ذلك للناس أجمعنف حضرته أ

.ف كل ما حب وكره

درجة اإليثار

أن قدم أخاه على نفسه ف كل ما حب، : ومعنى اإلثار .ه درجة اإلثار: وثمت درجة من هذه وتلكفهو جوع لشبع أخوه، وظمؤ لرتوي، وسهر لنام، وجهد لرتاح، وعرض صدره للرصاص لفدى

لمجتمع المسلم ف المدنة، تجلى فها معنى اإلثار والبذل وقد عرض لنا القرآن صورة وضبة ل. أخاهوالذن تبوءوا الدار واإلمان من قبلهم حبون من هاجر إلهم وال : ) قول تعالى. من ؼر شح وال بخل

جدون ف صدورهم حاجة مما أوتوا وإثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن وق شح نفسه أن سعد بن الربع : وفى السنة نجد صورة أخرى تتمثل فما رواه البخاري. (فؤولبك هم المفلحون

أن تنازل عن شطر ماله، وعن إحدى -وقد آخى النب بنهما -عرض على عبد الرحمن بن عوؾ بارك هللا لك ف أهلك، وبارك هللا : فقال ابن عوؾ لسعد. داره، وإحدى زوجته، طلقها لتزوجها هو

إثار نادر قل أن تعرؾ ( وبارك لك ف مالك، إنما أنا امرإ تاجر، فدلون على السوقلك ف دارك، الدنا له نظرا، قابله تعفؾ كرم نبل، وكبلهما عطنا ملمحا من مبلمح المجتمع المسلم الذي أقامه

واإلسبلم حرص كل . الرسول الكرم ف المدنة، والذي نرنو إلى مثله دابما، باعتباره مثبل للمجتمعاتبن الشعوب بعضها وبعض، ال فرق بنهما : الحرص على أن تسود المحبة واألخوة بن الناس جمعا

وبن الطبقات بعضها وبعض، فبل مجال لصراع أو حقد، وان . اختبلؾ عنصر أو لون أو لؽة أو إقلموبن الحكام والمحكومن، فبل .تفاوتوا ف الثروة والمنزلة، وفضل هللا بعضهم على بعض ف الرزق

محل الستعبلء حاكم على محكوم، فإن الحاكم هو وكل األمة بل أجرها، وال لبؽض محكوم لحاكم ما خار أبمتكم الذن تحبونهم وحبونكم، وتصلون علهم، :)دام ؤخذ حقه، كما إدى واجبه، وفى الحدث

.ة هنا بمعناها اللؽوي وهو الدعاءأي تدعون لهم، ودعون لكم، فالصبل( وصلون علكم

Page 73: ملامح المجتمع المسلم

ربط النظرية بالتطبيق

تكون دعوته مجرد فكرة ف الرإوس، أو حلما ف أخلة المصلحن، بل حب أن واإلسبلم ال حب أنلهذا دعا إلى مجموعة من الشعابر واآلداب والتقالد من . . ربط الفكرة بالعمل، والنظرة بالتطبق

ا لق من ذلك إفشاء السبلم كلم. شؤنها أن توثق روابط المحبة بن الناس، إذا عملوا بها، وحافظوا علهاوالذي نفس بده ال تدخلوا الجنة حتى تإمنوا، وال :) بعضهم بعضا، وهذا ما نبه عله الحدث الصحح

ومن ذلك مجاملة الناس (. أال أدلكم على شا إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السبلم بنكم. تإمنوا حتى تحابوا. عادة المرض، وتشمت العاطسبعضهم لبعض، ف التهنبة عند النعمة، والتعزة عند المصبة، و

التبلق، : ومن ذلك(. تهادوا تحابوا:) وف الحدث. التهادي بن الناس ف المناسبات الطبة: ومن ذلك. الذي به تتعارؾ الوجوه، وتتصافح األدي، وهذا ما شرعه اإلسبلم بصبلة الجماعة والجمعة والعدن

تماعة الت تفض إلى تقطع أواصر المحبة والمودة بن كما حرم اإلسبلم كل الرذابل الخلقة واالجاتبع ذلك بالنهى عن مجموعه من : الناس، ولهذا رأنا القرآن الكرم بعد أن قرر أن المإمنن إخوه

مثل السخرة واللمز والتنابز باأللقاب، والتجسس . الرذابل إلى تنافى األخوة، وتعمل ف بنانها هدما : ) وراتهم، وسوء الظن بهم، والحدث عنهم بسوء ف ؼبهم، وذلك ف قوله تعالىعلى الناس، وتتبع ع

ا أها الذن آمنوا ال سخر قوم من قوم عسى أن كونوا خرا منهم وال نساء من نساء عسى أن كن ب خرا منهن، وال تلمزوا أنفسكم وال تنابزوا باأللقاب، ببس االسم الفسوق بعد اإلمان، ومن لم ت

فؤولبك هم الظالمون، ا أها الذن آمنوا اجتنبوا كثرا من الظن إن بعض الظن إثم، وال تجسسوا وال (.ؽتب بعضكم بعضا، أحب أحدكم أن ؤكل لحم أخه متا فكرهتموه، واتقوا هللا إن هللا تواب رحم

الوحدة من لوازم اإلخاء

فالمجتمع المسلم المتآخ . الفرقة: ومما ضادها ونقضها. الوحدة: ومن لوازم األخوة ومظاهرها مانة، وف شعابره التعبدة، وفى مفاهمه الفكرة، وفى فضابله األخبلقة، مجتمع واحد، ف عقابده اإل

وفى اتجاهاته النفسة، وآدابه السلوكة، وفى تقالده االجتماعة، وفى قمه اإلنسانة، وف أسسه والدنا باآلخرة، والخلق بالخالق، وف أسس , واحد من أهدافه الت تصل األرض بالسماء. التشرعة

ناهجه الت تجمع بن المثالة والواقعة، وتزازن بن اللثبات والتطور، وبن استلهام التراث مواحد ف مصادره الت ستمد منها هداته، وهى القرآن الكرم والسنة المطهرة، . واالستفادة من العصر

فهو مجتمع (. ه وسلمصلى هللا عل)وفى المثل ال الذي ستمد منه األسوة الحسنة، وهو الرسول األعظم إمن برب واحد، وكتاب واحد، ورسول واحد، وتجه إلى قبلة واحدة بشعابر واحدة، وحتكم ف كل

ف هللا حب، . والء واحد، هلل ولرسوله وألمة اإلسبلم -حث كان -ووالإه : أموره إلى شرعة واحدةوالوم اآلخر وادون من حاد هللا ال تجد قوما إمنون باهلل: )وفه بؽض، وفه صل، وفه قطع

ال نبؽ أن فرق هذا المجتمع ما فرق (. ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشرتهمالمجتمعات األخرى من العصبة للجنس أو اللون أو الوطن أو اللؽة أو الطبقة أو المذهب، أو ؼر ذلك

-والرسول الكرم . ة فوق كل العصبات أا كان اسمها ونوعهافاألخوة اإلسبلم. مما مزق الجماعاتلس منا من دعا إلى عصة، ولس منا من قاتل على :) برئ من كل العصبات -صلى هللا عله وسلم

والقرآن حذر من دسابس ؼر المسلمن الذي كدون لهم (. عصبة، ولس منا من مات على عصبةوحدتهم، كما فعل ذلك الهود ف اإلقاع بن األوس والخزرج بعد أن جمعهم لفرقوا كلمتهم، ومزقوا

ا أها الذن آمنوا إن تطعوا فرقا من الذن أوتوا الكتاب ردوكم بعد إمانكم :) هللا على اإلسبلماط كافرن، وكؾ تكفرون وأنتم تتلى علكم آات هللا وفكم رسوله، ومن عتصم باهلل فقد هدى إلى صر

Page 74: ملامح المجتمع المسلم

واعتصموا بحبل هللا جمعا وال تفرقوا، واذكروا نعمت هللا علكم إذ كنتم أعداء ) إلى أن قال(..المستقمفؤلؾ بن قلوبكم فؤصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فؤنقذكم منها، كذلك بن هللا لكم

وال تكونوا كالذن تفرقوا ) تبلؾ فقالوف هذا الساق حذر من التفرق واالخ(. آاته لعلكم تهتدونوبن آة األمر باالعتصام بحبل هللا وآة (. واختلفوا من بعد ما جاءهم البنات، وأولبك لهم عذاب عظم

ولتكن منكم أمة دعون :)التحذر من التفوق واالختبلؾ، ذكرت آة تكلؾ األمة بالدعوة واألمر والنهوهذا دلنا على أن الذي ( نهون عن المنكر، وأولبك هم المفلحونإلى الخر وؤمرون بالمعروؾ وي

ووجود رسالة : وجود منهج موحد تعتصم به وترجع إله، وهو هنا حبل هللا: وحد األمة وجمع شتاتها، وتجعلها أكبر همها، وه هنا الدعوة إلى الخر واألمر اإلسبلم والقرآنمشتركة تشتؽل بها،

أما إذا قعدت األمة عن الرسالة، أو ففدت المنهج، فإن السبل ستتفرق بها . لمنكربالمعروؾ والنهى عن اوأن هذا : ) عن من وشمال، والشاطن ستتجاذبها من شرق وؼرب، وهو ما حذر منه القرآن بقوله

دة والوح( صراط مستقما فاتبعوه، وال تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقونالمفروضة ف األمة المسلمة ال تعارض النوع الذي قضه اختبلؾ الببات واألعراؾ بتؤثر

فهو تنوع ف إطار الوحدة الجامعة، وهو أشبه بتنوع . الحضارات المختلفة، والموارث الثقافة المتعددةوالثمار داخل أو تنوع األزهار. . المواهب والمول واألفكار والتخصصات داخل األسرة الواحدة

ومن أهم ما جاء به اإلسبلم ( سقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض ف األكل: )الحدقة الواحدة شرعة تعدد االجتهادات ف إطار القواعد الكلة والنصوص القطعة المتفق علها، فبل جوز أن : هنا

كل أجره، أصاب أم أخطؤ، ما نكر مجتهد على مجتهد، وإن اختلؾ معه ف المشرب، ولكل وجهته، ولدام من أهل االجتهاد، واختبلؾ اآلراء ال جوز أن كون سبب تفرق أو عداوة، فقد اختلؾ الصحابة

وتابعوهم بإحسان ف قضاا كثرة، ولم زدهم ذلك إلى التفرق، بل وسع بعضهم بعضا، وصلى بعضهم اكم ف المسابل الخبلفة رفع الخبلؾ، ومما ضق الخبلؾ أن أمر اإلمام أو حاكم الح. وراء بعض

. وحسم النزاع من الناحة العملة

لتعاون والتناصر والتراحما

التعاون والتراحم التناصر، إذ ما قمة األخوة إذا لم تعاون أخاك عند : ومن لوازم اإلخاء ف اإلسبلمالحاجة، وتنصره عند الشدة، وترحمه عند الضعؾ ؟ لقد صور الرسول الكرم مبلػ التعاون والترابط

المإمن للمإمن كالبنان، : ) البلػ المعبر حن قالبن أبناء المجتمع المسلم بعضه وبعض هذا التصور ، وشبك بن أصابعه، فاللبنة وحدها ضعفة مهما تكن متانتها، وآالؾ اللبنات المبعثرة (شد بعضه بعضا

إنما تكون البناء القوى من اللبنات المتماسكة المتراصة ف . المتناثرة ال تصنع شبا، وال تكون بناءقانون معلوم، عندبذ تكون من اللبنات جدار متن، ومن مجموع الجدر بت صفوؾ منتظمة، وفق

كما صور مبلػ تراحم المجتمع وتكامله، وتعاطؾ بعضه مع . مكن، صعب أن تنال منه أدي الهدامنمثل المإمنن ف توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه :) بعض بقوله

، فهو ترابط عدوى، ال ستؽن فه جزء عن آخر، (ه سابر األعضاء بالحمى والسهرعضو، تداعى لوال نفصل عنه، وال حا بدونه، فبل ستؽن الجهاز التنفس عن الجهاز الهضم، أو كبلهما عن الجهاز الدموي أو العصب، فكل جزء متمم لآلخر، وبتعاون األجزاء وتبلحمها حا الكل، وستمر

المسلمون تتكافؤ دماإهم، سعى بذمتهم أدناهم، وجر علهم أقصاهم، وهم د : )وقول. عطاإهنماإه وودخل ف نصرة المسلم للمسلم (. على من سواهم، رد مشدهم على مضعفهم، ومسرعهم على قاعدهم

ظالما ا ننصره مظلوما، فكؾ ننصره : ، قل(انصر أخاك ظالما أو مظلوما :) عنصرا جددا حن قولوالقرآن الكرم وجب التعاون به (. تؤخذ فوق ده، أو تمنعه من الظلم فذلك نصر له: ) رسول هللا؟ قال

. و ؤمر به بشرط أن كون تعاونا على البر التقوى، وحرمه ونهى عنه إذا كان على اإلثم والعدوان

Page 75: ملامح المجتمع المسلم

وجعل المإمنن أولاء ( إلثم والعدوانوتعاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا على ا: )قول تعالى والمإمنون والمإمنات بعضهم أولاء ء : ) بعضهم على بعض، بمقتضى عقد اإلمان، كما قال تعالى

: ) ، وهذا ف مقابلة وصؾ مجتمع المنافقن بقوله(بعض، ؤمرون بالمعروؾ ونهون عن المنكركما (. ر ونهون عن المعروؾ وقبضون أدهمالمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض، ؤمرون بالمنك

، فالتراحم سمة أولى من سمات (أشداء على الكفار رحماء بنهم: ) وصؾ مجتمع الصحابة بؤنهمومقتضى ذلك أن شد القوى أزر الضعؾ، وأن ؤخذ الؽنى بد الفقر، وأن نر العالم . المجتمع المسلم

ر، كما وقر الصؽر الكبر، وعرؾ الجاهل للعالم حقه، وأن الطرق للجاهل، وأن رحم الكبر الصؽإن هللا حب الذن : ) قؾ الجمع صفا واحدا ف الشدابد والمعارك العسكرة والسلمة، كما قال تعالى

من . وفى قصص القرآن صورة حة التعاون الثمر البناء( قاتلون ف سبله صفا كؤنهم بنان مرصوصواجعل :) اون بن موسى وأخه هارون، وقد سؤل هللا أن شد به أزره ف قامه برسالةذلك صورة التع

ل وزرا من أهل، هارون أخ، اشدد به أزرى، واشركه ف أمري، ك نسبحك كثرا، ونذكرك كثرا ا وبهذ(. قال سنشد عضدك بؤخك ونجعل لكما سلطانا :) وكان الجواب اإلله( ، إنك كنت بنا بصرا

ومن صور التعاون ما قصه . كان هارون معاون أخاه موسى ف حضرته، وخلفه على قومه ف ؼبتهعلنا القرآن من إقامة سد ذي القرنن العظم، لقؾ حاجزا ضد هجمات ؤجوع ومؤجوج المفسدن ف

قالوا ا ذا ): وكان ثمرة للتعاون بن الحاكم الصالح والشعب الخابؾ من بؽى األقواء عله. األرضالقرنن إن ؤجوج ومؤجوج مفسدون ف األرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بننا وبنهم سدا، قال ما مكن فه رب خر فؤعنون بقوة أجعل بنكم وبنهم ردما، آتون زبر الحدد، حتى إذا ساوى

ه قطرا، فما اسطاعوا أن ظهروه وما بن الصدفن قال انفخوا، حتى إذا جعله نارا قال آتون أفرغ عل (.استطاعوا له نقبا

األدبيالتكافل المادي و

التكافل بن أبناء المجتمع المسلم، وهو تكافل مادي : ومن مظاهر هذا التعاون والتراحم التناصربدأ هذا التكافل بن األقارب بعضهم . ومعنوي، اقتصادي وساس، عسكري ومدن، اجتماع وثقاف

ى قربه المعسر وفق فالقرب الموسر نفق عل. وبعض، كما فعل ذلك نظام النفقات ف شرعة اإلسبلموألوا األرحام بعضهم أولى ببعض ف :) شروط وأحكام مفصلة ف الفقه اإلسبلم، كما قال هللا تعالى

ثم تتسع دابرة هذا التكافل لتشمل الجران وأبناء الح الواحد ف البلد الواحد، بمقتض حق (. كتاب هللاوفى ( . ن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جابع لس بمإم: ) الجوار، الذي أكده اإلسبلم، وفى الحدث

ثم تتسع (. أما أهل عرصة بات فهم امرإ جابع فقد بربت منهم ذمة هللا وذمة رسوله : ) الحدث اآلخرأن ( صلى هللا عله وسلم)أكثر وأكثر بحث تشمل اإلقلم عن طرق الزكاة، الت أمر الرسول الكرم

د على فقرابه، فوضع بذلك أساس التوزع المحلى، على عكس ما كان تإخذ من أؼناء كل إقلم لترصنع ف الحضارات السابقة على اإلسبلم، فقد كانت الضرابب تإخذ من مزارع ومحترف األقالم

ثم تزداد . النابة والقرى البعدة، لتوزع ف المدن الكبرة، وال سما عاصمة الملك أو اإلمبراطورومنذ فجر الدعوة إلى اإلسبلم ف مكة، والمسلمون أفراد معدودون . تكافل المجتمع كلهاتساعا لشمل ال

مضطهدون، لس لهم كان وال سلطان، كان القرآن دعو بقوة إلى هذا التكافل بجعل المجتمع كاألسرة من نوافل ولم جعل القرآن ذلك شبا . الواحدة، صب الواجد فه على المحروم، وحمل فه الؽنى الفقر

بل . الدن، قوم به من ترقى ف درجات اإلمان واإلحسان، وال طالب به الشخص العادي من الناساعتبره القرآن أمرا أساسا من دعابم الدن، ال حظى برضا هللا من لم قم به، وال نجو من عذابه من

، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة، أو فبل اقتحم العقبة:) إقرأ ف السورة المكة هذه اآلات. فرط فهإطعام ف وم ذي مسبؽة، تما ذا مقربة، أو مسكنا ذا متربة، ثم كان من الذن آمنوا وتواصوا بالصبر

Page 76: ملامح المجتمع المسلم

كل نفس بما كسبت رهنة، إال أصحاب المن، ف :)وقوله تعالى ف سورة أخرى( وتواصوا بالمرحبة..( ف سقر، قالوا لم نك من المصلن، ولم نك نطعم المسكن جنات تساءلون عن المجرمن، ما سلككم

.ألنهم أضاعوا حق هللا بإضاعة الصبلة، وأضاعوا حق عباده، إذ لم طعموا : فجعل مصرهم النار

وإطعام المسكن كناة عن رعاة ضروراته وحاجاته، إذ ال معنى ألن نطعم المسكن وندعه . المسكنولم كتؾ القرآن بإجاب إطعام المسكن، . رانا ببل كسوة، أو مرضا ببل عبلجمشردا ببل مؤوى، أو ع

بل زاد على ذلك فؤوجب الحض على إطعامه، والحث على رعاته، وجعل إهمال ذلك من دالبل الكفر ( أرأت الذي كذب بالدن، فذلك الذي دع التم، وال حض على طعام المسكن:) والتكذب بالدن

فقول ف شؤن أصحاب الشمال . ذلك مع الكفر باهلل من موجبات العذاب األلم، واصطبلء الجحم وجعلخذوه فؽلوه، ثم الجحم صلوه، ثم ف سلسلة ذرعها : )ممن أطؽاه ماله وسلطانه، فلم ؽن عنه من هللا

ن باهلل العظم، وال إنه كان ال إم: ) ، ثم ذكر أسباب هذا الحكم الشدد فقول( سبعون ذراعا فاسلكوهوزد على ذلك فوجب ف المال حقا معلوما، لس بصدقة تطوعة، وال (. حض على طعام المسكن

ف عنق المكلفن، وحق ( -دن)أي ( -حق)بإحسان اختاري، من شاء أداه، ومن شاء تركه، بل حق معلوم للسابل وف أموالهم: ) معلوم ؼر مجهول، كما ف قوله تعالى ف وصؾ المتقن

والذن ف أموالهم حق معلوم، للسابل : ) وفى سورة أخرى صؾ الحق بالمعلومة فقول(. والمحروم: وفى الحدث عن الزروع والثمار، والجنات المعروشات وؼر المعروشات، قول سبحانه(. والمحروم

اة، الت فرضت ف مكة ؼر وهذا الحق هو الزك(. كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه وم حصاده)كل هذا ف القرآن المك، فلما أصبح للمسلمن دولة وسلطان، حددت أنصبة الزكاة . محددة وال مفصلة

: وهم الذن سماهم القرآن. ومقادرها بوضوح، وبعث السعاة لجمعوها من أهلها، وصرفوها ف محلهاووصل . نفسها، ضمانا لحسن تحصلها وتوزعها ، وجعل لهم نصبا من حصلة الزكاة(العاملن علها)

اإلسبلم بهذه الفرضة اآللة إلى درجات اإللزام الخلق والتشرع، فجعلها ثالث أركان اإلسبلم، . وأوجب أخذها كرها، إن لم تدفع طوعا، ولم تردد ف قتال من منعوها إذا كانوا ذوى شوكة وقوة

لبس هو كل ما طلبه اإلسبلم ف هذا المجال، بل هناك أنواع أخرى من وهذا التكافل المادي أو المعشوجعلها بالتكافل المعش -رحمه هللا -التكافل، ذكرها العبلمة الفقه الداعة الدكتورمصطفى السباع

التكافل األدب، والعلم، والساس، والدفاع، والجناب، واألخبلق، : عشرة كاملة، فشملت (. االجتماع التكافل) ي، ولعبادي، والحضاري، والمعاش، الذي اختص الوم باسم واالقتصاد

أخوة لكل الفئات ال طبقية

األخوة ف اإلسبلم تشمل كل فبات المجتمع، فلس هناك فبة من الناس من أن تإاخ اآلخرن، وال فبة أهون من أن إاخها اآلخرون، ال جوز أن كون المال أو المنصب أو النسب، أو أي وضع اجتماع

فالحاكم أخو المحكوم، والراع أخ . لى بعضأو مادي أو ؼر مادي سببا الستعبلء بعض الناس عأي -خار أبمتكم الذن تحبونهم وحبونكم، وتصلون علهم، وصلون علكم،: )لرعته، وفى الحدث

والسد (. وشرار أبمتكم الذن تبؽضونهم وبؽضونكم، وتلعنونهم، ولعنونكم -تدعون لهم، ودعون لكم أي ) إخوانكم خولكم : ) وفى الصحح. ون تحت دهأخ لعبده، وإن أوجبت ظروؾ خاصة أن ك

جعلهم هللا تحت أدكم، ولو شاء جعلكم تحت أدهم، فمن كان أخوه تحت ده، فلطعمه مما ( خدمكمواألؼناء (. ؤكل، ولبسه مما لبس، وال تكلفوهم من العمل ما ال طقون، فإن كلفتموهم فؤعنوهم

ف -ل، والمبلك والمستؤجرون، كلهم أخوة بعضهم لبعض، فبل مجال والفقراء، والعمال وأرباب العمبل ال وجد ف المجتمع اإلسبلم طبقات، كما . لصراع اجتماع، أو حقد طبق -ضوء تعالم اإلسبلم

عرؾ ذلك ف المجتمع الؽرب ف العصور الوسطى، الذي عرؾ طبقات النببلء والفرسان، ورجال

Page 77: ملامح المجتمع المسلم

وال زال بعض األمم . ه الطبقة تتوارث بحكم القم والتقالد والقوانن السابدة الدن وؼرهم، وكانت هذ. إلى الوم توارث الطبقة، بحكم عقابده وأعرافه وأنظمته، كما ف الهند

وجد ف اإلسبلم أؼناء، ولكنهم ال كونون طبقة تتوارث الؽنى، بلهم أفراد جرى علهم ما جرى على علما ء )ووجد ف اإلسبلم (. فإن مع العسر سرا : ) فتقر، كما أن الفقر قد ؽتن ؼرهم، فالؽن قد

ولكنهم ال كونون طبقة تتوارث هذه المهنة، بل ه وظفة مفتوحة لكل من حصل مإهبلتها من ( دنالعلم والدراسة، وه على كل حال لست وظفة كهنوتة كوظابؾ القسس ورجال الدن ف األدان

وإذا كان هللا تعالى خاطب ( ! كهنة)ال ( علماء)فهم . خرى، إنما ه وظفة تعلم ودعوة وإفتاءاألونحن أعلم بما قولون، )، ( إنما أنت مذكر لست علهم بمصطر: ) بقوله( صلى هللا عله وسلم)رسوله

-إنهم لن كونوا ، فكؾ بورثته من العلماء؟( وما أنت علهم بجبار، فذكر بالقرآن من خاؾ وعد . إنما هم معلمون ومذكرون. مسطرن وال جبارن على الناس -قطعا

والشرعة . أو القانون الذي حتكم إلى الشرعة وحكم بها , التشرع : ومن مقومات المجتمع المسلم ه المنهاج الذي وضعه هللا تعالى لتنظم الحاة اإلسبلمة على ضوء الكتاب المبن والسنة المطهرة،

ا ف حاته كلها، عبادات ومعامبلت، فلس وال كون المجتمع مجتمعا إسبلما إال بتطبقها والرجوع إلهكتب علكم : )، وال ؤخذ منه(كتب علكم الصام: )من المعقول آن ؤخذ المسلم من كتاب ربه

. وال تصور أن قبل آات إجاب الصبلة، ورفض آات تحرم الربا(. القصاص

: وسنتحدث عن هذا الموضوع ف النقاط التالة

ني للمجتمعضرورة التشريع الربا

إن التشرع مقوم أساس من مقومات المجتمع، فبل بد ألي مجتمع من قانون ضبط عبلقاته، : أوال وعاقب من انحرؾ عن قواعده، سواء أكان هذا القانون مما نزل من السماء، أم مما خرج من األرض،

المة الجماعة، وصانة فالضمابر والدوافع الذاتة ال تكفى وحدها لعموم الخلق، والمحافظة على سكانها المادي والمعنوي، وإقامة القسط بن الناس، ولهذا أرسل هللا رسله وأنزل كتبه لضبط مسرة

لقد أرسلنا رسلنا بالبنات وأنزلنا معهم الكتاب والمزان لقوم الناس : ) الحاة بالحق كما قال تعالى. لناس، ال لتلى على األموات، وال لتزن به الجدرانكذلك أنزل هللا كتابه الخالد لحكم بن ا( بالقسط

وآات القرآن صرحة ف (. إنا أنزلنا إلك الكتاب بالحق لتحكم بن الناس بما أراك هللا: ) قال تعالىوأنزلنا إلك الكتاب بالحق مصدقا لما بن ده من الكتاب : )قول تعلى. وجوب الحكم بما أنزل هللا

احكم بنهم بما أنزل هللا، وال تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق، لكل جعلنا منكم شرعة ومهمنا عله، ؾومنهاجا، ولو شاء هللا لجعلكم أمة واحدة ولكن لبلوكم ف ما آتاكم، فاستبقوا الخرات، إلى هللا مرجعكم

ع أهواءهم واحذرهم أن فتنوك جمعا فنببكم بما كنتم فه تختلفون، وأن احكم بنهم بما أنزل هللا وال تتبعن بعض ما أنزل هللا إلك، فإن تولوا فاعلم أنما رد هللا أن صبهم ببعض ذنوبهم، وإن كثرا من

(الناس لفاسقون، أفحكم الجاهلة بؽون، ومن أحسن من هللا حكما لقوم وقنون

:وبلحظ ف هذه اآلات

: ) التوراة واإلنجل، وجاء فها قوله تعالى: ن أهل الكتابنأنها جاءت بع اآلات الت تحدثت ع: أوال ومن لم حكم بما أنزل هللا فؤولبك هم : )، وقوله( ومن لم حكم بما أنزل هللا فؤولبك هم الكافرون

Page 78: ملامح المجتمع المسلم

، وما كان هللا تعالى لحكم على ( ومن لم حكم بما أنزل هللا فؤولبك هم الفاسقون: )، وقوله( الظالمونب بالكفر، أو الظلم، أو الفسق، أو بها جمعا إذا لم حكموا بما أنزل هللا، ثم عف المسلمن من أهل الكتا

وقد جاء الحكم . ذلك، فلس ما أنزل هللا على المسلمن، دون ما أنزله على أهل الكتاب وعدل هللا واحد (. ال ف المسلمن إن اآلات جاءت ف أهل الكتاب: فبل مجال لمماحك قول. القرآن بلفظ عام

: ) أنها لم تتسامح ف ترك جزء مما أنزل هللا إلى رسوله، بل حذرت من ذلك بصؽة قوة: ثانا ( .واحذرهم أن فتنوك عن بعض ما أنزل هللا إلك

فمن لم رض باألول وقع ف .. إما حكم هللا، أو حكم الجاهلة : أن الناس بن حكمن ال ثالث لهما: ثالثا (. أفحكم الجاهلة بؽون، ومن أحسن من هللا حكما لقوم وقنون : )ن ال محالة، وفى هذا قولالثا

وحاجة . إن التشرع هو الذي نقل التوجهات الدنة واألخبلقة إلى قوانن ملزمة، وعاقب على تركهاققها للبشر إال التشرع حاجة أساسة، ال ح -سالم من قصور البشر وأهوابهم -البشر إلى تشرع ربان

اإلسبلم، فهو الذي حمل هداة هللا األخرة للبشر، وال وجد ف األرض تشرع ربان آخر، ألن كل المصادر السماوة قد أصابها التحرؾ والتبدل، كما أثبت ذلك الدارسون المحققون من القدماء

السماوي الوحد الباق ببل زادة وال نقص المصدر . والمحدثن والمعاصرن بالنسبة للتوراة واإلنجل. وال تحرؾ وال تؽر هو القرآن

فكثرا ما زنت للبشر . إن البشر ف حاجة إلى توجه إله جنبهم الضبلل ف الفكر، والؽ ف السلوكجرابم بشعة، وؼواات شنعة، حتى وجدنا أهل اسبارطة قدما قتلون األطفال : عقولهم القاصرة

ضعاؾ البنة، والعرب ف الجاهلة بدون البنات، والهنود والرومان والفرس وؼرهم قسمون الناس الإلى طبقات جوز لطبقة ما ال جوز لؤلخرى، وقتل بعضها عمدا فبل قتص منه، وقتل بعضها ألدنى

ذلك قوانن، وتصدر ب ووجدنا ف عصرنا من جز زواج الرجال بالرجال . األسباب، وربما ببل سبب. وبارك ذلك بعض رجال الدن ف الؽرب المتحضر المتقدم

نجد أن البشر كثرا ما تبن لهم الرشد من الؽ، : ومع قصور العقل البشرى ف مقابلة العلم اإللهوالنافع من الضار، ومع هذا تؽلبهم أهواإهم وشهواتهم، أو أهواء ذوى النفوذ وأصحاب المصالح

. ، فحلون ما جب أن حرم، وحرمون ما نبؽ أن باحالخاصة منهمموقؾ الوالات المتحدة من تحرم الخمر، وتراجعها عن التحرم، : ولعل من أوضح األمثلة على ذلك

رؼم ثبوت ضرره على الفرد واألسر والمجتمع، مادا ومعنوا، اتباعا لشهوات هواة السكر، وتحققا . نتشار المسكراتلمصالح المنتفعن من ا

ليس التشريع محصورا في الحدود

. سبلم محصورا ف الحدود والعقوبات كما تصور بعض الناس أو صورونلس التشرع ف اإل: ثاناإن التشرع ف اإلسبلم نظم العبلقة بن اإلنسان وربه، وبن اإلنسان وأسرته، وبن اإلنسان ومجتمعه، وبن الحاكم والمحكوم، وبن األؼناء والفقراء، والمبلك والمستؤجرن، وبن الدولة اإلسبلمة وؼرها

إلخ إلى جانب أنه …… فهو قانون مدن و إداري، ودستوري ودول . ف حالة السلم وحالة الحربولهذا اشتمل الفقه اإلسبلم على العبادات والعامبلت، واألنكحة والموارث، واألقضة . قانون دن

Page 79: ملامح المجتمع المسلم

ؾ واآلداب، والدعاوى، والحدود والقصاص والتعازر، والجهاد والمعاهدات، والحبلل والحرام، والسإن . فهو نظم حاة اإلنسان من أدب قضا ء الحاجة للفرد إلى إقامة الخبلفة واإلمامة العظمى لؤلمة

الحدود ه الساج، وهى اإلعبلن الناطق بؤن المجتمع المسلم رفض جرابم معنة، وال سمح بها بحال . من األحوال

تصورها بعض الناس أو صورها المبشرون لست بالبشاعة الت -كما شرعها اإلسبلم -والحدود . والمستشرقون

إن الؽربن ستبشعون هذه العقوبات لسببن ذكرهما العبلمة المودودي ف حدثه عن حد الزنا ف والسبب ف ذلك . إن الضمر الؽرب شمبز من عقوبة الجلدات المبة: )، قال رحمه هللا(الحجاب)كتابه

بل السبب الحقق أنه لم تكتمل بعد نشؤة شعوره . ب إذاء اإلنسان ف جسدهال رجع إلى كونه ال حالخلق، فهو بنما كان عد الزنا من قبل عبا وهجنة إذ به اآلن ال عتبره إال لعبا وسلوة، علل به

فهو رد لذلك أن سامح ف هذا الفعل وال حاسب عله، إال إذا ! شخصان نفسهما ساعة من الزمنوحتى عند حصول هذا اإلخبلل ال كون الزنا . أخل الزنا بحرة رجل آخر أو بحق من حقوقه القانونة

عنده إال من صؽار الجرابم الت ال تتؤثر بها إال حقوق شخص واحد، فكفى المعاقبة عله بعقاب خفؾ ة عقوبة ظالمة لهذا وبده أنه من كان هذا تصوره للزنا ال بد أن رى حد المبة جلد! ) أو تؽرم

ولكنه إذا ارتقى شعوره الخلق واالجتماع وعلم أن الزنا سواء كان بالرضا أو باإلكراه، وكان . الفعلبامرأة متزوجة أو باكرة، جرمة اجتماعة ف كل حال تعود مضارها على المجتمع بؤسره، فإنه ال بد

جتمع من تلك المضار، وبما أن العوامل أن تتبدل نظرته ف باب العقوبة، وعترؾ بوجوب صون المالمحركة للمرء على الزنا متؤصلة جدا ف جبلته الحوانة، ولس من الممكن قلع شؤفتها بمجرد عقوبات

ومما ال شك فه أن وقاة مبلن من . الحبس والؽرم، فبل مندوحة لقمعه من استخدام التدابر الشددةة والعمرانة بإذاء شخص أو شخصن إذاء شددا خر من دفع الناس مما ال حصى من المضار الحؾ

األذى عن الجناة، وتعرض األمة كلها لمضار ال تنحصر فها، بل تتوارثها أجالها القادمة أضا ببل . ذنب لها

وهناك سبب آخر العتبارهم حد المبة جلدة من العقوبات الظالمة، فطن به المرء بسهولة إذا أنعم ) ( الفرد ) قد قامت على إعانة -كما أسلفنا -وذلك أن حضارة الؽرب . ره ف أسس الحضارة الؽربةنظ

لذلك مهما كان من ظلم الفرد . وتركبت عناصرها بتصور مؽلو فه للحقوق الفردة( الجماعة) على لما امتدت إلى واعتدابه على الجموع، فبل نكره أهل الؽرب، بل حتملونه ؼالبا بطبة نفس، ولكنه ك

الفرد د القانون حفظا لحقوق الجماعة، اقشعرت منه جلودهم خوفا وفزعا، وأصبح كل نصحهم . وتحمسهم بحق الفرد دون الجماعة

أنهم هتمون بالمحسوسات أكثر من -كؤهل الجاهلة ف كل زمان -ثم إن مزة أبناء الجاهلة الؽربة ) . تفظعون الضر الذي نال الفرد لكونه ماثبل أمام أعنهم بصورة مربةولهذا س. اهتمامهم بالمعقوالت

ولكنهم ال دركون خطورة الضرر العظم الذي لحق المجتمع وأجاله القادمة جمعا، على نطاق (. واسع، ألنهم كادون ال حسون به لسعته وعمق آثاره

تشددا ؼر عادي، وخصوصا ف جرمة الزنا، أن اإلسبلم شدد ف إثبات الجرمة : وأود أن أذكر هناوه لم تثبت ف عهد النبوة والراشدن إال باإلقرار، كما أنه فتح الباب للتوبة، فمن صدقت توبتة سقط

وسقوط الحد ال عنى إسقاط العقوبة بالكلة، فقد نتقل إلى التعزر . عنه الحد على الرأي الراجح .المناسب

Page 80: ملامح المجتمع المسلم

حرص اإلسالم على الستر والعفو في قضايا الحدود

أن اإلسبلم ال ركض وراء إقامة : ف أمر الحدود، وهوأود أن ألفت النظر هنا إلى حققة مهمة : ثالثا الحد، وال تشوؾ إلى تنفذ العقوبة، فمن اقترؾ ما ستحقها، وال ضع أجهزة للتصنت على العصاة،

خفة تصورهم حن ارتكاب جرابمهم، وال سلط الشرطة الجنابة أو ( كامرات)أو نصب لهم بل نجد توجهات اإلسبلم . لفن للشرع حتى تقبض علهم متلبسنتتجسس على الناس المخا( المباحثة)

هنا حاسمة كل الحسم ف صانة حرمات الناس الخاصة، وتحرم التجسس علهم، وتتبع عوراتهم، ال أنه حرس للة : روى الحاكم عن عبد الرحمن بن عوؾ. من قبل األفراد، وال من قبل السلطات الحاكمة

حتى إذا ( أي قصدونه ) ا هم مشون شب لهم سراج ف بت، فانطلقوا إمونه مع عر بالمدنة، فبنموأخذ بد عبد -على قوم، لهم فه أصوات مرتفعة، فقال عمر ( أي مؽلق ) دنوا منه، إذا باب مجاؾ

أي ) هذا بت ربعة بن أمة بن خلؾ، وهم اآلن شرب : ال، قال: أتدري بت من هذا؟ قال: -لرحمن: نهانا هللا عز وجل، فقال: أرى أنا قد أتنا ما نهى هللا عنه: فما ترى؟ قال عبد الرحمن( لخمر شربون ا

(. فانصرؾ عمر عنهم وتركهم ! ، فقد تحسسنا ( وال تجسسوا) هل لك ف الولد بن : أتى رجل ابن مسعود، فقال: وروى أبو داود والحاكم أضا عن زد بن وهب، قال

؟عقبة، ولحته تقطر نهانا من التجسس، إن طهر ( صلى هللا عله وسلم)إن رسول هللا : فقال! خمراجبر بن نفر، وكثر بن مرة، والمقدام بن معدكرب، : وروي أضا عن أربعة من الصحابة. لنا نؤخذه

بتؽى إن األمر إذا ا: ) قال( صلى هللا عله وسلم)عن النب -رض هللا عنهم -وأب أمامة الباهل بل نرى التعالم النبوة الصرحة ترؼب أبلػ الترؼب ف ستر المسلم على (. الربة ف الناس أفسدهم

. نفسه، وعلى ؼرهبعد أن أقام الحد على ماعز ( صلى هللا عله وسلم)أن رسول هللا : وعن ابن عمر رض هللا عنهما

( أي تورط ف شء منها) عنها، فمن ألم اجتنبوا هذه القاذورة،الت نهى هللا: )األسلم، قام فقال( نقم عله كتاب هللا( أي كشؾ عن جرمته ) فلستتر بستر هللا، ولتب إلى هللا، فإنه من بد لنا منفعه

وكان الرسول الكرم قد أقام الحد على ماعز، بعد أن جاء إله أربع مرات مقرا . حكم هللا: عنأن بعد عنه التهمة، ولقنه ما دل على عدم ( صلى هللا عله وسلم)ي بجرمته، وبعد أن حاول النب

كنا : وقد جاء عن أبى بردة عن أبه قال. ومثله المرأة الؽامدة. استفاء أركان الجرمة، ولكنه أمرصلى هللا )أصحاب محمد نتحدث لو أن ماعزا وهذه المرأة، لم جبا ف الرابعة، لم طلبهما رسول هللا

لو سترته لكان (: صلى هللا عله وسلم)الذي دفع ماعزا لبلعتراؾ عند النب -وقال لهزال (. ه وسلمعلمن ستر أخاه المسلم ف (: ) صلى هللا عله وسلم)قال رسول هللا : وعن أبى هررة قال(. خرا لك

ال ستر عبد عبدا ف : ) قال (صلى هللا عله وسلم)وعنه عن النب (. الدنا، ستره هللا ف الدنا واآلخرةفإذا كان الحدث السابق ف مثوبة ستر ع المسلم، فهذا الحدث عام ف . الدنا إال ستره هللا وم القامة

أن : وعن كثر مولى عقبة بن عامر. ستر أي عبد من عباد هللا على آخر: ستر اإلنسان على اإلنسان(. من رأى عورة فسترها، كان كمن استحا موإودة من قبرها: ) قال( صلى هللا عله وسلم)رسول هللا

وكذلك نجد التوجهات اإلسبلمة صرحة ف التحرض على العفو والصفح فما كان من الحدود متعلقا وف . فهناك ال مجال لعفو وال شفاعة. بحقوق العباد، مثل السرقة، بشرط أال تصل إلى سلطة القضاء

(. تعافوا الحدود بنكم، فما بلؽن من حد فقد وجب: ) بن عمرهذا جاء حدث عبد هللا أتى بسارق، فؤمر ( صلى هللا عله وسلم)إن ألذكر أول رجل قطعه رسول هللا : ) وقال ابن مسعود

ا رسول هللا، : فقالوا( أي بدا عله األسى( ) صلى هللا عله وسلم)بقطعه، وكؤنما أسؾ وجه رسول هللا إنه ال نبؽ لئلمام إذا ! وما منعن؟ ال تكونوا أعوانا للشطان على أخكم: ) قال كؤنك كرهت قطعه؟

ولعفوا ولصفحوا، أال تحبون أن ؽفر هللا لكم، : ) انتهى إله حد إال أن قمه، إن هللا عفو حب العفوه أتى ما وجب ، فعترؾ بؤن(صلى هللا عله وسلم)وكان الرجل ؤت إلى النب (. وهللا ؼفور رحم

-الذي قد عرضه للعقوبة -ما هو؟ وكؾ اقترفه؟ بل عتبر اعترافه هذا : الحد، فبل سؤله عن هذا الحد

Page 81: ملامح المجتمع المسلم

صلى هللا )وال سما إذا أقام الصبلة مع رسول هللا . توبة من ذنبه، وندما على ما فرط منه، فهو كفارة لهأن رجبل : عن أب أمامة( عترؾ بحد وال سمهف الرجل ) فقد روى أبو داود ف باب (. عله وسلمتوضؤت حن : ) قال . ا رسول هللا، إن أصبت حدا فؤقمه عل: فقال( صلى هللا عله وسلم)أتى النب

اذهب، فإن هللا تعالى قد : ) قال . نعم: ؟ قال( هل صلت معنا حن صلنا : ) قال. نعم: ؟ قال( أقبلت من ذهب من علماء السلؾ إلى أن من حق اإلمام أو القاض أن سقط الحد ومن ثم ذهب (. عفا عنك

وهو ما أختاره . بالتوبة إذا ظهرت أماراتها، وهو ما رجحه شخ اإلسبلم ابن تمة والمحقق ابن القم .عقوبات الحدود ف عصرنا( نقنن)حن

درء الحدود بالشبهات

ما أصبح : إن مما لحق بما ذكرناه من حرص اإلسبلم على الستر والعفو ف قضاا الحدود: رابعا وقد جاء ف ذلك . درء الحدود بالشبهات: مختلؾ مذاهبه المتبوعة، وهومعروفا ف الفقه اإلسبلم ب

ادرأوا الحدود عن المسلمن ما استطعتم، فإن وجدتم لمسلم مخرجا : )حدث رواه الحاكم وصححه قولنعم إن الحافظ الذهب (. فخلوا سبله، فإن اإلمام أن خطا ف العفو خر من أن خطا بالعقوبة

وكذلك ما صح . ح الحاكم للحدث، ولكن األحادث الت سقناها من قبل تشد عضدهاعترض على تصح. وما ثبت من فعله(. ادرأوا الحدود بالشبهات: ) عن الفاروق عمر بن الخطاب رضى هللا عنه من قوله

م وفهم الفقهاء وأهل العل -من إقاؾ حد السرقة عام المجاعة، لوجود شبهة الحاجة، وموافقة الصحابة فإنهم ال سكتون جمعا على باطل، وال . له ف ذلك، ومثل هذا عتبر نوعا من اإلجماع -والفتوى

! وال عتبر هذا إسقاطا للحد كما ذكر بعض الكاتبن، بل إن الحد لم جب أصبل . جمعون على ضبللة. لعدم استفاء كل أركانه وشروطه

ى الؽبلمن اللذن سرقا من سدهما؛ ألنه رأى أنهما لم ما روى من عدم إقامته الحد عل: ومثل ذلكوال عجب أن سامحهما . سرقا إال لظلم السد لهما، وعدم إعطابهما ما كفهما من الحاجات البلزمة لها

مقدرا ظروفهما، ثم وجه تهدده إلى مخدومهما بؤنه سقطع ده هو، إذا اضطرا إلى السرقة مرة أخرى وبعضها . قه وجد فه أشاء كثرة ذكرها الفقهاء باعتبارها شبهات تمنع إقامة الحدومن قرأ كتب الؾ!

. عتبر ضربا من التمحل أو االدعاء، ولكنهم رأوا أن أدنى شك فسر لصالح المتهم

ال يبنى المجتمع بالتشريع وحده

إنه عقدة تفسر الوجود، وعبادة ترب الروح، وأخبلق . إن اإلسبلم لس مجرد تشرع وقانون: خامسا وآمات األحكام . وآداب تجمل بها الحاةتزكى النفس، ومفاهم تصحح التصور، وقم تسمو باإلنسان،

وه ممزوجة مزجا بالعقدة والضمر، مقرونة بالوعد والوعد، . التشرعة ال تبلػ عشر آات القرآنالطبلق : )إقرأ مثبل ف أحكام األسرة قوله تعالى. مرتبطة ارتباطا عضوا بسابر توجهات القرآن

ان، وال حل لكم أن تؤخذوا مما آتتموهن شبا إال أن خافا أال مرتان، فإمساك بمعروؾ أو تسرح بإحس

Page 82: ملامح المجتمع المسلم

قما حدود هللا، فإن خفتم أال قما حدود هللا فبل جناح علهما فما افتدت به، تلك حدود هللا فبل تعتدوها، دعوة هذا لس تشرعا جافا كمواد القانون، بل هو تشرع و(. ومن تعد حدود هللا فؤولبك هم الظالمون

والسارق والسارقة فاقطعوا : )واقرأ ف أحكام الحدود قوله جل شؤنه. وتوجه وتربة وترؼب وترهبأدهما جزاء بما كسبا نكاال من هللا، وهللا عزز حكم، فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن هللا توب

عذب من شاء وؽفر لمن شاء، عله، إن هللا ؼفور رحم، ألم تعلم أن هللا له ملك السموات واألرض يهنا نجد كذلك التشرع الزاجر، مقرونا بالوعد والوعد، حامبل التخوؾ (. وهللا على كل شء قدر

العزز إذا أمر : والترجة، والتوجه والتربة، مرؼبا ف التوبة واإلصبلح، مذكرا بؤسماء هللا الحسنىمالك الكون، وصاحب الخلق واألمر، وهو . لمن تاب وأصلحونهى، الحكم فما شرع، والؽفور الرحم

. هذا هو ساق التشرع ف القرآن، ومثله ف السنة. على كل شا قدرالتعلم ، ثم الدعوة والتوعة: فلس بالتشرع وحده بنى المجتمع المسلم، بل ال بد من وسلتن أخربن

. لتشرع والتقنن، إلى جوار التشرع والقانون، بل قبل اوالتربة

قبل المرحلة المدنة، مرحلة التشرع -مرحلة الدعوة والتربة -ولهذا بدأ اإلسبلم بالمرحلة المكة إن مجرد تؽر . والتنظم، وفى هذه المرحلة نرى التشرع متزج بالتربة أضا امتزاج الجسم بالروح

وأعظم ما عن على تؽر . باألنفس هو األساس إن تؽر ما. القوانن وحده ال صنع المجتمع المسلمما باألنفس هو اإلمان الذي نشا اإلنسان خلقا آخر، بما ضع له من أهداؾ، وما منحه من حوافز

فإذا أردنا أن . واإلسبلم كل ال تجزأ. وضوابط، وما رتبه على عمله من جزاء ف الدنا واآلخرةفلست محاربتها بإقامة الحد فقط، وال بالتشرع فقط، بل الحد نحارب جرمة مما شرعت له الحدود،إن العقاب إنما هو للمنحرفن من الناس، وهإالء لسوا هم أال . هو آخر الخطوات ف طرق اإلصبلح

واإلسبلم لم جا فقط لعبلج المنحرفن، بل . كثرن، ولسوا هم القاعدة، بل هم الشواذ عن القاعدةوالعقوبة لست ه العامل األكبر ف معالجة الجرمة ف نظر . ووقاتهم أن نحرفوالتوجه األسواء

فإذا نظرنا إلى . اإلسبلم، بل الوقاة منها بمنع أسبابها هو العامل األكبر، فالوقاة دابما خر من العبلجسورة النور، جرمة كالزنى نجد أن القرآن الكرم ذكر ف شؤن عقوبة الحد فها آة واحدة ف مطلع

الزانة والزان، فاجلدوا كل واحد منهما مابة جلدة، وتؤخذكم بهما رأفة ف دن هللا : ) وهى قوله تعالى، ولكن السورة نفسها اشتملت على عشرات اآلات األخرى الت ( إن كنتم تإمنون باهلل والوم اآلخر

لذن حبون أن تشع الفاحشة ف الذن آمنوا إن ا: ) وحسبنا قوله تعالى. توجه إلى الوقاة من الجرمةوقوله سبحانه ف تنظم التزاور وآدابه، واحترام البوت ورعاة (. لهم عذاب ألم ف الدنا واآلخرة

ا أها الذن آمنوا ال تدخلوا بوتا ؼر بوتكم حتى تستؤنسوا وتسلموا على أهلها، ذلكم خر : ) حرماتهاا أها الذن : ) دخل فها آداب االستبذان للخدم واألطفال الذن لم بلؽوا الحلمو(. لكم لعلكم تذكرون

آمنوا لستؤذنكم الذن ملكت أمانكم والذن لم بلؽوا الحلم منكم ثبلث مرات، من قبل صبلة الفجر وحن المإمنن وأهم من ذلك تربة (. تضعون ثابكم من الظهرة ومن بعد صبلة العشاء، ثبلث عورات لكم

قل : )والمإمنات على خلق العفاؾ واإلحصان، بؽض البصر وحفظ الفروج، وذلك ف قوله جل شؤنهللمإمنن ؽضوا من أبصارهم وحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، إن هللا خبر بما صنعون، وقل

ربن للمإمنات ؽضضن من أبصارهن وحفظن فروجهن وال بدن زنتهن إال ما ظهر منها، ولضوهنا برز عنصر جدد ف الوقاة من الزنا وجرابم الجنس، وهو منع (. اآلة …بخمرهن على جوبهن

النساء من الظهور بمظهر اإلؼراء والفتنة للرجال، وإثارة ؼرابزهم وأخلتهم، حتى جاء ف اآلة : تم اآلة بقوله سبحانه، ثم تخ( وال ضربن بؤرجلهن لعلم ما خفن من زنتهن : ) الكرمة قوله تعالى

(.وتوبوا إلى هللا جمعا أه المإمنون لعلكم تفلحون )

وأهم من ذلك . وجوب تطهر المجتمع من أسباب اإلؼراء والفتنة، وسد الذرابع إلى الفساد :ومعنى هذاسإولة كله األمر بتزوج األامى من الرجال والنساء، ومخاطبة المجتمع كله بذلك، باعتباره مسإوال م

Page 83: ملامح المجتمع المسلم

وأنكحوا األامى منكم والصالحن من عبادكم وإمابكم، إن كونوا فقراء ؽنهم هللا من : ) تضامنةتتمثل ف تسر أسباب -وعلى رأسه الحكام -ومسإولة المجتمع هنا (. فضله، وهللا واسع علم

واالجتماعه أمام راؼب االرتباط الحبلل، إلى جوار سد أبواب الحرام، وذلك بإزاحة العوابق المادة الزواج، من ؼبلء المهور، واإلسراؾ ف الهدااا والدعوات والوالبم والتؤثث، وما تصل بذلك من

فلست إقامة الحد إذن ه الت تحل . على تكون بوت مسلمة -مادا وأدبا -شإون، ومساعدتهمشرعة إال ف حالة اإلقرار ف مجلس المشكلة، والواقع أن الحد هنا ال مكن أن قام بشروطه ال

القضاء، أربع مرات، على ما راه عدد من األبمة، أو شهادة أربعة شهود عدول برإة الجرمة رإة أما من . فكؤن القصد هنا هو منع المجاهرة بالجرمة. مباشرة أثناء وقوعها، ومن الصعب أن تاح ذلك

.اب الدنوي وأمره ف اآلخرة إلى هللا سبحانهابتلى بها مستترا فبل قع تحت طابلة العق

بشرع ربه من حق المجتمع المسلم أن يحكم

مما ال نزاع فه، أن من حق كل مجتمع أن حكم بالتشرع الذي إمن بعدالته وتفوقه وسموه : سادسا وبالنسبة للمجتمع المسلم عتبر ذلك واجبا وفرضا عله، ولس مجرد حق . على ؼره من التشرعات

فهو . ا بتحكم التشرع اإلسبلمولهذا ال نبؽ أن نكر أحد على المجتمعات المسلمة الوم تناده. لهالتشرع الفذ الذي عبر عن عقابدها وقمها وآدابها وعن نظرتها إلى الكون وخالقه، واإلنسان ومصره،

والحاة ورسالتها، بخبلؾ القوانن الوضعة األخرى، الت قد تحل ما حرمه اإلسبلم مثل الخمر وتعدد الزوجات، أو تلؽ ما وجبه وفرضه مثل إتاء والفجور والربا، أو تحرم ما حله مثل الطبلق

الزكاة، وإقامة الحدود، واألمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر، أو تبدل بؤحكام هللا ورسوله أحكاما أخرى ف كثر من ببلد المسلمن -صحح أن التشرعات الوضعة الحالة . مستوردة من الؽرب أو الشرق

اقتبس أساسا من الفقه -كما عرؾ الدارسون -عة اإلسبلمة، بل إن كثرا منها لست كلها منافة للشر : ولكن جدر ف أن أنبه هنا على أمور أساسة . اإلسبلم، وال سما الفقه المالك

أن األشاء الت تخالؾ فها القوانن الوضعة األحكام الشرعة وان لم تكن كبرة ف مساحتها : أولهاف القانون المدن -مثل تحرم الربا . ه ف ؼاة األهمة بالنظر إلى نوعها وكفها ووظفتها -وكمها

الذي شدد القرآن وشددت السنة ف وعد من ارتكبه، ومثل إقامة الحدود على جرابم معنة قدر لها -لت تمز حضارة وذلك ألن هذه األحكام وأشباهها ه ا. الشرع عقوبات منصوصا علها حقا له تعالى

من أبرز ما مز نظاما اقتصادا عن آخر، -كإتاء الزكاة -فتحرم الربا . عن حضارة وأمة عن أمةوتحرم الزنا والفاحشة ما ظهر منها وما بطن، . وهما بالفعل من أخص خصابص االقتصاد اإلسبلم

تعاطا واتحارا وصنعا، وإجاب : وكل ما إدى إلى ذلك، وتقرر العقوبة عله، ومثله تحرم المسكراتإلى ؼر ذلك مما جاءت الحدود عقابا عله مما مز الحضارة اإلسبلمة عن ؼرها … العقوبة علها

من الحضارات الت ال ترى بؤسا ف إباحة الزنا ما دام بالتراض وإباحة الشذوذ الجنس، برؼم منافاته وكذلك إباحة الخمور والمسكرات، مع . جوره على الجنس اآلخرللفطرة السوة، وللرجولة الكرمة، و

. ما ثبت بالقطع من أضرارها المادة والمعنوة على الفرد وعلى األسرة وعلى المجتمع

ألن مجرد هذا . أنه ال كفى أن تكون القوانن الوضعة متفقة مع أحكام الشرعة اإلسبلمة: ثانهاإنما الواجب أن . ها الصبؽة اإلسبلمة، ال ضف علها الشرعة اإلسبلمةال منح -بالمصادفة -االتفاق

Page 84: ملامح المجتمع المسلم

ترد إلى الشرعة، وتنطلق منها، بحث ترتبط بالفلسفة العامة لئلسبلم، وبالمقاصد الكلة للشرعة، وتستند إلى األدلة الشرعة الجزبة ف مختلؾ مواد األحكام ف شتى القوانن، وفق األصول المرعة

وبهذا كون لهذه القوانن شرعتها وقدستها لدى الفرد المسلم، والمجتمع . فقهاء المسلمن جمعا عندفخضوعه لها . المسلم، ونقاد لها طواعة واختارا، ألنه تعبد له تبارك وتعالى بقبولها والخضوع لها

عها لخر عباده، وانقاده لس خضوعا لبرلمان وضعها، وال لحكومة قررتها، بل هو طاعة هلل الذي شرإنما كان قول المإمنن منن إذا دعوا إلى هللا ورسوله : ) لها تجسد إلمانه ورضاه بحكم هللا ورسوله

وفرق كبر بن التزام المسلم بموجب العقد ( لحكم بنهم أن قولوا سمعنا وأطعنا، وأولبك هم المفلحونإن العقد شرعة المتعاقدن، وبن التزامه بذلك : ؾ الفبلن قولبناء على النظرة الفبلنة أو أن الفلسو

ولقد قل ( وافوا بالعهد، إن العهد كان مسإوال (.)ا أها الذن آمنوا أوفوا بالعقود: )ألن هللا تعالى قوللماذا تشددون النكر على القوانن : لؤلستاذ حسن الهضبى المرشد الثان لئلخوان المسلمن وما

ألننا مطالبون باألحكام : شبهة باألحكام الشرعة ؟ فكان جوابه -ف معظمها -لوضعة، مع أنها ا (.وأن احكم بما أنزل هللا: ) الشرعة ال بما شهها، وقد قال تعالى

أن الشرعة اإلسبلمة كل ال تجزأ، وال جوز أخذ بعضها وترك بعضها، ولو كان هذا المتروك : ثالثها

. أو واحدا ف األلؾ% 1أو حتى %5أو % ا0

وأن احكم بنهم بما أنزل هللا وال تتبع أهواءهم واحذرهم أن فتنوك عن : ) فقد قال هللا تعالى لرسوله، وذلك ألن الذي تنازل عن البعض القلل وشك أن تنازل عن الجل، بل عن (بعض ما أنزل هللا إلك

على بنى إسرابل ف تجزبتهم للدن، وأخذهم لبعض أحكام ومن تم أنكر القرآن أبلػ اإلنكار! الكل أفتإمنون ببعض الكتاب وتكفرون : ) كتابهم وإعراضهم عن البعض اآلخر، فقال تعالى مقرعا لهم

ببعض،فما جزاء من فعل ذلك منكم إال خزي ف الحاة الدنا، ووم القامة ردون إلى أشد العذب، وما من القرآن الكرم، وعتبر -مهما قل -وكما ال قبل من مسلم أن رفض شبا . (هللا بؽافل عما تعملون

بذلك كافرا، فكذلك ال قبل منه أن رفض أي حكم قطع ثابت من أحكام الشرعة مما علم من الدن بالضرورة، ورفضه لهذا عتبر كفرا باإلسبلم خرجه من الملة، وعزله عن األمة، وستحق به عقوبة

لردة، ألنه تضمن استدراكا على هللا تعالى وتعالما من العبد على ربه، واتهاما له سبحانه بقصور علمه ا .وحكمته أو بقصور جوده رحمته، تعالى هللا عما قولون علوا كبرا

زم فهناك من لت. أن الببلد اإلسبلمة تتفاوت تفاوتا بعدا ف موقفها من التشرع اإلسبلم: رابعهاوهناك من حاول . بتحكم الشرعة من ناحة المبدأ، وإن كان عله مآخذ تكثر أو تقل من ناحة التطبق

. أن ستمد قانونه المدن من رحاب الشرعة وفقهها الرحب، ولكن بق قانونه الجزاب ؼربا وضعا الت بقت خالصة للشرعة وهناك من اجترأوا على قوانن األسرة أو األحوال الشخصة، وهى المنطقة

ف أكثر األقطار المسلمة، حتى وجدنا بلدا عربا بح الزنى وال عاقب عله ما دام بالتراض، فى حن وهذا ما جعل أحد األذكاء ف ذلك البلد العرب ف . عتبر الزواج من أخرى جرمة تستحق العقاب

ا، ؼر موثق قانونا بطبعة الحال، حن ضبط ف وقد تزوج امرأة ثانة زواجا شرع -شمال إفرقة فلم سعهم إال أن طلقوا سراحه متؤسفن، فقد كانوا ظنونها ! إنها عشقت : أن قول: بت تلك الزوجة

! زوجة له ر قانون العقوبات، ف شؤن من وجد امرأته تخونه ف بت وقد جعل ذلك البلد الطبلق بد المرأة، وؼ

فقد كان حكم عله قدما بخمس . ووجد معها رجبل أجنبا ف فراشه، فؤخذته الؽرة وقتله الزوجة، .سنوات، مراعاة لظروفه، فؽرت العقوبة إلى الحكم باإلعدام

Page 85: ملامح المجتمع المسلم

تحكيم الشريعة يجسد أصالتنا وتحررنا

إذا كان التشرع عندنا نحن المسلمن جزءا ال تجزأ من دننا، فبل تم إماننا إال بالحكم به : سابعا وما كان : ) سبلم، والرضا به دنا وشرعة ومنهاجا واالحتكام إله، وال خار لنا ف ذلك بعد التزامنا باإل

لمإمن وال مإمنة إذا قضى هللا ورسوله أمرا أن كون لهم الخرة من أمرهم، ومن عص هللا ورسوله فإن تحكم الشرعة فه معنى آخر تصل بؤصالتنا وقومتنا، فالقوانن الوضعة . فقد ضل ضبلال مبنا

ببلدنا العربة واإلسبلمة، قوانن أجنبة عنا دخلة علنا، لم تنبت ف أرضنا، الت نحكم بمقتضاها ف ولهذا أحلت ما نعتقده حراما، وحرمت ما . ولم تستمد أحكامها من عقابدنا وقمنا وأعرافنا ومسلماتنا

االستعمار والعودة إلى أحكام الشرعة تعن التحرر من بقاا. نعتقده حبلال، وأسقطت ما نعتقده واجبا ف المجال التشرع، والرجوع إلى منابعنا األصلة، نستق منها ما ال نصلح بؽره، ألن فه هداة ربنا، وأصالة تراثنا، المتجاوب مع أنفسنا وتطلعاتنا، والمعبر عن حققة اتجاهنا، والمحقق ألهدافنا

ول الهود إلى فلسطننا، بدأ تسلبل خفا، لقد كان دخول القوانن الوضعة إلى ببلدنا، أشبه بدخ. وحاجتناإن الذي قرأ كؾ دخل القانون الوضع إلى بلد كمصر، سبق ؼره ف ذلك . ثم انتهى اؼتصابا علنا

وحسبك أن هذا القانون . كؾ تم ذلك العدوان ف بساطة تثر ؼضب الحلم. لؤخذه العجب كل العجبوهو محام أرمن أتمه ف وقت أقل . أو المهنة درجة المتوسطوضعه شخص ال تتعدى ثقافته العلمة

والحققة أنه لم ضع قانونا، بل نقله بجملته نقبل حرفا، كما قال . مما ستؽرقه وضع كتاب صؽر جدا وقد وصؾ هذه القوانن . أحد المستشارن اإلطالن ف المحاكم المختلطة ف مصر( مسنا ) األستاذ

(. جمعة من هنا وهناك على ؼر أصول وضع القوانن وفقا لحاجات الجماعة ومصالحهام: )بؤنهالترتعد فرابصه من تصور استراد أو ( سافن ) وإن شبح زعم المدرسة التارخة (: ) مسنا)وقول

ا، ولكن هذه القوانن استوردت أو اقترضت دون حاجة إلها، وال طلب له(. اقتراض أمة لتشرعاتها وما كان . وال رؼبة فها، ودون أن تستشار األمة ف شؤنها، كؤن األمر ال خصها وال تعلق بحاتها

والوم تطالب . لهذه القوانن أن تدخل وتبقى، لوال أن االحتبلل هو الذي أدخلها وحماها، بؤسنة رماحهها، وهو أمر نادى به كبار رجال الشعوب العربة واإلسبلمة بإكمال استقبللها بالعودة إلى أحكام شرعت

. القانون الوضع نفسه، الذن أتح لهم أن درسوا فقه الشرعة، وطلعوا على بعض كنوزه وأسرارهومن أبرز هإالء عبلمة القانونن العرب الدكتور عبد الرزاق السنهوري، الذي أشاد بقمة الفقه

ن مناسبة، وخصوصا ف المراحل األخرة من اإلسبلم وأصالته وؼناه ف أكثر من كتاب وأكثر م( مصادر الحق ف الفقه اإلسبلم)عمره، بعد أن تعمق أكثر ف قراءة مصادر الفقه، و كتابه الشهر

وإن زعم لكم بؤن تجدوا ف ذخابر . ) قول( 1/1/1937)فف محاضرة له نشرتها األهرام ف

ا ال قل ف رقى الصاؼة وف إحكام المصنعة، عن أحدث الشرعة اإلسبلمة من المبادئ والنظرات م (.المبادئ والنظرات وأكثرها تقدما ف الفقه العالم

Page 86: ملامح المجتمع المسلم

الشريعة بمعناها الواسع ال مذهب بعينه

إن التشرع اإلسبلم المنشود، ال عنفقه مذهب من المذاهب ف عصر من العصور، إنما عن : ثامنا القواعد واألحكام األساسة الت قررها القرآن والسنة، ونشؤ ف رحابها فقه خصب، منذ عهد الصحابة

. فمن بعدهم، سجلته كتب المذاهب المختلفة، وكتب السنن واآلثار والفقه المقارنه الثروة الهابلة من االجتهادات أساس قوي ال ستهان به، وال ستؽنى عنه ألي اجتهاد معاصر وهذ

قوم، وال قبل أن بدأ اجتهاد جدد من المصفر، ودون أن بنى البلحق على السابق، ولكن جزبات هذا ومن القواعد . عدالفقه لست ملزمة لنا إال بمقدار ما سندها من أدلة الشرع المحكمة، نصوصا وقوا

أن الفتوى تتؽر بتؽر الزمان -من الناحة النظرة على األقل -المقررة الت لم تعد موضع خبلؾ : عدد من المحققن من علماء المذاهب المتبوعة، من أمثال_والمكان والحال والعرؾ، كما أكد ذلك

رآن والسنة وهدى الصحابة وعمل السلؾ ولهذه القاعدة أدلتها من الق. القراف وابن القم وابن عابدنولها تطبقاتها الكثرة ف عصرنا، كما ف مسؤلة أقصى مدة الحمل، واختبلؾ الفقهاء فه، حتى

الحمل ) وذلك أنهم لم كونوا عرفون عن ! أوصلها بعضهم إلى أربع سنوات، بل خمس، بل سبع ز أن نحجر على أنفسنا واسعا، فنلتزم ومن ثم ال جو. الذي له أعراض الحمل الصحح( الكاذب

وقد كون هذا المذهب ضعؾ الحجة ف بعض القضاا، أو ال حقق . بمذهب واحد ف كل شإونافبل جناح علنا أن ندعه إلى ساحة المذاهب األخرى، وساحة الشرعة . مقاصد الشرع ومصالح الخلق

، زكاة المستؽبلت، زكاة الخارج من األرض، ابحةبع المر، اإللزام بالوعد: كما ف قضاا مثل. الكبرى .أقصى مدة الحمل. طبلق الثبلث ف لفظة واحدة، السكران والؽضبان طبلق الحلؾ بالطبلق،

البد من اجتهاد معاصر منضبط

إن التشرع اإلسبلم المنشود هو الذي قوم على أساس اجتهاد عصري سلم، سواء أكان : تاسعا ال بد ل ولكن . وقد تحدثت عن معالم هذا االجتهاد وضوابطه ف مجال آخر. اجتهادا انتقابا أم إنشابا

فبة الذن ردون أن طوعوا اإلسبلم للعصر، وجعلوه عجنة لنة : أن أحذر ها من فبتن من الناسقابلة للتشكل ف أي صورة، وال ردون أن تفقوا عند قرآن وال سنة وال إجماع وال قاس، كالذن

. لعلمة اإلسبلمة على تحرمهاحاولون الوم تحلل فوابد البنوك مع اتفاق كل المجامع والمإتمرات اوفبة الذن ردون أن جمدوا اإلسبلم ف قوالب حجرة، صنعتها عقول من قبلنا مناسبة لزمانهم، ولم

: وهإالء نوعان. تعد مناسبة لزماننا

مذهبون مقلدون متعصبون لمذاهبهم ال رون الخروج منها قد شعرة، وخصوصا أقوال .1 . المتؤخرن

(.الظاهرة الجدد ) حرفون، ممن اسمهم ال مذهبون .2

وهإالء وأولبك هم الذن شهرون سؾ اإلرهاب على كل عالم رأى رأا جدا أو مخالفا لمن كان قبله، وان كان من كبار العلماء، وأساطن الشوخ، الذن قضوا أعمارهم سباحن وؼواصن ف بحار العلوم

Page 87: ملامح المجتمع المسلم

. رتهم الت طبقت اآلفاقاإلسبلمة، وكان لهم إنتاجهم وشهوأذكر أن فقها مثل الشخ اإلمام محمد أبو زهرة رحمه هللا وقؾ ف إحدى الندوات علن عن رأى

ولس المهم أن . إن كتمته منذ عشرن عاما أو أكثر، واآلن أبرئ ذمت، وأبوح به: فقه جدد له، قالأن كتم هذا العالم الكبر رأه، وخف : مإلم حقا كون رأه هذا صوابا أو خطؤ، إنما المهم هنا وال

اجتهاده عشرن عاما، وال جد الفرصة أو الجرأة، لكتبه تحررا، أو لقه شفاها، خشة من هاج الهابجن، وتطاول المتطاولن، الذن ملكون النصال الحادة، والسهام الجارحة، وصوبونها بسرعة

وبهذا تموت اآلراء ف صدور أصحابها، وال تعرؾ إلى ! ؾ ما ألؽوه البرق إلى كل ذي رأي خال .الظهور سببل

:اجتهاد ال فوضى، وتجديد ال تبديد

إن الدعوة إلى االجتهاد لعصرنا ال تعن الفوضى، وفتح الباب على مصراعه لكل مدع متطاول، وإن ، ردون أن طوروا (التطور)أو ( التجدد)إن بعض دعاة . لم حصل شروط االجتهاد األساسة

، ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات واألرض ومن فهن)اإلسبلم ذاته حتى وافق أهواءهم وأهواإهم إنما كونتها المعارؾ الت تسولوها من موابد الثقافة الؽربة، مع معرفة ضحلة أو مشوشة

فرقون بن الجانب الذي له صفة الثبات فهم لهذا ال. باإلسبلم، أو جهل مطبق به ف بعض األحانوالخلود ف أحكام اإلسبلم وتوجهاته، والجانب المرن المتطور الذي تؽر بتؽر الزمان والمكان

فهم نقدون الفقه وعتبرونه مجرد وجهة نظر تمثل رأى شخص معن ف ببة معنة ف عصر . والحالؼرت األشخاص كان الواجب علهم أن نشبوا فقها جددا فإذا تؽر العصر، وتؽرت الببة، وت. معن

. مثلهم وبعبر عنهم زمانا ومكانا وحاال ولكنه . وهذا صحح بالنظر إلى جزبات األقوال واآلراء الت قال بها الفقهاء ف شتى مجاالت االجتهاد

كت ف إنشابها وتنمتها لس صححا بالنسبة إلى مجموع الفقه، الذي مثل ثروة تشرعة ضخمة شارشوامخ العقول اإلسبلمة، ابتداء من الصحابة فمن بعدهم على توالى القرون، مهتدن بالقرآن الكرم

. والسنة المطهرةأمة من األمم طرحت تراثها القانون الوضع وراءها ظهرا، -وال أحسب أحدا عرؾ -وال أعرؾ

ون أن تستفد من روابع أمسها، فكؾ بتراث فقه أساسه وبدأت من الصفر تشرع لومها وؼدها، دولو أننا سلمنا لهإالء، فما تعلق بالفقه والفقهاء،وجدناهم قفزون قفزة أخرى، ردون بها : ربان ؟

رفض السنة النبوة، الت ه بان القرآن النظري وشرحه العمل، وقد أوجب هللا طاعته وطاعة من طع الرسول : )،وجعل طاعة رسوله من طاعته(ا هللا وأطعوا الرسول قل أطعو: ) رسوله جمعا أو من دعو ! وال عجب أن نجد فهم من دعو إلى االكتفاء بالقرآن، وإلؽاء السنة كلها (. فقد أطاع هللا

أو من دعو إلى األخذ بالسنة . إلى األخذ بالسنة المتواترة، ولؽ سنن اآلحاد، وه جمهرة السنةوجهل هإالء أنهم بهذا خالفون القرآن نفسه، . ملة، وإخراج األحادث القولة، وعلها مدار السنة الع

على سبل -فإذا تنازلنا لهإالء . وخرجون عن إجماع األمة، ونكرون العلوم من الدن بالضرورةأجرأ وأوقح، وقبلنا كبلمهم المردود عن السنة، فسرعان ما نجدهم خطون خطوة أخرى -االفتراض

. وه التطاول على القرآن نفسه، وعلى أحكام القرآن الثابتة القطعةرد أن عطل الحدود وعطل األوامر، وحل -ببل وجل وال خجل -وال ؼرو أن نجد منهم من كتب

إن!. الحرام، وحرم الحبلل، كل ذلك بدعوى التطور والتجدد والمحافظة على روح اإلسبلم ال شكله ممن فتحت لهم بعض الصحؾ والمجبلت ذراعها لكتب ما شاء -واحدا من هإالء القوالن المتقولن

إنه تهم ( بل لتنظم مجتمع بداب جاهل ! إن القرآن لم نزل لتنظم عصر الفضاء : ) قول ف تبجح -: وآخر قول. مدة من الزمن هللا الجلل بقصور العلم، وإنه لم كن علم ماذا تكون عله مخلوقاته بعد

إنما نزلت لردع من سرق ناقة العرب ف صحراء ( والسارق والسارقة فاقطعوا أدهما : )إن آة)ولو كان عند هذا المدعى شا من المعرفة بتارخ العرب ف عصر !! الجزرة، وفها كل متاعه وحاته

كانت تترك وال تلتقط إذا وجدت ف البرة، فمعها النبوة لعلم أن النوق لم تكن تسرق ف ذلك العهد، بل

Page 88: ملامح المجتمع المسلم

وحوادث السرقة الت ثبتت ف ذلك العصر لم كن واحد منها متعلقا بسرقة ناقة أو . حذاإها وسقاإهاإلى فقه األصبلء، ال تطاول ! نحن ندعو إلى االجتهاد ال الفوضى، وإلى التجدد ال التبدد ! جمل

.األدعاء

اإلسالم ليس مادة هالمية

ولقد . ا ف مباحث وكتب أخرىإن األصول العامة الت ندعو إلها واضحة بنة، حددنا معالمه: عاشرا أوهم بعض الذن كتبوا مشككن أو معارضن للدعوة إلى تطبق الشرعة، أوهموا أن الشرعة المدعو

رجراجة ؼر محددة وال منضبطة، ستطع كل حاكم أو كل فرق أن ( هبلمة ) إلى تطبقها مادة إله، وتطالبوننا بتحكمه ؟ فقد رأنا اإلسبلم أي إسبلم تدعوننا : حتى وجدنا من قول. فسرها كما شاء

فهناك إسبلم السودان، وإسبلم إران، . الذي ادعى بعض الحكام تطبقه الوم ختلؾ من بلد إلى آخرإسبلم النمري، أم إسبلم الخمن، أم : أو كما عبر أحدهم بصراحة!! وإسبلم باكستان، وإسبلم لبا إن اإلسبلم هو اإلسبلم، ؼر مضاؾ إلى أحد إال : لقذاف؟ ونقول لهإالءإسبلم ضاء الحق، أم إسبلم ا

صلى هللا )فهو إسبلم القرآن والسنة، وال رتبط باسم شخص إال باسم محمد . إلى من شرعه أو من بلؽهرات، ومهما اختلفت التفس. الذي بعثه هللا بشر ونذرا، وداعا إلى هللا بإذنه وسراجا منرا ( عله وسلم

أو اختلفت التطبقات لشرعة اإلسبلم، فستظل هناك دابرة ؼر ضقة وال هنة، تمثل الوحدة االعتقادة الت أجمعت علها األمة فكرا ( القطعات ) تلك ه دابرة . والفكرة والشعورة والسلوكة لؤلمة

. ة عشر، الت قطعتها هذه األمةوعمبل، ورسخت ف عقولها وقلوبها وحاتها على امتداد القرون األربعوقطعات ف العبادة والشعابر، وقطعات ف الشرعة والنظم، .. هناك قطعات ف العقدة والفكر . وكلها مما ال ختلؾ فه اثنان، وال نتطح فها عنزان، كما قولون.. وقطعات ف األخبلق واآلداب

، وهى الت تحدد االتجاه واألهداؾ، وترسم النهج وهذه القطعات وحدها ه أساس التشرع، ومحورهوأما ما عدا القطعات من أحكام وأنظمة، فهو لم ترك لعبث . والطرق، وتمز المبلمح والقسمات

األهواء المتسلطة، أو شطحات األفكار الجامحة، أو الستبداد السلطات المتحكمة، تفهمه كما ترد، ) و ( أصول ) بل هناك .. كبل . ند إله، وال برهان تعول علهوتفسره كما حلو لها، دون أصل تست

ثم ، ثانا داللته ثم لفهم، أوال ثبوت النص الشرعوضعها أبمة اإلسبلم، لبلستثاق من ( قواعد . ثالثا لبلستنباط فما ال نص فه

وها من المعنات ومن ثم وجد علم أصول الفقه، وقواعد الفقه، وأصول الحدث، وأصول التفسر، ونحوال بؤس أن تتعدد المدارس ف الفهم واالستنباط، على أن قوم ذلك على . البلزمة للفهم واالستنباط

وربما كان هذا الخبلؾ مصدر إثراء . أصول منهجة علمة مبنة على الدلل، ال على الهوى أو التقلد .حللفكر اإلسبلم، والعمل اإلسبلم، إذا وضع ف إطاره الصح

سنة التدرج

علقة، فمضؽة، : ق اإلنسان أطوارا إن التدرج سنة من سنن هللا ف خلقه، وشرعه، فقد خل: حادي عشروخلق الدنا ف ستة أام، هللا أعلم بكل وم منها كم هو؟ كما أنه فرض الفرابض , إلخ . …فعظاما

والشرعة قد . وحرم المحرمات على مراحل، وفق سنة التدرج، مراعاة لضعؾ البشر ورحمة بهمبة وإعداد لتحول المجتمع إلى االلتزام اكتملت ببل شك، ولكن تطبقها ف عصرنا حتاج إلى ته

وقد تم بعض هذا ف بعض الببلد، وبق بعض، . اإلسبلم الصحح، بعد عصر االؼتراب والتؽرب

Page 89: ملامح المجتمع المسلم

وهو حتاج إلى بذل الجهود، إلزالة العوابق، ومنع الهزات، وإجاد البدابل، وتربة طبلبع المنفذن واجتماعهما ف الناس قلل، طالما شكا منه األقدمون حتى الثقات، الذن جمعون بن القوة واألمانة،

ولهذا ال مانع من التدرج ف التطبق، رعاة (. اللهم إن أشكو إلك عجز الثقة وجلد الفاجر: ) قال عمر، وكما نهج ذلك ( إن هللا حب الرفق ف األمر كله : ) لحال الناس، واتباعا للتوجه النبوي الكرم

أن : فقد روى المإرخون عن عمر بن عبد العزز. شد عمر بن عبد العزز رض هللا عنهالخلفة الرافوهللا ما أبال لو أن ! مالك ال تنفذ األمور ؟: ا أبت: قال له وما -وكان أفضل أبنابه -ابنه عبد الملك

أن -إمارة المإمنن وقد واله هللا -رد الشاب التق المتحمس من أبه . القدور فلت ب وبك ف الحقفماذا كان ! قض على المظالم وآثار الفساد دفعة واحدة، دون ترث وال أناة، ولكن بعد ذلك ما كون

ال تعجل ا بن، فإن هللا ذم الخمر : جواب األب الصالح، والخلفة الراشد، والفقه المجتهد ؟ قال عمرأن أحمل الحق على الناس جملة، فدفعوه جملة، وإن أخاؾ. ف القرآن مرتن، وحرمها ف الثالثة

. عن أنه رد أن سقهم الحق جرعة جرعة، وحملهم على طرقه خطوة خطوة. وكون من ذا فتةا أمر : ) ومرة أخرى، دخل عله ابنه المإمن المتوقد حماسة وؼرة، وقول عاتبا أو ؼاضبا

: رأت بدعة فلم تمتها، أو سنة فلم تحها ؟ فقال أبوه: لك فقالما أنت قابل لربك ؼدا إذا سؤ: المإمننإن قومك قد شدوا هذا األمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى : ا بنى! رحمك هللا وجزاك من ولد خرا

فتقا كثر فه الدماء، وهللا لزوال الدنا أردت مكابرتهم على انتزاع ما ف أدهم لم آمن أن فتقوا علأو ما ترضى أن ال ؤت على أبك وم من أام ! هون عل من أن راق ف سبب محجمة من دم أ

فالتدرج بهذا المعنى مقبول، وهو سنة كونة، وسنة . الدنا، إال وهو مت بدعة، وح فه سنه ؟وع بمرور أال كون هذا مجرد تكؤة لتؤجل العمل بالشرعة، وتموت الموض: كل ما نإكده هنا. شرعة

أال مر وم إال وتموت : إنما الواجب اتباع ساسة ابن عبد العزز! الزمن، باسم التدرج والتهبة تحدد الهدؾ، وتهبة الخطة، : فالتدرج عنى. فهبدعة، وتح سنة، وبهذا تحقق التدرج المطلوب

ع الخطة لئلمداد ولهذا نطالب بوض. وتعن المراحل، وحشد الطاقات ف خدمة الؽرض المنشودوالتؽر، تعلما وإعبلما، وثقافا واجتماعا، بادبن بما ال حتاج إلى تدرج وال تهبة، وإنما حتاج إلى

.صدق التوجه، ومعه العزمة، وإذا صدق العزم وضح السبل

ال يطبق الشريعة حقا إال من يؤمن بها

إن الشرعة ال مكن أن تطبق تطقا حققا إال إذا قام على تطبقها أناس إمنون بقدستها، : ثان عشرعدالة أحكامها، وسمو أهدافها، وتعبدون هلل بتنفذها، وهذا جعلهم حرصون على وربانة مصدرها، و

فهمها فهما دققا، وعلى فقه أحكامها ومقاصدها فقها عمقا، وتفانون ف تذلل العقبات أمامها، كما ون ف حرصون على أن كونوا صورة طبة لمبادبها، وأسوة حسنة لؽر المقتنعن بها، راهم اآلخر

وهكذا كان الصحابة . إمانهم وأخبلقهم وسلوكهم، فحبون الشرعة ال رون من أثرها ف حاتهمأحب الناس اإلسبلم بحبهم، ودخلوا فه أفواجا، متؤثرن -رض هللا عنهم -والمسلمون األوابل

ن عب كثر من إ. بؤخبلقهم وإخبلصهم، فقد كان كل منهم قرآنا حا سعى بن الناس على قدمنالتجارب العامرة لتطبق الشرعة اإلسبلمة، الت كانت موضع المإاخذة والتندد من الناقدن

أي على أدي أناس كانوا من قبل . أنها نفذت بؤدي ؼر أهلها، أعن ؼر دعاتها ورعاتها: والمراقبنإن . حمسن لها، والملتزمن بهاف صؾ المناوبن لها، أو على األقل، من الؽافلن عنها، ؼر المت

من رجالها وأنصارها كونوا هم المسبولن األوابل عن , الرساالت الكبرة تحتاج إلى حراس أقوا وبؽر هذا كون التطبق أمرا صورا ال ؽر الحاة من . وضع قمها وتعالمها النظرة موضع التنفذ

.جذورها، وال نفذ باإلصبلح إلى أعماقها

Page 90: ملامح المجتمع المسلم

الشريعة للشعوب كما هي للحكام

دهم، وإن كانوا هم أول من طالب بها، باعتبار ما إن تطبق الشرعة لس عمل الحكام وح: ثالث عشرف أدهم من سلطات تمكنهم من عمل الكثر من األشاء الت ال قدر علها ؼرهم، وقد كان بعض

وهذا . لو كانت لنا دعوة مستجابة لدعوناها للسلطان، فإن هللا صلح بصبلحه خلقا كثرا : السلؾ قولون. التعلم، واإلعبلم، والتثقؾ، والتوجه، والترفه بد السلطان كما هو الومكان ف عصر لم كن زمام

إن على الشعب مسإولة تطبق الشرعة ف كثر من األمور الت ال تحتاج إلى سلطان : ومع هذا نقولرد، إن كثرا من أحكام الحبلل والحرام، واألحكام الت تضبط عبلقة الفرد بالؾ. الدولة وتدخل الحكام

والفرد باألسرة، والفرد بالمجتمع، قد أهملها المسلمون أو خالفوا فها من أمر هللا، وتعدوا حدود هللا، ولن ملح حالهم إال إذا وقفوا فها عند حدود هللا تعالى، والتزموا بؤمره ونهه بوازع من أنفسهم،

أن بذلوا جهودهم لتقوم الشعوب وجب على الدعاة والمفكرن والمربن. وشعورهم برقابة ربهم علبهمبواجبها ف تطبق ما خصها من شرع هللا، وال كون كل همها مطالبة الحكام بتطبق الشرعة، وكؤنهم

. بمجرد أن رفعوا أصواتهم بهذه المطالبة قد أدوا كل ما علهم

لكل مجتمع مذهب اقتصادي خاص، تتمثل فه فلسته وعقابده ومثله، ونظرته إلى الفرد والمجتمع، وإلى ، فإثر ذلك كله ف عبلقته بإنتاج الثروة، المال ووظفته، وفكرته عن الدن والدنا، والؽنى والفقر

والحدث من االقتصاد . وطرابق تداولها وتوزعها واستهبلكها، ومن ذلك نشؤ نظامه االقتصادياإلسبلم طول، وقد ألفت فه وف نواح منه بحوث شتى، وكتب جمة، وقدمت عشرات الرسابل

فكرة من القواعد األساسة الت قوم علها بناء وحسبنا هنا أن نؤخذ. العلمة للماجستر والدكتوراه :االقتصاد ف المجتمع اإلسبلم، وأهم هذه القواعد ه

.اعتبار المال خرا ونعمة ف د األخار .1

.المال مال هللا واإلنسان مستخلؾ فه .2

.الدعوة إلى العمل والكسب الطب، واعتباره عبادة وجهادا .3

.تحرم موارد الكسب الخبث .4

.إقرار الملكة الفردة وحماتها .5

.منع األفراد من تملك األشاء الضرورة للجماعة .6

.منع المالك من األضرار بؽره .7

.تنمة المال بما ال ضر األخبلق والمصلحة الهامة .8

.تحقق االكتفاء الذات لؤلمة .9

.االعتدال ف اإلنفاق .10

.إجاب التكافل بن أبناء المجتمع .11

.فوارق بن الطبقاتتقرب ال .12

Page 91: ملامح المجتمع المسلم

اعتبار المال خيرا ونعمة في يد الصالحين

ألولى ف بناء االقتصاد اإلسبلم، ه تقدر قمة المال ومنزلته ف الحاة، فقد عرفت إن القاعدة االبشرة قبل اإلسبلم أدانا ومذاهب، تعتبر المال شرا والفقر خرا، بل تعد كل ما تصل براحة الجسد

. وتمتعه بالطبات، تلوثا للروح، وتعوقا لرقها وسموها

برهمة ف الهند، وف المذهب المانوي ف فارس، كما عرؾ ذلك ف المسحة عرؾ ذلك ف الفلسفة ال

. لكتابه، وتحلت هذه النزعة بوضوح ف نظام الرهبانة1من األدان

لمسح، 1أن شابا ؼنا أراد أن تبع : عن المسح -متى ومرقص ولوقا -روي أصحاب األناجل

ثم اعط ثمنها للفقراء، وتعال اتبعن، فلما ثقل ذلك على الشاب بع أمبلكك ) : ودخل ف دنه، فقال لهإن دخول جمل ف ثقب إبرة : ) أقول لكم أضا . عسر أن دخل ؼن ملكوت السموات: قال المسح

( !!. أسر من أن دخل ؼى ملكوت هللا

( إله )من المال لحدثة من رأسمالة وشوعة، فتجعل االقتصاد محور الحاة وتجعل1أما المذاهب

. األفراد والجماعة

ولكن اإلسبلم لم نظر إلى المال وإلى الطبات تلك النظرة المتشابمة القاتمة، وال هذه النظرة المادة : المسرفة، ولكنه

وال تإتوا السفهاء أموالكم الت جعل هللا ) : قول تعالى. اعتبر المال قوام المعشة، وعصب الحاة (أ) (. لكم قاما

قل ما أنفقتم من خر (.وإنه لحب الخر لشدد ) : وسمى المال خرا ف مواضع من القرآن (ب) (.كتب علكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خرا الوصة ) .فللوالدن واألقربن

ببل ووجدك عا): واعتبر الؽنى نعمة متن هللا بها على رسوله، وعلى المإمنن المتقن من عباده (ج)ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا (. ) وان خفتم علة فسوؾ ؽنكم هللا من فضله إن شاء (. )فؤؼنى

(. ومددكم بؤموال وبنن ( ) لفتحنا علهم بركات من السماء واألرض

وضرب هللا مثبل قرة ) .واعتبر الفقر ببلء وعقوبة صب به هللا من نحرؾ عنه وكفر بنعمته (د)ت آمنة مطمبنة ؤتها رزقها رؼدا من كل مكان فكفرت بؤنعم هللا فؤذاقها هللا لباس الجوع والخوؾ كان

(. بما كانوا صنعون

نعم المال ): نظرته إلى المال بهذه الكلمة الموجزة الجامعة( صلى هللا عله وسلم)وحدد النب (هـ) (.الصالح للرجل الصالح

كون خرا ف د األخار، وشرا : شرا مطلقا ف ذاته، بل هو أداة وسبلحفلس المال خرا مطلعا، والذلك أن المال هو وسلة إشباع الحاجات، والعون على أداء كثر من الواجبات، . ف د األشرار

وكل ما رده اإلسبلم أال صبح المال . كالصدقة والحج والجهاد، والعدة الضرورة لعمارة األرضبده الناس من دون هللا، وأال فتن الناس به فصر ؼاة ف حد ذاته، وقد خلق لكون وسلة، صنما ع

وأال إدى بصاحبه إلى نسان ربه، والطؽان على خلقه، فهذه ه فتنة المال الت حذر منها اإلسبلم، ا أها الذن آمنوا ال ي(. ) واعلموا أنما أموالكم وأوالدكم فتنة وأن هللا عنده أجر عظم ) :قول تعالى

المال والبنون زنة (. ) تلهكم أموالكم وال أوالدكم عن ذكر هللا، ومن فعل ذلك فؤولبك هم الخاسرون كبل إن اإلنسان لطؽى أن رآه (. ) الحاة الدنا، والباقات الصالحات خر عند ربك ثوابا وخر أمبل

(. استؽنى

شؤ من مجرد الؽنى، بل من رإة اإلنسان نفسه مستؽنا عن ؼره، بن النص الكرم أن الطؽان ال ن .وربما توهم أنه ستؽن عن ربه عز وجل

Page 92: ملامح المجتمع المسلم

المال مال هللا واإلنسان مستخلف فيه

مال -ف الحققة -والقاعدة الثانة، الت قوم علها االقتصاد ف المجتمع اإلسبلم، ه اعتبار المال رسوله آمنوا باهلل و) : إذ قال: هللا، واعتبار اإلنسان أمنا عله، أو مستخلفا فه، كما عبر القرآن الكرم

فاهلل هو مالك المال، ألنه خالقه وخالق مصادر إنتاجه، ومسر (.وأنفقوا مما جعلكم مستحلفن فه أال إن له ( )وهلل ما ف السموات و ما ف األرض): وسابل اكتسابه، بل هو خالق اإلنسان والكون كله

(. من ف السموات ومن ف األرض

وآتوهم من ) : ولهذا قول القرآن. اآلات… ( أم نحن الزارعون أفرأتم ما تحرثون و ءأنتم تزرعونه) وما ( .وال حسبن الذن بخلون بما آتاهم هللا من فضله هو خر لهم ) : وقول ( .مال هللا الذي آتاكم

. آتاهم هللا من فضل هو المال، فد اإلنسان على المال إذن ه د النابب والوكل، ال د المالك األصل

إذا كان اإلنسان أمنا على المال ووكبل فه، فبل جوز له أن نسبه لنفسه وفضله وحده ف اكتسابه، و (. إنما أوتته على علم عندي) : أو قول ما قال قارون(! هذا ل : ) وقول مقاله اإلنسان الكفور

ؼافبل عن -ال هللا والخلق كلهم ع -كما ال حوز أن خص نفسه بالمال دون عال مالكه الحقق إن الفقراء عال هللا، واألؼناء خزان هللا، ): قول اإلمام الرازي ف تفسره. وضعه الوظف ف المال

ألن األموال الت ف أدهم أموال هللا، ولوال أن هللا تعالى ألقاها ف أدهم لما ملكوا منها حبة، فلس ( . طابفة مما ف تلك الخزانة إلى المحتاجن من عبدي اصرؾ : )بمستبعد أن قول الملك لخازنه

وجب عله أن تقد بؤوامر المالك، ونزل على حكمه، وخضع لتوجهاته ف حفظه وتنمته، وإنفاقه أصبلتك تؤمرك أن نترك ما عبد آباإنا ) : لشعب عله السبلم( آهل مدن ) وتوزعه، وال قول ما قال

ا قوم اعبدوا هللا ما لكم من إله ؼره، ) : وذلك حن قال لهم شعب (.النا ما نشاء أو أن نفعل ف أمووال تنقصوا المكال والمزان، إن أراكم بخر وإن أخاؾ علكم عذاب وم محط، وا قوم أوفوا

(. المكال والمزان بالقسط، وال تبخسوا الناس أشاءهم وال تعثوا ف األرض مفسدنملكة المال تجز لهم حرة الصرؾ فه بما شاإون، ولو كان ذلك مما تنكره األخبلق، أو ظنوا أن

( أموالنا، نفعل فها ما نشاء : ) تؤباه مصلحة المجتمع، وحجتهم أنها

واإلسبلم قرر أنها أموال هللا، آتاها من شاء من عباده، واستخلفهم فها، لنظر كؾ عملون، فإذا لم . ر هللا فقد تجاوزوا حدود الوكالة، فؤخذت منهم الحقوق قهرا، أو ؼلت أدهم بالحجرلتزموا أوام

ما نادى به بعض علماء االجتماع من الؽربن، -بقرون طولة -وبهذه القاعدة الذهبة سبق اإلسبلم قول ال رقى وإن كان هذا ال -المكة وظفة اجتماعة، وأن الؽن موظؾ ف النظام االجتماع : من أن

.إلى ما جاء به القرآن الكرم

الدعوة إلى العمل والكسب الطيب

هذه القاعدة متفرعة من القاعدة األولى، ومبنة علها، فإذا كان المال ف نظر اإلسبلم وسلة المعشة والطبة، وأداة البر واإلنفاق ف سبل هللا وخر المجتمع، فبل بد من السع إلى تحصله وكسبه، وفق

. سنة هللا تعالى ف ربط المسببات بؤسبابها

هو الذي جعل لكم ) : قال تعالى. ع والعمل، وحذر من البطالة والكسلولهذا دعا اإلسبلم إلى السفإذا قضت الصبلة فانتشروا ف األرض وابتؽوا (. )األرض ذلوال فامشوا ف مناكبها وكلوا من رزقه

ما أكل أحد طعاما قط خرا من أن ؤكل من عمل ) (: صلى هللا عله وسلم)وقال الرسول (من فضل هللاما زال الرجل سؤل الناس حتى ؤت وم القامة ) : ونفر من سإال الناس تنفرا كبرا فقول (.ده

Page 93: ملامح المجتمع المسلم

وال كتفى بالدعوة إلى العمل الدنوي، بل ضف عله صفة العبادة (.ولس ف وجهه مزعة لحم سعى على ولده إن كان خرج ) : ف الحدث. والقربة إلى هللا، إذا صحت فه النة، وروعت حدود هللا

صؽارا فهو ف سبل هللا، وان كان خرج سعى على أبون شخن كبرن فهو ف سبل هللا، وان كان ما من مسلم زرع ) : وفى الحث على الزراعة قول (.خرج سعى على نفسه عفها فهو ف سبل هللا

) : وفى التجارة قول (.ه به صدقة زرعا أو ؽرس ؼرسا، فؤكل منه طر أو إنسان أو بهمة إال كان لما بعث هللا نبا إال ) : وف الرع قول (.التاجر الصدوق األمن مع النبن والصدقن والشهداء

، (داود ) وفى الصناعة بضرب لهم المثل ب (.رعى الؽنم، وأنا كنت أرعاها ألهل مكة بالقرارط إن نب هللا داود كان ال ؤكل إال من عمل ) : الدروع السابؽاتالذي أالن هللا ف ده الحدد، لصنع منه

(.ده

ما شاع عند العرب من احتقار الحرؾ واألعمال الدوة، واتكال ( صلى هللا عله وسلم)وحارب النب ن لهم أن كل عمل نافع هو عمل شرؾ كرم، بعضهم على سإال كبراء القوم وزعماء العشابر، فب

ألن ؤخذ أحدكم حبله فؤت ) : لة الربح من ورابه، ومهما تكن نظرة الناس إله فقولمهما تكن ضآ (بحزمة الحطب على ظهره، فبعها، فكؾ هللا بها وجهه، خر من أن سؤل الناس، أعطوه أو منعوه

لها ومن فروض الكفاة على المسلمن، أن هنوا العدد المدرب الكاف، لكل صناعة أو مهنة حتاج إالمجتمع حتى كتف المسلمون اكتفاء ذاتا، فؤكلوا مما زرعون، ولبسوا مما نسجون، وسلحوا

بؤس : )، وعبارة(وأنزلنا الحدد فه بؤس شدد للناس) : جوشهم بما صنعون، مهتدن بقول هللا تعالىلصناعات المدنة، وما لم تم تشر إلى ا (ومنافع للناس): تشر إلى الصناعات الحربة، وعبارة( شدد

.ذلك فالمسلمون آثمون، وبخاصة أولو األمر منهم

أنالعمل والتكسب، وإن كان مباحا من وجه، فهو واجب : ومن جمل ما نبه عله بعض حكماء المسلمن (. الذرعة إلى مكارم الشرعة ) قول اإلمام الراؼب ف كتابه القم . من وجه

إن كان معدودا من المباحات من وجه، فإنه من الواجبات من وجه، وذلك أنه لما لم التكسب ف الدنا، وكن لئلنسان االستقبلل بالعبادة إال بإزالة ضرورات حاته، فإزالتها واجبة، ألن كل ما ال تم الواجب

ال بد وإذا لم كن له إلى إزالة ضروراته سبل إال بؤخذ تعب من الناس، ؾ. إال به فواجب كوجوبه

إذن أن عوضهم تعبا من عمله، وإال كان ظالما، فمن توسع ف تناول عمل ؼره ف مؤكله وملبسه ومسكنه وؼر ذلك، فبل بد أن عمل لهم عمبل بقدر ما تناوله منهم، وإال كان ظالما لهم، سواء قصدوا

م إال قلبل، رمى منه بقلل من إفادته أو لم قصدوها، فمن رض بقلل من عملهم فلم تناول من دناهوتعاونوا على البر ) : ومن أخذ منهم المنافع ولم عطهم نفعا، فإنه لم ؤتمر هلل تعالى ف قوله… العمل

ولذا ذم من دع . (والمإمنون والمإمنات بعضهم أولاء بعض) : ، ولم دخل ف عموم قوله(والتقوى فإنه . له علم إخذ منه، وال عمل صالح ف الدن قتدي بهالتصوؾ فتعطل عن المكاسب، ولم كن

ؤخذ منافع الناس وضق علهم معاشهم، وال رد إلهم نفعا، فبل طابل ف مثلهم إال بؤن كدروا . وؽلوا األسعار, ( الماه) المشارع

افا وبدارا، فما حال أن هللا تعالى ذم من ؤكل مال نفسه إسر: ومن الداللة على قبح فعل من هذا صنعهومن واجب والء األمر أن هبوا . من ؤكل مال ؼره على ذلك، وال نلهم عوضا، وال رد علهم بدال

العمل الذي بلبمه، وكتسب منه ما كفه وكفى أسرته، وأن سر له من التعلم -لكل قادر -عمل الدنوي وباركه، وكل ما طلبه من المسلم إن اإلسبلم حث على ال. والتدرب ما إهله لهذا العمل

ف هذا األمر، هو التوازن بن عمله لمعاشه، وعمله لمعاده، بن أمر دناه وأمر دنه، بن مطالب . جسمه وأشواق قلبه، فبل تلهه األولى عن اآلخرة، وال المادة عن الروح

سبح له فها بالؽدو ) : ساجد بقولهومد وصؾ هللا تعالى الصالحن من عباده الذن مرتادون الواآلصال، رجال ال تلههم تجارة وال بع عن ذكر هللا وإقام الصبلة وإتاء الزكاة خافون وما تتقلب فه

والواجب على العامل أن إدى عمله بؤمانة وإتقان، فإحسان العمل فرضة دنة (.القلوب واألبصار

Page 94: ملامح المجتمع المسلم

وف الحدث (.إن هللا كتب اإلحسان على كل شا) : دث الصححكإحسان العبادة سواء، كما ف الحكما على المجتمع المسلم أن عمل على توفة (.إن هللا حب من أحدكم إذا عمل عمبل أن تقنه ) : اآلخر

أعطوا األجر أجره قبل ) : وف الحدث. كل عامل أجره العادل، وال بخسه حقه، وال إخر عله أجره: ) وفهم…… ثبلثة أنا خصمهم وم القامة ) : وفى الحدث القدس عند البخاري (.ه أن جؾ عرق

(.رجل استؤجر أجرا، فاستوفى منه، ولم وفه أجره

تحريم موارد الكسب الخبيث

وهذه القاعدة ساج للقاعدة الت قبلها، وتكمل لها، فالكسب الذي رحب به اإلسبلم، وعترؾ بآثاره، هو . رم الخبابثأما الكسب الخبث فقد حظره اإلسبلم الذي جاء حل الطبات وح. الكسب الطب المشروع

والكسب الخبث، ما جاء عن طرق الظلم، وأخذ مال الؽر بؽر حق، كالؽصب، والسرقة، والؽش، أو كان . وتطفؾ الكل والمزان، واالحتكار، واستؽبلل حاجة المحتاج، وبخس الناس أشاءهم، ونحوها

أو كان عوضا لعن . اونحوه -ومنه الانصب -بؽر مقابل من جهد أو مشاركة، كالربا والقمار محرمة كثمن الخمر، والخنزر، واألصنام، والتماثل، واألوان والتحؾ المحرمة، والكبلب الممنوعة

أو كان عوضا لمنفعة ؼر معتبرة شرعا، كؤجور الدجالن من العرافن والكهان . ونحوها. …ونذر . ونحوها. …اله المحرمة والعاملن ف الحانات والمراقص والم) والمنجمن، وكتبة الربا،

وال قم اإلسبلم وزنا (. كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) : الرسول كل آكل للحرام بالنار فقولفالذي ؤكل الربا لبن به جامعا، أو إسس . لحسن النة، وشرؾ الؽاة إذا كان طرق الكسب محرما

إن هللا طب ال قبل إال طبا ) : اإلسبلم، فقد جاء ف الصحح به مدرسة لؤلتام أو نحو ذلك، ال عتد بهوالحرام حرام ف نظر اإلسبلم، ولو حكم القاض (.إن الخبث ال محو الخبث : ) وفى حدث آخر (.

وال تؤكلوا أموالكم بنكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام ) : قول تعالى. بحله حسب الظاهر له من البنات(: صلى هللا عله وسلم)وف هذا جاء حدث النب (.لوا فرقا من أموال الناس باإلثم وأنتم تعلمون لتؤك

إنكم تختصمون إل، ولعل بعضكم أن كون ألحن بحجته من بعض، فؤقض له على نحو ما أسمع، )كان حتى ولو (.فمن قضت له من حق أخه بشء، فإنما ه قطعة من نار، فلؤخذها أو لدعها

وبهذا أقام اإلسبلم من ضمر . ألنه قضى حسبما ظهر له(! صلى هللا عله وسلم)القاض هو رسول هللا الذي راقبه -فإذا كان القاض حكم بالظواهر، فإن هللا . المسلم وتقواه حارسا على حاته االقتصادة

هو استؽبلل األقواء للضعفاء : موأشد ما حذر منه اإلسبل. مطلع على الحقابق والسرابر-المسلم وخشاه كؤكل األوصاء ألموال التامى، وأكل الرجال ألموال النساء، وأكل الحكام ألموال الرعة، وأكل !

. وأكل أصحاب األرض لعرق الفبلحن, أرباب العمل لحقوق العمال

ن أبناء الشعب فه حقا، ألن لكل واحد م. أخذ المال العام بؽر حق: ومما حذر منه اإلسبلم أشد التحذر . وأمسوا كلهم خصمابه وم القامة. فإذا اختلس شبا أو انتهبه دونهم، فقد ظلمهم جمعا

ومن ) : وف القرآن(. أي أخذ منها خفة ) ومن هنا جاء التشدد وسوء الوعد فمن ؼل من الؽنمة والمال العام محرم على (.ال ظلمون ؽلل ؤت بما ؼل وم القامة، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم

الوالة الكبار، كما هو محرم على الموظفن الصؽار، فبل جوز لهم أن ؤخذوا درهما أو دانقا منه بؽر كما ال جوز لهم أن ستؽلوا مناصبهم ف اإلثراء باسم العموالت أو الهداا، فقد علم كل ذي عقل . حق

وقد أهدى بعضهم لعمر بن عبد العزز شبا، فرفضه، فقال . سافرة وذي ضمر أنها رشاوى مقنعة، بلكانت الهدة لرسول : فقال رض هللا عنه. قبل الهدة( صلى هللا عله وسلم)إن رسول هللا : له المهدي

ولقد اشتد ؼضب النب عله الصبلة والسبلم على عامل له عرؾ بابن .هللا هدة، أما لنا فه رشوةة ح هذا لكم، وهذا أهدي : ن جاء بعد رجوعه من مهمته ف جباة الزكاة، ببعض األموال، فقالاللتب

Page 95: ملامح المجتمع المسلم

أهدى : هبل قعد ف بت أبه وبت أمه، حتى نظر: ) مستنكرا ( صلى هللا عله وسلم)فقال النب . إلبل أتته . المهدي أي أن الهدة لم تؤته لشخصه، وال لصداقة أو قرابة سابقة بنه وبن !!؟(إله أم ال

من )ولهذا كان اإلسبلم أول من طبق على الوالة والحكام قانون . بسبب المنصب فقط، فبل حق له فهاوقد حقق اإلسبلم بتحرمه موارد الكسب الخبث عدة أهداؾ . ؟ أو الكسب ؼر المشروع( أن لك هذا

: اجتماعة واقتصادة

اس من العدالة واألخوة ورماة الحرمات، وإعطاء كل ذي حق إقامة العبلبق بن الناس على أس: أولها . حقه

قضى على أهم عامل إدي إلى توسع الفوارق االقتصادة بن األفراد والطبقات، فإن األرباح : ثانهاالفاحشة، والمكاسب الضخمة، ؼالبا، تؤت من ارتكاب الطرق المشروعة ف الكسب، بخبلؾ التزام

. فإنها قلما نتج عنها إال الربح المعتدل والكسب العقولالطرق المشروعة،

أي بؽر مقابل من جهد وال : دفع الناس إلى العمل والكدح، حث لم جز أكل المال بالباطل: ثالثها . عوض وال مشاركة ف الؽنم والؽرم، كالقمار والربا ونحوهما، وفى هذا نفع اقتصادي ال شك فه

إقرار الملكية الفردية وحمايتها

وإنما فه ما بلبمها وهذبها وسمو إن اإلسبلم هو دن الفطرة، فلس فه مبدأ ضاد الفطرة أو كبتها، حب التملك الذي نشاهده حتى عند األطفال ببل تعلم وال : ومن الفطرة الت فطر هللا الناس علها. بها

تلقن، وإنما زود هللا اإلنسان بهذه الؽرزة لتكون دافعا قوا، حفز اإلنسان على الحركة واإلجادة كسبه وجهده ف النهاة، فتزدهر الحاة، ونمو العمران، وزداد واإلتقان، إذا عرؾ أنه ملك ثمرة

والمكة من خصابص الحرة، فالعبد ال ملك، والحر هو الذي ملك، بل ه من خصابص . اإلنتاجألنه ( الملكة الفردة) ولهذا أقر اإلسبلم حق . اإلنسانة، فالحوان ال ملك، واإلنسان هو الذي ملك

كما أنه لس من العدل أن تحرم اإلنسان . الفطرة، وحترم الحرة، وحترم اإلنسانةدن جاء حترم . ثمرة سعه وكسبه لتمنحها لؽره من القاعدن والخاملن

إنما العدل واإلحسان أن تتح الفرصة للجمع لكسبوا وتملكوا، فإذا تمز فرد بذكابه وجده وإتقانه ولكل درجات مما )، (اإلحسان هل جزاء اإلحسان إال) : كافا عملهومثابرته، استحق من الجزاء ما ي

(. عملوا

ومن هنا بح اإلسبلم التملك، ولو أفضى بصاحبه إلى درجة كبرة من الؽنى والثروة ما دام محافظا على كسب المال من حله، وإنفاقه ف حقه، ؼر متناول لحرام، وال مسرؾ ف مباح، وال شحح بحق،

ولعل أبرز مثل . اإلسبلمة( االستخبلؾ ) لم ألحد، وال آكل حق ؼره، كما هو مقتضى نظرة وال ظاعلى ذلك، عبد الرحمن بن عوؾ رضى هللا عنه، فهو أحد السابقن األولن وأحد العشرة المبشرن

مال، ببل دار وال -كبقة إخوانه المهاجرن -وقد خرج من مكة . بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورىفعرض عله أن شاطره ماله وأن طلق له إحدى زوجته , وآخى الرسول بنه وبن سعد بن الربع،

. بارك هللا لك ف أهلك وفى مالك، دلن على السوق: لتزوجها بعد العدة، فقال له

وذهب عبد الرحمن ضرب ف األرض، وبتؽى من فضل هللا، ف أسواق كان سطر علها من قبل ود الدنة، فؽدا وراح، واجتهد وشمر، وكان عقلة اقتصادة كبرة، فما ه إال سنوات حتى أصبح ه

أكبر أثراه المسلمن، ولم مت حتى ترك ثروة كان فها ذهب قطع بالفإوس،كما روى ابن سعد ف

) ان فك( 1/32)وهو ربع الثمن -وصولحت إحدى نسابه األربع على نصبها من التركة ) : طبقاته

(ثمانن ألفا ( 80ر000

Page 96: ملامح المجتمع المسلم

إن اإلسبلم لم حرم هذا الؽنى، ولم قؾ ف سبله، ألنه جمع من حله، ببل ضرر وال ضرار، وأنفق ف باع عبد الرحمن أرضا له وما بؤربعن ألؾ دنار، فقسم ذلك المال ف . محله ببل بخل وال إسراؾ

وجاءت قافلة له من الشام إلى المدنة، . ت المإمننأقاربه من بنى زهرة، وفى فقراء، المسلمن وأمهاوه سبعمابة راحلة، محمل من كل شء، فتبرع بها كلها وبما تحمله كله ف سبل هللا، وقبل وفاته

أوصى بخمسن ألؾ دنار ف سبل هللا، ولكل رجل ممن بقى من أهل بدر بؤربعمابة دنار، ومن قبل فهذا هو المال الصالح ف . ن إتاء، الزكاة المفروضة، والنفقات الواجبةذلك طالما أنفق وبذل، فضبل م

إن اإلسبلم (. أنه دخل الجنة حبوا فلم صح : وما روى. ) د الرجل الصالح، ونعم المال ونعم الرجلبح لكل فرد أن تملك، بل دعوا إلى أن تملك، وحم له ملكته وورثها ذرته من بعده، لعطه

لك حافزا قوا على الجد والدأب، ومواصلة السع والكد، ولشعر األفراد بالسادة والقدرة، كلما بذتذوقوا نعمة المكة، ولم جعلهم عبدا ف د الدولة الت قد سطر علها حفنة من الناس، تستذل

شء، وال ملك الرقاب، وتلؽ الدن واألخبلق، وال تجد من قدر على مقاومتها، ألنها تملك كل . جمهور الناس شبا

وف إقرار اإلسبلم للمكة الفردة وحماته لها، خر لؤلمة، والقتصادها كله، فقد ثبت أن الحوافز الفردة ه الت تحقق أكبر قدر من اإلنتاج، بخبلؾ األمبلك والمإسسات الجماعة، وما سمى بالقطاع

ؼر أن . جود الحوافز وقوة الرقابة، الناشبة عن الملكة الخاصةالعام، حث قل اإلنتاج وسوء، لعدم و :اإلسبلم شترط لحماة الملكة الفردة شرطن

تحقق أنها اكتسبت من طرقها المشروعة، ووسابلها المباحة، وإال ال عترؾ اإلسبلم أن بها، وإن :أوالاإلسبلم، من القوانن الوضعة، الت وهنا تختلؾ شرعة. طال علها األمد ف د من حازها بؽر حق

تقر الملكة المحرمة إذا مضى علها زمن معن، مثل خمسة عشر عاما، ونحو ذلك، فإن نظرة .اإلسبلم أن مضى الزمن ال جعل الحرام حبلال، مادامت حرمته ثابتة ومعروفة

لرضا، أو بالقهر، وعوض أال تتعارض مع مصلحة عامة للمجتمع، وإال نزعت من صاحبها با: ثانا وقد حدث ف عهد عمر رض . ألن مصلحة المجموع مقدمة على مصلحة الفرد. عنها تعوضا عادال

هللا عنه، أنه أراد توسعة المسجد الحرام، لما كثر الناس وضاق بهم، فاشترى بعض الدور المحدقة بهم، ، فؤخذها منهم قسرا، وأدخلها ف وأبى أصحاب الدور األخرى أن بعوها، وأصروا على امتناعهم

ومثل ذلك حدث ف عهد . المسجد، ووضع القمة ف خزانة الكعبة، حتى أخذها أصحابها بعد حنوكذلك إذا قضت الضرورة أو الحاجة بتحدد موضع معن إلقامة مستشفى، أو . عثمان رضى هللا عنه

فلس لصاحب الملك أن رفض بعها، مصنع أو مطار أو مدرسة، أو نحو ذلك مما فه مصلحة عامة،بثمن المثل، فإن أبى أجبره ول األمر على القبول، بناء على حكم المحكمة المختصة الت تفصل بن

.الدولة والشعب ف حالة النزاع

منع األفراد من تملك األشياء الضرورية للمجتمع

إن أبرز ما مز بن النظم االقتصادة المختلفة، هو موقفها من الملكة الفردة، فالشوعة تعادي المكة وبخاصة -واالشتراكة . عض األشاء التافهة، كاألمتعة والمنقوالتالفردة على اإلطبلق، إال ف ب

ال تجز ملكة وسابل اإلنتاج، من األراض والمصانع ونحوها، وتعمل على تؤممها، أي -الثورة منها والرأسمالة تفر . مصادرتها من أدي األفراد، ونقل ملكتها إلى الدولة، ما استطاعت إلى ذلك سببل

واإلسبلم قؾ وسطا . ة ف جمع األشاء، وال تكاد تفرض علها قودا تحد من طؽان أربابهاالملكعدال، بن هذه األنظمة المتناقضة، فهو جز الملكة الفردة للعقارات والمنقوالت، ولوسابل اإلنتاج

س، فؤوجب أن كون وؼرها، ولكنه خرج من دابرة المكة الفردة كل األشاء الضرورة لجموع النا

Page 97: ملامح المجتمع المسلم

ملكها للجماعة، حتى ال ستبد بها فرد أو مجموعة أفراد، فتحكموا فها، وحتكروا منافعها ألنفسهم، . ومنعوا سابر الناس عنها إال بعوض ال ستحقونه، وبهذا قع الضرر على المجتمع كله

: ف ثبلث الناس شركاء) :بقوله( صلى هللا عله وسلم)ومن أمثلة هذه الضرورات ما ذكره النب فكل إنسان له حق االستفادة من هذه الموارد . الملح: ، وزادت بعض األحادث(الماء والكؤل والنار

وإنما خصت األحادث هذه الثبلثة أو األربعة بهذا الحكم، ألنها . الطبعة، وال جوز ألحد احتكارهاذاك، ومكن أن قاس علها ما هو مثلها ف كانت أظهر الضرورات، ف حاة الببة العربة حن

أن المعادن المستخرجة من باطن -ف أشهر أقوالهم -ولهذا رى المالكة . ضرورة الجماعة إلهاألرض ال باح لؤلفراد أن تملكوها، وإن ظهرت ف أرض مملوكة ألحدهم، لببل تإدى حاجة الجمهور

. من التظالم، والصراع الذي زعزع كان الجماعة المسلمةإلها، واحتجاز اآلخرن لها، إلى أنواع كل عن ظاهرة كنفط أو قار أو كبرت أو حجارة ظاهرة، ف ؼر ملك -ومثل ذلك عند الشافعة

. ألحد، فلس ألحد أن حتجزها دون ؼره، وال لسلطان أن منعها لنفسه، وال لخاص من الناسنتابه الناس ونتفعون به، وتوصل إله من ؼر مإونة كبرة، ال كل معدن ظاهر -وكذلك عند الحنابلة

صلى هللا عله )جوز ملكه وال تملكه لؤلفراد، ألن فه إضرارا بالمسلمن وتضقا علهم، وألن النب . معدن الملح، فلما قل له إنه بمنزلة الماء العد، استرده منه( أبض بن حمال ) أقطع ( وسلم

منع المالك من اإلضرار بغيره

ما شاإوا، مما لس ضرورا لجموع الناس، وال على أن اإلسبلم الذي أباح لؤلفراد أن تملكوا بالحبللضر الجماعة احتجاز بعض األفراد له، قد وضع قودا على حق التملك، تضمن بقاءه ف إطار

. مصلحة المجتمع، وخدمة الحق والخرذلك أن حق التملك ال منح صاحبه حرة استخدام ملكه . ومن هذه القود منع المالك من اإلضرار بؽره

ا شاء ولو أضر باآلخرن، وإنما هو مقد ف ملكه بؤال سا استعمال حقه، بما إدى إلى ضرر فرد كمآخر، أو أفراد آخرن، أو ضرر عام بالمجتمع فهذا الضرر، والضرار حرام على المسلم الذي فرض

: الة والسبلمقال عله الص. دنه عله أن كون مصدرا من مصادر النفع، ال عامبل من عوامل الضررأن منع صاحب الملك من كل -بل ومن واجبه -ومن حق الحاكم المسلم (ال ضرر وال ضرار )

تصرؾ أنان إدى إلى ضرر خاص أو عام ولو اقتضى ذلك نزع ملكه جزاء على تعسفه ومضارته أنه من ثمار وهذا المبدأ الذي ظن بعض رجال القانون. إذا لم جد الحاكم عبلجا إال هذه الطرقة

، منذ أربعة عشر قرنا، وطبقه بعده الخلفاء (صلى هللا عله وسلم)العصر الحدث، قد طبقه النب كان لسمرة بن جندب نخل ف حابط بستان رجل من األنصار، فكان دخل عله هو وأهله، . الراشدون

سلم ما لقاه من سمرة، فإذى ذلك صاحب الحابط فشكا ذلك األنصاري لرسول هللا صلى هللا عله وأي لتؽرسه ف مكان -(فاقلعه ) : قال. فؤبى( بعه نخلك ) : لسمرة( صلى هللا عله وسلم)فقال النب

وبدو أنه فهم أن الرسول إنما قول له ذلك من . فؤبى( هبه ل ولك مثلها ف الجنة : ) فؤبى، قال -آخر أنت مضار (: ) صلى هللا عله وسلم)فقال له الرسول . مباب اإلرشاد أو المصالحة، ال على سبل اإللزا

،ولم بال الرسول بالضرر الصؽر الذي صب سمرة بإزاء، (اذهب فاقلع نخله : ) ، وقال لؤلنصاري(لقد كان بوسع سمرة . الضرر الكبر الذي صب صاحبه، من بقاء هذه النخبلت القللة ف وسط بستانه

معدودات، وؤخذ عنها العوض العادل، وكان بوسعه أن قلعها، لؽرسها ف أن بع لصاحبه نخبلته الة، فلم سع الرسول موضع آخر، ال إذى فه أحدا، ولكنه تعنت وأبى أن رح صاحبه بطرقة ود

وفى عهد عمر، كان للضحاك بن . إال أن حكم عله بقلع نخله، رضى أو سخط( صلى هللا عله وسلم)ي أرض، ال صل إلها الماء، إال إذا مر بؤرض محمد بن مسلمة، فؤراد الضحاك أن خلفة األنصار

حفر خلجا وصل إلها الماء، فؤبى محمد، فشكاه الضحاك إلى عمر، فدعا محمد بن مسلمة، وكلمه ف

Page 98: ملامح المجتمع المسلم

و ال لم تمنع أخاك ما نفعه وهو لك نافع، تسق أوال وآخرا، وه) :األمر، فؤصر على موقفه، فقال له. وأمر الضحاك بالتنفذ. (وهللا لمرن ولو على بطنك ) : فقال له عمر. ال وهللا: فقال محمد ؟( ضرك

ومن هنا تقرر أن صاحب الملك ال جوز له التعنت مع جرانه وشركابه، ومن لهم عبلقة بملكه بدعوى دة بمبدأ ومن الضرار أن منع (. ضرارال ضرر وال : )أنه حر التصرؾ فما ملك، فإن هذه الحرة مق

ال منعن جار جاره أن : ) منفعة لؽره ال ناله من ورابها ضرر، فقد نهى عن ذلك الرسول الكرم (.ؽرز خشبة ف جداره

تنمية المال بما ال يضر األخالق والمصلحة العامة

ودعو اإلسبلم أرباب األموال إلى تنمة أموالهم وتثمرها، ونهاهم عن تجمدها وتعطلها، فبل جوز مع ف حاجة إلى ما تخرجه من زرع لصاحب األرض أن عطل أرضه من الزراعة، إذا كان المجت

(. االستخبلؾ )وثمر، ومثل ذلك صاحب المصنع، الذي حتاج الناس إلى منتجاته، وهو مناؾ لمبدأ

وكذلك ال جوز ألرباب النقود كنزها وحبسها عن التداول، مع حاجة األمة إلى توظفها ف مشروعات قتصادة، وترفع من مستوى المعشة، وال عجب نافعة، تمتص عددا من العاطلن، وتنعش الحركة اال

والذن كنزون الذهب والفضة وال ) : أن أنذر القرآن الكافزن األنانن بهذا الوعد الشدد، فقالنفقونها ف سبل هللا فبشرهم بعذاب ألم، وم حمى علها ف نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم

(. فذوقوا ما كنتم تكنزون وظهورهم، هذا ما كنزتم ألنفسكم

ولكن اإلسبلم قد مبلك المال ف تثمره وتنمته، بالطرق المشروعة، الت ال تتنافى مع األخبلق والقم العلا، وال مع المصلحة االجتماعة، إذ ال انفصال ف اإلسبلم بن االقتصاد واألخبلق، فلس رأس

. أن لهم أن فعلوا ف أموالهم ما شاإون: م قوم شعب قدما المال حرا كما هو ف الرأسمالة، وكما زع : من أجل ذلك حرم اإلسبلم الوسابل اآلتة ف تثمر رأس المال

: الربا (أ)ففه ستؽل المراب حاجة المستقرض إلى المال، وفرض عله زادة ؤخذها بؽر مقابل من جهد وال

الذي متص دماء الكادحن , را، وتوجد طبقة أشبه بالعلق مخاطرة، فزداد الؽن ؼنى، والفقر فقوالعاملن، فه ال تعمل شبا، ولكن تعود إلها ثمرات كل شا، وبهذا تتسع الفروق االقتصادة بن

لهذا شدد اإلسبلم ف تحرم الربا، وجعله من الكبابر . الطبقات، وتتؤجج نار الحقد والصراع والبؽضاءا أها الذن آمنوا اتقوا هللا وذروا ما بقى من الربا إن كنتم ) : عله بؤعظم الوعد والموبقات، وتوعد

آكل ( صلى هللا عله وسلم)ولعن رسول اإلسبلم (.مإمنن، فإن لم تفعلوا فؤذنوا بحرب من هللا ورسوله .الربا وموكله وكاتبه وشاهده

: االحتكار (ب)من احتكر ) : أي آثم، وفى حدث آخر رواه أحمد (ر إال خاطا ال حتك) : فقد جاء ف الحدث الصحح

وإنما جاء هذا الوعد، ألن المحتكر رد أن بنى (.طعاما أربعن وما فقد برئ من هللا وبرئ هللا منهنفسه على أنقاض اآلخرن، وال همه جاع الناس أو عروا، ما دام ف ذلك دراهم أو دنانر ترتد إلى

ما رأى الناس أشد حاجة إلى سلعته زاد ف إخفابها،واشتد سروره بؽبلبها، ولهذا روى ف خزانته، وكلوقد اختلؾ الفقهاء ف (. ببس العبد المحتكر، إن سمع برخص ساءه، وإن سمع بؽبلء فرح: ) الحدث

تحدد األشاء الت حرم احتكارها، أه األقوات ؟ أم ه كل ما هو ضروري للناس؟ والصحح ما (.كل ما أضر بالناس حبسه فهو احتكار: ) قاله اإلمام أبو وسؾ

: الؽش (ج)البعان بالخار ما لم تفرقا، فإن ) ، (من ؼش فلس منا) : ف أي صورة من صوره، وفى الحدث

Page 99: ملامح المجتمع المسلم

ومن الؽش تطفؾ الكل (.صدقا وبنا بورك لهما ف بعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بعهما إذا اكتالوا على الناس ستوفون، وإذا ول للمطففن، الذن) : أنزل هللا فه قرآنا تلى والوزن، الذي

وقد ذكر القرآن قصة شعب مرات عددة وهو دعو قومه بإخبلص (.كالوهم أو وزنوهم خسرون (.أوفوا الكل وال تكونوا من المخسرن، و وزنوا بالقسطاس المستقم: ) وإصرار

: المحرمات التجارة ف (د)كالخمر والمخدرات والخنزر واألدوات المحرمة، كؤوان الذهب والفضة، واألصنام والتماثل،

.واألؼذة الفاسدة، فإن هللا إذا حرم شبا حرم ثمنه

،أو بعد عن الدن القوم، أو ضر بصالح المجتمع، فهو منكر وكل ما تنافى مع الخلق الكرم (هـ) .ورفضه االقتصاد اإلسبلم حاربه اإلسبلم،

تحقيق االكتفاء الذاتي لألمة

بمعنى أنها جب . العمل على تحقق االكتفاء الذات لؤلمة: ة ف االقتصاد اإلسبلمومن القواعد الهامأن كون لدها من الخبرات والكفاات والوسابل واألدوات، ما جعلها قادرة على أن تنتج ما ف

ض فرو)بحاجاتها المادة والمعنوة، وسد ثؽراتها المدنة والعسكرة، عن طرق ما سمه الفقهاء ، وهى تشمل كل علم أو عمل أو صناعة أو مهارة قوم بها أمر الناس ف دنهم أو دناهم، ( الكفاة

فالواجب علهم حنبذ تعلمها وتعلمها وإتقانها حتى ال كون المسلمون عالة على ؼرهم، وال تحكم العزة الت كتب هللا لهم ف وبؽر هذا االستؽناء واالكتفاء لن تحقق لهم . فهم سواهم من األمم األخرى

وبؽره لن تحقق لهم االستقبلل والسادة الحققة، وهو ما (.ولرسوله والمإمنن وهلل العزة) : كتابه (. )ولن جعل هللا للكافرن على المإمنن سببل :ذكره القرآن

وكذلك جعلناكم ): حانهولن تحقق لهم مكان األستاذة والشهادة على األمم، وهو المذكور ف قوله سب ( أمة وسطا لتكونوا شهداء عل الناس وكون الرسول علكم شهدا

فبل عزة ألمة كون سبلحها من صنع ؼرها، بعها منه ما شاء، متى شاء، بالشروط الت شاء، أخص وال سادة حققة ألمة تعتمد على خبراء أجانب عنها ف. وكؾ ده عنها أنى شاء، وكؾ شاء

وال استقبلل ألمة ال تملك زراعة قوتها شفى أرضها، وال . أمورها، وأدق شإونها، وأخطر أسرارها. تجد الدواء، لمرضاها، وال تقدر على النهوض بصناعة ثقلة، إال باستراد اآللة والخبرة من ؼرها

لمسموعة، أو المصورة وال أستاذة ألمة، ال تستطع أن تبلػ دعوتها عن طرق الكلمة المقروءة أو اما دامت ال تصنع مطبعة، وال محطة إذاعة وال تلفاز، وال . المربة إال بشرابها من أهلها القادرن علها

. أقمارا صناعة

سبيل االكتفاء

: وإنما تم ذلك االكتفاء بعدة أمور نجملها فما ل

ضرورة التخطط:

قق، واألرقام الحققة، والمعرفة البلزمة بالحاجات ال بد من التخطط القابم على اإلحصاء الد .1المطلوبة ومراتبها ومدى أهمتها، واإلمكانات الموجودة، ومدى القدرة على تنمتها، والوسابل

. المسورة لتلبة الحاجات، والتطلع إلى الطموحات

Page 100: ملامح المجتمع المسلم

به رسول كرم من رسل وقد ذكر لنا القرآن الكرم نموذجا من التخطط امتد لخمسة عشر عاما، قام الذي شمل اإلنتاج واالدخار واالستهبلك -هو وسؾ الصدق عله السبلم، وبهذا التخطط . هللا

كما قص ذلك علنا . واجه أزمة المجاعة، والسنوات العجاؾ الت حلت بمصر، وما حولها -والتوزع . القرآن الكرم ف سورة وسؾ

تهبة الطاقات البشرة وحسن توزعها:

جب على األمة أن تطور نظامها التعلم والتدرب، بحث ها لها الطاقات والكفاات .2 البشرة المتنوعة ف كل مجال تحتاج إله، وأن تطور نظامها اإلداري والمال بحث تنم

: هذه الطاقات، وتحسن تجندها، وتوزعها على شتى االختصاصات بالعدل، اهتداء بقوله تعالىوما كان المإمنون لنفروا كافة، فوال نفر من كل فرقة منهم طابفة لتفقهوا ف الدن ولنذروا )

الحوافز ب -عادة أو ؼفلة -، وملء الثؽرات الت تهمل (قومهم إذا رجعوا إلهم لعلهم حذرون إذا ) : ووضع كل إنسان ف الكان المناسب له، والحذر من إسناد األمر لؽر أهله. أو بااللتزام

ومن ثم كان حرص اإلسبلم على الثروة البشرة، (.وسد األمر إلى ؼر أهله فانتظر الساعة كانت الموازنة جسما وعقلا وروحا وعلما ومهنا، و: والمحافظة علها والعمل على تنمتها

. بن الدن والدنا دون طؽان أو إخسار

حسن استؽبلل الموارد المتاحة:

حسن استؽبلل الموارد االقتصادة واإلمكانات المادة، بحث ال نهدر شبا منها، والمحافظة .3لها باعتبارها أمانة جب أن ترعى، ونعمه جب أن شكر هللا تعالى باستخدامها أحسن ع

ومن أجل هذا لفت القرآن أفكارنا إلى ما سخر هللا لنا مما ف السموات . استخدام، وأمثلهوحمل بشدة على الذن هدرون أجزاء من الثروة الحوانة، . واألرض ء وما ف البر والبحر

اتباعا ألقاول ما أنزل هللا بها من سلطان، فحرموا ما رزقهم هللا افتراء على هللا، أو الزراعةوقالوا هذه أنعام وحرث حجر ال طعمها إال من : ) مناقشة مفصله( األنعام)وناقشت ذلك سوره

نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام ال ذكرون اسم هللا علها افتراء عله، سجزهم قد خسر الذن قتلوا أوالدهم سفها بؽر علم وحرموا ما : ) إلى أن قال(. كانوا فترون بما

ونبه الرسول الكرم على وجوب (. رزقهم هللا افتراء على هللا، قد ضلوا وما كانوا مهتدن . االنتفاع بؤي مادة خام، وعدم إهدارها وتضعها، وإن استهان الناس بها

هبل أخذتم : ) فقال( أم المإمنن) إنها شاة لموالة لممونة : فسؤل عنها فقالوا فقد مر على شاة متة،لحذر من التفرط حتى ف ( صلى هللا عله وسلم)بل إن النب (.إنما حرم أكلها .إهابها فانتفعتم به ؟

ؼ له أن لعق كما نب. اللقمة تسقط من آكلها، فنبؽ أن مط عنها األذى وؤكلها، وال دعها للشطانتوجه النب : ومما جدر التنبه عله هنا. الصحفة أو لعقها، وال دع الفضبلت تلقى ف القمامات

إلى زراعة األرض لمن قدر أن زرعها بنفسه، أو بإمارتها لمسلم آخر ستطع ( صلى هللا عله وسلم)وإذا تسر له (.و لمنحها أخاه من كانت له أرض فلزرعها أ) : وفى هذا جاء الحدث. أن زرعها

المزارعة علها بجزء شابع من ؼلتها فهو حسن أضا، من باب التعاون بن مالك األرض والفبلح ( صلى هللا عله وسلم)وقد زارع النب . المزارع، أشبه بالمضاربة الت عاون فها رأس المال والجهد

Page 101: ملامح المجتمع المسلم

زارعوا على األرض ) : ال عمر بن عبد العززوق. الهود على أرض خبر بالشطر مما خرج منهاصلى هللا عله )وأنكر الرسول (.إلى عشرها، وال تدعوا األرض خرابا … بنصفها، بثلثها، بربعها

: ا رب): بشدة على من قتل عصفورا عبثا، وأخبر أنه سشكو إلى هللا قاتله وم القامة قاببل ( وسلم (.قتلن عبثا ولم قتلن منفعة

ولحق بالعصفور كل المباحات الت عمل علها بالصد ونحوه، من ثروة برة أو بحرة، فبل جوز كما أنكر النب عله الصبلة والسبلم ف حدث . العبث بها وال المساس بها بؽر ما فه منفعة المسلمن

أن رجبل ركب بقرة : لصححفقد جاء ف ا. استخدام الشء ف ؼر ما خلق له بالفطرة أو بالعادة: آخرفهل تكلمت بلسان الحال، وقد كون ابلػ من لسان . إنما خلقت للحرث! ما لهذا خلقت : فتكلمت، فقالت

. المقال ؟ أو هو كبلم حقق من باب الخوارق وهو الظاهر من ساق الحدث، وما ذلك على هللا بعزز . ام الشء فما خلق له المهم هنا ما شر إله الحدث من الحث على استخد

وال تقربوا مال التم إال بالت ه ) : وحسن بنا ها أن نشر إلى قوله تعالى ف الوصة بمال التم وقد تكرر ذلك ف القرآن بهذه الصؽة نفسها، فلم كتؾ القرآن منا أن نقرب (.أحسن حتى بلػ أشده

ن، فإذا كانت هناك طرقتان لتنمة مال التم مال التم بطرقة حسنة وحسب، بل بالت ه أحسإحداهما حسنة جدة، واألخرى أحسن منها وأجود، كان الواجب علنا أن نستخدم الت : والمحافظة عله

ه أحسن وأجود، بل حرام علنا أال نستخدم إال الت ه أحسن، كما هو مفهوم التعبر بالنه وأسلوب أشبه بمال التم، والدولة الت ترعاه ومإسساتها المسإولة عنه أشبه ومال األمة ف مجموعه. القصر

إن استؽنى استعؾ، وان افتقر أكل : بول التم، كما شبه عمر نفسه مع بت المال بول التم . ولهذا جب أن نحافظ عله وننمه بالت ه أحسن. بالمعروؾ

التنسق بن فروع االنتاج:

أن تم التنسق بن جوانب اإلنتاج المختلفة، -لك تكتف األمة إكتفاء ذاتا -ومن البلزم هنا .4فبل طؽى فرع على فرع، وال همل جانب لحساب جانب آخر، فبل جسن أن توجه العناة إلى

ف حن همل أمر الصناعة، أو العكس، أو وجه التعلم لتخرج أطباء، ونسى الزراعة مثبل،المهندسون، أو العكس، أو هتم بالهندسة المدنة أو المكانكة، وتؽفل الهندسة اإللكترونة أو

أو عنى بالجوانب النظرة، والكفاات العقلة العالة، وتؽفل الجوانب العملة، .. النووة . وهكذا … ات الدوة، والخبرات المتوسطة والدنا والمهار

لهذا أكدنا ضرورة التخطط القابم على الدراسة واإلحصاء لمعرفة حاجات المجتمع من كل تخصص . للعمل على تلبتها، والتعرؾ على أوجه النقص الستكمالها

سلط . وتركتم الجهاد ف سبل هللا إذا تباعتم بالعنة، ورمتم بالزرع، وتبعتم أذناب البقر،: ) وف حدث، ما شر إلى أن االكتفاء بالزراعة وحدها، وما ( هللا علكم ذال ال نزعه عنكم،حتى تراجعوا دنكم

تبعها من اإلخبلد إلى الحاة الخاصة المعبر عنها باتباع أذناب البقر، وترك الجهاد ف سبل هللا وما مة لخطر الذل واالستعمار، وهذا بالضرورة حتاج إلى نوع من تطلبه من إعداد القوة، عرض األ

. الصناعات ال بد أن توافر ف األمة، إذ ما ال تم الواجب إال به فهو واجب

تنبها على أهمة هذا المعدن ( سورة الحدد ) وحسب المإمنن هنا أن هللا أنزل علهم سورة سمتإشارة (فه بؤس شدد ) : فف قوله (.فه بؤس شدد ومنافع للناس وأنزلنا الحدد: ) الخطر، وقال فها

وبهذا تكتمل قوة . إشارة إلى الصناعات المدنة (ومنافع للناس ) : إلى الصناعات الحربة، وفى وقولهأن أمة سورة الحدد لم تتقن صناعة الحدد، ال ف : وإن كان الذي إسؾ له. األمة ف سلمها وحربها

Page 102: ملامح المجتمع المسلم

وجب ف مدان اإلنتاج تقدم األهم على المهم، والمهم على ! لعسكري، وال ف المجال المدن المجال االت ال تقوم الحاة إال بها، على ( الضرورات ) تقدم -على حد تعبر األصولن -أو . ؼر المهم

، أو ما (حسناتالت)على ( الحاجات) الت تكون الحاة بدونها شاقة وعسرة، وتقدم ( الحاجات)فبل جوز لمجتمع أن زرع الفواكه الؽالة الثمن، الت ال تهم ؼر (. الكمالات ) نسمه بلؽة العصر

. األثراء والمترفن، ف حن همل زراعة القمح أو الذرة أو األرز، الت ه القوت الوم للجماهرف حن ال تتجه الهمة إلى صناعة ( كاجالم)وال جوز االهتمام بصناعة العطور وأدوات الزنة و

أما إنتاج ما . أدوات الزراعة، أو الري، أو السارات، أو صناعة السبلح الضروري للدفاع عن الحوزةمثل . ضر بالفرد أو بالمجتمع، مادا أو معنوا، جسما أو روحا، فهو مرفوض حتما، ومحظور شرعا

اعة الخشخاش أو الحشش وؼره من مصادر المخدرات، أو زراعة الكروم لتعصر خمرا، أو زر . زراعة التبػ أو القات ونحوها، مما فه استخدام نعم هللا تعالى ف معصة هللا أو ضرر خلقه

تشؽل الثروة النقدة:

إلى باحة الحركة، ( الكنز)أن خرج بالنقود من قمقم : جب على المجتمع المسلمومن الوا .5ثمنا لبع، : والعمل، فإن النقود لم تخلق لتحبس وتكتنز، إنما خلقت لتتداول، وتتقل من د إلى د

أو أجرا لعمل، أو عن نتفع بها، أو رأس مال لشركة أو مضاربة، فه وسلة ألؼراض شتى، وال جوز أن حولها الناس إلى وثن عبدونه وطوفون به، فهذا . فرضا ف ذاتهاولست ه

) ولقد تحدث اإلمام الؽزال ف (.تعس عبد الدنار، تعس عبد الدرهم ) : سبب التعاسة والشقاءعن وظفة النقود ف الحاة االقتصادة، حدثا سبق به فبلسفة االقتصاد ف العصر ( اإلحاء لتتداولهما األدي، ( عنى النقود ) فقد ذكر أن هللا تعالى خلق الدراهم والدنانر .الحدث

التوسل بهما إلى سابر : ولحكمة أخرى، وهى. ولكونا حاكمن متوسطن بن األموال بالعدلاألشاء، ألنهما عززان ف أنفسهما، وال ؼرض ف أعانهما، ونسبتهما إلى سابر األشاء

فكل من … ملكها فكؤنه ملك كل شا، ال كمن ملك ثوبا فإنه لم ملك إال الثوب فمن , واحدة فقد ( أي بن األموال ) عمل فهما عمبل ال لق بالحكم بل خالؾ الؽرض المقصود بالحكم

فإذن من كنزهما فقد ظلمهما، وأبطل الحكمة فهما، وكان كمن حبس حاكم . كفر نعمة هللا فهمافؤخبر هللا تعالى الذن عجزون من قراءة … متنع عله الحكم بسببه المسلمن ف سجن

األسطر اإللهة، المكتوبة على صفحات الموجودات، بكبلم سمعوه حتى وصل إلهم المعنى والذن كنزون الذهب والفضة وال نفقونها ف سبل ) : بواسطة الحرؾ والصوت، فقال تعالى

فرض هللا الزكاة على النقود ف كل حول، نماما مالكها أم لم وقد. (هللا، فبشرهم بعذاب ألم. نمها، لتكون حافزا قوا دفعه إلى تنمتها وتحركها، حتى ال تؤكلها الزكاة بمرور األعوام

أن بتؽوا ف أموال : وهذا ما أمر به الحدث األوصاء على أموال التامى أمرا صرحا . تؤكلها الزكاةالتامى وتجروا فها حتى ال

االعتدال في اإلنفاق

ما عنى به اإلسبلم من ترشد االستهبلك، والحث على االعتدال ف اإلنفاق، وهو : ومما تمم ما ذكرناهوالذن إذا أنفقوا لم سرفوا ولم قتروا وكان بن ذلك ) : ما وصؾ هللا به عباد الرحمن المقربن إله

Page 103: ملامح المجتمع المسلم

وال تجعل دك مؽلولة إلى عنقك وال ) : أمر به ف وصاا الحكمة من سورة اإلسراءوما (.قواما وتحتم ذلك وتؤكد إذا قلت الموارد كما ف أام القحط (.تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا

ة والمجاعات، وهو ما أشار إله القرآن ف قصة وسؾ، من تقلل االستهبلك ف السنوات السبع الخصبثم تقلل (.فما حصدتم فذروه ف سنبله إال قلبل مما تؤكلون ) : حتى كون هناك مجال لبلدخار

االستهبلك مرة أخرى ف السنوات السبع العجاؾ، بحكم الضرورة وتوزع المدخر على سنوات األزمة وفى التعبر ،(ون ثم ؤتى من بعد ذلك سبع شداد ؤكلن ما قدمتهم لهن إال قلبل مما تحصن) : جمعا ما دل على أن ما ستهلك إنما تم بحساب وتقدر، فهم الذن قدمون، وهذا دلل (ما قدمتم لهن) : بقوله

. القصد

وقد هم أمر المإمنن عمر الفاروق ف عام المجاعة، أن ضؾ إلى كل بت عندهم بقاا الخصب إن الناس ال هلكون على أنصاؾ بطونهم : )وقالمثلهم ف العدد، ممن ساء حالهم، ونضبت مواردهم،

إن (.طعام الواحد كفى االثنن، وطعام االثنن كف األربعة ) : وهو ما أومؤ إله الحدث النبوي (.الت ذكرناها من قبل تجعل المسلم مقدا ف استهبلكه وإنفاقه للمال، كما قدته ف ( االستخبلؾ ) قاعدة

اإلسبلم ال حرم على المسلم طبات الحاة، كما حرمتها بعض الدانات والفلسفات، إن. تثمره وتنمتهإنما حرم االعتداء ف . كالبرهمة الهنده، والمانوة الفارسة، والرواقة الونانة، والرواقة النصرانة

حرموا طبات ما أحل هللا ا أها الذن آمنوا ال ت) : قول تعالى. االستمتاع بها، أو اإلسراؾ ف تناولهاوآت ذا القربى حقه والمسكن وابن السبل : ) وقول عز وجل (.لكم وال تعتدوا، إن ال حب المعتدن

والفرق بن التبذر . (وال تبذر تبذرا، إن المبذرن كانوا إخوان الشاطن، وكان الشطان لربه كفورا . اإلنفاق ف الحرام، ولو كان درهما واحدا : ، والتبذرأن اإلسراؾ تجاوز الحد ف الحبلل: واإلسراؾ

: ومن هنا جب مراعاة المبادئ التالة ف النفقة

اإلنفاق على النفس واألهل:

فبل جوز لصاحب المال أن ؽل ده عن اإلنفاق الواجب على نفسه وأهله شحا وبخبل، أو تقشفا (أ)إاكم :)منه، وجعله مصدرا لفساد عرض، وف الحدث وتزهدا،فاإلسبلم نهى عن الشح وحذر

أمرهم بالقطعة فقطعوا، وأمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم : والشح، فإنما هلك من كان قبلكم بالشحزنة ): كما ها من الرهبة وتحرم المتعة الحبلل، وسمى المبلبس الجملة ونحوها(.بالفجور ففجروا

وهى تسمة كنى بها عن . الطبات من الرزق: كما سمى المآكل والمشارب .(هللا الت أخرج لعباده قل من حرم زنة هللا الت :) المدح والرضا، ونكر أشد اإلنكار على من حرمها على نفسه أو ؼره

ا بن آدم خذوا زنتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا وال تسرفوا، (. )أخرج لعباده والطبات من الرزقولما (. إن هللا حب أن رى أثر نعمته على عبده : ) وقال صلى هللا عله وسلم (.حب المسرفن إنه ال

وحب أن كون ثوبه حسنا، ونعله حسنه، فهل هذا من الكبر ؟ . أنه أولع بالجمال: سؤله أحد الصحابة (ال، إن هللا جمل حب الجمال، الكبر بطر الحق، وؼمط الناس: ) قال

ق ف الحقوق الواجبةلزوم اإلنفا :

وال جوز له أن بخل بالحقوق الواجبة عله ف ماله، سواء، أكانت حقوقا ثابتة، كالزكاة ونفقات (ب)الوالدن واألقارب الفقراء، أم حقوقا عارضة، كقرى الضؾ، وإعارة الماعون، وإؼاثة المضطر،

، كالحروب والمجاعات والحرق، وكفاة فقراء، واإلعطاء ف النوازل الت تنزل باألمة أو ببلد هو فهاواإلسبلم . بلده بما ال بد لهم منه من حاجات المعشة، من مطعم وملبس ومسكن وعبلج، ونحو ذلك

إكد أهمة هذه الحقوق، حتى إنه لجز شهر السبلح من أجلها، وقد قاتل أبو بكر ومعه الصحابة من للضؾ أن ؤخذ حق القرى كن نزل بهم ولو ( عله وسلمصلى هللا)أجل حق الزكاة، وأباح النب

أما ضؾ نزل بقوم فؤصبح الضؾ محروما، ): قال. بالقوة، وعلى المسلمن أن شدوا أزره ف ذلك

Page 104: ملامح المجتمع المسلم

وأباح عامة الفقهاء للمضطر إلى الماء والقوت، أن قاتل من (.فله أن ؤخذ بقدر قراه، وال حرج عله . منعهما عنه بؽر حق

لموازنة بن الدخل واإلنفاقا:

كما جب عله أن وازن بن دخله وإنفاقه، فبل نفق عشرة ودخله ثمانة، فضطر إلى (ج)) االستقراض، وتحمل منة الدابن، والدن هم باللل ومذلة بالنهار، وكان النب، ستعذ باهلل من المؽرم

فإنفاق . ووعد فؤخلؾ، كما ف صحح البخاري ، معلبل ذلك بؤن الرجل إذا ؼرم حدث فكذب،(الدنوال تسرفوا، إنه ال حب ): المرء أكثر مما تطقه ثروته ودخله، هو من اإلسراؾ المذموم، قال تعالى

(.وتصدقوا، ما لم خالطه إسراؾ وال مخلة ( والبسوا ) كلوا واشربوا ) : وفى الحدث. (المسرفنأما . المباحاتوهذا ف اإلنفاق على . بن شعب عن أبه عن جدهرواه النساب وابن ماجه عن عمرو

كالصدقة والجهاد والمشروعات الطاعاتوأما . المحرمات فكل درهم نفق فها دخل ف باب التبذرالخرة، فبل إسراؾ فها ما لم ضع حقا أوجب منها، كحق عاله أو ؼرمه، أو نفقة واجبة عله، أو

ال : ال خر ف اإلسراؾ، كان جوابه: حن قل لبعض األسخاء المنفقن ف الصالحاتولهذا . نحو ذلك . الخر إسراؾ ف

على كل سفه متبلؾ، بعثر المال ف ؼر وجهه، ألن لؤلمة ( الحجر)واإلسبلم عط الحاكم الحق ف ولهذا أضاؾ هللا أموال حقا ف هذا المال، فحظه عود علها بالمنافع، واضاعته رجع علها بالضرر،

( وال تإتوا السفهاء أموالكم الت جعل هللا لكم قاما ): السفهاء إلى األمة فقال

حرب على الترؾ والمترفن:

وهناك نوع من اإلسراؾ حرمه اإلسبلم، وشتد ف تحرمه ومقاومته، لما فه من إفساد حاة (د)وهو التوسع ف ألوان التنعم، وأسباب ( الترؾ)م الفرد، وحاة الجماعة، ذلك هو ما سماه اإلسبل

الرفاهة، مما مؤل البطون من مطاعم ومشارب، وما ؽشى األبدان من حلى وحلل، وما ؽمر البوت . من أثاث وراش، وتحؾ وتماثل، وأدوات فضة وذهبة وؼر ذلك

باع الحق، ألن الترؾ لم دع إن القرآن عتبر الترؾ أول المعوقات الت تحول بن الناس وبن اتوما ) : ألصحابه متسعا لؽر شهواتهم، ومتعهم، فمن دعاهم إلى ؼر ذلك، عادوه وقاوموه، قال تعالى

(.أرسلنا ف قرة من نذر إال قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون

والطراوة ف أبناء األمة، والترؾ له لوازمه من اللهو والعبث والمجون، وله تؤثره ف إشاعة الموعة مما إدي بعد حن إلى انحبلل أخبلقها وتفسخ روابطها، واتساع الهوة بن أبنابها، نتجة لحرمان

األكثرة من الضرورات وتمتع األقلة بما ال عن رأت وال أذن سمعت، من الكمالات وما بعد لمترفون لترفهم، واآلخرون لسكوتهم أو الكمالات، ومن هنا تستحق الجماعة كلها الهبلك والعذاب، ا

إن (.وإذا أردنا أن نهلك قرة أمرنا مترفها ففسقوا فها فحق علها القول فدمرناها تدمرا ) : مماألتهمالقرآن حدثنا أن الترؾ كان هو المسإول األول عما أصاب كثرا من األمم من عقاب وببلبه، فحرمت

حتى إذا أخذنا مترفهم بالعذاب إذا هم جؤرون الوم، إنكم منا ): ذابمن النصر، وحقت علها كلمة العو كم قصمنا من قرة كانت ظالمة وأنشؤنا بعدها قوما آخرن، فلما أحسوا بؤسنا إذا هم ) ،( ال تنصرون

(منها ركضون، ال تركضوا وارجعوا إلى نا أتبلرفتم فه ومساكنكم لعلكم تسؤلون

لحكومةاالعتدال ف النفقات ا:

وإذا كان االعتدال مطلوبا ف نفقة الفرد على نفسه، فهو مطلوب كذلك ف النفقات الحكومة، ابتداء من أن كون أسوة لهم ف التعفؾ -أمرهم وربسهم -بل نبؽ على إمام المسلمن. ربس الدولة فمن دونه

وهو إمام ( -صلى هللا عله وسلم)النب وقد كان . عن مال الدولة، والتقلل من مظاهر النعم واألبهة

Page 105: ملامح المجتمع المسلم

من ( صلى هللا عله وسلم)خرج رسول هللا ) : قال أبو هررة. أول من جوع وآخر من شبع -المسلمنثبلثة أام (صلى هللا عله وسلم)ما شبع رسول هللا) : وقالت عابشة. (الدنا ولم شبع من خبز الشعر

ورفض أن تخذ فراشا، وكانت وسادته حشوها (.ان إثر على نفسه متوالة، ولو شبنا لشبعا، ولكنه كوكذلك كان . لؾ، ونام على الحصر حتى أثر ف جنبه، وتوفى وهو لبس كساء ملبدا وإزارا ؼلظا

إال كول -مال الدولة -ما أنا وهذا المال : حتى قال عمر -رض هللا عنهم -أبو بكر وعمر وعل .ؼنت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروؾالتم، إن است

وال نرد من رإسابنا وأمرابنا أن كونوا مثل أولبك األكابر، ولكن نرد منهم أن تقوا هللا ف المال إن كثرا من الملوك والرإساء . العام، وال حابوا به األقارب واألصهار والموالن وأبواق النفاق

وقلما . ن مال الدولة ملك لهم، ومن حقهم أن تصرفوا فه كؾ شاإونواألمراء ف دارنا حسبون أحتى الببلد الت توجد فها هبات برلمانة ورقابة ومحاسبة، ال تستطع أن تمس . وجد من حاسبهم

. ما تعلق بربس الدولة، أو بجهاز مخابراته، وأجهزة أمنه، أو بالجش وما نفق عله

د، وال كاد سابلها أحد، مثل اإلعبلم والراضة وهناك جهات نفق ف ها المال بؽر حساب، وبدون تقعلى حن قتر كل التقتر، وضق أشد التضق على . وأمن الدولة، أي أمن الحاكم ونظامه وجماعته

. جهات أخرى، مثل التعلم والصحة والمواصبلت والخدمات األساسة لجمهور الناس

موازنة بن المصالح بعضها وبعض، وتقدم الضروري منها على الحاج، وتقدم إن الشرع وجب الوما فه . الحاج على التحسن، وتقدم ما خدم الجمهور األعظم من الناس على ما خدم فبة محدودة

.مصلحة الفقراء والمستضعفن على ما فه مصلحة الكبراء والموسرن

إيجاب التكافل االجتماعي

. فسه وأسرتهإن اإلسبلم طالب كل قادر على العمل أن عمل، وأن عان على عمله، لكف ن: لقد قلناوفهم القادرون، الذن ال جدون . ولكن ف الناس العاجزون، الذن ال ستطعون العمل، وال مورد لهم

عمبل تعشون منه، ولم تسطع الدولة تسر عمل مناسب لهم، وفهم العاملون، الذن ال كفهم دخلهم . أو لؽبلء األسعار، أو ؼر ذلك من األسبابلتحقق معشة إنسانة البقة، لقلة الدخل، أو لكثرة العال،

هل دعهم ألناب الفاقة والحاجة تفترسهم ؟ أو قدم حبل لمشكلتهم فما موقؾ نظام اإلسبلم من هإالء ؟ ؟

:الحق أن اإلسبلم لم ترك هإالء للفاقة والضاع، بل كفل لهم المعشة المبلبمة بالطرق اآلتة

نفقات األقارب:

على القرب الموسر أن نفق على قربه المحتاج، صلة لرحمه، وأداء لحقه، كما 8سبلم فقد أوجب اإل

ومن لم قم بهذا الواجب من نفسه لقربه، . (وآت ذا القربى حقه والمسكن وابن السبل) : قال تعالىوعلى وللفقهاء تفصل كثر ف شروط الفقه، ومقادرها، ولمن تجب. ألزمه القضاء، اإلسبلم بذلك

. من تجب، وكن الرجوع إلها ف أبواب النفقات من كتب الفقه

فرضة الزكاة:

وه الفرضة المالة االجتماعة، الت تعد الركن الثالث من أركان اإلسبلم، ومبانه العظام، من (أ) -نكر وجوبهامنعها بخبل بها عزر، وأخذت منه قهرا، وإن كان ذا شوكة قوتل علها، حتى إدها، وإن أ

. حكم بردته، وخرج من دن اإلسبلم -ولم كن حدث عهد باإلسبلم

Page 106: ملامح المجتمع المسلم

وه لست هبة تفضل بها الؽن على الفقر، بل ه حق معلوم، تقوم الدولة على جباته، (ب) . وصرفه على مستحقه، بواسطة موظف الزكاة

تإخذ من أؼنابهم فترد إلى ) : كاة بقولهالز( صلى هللا عله وسلم)ولهذا وصؾ النب -العاملن علها- .، فه ضربة تإخذ، ولست تطوعا وهب(فقرابهم

إنها تخالؾ كثرا من الضرابب، الت تإخذ من الكادحن المتعبن من العمال، وصؽار التجار (ج)إنها تإخذ : اوالموظفن، لتنفق ف أبهة الحكام، وعلى أتباعهم والمروجن لهم، حتى مكنك أن تقول فه

.من الفقراء لترد على األؼناء

وح بؤن الزكاة لست إال صرؾ (تإخذ من أؼنابهم فترد على فقرابهم) : والعبر النبوي الكرم (د)فه من األمة والها، من . بعض أموال األمة، ممثلة ف أؼنابها، إلى األمة نفسها، ممثلة ف فقرابها

هما دان لشخصة -المعطة واآلخذة -إلى الد المحتاجة إله، وهاتان الدان الد المستخلفة ف المال، .واحدة ه شخصة األمة المسلمة

والزكاة تجب ف كل مال نام أو معد للنماء، بلػ نصابا، وحال عله الحول، وسلم من الدن، وذلك (هـ)مار، جب الحق عند الحصاد، وفى وفى الزروع، والث. ف سابمة األنعام والنقود، وعروض التجارة

ولم جعل اإلسبلم نصابها كبرا، لشترك جمهور األمة ف أدابها، وجعل . المعدن والركاز عند وجدانه

%( ا0)ف الزرع المسقى باآلالت، إلى %( 5)ف النقود والتجارة، إلى %( 2ر5)نسبها معتدلة من

وفما عثر عله من الكنوز، فكلما كان جهد ( ادن المع) ف الركاز %( 2 0)فما سقى بؽر آلة، إلى

. اإلنسان أكبر كانت النسبة أخؾ

موارد الدولة األخرى:

وإذا لم تكؾ الزكاة جمع الفقراء، فف جمع موارد الدولة اإلسبلمة متسع لكفاتهم، بؤمن حاجاتهم من عملوا أنما ؼنمتم من شء فؤن هللا وا: ) قول هللا تعالى. خمس الؽنابم، ومن الفء والخراج ونحوها

ما أفاء هللا على ): وقول ف الفء (.خمسه وللرسول ولذي القربى والتامى والمساكن وابن السبلرسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى والتامى والمساكن وابن السبل ك ال كون دولة

لة من النفط والمعادن واألراض الزراعة والعقارات ما تملك الدو: ومن ذلك (بن األؼناء منكم .ونحوها، مما ندر علها دخوال وإرادات ضخمة

والدولة ف اإلسبلم لست مسإولة عن الحماة واألمن فقط، بل ه مسإولة كذلك عن رعاة العاجزن لكم مسإول عن رعته كلكم راع، وك): كما ف الحدث الصحح. والمحتاجن، وكفالة العش الكرم لهم

(…فاإلمام راع ومسإول عن رعته ..

ن لنا أنه مسإول عن الجمع، وأنه أولى -بوصفه إمام المسلمن( صلى هللا عله وسلم)وهكذا بأوالدا صؽارا ) بالمإمنن من أنفسهم، فمن ترك منهم ماال فهو لورثته، ومن ترك دنا أو ضعة

ما من أحد إال وله ف ) : وقول عمر عن مال الدولة. فإله وعله( مهم معرضن للضاع لفقرهم وتكما فرض لكل . وقد فرض عمر من بت المال راتبا لهودي رآه سؤل على األبواب (.هذا المال حق

. مولود ف اإلسبلم عطاء زداد كلما نما وكبر

الحقوق األخرى ف المال:

ارد األخرى، بضمان العش للفقراء، فعلى الموسرن ف المجتمع أن وإذا لم تؾ الزكاة، وال سابر الموقوموا بكفاتهم، فلس بمإمن من بات شبعان وجاره جابع، ولس بمإمن من ال حب ألخه ما حب

صلى هللا )لنفسه، فإن قاموا بذلك مختارن، بدافع اإلمان والتقوى فهذا خر وأبقى، كما حدثنا النب إن األشعرن إذا أرملوا ف الؽزو، أو قل طعام عالهم ف المدنة، ) : األشعرن فقال عن( عله وسلم

(. جمعوا ما كان عندهم ف ثوب واحد، ثم اقتسموا بنهم ف إناء واحد بالسوة، فهم منى وأنا منهم

Page 107: ملامح المجتمع المسلم

قوم بكفاة وإذا لم قم الناس من تلقاء أنفسهم برعاة فقرابهم، فلئلمام أن فرض على األؼناء ما، وف القرآن ما (إن ف المال حقا سوى الزكاة) (: صلى هللا عله وسلم)الفقراء، فقد روى عن النب ولكن البر من آمن باهلل والوم اآلخر والمبلبكة والكتاب والنبن وآتى ) : دل على ذل ، فقد قال تعالى

سبل والسابلن وف الرقاب، وأقام الصبلة المال على حبه ذوي القربى والتامى والمساكن وابن الإلخ، وبن إتاء الزكاة، … ففرقت اآلة الكرمة بن إتاء المال على حبه ذوى القربى (. وآتى الزكاة

أما الحقوق األخرى . وإنما الزكاة ه الحق الدوري الثابت المحدد. وهذا دل على أنهما حقان ف المالوإذا لم قم . اجة والمصلحة، ولس لها مقدار معن، وال وقت محدودفه حقوق طاربة، تفرضها الح

إن هللا زع ) : الناس بؤداء الحقوق اختارا، أجبروا ملها إجبارا، وقد قال عثمان رض هللا عنه (.بالسلطان ما ال زع بالقرآن

الصدقات المستحبة:

ة، وال الحقوق الواجبة، بل رب المسلم على وال قتصر اإلسبلم ف تقرر التكافل على القوانن الملزمالبذل وان لم طلب منه، واإلنفاق وإن لم جب عله، وهون عله المال والدنا، وحذر من الشح

والبخل، وحبب إله النفقة ف السراء والضراء، باللل والنهار، سرا وعبلنة، ومعده بالخلؾ والفضل الشطان عدكم الفقر وؤمركم بالفحشاء، وهللا عدكم مؽفرة منه ) : ي اآلخرةف الدنا، والمثوبة عند هللا ؾ

الذن نفقون أموالهم باللل والنهار (. ) وما أنفقتم من شء فهو خلفه، وهو خر الرازقن (. )وفضبل (.سرا وعبلنة فلهم أجرهم عند ربهم وال خوؾ علهم وال هم حزنون

:لجارةالوقف الخري والصدقة ا، كما تضح ذلك ف (أي الدابمة بعد موت المتصدق) الصدقة الجارة : ومن أعظم ما رؼب فه اإلسبلم

نظام الوقؾ الخري، وهو الذي خرج فه المال من ملك األفراد، لتجس ثمراته ومنافعه على جهة من على عمر بوقؾ ماله ( وسلم صلى هللا عله)وقد أشار الرسول . جهات الخر، ابتؽاء مثوبة هللا تعالى

والذي قرأ بعض ما أبقاه لنا التارخ من حجج . بخبر، ولم كن أحد من الصحابة ذا مقدرة إال وقؾالوقؾ، وشروط الواقؾ، تبن حققة الكافل ف المجتمع المسلم، وقؾ على أصالة عواطؾ الخر،

ف أعماق هذه األمة، حتى إن برها لم ومشاعر الرحمة والبر، وشوع المعان اإلنسانة الكرمة .قتصر على دابرة اإلنسان، بل تجاوزه إلى الحوانات

التكافل بن األجالالتكافل بن : وهناك لون من التكافل لم لتفت إله الباحثون، وقد نبهنا عله ف عدد من كتبنا، وهو

بعضها وبعض، فهو تكافل زمان، أجال األمة بعضها وبعض، وهو كمل التكافل بن أقطار األمة أال ستؤثر جل بخرات األرض المذخورة والمنشورة، : ومعنى تكافل األجال. بجوار التكافل المكان

بل جب على الجل الحاضر أن حسب . وحلب درها، حتى ال ترك ف ضرعها قطرة لمن بعدهذي حرص على أن دع ذرته ف حال حساب الجل المقبل، وأن صنع صنع األب الرحم البصر، ال

اكتفاء واستؽناء، وأن قتصد ف إنفاقه واستهبلكه، حتى ترك لهم شبا نفعهم، وقد قال عله الصبلة وقد جاء عن أبى بكر (.إنك أن تذر ورثتك أؼناء خر من أن تذرهم عالة تكففون الناس ) : والسبلم

ومثل ذلك قال للمجتمع الذي ؤكل (!زق أام ف وم واحدال عجبن الرجل ؤكل ر) : رضى هللا عنه. رزق أجال ف جل واحد

وهذا ما جعل الفاروق عمر بن الخطاب ؤبى تقسم سواد العراق على الفاتحن، وهو ثروة هابلة ستمتع ن عنه، بها جل الفتح، وال تجد األجال القادمة الدافعة عن حرمات األمة، وبضة المله، ما صرفو

أتردون أن ؤت آخر الناس ولس ) : ولهذا كان عمر قول لمعارضه. إلعداد عدتهم، وقضاء حوابجهموقال معلنا عن . ا وكان على رأه من فقهاء الصحابة أمثال على ومعاذ رض هللا عنهم.؟ (لهم شا

ده آات سورة الحشر ما أد وجد ف (.إن أرد أمرا سع أول الناس وآخرهم ): وجهته ووجهة من أتوجهه، حث جعلت توزع الفء على الجل الحاضر من المهاجرن واألنصار، ثم أشركت معهم

Page 108: ملامح المجتمع المسلم

والذن جاءوا من بعدهم قولون ربنا اؼفر لنا وإلخواننا الذن : ) الجل القادم، وذلك ف قوله تعالىالبلحق للسابق، بدل ـن لعن آخر األمة وبهذا تتضامن األجال وتتواصل، ودعو ( .سبقونا باإلمان

وهذا ما أخشى أن تقوله األجال اآلتة ف ببلد . أخذوا كل شا ولم بقوا لنا شبا : أولها، حن قولالنفط، حث استهلكوه ف الزنة والمتاع والتوسع ف االستهبلك، وأسرفوا ف استخراجه، حتى كثر ف

. ولو نظروا إلى حق األجال المستقبلة القتصدوا وعفوا .سوق العرض، فباعوه بؤرخص األسعار . واعتدلوا ولم سرفوا، فإن هللا ال حب المسرفن

تقريب الفوارق بين الطبقات

أقر اإلسبلم التفاوت بن الناس ف الملكات واألرزاق، ألن فطرة هللا فاوتت بنهم فما هو أؼلى من ف الذكاء والجمال وقوة البنة، وسابر المواهب والقدرات الخاصة، فبل ؼرابة أن تفاضل : ذلك وأعظم

وهللا فضل بعضكم على بعض ) : والؽنى، وهو دون هذه األشاء ببل رب، قال تعالىالناس ف المال (.ف الرزق

ولم كن هذا التفاوت أو التفاضل عبثا أو سفها، بل هو مقتضى الحكمة الت تستقم بها الحاة، وتنتظم فعنا بعضهم فوق بعض نحن قسمنا بنهم معشتهم ف الحاة الدنا، ور) : شبون المعاش، كما قال تعالى

ولس المراد بهذا التسخر، تسخر القهر واإلذالل، بل تسخر . (درجات لتخذ بعضهم بعضا سخرا فالحاة كمصنع كبر، فه الربس والمرإوس، والمهندس والعامل، والحارس والخادم، . النظام واإلدارة

ومع إقرار اإلسبلم لمبدأ التفاضل ف . وكل منهم له مهمته، وكلهم الزم ومهم لدور المصنع ونتجالرزق، والتفاوت ف الؽنى والفقر، نراه عمل على تقرب الفوارق بن الطبقات، فحد من طؽان

تحققا للتوازن، وتفادا ألسباب الصراع والعداوة، بن أبناء , األؼناء، ورفع من مستوى الفقراء تكدس الثروة ف أد معدودة، تتداولها فما بنها، مع بقاء األؼلبة ذلك أن اإلسبلم كره . المجتمع الواحدولئلسبلم ف ذلك وسابل . وحدهم (دولة بن األؼناء)فهو حرص على أال كون المال . محرومة منها

: عددة منها

إلزام الؽنى أال نمى ثروته بالطرق المحرمة،كالربا واالحتكار والؽش، والتجارة ف .1. ونحوها مما ذكرناه من قبل المحظورات،

. وهذا التضق ف تثمر المال، سد الطرق إلى الثراء الفاحش إلى حد كبر

. إجاب الزكاة ف أموال األؼناء لترد على الفقراء، فه أخذ من أولبك، وإعطاء لهإالء .2بكفاتهم، إما ما ه إال وسلة لتملك الفقراء ما ؽنهم وقوم -والزكاة كما شرعها اإلسبلم

: قول اإلمام النووي وؼره من أبمة الشافعة. بصفة دورة سنوة، أو ؽنهم بصفة دابمةعطى الفقر والمسكن ما تزول به حاجتهما، وتحصل به كفاتهما على الدوام، وختلؾ ذلك

لت قمتها باختبلؾ الناس والنواح، فالمحترؾ الذي ال جد آلة حرفته عطى ما شترها به، قوكون ذلك قدر ما ف . أو كثرت، والتاجر عطى رأس مال لشترى ما حسن التجارة فه

ربحه بكفاته ؼالبا، ومن ال حسن الكسب بحرفة وال تجارة عطى كفاة العمر الؽالب ألمثاله، عدد فالزكاة بهذا تعمل على تكثر. وطرقه أن عطى ما شترى به عقارا ستؽل منه كفاتهجهازا أو -أي من أدوات اإلنتاج -المبلك من الفقراء، ألنها تملك المحترؾ أدوات حرفته

مصنعا أو جزءا من مصنع، وتملك الزارع مزرعة أو جزءا منها، تملكها مع ؼره، وتملك كفاة التاجر متجرا وما لزمه، وتملك ؼرهم عقارا أو نحوه، مما در دخبل منتظما، قوم بتمام

على أن تشرؾ مإسسة الزكاة على حسن رعاة هإالء لما تحت . مالكه، وكفاة من عوله . أدهم

Page 109: ملامح المجتمع المسلم

) مثل نفقات األقارب، والنذور والكفارات، واألضحة , إجاب حقوق بعد الزكاة على األؼناء .3وحقوق الجوار والرحم، وقرى الضؾ، وإطعام الجابع، ( وهى واجب ف مذهب أب حنفة

وإؼاثة الملهوؾ، وفك األسر، وعبلج المرض، والمساعدة ف الطوارئ الت تنزلل باألمة، ما آمن ب من بات شبعانا وجاره جابع إلى ) : وفى الحدث. كالحروب والمجاعات ونحوها

(.جنبه،وهو علم

لرحم، المراث الذي شرعه اإلسبلم، وجعله لؤلوالد والوالدن، واألزواج والعصبات، وذوى ا .4على عدد -بعد موت الموروث -بشروط معروفة، وهو عامل كبر ف تفتت الثروة وتوزعها

كبر من ورثته، على عكس بعض األنظمة، الت تحصر التركة ف االبن األكبر، وما شابه الوصة لؽر الوارثن، وقد أوجبها بعض السلؾ، بناء على قول هللا : ولعق بالمراث. ذلك

كتب علكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خرا الوصة للوالدن واألقربن ) : تعالىالذي حاول عبلج ( الوصة الواجبة ) ومن ذلك استمد قانون (. بالمعروؾ، حقا على المتقن

. حرمان األحفاد إذا مات آباإهم ف حاة أجدادهم

المال العام كالفء ونحوه، ال حق ول األمر الشرع ف إعادة التوازن إذا اختل، عن طرق .5عن طرق المصادرة للملكات المشروعة، الت لتزم أصحابها حدود اإلسبلم، وهذا ما فعله

فى توزع فء بنى النضر، حث وزعه على المهاجرن خاصة، ( صلى هللا عله وسلم)النب أن الهاجرن : كوسر ذل. دون إخوانهم األنصار، إال رجلن منهم كانت بهما فاقة وحاجة

أخرجوا من دارهم وأموالهم، فكان الفرق بنهم وبن إخوانهم األنصار كبرا، فهإالء ملكون األرض والعقار، والمهاجرون ال كادون ملكون شبا، على الرؼم من أن األنصار كانوا مثبل

نشده اإلسبلم، جعل رابعا ف إوابهم وإكرامهم، وإثارهم على أنفسهم، ولكن التوازن الذي يعالج األمر عند أول فرصة سنحت له، وجاء القرآن إد هذا ( صلى هللا عله وسلم)النب

التصرؾ النبوي الكرم، وعلل حكمة توزع الفء على الفبات المحتاجة، من التامى (. ك ال كون دولة بن األؼناء منكم : )والمساكن وأبناء السبل، بقوله تعالى

وهو الذي حكم بما أنزل -ن ف هذه السابقة من عمل الرسول الكرم، ما عطى الحق للحاكم المسلم وإأن خص الفقراء من مال الدولة بما قلل الفروق الفاحشة بنهم وبن األؼناء، وما حقق التوازن -هللا

. االقتصادي ف المجتمع المسلم

اإلسالم واألنظمة االقتصادية المعاصرة

اد متز مما عرفه الناس عرفنا من القواعد السابقة الت قام علها بناء االقتصاد اإلسبلم، أنه اقتصالوم، من مذاهب وأنظمة تتجه إلى المن أو إلى السار، مما سمى بالرأسمالة أو الشوعة، فهو

خالؾ كبل منهما على حدة، وخالفهما جمعا ف أمور مشتركة، فضبل على أنه سبقهما ف الظهور، . بؤكثر من اثن عشر قرنا من الزمان

سمالةاإلسبلم والرأ:

تقوم الرأسمالة على تقدس حرة الفرد، وإطبلق العنان له، لمتلك ما شاء، ونم ما ملك بما شاء، أما حق المجتمع عله ف ماله وف . ونفقه كما شاء، دون قود تذكر، على وسابل تملكه وتنمته وإنفاقهالمعدوم، وال جد من داخله رقابة مراقبته، ومحاسبته على تملكه وتثمره وإنفاقه، فحق ضعؾ شبه

ذاتة تجعله حترم هذا الحق ورعاه، بل حتال عله لتخلص منه تحت سمع القانون وبصره، ما . استطاع

Page 110: ملامح المجتمع المسلم

أما اإلسبلم فقد رأناه ضع قودا على التملك والتكسب، وقودا على التثمر والتنمة، وقودا على على المالك، بعضها دابم، وبعضها مإقت، فهو لؽ اعتبار االستهبلك واإلنفاق، وفرض حقوقا

الملكة المحرمة، وحظر الربا واالحتكار والؽش، وؼرها، من كل ما ناف األخبلق، وناقض هو الحارس األول على -الذي راقب الخالق قبل الخلق -وجعل ضمر المسلم . مصلحة جمهور الناس

وعط اإلسبلم . قبل مالك المال الحقق، وهو هللا تبارك وتعالىرعاة تلك الحقوق، المفروضة من الحق ف انتزاع ملكة الفرد، إذا تعارضت مع مصلحة -الذي حكم بما أنزل هللا -الحاكم الشرع

عامة للجماعة، كما عطه الحق ف الحجر على السفهاء والمبذرن، وؼل دهم من التصرؾ ف . الذي شرحناه( االستخبلؾ ) لواقع أموال الجماعة، أو أموال هللا حسب مبدأ أموالهم، الت ه ف ا

اإلسبلم والشوعة:

: فإن للشوعة نظرة أخرى -إلى الحد الذي ذكرنا -وإذا كانت الرأسمالة تقدس حرة الفرد

ف جهاز الدولة، وتقدسها إنما هو للمجتمع الذي ( ترسا ) إنها تهدر قمة الفرد وحرته وتعتبره (أ)بل . ضا أو مصنعا أو عقارا، أو ؼر ذلك من وسابل اإلنتاجأما الفرد فلس له أن تملك أر. تمثله الدولة

جب عله أن عمل أجرا للدولة، الت تملك كل مصادر اإلنتاج وتدرها، وتحرم عله أن حوز رأس أما اإلسبلم فقد عرفنا أنه حترم الملكة الفردة، ألنها من مقتضات الفطرة، ومن . مال وإن كان حبلال

ة، بل من خصابص اإلنسانة، وألنها أقوى دافع لزادة اإلنتاج وتحسنه، وال فرق خصابص الحراإلسبلم بن وسابل اإلنتاج وؼرها، وال بن الملكة الكبرة والصؽرة، ما دامت قد جاءت بالطرق

. الشرعة

تها على حرب ثم إن الشوعة، أو ما عبر عنه باالشتراكة العلمة أو الماركسة، تقوم فلسؾ (ب)الطبقات، وتؤجج نران الصراع، بن بعضها وبعض، واستخدام وسابل العنؾ الدموة، حتى تتحطم

والحق أن الذي نتصر . أي العمال(. البرولتارا ) ف النهاة جمع الطبقات، باستثناء طبقة واحدة ه ن والعسكرن، الذن سطرون لس طبقة العمال، بل مجموعة من االنتهازن والمحترفن الحزب

: ) ولهذا كان ختام بان ماركس. باسم العمال على كل شا، وحرمون جمهور المواطنن من أي شءأما اإلسبلم فقوم نظامه وفلسفته على بث اإلخاء بن . أي ضد الطبقات األخرى( ا عمال العالم اتحدوا

ت بنهم إذا فسدت، واعتبار ذلك أفضل من التطوع الناس، واعتبارهم جمعا أسرة واحدة، وإصبلح ذاوفرق بن من وجه نداءه إلى العمال لتحدوا ضد ؼرهم، وبن من وجه نداءه إلى . بالصبلة والصام

(. وكونوا عباد هللا إخوانا ) : الناس كافة لتآخوا وتحابوا

اس، واإلرهاب الفكري، والحجر واالشتراكة العلمة أو الماركسة صاحبها دابما الضؽط الس (ج)على الحرات، وكتم أنفاس المعارضن، واتهام كل معارض للحكم بؤنه رجع، أو عمل، أو خابن، أو

لنن ) وقد كتب . إلى الوم( لنن) المحفوظة عن الشوعن، من عهد ( األكلشهات ) ؼر ذلك، من أما (. الثة أرباع العالم، لكون الربع الباق اشتراكا إنه ال بؤس بقتل ث: ) إلى أحد أصدقابه قول(

اإلسبلم فقوم على الشورى، وجعل النصحة للحكام من لباب الدن، ورب أبناء المجتمع على انتقاد المسء بالرفق، واألمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر، ونذر األمة إذا رأت الظالم فلم تؤخذ على ده،

.بعقاب من عنده أن عمها هللا

ؼاة االقتصاد اإلسبلم ومهمته:

Page 111: ملامح المجتمع المسلم

م خالؾ تلك األنظمة الوضعة، فما هو أعمق من حرة الفرد ومنفعة المجتمع، إنه على أن اإلسبل :خالفها جمعا ف الروح واألساس، وفى الؽاة واالتجاه، وفى الهمة والوظفة

إن أساس النظام اإلسبلم لس من ومع بشر، وال من مع فبة من الناس، إنه شرع هللا الذي علم (أ) . ح، والذي رد لعباده السر وال رد لهم السرالمفسد من الصل

إنه سبحانه رب الجمع، ومن شرع للجمع، ببل جور وال محاباة، فهو رب األؼناء والفقراء، ورب العمال وأصحاب العمل، ورب المبلك والمستؤجرن، وهم جمعا عباده وعاله، ومن أرحم بهم من

ا فلس أعدل منه وال أكمل وال أمثل، بخبلؾ األنظمة األخرى، فكلها الوالدة بولدها، فإذا شرع لهم نظام . وؽلبهم الهوى كثرا . من وضع البشر القاصرن الذن حكمهم النقص البشري

إن . إن تلك األنظمة مادة صرؾ، تجعل االقتصاد ؼاتها، والمال معبودها، والدنا كل همها (ب) . ، وفردوسها المنشودالرفاهة المادة ه هدفها األخر

أال شتؽل الناس بهم العش ومعركة الخبز، من : أما اإلسبلم فجعل االقتصاد وسلة إلى ؼاة كبرىفإن الناس إذا توافرت لهم الكفاة . معرفة هللا وحسن الصلة به، والتطلع إلى حاة أخرى ه خر وأبقى

الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من ) عة إلى ربهم واألمن، اطمؤنوا ف أنفسهم، واتجهوا بالعبادة الخاشوهذا هو هدؾ االقتصاد ف . ، فشعروا بروابط اإلخاء الوثق بنهم وبن اآلخرن من عباد هللا(خوؾ . اإلسبلم

وإنما هم تلك . إن االقتصاد ف تلك األنظمة المادة الوضعة، مفصول عن األخبلق، والمثل العلا( ج) . نتاج، وتنمة الثروة الفردة أو الجماعة بؤي طرقاألنظمة زادة اإل

فاالقتصاد عنده خادم للقم اإلسبلمة، والعقدة اإلسبلمة، واألخبلق اإلسبلمة، فإذا .. أما اإلسبلم تعارضت األؼراض االقتصادة لؤلفراد أو المجتمع، مع تلك القم واألخبلق، لم بال اإلسبلم بتلك

. قرر العن، ف سبل الحفاظ على مبادبه وأهدافه وفضابلهاألؼراض، وضحى بها

ومن هنا حرم اإلسبلم حج المشركن، وطوافهم بالبت عراا، برؼم ما كانت تجلب هذه الساحة الدنة من منافع مادة ألهل مكة ومن حولهم، ولكن القرآن أهدر ذلك ووعدهم أن عوضهم هللا خرا مما فات

ا أها الذن آمنوا إنما المشركون نجس فبل قربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا، ): الىقول تع. علهمفإذا كان افتتاح ناد للمسر أو الرقص، أو حانة (وإن خفتم علة، فسوؾ ؽنكم هللا من فضله إن شاء

ذلك، فان لبع الخمر حقق منفعة اقتصادة، كتشجع الساحة، والحصول على عمله أجنبة، أو نحوألنها تتعارض مع مبادبه، ف الحفاظ على سبلمة العقول ! هذه المنفعة ؼر معتبرة ف نظر اإلسبلم

ولهذا حرم القرآن الخمر والمسر، لما فهما من إثم كبر، ولم . واألبدان واألخبلق والعقابد والعبلقاتالخمر والمسر، قل فهما إثم كبر سؤلونك عن ) : عتبر ما فهما من منافع اقتصادة لبعض الناس

(. ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما

. وبهذا ضح لنا أن نظام اإلسبلم نسج وحده

انه خالؾ الرأسمالة الت تسرؾ ف تدلل الفرد، وإعطابه من الحقوق حتى تضخم وطؽى، وخالؾ تحابى الفرد األولىإن . ضمر وانكمش الشوعة إلى تسرؾ ف تحطم الفرد، وإثقاله بالواجبات، حتى

وكبل النظامن سرؾ . تحاب المجتمع على حساب حرة الفرد الثانةعلى حساب مصلحه المجتمع، وف إعطاء الدنا على حساب اآلخرة، وإعطاء الجسم على حساب الروح واإلسبلم وحده هو الذي برئ

. تفرطمن ؼلو الفرقن، وجنوحهما إلى طرؾ اإلفراط أو ال

إنه النظام العدل الوسط، الذي وازن بن الحقوق والواجبات، وبن الفرد والمجتمع، و بن الروح أال تطؽوا ف المزان و وأقموا ) : كما قال تعالى. والجسم، وبن الدنا واآلخرة، ببل طؽان وال إخسار

. (الوزن بالقسط وال تخسروا المزان

Page 112: ملامح المجتمع المسلم

ومن أحسن من هللا حكما لقوم ..) الت ال تجوز، وحكمه الذي ال ظلموما ذلك إال ألنه شرعة هللا (.وقنون

غياب الحقيقة بين الغلو والتفريط

. اللهو والفنون : لعل أؼمض الموضوعات وأعقدها فما تعلق بالمجتمع المسلم نظرا ألنه أمر تصل بالشعور . بن طرف الؽلو والتفرط وذلك أن أكثر الناس وقعوا ف هذا األمر

وما كان شؤنه كذلك فهو أكثر قبوال للتطرؾ واإلسراؾ من , أكثر مما تصل بالعقل والفكر , والوجدان . ف مقابلة التشدد والتزمت من ناحة أخرى , ناحة

فبل مجال فه لمن , جد وعمل ومجتمع, فهناك من تصورون المجتمع اإلسبلم مجتمع عبادة ونسك وال لسن أن تضحك , ال جوز لشفة فه أن تبتسم . أو ؽنى وطرب , أو ضحك ومرح , لهو ولعب

!! وال لبهجة أن ترتسم على وجوه الناس , وال لقلب أن فرح , طب الجبن مق, الذن ال ترى أحدهم إال عابس الوجه , وربما ساعدهم على ذلك سلوك بعض المتدنن

ولكنه برر ذلك , وذلك ألنه إنسان ابس أو فاشل أو مرض بالعقد وااللتواءات النفسة , كاشر الناب , , والدن ال ذنب له , أي أنه فرض طبعته المنقبضة المتوجسة على الدن , السلوك العب باسم الدن

. وأخذهم ببعض نصوصه دون بعض, إال سوء فهم هإالء له أن عمموا هذا التشدد : ولكن الخطر هنا , ز لهإالء أن شددوا على أنفسهم إذا اقتنعوا بذلك وقد جو

. ومس حاة الناس كافة , ف أمر عمت به البلوى , ولزموه برأي رأوه , على المجتمع كله وأذابوا , ولعبا فجعلوا الحاة كلها لهوا , الذن أطلقوا العنان لشهوات أنفسهم : وعلى العكس من هإالء

. بن الحبلل والحرام . . بن المفروض والمرفوض . . الحواجز بن المشروع والممنوع , وروجون اإلباحة وشعون الفواحش ما ظهر منها وما بطن باسم الفن , فتراهم دعون إلى االنحبلل

. واألمور بمقاصدها . ناون ال باألسماء والع, ونسوا أن العبرة بالمسمات والمضامن , أو التروح ف ضوء -وتفرط أولبك , بعدا عن إفراط هإالء -لهذا كان ال بد من نظرة منصفة إلى الموضوع

وفى ضوء مقاصد الشرعة وقواعد الفقه المقررة , الصرحة الداللة , النصوص الصححة الثبوت . كذلك

. مفردات الموضوع ف أكثر من كتاب لفقد كتبت ف , وال أستطع ف هذا المجال التفصل . الجزء األول والجزء الثان « فتاوى معاصرة »و , « الحبلل والحرام ف اإلسبلم »وخصوصا ف

. وعلى األخص الثان .

واقعية اإلسالم في التعامل مع اإلنسان كله

Page 113: ملامح المجتمع المسلم

: والخبلصة الت أود أن أذكرها هنا تتمثل ف هذه المبادئ أو الحقابق وطالبه أن , ووجدانه جسمه وروحه وعقله: فهو تعامل مع اإلنسان كله , إن اإلسبلم دن واقع

الذن إذا ) : « عباد الرحمن » الذي هو صفة , ف حدود االعتدال , بما شبع حاجتها , ؽذها جمعا بل هو خلق , ولس هذا خلقهم ف أمر المال فقط , (أنفقوا لم سرفوا ولم قتروا وكان بن ذلك قوما

. ة الوسطهو المنهج الوسط لؤلم, أساس عام ف كل األمور . فإن الفن ؽذى الوجدان, والعلم ؽذى العقل , والعبادة تؽذى الروح , وإذا كانت الراضة تؽذى الجسم

.ال الذي هبط به , النوع الراق الذي سمو باإلنسان : ونرد بالفن

القران ينبه على عنصري المنفعة والجمال في الكون

فهذا ما عنى القرآن بالتنبه عله وتؤكده ف أكثر , وإذا كانت روح الفن ه اإلحساس بالجمال وتذوقه . ع من موض

إلى , الذي أودعه هللا ف كل ما خلق« الجمال » أو « الحسن » فهو لفت النظر بقوة إلى عنصري . فها « الفابدة » أو « النفع » جوار عنصري

. مع المنفعة أضا « الزنة » كما أنه شرع لئلنسان االستمتاع بالجمال أو , (لكم فها دؾء ومنافع ومنها تؤكلون , نعام خلقها واأل:) قول هللا تعالى ف معرض االمتنان باألنعام

(ولكم فها جمال حن ترحون وحن تسرحون ) : ثم قول , وفى هذا تنبه على جانب المنفعة والفابدة الت لم ترسمها د فنان , حث لفتنا إلى هذه اللوحة الربانة الرابعة , فهذا تنبه على الجانب الجمال ,

. رسمتها د الخالق سبحانه بل, مخلوق فالركوب حقق منفعة , (والخل والبؽال والحمر لتركبوها وزنة ) وفى نفس الساق قول سبحانه

بها تحقق التكامل للوفاء بحاجات اإلنسان كل اإلنسان , أما الزنة فه متعة جمالة فنة , مادة مإكدة .

وهو الذي سخر البحر لتؤكلوا ) : تعالى بتسخر البحر فقال وفى هذا الساق من نفس السورة امتن هللافلم قصر فابدة البحر على العنصر المادي المتمثل ف (منه لحما طرا وتستخرجوا منه حلة تلبسونها

فتستمتع بها العن , بل ضم إله الحلة الت تلبس للزنة , فنتفع به الجسم , اللحم الطري الذي إكل . س والنؾ

مجال النبات والزرع والنخل واألعناب : ومن ذلك , وهذا التوجه القرآن تكرر ف أكثر من مجال كلوا من ثمره : ) قول تعالى ف موضع من سورة األنعام , والزتون والرمان متشابها وؼر متشابه

. (إذا أثمر وآتوا حقه وم حصاده وال تسرفوا انظروا إلى ثمره إذا ) : ة قول بعد ذكر الزرع وجنات النخل والعنب وفى موضع آخر من نفس السور

. (إن ف ذلكم آلات لقوم إمنون , أثمر ونعه فإن النفس ف حاجة إلى االستمتاع بالنظر إلى , فكما أن الجسم ف حاجة إلى األكل من الثمر إذا أثمر

! همه األول أو األوحد هو هم البطن وبهذا رتفع اإلنسان أن كون. ثمره إذا أثمر ونعه انه ال حب , ا بنى آدم خذوا زنتكم عند كل مسجد وكلوا اشربوا وال تسرفوا ) : ومثل ذلك قوله تعالى

Page 114: ملامح المجتمع المسلم

. (قل من حرم زنة هللا الت أخرج لعباده والطبات من الرزق * المسرفن . وكبلهما مطلوب , ان واألكل والشرب لحاجة الجثم, فؤخذ الزنة لحاجة الوجدان

الت أخرج « زنة هللا » تحرم : وكذلك نجد االستفهام اإلنكاري ف اآلة الثانة نصب على أمرن تجسد عنصر الجمال الذي هؤه هللا لعباده , « زنة هللا » و , من الرزق « الطبات » وتحرم , » لعباد

إضافة كلمة -اإلضافةوتؤمل هذه . « من الرزق الطبات » بجوار عنصر المنفعة الذي تمثل ف , وفى هذا الساق جاء قبل . ففها تشرؾ لهذه الزنة وتنوه بها« زنة هللا » إلى لفظ الجبللة « -زنة »

: هاتن اآلتن قوله تعالى ف شؤن اللباس فقد جعلت اآلة , (لك خرولباس التقوى ذ, ا بنى آدم قد أنزلنا علكم لباسا وارى سوءاتكم ورشا )

» مقصد : جعلت له مقاصد ومهمات : وإن شبت قلت , أنواعا -الذي امتن هللا تعالى بإنزاله -اللباس » : المعبر عنه بقوله « التجمل والزنة » ومقصد , « واري سوءاتكم »: المعبر عنه بقوله « الستر . « ولباس التقوى » : المعبر عنه بقوله , من الحر والبرد « الوقاة » ومقصد « ورشا

في الكون والحياة واإلنسان المؤمن عميق اإلحساس بالجمال

أنه رد أن ؽرس ف عقل كل مإمن وقلبه الشعور : إن المتجول ف راض القرآن رى بوضوح , والنبات , واألرض , ف السماء : بالجمال المبثوث ف أجزاء الكون من فوقه ومن تحته ومن حوله

. واإلنسان , والحوان أفلم نظروا إلى السماء فوقهم كؾ بنناها وزناها وما لها من ) : ف جمال السماء قرأ قوله تعالى

. (ولقد جعلنا ف السماء بروجا وزناها للناظرن ) , (فروج واألرض مددناها وألقنا فها رواس وأنبتنا فها من كل زوج بهج ) : وفى جمال األرض ونباتها قرأ

. (به حدابق ذات بهجة وأنزل لكم من السماء ماء فؤنبتنا ) . ( (ولكم فها جمال حن ترحون وحن تسرحون ) : وفى جمال الحوان قرا ما ذكرناه قبل عن األنعام

.الذي خلقك فسواك فعدلك ف أي صورة ما ) , (وصوركم فؤحسن صوركم ) : وفى جمال اإلنسان قرأ

. (شاء ركبك وبصر جمال هللا ف جمال ما , شاهده ف هذا الكون البدع إن المإمن رى د هللا المبدعة ف كل ما ي

. (الذي أحسن كل شء خلقه ) , (صنع هللا الذي أتقن كل شء ) رى فه , خلق وصور . وبهذا حب المإمن الجمال ف كل مظاهر الوجود من حوله ؛ ألنه أثر جمال هللا جل وعبل

. سم من أسمابه تعالى الحسنى وصفة من صفاته العبل ا« الجمل » وهو حب الجمال كذلك ؛ ألن . فهو جمل حب الجمال , ألن ربه حبه , وهو حب الجمال أضا

Page 115: ملامح المجتمع المسلم

إن هللا جميل يحب الجمال

, وقد توهم بعضهم أن الولع بالجمال ناف اإلمان , وهذا ما علمه النب صلى هللا عله وسلم ألصحابه . أو دخل صاحبه ف دابرة الكبر المقت عند هللا وعند الناس

ال دخل الجنة من كان ف قلبه مثقال ذرة » : عله وسلم قال روى ابن مسعود أن رسول هللا صلى هللاإن هللا جمل » : قال . ونعله حسنة , إن الرجل حب أن كون ثوبه حسنا : فقال رجل , « من كبر

. «الكبر بطر الحق وؼمط الناس , حب الجمال

القرآن معجزة جمالية

إضافة إلى أنه , عتبر معجزة جمالة : ومعجزة الرسول العظمى , والقرآن الكرم آة اإلسبلم الكبرى حتى , وتفرد لحنه وموسقاه , وروعة نظمه وأسلوبه , عجز العرب بجمال بانه فقد أ, معجزة عقلة . سحرا : سماه بعضهم

منذ عبد القاهر , وقد بن علماء الببلؼة وأدباء العربة وجه اإلعجاز البان أو الجمال ف هذا الكتاب . إلى الرافع وسد قطب وبنت الشاطا وؼرهم ف عصرنا

ولهذا قال . ي تبلوة القرآن أن نضم جمال الصوت واألداء إلى جمال البان والنظم ومن المطلوب ؾ. (ورتل القرآن ترتبل ) : تعالى

فإن الصوت » : وفى لفظ آخر , «زنوا القرآن بؤصواتكم » : وقال الرسول صلى هللا عله وسلم . «الحسن زد القرآن حسنا

. ولكن التؽن المطلوب ال عن التبلعب أو التحرؾ «قرآن لس منا من لم تؽن بال» : وقال لقد أوتت مزمارا ! لو رأتن وأنا أستمع قراءتك البارحة » :وقال عله الصبلة والسبلم ألبى موسى

زدت ف : عنى !!« لو علمت ذلك لحبرته لك تحبرا : فقال أبو موسى ! « من مزامر آل داود . لصوت به تجوده وإتقانه وتحسن ا

« جهر به , ما أذن لنب حسن الصوت تؽنى بالقرآن , ما أذن هللا لشء » : وقال ولقد سمعت شخنا الدكتور محمد عبد هللا دراز رحمه هللا حك لنا عن موقؾ له ف المجلس ال

ختام وبعض أنهم أرادوا أن جعلوا وقت قراءة القرآن ف االفتتاح وال: وقد كان عضوا فه , لئلذاعة إنه استمتاع أضا . إن سماع القرآن لس دنا فقط : فقال لهم , الفترات محسوبا على نصب الدن فقط

. والمإدى بؤحسن األصوات , بالفن والجمال المودع ف القرآن , ووقظ الضمر , وقنع العقل , فهو ؽذي الروح . فالقرآن دن وعلم وأدب وفن معا , وهذا صحح

.وصقل اللسان , ع العاطفة ومت

Page 116: ملامح المجتمع المسلم

التعبير عن الجمال

فإنه قد شرع التعبر عن هذا اإلحساس , عا إلى اإلحساس بالجمال وتذوقه وحبه وإذا كان اإلسبلم قد د .والتذوق والحب بما هو جمال أضا

فنون القول واألدب

وسابر فنون األدب , وأبرز ما تجلى ذلك ف فنون القول من الشعر والنثر والمقامة والقصة والملحمة » ومنه قصدة كعب بن زهر الشهرة , وقد استمع النب صلى هللا عله وسلم إلى الشعر وتؤثر به ,

ووظؾ الشعر ف , ودعا له , وقصدة النابؽة الجعدي , ها من الؽزل ما هو معروؾ وؾ« بانت سعاد أصدق كلمة قالها » : قوله واستشهد بالشعر كما ف . كما صنع مع حسان , خدمة الدعوة والدفاع عنها

«أال كل شا ما خبل هللا باطل : كلمة لبد : شاعر كما روى عن , وأجاد فه , بل منهم من قاله , القرآن وفسروا به معان , واستشهد أصحابه بالشعر

. وهناك عدد كبر من الصحابة كانوا شعرا ء . على كرم هللا وجهه واإلمام محمد بن إدرس , مثل اإلمام عبد اله بن المبارك , وكثر من األبمة الكبار كانوا شعرا ء

. الشافع وؼرهما , إن من البان سحرا «» إن من البان لسحرا » , « الشعر حكمة إن من » وقال صلى هللا عله وسلم

. «وان من الشعر حكما , مثل شعر المدح بالباطل , ومفهوم الحدث أن من الشعر ما هو بعد عن الحكمة بل هو نقضها

ة والمثل ونحو ذلك مما ال تفق مع القم األخبلق, والؽزل المكشوؾ , والفخر الكاذب والهجاء المتعدى . العلا

والذن تكذب أفعالهم أقوالهم , الذن ال تورعون عن شا , ولهذا ذم القرآن الشعراء الزابفن والمزفن وأنهم قولون ما * ألم تر أنهم ف كل واد همون *والشعراء تبعهم الؽاوون : ) قوله تعالى وذلك ف .

وانتصروا من بعد ما ظلموا إال الذن آمنوا وعملوا الصالحا* ال فعلون . . . . (ت وذكروا هللا كثراوأدب , فهو شعر ملتزم, ولس ساببا , له هدؾ ووظفة -والفن بوجه أعم , واألدب عامة -فالشعر . وفن ملتزم , ملتزم

ا مما عند واقتباس ما بلبمن, أما القوالب الت ظهر فها الشعر أو األدب فبل مانع من تؽرها وتطورها . المهم هو الهدؾ والمضمون والوظفة . ؼرنا

ولهذا ال بؤس من قبول القوالب الجددة . وؼرها , اخترع العرب قدما قوالب ف الشعر كالموشحات

Page 117: ملامح المجتمع المسلم

. كالشعر الحر . ف الشعر المعاصر » كما ف , والقصص الخالة , كذلك ابتكر العرب ف العصور اإلسبلمة قوالب أدبة كالمقامات

وألؾ المتؤخرون المبلحم , « كللة ودمنة » وترجموا مثل « ألؾ للة وللة » و , « رسالة الؽفران . إلى ؼر ذلك من القوالب « بنى هبلل » وسرة , « عنترة » الشعبة مثل قصة

المسرحة ك, وأن نقتبس من ؼرنا ما نفعنا , وفى عصرنا مكننا أن نستحدث من القوالب ما شبنا . والرواة والقصة القصرة

والحذر من المحاوالت المشبوهة لتروج , والذي نود تؤكده هنا هو ضرورة االلتزام بالعربة الفصحى كما , فإنها تهدؾ إلى المباعدة بنها وبن القرآن والسنة , اللهجات العامة المختلفة للشعوب العربة

. الت تحرص على بقابها القوى المعادة للعروبة واإلسبلم , اإلقلمة تهدؾ إلى تثبت الفرقة والتجزبةوتفهم , وؽن عن ذلك اللؽة السهلة الت تفهم الجماهر العربة بها نشرات األخبار ف اإلذاعة والتلفاز

. بها الصحؾ الت تطالعها كل وم فإنهم ال , م ممن تعلمون العربة كما أن الفصحى ه الت تقرب بن العرب وسابر أبناء اإلسبل

. وال ستطعون التفاهم مع الجمع إال بها , تعلمون إال الفصحى وقد وجهت إل ف أكثر من مكان أسبلة حول شرعة بعض القوالب اإلسبلمة األدبة كالمسرحة

م تحدث ف ونطقها بؤقوال وأمور ل, حث خترع القصاص أو المإلؾ المسرح شخصات , والقصة فهل دخل هذا ف دابرة الكذب المحرم شرعا ؟ , الواقع

ألن السامع عرؾ جدا أن المقصود لس هو : أن هذا ال دخل ف الكذب المحظور : وكان جواب , إنما هو أشبه بالكبلم الذي حكى على ألسنة الطور والحوانات . إخبار القارئ بوقابع حدثت بالفعل

كما حكى . لتصور الفن واستنطاق األشخاص بما مكن أن نطقوا به ف هذا الموقؾ فهو من باب افمن المإكد أنهما لم . أمام سلمان عله السبلم « الهدهد » أو نطق به « النملة » القرآن عما تكلمت به

وذلك , الوقت إنما ترجم القرآن عما مكن أن كون قولهما ف هذا, تحدثا بهذا الكبلم العرب المبن . الموقؾ

: وقد شاركت شخصا ف التؤلؾ المسرح بعملن وأنا , وذلك ف مطلع حات األدبة . عله السبلم « وسؾ الصدق » مسرحة شعرة عن : أحدهما

. وكنت متؤثرا ف ذلك بمسرحات شوق الشهرة , ف السنة األولى من المرحلة الثانوة وقد مثلت « عالم وطاؼة»سمتها , ة تارخة عن سعد بن جبر والحجاج بن وسؾ مسرح: والثان

واالتفاق بن , ألنها تتعلق بقصة نب مرسل ! بخبلؾ األولى . والقت قبوال حسنا , ف أكثر من بلد . علماء العصر منعقد على أن األنباء ال مثلون

فن الجـمال المســـموع

(الغناء والموسيقى )

حرصه على تربة تلك الحاسة و, عناة اإلسبلم بالجمال : لقد تبن لنا فما ذكرناه من خبلل النصوص . الت تجعل اإلنسان شعر بالجمال وتذوقه ف مجاالته المتنوعة

. ومنه ما تجلى لحواس أخرى , ومنه ما تجلى لحاسة البصر , ومن الجمال ما تجلى لحاسة السمع

Page 118: ملامح المجتمع المسلم

لة موسقة أم عن الؽناء سواء أكان بآ: وبعبارة أخرى « الجمال المسموع » ونرد هنا أن نتحدث عن ما حكم اإلسبلم ف الؽناء والموسقى ؟ : ولزمنا أن نجب عن هذا السإال الكبر , بؽر آلة

ما حكم اإلسالم في الغناء والموسيقى ؟

. سإال تردد على ألسنة كثرن ف مجاالت مختلفة وأحان شتى فمنهم , لوكهم تبعا الختبلؾ أجوبتهمواختلؾ س, سإال اختلؾ جمهور المسلمن الوم ف اإلجابة عله

ولكل لون من ألوان الموسقى مدعا أن ذلك حبلل طب من , من فتح أذنه لكل نوع من أنواع الؽناء . طبات الحاة الت أباح هللا لعباد

و وله, إن الؽناء مزمار الشطان : ومنهم من ؽلق الرادو أو ؽلق أذنه عند سماع أة أؼنة قاببل صوتها -عندهم -فالمرأة , الحدث وصد عن ذكر هللا وعن الصبلة وخاصة إذا كان المؽن امرأة

. فكؾ بالؽناء ؟ وستدلون لذلك بآات وأحادث وأقوال , عورة بؽر الؽناء . حتى المصاحبة لمقدمات نشرات األخبار , ومن هإالء من رفض أي نوع من أنواع الموسقى

نتظر القول , والى أولبك طورا , لث مترددا بن الفرقن ؛ نحاز إلى هإالء تارة ووقؾ فرق ثاالذي تعلق بعواطؾ الناس , الفصل والجواب الشاف من علماء اإلسبلم ف هذا الموضوع الخطر

بجدها, على الناس بوتهم -المسموعة والمربة -وخصوصا بعد أن دخلت اإلذاعة , وحاتهم الومة . وجذبت إلها أسماعهم بؤؼانها وموسقاها طوعا وكرها , وهزلها

مسؤلة ثار فها الجدل والكبلم بن علماء اإلسبلم منذ : وبؽر آلة -أي مع الموسقى -والؽناء بآلة . فاتفقوا ف مواضع واختلفوا ف أخرى , العصور األولى

إذ الؽناء لس إال , أو تحرض على معصة اتفقوا على تحرم كل ؼناء شتمل على فحش أو فسقفما بالك إذا اجتمع له , وكل قول شتمل على حرام فهو حرام , وقبحه قبح , فحسنه حسن , كبلما

الوزن والنؽم والتؤثر ؟ وذلك ف مواطن , واتفقوا على إباحة ما خبل من ذلك من الؽناء الفطري الخال من اآلالت واإلثارة

بشرط أال كون المؽن , ونحوها . . . وأام األعاد , كالعرس وقدوم الؽابب , شروعة السرور الم. امرأة ف حضرة أجانب منها

. سنذكرها فما بعد -وقد وردت ف ذلك نصوص صرحة م ومنه, بل اعتبره مستحبا , فمنهم من أجاز كل ؼناء بآلة وبؽر آلة : واختلفوا فما عدا ذلك اختبلفا بنا

بل ربما ارتقى , وعده حراما , ومنهم من منعه منعا باتا بآله وبؽر آلة , من منعه بآلة وأجازه بؽر آلة . « الكبرة » به إلى درجة

ونلق عله أضواء كاشفة لجوانبه , وألهمة الموضوع نرى لزاما علنا أن نفصل فه بعض التفصل وبذلك , ال مقلدا قول قابل , متبعا للدلل الناصع , من الحرام حتى تبن المسلم الحبلل فه, المختلفة

.وبصرة من دنه , كون على بنة من أمره

: األصل في األشياء اإلباحة

هو الذي خلق لكم ما ف األرض : ) لقوله تعالى قرر علماء اإلسبلم أن األصل ف األشاء اإلباحة أو سنة رسوله صلى هللا عله وسلم , وال تحرم إال بنص صحح صرح من كتاب هللا تعالى , ( جمعا

أو صحح ؼر , أو ورد نص صرح ؼر صحح . إذا لم رد نص وال إجماع ؾ, أو إجماع ثابت متقن

Page 119: ملامح المجتمع المسلم

: ) قال تعالى , وبقى ف دابرة العفو الواسعة , لم إثر ذلك ف حله , بتحرم شا من األشاء , صرح . (وقد فصل لكم ما حرم علكم إال ما اضطررتم إله

وما , وما حرم فهو حرام , ف كتابه فهو حبلل ما أحل هللا» : وقال رسول هللا صلى هللا عله وسلم وما كان ربك نسا : )وتبل , « فإن هللا لم كن لنسى شبا , فاقبلوا من هللا عافته , سكت عنه فهو عفو

( . وأخرجه البزار , رواه الحاكم عن أبى الدرداء وصححه ) ( وسكت عن أشاء رحمة بكم , فبل تعتدوها وحد حدودا , إن هللا فرض فرابض فبل تضعوها» : وقال

وحسنه الحافظ أبو بكر . أخرجه الدارقطنى عن أب ثعلبة الخشنى ) «ؼر نسان فبل تبحثوا عنها ( . والنووي ف األربعن , السمعانى ف أماله

وما , اء وإذا كانت هذه ه القاعدة فما ه النصوص واألدلة الت استند إلها القابلون بتحرم الؽن موقؾ المجزن منها ؟

:أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها

أنهم حرموا الؽناء : حرمون بما روى عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعن استدل الم (أ ) ومن الناس من شتري لهو الحدث لضل عن سبل هللا بؽر علم وتخذها : ) بقول هللا تعالى محتجن

. وفسروا لهو الحدث بالؽناء (أولبك لهم عذاب مهن , هزوا : وال حجة ف هذا لوجوه: قال ابن حزم

. أنه ال حجه ألحد دون رسول هللا صلى هللا عله وسلم : أحدها. أنه قد خالؾ ؼرهم من الصحابة والتابعن : والثانومن الناس من شتري لهو الحدث لضل : ) ألن فها ! أن نص اآلة بطل احتجاجهم بها : والثالث

إذا اتخذ سبل هللا , علها كان كافرا ببل خبلؾ وهذه صفة من ؾ( عن سبل هللا بؽر علم وتخذها هزوا : قال . هزوا

لكان كافرا ؛ فهذا هو الذي ذم , وتخذه هزوا , ولو أن امرءا اشترى مصحفا لضل به عن سبل هللا » ال لضل عن , من اشترى لهو الحدث لتلهى به وروح نفسه -عز وجل -وما ذم قط , هللا تعالى

أو , وكذلك من اشتؽل عامدا عن الصبلة بقراءة القرآن , فبطل تعلقهم بقول هإالء . الى سبل هللا تعومن لم ضع , فهو فاسق عاص هلل تعالى, أو بؽناء أو بؽر ذلك , أو بحدث تحدث به , بقراءة السنن

. « شبا من الفرابض اشتؽاال بما ذكرنا فهو محسن والؽناء من اللؽو , (وإذا سمعوا اللؽو أعرضوا عنه : ) ح المإمنن بقوله تعالى ف مدواستدلوا (ب )

. فوجب اإلعراض عنه وبقة اآلة تنطق بذلك , سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك : وجاب بؤن الظاهر من اآلة أن اللؽو

الم علكم ال نبتؽ وإذا سمعوا اللؽو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم س: ) قال تعالى . . (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سبلما : ) شبهة بقوله تعالى ف وصؾ عباد الرحمن فه , (الجاهلن

ولس , ولو سلمنا أن اللؽو ف اآلة شمل الؽناء لوجدنا اآلة تستحب اإلعراض عن سماعه وتمدحه . فها ما وجب ذلك

وسماع ما ال فابدة فه لس محرما ما لم , تعنى ما ال فابدة فه « الباطل » ككلمة « اللؽو » وكلمة . أو شؽل من واجب , ضع حقا

أإتى به وم القامة ف جملة حسناتك أو : أنه كان رخص ف السماع فقل له : روى عن ابن جرج ال إاخذكم هللا : ) الى قال تع, ألنه شبه باللؽو : ال ف الحسنات وال ف السبات : سباتك ؟ فقال

Page 120: ملامح المجتمع المسلم

. (باللؽو ف أمانكم إذا كان ذكر اسم هللا تعالى على الشء على طرق القسم من ؼر عقد عله وال » : قال اإلمام الؽزال

! . ؟« فكؾ إاخذ بالشعر والرقص , ال إاخذ به -مع أنه ال فابدة فه -والمخالفة فه , تصمم فالنة الصالحة تحل اللهو قربة , إنه ؤخذ حكمه وفق نة صاحبه : ؼناء لؽوا لس كل: على أننا نقول

إن هللا ال نظر إلى » : والنة الخبثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الراء , والمزح طاعة , . «صوركم وأموالكم ولكن نظر إلى قلوبكم وأعمالكم

احتجوا » : ردا على الذن منعون الؽناء قال « المحلى » م ف وننقل هنا كلمة جدة قالها ابن حزفماذا بعد : ) قال هللا تعالى وقد , من الحق الؽناء أم من ؼر الحق ؟ وال سبل إلى قسم ثالث : فقالوا

ل إنما األعما» : رسول هللا صلى هللا عله وسلم قال أن : -وباهلل التوفق -فجوابنا (الحق إال الضبلل وكذلك , فمن نوى باستماع الؽناء عونا على معصة هللا فهو فاسق «بالنات وإنما لكل امرئ ما نوى

ونشط نفسه , لقوى بذلك على طاعة هللا عز وجل , ومن نوى به تروح نفسه , كل شا ؼر الؽناء ة فهو لؽو معفو ومن لم نو طاعة وال معص. وفعله هذا من الحق , بذلك على البر فهو مطع محسن

وصبؽه ثوبه الزوردا أو أخضر , وقعوده على باب داره متفرجا , كخروج اإلنسان إلى بستانه , عنه . وسابر أفعاله , ومد ساقه وقبضها , أو ؼر ذلك

, مبلعبة الرجل أهله : كل لهو لهو به المإمن فهو باطل إال ثبلثة » : واستدلوا بالحدث (جـ ) والؽناء ( . . وفه اضطراب , رواه أصحاب السلؾ األربعة ) «ورمه عن قوسه , وتؤدبه فرسه

. خارج عن هذه الثبلثة ال دل « فهو باطل » : فإن قوله , ولو صح لما كان فه حجة , وأجاب المجوزون بضعؾ الحدث

ستجم نفس بالشء إن أل» : فقد ورد عن أبى الدرداء قوله . على التحرم بل دل على عدم الفابدة فإن التله بالنظر إلى , على أن الحصر ف الثبلثة ؼر مراد . من الباطل لكون أقوى لها على الحق

وال . وقد ثبت ف الصحح , الحبشة وهم رقصون ف المسجد النبوي خارج عن تلك األمور الثبلثة ال حرم , اعبات مما لهو به الرجل وأنواع المد, شك أن التفرج ف البساتن وسماع أصوات الطور

. عله شا منها وان جاز وصفه بؤنه باطل شك من -عن أبى مالك أو أبى عامر األشعري -معلقا -واستدلوا بالحدث الذي رواه البخاري (د )

لكونن قوم من أمت ستحلون الحر والحرر والخمر» :عن النب عله الصبلة والسبلم قال -الراوي . أو آالت العزؾ , المبله: والمعازؾ . « والمعازؾ

ولذلك « السندات المتصلة » ال من « المعلقات » إال أنه من , والحدث وان كان ف صحح البخاري . إن سنده ومتنه لم سلما من االضطراب : ومع التعلق فقد قالوا , رده ابن حزم النقطاع سنده

ولكنها جمعا تدور على , ووصله بالفعل من تسع لحرق , ل الحدث وقد اجتهد الحافظ ابن حجر لوصوان كان خطب دمشق ومقربها -وهو . هشام ابن عمار : أال وهو , راو تكلم فه عدد من األبمة النقاد

حدث بؤربعمابة حدث ال أصل : فقد قال عنه أبو داود -ووثقه ابن معن والعجلى , ومحدثها وعالمها . لها

وكذلك قال ابن سار . وكل ما لقنه تلقن , فكان كل ما دفع إله قرأه , صدوق وقد تؽر : أبو حاتم وقال .

. طاش خفؾ : وقال اإلمام أحمد ( . وهذا لس بتوثق مطلق ) ال بؤس به : وقال النساب

ن حدث إال بؤجر وأنكروا عله أنه لم ك. صدوق مكثر له ما نكر: ورؼم دفاع الحافظ الذهب عنه قال !

. وخصوصا ف أمر عمت به البلوى , ومثل هذا ال قبل حدثه ف مواطن النزاع لم تفق على معناها بالتحدد « المعازؾ » فكلمة ! فف داللته كبلم آخر , ورؼم ما ف ثبوته من الكبلم

. آالت العزؾ : وقل , وهذه مجملة , المبله : ما هو ؟ فقد قل :

Page 121: ملامح المجتمع المسلم

فلفظ الحدث المعلق ف البخاري ؼر . آالت الطرب المعروفة بآالت الموسقى : منا بؤن معناها ولو سل: كما ذكر ابن العرب لها معنان « ستحلون » ألن عبارة « العازؾ » صرح ف إفادة حرمة

! األمور أن تكون مجازا عن االسترسال ف استعمال تلك : والثان , عتقدون أن ذلك حبلل : أحدهما مثل -فإن استحبلل الحرام المقطوع به , لكان كفرا , المعنى الحقق : إذ لو كان المقصود باالستحبلل

. كفر باإلجماع « -الحر » الخمر والزنى المعبر عنه ب فهل ستفاد منها تحرم المجموع المذكور من الحر والحرر والخمر , ولو سلمنا بداللتها على الحرمة

فإن الحدث ف الواقع نعى على أخبلق . أو كل فرد منها على حدة ؟ واألول هو الراجح , عازؾ والمولهو , فهم بن خمر ونسا ء . وشرب الخمور , انؽمسوا ف الترؾ واللال الحمراء : طابفة من الناس

لشربن أناس » : ولذا روى ابن ماجه هذا الحدث عن أبى مالك األشعري بلفظ . وخز وحرر , وؼناء خسؾ هللا بهم , عزؾ على رإوسهم بالمعازؾ والمؽنات , من أمت الخمر سمونها بؽر اسمها

. والبخاري ف تارخه , وكذلك رواه ابن حبان ف صححه , «األرض وجعل منهم القردة والخنازر وما , شرب الخمر جعل الوعد على , وكل من روى الحدث من طرق ؼر طرق هشام بن عمار

. المعازؾ إال مكملة وتابعة «وتعلمها , وبعها وثمنها ( أي الجارة ) إن هللا تعالى حرم القنة » : واستدلوا بحدث عابشة (هـ ) .

: والجواب عن ذلك . وكل ما جاء ف تحرم بع القان ضعؾ , أن الحدث ضعؾ : أوالوؼناء األجنبة , بالقنة الجارة الت تؽن للرجال ف مجلس الشرب المراد : قال الؽزال : ثانا

فؤما ؼناء الجارة . وهم ال قصدون بالفتنة إال ما هو محذور , للفساق ومن خاؾ علهم الفتنة حرام بدلل ما روى ف , بل لؽر مالكها سماعها عند عدم الفتنة . فبل فهم تحرمه من هذا الحدث , لمالكها

.وسؤت , لصححن من ؼناء الجارتن ف بت عابشة رضى هللا تعالى عنهاا هاما من نظام الرقق : ثالثا الذي جاء اإلسبلم بتصفته , كان هإالء القان المؽنات كون عنصرا

حدث فإذا جاء , إقرار بقا ء هذه الطبقة ف المجتمع اإلسبلم : فلم كن تفق وهذه الحكمة , تدرجا . العتد « نظام الرق » فذلك لهدم ركن من بناء , والمنع منه , وبعها « القنة » بالنع على امتبلك

وعدل , أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع إصبعه ف أذنه : واستدلوا بما روى نافع (و ) فرفع ده . ال : حتى قلت , فمضى, نعم : أتسمع ؟ فؤقول , ا نافع : وهو قول , راحلته عن الطرق

رأت رسول هللا صلى هللا عله وسلم سمع زمارة راع فصنع مثل » : وعدل راحلته إلى الطرق وقال ( . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ) هذا

. حدث منكر : والحدث قال عنه أبو داود حراما ما أباح النب صلى هللا عله فلو كان سماع المزمار. ولو صح لكان حجة على المحرمن ال لهم

وألمر عله السبلم بمنع , ولو كان عند ابن عمر حراما ما أباح لنافع سماعه , وسلم البن عمر سماعه . فإقرار النب صلى هللا عله وسلم البن عمر دلل على أنه حبلل , وتؽر هذا المنكر

لمباح من أمور الدنا كتجنبه األكل متكبا وأن بت سماعه كتجنبه أكثر ا -عله السبلم -وإنما تجنب . الخ . . . . عنده دنار أو درهم

ولم ثبت هذا حدثا عن النب « إن الؽناء نبت النفاق ف القلب » : واستدلوا أضا بما روى (ز ) م خالفه فه فهو رأى لؽر معصو, وإنما ثبت قوال لبعض الصحابة أو التابعن , صلى هللا عله وسلم

وبعث الحزن والندم على , إن الؽناء رقق القلب : -وبخاصة الصوفة -فمن الناس من قال . ؼره وإثارة , وتنشط عزابمهم , ولهذا اتخذوه وسلة لتجدد نفوسهم , وهج الشوق إلى هللا تعالى , المعصة ولس الخبر , ومن ذاق عرؾ , الممارسة وهذا أمر ال عرؾ إال بالذوق والتجربة و: قالوا . أشواقهم ا .كالعان

إذ كان ؼرض المؽن أن , على أن اإلمام الؽزال جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمؽن ال للسامع

Page 122: ملامح المجتمع المسلم

. وال زال نافق وتودد إلى الناس لرؼبوا ف ؼنابه , وروج صوته عله , عرض نفسه على ؼره , وركوب الخل المهملجة , فإن لبس الثاب الجملة , وجب تحرما وذلك ال: ومع هذا قال الؽزال وال طلق , نبت النفاق ف القلب , والتفاخر بالحرث واألنعام والزرع وؼر ذلك , وسابر أنواع الزنة

الت , بل إن المباحات , المعاص : فلس السبب ف ظهور النفاق ف القلب , القول بتحرم ذلك كله . أكثر تؤثرا, اقع نظر الخلق ه مو

بما شاع عند بعض الناس من أن صوت المرأة عورة , واستدلوا على تحرم ؼناء المرأة خاصة (ح ) وقد كان النساء سؤلن , ولس هناك دلل وال شبه دلل من دن هللا على أن صوت المرأة عورة .

ان الصحابة ذهبون إلى أمهات المإمنن وك, رسول هللا صلى هللا عله وسلم ف مؤل من أصحابه إن هذا من عابشة أو ؼرها كشؾ لعورة جب أن تستر : ولم قل أحد , وستفتونهن وفتنهم وحدثنهم

. (وقلن قوال معروفا : ) وقال تعالى . مع أن نساء النب علهن من التؽلظ ما لس على ؼرهن . روى الصححان أن النب صلى هللا عله وسلم : قلنا , ي الؽناء هذا ف الحدث العادي ال ؾ: فإن قالوا

وقد سمع ابن جعفر وؼره من . دعهما: وقال ألبى بكر , سمع ؼناء الجارتن ولم نكر علهما . الصحابة والتابعن الجواري ؽنن

هل بها , إذا فعلت أمت خمس عشرة خصلة» : واستدلوا بحدث الترمذي عن عل مرفوعا (ط ) فبل حجة فه , والحدث متفق على ضعفه , «واتخذت القنات والمعازؾ » : وذكر منها , « …الببلء

.أو صرح ؼر , أن النصوص الت استدل بها القابلون بالتحرم إما صحح ؼر صرح : والخبلصة

وكل أحادثهم ضعفها ,ولم سلم حدث واحد مرفوع إلى رسول هللا صلح دلبل للتحرم . صحح . جماعة من الظاهرة والمالكة والحنابلة والشافعة

. لم صح ف التحرم شا : « األحكام » قال القاض أبو بكر بن العرب ف كتاب . وكذا قال الؽزال وابن النحوي ف العمدة

. لم صح منها حرؾ واحد : « السماع » وقال ابن طاهر ف كتابه ف أو واحد , ووهللا لو أسند جمعه . وكل ما فه فموضوع , وال صح ف هذا الباب شا : ابن حزم وقال

.لما ترددنا ف األخذ به , من طرق الثقات إلى رسول هللا صلى هللا عله وسلم , منه فاكثر

: أدلة المجيزين للغناء

وإذا انتفت أدلة . ولم قؾ دلل منها على قدمه , وقد سقطت واحدا بعد اآلخر , تلك ه أدلة المحرمن ولو لم كن معنا نص أو دلل واحد على ذلك ؼر , شك التحرم بقى حكم الؽناء على أمل اإلباحة ببل

وقواعده , وروحه السمحة , فكؾ ومعنا نصوص اإلسبلم الصححة الصرحة . سقوط أدلة التحرم ومبادبه الكلة ؟ , العامة

: وهاك بانها

: من حيث النصوص -أوال

جارتن ف بت النب صلى هللا عله وسلم حدث ؼناء ال: منها , استدلوا بعدد من األحادث الصححة وهذا , مزمار الشطان ف بت النب صلى هللا عله وسلم : وقوله , وانتهار أبى بكر لهما , عند عابشة

فلو صح ذلك لم تستحقا ؼضب أبى بكر إلى هذا , دل على أنهما لم تكونا صؽرتن كما زعم بعضهم . الحد

أنه رد أن : لنب صلى هللا عله وسلم على أبى بكر رضى هللا عنه وتعلله والمعول عله هنا هو رد ا

Page 123: ملامح المجتمع المسلم

وهو دل على وجوب رعاة تحسن صورة . وأنه بعث بحنفة سمحة , علم الهود أن ف دننا فسحة . وإظهار جانب السر والسماحة فه , اإلسبلم لدى اآلخرن

امرأة إلى رجل من األنصار فقال النب صلى هللا عله عن عابشة أنها زفت وقد روى البخاري وأحمد . «ما كان معهم من لهو ؟ فإن األنصار عجبهم اللهو , ا عابشة » : وسلم

فجاء رسول هللا , أنكحت عابشة ذات قرابة لها من األنصار : قال وروى ابن ماجه عن ابن عباس : ؟ قالت « أرسلتم معها من ؽنى » : قال . نعم : لوا ؟ قا« أهدتم الفتاة ›» : صلى هللا عله وسلم فقال

: فلو بعثتم معها من قول , إن األنصار قوم فهم ؼزل » : فقال رسول هللا صلى هللا عله وسلم . ال !فحانا وحاكم ؟.. أتناكم أتناكم

حكم المرء مزاجه وال , واتجاههم المزاج , وهذا الحدث دل على رعاة أعراؾ األقوام المختلفة . هو ف حاة كل الناس

دخلت على قرظة بن كعب وأبى مسعود : قال وروى النساب والحاكم وصححه عن عامر بن سعد ! أي صاحب رسول هللا أهل بدر فعل هذا عندكم ؟: فقلت . وإذا جوار ؽنن , األنصاري ف عرس

. فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس , وان شبت فاذهب , اجلس إن شبت فاستمع معنا : فقاال أن رجبل قدم المدنة بجوار فؤتى عبد هللا ابن جعفر فعرضهن : عن ابن سرن » وروى ابن حزم بسند

ثم جاء الرجل , فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة , وابن عمر سمع , فؤمر جارة منهن فؽنت , عله فؤتى ابن عمر إلى عبد هللا بن جعفر ! ؼبن بسبعمابة درهم ,ا أبا عبد الرحمن : إلى ابن عمر فقال

بل نعطه إاها: فقال , وإما أن ترد عله بعه , فإما أن تعطها إاه , إنه ؼبن بسبعمابة درهم : فقال له ال تلك , وهذا إسناد صحح , فهذا ابن عمر قد سمع الؽناء وسعى ف بع المؽنة : قال ابن حزم .

. الموضوعة الملفقات قل ما عند هللا خر من , وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إلها وتركوك قابما : ) بقوله تعالى واستدلوا

. ( وهللا خر الرازقن , اللهو ومن التجارة بمناسبة قدوم -ولم ذمهما إال من حث شؽل الصحابة بهما , -وهى حبلل بقن -فقرن اللهو بالتجارة

. وتركه قابما , من خطبة النب صلى هللا عله وسلم -فلة وضرب الدفوؾ فرحا بها القاأنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه وهم : واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة رض هللا عنهم

كره بعد كما سنذ, واستدلوا بما نقله ؼر واحد من اإلجماع على إباحة السماع . القوم قتدى بهم فهتدى .

: وثانيا من حيث روح اإلسالم وقواعده

وتستحسنها , وتستطبها العقول , ال شا ف الؽناء إال أنه من طبات الدنا الت تستلذها األنفس (أ ) والمنظر الجمل لذة , كما أن الطعام الهنء لذة المعدة , فهو لذة األذن , وتشتهها األسماع , الفطر حرام ف اإلسبلم أم حبلل ؟ -أي المستلذات -فهل الطبات , الخ . …ة الذكة لذة الشم والرابح, العن

من المعروؾ أن هللا تعالى كان قد حرم على بن إسرابل بعض طبات الدنا عقوبة لهم على سوء ما سبل فبظلم من الذن هادوا حرمنا علهم طبات أحلت لهم وبصدهم عن : ) قال تعالى كما , صنعوا

فلما بعث هللا محمدا صلى هللا , (وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل * هللا كثرا ؤمرهم بالمعروؾ ونهاهم عن المنكر وحل ) : عله وسلم جعل عنوان رسالته ف كتب األولن أنه

فلم بق ف . (كانت علهم لهم الطبات وحرم علهم الخبابث وضع عنهم إصرهم واألؼبلل الت رحمة بهذه األمة لعموم , إال أحله هللا -أي تستطبه األنفس والعقول السلمة -اإلسبلم شء طب

. (قل أحل لكم الطبات , سؤلونك ماذا أحل لهم : ) قال تعالى . رسالتها وخلودها مهما , با من الطبات مما رزق هللا ولم بح هللا لواحد من الناس أن حرم على نفسه أو على ؼره ش

, ولس من شؤن عباده, فإن التحلل والتحرم من حق هللا وحده , كن صبلح نته أو ابتؽاء وجه هللا فه أم على , قل أرأتم ما أنزل هللا لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحبلال قل ءآهلل أذن لكم : ) قال تعالى

Page 124: ملامح المجتمع المسلم

كبلهما جلب , انه تحرم ما أحله من الطبات كإحبلل ما حرم من المنكرات وجعل سبح, (هللا تفترون قال جل شؤنه نعى , والضبلل البعد , وردي صاحبه ف هاوة الخسران المبن , سخط هللا وعذابه

قد خسر الذن قتلوا أوالدهم سفها بؽر علم وحرموا ما رزقهم : ) على من فعل ذلك من أهل الجاهلة . (قد ضلوا وما كانوا مهتدن , افتراء على هللا هللا, ولو تؤملنا لوجدنا حب الؽناء والطرب للصوت الحسن كاد كون ؼرزة إنسانة وفطرة بشرة (ب )

وتنصرؾ نفسه عما بكه , حتى إننا لنشاهد الصب الرضع ف مهده سكته الصوت الطب عن بكابه بل . ت األمهات والمرضعات والمربات الؽناء لؤلطفال منذ زمن قدم ولذا تعود. إلى اإلصؽاء إله

» : إن الطور والبهابم تتؤثر بحسن الصوت والنؽمات الموزونة حتى قال الؽزال ف اإلحاء : نقول زابد ف ؼلظ الطبع وكثافته , بعد عن الروحانة , من لم حركه السماع فهو ناقص مابل عن االعتدال

تؤثر بالحداء تؤثرا ستخؾ معه -مع ببلدة طبعه -إذ الجمل , ال والطور وجمع البهابم على الجمونبعث فه من النشاط ما , المسافات الطولة -لقوة نشاطه ف سماعه -وستقصر , األحمال الثقلة وتسرع ف , ا وتصؽ إله ناصبة آذانه, فترى اإلبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها . سكره وولهه

. « حتى تتزعزع علها أحمالها ومحاملها , سرها إنما , وإذا كان حب الؽناء ؼرزة وفطرة فهل جاء الدن لمحاربة الؽرابز والفطر والتنكل بها ؟ كبل

إن األنباء قد : قال اإلمام ابن تمة رحمه هللا . وتوجهها التوجه القوم , جاء لتهذبها والسمو بها . ثوا بتكمل الفطرة وتقررها ال بتبدلها وتؽرها بع

ما » : فقال , أن رسول هللا صلى هللا عله وسلم قدم المدنة ولهم ومان لعبون فهما ومصداق ذلك إن هللا قد أبدلكم بهما خرا » : فقال عله السبلم . كنا نلعب فهما ف الجاهلة : ؟ قالوا «هذان الومان

( . رواه أحمد وأبو داود والنساب ) «وم األضحى ووم الفطر ي: منهما حتى , وأنا أنظر إلى الحبشة لعبون ف المسجد , لقد رأت النب سترن بردابه » : وقالت عابشة

. «فاقدروا قدر الجارة الحدثة السن الحرصة على اللهو -أي اللعب -أكون أنا الت أسؤمه فاإلنسان ال صبر له على الجد المطلق والصرامة , هوا ولعبا فلس اللهو واللعب حراما وإذا كان الؽناء ل

. الدابمة وتؽر حاله ف , حن ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده -قال النب صلى هللا عله وسلم لحنظلة

( . رواه مسلم ) «ساعة وساعة , ا حنظلة » : بته عن حاله مع رسول هللا صلى هللا عله وسلم. فإن القلوب إذا أكرهت عمت , روحوا القلوب ساعة بعد ساعة : وقال عل بن أبى طالب

. فابتؽوا لها طرابؾ الحكمة , إن القلوب تمل كما تمل األبدان : وقال كرم هللا وجهه .إن ألستجم نفس بالشء من اللهو لكون أقوى لها على الحق : وقال أبو الدرداء

ولكن الدنا كلها لهو , هو كذلك » : إن الؽناء لهو ولعب بقوله : وقد أجاب اإلمام الؽزال ممن قال كذلك المزح الذي , إال الحراثة الت ه سبب وجود الولد , وجمع المداعبة مع النساء لهو . . . ولعب

. حابة نقل ذلك عن رسول هللا صلى هللا عله وسلم وعن الص, ال فحش فه حبلل اللهو : على أن أقول . فقد ثبت بالنص إباحته , وأي لهو زد على لهو الحبشة والزنوج ف لعبهم

, وتروحها إعانة لها على الجد , والقلوب إذا أكرهت عمت , ومخفؾ أعباء الفكر , مروح القلب اعد على النشاط ف سابر ألن عطلة وم تس: فالمواظب على التفقه مثبل نبؽ أن تعطل وم الجمعة

وألجله , والمواظب على نوافل الصلوات ف سابر األوقات نبؽ أن عطل ف بعض األوقات , األام وال صبر , واللهو معن على الجد , فالعطلة معونة على العمل , كرهت الصبلة ف بعض األوقات

. السبلم علهم , إال نفوس األنباء , والحق المر , على الجد المحض كما , ولكن ال نبؽ أن ستكثر , فنبؽ أن كون مباحا , القلب من داء اإلعاء والمبلل , فاللهو دواء

هذا ف حق من ال حرك السماع من قلبه , فإذن اللهو على هذه النة صر قربه . ال ستكثر من الدواء, فنبؽ أن ستحب له ذلك , احة المحضة بل لس له إال اللذة واالستر, صفة محمودة طلب تحركها

فإن الكامل هو , نعم هذا دل على نقصان عن ذروة الكمال . لتوصل به إلى المقصود الذي ذكرناه

Page 125: ملامح المجتمع المسلم

ومن أحاط بعلم , ولكن حسنات األبرار سبات المقربن , الذي ال حتاج أن روح نفسه بؽر الحق علم قطعا أن تروحها بؤمثال هذه األمور , ها إلى الحق وساقات, ووجوه التلطؾ بها , عبلج القلوب

. وهو كبلم نفس عبر عن روح اإلسبلم الحق , انتهى كبلم الؽزال . . « دواء نافع ال ؼنى عنه

: القائلون بإجازة الغناء

فها الكفاة كل الكفاة ولو لم قل بموجبها , تلك ه األدلة المبحة للؽناء من نصوص اإلسبلم وقواعده وتابعن وأتباع وفقهاء ؟ فكؾ وقد قال بموجبها الكثرون من صحابة, ولم ذهب إلى ذلك فقه , قابل

-على حرفتهم وتمسكهم بظواهر النصوص -والظاهرة -على ورعهم -وحسبنا أن أهل المدنة . روى عنهم إباحة الؽناء -على تشددهم وأخذهم بالعزابم دون الرخص -والصوفة

, علماء الظاهر ذهب أهل المدنة ومن وافقهم من» : « نل األوطار » قال اإلمام الشوكان ف . « ولو مع العود والراع , إلى الترخص ف الؽناء , وجماعة الصوفة

أن عبد هللا بن جعفر كان ال رى : وحكى األستاذ أبو منصور البؽدادي الشافع ف مإلفه ف السماع أمر وكان ذلك ف زمن. وسمعها منهن على أوتاره , وصوغ األلحان لجواره , بالؽناء بؤسا

. المإمنن عل رضى هللا عنه , وعطاء بن أبى رباح , وسعد بن المسب , وحكى األستاذ المذكور مثل ذلك أضا عن القاض شرح

. والشعبى , والزهرى أن عبد هللا بن الزبر كان : نقل األثبات من المإرخن : وابن أب الدنا , وقال إمام الحرمن ف النهاة

ا .ما هذا ا صاحب رسول هللا ؟: فقال , وأن ابن عمر دخل إله والى جنبه عود , ادات له جوار عو! وزن به العقول : هذا مزان شام ؟ قال ابن الزبر : فتؤمله ابن عمر فقال , فناوله إاه

إن رجبل قدم» : وروى الحافظ أبو محمد بن حزم ف رسالته ف السماع بسنده إلى ابن سرن قال . فلم هو فهن شبا , فجاء رجل فساومه . وفهن جارة تضرب , المدنة بجوار فنزل على ابن عمر

فعرضهن . . عبد هللا بن جعفر : من هو ؟ قال : قال . انطلق إلى رجل هو أمثل لك بعا من هذا : قال . . . . م جاء إلى ابن عمر فباعه ث, فؽنت , فؤخذته , خذي العود : فقال لها , فؤمر جارة منهن , عله

. إلى آخر القصة أن عبد هللا بن عمر دخل على ابن جعفر : العبلمة األدب أبو عمر األندلس « العقد » وروى صاحب

. ال بؤس بهذا : هل ترى بذلك بؤسا ؟ قال : ثم قال البن عمر , فوجد عنده جارة ف حجرها عود . أنهما سمعا العود عند ابن جعفر : العاص وحكى الماوردى عن معاوة وعمرو بن

أن حسان بن ثابت سمع من عزة المبلء الؽناء بالمزهر بشعر من شعره : وروى أبو الفرج األصبهانى .

. العود : والمزهر عند أهل اللؽة . وذكر أبو العباس المبرد نحو ذلك ونقل ابن السمعانى الترخص . الخبلفة أن عمر بن عبد العزز كان سمع جواره قبل : وذكر األدفوى عن قاضى المدنة سعد بن إبراهم بن عبد « اإلمتاع » ونقله ابن قتبة وصاحب , عن طاووس

عن عبد العزز بن سلمة « اإلرشاد » ونقله أبو على الخللى ف . الرحمن الزهري من التابعن . الماجشون مفت المدنة

وحكى األستاذ أبو , أن مذهب مالك بن أنس إباحة الؽناء بالمعازؾ : وحكى الروانى عن القفال أنه : عن شعبة « قوت القلوب » وذكر أبو طالب المك ف , منصور الفورانى عن مالك جواز العود

. سمع طنبورا ف بت المنهال بن عمرو المحدث المشهور

Page 126: ملامح المجتمع المسلم

. ال خبلؾ بن أهل المدنة ف إباحة العود أنه : « السماع » وحكى أبو الفضل بن طاهر ف مإلفه ف . هو إجماع أهل المدنة : وقال ابن طاهر : « العمدة » قال ابن النحوي ف

لم ختلؾ النقلة ف نسبة الضرب إلى : قال األدفوى . واله ذهبت الظاهرة قاطبة : قال ابن طاهر أصحاب الكتب : عنى بالجماعة ) عة كلهم وهو ممن أخرج له الجما, إبراهم بن سعد المتقدم الذكر

( . من الصححن والسنن , الستة وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن أبى إسحاق , وحكى الماوردى إباحة العود عن بعض الشافعة

ورواه ابن النحوي عن , عن الروانى والماوردى « المهمات » وحكاه األسنوى ف , الشرازي وحكاه األدفوى عن الشخ عز , عن ابن طاهر « العمدة » حكاه ابن الملقن ف و, األستاذ أبى منصور . وجزم باإلباحة األدفوى , عن أبى بكر بن العرب « اإلمتاع » وحكاه صاحب , الدن بن عبد السبلم

. أي آالت الموسقى -مع آلة من اآلالت المعروفة , هإالء جمعا قالوا بتحلل السماع إن الؽزال ف بعض تآلفه الفقهة نقل : « اإلمتاع » فقال األدفوى ف , لؽناء من ؼر آلة وأما مجرد ا

ونقل التاج الفزارى وابن قتبة , ونقل ابن طاهر إجماع الصحابة والتابعن عله , االتفاق على حله وقال الماوردى , ونقل ابن طامر وابن قتبة أضا إجماع أهل المدنة عله, إجماع أهل الحرمن عله

. لم زل أهل الحجاز رخصون فه ف أفضل أام السنة المؤمور فها بالعبادة والذكر : فمن , وقد روى الؽناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعن : « العمدة » قال ابن النحوي ف

وصاحب البان والرافعى كما نقله الماوردى -وعثمان -كما رواه ابن عبد البر وؼر -الصحابة عمر وسعد -كما أخرجه البهقى -وأبو عبدة بن الجراح -وعبد الرحمن بن عوؾ كما رواه ابن أبى شبة -

وببلل وعبد هللا -كما أخرجه البهقى -وأبو مسعود األنصاري -كما أخرجه ابن قتبة -بن أبى وقاص كما -وابن عمر -وحمزة كما ف الصحح -ا كما أخرجه البهقى أض -بن األرقم وأسامة بن زد

كما رواه ابن عبد -وعبد هللا بن جعفر -كما أخرجه أبو نعم -والبراء بن مالك -أخرجه ابن طاهر -كما رواه أبو الفرج األصبهانى -وحسان -كما نقل أبو طالب المكى -وعبد هللا بن الزبر -البر

وخوات بن -كما رواه ابن قتبة -وقرظة بن كعب -الزبر بن بكار كما رواه -وعبد هللا بن عمرو -كما حكاه أبو طالب المكى -والمؽرة بن شعبة -جبر ورباح المعترؾ كما أخرجه صاحب األؼان

. كما ف صحح البخاري وؼره -وعابشة والربع -كما حكاه الماوردى -وعمرو بن العاص وشرح , وخارجة بن زد , وابن حسان , وسالم بن عبد هللا بن عمر , المسب وأما التابعون فسعد بن

ومحمد , وعطاء بن أبى رباح , وعبد هللا ابن أبى عتق , وعامر الشعب , وسعد بن جبر , القاضى . وسعد بن إبراهم الزهري , وعمر بن عبد العزز , بن شهاب الزهري

انتهى . «وجمهور الشافعة , وابن عنة , األبمة األربعة : منهم ,فخلق ال حصون , وأما تابعوهم «نل األوطار » هذا كله ذكره الشوكانى ف . كبلم ابن النحوي

: قيود وشروط ال بد من مراعاتها

: قودا ال بد من مراعاتها ف سماع الؽناء : وال ننسى أن نضؾ إلى هذا الحكم

فبل بد أن كون موضوعه متفقا مع أدب اإلسبلم , نإكد ما أشرنا إله أنه لس كل ؼناء مباحا .1

. وتعالمه : جوز التؽن بقول أبى نواس فبل

!فإن اللوم إؼراء وداون بالت كانت ه الداء , دع عنك لوم

Page 127: ملامح المجتمع المسلم

: وال بقول شوق

رمضان ولى هاتها ا ساق مشتاقة تسعى إلى مشتاق

: « الطبلسم » قول إلا أبى ماض ف قصدته : وأخطر منها

!ولكن أتـت , جبـت ال أعلــم مـن أـن

!أبصـرت قدامـى طـرقـا فمـشت ولقــد

!كؾ جبت ا كؾ أبصرت طرق ؟ لست أدرى

. والنبوة , والمعاد , المبدأ : ألنها تشكك ف أصول اإلمان ا ولست أكثر من ترجمة شك أبى ماض إلى « من ؼر له » ما عبر عنه بالعامة ف أؼنة : ومثلها . ة لصبح تؤثرها أوسع دابر, العامة

فكل هذه مخالفة لتعالم اإلسبلم الذي جعل . « الدنا سجارة وكاس » : ومثل ذلك األؼنة الت تقول وعاصرها وبابعها وحاملها وكل من أعان « الكاس » ولعن شارب , الخمر رجسا من عمل الشطان

.والتدخن أضا آفة لس وراءها إال ضرر الجسم والنفس والمال . فها بعمل , مخالفة لتعالم اإلسبلم , واألؼان الت تمدح الظلمة والطؽاة والفسقة من الحكام الذن ابتلت بهم أمتنا

فكؾ بمن مجدهم ؟ا , بل من سكت علهم , وكل من عنهم , الذي لعن الظالمن دب اإلسبلم الذي واألؼنة الت تمجد صاحب العون الجربة أو صاحبة العون الجربة أؼنة تخالؾ أ

, (وقل للمإمنات ؽضضن من أبصارهن ) , .. (…قل للمإمنن ؽضوا من أبصارهم ) : نادي كتابه . «فإن لك األولى ولست لك اآلخرة, « ال تتبع النظرة النظر, ا عل » : وقول صلى هللا عله وسلم

ولكن طرقة , بؤس به وال ؼبار عله فقد كون الموضوع ال , ثم إن طرقة األداء لها أهمتها .2

, والقصد إلى إقاظ الؽرابز الهاجعة , وتعمد اإلثارة , المؽن أو المؽنة ف أدابه بالتكسر ف القول وإؼراء القلوب المرضة نقل األؼنة من دابرة اإلباحة إلى دابرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل

هو جانب , ستمعون والمستمعات من األؼان الت تلح على جانب واحد ما ذاع على الناس وطلبه الموخصوصا , وإشعالها بكل أسالب اإلثارة والتهج , الؽرزة الجنسة وما تصل بها من الحب والؽرام

. لدى الشباب والشابات فكؾ إذا .( فبل تخضعن بالقول فطمع الذي ف قلبه مرض : ) إن القرآن خاطب نساء النب فقول

. كان مع الخضوع ف القول الوزن والنؽم والتطرب والتؤثر

كشرب الخمر أو التبرج أو االختبلط الماجن , ومن ناحة ثالثة جب أال قترن الؽناء بشء محرم .3

. وهذا هو المؤلوؾ ف مجالس الؽناء والطرب من قدم , ببل قود وال حدود , بن الرجال والنساء . وبخاصة ؼناء الجواري والنساء , ورة الماثلة ف األذهان عندما ذكر الؽناء وهى الص

سمونها بؽر , لشربن ناس من أمت الخمر » : وهذا ما دل عله الحدث الذي رواه ابن ماجه وؼره خسؾ هللا بهم األرض وجعل منهم القردة , عزؾ على رإوسهم بالمعازؾ والمؽنات , اسمها . «زر والخنا

أن االستماع إلى الؽناء ف األزمنة الماضة كان قتض : وهى , وأود أن أنبه هنا على قضة مهمة وقلما كانت تسلم هذه المجالس من , ومخالطة المؽنن والمؽنات وحواشهم , حضور مجلس الؽناء . وكرهها الدن , أشاء نكرها الشرع

وهذا ال رب عنصر , مع إلى األؼان وهو بعد عن أهلها ومجالسها أما الوم فستطع المرء أن ست. ومل بها إلى جانب اإلذن والتسر , مخفؾ ف القضة

Page 128: ملامح المجتمع المسلم

الذي تحدث , العاطف , وبخاصة الؽناء , جب أن قد بعدم اإلسراؾ فه -ككل المباحات -الؽناء .4

والحب ال ختص بالمرأة , عاطفة لست حبا فقط وال, فاإلنسان لس عاطفة فحسب , عن الحب والشوق لهذا جب أن نقلل من هذا السل الؽامر من األؼان , والمرأة لست جسدا وشهوة ال ؼر , وحدها

وموازنة مقسطة , وأن كون لدنا من أؼاننا وبرامجنا وحاتنا كلها توزع عادل , العاطفة الؽرامة وفى , وفى الفرد بن عقله وعاطفته , ا بن حق الفرد وحقوق المجتمع وفى الدن, بن الدن والدنا

مجال العاطفة بن العواطؾ اإلنسانة كلها من حب وكره وؼرة وحماسة وأبوة وأمومة وبنوة واخوة . فلكل عاطفة حقها, الخ . . . وصداقة

وعلى , لعواطؾ األخرى فذلك على حساب ا, أما الؽلو واإلسراؾ والمبالؽة ف إبراز عاطفة خاصة وعلى حساب الدن , وعلى حساب المجتمع وخصابصه ومقوماته , حساب عقل الفرد وروحه وإرادته

. ومثله وتوجهاته وشؽل , فما بالك باإلسراؾ ف اللهو , إن الدن حرم الؽلو واإلسراؾ ف كل شا حتى ف العبادة

! الوقت به ولو كان مباحا ؟ودلل على إهدار , واألهداؾ العظمة , راغ العقل والقلب من الواجبات الكبرة إن هذا دلل على ؾ

وما أصدق وأعمق , حقوق كثرة كان جب أن تؤخذ حظها من وقت اإلنسان المحدود وعمره القصر ال كون العاقل » : وف الحدث , « ما رأت إسراؾ إال وبجانبه حق مضع » : ما قال ابن المقفع

فلنقسم أوقاتنا بن هذه , «أو لذة ف ؼر محرم , أو تزود لمعاد , مرمة لمعاش : إال لثبلث ظاعنا فم أببله ؟ : وعن شبابه , فم أفناه : ولنعلم أن هللا سابل كل إنسان عن عمره , الثبلثة بالقسط

إذا كان الؽناء أو ؾ, وبعد هذا اإلضاح تبقى هناك أشاء كون كل مستمع فها فقه نفسه ومفتها .5

وطؽى فه الجانب , وسبح به ف شطحات الخال , وؽره بالفتنة , نوع خاص منه ستثر ؼرزته وسد الباب الذي تهب منه راح الفتنة على , فعله أن تجنبه حنبذ , الحوان على الجانب الروحان

. فسترح ورح , قلبه ودنه وخلقه

: الغناء والطرب في واقع المسلمين

مة بن المسلم المتدن وبن لم جد خصو, وتؤمل ف واقعهم المعش , ومن نظر ف أحوال المسلمن . االستمتاع بطب السماع

. وتتؽذى علها كل وم , تلتذ بها « طبات السماع » إن أذن المسلم العادي موصولة بـ. من أحسن القراء , من خبلل القرآن الكرم الذي تسمعه مرتبل ومجودا ومزنا بؤحسن األصوات

وهو مراث من عهد . ل وم خمس مرات بالصوت الجمل الذي تطرب لسماعه ك, ومن خبلل األذان : فقد قال النب صلى هللا عله وسلم للصحاب الذي كشؾ له عن ألفاظ األذان ف رإا صادقة , النبوة

. فإنه أندى منك صوتا , علمه ببلال , ها األفبدة فتطرب ل, وأرق األصوات , الت تنشد بؤعذب األلحان , ومن خبلل االبتهاالت الدنة

. وتهتز لها الشاعر . ومن خبلل المدابح النبوة الت توارثها المسلمون منذ سمعوا ذلك النشد الحلو من بنات األنصار

: ترحبا بمقدم الرسول الكرم

طلع البـدر علنا من ثنـات الوداع

Page 129: ملامح المجتمع المسلم

وجب الشكر علنا مـا دعـا هلل داع

ؽننه , ذا النشد من تلمذات مدرسة إسبلمة ف إندونسا وأذكر أن منذ نحو عشرن سنة سمعت هوسالت أدمعنا على خدودنا من , فرقت له قلوبنا . وكنا وفدا من دولة قطر , بلحن جماع مإثر رقق

. فرط الرقة والتؤثر ن بها روحو« طبات السماع » وف األعصر الماضة استطاع المسلمون أن نشبوا ألنفسهم ألوانا من

وقد أدركنا ذلك ف عهد الصبا ومطالع . وخصوصا ف القرى والرؾ , وجملون بها حاتهم , أنفسهم . وال ؼبار علها , معبرة عن قمها , وكلها ألوان فطرة نابعة من الببة . الشباب كان حسن ممن , أو جتمعون على سماعها , تؽنى بها الناس ف أنفسهم , فن المواول : من ذلك

وبعضها تحدث عن الدنا , وأكثرهم تحدث عن الحب والهام والوصل والهجران , الصوت منهم . الخ . . . وشكو من ظلم الناس واألام , ومتاعها

من كان : ومن هإالء الفنانن الفطرن, « األرؼول » وبعضهم مع , وأكثرهم كان تؽنى بها بؽر آلة . ه وؽنه ف وقت واحد ولحن« الموال » إلؾ أو أبطال , أبطال الكفاح , الت تتؽنى ببطوالت بعض األبطال الشعبن , القصص المنظومة : ومنها

» مثل قصة . وكادون حفظونها عن ظهر قلب, ورددونها , فطربون بها , سمعها الناس , الصبر . وؼرها « سعد التم » و , « ي أوب المصر» و , « شفقة ومتول » و , « أدهم الشرقاوي

, والت كان جتمع لها الناس , « أبى زد الهبلل » مثل , المبلحم الشعبة لؤلبطال المعروفن : ومنها « الشاعر الشعب » من « الربابة » وستمعوا معها إلى أشعار أبطالها على نؽمات , لسمعوا القصة

ف هذا « المسلسبلت » المبلحم لها عشاقها وتقوم مقام وكانت هذه, الذي تخصص ف هذا اللون . العصر , وختان الصب , ووالدة المولود , العرس : مثل , أؼان األعاد واألفراح والمناسبات السارة : ومنها

. ونحوها . . . وعودة الحاج , وشفا ء المرض , وقدوم الؽابب مثل جنى الثمار , وها بؤنفسهم ف أحوال ومناسبات مختلفة وقد ابتكر الناس أؼان وأهازج لحنوها وؼن

, الذن عملون ف البناء وحمل األثقال ونحوها , أهازج العمال والفعلة : ومثل . أو القطن وؼرها وهم بنون , وهذا له أصل شرع من عمل الصحابة . . « صل على النب . . هبل , هبل » : مثل

: وهم نشدون . ون أحجاره على مناكبهم وحمل, المسجد النبوي

اللهم إن العش عش اآلخرة فاؼفر لؤلنصار والمهاجرة

مثل , ولهن كلمات مشهورة , ستخدمن الؽناء , وهبنهم للنوم , حن هدهدن أطفالهن , حتى األمهات . « . . . . ارب نام , ارب نام » :

وهم وقظون الناس بعد منتصؾ اللل , مضان المبارك ف شهر ر« المسحراتة » وال زلت أذكر . بمنظومات لذ سماعها منؽمة مع دقات طبولهم

: والباعة المتجولون , ما اخترعه الباعة ف األسواق : ومن جمل ما ذكر هنا , مثل بابع العرقسوس , تنافسون ف التؽن بها . من النداء على سلعهم بعبارات منظومة موزونة

. وؼرهم , باعة الفواكه والخضروات ووتجاوب الناس معه بتلقابة , دنة ودنوة , تخلل الحاة كلها -فن الؽناء -وهكذا نجد هذا الفن

ولم ر علماإهم ف هذه األلوان الشعبة ما . وال جدون ف تعالم دنهم ما عوقهم عن ذلك , وفطرة والمثل , جدها جمعا ممزوجة بالدن ومعان اإلمان والقم الروحة بل أكثر من ذلك ن. جب أن نكر

من التوحد وذكر هللا والدعاء والصبلة على النب صلى هللا عله : امتزاج الجسم بالروح , األخبلقة . وما شابهها , وسلم

Page 130: ملامح المجتمع المسلم

من ببلد العرب وؼرها, وفى ببلد المؽرب , وجدت مثله ف ببلد الشام , وهذا الذي الحظته ف مصر .

لم شدد المتأخرون في أمر الغناء ؟

من الفقها ء -وخصوصا مع اآلالت -لفقه أكثر تشددا ف منع الؽناء بلحظ أن المتؤخرن من أهل ا : وذلك ألسباب . المتقدمن

: األخذ باألحوط ال األيسر

األثقل : واألحوط عنى , والمتؤخرن أكثر أخذا باألحوط , إن المتقدمن كانوا أكثر أخذا باألسر -1

واألمثلة , توى منذ عهد الصحابة فمن بعدهم جد ذلك واضحا ومن تتبع الخط البان للفقه والؾ. واألشد . عله ال تحصر

: االغترار باألحاديث الضعيفة والموضوعة

الت امتؤلت بها , المتؤخرن أرهبهم سل األحادث الضعفة والموضوعة , إن كثرا من الفقهاء -2

وال , فراجت لدهم هذه األحادث , ساند وتحقق األ, ولم كونوا من أهل تمحص الرواات , الكتب . سما مع شوع القول بؤن تعدد الطرق الضعفة قوى بعضها بعضا

:ضغط الواقع الغنائي

. كان له أثره ف ترجح المنع والتحرم , ضؽط الواقع الؽناب بما بلبسه من انحراؾ وتجاوز -3

. لى جماعة من الفقهاء وهذا الواقع له صورتان أثرت كل واحدة منهما ع

: غناء المجون والخالعة

الت , الذي ؼدا جزءا ال تجزأ من حاة الطبقة المترفة« الؽناء الماجن » صورة : الصورة األولى , واختلط فها الؽناء بمبلبسة الفجور , واتبعت الشهوات , وأضاعت الصلوات , ؼرقت ف الملذات

كما , بعقول الحضور ( القان ) عب الجواري الحسان المؽنات وتبل, وقول الزور , وشرب الخمور . شاع ذلك ف حقب معروفة ف العصر العباس

. وكان سماع الؽناء قتض شهود هذه المجالس بما فها من خبلعة ومجانة وفسوق عن أمر هللا . ملوثة بهذا الوباء , لروح ال زالت مشربة بهذه ا -كما سمونها الوم -ومن المإسؾ أن الببة الفنة

-الذن أكرمهم هللا بالهداة والتوبة -من الفانن والفنانات , وهذا ما ضطر كل عابد أو عابدة إلى هللا . وفر بدنه بعدا عنه , أن نسحب من ذلك الوسط

: غناء الصوفية

Page 131: ملامح المجتمع المسلم

وتحرك , لة إلثارة األشواق الذي اتخذه الصوفة وس« الؽناء الدن » صورة : والصورة الثانة حن تسمع نؽم , فنشطونها وستحثون خطاها, مثلما فعل الحداة مع اإلبل , القلوب ف السر إلى هللا

وهم عتبرون , وتستقصر الطرق الطول , فتستخؾ الحمل الثقل , الحداء الموزون بصوت جمل . عونا على العبادة والقربة -على األقل -أو , ذلك السماع عبادة وقربة إلى هللا

اللذن شنا على الؽناء , وتلمذه اإلمام ابن القم , وهذا ما أنكره علهم أمثال شخ اإلسبلم ابن تمة وأجلب بخله , الذي شحذ كل أسلحته « إؼاثة اللهفان » وخصوصا ابن القم ف , هجوما عنفا حادا

إذ كان نصب , وؼر الصرح , بؽر الصحح -عادته على ؼر -واضح , ورجله لتحرم الؽناء وإحداث أمر ف , وقد رأى فه هو وشخه أنه تقرب إلى هللا بما لم شرعه , عنه ذاك النوع من الؽناء

وال سما إذا وقع ف , وربما البسه بعض البدع . وال عهد الصحابة , الدن لم كن على عهد النبوة : قم مشنعا علهم أنشد ابن ال. المساجد

!تل الكتاب فؤطرقوا ال خفة لكنـه إطراق اله ساه

!وأتى الؽناء فكالحمر تناهقوا وهللا ما رقصوا ألجل هللا

ونؽمة شادن فمتى رأت عبادة بمبله ؟, دؾ ومزمار

.وفى بعض فتاوى ابن تمة ما جز الؽناء إذا كان لرفع الحرج والتروح

: فقه اإلمام الغزالي في القضية

ة العمقة لحجج القابلن بتحرم ومناقشته الفقه, وأعتقد أن موقؾ اإلمام الؽزال من قضة الؽناء وتحدده للعوارض الت تعرض , ونصرته ألدلة المجزن , والجواب عنها باإلجابات الشافة , السماع

, عتبر من أعدل المواقؾ المعبرة عن وسطة الشرعة .. فتنقله إلى دابرة الحرمة , للسماع المباح . ر وصبلحتها لكل الببات واألعصا, وسماحتها

فهو لم عد شافعا , فقه تحرر من قود المذهبة -بصفة عامة « -اإلحاء » والحق أن فقه الؽزال ف تحتاج , وقد تجلى هذا ف مواضع كثرة . نظر إلى الشرعة من أفق واسع , بل مجتهدا طلقا , مقدا

. تصلح ألطروحة جامعة , إلى دراسة خاصة

: السماع المباح إلى الحرمة العوارض التي تنقل

: تتحدد فما ل , ذكر الؽزال عوارض خمسة تجعل السماع المباح محظورا

والحرمة فه . وتخشى الفتنة من سماعها , عارض ف المسمع بؤن كون امرأة ال حل النظر إلها .1

. لخوؾ الفتنة ال لذات الؽناء وأد ذلك بحدث الجارتن المؽنتن ف بت .. الفتنة ورجح الؽزال قصر التحرم على مظنة خوؾ

ولكن لم تكن الفتنة . ولم حترز منه , إذ علم أنه صلى هللا عله وسلم كان سمع أصواتهما , عابشة , وأحوال الرجل ف كونه شابا وشخا , فإذن ختلؾ هذا بؤحوال المرأة . فلذلك لم حترز , مخوفة عله

Page 132: ملامح المجتمع المسلم

, وهو صابم , للشخ أن قبل زوجته : فإنا نقول , تلؾ األمر ف مثل هذا باألحوال وال بعد أن خ . ولس للشاب ذلك

المزامر واألوتار وطبل : وه , عارض ف اآللة بؤن تكون من شعار أهل الشرب أو المخنثن .2

وان كان فه , ؾ كالد, وما عدا ذلك بقى على أصل اإلباحة , فهذه ثبلثة أنواع ممنوعة . الكوبة . والضرب بالقضب وسابر اآلالت , وكالطبل والشاهن , الجبلجل

أو ما هو , فإن كان فه شا من الخنا والفحش والهجر , وهو الشعر , عارض ف نظم الصوت .3

الصحابة , كما رتبه الروافض ف هجاء , أو على الصحابة , كذب على هللا تعالى وعلى رسوله وكذلك ما فه وصؾ . والمستمع شرك للقابل , بؤلحان وؼر ألحان , اع ذلك حرام فسم, وؼرهم

فؤما التشبب بوصؾ الخدود والقد . . فإنه ال جوز وصؾ المرأة بن دي الرجال , امرأة بعنها وعلى , بلحن وبؽر لحن , فالصحح أنه ال حرم نظمه وإنشاده, وسابر أوصاؾ النساء . . والقامة

فإن نزله فلنزله على , تمع أال نزله على امرأة معنة المس, ومن هذا وصفه . واجالة الفكر فه , فهو العاص بالتنزل , فإن نزله على أجنبة , من تحل له

. . .فنبؽ أن جتنب السماع رأسا

هذه وكانت, وكان ف ؼرة الشباب , وهو أن تكون الشهوة ؼالبة عله , عارض ف المستمع .4

سواء ؼلب على قلبه حب شخص معن أم لم ؽلب , فالسماع حرام عله , الصفة أؼلب عله من ؼرها , إال وحرك ذلك شهوته , والفراق والوصال , فبل سمع وصؾ الصدغ والخد , فإنه كفما كان ,

. .بواعث الشر وتمتد , فتشتعل نار الشهوة , نفخ الشطان بها ف قلبه , ونزله على صورة معنة

وال , فكون السماع له محبوبا , ولم ؽلب عله حب هللا تعالى , أن كون الشخص من عوام الخلق .5

إال أنه , ولكنه أبح ف حقه كسابر أنواع اللذات المباحة , فكون ف حقه محظورا , ؼلبت عله شهوة فإن المواظبة , ا هو السفه الذي ترد شهادته فهذ, وقصر عله أكثر أوقاته , إذا اتخذه ددنه وهجراه

فكذلك بعض المباحات , وكما أن الصؽرة باإلصرار والمداومة تصر كبرة , على اللهو جناة ولكن المواظبة عله , فإنه مباح , اللعب بالشطرنج : ومن هذا القبل . . . بالمداومة صر صؽرة كسابر , واالستكثار منه حرام , بل الخبز مباح . باح كثره وما كل مباح . . مكروهة كراهة شددة

. المباحات , أنه اعتبر األوتار والمزامر من عوارض التحرم : وبلحظ ف هذه العوارض الت ذكرها الؽزال

. بناء على أن الشرع ورد بالمنع منها : إذ قال , ر فؤبدع وأجاد ف التعلل والتفس, وقد اجتهد ف تعلل هذا المنع

ولكن حرمت , إن الشرع لم منع منها للذاتها ؛ إذ لو كان للذة لقس علها كل ما لتذ به اإلنسان حتى انتهى األمر ف االبتداء إلى كسر , واقتضت ضراوة الناس بها المبالؽة ف الفطام عنها , الخمور وكان تحرمها من , وتار والمزامر فقط وهى األ, فحرم معها كل ما هو من شعار أهل الشرب , الدنان

التصاله , وحرم النظر إلى الفخذ , كما حرمت الخلوة باألجنبة ؛ ألنها مقدمة الجماع , قبل االتباع وما من حرام إال وله حرم , وان كان ال سكر؛ ألنه دعو إلى السكر , وحرم قلل الخمر , بالسوأتن . وخطارا مانعا حوله , لكون حمى للحرام ووقاة له , حرمه وحكم الحرمة نسحب على, طؾ به

: محرمة تبعا لتحرم الخمر لثبلث علل ( أي األوتار والمزامر ) فه . . . فإن اللذات الحاصلة بها إنما تتم بالخمر , أنها تدعو إلى شرب الخمر : إحداهاوالذكر سبب انبعاث . . . جالس األنس بالشرب أنها ف حق قرب العهد بشرب الخمر تذكر م: الثانة

. . . وهو سبب اإلقدام , الشوق

Page 133: ملامح المجتمع المسلم

فمنع من التشبه بهم ؛ ألن من تشبه بقوم , لما أن صار من عادة أهل الفسق , االجتماع علها : الثالثة. . . فهو منهم

بل , مجرد اللذة الطبة : مها وبهذا نتبن أنه لست العلة ف تحري: قال الؽزال , وبعد كبلم وتحلل جد قل من حرم زنة هللا الت أخرج : ) قال هللا تعالى . إال ما ف تحلله فساد ,القاس تحلل الطبات كلها . ؟ (لعباده والطبات من الرزق

منع من هذه , أنه لم رد نص صحح الثبوت صرح الداللة : فالحققة , ورحم هللا اإلمام الؽزال أخذ األحادث المروة ف الموضوع قضة -رضى هللا عنه -ولكنه , تار والمزامر كما ظن األو

ما جشم نفسه , ولو عرؾ وهن أساند المروات ف هذا األمر , ثم حاول تفسرها بما ذكرناه , مسلمة . وهو على كل حال تعلل مفد لمن ال سلم بضعؾ هذه األحادث . عناء هذا التعلل

: تحذير من التساهل في إطالق التحريم

وطلقون لها « حرام » العلماء الذن ستخفون بكلمة ونختم بحثنا هذا بكلمة أخرة نوجهها إلى السادةوعلموا أن هذه , علهم أن راقبوا هللا ف قولهم , وفى بحوثهم إذا كتبوا , العنان ف فتاواهم إذا أفتوا

وهذا أمر ال عرؾ بالتخمن وال , إنها تعنى عقوبة هللا على الفعل : كلمة خطرة « حرام » الكلمة إنما عرؾ من نص , وال بمجرد النص عله ف كتاب قدم , وال باألحادث الضعفة , ج بموافقة المزاولهم ف السلؾ الصالح , وإال فدابرة العفو واإلباحة واسعة , أو إجماع معتبر صحح , ثابت صرح . أسوة حسنة

والحرام؛ ألن هذا ما شا أشد عل من أن أسؤل عن مسؤلة من الحبلل: قال اإلمام مالك رضى هللا عنه وان أحدهم إذا سبل عن مسؤلة كؤن الموت , ولقد أدركت أهل العلم والفقه ببلدنا , هو القطع ف حكم هللا

ولو وقفوا على ما صرون إله ؼدا , ورأت أهل زماننا هذا شتهون الكبلم ف الفتا , أشرؾ عله وهم خر -ار الصحابة كانت ترد علهم المسابل وان عمر بن الخطاب وعلا وعامة خ, لقللوا من هذا

فكانوا جمعون أصحاب النب صلى هللا عله وسلم -القرون الذن بعث فهم النب صلى هللا عله وسلم : فبقدر ذلك فتح لهم من العلم قال , وأهل زماننا هذا قد صار فخرهم , ثم حنبذ فتون فها , وسؤلون

: أن قولوا , ومعول اإلسبلم علهم , وال من مضى من سلفنا الذن قتدى بهم ولم كن من أمر الناس فهذا « حرام » و « حبلل » وأما , أنا أكره كذا وأرى كذا : ولكن قول , هذا حبلل وهذا حرام

ا قل أرأتم ما أنزل هللا لكم من رزق فجعلتم منه حرام: ) قول هللا تعالى أما سمعت . االفتراء على هللا . والحرام ما حرماه , ؛ ألن الحبلل ما حله هللا ورسوله (أم على هللا تفترون, وحبلال قل ءآهلل أذن لكم أدركت مشاخنا » : عن اإلمام أبى وسؾ صاحب أبى حنفة قال « األم » ونقل اإلمام الشافع ف

ما كان ف كتاب هللا عز وجل إال, هذا حبلل وهذا حرام : من أهل العلم كرمون ف الفتا أن قولوا . بنا ببل تفسر

إن هللا : إاكم أن قول الرجل : أنه قال -وكان أفضل التابعن -وحدثنا ابن السابب عن الربع بن خثم : فقول هللا , إن هللا حرم هذا : وقول ! لم أحل هذا ولم أرضه : فقول هللا له , أحل هذا أو رضه !لم أنه عنه كذبت لم أحرمه و

أنهم كانوا إذا أفتوا بشء أو نهوا : وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهم النخعى أنه حدث عن أصحابه .« فما أعظم هذا , . هذا حبلل وهذا حرام : فؤما أن قول , وهذا ال بؤس به , هذا مكروه : قالوا , عنه

Page 134: ملامح المجتمع المسلم

فن الجمال المرئي

(الرسم والتصوير والزخرفة )

: تصوير في القرآن ال

, الذي بدع الصور الجملة , عرض القرآن الكرم للتصور على أنه عمل من أعمال هللا تبارك وتعالى (هو الذي صوركم ف األرحام كؾ شاء ) : وف مقدمتها اإلنسان , وخصوصا صور الكابنات الحة

. (أي صورة ما شاء ركبك ف* الذي خلقك فسواك فعدلك ) . (وصوركم فؤحسن صوركم ) . هو هللا الخالق : ) قوله تعالى كما ف . « المصور » اسم : وذكر القرآن أن من أسماء هللا الحسنى

: كما عرض القرآن للتماثل ف موضعن . (له األسماء الحسنى , البارئ المصور حث اتخذها قومه , له السبلم وذلك على لسان الخلل إبراهم ع, ف موضع الذم واإلنكار : أحدهما قالوا وجدنا * ما هذه التماثل الت أنتم لها عاكفون : ) قاببل فؤنكر علهم ذلك , أي آلهة تعبد , أصناما

. (آباءنا لها عابدون , حث سخر له الرح , ذكرها القرآن ف معرض االمتنان واإلنعام على سلمان عله السبلم : والثان

عملون له ما شاء من محارب وتماثل وجفان كالجواب ) جن عملون بن ده بإذن ربه وسخر له ال . (اعملوا آل داود شكرا , وقدور راسات

:التصوير في السنة

وبعضها شدد , معظمها ذم التصور والمصورن , فقد حفلت بؤحادث كثرة صححة . . أما السنة , أو تعلقها ف البت , كما نكر اقتناء الصور . ؼاة التشدد ف منع التصور وتحرمه والوعد عله

. بكة ال تدخل بتا فه صورة أن المبل: وعلن فمعناه أنه , فإذا منعت من الدخول ف بت , والمبلبكة هم مظهر رحمة هللا تعالى ورضاه وبركته

. محروم من الرحمة والرضا والبركة وقارن , وفى ساقاتها ومبلبساتها, والمتؤمل ف معان األحادث الواردة ف التصور أو اقتناء الصور

Page 135: ملامح المجتمع المسلم

أن النهى والتحرم والوعد ف تلك األحادث لم كن اعتباطا وال تحكما : تبن له , ا وبعض بن بعضه . بل كان وراءها علل ومقاصد هدؾ الشرع إلى رعاتها وتحققها ,

:تصوير ما يعظم ويقدس

حتى صل إلى درجة , وهذا التعظم تفاوت , فبعض التصور كان قصد به تعظم المصور (أ ) . بل العبادة , التقدس

. بالتقدس والعبادة وانتهت, وتارخ الوثنات دل على أنها بدأت بالتصور للتذكرة وقالوا ال تذرن آلهتكم وال تذرن ودا وال سواعا : ) قوله تعالى على لسان قوم نوح ذكر المفسرون ف

فلما ماتوا , كانت أسماء رجال صالحن , أن أسماء هذه األصنام المذكورة (وال ؽوث وعوق ونسرا وسموها بؤسمابهم , لت كانوا جلسون إلها أنصابا أن انصبوا إلى مجالسهم ا: أوحى الشطان إلى قومهم

( رواه البخاري وؼره عن ابن عباس . ) عبدت, ونسى العلم , حتى إذا هلك أولبك .. فلم تعبد , ففعلوا .

« مارة » ذكر بعض نسابه كنسة قال لها , لما اشتكى النب صلى هللا عله وسلم : وعن عابشة قالت : فرفع رأسه فقال , فذكرتا من حسنها وتصاور فها , أتتا أرض الحبشة , وأم حببة وكانت أم سلمه , أولبك , ثم صوروا فه تلك الصور , بنوا على قبره مسجدا , أولبك إذا مات فهم الرجل الصالح »

( . متفق عله ) «شرار خلق هللا كما عرؾ ذلك عند قوم إبراهم , ة ومن المعروؾ أن الصور والتماثل أروج ما تكون ف رحاب الوثن

. وؼرهم -إلى الوم -وعند الهنود , والونان والرومان , وعند المصرن القدماء , دخلها كثر مما كان عند الرومان -على د قسطنطن إمبراطور الروم « ترومت » والنصرانة حنما . من مظاهر الوثنة

, د على التصور قصد به الذن نحتون اآللهة المزعومةولعل بعض ما ورد من الوعد الشديإن أشد الناس » : وذلك مثل حدث ابن مسعود مرفوعا : والمعبودات المتنوعة عند األمم المختلفة

( . متفق عله ) «المصورون : عذابا عند هللا , فهذا كافر , ونحوها وهو صانع األصنام, ه محمولة على من فعل الصورة لتعبد : قل : قال النووي

واعتقد , ه فمن قصد المعنى الذي ف الحدث من مضاهاة خلق هللا تعالى : وقل , وهو أشد عذابا . وزد عذابه بزادة قبح كفره , له من أشد العذاب ما للكفار , فهذا كافر , ذلك

-اذ الصور ؛ ألنه ال تصور وهو من أشد المشددن ف تحرم التصور واتخ, وإنما ذكر النووي ذلك أن كون المصور العادي أشد عذابا من القاتل والزان وشارب الخمر -بحسب مقاصد الشرع

. وؼرهم من مرتكب الكبابر والموبقات . . . والمراب وشاهد الزور فقال , بتا فه تماثل -هو وصاحب له -وقد روى مسروق حدث ابن مسعود المذكور بمناسبة دخوله

.فروى مسروق الحدث . . هذا تماثل مرم : هذا تماثل كسرى ؟ قال صاحبه : مسروق

: تصوير ما يعتبر من شعائر دين آخر

Page 136: ملامح المجتمع المسلم

وأبرز , وقرب من هذا اللون من التصور ما كان عبر عن شعابر دن معن ؼر دن اإلسبلم (ب ) فما كان من الصور مشتمبل على الصلب فهو محرم ببل رب . عند النصارى « الصلب » مثل لذلك

. وجب على المسلم نقضه وإزالته , أن النب صلى هللا عله وسلم لم كن ترك ف بته شبا فه » : عن عابشة وى البخاري وفى هذا ر

«تصالب إال نقضه

:المضاهاة بخلق هللا

وبدو أن هذا أمر . بدعوى أنه بدع وخلق كما خلق هللا سبحانه , مضاهاة خلق هللا عز وجل (جـ ) . وان كان هناك من رى أن كل مصور مضاه لخلق هللا , تعلق بقصد المصور ونته

الذن : أشد الناس عذابا وم القامة » : عابشة عن النب صلى هللا عله وسلموفى هذا جاء حدث ( . متفق عله ) «ضاهون بخلق هللا

وهو ما نقله اإلمام النووي ف شرح , فهذا الوعد الؽلظ وح بؤنهم قصدون إلى مضاهاة خلق هللا . إذ ال قصد ذلك إال كافر , مسلم

قال هللا » : صلى هللا عله وسلم قول سمعت رسول هللا: أبى هررة الصحح قال ودل عله حدث متفق ) «أو لخلقوا شعرة , ولخلقوا حبة , فلخلقوا ذرة , ومن أظلم ممن ذهب خلق كخلق : تعالى ( . عله ولعل هذا هو سر التحدي اإلله لهم وم . دل على القصد والتعمد « ذهب خلق كخلق » : فقوله

. كما قول األصولون « أمر تعجز » وهو « أحوا ما خلقتم »: حث قال لهم , القامة

: دخول الصور في مظاهر الترف

وهذا ما ظهر من كراهة النب صلى هللا عله . أن تكون جزءا من أدوات الترؾ ومظاهره (د ) فؤخذت : قالت , روت عابشة أنه عله الصبلة والسبلم خرج ف ؼزاةفقد , وسلم لبعض الصور ف بته

فجذبه حتى , ى النمط فرأ, فلما قدم , فسترته على الباب ( نوعا من البسط اللطفة أو الستابر ) نمطا , فقطعنا منه وسادتن : قالت « إن هللا لم ؤمرنا أن نكسو الحجارة والطن » : ثم قال , هتكه

( . متفق عله ) « فلم عب ذلك على , وحشوتهما لفا فهو ال دل على , قتض أنه لس بواجب وال مندوب « -إن هللا لم ؤمرنا » -والنص بهذه الصؽة

نبؽ أن كون أسوة ومثبل , ولكن بت النبوة , كما قال اإلمام النووي , من الكراهة التنزهة أكثر . للناس ف الترفع على زخرؾ الدنا وزنتها

, وكان الداخل إذا دخل استقبله , كان لنا ستر فه تمثال طابر : قالت , حدث عابشة اآلخر إكد هذا

Page 137: ملامح المجتمع المسلم

) «ذكرت الدنا , فإن كلما دخلت فرأته , حول هذا » : له وسلم فقال ل رسول هللا صلى هللا ع( . رواه مسلم

ممدود إلى , أنه كان لها ثوب فه تصاور : عنها رضى هللا عنها ما رواه القاسم بن محمد : ومثله ته وسابد فؤخرته فجعل: أخره عن قالت » . فقال , فكان النب صلى هللا عله وسلم صل إله , سهوة

» .. «فإن تصاوره تعرض ل ف صبلت , أخره عن »: وفى رواة عند ؼر مسلم

: ولكن النووي قال . ال من وادي التحرم , وهو من وادي الكراهة , فهذا كله من زادة الترفه والتنعم . وال نكره فلهذا كان دخل وراه , هذا محمول على أنه كان قبل تحرم اتخاذ ما فه صورة

ولكن النسخ . أنه رى األحادث الت ظاهرها التحرم ناسخة لهذا الحدث وما ف معناه : ومعنى هذا : فإثبات مثل هذا النسخ ستلزم أمرن . ال ثبت بمجرد االحتمال

ث مع أن الجمع ممكن بحمل أحادي. بحث ال مكن الجمع بنهما , التحقق من تعارض النصن: أولهما (. أي ما له ظل ) أو بقصرها على المجسم , التحرم على قصد مضاهاة خلق هللا

بل الذي رآه اإلمام , وال دلل على أن التحرم هو المتؤخر . معرفة المتؤخر من النصن : وثانهمالقرب , فقد شدد اإلسبلم ف شؤن الصور ف أول األمر , هو العكس « مشكل اآلثار » الطحاوي ف

. ونحوه , أي ما كان رقما ف ثوب . ثم رخص ف المسطحات من الصور , هده بالوثنة عتدل على شدة الكراهة من النب صلى هللا عله وسلم , وقد روى هذا الحدث عن عابشة بصؽة أخرى

. عله فلما رآها رسول هللا صلى هللا, فها تصاور ( وسادة صؽرة ) أنها اشترت تمرقة : فعن عابشة

أتوب , ا رسول هللا : فقلت : قالت , فعرفت ف وجهه الكراهة , فلم دخل , قام على الباب , وسلم اشترتها لك لتقعد علها : قلت « ما بال هذه النمرقة » : ما أذنبت ؟ فقال , وإلى رسوله , إلى هللا

وقال , ه الصور عذبون وم القامة إن أصحاب هذ» : فقال رسول هللا صلى هللا عله وسلم . وتوسدها . «أحوا ما خلقتم : لهم

( . متفق عله ) «إن البت الذي فه الصورة ال تدخله المبلبكة » : وقال

: نظرات في فقه األحاديث

. ورد معظم األحادث المحرمة , ف هذا الجو الذي كان حط بفن التصور والصور ف عصر النبوة وان كان تشددها ف صنعة التصور أكثر من , وال ؼرو أن شددت األحادث النبوة ف هذا األمر

فبعض ما حرم تصوره جوز اقتناإه فما متهن مثل البسط والوسابد , ا ف اقتناء الصورة تشدده. كما رأنا ف حدث عابشة , ونحوها مما بتذل باالستعمال

كل مصور ف » : ما جاء ف الصححن عن ابن عباس مرفوعا : ومن أشد ما روى ف منع التصور . «فعذبه ف جهنم , ا نفسا جعل له بكل صورة صوره, النار

ا بن : فقال , إذ جاءه رجل , كنت عند ابن عباس : قال وفى رواة للبخاري عن سعد بن أبى الحسن ال : فقال ابن عباس . وإن أصنع هذه التصاور , إن رجل إنما معشت من صنعة دي , عباس

من صور صورة فإن هللا » : سمعته قول .أحدثك إال ما سمعت من رسول هللا صلى هللا عله وسلم أي انتفخ ؼظا ) فربا الرجل ربوة شددة . « ولس بنافخ فها أبدا , معذبه حتى نفخ فها الروح

Page 138: ملامح المجتمع المسلم

. «وكل شا لس فه روح , فعلك بهذا الشجر , وحك ؛ إن أبت إال أن تصنع » : فقال ( وضقا أال أبعثك على ما : ل عل بن أبى طالب رض هللا عنه قال» : وروى مسلم من حان بن حصن قال

«وال قبرا مشرفا إال سوته , بعثن عله رسول هللا صلى هللا عله وسلم ؟ أال تدع صورة إال طمستها .

ف ساعة , واعد رسول هللا صلى هللا عله وسلم جبرل عله السبلم: عن عابشة أنها قالت وروى مسلمما خلؾ هللا » : وقال , فؤلقاها من ده , وف ده عصا , ولم ؤته , فجاءت تلك الساعة , ؤته فها

متى دخل هذا الكلب , ا عابشة » : فقال , فإذا جرو كلب تحت سرره , ثم التفت ! « وعده وال رسله لى هللا عله فقال رسول هللا ص, فجاء جبرل , فؤخرج , فؤمر به ! وهللا ما درت : فقالت « ههنا ؟ إنا ال ندخل بتا . منعن الكلب الذي كان ف بتك : فقال ! « فلم تؤت , فجلست لك , واعدتن » : وسلم

. «فه كلب وال صورة كما زعم بعض من , لس قلبل , وبهذا نرى أن عدد األحادث الت وردت ف شؤن التصور والصور

, وعابشة , وابن عباس , وابن عمر , ابن مسعود : منهم فقد رواها جمع من الصحابة, كتب ف ذلك . وكلها ف الصحاح . وأبو طلحة , وأبو هررة , وعل

وكان من أشدهم ف ذلك اإلمام , وقد اختلفت آراء الفقهاء ف قضة التصور ف ضوء هذه األحادث , أو ؼر مجسم ( له ظل )مجسما , النووي الذي حرم تصور كل ما فه روح من إنسان أو حوان

كالمصور ف البسط , وان كان تصوره حراما , ولكنه أجاز استعمال ما متهن , ممتهنا أو ؼر ممتهن . والوسابد ونحوها

) وهو ما نطلق عله عرفا ( الذي له ظل ) ولكن بعض فقهاء السلؾ قصر التحرم على المجسم ألن خلق هللا , وه الت ظهر فها مضاهاة خلق هللا , فه أوؼل ف مشابهة الوثنة ( التماثل

. (هو الذي صوركم ف األرحام كؾ شاء ) : وتصوره مجسم وهو الذي , وخلق هللا تعالى مجسم , «ومن أظلم ممن ذهب خلق كخلق » : وف الحدث القدس

وال سما , دخل ف الترؾ والسرؾ وألنها ا, إذ المسطح لس قاببل لذلك , مكن قبول نفخ الروح فه . ما كان من المعادن الثمنة .. وهذا مذهب بعض السلؾ

ولعله أخذ , فتعقبه الحافظ ابن حجر بؤنه مذهب القاسم بن محمد , وقد قال النووي إن هذا مذهب باطل . وسنذكر نص هذا الحدث «إال رقما ف ثوب » : قوله صلى هللا عله وسلم بعموم

وابن أخ عابشة , ومن أفضل أهل زمانه , أحد الفقهاء السبعة بالمدنة , قاسم بن محمد بن أبى بكر وال.. وحتج له بالحدث التال . وراوي حدث النمرقة عنها ,

عن أبى طلحة صاحب رسول هللا صلى هللا فف الصحح عن بسر بن سعد عن زد بن خالد الجهنى . إن المبلبكة ال تدخل بتا فه صورة » : سول هللا صلى هللا عله وسلم قال إن ر: عله وسلم أنه قال

فقلت لعبد هللا الخوالنى : قال , فإذا على بابه ستر فه صورة, فعدناه , ثم اشتكى زد بعد : قال بسر لم أ: ألم خبرنا زد عن الصور وم األول ؟ فقال : ربب ممونة زوج النب صلى هللا عله وسلم

«إال رقما ف ثوب » : تسمعه حن قال إال رقما ف ثوب » : وأكد ذلك ما رواه الترمذي أن سهل بن حنؾ رافق أبا طلحة على هذا االستثناء

» .حدث تمثال الطابر الذي كان ف بت عارضه , ما كان لؽر ذي روح : وتؤول هذا بؤن المراد به

فإن تصاوره تعرض »: أو «فإن كلما رأته ذكرت الدنا , ي هذا حول» : وقول النب لها , عابشة . «ل ف صبلت

أو , أو الجدران , وأما صور اللوحات المسطحة على الورق , فاألرجح قصر التحرم على المجسم و إال ما كان فه ؼل, كما ذكر اإلمام الخطاب , فؤقصى ما فها الكراهة التنزهة , الخشب ونحوها

. كالصور الت تباع بالمبلن ونحوها, وإسراؾ

Page 139: ملامح المجتمع المسلم

, من الدمى والعرابس والقطط والكبلب والقرود ونحوها , لعب األطفال : وستثنى من المجسم المحرم . واألطفال عبثون بها , ألن مثله ال ظهر فه قصد التعظم , مما تلهى به األطفال

وأن صواحب لها كن جبن إلها فلعب ( العرابس ) البنات عابشة أنها كانت تلعب بودلل ذلك حدث . وكان الرسول الكرم سر لمجبهن إلها. معها

ثم ال تلبث أن تإكل , التماثل والعرابس الت تصنع من الحلوى وتباع ف بعض المناسبات : ومثل ذلك .

أن كما جاء ف الحدث , ذلك منها أو نحو, التماثل الت تشوه بقطع رأسها : كما ستثنى من الحظر . «مر برأس التمثال فلقطع حتى صر كهبة الشجرة » : جبرل قال للرسول صلى هللا عله وسلم

فبل خرجها من دابرة الحظر , وأما التماثل النصفة الت تنصب ف المادن ونحوها للملوك والزعماء . ألنها ال تزال تعظم ,

والسرة , فهو خلدهم بالذكر الحسن , ي تخلد العظماء واألبطال خالؾ نهج الؽربن ونهج اإلسبلم ؾ, تناقلها الخلؾ عن السلؾ , الطبة

فؤحبتهم القلوب , وبهذا خد األنباء والصحابة واألبمة واألبطال والربانون , وؤتسون بها , وتمثلونها . وال نصب لهم تمثال , وان لم ترسم لهم صورة, ودعت لهم األلسنة ,

وكم , ف قلب القاهرة « الظوؼل » كتمثال , وكم من تماثل قابمة ال عرؾ الناس شبا عن أصحابها .من تماثل مر الناس علها فلعنون أصحابها

: الصور الفوتوغرافية

إنما عنى الصور الت تنحت أو ترسم على , ومما ال خفاء فه أن كل ما ورد ف التصور والصور . حسب ما ذكرنا

وال , شا مستحدث لم كن ف عصر الرسول فه -الت تإخذ بآلة الفوتوؼرافا -أما الصور الشمسة فهل نطبق عله ما ورد ف التصور والمصورن ؟ , سلؾ المسلمن

وخصوصا إذا , فبل رون شبا ف هذه الصور ( المجسمة ) أما الذن قصرون التحرم على التماثل . لم تكن كاملة

تلك الت تبدعها رشة الرسام ؟ أم أن وأما على رأي اآلخرن فهل تقاس هذه الصور الشمسة علىال تتحقق -وهى أنهم ضاهون خلق هللا -العلة الت نصت علها بعض األحادث ف عذاب المصورن

هنا ف الصورة الفوتوؼرافة ؟ وحث عدمت العلة عدم المعلول كما قول األصولون ؟ أن أخذ الصورة » : مفتى مصر إن الواضح هنا ما أفتى به المؽفور له الشخ محمد بخت

لس من -الذي هو عبارة عن حبس الظل بالوسابط المعلومة ألرباب هذه الصناعة -بالفوتوؼرافا ألن التصور المنه عنه هو إجاد صورة وصنع صورة لم تكن , التصور المنه عنه ف شا ولس هذا المعنى موجودا ف أخذ , ضاهى بها حوانا خلقه هللا تعالى, موجودة وال مصنوعة من قبل

( ( . عكاسا ) والمصور ( عكسا ) إكد هذا تسمة أهل الخلج الصورة . ) « الصورة بتلك اآللة وال خالؾ مسلم ف . ومن المقرر أن لموضوع الصورة أثرا ف الحكم بالحرمة أو ؼرها . . هذا

فتصور النساء عارات , أو شرابعه وآدابه , سبلم تحرم الصورة إذا كان موضوعها مخالؾ لعقابد اإلورسمهن أو تصورهن ف أوضاع مثرة , وإبراز مواضع األنوثة والفتنة منهن , أو شبه عارات ,

» ودور , كما نرى ذلك واضحا ف بعض المجبلت والصحؾ , موقظة للؽرابز الدنا , للشهوات وحرمة اقتنابه , وحرمة نشره على الناس , مة تصوره كل ذلك مما ال شك ف حرمته وحر« السنما

Page 140: ملامح المجتمع المسلم

وحرمة القصد إلى رإته ومشاهدته , وتعلقه على الجدران , واتخاذه ف البوت أو المكاتب والمجبلت .

فبل , الذن جب على المسلم أن عادهم هلل وبؽضهم ف هللا , ومثل هذا صور الكفار والظلمة والفساق أو وثن شرك مع هللا البقر أو , صور أن قتن صورة لزعم ملحد نكر وجود هللا , حل لمسلم أن

أو مدع لئلسبلم وهو , أو هودي أو نصران جحد نبوة محمد صلى هللا عله وسلم , أو ؼرها , النار بر عن الصور الت تع, ومثل هذا . أو شع الفاحشة والفساد ف المجتمع , حكم بؽر ما أنزل هللا

الوثنة أو شعابر بعض األدان الت ال رضاها . اإلسبلم كاألصنام وما شابهها

: صة ألحكام الصور والمصورين خال

: ونستطع أن نجمل أحكام الصور والمصورن ف الخبلصة التالة

فهذه تإدى بمصورها إلى الكفر , أشد أنواع الصور ف الحرمة واإلثم صور ما عبد من دون هللا (أ ) . إن كان عارفا بذلك قاصدا له

من روج هذه الصور أو عظمها بوجه من الوجوه داخل وكل. والمجسم ف هذه الصور أشد إثما ونكرا . ف هذا اإلثم بقدر مشاركته

أي ادعى أنه بدع وخلق , ولكنه قصد مضاهاة خلق هللا , وله ف اإلثم من صور ما ال عبد (ب ) . وهذا أمر تعلق بنة المصور وحده . فهو بهذا قارب الكفر , كما خلق هللا

ولكنها مما عظم كصور الملوك والقادة والزعماء , ك الصور المجسمة لما ال عبد ودون ذل (جـ ) وستوي ف ذلك أن . ونصبها ف المادن ونحوها , وؼرهم عن زعمون تخلدهم بإقامة التماثل لهم

. كون التمثال كامبل أو نصفا

ستثنى , فإنه متفق على حرمته, م ودونها الصور المجسمة لكل ذي روح مما ال قدس وال عظ (د ) . ومثلها ما إكل من تماثل الحلوى , كلعب األطفال , من ذلك ما متهن

كصور الحكام والزعماء , الت عظم أصحابها -اللوحات الفنة -وبعدها الصور ؼر المجسمة (هـ ) , لظلمة والفسقة والملحدن وتتؤكد الحرمة إذا كان هإالء من ا. وخاصة إذا نصبت وعلقت , وؼرهم

. فإن تعظمهم هدم لئلسبلم

, ولكن تعد من مظاهر الترؾ , ودون ذلك أن تكون الصورة ؼر المجسمة لذي روح ال عظم (و ) . فهذا من المكروهات فحسب , والتنعم كؤن تستر بها الجدر ونحوها

Page 141: ملامح المجتمع المسلم

سفن والجبال والنجوم والسحب ونحوها أما صور ؼر ذي الروح من الشجر والنخل والبحار وال (ز ) ما لم تشؽل عن طاعة أو تإد إلى ترؾ , فبل جناح على من صورها أو اقتناها , من المناظر الطبعة

. فتكره

ما لم شتمل موضوع الصورة , فاألصل فها اإلباحة ( الفوتوؼرافة ) وأما الصور الشمسة (ح ) وخاصة إذا كان المعظم من , أو تعظمه تعظما دنوا , نا كتقدس صاحبها تقدسا د, على محرم

. أهل الكفر أو الفساق كالوثنن والشوعن والفنانن المنحرفن

انتقلت من دابرة , إن التماثل والصور الحرمة أو المكروهة إذا شوهت أو امتهنت . . وأخرا (ط ) .الت تدوسها األقدام والنعال ونحوها كصور البسط, الحرمة والكراهة إلى دابرة الحل

:تأويالت

وا أن إولوا األحادث الصحاح الواردة ف تحرم التصور ومن المعلوم أن هناك بعض العلماء حاول. واقتناء الصور لقولوا بإباحة الصور كلها حتى المجسمة منها

ف الحدث على من جعل « المصورن » مثل ما حكاه أبو عل الفارس ف تفسره عمن حمل كلمة وهو , واعتبروه جسما وصورة , بخلقه المجسمة والمشبهة الذي شبهوا هللا تعالى : عنى , هلل صورة

. تعالى لس كمثله شا وهو تكلؾ واعتساؾ ال تساعده األلفاظ الثابتة ف « الحجة » ذكر هذا أبو عل الفارس ف كتابه

. األحادث عملون له ما : ) « سبؤ » وذكره القرآن ف سور, ومثل من استند إلى ما أبح لسلمان عله السبلم

, وهذا الرأي ذكره أبو جعفر النحاس . ولم قولوا بنسخه ف شرعتنا (ن محارب وتماثل شاء م. « الهداة إلى بلوغ النهاة » وحكاه بعده مك ف تفسره

وأن هذا التشدد كان ف ذلك الزمان لقرب عهد الناس بعبادة , ومثل من حمل المنع على مجرد الكراهة ( . هذا مع أن الوثنة ال زال دن بها آالؾ المبلن . ) ف العصور التالة وقد تؽر الحال, األوثان

بؤن هذا , ورد علهم اإلمام ابن دقق العد , وهذا قاله بعضهم من قبل . وهى أنهم ضاهون أو شبهون بخلق هللا , ألن هذا مناؾ للعلة إلى ذكرها الشارع , القول باطل قطعا

ولس لنا أن نتصرؾ ف . ال تخص زمانا دون زمان , مستقمة مناسبة وهذه علة عامة: قال . النصوص المتظاهرة المتضافرة بمعنى خال

وبالتال لم تإثر ف المجرى العام للحضارة , والثابت الواضح أن هذه األقوال لم تقنع العقل المسلم كما رأنا ف أسود قصر , بعض البلدان وان عمل بها بعض الناس ف , والحاة اإلسبلمة , اإلسبلمة

نفابس األصول ف شرح » وبعض ما حكاه اإلمام القراف ف كتابه , الحمراء بؽرناطة ف األندلس كلما مضى من اللل ساعة انفتح باب منه وخرج منه , عن شمعدان وضع للملك الكامل « المحصول

أن الشمعة تؽر لونها كل : عمل شمعدانا زاد فه وأن القراف نفسه . الخ . . . شخص ف خدمة الملك وسقط , إلى الحمرة الشددة , وفه أسد تتؽر عناه من السواد الشدد إلى الباض الشدد , ساعة

ف كل ساعة , وؽلق باب وفتح باب , وخرج شخص ؼره , ودخل شخص , حصانان من طابرن قال , شر إلى األذان , وإصبعه ف أذنه , على الشمعدان وإذا طلع الفجر طلع الشخص . لها لون ( . ؼر أن عجزت عن صنعة الكبلم : القراف

Page 142: ملامح المجتمع المسلم

وفها تمثال , وقرب من ذلك ما حكاه ابن جبر ف رحلته عن وصؾ الساعة الت كانت بجامع دمشق . الخ . . . صقور

:المزاج العام للحضارة اإلسالمية

وخصوصا , ولكن المإكد أن المزاج العام للحضارة اإلسبلمة لم رحب بصور اإلنسان والحوان ال التجسم البلبق بالوثنات على اختبلؾ , البلبق بعقدة التوحد , عله التجرد وؼلب, المجسمة منها

. درجاتها وترك فها آثارا , ف حضارتنا إلى أمور أخرى أبدع فها أما إبداع « التشكل » ومن هنا اتجه الفن

. رابعة الجمال وتجلى ذلك ف المساجد , رشته تجلت ف الزخارؾ الت تفنن فها عقل الفنان المسلم وده و

وعلى , واألبواب والنوافذ , على الجدران والسقوؾ : والمصاحؾ والقصور والمنازل وؼرها . والتحؾ والبسط والثاب والسوؾ , وف األثاث , وف األدوات المنزلة , األرضات أحانا

, والورق , ؾ والجلد والزجاج والخز, واستخدمت المواد المختلفة من الحجارة والرخام والخشب . والمعادن المتنوعة , والحدد والنحاس

الخط العرب بؤنواعه المختلفة من الثلث والنسخ والرقعة والفارس والدوان : ودخل ف الزخرفة وخلفوا لنا لوحات ف ؼاة الحسن واإلبداع , وافتن الخطاطون ف ذلك كل االفتنان , والكوف وؼرها

.أما الجوامع فبل زلنا نشها منها . ف المصاحؾ والجوامع « الخط والزخرفة » ثر ما تجلى الفنان وأك

وجامع , والجامع األموي بدمشق , ومسجد قبة الصخرة , كما ف المسجد النبوي , آات ف الجمال وؼرها , وجامع السلطان حسن وجامع محمد عل بالقاهرة , السلطان أحمد والسلمانة باستانبول

. وؼرها ف أنحاء العالم اإلسبلم إن فن البناء : وقد قال مإرخو الحضارة , وأبرز ما تجلى فه الفن اإلسبلم إنما كان ف العمارة

لعل أبرزها ف الهند , وقد ظهر ذلك ف روابع كثرة ف أقطار عدة , أحسن معبر عن الفن اإلسبلم . « تاج محل » : ي تلك الرابعة الهندسة الجمالة إحدى عجابب الدنا المتمثلة ؾ:

جعلت للعالم اإلسبلم تمزه , وهكذا كان منع التصور والنحت سببا لفتح أبواب أخرى ف عالم الفنون . ومثالته المتفردة , الخاص

فن الجمال المرئي

(الرسم والتصوير والزخرفة )

: التصوير في القرآن

Page 143: ملامح المجتمع المسلم

, الذي بدع الصور الجملة , عرض القرآن الكرم للتصور على أنه عمل من أعمال هللا تبارك وتعالى (هو الذي صوركم ف األرحام كؾ شاء ) : وف مقدمتها اإلنسان , ور الكابنات الحة وخصوصا ص

. (ف أي صورة ما شاء ركبك * الذي خلقك فسواك فعدلك ) . (وصوركم فؤحسن صوركم ) . هو هللا الخالق : ) قوله تعالى كما ف . « المصور » اسم : وذكر القرآن أن من أسماء هللا الحسنى

: كما عرض القرآن للتماثل ف موضعن . (له األسماء الحسنى , بارئ المصور الحث اتخذها قومه , وذلك على لسان الخلل إبراهم عله السبلم , ف موضع الذم واإلنكار : أحدهما لوا وجدنا قا* ما هذه التماثل الت أنتم لها عاكفون : ) قاببل فؤنكر علهم ذلك , أي آلهة تعبد , أصناما

. (آباءنا لها عابدون , حث سخر له الرح , ذكرها القرآن ف معرض االمتنان واإلنعام على سلمان عله السبلم : والثان

عملون له ما شاء من محارب وتماثل وجفان كالجواب ) وسخر له الجن عملون بن ده بإذن ربه . (اعملوا آل داود شكرا , وقدور راسات

:التصوير في السنة

وبعضها شدد , والمصورن معظمها ذم التصور , فقد حفلت بؤحادث كثرة صححة . . أما السنة , أو تعلقها ف البت , كما نكر اقتناء الصور . ؼاة التشدد ف منع التصور وتحرمه والوعد عله

. أن المبلبكة ال تدخل بتا فه صورة : وعلن فمعناه أنه , فإذا منعت من الدخول ف بت , والمبلبكة هم مظهر رحمة هللا تعالى ورضاه وبركته

. روم من الرحمة والرضا والبركة محوقارن , وفى ساقاتها ومبلبساتها, والمتؤمل ف معان األحادث الواردة ف التصور أو اقتناء الصور

أن النهى والتحرم والوعد ف تلك األحادث لم كن اعتباطا وال تحكما : تبن له , بن بعضها وبعض . الشرع إلى رعاتها وتحققها بل كان وراءها علل ومقاصد هدؾ ,

:تصوير ما يعظم ويقدس

حتى صل إلى درجة , وهذا التعظم تفاوت , عظم المصور فبعض التصور كان قصد به ت (أ ) . بل العبادة , التقدس

. وانتهت بالتقدس والعبادة , وتارخ الوثنات دل على أنها بدأت بالتصور للتذكرة وقالوا ال تذرن آلهتكم وال تذرن ودا وال سواعا : ) قوله تعالى على لسان قوم نوح ذكر المفسرون ف

فلما ماتوا , كانت أسماء رجال صالحن , أن أسماء هذه األصنام المذكورة (ؽوث وعوق ونسرا والوسموها بؤسمابهم , أن انصبوا إلى مجالسهم الت كانوا جلسون إلها أنصابا : أوحى الشطان إلى قومهم

( اري وؼره عن ابن عباس رواه البخ. ) عبدت, ونسى العلم , حتى إذا هلك أولبك .. فلم تعبد , ففعلوا .

« مارة » ذكر بعض نسابه كنسة قال لها , لما اشتكى النب صلى هللا عله وسلم : وعن عابشة قالت : فرفع رأسه فقال , فذكرتا من حسنها وتصاور فها , أتتا أرض الحبشة , وكانت أم سلمه وأم حببة ,

Page 144: ملامح المجتمع المسلم

أولبك , ثم صوروا فه تلك الصور , لى قبره مسجدا بنوا ع, أولبك إذا مات فهم الرجل الصالح » ( . متفق عله ) «شرار خلق هللا

كما عرؾ ذلك عند قوم إبراهم , ومن المعروؾ أن الصور والتماثل أروج ما تكون ف رحاب الوثنة . وؼرهم -إلى الوم -وعند الهنود , والونان والرومان , وعند المصرن القدماء ,

دخلها كثر مما كان عند الرومان -على د قسطنطن إمبراطور الروم « ترومت » رانة حنما والنص. من مظاهر الوثنة

, ولعل بعض ما ورد من الوعد الشدد على التصور قصد به الذن نحتون اآللهة المزعومةإن أشد الناس » : وعا وذلك مثل حدث ابن مسعود مرؾ: والمعبودات المتنوعة عند األمم المختلفة

( . متفق عله ) «المصورون : عذابا عند هللا , فهذا كافر , وهو صانع األصنام ونحوها , ه محمولة على من فعل الصورة لتعبد : قل : قال النووي

واعتقد , ه فمن قصد المعنى الذي ف الحدث من مضاهاة خلق هللا تعالى : وقل , وهو أشد عذابا . وزد عذابه بزادة قبح كفره , له من أشد العذاب ما للكفار , فهذا كافر , ذلك

-وهو من أشد المشددن ف تحرم التصور واتخاذ الصور ؛ ألنه ال تصور , وإنما ذكر النووي ذلك أن كون المصور العادي أشد عذابا من القاتل والزان وشارب الخمر -بحسب مقاصد الشرع

. وؼرهم من مرتكب الكبابر والموبقات . . . هد الزور والمراب وشافقال , بتا فه تماثل -هو وصاحب له -وقد روى مسروق حدث ابن مسعود المذكور بمناسبة دخوله

.فروى مسروق الحدث . . هذا تماثل مرم : هذا تماثل كسرى ؟ قال صاحبه : مسروق

: تصوير ما يعتبر من شعائر دين آخر

وأبرز ,وقرب من هذا اللون من التصور ما كان عبر عن شعابر دن معن ؼر دن اإلسبلم (ب ) فما كان من الصور مشتمبل على الصلب فهو محرم ببل رب . عند النصارى « الصلب » مثل لذلك

. وجب على المسلم نقضه وإزالته , أن النب صلى هللا عله وسلم لم كن ترك ف بته شبا فه » : عن عابشة وفى هذا روى البخاري

«تصالب إال نقضه

:المضاهاة بخلق هللا

هذا أمر وبدو أن. بدعوى أنه بدع وخلق كما خلق هللا سبحانه , مضاهاة خلق هللا عز وجل (جـ ) . وان كان هناك من رى أن كل مصور مضاه لخلق هللا , تعلق بقصد المصور ونته

الذن : أشد الناس عذابا وم القامة » : عابشة عن النب صلى هللا عله وسلم وفى هذا جاء حدث ( . متفق عله ) «ضاهون بخلق هللا

وهو ما نقله اإلمام النووي ف شرح , هاة خلق هللا فهذا الوعد الؽلظ وح بؤنهم قصدون إلى مضا. إذ ال قصد ذلك إال كافر , مسلم

قال هللا » : سمعت رسول هللا صلى هللا عله وسلم قول : أبى هررة الصحح قال ودل عله حدث

Page 145: ملامح المجتمع المسلم

متفق ) « أو لخلقوا شعرة, ولخلقوا حبة , فلخلقوا ذرة , ومن أظلم ممن ذهب خلق كخلق : تعالى ( . عله ولعل هذا هو سر التحدي اإلله لهم وم . دل على القصد والتعمد « ذهب خلق كخلق » : فقوله

. كما قول األصولون « أمر تعجز » وهو « أحوا ما خلقتم » : حث قال لهم , القامة

: دخول الصور في مظاهر الترف

وهذا ما ظهر من كراهة النب صلى هللا عله . أن تكون جزءا من أدوات الترؾ ومظاهره (د ) فؤخذت : قالت , ت عابشة أنه عله الصبلة والسبلم خرج ف ؼزاةروفقد , وسلم لبعض الصور ف بته

فجذبه حتى , فرأى النمط , فلما قدم , فسترته على الباب ( نوعا من البسط اللطفة أو الستابر ) نمطا , فقطعنا منه وسادتن : قالت « إن هللا لم ؤمرنا أن نكسو الحجارة والطن » : ثم قال , هتكه

( . متفق عله ) « فلم عب ذلك على , وحشوتهما لفافهو ال دل على , قتض أنه لس بواجب وال مندوب « -إن هللا لم ؤمرنا » -والنص بهذه الصؽة

نبؽ أن كون أسوة ومثبل , ولكن بت النبوة , كما قال اإلمام النووي , أكثر من الكراهة التنزهة . وزنتها للناس ف الترفع على زخرؾ الدنا

, وكان الداخل إذا دخل استقبله , كان لنا ستر فه تمثال طابر : قالت , حدث عابشة اآلخر إكد هذا ) «ذكرت الدنا , فإن كلما دخلت فرأته , حول هذا » : فقال ل رسول هللا صلى هللا عله وسلم

( . رواه مسلم ممدود إلى , أنه كان لها ثوب فه تصاور : عنها عنها رضى هللاما رواه القاسم بن محمد : ومثله فؤخرته فجعلته وسابد : أخره عن قالت » . فقال , فكان النب صلى هللا عله وسلم صل إله , سهوة

» .. «فإن تصاوره تعرض ل ف صبلت , أخره عن »: وفى رواة عند ؼر مسلم

: ولكن النووي قال . ال من وادي التحرم , هو من وادي الكراهة و, فهذا كله من زادة الترفه والتنعم . فلهذا كان دخل وراه وال نكره , هذا محمول على أنه كان قبل تحرم اتخاذ ما فه صورة

ولكن النسخ . أنه رى األحادث الت ظاهرها التحرم ناسخة لهذا الحدث وما ف معناه : ومعنى هذا : فإثبات مثل هذا النسخ ستلزم أمرن . حتمال ال ثبت بمجرد اال

مع أن الجمع ممكن بحمل أحادث . بحث ال مكن الجمع بنهما , التحقق من تعارض النصن: أولهما (. أي ما له ظل ) أو بقصرها على المجسم , التحرم على قصد مضاهاة خلق هللا

بل الذي رآه اإلمام , لى أن التحرم هو المتؤخر وال دلل ع. معرفة المتؤخر من النصن : وثانهمالقرب , فقد شدد اإلسبلم ف شؤن الصور ف أول األمر , هو العكس « مشكل اآلثار » الطحاوي ف . ونحوه , أي ما كان رقما ف ثوب . ثم رخص ف المسطحات من الصور , عهده بالوثنة

ل على شدة الكراهة من النب صلى هللا عله وسلم تد, وقد روى هذا الحدث عن عابشة بصؽة أخرى .

فلما رآها رسول هللا صلى هللا عله , فها تصاور ( وسادة صؽرة ) أنها اشترت تمرقة : فعن عابشة أتوب , ا رسول هللا : فقلت : قالت , فعرفت ف وجهه الكراهة , فلم دخل , قام على الباب , وسلم

اشترتها لك لتقعد علها : قلت « ما بال هذه النمرقة » : ما أذنبت ؟ فقال , ه وإلى رسول, إلى هللا

Page 146: ملامح المجتمع المسلم

وقال , إن أصحاب هذه الصور عذبون وم القامة » : فقال رسول هللا صلى هللا عله وسلم . وتوسدها . «أحوا ما خلقتم : لهم

( . عله متفق ) «إن البت الذي فه الصورة ال تدخله المبلبكة » : وقال

: نظرات في فقه األحاديث

. ورد معظم األحادث المحرمة , صر النبوة ف هذا الجو الذي كان حط بفن التصور والصور ف عوان كان تشددها ف صنعة التصور أكثر من , وال ؼرو أن شددت األحادث النبوة ف هذا األمر

فبعض ما حرم تصوره جوز اقتناإه فما متهن مثل البسط والوسابد , تشددها ف اقتناء الصورة . ا ف حدث عابشة كما رأن, ونحوها مما بتذل باالستعمال

كل مصور ف » : ما جاء ف الصححن عن ابن عباس مرفوعا : ومن أشد ما روى ف منع التصور . «فعذبه ف جهنم , جعل له بكل صورة صورها نفسا , النار

ا بن : فقال , إذ جاءه رجل , كنت عند ابن عباس : قال وفى رواة للبخاري عن سعد بن أبى الحسن ال : فقال ابن عباس . وإن أصنع هذه التصاور , إن رجل إنما معشت من صنعة دي , اس عب

من صور صورة فإن هللا » : سمعته قول . أحدثك إال ما سمعت من رسول هللا صلى هللا عله وسلم خ ؼظا أي انتؾ) فربا الرجل ربوة شددة . « ولس بنافخ فها أبدا , معذبه حتى نفخ فها الروح

. «وكل شا لس فه روح , فعلك بهذا الشجر , وحك ؛ إن أبت إال أن تصنع » : فقال ( وضقا أال أبعثك على ما : قال ل عل بن أبى طالب رض هللا عنه » : وروى مسلم من حان بن حصن قال

« قبرا مشرفا إال سوته وال, بعثن عله رسول هللا صلى هللا عله وسلم ؟ أال تدع صورة إال طمستها .

ف ساعة , واعد رسول هللا صلى هللا عله وسلم جبرل عله السبلم: عن عابشة أنها قالت وروى مسلمما خلؾ هللا » : وقال , فؤلقاها من ده , وف ده عصا , ولم ؤته , فجاءت تلك الساعة , ؤته فها

متى دخل هذا الكلب , ا عابشة » : فقال , كلب تحت سرره فإذا جرو , ثم التفت ! « وعده وال رسله فقال رسول هللا صلى هللا عله , فجاء جبرل , فؤخرج , فؤمر به ! وهللا ما درت : فقالت « ههنا ؟ إنا ال ندخل بتا . منعن الكلب الذي كان ف بتك : فقال ! « فلم تؤت , فجلست لك , واعدتن » : وسلم

. «صورة فه كلب وال كما زعم بعض من , لس قلبل , وبهذا نرى أن عدد األحادث الت وردت ف شؤن التصور والصور

, وعابشة , وابن عباس , وابن عمر , ابن مسعود : فقد رواها جمع من الصحابة منهم , كتب ف ذلك . وكلها ف الصحاح . وأبو طلحة , وأبو هررة , وعل

وكان من أشدهم ف ذلك اإلمام , قهاء ف قضة التصور ف ضوء هذه األحادث وقد اختلفت آراء الؾ, أو ؼر مجسم ( له ظل ) مجسما , النووي الذي حرم تصور كل ما فه روح من إنسان أو حوان

كالمصور ف البسط , وان كان تصوره حراما , ولكنه أجاز استعمال ما متهن , ممتهنا أو ؼر ممتهن . د ونحوها والوسائ

) وهو ما نطلق عله عرفا ( الذي له ظل ) ولكن بعض فقهاء السلؾ قصر التحرم على المجسم ألن خلق هللا , وه الت ظهر فها مضاهاة خلق هللا , فه أوؼل ف مشابهة الوثنة ( التماثل

. (هو الذي صوركم ف األرحام كؾ شاء ) : وتصوره مجسم وهو الذي , وخلق هللا تعالى مجسم , «ومن أظلم ممن ذهب خلق كخلق » : قدس وف الحدث ال

وال سما , وألنها ادخل ف الترؾ والسرؾ , إذ المسطح لس قاببل لذلك , مكن قبول نفخ الروح فه

Page 147: ملامح المجتمع المسلم

. ما كان من المعادن الثمنة .. وهذا مذهب بعض السلؾ

ولعله أخذ , به الحافظ ابن حجر بؤنه مذهب القاسم بن محمد فتعق, وقد قال النووي إن هذا مذهب باطل . وسنذكر نص هذا الحدث «إال رقما ف ثوب » : قوله صلى هللا عله وسلم بعموم

وابن أخ عابشة , ومن أفضل أهل زمانه , أحد الفقهاء السبعة بالمدنة , والقاسم بن محمد بن أبى بكر .. حتج له بالحدث التال وي. وراوي حدث النمرقة عنها ,

عن أبى طلحة صاحب رسول هللا صلى هللا فف الصحح عن بسر بن سعد عن زد بن خالد الجهنى . إن المبلبكة ال تدخل بتا فه صورة » : إن رسول هللا صلى هللا عله وسلم قال : عله وسلم أنه قال

فقلت لعبد هللا الخوالنى : قال , ه ستر فه صورةفإذا على باب, فعدناه , ثم اشتكى زد بعد : قال بسر ألم : ألم خبرنا زد عن الصور وم األول ؟ فقال : ربب ممونة زوج النب صلى هللا عله وسلم

«إال رقما ف ثوب » : تسمعه حن قال ما ف ثوب إال رق» : وأكد ذلك ما رواه الترمذي أن سهل بن حنؾ رافق أبا طلحة على هذا االستثناء

» .حدث تمثال الطابر الذي كان ف بت عارضه , ما كان لؽر ذي روح : وتؤول هذا بؤن المراد به

فإن تصاوره تعرض »: أو «فإن كلما رأته ذكرت الدنا , حول هذا » : وقول النب لها , عابشة . «ل ف صبلت

أو , أو الجدران , للوحات المسطحة على الورق وأما صور ا, فاألرجح قصر التحرم على المجسم إال ما كان فه ؼلو , كما ذكر اإلمام الخطاب , فؤقصى ما فها الكراهة التنزهة , الخشب ونحوها

. كالصور الت تباع بالمبلن ونحوها, وإسراؾ , القرود ونحوها من الدمى والعرابس والقطط والكبلب و, لعب األطفال : وستثنى من المجسم المحرم

. واألطفال عبثون بها , ألن مثله ال ظهر فه قصد التعظم , مما تلهى به األطفال وأن صواحب لها كن جبن إلها فلعب ( العرابس ) عابشة أنها كانت تلعب بالبنات ودلل ذلك حدث

. وكان الرسول الكرم سر لمجبهن إلها. معها ثم ال تلبث أن تإكل , لعرابس الت تصنع من الحلوى وتباع ف بعض المناسبات التماثل وا: ومثل ذلك

.أن كما جاء ف الحدث , أو نحو ذلك منها , التماثل الت تشوه بقطع رأسها : كما ستثنى من الحظر

. «مر برأس التمثال فلقطع حتى صر كهبة الشجرة » : جبرل قال للرسول صلى هللا عله وسلم فبل خرجها من دابرة الحظر , وأما التماثل النصفة الت تنصب ف المادن ونحوها للملوك والزعماء

. ألنها ال تزال تعظم , والسرة , فهو خلدهم بالذكر الحسن , ونهج اإلسبلم ف تخلد العظماء واألبطال خالؾ نهج الؽربن

, تناقلها الخلؾ عن السلؾ , الطبة فؤحبتهم القلوب , وبهذا خد األنباء والصحابة واألبمة واألبطال والربانون , وؤتسون بها , ونها وتمثل

. وال نصب لهم تمثال , وان لم ترسم لهم صورة , ودعت لهم األلسنة , وكم , ف قلب القاهرة « الظوؼل » كتمثال , وكم من تماثل قابمة ال عرؾ الناس شبا عن أصحابها

.ثل مر الناس علها فلعنون أصحابها من تما

: الصور الفوتوغرافية

Page 148: ملامح المجتمع المسلم

إنما عنى الصور الت تنحت أو ترسم على , ا ورد ف التصور والصور ومما ال خفاء فه أن كل م. حسب ما ذكرنا

وال , فه شا مستحدث لم كن ف عصر الرسول -الت تإخذ بآلة الفوتوؼرافا -أما الصور الشمسة فهل نطبق عله ما ورد ف التصور والمصورن ؟ , سلؾ المسلمن

وخصوصا إذا , فبل رون شبا ف هذه الصور ( المجسمة ) على التماثل أما الذن قصرون التحرم . لم تكن كاملة

وأما على رأي اآلخرن فهل تقاس هذه الصور الشمسة على تلك الت تبدعها رشة الرسام ؟ أم أن حقق ال تت -وهى أنهم ضاهون خلق هللا -العلة الت نصت علها بعض األحادث ف عذاب المصورن

هنا ف الصورة الفوتوؼرافة ؟ وحث عدمت العلة عدم المعلول كما قول األصولون ؟ أن أخذ الصورة » : إن الواضح هنا ما أفتى به المؽفور له الشخ محمد بخت مفتى مصر

لس من -الذي هو عبارة عن حبس الظل بالوسابط المعلومة ألرباب هذه الصناعة -بالفوتوؼرافا ألن التصور المنه عنه هو إجاد صورة وصنع صورة لم تكن , ر المنه عنه ف شا التصوي

ولس هذا المعنى موجودا ف أخذ , ضاهى بها حوانا خلقه هللا تعالى , موجودة وال مصنوعة من قبل ( ( .عكاسا ) والمصور ( عكسا ) إكد هذا تسمة أهل الخلج الصورة . ) « الصورة بتلك اآللة

وال خالؾ مسلم ف . ومن المقرر أن لموضوع الصورة أثرا ف الحكم بالحرمة أو ؼرها . . هذا فتصور النساء عارات , أو شرابعه وآدابه , تحرم الصورة إذا كان موضوعها مخالؾ لعقابد اإلسبلم

أوضاع مثرة ورسمهن أو تصورهن ف, وإبراز مواضع األنوثة والفتنة منهن , أو شبه عارات , » ودور , كما نرى ذلك واضحا ف بعض المجبلت والصحؾ , موقظة للؽرابز الدنا , للشهوات

وحرمة اقتنابه , وحرمة نشره على الناس , كل ذلك مما ال شك ف حرمته وحرمة تصوره « السنما إلى رإته ومشاهدته وحرمة القصد, وتعلقه على الجدران , واتخاذه ف البوت أو المكاتب والمجبلت

.فبل , الذن جب على المسلم أن عادهم هلل وبؽضهم ف هللا , ومثل هذا صور الكفار والظلمة والفساق

أو وثن شرك مع هللا البقر أو , صور أن قتن صورة لزعم ملحد نكر وجود هللا , حل لمسلم أن أو مدع لئلسبلم وهو , وة محمد صلى هللا عله وسلم أو هودي أو نصران جحد نب, أو ؼرها , النار

الصور الت تعبر عن , ومثل هذا . أو شع الفاحشة والفساد ف المجتمع , حكم بؽر ما أنزل هللا الوثنة أو شعابر بعض األدان الت ال رضاها

. اإلسبلم كاألصنام وما شابهها

: خالصة ألحكام الصور والمصورين

: ونستطع أن نجمل أحكام الصور والمصورن ف الخبلصة التالة

فهذه تإدى بمصورها إلى الكفر , اإلثم صور ما عبد من دون هللا أشد أنواع الصور ف الحرمة و (أ ) . إن كان عارفا بذلك قاصدا له

وكل من روج هذه الصور أو عظمها بوجه من الوجوه داخل . والمجسم ف هذه الصور أشد إثما ونكرا . ف هذا اإلثم بقدر مشاركته

Page 149: ملامح المجتمع المسلم

أي ادعى أنه بدع وخلق , قصد مضاهاة خلق هللا ولكنه , وله ف اإلثم من صور ما ال عبد (ب ) . وهذا أمر تعلق بنة المصور وحده . فهو بهذا قارب الكفر , كما خلق هللا

ولكنها مما عظم كصور الملوك والقادة والزعماء , ودون ذلك الصور المجسمة لما ال عبد (جـ ) وستوي ف ذلك أن . نصبها ف المادن ونحوها و, وؼرهم عن زعمون تخلدهم بإقامة التماثل لهم

. كون التمثال كامبل أو نصفا

ستثنى , فإنه متفق على حرمته, ودونها الصور المجسمة لكل ذي روح مما ال قدس وال عظم (د ) . ومثلها ما إكل من تماثل الحلوى , كلعب األطفال , من ذلك ما متهن

كصور الحكام والزعماء , الت عظم أصحابها -اللوحات الفنة -المجسمة وبعدها الصور ؼر (هـ ) , وتتؤكد الحرمة إذا كان هإالء من الظلمة والفسقة والملحدن . وخاصة إذا نصبت وعلقت , وؼرهم

. فإن تعظمهم هدم لئلسبلم

, ن مظاهر الترؾ ولكن تعد م, ودون ذلك أن تكون الصورة ؼر المجسمة لذي روح ال عظم (و ) . فهذا من المكروهات فحسب , والتنعم كؤن تستر بها الجدر ونحوها

أما صور ؼر ذي الروح من الشجر والنخل والبحار والسفن والجبال والنجوم والسحب ونحوها (ز ) ؾ ما لم تشؽل عن طاعة أو تإد إلى تر, فبل جناح على من صورها أو اقتناها , من المناظر الطبعة

. فتكره

ما لم شتمل موضوع الصورة , فاألصل فها اإلباحة ( الفوتوؼرافة ) وأما الصور الشمسة (ح ) وخاصة إذا كان المعظم من , أو تعظمه تعظما دنوا , كتقدس صاحبها تقدسا دنا , على محرم

. أهل الكفر أو الفساق كالوثنن والشوعن والفنانن المنحرفن

انتقلت من دابرة , إن التماثل والصور الحرمة أو المكروهة إذا شوهت أو امتهنت . . وأخرا (ط ) .كصور البسط الت تدوسها األقدام والنعال ونحوها , الحرمة والكراهة إلى دابرة الحل

:تأويالت

ومن المعلوم أن هناك بعض العلماء حاولوا أن إولوا األحادث الصحاح الواردة ف تحرم التصور . واقتناء الصور لقولوا بإباحة الصور كلها حتى المجسمة منها

ف الحدث على من جعل « المصورن » اه أبو عل الفارس ف تفسره عمن حمل كلمة مثل ما حكوهو , واعتبروه جسما وصورة , المجسمة والمشبهة الذي شبهوا هللا تعالى بخلقه : عنى , هلل صورة

. تعالى لس كمثله شا عده األلفاظ الثابتة ف وهو تكلؾ واعتساؾ ال تسا« الحجة » ذكر هذا أبو عل الفارس ف كتابه

. األحادث عملون له ما : ) « سبؤ » وذكره القرآن ف سور, ومثل من استند إلى ما أبح لسلمان عله السبلم

, وهذا الرأي ذكره أبو جعفر النحاس . ولم قولوا بنسخه ف شرعتنا (شاء من محارب وتماثل

Page 150: ملامح المجتمع المسلم

. « وغ النهاة الهداة إلى بل» وحكاه بعده مك ف تفسره وأن هذا التشدد كان ف ذلك الزمان لقرب عهد الناس بعبادة , ومثل من حمل المنع على مجرد الكراهة

( . هذا مع أن الوثنة ال زال دن بها آالؾ المبلن . ) وقد تؽر الحال ف العصور التالة , األوثان بؤن هذا , ق العد ورد علهم اإلمام ابن دق, وهذا قاله بعضهم من قبل

. وهى أنهم ضاهون أو شبهون بخلق هللا , ألن هذا مناؾ للعلة إلى ذكرها الشارع , القول باطل قطعا ولس لنا أن نتصرؾ ف . ال تخص زمانا دون زمان , وهذه علة عامة مستقمة مناسبة : قال

. النصوص المتظاهرة المتضافرة بمعنى خال وبالتال لم تإثر ف المجرى العام للحضارة , هذه األقوال لم تقنع العقل المسلم والثابت الواضح أن

كما رأنا ف أسود قصر , وان عمل بها بعض الناس ف بعض البلدان , والحاة اإلسبلمة , اإلسبلمة نفابس األصول ف شرح» وبعض ما حكاه اإلمام القراف ف كتابه , الحمراء بؽرناطة ف األندلس

كلما مضى من اللل ساعة انفتح باب منه وخرج منه , عن شمعدان وضع للملك الكامل « المحصول أن الشمعة تؽر لونها كل : وأن القراف نفسه عمل شمعدانا زاد فه . الخ . . . شخص ف خدمة الملك

وسقط , الشددة إلى الحمرة, وفه أسد تتؽر عناه من السواد الشدد إلى الباض الشدد , ساعة ف كل ساعة , وؽلق باب وفتح باب , وخرج شخص ؼره , ودخل شخص , حصانان من طابرن

قال , شر إلى األذان , وإصبعه ف أذنه , وإذا طلع الفجر طلع الشخص على الشمعدان . لها لون ( . ؼر أن عجزت عن صنعة الكبلم : القراف

وفها تمثال , بر ف رحلته عن وصؾ الساعة الت كانت بجامع دمشق وقرب من ذلك ما حكاه ابن ج . الخ . . . صقور

:اج العام للحضارة اإلسالمية المز

وخصوصا , ولكن المإكد أن المزاج العام للحضارة اإلسبلمة لم رحب بصور اإلنسان والحوان ال التجسم البلبق بالوثنات على اختبلؾ , البلبق بعقدة التوحد , وؼلب عله التجرد , المجسمة منها

. درجاتها وترك فها آثارا , حضارتنا إلى أمور أخرى أبدع فها أما إبداع ف« التشكل » ومن هنا اتجه الفن

. رابعة الجمال وتجلى ذلك ف المساجد , تجلت ف الزخارؾ الت تفنن فها عقل الفنان المسلم وده ورشته

وعلى , واألبواب والنوافذ , على الجدران والسقوؾ : والمصاحؾ والقصور والمنازل وؼرها . والتحؾ والبسط والثاب والسوؾ , وف األثاث , وف األدوات المنزلة , انا األرضات أح

, والورق , والخزؾ والجلد والزجاج , واستخدمت المواد المختلفة من الحجارة والرخام والخشب . والمعادن المتنوعة , والحدد والنحاس

والنسخ والرقعة والفارس والدوان الخط العرب بؤنواعه المختلفة من الثلث : ودخل ف الزخرفة وخلفوا لنا لوحات ف ؼاة الحسن واإلبداع , وافتن الخطاطون ف ذلك كل االفتنان , والكوف وؼرها

.أما الجوامع فبل زلنا نشها منها . ف المصاحؾ والجوامع « الخط والزخرفة » وأكثر ما تجلى الفنان

وجامع , والجامع األموي بدمشق , ومسجد قبة الصخرة , بوي كما ف المسجد الن, آات ف الجمال وؼرها , وجامع السلطان حسن وجامع محمد عل بالقاهرة , السلطان أحمد والسلمانة باستانبول

. وؼرها ف أنحاء العالم اإلسبلم

Page 151: ملامح المجتمع المسلم

ن فن البناء إ: وقد قال مإرخو الحضارة , وأبرز ما تجلى فه الفن اإلسبلم إنما كان ف العمارة لعل أبرزها ف الهند , وقد ظهر ذلك ف روابع كثرة ف أقطار عدة , أحسن معبر عن الفن اإلسبلم

. « تاج محل » : إحدى عجابب الدنا المتمثلة ف تلك الرابعة الهندسة الجمالة : عالم اإلسبلم تمزه جعلت لل, وهكذا كان منع التصور والنحت سببا لفتح أبواب أخرى ف عالم الفنون

. ومثالته المتفردة , الخاص

فن الفكاهة والمرح

(الكوميديا )

وال سلم امرإ فها من تجرع لون أو ألوان من ؼصصها , حافلة بالمتاعب واآلالم , حاة رحلة شاقة ال. كما قولون , وان ولد وف فمه ملعقة من ذهب , ومكابدة آالمها ,

وأهل اإلمان أكثر تعرضا لببلء . (لقد خلقنا اإلنسان ف كبد ) : وقد أشار القرآن إلى ذلك حن قال وكثرة من عارضهم وقطع علهم طرقهم من , من ناحة , نظرا لخطورة مطلبهم , من ؼرهم الدنا

. ناحة أخرى وكافر قاتله , ومنافق بؽضه , مسلم حسده : المإمن بن خمس شدابد » : حتى ورد ف بعض اآلثار

. «ونفس تنازعه , وشطان ضله , ف -كل الناس -لهذا كان الناس . األنباء ثم األمثل فاألمثل : وثبت ف الحدث أن أشد الناس ببلء

وكان ال بد لهم من أشاء روحون , حاجة إلى واحات ف طرقهم تخفؾ عنهم بعض عناء رحلة الحاة فنؽص علهم , وال ؽلب علهم الؽم والحزن والنكد , حتى ضحكوا وفرحوا ومرحوا , بها أنفسهم

. هم صفوهم وكدر عل, عشهم وكل ما ستخرج الضحك , الفكاهة والمرح : ومنها . وقد تحدثنا عنه , الؽناء : وكان من تلك األدوات

فهل رحب الدن بهذا . والكآبة من حاته , والعبوس من وجهه , وطارد الحزن من قلبه , من اإلنسان أو ضق به ؟ هل حله أو حرمه ؟« الكومدي » الفن

: والمرح في واقع المسلمين الفكاهة

وف ضوء ما عرفوه من سماحة , وعلى قدر ما سمحت به إمكاناتهم -بفطرتهم -ولقد رأت الناس . قد ابتكروا ألوانا من الوسابل واألدوات الت تقوم بوظفة التروح واإلضحاك لهم -دنهم

, وه أنواع مختلفة , ا بن الشعوب واشتهروا به, الت برع فها المصرون « النكت » : من ذلك وخصوصا ف أوقات , الت تهزأ بالحكام وأعوانهم « النكت الساسة » : ومنها , ولها مهمات متعددة

. التسلط واالستبداد الساس وال كاد جلس الناس بعضهم إلى بعض إال حكوا من هذه النكت ما ضحكهم وسري عنهم بعض ما

وأحانا ال , أو ؼرهما, أو أبى نواس , مثل جحا , سندونها إلى أسماء معروفة أحانا ي. عانون . نسبونها إلى معن

وهذا شؤن , بل هم نشبون نكت على البدهة , وهناك أناس ال قتصرون على حكاة النكت عن ؼرهم . دثا ف مصر ح« عبد العزز البشري » ومثل الشخ , قدما « أشعب » مثل , الشخصات الفكهة

ولحق . « البعكوكة » أشهرها مجلة , وكانت ف مصر بعض المجبلت المتخصصة ف هذا اللون

Page 152: ملامح المجتمع المسلم

وهو لون من استخدام المجاز « الدخول ف قافة » وما سمه المصرون « القفشات » بذلك فن . تطارح فه الطرفان , والتورة حول موضوع واحد

» ومثله . « األراجوز » مثل لعبة , الت تدعو إلى الضحك والمرح ألوان من األلعاب: ومن ذلك أو ما , األلؽاز واألحاج : ومن ذلك . الذي كان عتبر نوعا من التمثل الشعب الفكاه « خال الظل

« الحوادت » أو ما سمه العوام , القصص الفكاهة : ومن ذلك . « الفوازر » سمى ف لؽة العامة . ة والمرفهة المسل

, الت كثرا ما تتضمن أفكارا أو تعبرات تبعث عل الضحك والمرح « األمثال الشعبة » : ومن ذلك مبلبمة , الت تخترعها الشعوب بوساطة فنانن معروفن أو مجهولن ؼالبا , إلى ؼر ذلك من األلوان

. ؾ وأحوال وما تمر به من ظرو, لكل ببة وما سودها من قم ومفاهم . وقد ستؽن عن بعضها , وطور األشاء القدمة , وكل عصر ضؾ أشاء جددة

, إلى صورة معبرة , الذي حول النكتة من مجرد كلمة تقال « الكاركاتر » كما نرى ف عصرنا فن . أو ؼر مصحوبة , مصحوبة ببعض الكبلم

نظرا لما بدو على بعض المتدنن من , كاهة وقد سبلت عن موقؾ الدن من الضحك والمرح والؾحتى حسب بعض الناس أن هذه ه طبعة , وال مزحون , فكادون ال ضحكون , العبوس والتجهم

. الدن والتدن فالحوانات ال تضحك ؛ ألن الضحك ؤت بعد نوع , أن الضحك من خصابص اإلنسان : وكان جواب

. فضحك منه , « أو موقؾ راه, ه من الفهم والمعرفة لقول سمع. إذن أنا إنسان , أنا أضحك : وصدق القول هنا , اإلنسان حوان ضاحك : ولهذا قل ال تصور منه أو صادر نزوع اإلنسان الفطري إلى الضحك -بوصفه دن الفطرة -واإلسبلم

وحب للمسلم أن تكون , بل هو على العكس رحب بكل ما جعل الحاة باسمة طبة, واالنبساط الت ال تنظر إلى الحاة والناس إال من , وكره الشخصة المكتببة المتطرة , شخصته متفابلة باشة

. خبلل منظار قاتم أسود برؼم همومه الكثرة والمتنوعة -فقد كان , وأسوة المسلمن ف ذلك هو رسول هللا صلى هللا عله وسلم

شاركهم ف ضحكهم ولعبهم , وحا مع أصحابه حاة فطرة عادة , حقا مزح وال قول إال -. كما شاركهم آالمهم وأحزانهم ومصاببهم , ومزاحهم

كنت » : وقد طلب إله أن حدثهم عن حال رسول هللا صلى هللا عله وسلم فقال , قول زد بن ثابت وإذا ذكرنا , فكان إذا ذكرنا الدنا ذكرها معنا ,فكان إذا نزل عله الوح بعث إل فكتبته له , جاره

فكل هذا أحدثكم عن رسول هللا صلى هللا : قال , وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا , اآلخرة ذكرها معنا . «عله وسلم

مازح -صلى هللا عله وسلم -وقد رأناه ف بته . وقد وصفه أصحابه بؤنه كان من أفكه الناس . كما ف حدث أم زرع الشهر ف صحح البخاري , وستمع إلى أقاصصهن , بهن زوجاته وداع: فقال لها , وبعد مدة تسابقا فسبقها , حث سبقته مرة , تسابقه مع عابشة رض هللا عنها وكما رأنا ف

!هذه بتلك دون تزمت وال وستمتعا, ف طفولتهما لركبا , وقد روى أنه وطؤ ظهره لسبطه الحسن والحسن

فقال عله الصبلة , نعم المركب ركبتما: وقد دخل عله أحد الصحابة ورأى هذا المشهد فقال , تحرج ! « ونعم الفارسان هما » : والسبلم

ا أم » : فقال لها , ادع هللا أن دخلن الجنة : ورأناه مزح مع تلك المرأة العجوز الت جاءت تقول له أنها حن : فؤفهمها , حث أخذت الكبلم على ظاهره, ا فبكت المرأة « ال دخلها عجوز إن الجنة , فبلن

إنا : ) وتبل علها قول هللا تعالى ف نساء الجنة , بل شابة حسناء , تدخل الجنة لن تدخلها عجوزا . ( عربا أترابا * فجعلناهن أبكارا * أنشؤناهن إنشاء

ال أحملك إال على ولد الناقة » : فقال له عله الصبلة والسبلم , بعر وجاء رجل سؤله أن حمله على

Page 153: ملامح المجتمع المسلم

» : فقال -انصرؾ ذهنه إلى الحوار الصؽر ! -وماذا أصنع بولد الناقة ؟, ا رسول هللا : فقال « . ؟ « وهل تلد اإلبل إال النوق

إن زوج : عله وسلم فقالت إن امرأة قال لها أم أمن جاءت إلى النب صلى هللا: وقال زد بن أسلم بلى إن » : وهللا ما بعنه باض فقال : ؟ قالت « ومن هو؟ أهو الذي بعنه باض ›» : قال , دعوك

وأراد به , «ما من أحد إال بعنه باض » : فقال صلى هللا عله وسلم , ال وهللا : فقالت « بعنه باضا . الباض المحط بالحدقة

وكان رسول هللا صلى هللا عله وسلم ؤتهم وقول , كان ألب طلحة ابن قال له أبو عمر : وقال أنس .لنؽر كان لعب به وهو فرخ العصفور ؟ « ا أبا عمر ما فعل النؽر » :

كان عندي رسول هللا صلى هللا عله وسلم وسودة بنت زمعة فصنعت : وقالت عابشة رضى هللا عنها وهللا : فقلت , ال أحبه : فقالت , كل : فقلت لسودة , وجبت به -طبخ بلبن أو دسم دقق ي -حررة

فؤخذت بدي من الصحفة شبا منه فلطخت به , ما أنا بذابقته : فقالت , لتؤكلن أو أللطخن به وجهك ه فخفض لها رسول هللا صلى هللا عل, ورسول هللا صلى هللا عله وسلم جالس بن وبنها , وجهها

فتناولت من الصفحة شبا فمسحت به وجه وجعل رسول هللا صلى هللا , لتستقد من وسلم ركبته. عله وسلم ضحك

فلما باعه النب صلى هللا عله وسلم قال , وروى أن الضحاك بن سفان الكبلب كان رجبل دمما قبحا أفبل أنزل لك عن -تنزل آة الحجاب وذلك قبل أن -إن عندي امرأتن أحسن من هذه الحمراء :

بل أنا أحسن منها : أه أحسن أم أنت ؟ فقال : فقالت , وعابشة جالسة تسمع , ! إحداهما فتتزوجها . ألنه كان دمما ! فضحك رسول هللا صلى هللا عله وسلم من سإالها إاه , وأكرم

وخصوصا ف المناسبات مثل , اة الناس وكان صلى هللا عله وسلم حب إشاعة السرور والبهجة ف ح. األعاد واألعراس

» : قال له , ولما أنكر الصدق أبو بكر رضى هللا عنه ؼناء الجارتن وم العد ف بته وانتهرهما ! « فإنها أام عد , دعهما ا أبا بكر

. « حتى علم هود أن ف دننا فسحة » : وفى بعض الرواات وكان , بشة أن لعبوا بحرابهم ف مسجده عله الصبلة والسبلم ف أحد أام األعاد وقد أذن للح

وهم لعبون , وأتاح لعابشة أن تنظر إلهم من خلفه ! « دونكم ا بنى أرفدة » : حرضهم وقول . ولم ر ف ذلك بؤسا وال حرجا, ورقصون

هبل كان » : وقال , , لم صحبه لهو وال ؼناء, واستنكر وما أن تزؾ فتاة إلى زوجها زفافا صامتا . «أو الؽزل , معها لهو ؟ فإن األنصار عجبهم اللهو

«أتناكم أتناكم فحونا نحكم : هبل بعثتم معها من تؽن وتقول » : وفى بعض الرواات ومزحون وكان أصحاب النب صلى هللا عله وسلم ومن تبعهم بإحسان ف خر قرون األمة ضحكون

على ما -حتى إن رجبل مثل عمر بن الخطاب . واهتداء بهده , اقتداء بنبهم صلى هللا عله وسلم , , خلقن خالق الكرام : فقال لها , روى عنه أنه مازح جارة له -عرؾ عنه من الصرامة والشدة

وهل خالق الكرام واللبام إال هللا عز : قال لها مبنا, فلما رآها ابتؤست من هذا القول ! وخلقك خالق اللبام وجل ؟ ؟

, واستمر على ذلك من بعده , وأقره عله , وقد عرؾ بعضهم بذلك ف حاته صلى هللا عله وسلم برؼم أن بعض الوقابع المروة ف ذلك لو حدثت الوم , ولم عدوا فه ما نكر , وقبله الصحابة

! وعدوا فاعلها من الفاسقن أو المنحرفن ,ألنكرها معظم المتدنن أشد اإلنكار النعمان بن عمر األنصاري : من هإالء المعروفن بروح المرح والفكاهة والمل إلى الضحك والمزاح

. الذي روت عنه ف ذلك نوادر عجبة وؼربة , رضى هللا عنه . والمشاهد كلها , ندق والخ, وشهد بدرا وأحدا , وقد ذكروا أنه كان ممن شهد العقبة األخرة

. . نذكر بعضا منها « الفكاهة والمرح » روى عنه الزبر بن بكار عددا من النوادر الطرفة ف كتابه

Page 154: ملامح المجتمع المسلم

.: ثم جاء بها إلى النب صلى هللا عله وسلم فقول , وكان ال دخل المدنة لحرفة إال اشترى منها : قال

قاببل , أحضره إلى النب صلى هللا عله وسلم , عمان بثمنها فإذا جاء صاحبها طلب ن, هذا أهدته لك ولقد أحببت , إنه وهللا لم كن عندي ثمنه : ؟ فقول « أو لم تهده ل » : فقول , أعط هذا ثمن متاعه :

. وؤمر لصاحبه بثمنه, فضحك ! أن تؤكله اب على النب صلى هللا عله دخل أعر: وأخرج الزبر قصة أخرى من طرق ربعة بن عثمان قال

فإنا قد قرمنا , لو عقرتها فؤكلناها : فقال بعض الصحابة للنعمان األنصاري , وأناخ ناقته بفنابه , وسلم فخرج النب صلى هللا عله وسلم فقال ! واعقراه ا محمد : فخرج األعراب وصاح , إلى اللحم ؟ ففعل

فؤتبعه سؤل عنه حتى وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبر بن , ن النعما: ؟ فقالوا « من فعل هذا » : حث فؤشار رجل إلى النب صلى هللا عله وسلم, واستخفى تحت سرب لها فوقه جرد , عبد المطلب

الذن دلوك عل ا رسول هللا هم الذن : ؟ قال « ما حملك على ما صنعت » : هو فؤخرجه فقال له . ثم ؼرمها لؤلعراب, جعل مسح التراب عن وجهه وضحك ؾ: أمرون بذلك قال , كان مخرمة بن نوفل قد بلػ مابة وخمس عشرة سنة : حدثن عم عن جدي قال : وقال الزبر أضا

, فؤخذه نعمان بن عمرو بده , المسجد المسجد , فصاح به الناس , فقام ف المسجد رد أن بول وحكم : فصاح به الناس فقال : بل هنا قال : حة أخرى من المسجد فقال له ثم أجلسه ف نا, وتنحى به

أما إن هلل على إن ظفرت به أن أضربه : قال , نعمان : قالوا ! فمن أتى ب إلى هذا الموضع ؟, وعثمان قابم , ثم أتاه وما , فمكث ما شاء هللا , فبلػ ذلك نعمان ! بعصاي هذه ضربة تبلػ منه ما بلؽت

فؤخذه بده حتى أوقفه : قال , نعم : هل لك ف نعمان ؟ قال : فقال لمخرمة , صل ف ناحة المسجد فضرب عثمان , فجمع ده بعصاه , دونك هذا نعمان : وكان إذا صلى ال لتفت فقال , على عثمان

( . فذكر بقة القصة ! ضربت أمر المإمنن : فصاحوا به , فشجه استطاع أن وقع نعمان ف بعض ما أوقع , صحابا آخر من أهل الفكاهة والمزاح ومن الطرابؾ أن

قال ابن , وكان ممن شهد بدرا أضا , كما ف قصة سوبط بن حرملة معه « المقالب » فه ؼره من وله , وكان مزاحا فرط ف الدعابة : ف ترجمة سوبط رضى هللا عنه « االستعاب » عبد البر ف

وحسن , نذكرها لما فها من الظرؾ , ظرفة مع نعمان وأبى بكر الصدق رضى هللا عنهم قصة . الخلق

خرج أبو بكر الصدق رضى هللا عنه ف تجارة إلى بصرى قبل موت النب : وروى عن أم سلمة قالت ن نعمان على وكا, وكانا قد شهدا بدرا , ومعه نعمان وسوبط بن حرملة , صلى هللا عله وسلم بعام

, ال حتى جا أبو بكر رضى هللا عنه : أطعمن فقال : -وكان رجبل مزاحا -فقال له سوبط , الزاد إنه : قال , نعم : تشترون منى عبدا ؟ قالوا : فمروا بقوم فقال لهم سوبط , أما وهللا ألؼظنك : فقال

فبل تفسدوا عل , ل لكم هذه المقالة تركتموه فإن كنتم إذا قا, إن حر : وهو قابل لكم , عبد له كبلم فجاءوا فوضعوا ف عنقه : قال , فاشتروه منه بعشر قبلبص : قال , بل نشتره منك : قالوا , عبدي

, قد أخبرنا خبرك : قالوا , لست بعبد , وإن حر , إن هذا ستهزئ بكم : فقال نعمان , عمامة أو حببل فلما , وأخذه , فرد علهم القبلبص , فؤخبره سوبط فؤتبعهم , رض هللا عنه فجاء أبو بكر , فانطلقوا به

فضحك النب صلى هللا عله وسلم وأصحابه منها : قدموا على النب صلى هللا عله وسلم أخبروه قال . حوال

: موقف المتشددين

Page 155: ملامح المجتمع المسلم

ونظر , وحذر من سوء عاقبته , والشعراء من ذم المزاح , واألدباء , وال رب أن هناك من الحكماء . وأقفل الجوانب األخرى , إلى جانب الخطر والضرر فه

وهو مل التوازن واالعتدال , عن رسول هللا صلى هللا عله وسلم وأصحابه أحق أن تبع ولكن ما جاء واتهم , وقد قال لحنظة حن فزع من تؽر حاله ف بته عن حاله مع رسول هللا صلى هللا عله وسلم.

ة ف ا حنظة ؛ لو دمتم على الحال الت تكونون علها عندي لصافحتكم المبلبك» : نفسه بالنفاق . وهذا هو العدل , ه الفطرة» وهذه, « ولكن ا حنظلة ساعة وساعة , الطرقات

لم كن أصحاب رسول هللا صلى هللا عله وسلم : روى ابن أب شبة عن أب سلمة بن عبد الرحمن قال على شا فإذا أرد أحدهم , وذكرون أمر جاهلتهم , كانوا تناشدون األشعار . متحزقن وال متماوتن

. من أمر دنه دارت حمالق عنه كؤنه مجنون . التجمع وشدة التقبض : والتحزق كما قول اإلمام الخطاب

. أي منقبضن ومجتمعن : متحزقن : وفى النهاة البن األثر كان ابن عمر . ما كانوا إال كالناس : هل كانوا تمازحون ؟ فقال : وسبل ابن سرن عن الصحابة

. زح ونشد الشعر موعبوسهم وتجهمهم الذي ظنه , وبهذا كون موقؾ أولبك النفر من المتدنن أو المتحمسن للدن

. وال تفق مع هدي الرسول الكرم وأصحابه , ال مثل حققة الدن ف شا , البعض من صمم الدن وعلى كل . ظروؾ نشؤتهم وتربتهم أو ل, أو لطبعتهم الشخصة , إنما رجع إلى سوء فهمهم لئلسبلم

. خطبون وصبون , ال جهل مسلم أن اإلسبلم ال إخذ من سلوك فرد أو مجموعة من الناس , حال . إنما إخذ اإلسبلم من القرآن والسنة الثابتة , ولسوا هم حجة على اإلسبلم , واإلسبلم حجة علهم

:حدود المشروعية في الضحك والمزاح

, كما دلت على ذلك النصوص القولة , إن الضحك والمرح والمزاح أمر مشروع ف اإلسبلم . ة للرسول الكرم صلى هللا عله وسلم وأصحابه رضى هللا عنهم والمواقؾ العمل

وتشعب , الحاة وقسوتها , وما ذلك إال لحاجة الفطرة اإلنسانة إلى شا من التروح خفؾ عنها ألواء . همومها وأعبابها

سر حتى تستطع مواصلة ال, كما أن هذا الضرب من اللهو والترفه قوم بمهمة التنشط للنفس . حتى ال تنقطع به , كما رح اإلنسان دابته ف السفر , والمض ف طرق العمل الطول

ولكنها مقدة بقود وشروط ال بد أن , فمشروعة الضحك والمرح والمزاح ال شك فها ف األصل : تراعى

نسان -ي أول إبرل كما فعل بعض الناس ؾ, أال كون الكذب واالختبلق أداة اإلضحاك للناس : أولها. « كذبة إبرل » فما سمونه -

ول له , ول له , ول له , ول للذي حدث فكذب لضحك القوم » : قال صلى هللا عله وسلم ولهذا . وقد كان صلى هللا عله وسلم مزح وال قول إال حقا «

. إال إذا أذن بذلك ورضى , سخرة منه أو استهزاء به و, أال شتمل على تحقر إلنسان آخر : ثانا ا أها الذن آمنوا ال سخر قوم من قوم عسى أن كونوا خرا منهم وال نساء من نساء : ) قال تعالى

. (ببس االسم الفسوق بعد اإلمان , عسى أن كن خرا منهن وال تلمزوا أنفسكم وال تنابزوا باأللقاب . «امرئ من الشر أو حقر أخاه المسلم بحسب » : وجاء ف صحح مسلم

» . فقال , فوصفتها بالقصر تعبها به, وذكرت عابشة أمام النب صلى هللا عله وسلم إحدى ضرابرها

Page 156: ملامح المجتمع المسلم

أي قلدته ف -وحكت له إنسانا : قالت « لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته , ا عابشة « أحب أنى حكت إنسانا وأن ل كذا وكذا ما » : حركته أو صوته أو نحو ذلك فقال

. أال ترتب عله تفزع وتروع لمسلم : ثالثا أنهم , صلى هللا عله وسلم حدثنا أصحاب محمد: روى أبو داود عن عبد الرحمن بن أبى للى قال فقد

, عه فؤخذه فانطلق بعضهم إلى حبل م, كانوا سرون مع النب صلى هللا عله وسلم فقام رجل منهم . «ال حل لرجل أن روع مسلما » : ففزع فقال رسول هللا صلى هللا عله وسلم

فخفق رجل , كنا مع رسول هللا صلى هللا عله وسلم ف مسر : وعن النعمان بن بشر قال فقال رسول هللا صلى هللا, ففزع , فؤخذ رجل سهما من كنانته فانتبه الرجل -أي نعس -على راحلته والساق ( . رواه الطبرانى ف الكبر ورواته ثقات ) «ال حل لرجل أن روع مسلما » : عله وسلم

. دل على أن الذي فعل ذلك كان مازحه ( رواه الترمذى وحسنه . ) «ال ؤخذ أحدكم متاع أخه العبا وال جادا » : وقد جاء ف الحدث اآلخر

.ولكل أمر , فلكل شا أوانه , وال ضحك ف مجال ستوجب البكاء , ع الجد أال هزل ف موض: رابعا

. والحكمة وضع الشء ف موضعه المناسب . ولكل مقام مقال , مكانه : ومن ممادح الشعراء

!إذا جد عند الجد أرضاك جده وذو باطل إن شبت ألهاك باطله

. والباطل هنا قصد به اللهو والمرح :وقال آخر

!ازل حث الهزل حسن بالفتى إنـ إذا جد الرجال لذو جد أه

وقفت أمام , وروى األصمع أنه رأى امرأة بالبادة تصلى على سجادتها خاشعة ضارعة فلما فرؼت أن هذه من تلك ؟ : فقال لها , المرآة تتجمل وتتزن

:فؤنشدت تقول

!وله منى جانب ال أضعه وللهو منى والبطالة جانب

. فعرفت أنها امرأة عابدة لها زوج تتجمل له : قال, وقد عاب هللا تعالى على المشركن أنهم كانوا ضحكون عند سماع القرآن وكان أولى بهم أن بكوا

. (وأنتم سامدون * وتضحكون وال تبكون * أفمن هذا الحدث تعجبون : ) فقال تعالى , الذي تقبله الفطرة السلمة , االعتدال والتوازن وفى حدود, أن كون ذلك بقدر معقول : خامسا

. وبلبم المجتمع اإلجاب العامل , ورضاه العقل الرشد ! فكؾ باللهو والمرح ؟, ولو ف العبادة , واإلسبلم كره الؽلو واإلسراؾ ف كل شا

فالمنه عنه هو «ب وال تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تمت القل» : التوجه النبوي ولهذا كان . اإلكثار والمبالؽة

«بمقدار ما تعطى الطعام من الملح , أعط الكبلم من المزح » : على رضى هللا عنه قوله وقد ورد عن .

وخر األمور . كما دل على ضرر اإلفراط فه, دل على عدم االستؽناء عن المزح , وهو قول حكم . ومناط فضل أمته على ؼرها , وخصصته الكبرى وهو نهج اإلسبلم, هو الوسط دابما

Page 157: ملامح المجتمع المسلم

فن اللعب

: الحاجة إلى اللعب

وفن الفكاهة , وفن الرسم والتصور تنعم به األعن , شعوب فن الؽناء تشنؾ به اآلذان كما عرفت الوعن النفوس , تدفع عن الحاة الرتابة, فهناك فنون أخرى عرفها الناس . والمرح تضحك له األفواه

ت الفراغ من مما شؽل أوقا, مما عرفنا وما لم نعرفه , وه تتمثل ف أنواع األلعاب المختلفة , المبللة . وال ؽلو من بعض الفوابد من ناحة أخرى , ناحة

: ألوان اللعب لدى الشعوب

, والعدو , مثل السباحة « الراضة البدنة » هذه األلعاب دخل فما عرؾ ف عصرنا بؤنواع وبعض والتزحلق على . وألعاب الكرة بؤنواعها , « الجمباز » وألعاب القوى وما بمس , والوثب بؤنواعه

. الجلد . وركوب الخل , الرماة واللعب بالحراب والسوؾ : وبعضها أقرب إلى الفنون العسكرة مثل

» و , « السجا » و, ما فه شحذ للعقل مثل الشطرنج : ومنها , ونزجة للوقت , وبعضها ألعاب تسلة . « النرد » ومنه ما قوم على الحظ مثل , ونحوها « الدومنو

ه ما ومن. كالمصارعة والمبلكمة , ومنه ما ال بد له من العبن , ما إدى فردا : ومن هذه األلعاب . ومثلها ألعاب الكرة , وهى لعبة شعبة قدمة , لعبة شد الحبل : مثل , حتاج إلى فرقن

. أو مجموعة فرق , أو مجموعة أفراد , أو فرقن , بن فردن : ما دخل فه السباق : ومنه . أو على السحر بالفعل, الت تقوم على الشعوذة وخفة الد , األلعاب السحرة : ومنه وتدهش النظارة بما فها من مهارات فابقة « السرك » كالت تقدم ف , األلعاب البهلوانة : ومنه

. وقدرات شبه خارقة والتحرش بن الدوك , اللعب بالحمام . مثل , ما ستخدم اإلنسان فه الطور والحوانات : ومنه

: ومن هذا الباب . مصارعة الثران : وقرب منها . أو بن الكباش بعضها وبعض , بعضها وبعض . عن طرق تدربها على أعمال تعجب وتدهش ( جمع دب ) اللعب بالقرود والدببة

. تروض األسود والفهود والنمور : وأعجب منه . واستخدام الفلة , ترقص الخل : وكذلك شاهد الجمهور كثرا من , بات ف األعاد والموالد والمناس, وفى المهرجانات الشعبة ف بلد كمصر

. ومعروضات متنوعة , وهى ألوان مختلفة , األلعاب الت توارثها الناس . وبعضها مما ابتكروه , بعضها مما توارثوه , ولدى كل الشعوب أمثال هذه األلعاب

ألندة كالذي نشاهده ف التلفزون بن بعض ا, والباب مفتوح للتجدد واالبتكار ف هذا المجال . األلمانة وبعض من مسابقات تعتبر ؼاة ف الطرافة واستخراج الضحك من اإلنسان

. وابتكروا أشاء مماثلة أضا , وقد نافسهم الابانون ف ذلك ما موقؾ اإلسبلم من ذلك كله ؟ : والسإال الكبر هنا

Page 158: ملامح المجتمع المسلم

: موقف اإلسالم

: وموقؾ اإلسبلم من هذه األلوان المختلفة من اللعب أو األلعاب تضح فما ل

: ما يجيزه اإلسالم من اللعب

, حتاج إله الفرد , بل رى ذلك أمرا مشروعا , « األلعاب »ال منع اإلسبلم من اللهو بمختلؾ وما ذكرناه ف . أو اإلضحاك , أو التروح , ولو لم كن الهدؾ منها إال التسلة . وتحتاج إله الجماعة

. وما نقلناه عن الؽزال وابن حزم وؼرهما ذكر هنا أضا , وشرعة الؽناء , شرعة الضحك , مثل األلعاب الت تدخل ف فنون الراضة , حث اإلسبلم علها , اع من األلعاب بل هناك بعض أنو

. وتنمة القدرات , واكتساب المهارات , لما فها من تقوة األجسام , أو الفنون العسكرة والمإمن القوى خر وأحب إلى هللا من , وركوب الخل , الحث على الرماة : وقد جاء ف السنة

. الضعؾ المإمن . بدلن لومن كان لعب فهما األنصار ف الجاهلة , وقد شرع اإلسبلم عدي الفطر واألضحى

وقد أذن النب صلى هللا عله وسلم للحبشة أن رقصوا بحرابهم وأسلحتهم ف مسجده الشرؾ ف وم . وقد سبق ذلك .. «دونكم ا بنى أرفدة » : وكان حثهم وقول , عد

: ا يمنعه اإلسالم من ألوان اللعب م

: مثل , إنما تحفظ اإلسبلم على بعض ألعاب تتنافى مع مقاصده وأحكامه لما فها من شدة , المبلكمة : مثل , األلعاب الت تقوم على المخاطرة الشددة دون ضرورة إلها (أ )

. ببل حاجة , إذاء النفس والؽر كما , أمام الرجال األجانب -أي ما ال حل رإته منها -ها أجسام النساء األلعاب الت تظهر ف (ب )

ال دخلها , ونبؽ أن كون لهن مسابح ومبلعب خاصة , ف حاالت السباحة والجمباز ونحوها . الرجال

جه وحرم تعلمه أو تروي« السبع الموبقات » فإنه من , األلعاب الت تقوم على السحر الحقق (جـ ) . ف الناس

كالذي سمه الناس , ألكل أموالهم بالباطل , األلعاب الت تقوم على الخداع واالحتال على الناس (د ) ! « الثبلث ورقات » ف مصر

وقد ثبت . مثل صراع الدوك أو الكباش , األلعاب الت تعرض الحوانات أو الطور لئلذاء (هـ ) , فبل جوز لئلنسان أن تلهى بمنظر الدماء تسل من هذه العجماوات . ابم النهى عن التحرش بن البه

. ومن ال رحم ال رحم « الطاولة » وهو الذي سمه أهل مصر , مثل لعب النرد , األلعاب الت تقوم على الحظ وحده (و )

الحبلل » تها ف وقد ذكر, فالراجح جوازه بشروط , بخبلؾ ما قوم على إعمال الذهن مثل الشطرنج . « فتاوى معاصرة » وفصلتها ف الجزء الثان من « والحرام

وهو رجس من عمل , فإنه قرن الخمر ف كتاب هللا ( القمار ) األلعاب الت دخل فها المسر (ز ) . الشطان

« مسخرة » أو أو جعله أضحوكة, أو السخرة به , األلعاب الت فها استخفاؾ بكرامة اإلنسان (ح )

Page 159: ملامح المجتمع المسلم

, أو ذوى اللون األسود , كالعمان أو العرجان , سواء أكان شخصا معنا أم فبة من المجتمع , لآلخرن ا آها الذن أمنوا ال سخر قوم من قوم ) إال ف حدود ما جزه العرؾ العام . أو أصحاب مهنة معنة

. (عسى آن كونوا خرا منهم فبل نبؽ أن « التحسنات » فإن اللعب من , على حساب أمور أخرى , عب المبالؽة ف الل (ط )

. فكؾ بالضرورات ؟ , تطؽى على الحاجات ومشروطة بؤال تشؽل عن واجب دن , فإن هللا ال حب المسرفن , وكل المباحات مقدة بعدم اإلسراؾ

أن وازن بن المطالب -لفرد المسلم كما هو مطلوب من ا -والمطلوب من المجتمع المسلم . أو دنوي . وأن عط كل ذي حق حقه ,

على كل األلعاب « كرة القدم » أن تطؽى لعبة واحدة مثل : ولهذا ال قبل ف مزان اإلسبلم ورعاة حقوق الخلق حتى , وعمارة األرض , وما هو أهم من ذلك كله من عبادة هللا , والراضات

بمبات « باع » وكؤنها وثن عبد وأصبح العب الكرة , عض األحان وب, ؼدت ف بعض الببلد ألن موهبة القدم أهم من , وبعض أهل الفكر والعلم ال كادون جدون قوتهم , وربما بالمبلن , اآلالؾ

! موهبة الرأس فاإلنسان بؤسفله ال بؤعبله

المرأة باعتبارها إنسانا

وؼرهم عترؾ بإنسانتها . وآخرون رتابون فها , جاء اإلسبلم وبعض الناس نكرون إنسانة المرأة . مة الرجل ولكنه عتبرها مخلوقا خلق لخد,

وأهلتها للتكلؾ والمسبولة والجزاء ودخول , وأكد إنسانتها , فكان من فضل اإلسبلم أنه كرم المرأة , ألنهما فرعان من شجرة واحدة . له كل ما للرجل من حقوق إنسانة , واعتبرها إنسانا كرما , الجنة

. وأم واحدة ه حواء , وأخوان ولدهما أب واحد هو آدم متساوان ف التكالؾ , متساوان ف الخصابص اإلنسانة العامة , ما متساوان ف أصل النشؤة فه

. متساوان ف الجزاء والمصر , والمسبولة ا أها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث ) :قول القرآن وف ذلك

. (إن هللا كان علكم رقبا , هللا الذي تساءلون به واألرحام منهما رجاال كثرا ونساء واتقواوجعل من هذه النفس زوجا , خلقهم ربهم من نفس واحدة , رجاال ونساء -كل الناس -وإذا كان الناس

وبث من هذه األسرة (وجعل منها زوجها لسكن إلها : ) قال ف آة أخرى تكملها وتكتمل بها كما . فاألخوة تجمعهم , وأوالد ألب واحد وأم واحدة , كلهم عباد لرب واحد , كثرا ونساء الواحدة رجاال

واتقوا هللا الذي تساءلون ) : ورعاة الرحم الواشجة بنهم -ربهم -ولهذا أمرت اآلة الناس بتقوى هللا . (به واألرحام

: قال الرسول صلى هللا عله وسلم ي هذا وؾ. والمرأة شققة الرجل , أخ المرأة -بهذا النص -فالرجل . «إنما النساء شقابق الرجال »

إن المسلمن والمسلمات : ) قول القرآن , وفى مساواة المرأة للرجل ف التكلؾ والتدن والعبادة والمإمنن والمإمنات والقانتن والقانتات والصادقن والصادقات والصابرن والصابرات والخاشعن

شعات والمتصدقن والمتصدقات والصابمن والصابمات والحافظن فروجهم والحافظات والخا( . والذاكرن هللا كثرا والذاكرات أعد هللا لهم مؽفرة وأجرا عظما

والمإمنون : ) بقوله تعالى وف التكالؾ الدنة واالجتماعة األساسة سوي القرآن بن الجنسن ؤمرون بالمعروؾ ونهون عن المنكر وقمون الصبلة وإتون , اء بعض والمإمنات بعضهم أول

Page 160: ملامح المجتمع المسلم

( أولبك سرحمهم هللا , الزكاة وطعون هللا ورسوله ا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكبل ) : وف قصة آدم توجه التكلؾ اإلله إله والى زوجه سواء

. (لظالمن منها رؼدا حث شبتما وال تقربا هذه الشجرة فتكونا من اكما -أنها نسبت اإلؼواء إلى الشطان ال إلى حواء -كما ذكرها القرآن -ولكن الجدد ف هذه القصة

. (فؤزلهما الشطان عنها فؤخرجهما مما كانا فه ) -فعلت التوراة لندم والتوبة كما كان ا, بل كان الخطؤ منهما معا , ولم تنفرد حواء باألكل من الشجرة وال كانت البادبة

. (قاال ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تؽفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرن ) : منهما جمعا ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم : ) بل ف بعض اآلات نسبة الخطؤ إلى آدم بالذات وباألصالة

) … (لخلد وملك ال بلى فوسوس إله الشطان قال ا آدم هل أدلك على شجرة ا) … (نجد له عزما مما (ثم اجتباه ربه فتاب عله وهدى ) : كما نسب إله التوبة وحده أضا . (وعصى آدم ربه فؽوى

. والمرأة له تبع , فد أنه األصل ف المعصة وال تزر وازرة , وبناتها براء من إثمها , ومهما كن األمر فإن خطبة حواء ال حمل تبعتها إال ه

. (وال تسبلون عما كانوا عملون , لها ما كسبت ولكم ما كسبتم , تلك أمه قد خلت ) : ر أخرى وزفاستجاب لهم ربهم أن ال أضع : ) قول هللا تعالى وفى مساواة المرأة للرجل ف الجزاء ودخول الجنة

ن األعمال ال فنص القرآن ف صراحة على أ, (بعضكم من بعض , عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى , من طنة واحدة , فالجمع بعضهم من بعض , سواء أكان العامل ذكرا أم أنثى , تضع عند هللا , من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مإمن فلنحنه حاة طبة : ) وقول . وطبعة واحدة

أو أنثى وهو مإمن ومن عمل من الصالحات من ذكر) , (ولنجزنهم أجرهم بؤحسن ما كانوا عملون . (فؤولبك دخلون الجنة وال ظلمون نقرا

من حرمان -عربا وعجما -أبطل اإلسبلم ما كان عله كثر من األمم , وفى الحقوق المالة للمرأة واستبداد األزواج بؤموال , أو التضق علهن ف التصرؾ فما ملكن , من التملك والمراث , النساء

فشرع . وحق التصرؾ بؤنواعه المشروعة , فؤثبت لهن حق الملك بؤنواعه وفروعه , منهن المتزوجات واإلجارة والهبة واإلعارة والوقؾ , وأعطاهن حق البع والشراء , الوصة واإلرث لهن كالرجال

. وؼر ذلك من العقود واألعمال . . . . والصدقة والكفالة والحوالة والرهن .بالتقاض وؼره من األعمال المشروعة -كالدفاع عن نفسها -ع عن مالها وتبع ذلك حقوق الدفا

شبهات مردودة

: وتدور ف خواطرهم أسبلة , وهنا تعرض لبعض الناس شبهات فما باله فضل الرجل علها ف بعض , إذا كان اإلسبلم قد اعتبر إنسانة المرأة مساوة إلنسانة الرجل

وبعض, وراسة الدولة , وقوامة المنزل , والدة , والمراث , كما ف الشهادة . المواقؾ واألحوال األحكام الجزبة األخرى ؟

لس ألن جنس الرجل أكرم عند هللا وأقرب إله , والواقع أن تمز الرجل عن المرأة ف هذه األحكام ولكن هذا التمز اقتضته -رجبل كان أو امرأة -فإن أكرم الناس عند هللا أتقاهم . من جنس المرأة

:كما سنوضح ذلك فما ل . رجل والمرأة الوظفة الت خصصتها الفطرة السلمة لكل من ال

:الشهادة

Page 161: ملامح المجتمع المسلم

واستشهدوا شهدن من ) : جاء ف القرآن ف آة المدنة الت أمر هللا فها بكتابة الدن واالحتاط له فإن لم كونا رجلن فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر , رجالكم

. (الشهداء إذا ما دعوا وال ؤب, إحداهما األخرى كما قرر الفقهاء أن شهادة النساء ال تقبل ف . وبهذا جعل القرآن شهادة الرجل تساوى شهادة امرأتن

. الحدود والقصاص ال -بفطرتها واختصاصها -بل ألنها . والحمد هلل أن هذا التفاوت لس لنقص إنسانة المرأة أو كرامتها

من شبون البت -عادة -إنما شؽلها ما شؽل النساء . لة والمعامبلت المدنة تشتؽل عادة باألمور الماومن ثم تكون ذاكرتها . والتفكر ف الزواج إن كانت أما , واألوالد إن كانت أما , إن كانت زوجة

شهدوا لهذا أمر هللا تعالى أصحاب الدن إذا أرادوا االستثاق لدونهم أن. أضعؾ ف شبون المعامبلت أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما األخرى : ) بقوله وعلل القرآن ذلك . علها رجلن أو رجبل وامرأتن

) .. . ف الحدود والقصاص , الذن لم عتبروا شهادة النساء , ومثل ذلك ما ذهب إله كثر من الفقهاء

. وان على األنفس واألعراض واألموال والعد. ومواطن الجرابم , بعدا بالمرأة عن مجاالت االحتكاك وصعب علها أن تصؾ , وتهرب صابحة مولولة , فه إن شهدت هذه الجرابم كثرا ما تؽمض عنها

. ألن أعصابها ال تحتمل التدقق ف مثل هذه الحال , هذه الجرابم بدقة ووضوح , فما هو من شؤنها واختصاصها -ة ولو منفرد -ولهذا رى هإالء الفقهاء أنفسهم األخذ بشهادة المرأة

ونحو ذلك مما كان ختص بمعرفته النساء , كشهادتها ف الرضاع والبكارة والثوبة والحض والوالدة . ف العصور السابقة ,

. األخذ بشهادة النساء -من أبمة التابعن -فمذهب عطاء , على أن هذا الحكم ؼر مجمع علهف الجناات ف المجتمعات الت ال كون فها الرجال عادة , بشهادة النساء ومن الفقهاء من رى األخذ

فإذا , وؼر ذلك مما اعتاد الناس أن جعلوا فه للنساء أماكن خاصة , واألعراس , مثل حمامات النساء فهل تهدر شهادتهن , وشهد علها شهود منهن , اعتدت إحداهن على أخرى بقتل أو جرح أو كسر

أنهن إناث ؟ أو تطلب شهادة الرجال ف مجتمع ال حضرون فه عادة ؟ لمجرد .الصحح أن تعتبر شهادتهن ما دمن عادالت ضابطات واعات

:الميراث

والتكالؾ , فالواضح أنه نتجة للتفاوت بنهما ف األعباء, أما التفاوت ف المراث بن الرجل والمرأة. المالة المفروضة على كل منهما شرعا

ودخل بالزوجة فدفع نفقتها , فاالبن تزوج فدفع مهرا , وترك وراءه ابنا وبنتا , فلو افترضنا أبا مات وان , وال كلفها فلسا , زم بنفقتها فلت, ثم دخل بها زوجها , على حن تتزوج البنت فتؤخذ مهرا ,

. كانت من أؼنى الناس فعندما تزوج االبن . أخذ االبن منها مابة وأخته خمسن , فإذا كان قد ترك لهما مابة وخمسن ألفا مثبل

خمسة ( 75000) فنقص نصبه لصبح . قد دفع مهرا وهداا نقدرها مثبل بخمسة وعشرن ألفا

فهنا . ف حن تتزوج أخته فتقبض مهرا وهداا نقدرها بما قدرنا به ما دفع أخوها لمثلها .وسبعن ألفا

.فتساوا . خمسة وسبعن ألفا ( 75000) زد نصبها فصبح

Page 162: ملامح المجتمع المسلم

:الدية

من -وال إجماع مستقن بل ذهب ابن علة واألصم , ها حدث متفق على صحته وأما الدة فلس فوهو الذي تفق مع عموم النصوص القرآنة , إلى التسوة بن الرجل والمرأة ف الدة -فقهاء السلؾ

فالفتوى تؽر , ما كان عله من حرج , ولو ذهب إلى ذلك ذاهب الوم . والنبوة الصححة وإطبلقها إذا كانت تتمشى مع النصوص الجزبة والمقاصد الكلة ؟. ر الزمان والمكان بتػ

:القوامة

: فإنما جعلها هللا للرجل بنص القرآن ألمرن , وأما القوامة

والنظر ف األمور بعقبلنة أكثر من المرأة الت جهزها , ف العواقب ما فضله هللا به من التبصر .1

. بجهاز عاطف دفاق من أجل األمومة

لهذا سفكر . فلو انهدمت ستنهدم على أم رأسه . أن الرجل هو الذي نفق الكثر على تؤسس األسرة .2

.ألؾ مرة قبل أن تخذ قرار تفككها

:المناصب القضائية والسياسية

أي , فما تجوز شهادتها فه , فقد أجاز أبو حنفة أن تتولى القضاء , والساسة , وأما مناصب القضاء وال وف الجناات ف األم, وأجاز الطبري وابن حزم أن تتولى القضاء , ف ؼر األمور الجنابة

. وؼرها , ومصلحة األسرة , بل نظر لؤلمر ف ضوء مصلحة المرأة , وجواز ذلك ال عنى وجوبه ولزومه

وقد إدي ذلك إلى اختار بعض النساء المتمزات ف سن , ومصلحة اإلسبلم , ومصلحة المجتمع . وف ظروؾ معنة , للقضاء ف أمور معنة , معنة

ال تحتمل الصراع الذي -ؼالبا -فؤلن طاقة المرأة , ن رباسة الدولة وما ف حكمها وأما منعها مألنه قد وجد من النساء من كن أقدر من , « ؼالبا » : وإنما قلنا . تقتضه تلك المسإولة الجسمة

ى على ولكن األحكام ال تبن, الت قص هللا علنا قصتها ف القرآن , مثل ملكة سبؤ , بعض الرجال . النادر ال حكم له : ولهذا قال علماإنا , بل على األعم األؼلب , النادر

فبل حرج , أو نحو ذلك. أو عضوا ف مجلس ناب , أو ربسة مإسسة , وأما أن تكون مدرة أو عمدة .« فتاوى معاصرة »وقد فصلنا ذلك بؤدلته ف الجزء الثان من كتابنا , إذا اقتضته المصلحة

المرأة باعتبارها أما

Page 163: ملامح المجتمع المسلم

. مثل اإلسبلم , و من مكانتها , ال عرؾ التارخ دنا وال نظاما كرم المرأة باعتبارها أما كما , وجعل برها من أصول الفضابل , لقد أكد الوصة بها وجعلها تالة للوصة بتوحد هللا وعبادته

وهذا ما . ه من مشاق الحمل والوضع واإلرضاع والتربة لما تحملت, جعل حقها أوكد من حق األب : قوله تعالى وذلك ف مثل . قرره القرآن وكرره ف أكثر من سورة لثبته ف أذهان األبناء ونفوسهم

ووصنا اإلنسان بوالده حملته أمه وهنا على وهن وفصاله ف عامن أن اشكر ل ولوالدك إل ) وحمله وفصاله , حملته أمه كرها ووضعته كرها , إلنسان بوالده إحسانا ووصنا ا) , (المصر

. (ثبلثون شهرا ثم : قال . «أمك » :من أحق الناس بصحابت ؟ قال : وجاء رجل إلى النب صلى هللا عله وسلم سؤله

. «أبوك » : ثم من ؟ قال : قال . « أمك » : ثم من ؟ قال : قال . « أمك » : من ؟ قال فسؤل النب صلى هللا عله وسلم , وروي البزار أن رجبل كان بالطواؾ حامبل أمه طوؾ بها

. أي من زفرات الطلق والوضع ونحوها ! .. «وال بزفرة واحدة , ال » : هل أدت حقها ؟ قال ماس والت, وطاعتها ف ؼر المعصة , وخفض الجناح لها , وتوقرها , إحسان عشرتها : وبرها عن

فإن برها ضرب من , إذا كان فرض كفاة ال جوز إال بإذنها , حتى الجهاد , رضاها ف كل أمر . الجهاد

, وقد جبت أستشرك , أردت أن أؼزو , ا رسول هللا : جاء رجل إلى النب صلى هللا عله وسلم فقال . «رجلها فالزمها فإن الجنة عند» : قال . نعم : ؟ قال « هل لك من أم » :فقال

فجاء اإلسبلم وصى باألخوال , وال تجعل لها اعتبارا , وكانت بعض الشرابع تهمل قرابة األم . كما أوصى باألعمام والعمات , والخاالت

هل » : فهل ل من توبة ؟ فقال , إن أذنبت : أتى النب صلى هللا عله وسلم رجل فقال . «فبرها » : قال . نعم : ؟ قال « من خالة فهل لك» : قال . ال : ؟ قال « لك من أم

فقد سؤلت أسماء بنت أبى بكر النب , ومن عجب ما جاء به اإلسبلم أنه أمر ببر األم وان كانت مشركة «صل أمك , نعم » : فقال لها , وكانت قدمت علها , صلى هللا عله وسلم عن صلة أمها المشركة

وأولى , أنه جعل األم المطلقة أحق بحضانة أوالدها : ها وعواطفها ومن رعاة اإلسبلم لؤلمومة وحق. بهم من األب

, وحجري له حواء , وثد له سقاء, بطن له وعاء: كان , إن أبن هذا , ا رسول هللا : قالت امرأة ما لم أنت أحق به» : فقال لها النب صلى هللا عله وسلم ! وأراد أن نتزعه من , وان أباه طلقن

. «تنكح » : وقال لعمر , فقضى به ألمه , واختصم عمر وزوجته المطلقة إلى أبى بكر ف شؤن ابنه عاصم

. وقرابة األم أولى من قرابة األب ف باب الحضانة . « رحها وشمها ولفظها خر له منك أن تحسن تربة : ها واجب عل, وقرر لها كل هذه الحقوق , واألم الت عنى بها اإلسبلم كل هذه العناة

وتشجعهم على نصرة , وتعودهم طاعة هللا , وتبؽضهم ف الرذابل , فتؽرس فهم الفضابل , أبنابها بل تؽلب نداء الحق على نداء , استجابة لعاطفة األمومة ف صدرها , وال تثبطهم عن الجهاد , الحق

. العاطفة وتوصهم باإلقدام والثبات , القادسة تحرض بنها األربعة ف معركة , ولقد رأنا أما مإمنة كالخنساء

بل , فما ولولت وال صاحت , وما أن انتهت المعركة حتى نعوا إلها جمعا , ف كلمات بلؽة رابعة !!الحمد هلل الذي شرفن بقتلهم ف سبله : قالت ف رضا وقن

Page 164: ملامح المجتمع المسلم

أمهات خالدات

كان لهن . أنه وضع أمام المإمنن والمإمنات أمثله فارعة ألمهات صالحات : ومن توجهات القرآن . خ اإلمان أثر ومكان ف تار

) : مطمبنة إلى وعد ربها , وتلقى ولدها وفلذة كبدها ف الم , فؤم موسى تستجب إلى وح هللا وإلهامه إنا رادوه , فإذا خفت عله فؤلقه ف الم وال تخاف وال تحزن , وأوحنا إلى أم موسى أن أرضعه

. (إلك وجاعلوه من المرسلن داعة هللا أن , خالصا من كل شرك أو عبودة لؽره , بطنها محررا هلل وأم مرم الت نذرت ما ف

. (انك أنت السمع العلم , فتقبل من ) : تقبل منها نذرها سابلة هللا أن , لم منعها ذلك من الوفاء بنذرها -على ؼر ما كانت تتوقع -فلما كان المولود أنثى . (وذرتها من الشطان الرجم وأن أعذها بك) : حفظها من كل سوء

) : والتصدق بكلماته , جعلها القرآن آة ف الطهر والقنوت هلل , ومرم ابنة عمران أم المسح عسى ومرم ابنت عمران الت أحصنت فرجها فنفخنا فه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من

. (القانتن

المرأة باعتبارها بنتا

وقد بشر بؤن -اء حتى قال أحد اآلب, وضقون به , كان العرب ف الجاهلة تشاتمون بمبلد البنات رد أنها ال تستطع أن ! «وبرها سرقة , نصرها بكاء, وهللا ما ه بنعم الولد » : -زوجه ولدت أنثى

. وال أن تبرهم إال بؤن تؤخذ من مال زوجها ألهلها , تنصر أباها وأهلها إال بالصراخ والبكاء ال بالقتال أو من عار , خشة من فقر قد قع -دفنها حة -بد ابنته وكانت التقالد المتوارثة عندهم تبح لؤلب أن ي

. قد تجلبه حن تكبر على قومها وصؾ . ( بؤي ذنب قتلت * وإذا الموءودة سبلت : ) وف ذلك قول القرآن منكرا علهم ومقرعا لهم

توارى من * وإذا بشر أحدهم باألنثى ظل وجهه مسودا وهو كظم : ) حال اآلباء عند والدة البنات . (أال ساء ما حكمون , أمسكه على هون أم دسه ف التراب , القوم من سوء ما بشر به

كشرعة -وبعضها اآلخر , وكانت بعض الشرابع القدمة تعط األب الحق ف بع ابنته إذا شاء . الرجل اآلخر تجز له أن سلمها إلى رجل آخر لقتلها أو ملكها إذا قتل األب ابنه -حموراب

هب لمن شاء ) : هبها لمن شاء من عباده -هبة من هللا ونعمة -كاالبن -جاء اإلسبلم فاعتبر البنت . (إنه علم قدر , وجعل من شاء عقما , أو زوجهم ذكرانا وإناثا * إناثا وهب لمن شاء الذكور

, من كثر من األبناء الذكور , ثرا وأخلد ذكرا وبن القرآن ف قصصه أن بعض البنات قد تكون أعظم أوقد كانت , كما ف قصة مرم ابنة عمران الت اصطفاها هللا وطهرها واصطفاها على نساء العالمن

إذ قالت امرأة ). وكون من الصالحن , أمها عندما حملت بها تتمنى أن تكون ذكرا خدم الهكل فلما وضعتها قالت * انك أنت السمع العلم , ي محررا فتقبل من عمران رب إن نذرت لك ما ف بطن

وإن سمتها مرم وإن أعذها بك , رب إن وضعتها أنثى وهللا أعلم بما وضعت ولس الذكر كاألنثى ( …فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا * وذرتها من الشطان الرجم

فقال -إناثا كانوا أو ذكورا -على أولبك القساة الذن قتلون أوالدهم -حملة شعواء -وحمل القرآن نحن , وال تقتلوا أوالدكم خشة إمبلق » . وقال ( قد خسر الذن قتلوا أوالدهم سفها بؽر علم : ) تعالى

Page 165: ملامح المجتمع المسلم

. (إن قتلهم كان خطبا كبرا , نرزقهم وإاكم , وصبر على تربتهن وحسن تؤدبهن , حبة بناته وجعل رسول اإلسبلم الجنة جزاء كل أب حسن ص

ف -صلى هللا عله وسلم -وجعل منزلته بجواره , حتى بلؽن أو موت عنهن , ورعاة حق هللا فهن . دار النعم المقم

جاء وم , من عال جارتن حتى تبلؽا » : أنه قال -صلى هللا عله وسلم -عنه روى مسلم عن أنس من عال جارتن دخلت أنا وهو الجنة » : ورواه الترمذي بلفظ , «وضم أصابعه .. …نا وهو القامة أ. وأشار بإصبعه السبابة والت تلها , « …كهاتن

ما من مسلم له ابنتان فحسن إلهما ما » : أنه قال » صلى هللا عله وسلم -عنه وروى ابن عباس . «جنة إال أدخلتاه ال -أو صحبهما -صحبتاه

. لؤلخ الذي عول أخواته أو أخته أضا -دخول الجنة -ونصت بعض األحادث على أن هذا الجزاء . لمن أحسن إلى جنس البنات ولو كانت واحدة , كما نص بعض آخر على أن هذه المكافآت اإللهة

أدخله هللا , رابهنفصبر على ألوابهن وضرابهن وس, من كان له ثبلث بنات » : فف حدث أبى هررة ا رسول : قال رجل . « واثنتان » : واثنتان ا رسول هللا ؟ قال : فقال رجل . « الجنة برحمته إاهن

. «وواحدة » : وواحدة ؟ قال , هللا -عن الذكور -ولم إثر ولده , من كانت له أنثى فلم بدها ولم هنها » وروى ابن عباس مرفوعا

. « الجنة أدخله هللا, علها من ابتلى من هذه » : أن رسول هللا صلى هللا عله وسلم قال وفى حدث عابشة الذي رواه الشخان

. «فؤحسن إلهن كن له سترا من النار , البنات بشء لم تعد والدة البنت عببا خاؾ , والبشارات المكررة المإكدة , وبهذه النصوص الصححة الصرحة

لما وراءها من فضل هللا , ورحمة ترجى وتطلب , بل نعمة تشكر , نحس تطر به وال طالع , منه . وجزل مثوبته , تعالى

قول تمثل ف , وأصبح للبنت ف قلب أبها مكان عمق , وبهذا أبطل اإلسبلم عادة الوأد إلى األبد . «ا رابها ربن م, فاطمة بضعة من » : النب صلى هللا عله وسلم ف ابنته فاطمة

:ونلمس أثر ذلك ف األدب اإلسبلم ف مثل قول الشاعر

لـوال بنـات كزؼب القطا رددن من بعـض إلى بعض

لكان ل مضطرب واسع ف األرض ذات الطول والعرض

!وإنمـا أوالدنـا بننـا أكبادنـا تمشــ على األرض

إن هـبت الرح على بعضهم امتنعت عـن عن الؽمض

شؤنها شؤن , سلطان األب على ابنته فبل تجاوز حدود التؤدب والرعاة والتهذب الدن والخلق وأما وفرق حنبذ , وضربها علها إذا بلؽت عشرا , فؤمرها بالصبلة إذا بلؽت سبع سنن , إخوانها الذكور

. لخروج والكبلم ولزمها أدب اإلسبلم ف اللباس والزنة وا, بنها وبن إخوتها ف المضجع . ونفقته علها واجبة دنا وقضاء حتى تتزوج

ذكرا كان -فقد أبطل اإلسبلم بع الحر , ولس له سلطة بعها أو تملكها لرجل أخر بحال من األحوال . بكل وجه من الوجوه -أو أنثى

شاء , عله بمجرد تملكها فإنها تعتق, ولو أن رجبل حرا اشترى أو ملك ابنة له كانت رققة عند ؼره . بحكم قانون اإلسبلم , أم أبى

وال جوز له أن زوجها . . فلس لؤلب إال حسن القام عله بالمعروؾ , وإذا كان للبنت مال خاص بها

Page 166: ملامح المجتمع المسلم

نكاح » وهو المسمى ف الفقه بـ , على طرقة التبادل , على أن زوجه األخر ابنته , لرجل آخر . الزواج من المهر الذي هو حق البنت ال حق أبها وذلك لخلو « الشؽار

: وعله أن ؤخذ رأها فمن تتزوجه . ولس لؤلب حق تزوج ابنته البالؽة ممن تكرهه وال ترضاه وان كانت بكرا ؽلبها حاء , فإذا كانت ثبا فبل بد أن تعلن موافقتها بصرح العبارة . أتقبله أم ترفضه

فلس له سلطة إجبارها على . . ال : فإن قالت , فالسكوت عبلمة الرضا , ا العذراء اكتفى بسكوته. الزواج بمن ال ترد

: قالوا . « ال تنكح األم حتى تستؤمر وال البكر حتى تستؤذن » :روى الجماعة عن أبى هررة مرفوعا . «أن تسكت » : وكؾ إذنها ؟ قال , ا رسول هللا

إن : قلت . البكر تستؤذن » : قال رسول هللا صلى هللا عله وسلم : ت عن عابشة قالوروى الشخان نبؽ إعبلم البكر بؤن سكوتها : ولهذا قال العلماء , « إذنها صماتها » : قال ! البكر تستؤذن وتستح

. إذن فؤتت رسول هللا صلى , أن أباها زوجها وه ثب فكرهت ذلك » : وعن خنساء بنت خدام األنصارة

. « عله وسلم فرد نكاحها هللاأن جارة بكرا أتت رسول هللا صلى هللا عله وسلم فذكرت أن أباها زوجها وه : وعن ابن عباس

. فخرها النب صلى هللا عله وسلم, كارهة وضرورة الحصول على , وف هذا دلل على أن األب ال تمز عن ؼره ف وجوب استبذان البكر

. أي طلب أمرها وإذنها «والبكر ستؤمرها أبوها » : صحح مسلم وؼره وفى. موافقتها وأنا , لرفع ب خسسته , إن أب زوجن من ابن أخه : فقالت , أن فتاة دخلت علها : وعن عابشة

, فدعاه , فؤرسل إلى أبها , فؤخبرته , اجلس حتى ؤت النب صلى هللا عله وسلم : قالت . كارهة أللنساء من : ولكن أردت أن أعلم , قد أجزت ما صنع أب : ا رسول هللا : فقالت . األمر إلها فجعل

. ؟« األمر شء فإن زوج األب أو الول , وظاهر األحادث دل على أن استبذان البكر والثب شرط ف صحة العقد

ه صاحبة الخار : وف البكر .. كما ف قصة خنساء بنت خدام, الثب بؽر إذنها فالعقد باطل مردود . فبطل العقد كما ف قصة الجارة , وان شاءت أبت , إن شاءت أجازت

حتى تم الزواج برضا , أنه أمر باستشارة األم ف زواج ابنتها : ومن جمل ما جاء به اإلسبلم «مروا النساء ف بناتهن آ» : أن النب صلى هللا عله وسلم قال فعن ابن عمر . األطراؾ المعنة كلها

.كان من حقه علها أال تزوج نفسها إال بإذنه . وإذا كان األب ال حق له تزوج ابنته ممن ال ترضاه

. «ال نكاح إال بول » : لحدث بشرط أن , ولو بؽر إذن أبها وولها , ورأى أبو حنفة وأصحابه أن من حق الفتاة أن تزوج نفسها

. ولم ثبت عندهم الحدث المذكور . لها كون الزوج كفبا والخصومة , حتى ال كون هناك مجال للقل والقال . واألولى أن تم الزواج بموافقة األب واألم واالبنة

. وقد شرع هللا الزواج مجلبة للمودة والرحمة , والشحناء وأن كون همه الخلق , ها والمطلوب من األب أن تخر البنته الرجل الصالح الذي سعدها وسعد ب

إذا أتاكم من » : وفى الحدث . وأال عوق زواجها إذا حضر كفإها , ال المادة والطن , والدن وبهذا علم اإلسبلم . «إال تفعلوا تكن فتنة ف األرض وفساد عرض . ترضون خلقه ودنه فزوجوه

تعرض وتعطى « سلعة » ولست , ها فه تطلب إنسانا مثل, قبل كل شء « إنسان » األب أن ابنته » : وفى الحدث . كما هو شؤن كثر من اآلباء الجاهلن والطامعن إلى الوم , لمن دفع نقودا أكثر

. «أعظم النكاح بركة أسره مبونة

Page 167: ملامح المجتمع المسلم

المرأة باعتبارها زوجة

جب الفرار منه واللجوء إلى , كانت بعض الدانات والمذاهب تعتبر المرأة رجسا من عمل الشطان . حاة التبتل والرهبنة

فجاء . أو خادم لمنزله , أو طاه لطعامه , مجرد آلة متاع للرجل وبعضها اآلخر كان عتبر الزوجة وعتبر الزوجة آة من آات هللا , وحث على الزواج , اإلسبلم علن بطبلن الرهبانة ونهى عن التبتل

إن ف , ومن آاته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إلها وجعل بنكم مودة ورحمة ) : ف الكون . (آلات لقوم تفكرون ذلك

معتزلن , قابمن اللل , صابمن النهار , وحن أراد جماعة من الصحابة أن تبتلوا ونقطعوا للعبادة , وأقوم وأنام , أما أنا فؤصوم وأفطر » : النب صلى هللا عله وسلم ذلك قاببل أنكر علهم , النساء

. « فمن رؼب عن سنت فلس من, وأتزوج النساء وعدها -بعد اإلمان باهلل وتقواه -وجعل اإلسبلم الزوجة الصالحة للرجل أفضل ثروة كتنزها من دناه

ما استفاد المإمن بعد تقوى هللا عز وجل خرا من زوجة صالحة » : وف الحدث , أحد أسباب السعادة وان ؼاب عنها حفظته ف نفسها , وان أقسم علها أبرته , وان نظر إلها سرته , إن أمرها أطاعته ,

. «وماله . «الدنا متاع وخر متاعها المرأة الصالحة » : وقال عله الصبلة والسبلم

. « والمركب الصالح , والمسكن الصالح , من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة » : وقال . وجة جهادا ف سبل هللاوجعل قامها بحقوق الز, ورفع اإلسبلم من قمة المرأة باعتبارها زوجةوما منهن امرأة , إن رسول النساء إلك , ا رسول هللا : جاءت امرأة النب صلى هللا عله وسلم فقالت

هللا رب الرجال : ثم عرضت قضتها فقالت . إال وه تهوى مخرج إلك -علمت أو لم تعلم -فإن أصابوا , كتب هللا الجهاد على الرجال , ء وأنت رسول هللا إلى الرجال والنسا, والنساء وإلههن

» : فما عدل ذلك من أعمالهم من الطاعة ؟ قال , أجروا وان استشهدوا كانوا أحاء عند ربهم رزقون . «وقلل منكن من فعله , طاعة أزواجهن والقام بحقوقهم

بل جعل علها أكثر من , رق ولم جعلها مجرد حبر على و, وقرر اإلسبلم للزوجة حقوقا على زوجها ومن حكم الشرع , ومن ضمر المجتمع وقظته ثانا , من إمان المسلم وتقواه أوال : حافظ ورقب . وإلزامه ثالثا

الذي أوجبه اإلسبلم للمرأة على الرجل إشعارا منه برؼبته فها « الصداق » هذه الحقوق هو وأولفإن طبن لكم عن شء منه نفسا فكلوه هنبا , النساء صدقاتهن نحلة وآتوا: ) قال تعالى . وإرادته لها

. (مربا مع أن فطرة هللا ! تدفع ه للرجل بعض مالها : فؤن هذا من المرأة الت نجدها ف مدنات أخرى

جعلت المرأة مطلوبة ال طالبة ؟ . ملبس والمسكن والعبلج المرأته فالرجل مكلؾ بتوفر المؤكل وال. « النفقة » هو , هذه الحقوق وثان

, «ولهن علكم رزقهن وكسوتهن بالمعروؾ » : قال عله الصبلة والسبلم ف بان حقوق النساء : ) قال تعالى , والمعروؾ هو ما تعارؾ عله أهل الدن والفضل من الناس ببل إسراؾ وال تقتر

. (ال كلؾ هللا نفسا إال ما آتاها , آتاه هللا ومن قدر عله رزقه فلنفق مما, لنفق ذو سعة من سعته ( . وعاشروهن بالمعروؾ : ) قال تعالى . « المعاشرة بالمعروؾ » هو , الحقوق وثالث

ولن , من حسن الخلق , وهو حق جامع تضمن إحسان العاملة ف كل عبلقة بن المرء وزوجه قول الرسول , سها بالممازحة والترفه عنها وتطب نؾ, وبشاشة الوجه , وطب الكبلم , الجانب

. «أكمل المإمنن إمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بؤهله » : صلى هللا عله وسلم

Page 168: ملامح المجتمع المسلم

وأنا خركم ألهل , خركم خركم ألهله » : أنه صلى هللا عله وسلم قال وروى ابن حبان عن عابشة , وحسن خلقه مع أزواجه , بؤهله -الصبلة والسبلم عله -وقد أثبتت السرة النبوة العملة لطفه «

فسبقته , وبلػ من مبلطفته لهن أنه سابق عابشة مرتن , حتى إنه كان ساعدهن ف أعمال البت أحانا . «هذه بتلك » : فقال لها , مرة وسبقها أخرى

فبل , افظة على ماله والمح -ف ؼر معصة طبعا -وفى مقابل هذه الحقوق أوجب علها طاعة الزوج وهذه الواجبات . فبل تدخل فه أحدا إال برضاه ولو كان من أهلها , وعلى بته , تنفق منه إال بإذنه

, فمن المقرر أن كل حق قابله واجب , لست كثرة وال ظالمة ف مقابل ما على الرجل من حقوق : ) قال تعالى بل , وال على الرجل وحده , ومن عدل اإلسبلم أنه لم جعل الواجبات على المرأة وحدها

. فللنساء من الحقوق مثل ما علهن من الواجبات (ولهن مثل الذي علهن بالمعروؾ فلما سبل ف , وعدل من زنته , ومن جمل ما روى أن ابن عباس وقؾ أمام المرآة صلح من هبته

ولهن مثل الذي علهن ) : ال اآلة الكرمة ثم ت. أتزن المرأت كما تتزن ل امرأت : ذلك قال .وهذا من أظهر األدلة على عمق فقه الصحابة رض هللا عنهم للقرآن الكرم . (بالمعروؾ

استقالل الزوجة

كما هو الشؤن ف التقالد , ولم ذبها ف شخصة زوجها , لم هدر اإلسبلم شخصة المرأة بزواجها ة بل بؤنها زوج, فبل تعرؾ باسمها ونسبها ولقبها العابل , الت تجعل المرأة تابعة لرجلها , الؽربة

. فبلن ولهذا عرفنا زوجات الرسول بؤسمابهن , أما اإلسبلم فقد أبقى للمرأة شخصتها المستقلة المتمزة

, وممونة بنت الحارث , وحفصة بنت عمر , وعابشة بنت أبى بكر , فخدجة بنت خولد . وأنسابهن . وكان أبوها هودا محاربا للرسول صلى هللا عله وسلم , وصفة بنت حى

, وال تفقد أهلتها للعقود والمعامبلت وسابر التصرفات , كما أن شخصتها المدنة ال تنقص بالزواج وتإجر أمبلكها وتستؤجر وتهب من مالها وتتصدق وتوكل , فلها أن تبع وتشتري

حد ما وال زالت ف بعض الببلد مقدة إلى , وهذا أمر لم تصل إله المرأة الؽربة إال حدثا . وتخاصم .بإرادة الزوج

المرأة باعتبارها أنثى

فلس , كما أنه مكمل لها , عنصرا مكمبل للرجل -لهذا الوصؾ -واعتبرها , قدر اإلسبلم أنوثة المرأة . بل عونا له على كمال شخصه ونوعه , وال ندا له وال منافسا , أحدهما خصما لآلخر

أن كون االزدواج من خصابصها فنرى الذكورة واألنوثة ف عالم , فقد اقتضت سنة هللا ف المخلوقات والمؽناطس , ونرى الموجب والسالب ف عالم الجمادات من الكهرباء , وان والنبات اإلنسان والح

( . اإللكترون والبروتون ) والشحنة السالبة , فها الشحنة الكهربابة الموجبة , وؼرها حتى الذرة

Page 169: ملامح المجتمع المسلم

. (ومن كل شء خلقنا زوجن لعلكم تذكرون : )فقال والى ذلك أشار القرآن منذ أربعة عشر قرنا . ال ؼنى ألحدهما عن اآلخر , والشء والزمه , فالذكر واألنثى كالعلبة وؼطابها

, ولم تركه وحده , لسكن إلها -حواء -خلق منها زوجها -آدم -ومنذ خلق هللا النفس البشرة األولى اسكن أنت ) :أمرا ونها , وكان الخطاب اإلله لهما معا , حتى ولو كانت هذه الوحدة ف الجنة

. (وزوجك الجنة وكبل منها رؼدا حث شبتما وال تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمن ) : والقرآن الكرم قول , والشء ال كمل نفسه , ألنها تكمله وكملها , ؼر الرجل -بهذا -فالمرأة

. وجب والسالب ؼر الم, كما أن الموجب ؼر السالب . (ولس الذكر كاألنثى وهللا جعل لكم ) , (بعضكم من بعض ) : بل ه منه وله , ومع هذا لم تخلق لتكون ندا له وال خصما

. ( من أنفسكم أزواجا واقتضت حكمة هللا أن كون التكون العضوي والنفس للمرأة حمل عناصر الجاذبة للرجل وقابلة

. االنجذاب إله شهوة ؼرزة فطرة قوة تسوقهما إلى التجاذب واللقاء حتى وركب هللا ف كل من الرجل والمرأة

. تستمر الحاة وبقى النوع ولكنه حظر كل . كنظام الرهبنة , ومن ثم رفض اإلسبلم كل نظام صادم هذه الفطرة وعطلها

ولهذا حرم , تصرؾ لهذه الطاقة على ؼر ما شرعه هللا ورضه من الزواج الذي هو أساس األسرة وسد كل منفذ , ما ظهر منها وما بطن , ونهى عن الفواحش , كما حرمته األدان السماوة كلها , زنى ال

. حماة للرجل والمرأة من عوامل اإلثارة وبواعث الفتنة واإلؼراء , إدي إلى هذه الفواحش عامل , جل وما جب أن تكون عله ف عبلقتها بالر, وعلى هذا األساس من النظر إلى فطرة المرأة

. وقم كل نظمه وتوجهاته وأحكامه , اإلسبلم المرأة ولكنه حول بنها وبن , وعترؾ بمقتضاتها فبل كبتها وال صادرها , إنه رعى أنوثتها الفطرة

الت , وكبلب الصد , وحمها من ذباب البشر , وامتهان أنوثتها , الطرق الذي إدي إلى ابتذالها . ثم ترمها عظما , وتستمتع بها لحما , لتنهشها نهشا , حواء تخطؾ بنات

: ونستطع أن نحدد موقؾ اإلسبلم من أنوثة المرأة فما ل

ولهذا أحل لها بعض , حتى تظل نبوعا لعواطؾ الحنان والرقة والجمال , إنه حافظ على أنوثتها .1

, ولبس الحرر الخالص , كالتحل بالذهب , فتها بما تقتضه طبعة األنثى ووظ, ما حرم على الرجال . «إن هذن حرام على ذكور أمت حل إلناثهم » : فقد جاء ف الحدث

من التشبه بالرجال ف الزي والحركة والسلوك وؼرها , كما أنه حرم علها كل ما جاف هذه األنوثة ولعن المتشبهات من النساء , لبس لبسة المرأة كما نهى الرجل أن ي, فنهى أن تلبس المرأة لبسة الرجل ,

ثبلثة ال دخلون الجنة وال نظر » : وف الحدث , مثلما لعن المتشبهن من الرجال بالنساء , بالرجال : والدوث . «والدوث -المتشبهة بالرجال -والمرأة المترجلة , العاق لوالده : هللا إلهم وم القامة

. دخل على أهله الذي ال بال من

مكفة , مكفولة النفقات , فجعلها أبدا ف ظل رجل , وهو حم هذه األنوثة ورعى ضعفها .2

وفق شرعة , جب علهم نفقتها , فه ف كنؾ أبها أو زوجها أو أوالدها أو أخوتها , الحاجات . مة الرجال بالمناكب فبل تضطرها الحاجة إلى الخوض ف لجج الحاة وصراعها ومزاح, اإلسبلم

وصون عفافها من خواطر , وحرص على سمعتها وكرامتها , وهو حافظ على خلقها وحابها .3

. أن تمتد إلها -فضبل من أدي السوء -وألسنة السوء , السوء : ولهذا وجب اإلسبلم علها

ت ؽضضن من أبصارهن وقل للمإمنا) : الؽض من بصرها والمحافظة على عفتها ونظافتها (أ ) . (وحفظن فروجهن

وال بدن زنتهن ) : وال تضق علها . االحتشام والتستر ف لباسها وزنتها دون إعنات لها (ب ) , بالكحل والخاتم (ما ظهر منها ) : وقد فسر . (ولضربن بخمرهن على جوبهن , إال ما ظهر منها

Page 170: ملامح المجتمع المسلم

. دمن الق: وزاد بعضهم , وبالوجه والكفن إال لزوجها ومحارمها -كالشعر والعنق والنحر والذراعن والساقن -أال تبدي زنتها الخفة (جـ )

وال بدن زنتهن إال لبعولتهن أو آبابهن أو ) : الذن شق علها أن تستتر منهم استتارها من األجانب إخوانهن أو بن أخواتهن أو نسابهن أو ما آباء بعولتهن أو أبنابهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بن

(ملكت أمانهن أو التابعن ؼر أول اإلربة من الرجال أو الطفل الذن لم ظهروا على عورات النساء .فبل ) . (وال ضربن بؤرجلهن لعلم ما خفن من زنتهن ) : أن تتوقر ف مشتها وكبلمها (د )

ولس , فلست ممنوعة من الكبلم . (به مرض وقلن قوال معروفا تخضعن بالقول فطمع الذي ف قل. بل ه مؤمورة أن تقول قوال معروفا , صوتها عوره

, من تبرج الجاهلة األولى أو األخرة , وؽره بها , أن تتجنب كل ما جذب انتباه الرجل إلها (هـ ) أما امرأة استعطرت ثم خرجت من بتها لشم » : وف الحدث . فهذا لس من خلق المرأة العففة

. فجب أن تتنزه عن هذا السلوك , وان لم تكن كذلك , أي تفعل فعلها «الناس رحها فه زانة صونا لنفسها ونفسه من هواجس , أن تمتنع عن الخلوة بؤي رجل لس زوجها وال محرما لها (و )

. «خلون رجل بامرأة إال مع ذي محرم ال » : ولسمعتها من ألسنة الزور , اإلثم , وبالقدر البلزم , ومصلحة معتبرة , أال تختلط بمجتمع الرجال األجانب إال لحاجة داعة (ز )

بحث ال تحرم المرأة من المشاركة , والتعاون على البر والتقوى , وطلب العلم , كالصبلة ف المسجد . عة ف لقاء الرجال وال تنسى الحدود الشر, ف خدمة مجتمعها

وحفظ علها حاءها , إن اإلسبلم بهذه األحكام حم أنوثة المرأة من أناب المفترسن من ناحة وصون عرضها من ألسنة المفترن , وعفافها بالبعد عن عوامل االنحراؾ والتضلل من ناحة ثانة

ومن , نفسها وأعصابها من التوتر والقلق حافظ على -مع هذا كله -وهو , والمرجفن من ناحة ثالثة وتوزع عواطفه بن شتى المثرات , وانشؽال القلب , نتجة لجموح الخال , الهزات واالضطرابات

. والمهجات وحم المجتمع , حم الرجل من عوامل االنحراؾ والقلق -بهذه األحكام والتشرعات -وهو أضا

.ل كله من عوامل السقوط واالنحبل

االختالط المشروع

بن « االختبلط » من ذلك كلمة . لها من قبل دخلت معجمنا الحدث كلمات أصبح لها دالالت لم تكن, تلقى الرجل -ف عصر النبوة وعصر الصحابة والتابعن -فقد كانت المرأة المسلمة . الرجل والمرأة

بل كان , ولم ك ذلك ممنوعا بإطبلق , دنة ودنوة , ف مناسبات مختلفة , وكان الرجل لقى المرأة . « اختبلطا » ولم كونوا سمون ذلك , وتوافرت ضوابطه , مشروعا إذا وجدت أسبابه

نفر منه , بما لها من إحاء -وال أدري متى بدأ استعمالها -ثم شاعت هذه الكلمة ف العصر الحدث . كخلط الملح أو السكر بالماء , حس المسلم والمسلمة ؛ ألن خلط شء بشء عن إذابته فه

, كما تصور ذلك وصوره دعاة التشدد والتضق , لس كل اختبلط ممنوعا المهم أن نإكد هنا أن . كما روج لذلك دعاة التبعة والتؽرب , ولس كذلك كل اختبلط مشروعا

« فتاوى معاصرة » ولقد تعرضت لهذا الموضوع مجبا عن عدة أسبلة ف الجزء الثان من كتاب وعادة الرجال للنساء , وبالمصافحة , صل بإلقاء السبلم على النساء وما ت, ما تعلق باالختبلط : منها

Page 171: ملامح المجتمع المسلم

. الخ …والنساء للرجال , وهو هدي محمد صلى هللا عله وسلم , أن الواجب علنا أن نلتزم بخر الهدي : والذي أود أن أذكره هنا

. ونهج الشرق المتشدد , بعدا عن نهج الؽرب المتحلل , وأصحابه المهدن , وهدي خلفابه الراشدن , فقد كانت . والمتؤمل ف خر الهدي رى أن المرأة لم تكن كما حدث ذلك ف عصور تخلؾ المسلمن

وكان عله الصبلة والسبلم , ف مسجد رسول هللا صلى هللا عله وسلم , امرأة تشهد الجماعة والجمعة وكلما كان الصؾ أقرب , الرجال حثهن على أن تخذن مكانهن ف الصفوؾ األخرة خلؾ صفوؾ

وكان أكثرهم ال عرفون , خشة أن ظهر من عورات الرجال شء , إلى المإخرة كان أفضل … أو ؼر , ولم كن بن الرجال والنساء أي حابل من بناء أو خشب أو نسج , السراول

نوع من التزاحم عند الدخول فحدث, وكانوا ف أول األمر دخل الرجال والنساء من أي باب اتفق لهم فخصصوه بعد ذلك لهن . «لو أنكم جعلتم هذا الباب للنساء » : فقال عله الصبلة والسبلم , والخروج

. « باب النساء » وصار عرؾ إلى الوم باسم , ق » حتى إن إحداهن حفظت سورة , وسمعن الخطبة , وكان النساء ف عصر النبوة حضرن الجمعة

. رسول هللا صلى هللا عله وسلم من طول ما سمعتها من فوق منبر الجمعة من ف« الذي ضم , وشاركن ف هذا المهرجان اإلسبلم الكبر , وكان النساء حضرن كذلك صبلة العدن

. ف الخبلء مهللن مكبرن , والرجال والنساء , الكبار والصؽار . «والمخبؤة والبكر , بالخروج ف العدن كنا نإمر » : روى مسلم عن أم عطة قالت

: أمرنا رسول هللا صلى هللا عله وسلم أن نخرجهن ف الفطر واألضحى : وفى رواة قالت , وشهدن الخر ودعوة المسلمن , فؤما الحض فعتزلن الصبلة , العواتق والحض وذوات الخدور

. «لتلبسها أختها من جلبابها » : قال , إحدانا ال كون لها جلباب , ا رسول هللا : قلت إال ما قام به مإخرا شباب الصحوة اإلسبلمة , وهذه سنة أماتها المسلمون ف جل البلدان أو ف كلها

وسنة شهود , مثل سنة االعتكاؾ ف العشر األواخر من رمضان , الذي أحوا بعض ما مات من السنن . النساء صبلة العد

وسؤلن عن , مع الرجال عند النب صلى هللا عله وسلم , ضرن دروس العلم وكان النساء حأنهن لم منعهن , حتى أثنت عابشة على نساء األنصار , أمر دنهن مما قد ستح منه الكثرات الوم

فطالما سؤلن عن الجنابة واالحتبلم واالؼتسال والحض واالستحاضة , الحاء أن تفقهن ف الدن . ونحوها

فطلبن أن , ولم شبع ذلك نهمهن لمزاحمة الرجال واستبثارهم برسول هللا صلى هللا عله وسلم ا » : ال ؽالبهن الرجال وال زاحمونهم وقلن ف ذلك صراحة , جعل لهن وما كون لهن خاصة

فه ووعظهن فلقهن, فوعدهن وما « فاجعل لنا وما من نفسك , قد ؼلبنا علك الرجال , رسول هللا . وأمرهن

بما , وتجاوز هذا النشاط النساب إلى المشاركة ف المجهود الحرب ف خدمة الجش والمجاهدن بجوار , ورعاة الجرحى والمصابن , من التمرض واإلسعاؾ , قدرن عله وحسن القام به

. أشاء مدنة الخدمات األخرى من الطه والسق وإعداد ما حتاج إله المجاهدون من, أخلفهم ف رحالهم , سبع ؼزوات , ؼزوت مع رسول هللا صلى هللا عله وسلم » : أم عطة قالت عن

. «وأقوم على المرضى , فؤصنع لهم الطعام وأداوى الجرحى تنقبلن القرب على , مشمرتن « أحد » كانتا ف وم , أن عابشة وأم سلم » : وروى مسلم عن أنس

وهى -ووجود عابشة هنا , «ثم ترجعان فتمآلنها , ثم تفرؼانها ف أفواه القوم ( ظهورهما )متونهما رد على الذن ادعوا أن االشتراك ف الؽزوات والمعارك كان مقصورا -ف العقد الثان من عمرها

لمواقؾ الت وماذا تؽن العجابز ف مثل هذه ا. فهذا ؼر مسلم , على العجابز والمتقدمات ف السن تتطلب القدرة البدنة والنفسة معا ؟

تناولن : « خبر » أن ست نسوة من نساء المإمنن كن مع الجش الذي حاصر : وروى اإلمام أحمد

Page 172: ملامح المجتمع المسلم

وقد أعطاهن النب , وعن ف سبل هللا , وؽزلن الشعر , وداون الجرحى , وسقن السوق , السهام . من الؽنمةصلى هللا عله وسلم نصبا

عندما , بل صح أن نساء بعض الصحابة شاركن ف بعض الؽزوات والمعارك اإلسبلمة بحمل السبلح حتى قال عنها , « أحد » ومعروؾ ما قامت به أم عمارة نسبة بنت كعب وم . أتحت لهن الفرصة . «لمقامها خر من مقام فبلن وفبلن » : صلى هللا عله وسلم

روى مسلم عن أنس ابنها . تبقر به بطن من قترب منها , « حنن » أم سلم خنجرا وم وكذلك اتخذت ا رسول : فقال ( زوجها ) فرآها أبو طلحة , فكان معها , خنجرا « حنن » أن أم سلم اتخذت وم :

: ؟ قالت « جر ما هذا الخن» : فقال لها رسول هللا صلى هللا عله وسلم ! هللا ؛ هذه أم سلم معها خنجر . فجعل رسول هللا صلى هللا عله وسلم ضحك! إن دنا من أحد المشركن بقرت به بطنه , اتخذته

. وقد عقد البخاري بابا ف صححه ف ؼزو النساء وقتالهن ولم قؾ طموح المرأة المسلمة ف عهد النبوة والصحابة للمشاركة ف الؽزو عند المعارك المجاورة

واإلسهام ف فتح األقطار , بل طمحن إلى ركوب البحار . ف األرض العربة كخبر وحنن والقربة. البعدة إلببلؼها رسالة اإلسبلم

( أي نام وسط النهار ) أن رسول هللا صلى هللا عله وسلم قال : فف صحح البخاري ومسلم عن أنس ما ضحكك ا رسول : فقالت , ظ وهو ضحك ثم استق, وما ( خالة أنس ) عند أم حرام بنت ملحان

ملوكا على , ركبون ثبج هذا البحر , ناس من أمت عرضوا عل ؼزاة ف سبل هللا » : هللا ؟ قال فدعا , ادع هللا أن جعلن منهم : ا رسول هللا : فقلت : قالت , « أو مثل الملوك على األسرة -األسرة

فصرعت , مع زوجها عبادة بن الصامت إلى قبرص , زمن عثمان فركبت أم حرام البحر ف …لها . كما ذكر أهل السر والتارخ , فتوفت ودفنت هناك , عن دابتها هناك

قال كما , ناهة عن المنكر , آمرة بالمعروؾ , وفى الحاة االجتماعة شاركت المرأة داعة إلى الخر . . . (ؤمرون بالمعروؾ ونهون عن المنكر , ء بعض والمإمنون والمإمنات بعضهم أولا: ) تعالى

ورجوعه إلى , ومن الوقابع المشهورة رد إحدى المسلمات على عمر ف المسجد ف قضة المهور , وقد ذكرها ابن كثر ف تفسر سورة النساء . «أصابت المرأة وأخطؤ عمر » : وقوله , رأها علنا

. إسنادها جد : وقال والمتؤمل ف القرآن الكرم . عمر ف خبلفته الشفاء بنت عبد هللا العدوة محتسبة على السوق وقد عن

وف حاة الرسل واألنباء ال شعر بهذا الستار الحددي الذي , وحدثه عن المرأة ف مختلؾ العصور . وضعه بعض الناس بن الرجل والمرأة

وسؤلهما وتجبانه ببل , ادث الفتاتن ابنت الشخ الكبر ح -وهو ف رعان شبابه وقوته -فنجد موسى وتؤته إحداهما بعد ذلك مرسلة من أبها تدعوه أن , وعاونهما ف شهامة ومروءة , تؤثم وال حرج

ثم تقترح إحداهما على أبها بعد ذلك أن ستخدمه عنده ؛ لما لمست فه من قوة , ذهب معها إلى والدها . وأمانة

ولما ورد ماء مدن وجد عله أمة من الناس سقون ووجد ) : ف ذلك ما جاء ف سورة القصص لنقرأ* وأبونا شخ كبر , قالتا ال نسق حتى صدر الرعاء , قال ما خطبكما , من دونهم امرأتن تذودان

ا تمش على فجاءته إحداهم* فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إن لما أنزلت إل من خر فقر , فلما جاءه وقص عله القصص قال ال تخؾ , استحاء قالت إن أب دعوك لجزك أجر ما سقت لنا

. (إن خر من استؤجرت القوى األمن , ا أبت استؤجره , قالت إحداهما * نجوت من القوم الظالمن كلما دخل ) : ذي جده عندها وسؤلها عن الرزق ال, وفى قضه مرم نجد زكرا دخل علها المحراب

إن هللا رزق , قالت هو من عند هللا , قال ا مرم أنى لك هذا , علها زكرا المحراب وجد عندها رزقا . (من شاء بؽر حساب

قالت ا أها الملإا أفتون ف ) : وف قصة ملكة سبؤ نراها تجمع قومها تستشرهم ف أمر سلمان قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بؤس شدد واألمر إلك فانظري * أمرا حتى تشهدون أمري ما كنت قاطعة

Page 173: ملامح المجتمع المسلم

. (وكذلك فعلون , قالت إن الملوك إذا دخلوا قرة أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة * ماذا تؤمرن , و قالت كؤنه ه, فلما جاءت قل أهكذا عرشك ) : وكذلك تحدثت مع سلمان عله السبلم وتحدث معها

* إنها كانت من قوم كافرن , وصدها ما كانت تعبد من دون هللا * وأوتنا العلم من قبلها وكنا مسلمن , قال انه صرح ممرد من قوارر , فما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقها , قل لها ادخل الصرح

. (قالت رب إن ظلمت نفس وأسلمت مع سلمان هلل رب العالمن إن هذا شرع من قبلنا فبل لزمنا ؛ فإن القرآن لم ذكره لنا إال ألن فه هداة وذكرى وعبرة :وال قال

أن شرع من قبلنا المذكور ف القرآن والسنة هو شرع لنا : ولهذا كان القول الصحح , ألول األلباب . (فبهداهم اقتده , أولبك الذن هدى هللا) : وقد قال تعالى لرسوله . ما لم رد ف شرعنا ما نسخه

ف مرحلة من -وإبقاءها بن جدرانه األربعة ال تخرج منه اعتبره القرآن , إن إمساك المرأة ف البت عقوبة بالؽة لمن ترتكب الفاحشة من نساء -مراحل تدرج التشرع قبل النص على حد الزنى المعروؾ

لبلت ؤتن الفاحشة من نسابكم فاستشهدوا وا) : وف هذا قول تعالى ف سورة النساء , المسلمن . (فإن شهدوا فؤمسكوهن ف البوت حتى توفاهن الموت أو جعل هللا لهن سببل , علهن أربعة منكم

وه , وهو العقوبة المقدرة ف الشرع حقا هلل تعالى , وقد جعل هللا لهن سببل بعد ذلك حنما شرع الحد . والرجم الذي جاءت به السنة للمحصن , آن لؽر المحصن الجلد الذي جاء به القر

فكؾ ستقم ف منطق القرآن واإلسبلم أن جعل الحبس ف البت صفة مبلزمة للمسلمة الملتزمة كؤننا بهذا نعاقبها عقوبة دابمة وه لم تقترؾ إثما ؟ , المحتشمة

بل هو جابز أو مطلوب إذا كان , س محرما أن اللقاء بن الرجال والنساء ف ذاته إذن ل: والخبلصة , أو جهاد الزم , أو مشروع خر , من علم نافع أو عمل صالح , القصد منه المشاركة ف هدؾ نبل

وتطلب تعاونا مشتركا بنهما ف التخطط , أو ؼر ذلك مما تطلب جهودا متضافرة من الجنسن .والتوجه والتنفذ

شبهات أنصار االختالط المفتوح

وهو ما . قابهما على البر والمعروؾول, وتلك وجهته ف عبلقة الرجل بالمرأة , هذا هو موقؾ اإلسبلم . « االختبلط المشروع » عبرنا عنه بـ

ودعوننا إلى أن , ولكن االستعمار الفكري صنع ف ببلدنا قوما صمون آذانهم عن حكم هللا ورسوله ! وتستمتع بحاتها وأنوثتها , وتبرز شخصتها , حتى تثبت وجودها , ندع للمرأة حبلها على ؼاربها

وتصحبه إلى السنما وتسهر , وتسافر معه , فتخلو به , وتخبره عن كثب , ط بالرجل ببل تحفظ تختل -بالتجربة ال بالسماع -وتعرؾ ف تجوالها , وتراقصه على نؽمات الموسقى , معه إلى منتصؾ اللل

ستقر الحاة وبهذا ت, من بن من عرفتهم من األصدقاء والمعجبن , الرجل الذي صلح لها وتصلح له ! وتصمد ف وجه العواصؾ واألعاصر , الزوجة

ال تخافوا على المرأة وال على الرجل من هذا : وقول هإالء الذن زعمون أنهم مبلبكة مطهرون , سخفت -لكثرة التبلق -فإن صوت الشهوة , واللقاء الشرؾ , والصداقة البربة , االتصال المهذب

وجد كل من الذكر واألنثى لذته ف مجرد اللقاء واالستمتاع بالنظر , تها ستخبو وجذو, وحدتها ستفتر أما المتعة الحسة فلن ! ه ضرب من التعبر الفن الرفع , فإن زاد على ذلك فمراقصة , والحدث

إنه التصرؾ النظؾ للطاقة ال ؼر وكذلك فعل الؽربون المتقدمون بعد أن فكوا, صبح لها مكان .عقدة الكبت والحرمان

Page 174: ملامح المجتمع المسلم

:الرد على أنصار االختالط المفتوح

: وردنا على هذه الدعوى من جهتن ودننا حرم علنا , وال نبع دننا اتباعا لهوى الؽربن أو الشرقن , إننا مسلمون قبل كل شء : أوال

مر فاتبعها وال تتبع أهواء الذن ثم جعلناك على شرعة من األ) : هذا االختبلط بتبرجه وفتنته وإؼوابه . (وهللا ول المتقن , وان الظالمن بعضهم أولاء بعض , إنهم لن ؽنوا عنك من هللا شبا * ال علمون

, الذي أفسد بناته وبنه , إن الؽرب الذي قتدون به شكو الوم من آثار هذا التحرر أو التحلل : ثانا , فف أمركا والسود وؼرهما من ببلد الحرة الجنسة , ب واالنهار وأصبح هدد حضارته بالخرا

, وال بما بعد اللقاء والحدث , أثبتت اإلحصاءات أن السعار الشهوان لم نطفا بحرة اللقاء والحدث . ازدادوا عطشا , بل صار الناس كلما ازدادوا منه عبا

ف , أو التحلل من الفضابل والتقالد , أو التطور ماذا كان أثر هذا التحرر : وعلنا أن نبحث المجتمعات الؽربة المتحضرة ؟

:أثر االختالط المطلق في المجتمعات الغربية

لقد , ه الت تتكلم وتبن ف هذا المجال , ا اإلحصاءات والتقارر إن األرقام والوقابع الت تفض به: الذي زالت به الحواجز بن الذكر واألنثى فما ل, ظهر أثر االنطبلق الجنس

: انحبلل األخبلق .1

وضاع الحاء والعفاؾ بن , وانتصار الحوانة على اإلنسانة , فانحبلل األخبلق وطؽان الشهوات . واضطراب المجتمع كله نتجة ذلك , ء والرجال النسا

تناقلته الصحؾ ووكاالت األنباء عام , ف تصرح مشهور له « كندي » ولقد قال الربس الراحل

وان من بن كل سبعة شبان , ؼارق ف الشهوات , إن الشباب األمرك مابع مترؾ منحل » : 1962

وأنذر بؤن هذا الشباب . « بسبب انهماكهم ف الشهوات , تقدمون للتجند وجد ستة ؼر صالحن . خطر على مستقبل أمركا

أن أمركا , قرر المإلؾ « الثورة الجنسة » وف كتاب لمدر مركز البحوث بجامعة هارفارد بعنوان الذي أدى إلى سقوط , وأنها تتجه إلى نفس االتجاه , سابرة إلى كارثة ف الفوضوة الجنسة

إننا محاصرون من جمع الجهات بتار » : وقول , رتن اإلؼرقة والرومانة ف الزمن القدم الحضا. « وكل قطاع من حاتنا العامة , ؽرق كل ؼرفة من بناء ثقافتنا , خطر من الجنس

ومع عدم السماح ألجهزة اإلعبلم , ومع أن الشوعن قللو التحدث عن مثل هذه األمور الجنسة

أعلن فه أن , صدر تصرح للزعم الروس خروتشوؾ 1962إال أنه ف عام , وجه أن تتناولها والت

وهدد بؤن معسكرات جددة قد تفتح ف سبرا للتخلص من الشباب , الشباب قد انحرؾ وأفسده الترؾ ! ألنه خطر على مستقبل روسا , المنحرؾ

: ف انتشار األبناء ؼر الشرعن .2

وقد قامت بعض , وذوبان الحواجز بن الفتان والفتات , رة الزمة النطبلق الؽرابز وهى ظاه. فكانت النسبة مخفة جدا , بعمل إحصاء للحبالى من طالبات المدارس الثانوة , المإسسات ف أمركا

: تقول .. ولننظر ما تقوله أحدث اإلحصاءات بهذا الصدد

أي أنهم ولدوا خارج « أطفال ؼر شرعن » ف نوورك هم 1983إن أكثر من ثلث موالد عام »

( 112ر353)وعددهم , وأكثرهم ولدوا لفتات ف التاسعة عشرة من العمر وما دونها , نطاق الزواج

Page 175: ملامح المجتمع المسلم

!! . « من مجموع موالد نوورك % 37طفبل أي

: كثرة العوانس بن الفتات والعزاب من الشباب .3

جعل كثرا من , بؽر تحمل تبعة الزواج وبناء األسرة , سرة لقضاء الشهوة فإن وجود السبل المدون , متمتعن بلذة التنوع , وقضون أام شبابهم بن هذه وتلك , الشباب ختارون الطرق األسهل

واألبوة, ودون التزام بتكالؾ الزوجة المسإولة ! التقد بالحاة المتشابهة المتكررة كما زعمون . الراعة

تقضى شبابها محرومة من زوج تسكن إله وسكن , وكان من نتجة ذلك وجود كثرة هابلة من الفتات وقابل هإالء الفتات كثرة من الشباب العزاب , إال العابثن الذن تخذونها أداة للمتعة الحرام , إلها

فقد صرح مدر مصلحة , اءات كما تدل على ذلك أحدث اإلحص, المحرومن من الحاة الزوجة

» ( : م 1982-ألول -سبتمبر 10الموافق ) هـ 1402من ذي القعدة 22اإلحصاء األمركة ف

. « أنه ألول مرة منذ بداة هذا القرن تصبح أؼلبة سكان مدنة سان فرانسسكو من العزاب وفقا » ة األمركة أنه ف مإتمر صحف نظمته الجمعة االجتماع« بروس شامبمان » وأوضح

وأعرب عن اعتقاده بؤن هذه « من سكان سان فرانسسكو ؼر متزوجن % 53ألرقام آخر تعداد فإن

!!. األرقام مكن أن تكون مإشرا على أفول األنموذج العابل التقلدي الت زاد عدد إن هذه التؽرات االجتماعة مبلبمة لتحقق الرفاهة ف المدنة» : وأضاؾ شامبمان

. « خبلل العشر سنوات األخرة % ( 40ر4)سنة بمقدار 34و 25سكانها من الشباب بن

15إن التعداد لم شمل عدد المصابن بالشذوذ الجنس الذن قطنون المدنة والذن شكلون » : وقال

. « من السكان تقربا % خرجت النساء السودات ف مظاهرة عامة » : وال عجب بعد ذلك أن نقرأ ف الصحؾ مثل هذا الخبر

اشتركت ف المظاهرة , احتجاجا على إطبلق الحرات الجنسة ف السود , تشمل أنحاء السود ,

تعلن العرضة االحتجاج , وسوؾ قدمن عرضة موقعة منهن إلى الحكومة , امرأة ( 100ر 000)

. « على تدهور القم األخبلقة هو الذي دفع هذا العدد الهابل إلى التظاهر , ة وحرصها على مصلحتها ومستقبلها إن فطرة المرأ

. واالحتجاج

: كثرة الطبلق وتدمر البوت ألتفه األسباب .4

, بعد تحققه ؼر مضمون البقاء , فإن هذا الزواج , فإذا كان دون الزواج هناك عقبات وعقبات . ألدنى األسباب وتنفصم الروابط, فسرعان ما تتحطم األسرة

قال عن معظم , والذي قال عن أمركا . فف أمركا تزداد نسبة الطبلق عاما بعد عام إلى حد مفزع . الببلد الؽربة

: انتشار األمراض الفتاكة .5

وكثرة العقد واالضطرابات الت عد , والنفسة , والعقلة , والعصبة , انتشار األمراض السرة . ات األلوؾ ضحااها بما

الذي فقد المناعة من الجسم « اإلدز » ما اكتشؾ أخرا وعرؾ باسم : ومن أشد األمراض خطرا كما دلت على ذلك التقارر , وعرضه للتهلكة وؼدا هدد المبلن ف أوروبا وأمركا بؤخطر العواقب وصدق بهذا ما حذر منه , الطبة واإلحصاءات الرسمة الت نشرتها مجبلت وصحؾ ف العالم كله

لم تظهر الفاحشة ف قوم قط حتى علنوا بها إال » : رسول هللا صلى هللا عله وسلم حث قال ف حدثه . «فشا فهم الطاعون واألوجاع الت لم تكن مضت ف أسبلفهم الذن مضوا

وامتؤلت بمرضاها , شم هذا ؼر األمراض العصبة والنفسة الت انتشرت عندهم انتشار النار ف اله. المستشفات والمصحات

فهل رد دعاة االختبلط أن نقلوا هذه العلل واألمراض إلى مجتمعاتنا وقد كفانا هللا شرها وأعاذنا منها

Page 176: ملامح المجتمع المسلم

! أم أن هذه األرقام واإلحصاءات ؼاببة من أذهانهم ؟! ؟دة عن الؽرزة الجنسة رح ومن تبعه من علماء النفس أن رفع القود التقل« فرود » لقد زعم

. ومنحها الهدوء واالطمبنان , وحل عقد النفوس , األعصاب ولم تزد األعصاب إال , فلم تزد النفوس إال تعقدا , وها ه الؽرابز قد أطلقت , ها ه القود قد رفعت

.فسة عنهم شبا ولم تؽن آالؾ العادات الن, وأصبح القلق النفس هو مرض العصر هناك , توترا

المرأة باعتبارها عضوا في المجتمع

! فبل تخرج منه إال إلى القبر , شع بعض المؽرضن أن اإلسبلم حكم على المرأة بالسجن داخل البت الت , ثة األولى فهل لهذا الحكم سند صحح من القرآن والسنة ؟ ومن تارخ المسلمات ف القرون الثبل

ه خر القرون ؟ . ثم ال . . ال

وه , ف تحمل أعظم المسإولات ف الحاة اإلسبلمة , فالقرآن جعل الرجل والمرأة شركن . مسإولة األمر بالمعروؾ والنه عن المنكر

المنكر ؤمرون بالمعروؾ ونهون عن, والمإمنون والمإمنات بعضهم أولاء بعض : ) قول تعالى . ( وقمون الصبلة وإتون الزكاة وطعون هللا ورسوله

وتطبقا لهذا المبدأ وجدنا امرأة ف المسجد ترد على أمر المإمنن عمر الفاروق وهو تحدث فوق أصابت امرأة وأخطؤ عمر » : فرجع عن رأه إلى رأها وقول بصراحة , المنبر على مؤل من الناس

» .. «طلب العلم فرضة على كل مسلم » : عله وسلم قول والنب صلى هللا

فجمع علماء المسلمن على أن المسلمة أضا داخلة ف معنى الحدث ففرض علها أن تطلب من العلم وقفها , وضبط سلوكها بؤدب اإلسبلم ف اللباس والزنة وؼرها , وقوم عبادتها , ما صحح عقدتها ومكنها أن تترقى ف العلم حتى تبلػ درجة . والحقوق والواجبات , الحبلل والحرام عند حدود هللا ف

. االجتهاد أو مقصرا , إذا لم كن هو قادرا على تعلمها , ولس لزوجها أن منعها من طلب العلم الواجب علها

. فه ولم , عرض لهن من شإون فقد كان نساء الصحابة ذهبن إلى النب صلى هللا عله وسلم سؤلنه فما

. منعهن الحاء أن تفقهن ف الدن فإن صبلتها ف بتها قد تكون أفضل , طلبها من الرجل , وصبلة الجماعة لست مطلوبة من المرأة

قال عله الصبلة , ولكن لس للرجل منعها إذا رؼبت ف صبلة الجماعة بالمسجد , لظروفها ورسالتها . «عوا إماء هللا مساجد هللا ال تمن» : والسبلم

كما كانت , ف الحقل أو السوق , لقضاء حاجة لها أو لزوجها وأوالدها , وللمرأة أن تخرج من بتها -كنت أنقل النوى على رأس من أرض الزبر » : فقد قالت , تفعل ذات النطاقن أسماء بنت أبى بكر

. «وه من المدنة على ثلث فرسخ -زوجها لتقوم بؤعمال اإلسعاؾ والتمرض وما شابه ذلك من الخدمات المبلبمة , مرأة أن تخرج مع الجش ولل

. لفطرتها ولقدراتها

Page 177: ملامح المجتمع المسلم

كنا نؽزو مع رسول هللا صلى هللا عله » : روى أحمد والبخاري عن الربع بنت معوذ األنصارة قالت . «وسلم نسق القوم ونخدمه ونرد القتلى والجرحى إلى المدنة

سبع , ؼزوت مع رسول هللا صلى هللا عله وسلم » : وروى أحمد ومسلم عن أم عطة قالت . «وأقوم على الزمنى , وأداوي الجرحى , وأصنع لهم الطعام , أخلفهم ف رحالهم , ؼزوات

س ذلك أما أن تحمل السبلح وتقاتل وتقود الكتابب فل, فهذه ه األعمال البلبقة بطبعة المرأة ووظفتها وقد , فعند ذلك تشارك الرجال ف جهاد األعداء بما تستطع , إال أن تدعو لذلك حاجة , من شؤنها

اتخذته إن دنا من » : فلما سؤلها زوجها أبو طلحة عنه قالت , خنجرا « حنن » اتخذت أم سلم وم . «أحد من المشركن بقرت بطنه

حتى أثنى علها النب صلى هللا عله , « أحد » ا ف القتال وم وقد أبلت أم عمارة األنصارة ببلء حسنحتى إذا قتل مسلمة الكذاب عادت وبها عشر , وفى حروب الردة شهدت المعارك بنفسها , وسلم

. جراحات وتركها ف البت كؤنها قطعة , وعزلها عن الحاة , فإذا شاع ف بعض العصور حبس المرأة عن العلم

-حتى إن الخروج إلى المسجد أصبح علها محرما -وال تح لها أن تتعلم , ال علمها الزوج ,من أثاثه واتباع تقالد مبالؽة , إذا شاعت هذه الصورة وما فمنشإها الجهل والؽلو واالنحراؾ عن هدي اإلسبلم

كما أنه لس , ة باألمس واإلسبلم لس مسإوال عن هذه التقالد المبتدع, لم ؤذن بها هللا , ف التزمت ف كل ما , إن طبعة اإلسبلم ه التوازن المقسط . مسإوال عن تقالد أخرى مسرفة ابتدعت الوم

وال ضخم ناحة على حساب , فهو ال عط شبا لحرم آخر , شرعه ودعو إله من أحكام وآداب . وال ف طلب الواجبات , وال سرؾ ف إعطاء الحقوق , أخرى

ولم كن همه , وال ظلمها من أجله , لهذا لم كن من هم اإلسبلم تدلل المرأة على حساب الرجل ووإنما نجد أن موقؾ , وال إرضاء الرجل على حساب كرامتها , إرضاء نزواتها على حساب رسالتها

:اإلسبلم تجاه المرأة تمثل فما ل

ثتها الت فطرها هللا علها وحرسها من أناب المفترسن على طبعتها وأنو -كما قلنا -إنه حافظ (أ ) أداة للتجارة , ومن جشع المستؽلن الذن ردون أن تخذوا من أنوثتها , الذن ردون التهامها حراما

. والربح الحرام بنصب الذي خصها , واختارها لها خالقها , إنه حترم وظفتها السامة الت تهؤت لها بفطرتها (ب )

لعدها بذلك , وسرعة االنفعال , ورقة اإلحساس , ف جانب الحنان والعاطفة , أوفر من نصب الرجل . وه صناعة أجال الؽد , الت تشرؾ على أعظم صناعة ف األمة , لرسالة األمومة الحانة

, ه زوجة الرجل ؾ, ه ربته ومدرته وقطب رحاه , إنه عتبر البت مملكة المرأة العظمة (جـ ) ورعاة شإون , وهو عد عمل المرأة ف تدبر البت , وأم أوالده , ومإنس وحدته , وشركة حاته

أو , ولهذا قاوم كل مذهب أو نظام عوقها عن رسالتها , عبادة وجهادا , وحسن تربة األوالد , الزوج . أو خرب علها عشها , ضر بحسن أدابها لها

ونتزعها من فلذات , وخطفها من زوجها , أو نظام حاول إجبلء المرأة عن مملكتها إن كل مذهبرد أن سلبها , هو ف الحققة عدو للمرأة -أو ؼر ذلك , أو الفن , أو العمل , باسم الحرة -أكبادها

. فبل ؼرو أن رفضه اإلسبلم , وال عطها لقاء ذلك شبا ذكر , كل شء والبوت السعدة إنما تبنى . الت ه أساس المجتمع السعد , رد أن بن البوت السعدة إنه (د )

, واألسرة الت قوامها زوجان تبادالن الشكوك والمخاوؾ , ال على الشك والربة , على الثقة والقن . والحاة ف داخلها جحم ال طاق , أسرة مبنة على شفر هار

لها أن تعمل خارج البت فما بلبمها من األعمال الت تناسب طبعتها واختصاصها إنه ؤذن (هـ ) وخصوصا عندما تكون ه أو . فعملها مشروع ف حدود وبشروط , وال سحق أنوثتها , وقدراتها

ولست . أو كون المجتمع نفسه ف حاجة إلى عملها خاصة , أسرتها ف حاجة إلى العمل الخارج

Page 178: ملامح المجتمع المسلم

كحاجة المتعلمة , فقد تكون حاجة نفسة , إلى العمل محصورة ف الناحة المادة فحسب الحاجة . والملل القاتل , والشعور بالفراغ الطول , والمتزوجة الت لم تنجب , المتخصصة الت لم تتزوج

من وسنتناول هذا الموضوع بشء , ولس األمر كما دعه أنصار عمل المرأة دون قود وال ضوابط .التفصل ف الصفحات القادمة إن شاء هللا

رأة وشبهاتهم أنصار المغاالة في عمل الم

, وتذوب الحواجز بن الجنسن , ولكن كما دعا أسرى الؽزو الفكري إلى اختبلط المرأة بالرجل وسواء , سواء أكان لها حاجة إلى العمل أم ال , رأناهم دعون أضا إلى تشؽل المرأة ف كل مجال

فهو من تمام االختبلط , ر األول فهذا األمر مكمل لؤلم, أكان المجتمع ف حاجة إلى هذا العمل أم ال ! كما قال , والتحرر من ظلم العصور الوسطى وظبلمها , وذوبان الفوارق

ال علنون صراحة أنهم ردون للمرأة أن تتمرد -ف كثر من األحان -ومن مكرهم ودهابهم أنهم أو الكسب , متعة الحرام وأنهم ردون استؽبلل أنوثتها لل, وتخرج من حدود أنوثتها , على فطرتها

فهم إدون , الذن ال ردون إال المصلحة , بل ظهرون ف صورة األطهار المخلصن , الحرام :نجمع شتاتها فما ل , رأهم ف تشؽل المرأة بؤدلة مبعثرة

ذا أردنا فإ, إن الؽرب وهو أكثر منا تقدما ورقا ف مضمار الحضارة قد سبقنا إلى تشؽل المرأة .1

. الرق مثله فلنحذ حذوه ف كل شا فإن الحضارة ال تتجزأ

وضرر على االقتصاد , وإبقاإها ف البت ببل عمل تعطل لهذا النصؾ , إن المرأة نصؾ المجتمع .2

. فمصلحة المجتمع تقض بعمل المرأة , القوم

وعمل المرأة , دت ف هذا العصر فإن تكالؾ الحاة قد تزا, ومصلحة األسرة كذلك تقضى بعملها .3

. وخصوصا ف الببات المحدودة الدخل , زد من دخل األسرة وعاون الرجل على أعباء المعشة

فإن االحتكاك بالناس وبالحاة وبالمجتمع خارج البت , ومصلحة المرأة نفسها تدعو إلى العمل .4

. أن تحصل علها داخل الجدران األربعة ما كان لها, ومدها بخبرات وتجارب , صقل شخصتها

أو هملها , فقد موت أبوها أو طلقها زوجها , كما أن العمل سبلح ف دها ضد عوادي الزمن .5

وقطعة , وشاع فه العقوق , وال سما ف زمن ؼلبت فه األنانة . فبل تذلها الفاقة والحاجة , أوالدها .فس نفس ن: وقول كل امرئ , األرحام

:الرد على هذه الشبهات

: لؤلسباب اآلتة , أما االحتجاج بالؽرب فهو احتجاج باطل .1

لكم دنكم ) : ولسنا مكلفن أن نتخذ الؽرب إلها عبد وال قدوة تتبع , ألن الؽرب لس حجة علنا (أ ) . (ول دن

تسوقها الحاجة , ورة ال مختارة إن المرأة ف الؽرب خرجت إلى المصنع والمتجر وؼرهما مجب (ب ) ف مجتمع قاس ال رحم , بعد أن نكل الرجل عن إعالتها , واالضطرار إلى لقمة العش , إلى القوت

. وقد أؼنانا هللا بنظام النفقات ف شرعتنا عن مثل هذا , وال أنثى ألنوثتها , صؽرا لصؽره

Page 179: ملامح المجتمع المسلم

أثناء « اإلسبلم وحاجة اإلنسانة إله » ي كتابه ؾ -رحمه هللا تعالى -وقد ذكر أستاذنا محمد وسؾ ولعل من الخر أن أذكر هنا أنى حن إقامت بفرنسا كانت » : حدثه عن عناة اإلسبلم باألسرة قال

فسؤلت ربة , تخدم األسرة الت نزلت ف بتها فترة من الزمن فتاة ظهر علها مخال كرم األصل ووفر لها ما تقم به حاتها ؟ فكان , ة ؟ ألس لها قرب جنبها هذا العمل لماذا تخدم هذه الفتا: البت

ولكنه ال عنى بها وال هتم بؤمرها , وعمها ؼن موفور الؽنى , أنها من أسرة طبة ف البلدة : جوابها , ول لحكم لها عله بالنفقة ؟ فدهشت السدة من هذا الق, لماذا ال ترفع األمر للقضاء : فسؤلت .

ومن لنا : فقالت , وحنبذ أفهمتها حكم اإلسبلم ف هذه الناحة . وعرفتن أن ذلك ال جوز لها قانونا بمثل هذا التشرع ؟ لو أن هذا جابز قانونا عندنا لما وجدت فتاة أو سدة تخرج من بتها للعمل ف

وفهن من الجوع والضاع هو أن خ: تعن . « شركة أو مصنع أو معمل أو دوان من دواون الحكومة . الذي دفع تلك الجوش من النساء إلى العمل بحكم الضرورة

وأصبحت , إن الؽرب الذي قتدون به أصبح الوم شكو من عمل المرأة وما جره من آثار (جـ ) « نا رود آ» تقول الكاتبة الشهرة , الذي لم كن لها فه خار , المرأة نفسها هناك تشكو من هذا الببلء

ألن تشتؽل بناتنا ف البوت خوادم أو كالخوادم خر » : « االسترن مل » ف مقالة نشرتها ف جردة . حث تصبح البنت ملوثة بؤدران تذهب برونق حاتها إلى األبد , وأخؾ ببلء من اشتؽالهن ف المعامل

الخادمة والرقق تنعمان بؤرؼد , رداء أال لت ببلدنا كببلد المسلمن فها الحشمة والعفاؾ والطهر » نعم إنه لعار على ببلد اإلنجلز . . وال تمس األعراض بسوء , وعامبلن كما عامل أوالد البت , عش

فما بالنا ال نسعى وراء ما جعل البنت تعمل بما , أن نجعل بناتها مثبل للرذابل بكثرة مخالطة الرجال . « لقام بالبت وترك أعمال الرجال للرجال سبلمة لشرفها وافق فطرتها الطبعة من ا

لتعمل مهندسة أو محامة , إن مصلحة المجتمع لست ف أن تدع المرأة رسالتها األولى ف البت (د ) بل مصلحته أن تعمل ف مجال تخصصها الذي هؤتها له , أو ناببة أو قاضة أو عاملة ف مصنع

خطرا عن العمل ف المتاجر والمعامل -بل زد -وهو ال قل -واألمومة مجال الزوجة: الفطرة !! األمهات الصالحات : أي حصون فرنسا أمنع ؟ فقال : وقد قل لنابلون , والمإسسات

من , ما تشكو منه فضلات النساء , جهلون أو تجاهلون , والذن زعمون أن المرأة ف البت عاطلة فإن كان عند بعض , وال كاد كف , الت تستنفد وقتها وجهدها كله , األعباء المنزلة كثرة األعمال و

الت ال تتعارض , وما لق بها من األعمال , النساء فضل وقت فلنعلمها قضاءه ف الخاطة والتطرز خدمة أو ف ( وه ف البت , ومكن أن تعمل هذا بؤجر لبعض المإسسات ) مع واجبها ف البت

. واإلسهام ف مقاومة الفقر والجهل والمرض والرذلة , مجتمعها وبنات جنسها والواقع أن كثرا من النساء العامبلت ستخدمن نساء أخرات للعمل مربات ألوالدهن أو شؽاالت ف

بدل , وأولى الناس بذلك ربته وملكته, ومعنى هذا أن البت ف حاجة إلى امرأة ترعى شبونه . بوتهن كما هو -والت كثرا ما تكون ؼربة الدار والخلق والدن واللؽة واألفكار والعادات , المرأة الؽربة

وخطورة هذا -شابع ف مجتمعات الخلج من المربات والخادمات المستوردات من الشرق األقصى . األمر ال تخفى على عاقل

وثاب , الذي نفق معظمه ف أدوات الزنة , ادة الدخل كما أن سعادة األسرة لست ف مجرد ز (هـ ) « المودات » و , الت تقوم على التكلؾ والتصنع وسباق األزاء , وتكالؾ الحاة المختلطة , الخروج

الذي تشعه المرأة ف , وقابل هذه الزادة ف الدخل حرمان البت من السكنة واألنس , وما إلى ذلك وه نفسها ف حاجة إلى من , مرهقة األعصاب , ا المرأة العاملة فه مكدودة الجسم أم, جو األسرة . وفاقد الشء ال عطه , روح عنها

, إن مصلحة المرأة لست ف إخراجها عن فطرتها واختصاصها وإلزامها أن تعمل عمل الذكر (و ) قد تفقد المرأة من هذا الصنؾ أنوثتها و, فهذا كذب على المرأة وعلى الواقع , وقد خلقها هللا أنثى

وهذا ما اعترؾ به كثر من , « الجنس الثالث » حتى أطلق علها بعض الكتاب اإلنجلز , بالتدرج . النساء من ذوات الشجاعة األدبة

Page 180: ملامح المجتمع المسلم

, إن صح ف الؽرب فبل صح عندنا نحن المسلمن , وما دعى من أن العمل سبلح ف د المرأة (ز ) أو أبنابها أو , أو زوجها , مرأة ف اإلسبلم مكفة الحاجات بحكم النفقة الواجبة شرعا على أبها ألن ال !وان كان تقلد الؽرب بدأ فقدنا خصابصنا شبا فشبا , أو ؼرهم من العصبات واألقارب , أخها

مضار اشتغال المرأة بعمل الرجال

مضرة ال شك فها , وبهذا نعلم أن اشتؽال المرأة ف أعمال الرجال وانهماكها فها بؽر قود وال حدود : من جوانب شتى,

حتى إن , وتحرم من بتها وأوالدها , ألنها تفقد أنوثتها وخصابصها : مضرة على المرأة نفسها .1

أي الذي ال هو رجل وال هو امرأة « الجنس الثالث » وبعضهم سماهن . كثرا من النساء أصبن بالعقم !

فلم عد فض عله , ألنه حرم من نبع سخ كان فض عله باألنس والبهجة: مضرة على الزوج .2

فضبل على أن الرجل فقد , ومنافسة الزمبلت والزمبلء , والشكوى من مشكبلت العمل , إال الجدل وربما كان راتبها أكبر من راتبه , لشعورها بؤنها مستؽنة بعملها عنه , كثرا من سلطانه وقوامته علها

. ثر من األزواج من عذاب الؽرة والشك هذا إلى ما شعر به ك. فتشعر باالستعبلء عله ,

ال ؽن عنه ؼره من خادم أو , وإشراؾ األم , وقلب األم , ألن حنان األم : مضرة على األوالد .3

فإذا عادت إلى البت عادت متعبة , وكؾ ستفد األوالد من أم تقض نهارها ف عملها , مدرسة . ال النفسة تسمح بحسن التربة وسبلمة التوجه فبل حالتها الجسمة و, متوترة , مهدودة

فما دام ف , تؤخذ مكان رجل صالح للعمل , ألن كل امرأة عاملة : مضرة على جنس الرجال .4

. فعمل المرأة إضرار بهم , المجتمع رجال متعطلون

رض الطبعة لكثرة العوا, ألن المرأة كثرة التخلؾ والؽاب عن العمل : مضرة على العمل نفسه .5

وهذا كله على حساب انتظام , من حض وحمل ووضع وإرضاع وما شابه ذلك , الت ال تملك دفعها . العمل وحسن اإلنتاج فه

, وأخبلق الرجل إذا فقد ؼرة الرجال , أخبلق المرأة إذا فقدت حاء النساء : مضرة على األخبلق .6

وأخبلق المجتمع كله إذا أصبح كسب , منذ نعومة األظفار وأخبلق الجل إذا فقد حسن التربة والتهذبوالمثل , ولو على حساب القم الرفعة , الذي سعى إله الناس , المال وزادة الدخل هو الهدؾ األكبر

. العلا

ووضع الشء ف ؼر موضعه الذي , ألن الخروج على الفطرة : مضرة على الحاة االجتماعة .7

.وصبها بالخلل والتخبط واالضطراب , فسد الحاة نفسها , طرة اقتضته هذه الؾ

للمرأة أن تعمل متى يجوز

Page 181: ملامح المجتمع المسلم

هل فهم من هذا أن عمل المرأة حرام أو ممنوع شرعا بكل حال ؟ . تجز الشرعة للمرأة أن تعمل , وفى أي مجال , ونبؽ أن نبن هنا إلى أي مدى , كبل

إن عمل . حتى ال لتبس الحق بالباطل ف هذه القضة الحساسة , هذا ما نحدده بإجاز ووضوح أضا الذي , هو تربة األجال , وال نافسها فه منافس , ألول واألعظم الذي ال نازعها فه منازع المرأة ا

, وجب أال شؽلها عن هذه الرسالة الجللة شاؼل مادي أو أدب مهما كان , ونفسا , هؤها هللا له بدنا وبه , عله توقؾ مستقبل األمة الذي, فإن أحدا ال ستطع أن قوم مقام المرأة ف هذا العمل الكبر

. وه الثروة البشرة , تتكون أعظم ثرواتها :ورحم هللا شاعر النل حافظ إبراهم حن قال

األم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طب األعراق

فلس ألحد أن حرم بؽر نص شرع صحح , وهذا ال عنى أن عمل المرأة خارج بتها محرم شرعا . واألصل ف األشاء والتصرفات العادة اإلباحة كما هو معلوم , صرح الداللة , ت الثبو

كؤن , وقد كون مطلوبا إذا احتاجت إله , إن عمل المرأة ف ذاته جابز : وعلى هذا األساس نقول وع من وه قادرة على ن, وال مورد لها وال عابل , أو لم توفق للزواج أصبل , تكون أرملة أو مطلقة

. الكسب كفها ذل السإال أو المنة أو إخوتها الصؽار , أو ترب أوالدها , وقد تكون األسرة ه الت تحتاج إلى عملها كؤن تعاون زوجها

كما ف قصة ابنت الشخ الكبر الت ذكرها القرآن الكرم ف سورة , أو تساعد أباها ف شخوخته , ولما ورد ماء مدن وجد عله أمة من الناس : ) قال تعالى , أبهما وكانتا تقومان على ؼنم , القصص

وأبونا , قالتا ال نسق حتى صدر الرعاء , قال ما خطبكما , سقون ووجد من دونهم امرأتن تذودان . ( شخ كبر

ات وتعلم البن, كما ف تطبب النساء وتمرضهن , وقد كون المجتمع نفسه ف حاجة إلى عمل المرأة وقبول , ال مع رجل , فاألولى أن تتعامل المرأة مع امرأة مثلها . ونحو ذلك من كل ما ختص بالمرأة ,

وال تصبح قاعدة ثابتة , الرجل ف بعض األحوال كون من باب الضرورة الت نبؽ أن تقدر بقدرها . لضرورة التنمة , ومثل ذلك إذا احتاج المجتمع ألد عاملة .

: فالواجب أن كون مقدا بعدة شروط , ا عمل المرأة وإذا أجزن

أو مفضا إلى ارتكاب , بمعنى أال كون عملها حراما ف نفسه , أن كون العمل ف ذاته مشروعا .1

أو سكرترة خاصة لمدر تقتض وظفتها أن خلو بها وتخلو , كالت تعمل خادما لرجل أعزب , حرام تقدم الخمر الت لعن رسول هللا « بار » أو عاملة ف , شهوات والؽرابز الدنا أو راقصة تثر ال, به

أو مضفة ف طابرة وجب علها عملها التزام زي ؼر .. صلى هللا عله وسلم ساقها وحاملها وبابعها بما , والتعرض للخطر بسبب السفر البعد بؽر محرم , وتقدم ما ال باح شرعا للركاب , شرع

أو ؼر ذلك من األعمال الت , وبعضها ببلد ؼر مؤمونة , لزمه من المبت وحدها ف ببلد الؽربة . حرمها اإلسبلم على النساء خاصة أو على الرجل والنساء جمعا

وال ) : ف الزي والمش والكبلم والحركة : أن تلتزم أدب المرأة المسلمة إذا خرجت من بتها .2

فبل تخضعن ) , (وال ضربن بؤرجلهن لعلم ما خفن من زنتهن ) , (ما ظهر منها بدن زنتهن إال. (بالقول فطمع الذي ف قلبه مرض وقلن قوال معروفا

أال كون عملها على حساب واجبات أخرى ال جوز لها إهمالها كواجبها نحو زوجها وأوالدها وهو .3

. واجبها األول وعملها األساس بحث تستطع المرأة المسلمة أن , وها األسباب , أن رتب األمور : لوب من المجتمع المسلم والمطدون أن خدش ذلك -أو مصلحة مجتمعها , إذا اقتضت ذلك مصلحتها أو مصلحة أسرتها -تعمل

ساعدا لها وأن كون المناخ العام م, أو تعارض مع التزامها بواجبها نحو ربها ونفسها وبتها , حاءها

Page 182: ملامح المجتمع المسلم

ثبلثة أام ف ) ومكن أن رتب لها نصؾ عمل بنصؾ أجر . وتؤخذ ما لها , على أن تإدى ما علها وكذلك إجازات الوالدة , كما نبؽ أن منحها إجازات كافة ف أول الزواج ( . األسبوع مثبل

. واإلرضاع فها ممارسة الراضات واأللعاب ستطعن, إنشاء مدارس وكلات وجامعات للبنات خاصة : ومن ذلك

. وأن كون لهن الكثر من الحرة ف التحرك وممارسة األنشطة المختلفة , المبلبمة لهن , إنشاء أقسام أو أماكن مخصصة للعامبلت من النساء ف الوزارات والمإسسات والبنوك : ومن ذلك

. بعدا عن مظان الخلوة والفتنة . وال سهل حصرها , لت تتنوع وتتجدد إلى ؼر ذلك من الوسابل ا

.وهو هدي السبل , وهللا قول الحق