الوحـدة الإسلاميـة من وجهـة نظـر أهل البيت عليهم...
-
Upload
hashem-ahmad -
Category
Documents
-
view
216 -
download
3
description
Transcript of الوحـدة الإسلاميـة من وجهـة نظـر أهل البيت عليهم...
الوحـدة اإلسالميـة من وجهـة نظـر أهل البيت عليهم السالم
ثالثة مشاريع للوحدة اإلسالمية
وحدة األمة اإلسالمية ، فريضة شرعية على جميع األمة ، وفي نفس الوقت هي
لكنها من الناحية العملية حلم بعيد المنال ! والسبب . مطلب منطقي لجميع المسلمين
السياسة التي فرقت وما زالت تفرق أمة رسول اهلل صلى اهلل عليه باتفاق الجميع
. وآله
في هذا الموضوع نعرض مشاريع الوحدة المطروحة ، ثم نستكشف من مصادر
اإلسالم بعيدا عن السياسة ، المشروع العملي للوحدة اإلسالمية ، لنرى أنه مشروع
ليه المفكرون ، ويعمل له أهل بيت النبوة عليهم السالم الذي يصلح أن يلتقي ع
وأمامنا ثالثة مشاريع لتحقيق الوحدة اإلسالمية ، . الداعون الى وحدة األمة
:نعرضها باختصار
المشروع األول
! الوحدة باإلجبار على مذهب الخليفة وطاعته
وهي تعني سيطرة خليفة معين بمذهبه وأفكاره على قيادة األمة ، وفرض الوحدة
قوة تحت زعامته ، ومصادرة حريات المعارضين سواء في التعبير على كب فئاتها بال
.عن الرأي ، أوحرية عملهم الثقافي والمذهبي ، والسياسي
وهذه الوحدة هي التي طبقها الخلفاء بعد النبي صلى اهلل عليه وآله أبو بكر وعمر
دارسة في وعثمان وبنو أمية وبنو العباس . ثم طبقتها الدول المنشقة عنهم كدولة األ
المغرب ، ودولة األمويين في األندلس . ثم طبقتها الدول الوارثة للدولة العباسية ،
. مثل دولة المماليك ، وأخيرا دولة الخالفة العثمانية
وهي نفسها الوحدة التي يتبناها الوهابيون ، وأصحاب مشروع الخالفة اإلسالمية
ركات التي تدعو الى إقامة دولة في عصرنا ، كحزب التحرير اإلسالمي ، وكل الح
إسالمية ، حيث نراها كلها تدعو الى إعادة أمجاد اإلسالم والخالفة التي قامت على
تلك األسس ، وال نراها قدمت نظام حكم جديدا يعطي األمة حريتها ودورها الشرعي
، وال قدمت مشروعا وحدويا مختلفا عن تلك الوحدة التي طبقها الخلفاء بالسيف
! والقتل واإلضطهاد
وبنظرة فاحصة لهذه الدول ، نجد أننا النستطيع تسميتها دوأل إسالمية بالمعنى
:الحقوقي ، وال دول وحدة شرعية كذلك ، وذلك لسببين جوهريين
األول: أن الحكم فيها قام على الغلبة والقهر ، وليس على دستور ونظام حكم محدد
تاج الى بحث مستقل إلثبات أن نظام الخالفة األجهزة واآلليات ! وهو أمر يح
باستثناء خالفة علي عليه السالم قام على أساس الغلبة القبلية والقهر وفرض البيعة
! بالتهديد ، وليس على أساس الشورى ، والبيعة باإلختيار
والثاني: أنها تتبنى مصادرة الحريات الشرعية والقانونية لفئات واسعة من األمة ،
يكن لجميعهاإن لم وهذا أيضا يحتاج الى بحث مستقل إلثبات أن أنظمة الخالفة !
ماعدا خالفة علي عليه السالم قد أجبرت الناس على البيعة ، وعاملتهم على التهمة
والظنة ، ولم تعطهم حرية التعبير عن الرأي ، فضال عن حرية المعارضة الفكرية
. والسياسية
عف هاتين هما السبب في انهيار تلك الدول التي قامت وفي اعتقادنا أن نقطتي الض
في تاريخنا اإلسالمي ، رغم أنها كانت تملك أفضل الظروف ، وأقوى عوامل الثبات
! واإلستمرار
فقد كان التداعي الطبيعي لهذا النوع من النظام القرشي الذي ولدته السقيفة وقمعت
سلط بنو أمية ، ثم تكون ردة فعلهم فيه األنصار وأهل البيت عليهم السالم ، أن يت
تسلط بني العباس ، ثم تسلط عناصر العسكرتاريا من المماليك واألتراك ، ثم تكون
نهاية الخالفة العثمانية أن تدفن بصمت بيد الغربيين في استانبول ، بل تساعد على
! دفنها حركات )التحرر( العربية والحركة السلفية
المشروع الثاني
السياسية التلفيقية بين المذاهبالوحدة
ويتجه بعض المسلمين الى هذا النوع من الوحدة ، فيتصورون مثال أن باإلمكان أن
يتوحد المسلمون على المشتركات في أصول العقائد والفقه ، وأن يتوصلوا الى حلول
على وسط في المسائل الخالفية العقيدية أو الفقهية . ويكثر هذا اإلتجاه في المثقفين
! الطريقة الغربية ، الذين ال تعني لهم الفروقات العقيدية والفقهية شيئا كثيرا
ويكثر أيضا في األوساط التي يختلط فيها السنة والشيعة ويحبون التعايش والوحدة
مع بعضهم ، فترى بعضهم يقول: أنا مسلم ال شيعي وال سني ، أو يقولون: نريد
! إسالما بال مذاهب
ض هذا اإلتجاه عادة المتمسكون بالمذهب ، ألن اإلشكاالت على هذا المشروع ويعار
: كثيرة
منها: أنه مشروع نظري صعب التطبيق ، فليس له ضابطة عملية تعين المشتركات
والمفترقات . وعلى فرض اإلتفاق على تعيينها ، فال ضابطة فيه لتعيين الوسط الذي
ياس في ذلك ، ومن هم الذين سيطبقونه الختيار يتفق عليه من بيينها ، فما هو المق
!المذهب الملفق من مجموع العقائد واألحكام في مجموع المذاهب ؟
ومنها: أنه مشروع غير قابل للحياة ، فلنفرض أن حكما قام بلد مختلط المذاهب
كالعراق مثال ، على أساس التلفيق بين المذهبين الشيعي والسني ، وتم اإلتفاق فيه
لى مذهب مختار من المجموع ، فمن المؤكد أن هذا المذهب )المنتخب( سوف ع
اليكون أكثر من قوانين حكومية ، وال ضمان ألن يلتزم به الناس من السنة أو
الشيعة ! بل سيكون مثارا الختالفات جديدة بينهم ، بل بين جهاز الدولة نفسه ،
! وسيمتد الخالف الى أصل النظام
هذا صحيح ، وهو الحجة التي يتخذها العلمانيون لضرورة إقامة نظام قد يقال: نعم
علماني ، ألن أول سؤال يواجهنا أمام تطبيق النظام اإلسالمي: على أي مذهب
ستطبقونه؟ فاألفضل أن يكون النظام علمانيا ، والقوانين مدنية وحتى غربية غير
بيإسالمية ، حتى النقع في مشكلة الخالف والصراع المذه .
والجواب: أوال ، أن النظام العلماني اليحل المشكلة أيضا ، الفي الدستور وال في
القوانين ، ألن أكثرية المسلمين تعارضه ، ولذا اليسمح العلمانيون في بالدنا بإجراء
وتراهم يلجؤون الى الحكم العسكري وشبه العسكري ، وهو صورة !انتخابات حرة
لبةأخرى من نظام القهر والغ !
أما قوانينهم التي يقرها النظام العلماني نظريا ، فهي في األعم األغلب غائبة في
إجازة ، وال يعود القانون من إجازته إال أحيانا نادرة ! وهذا أمر يحتاج الى بحث
. مستقل ال مجال له هنا
لتلفيقي ، وثانيا ، أن الحلول اإلسالمية لمشكلة النظام والقوانين التنحصر بالمذهب ا
أو بأن يحكم أهل مذهب معين غيرهم بالغلبة والقهر ! فمن الممكن أن يكون النظام
إسالميا مع إعطاء الحرية للمسلمين كل حسب مذهبه ! بدون تلفيق غير موفق بينها
. وعندما نملك حال لمشكلة النظام والقوانين من داخل اإلسالم والبلد ، فال نحتاج الى
خارجهاستيراد حل من !
المشروع الثالث
الوحدة السياسية مع حفظ الحريات اإلقليمية والمذهبية
وهو مشروع أكثر مالءمة لروح اإلسالم وروح العصر أيضا . ألنه ال يقوم على
القهر والغلبة ، ويتجه لتحقيق الحد األدنى من العمل لمصالح المسلمين في العالم .
اإلسالمية والمؤسسات اإلسالمية العالمية األخرى ويمكن أن تكون منظمة الدول
. نواة لهذا المشروع ، بشرط أن تبعث فيها الحياة ، ويتم تفعيلها
قد يقال: إن هذا النوع من الوحدة شبيه الى حد كبير باإلتحاد األوروبي ؟
والجواب: ما المانع أن يشبه مشروع الوحدة اإلسالمية مشاريع الوحدة األخرى ،
محافظا على خصوصيته ، التي هي العمل لمصالح المسلمين العليا الثالثة: مادام
. الدفاع ، والتنمية ، والمحافظة على الثقافة اإلسالمية
وقد يقال: كيف نفضل مشروعا في الوحدة السياسية ونسميه وحدة إسالمية ، على
قيادة واحدة ؟مشروع الوحدة الحقيقية واإلندماج الكامل للبالد اإلسالمية تحت
والجواب: أن أي وحدة في األمة لكي يصح وصفها بأنها وحدة إسالمية ، البد أن
يكون فيها الحد األدنى من مقومات الوحدة في شريعة اإلسالم ، ومن أصول هذا الحد
األدنى احترام حرية المسلمين التي قررها لهم اإلسالم والعمل لتحقيق الحد األدنى
المشروعةمن مصالحهم .
ومشاريع الوحدة التي تتبناها الحركات اإلسالمية إنما هي مشاريع تقوم على أصل
القهر والغلبة ، أي على دكتاتورية الخليفة المفترض أو الحاكم ، فال يمكن أن تضمن
! حرية المسلمين المشروعة ، وال مصالحهم العليا
اإلسالمية ال بد أن تتوفر فيها نخلص من هذه المقدمة الى نتيجة ، هي أن الوحدة
أربعة عناصر أساسية ، لتكون وحدة لمصلحة اإلسالم كدين ، والمسلمين كأمة ،
:وهي
ضمان حرية المسلمين التي شرعها لهم اإلسالم في التعبير والعمل والمعارضة -1
. ، في الشؤون الشخصية والمذهبية والعامة
في الدفاع ، عن أرضهم ومقدراتهم أن تكون وحدة تخدم مصلحتهم العليا -2 .
أن تكون وحدة تخدم مصلحتهم العليا في التنمية ، أي في أمور معاشهم وتطوير -3
. ثرواتهم ومجتمعاتهم
أن تكون وحدة تخدم مصلحتهم العليا في الدفاع عن دينهم وثقافتهم وعزتهم -4
. كأمة ختم اهلل بها األمم
ة التي دعا اليها وعمل لها أهل البيت النبوي األطهار وفي اعتقادي أن هذه هي الوحد
عليهم السالم بعد أن فقدت األمة وحدتها الطبيعية بوفاة النبي صلى اهلل عليه وآله
. وانتقلت الى الوحدة بالغلبة والقهر على مذهب الخليفة الحاكم
ع ويحسن بنا أن نختم بعرض مفهوم وحدة األمة في القرآن لنراها متوافقة م
. مفهومنا عن الوحدة الصحيحة في األمة
الخطوط العامة للوحدة في القرآن الكريم
في آيات الوحدة والتفرق في القرآن أبلغ المفاهيم والحقائق العقالنية الواقعية ، عن
عوامل وحدة األمة وتفرقها الى أحزاب وأمم ! وهذه أهم آياتها التي تحدد خطوطها
:وصفاتها العامة
وحدة البشرية باألب واألم ، ونوعية النفس اإلنسانية -1
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث )
عليكم حام إن اهلل كانمنهما رجاال كثيرا ونساء واتقوا اهلل الذي تساءلون به واألر
1رقيبا( .)سورة النساء: )
الوحدة الطبيعية بين الناس في المجتمعات البشرية األولى -2
كان الناس أمة واحدة فبعث اهلل النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب )
حكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إال الذين أوتوه من بعد ما بالحق لي
اهلل و جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى اهلل الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه
(. ) وما كان الناس إال أمة 312من يشاء إلى صراط مستقيم(. )سورة البقرة: يهدي
واحدة فاختلفوا و لوال كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم في ما فيه يختلفون ( .
11)سورة يونس: ).
وتفرقها سنة في التاريخ اختالف األمة الواحدة -3 !
(111)و لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة و ال يزالون مختلفين(.)سورة هود: .
! أمر اهلل أمم األنبياء عليهم السالم بالوحدة وهو يعلم أنها التطيع -4
( ربكم فاعبدون . و تقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا
12-13راجعون ( . )سورة األنبياء: ).
يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إنى بما تعملون عليم . وإن هذه )
واحدة وأنا ربكم فاتقون . فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم أمتكم أمة
12-11فرحون(. )سورة المؤمنون: ).
! انقسام اليهود والنصارى الى أحزاب وأمم -5
بعد ما جاءتهم البينة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إال من ) وما أمروا إال ليعبدوا .
اهلل مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلوة و يؤتوا الزكوة و ذلك دين القيمة ( .
4 -2)سورة البينة: ).
! أمر اهلل المسلمين بحفظ وحدتهم التي تحققت بمعجزة -6
ايا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل حق تقاته و ال تموتن إال و أنتم مسلمون . و اعتصمو )
ين قلوبكم م إذ كنتم أعداء فألف ببحبل اهلل جميعا و ال تفرقوا و اذكروا نعمة اهلل عليك
اهلل ن فأصبحتم بنعمته إخوانا و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبي
102-103لكم آياته لعلكم تهتدون ( .)آل عمران: ).
! الضمان لوحدة األمة هو وجود أمة داعية فيها -7
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر )
هم البينات و د ما جاءوأولئك هم المفلحون .والتكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا من بع
104أولئك لهم عذاب عظيم(. سورة آل عمران: - 105.
وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه وال تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم )
) . ( وصاكم به لعلكم تتقون 112سورة األنعام: ).
! تحذير اهلل لألمة من فئة تبغي عليها عن علم وعمد -8
شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا و الذى أوحينا إليك و ما وصينا به إبراهيم و )
ليه قوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إ موسى و عيسى أن أقيموا الدين و ال تتفر
و ما تفرقوا إال من بعد ما جاءهم . اهلل يجتبى إليه من يشاء و يهدى إليه من ينيب
إن الذين ك إلى أجل مسمى لقضى بينهم والعلم بغيا بينهم و لوال كلمة سبقت من رب
14–12أورثوا الكتاب من بعدهم لفى شك منه مريب(. )سورة الشورى: ).
! المنافقون عامل التفريق في األمة -9
( ب بين المؤمنين وإرصادا لمن حار والذين اتخذوا مسجدا ضرارا و كفرا و تفريقا
اهلل ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إال الحسنى و اهلل يشهد إنهم لكاذبون (.
101)سورة التوبة: ).
! اإلختالف والتفرق في هذه األمة سنة إلهية -10
حينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها و تنذر يوم الجمع ال وكذلك أو )
ريب فيه فريق في الجنة و فريق في السعير . و لو شاء اهلل لجعلهم أمة واحدة و
في رحمته و الظالمون ما لهم من ولى و ال نصير (. )سورة لكن يدخل من يشاء
1– 1الشورى: ).
ولو شاء اهلل لجعلكم أمة واحدة و لكن يضل من يشاء و يهدى من يشاء و لتسألن )
12النحل: عما كنتم تعملون ( . )سورة ).
موأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب و مهيمنا عليه فاحك )
م شرعة و كبينهم بما أنزل اهلل و ال تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا من
ات منهاجا و لو شاء اهلل لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخير
41إلى اهلل مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون( )سورة المائدة: ).
! المساواة اإللهية بين األمم والشعوب في العطاء الدنيوي -11
ولوال أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة )
) . ( ومعارج عليها يظهرون 22سورة الزخرف: ).