عوامل تمزّق المسلمين

9
سلمق ا ز عوامل الوحدةة وإشكالي فضل ارجع السيد نمد حسمة ا الع٨٢ / ٢٨ / ٨١٢٢ / 52 صفر5342 هـلية لواقعما استنا درا ،سلم ا حظ أن نقة ا العسلم ا تشد لعض، ليست باعضهم الب ب إستوى فيه الرابطة ال تمث الذي ت لوثيقة ند أمة، ف كأمجودهم و امنا إلعاطفيعر اشا من ا بعضافة غل ة ار افكاب كثيف من اضبا ب ضطربة قد نلمحهعة، ال تنو ا بعض اعوب ا ة بعض الش حيا ة نسانية وا ياسيات الس ز ا ة، ثم ميس شيء بعد ذلك، إتنفعارئة والطات ااجاحتج بعض ااد ا ا شى صرخاتهات سرعان ما ت رة، الواء . حياة قلقةهرة اللظاذه اهو يرصد هلباحث، وءل ا ويتسا ؤثرةعوامل ا، عن السلم اذلك. ن مس ضعف روح ارجع ذلك إ البعض أن يل قد يفضمر الذي، اسلم فوس اس الفسلعميق بان الشعور ادون ع جعلهم يبتع كده توحالشعورية الة والروحية و ري م تية الصس بعمق الوحدة احسا داخلهم ا وجلق الواقع. ثمهم إ شد ي ضيف هذا ذلك، أن البعض إمل عد يكون بالع الوحي امل فسلم وعي ام إسدة ا لى إعا كرا م. وإنس ا إسلمدة ا، وإعا سلوكا وعاطفة و ن عرض د هذا انطف عن ا إذ نتوق

description

عوامل تمزّق المسلمين

Transcript of عوامل تمزّق المسلمين

Page 1: عوامل تمزّق المسلمين

وإشكالية الوحدة عوامل متزق املسلمني

العالمة املرجع السيد حممد حسني فضل اهلل

٨٢/٢٨/٨١٢٢

/

هـ5342صفر 52

املسلمني، يف دراستنا احلالية لواقع

ليت تشد املسلمني العالقة ا نالحظ أن

ملستوى إىل بعضهم البعض، ليست با

لوثيقة يف الذي تتمثل فيه الرابطة ا

امنا إال وجودهم كأمة، فال جند أم

ة املغلفة بعضا من املشاعر العاطفي

ضطربة بضباب كثيف من األفكار امل

ا يف بعض املتنوعة، اليت قد نلمحه

ذلك، إال ال شيء بعد إلسالمية، ثماهلزات السياسية واإلنسانية يف حياة بعض الشعوب ا

هلواءرة، اليت سرعان ما تتالشى صرخاتها يف ااهلادبعض االحتجاجات الطارئة واالنفعاالت .

املسلمني، عن العوامل املؤثرة يف ويتساءل الباحث، وهو يرصد هذه الظاهرة القلقة يف حياة

.ذلك

فوس املسلمني، األمر الذي قد يفضل البعض أن يرجع ذلك إىل ضعف روح اإلسالم يف ن

م رية والروحية والشعورية اليت توحدهكجعلهم يبتعدون عن الشعور العميق باألسس الف

ضيف هذا ي شدهم إىل الواقع. ثموختلق يف داخلهم اإلحساس بعمق الوحدة املصريية اليت ت

كرا لى إعادة اإلسالم إىل وعي املسلمني فاحلل الوحيد يكون بالعمل ع البعض إىل ذلك، أن

ا إذ نتوقف عند هذا اخلط يف عرض نوعاطفة وسلوكا، وإعادة املسلمني إىل اإلسالم. وإن

Page 2: عوامل تمزّق المسلمين

نا ال ننسجم مع الطريقة السهلة املشكلة ومعاجلتها، قد نوافق على طبيعة الفكرة، ولكن

لدراسة مواجهة املشاكل بهذه الطريقة، تبعدنا عن ا املبسطة ألسلوب الطرح والعالج، إذ إن

هم الواقع عن ف -يف الوقت نفسه -ا دنالواعية للجذور العميقة اليت ترتبط بها املشاكل، وتبع

.املوضوعي يف نطاق الظروف الطبيعية احمليطة

، دة بهذا اللون من التبسيط والسهولةولعل الكثريين منا ال يزالون يعاجلون القضايا املعق

حساب ميق بوحدة املسلمني، ال ميثل مشكلة يفالبعد عن الشعور الع حتى خييل لآلخرين أن

شعور باخلطر، وبالتالي عن التعامل مع وإنما ميثل شبح مشكلة، ما يبعدنا عن ال الواقع،

.الواقع من موقع وعي اخلطورة

احلواجز اليت تعمق الفواصل بني املسلمني

ني، لطبيعية اليت أسهمت يف متزق املسلمإننا حناول هنا اإلشارة إىل بعض العوامل واملؤثرات ا

املسلمني تعمق الفواصل بينهم، ذلك أناجز النفسية والفكرية اليتوخلقت يف داخلهم احلو

ورة حول عناوين وقضايا عدة، لعل ورثوا من التاريخ الكثري من اخلالفات املذهبية املتمح

قه والشريعة، وبقضايا الفلسفة أبرزها ما له صلة بشؤون اخلالفة واإلمامة، وبشؤون الف

يف د كان هلذه اخلالفات التارخيية دور كبريسياسة العامة. وقوالكالم، وجبوانب احلكم وال

ربما إهراق الدماء اليريةة الطاهرة. وإثارة احلقد والبغضاء والعداوة، ويف تفجري احلروب، ويف

دفعه اإلخالص للفكرة اخلطأ كان البعض من هؤالء الذين يعيشون هذه اخلالفات، ممن ي

لبعض عن طبيعة اخلطأ يف فكرته، وربما كان ا ين، لغفلتهإىل القتال باسم القداسة والتد

ستلهما من ارتباط باحلق أو باإلسالم، ولكنه يمنهم يقاتل باسم املنافع واملغامن، بعيدا عن أي

ملوقف من اخلوارج يف جانب، وإىل أجل مآربه، كما روي عن اإلمام علي)ع( وهو يشري إىل ا

انب آخر أنه قالاملوقف من معاوية يف ج : " ن طلب احلق ال تقاتلوا اخلوارج بعدي، فليس م

.[5]"فأخطأه، كمن طلب الباطل فأدركه

طالقا نسدي والفكري والكالمي، اويف كلتا احلالتني، كانت اخلالفات تتجه إىل العنف اجل

واقف املشدودة لطأطماع والنزوات من املواقف املخلصة للخطأ ظنا أنه احلق، أو من امل

.الشخصية السائرة يف اجتاه الباطل

Page 3: عوامل تمزّق المسلمين

ا مت توظيفه يف إضفاء صيغة وقد أدى الفهم اخلاطئ للحديث النبوي دوره الكبري عندم

والنافذون من الشخصيات هم القداسة على ما خيتلفون فيه، فقد شعر احلاكمون وأتباع

وله ف تفرض وجود شرعية دينية ملا خيتلفون حقدسية اخلال الذين يرعون هذا اخلالف، بأن

من وضع األحاديث على لسان من أشخاص، وما يفيضون فيه من قضايا، لذا كان ال بد

بعدا نيذجني والبسطاء من املسلمحممد)ص( يف خمتلف هذه األمور، ما أوجد يف نفوس السا

نيا مقدسا، شأنا دي -الذي يسروا طريقه -جديدا للقضية، جيعل االندفاع يف هذا السبيل

، وال بد هلذا كله من أن يثريوجيعل من التضحية يف هذا االجتاه هدفا شرعيا عظيما

اليت ة اخلطوات واملواقف احلاداحلماس يف نفوس هؤالء وأولةك، حتى يدفعهم إىل السري يف

.تغري بالقتل والقتال

ساعدت على خلق احلواجز وتعميق وسارت احلياة اإلسالمية شوطا بعيدا يف هذا اجملال، و

شعور بالوحدة الفكرية والعملية يف الفواصل بني املسلمني، باملستوى الذي تبتعد بهم عن ال

ها فري، اليت يكفرون بت فتاوى التكاجملاالت العامة. وتطور األمر إىل أبعد من ذلك، فكان

بعيدة، حيث يتحول املسلم إىل بعضهم بعضا مبختلف التحليالت والتأويالت القريبة وال

ر يف العمق. ومن هنا، كان من كافر نتيجة فكرة فرعية، أو فكرة خالفية ال متس اجلذو

لعالقات اد لملشحون، يف االجتاه املضالطبيعي أن تتوتر املشاعر الدينية يف مثل هذا اجلو ا

اعي والسياسي والنفسيالطبيعية اليت جيب أن تشمل املسلمني يف واقعهم االجتم .

ة، وترتسخ بفعل ذلك الرتاث وما زالت هذه األجواء التارخيية تفرض نفسها على الساح

الشريعة والتاريخ، ما جعل للقضية الضخم من الكتب اإلسالمية يف قضايا الكالم والفلسفة و

توارثون مشاعره وأحاسيسه، يف أجواء ثقافيا وفكريا يتوارث املسلمون أفكاره كما يعمقا

اة اليت حدود اجملاملة والتقية واملدارمتنوعة قد تفرض عليهم اللقاء والتعاون، ولكنه يبقى يف

يادية، بل يظل للحقيقة املزعومة ال تنفتح فيها النفوس على احلقيقة بتجرد وموضوعية وح

ركة يف ء يثري احلشي حول إىل أيفوس أصحابها، املعنى اجلامد الذي ال ميكن أن يتيف ن

ئة حتولت إىل الصفة الطار ذلك كله، هي أن القضية املفروضة من خالل اجتاه اللقاء، ألن

ختلفت الظروف واألفكارما يشبه الصفات الذاتية اليت ال تنفصل عن الشخص مهما ا .

Page 4: عوامل تمزّق المسلمين

اك مصاحل مستقلة، ختتلف عن مصاحل للمجموعات اليت متثل هذا الفريق أو ذوبهذا، أصبح

ا ينتج املوقف لكل منهما حتالفات معالفريق اآلخر، متاما كما هي الدول املستقلة، وربم

.أعداء اإلسالم لالستعانة بهم على اجلانب اآلخر

اليد االستعمارية واهلوس الطائفي

اول أن تنظر إىل الشخصية الطائفية ائفية السياسية اليت حتومن هذا كله، نشأت الط

ستعمار الكافر مع كل جنود الكفركإطار حيدد لطأفراد صفتهم السياسية، وكان أن دخل اال

ماعية، من خالل اإلحياء هلم الفكريني، ليعبث باملسلمني يف حياتهم السياسية واالجت

يصنعها ليب جانب على آخر، يف حاالت اإلثارة اليتغباحلماية الطائفية لكل فريق منهم، أو بت

ا رة والتفرقة واخلالف يف الساحة، مبأساليبه الشيطانية اخلفية، وذلك بإبراز عناصر اإلثا

جتماعية والعسكريةيؤدي إىل التقاتل والتنازع يف اجملاالت الثقافية واال نهم يتدخل بي ثم ...

ع والسلم وإنهاء النزاع ضمن شروط وأوضا لواء الصلح بصفة الفريق احليادي الذي حيمل

رية يف العاجل واآلجلجديدة ال ختلو من ثغرات وسلبيات ختدم مصاحله االستعما .

ذورها، لرأينا اليد االستعمارية ولو درسنا أغلب احلاالت الطائفية السلبية وفتشنا عن ج

ائفي، فيها اهلوس الط ليت يستغلااخلفية ختتفي وراء كثري من أساليب اإلثارة والتفجري

ملزيد من املشاكل واخلالفات اليت والبدائية السياسية، والتخلف الفكري، من أجل توليد ا

لساحة، والالعبون يتحركون فيها تزيد القضية عمقا.. وال تزال اللعبة تفرض نفسها على ا

ني اللعب مبصائر اإلسالم واملسلم ركةبكل حرية، وتبقى أدوات اللعبة املتوفرة فيها تكفل حل

طات االستعمارية اليت تعمل يف كل الشروط املوضوعية للنمو واالزدهار، وتستمر املخط

ين لطائفية والطائفيني من الزعماء الذاإلسالم واملسلمني متزيقا على مجيع املستويات باسم ا

.يعيشون على حساب اإلسالم ولكن من دون إسالم

الم ملسلمني ومشاعرهم، واليت ألغاها اإلسات والقبليات والعنصرية يف أفكار اوكانت العصبي

لف عناصر اإلثارة يف العهود من حسابه، تأخذ حجمها الطبيعي يف حياة املسلمني، مبخت

اجتاهات مضادة، بني فريق حيتقر اإلسالمية األوىل، كما هو شأن املشاكل اليت حتركت يف

رب أو لعنصري للعرب والعروبة، وفريق حيتقر العسالم، باسم التفوق ااملوالي الذين دخلوا اإل

.حياول التقليل من شأنهم على أساس التفكري الشعوبي

Page 5: عوامل تمزّق المسلمين

اطات املوالي جماال رحبا هلا يف النشويف ظل هذا الصراع، وجدت أحاديث املفاضلة بني العرب و

ن كان ال بد هلذه النشاطات من أ، والفكرية املختلفة، سواء يف النثر أو الشعر أو اخلطابة

د والغزوات، والتاريخ املتحرك يفتستذكر أحاديث العصبيات، مثل التفاخر باآلباء واألجدا

و ك اإلسالمية بطابع الزهو بالقبلية أأجواء الكفر، فومسوا االنتصارات اليت حتققت يف املعار

االنتصارات. وكان أن حاول كل فريقالعنصرية، بعيدا عن الطبيعة اإلسالمية هلذه املعارك و

ياة اإلسالمية، من أجل حتقيق من هؤالء وأولةك، أن يأخذ لنفسه حجما قوميا داخل احل

ة تفرض وبذلك، بدأت الصراعات القومي .مزيد من االنتصارات على اآلخرين من املسلمني

ية. املنفتحة الواعوح اإلسالمية نفسها على حركة التاريخ اإلسالمي يف مسار بعيد عن الر

ن مالمح هذا الصراع الذي استطاع أن وإننا جند يف تاريخ اخلالفة العباسية مناذج كثرية م

الزوال يهز قواعد اخلالفة واخللفاء حتى انتهى بها وبهم إىل .

القومية" األوروبية: عامل متزيق ال توحيد"

ا االجتاه، من خالل بروز العنصر ذوجاء العصر احلديث، واألجواء اإلسالمية ال تبتعد عن ه

مي كعنصر مميز يف الرتكي الذي كان حياول أن يفرض نفسه على الواقع اإلسال

لفاء فيها أتراكا، وكان شخصيته، وذلك من خالل اخلالفة العثمانية اليت كان اخل

شعوري لإلنسان املسلم غري مركزها تركيا. وقد فرض هذا الواقع نفسه على اجلانب ال

احية النفسية فحسب، بل اتصلت باجلوانبالقضية مل تتصل بالن كي، وال سيما أنالرت

ان يعانيه املسلمون اآلخرون من احلياتية االقتصادية واالجتماعية والسياسية، بفعل ما ك

احلة لوالدة الشعور القومي أو اضطهاد وتشريد وختلف وجتهيل، األمر الذي خلق أرضية ص

ه، جل واحلياء واخلوف من التعبري عن نفسه شعور كان يتميز بالتململ واخلاإلقليمي، ولكن

ا كبريا يف سبيل ضبط مشاعره من خالل النوازع الدينية اليت تدعوه إىل أن ميارس جهد

رة، ه نوعا من الرتدد والقلق واحلي وخطواته حفاظا على القوة اإلسالمية، ما خلق يف داخل

ة، ز أخطائها والقيام باإلصالحات الضرورياخلالفة الرمسية إىل جتاوفكان يتمنى أن تعمد

قابل تقدم إىل املسؤولني، لكنها مل توكانت هذه التمنيات تتمثل يف املطالب اإلصالحية اليت

.إال بالرفض والتنكيل والتعذيب واإلعدام

اهلوس القومي كمعوق للوحدة

Page 6: عوامل تمزّق المسلمين

ململ وتشجعه لتحوله إىل ثورةلتوكانت الدول األوروبية تراقب كل هذا ا ذه ه ومبا أن .

يذ هذه الروح تشكل مانعا هلا من تنفالدول كانت ختاف الروح اإلسالمية، ألنها تعرف أن

ليت تدفع اإلنسان املسلم إىل مواجهةخمططاتها االستعمارية، ألنها متثل القوة الروحية ا

ن أطلقت حتى يف أشد احلاالت صعوبة وضراوة، فكان أ إصرار،الكفر، أيا كان نوعه، بكل قوة و

صطنعة اليت سعت إىل ربط اإلنسان يف الساحة الفكرية والسياسية ألوانا من الشخصيات امل

واآلشورية والفينيقية والساسانية املسلم بتارخيه السابق على اإلسالم تارة، كالفرعونية

رتكي، " ذات العصب العربي والفارسي واهلندي والقوميةوالطورانية وغريها، وتارة أخرى بـ"ال

إلسالم بفعل هذا املخطط وغريها من العناصر اليت خيتلف الناس حوهلا، فتحول ا

الته يف عمق اإلنسان املسلم ويفاالستعماري إىل عنصر طارئ على الشخصية، فلم تعد له أص

تتحدث عن الفتح اإلسالمي يف بعض تارخيه، حتى إننا أصبحنا نقرأ الكتب واألحباث اليت

ر والغزو اخلارجي الذي تتعرض له البلدان اإلسالمية كانتكاسة قومية يف نطاق حاالت القه

اقع السيئ الذي يشوه احلكم األمة، وبدأت القضية تفرض نفسها من خالل استغالل الو

ة احلكم اإلسالمي، ال من صوراإلسالمي يف نفوس أتباعه، ليأخذ صورة احلكم الرتكي بد

ىل منقذين وحمررين، على أساس وحتول املستعمرون يف وعي بعض األمم، ال سيما العرب، إ

لطة العثمانية، ليحققوا هلم الوعود اليت قطعوها على أنفسهم للعرب بتحريرهم من الس

.احلكم الواحد يف الدولة العربية الواحدة

د املسلمني الساذج لدى أبناء األمة، فدخل إىل بال ريوقد استغل االستعمار الكافر ذلك التفك

سلمني املخلصني امل يف البداية، إال أنحتت عنوان الفاتح احملرر، ويف زهو الفاحتني املقبولني

ه املخططات، وواجهوا االستعمار إلسالمهم، وكما تؤكد أخبار تلك الفرتة، وقفوا أمام هذ

. العراق، كما حيدثنا التاريخ عن ثورة العشرين يفاء املسلمنياليريطاني بكل قوة، بقيادة علم

تفسح يف اجملال للشخصيات ويف ظل هذه األجواء، أخذت الدراسات واألحباث الفكرية

، وبدأت الكتب التعليمية اليت املصطنعة كي تفرض نفسها على الذهنية والنفسية املسلمة

وعن اليرامج اليت تتحدث عن التاريخ القديم نتقدم التاريخ إىل الناشةة حتفل بالكثري م

لم يرد ذكرها إال يف بعض الشخصية القومية اإلقليمية. أما الشخصية اإلسالمية، ف

تكوين الشخصية، بل يكتفي بأن احلاالت، كنتاج للشخصية القومية، أو كدين ال دخل له ب

احلياة دون أن تكون له أية عالقة بهلل، مينح اإلنسان املزيد من الروح العبادية اخلاشعة أمام ا

.اخلاصة والعامة

Page 7: عوامل تمزّق المسلمين

العصبية اإلقليمية

ية، ليمية"، احلياة العقائدية والسياسوما لبثت أن دخلت مفاهيم جديدة، مثل "القومية" و"اإلق

روحية. وحتول هذا اإلطار إىل فأصبح لكل منها إطار عقيدي يرتكز على فلسفة مادية أو

حزاب الوطنية والقومية يف صيغ نفسه على الساحة، وتنوعت األتنظيم حزبي يفرض

سها من خالل هذه الشخصيات متشابهة مرة ومتباينة أخرى، وعادت العصبيات لتفرض نف

بدأ والرسالة، وعن التضحية يف اجلديدة، وبدأ احلديث عن اإلخالص لطأرض بعيدا عن امل

خضت يف وعي الالعبني على الساحة صورة سبيل القومية بعيدا عن اإلسالم. وسرعان ما مت

جنيب، هذه الفةة ألنها اتصلت بهذا األأدوات اللعبة، فكانت االتهامات اليت تنطلق وتوجه إىل

ىل فكرية مع أنه مسلم، وتوجه إمع التأكيد على صفة األجنيب مبا حتمله من معان نفسية و

ن إطار اإلسالم، بعيدا عن قضايا الوطيفتلك الفةة ألنها تعاونت مع القومية األخرى

د، وهكذا، مت انفصال املسلمني عنمبفهومه الغربي، أو عن قضايا القومية مبفهومها احملدو

وحتركات وعالقات، وحتولوا إىل الشعور بالشخصية اإلسالمية مبا متثله من معان وأوضاع

:مجاعات متنوعة، كما قال الشاعر احلماسي القديم

ني ومنيرفيها أمري املؤمن رقوا شيعا فكل قبيلةوتف

اسي، من خالل هذه وقد أسهم ذلك يف تضخيم الشخصيات اليت تبحث عن طموح سي

من وعادت لنا القضية يف ثوب جديد -مم يف نطاق ما تسمح به لعبة األ -األوضاع املرتبكة

إخالص، إال كفاءة التنفيذ وألوان احلكم وأساليبه وشخصياته، بعيدا عن كل كفاءة أ

.الدقيق ملا يريده اآلخرون، كل اآلخرين

الوحدة اإلسالمية" شعار دون مضمون"

احة ا املسلمون يف العامل، نالحظ يف السيف ظل هذا الواقع املتمزق املهلهل للحياة اليت يعيشه

الدول اإلسالمية" "و"التضامن اإلسالمي" و "تنامي الشعارات اليت تتناول "الوحدة اإلسالمية

لشعارات حركة انفعالية قوية كمجموعة حتمل وجها واحدا إسالميا.. وقد تواكب هذه ا

سلمني املهدورة يف هذا اجلزء من تتمثل باألصوات اليت ترتفع حبماس دفاعا عن مصاحل امل

لق يف طني احلكام املسلمني، وتنالعامل أو ذاك، وتتحرك يف عالقات ومعاهدات ومؤمترات ب

.قرارات وتوصيات هلا أول وليس هلا آخر

Page 8: عوامل تمزّق المسلمين

الكثري من مصاحل االستعمار هنا ولكننا عندما نبحث عن خلفيات ذلك كله، سنجد أمامنا

لشعور اإلسالمي العاطفي الذي وهناك يف صراع الدول الكيرى اليت تريد أن ختتبئ خلف ا

اع ة لكي جتعل منه أداة من أدوات الصرحيمل هذه الشعارات الكبرية الكثري من األمنيات، ساعي

ال حتاول أن تعطيها أي مضمون جدي اليت يحارب بها املسلمون بعضهم بعضا. ولذا، فإنها

ها هي مهمت ة من كل روح، ألنوأية روح حركية، بل جتعلها خالية من كل مضمون، فارغ

إلثارة والضجيج.. ولعل السر يفامهمة الطبل الذي يرن دون أن حيمل يف داخله سوى عنصر

الشعارات يف اللجان التحضريية الذين يوكل إليهم أمر حتضري ذلك كله، هو أن

متيازات داخلية وخارجية.. ولذا، والتنفيذية، هم أول من خياف منها على ما ميلكون من ا

سية ية للعبة السيا الشروط الضرورفإنهم مؤمتنون على االحتفاظ بسر املهنة، وعلى توفري

.اليت يراد هلا أن متر بسالم

بة إىل أن تتجاوز ما خيطط هلا من وحنن قد ال نعدم األوضاع اإلسالمية اليت قد تدفع اللع

روف املوضوعية اليت قد تكون أصول وقواعد وحدود، فتنقلب على الالعبني، من خالل الظ

وأساليبهم ومتنياتهم، وذلك كما مجاهزة للتحرك، بعيدا عن وعي اآلخرين وخمططاته

ظ، يف دراستنا هلذا الواقع، وجودينقلب السحر على الساحر يف كثري من احلاالت. وقد نالح

صية، اليت تتجسد يف طموح سياسي كثري من العوامل اجلزئية املتمثلة ببعض األوضاع الشخ

ى اليت حتركها القوى الكير للعبةشخصي أو عائلي يطرح نفسه يف الساحة كأداة من أدوات ا

ه، وإجهاض طموحاته الكبرية يف يف ختطيطها الشيطاني، لتفجري العامل اإلسالمي وتقسيم

.التكامل والنمو والتقدم

املخطط الشيطاني يف مواجهة الروح اإلسالمية

قتصادية، اليت تتدخل يف حركة ونتحسس أثر هذا التخطيط الشيطاني يف بعض العوامل اال

القتصاد ملصاحلها االستغاللية الواقع من أجل أن تأخذ لنفسها حجما كبريا يف حتريك ا

سالمية اليت ترفض مثل هذا املسار، واالحتكارية، األمر الذي يدفعها إىل مواجهة الروح اإل

يق ع أجواء الكفر والضالل، يف عملية تنستنوعة األلوان، واألساليب اليت تنسجم مباحلرب امل

ا ها يف متزيق املسلمني، مبا يكفل هلوختطيط، ما يفسح يف اجملال لكثري من القوى لتلعب لعبت

اللعبة االستعمارية اليت حتاول حتقيق أغراضها وأطماعها يف ثرواتهم، وهذا ما نواجهه يف

ن والطائفية واإلقليمية والقومية، م اإلسالمية مبختلف الصراعات الشخصية تفجري البالد

Page 9: عوامل تمزّق المسلمين

فجر ضد نفسها. وبذلك، تصبح أجل استنزاف الطاقات اإلسالمية وحتويلها إىل طاقات تت

ذا من جهة. ومن جهة أخرى، نواجه طاقات خائرة متعبة ال متلك ألنفسها نفعا وال ضرا، ه

سبيل املسلمني اليت تتصارع الدول الكيرى يف املوجودة يف بالد اهلجمة الكيرى على الثروات

للعبة، فينقسمون بني فةة تؤيد السيطرة عليها، وهي تعمل على أن يعيش املسلمون أجواء ا

اليت فةة تؤيد املعسكر اآلخر يف اآلفاقهذا املعسكر، لتنفذ خمططاته يف آفاق احلرب والسلم، و

ت جديدة من جماالت التمزق السياسيفع املسلمون إىل جمااليتحرك فيها.. وهكذا اند .

لثقافية واالجتماعية واالقتصادية وما زالت املخططات االستعمارية املغلفة بالواجهات ا

قدامهم كقوة جديدة تطرح احللول والسياسية تلعب لعبتها، من أجل أال يقف املسلمون على أ

لذي كان اة، من أجل إقامة عامل احلق والعدالة اوللحي اإلسالمية الفكرية والعملية لإلنسان

تعاىل هدف النبوات واألنبياء، يف ما عبر عنه اهلل يف قوله : { نزلنا نا بالبينات وألقد أر سلنا رسل

، وما زال اجلهاد يف هذا السبيل يتحرك من [5]{معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقس ط

.أجل تركيز القاعدة الصلبة على أساس متني

ةة اجتماعية على فةة أخرى من وقد جند أمامنا التمزق االجتماعي الذي حيصل من تغليب ف

، لبعض الطبقات أو الطوائف على حساب أخرى يازاتناحية احلقوق والواجبات، أو مبنح امت

تمعمن أجل إجياد حالة صراع دائمة تفجر احلقد يف حياة اجمل .

.كتاب أحاديث يف قضايا االختالف والوحدة *

نهج البالغة واملعجم املفهرس أللفاظه، اخلطبة:15، ص:24، دار التعارف للمطبوعات، [5]

م5991هـ 5351: 5ط .

(احلديد:52) [5]