العدد الثاني

2013 آذار- 1434 ولىدى ا جما- لثانيد ا العدمقراطية..م والديس اعلبي إبراهيم الفب الخر في خطا التغييلشهابحمد ا د. م والصراع الشخصي الصراع الفكريلغضبانمر ا د. عالمباركحمد استاذ م ا عادل فارسحمد م

description

جمادى الأولى 1434 - فبراير 2013 www.alfajrmg.net

Transcript of العدد الثاني

Page 1: العدد الثاني

العدد الثاني - جمادى األولى 1434 - آذار 2013

اإلسالم والديمقراطية..إبراهيم العلبي

التغيير في خطاب الخالفد. محمد الشهاب

الصراع الفكري والصراع الشخصيد. عامر الغضبان

األستاذ محمد المباركمحمد عادل فارس

Page 2: العدد الثاني

االفتتاحية

تربيتنا طاقة ثوريةعبد الرحمن جعفر

الصراع الفكري والصراع الشخصيد. عامر الغضبان

التغيير في خطاب الخالف وآدابهد. محمد خلف الشهاب

صناعة الجنديةأسامة أديب

الفهماإلمام حسن البنا

اإلسالم والديمقراطية.. تداخل أم تصادم؟إبراهيم العلبي

فتاوىرابطة العلماء السوريين

هيئة الشام اإلسالمية

األستاذ محمد المباركمحمد عادل فارس

من رواية »الورطة«شريف الراس

Facebook

هبلسيد قطب

تصفح الفجر www.alfajrmg.net

تواصل مع الفجر [email protected]

المقاالت المنشــورة في المجلــة تعبر عن رأي كتابها وال تعبــر عــن الجماعــة أو المجلــة أو هيـــئة تحريرهــا

3

4

6

8

11

13

16

20

24

27

31

32

العدد الثاني - جمادى األولى 1434 - آذار 2013

تصميم وتنفيذ

:: فريق التحرير

رئيس التحرير حسام غضبان محرر عمار يحيى الضايع محرر د. عامر الغضبان

الطباعة والتوزيع أسامة الشيدون التسويق اإللكتروني أسامة السيد عمر

مجلة شهرية تصدر عنمكتب الشباب في جماعة اإلخوان المسلمين

في سورية

Page 3: العدد الثاني

كان احللـــم الـــذي يـــراود الشـــعوب املقموعـــة قبـــل الثـــورات يتكـــون مـــن جزأيـــن: األول: التخلـــص مـــن أنظمـــة الظلـــم والقهـــر، والثـــاين: إقامـــة دولـــة احلكـــم

ــيد . الرشــــرون أن ـــتثناءات( ي ـــود اس ـــع وج ـــاس )م ـــب الن وكان أغلـــا ـــيد، وأهن ـــم الرش ـــوذج احلك ـــي نم ـــامية ه ـــة اإلس الدولـــا إن ـــا م ـــل أهن ـــور، بدلي ـــة اجل ـــن دول ـــب ع ـــل الواج البدي أتيـــح هلـــا أن تـــديل بأصواهتـــا بحريـــة -بعـــد الثـــورات-ــذا ــة، وهـ ــس التمثيليـ ــاميون املجالـ ــأ اإلسـ ــى مـ حتـ

واضـــح يف نموذجـــي مـــر وتونـــس .ـــعوبنا ـــح ش ـــذي تطم ـــم ال ـــت احلل ـــامية« كان ـــة اإلس »الدولــاذج ــك النـ ــم يف ذلـ ــه، رائدهـ ــول إليـ ــلمة بالوصـ املســــن ـــن الذي ـــكام العادل ـــض احل ـــن بع ـــا ع ـــة يف تارخين املرشقـــوذج ـــل نم ـــاء، ولع ـــاء وهن ـــم يف رخ ـــا يف ظله ـــت الدني عاشـــا أول ـــز- كان ـــد العزي ـــن عب ـــاب واب ـــن اخلط ـــن -اب العمري مـــا يلتفـــت إليـــه الذهـــن عنـــد احلديـــث عـــن »الدولـــة

ـــا . ـــن صوره ـــة بأحس ـــة« أو الدول املثاليـــزاب ـــات األح ـــدور خطاب ـــت ت ـــرة كان ـــذه الفك ـــول ه وح واجلاعـــات والتيـــارات اإلســـامية، وعليهـــا ترتكـــز دعوهتـــم، دون وضـــوح كامـــل ملعـــامل هـــذه الدولـــة وتفاصيـــل نظامهـــا، وطبيعـــة قوانينهـــا، وذلـــك ألهنـــا ملــا ــد- طريقهـ ــد -بعـ ــكار، ومل جتـ ــامل األفـ ــأ إال يف عـ تنشـ

ــل . ــاذج مل تكتمـ ــر نـ ــع، غـ ــق يف الواقـ للتطبيـ نعـــم، كانـــت »الدولـــة اإلســـامية« جمـــرد دعـــوات وأفـــكار. ولعـــل بعـــض اإلســـامين كان »هيـــرب« مـــن هـــذا املصطلـــح، أو حيـــاول التخفيـــف مـــن وطأتـــه عـــىرفـــاق -خصوصـــا املخالفـــة األيديولوجيـــات ذوي ــة املدنيـــة«، إال أن أغلبهـــم املعارضـــة- فيســـميها »الدولـ يقـــرون أن »الدولـــة املدنيـــة« ال تتعـــارض مـــع »الدولـــة

ــا ! ــن صورهـ ــورة مـ ــن صـ ــامية«، إن مل تكـ اإلسـاحلكـــم »دولـــة لنظريـــة الفكريـــة املـــداوالت أمـــا الرشـــيد« التـــي ال تتعـــارض -وقـــد تتطابـــق- مـــع »الدولـــة اإلســـامية«، فـــكان أغلبهـــا حيـــاول أن »حيـــور« بعـــض الصـــور املرشقـــة ألنظمـــة احلكـــم يف تارخينـــاـــات ـــع إجاب ـــا، أو يض ـــى واقعن ـــقاطات ع ـــا إس ـــع منه ويصن

ـــري ـــدل الفك ـــدور يف اجل ـــد ت ـــة ق ـــئلة افرتاضي ـــة« ألس »حمتمل املصاحـــب هلـــذه النظريـــات، وكلـــه يف إطـــار النظريـــاتـــع. ـــا يف الواق ـــكان اختباره ـــورات، دون إم ـــة والتص الفكري وكان جلاعـــة اإلخـــوان املســـلمن يف ســـورية تصـــورات ضمنوهـــا يف »املـــرشوع الســـيايس لســـوريا املســـتقبل«

الصـــادر عنهـــم يف 1425 املوافـــق 2004.ــا ــع- واقعـ ــورات -وتصنـ ــت الثـ ــد أن صنعـ واآلن، بعــــات ـــا الربملان ـــم، ورأين ـــار ممثليه ـــاس اختي ـــاح للن ـــدا أت جدي واملجالـــس التمثيليـــة تكتـــظ باإلســـامين مـــن خمتلـــف مشـــارهبم؛ صـــار اإلســـاميون عـــى املحـــك، حمـــك أن تصـــدق نظرياهتـــم وأفكارهـــم، وأن يثبتـــوا للنـــاس عمليـــا أنـــى ـــادرة ع ـــم ق ـــم للحك ـــة« وأن نظرياهت ـــن دول ـــام دي »اإلســـلمن، ـــر مس ـــلمن وغ ـــع، مس ـــدل للجمي ـــة الع ـــة دول إقامـــواء ـــع احت ـــع، م ـــار للجمي ـــاء واالزده ـــق الرخ ـــى حتقي وعـــاء ـــيدة، دون إقص ـــة الرش ـــع يف الدول ـــات املجتم ـــع مكون مجي

ـــب. ـــع أو ترهي ـــن أي قم ـــا ع ـــش فض أو هتمي إنـــه التحـــدي األكـــرب لإلســـامين اآلن.. إذ مل تعـــدـــل ـــة، ب ـــام وردي ـــات وأح ـــكار ونظري ـــرد أف ـــة« جم »الدول هـــي حتديـــات واقعيـــة ملواجهـــة املعوقـــات واملؤامـــرات،ــن ــات، ولـ ــورات واالفرتاضـ ــة للتصـ ــات عمليـ وتطبيقـ تكـــون املشـــكلة يف تغيـــر النظريـــات، بـــل قـــد يكـــونـــي ـــم الت ـــة احلك ـــول إىل نظري ـــيا للوص ـــا أساس ـــك مطلوب ذل تراعـــي أصـــول اإلســـام )ال االجتهـــادات الفرعيـــة(

وتواكـــب لـــوازم العـــر )ال نوافلـــه(. وســـنحاول يف جملـــة الفجـــر أن نقـــدم بعـــض مســـامهات املفكريـــن ومقرتحـــات املهتمـــن ملواجهـــة هـــذا التحـــديـــا ـــي، ومقصدن ـــق الواقع ـــري والتطبي ـــر النظ ـــن الفك يف ميادي حتديـــد حمـــاور االهتـــام وتنظيـــم احلـــوار والســـعيـــوع، ـــذا املوض ـــول ه ـــة ح ـــئلة امللح ـــض األس ـــات بع إلجاب ومـــا ينـــرش يف صفحـــات املجلـــة ليســـت آراء تلتـــزم هبـــاـــرتكة ـــات مش ـــول إىل منطلق ـــات للوص ـــل مقارب ـــة، ب املجلـــري ـــو حت ـــه فه ـــنا ب ـــزم أنفس ـــا نل ـــا م ـــة، أم ـــف واضح ومواق

اإلنصـــاف يف العـــرض، واألدب يف احلـــوار.وعى اهلل قصد السبيل .

الدولة عند اإلسالميين.. بين النظرية والتطبيق

:: التحرير

3

االفتتاحية

Page 4: العدد الثاني

تـربـيـتـنـــــــــــاطــاقـــــــة ثــوريـــــة

:: عبد الرمحن جعفر

ـــورة ـــن الث ـــا ع ـــمع حديث ـــاال أو تس ـــرأ مق ـــكاد تق ال تـــعب ـــة الش ـــاه عظم ـــعرت يف ثناي ـــورية إال استش السالســـوري بـــا حـــواه مـــن صمـــود أســـطوري ــن ال ــا مـ ــن إدراكهـ ــز عـ ــة يعجـ ــالة حديديـ وبسـيعـــرف الكثـــر عـــن قيـــم هـــذا الشـــعب وتربيتـــه ــن ــب الوطـ ــه حـ ــت فيـ ــي عمقـ ــامية التـ اإلســــه، ـــرى وطن ـــى ث ـــاة ع ـــب احلي ـــان وح ـــب اإلنس وحوالتضحيـــة مـــن أجـــل أن حييـــا بـــه حـــرا عزيـــزا.

ـــي ـــا النب ـــن أهله ـــال ع ـــي ق ـــام الت ـــل الش ـــة أه تربيـــا ـــام ف ـــل الش ـــد أه ـــلم »إذا فس ـــه وس ـــى اهلل علي صخـــر فيكـــم«، هـــي تربيـــة مســـتمدة مـــن منهـــج ـــي ـــطى الت ـــة الوس ـــامي واألم ـــن اإلس ـــام الدي ونظتتميـــز يف قدرهتـــا عـــى إعـــداد اإلنســـان الصالـــح ـــوازن يف كل يشء: يف قيمـــه، وســـلوكه، ووســـائله، املتوأهدافـــه، وقبـــل ذلـــك توازنـــه يف طاقاتـــه التـــي ــة ــروح، وطاقـ ــة الـ ــي طاقـ ــه؛ وهـ ــا اهلل بـ أوجدهـ

4

Page 5: العدد الثاني

ـــى ـــة ع ـــى طاق ـــث ال تطغ ـــدن، بحي ـــة الب ـــل، وطاق العقأخواهتـــا، أو تتجاهـــل طاقـــة لتظهـــر أخـــرى.

وهـــذا التـــوازن إن كان يميـــز املســـلم يف حياتـــه ــه ــامل حياتـ ــا يف معـ ــد وضوحـ ــو أشـ ــة فهـ االعتياديـــورة ــل يف الثـ ــدائد، ولعـ ــاءات والشـ ــل االبتـ يف ظـالســـورية وتعامـــل نظـــام األســـد اإلرهـــايب الدمـــوي معهـــا مثـــاال واضحـــا عـــى الضغوطـــات التـــي قـــد ــه، ــب حياتـ ــة جوانـ ــى كافـ ــان عـ ــا اإلنسـ يواجههــــه، ـــانيته، وأخاق ـــن إنس ـــان ع ـــرج اإلنس ـــد خت ـــي ق والتـــة ـــة ناضج ـــا لرتبي ـــن مترشب ـــه، إن مل يك ـــلوكه، وقيم وسقـــادرة عـــى التعامـــل مـــع هـــذه املتغـــرات كـــا يف

ــامية. ــة اإلسـ الرتبيـ

ـــرتة ـــال ف ـــوري خ ـــر الس ـــد الثائ ـــورة فق ـــل الث ـــي ظ ففـــع ـــه، ووق ـــه وأصدقائ ـــن أهل ـــا م ـــأواه، وبعض ـــزة م وجيـــو شـــهدها جمتمـــع آخـــر ال ـــدات ل حتـــت تغـــرات وهتديـــخ ـــه ورض ـــن ثورت ـــع ع ـــه لرتاج ـــه وتربيت ـــل أخاق حيمـــازال ـــه، متن ـــه وأمن ـــى حيات ـــا ع ـــاده حمافظ ـــتبداد ج الســـت ـــد أحي ـــر فق ـــعبنا الثائ ـــا ش ـــه. أم ـــه وكرامت ـــن حريت عـــه ـــا روح ـــة محلته ـــة عظيم ـــه طاق ـــه تربيت ـــدت في وأوجـــليم، ـــه الس ـــه بإدراك ـــا عقل ـــل فيه ـــي تكام ـــة الت الوثابوقلبـــه بإيانـــه القـــوي، وجســـده بحركتـــه املناســـبة؛ فانتفـــض ثائـــرا كـــي يطمئـــن وهيـــدأ بحصولـــه عـــى

ـــه. ـــو إلي ـــا يصب م

ولذلـــك رأينـــا كيـــف ثبـــت الثائـــر برتبيتـــه وتأقلـــم ــوازن ــاه يـ ــرات، فوجدنـ ــع املتغـ ــع مجيـ ــف مـ وتكيـيف ثورتـــه بـــن معنوياتـــه ومادياتـــه، ورضورياتـــه وكالياتـــه، وواقعـــه األليـــم ومـــا ينشـــده مـــن حتـــرر، ــن ــة، وبـ ــه اجلاعيـ ــة ونزعاتـ ــه الفرديـ ــن نزعاتـ وبـإيانـــه بعـــامل الغيـــب وعـــامل الشـــهادة، منطلقـــا مـــن ـــم ـــك جعلناك ـــاىل »وكذل ـــول تع ـــه، يق ـــطه واعتدال توس

ــطا يف كل يشء. ــطا«، وسـ ــة وسـ أمـ

ـــا ـــا، أهن ـــة أيض ـــامية املتوازن ـــة اإلس ـــز الرتبي ـــا يمي وممتدفـــع بالفـــرد إىل أن يكـــون دائـــا إجيابيـــا ذا حركـــة ــه، ــه، وجمتمعـ ــع نفسـ ــا، مـ ــه كلهـ ــة يف حياتـ وفعاليـــت العمـــل، ــل يف وقـ ــه، لذلـــك نـــراه يعمـ ووطنــــزرع األرض ـــر وي ـــة، ويعم ـــات املقاوم ـــاوم يف جبه ويقـــه ـــذا كل ـــق أن ه ـــن منطل ـــا م ـــا فيه ـــن كل م ـــد م ويفيـــار ـــت رضب ن ـــئ -حت ـــل وينش ـــه، ب ـــخره اهلل ل ـــد س قـــن ـــتقبله م ـــه مس ـــر ب ـــا يعم ـــاره م ـــتبد ودم ـــه املس حاكمــدا ــا، متهيـ ــة، وغرهـ ــم مدنيـ ــة، وحماكـ ــس حمليـ جمالـ

النتقالـــه إىل حياتـــه التـــي ينشـــدها.

وكان مـــن حســـنات إجيابيـــة تربيتـــه وأخاقياهتـــا ـــه ـــى أخي ـــرص ع ـــانا حي ـــه إنس ـــت من ـــا جعل ـــة أهن الرفيعـــه ـــه مع ـــه، ووقوف ـــه، بتآخي ـــى نفس ـــه ع ـــاره كحرص وجـــه ـــة من ـــك اإلجيابي ـــت تل ـــراء، وانتقل ـــاء وال يف البأســـة ـــع جاعل ـــوى يف املجتم ـــة األق ـــرد إىل األرسة -اللبن كفمنهـــا قـــوة ثابتـــة ومتاســـكة متاســـكا قـــوى العاقـــة ـــاحل ـــة، والس ـــف والبادي ـــة، والري ـــة واملدين ـــن القري بواجلبـــل؛ فأصبحـــت األرسة برتبيتهـــا هـــذه حاضنـــة للثـــورة، دافعـــة للمقاومـــة، مشـــيدة للمســـتقبل، ومســـامهة يف حتقيـــق غايـــة الثـــورة: احلريـــة والكرامـــة.

5

Page 6: العدد الثاني

6

الصراع الفكري والصراع الشخصي:: د. عامر الغضبان

ـــن ـــرا ع ـــا كب ـــف اختاف ـــري ختتل ـــراع الفك ـــات ال مواصفـــوره ـــري حم ـــراع الفك ـــخيص، فال ـــراع الش ـــات ال مواصفــه ــراد ويرفضـ ــه أفـ ــري، يقبلـ ــه فكـ ــة أو توجـ ــة فكريـ رؤيــــض ـــول أو رف ـــوده قب ـــخيص فوق ـــراع الش ـــا ال ـــرون، أم آخفـــرد آخـــر )أو جمتمـــع آخـــر(، قبـــول وجـــوده يف الســـاحة

وانتائـــه للمجتمـــع، أو رفـــض ذلـــك.

والـــراع الفكـــري قـــد يـــؤدي إىل نمـــو وتطـــور يف الفكـــر ـــه البحـــث عـــن الـــرأي الصائـــب، عندمـــا يقصـــد الداخلـــون فيـــخيص ـــراع الش ـــا ال ـــم؛ أم ـــوازع أهوائه ـــن ن ـــردون م ويتج

فينتـــج عنـــه تغـــرات يف خارطـــة الواقـــع البـــرشي وانتـــاء ـــادة ـــم ع ـــر حتك ـــات التغ ـــة، واجتاه ـــات املختلف ـــراد للفئ األفـــة ـــوة املادي ـــواع الق ـــف أن ـــة، بمختل ـــراف املتصارع ـــوة األط بق

واملعنويـــة.

والـــراع الشـــخيص يف الغالـــب مرتبـــط بمشـــاعر البغـــض ــن ــو مـ ــدوان، وال ينجـ ــي والعـ ــات البغـ ــد وممارسـ واحلســــق ـــن احل ـــه اهلل بدي ـــن عصم ـــات إال م ـــاعر واملارس ـــذه املش ه

وخلـــق العـــدل.

ومـــع ذلـــك خيتلـــط النوعـــان مـــن الـــراع يف كثـــر مـــن

Page 7: العدد الثاني

7

ـــوس ـــس لب ـــه يلب ـــخصيا، لكن ـــراع ش ـــون ال ـــف، فيك املواقــه ــاج فيـ ــرج نحتـ ــف حـ ــذا موقـ ــري، وهـ ــراع الفكـ الـــن ــا بـ ــن يتمثلهـ ــد مـ ــي ال نجـ ــة التـ ــة العاليـ للموضوعيـ

ــل. ــاس إال القليـ النـ

ودعونا نتأمل األمثلة اآلتية من هذه املواقف الصعبة:

ـــف ـــه موق ـــع في ـــا يتب ـــا فكري ـــى موقف ـــاس يتبن ـــن الن ـــر م * كثـــذا ـــا ه ـــادي هب ـــي ين ـــرة الت ـــذ الفك ـــاس، فيتخ ـــن الن ـــان م فـــم ـــل دون فه ـــا، ب ـــد هل ـــا دون نق ـــع عنه ـــلمة، ويداف ـــان مس الف

ـــا. هل

ـــه ـــر، ألن ـــخص آخ ـــة ش ـــار معارض ـــاس خيت ـــن الن ـــر م * وكثيعتقـــد أن هـــذا الشـــخص ال يمكـــن أن يـــأيت بخـــر. نحـــن هنـــا ـــا ومـــا ـــا بعصياهنـــم يف مـــا علمن ال نتحـــدث عـــن شـــياطن أمرنـــا ـــراد خيالفونن ـــن أف ـــدث ع ـــا نتح ـــم، إن ـــن دعواهت ـــم م مل نعل

ـــرأي. ـــف أو ال املوق

ــا ــيا، أو عرفـ ــا سياسـ ــون موقفـ ــاس يرفضـ ــن النـ ــر مـ كثـــد ــا قـ ــوا أن فانـ ــم علمـ ــا، ألهنـ ــوال فقهيـ ــا، أو قـ اجتاعيـتبنـــاه. مـــاذا؟ فـــان؟ ال بـــد أنـــه موقـــف تآمـــري، وقـــول ضـــال مضلـــل، فهـــذه املواقـــف عـــادة هـــي التـــي يتبناهـــا فـــان، وأنـــا ال يمكـــن أن أكـــون مـــع فـــان يف أي مشـــهد،

وأرفـــض أن أنتســـب لـــه، أو ألي فكـــرة تتصـــل بـــه.

ـــون أن ـــم، أو حيب ـــمع قوهل ـــن يس ـــراد الذي ـــن األف ـــر م * وكثيكونـــوا ممـــن يســـمع قوهلـــم، وجيتمـــع حوهلـــم اآلخـــرون، ــؤالء ــن هـ ــر مـ ــة، كثـ ــم والزعامـ ــون التزعـ ــم حيبـ أي إهنــــروا ـــدون أن خي ـــم ال يري ـــن ألهن ـــرادا معارض ـــون أف يصارعــن ــؤالء املعارضـ ــبون أن هـ ــم، وحيسـ ــياعهم وأنصارهـ أشــــون ـــاء الباحث ـــؤالء الزع ـــس ه ـــم، ويلب ـــدم زعامته ـــعون هل يســن ــث عـ ــر والبحـ ــوس الفكـ ــم لبـ ــلطة خطاهبـ ــن السـ عـــيئ. وإذا ــا سـ ــا ألن فانـ ــون: اتبعونـ ــم يقولـ ــواب. ثـ الصــــن ـــأن هـــؤالء الذي ـــون عـــن الســـلطة ب خوطـــب الزعـــاء الباحثيعارضوهنـــم يطرحـــون فكـــرا يســـتحق الســـاع، يقولـــون: إن اتبعتـــم أولئكـــم ســـيوردوكم املهالـــك، فيصنفـــون فكـــر ـــه فكـــر مدمـــر، خطـــر، حيـــرق العقـــول، ويمـــزق املعـــارض بأن

األمـــة، ويدمـــر البـــاد.

* ويف االجتهـــادات السياســـية ينتهـــج بعـــض األفـــراد ـــون منهجـــا سياســـيا، ـــا، فرتاهـــم يتبن والناشـــطن منهجـــا عجيبــة ــط ملهامجـ ــا، فقـ ــا رشعيـ ــا مذهبـ ــا، وربـ ــا فكريـ أو اجتاهــــذا ـــباب ه ـــن أس ـــألون ع ـــن يس ـــف، وح ـــيايس خمال ـــاد س اجتهاالجتـــاه املتطـــرف، يقولـــون إنـــه ملواجهـــة االجتـــاه اآلخـــر الـــذي أعلـــن االجتـــاه الســـيايس األول، وإن ســـألتهم: أيـــن ـــر ـــاد اآلخ ـــذا االجته ـــا دام ه ـــر؟ وم ـــاه اآلخ ـــل يف االجت اخللـــث يف ـــا نبح ـــر دعون ـــي متغ ـــيايس واجتاع ـــع س ـــا بواق متعلقـــه يف ـــيؤدي تبني ـــف س ـــر كي ـــا ننتظ ـــة، أو دعون ـــه املحتمل عواقبالواقـــع. عندهـــا ســـرد هـــؤالء اآلخـــرون املخالفـــون وكأن عندهـــم علـــا ال يعلمـــه غرهـــم: هـــل تريدوننـــا أن نكـــون ـــبون ـــن، أم حتس ـــؤالء املتآمري ـــرات ه ـــا مؤام ـــي علين ـــى تنط محقـــق ـــول، إن كل ح ـــن الق ـــن حس ـــرون م ـــا يظه ـــدق م ـــا نص أننـــم ـــا هل ـــه، وخمالفتن ـــا ال يعلنون ـــه باط ـــدون ب ـــؤالء يري ـــه ه يقولـــن، ـــول احلس ـــن الق ـــه م ـــا يظهرون ـــى م ـــا ع ـــت اعرتاض ليســـة ـــات فكري ـــيئة، وتوجه ـــا س ـــن نواي ـــه م ـــا يبطنون ـــا إدراكا مل إن

منحرفـــة.

ـــن ـــية م ـــادات السياس ـــول االجته ـــراع ح ـــج ال ـــذا النه وهــع الفتـــن، ويغيـــب القـــدرة عـــى التفكـــر ــا يوقـ ــر مـ أكثـم الســـليم، ألنـــه رصاع حـــاد حـــول أفـــكار مل تعلـــن، ويقـــدـــار، ـــه لانتظ ـــت في ـــود، ال وق ـــه رصاع وج ـــى أن ـــور ع للجمهـــون ـــد يك ـــا ق ـــه، بين ـــن ألمت ـــو خائ ـــه فه ـــل في ـــن مل يدخ ومـــض ـــن بع ـــخصية ب ـــة ش ـــاعر كراهي ـــا ملش ـــع انعكاس يف الواقـــوا ـــم أن يرهق ـــه، وال هيمه ـــع كل ـــا للمجتم ـــراد، حيملوهن األف

أمتهـــم بفتـــن قـــد تـــدوم آثارهـــا الســـيئة طويـــا.

ختامـــا، ليـــس املقصـــود مـــن املقـــال أن يعـــزل املـــرء نفســـه ـــه يف ـــل دخول ـــه قب ـــر يف نفس ـــا أن يتب ـــاركة، إن ـــن كل مش عـــدرب ـــدق، وأن يت ـــس اخلن ـــه يف نف ـــون مع ـــن يقف ـــة آخري مهامجـــا، وأن ـــب هل ـــخص املنتس ـــرة والش ـــن الفك ـــل ب ـــى أن يفص عـــع ـــا كان الواق ـــواب، مه ـــق الص ـــق، وتطبي ـــرة احل ـــعى لن يس

ـــا. ـــا مشوش ـــه ضاغط حول

اللهـــم أرنـــا احلـــق حقـــا وارزقنـــا اتباعـــه، وأرنـــا الباطـــل باطـــا وارزقنـــا اجتنابـــه، وجنبنـــا الفتـــن مـــا ظهـــر منهـــا

ومـــا بطـــن.

Page 8: العدد الثاني

التغـــيــيــر في خـطــاب الخــــالف

وآدابــــــه

:: د. محمد خلف الشهابيف مقالـــة ســـابقة، حتدثنـــا عـــن التغيـــر كمصطلـــح ــا ــت أمههـ ــل كانـ ــدة عوامـ ــا عـ ــوم، ورشحنـ ومفهــــا ـــن موروثن ـــا م ـــد أوردن ـــه، وق ـــر نفس ـــان بالتغي اإليـــل ـــا يدل ـــي م ـــري والتارخي ـــي والعقـــدي والفك الدينــع ــن واقـ ــك مـ ــه، وكذلـ ــد عليـ ــك ويؤكـ ــى ذلـ عـحياتنـــا التـــي نعيـــش وهـــي تشـــهد أكـــرب عمليـــة تغيـــر واســـعة يف املنطقـــة العربيـــة، والتـــي نـــرى أن ـــة ـــا دولي ـــامية ورب ـــة إس ـــتكون إقليمي ـــاهتا س انعكاس

أيضـــا دون اخلـــوض يف أســـباب حدوثهـــا.

ـــاب ـــر يف اخلط ـــن التغي ـــنتحدث ع ـــة، س ـــذه املقال يف هــا ــن خاهلـ ــاول مـ ــث نحـ ــاف، حيـ وأدب االختـــا ــايب وموروثنـ ــر اإلجيـ ــوم التغيـ ــن مفهـ ــط بـ الربــــاريعنا ـــا ومش ـــا وأفكارن ـــه يف أدبياتن ـــد علي ـــذي نعتم الـــر. ـــع اآلخ ـــاف م ـــن األدب يف االخت ـــتقبلية، و ب املس

ــوم ــامية اليـ ــة اإلسـ ــه أن األمـ ــك فيـ ــا ال شـ فمـستتدارســـها تارخييـــة حتـــول مرحلـــة تعيـــش األجيـــال، وتقتبـــس منهـــا احلضـــارات واألمـــم، يف ـــول ـــا للوص ـــى جادهي ـــة ع ـــعوب العربي ـــاض الش انتفـــن ـــرتك ب ـــل املش ـــت العام ـــي كان ـــودة الت ـــة املنش للحري

ــة. ــة املنتفضـ ــعوب العربيـ الشـ

فاملتابـــع لطبيعـــة التحـــوالت التـــي تعصـــف بأمتنـــا ـــوالت ـــذه التح ـــظ أن ه ـــدة، يلح ـــتويات ع ـــى مس عطالـــت النفـــوس والطبائـــع والقناعـــات واألفـــكار، ـــر ـــاة الكث ـــة يف حي ـــة والعام ـــاريع اخلاص ـــى املش وحتـــل فقـــط مـــن طبيعـــة األنظمـــة ـــة، ومل تن ـــاء األم مـــن أبن

8

Page 9: العدد الثاني

ـــا ـــر دوره ـــزال تنتظ ـــا ت ـــر أو م ـــرت أو تتغ ـــي تغ التـــرب ـــه والته ـــت مقاومت ـــا حاول ـــر مه ـــب للتغ القريـــر ـــوس الكث ـــى نف ـــرأ ع ـــر ط ـــك ألن التغ ـــه، وذل منـــت ـــكل الف ـــة بش ـــعوب واملنطق ـــذه الش ـــاء ه ـــن أبن م

ـــظ. ماح

ـــة ـــار -وخاص ـــة األخي ـــاء األم ـــى أبن ـــب ع ـــا وج وهنمـــن مفكرهيـــا ودعاهتـــا- التـــاس أفضـــل اخلطـــاب وأطايـــب الكلـــات للتـــودد ألبنـــاء األمـــة مـــن خمتلـــف األفـــكار والتيـــارات، بعيـــدا عـــن مصطلحـــات ــت ــاءة، حتـ ــم واإلسـ ــهر والتجريـ ــر والتشـ التكفـعنـــوان احتـــكار احلقيقـــة أو الديـــن والتحـــدث باســـمه، ـــتغدو ـــوم وس ـــد ي ـــا بع ـــا يوم ـــزداد وعي ـــعوب ت فالشقـــادرة عـــى تقييـــم مـــدى تطابـــق الشـــعارات ـــش ـــي تعي ـــا الت ـــع حياهت ـــات وبواق ـــال والترف باألعحتـــى تصـــل ملرحلـــة البحـــث عـــن البديـــل للتيـــار ـــد ـــوه وال نري ـــا ال نرج ـــذا م ـــد، وه ـــامي الصاع اإلس

الوصـــول إليـــه.

اخلالف واالختالف: ـــب ـــن مصائ ـــا م ـــه أمتن ـــت ب ـــا أصيب ـــر م ـــن أخط إن مالنفـــوس هـــو االختـــاف، االختـــاف يف كل يشء، حتـــى شـــمل األذواق والســـلوك بـــل جتـــاوز ذلـــك وحتـــى واآلراء والتصـــورات األفـــكار ليطـــال العقائـــد. وتعـــدى االختـــاف كل ذلـــك حتـــى ــادات، وكأن ــروض العبـ ــه وفـ ــاليب الفقـ ــغ أسـ بلــــى ـــا ع ـــواه حيثه ـــر ون ـــن أوام ـــا م ـــدى أمتن ـــا ل كل مــة ــن أن احلقيقـ ــه، يف حـ ــا إليـ ــاف أو يدفعهـ االختــــم ـــرآن الكري ـــد الق ـــث مل يؤك ـــا؛ حي ـــك متام ـــس ذل عكأو الســـنة النبويـــة املهـــداة عـــى يشء بعـــد التوحيـــد أشـــد مـــن تأكيـــده عـــى وحـــدة األمـــة اإلســـامية

ــى ــل عـ ــا، بـــل عمـ ــن أبنائهـ ــاف بـ ــذ االختـ ونبــــة ـــو العاق ـــر صف ـــأنه أن يعك ـــن ش ـــة كل يشء م معاجلــن ــن مـ ــوة املؤمنـ ــدش أخـ ــلمن أو خيـ ــن املسـ بـ

ــها. أساسـ

وقـــد حـــاول الكثـــر مـــن علـــاء األمـــة ومفكرهيـــا ــاف، ــاف واالختـ ــي اخلـ ــن مصطلحـ ــق بـ التفريــــر ـــودا واآلخ ـــا حمم ـــل أحدمه ـــم جع ـــى إن بعضه حتـــل ـــا مدخ ـــن أن أحدمه ـــب الظ ـــن غال ـــا، ولك مذمومـــت ـــي بح ـــا مصطلح ـــفي ورب ـــر فلس ـــو أم ـــر، وه لآلخـــر ـــح والتب ـــن التوضي ـــد م ـــه. وملزي ـــذا موطن ـــس ه ليـــه ـــاف لعل ـــواع اخل ـــن أن ـــرا ع ـــورا مي ـــننقل تص سهييئنـــا ملزيـــد مـــن البحـــث يف األمـــر، حيـــث يتســـع

ـــه. ـــث في ـــع احلدي ـــا اتس ـــه كل باب

أوال: خالف مرده هوى النفس وشهوهتا:

ـــبيل ـــن س ـــك ع ـــوى فيضل ـــع اهل ـــاىل: »وال تتب ـــال تع قاهلل« ]ص: 26[.

ـــه يكشـــف للعبـــد مـــدى ـــا أن ومـــن نعـــم اهلل تعـــاىل علينـــه، ـــوى نفس ـــه هب ـــكاره ومعتقدات ـــه وأف ـــاط مذاهب ارتبـــال -إن ـــوى والض ـــق اهل ـــه يف مزال ـــوي ب ـــل أن هت قبــول ــرد للوصـ ــى التجـ ــرص عـ ــث أو حـ ــو بحـ هـإليهـــا- حتـــى يـــيء اهلل مشـــاعل اإليـــان يف قلبـــه فيكتشـــف زيـــف تلـــك األفـــكار أو املعتقـــدات، ــود ــه وجـ ــن لـ ــه مل يكـ ــنها يف نفسـ ــك ألن حسـ ذلــــادع! ـــايل خ ـــي أو خي ـــود ذهن ـــو وج ـــل ه ـــي، ب حقيقـــه، ـــذر من ـــذي نح ـــو ال ـــاف ه ـــن اخل ـــوع م ـــذا الن وهـــى ـــه ع ـــه وأهل ـــريب نفس ـــا أن ي ـــى كل من ـــب ع ووجـــذوم، ـــن املج ـــح م ـــرار الصحي ـــه ف ـــرار من ـــه والف جتنبـــن ـــن املرائ ـــن املجادل ـــا م ـــك وكن ـــا يف املهال وإال وقعن

ال ســـمح اهلل.

9

التغيير في خطاب الخالف وآدابه

Page 10: العدد الثاني

ثانيا: خالف مرده احلق:

ـــة ـــة واملوعظ ـــك باحلكم ـــبيل رب ـــاىل »ادع إىل س ـــال تع قاحلســـنة وجادهلـــم بالتـــي هـــي أحســـن« ]النحـــل:

.]125وهـــذا النـــوع مـــن اخلـــاف ال يكـــون للنفـــس فيـــه حـــظ أو عليـــه ســـلطان مـــن اهلـــوى، فهـــو خـــاف ـــل. ـــاه العق ـــم واقتض ـــه العل ـــع إلي ـــق، ودف ـــاه احل أمــرشك ــر والـ ــل الكفـ ــان ألهـ ــل اإليـ ــة أهـ فمخالفــــلم أن ـــن مس ـــن ملؤم ـــب ال يمك ـــاف واج ـــاق خ والنفـــداه ـــاف س ـــه خ ـــه ألن ـــو إلزالت ـــه، أو يدع ـــى عن يتخاإليـــان وحلمتـــه احلـــق. وكذلـــك اختـــاف املســـلم مـــع أهـــل العقائـــد الكافـــرة وامللحـــدة، كاليهوديـــة

والنرانيـــة والوثنيـــة والشـــيوعية.ولكـــن االختـــاف مـــع أهـــل تلـــك امللـــل وهـــذه ــبابه ــة أسـ ــوة إىل إزالـ ــن الدعـ ــع مـ ــد ال يمنـ العقائــــن ـــم ع ـــا، وختليه ـــن اهلل أفواج ـــاس يف دي ـــول الن بدخدواعـــي اخلـــاف مـــن الكفـــر والـــرشك والشـــقاق والنفـــاق وســـوء األخـــاق واإلحلـــاد والبـــدع ـــا ـــذا موضوعن ـــس ه ـــة. ولي ـــد اهلدام ـــج للعقائ والرتوي

ونقطـــة بحثنـــا يف مقالتنـــا هـــذه.

ـــر أو ـــر وال ـــن اخل ـــح ب ـــالف يتأرج ـــا: خ ثالثـــذم: ـــذح وال ـــن امل ب

ــاح ــعبة يف منـ ــرة ومتشـ ــيم كثـ ــذا التقسـ ــة هـ وأمثلــــن ـــوء م ـــاض الوض ـــاء يف انتق ـــاف العل ـــدة، كاخت عـــذا ـــد، وه ـــيء املتعم ـــرح، والق ـــن اجل ـــارج م ـــدم اخل ال

ـــدام. ـــة األق ـــاف مزل ـــن االخت ـــوع م الن

ومـــن أنـــواع هـــذا اخلـــاف أو االختـــاف هـــو مـــا ــه ويف ــق معـ ــرى احلـ ــين، كل يـ ــن سياسـ ــري بـ جيـــادق ــم صـ ــا، فمنهـ ــي يطرحهـ ــر التـ ــة النظـ وجهــــن ـــك، إذ يمك ـــر ذل ـــم غ ـــه ومنه ـــه ودين ـــص لوطن خملفيـــه أن يلتبـــس اهلـــوى بالتقـــوى، والعلـــم بالظـــن، ـــبيل ـــول، وال س ـــردود باملقب ـــوح وامل ـــح باملرج والراج

ـــد ـــاع قواع ـــق إال باتب ـــك املزال ـــوع يف تل ـــايش الوق إىل حتــه، ــط تنظمـ ــاف، وضوابـ ــا يف االختـ ــم إليهـ حيتكــــازع ـــقاق وتن ـــول إىل ش ـــه، وإال حت ـــن علي وآداب هتيمـــوى ـــام التق ـــن مق ـــه ع ـــان في ـــط املختلف ـــل، وهب وفشوفتحـــت الفـــوىض، وســـادت اهلـــوى، درك إىل للشـــيطان أبـــواب ال توصـــد إال بالعـــود عـــن هـــذه

ــات. اخلافـــة عـــن أدب ــا تقـــدم بخاصـ ــرج ممـ ــى نخـ وحتــــب ـــة جي ـــا رسيع ـــز نقاط ـــاف نوج ـــاف أو االخت اخلـــذه ـــرز ه ـــا، وأب ـــل هل ـــا ونمتث ـــا ونفهمه ـــا أن نعيه علين

النقـــاط هـــي:

ــدات ــكار واملعتقـ ــل يف األفـ ــز وجـ ــرد هلل عـ • التجـــح ــط وكبـ ــل ضبـ ــون عامـ ــف، لتكـ واآلراء واملواقـ

ــهوهتا. ــس وشـ ــوى النفـ هلـ

ــر ــس والفكـ ــع النفـ ــا ال ينفـ ــوض فيـ ــب اخلـ • جتنــــد ـــك يع ـــر ذل ـــة، فغ ـــل واألم ـــم والعم ـــن والعل والدي

مـــن اجلـــدال املنهـــي عنـــه.

ــيء، ــم بالـ ــى العلـ ــا عـ ــاف مبنيـ ــون اخلـ • أن يكـوأن ال يكـــون املـــراد منـــه خمالفـــة اآلخريـــن ألجـــل

املخالفـــة:قـــل للـــذي يدعـــي علـــا ومعرفـــة .. علمـــت شـــيئا

وغابـــت عنـــك أشـــياء

ـــم ـــب الكل ـــاء أطاي ـــن انتق ـــام م ـــزام آداب اإلس • التــع ــن مـ ــن املختلفـ ــة بـ ــاظ اجلارحـ ــب األلفـ وجتنــــوس يف ـــدم اجلل ـــر وع ـــا لآلخ ـــتاع كل منه ـــن اس حس

جملـــس يســـاء فيـــه هلل ورســـوله واملؤمنـــن.

ـــتوجب ـــى أركان يس ـــد ع ـــذه نؤك ـــا ه ـــة مقالتن ويف هنايتكاملهـــا لتجنـــب اخلـــاف واالختـــاف، أوهلـــا الفهـــم واإلخـــاص والعلـــم والتجـــرد، وليـــس ـــه. ـــوع ل ـــة والتط ـــق واحلقيق ـــن احل ـــث ع ـــا البح آخره

10

التغيير في خطاب الخالف وآدابه

Page 11: العدد الثاني

ـــذر ريض ـــن املن ـــاب ب ـــار احلب ـــربى، أش ـــدر الك ـــزوة ب يف غـــأيت ـــلم أن ي ـــه وس ـــى اهلل علي ـــول اهلل ص ـــى رس ـــه ع اهلل عنـــب، ـــن القل ـــواه م ـــا س ـــور م ـــوم، ويغ ـــب إىل الق ـــى قلي أدنت ــلم: »أرش ــه وسـ ــى اهلل عليـ ــول صـ ــه الرسـ ــال لـ فقـ

أي«. بالـــر

ــى ــاريس عـ ــلان الفـ ــار سـ ــزاب، أشـ ــزوة األحـ ويف غــــكان ـــدق، ف ـــر اخلن ـــلم بحف ـــه وس ـــى اهلل علي ـــول اهلل ص رســـن. ـــرة للمرشك ـــة كب ـــلمن، وصدم ـــى املس ـــا ع ـــا عظي فتح

ـــش ـــز جي ـــه، جيه ـــان ريض اهلل عن ـــن عف ـــان ب ـــو عث ـــا ه وهـــول ـــه الرس ـــال في ـــى ق ـــاص.. حت ـــه اخل ـــن مال ـــرة، م العـــد ـــل بع ـــا عم ـــان م ـــا رض عث ـــلم: )م ـــه وس ـــى اهلل علي ص

ـــوم(. الي

ــه ــى اهلل عليـ ــول صـ ــاة الرسـ ــر يف حيـ ــف األمـ ومل يتوقــــم.. ـــوان اهلل عليه ـــة رض ـــدن الصحاب ـــل كان دي ـــلم، ب وســـر ـــن عام ـــي ب ـــاص إىل ربع ـــن أيب وق ـــعد ب ـــت س ـــا أن التف فـــي، ـــق اإلعام ـــم الناط ـــده نع ـــى وج ـــا، حت ريض اهلل عنهـــل ـــل عم ـــالة، ب ـــال الرس ـــف بإيص ـــذي مل يكت ـــول ال والرسعـــى إقنـــاع الفـــرس –قـــوال وعمـــا- بديـــن اإلســـام ـــن ـــاء م ـــن ش ـــرج م ـــا لنخ ـــلمن.. )إن اهلل ابتعثن ـــوة املس وقـــعتها, ـــا إىل س ـــق الدني ـــن ضي ـــادة اهلل, وم ـــاد إىل عب ـــادة العب عب

ـــام(. ـــدل اإلس ـــان إىل ع ـــور األدي ـــن ج وم

هكـــذا كان الصحابـــة والتابعـــون رضـــوان اهلل عليهـــم... عرفـــوا أن الغايـــة هـــي الظفـــر بمرضـــاة اهلل عـــز وجـــل، ـــوا ـــد، مل يتطلع ـــد واح ـــل كجس ـــد يعم ـــق واح ـــم فري وأهنــة ــرار بحجـ ــوا يف القـ ــب، ومل يتحكمـ ــرايس واملناصـ للكــــة ـــعروا عظم ـــكار... استش ـــوال أو األف ـــوا األم ـــم قدم أهنالدعـــوة يف قلوهبـــم، فقدمـــوا أرواحهـــم وأمواهلـــم يف ســـبيل

ــة النبـــوة، ــوا يف مدرسـ اهلل، فهـــم جنـــود خملصـــون، تربـــداث، ــار األحـ ــروا مسـ ــة، فغـ ــى اجلنديـ ــوا عـ ومترسـ

واســـتنهضوا اهلمـــم يف النفـــوس.

صناعـــة اجلنديـــة هـــي ختصـــص يف ميـــدان مـــن مياديـــن العلـــم، وتكامـــل مـــع أعضـــاء الفريـــق يف التخصصـــات األخـــرى، باستشـــعار لعظـــم املســـؤولية، وتركيـــز عـــى ــق، ــل الفريـ ــل يف عمـ ــدث خلـ ــا حـ ــإذا مـ ــدف ؛ فـ اهلـســـارع اجلميـــع لـــرأب الصـــدع وردم اهلـــوة؛ ألن نجـــاح ـــم ـــا لقائده ـــس نجاح ـــا ولي ـــم مجيع ـــاح هل ـــو نج ـــم، ه فريقهـــق األعـــال، فحســـب... فالقائـــد يوجـــه الفريـــق، وينســق يدعمـــون ــاء الفريـ ــرار النهائـــي، وأعضـ ــع القـ ويصنــــار ـــل هن ـــل لي ـــز وج ـــون اهلل ع ـــاندونه، ويدع ـــم ويس قائده

أن يفتـــح عليـــه، ويوفقـــه، ويســـدد خطـــاه.

ـــة ـــه خاف ـــاب ريض اهلل عن ـــن اخلط ـــر ب ـــلم عم ـــا تس فعندمــن ــد بـ ــزل خالـ ــر بعـ ــورة، أمـ ــة املنـ ــلمن يف املدينـ املســــام. ـــاد الش ـــش يف ب ـــادة اجلي ـــن قي ـــه ع ـــد ريض اهلل عن الوليـــل ـــش، يقات ـــوف اجلي ـــا يف صف ـــا مطيع ـــد جندي ـــاد خال فعـــاب: ـــك أج ـــن ذل ـــئل ع ـــا س ـــال... فل ـــجاعة واستبس بشـــغ ـــا بل ـــاب«. ومل ـــن اخلط ـــر ب ـــام هلل ال لعم ـــح الش ـــا أفت »إنـــد إال ـــى خال ـــال: »يأب ـــاب ق ـــن اخلط ـــر ب ـــة عم ـــذا اخلليف هـــن ـــة والتابع ـــن الصحاب ـــريض اهلل ع ـــرا«... ف ـــون أم أن يكـــهرة، ـــوا بالش ـــن؛ مل يأهب ـــوم الدي ـــان إىل ي ـــم بإحس ـــن تبعه ومــة... تعاونـــوا فيـــا ومل يلتفتـــوا للتفـــرد بقيـــادة املعركــــرة ـــى ن ـــدوا ع ـــم.. وتعاه ـــوا يف خرباهت ـــم.. وتكامل بينه

ـــم . دينه

ــال يف ــع املقـ ــاول اآلن أن تضـ ــد حتـ ــارئ: قـ ــي القـ أخـــد ــن قواعـ ــه ضمـ ــاول إنزالـ ــخصية.. وحتـ ــك الشـ قوالبـ

11

Page 12: العدد الثاني

12

عقلـــك التـــي بنيتهـــا خـــال أزمنـــة متعـــددة عـــن »القائـــد ـــادة ـــو قي ـــون عض ـــا أن أك ـــع، إم ـــد أو تاب ـــا قائ ـــدي«؛ إم واجلنـــث ـــاول أن تبح ـــود... أو حت ـــض أو أس ـــا أبي ـــل، إم أو ال أعمـــن ـــر ب ـــد عم ـــن، تري ـــاح الدي ـــد ص ـــم، تري ـــد املله ـــن القائ عـــد أن ـــرى ال ب ـــة أخ ـــذه خراف ـــد... وه ـــد وتري ـــاب، تري اخلطنتخلـــص منهـــا، ونتخـــى عـــن التفكـــر فيهـــا، حتـــى متـــى ـــن ـــر ب ـــت عم ـــن أن ـــن، ك ـــاح الدي ـــت ص ـــن أن ـــر؟! ك ننتظـــك، ـــداد نفس ـــدأ بإع ـــره، واب ـــن تنتظ ـــت م ـــن أن ـــاب، ك اخلطوإعـــداد أهـــل بيتـــك، وإعـــداد جمتمعـــك.. ومـــن ال يتقـــن

اجلنديـــة ال يتقـــن القيـــادة.

ـــد! ـــة القائ ـــن صناع ـــألني ع ـــارئ أن تس ـــي الق ـــك أخ ـــن حق موملـــاذا ال نتحـــدث عنهـــا؟ أقـــول إن صناعـــة اجلنديـــة: ـــة ـــد، وصناع ـــب القائ ـــة نائ ـــد، وصناع ـــة القائ ـــن صناع تتضمالســـكرتر، والســـيايس، واملعلـــم، والنجـــار، واملـــزارع، والطبيـــب، واملـــريب... وال يمكننـــا اختـــزال الصناعـــات ــاريع ــاق املشـ ــب، فإطـ ــد فحسـ ــة القائـ ــة بصناعـ البرشيـوالربامـــج واخلطـــط ليـــس حكـــرا عـــى القيـــادات، فـــرب ـــا ال ـــه م ـــى يدي ـــح اهلل ع ـــاال يفت ـــه ب ـــي ل ـــول ال تلق ـــدي جمه جن

يدركـــه قائـــده؛ إذا صحـــت النيـــة، وصـــدق العـــزم.

ففـــي عهـــد مســـلمة بـــن عبـــد امللـــك، يـــوم أن اســـتعىص ــل ــل ودخـ ــم رجـ ــون، فتلثـ ــن احلصـ ــن مـ ــم حصـ عليهـــه، ــى يديـ ــح اهلل عـ ــن، ففتـ ــاب احلصـ ــح بـ ــب، وفتـ النقــــب؟ ـــب النق ـــن صاح ـــلمة أي ـــادى مس ـــش... فن ـــر اجلي وانتـــم، ـــل ملث ـــاءه رج ـــدة، فج ـــرات ع ـــادى م ـــد، فن ـــه أح ـــم يأت فلـــة إىل ـــمه يف صحيف دوا اس ـــو ـــا: أن ال يس ـــه ثاث ـــرتط لنفس واشاخلليفـــة، وال يأذنـــوا لـــه بـــيء، وال يســـألوه ممـــن هـــو... فـــكان مســـلمة ال يصـــي بعدهـــا صـــاة إال قـــال: )اللهـــم

احـــرشين مـــع صاحـــب النقـــب(.

ــا ــي صورتنـ ــا لنبنـ ــاون معـ ــد أن نتعـ ــارئ، ال بـ ــي القـ أخــــة ـــة موضوعي ـــة، بطريق ـــات البرشي ـــامل الصناع ـــن ع ـــة ع الذهنيبعيـــدة عـــن التعلـــق باألفـــراد إىل التعلـــق باألفـــكار، نبنـــي مشـــاريعنا بإتقـــان وريـــادة، ونتكامـــل فيـــا بيننـــا، نواكـــب ـــات ـــه التحدي ـــوق يف األداء، ونواج ـــر، فنتف ـــتجدات الع مس

بقـــوة، شـــعارنا: الـــكل يعمـــل والفريـــق يفـــوز.

أخـــي القـــارئ، أيـــن جتـــد نفســـك؟ ومـــا قدراتـــك وخرباتـــك؟ ومـــا املجـــال الـــذي تنـــوي ريادتـــه يف مؤسســـتك، يف مجاعتـــك، ـــن اآلن يف ـــدأ م ـــع؟ اب ـــذا املوق ـــات ه ـــا متطلب ـــك؟ وم يف حمافظتـــة ـــة علمي ـــه دراس ـــع، وادرس ـــذا املوق ـــادة ه ـــك، لري ـــداد ذات إعـــن ـــن م ـــارب اآلخري ـــى جت ـــع ع ـــة، واطل ـــة متخصص أكاديمياألمـــم واحلضـــارات، ثـــم ضـــع براجمـــك املســـتقبلية مـــن اآلن... واجعـــل اإلخـــاص رائـــد عملـــك، وتذكـــر قـــول ـــلمن ـــن املس ـــل م ـــلم: »كل رج ـــه وس ـــى اهلل علي ـــى ص املصطفـــة، تربويـــة، ـــام«؛ ثغـــرة إعامي ـــن ثغـــر اإلس ـــى ثغـــرة م عطبيـــة، مهنيـــة، يف احلـــدادة، يف النجـــارة، يف التعليـــم، يف

ـــك«. ـــن قبل ـــام م ـــى اإلس ـــاء... »اهلل ال يؤت القض

ـــا ـــا، وارزقن ـــق حق ـــا احل ـــتبدلنا، وأرن ـــتعملنا وال تس ـــم اس اللهـــه. ـــا اجتناب ـــا، وارزقن ـــل باط ـــا الباط ـــه، وأرن اتباع

ـــق يف ـــرى، وتعم ـــرة أخ ـــال م ـــراءة املق ـــد ق ـــارئ.. أع ـــي الق أخـــك ـــه يف حيات ـــة، ومتثل ـــم اجلندي فه

واهلل يوفقك ويرعاك .

< صناعة الجندية

Page 13: العدد الثاني

أهيـــا اإلخـــوان الصادقـــون، أركان بيعتنـــا عـــر فاحفظوهـــا : الفهـــم واإلخـــالص والعمـــل واجلـهـــــاد والتضحيـــة والطاعـــة والثبـــات

ة والثقـــة. والتجـــرد واألخــــو

ــا ــأن فكرتنـ ــن بـ ــم: أن توقـ ــد بالفهـ ــا أريـ وإنـــا ــام كـ ــم اإلسـ ــة وأن تفهـ ــامية صميمـ إســـن ــول العرشيـ ــذه األصـ ــدود هـ ــه, يف حـ نفهمـ

املوجـــزة كل اإلجيـــاز:

1( اإلســـام نظـــام شـــامل يتنـــاول مظاهـــر احليـــاة مجيعـــا، فهـــو دولـــة ووطـــن أو حكومـــة وأمـــة، وهـــو خلـــق وقـــوة أو رمحـــة وعدالـــة، وهـــو ثقافـــة وقانـــون أو علـــم وقضـــاء، وهـــو مـــادة وثـــروة أو كســـب وغنـــى، وهـــو جهـــاد ودعـــوة أو جيـــش وفكـــرة ، كـــا هـــو عقيـــدة

صادقـــة وعبـــادة صحيحـــة ســـواء بســـواء.

2( والقـــرآن الكريـــم والســـنة املطهـــرة مرجـــع ـــم ـــام، ويفه ـــكام اإلس ـــرف أح ـــلم يف تع كل مســـر ـــن غ ـــة م ـــة العربي ـــد اللغ ـــا لقواع ـــرآن طبق القتكلـــف وال تعســـف، ويرجـــع يف فهـــم الســـنة

املطهـــرة إىل رجـــال احلديـــث الثقـــات.

3( ولإليـــان الصـــادق والعبـــادة الصحيحـــة يف اهلل يقذفهـــا وحـــاوة نـــور واملجاهـــدة قلـــب مـــن يشـــاء مـــن عبـــاده، ولكـــن اإلهلـــام ــن ــت مـ ــرؤى ليسـ ــف والـ ــر والكشـ واخلواطــــرشط ـــرب إال ب ـــة، وال تعت ـــكام الرشعي ـــة األح أدلعـــدم اصطدامهـــا بأحـــكام الديـــن ونصوصـــه.

ـــة ـــل واملعرف ـــودع والرم ـــى وال ـــم والرق 4( والتائـــا كان ـــب، وكل م ـــة الغي ـــاء معرف ـــة وادع والكهانـــا ـــه إال م ـــب حماربت ـــر جت ـــاب: منك ـــذا الب ـــن ه م

ـــورة. ـــة مأث ـــرآن أو رقي ـــن ق ـــة م كان آي

ـــا ـــه، وفي ـــا ال نـــص في ـــه في 5( ورأي اإلمـــام ونائبحيتمـــل وجوهـــا عـــدة ويف املصالـــح املرســـلة: معمـــول بـــه مـــا مل يصطـــدم بقاعـــدة رشعيـــة، وقـــد يتغـــر بحســـب الظـــروف والعـــرف والعـــادات, واألصـــل يف العبـــادات التعبـــد دون االلتفـــات إىل املعـــاين، ويف العاديـــات االلتفـــات

ــد. ــم واملقاصـ إىل األرسار واحلكـ

الركن األول من أركـان بيـعـة اإلخوان املسلمني

13

الفــهــــــم:: اإلمام حسن البنا - من رسائله

Page 14: العدد الثاني

6( وكل أحـــد يؤخـــذ مـــن كامـــه ويـــرتك إال ــا ــلم، وكل مـ ــه وسـ ــى اهلل عليـ ــوم صـ املعصــــا ـــم موافق ـــوان اهلل عليه ـــلف رض ـــن الس ـــاء ع جللكتـــاب والســـنة قبلنـــاه، وإال فكتـــاب اهلل ـــرض ـــا ال نع ـــاع، ولكن ـــوله أوىل باالتب ـــنة رس وســن أو ــه- بطعـ ــف فيـ ــا اختلـ ــخاص -فيـ لأشــــا ـــوا إىل م ـــد أفض ـــم وق ـــم إىل نياهت ـــح, ونكله جتري

قدمـــوا.

ـــة ـــر يف أدل ـــة النظ ـــغ درج ـــلم مل يبل ـــكل مس 7( ولاألحـــكام الفرعيـــة أن يتبـــع إمامـــا مـــن أئمـــة ـــد ـــاع أن جيته ـــذا االتب ـــع ه ـــه م ـــن ب ـــن، وحيس الديمـــا اســـتطاع يف تعـــرف أدلتـــه، وأن يتقبـــل كل ـــده ـــح عن ـــى ص ـــل مت ـــوب بالدلي ـــاد مصح إرشصـــاح مـــن أرشـــده وكفايتـــه، وأن يســـتكمل ـــى ـــم حت ـــل العل ـــن أه ـــي إن كان م ـــه العلم نقص

ـــر. ـــة النظ ـــغ درج يبل

8( واخلـــاف الفقهـــي يف الفـــروع ال يكـــون ســـببا ـــة وال ـــؤدي إىل خصوم ـــن، وال ي ـــرق يف الدي للتفبغضـــاء، ولـــكل جمتهـــد أجـــره، وال مانـــع مـــن التحقيـــق العلمـــي النزيـــه يف مســـائل اخلـــاف ـــول ـــى الوص ـــاون ع ـــب يف اهلل والتع ـــل احل يف ظـــراء ـــك إىل امل ـــر ذل ـــر أن جي ـــن غ ـــة، م إىل احلقيق

ـــب. ـــوم والتعص املذم

ـــي عليهـــا عمـــل فاخلـــوض 9( وكل مســـألة ال ينبنفيهـــا مـــن التكلـــف الـــذي هنينـــا عنـــه رشعـــا، ـــي ـــكام الت ـــات لأح ـــرة التفريع ـــك كث ـــن ذل وم

مل تقـــع، واخلـــوض يف معـــاين اآليـــات القرآنيـــة ــد، ــم بعـ ــا العلـ ــل إليهـ ــي مل يصـ ــة التـ الكريمــــوان ـــاب رض ـــن األصح ـــة ب ـــكام يف املفاضل والاهلل عليهـــم ومـــا شـــجر بينهـــم مـــن خـــاف، ـــه، ويف ـــزاء نيت ـــه وج ـــل صحبت ـــم فض ـــكل منه ول

التـــأول مندوحـــة.

10( ومعرفـــة اهلل تبـــارك وتعـــاىل وتوحيـــده وتنزهيـــه أســـمى عقائـــد اإلســـام، وآيـــات ــق ــا يليـ ــة ومـ ــا الصحيحـ ــات وأحاديثهـ الصفـبذلـــك مـــن التشـــابه، نؤمـــن هبـــا كـــا جـــاءت ـــا ـــرض مل ـــل، وال نتع ـــل وال تعطي ـــر تأوي ـــن غ مـــعنا ـــاء، ويس ـــن العل ـــاف ب ـــن خ ـــا م ـــاء فيه جمـــا وســـع رســـول اهلل صـــى اهلل عليـــه وســـلم اســـخون يف العلـــم يقولـــون وأصحابـــه »والرـــران: 7[. ـــا« ]آل عم ن ـــد رب ـــن عن ـــه كل م ـــا ب آمن

11( وكل بدعـــة يف ديـــن اهلل ال أصـــل هلـــا ـــادة ـــواء بالزي ـــم س ـــاس بأهوائه ـــنها الن -استحســـا ـــب حماربته ـــة جت ـــه- ضال ـــص من ـــه أو بالنق فيــي ال ــائل التـ ــل الوسـ ــا بأفضـ ــاء عليهـ والقضـ

تـــؤدي إىل مـــا هـــو رش منهـــا.

ـــزام يف ـــة وااللت كي ـــة والرت ـــة اإلضافي 12( والبدعالعبـــادات املطلقـــة خـــاف فقهـــي، لـــكل فيـــه رأيـــه، وال بـــأس بتمحيـــص احلقيقـــة بالدليـــل

والربهـــان.

14

Page 15: العدد الثاني

13( وحمبـــة الصاحلـــن واحرتامهـــم والثنـــاء ـــة إىل ـــم قرب ـــب أعاهل ـــن طي ـــرف م ـــا ع ـــم ب عليهاهلل تبـــارك وتعـــاىل، واألوليـــاء هـــم املذكـــورون ـــون« ـــن آمنـــوا وكانـــوا يتق ذي ـــاىل : »ال ـــه تع بقولبرشائطهـــا ثابتـــة والكرامـــة ,]63 ]يونـــس: ـــم ـــوان اهلل عليه ـــم رض ـــاد أهن ـــع اعتق ـــة، م الرشعيـــم ـــا وال رضا يف حياهت ـــهم نفع ـــون ألنفس ال يملكـــن ـــيئا م ـــوا ش ـــن أن هيب ـــا ع ـــم، فض ـــد مماهت أو بع

ذلـــك لغرهـــم.

ـــة ـــنة مرشوع ـــت س ـــا كان ـــور أي ـــارة القب 14( وزيـــن ـــتعانة باملقبوري ـــن االس ـــورة، ولك ـــة املأث بالكيفيأيـــا كانـــوا ونداؤهـــم لذلـــك وطلـــب قضـــاء احلاجـــات منهـــم عـــن قـــرب أو بعـــد، والنـــذر هلـــم وتشـــييد القبـــور وســـرتها وإضاءهتـــا والتمســـح هبـــا واحللـــف بغـــر اهلل ومـــا يلحـــق ـــا، ـــب حماربته ـــر جت ـــات: كبائ ـــن املبتدع ـــك م بذل

ال نتـــأول هلـــذه األعـــال ســـدا للذريعـــة.

15( والدعـــاء إذا قـــرن بالتوســـل إىل اهلل تعـــاىل ــة ــي يف كيفيـ ــاف فرعـ ــه خـ ــن خلقـ ــد مـ بأحـ

الدعـــاء، وليـــس مـــن مســـائل العقيـــدة.

ـــاظ ـــق األلف ـــر حقائ ـــئ ال يغ ـــرف اخلاط 16( والعالرشعيـــة، بـــل جيـــب التأكـــد مـــن حـــدود املعـــاين املقصـــود هبـــا، والوقـــوف عندهـــا كـــا ــي يف كل ــداع اللفظـ ــن اخلـ ــرتاز مـ ــب االحـ جيــــميات ال ـــربة يف املس ـــن فالع ـــا والدي ـــي الدني نواح

باألســـاء.

ـــب ـــل القل ـــل، وعم ـــاس العم ـــدة أس 17( والعقيـــال يف ـــل الك ـــة، وحتصي ـــل اجلارح ـــن عم ـــم م أهكليهـــا مطلـــوب رشعـــا وإن اختلفـــت مرتبتـــا

ـــب. الطل

ــى ــث عـ ــل، وحيـ ــرر العقـ ــام حيـ 18( واإلســــاء، ـــم والعل ـــدر العل ـــع ق ـــون، ويرف ـــر يف الك النظويرحـــب بالصالـــح والنافـــع مـــن كل يشء، واحلكمـــة ضالـــة املؤمـــن أنـــى وجدهـــا فهـــو

ــا. أحـــق النـــاس هبـ

ــي ــر الرشعـ ــن النظـ ــاول كل مـ ــد يتنـ 19( وقــــر، ـــرة اآلخ ـــل يف دائ ـــا ال يدخ ـــي م ـــر العق والنظـــدم ـــن تصط ـــي، فل ـــا يف القطع ـــن خيتلف ـــا ل ولكنهـــة، ـــة ثابت ـــدة رشعي ـــة بقاع ـــة صحيح ـــة علمي حقيقـــإن ـــي, ف ـــع القطع ـــق م ـــا ليتف ـــي منه ـــؤول الظن ويــاع ــي أوىل باالتبـ ــر الرشعـ ــن فالنظـ ــا ظنيـ كانـ

ـــار. ـــي أو ينه ـــت العق ـــى يثب حت

بالشـــهادتن أقـــر مســـلا نكفـــر وال )20ـــرأي أو ـــض -ب ـــا وأدى الفرائ ـــل بمقتضامه وعمـــر ـــر، أو أنك ـــة الكف ـــر بكلم ـــة- إال إن أق بمعصيمعلومـــا مـــن الديـــن بالـــرورة، أو كـــذب ـــه ـــه ال حتتمل ـــى وج ـــره ع ـــرآن، أو ف ـــح الق رصيـــا ـــل عم ـــال، أو عم ـــة بح ـــة العربي ـــاليب اللغ أس

ال حيتمـــل تأويـــا غـــر الكفـــر.

ـــول ـــذه األص ـــه يف ه ـــلم دين ـــم األخ املس وإذا علفقـــد عـــرف معنـــى هتافـــه دائـــا )القـــرآن

ــا(. ــول قدوتنـ ــتورنا والرسـ دسـ

15

Page 16: العدد الثاني

اإلســــالم والديمقراطيـةتداخــــــــــــــــــــل أم تصــــــــــــــــــــادم؟

:: إبراهيم العلبي

يف »احلكـــم« كان إذا مستشـــكا: البعـــض يتســـاءل فكيـــف للشـــعب، الديمقراطيـــة ويف هلل اإلســـام ــة ونحـــن ال ــة ديمقراطيـ نطالـــب -كإســـامين- بدولــــدأ ـــا ملب ـــك هدم ـــس يف ذل ـــا؟ ألي ـــام بدي ـــرىض باإلس ن

احلاكميـــة؟

ـــة أن ـــان حقيق ـــن تبي ـــد م ـــؤال ال ب ـــذه الس ـــى ه ـــة ع لإلجابـــة تتداخـــل مـــع اإلســـام يف رضورة الشـــورى، الديمقراطيــة. ــكام إىل إرادة األمـ ــة احلـ ــتناد رشعيـ ــك يف اسـ وكذلــــن ـــف م ـــا تتأل ـــام بأهن ـــن اإلس ـــة ع ـــرتق الديمقراطي وتفـــدة ـــكال عدي ـــكل بأش ـــددة، وتتش ـــراءات حم ـــائل وإج وســا، إن يف ــة البـــاد التـــي تطبقهـ ــع ثقافـ ــا ينســـجم مـ بــــة ـــزم األم ـــو ال يل ـــام فه ـــا اإلس ـــرب، أم ـــرشق أو الغ البطريقـــة معينـــة للتحقـــق مـــن رشعيـــة احلاكـــم وقيـــام ــت ال ــي ثابـ ــد رشعـ ــه مقصـ ــع أنـ ــورى، مـ ــدأ الشـ مبـ

يتغـــر، فهـــل هـــذا جمـــرد افـــرتاق أم تصـــادم؟

ـــي ـــائل الت ـــر املس ـــن أخط ـــى م ـــة العظم ـــألة اإلمام ـــد مس تعبحثهـــا الفقهـــاء وناقشـــوها يف كتبهـــم، وإن مل يوفوهـــا حقهـــا لعـــدم تطلـــب األوضـــاع والظـــروف املرافقـــة للعصـــور ــا، ولعـــدم تشـــجيع الـــدول األوىل كثـــر بحـــث أحيانـاملتعاقبـــة عـــى بحـــث هـــذه القضيـــة بحثـــا مســـتفيضا، ـــا ـــأت عليه ـــة مل ت ـــراءات معين ـــم إج ـــت كتبه ـــا دخل وربالنصـــوص الرشعيـــة، ومل تكـــن مـــن مقاصدهـــا وإنـــا

ـــان. ـــك الزم ـــرف ذل ـــن ع ـــاء م ـــتوحاها الفقه اس

ـــم ـــر عنه ـــا أث ـــم في ـــت مقوالهت ـــد اتفق ـــة، فق ويف املحصلعـــى مبـــدأ مهـــم، وهـــو الشـــورى املفضيـــة إىل اختيـــار ــى ــة عـ ــن األدلـ ــم. و مـ ــم بإمامهـ ــلمن ورضاهـ املســــع– ـــا للجمي ـــات معلوم ـــا ب ـــورى –ك ـــة الش ـــل فرضي أصــه تعـــاىل: »وأمرهـــم شـــورى بينهـــم« ]الشـــورى: قولـ38[، وقولـــه يف موضـــع آخـــر »وشـــاورهم يف األمـــر« ـــاة ـــؤون احلي ـــمل ش ـــر يش ـــو أم ـــران: 159[، و ه ]آل عمـــر ـــول عم ـــح؛ وق ـــرا لأصل ـــادة خت ـــب ع ـــا يتطل ـــة في كافـــاري يف ـــه البخ ـــا رواه عن ـــه يف م ـــاب ريض اهلل عن ـــن اخلط بـــن ـــه: )م ـــوام خافت ـــر أع ـــهرة يف آخ ـــه الش ـــياق خطبت سبايـــع رجـــا عـــن غـــر مشـــورة مـــن املســـلمن فـــا ـــى ـــا(، أي حت ة أن يقت ـــر ـــه، تغ ـــذي بايع ـــو وال ال ـــع ه يبايــدأ ــم مبـ ــلمن وخمالفتهـ ــف املسـ ــقهم صـ ــا لشـ ال يقتــــا. ـــب اتقاؤه ـــة الواج ـــببهم يف الفتن ـــايل تس ـــورى، وبالت الش

16

Page 17: العدد الثاني

ــة ــار غالبيـ ــة باختيـ ــاد اإلمامـ ــى انعقـ ــة عـ ــن األدلـ ومـاملســـلمن ممـــن متتعـــوا بأهليـــة االختيـــار والذيـــن ســـاهم أهـــل العلـــم »أهـــل احلـــل و العقـــد« أو »أهـــل االختيـــار«؛ انعقـــاد إمامـــة عـــي ريض اهلل عنـــه باختيـــار معظـــم صحابـــة رســـول اهلل –صـــى اهلل عليـــه وســـلم– ـــة ـــن الصحاب ـــل م ـــدد قلي ـــا ع ـــدم رض ـــع ع ـــة م ـــه خليف لــزم ــة ألـ ــار الغالبيـ ــه، إال أن اختيـ ــم لـ ــدم مبايعتهـ وعـــة، ولذلـــك كان عـــي ومـــن ــاع و الطاعـ اجلميـــع االتبـمعـــه –بعيـــدا عـــن قتلـــة عثـــان– فئـــة احلـــق الواجـــب ـــن ـــة وم ـــا؛ وكان معاوي ـــا رشعي ـــه كان إمام ـــا، أي أن اتباعهـــهادة ـــي بش ـــال ع ـــؤوا بقت ـــد أخط ـــة، فق ـــة الباغي ـــه الفئ معأحاديـــث النبـــوة العديـــدة، وأبرزهـــا مقتـــل عـــار بـــن ـــم ـــي ريض اهلل عنه ـــش ع ـــوف جي ـــن صف ـــو ب ـــارس وه ي

أمجعـــن.

ـــي ـــة -أعن ـــد اإلمام ـــاء وعق ـــب اخللف ـــراءات تنصي إن إجالتـــي اتبعهـــا الصحابـــة يف عـــر الراشـــدين- كانـــت ــار ــا واالختيـ ــق الرضـ ــة األوىل إىل حتقـ ــدف بالدرجـ هتـوتســـلم اخلليفـــة زمـــام الســـلطة بنـــاء عـــى تعاقـــد ذي ـــك ـــض تل ـــت بع ـــي رافق ـــات الت ـــل إن اخلاف ـــن، ب طرفــدم ــا إىل عـ ــا كان مردهـ ــت بعدهـ ــراءات أو حدثـ اإلجــــرج ـــن خ ـــوب يف رأي م ـــام املنص ـــة اإلم ـــليم برشعي التســام الرشعـــي عليهـــم، أو بغـــي مـــن خـــرج عـــى اإلمـونازعـــه ســـلطته أو صاحيتـــه؛ فمعاويـــة كان يطالـــب بالقصـــاص مـــن قتلـــة عثـــان إذ خرجـــوا عليـــه بغيـــا ثـــم قتلـــوه ظلـــا، وكان ال يقـــر برشعيـــة إمامـــة عـــي، ـــه ـــره بعزل ـــل ألم ـــم مل يمتث ـــن ث ـــه، وم ـــه مل يبايع ـــك ألن وذلــر، ــة والزبـ ــك كان طلحـ ــام، وكذلـ ــة الشـ ــن واليـ عــــتعجا ـــي، واس ـــة ع ـــى بيع ـــوارج ع ـــا اخل ـــث أكرهه حيالقصـــاص لعثـــان مـــن قتلتـــه ومل يمهـــا عليـــا حتـــى يتمكـــن مـــن القتلـــة وتســـتقر لـــه األمـــور، مســـتبيحن ــم يف ــه باعتبارهـ ــم لـ ــاص ومبارشهتـ ــتعجاهلم القصـ اسـ

حـــل مـــن بيعـــة أكرهـــا عليهـــا.

ـــروراء ـــوارج يف احل ـــه للخ ـــتند يف قتال ـــد اس ـــي فق ـــا ع أمـــه ـــاف إمامت ـــع اتص ـــق م ـــر ح ـــه بغ ـــاة علي ـــم بغ ـــى كوهن عــه ــى عصيانـ ــن عـ ــة يف صفـ ــه معاويـ ــة، وقتالـ بالرشعيـــام ــة الشـ ــليم واليـ ــن تسـ ــه عـ ــه وامتناعـ ــره بعزلـ ألمــــة ـــر يف موقع ـــة والزب ـــه طلح ـــف، وقتال ـــن حني ـــهل ب لســة ــرة والكوفـ ــه يف البـ ــى والتـ ــا عـ ــل خلروجهـ اجلمــــها ـــان بأنفس ـــة عث ـــن قتل ـــاص م ـــذ القص ـــا أخ ومبارشهتـــبابا ـــل أس ـــة اجلم ـــع أن ملوقع ـــة، م ـــار الدول ـــارج إط وخأخـــرى إال أن مســـوغات هـــذه املعركـــة اســـتمدت مـــن

االعتبـــارات املذكـــورة.

أمـــا عـــن مســـر احلســـن إىل العـــراق فقـــد كان هبـــدف اإلصـــاح يف األرض كـــا رصح بذلـــك مـــرارا بعـــد أن ــث، ــة بالتوريـ ــة خليفـ ــن معاويـ ــد بـ ــب يزيـ ــم تنصيـ تــــاء ـــن فض ـــة م ـــا ثل ـــل فيه ـــي قت ـــرة الت ـــة احل ـــد موقع وبع

أبنـــاء األنصـــار.

ــايس يف ــم األسـ ــم و منطلقهـ ــن ذكرهتـ ــتند مـ إذن، فمســــى ـــم ع ـــو احتجاجه ـــوه ه ـــا خاض ـــال عندم ـــتباحة القت اســـب ـــا يرتت ـــزام م ـــال بالت ـــورى أو اإلخ ـــدأ الش ـــرم مب خ

ـــج. ـــن نتائ ـــه م علي

ــول ــل أن وصـ ــن للمتأمـ ــبق، يتبـ ــا سـ ــال مـ ــن خـ مـاحلاكـــم إىل الســـلطة مـــرده –يف األصـــل– إىل األمـــة، ـــروب. ـــع احل ـــن وتندل ـــع الفت ـــدأ تق ـــذا املب ـــف ه ـــا ختل ومهوإذا كانـــت األمـــم يف العصـــور الســـالفة بشـــكل عـــام قـــد ذاقـــت مـــرارة االقتتـــال والنـــزاع الداخـــي بســـبب ـــلطة ـــتام الس ـــة اس ـــط عملي ـــة تضب ـــة واضح ـــاب آلي غيــري ــدأ اجلوهـ ــق املبـ ــن حتقـ ــكل يضمـ ــليمها بشـ وتســـو »الشـــورى املفضيـــة إىل اختيـــار ــه وهـ املتفـــق عليــــارب ـــم التج ـــإن تراك ـــم«، ف ـــم بإمامه ـــلمن ورضاه املســـا – ـــع بن ـــا ليدف ـــتفادة منه ـــدروس املس ـــوع ال ـــة وتن األممي

ـــلوبا ـــم أس ـــائل ترس ـــراءات ووس ـــذ بإج رضورة– إىل األخـــلطة ـــألة الس ـــع مس ـــي م ـــة التعاط ـــددا يف كيفي ـــا حم واضح

< اإلسالم والديمقراطية .. تداخل أم تصادم؟

17

Page 18: العدد الثاني

بـــا يقـــي األمـــة رش النـــزاع الحقـــا.

فـــإذا كان هـــذا هـــو احلكـــم املـــراد بقوهلـــم يف تعريـــف ـــه«، أي ـــه بنفس ـــعب نفس ـــم الش ـــي حك ـــة: »ه الديمقراطيمبارشتـــه اختيـــار حكامـــه ليجعـــل منهـــم نوابـــا عنـــه، فهـــذا ال يتعـــارض مـــع الترشيـــع اإلســـامي احلنيـــف،

بـــل ينطلـــق منـــه كـــا بينـــا يف األدلـــة واألمثلـــة.

ــو ــة هـ ــف الديمقراطيـ ــم يف تعريـ ــراد باحلكـ وإن كان املـمســـتند احلـــكام العقـــدي والدينـــي )مبـــدأ احلاكميـــة( ـــامي، ـــع اإلس ـــع الترشي ـــارض م ـــا ال يتع ـــا مم ـــذا أيض فهـــه، ـــع وهويت ـــن املجتم ـــة ب ـــة صحيح ـــس لعاق ـــل يؤس بوهـــذا مـــا يســـتفاد مـــن ســـرة النبـــي صـــى اهلل عليـــه وســـلم، حتديـــدا عندمـــا جـــاءه أهـــل يثـــرب يبايعونـــه نبيـــا )مصـــدر الترشيـــع( وحاكـــا )صاحـــب الســـلطة(

قبـــل منهـــم بيعتهـــم.

وســـبق هـــذه املبايعـــة قيـــام مصعـــب بـــن عمـــر عـــى ـــلمي ـــد مس ـــدم وف ـــد تق ـــم، وق ـــم وهتيئته ـــم وتربيته دعوهتيثـــرب إىل احلـــج عـــام 13 للبعثـــة املؤلـــف مـــن نحـــو ـــن ذي ـــة 12م ـــوا ليل ـــاء، تقدم ـــاث نس ـــا وث ـــبعن رج ســـب ـــلم، وانتخ ـــه وس ـــى اهلل علي ـــي ص ـــة النب ـــة ملبايع احلجهـــؤالء الوفـــد 12 نقيبـــا يمثلوهنـــم يف البيعـــة اســـتجابة ـــة ـــى بيع ـــاء ع ـــلم. وبن ـــه وس ـــى اهلل علي ـــي ص ـــب النب لطلـــة ـــام إىل املدين ـــاة والس ـــه الص ـــر علي ـــد هاج ـــذا الوف ه

ـــع. ـــة والترشي ـــد الدول ـــا عه ـــدأ فيه ـــورة ليب املن

إذن فاختيـــار املجتمـــع للعقيـــدة التـــي ينطلـــق منهـــا يف قوانـــن دولتـــه وأعـــراف جمتمعـــه ليـــس منقصـــة مـــن اإلســـام وال تـــرددا يف االســـتجابة لتعاليمـــه البتـــة، بـــل هـــو ـــا ـــار ديانته ـــرة يف اختي ـــة احل ـــى إرادة األم ـــد ع ـــر وتأكي تعبـــا ـــنه دولته ـــا تس ـــاع مل ـــى تنص ـــا حت ـــط حكمه ـــار نم واختيمـــن قوانـــن وتصـــدره مـــن ترشيعـــات، وليـــس مـــن نافلـــة

القـــول أن نبـــن أنـــه ال شـــأن للديمقراطيـــة يف حتديـــد ــتقرار ــد اسـ ــكام، بعـ ــة احلـ ــن ومرجعيـ ــدر القوانـ مصــــع ـــن ينب ـــة ل ـــذه املرجعي ـــول يف ه ـــم، وإن أي حت ـــام احلك نظـــة ـــذه اإلرادة عرض ـــت ه ـــإن كان ـــعب، ف ـــن إرادة الش إال مللتزويـــر أو التوجيـــه فليكـــن دعـــاة اإلســـام و علـــاؤه ـــؤولن ـــا واملس ـــامة معتنقه ـــى س ـــاء ع ـــة واألمن ـــاة األم محــا ــة تأسيسـ ــس األمـ ــب يؤسـ ــا، فمصعـ ــن توجهاهتـ عــــى ـــم ع ـــالة يقي ـــب الرس ـــا، وصاح ـــا وثقافي ـــا وتربوي إيانيهـــذا األســـاس املتاســـك دولـــة العـــدل والبنـــاء عـــى ـــن ـــال التمك ـــا يف ح ـــه الحق ـــاء لتتوج ـــة مجع ـــتوى األم مسإىل إقامـــة العـــدل وإيصـــال رســـالة اإلســـام إىل شـــتى

أنحـــاء األرض.

ــا قـــد أكدنـــا عـــى رضورة تعبـــر األمـــة عـــن وإذا كنــــا ـــه، ف ـــتندون إلي ـــا يس ـــا وم ـــاه حكامه ـــرة جت ـــا احل إرادهتذلـــك إال ملـــا بينـــاه مـــن فعـــل النبـــي صـــى اهلل عليـــه ــاق ــى اعتنـ ــم عـ ــه هلـ ــار ومبايعتـ ــع األنصـ ــلم مـ وســــات، ـــن واجب ـــك م ـــى ذل ـــب ع ـــا يرتت ـــزام م ـــام والت اإلسوذلـــك باختيارهـــم احلـــر، إذ ليســـت املبايعـــة إال عقـــد ــم ــه مل يقـ ــك أنـ ــف إىل ذلـ ــن، أضـ ــن طرفـ ــراض بـ تـعليـــه الصـــاة والســـام دولـــة عـــى األقليـــة املســـلمة ـــه ـــرض علي ـــا ع ـــه عندم ـــك أن ـــن ذل ـــم م ـــة، واأله يف مكـــن ـــى ع ـــي يتخ ـــة لك ـــات الدنيوي ـــش كل املغري ـــاء قري زعــب ــات أن ينصـ ــك املغريـ ــى رأس تلـ ــه، وكان عـ دعوتـملـــكا عـــى مكـــة، رفـــض ذلـــك، وقـــد كان بإمكانـــه أن يقبلـــه مؤقتـــا فيصبـــح ملـــكا وعندمـــا يتمكـــن مـــن ـــع ـــى املجتم ـــامي ع ـــرشع اإلس ـــم ال ـــرض حك ـــك يف امللـــة. ـــه البت ـــن واردا لدي ـــك مل يك ـــي، إال أن ذل ـــي اجلاه املك

ـــزام ـــون الت ـــد أن يك ـــلم– يري ـــه وس ـــى اهلل علي ـــل كان –ص باإلســـام وحتكيمـــه نابعـــا مـــن إرادهتـــم وصـــادرا عـــن ـــا ـــم ومهيمن ـــا قلوهب ـــد مالئ ـــون التوحي ـــم، وأن يك قناعتهعـــى نفوســـهم ومتمثـــا يف ســـلوكهم، ومل يكـــن ذلـــك

< اإلسالم والديمقراطية .. تداخل أم تصادم؟

18

Page 19: العدد الثاني

ــا كل ــون دوهنـ ــة هتـ ــة وحمبـ ــوة وتربيـ ــى دون دعـ ليتأتـــة: ــول يف مكـ ــك يقـ ــل ذلـ ــكان ألجـ ــات، فـ التضحيــــه ـــوا ال إل ـــوا.. قول ـــوا وتنجح ـــه إال اهلل تفلح ـــوا ال إل »قول

إال اهلل متلكـــوا كنـــوز كـــرى وقيـــر«.

ـــي يف ـــلوب الديمقراط ـــر األس ـــه ال ي ـــن أن ـــذا يتب وهكإدارة شـــؤون احلكـــم وال يقلـــل مـــن شـــأنه أنـــه مل يتـــم ـــرشع ـــم ال ـــد رس ـــنة، فق ـــاب أو الس ـــه يف الكت ـــص علي الناخلطـــوط العامـــة وتـــرك الوســـائل والتفاصيـــل لعـــرف ـــة ـــف األزمن ـــتمرار يف خمتل ـــة باس ـــاس املتبدل ـــح الن ومصالواألمكنـــة، ليـــس يف املجـــال الســـيايس فحســـب، بـــل أيضـــا يف جمـــاالت عامـــة أخـــرى تتســـم عـــادة بســـمة ــه ــه وأعرافـ ـــرة بثقافتـ ــة كب ــر إىل درجـ ــر وتتأثـ العـــال، ــبيل املثـ ــى سـ ــة عـ ــات الدوليـ ــائله، كالعاقـ ووســـص ــث نـ ــي حيـ ــال األرسي واالجتاعـ ــاف املجـ بخــــي ال ـــات الت ـــن اجلزئي ـــر م ـــى كث ـــامي ع ـــع اإلس الترشي

يؤثـــر يف طبيعتهـــا تبـــدل الظـــرف غالبـــا.

ــه ــي– أنـ ــلوب الديمقراطـ ــا –أي األسـ ــره أيضـ وال يــــه عـــى وجـــه التحديـــد، ـــاء الراشـــدون ب مل يلتـــزم اخللفـــدول ـــم ال ـــكا يف معظ ـــح مل ـــر إىل أن يصب ـــد آل األم ـــل ق بالتـــي تلـــت عـــر الراشـــدين، فـــإن تركهـــم لذلـــك يف ـــاد ـــا النعق ـــة الحق ـــط الرشعي ـــاب الضواب ـــم وغي عرهاإلمامـــة رشعـــا ليـــس حجـــة يف عرنـــا يف تركنـــا لـــه أو ألي قانـــون يضبـــط شـــؤون الســـلطة واســـتامها ــؤون ــم شـ ــون ينظـ ــن قانـ ــد سـ ــا يعـ ــلمها، وإنـ وتســــح ـــواع املصال ـــي أن ـــددة تراع ـــة حم ـــات تفصيلي ـــم بآلي احلكــح ــك املصالـ ــي كذلـ ــا وتراعـ ــق عليهـ ــة املتفـ الرشعيـــا، ــا وعرفـ ــارصا، رشعـ ــا معـ ــارصة واجبـ ــلة املعـ املرســــيارة« ـــه »الس ـــد في ـــامل تع ـــاة يف ع ـــتلزم احلي ـــا تس ـــا ك متامـــوارع ـــرور يف ش ـــم امل ـــا ينظ ـــية قانون ـــل الرئيس ـــيلة النق وســـيارات ـــادم الس ـــى ال تتص ـــة، حت ـــات العام ـــدن والطرق املـــع ـــوق فيق ـــع احلق ـــق األرواح وتضي ـــوال وتزه ـــدر األم فته

ـــتعال ـــب اس ـــة، وينقل ـــدة عظيم ـــك مفس ـــراء ذل ـــن ج مـــد أن كان ـــراب بع ـــوىض واالضط ـــبب الف ـــيارة إىل س الســـه ـــاء حوائج ـــارص وقض ـــان املع ـــة اإلنس ـــا راح ـــدف منه اهل

الدنيويـــة.

الوســـائل أن نبـــن أن املقـــام هـــذا يف يفوتنـــا وال ــد ــرتاع وحتديـ ــق االقـ ــارصة كصناديـ ــة املعـ الديمقراطيــــال ـــن خ ـــس م ـــات الرئي ـــد صاحي ـــة وحتدي ـــدة الرئاس مإلزامـــه بشـــورى نـــواب األمـــة فيـــا خيـــص املصالـــح ــة ــددة للمراقبـ ــات حمـ ــرض آليـ ــة وفـ ــربى للدولـ الكـــس ــال الرئيـ ــال إخـ ــزل يف حـ ــا العـ ــبة وربـ واملحاســــة ـــاة حزبي ـــاح بحي ـــة والس ـــع األم ـــه م ـــذي أبرم ـــد ال بالعقـــرشي ـــاد ب ـــوى اجته ـــائل س ـــذه الوس ـــت ه ـــة؛ ليس تعدديحمـــض، نشـــأ باملجمـــل يف الغـــرب نتيجـــة ظـــروف ـــد ـــق مقص ـــا حتقي ـــدف منه ـــدة، إال أن اهل ـــياقات معق وسمهـــم جـــدا؛ وهـــو أن حيكـــم الشـــعب نفســـه وخيتـــار ــلطة ــة بالسـ ــرد أو جمموعـ ــتبداد فـ ــع اسـ ــه ويمنـ حكامــــا ـــو –ك ـــوي، وه ـــردي أو فئ ـــك ف ـــا إىل مل ـــتبدادا حييله اس

ـــل. ـــي أصي ـــد رشع ـــرى– مقص ت

ـــوع ـــن الن ـــائل م ـــذه الوس ـــإن ه ـــك ف ـــن ذل ـــم م ـــى الرغ وعالـــذي تتفـــاوت األفهـــام يف تقديرهـــا وانتقـــاء األمثـــل منهـــا. كـــا ختتلـــف تفاصيلهـــا مـــن بلـــد آلخـــر ومـــن ـــر ـــو خت ـــدد ه ـــذا الص ـــه يف ه ـــا نحتاج ـــرى. وم ـــة ألخ ثقافـــة ـــا املصبوغ ـــات جمتمعاتن ـــي خصوصي ـــبنا ويراع ـــا يناس مـــذي كان ـــام ال ـــد الع ـــي باملقص ـــامية ويف ـــة اإلس بالصبغـــى ـــائل واألدوات. وتبق ـــذه الوس ـــل ه ـــذ بمث ـــبب األخ ســل ــر والتأمـ ــة للنظـ ــة خاضعـ ــائل اإلجرائيـ ــذه الوسـ هـوالتطويـــر كلـــا دعـــت احلاجـــة أو اســـتجدت وســـيلة تـــؤدي أكثـــر مـــن ســـابقتها إىل حتقيـــق ذلـــك املقصـــد

الرشعـــي والســـيايس العتيـــد.

< اإلسالم والديمقراطية .. تداخل أم تصادم؟

19

facebook

Page 20: العدد الثاني

القتال ضد طاغية الشام وهل يحتاج إلى راية أو بيعة؟

لجنة الفتوى في رابطة العلماء السوريينislamsyria.com

مــا نــوع القتــال الــذي نحــن فيــه اآلن ضــد طاغيــة الشــام؟ وهــل حيتــاج إىل رايــة أو بيعــة؟ ومــا واجــب املســلمن داخــل الشــام وخارجهــا جتاهه؟

ـــر يف ـــش احل ـــوار واجلي ـــه الث ـــوم في ـــذي يق ـــال ال ـــوع القت نـــام ـــل«، ألن النظ ـــع الصائ ـــا بــــ »دف ـــمى رشع ـــوريا يس ســـد واإلرصار، ـــع القص ـــن م ـــل املدني ـــدأ بقت ـــذي ب ـــو ال هونحـــن إنـــا ندافـــع عـــن أرواحنـــا وحقوقنـــا املســـلوبة ـــال ـــلبها، فقت ـــتمرار يف س ـــى االس ـــام ع ـــر النظ ـــي ي التـــاب ـــن ب ـــو م ـــبيحته اآلن ه ـــوده وش ـــام وجن ـــة الش طاغيـــدي. ـــر املعت ـــع رش الرشي ـــاب دف ـــن ب ـــل، أي م ـــع الصائ دف

ومـــن املعلـــوم لـــكل ذي عينـــن أن الشـــعب الســـوري ـــه ـــب بحق ـــلمية يطال ـــرات س ـــوارع يف تظاه ـــرج إىل الش خــه ــت عليـ ــم، فصالـ ــع الظلـ ــم وبرفـ ــش الكريـ يف العيــــه ـــن حق ـــل، فم ـــل والتنكي ـــه بالقت ـــرام وقابلت ـــوات اإلج ق

ـــوة. ـــن ق ـــا أويت م ـــكل م ـــل ب ـــع الصائ دف

ــاج وإن دفـــع الصائـــل -أي املهاجـــم املعتـــدي- ال حيتــــك ـــن بذل ـــع القائم ـــي جتم ـــة الت ـــة، والراي إىل إذن وال بيع

هـــي رايـــة دفـــع الظلـــم وصـــد رشور املجرمـــن.

ــي ال ــة التـ ــات الرشعيـ ــن الواجبـ ــوم أن مـ ــن املعلـ ومـشـــك فيهـــا دفـــع الظلـــم وصـــد رشور املجرمـــن، ــوة ــل النخـ ــائر أهـ ــلمن وسـ ــى كل املسـ ــب عـ فالواجــــوا ـــم أن يقف ـــم ومذاهبه ـــاف أدياهن ـــى اخت ـــهامة ع والشصفـــا واحـــدا إلزاحـــة الطاغيـــة املجـــرم بشـــار األســـد ـــعب ـــن الش ـــاة ع ـــر واملعان ـــم والقه ـــع الظل ـــه، ولرف وزبانيتـــيلة ـــتطاعته، وبالوس ـــب اس ـــح، كل بحس ـــوري اجلري الس

املتاحـــة.

ومـــن الواجـــب أن يســـتبدلوا بحكومـــة القهـــر واالســـتبداد ــى العدالـــة والشـــورى والســـلم ــة عـ ــة قائمـ حكومـــا ــم، وبـ ــة حقـــوق النـــاس ومصاحلهـ ــة ورعايـ والرمحــــم، واهلل ـــي متثله ـــة الت ـــار احلكوم ـــق اختي ـــاس ح ـــق للن حيق

ـــم. ـــاىل أعل تع

20

Page 21: العدد الثاني

حكم االعتداء على من أعطي له األمان

المكتب العلمي لهيئة الشام اإلسالميةislamicsham.org/fatawa

بسم اهلل، واحلمد هلل، والصاة والسام عى رسول اهلل:

أوال: إذا أعطـــى املســـلم األمـــان ألحد جنـــود النظام فقد املســـلمن، وال جيوز بذلـــك دمه ومالـــه عى مجيـــع حرم ألحـــد التعرض له بـــأي أذى، قال تعاىل: »وأوفـــوا بعهد اهلل

.]91 ]النحل: عاهدتـــم« إذا

وال يتصـــور من جماهد نذر نفســـه إلعاء كلمـــة اهلل أن خيفر أو ينقـــض أمانا مع مـــا جاء فيه مـــن الوعيد الشـــديد، كا يف الصحيحن: )من أخفر مســـلا، فعليه لعنـــة اهلل واملائكة

ف وال عدل(. والنـــاس أمجعن، ال يقبل منـــه رص

ثانيـــا: إذا قام أحـــد أفراد الكتيبـــة بقتل هذا املســـتأمن عى ســـبيل اخلطأ أو لعدم علمـــه باألمان، فا إثـــم عليه، وتلزمه الكفـــارة وهي صوم شـــهرين متتابعـــن، والديـــة يف مال عاقلتـــه تدفع ألهلـــه إن مل يكونوا من أنصـــار النظام؛ لقوله مة فدية مســـل تعاىل: »وإن كان من قـــوم بينكم وبينهم ميثاق إىل أهلـــه وحترير رقبـــة مؤمنة فمـــن مل جيد فصيام شـــهرين متتابعن توبة مـــن اهلل وكان اهلل عليا حكيا« ]النســـاء: 92[.

قال ابـــن عبد الـــرب -رمحـــه اهلل- يف »الـــكايف«: )ومن قتل ديته(. لزمتـــه األمان بعـــد كافرا

وأما إن كان أهله مـــن أنصار النظام، فا يلزمـــه إال الكفارة، وال تدفع هلـــم الدية؛ لقوله تعـــاىل: »فإن كان من قـــوم عدو

لكم وهو مؤمـــن فتحرير رقبة مؤمنة« ]النســـاء: 92[.

قال ابـــن القيم -رمحـــه اهلل- يف »أحكام أهـــل الذمة«: )وإن كان من قوم عدو للمســـلمن فـــا دية لـــه؛ ألن أهله عدو

ديته(. يعطون فا بمعاهدين، وليســـوا للمســـلمن

وا باملال عى حربنا. واحلكمة يف ذلك: أال يتقو

ثالثا: وأمـــا إن قتله عامدا مـــع علمه باألمـــان الذي أعطي له، فقد ارتكـــب كبرة من كبائـــر الذنوب، وحلقـــه الوعيد الشـــديد لقوله صى اهلل عليه وســـلم: )من قتـــل معاهدا مل يـــرح رائحة اجلنـــة، وإن رحيهـــا توجد من مســـرة أربعن

عامـــا( ]رواه البخاري[.

با تعزيره إىل الكفـــارة والديـــة، إضافـــة وجيب يف ذلـــك يناســـب من العقوبة عـــى اقرتافه للقتل، ويســـقط القصاص يف هذه احلـــال لوجود الشـــبهة يف إباحة دمه لســـابق حرابته

. للمسلمن

رابعا: وأما االعتداء عـــى أموال الــــمستأمن فيلزم ردها له، ر. وضان ما تلف منهـــا باملثل أو القيمة عنـــد التعذ

قال يف »الســـر الكبر«: )وفيه دليل أن املســـلمن إذا أصابوا شـــيئا مما كان يف أمـــان أو موادعة فإنه يـــؤدى هلم كل يشء

مال(. أو دم مـــن هلم أصيب

إعطاء التـــرع يف بعدم املجاهدين إخواننـــا ننصح وختاما: قة، وأن يبتعدوا عـــن حظ النفس األمـــان إال ملصلحـــة متحقيف إطـــاق األمان ملن ال يســـتحق إال بعد التأكـــد من رغبته بالتوبة، أو ســـاع اخلـــر منهـــم، أو رغبته بكـــف يده عن القتـــال، أو االنضام لصف املجاهديـــن، فلمثل هذه املصالح

األمان. رشع

ـــك بأحكام نســـأل اهلل أن يوفق إخواننـــا املجاهدين للتمسديننـــا احلنيـــف، وأن يصلح شـــؤوهنم. ويتقبل شـــهداءنا،

املجرمن. القـــوم عى وينرنـــا جرحانا، ويشـــايف

إذا أعطـــى شـــخص األمـــان ألحـــد جنـــود النظـــام أو شـــبيحته: فهـــل جيـــوز لبقيـــة أفـــراد الكتيبـــة قتلـــه؟ وما الذي يرتتب عليه إن قتله؟

21

Page 22: العدد الثاني

موقف المعارضة في التعامل مع الغرب وحكم المقاتلين تحت راية األسد وصلته بعقيدة الوالء والبراء

لجنة الفتوى في رابطة العلماء السوريينislamsyria.com

ـــل ـــن التعام ـــة م ـــة اخلارجي ـــي واملعارض ـــالف الوطن ـــه االئت ـــوم ب ـــا يق ـــل م ـــراء، ه ـــوالء وال ـــوم ال ـــن مفه ضمـــة ـــن منظوم ـــل ضم ـــول والعم ـــد الدخ ـــل يع ـــار؟؟ وه ـــواالة للكف ـــد م ـــره يع ـــن وغ ـــس األم ـــرب وجمل ـــع الغ م

ـــر؟ ـــب الكف ـــار توج ـــواالة للكف ـــد م ـــش األس جي

معنـــى الـــوالء يف الـــرشع: حـــب اهلل تعـــاىل ورســـوله، وحـــب ديـــن اإلســـام وأتباعـــه ونرهتـــم.

ــن دون اهلل ــد مـ ــا يعبـ ــره كل مـ ــو كـ ــرباء: فهـ ــا الـ وأمـتعـــاىل، وكـــره الكفـــر وأتباعـــه، ومعـــاداة ذلـــك كلـــه.

فاألصـــل يف الـــوالء والـــرباء االعتقـــاد القلبـــي، الـــذي ينجـــم عنـــه الســـلوك العمـــي.

وإن مـــواالة املؤمنـــن فريضـــة، واملـــواالة القلبيـــة مـــن ـــذا ـــواالة فه ـــك امل ـــه تل ـــس يف قلب ـــن لي ـــان، فم ـــوازم اإلي ل

ـــان. ـــن اإلي ـــلخ م ـــه منس ـــي أن يعن

وأمـــا املـــواالة العمليـــة -بـــا يشـــمل إغاثـــة امللهـــوف ــامية، ــض اإلسـ ــن الفرائـ ــي مـ ــوم- فهـ ــرة املظلـ ونـــا ــا فقـــد ارتكـــب إثـ ــا أو قـــر فيهـ فمـــن مل يقـــم هبـ

عظيـــا.

وهلـــذا الـــكام أدلتـــه الظاهـــرة مـــن كتـــاب اهلل وســـنة ـــم ـــة العل ـــوال أئم ـــلم وأق ـــه وس ـــى اهلل علي ـــول اهلل ص رس

والديـــن.

ـــوا ـــن آمن ـــوله والذي ـــم اهلل ورس ـــا وليك ـــاىل: »إن ـــال تع قـــون ـــم راكع ـــزكاة وه ـــون ال ـــاة ويؤت ـــون الص ـــن يقيم الذي* ومـــن يتـــول اهلل ورســـوله والذيـــن آمنـــوا فـــإن حـــزب اهلل

ـــدة: 56-55[. ـــون« ]املائ ـــم الغالب ه

ــذ ــرباء: »ال يتخـ ــص الـ ــا خيـ ــاىل يف مـ ــه تعـ ــا قولـ وأمـــاء مـــن دون املؤمنـــن ومـــن املؤمنـــون الكافريـــن أوليــــم ـــوا منه ـــن اهلل يف يشء إال أن تتق ـــس م ـــك فلي ـــل ذل يفع

ــران: 28[. ــاة« ]آل عمـ تقـ

ــك: ال ــى ذلـ ــرها: )ومعنـ ــر يف تفسـ ــن جريـ ــال ابـ فقـتتخـــذوا أهيـــا املؤمنـــون الكفـــار ظهـــرا وأنصـــارا، توالوهنـــم عـــى دينهـــم، وتظاهروهنـــم عـــى املســـلمن ــه ــم، فإنـ ــى عوراهتـ ــم عـ ــن، وتدلوهنـ ــن دون املؤمنـ مـمـــن يفعـــل ذلـــك »فليـــس مـــن اهلل يف يشء« يعنـــي ـــداده ـــه، بارت ـــرئ اهلل من ـــن اهلل، وب ـــرئ م ـــد ب ـــك: فق بذلــم ــوا منهـ ــر، »إال أن تتقـ ــه يف الكفـ ــه ودخولـ ــن دينـ عـتقـــاة« إال أن تكونـــوا يف ســـلطاهنم فتخافوهنـــم عـــى ـــروا ـــنتكم، وتضم ـــة بألس ـــم الوالي ـــروا هل ـــكم، فتظه أنفســـن ـــه م ـــم علي ـــا ه ـــى م ـــايعوهم ع ـــداوة، وال تش ـــم الع هل

ــل(. ــلم بفعـ ــى مسـ ــم عـ ــر، وال تعينوهـ الكفـ

وأمـــا قولـــه تعـــاىل: »يـــا أهيـــا الذيـــن آمنـــوا ال تتخـــذوا اليهـــود والنصـــارى أوليـــاء بعضهـــم أوليـــاء بعـــض...« ]املائـــدة51[، فقـــال ابـــن جريـــر: )إن اهلل تعـــاىل ذكـــره ــا أن يتخـــذوا اليهـــود والنصـــارى هنـــى املؤمنـــن مجيعـأنصـــارا وحلفـــاء عـــى أهـــل اإليـــان بـــاهلل ورســـوله، وأخـــرب أنـــه مـــن اختذهـــم نصـــرا وحليفـــا ووليـــا مـــن ب ــز ــم يف التحـ ــه منهـ ــن فإنـ ــوله واملؤمنـ دون اهلل ورسـ

22

<فتاوى

Page 23: العدد الثاني

ـــه ـــوله من ـــن، وأن اهلل ورس ـــوله واملؤمن ـــى رس ـــى اهلل وع عبريئـــان...

ـــا ـــم أيض ـــوا أنت ـــن: فكون ـــره للمؤمن ـــاىل ذك ـــال تع ـــم ق ثـــا، ـــراين حرب ـــودي والن ـــض، ولليه ـــاء بع ـــم أولي بعضكــاء؛ ــض أوليـ ــم لبعـ ــرب، وبعضهـ ــم حـ ــم لكـ ــا هـ كــــرب، ـــان احل ـــل اإلي ـــر أله ـــد أظه ـــم فق ـــن وااله ألن مـــاىل ـــي تع ـــم. ويعن ـــع واليته ـــان قط ـــرباءة، وأب ـــم ال ومنهـــن ـــم« وم ـــه منه ـــم فإن ـــم منك ـــن يتوهل ـــه: »وم ـــره بقول ذكــم هـ ــن.. ونر ــارى دون املؤمنـ ــود والنصـ ــول اليهـ يتــــه ـــم؛ فإن ـــم وملته ـــل دينه ـــن أه ـــو م ـــن، فه ـــى املؤمن عـــه ـــو علي ـــا ه ـــه وم ـــو بدين ـــدا إال وه ـــول أح ـــوىل مت ال يتـــه ـــا خالف ـــادى م ـــد ع ـــه فق ـــه وريض دين راض، وإذا رضي

وســـخطه، وصـــار حكمـــه حكمـــه«.

وممـــا ســـبق نســـتطيع أن نخلـــص إىل أن مـــا يقـــوم بـــه ـــل ـــة أله ـــل الوالي ـــن قبي ـــس م ـــاف لي ـــوة يف االئت اإلخالكفـــر، ألننـــا نقطـــع بأهنـــم يتواصلـــون معهـــم ال حبـــا ـــن ـــل الدي ـــى أه ـــرا ع ـــم وال تآم ـــا بمعتقداهت ـــم وال رض هبــة ــل مصلحـ ــن أجـ ــك مـ ــون ذلـ ــا يفعلـ ــان، إنـ واإليـــاب ــل يف بـ ــر يدخـ ــم، واألمـ ــم ودينهـ ــم وبلدهـ أهلهـــام ــداء اإلسـ ــب أعـ ــرا لتكالـ ــة نظـ ــة الرشعيـ السياســـيذكر ــوري، وسـ ــعب السـ ــى الشـ ــم عـ ــى اختافهـ عــــزب ـــراق وح ـــران والع ـــن وإي ـــيا والص ـــخ أن روس التارياهلل كل منهـــم يدعـــم النظـــام املجـــرم بالســـاح واملـــال ـــن ـــواء م ـــا س ـــم إذا جاءن ـــض الدع ـــل نرف ـــال، فه والرج

مســـلم أو غـــر مســـلم؟

ونحـــن إذا قبلنـــا املســـاعدة لســـبب ضعفنـــا يف الســـاح

واملـــال فـــا يعتـــرب مـــواالة ألن أحـــدا مل يشـــرتط علينـــا ـــم. ـــا ختصه ـــن قضاي ـــدون م ـــا يري ـــم في ـــم ونرهت حمبته

ـــه ـــى اهلل علي ـــي ص ـــة أن النب ـــرة النبوي ـــرأ يف الس ـــن نق ونحـــي ـــرشكا ك ـــتأجر م ـــة اس ـــر إىل املدين ـــا هاج ـــلم عندم وسيدهلـــم عـــى الطريـــق، كـــا أنـــه اســـتعار يف فتـــح مكـــة ـــرشك ـــى ال ـــة وكان ع ـــن أمي ـــوان ب ـــن صف ـــرب م ـــدة احل عآنـــذاك، فهـــل كان ذلـــك مـــن النبـــي صـــى اهلل عليـــه ـــاه ـــرشك؟ حاش ـــر وال ـــل الكف ـــة أله ـــة وحمب ـــلم والي وس

ـــلم. ـــه وس ـــى اهلل علي ص

ــون ــن يقاتلـ ــاط الذيـ ــود والضبـ ــبة للجنـ ــا بالنسـ وأمـحتـــت رايـــة اجليـــش األســـدي فـــا نســـتطيع أن نقطـــع ـــش ـــذا اجلي ـــه ه ـــا يفعل ـــا ب ـــة واقتناع ـــون حمب ـــم يقاتل بأهنـــتمرار إىل ـــى االس ـــره ع ـــم مك ـــرا منه ـــل إن كث ـــرم، ب املجـــذا ـــن ه ـــروج م ـــقاق واخل ـــة باالنش ـــه فرص ـــمح ل أن تســـر ممـــن ـــراه ونســـمعه مـــن كث اجليـــش املجـــرم، وهـــذا مـــا نـــون ـــن يك ـــر كل م ـــم بكف ـــا احلك ـــش، أم ـــن اجلي ـــق ع انشـــود ـــع وج ـــرة، م ـــة خط ـــام لعقب ـــو اقتح ـــش فه ـــع اجلي مــم ــرع باحلكـ ــدم التـ ــى عـ ــا عـ ــي حتملنـ ــبهة التـ الشـ

ـــى ذلـــك. بالكفـــر مـــع عـــدم توفـــر البينـــة ع

ـــزال يف اجليـــش الســـوري فهـــو ـــا نقـــول: إن مـــن ال ي ولكننـــه ـــي عن ـــه التخ ـــا، وعلي ـــا ووطني ـــيم ديني ـــر جس ـــى خط عيف أقـــرب فرصـــة، وليـــس هنـــاك مـــن حكـــم رشعـــي عـــام يطلـــق عـــى مجيـــع مـــن مل يقـــم هبـــذا بـــل لـــكل ـــم يف ـــي ال يعم ـــم الرشع ـــه، فاحلك ـــب حالت ـــه بحس حكم

ـــروف. ـــذه الظ ـــل ه مث

23

موقف المعارضة في التعامل مع الغرب وحكم المقاتلين تحت راية األسد وصلته بعقيدة الوالء والبراء

Page 24: العدد الثاني

األستاذ محمد المبارك » رحمه اهلل «:: محمد عادل فارس

ـــام ـــق ع ـــارك يف دمش ـــادر املب ـــد الق ـــن عب ـــد ب ـــتاذ حمم ـــد األس ول1912م، يف حـــي قريـــب مـــن اجلامـــع األمـــوي، وكان لذلـــك القـــرب أثـــره فيـــه، حيـــث كان يـــرتدد مـــع أقرانـــه إىل املســـجد ـــي ـــة الت ـــدروس الديني ـــور ال ـــاة وحلض ـــتمرار، للص ـــوي باس األم

كانـــت هلـــا حلقـــات بعـــد الصلـــوات اخلمـــس.

ــهورا يف ــا مشـ ــارك عاملـ ــادر املبـ ــد القـ ــيخ عبـ ــده الشـ كان والــــا، ـــة وغريبه ـــردات اللغ ـــظ مف ـــة يف حف ـــث كان أعجوب ـــق، حي دمشـــل ـــك فيص ـــد املل ـــت يف عه ف ـــي أل ـــة الت ـــاء اللجن ـــن أعض وكان مــوا يف ــر عضـ ــكرية، واختـ ــات العسـ ــب املصطلحـ األول لتعريــــن ـــر م ـــع كث ـــارك يف وض ـــق، وش ـــريب بدمش ـــي الع ـــع العلم املجماملصطلحـــات، كلفـــظ »اهلاتـــف« التـــي هـــي مـــن وضعـــه بـــدل ـــن ـــاء الوافدي ـــدا للعل ـــده مقص ـــت دار وال ـــون«. وكان ـــة »تليف كلمـــم ـــارك دائ ـــتاذ املب ـــة، وكان األس ـــرب كاف ـــام والع ـــاد الش ـــن ب ماحلضـــور لتلـــك اللقـــاءات والنـــدوات ممـــا وســـع آفاقـــه منـــذ

الصغـــر.

درس األســـتاذ حممـــد املبـــارك يف املـــدارس النظاميـــة احلكوميـــة، ـــن ـــات. وكان م ـــيوخ ويف احللق ـــى الش ـــة، ع ـــدارس القديم ويف املاملتفوقـــن يف دراســـته، خاصـــة يف اللغـــة العربيـــة والرياضيـــات واللغـــة الفرنســـية. حصـــل عـــى الشـــهادة الثانويـــة يف القســـم العلمـــي عـــام 1932. وملـــا كان متفوقـــا يف اللغـــة العربيـــة فقـــد اختـــار دراســـتها يف مدرســـة اآلداب العليـــا )كليـــة اآلداب(،

بجـــوار دراســـته للحقـــوق، وختـــرج فيهـــا عـــام 1935.

وكان خـــال دراســـته يف املـــدارس النظاميـــة يـــدرس يف الصبـــاح الباكـــر، ويف املســـاء، ويف اإلجـــازة الصيفيـــة، عـــى شـــيخ علـــاء ــني، وكان ــن احلسـ ــدر الديـ ــد بـ ــيخ حممـ ــره الشـ ــام يف عـ الشـأوســـع أهـــل زمانـــه اطاعـــا عـــى العلـــوم اإلســـامية القديمـــة بجميـــع فروعهـــا مـــن احلديـــث والتفســـر حتـــى الرياضيـــات، ـــته ـــة دراس ـــى هناي ـــة حت ـــته االبتدائي ـــة دراس ـــذ هناي ـــه من ـــد الزم وقــو ــه النحـ ــرأ عليـ ــه، وقـ ــن علمـ ــرا مـ ــتفاد كثـ ــة، واسـ اجلامعيـ

والـــرف والتفســـر ومصطلـــح احلديـــث والفرائـــض وأصـــول الفقـــه والـــكام والباغـــة واحلســـاب واجلـــرب واهلندســـة.

ـــة ـــابقة بعث ـــدم إىل مس ـــة، تق ـــارك يف اجلامع ـــتاذ املب ج األس ـــر ـــد خت بعــه ــا، وكان ترتيبـ ــح فيهـ ــا، فنجـ ــص يف اآلداب يف فرنسـ للتخصـ

األول.

ـــات ـــد الدراس ـــا، ودرس يف معه ـــارك إىل فرنس ـــتاذ املب ـــافر األس ساإلســـامية التابـــع جلامعـــة الســـوربون فـــدرس يف الســـنة األوىل األدب العـــريب والثقافـــة اإلســـامية، وخصـــص الســـنة الثانيـــة ـــا ـــة فخصصه ـــنة الثالث ـــا الس ـــي، أم ـــة األدب الفرن ـــا لدراس بكاملهلدراســـة علـــم االجتـــاع. يقـــول األســـتاذ املبـــارك عـــن هـــذه ـــض ـــبتني بع ـــي وأكس ـــعت آفاق ـــة وس ـــذه الدراس ـــة: )إن ه الدراســا مل تســـتطع أن تؤثـــر يف معتقـــدايت وال ــا الفكريـــة، ولكنهـ املزايـأن تغـــزو عقـــي، بـــل أثـــارين جانبهـــا الســـلبي وحفـــزين للـــرد

عليهـــا(.

ـــاه يف ـــا يتلق ـــى م ـــا ع ـــارك يف فرنس ـــتاذ املب ـــة األس ـــر دراس ومل تقتاجلامعـــة، بـــل كان حيـــر املنتديـــات واملحـــارضات العامـــة، ويـــرتدد ـــث ـــال بح ـــع اتص ـــل باملجتم ـــة، ويتص ـــد العلمي ـــف املعاه ـــى خمتل عف، اســـتعدادا الســـتثار هـــذه املعرفـــة يف جمـــال الدعـــوة وتعـــر

ـــامية. اإلس

24

Page 25: العدد الثاني

ــا، ــته يف فرنسـ ــى دراسـ ــد أن أهنـ ــارك، بعـ ــتاذ املبـ ــل األسـ حصــــام 1937، ـــوربون ع ـــن الس ـــانس يف اآلداب م ـــهادة الليس ـــى ش ع

ودبلـــوم يف علـــم االجتـــاع واألخـــاق عـــام 1938.

ــتاذ ــا، كان لأسـ ــق وفرنسـ ــة يف دمشـ ــته اجلامعيـ ــال دراسـ وخــــال- ـــبيل املث ـــى س ـــل -ع ـــد عم ـــوي، فق ـــوي ق ـــاط دع ـــارك نش املبـــت ـــي كان ـــريب الت ـــع الغ ـــال الترشي ـــة إح ـــادا يف مقاوم ـــا ج عمـــام 1935، ـــامي ع ـــع اإلس ـــل الترشي ـــه حم ـــعى إلحال ـــا تس فرنســـاء اجلزائريـــن، ـــة العل ـــه نشـــاط مـــع رجـــال مجعي ويف باريـــس كان لـــري ـــن األم ـــاء الدي ـــر هب ـــتاذ عم ـــه األس ـــع صديق ـــة م ـــب محل ورتـــد ـــوري. وبع ـــتور الس ـــام يف الدس ـــى اإلس ـــص ع ـــه اهلل، للن رمحعودتـــه مـــن فرنســـا بـــارش العمـــل الدعـــوي مـــع أصدقـــاء لـــه ـــامية ـــات إس ـــق مجعي ـــب ودمش ـــن حل ـــوا يف كل م ـــد أسس ـــوا ق كانـــم إىل ـــاط يت ـــذا النش ـــامية. وكان ه ـــوة اإلس ـــل يف الدع ـــطة تعم نشـــة يف ـــة العربي ـــا للغ ـــل مدرس ـــد عم ـــي، فق ـــل الوظيف ـــب العم جان

ـــنتن. ـــدة س ـــب مل ـــة بحل ـــدارس الثانوي امل

ـــارك نشـــاط متواصـــل يف إلقـــاء حمـــارضات عامـــة وكان لأســـتاذ املبعـــى خمتلـــف املســـتويات، ومل يقتـــر نشـــاطه عـــى املـــدن، بـــل ـــوة ـــرى للدع ـــباب إىل الق ـــن الش ـــق م ـــع فري ـــرج م ـــا كان خي ـــرا م كثوالتوعيـــة. ثـــم تطـــور هـــذا النشـــاط حتـــى شـــمل املشـــاركة يف ـــامي. ـــامل اإلس ـــدت يف الع ـــي عق ـــامية الت ـــرات اإلس ـــر املؤمت أكث

ــام 1945، ــورية عـ ــن سـ ــية عـ ــوات الفرنسـ ــاء القـ ــد جـ وبعــــع ـــة لوض ـــة للرتبي ـــة الفني ـــوا يف اللجن ـــارك عض ـــتاذ املب ـــن األس عاخلطـــط واملناهـــج الرتبويـــة والتعليميـــة ومفتشـــا ملـــاديت اللغـــة ـــل ـــذا العم ـــه ه ـــذ من ـــد أخ ـــا، وق ـــورية كله ـــن يف س ـــة والدي العربيكل وقتـــه، وكان فيـــه تغيـــر جـــذري للمناهـــج الســـابقة، حيـــث ـــامل ـــن ش ـــام دي ـــره أن اإلس ـــذ صغ ـــلم من ـــل املس ـــا للجي ـــن فيه ب

يصلـــح لـــكل زمـــان ومـــكان.

ـــك ـــش، وذل ـــن التفتي ـــارك ع ـــتاذ املب ـــيص األس ـــنة 1946 أق ويف ســـه مـــن أنشـــطة إســـامية يف املحافظـــات التـــي كان ـــام ب بســـبب مـــا قـــم ـــة يف أه ـــارضات العام ـــاء املح ـــك بإلق ـــش، وذل ـــا للتفتي يزورهـــا ـــه أو بالقضاي ـــف بدعوت ـــام والتعري ـــة باإلس ـــات املتعلق املوضوعـــداء اهلل ـــق أع ـــامي ضاي ـــاط اإلس ـــذا النش ـــارصة. ه ـــامية املع اإلســـة ـــة الفني ـــوا يف اللجن ـــي عض ـــه بق ـــذا، لكن ـــه ه ـــن عمل ـــدوه ع فأبع

ـــة. ـــة والتعليمي ـــج الرتبوي ـــط واملناه ـــع اخلط ـــة لوض للرتبي

ـــهدت ـــث ش ـــام 1947، حي ـــى ع ـــذا حت ـــه ه ـــتاذ يف عمل ـــي األس بق

ــدأت ــرا، وبـ ــيا كبـ ــاطا سياسـ ــرتة- نشـ ــذه الفـ ــورية -يف هـ سـحمـــاوالت تشـــكيل جملـــس نيـــايب، ويف الفـــرتة هـــذه تأسســـت ـــى ـــور مصطف ـــادة الدكت ـــورية بقي ـــلمن يف س ـــوان املس ـــة اإلخ مجاعــها، ــارك يف تأسيسـ ــتاذ املبـ ــارك األسـ ــه اهلل، إذ شـ ــباعي رمحـ السـحيـــث كان الســـاعد األيمـــن للســـباعي، ومستشـــاره الســـيايس ـــباعي ـــور الس ـــع الدكت ـــاوب م ـــي، وكان يتن ـــي واالجتاع والتنظيمـــب ـــة، وكان يصح ـــام للجاع ـــز الع ـــارضات يف املرك ـــاء املح يف إلق

الســـباعي يف رحاتـــه وزياراتـــه ملراكـــز اجلاعـــة يف ســـورية.

ــلفنا، رأى ــا أسـ ــايب كـ ــس النيـ ــكيل املجلـ ــاوالت تشـ ــع حمـ ومـــون ــات ليكـ ــذه االنتخابـ ــوا هـ ــلمون أن خيوضـ ــرون املسـ املفكــــتاذ ـــدم األس ـــايب، فق ـــس الني ـــموع يف املجل ـــوت مس ـــام ص لإلساملبـــارك اســـتقالته مـــن الوظيفـــة ليقـــوم برتشـــيح نفســـه عـــن ــذه ــوان يف هـ ــة مـــن اإلخـ ــو ونخبـ ــة دمشـــق، ونجـــح هـ مدينـاالنتخابـــات. وبعـــد ســـنتن، وعـــى أثـــر انقابـــن عســـكرين، ـــتور ـــع الدس ـــيي لوض ـــس تأس ـــة جمل ـــد بصف ـــس جدي ـــب جمل انتخـــة ـــي مجاع ـــن ممث ـــدد م ـــس ع ـــذا املجل ـــح يف ه ـــد نج ـــورية، وق يف ساإلخـــوان املســـلمن، مـــن بينهـــم األســـتاذ املبـــارك، حيـــث تـــم تعيينـــه وزيـــرا لأشـــغال العامـــة ثـــم وزيـــرا للمواصـــات ثـــم وزيـــرا للزراعـــة. وكان ممثـــا للجبهـــة اإلســـامية يف املجلـــس، ــامية يف ــرة اإلسـ ــن الفكـ ــرب عـ ــارك يعـ ــتاذ املبـ ــتمر األسـ واســــت ـــام 1958 وقام ـــس ع ـــدة املجل ـــت م ـــواب إىل أن انته ـــس الن جملـــر ـــر احل ـــال للتعب ـــة جم ـــد ثم ـــورية، ومل يع ـــر وس ـــن م ـــدة ب الوحـــا ـــارك بعده ـــي، ومل يش ـــل العلم ـــرف إىل العم ـــكار فان ـــن األف ع

يف العمـــل الســـيايس.

يف عـــام 1954 أسســـت كليـــة الرشيعـــة يف ســـورية بجهـــود اإلخـــوان املســـلمن وقائدهـــم الســـباعي، فشـــارك األســـتاذ املبـــارك يف وضـــع مناهجهـــا، ودرس فيهـــا كذلـــك مـــواد عـــدة. ــلم ــة، تسـ ــد الكليـ ــذي كان عميـ ــباعي الـ ــرض السـ ــد مـ وبعـاألســـتاذ املبـــارك عـــادة كليـــة الرشيعـــة يف عـــام 1964 إىل عـــام ـــامية يف ـــان اإلس ـــة أم درم ـــا إىل جامع ـــل بعده ـــث انتق 1966، حيـــتاذا ـــنة 1969 أس ـــنة 1966 إىل س ـــن س ـــا م ـــل فيه ـــودان، وعم السومشـــاركا يف التخطيـــط ورئيســـا لقســـم الدراســـات اإلســـامية، ثـــم انتقـــل بعدهـــا إىل الســـعودية بنـــاء عـــى طلـــب مـــن وزيـــر املعـــارف الســـعودي، فعـــن أســـتاذا ورئيســـا لقســـم الرشيعـــة ـــي ـــة، وبق ـــة املكرم ـــة بمك ـــة الرشيع ـــامية يف كلي ـــات اإلس والدراسيف هـــذا العمـــل أربـــع ســـنوات، ثـــم عـــن باحثـــا ومستشـــارا

25

Page 26: العدد الثاني

ــة ــك يف اجلامعـ ــدة، وكذلـ ــز بجـ ــد العزيـ ــك عبـ ــة امللـ يف جامعـاألردنيـــة.

كان األســـتاذ املبـــارك خـــال حياتـــه وعملـــه هيتـــم بمشـــكات األمـــة اإلســـامية، وحيـــاول إجيـــاد احللـــول هلـــا، فضـــا عـــن اهتامـــه بأمـــور الفكـــر والعقيـــدة. وكانـــت لـــه اتصـــاالت مـــع كبـــار املســـترشقن واألســـاتذة األجانـــب املهتمـــن بالدراســـات العربيـــة واإلســـامية، وكان أثـــره فيهـــم عميقـــا وواضحـــا. كـــا كانـــت لـــه صـــات مـــع املفكريـــن الفرنســـين الذيـــن تأثـــروا ــه ــكار، وروجيـ ــس بيـ ــم: موريـ ــوه، منهـ ــم اعتنقـ ــام ثـ باإلسـ

ــرتويد. ــال أوسـ ــارودي، وجـ جـ

ـــز يف ـــد العزي ـــك عب ـــة املل ـــل يف جامع ـــارك يعم ـــتاذ املب ـــي األس بقـــع ـــن يف البقي ـــام 1981، ودف ـــة ع ـــة يف املدين ـــه املني ـــى وافت ـــدة حت ج

ـــر. الطاه

ـــرك ـــا، وت ـــزال طالب ـــا ي ـــو م ـــة وه ـــارك الكتاب ـــتاذ املب ـــارش األس بـــة: ـــه املطبوع ـــن كتب ـــة. م ـــة واملخطوط ـــب املطبوع ـــن الكت ـــددا م عتركيـــب املجتمـــع الســـوري، األمـــة العربيـــة يف معركـــة حتقيـــق الـــذات، الفكـــر اإلســـامي احلديـــث يف مواجهـــة األفـــكار ـــا، ـــة هل ـــل املكون ـــة والعوام ـــعيدة، األم ـــانية س ـــو إنس ـــة، نح الغربي

ـــادة(، نظـــام اإلســـام )االقتصـــاد(، ـــدة والعب نظـــام اإلســـام )العقينظـــام اإلســـام )احلكـــم والدولـــة(، ذاتيـــة اإلســـام، املشـــكلة ــامي، ــي إسـ ــو وعـ ــد، نحـ ــل األدب اخلالـ ــن منهـ ــة، مـ الثقافيـ

خصائـــص العربيـــة، فقـــه اللغـــة...

ـــذا ـــوري«، فه ـــع الس ـــب املجتم ـــه »تركي ـــاه إىل كتاب ـــت االنتب ونلفـــار ـــن دم ـــدث م ـــن أن حي ـــا يمك ـــذار مل ـــرس اإلن ـــل ج ـــاب يمث الكتـــج ـــع إذا مل تعال ـــذا املجتم ـــة هل ـــة والطائفي ـــات العرقي ـــن التكوين ببطريقـــة حكيمـــة. وكأنـــه )رمحـــه اهلل( كان يتوقـــع هـــذا الـــذي ــها ــا وطيشـ ــة وجهالتهـ ــلطة احلاكمـ ــفاهة السـ ــن سـ ــه مـ نعانيــــع إىل ـــر املجتم ـــة جل ـــبل الدنيئ ـــلكت كل الس ـــث س ـــا، حي وإجرامهـــتعصاءه ـــى اآلن اس ـــع حت ـــذا املجتم ـــت ه ـــد أثب ـــة، وق ـــرب طائفي حـــي ـــتفزازات الت ـــن كل االس ـــم م ـــى الرغ ـــرار ع ـــذا االنج ـــى ه عيارســـها بعـــض »الشـــبيحة« الذيـــن وظفهـــم النظـــام ليشـــكلوا

ـــا. ـــي وراءه ـــة حيتم دريئ

ـــعة، ـــة واس ـــارك رمح ـــادر املب ـــد الق ـــن عب ـــد ب ـــتاذ حمم ـــم اهلل األس رحوأجـــزل لـــه املثوبـــة عـــى مـــا قـــدم ألمتـــه ومجاعتـــه، ورزقنـــا

ـــن. ـــاء العامل ـــن العل ـــه م أمثال

26

< األستاذ محمد المبارك » رحمه اهلل «

من اليمين:

عمر بهاء الدين األميري ، مصطفى السباعي ، محمد محمود الصواف ، معروف الدواليبي ، محمد المبارك

Page 27: العدد الثاني

من رواية

»الـورطـة«وفيها حكاية ما جرى ألستاذ الفلسفة محمود قاضي القلعة

)العبقري سابقا(

منذ لحظة وصوله إلى البالد إلى أن نجا من الموت بأعجوبة

انفجـــر أحـــد إطـــارات الســـيارة، توقفـــت الســـيارة، توقـــف ـــمعنا ـــع، س ـــاق اجلمي ـــر. أف ـــرك الفاج ـــر املح ـــوت هدي صـــتائم ـــل الش ـــن ويكي ـــب ويلع ـــو يس ـــائق وه ـــوت الس صامليتافيزيكيـــة. نـــزل الســـائق واجلنديـــان الســـتبدال

اإلطـــار.

ـــوت ـــا بص ـــن فوجئت ـــى أذين اللت ـــدي ع ـــط بي ـــت أضغ كنـــل ـــاح داخ ـــات الصب ـــا حتي ـــكون، وتبادلن ـــت والس الصمــيخ ــت الشـ ــم تلفـ ــاردة، ثـ ــة البـ ــة احلديديـ ــذه العلبـ هـــد أن ــرج »أريـ ــن خمـ ــث عـ ــن يبحـ ــه كمـ ــن حولـ حسـأتبـــول« ثـــم رصخ مـــن خـــال الكـــوة الصغـــرة:

»افتحـــوا لنـــا البـــاب.. نريـــد أن نتبـــول«.

جاء اجلواب: ممنوع.

ــول.. ــة القـ ــا حريـ ــم منـ ــن: أخذتـ ــيخ حسـ رصخ الشـــول.. ــة البـ ــا حريـ ــوا لنـ فاتركـ

ـــغ ـــوروا مبل ـــول: تص ـــو يق ـــكا وه ـــا ضاح ـــت إلين ـــم التف ثالســـعادة التـــي أوصلونـــا إليهـــا حتـــى صـــارت أغـــى

ـــول.. ـــا أن نـــارس حقنـــا يف التب أمانين

ــاءلت ــوع فتسـ ــذا املوضـ ــن هـ ــه عـ ــرج بـ أردت أن أخـ

ـــا ـــق مليئ ـــد كان الطري ـــام.. فق ـــذه األغن ـــوق ه ـــن رس نف عبجثـــث هـــذه احليوانـــات املســـكينة..

ــواب.. إن ــى اجلـ ــدرة يل عـ ــن: ال قـ ــيخ حسـ ــال الشـ قـمثانتـــي تـــكاد تتمـــزق، وهـــذا وضـــع ال يســـمح بـــأن

يتعاطـــى فيـــه التفكـــر.

ـــس: ـــادئ األني ـــه اهل ـــال بصوت ـــرم وق ـــور أك ـــم الدكت فابتسالدولـــة مل توفـــر هلـــا األعـــاف فنفقـــت جوعـــا.. الصحـــف ـــرا.. الصحـــف، صحفهـــم كتبـــت عـــن هـــذا املوضـــوع كث

ـــا. ـــة حمق ـــا احليواني ـــت ثروتن ـــة حمق ـــا كارث ـــت إهن قال

سألت: وملاذا مل يوفروا هلا األعاف؟

فقال مستغربا: كأنك تعيش يف غر هذه الباد.

قلت: البارحة وصلت. ثم عرضت حمنتي بإجياز.

ـــذي ـــم ال ـــن منك ـــدي: م ـــال اجلن ـــي وق ـــاب اخللف ـــح الب فتـــرخ؟ كان ي

الشيخ: أنا.. أريد أن أتبول.

اجلنـــدي: انـــزل وســـاعدنا برتكيـــب اإلطـــار ثـــم دبـــر أمـــرك.

27

:: شريف الراس )2000-1930(

Page 28: العدد الثاني

الشيخ: بارك اهلل فيك.

ومل ينـــزل قبـــل أن يلتفـــت إيل موصيـــا: ال تكمـــل حكايتـــك ـــة فعـــا. قبـــل أن أعـــود.. حكايتـــك عجيب

ثم أغلقوا علينا الباب.

ـــتمع ـــن: اس ـــادئ الرص ـــه اهل ـــرم بصوت ـــور أك ـــال الدكت قـــا ـــرتيح.. فأن ـــي فتس ـــذ بنصيحت ـــرة األخ.. وخ ـــا ح إيل يرجـــل حقوقـــي ودكتـــور يف القانـــون، نحـــن حمكومـــون ـــم ـــي أن احلاك ـــوارئ.. يعن ـــون الط ـــكام قان ـــب أح بموجـــه ـــى من ـــن خيش ـــة أي مواط ـــادر حري ـــه أن يص ـــق ل ـــام حي العـــعر ـــا ش ـــا«.. ورب ـــزا احرتازي ـــمونه »حج ـــذا يس األذى، هأهـــل النظـــام بـــأن ثمـــة خطـــرا ســـيأيت مـــن طرفـــك، فأمـــروا بحجـــزك ليحـــرتزوا منـــك ويتحاشـــوا أذاك

ـــلفا. س

ـــذات ـــد ال ـــون عب ـــول أن يك ـــر املعق ـــن غ ـــن م ـــألته: لك سقـــد وقـــع بنفســـه أمـــر اعتقـــايل، ألنـــه مل يكـــن هنـــاك

وقـــت كاف هلـــذا اإلجـــراء.

ــا ــلفا، وفيهـ ــة سـ ــزة وموقعـ ــم أوراق جاهـ ــال: لدهيـ قـمـــكان فـــارغ لكتابـــة اســـم الشـــخص الـــذي ســـوف ـــر ـــا مظاه ـــذه كله ـــال فه ـــى كل ح ـــدة.. وع ـــع يف املصي يقـــم ـــن يف نظره ـــا دام املواط ـــر.. ف ـــدم وال تؤخ ـــكلية ال تق شـــر ـــور ال أث ـــذه القش ـــإن كل ه ـــاس ف ـــانا يف األس ـــس إنس لي

ـــرش. ـــت للب ـــا وضع ـــن إن ـــوص القوان ـــا، فنص هل

ثـــم دار حديـــث أدركـــت منـــه - بعـــد أن رشحـــت لإلخـــوان ظـــرويف جيـــدا - أن الدولـــة خائفـــة مـــن أن

ــة ثـــأر طائشـــة.. أقـــوم بعمليـ

- ثأر ملن؟..

ــاء ــوه أثنـ ــد قتلـ ــك وقـ ــز عليـ ــخص عزيـ ــأر لشـ - ثـغيابـــك..

ـــس ـــان لي ـــك عدن ـــن أن ابن ـــق م ـــت واث ـــألني: أأن ـــم س ث

منتميـــا إىل مجاعـــة املجاهديـــن؟

ــوال: ال ــت مذهـ ــي.. قلـ ــكن إىل قلبـ ــل السـ ــزل نصـ نـأدري..

ـــي ـــى نف ـــا ع ـــت منحني ـــيئا.. كن ـــمع ش ـــدت أس ـــا ع ومــر إىل يـــدي املعقودتـــن ــا مطأطـــئ الـــرأس، أنظـ حزينـيف حضنـــي.. وحـــن رجـــع الشـــيخ حســـن ورآين عـــى ـــن ـــوه ع ـــأن توقف ـــم ب ـــا نصحتك ـــم: أم ـــال هل ـــال ق ـــذه احل هاحلديـــث إىل أن أعـــود؟.. هـــذا رجـــل طيـــب القلـــب، ـــاري عـــز وجـــل ـــريء، عاطفـــي، ال حيتمـــل اهلـــزات.. الب ب

أراد أن يمتحنـــه وعلينـــا أن نســـاعده يف حمنتـــه.

ـــودة ـــي بم ـــى ركبت ـــه ع ـــع كف ـــي ووض ـــس إىل جانب ـــم جل ثـــا أخ. ـــمع ي ـــال: اس وق

رفعـــت رأيس إليـــه ففوجئـــت بنفـــي أنفجـــر ضاحـــكا ـــرتاب.. وكان ـــرا بال ـــه معف ـــد كان وجه ـــي.. فق ـــم من بالرغ

ـــا.. ـــه أيض ـــعر حليت ـــى ش ـــرتاب ع ال

- ماذا فعلت بنفسك يا شيخ حسن؟

ـــدوا ـــت.. إذا مل جت ـــي وتيمم ـــن عين ـــارة ع ـــت النظ - رفعـــا ـــرا، خصوص ـــل طاه ـــب أن أظ ـــا أح ـــوا، وأن ـــاء فتيمم مـــى ـــا مت ـــرف فيه ـــي ال تع ـــة الت ـــات احلرج ـــذه األوق يف هـــة ـــك فرص ـــر ل ـــي تي ـــادرة الت ـــة الغ ـــك بالرصاص يفاجئون

ـــل. ـــز وج ـــاري ع ـــه الب ـــاء وج لق

ـــجن ـــا يف الس ـــاء إقامتن ـــاء.. أثن ـــدك رج ـــه: يل عن ـــت ل قلـــي. ـــل مع ـــوك أن تظ أرج

ـــأجعلك ـــدا، وس ـــركك أب ـــن أت ـــك ول ـــأظل مع ـــال: س فقـــاة.. ـــر اهلل.. بالص ـــك بذك ـــن قلب تطمئ

فقلـــت مداعبـــا: ال تثقـــل عـــي يـــا صاحبـــي.. فأنـــا.. أظـــن أننـــي مديـــن بصلـــوات ثاثـــن ســـنة.

ضحـــك الشـــيخ حســـن وقـــال: هنيئـــا لـــك يـــا عـــم..

28

< من رواية »الورطة«

Page 29: العدد الثاني

ـــوم.. ـــر باهلم ـــزن أو التفك ـــت للح ـــك وق ـــون لدي ـــن يك لـــى ـــجود حت ـــوع والس ـــه بالرك ـــت كل ـــتقي الوق ـــك س ألن

ـــل. ـــز وج ـــاري ع ـــك للب ـــع يف ذمت ـــا جتم ـــي م تف

مســـكن أنـــت يـــا شـــيخ حســـن.. فعندمـــا وصلنـــا إىل ـــن ـــا أن م ـــا، علمن ـــتقرت أوضاعن ـــا، واس ـــجن، ودخلن الســـب ـــذ فيذه ـــاة يؤخ ـــي الص ـــرم تعاط ـــا بج ـــط متلبس يضب

ـــداث؟ ـــتبق األح ـــا نس ـــن مالن ـــدا، لك ـــود أب وال يع

ـــة، ـــابايت القديم ـــع حس ـــس ألراج ـــا أجل ـــي، عندم ـــا إنن هـــول. ـــة الوص ـــن حلظ ـــا م ـــي مبتدئ ـــد نف أج

توقفـــت بنـــا ســـيارة اإلرهـــاق يف الردهـــة األوىل، بعـــد البـــاب الكبـــر مبـــارشة، وكان ثمـــة ســـيارتان تفرغـــان

محولتهـــا، إذن علينـــا أن ننتظـــر.

ــاول أن نقتنـــص كنا-مدفوعـــن بفضـــول شـــديد- نحـبأبصارنـــا أيـــة معلومـــة عـــن تينـــك الســـيارتن.

باملـــواد حمملـــة كبـــرة، عســـكرية شـــاحنة األوىل: ـــا. ـــاجن لتفريغه ـــن املس ـــدد م ـــيء بع ـــد ج ـــة، وق التمويني

ـــا ـــون ركاهب ـــد ينزل ـــا إن اجلن ـــيارة ركاب، وه ـــة: س والثانيـــات ـــوه باللك ـــب تلقف ـــزل راك ـــا ن ـــدا، وكل ـــدا واح واحوالرفســـات والـــرب بأعقـــاب البنـــادق و: »انـــزل يـــا ابـــن القحــــ..« و«تعـــال يـــا أخـــا الرشمــــ..«. إىل أن يـــرشف ــه ــن تابيبـ ــه مـ ــكوا بـ ــاك فيمسـ ــى اهلـ ــكن عـ املسـوجيـــروه نحـــو بـــاب الدخـــول. وهـــو بـــاب واطـــئ ال ــي ــه ويمـ ــن قامتـ ــا مل حيـ ــربه مـ ــرء أن يعـ ــن للمـ يمكـراكعـــا. لذلـــك فإهنـــم ألصقـــوا صـــورة الطاغيـــة عبـــد ـــم ـــد أهن ـــا بع ـــا في ـــاب. )عرفن ـــة الب ـــوق عارض ـــذات ف ال

يســـمون هـــذا: الركـــوع األوتوماتيكـــي(.

ـــا؟ )فـــات ـــألت نفـــي وجـــا: أهكـــذا ســـيفعلون بن سأوان الســـؤال القديـــم: ملـــاذا اعتقلونـــا؟(.

ـــه قـــد أصبـــح والتفـــت إىل صديقـــي الشـــيخ حســـن فوجدتـــفتاه ـــت ش ـــا. وكان ـــا ومضطرب ـــر. كان خائف ـــال آخ يف ح

ـــو ـــدأت أتل ـــا ب ـــا أيض ـــا.. أن ـــاء م ـــة بدع ـــركان بالتمتم تتحـــص ـــق أي بصي ـــوف. مل يب ـــلني اخل ـــد ش ـــريس وق ـــة الك آيأمـــل بالنجـــاة مـــن هـــذا الوضـــع املهـــن والســـاحق، ـــة ـــوة احلديدي ـــي بالك ـــت وجه ـــي ألصق ـــك فإنن ـــم ذل ورغالصغـــرة لعـــي أرى أيـــة إشـــارة عـــن وصـــول املقـــدم ـــن ـــون م ـــم ينزل ـــك رأيته ـــن ذل ـــدال م ـــي ب ـــور، لكنن خضــه حتـــى انعقـــد ــا إن ملحتـ ــوزا مـ ــيخا عجـ ــيارة شـ السـ

ـــرزاق. ـــد ال ـــاج عب ـــايل احل ـــذا خ ـــتحيل.. ه ـــاين: مس لس

وكان اجلنـــد قـــد أنزلـــوا خـــايل مـــن ســـيارة الـــركاب ــادق. ــاب البنـ ــا بأعقـ ــا ورضبـ ــه ركا ورفسـ ــوا بـ ونزلــــا ـــويل متملم ـــت ح ـــي. وتلف ـــة تذبحن ـــتائمهم املقذع وشـــدي ـــدوق احلدي ـــذا الصن ـــن ه ـــرج م ـــن خم ـــث ع كأين أبحـــم ـــت إليه ـــو خرج ـــى ل ـــف؟ .. وحت ـــن: كي ـــن. لك اللعـــذي ـــن ال ـــيخ الواه ـــذا الش ـــذ ه ـــف تنق ـــري فكي ـــا عبق ي)بلطمـــة لئيمـــة( طـــار العقـــال واحلطـــة عـــن رأســـه، وبربـــة لعينـــة ثانيـــة متـــزق جاكيتـــه، وبركلـــة عنيفـــة ــن ــايش عـ ــه القـ ــل حزامـ ــى األرض وانحـ ــقط عـ ســــوة ـــت حمش ـــي كان ـــة الت ـــاعة القديم ـــقطت الس ـــطه، وس وســـه ـــتغيثا بصوت ـــرخ مس ـــل ي ـــزام.. والرج ـــات احل ـــن طي بـــا ـــويت: »ي ـــى ص ـــا أكاد أرصخ بأع ـــف. وأن ـــن الضعي الواهـــيوف ـــن س ـــيف م ـــذا س ـــم.. ه ـــد قدي ـــذا جماه ـــاس.. ه ن

ثـــورة هنانـــو«.

ــول ــاب الدخـ ــه إىل بـ ــوا بـ ــد وصلـ ــوا قـ ــم كانـ لكنهــــن أن ـــدال م ـــة. وب ـــورة الطاغي ـــوه ص ـــذي تعل ـــئ، ال الواطـــا ـــيدك ي ـــع لس ـــروه: »ارك ـــب« أم ـــا كل ـــل ي ـــروه: »أدخ يأم

حقـــر«. كان الـــدم ينـــزف مـــن شـــفته العليـــا.

ـــة ـــك اجله ـــر إىل تل ـــررت أن ال أنظ ـــي وق ـــت بوجه أعرضأبـــدا. غـــر أننـــي بقيـــت غـــر مصـــدق بـــأن يكـــون ـــاج ـــايل احل ـــه خ ـــايل، ولكن ـــو خ ـــه ه ـــذي رأيت ـــل ال الرج

عبـــد الـــرزاق، وكيـــف ال أعرفـــه؟

ــة الثانيـــة، يواصلـــون عملهـــم وكان املســـاجن يف اجلهـيف تفريـــغ الشـــاحنة العســـكرية ممـــا فيهـــا مـــن أكيـــاس

29

< من رواية »الورطة«

Page 30: العدد الثاني

وصناديـــق. وكان يقـــف لـــإلرشاف عليهـــم شـــخصان، ـــه ـــر ب ـــا م ـــه كل ـــا. ألن ـــجن قطع ـــر الس ـــو مدي ـــا ه أحدمهـــة ـــه بلعن ـــه يكافئ ـــل فإن ـــه الثقي ـــوء بحمل ـــو ين ـــجن وه سقـــذرة وشـــتيمة مقذعـــة.. أمـــا الثـــاين فقـــد كان.. مـــاذا ـــكري ـــام ش ـــي الرس ـــون صديق ـــتحيل أن يك ـــول؟ .. مس أقـــرد ـــذا الق ـــا ه ـــم بين ـــان عظي ـــذاك فن ـــطوح.. ف ـــوق الس فـــد ـــن توري ـــح م ـــذي يرب ـــع ال ـــتغل البش ـــه املس ـــر، إن تاجـــا زادت ـــدد الضحاي ـــا زاد ع ـــجن. وكل »األرزاق« إىل الســـن ـــه م ـــر إلي ـــان النظ ـــت إمع ـــي واصل ـــر أنن ـــه، غ أرباحــه ال ــة، إنـ ــدار املصفحـ ــرة يف جـ ــوة الصغـ ــال الكـ خـيـــراين قطعـــا، وإنـــه شـــكري فـــوق الســـطوح قطعـــا. ـــه ـــر مـــن عرشيـــن ســـنة، ألن ـــذ أكث ـــا مل نلتـــق من صحيـــح أننـــهرته ـــت ش ـــد أن طغ ـــا بع ـــا هنائي ـــاء يف أوروب ـــار البق اختهنـــاك، ولكـــن هـــذا الرجـــل البشـــع الواقـــف أمامـــي اآلن، ــه.. كيـــف ــر الســـجن، هـــو »صاحبـــي« ذاتـ مـــع مديــــتحيل.. ـــا: مس ـــي جازم ـــت لنف ـــم قل ـــذا؟.. ث ـــدث ه ح

ـــبهه. ـــه يش ـــر. ولكن ـــخص آخ ـــذا ش ه

ــى ــي عـ ــرد حقيقـ ــذي أراه اآلن قـ ــبيه« الـ ــذا »الشـ وهـــف ــن، ضعيـ ــدل الكتفـ ــوز، متهـ ــان، عجـ ــكل إنسـ شـــنان ــر، بأسـ ــم كبـ ــه فـ ــل يعرتضـ ــه طويـ ــة، بوجـ البنيــــرة ـــن كث ـــود م ـــح أس ـــة بقي ـــا متقيح ـــرة كأهن ـــراء مبعث صفالتدخـــن. وأمـــا مـــا تبقـــى مـــن وجهـــه القمـــيء ففيـــه حاجبـــان كثيفـــان بـــارزان، فـــوق عينـــن غائرتـــن خميفتـــن، ـــبه ـــارزة، تش ـــة ب ـــة حلمي ـــره األيمن-كتل ـــب منخ وله-بجانــاث ــات الثـ ــذه املواصفـ ــخة. وهـ ــص متفسـ ــة محـ حبــــزم ـــي أج ـــص( جتعلن ـــة احلم ـــان وحب ـــان والعيني )احلاجب

بأنـــه صاحبـــي شـــكري.

ـــز ـــطوح كان يعت ـــوق الس ـــكري ف ـــا أن ش ـــرت أيض وتذكبـــأن شـــعره كثيـــف.. وهـــذا »الشـــبيه« شـــعره كثيـــف، ـــوق ـــدل ف ـــل، يته ـــون، وطوي ـــح الل ـــعر أمل ـــه ذو ش ـــر أن غـــه، ـــص ذات ـــا القمي ـــص. أم ـــة القمي ـــى قب ـــازال حت ـــه ن نقرتر، فهـــو مفتـــوح الصـــدر، املصنـــوع مـــن قـــاش مشـــجـــب، ـــن ذه ـــده م ـــاعة ي ـــإن س ـــك ف ـــن. كذل ـــبها باملراهق تش

ــع ــدى أصابـ ــر يف إحـ ــي كبـ ــم ذهبـ ــة إىل خاتـ باإلضافـيـــده النحيفـــة.. كان مـــن الواضـــح أن مديـــر الســـجن ـــا ـــدا أهن ـــدة ، مؤك ـــا وطي ـــة بينه ـــه، وأن العاق ـــرور من م

رشيـــكان.

قالوا لنا: انزلوا يا أوالد القحـ...

لـــو أننـــي مشـــيت خطوتـــن فقـــط نحـــو ذلـــك القـــرد ـــطوح ـــوق الس ـــكري ف ـــت ش ـــواء كن ـــه: س ـــلت إلي وتوســـة، ـــايض القلع ـــود ق ـــك حمم ـــا صديق ـــبيهه فأن ـــت ش أم كنــر ــك مديـ ــد صاحبـ ــفع يل عنـ ــوك أن تشـ ــي أرجـ وإننــــركات ـــذه ال ـــر ه ـــن غ ـــول م ـــأذن يل بالدخ ـــجن في الســـا ـــرى كل م ـــا ي ـــكري كان واقف ـــر أن ش ـــات.. غ واإلهانــتغاثات، ــاء واسـ ــات ودمـ ــن رضب ولعنـ ــا مـ ــزل بنـ نــــر ـــع مدي ـــام م ـــودي البس ـــه ال ـــع حديث ـــر أن يقط ـــن غ مـــاغ، ـــا الدم ـــن خاي ـــذوره م ـــه بج ـــجن.. إذن فأقتلع السوألمـــح مـــن تافيـــف الذاكـــرة كل صـــور املـــايض

املتعلقـــة هبـــذا املخلـــوق، فلنقـــل إنـــه مـــات مثـــا.

ـــا. ـــات أيض ـــه اهلل- م ـــرزاق -رمح ـــد ال ـــاج عب ـــايل احل وخـــام. ـــة أي ـــتقبال بثاث ـــة االس ـــد حفل ـــي بع ـــات يف حضن مقـــال وهـــو يلفـــظ أنفاســـه األخـــرة، بصـــوت واهـــن: عاهـــدين عـــى أن تكـــون كـــا عرفنـــاك.. ابـــن احلـــاج خالـــد قـــايض القلعـــة.. يعنـــي أريـــدك أن تظـــل رجـــا صلبـــا متينـــا.. ألن لـــدي خـــربا جيـــب عـــي أن أنقلـــه

إليـــك قبـــل أن أالقـــي وجـــه ريب.

ـــة ـــم بصعوب ـــه، كان يتكل ـــح أنفاس ـــة لري ـــت هنيه ـــم صم ثـــي ـــا الت ـــفته العلي ـــت ش ـــد مزق ـــت ق ـــذاء كان ـــة ح ألن رضبـــا حممـــود.. حصـــن نفســـك ـــال: ي ـــورم أزرق. ق انتفخـــت بدائـــا باإليـــان بـــاهلل ســـبحانه وتعـــاىل، فـــا يريـــده اهلل يكـــون، يـــا أبـــا عدنـــان ابنـــك عدنـــان قتـــل، ســـقط شـــهيدا، أعدمـــوه عـــى بـــاب املســـجد عندنـــا يف تـــل

ـــرب. عن

ثم سكت مرة أخرى.

30

< من رواية »الورطة«

Page 31: العدد الثاني

Fidaa Alsayedfb.com/fidaaldin

Othman Shaheenfb.com/oshaheen

Taeb Khaled Hindawifb.com/taeb.k.hindawi

عمر عبد العزيز مشوحfb.com/Omar.Mushaweh

Zuhair Salimfb.com/zoher.salm

نتفق حول األهداف ، ويجمعنا التراب ، ويضمنا التاريخ ، وتحتوينا الثقافة، وتلملم انقساماتنا الثورة ... ثم نختلف حول أسماء الجمع والتواريخ واأللقاب ...

توحدوا يرحمكم هللا

الطعن في الحراك السياسي سهل .. بينما العمل فيه صعب جدا .. فتريثوا .. واصبروا على إخوانكم .. بالمقابل من يخوض السياسة وال يملك من

العلم والقدرة ويستمر وهو على علم بضعفه .. فعليه من هللا ما يستحق ..

القول بأن اإلسالميين ليسوا جديرين بالحكم بسبب فترات القمع الطويلة التي تعرضوا لها مما ترتب عليه آثار نفسية تمنعهم من ممارسة الحكم ما هي إال حجة

رخيصة وواهية إلقصائهم عن العمل ومتابعة لحملة التشويه التي كانت تمارسها األنظمة الفاسدة، ولكن بأفواه وأقالم من يحسبون اآلن على المعارضة!!!

وإن أكبر دليل على دحض هذه الحجة هو أن 13 سنة من القمع واالضطهاد بحق نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم وأصحابه رضي هللا عنهم في الحقبة المكية

من الدعوة لم تمنعهم من إظهار جيل أبهر الدنيا في جميع المجاالت وظل لقرون طويلة منارة لألمم وأمال للمستضعفين في األرض

ما بالك بثورة يرعاها هللا على عينه ؟! هي في طريقها نحو النصر بإذن هللا .. ونحن ال نخوض معركة فيها نصر أو هزيمة .. بل نخوض معركة فيها نصر أو نصر ..

ألن هللا وعدنا إحدى الحسنيين .. النصر أو الشهادة ! وكالهما نصر !

عبرت الجماهير الفلسطينية في سورية في ظل الثورة عن انتمائها األصيل . قالت لهم إن كل الهويات السطحية هي خرافة . هناك هوية في أعماق الالوعي .

31

Page 32: العدد الثاني

هـبـل .. هبـل:: سيد قطب

هبل.. هبل رمز السخافة والدجل

من بعد ما اندثـرت على أيدي األباةعادت إلينا اليـوم يف ثوب الطغاة

تتنشق البخور تحـرقه أساطير النفاقمن قيدت باألسر يف قيد الخنا واالرتـزاق

وثن يقود جموعهم.. يا للخجل

هبل.. هبلجل رمز السخافة والجهالة والدال تسألن يا صاحبي تلك الجموع

لمن التعبد و المثوبة والخضوعدعها فما هي غير خرفان القطيع

معبودها صنم يراه.. العم سامل الدوالر كي يضفي عليه االحترام وتكف

وسعى القطيع غباوة.. يا للبطل

هبل.. هبلرمز الخيانة والجهالة والسخافة والدجل

هتافة التهريج ما ملوا الثناءزعموا له ما ليس عند األنبياء

ملك تجلبب بالضياءوجاء من كبد السماء

هو فاتح، هو عبقري ملهمهو مـرسل، هو عالم ومعلم

ومن الجهالة ما قتل!

هبل.. هبلرمز الخيانة والعمالة والدجل

صيغت له األمجاد زائفة فصدقها الغبيه الحر األبي راح ورد واستنكر الكذب الصلكنما األحرار يف هذا الزمان هم القليل

فليدخلوا السجن الرهيب ويصبروا الصبر الجميلوليشهدوا أقسى رواية

فلكل طاغية نهايةو لكل مخلوق أجل