بحوث في مباني علم الرجال

112
ﻋﻠﻢ اﻟﺮﺟﺎل، ص: ﺑﺤﻮث ﰲ ﻣﺒﺎ۲۳ اﳌﺪﺧﻞ: اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﺮﺟﺎل إﱃ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮً ﰲ ﺑﻴﺎن وﺟﻪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﺮﺟﺎل أو ﻓﻘﻞ ﺑﻴﺎن اﻟﴬورة اﳌﻠﺰﻣﺔ ﳌﺮاﺟﻌﺘﻪ ﻣﻀﺎﻓﺎ ﺼﻬﺎ:ّ ﻣﺎت ﻣﻠﺨّ ة ﻣﻘﺪّ ﺑﺒﻴﺎن ﻋﺪّ ﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺪ ﻋﺪﻳﺪة ﺗﻨﺠﻢ ﻣﻦ اﻻﺿﻄﻼع ﺑﻪ، ﻳﺘﻢ اﳌّ إن ﻞ إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ وّ أن ﻳﺘﻮﺻّ ﺔ ﻻ ﺑﺪّ ﱄ ﺑﺘﻜﺎﻟﻴﻒ و أﺣﻜﺎم ﴍﻋﻴ ﻦ ﺑﺎﻟﴩع ﻟﻪ ﻋﻠﻢ اﺟّ ﺘﺪﻳ ذﻟﻚ ﻻﻣﺘﺜﺎﻟﻬﺎ، أو ﻷﺟﻞ ﺣﻔﻆ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ اﻻﻧﺪراس، أو ﻷﺟﻞ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ، أو إﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ﰲ ﻴﺔ، و اﳌﻘﺪارّ ﻋﱪ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﻈﻨّ ﺑﺼﻮرة ﺷﺎﻣﻠﺔ إﻻّ اﻟﻨﺎس و اﳌﺠﺘﻤﻊ، و ﺗﻠﻚ اﳌﻌﺮﻓﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﺘﻢ ا ﺔ ﻣﻨﻬﺎ، ﺳﻮاء ﺑﻨﻴﻨﺎ ﰲ اﻋﺘﺒﺎر ﺧﱪ اﻟﻮاﺣﺪ ﻋﲆ اﻟﺪﻟﻴﻞّ ﺔ ﺧﺎﺻّ ﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﺧﺒﺎر ﻫﻮ ﺣﺼّ ﻟﺤﺠ ﻀﺢ، و إﺣﺮازّ ﺳﻴﺘ أو ﻋﲆ اﻻﻧﺴﺪاد، ﻋﲆ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻓﻴﻪ، ﺑﻞ و اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻛّ اﻟﺨﺎص ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻋﻠﻢ اﻟﺮﺟﺎل، و ﻫﺬا اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻳﻀﺎﻫﻲ ﰲ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ دﻟﻴﻞّ إﻻّ ﺔ ﻻ ﻳﺘﻢّ اﻟﺼﻐﺮى ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺤﺼ اﻻﻧﺴﺪا ﻨﺔ ﻟﻜﻮنّ ﻣﺔ أﺧﺮى ﻣﺒﻴّ ﻪ ﺗﻀﺎف إﻟﻴﻪ ﻣﻘﺪّ ﻣﺎﺗﻪ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ، ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ اﻧّ ﻒ ﻣﻦ ﻣﻘﺪّ د و ﻣﺆﻟ ﻫﺬا اﻟﺪﻟﻴﻞ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻟﺪﻟﻴﻞ اﻻﻧﺴﺪادّ ﺑﻌﻠﻢ اﻟﺮﺟﺎل، و ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ انّ ﺻﻐﺮى اﻟﻈﻦ ﻻ ﺗﺤﺮز إﻻﱄ ﺑﺎﻟﻄﺮق، ﰲ ﻗﺒﺎل ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ﻋﲆ اﻟﻌﻠﻢ اﻹﺟ ﻋﲆ اﻟﻌﻠﻢ اﻹﺟ ﻋﻠﻢ اﻟﺮﺟﺎل، ص: ﺑﺤﻮث ﰲ ﻣﺒﺎ۲۴ اﻟﴩﻳﻌﺔ و ﺑﻠﺤﺎظّ ﺑﻠﺤﺎظ أﺑﻮاب ﻛﻞً ا دﻟﻴﻞ اﻻﻧﺴﺪاد ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻛﺒّ أن ﺔ، ﻓﻜّ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﻮاﻗﻌﻴ أوّ ﺑﻠﺤﺎظ ﺑﺎب ﻣﻌً ا ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺻﻐً و دﻻﻟﺔ وﺟﻬﺔ أو اﻣﺘﺜﺎﻻً اﻟﻄﺮق ﻟﺘﻠﻚ اﻷﺣﻜﺎم ﺻﺪورا، ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻟﺤﺎل ﻗﻴﻞ ﰲ اﻷﻧﺴﺎب و اﻷوﻗﺎف و ﻧﺤﻮﻫ ، ﻛّ ﺑﻠﺤﺎظ ﻣﻮﺿﻮع ﰲ ﺑﺎب ﻣﻌ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻫﺬا اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻟﺒﻴﺎن ﴐورة ﻋﻠﻢ اﻟﺮﺟﺎل. ﻣﺎت:ّ ﺑﺒﻴﺎن ﻣﻘﺪّ و ﺗﻔﺼﻴﻞ ذﻟﻚ ﻳﺘﻢﱄ ﺑﻮﺟﻮد أﺣﻜﺎم ﻳﺠﺐ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ، وﱃ: اﻟﻌﻠﻢ اﻹﺟُ ﻣﺔ اﻷّ اﳌﻘﺪ.ّ اﳌﻜﻠ ﺎ ﻟﻼﻣﺘﺜﺎل أو ﻟﻠﺤﻔﻆ ﻋﻦ اﻻﻧﺪراس أو ﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ أو ﻹﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ﺑّ إﻣ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻠﻚ اﻷﺣﻜﺎم ﻻّ اﳌﻘﺪﻣﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ان ﻳﻔﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮع ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻜﺘﺎب

Transcript of بحوث في مباني علم الرجال

Page 1: بحوث في مباني علم الرجال

۲۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

املدخل:

الحاجة لعلم الرجال

يف بيان وجه الحاجة لعلم الرجال أو فقل بيان الرضورة امللزمة ملراجعته مضافا إىل ما يذكر من فوائد عديدة تنجم من االضطالع به، يتم ببيان عدة مقدمات ملخصها:

تدين بالرشع له علم اجاميل بتكاليف و أحكام رشعية ال بد أن يتوصل إىل معرفتها و إن املذلك المتثالها، أو ألجل حفظ الدين عن االندراس، أو ألجل تعليمها لآلخرين، أو إقامتها يف

الناس و املجتمع، و تلك املعرفة ال تستتم بصورة شاملة إال عرب األخبار الظنية، و املقدار لحجة من تلك األخبار هو حصة خاصة منها، سواء بنينا يف اعتبار خرب الواحد عىل الدليل ا

الخاص أو عىل االنسداد، عىل القول بالكشف فيه، بل و الحكومة كام سيتضح، و إحراز الصغرى لتلك الحصة ال يتم إال بواسطة علم الرجال، و هذا الدليل يضاهي يف الصياغة دليل

د و مؤلف من مقدماته بعينها، غاية األمر انه تضاف إليه مقدمة أخرى مبينة لكون االنسداصغرى الظن ال تحرز إال بعلم الرجال، و يف الحقيقة ان هذا الدليل صياغة لدليل االنسداد

عىل العلم اإلجاميل بالطرق، يف قبال صياغته عىل العلم اإلجاميل

۲۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

باألحكام الواقعية، فكام أن دليل االنسداد قد يكون كبريا بلحاظ أبواب كل الرشيعة و بلحاظ الطرق لتلك األحكام صدورا و داللة وجهة أو امتثاال قد يكون صغريا بلحاظ باب معني أو

يف بلحاظ موضوع يف باب معني، كام قيل يف األنساب و األوقاف و نحوهام، فكذلك الحال صياغة هذا الدليل لبيان رضورة علم الرجال.

و تفصيل ذلك يتم ببيان مقدمات:

املقدمة األوىل: العلم اإلجاميل بوجود أحكام يجب معرفتها،

إما لالمتثال أو للحفظ عن االندراس أو لتعليمها لآلخرين أو إلقامتها بني املكلفني.

يفي بها مجموع ما يستفاد من ظاهر الكتاباملقدمة الثانية: ان معرفة تلك األحكام ال

Page 2: بحوث في مباني علم الرجال

و حكم العقل و األخبار املستفيضة منها و املتواترة، و هكذا املسلامت الرضورية بني املترشعة، فإن مجموع ذلك ال يتولد منه إال معرفة األحكام الرضورية و ما يليها ال مطلق

مسامئة آية إال إن ما يستفاد منها ليس إال التفاصيل، فإن آيات األحكام و إن ربت عىل الخء من الفروع و املعارف أمهات قواعد األبواب، و باطن الكتاب و إن اشتمل عىل تبيان كل يش

. إال أن الوصول إىل ذلك »۱« ء) و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل يش االعتقادية كام يف قوله تعاىل ( الوجدان ال ميكن إال بحبل العرتة الطاهرة. بحكم

، كأحكام»۲« و أما حكم العقل فهو يف دائرة األحكام الكلية الفوقانية جدا

______________________________ .۸۹) النحل/ ۱(

جالس النيابية املتوسطة التي يعرب عنها ) و التي هي مبثابة املواد الدستورية األم يف القوانني الوضعية بخالف املواد الترشيعية يف امل۲( يبة.يف اصطالح األصوليني العمومات املتوسطة، و بخالف املواد الترشيعية الوزارية التحتانية و التي يعرب عنها بالعمومات التحتانية القر

۲۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

النازلة فهو ال يصل إىل جهات حسنها العقل العميل كالتحسني و التقبيح، و أما مدارج األفعال و قبحها، و من ثم احتاج إىل هداية الوحي، و كأحكام العقل النظري يف املالزمات العقلية غري

املستقلة الخمسة فقط، و إن ضممنا إىل ذلك أخريا يف علم األصول حكم العقل النظري أيضا يف الكليات الفوقانية األوىل، إال أن دائرته هي »۱« املستقل يف استكشاف الحكم الرشعي

و كذا الحال يف حصيلة الرضورات املسلمة بني املترشعة.

و بعبارة موجزة: إن املتصفح لدورة استداللية يف الفقه يرى أن القسم األوفر منه يعتمد يف ى االستفاضة إثباته عىل األخبار، بل لو سلمنا دعوى وجود االستفاضة يف أكرث املسائل فإن صغر

الروائية ال يتم التوصل إليها إال بعلم الرجال أيضا، حيث ان به يتعرف عىل الدرجة االحتاملية املرتاكمة املتصاعدة من تكرث الطرق، إذ لكل طريق درجة احتاملية يف الصدور، و املطابقة

فة تعدد الطرق من للواقع يتم تحديدها مبعرفة درجة وثاقة أو ضعف سلسلة السند و معر اشرتاكها.

و بذلك يتضح إن هاتني املقدمتني ال ينحرص صياغتهام عىل الحاجة لعلم الرجال يف احكام الفروع، بل تصاغ أيضا بلحاظ األحكام االعتقادية و املعارف الدينية، سواء بنينا عىل حجية

Page 3: بحوث في مباني علم الرجال

ون الحال يف تلك الدائرة هو الحال الظن يف الجملة فيها يف تفاصيل املعارف ال أساسياتها، فيكيف الفروع، أو مل ننب عىل حجيتها و خصصنا الحجية باملتواتر و املتاخم له يف باب االعتقادات مطلقا، فإن صغرى املتواتر و نحوه أيضا ال يتوصل إىل معرفتها إال بعلم الرجال، ملا بيناه آنفا

حدد إال به.من أن الدرجة االحتاملية للخرب ال ت

______________________________ ».كل ما حكم به العقل النظري حكم به الشارع«). إشارة إىل القاعدة الثانية: ۱(

۲۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

وق املقدمة الثالثة: إن املقدار الثابت اعتباره من حجية الخرب بالدليل الخاص امنا هو خرب الثقة أو املوث بصدوره دون مطلق الخرب،

و لو بنينا عىل عدم متامية الدليل الخاص بل االستناد يف الحجية عىل االنسداد، فإن دليله بناء عىل الكشف منتج لحجية حصة خاصة من الظن تقارب دائرة خرب الثقة.

فراغ الذمة و أما عىل القول بالحكومة يف دليل االنسداد أي حكم العقل باالكتفاء الظني يففهو أيضا يحدد درجة االمتثال الظني مبوارد خرب الثقة تقريبا، و تحديد صغرى الثقة من غريه

يتكفلها علم الرجال.

هذا فضال عن موارد التعارض يف األخبار املنترشة يف كل أبواب الفقه حيث يكون معالجتها أو بها عن الراوي اآلخر، و تلك الصفات الزائدة تحديد الحجة بالرتجيح يف صفات الراوي املمتاز

عىل الوثاقة ال يتم إحرازها إال بعلم الرجال.

املقدمة الرابعة: و هاهنا دعويان:

إن ما بأيدينا من األخبار الواصلة يف الكتب األربعة و غريها من كتب الحديث ليس كام الطرق ما هو واجد لرشائط الحجية و من اعتبار كل طرقها، إذ يف األخباريونيدعيه أصحابنا

ما هو ليس كذلك، و لتميز الواجد عن غريه ال بد أن يتوسل بعلم الرجال، كام ان دعوى املحقق الهمداين و املحقق العراقي من التوصل يف إحراز صغرى الخرب املوثوق به بتوسط

الشهرة بأقسامها، فهي غري تامة أيضا.

الدعويني بيان عدم متامية

Page 4: بحوث في مباني علم الرجال

نتعرض أوال للدعوى األخرية منهام حيث أورد عليها:

أوال: منع حجية الشهرة بأقسامها كرسا و جربا.

۲۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

أقول: يف هذا اإليراد نظر، حيث أن مراد القائلني بكارسية الشهرة أو جابريتها ليست حجية يتها كربويا، بل مرادهم تحقيق الشهرة لصغرى الخرب املوثوق به أي الشهرة املستقلة و ال حج

صغرى لحجية أخرى، هذا يف الجرب. أو مامنعتها لتحقق تلك الصغرى يف صورة الكرس، و قد وقعت الغفلة عن ذلك عند كثري من متأخري هذا العرص، و قد حررناها مفصال يف علم

تامالت و تزايدها تكوينا أو تضاؤلها، نعم شهرة الطبقات األصول و انها من باب تراكم االحاملتأخرة ال تاثري لها كربويا و ال صغرويا يف الجرب و الكرس، ألنها يف الغالب مبنية عىل نكات

اجتهادية حدسية فال بد أن ينظر إىل تلك النكتة نفسها.

ا بني للمتصفح ألبواب الفقه، حيث إن ثانيا: منع تحقق الشهرة يف كل موارد الروايات، و هذكثريا من املسائل تكرث األقوال فيها من دون وجود شهرة ألحدها، أو ال شهرة عملية أو روائية

فيها لقلة النصوص، كام أن بعض املسائل غري معنونة عند جميع القدماء، بل عند بعضهم ن الفروع املنصوص عليها مل يعنونها فقط بنحو ال يكون الشهرة عندهم، كام أن كثريا م

القدماء، بل عنونها من تأخر عنهم مع كون النصوص يف تلك املسائل محدودة بطريق واحد أو طريقني، كام أن هناك منط آخر من املسائل وقع الشجار فيها بني املحدثني و املتقدمني، و

دون الطرق االخرى، و ترى اختالفهم يف تضعيف الطرق حيث ان بعضهم يصحح بعض الطرقجامعة منهم يعكس األمر متاما، كام أن هناك منط رابع من املسائل و هي التي ميكن تخريج

الحكم فيها عىل مقتىض فذلكات صناعية، بحيث ال يحرز استنادهم اىل النص الخاص الوارد يف قه، مام يجدها املتتبع مام تلك املسألة، و غري ذلك من أمناط و طبيعة االستدالل يف أبواب الف

ال يكمن تحصيل الشهرة بأقسامها فيها.

۲۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

ثالثا: إنه من البني وجود التعارض الروايئ يف أكرث األبواب الفقهية، و عالج ذلك بالرتجيح فيها الرتجيح يف جهة بصفات الراوي ال ميكن إال بعد معرفة علم الرجال كام ال يخفى، بل إن

الصدور أو املضمون يعتمد كثريا ما عىل علم الرجال أيضا، و ال يكفي فيه الفقه املقارن و

Page 5: بحوث في مباني علم الرجال

الرجوع إىل الكتب الفقهية من أبناء العامة، حيث إن تحديد الجو العلمي و الرأي السائد لتعرف عىل حياة للوسط العلمي للمخالفني حني صدور الرواية ال يتحدد بالدقة إال بعد ا

الرواة العلمية، و كذا التعرف عىل مذاهب الفرق الشيعية االخرى كالفطحية و الواقفية و الناووسية، أو معرفة مدى تأثر الراوي أو انتامئه لهم، كل ذلك ال يتم إال بعد مراجعة علم

ويات الرواة تقبال الرجال، كام إن تحديد درجات أجوبتهم عليهم السالم بلحاظ إختالف مستأو اهتامما أو تضلعا، بل قد قال عدة من املحققني إن معرفة نوع درجة املخاطب مؤثرة يف

داللة و ظهور الجواب. و من ذلك يتبني أن لعلم الرجال فائدة غري هينة يف باب الداللة وجهة الرجال، و ال سيام يف باب روايات الصدور، و إن مل ينبه عىل ذلك من تعرض لبيان رضورة علم

املعارف االعتقادية.

رابعا: إنه قد تقدم يف معرفة الخرب املتواتر و املستفيض انه ال يكفي فيه مجرد اإلملام و اإلحاطة باملصادر الروائية، بل ال بد أن ينضم إليه االطالع عىل أحوال الرجال، ليتم التحديد

الوثاقة يف الطرق و مفردات األسانيد و لتمييز الطرق بعضها عن الدقيق لدرجات الضعف و البعض اآلخر.

و بكلمة موجزة إن علم الرجال حافظ و صائن للرتاث الروايئ و السنة عن الضياع و التالعب و الحذف، و هذه الفائدة من أعظم فوائد علم الرجال و إن مل يرصح بها يف التعاريف

.املذكورة لعلم الرجال

۲۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

فمن باب املثال إن انتساب الكتب الروائية و نسخها إىل أصحابها املتقدمني، و هو ما يعنون مبعرفة أحوال الكتب، كالذي قام به املحققان الجليالن املريزا النوري يف خامتة املستدرك و

يتنقح باالضطالع يف أحوال الرجال و كتب اآلغا بزرگ يف الذريعة و غريهم، إمنا يتحرر و الفهارس.

الجواب عىل دعوى قطعية أو صحة جميع ما يف الكتب األربعة

و أما الدعوى االخرى من قطعية أو صحة صدور جميع ما يف الكتب األربعة و التي ذهب ة فإنه يرد عليها:إليها أصحابنا األخباريون، فمضافا إىل ما ذكرناه عىل رد الدعوى املتقدم

Page 6: بحوث في مباني علم الرجال

أوال: إن كثريا من املسائل الفقهية قد اعتمد فيها عىل نصوص من غري الكتب األربعة كقرب االسناد و كتاب عيل بن جعفر و تفسري القمي و غريها من املصادر الروائية املعروفة، و عليه

فال يستغنى عن علم الرجال بهذه الدعوى.

ارد الطرق يف الكتب األربعة ناقش فيها املحمدون الثالثة قدس رسهم ثانيا: إن كثريا من املو أنفسهم، حيث ضعفوا العديد من الطرق، فرتى الصدوق مثال يضعف روايات سامعة ألنه

، و قواه يف موضع آخر يصف رواية عبد العظيم الحسني التي تفرد بها بالغرابة»۱« واقفيلروايات مام هي صحيحة السند، كام صنع الشيخ الطويس ، بل قد يرى منهم طرح بعض ا»۲«

يف روايات عدم نقصان شهر رمضان عن ثالثني يوما، حيث قد ذكر رواية »۳« يف التهذيب صحيحة السند استخرجها من

______________________________ .۱۲۱و ۱۲۸/ ۲) الفقيه ۱(

.۱۲۸/ ۲) الفقيه ۲(

.۱۶۹/ ۴) التهذيب ۳(

۳۰مباين علم الرجال، ص: بحوث يف

و هذا الخرب ال يصح العمل به «كتاب محمد بن أيب عمري عن حذيفة بن منصور، حيث قال: ء من األصول املصنفة و إمنا هو موجود من وجوه: أحدها إن منت هذا الحديث ال يوجد يف يش

عري منه، و الكتاب يف الشواذ من األخبار، و منها أن كتاب حذيفة بن منصور رحمه هللا انتهى. »۱« »معروف مشهور، و لو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمنه كتابه

فرتى الشيخ يضعف سند الحديث بقرينة خلو كتاب حذيفة مع أن السند من الصحيح األعاليئ، و مع أن الصدوق التزم مبضمون هذه الرواية و نظائرها من عدم نقصان شهر رمضان

يوما، و ادعى فيه أنه من مسلامت املذهب، و قال: يف ثالثني

ء ثابت. بأن الذي ال يلتزم به نتكلم معه بالتقية ألن ذلك يش

و ترى الصدوق رحمه هللا يف باب (الويص مينع ماله الوارث بعد البلوغ) يروي رواية عن هللا ما وجدت هذا قال مصنف هذا الكتاب رحمه«الكليني رحمه هللا ثم يعقبها بقوله:

Page 7: بحوث في مباني علم الرجال

الحديث إال يف كتاب محمد بن يعقوب و ما رويته إال من طريقه، حدثني به غري واحد منهم ، فرتى الصدوق »۲« »محمد بن محمد بن عصام الكليني رىض هللا عنه عن محمد بن يعقوب

هو رحمه هللا مع كون الحديث مشتمال عىل اإلرسال و مع عدم تعلقه بحكم فقهي، بلمتعرض إىل إثم الويص يف ما لو زىن الوارث، ينبه عىل تفرد الكليني بهذا الحديث، أي يريد أن

يبني عدم اعتقاده بقطعية صدوره، فهو ال يعتقد بقطعية أو صحة كل ما يف كتاب الكليني، يبني عىل كام أنه يستفاد من ذلك إنه ليس كل ما يودعه الصدوق رحمه هللا يف كتاب الفقيه

قطعية أو صحة صدوره.

و من أمثال هذين املوردين يجد املتتبع الكثري من املوارد يف التهذيبني

______________________________ .۱۶۹/ ۴) التهذيب ۱(

.۲۲۴/ ۴) الفقيه ۲(

۳۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

للعدة يروي رواية مسندة عن عبد و الفقيه، و هكذا ترى الكليني رحمه هللا يف باب الطالق هللا بن بكري عن أيب عبد هللا عليه السالم إال أنه يطرحها معلال ذلك بأن مضمون هذه الرواية هو رأي ابن بكري و هو رأي الفطحية من جامعته ال روايته عنه عليه السالم مع أن ابن بكري

يح ما يصح عنهم.من أصحاب اإلجامع الذين أجمعت العصابة عىل تصح

عن أحمد بن محمد، »۲« و يف كتاب محمد بن يعقوب الكليني: «»۱« و كذا قال يف الفقيه -العسكري -قال: و لست أفتي بهذا الحديث، بل مبا عندي بخط الحسن بن عيل عليه السالم

».السالمو لو صح الخربان جميعا لكان الواجب األخذ بقول األخري كام أمر به الصادق عليه

و امنا «قال: -خرب الكليني و الصدوق املتقدمني -و قال الشيخ يف التهذيب بعد ذكر الخربين .»۳« »عمل عىل الخرب األول ظنا منه إنهام متنافيني و ليس األمر عىل ما ظن

ء من األصول و مل أجد ذلك يف يش«و قال يف الفقيه يف (كفارة من جامع يف شهر رمضان) قال: .»۴« ، و يشري إىل رواية الكليني عنه»إمنا انفرد بروايته عيل بن ابراهيم

و قال يف التهذيب يف روايات الكر بعد ما روى مرسل ابن أيب عمري قال:

Page 8: بحوث في مباني علم الرجال

.»۵« »فأول ما فيه أنه مرسل غري مسند«

______________________________ .۵۲۳، ۱۵۱/ ۴). الفقيه ۱(

.۴۷ -۴۶/ ۷) الكايف ۲(

.۱۸۶ - ۱۸۵/ ۹) التهذيب ۳(

.۱۰۳/ ۴. الكايف ۳۰۱۳، الحديث ۷۳/ ۲) الفقيه ۴(

.۴۳، ۴۱/ ۱) التهذيب ۵(

۳۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و هكذا ترى يف العديد من املوارد أن الصدوق رحمه هللا يضعف روايات قد اعتمدها الشيخ كلام مل يحكم ابن الوليد «قال يف الفقيه: يف التهذيب و الكليني يف الكايف مسندة، حتى إنه

.»۱« »بصحته فهو عندنا غري صحيح

و هكذا ترى العكس حيث إن الشيخ يضعف سند روايات قد اعتمدها الصدوق يف الفقيه أو الكليني يف الكايف.

و قد روى الكليني رحمه هللا يف باب (شهادة الصبيان) عن أيب ايوب، قال: سمعت إسامعيل جعفر عليه السالم...، حيث إن الرواية ليست قول املعصوم عليه السالم.بن

، »۲« و كذا الحال ما يف الفقيه يف (ارث الزوجة) ما رواه عن محمد بن أيب عمري عن ابن اذينة فهي مقطوعة و غري مسندة.

يف و هكذا معالجة الكليني لباب التعارض بالرتجيح السندي دليل عىل عدم حجية كل ما ، و هكذا يف عبارة الصدوق يف ديباجة الفقيه حيث قال:»۳« الروايات

، فمؤدى هذه أن الصدوق رحمه هللا »و مل أقصد فيه قصد املصنفني يف إيراد جميع ما رووا...«مل يكن يرى أن كل ما يف كتاب الكايف حجة يف ما بينه و بني هللا، و إال الستغنى به عن كتابة

يدل عىل أن ما » و مل أقصد قصد املصنفني يف ما رووا«ضافا إىل أن عبارته عند قوله: الفقيه، م

Page 9: بحوث في مباني علم الرجال

صنف قبله و منه الكايف مل يكن مختصا بالروايات الصحيحة، بل هو حاوي للروايات الصحيحة و غريها.

و هذا الرأي من الصدوق يف قبال رأي املريزا النوري صاحب املستدرك حيث

______________________________ ، يف ذيل حديث صالة الغدير.۲۴۱، الحديث ۵۵/ ۲) الفقيه ۱(

.۲۵۲/ ۴) الفقيه ۲(

) راجع ذلك يف ديباجة الكايف.۳(

۳۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

إنه يذهب إىل االعتامد عىل كل طرق الكايف، لكون تأليفه يف زمن الغيبة الصغرى مع وجود بعة يف بغداد و التي أقام فيها الكليني عند تأليفه للكتاب، و أنه قد قيل فيه: إن النواب األر

الكايف كاف لشيعتنا.

و يدل كالم الصدوق أيضا ال سيام مع االلتفات إىل ما ذكرناه يف ما نقله يف باب الوصية عىل لكايف أنه يفتي به؛ ألنه قد أن الكليني رحمه هللا أيضا مل يكن مبناه عىل أن كل ما يورده يف ا

رصح إىل أن املصنفني من قبله كان ديدنهم عىل عدم االقتصار عىل خصوص الروايات .»۱« الصحيحة عندهم، و إن نقوا كتبهم عن الروايات املدسوسة و املدلسة

هذا و اآلن فحيث وفق هللا تعاىل للفراغ من «و أيضا عبارة الشيخ يف التهذيب عند قوله: الكتاب نحن نذكر الطرق التي نتوصل بها إىل رواية هذه األصول و املصنفات و نذكرها

.»۲« »لتخريج األخبار بذلك عن حد املراسيل و تلحق بباب املسندات

فهذه العبارة رصيحة يف أنه ال يرى قطعية صدور كل ما يف التهذيبني و انه ليس وراء صورة حيح، كالذي ادعاه أصحابنا االخباريون، ليجعل املدار يف الصحة عىل سلسلة السند معيار للتص

السند املذكور.

و قريب من ذلك كالم الصدوق يف مشيخة الفقيه.

و هكذا عبارة الصدوق يف ديباجة الفقيه إنه قد وضع كتاب فهرس لجميع طرقه

Page 10: بحوث في مباني علم الرجال

______________________________ ف باملعنى األخص و بني املدلس، و املوضوع و املدسوس، كام سيأيت تفسري أن الصحيح يف اصطالح ) سيأيت بيان الفرق بني الضعي۱(

القدماء يقع عىل معنيني: أحدهام: ما يقابل املدسوس و املوضوع و املجعول، و اآلخر: ما يساوي الحجة املعتربة و يقابل الضعيف.

) التهذيب يف ديباجة املشيخة.۲(

۳۴الرجال، ص: بحوث يف مباين علم

ء آخر وراءها. اىل الكتب، فانه دال عىل أن املدار يف التصحيح عليها ال عىل يش

هذا مضافا إىل كثري من عبارات الفقيه و الطويس يف تضاعيف األبواب الدالة عىل تضعيف بعض الروايات مثال:

نده عن أيب سعيد . عبارة الشيخ الطويس يف التهذيب حيث روى رواية عن الكليني بس۱ثم يعقبها بقوله: »۱« »أمر رسول هللا صىل هللا عليه و آله بالال ينادي كذا...«الخدري قال:

قال محمد بن الحسن: فام تضمن هذا الحديث من تحريم لحم الحامر األهيل موافق « »يلتفت إليه للعامة و الرجال الذين رووا هذا الحديث اكرثهم عامة و ما يختصون بنقله ال

.»۳« ، مع أن الرواية موجودة يف الكايف أيضا »۲«

. و يف االستبصار يروي الرواية عن الكليني بسنده عن عمران الزعفراين يف باب األخبار التي ۲إن الروايتني خرب واحد ال يوجبان علام و ال عمال «تتعلق بالعدد يف شهر رمضان فيعرب الشيخ:

الزعفراين و هو مجهول و يف أسناد الحديثني قوم ضعفاء ال نعمل مبا و راويهام عمران ، باإلضافة إىل أن الصدوق أيضا »۵« ، مع أن الرواية موجودة يف الكايف»۴« »يختصون بروايته

بتامم العدد يف شهر رمضان. -بتصلب -من القائلني

بن محمد. و يف التهذيب يف بحث الظهار روى رواية يرويها عن القاسم ۳

______________________________ ، باب الصيد و الذكاة.۱. كتاب الصيد و الذبائح، باب ۱۷۰، الحديث ۴۰/ ۹) التهذيب ۱(

.۴۱/ ۹) املصدر املتقدم ۲(

.۱، كتاب األطعمة، باب جامع يف الدواب التي ال تؤكل لحمها، الحديث ۲۴۳/ ۶) الكايف ۳(

.۲، باب ذكر جمل من األخبار يتعلق بها أصحاب العدد، الحديث ۳۶الصيام، الباب ، كتاب ۷۶/ ۲) االستبصار ۴(

Page 11: بحوث في مباني علم الرجال

.۴بدون عنوان، الحديث ۸، كتاب الصيام، باب ۸۱/ ۴) الكايف ۵(

۳۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الزيات، قال: قلت أليب الحسن الرضا عليه السالم: إين ظاهرت من امرأيت... الخ، عن طريق »۲« ، و مع ذلك يالحظ أن الشيخ يعرض عن هذه الرواية و نظرياتها»۱« د بن يعقوبمحم

و يعمل عىل مقتىض القاعدة. »۳« التي رواها الصدوق

ثالثا: إن نفس أصحاب الكتب األربعة قد ذكروا يف ديباجة كتبهم أنهم ذكروا سلسلة السند يك يدلل عىل أن منشأ اعتبار روايات الكتب إمنا تخرج روايات الكتاب عن حد اإلرسال و هذا مام

هو صورة السند املذكور و لو كان هناك قرائن أخرى عىل اعتبار السند ألوردوها ألن بغيتهم من إيراد السند هو اعتبار الرواية سندا.

وا و دعوى أن إيرادهم لسلسلة األسانيد و املشيخة هي للتزيني، واهية جدا و منافية ملا رصحبه يف ديباجة كتبهم و ملا يرصحون به يف تضاعيف األبواب من طرح عدة من الروايات

إلرسالها مثال، أو كون الراوي ذا مذهب فاسد و نحو ذلك.

نعم هناك دعوى أخرى العتبار طرق أصحاب الكتب األربعة إىل كتب و أصول املشيخة ال ن متاميتها و مغايرتها لدعوى األخباريني.لتامم سلسلة السند، و سيأيت التعرض لها و بيا

رابعا: إن هناك دعوى وجود العلم اإلجاميل بوقوع التدليس يف الطرق و قد تعرض لها الشيخ األنصاري رحمه هللا يف رسائله يف مبحث حجية خرب الواحد قبل دليل

______________________________ .۲۴، الحديث ۱۵۸/ ۶. و يف الكايف ۱۷يف حكم الظهار، الحديث ۲اب ، كتاب الطالق، ب۱۳/ ۸). التهذيب ۱(

.۱۹يف حكم الظهار، ذيل الحديث ۲، كتاب الطالق، باب ۱۴/ ۸). التهذيب ۲(

.۱۳، باب الظهار، الحديث ۱۷۱، كتاب الطالق، باب ۳۴۴/ ۳) الفقيه ۳(

۳۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 12: بحوث في مباني علم الرجال

اهد و قرائن من كتاب الكيش و النجايش و فهرست الشيخ االنسداد، و جمع فيها عدة شو الطويس عىل وقوع مثل هذا التدليس، نظري ما هو موجود يف الكيش بأسانيد بعضها معترب كام

يف قوله عليه السالم:

دس يف كتب أصحاب أيب أحاديث مل يحدث بها «و » قد كان املغرية بن سعيد يكذب عىل أيب« .»۱« »أيب

ا يرويه عن يونس بن عبد الرحمن أنه قد روى عن جم غفري من أصحاب أيب عبد و نظري مهللا عليه السالم ثم عرضها عىل أيب الحسن الرضا عليه السالم فحكم اإلمام عليه السالم عىل

إىل غري ذلك مام تسامل الرجاليون »۲« العديد منها إنها مام كذب عىل أيب عبد هللا عليه السالمىل بعض الرواة أنهم من الوضاعني ممن قد وقعوا يف أسانيد الروايات، و غري ذلك من ع

القرائن فراجع.

و هذا العلم اإلجاميل قد أشار الشيخ إىل أنه قد أوجب صريورة بعض املحققني إىل التمسك ة بعد بذيل دليل االنسداد يف حجية الخرب لعدم جدوى الدليل الخاص عىل حجية خرب الثق

فرض وجود العلم اإلجاميل املزبور، لعدم إمكان إحراز الصغرى، فيتعني حينئذ قيام دليل االنسداد.

و قد ذهب إىل ذلك يف الجملة بعض السادة من مشايخنا املحققني.

و بالجملة: فدعوى العلم اإلجاميل املزبور و عدم انحالله و بقائه و إن كانت غري سديدة ذلك، إال أنها بشواهدها املتقدمة صالحة ملقابلة عندنا كام سنبني

______________________________ .۴۰۸ - ۳۹۹، الحديث ۳۰۱ -۲۹۶) راجع: رجال الكيش (اختيار معرفة الرجال) يف املغرية بن سعيد: ۱(

، يف املغرية بن سعيد.۴۰۱، الحديث ۲۹۷) رجال الكيش/ ۲(

۳۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

ما يذكر من شواهد لدعوى األخباريني من صحة كل ما يف الكتب الروائية، فإن شواهد الدعوى االخرى و ان كانت تامة يف نفسها إال أنها ال تثبت الدعوى املتقدمة، بل هي موجبة

النحالل شواهد الدعوى األوىل بوجود العلم اإلجاميل بوقوع التدليس.

Page 13: بحوث في مباني علم الرجال

عويني و يكون املدار عىل صحة السند حينئذ، و ليس ذلك من باب و عليه فتسقط كلتا الدالتساقط عند الشك و التعارض، بل لتولد العلم التفصييل الالحق بانحالل العلم اإلجاميل

املزبور، أي العلم بوقوع الغربلة و التصفية و املقابلة و التثبت و التشدد لكل روايات األصول ميع بعدها بعرضها أما عىل األمئة عليهم السالم أو عىل ما استفاض من األربعامئة و كتب املجا

رواياتهم عليهم السالم بحيث طرح كل ما علم بتدليسه أو وقع ضمن دائرة العلم بحسب املوارد و األبواب.

و أما الشواهد عىل تولد العلم التفصييل فملخصها هو ما وقع من تشدد القميني إىل الغاية، د أفرطوا يف ذلك يف صيانة النقل، حيث كانوا يخرجون من (قم) كل من يروي عن بل ق

الضعفاء و املجاهيل، و إن مل يعلم أن تلك الرواية مدلسة أو مدسوسة، فهذا الربقي الجليل قد أخرجوه و غريه من عرشات الرواة األجالء، و كذا ما استثنوه من كتاب نوادر محمد بن أحمد

ألشعري، املوسوم كتابه (بدبة شبيب)، و غريها من الكتب التي استثنوا كثريا من بن يحيى ارواياتها تصلبا منهم يف تنقية الحديث، و كم من راو ضعفوه و هجروا روايته ملجرد دعواهم

إفراط من القول، كام ذكر ذلك عامة -ضابطته -الغلو يف حقه مع أن مبناهم يف حد الغلو ي هذه األعصار، و هذا التشدد يف الوقت الذي أوجب عملية تصفية و تنقية يف متأخر

الحوزات الروائية الحديثية، و أوجب ظاهرة املداقة املتناهية يف غربلة طرق الحديث، إال أنه يف الوقت نفسه أوجب ضياع جزء من الرتاث الروايئ.

۳۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

يضا ما وقع من كبار الرواة من مقابلة األحاديث التي جمعوها بعرضها عىل و من الشواهد أ األمئة عليهم السالم املتأخرين، كام وقع ذلك ليونس بن عبد الرحمن بطريق معترب يف الكيش

، و ككتايب: »۲« ، و كتاب عبيد هللا بن عيل الحلبي املعروض عىل الصادق عليه السالم»۱«من و الفضل بن شاذان املعروضني عىل اإلمام العسكري عليه السالم، و يونس بن عبد الرح

كام وقع ذلك يف عدة من الكتب التي عرضت عىل اإلمام الجواد عليه السالم و التي ترحم ، و كام وقع ذلك أيضا من النائب الثالث الحسني »۳« اإلمام عىل مؤلفيها، ككتاب يوم و ليلة

ي جمع فيه مروياته عن شيوخ الرواة عىل فقهاء و محديث (قم) بن روح من عرض كتابه الذ .»۴« ليقابلوها مع املستفيض من رواياتهم كام ذكر ذلك الشيخ يف كتاب الغيبة يف ترجمته

Page 14: بحوث في مباني علم الرجال

و بالجملة: فإن عملية مقابلة الكتب أدمنها الرواة منذ عهد الصادق عليه السالم، و مرحلة مبرحلة تدوين املجاميع يف عهد الرضا عليه السالم، كمشيخة تدوين األصول األربعامئة مرورا

الحسن بن محبوب و كتب الحسني بن سعيد األهوازي و صفوان بن يحيى و ابن أيب عمري و غريهم، إىل مرحلة تدوين الكتب يف عهد العسكريني عليهام السالم و الغيبة الصغرى ككتاب

و كتاب املحاسن ألحمد بن محمد الربقي و غريهام، قرب االسناد لعبد هللا بن جعفر الحمريي، و انتهاء مبرحلة أصحاب الكتب األربعة يف كتبهم األربعة و غريها.

حيث إن مرحلة األصول كانت قامئة عىل التلقي املبارش عن اإلمام عليه السالم،

______________________________ رية بن سعيد.، يف املغ۴۰۱/ الحديث ۲۹۷) رجال الكيش ۱(

، عبيد هللا بن عيل بن أيب شعبة.۶۱۲/ الرقم ۲۳۱) رجال النجايش ۲(

.۷۴من أبواب صفات القايض، الحديث ۸) وسائل الشيعة: كتاب القضاء، الباب ۳(

.۳۹۰) الغيبة/ ۴(

۳۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

االصول مع تشذيبها و تهذيبها و مرحلة املجاميع و كتب املشيخة كانت عبارة عن جمع ما يف و عرضها و مقابلتها عىل األمئة املتأخرين عليهم السالم، و مرحلة الكتب كانت عبارة عن

جمع األصول الالحقة املتولدة من األمئة املتأخرين عليهم السالم مع تبويب الروايات، و أما لروايات و الطرق مع املبالغة مرحلة أصحاب الكتب األربعة فكانت عبارة عن استقصاء كل ا

يف التبويب و الفهرسة و التنقية، فرنى الكليني رحمه هللا يذكر أن الداعي إىل تأليف كتاب أما بعد فقد فهمت يا أخي ما شكوت من اصطالح أهل دهرنا عىل الجهالة و «الكايف هو:

».توازرهم و سعيهم يف عامرة طرقها و مباينتهم للعلم...

بل قصدت إىل إيراد ما أفتي «ق يف الفقيه يف مقام بيان منهجه يف كتابه يقول: و نرى الصدو -تقدس ذكره و تعالت قدرته -به و أحكم بصحته و أعتقد فيه أنه حجة يف ما بيني و بني ريب

ثم ذكر أسامء -و جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها املعول و إليها املرجعغريها من االصول و املصنفات التي طرقي إليها معروفة يف فهرس الكتب و قال: و -الكتب

.»۱« »و بالغت يف ذلك جهدي -ريض هللا عنهم -التي رويتها عن مشايخي و أساليف

Page 15: بحوث في مباني علم الرجال

هذا و قد ذكر اآلغا بزرك الطهراين رحمه هللا يف كتاب مصفى املقال يف مصنفي علم الرجال: طاوس مائة و نيف من مصنفات اإلمامية من كتب الفهارس و انه كان يف مكتبة السيد ابن«

».الرجال فقط

و غري ذلك مام ذكره رواد و مهرة علم الرجال من تواتر القرائن التي ال تحىص عىل غربلة الحديث و تنقيته مبا مل يعهد ذلك عند أحد من فرق املسلمني، بعد

______________________________ .۵ -۳الفقيه/ ) ديباجة۱(

۴۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

كون الطائفة اإلمامية هي أول من دون الحديث يف الصدر األول ككتاب سليم بن قيس و غريه، بينام نرى بقية الفرق قد تأخرت يف تدوين الحديث إىل ما بعد منتصف القرن الثاين.

من قبلنا يف مالحظة سلسلة األسانيد و لكن ال يخفى أن كل ذلك ال يعني إهامل النظر الطرق، بل هي يف قبال دعوى العلم اإلجاميل املتقدم.

خامسا: إن ظروف التقية الشديدة السائدة يف عهد أصحاب األمئة عليهم السالم، الرواة عنهم، لخوف و التي قد تؤدي ببعضهم إىل ضياع كتبه أو عدم روايتها إال لواحد أو اثنني لظروف ا

من السلطة األموية و العباسية كام وقع ذلك البن أيب عمري يف القصة املعروفة له و تعذيبه يف سجن هارون ليقر عىل رواة الشيعة و قيام ابنته بدفن كتبه أو إخفاءها فامنحت عديد من

ء الكبار األسانيد، و لذلك اشتهر ابن أيب عمري باملراسيل، كام أن العديد من الرواة األجال أصحاب الكتب ديدنهم عىل الرواية عن الضعاف يف تلك الروايات التي ال يظهر منها الوضع و الدس و تكون غري مخالفة للكتاب و السنة القطعية حتى إن الذي اختص من الرواة بالرواية

قة، و عن خصوص الثقة قد ميز بأصحاب اإلجامع و بوصف أنه ال يروي و ال يرسل إال عن ثبأدىن مراجعة إىل تراجم املفردات الرجالية يظهر عدم تقيد العديد من الرواة بالرواية عن

خصوص الثقة، و مع هذا فكيف تتم دعوى كون كل األسانيد قطعية أو صحيحة.

تذييل ذو صلة برد الدعويني

Page 16: بحوث في مباني علم الرجال

تهانة و اإلنكار للقيمة ال يخفى أن كل ما ذكرناه يف رد الدعويني املتقدمتني ال يعني االس العلمية لبعض روايات الكتب األربعة و الكتب االخرى الروائية،

۴۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

ألن الروايات الضعيفة ليست مبعنى املدسوسة و املدلسة و غري الصادرة عنهم عليهم السالم و دءين، حيث أن املدسوس و املدلس كم هو الفارق بينهام، و إن اشتبه ذلك عىل كثري من املبت

هو ما يحكم بوضعه و تزويره بقرائن شاهدة عىل ذلك، بخالف الرواية الضعيفة أو املجهولة السند أو املرسلة أو املرفوعة أو املقطوعة أو الحسنة أو القوية، فإن املراد من ضعفها عدم

مبا كانت صادرة و مضمونها حق و واجديتها يف نفسها لرشائط الحجية، ال أنها موضوعة فلر إن مل نحتج بها، كام أن للخرب الضعيف حكمني آخرين غري الحجية يشرتك فيهام مع الخرب

-الصحيح املعترب:

أولهام: حرمة الرد الثابتة بروايات متواترة، و موضوعها كل رواية مل يعلم و مل يقطع بوضعها و السنة، و هذه الحرمة املسلمة بني علامء اإلمامية ال تناقضها مع رضوريات الكتاب و

موضوعها كل من الخرب الصحيح و الضعيف.

ثانيها: تشكل و تولد و تكون الخرب املستفيض و املتواتر من كل من الخرب الصحيح أو الضعيف، حيث إن النسبة االحتاملية املتصاعدة بالصدور بالعامل الكمي و الكيفي يف نظرية

الحتامالت الرياضية الربهانية تتصاعد بهذين العاملني إىل أن يصبح مستفيضا أو متواترا، ال اسيام بعد ما نبه عليه اآلخوند من تقسيم التواتر و املستفيض إىل املتواتر و املستفيض

اللفظي و املعنوي و اإلجاميل، و أدناها درجة هو اإلجاميل و هو حاصل يف غالب األبواب.

ن ثم من الخطورة مبكان تضييع الرتاث الروايئ الديني عنهم عليهم السالم بالغفلة و فم .»۱« الجهالة عن هذين الحكمني

______________________________ ) نظري ما ألف من كتاب (الصحيح من الكايف).۱(

۴۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 17: بحوث في مباني علم الرجال

من األهمية الكبرية التي ال تقارن بآحاد األخبار و الحال أن التواتر و املستفيض عىل درجةالصحاح من الحجة املنفردة، إذ املتواتر و املستفيض مدرك قطعي و من بينات الدين الحنيف

فكيف يستهان و يغفل عن منابع تولده.

و نظري هذه الغفلة ما يطلقه بعض األجلة حول كتاب مستدرك الوسائل، أو غريها من الروائية ملصادر األدلة الرشعية أو ما يطلقه بعض املبتدءين حول كتاب بحار األنوار، املجاميع

فإن يف هذه املجاميع كثريا من الطرق الصحيحة و املتعاضدة لحصول الوثوق بالصدور، و من الغريب أيضا ما يشاهد عن بعضهم من استعراض العديد من الروايات التي قد تصل أحيانا

نية املختلفة يف درجات الضعف أو املأخوذة من مصادر معتربة، حيث يطرحها سندا إىل الثاممع أن الوثوق بالصدور الحاصل منها بسبب العامل الكيفي كأن تكون الطرق مختلفة من

حيث املدرسة الروائية حيث إن يف بعضها سلسلة من الرواة القميني و أخرى البرصيني و ثالثة ة الكوفيني مام يبعد تواطئهم عىل أمر واحد، مضافا إىل العامل الكمي مع البغداديني و رابع

أنه أكرب درجة يف الوثوق من الخرب الصحيح األعاليئ.

إضافة إىل أن جل و معظم أبواب بحار األنوار ال يقل عدد روايات كل باب منه عن حد و املعترب فيه.االستفاضة، هذا فضال عن كرثة وجود الصحاح و املوثق

و بالجملة: فااللتفات إىل هذه القاعدة من علم الدراية و هي كيفية نشوء املستفيض و املتواتر و كيفية اجتامع و تظافر القرائن لحصول الوثوق بالصدور يف الخرب مع االلتفات إىل

االختالف يف درجات الضعف عاصم عن مثل هذه الورطات العلمية.

ال يف الخرب املرسل عىل درجات، إذ قد يكون اإلرسال فيه يف طبقة واحدة و قد فمثال: إن اإلرس يكون يف طبقات عديدة و قد يكون املرسل من كبار الرواة

۴۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

(كجميل بن دراج)، و هكذا الحال يف لفظ اإلرسال، فرنى االختالف فيه كام يف التعبري تارة: بنا)، و أخرى: (عمن ذكره)، و ثالثة: (عن رجاله)، و رابعة: (عن رجل)، فإن (عن بعض أصحا

بينها اختالفا يف درجة احتامل الصدور.

Page 18: بحوث في مباني علم الرجال

و مثال الرجل الضعيف تختلف درجات ضعفه، فتارة هو ممدوح غري مطعون عليه أو له و أخرى يكون مهمال أو كتاب أو قد روى عنه األجالء أو إن له رواياتا كثرية أو إنه شيخ إجازة،

مجهوال أو موصوفا بالكذب أو طعن عليه بالغلو فقط أو طعن عليه بالتخليط و عدم الضبط و عدم التثبت أي إنه ثقة يف نفسه إال أن ضعفه من جهة أخرى، فإن كل ذلك تختلف معه

حيث العمد و درجات احتامل الصدور، أي إن منشأ الضعف تارة يرجع إىل صدق اللهجة منأخرى من جهة عدم االشتباه و الضبط، كام ذكروا ذلك يف أن حجية الخرب من حيث الصدور

يجب أن يؤمن اعتبار الصدور من جنبتني: عدم العمد إىل الكذب و عدم االشتباه. أو كام أنه لضعيفة ميكن أن يكون يف سلسلة السند عدة مجاهيل أو مجهول واحد فقط، كام أن الرواية ا

قد تكون منفردة مبضمونها يف الباب و قد تكون متعاضدة يف أبعاض مضامينها بروايات أخرى معتربة.

إىل غري ذلك مام يتنوع و يختلف درجات الضعف يف الرواية مام تكون مقاربة و مشارفة مع لالعتبار أو تكون بعيدة عنه؛ فإن مثل هذه التقسيامت الروائية و الدرائية للحديث

االلتفات إىل صغرياتها يف األبواب أمر بالغ األهمية يف تحديد العامل الكمي و الكيفي للوثوق بالصدور أو االستفاضة و التواتر.

۴۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

دعوى الثالثة عدم صحه املناقشة يف أسانيد الكاىف

، حيث قال يف خامتة املستدرك يف ۰نائيني و هي دعوى املريزا النوري و تابعه عليها املريزا ال :»۱« الفائدة الرابعة

بأمور إذا تامل فيها املنصف يستغني عن -الكتب األربعة -و كتاب الكايف..... امتاز عنها«مالحظة حال آحاد رجال سند األحاديث املودعة فيه و تورثه الوثوق و يحصل له االطمئنان

:-مطلق املعترب -عنى املعروف عند األقدمنيبصدورها و ثبوتها و صحتها بامل

األول: ما ذكر يف مقام مدحه ترصيحا أو تلويحا، ثم ذكر عبارات املفيد و املحقق الكريك و والد الشيخ البهايئ و املجليس و األسرتابادي و الشيخ حسن الدمستاين.

Page 19: بحوث في مباني علم الرجال

الكليني يف حياة النواب من كون »۲« الثاين: ما ذكره عن السيد ابن طاوس يف كشف املحجةفتصانيف «األربعة أي يف الغيبة الصغرى و كان مقيام يف بغداد يف النصف الثاين من عمره

و رواياته يف زمن الوكالء املذكورين يف وقت يجد طريقا إىل -محمد بن يعقوب -هذا الشيخ ».تحقيق منقوالته و تصديق مصنفاته

املطمنئ به عرض الكتاب عىل أحدهم و إمضائه حيث كان وجها ثم ذكر املريزا النوري إنه من و عينا و مرجعا للطائفة؛ مع اعرتافه بأن الخرب الشائع من عرض الكتاب عىل الحجة عليه

ال أصل له و ال أثر، و رصح املحدث األسرتابادي » إن هذا كاف لشيعتنا«السالم و قوله: كون أحاديث كتاب الكايفبعدمه، مع أن األخري يبني عىل

______________________________ ، طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السالم.۴۶۳/ ۳) خامتة املستدرك ۱(

.۱۵۹) كشف املحجة/ ۲(

۴۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

قطعية كام هو الحال يف مكاتيب الحمريي للناحية املقدسة عرب النواب األربعة.

.»۱« عىل النائب الثالث -ابن أيب عزاقر -عرض كتاب الشلمغاينو كام يف

إنه أوثق الناس يف الحديث و أثبتهم، صنف الكتاب «الثالث: قول النجايش يف حقه رحمه هللا: ثم ذكر أن هذا التوثيق يفوق توثيق »۲« »املعروف بالكليني يسمى الكايف يف عرشين سنة

اب الكتب، فال يتم إطالق تلك العبارة إال باعتبار سند أحاديث العديد من كبار الرواة و أصح كتبه. ثم ذكر عبارة الشيخ املفيد بأنه أجل كتب الشيعة و أكرثها فائدة.

الرابع: شهادته قدس رسه بصحة أخباره يف خطبة الكتاب، ثم ذكر أن املراد عن صحة الحديث رين، بل املراد منها الخرب املعترب بكافة أقسامه، كام عند القدماء هي ليست الصحة عند املتأخ

ذكر ذلك الشيخ بهاء الدين يف كتاب مرشق الشمسني.

.»۳« ثم استعرض النوري عدة من الشبهات يف قبال دعواه و أجاب عنها

الجواب عىل هذه الدعوى

Page 20: بحوث في مباني علم الرجال

وثاقة مشايخ صاحب أما األمر األول الذي عنونه فإنه هناك فرق بني، بني وثاقة الكتاب والكتاب و الكتب الذي اعتمد عليها الكتاب كأمخذ و منبع له، و بني اعتبار كل الطرق

املوجودة فيه إىل املعصوم عليه السالم.

و بعبارة أخرى: إن هناك فرقا واضحا بني اعتبار الكتاب يف مقابل الدس

______________________________ .۲۵۱لطويس/ ) الغيبة/ الشيخ ا۱(

.۱۰۲۶/ ۳۷۷) رجال النجايش ۲(

.۵۰۵ -۴۸۵/ ۳) خامتة املستدرك ۳(

۴۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و الوضع و بني اعتبار طرق الكتاب يف مقابل ضعف تلك الطرق، و كم وقع الخلط بينهام، ريه، و نظري نظري ما سيأيت يف عبارة كامل الزيارات و عبارة عيل بن إبراهيم القمي يف تفس

تعبري الكليني نفسه يف ديباجته و كذا الفقيه و التهذيب يف ديباجتهام، إذ ديدن أصحاب الكتب األجالء يف تدوينهم لها هو اعتامد املصادر و األصول التي ليس فيها شبهة الوضع و

تلك الدس، بل موثق انتسابها ألصحابها، و السبب يف هذه الظاهرة العلمية لديهم، هو أن الفرتة كانت فرتة تشدد يف تصفية الحديث و تنقيته عن الكتب املخلطة و األحاديث

املوضوعة و املدسوسة، كام هو معروف من املدرسة القمية بإسقاطها اعتبار أي محدث يروي عن غري املأمونني من الدس و الوضع، مهام بلغ مقامه العلمي و جاللته، و هذه الحالة نشأت

ا عن التسيب يف نقل الحديث و اندساس الكذابة و الوضاعة يف طرق الحديث، إىل غري تحفظذلك من قرائن و رشائط تجنب املدسوس و املوضوع، و هذا الباب غري باب اعتبار الطريق

مقابل ضعفه.

كام قد نبهنا إىل التفرقة بني الضعيف بأقسامه و بني املدسوس و املوضوع و املجعول فكذلكمع الضعيف بأقسامه، فبني األقسام الثالثة تعدد، -أي املعترب بأقسامه -فرق بني الخرب الصحيح

فتارة تقام الشواهد عىل نفي القسم الثالث و أخرى تقام الشواهد عىل نفي القسم الثاين، نظري ما ذكرناه يف الجواب الرابع عن دعوى أصحابنا األخباريني من وجود العلم التفصييل

قرائن و شواهد عديدة عىل متحيص و غربلة األخبار؛ فإن مؤدى هذا العلم هو نفي القسم ب

Page 21: بحوث في مباني علم الرجال

الثالث ال نفي القسم الثاين، و من ثم اقترصنا يف مؤداه عىل حل دعوى العلم اإلجاميل بوجود القسم الثالث.

و الحاصل: إن لدى املحدثني و الرجاليني منطني من االعتبار و الصحة

۴۷ث يف مباين علم الرجال، ص: بحو

ال يخفيان عىل مثل املحدث املريزا النوري.

و أما الجواب عىل األمر الثاين، فقد نقل املريزا النوري نفسه عن العالمة املجليس يف مرآة و أما جزم بعض املجازفني بكون جميع الكايف معروضا عىل القائم عجل هللا «العقول ما لفظه:

كونه يف بلد السفراء، فال يخفى ما فيه، نعم عدم انكار القائم عجل هللا فرجه و آبائه فرجه ليف أمثاله يف تأليفاتهم و رواياتهم مام يورث الظن املتاخم للعلم بكونهم عليهم السالم راضيني

.»۱« »بفعلهم و مجوزين للعمل بأخبارهم

لنواب األربعة من الناحية املقدسة يف األمور و وجه ضعف هذا األمر الثاين هو أنه كان نصب االتنفيذية من قبض مال الصاحب عجل هللا فرجه و رفع األسئلة يف وقائع الحوادث املستجدة

و ارتباط الطائفة باألصل و نحو ذلك، و مل يكن ديدنهم عرض ما يرويه الرواة عن آبائه عليهم يف كثري من األسئلة املوجهة للناحية املقدسة يجيبهم السالم عليه عجل هللا فرجه حتى إن

عجل هللا فرجه بالرجوع إىل كتب الروايات عن آبائه تعليام للطائفة عىل هذا النهج، حتى يف مثل مكاتبات الحمريي التي استشهد بها املحدث النوري فإن يف كثري منها يرجعه إىل موازين

ة عن آبائه عليهم السالم تعليام للطائفة بالرجوع إىل روايات معالجة تعارض الروايات املروي الرواة عن األمئة املاضني عليهم السالم بأعامل موازين الحجية و عدم التوقف و الحرية، بل إن

إن »۲« ذلك كان ديدن النواب األربعة أنفسهم، حيث يذكر الشيخ الطويس يف كتاب الغيبة ن روح قد ألف كتابا جمع فيه روايات عنالنائب الثالث الحسني ب

______________________________ .۲۲/ ۱) مرآة العقول ۱(

، طبعة مؤسسة املعارف.۳۹۰) الغيبة/ ۲(

Page 22: بحوث في مباني علم الرجال

أنفذ الشيخ الحسني بن روح رىض هللا عنه كتاب التأديب إىل (قم) و كتب إىل جامعة ل ال الفقهاء بها، و قال لهم: انظروا يف هذا «قال: ء يخالف إال قوله يف الصاع: يف الفطرة نصف صاع من الكتاب و انظروا فيه شيئا يخالفكم، فكتبوا إليه: انه كله صحيح، و ما فيه يش

».طعام، و الطعام عندنا مثل الشعري من كل واحد صاع

۴۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

لك الكتاب عىل محديث و فقهاء قم و منهم الرواة عن األمئة املاضني عليهم السالم ثم عرض ذعيل بن بابويه فصححوا له روايات كتابه عدا ما رواه يف القدر الواجب يف زكاة الفطرة، فإنه

خالف مسلامت املذهب.

عن النائب األول و الثاين من تأليفهام لكتاب جمعا فيه ما روياه »۱« و كذا ما ذكره الشيخعليهام السالم، و ما روياه عن الرواة عن األمئة املاضني، و ورثته بنتهام عن اإلمامني العسكريني

العاملة الجليلة و قد تلقت الطائفة هذا الكتاب كبقية الكتب الروائية من النظر إىل أسانيده و غري ذلك؛ فإذا كان الحال يف النواب األربعة ذلك فكيف بغريهم!

قدسة عجل هللا فرجه بل و كان ديدن األمئة املاضني و الحاصل: انه كان ديدن الناحية املعليهم السالم ذلك، إذ هي الطريقة املألوفة، فهل يتوهم أن ما ألف من كتب روائية يف عهد الصادقني أو الكاظمني و الرضا و العسكريني عليهم السالم إنه قد عرضت جميع تلك الكتب

عهدهم كان عهد الحضور و التقية فيه، دون التقية يف عليهم و صححت جميع طرقها، مع أن زمن الغيبة الصغرى.

و أما الجواب عن األمر الثالث، فإن أوثقية الكليني و أثبتيته حتى سمي بثقة اإلسالم ال تعني إال اإلعتبار لنفي الدس و الوضع عن كتابه و عن املنابع و املآخذ التي استند إليها، ال إنها

تعني توفر الكليني رحمه هللا عىل ما يرفع اإلرسال أو القطع أو املجهولية يف سلسلة الطرق التي قد تكون يف روايات كتابه، إذ قد ذكرنا أن ذكر

______________________________ .۳۶۳). الغيبة/ ۱(

۴۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

انيد الروايات هي لكون السند ميزان اعتبار الرواية أصحاب الكتب األربعة و غريهم لصورة أس و أنه ليس ورائه ميزان آخر و إال لذكروه لكون غرضهم ذكر ما يوجب اعتبار ما يروونه.

Page 23: بحوث في مباني علم الرجال

فإنه حىك كل من -الطبقات الثالث -يف املقام ما ذكر يف أصحاب اإلجامع -مثال -و يكفييصح عنهم و هم أقرب عهد بصدور الروايات الكيش و الشيخ إجامع الطائفة عىل تصحيح ما

و هم مشيخة أصحاب الكتب التي روى عنها الكليني و مع ذلك سيأيت أن اإلجامع املزبور يف حقهم إمنا هو مبعنى وثاقتهم و تحفظهم عن رواية املدسوس و املوضوع، و أن ديدنهم كان

ريق بينهم و بني املعصوم مام يتوسط عىل التثبت و تنقيد صدور الروايات ال مبعنى صحة الط من الرواة اآلخرين.

و أما الجواب عىل األمر الرابع، فيتضح الجواب عنه مبا ذكرناه يف الجواب عن األول فتدبره فإنه نافع يف مقامات كثرية

دعوى رابعة اعتبار طرق املشيخة املشهورين

األربعة، و ذلك بالتفصيل يف تلك الطرق و مقتضاها التفصيل يف اعتبار طرق روايات الكتبو بني طرق -طرقهم إىل كتب املشيخة -بني طرق أصحاب الكتب األربعة إىل الكتب املشهورة

أصحاب كتب املشيخة إىل املعصوم و كذا الحال يف طرق من أىت بعد أصحاب الكتب األربعة طرقهم إىل الكتب من القدماء كالراوندي و ابن إدريس و ابن شهرآشوب بالنسبة إىل

املشهورة، فيرتتب عىل هذه الدعوى لو متت حرص الحاجة لعلم الرجال و متحيص السند يف قطعة منه من صاحب الكتاب املشهور يف ما يرويه بسلسلة معنعنة عن اإلمام عليه السالم أو

و غري ذلك. يف الفوائد االخرى التي ذكرت آنفا من حفظ الرتاث و تحصيل التواتر و املستفيض

۵۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

يف رشح الحديث »۱« و قد تبنى هذه الدعوى العالمة املجليس رحمه هللا يف كتاب األربعنيالخامس و الثالثني عند كالمه يف تحقيق سند الحديث، الذي رواه الكليني الذي وقع فيه

مري حيث قال:محمد بن إسامعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أيب ع

عندنا، بل كانت »۲« و كتب ابن أيب عمري كانت أشهر عند املحدثني من اصولنا األربعة«االصول املعتربة األربعامئة عندهم أظهر من الشمس يف رابعة النهار، فكام إنا ال نحتاج إىل

االقتداء بسنة السلف سند لهذه األصول األربعة و إذا أوردنا سندا فليس إال للتيمن و التربك و و رمبا مل ينال [ينل] بذكر سند فيه ضعف أو جهالة لذلك فكذا هؤالء األكابر من املؤلفني،

لذلك كانوا يكتفون بذكر سند واحد إىل الكتب املشهورة و إن كان فيه ضعف أو مجهول. و

Page 24: بحوث في مباني علم الرجال

فها القوم هذا باب واسع شاف نافع إن أتيتها يظهر لك صحة كثري من األخبار التي وص بالضعف.

و لنا عىل ذلك شواهد كثرية ال يظهر عىل غرينا إال مبامرسة األخبار و تتبع سرية قدماء علامئنا األخيار و لنذكر هنا بعض تلك الشواهد ينتفع بها من مل يسلك مسلك املتعسف املعاند.

ب أو إىل ابن أيب عمري أو إىل األول: إنك ترى الكليني رحمه هللا يذكر سندا متصال إىل ابن محبو غريه من أصحاب الكتب املشهورة ثم يبتدئ بابن محبوب مثال و يرتك ما تقدمه من السند و ليس ذلك إال ألنه أخذ الخرب من كتابه فيكتفي بإيراد السند مرة واحدة فيظن من ال دراية له

يف الحديث أن الخرب مرسل.

______________________________ .۵۱۴ -۵۰۹). كتاب األربعني/ ۱(

) اي الكتب األربعة.۲(

۵۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الثاين: إنك ترى الكليني و الشيخ و غريهام يروون خربا واحدا يف موضعني و يذكرون سندا إىل و صاحب الكتاب ثم يوردون هذا الخرب بعينه يف موضع آخر بسند آخر إىل صاحب الكتاب أ يضم سندا أو أسانيد غريه إليه، وتراهم لهم أسانيد صحاح يف خرب يذكرونها يف موضع، ثم

يكتفون بذكر سند ضعيف يف موضع آخر و مل يكن ذلك إال لعدم اعتنائهم بإيراد تلك األسانيد الشتهار هذه الكتب عندهم.

ي رحمه هللا أخذ األخبار يف الثالث: إنك ترى الصدوق رحمه هللا مع كونه متأخرا عن الكلينالفقيه عن األصول املعتمدة و اكتفى بذكر األسانيد يف الفهرست و ذكر لكل كتاب أسانيد صحيحة و معتربة، و لو كان ذكر الخرب مع سنده الكتفى بسند واحد اختصارا و لذا صار

الفقيه متضمنا للصحاح أكرث من سائر الكتب.

يقتف أثره لتكثري الفائدة و قلة حجم الكتاب فظهر أنهم كانوا و العجب ممن تأخره كيف مل يأخذون األخبار من الكتب و كانت الكتب عندهم معروفة مشهورة متواترة.

Page 25: بحوث في مباني علم الرجال

الرابع: إنك ترى الشيخ رحمه هللا إذا اضطر يف الجمع بني األخبار إىل القدح يف سند، ال يقدح ازة، بل يقدح إما يف صاحب الكتاب أو يف من يف من هو قبل صاحب الكتاب من مشايخ اإلج

بعده من الرواة، كعيل بن حديد و أرضابه، مع أنه يف الرجال ضعف جامعة ممن يقعون يف أوائل األسانيد.

الخامس: إنك ترى جامعة من القدماء و املتوسطني يصفون خربا بالصحة مع اشتامله عىل عن ذلك و اعرتضوا عليهم كأحمد بن محمد بن الوليد و جامعة مل يوثقوا، فغفل املتأخرون

أحمد بن محمد بن يحيى العطار و الحسني بن الحسن بن أبان و أرضابهم، و ليس ذلك إال ملا ذكرنا.

۵۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

طرا يف السادس: إن الشيخ (قدس هللا روحه) فعل مثل ما فعل الصدوق، لكن مل يرتك األسانيدكتبه، فاشتبه األمر عىل املتأخرين، ألن الشيخ عمل لذلك كتاب الفهرست و ذكر فيه أسامء املحدثني و الرواة من اإلمامية و كتبهم و طرقه إليهم و ذكر قليال من ذلك يف مختتم كتايب

ء من تلك يش التهذيب و االستبصار؛ فإذا أورد رواية ظهر عىل املتتبع املامرس أنه أخذه مناألصول املعتربة و كان للشيخ يف الفهرست إليه سند صحيح، فالخرب صحيح مع صحة سند

الكتاب إىل اإلمام و إن اكتفى الشيخ عند إيراد الخرب بسند فيه ضعف.

السابع: إن الشيخ رحمه هللا ذكر يف الفهرست عند ترجمة محمد بن عيل بن الحسني بن له نحو من ثالمثائة مصنف...«ما هذا لفظه: موىس بن بابويه القمي

أخربنا بجميع كتبه و رواياته جامعة من أصحابنا؛ منهم الشيخ أبو عبد هللا محمد بن محمد بن النعامن، و أبو عبد هللا الحسني بن عبيد هللا الغضائري، و أبو الحسني بن جعفر بن

انتهى. »۱« »سليامن الحمراين كلهم عنهالحسن بن حسكة القمي، و أبو زكريا محمد بن

فظهر أن الشيخ روى جميع مرويات الصدوق (نور هللا رضيحهام) بتلك األسانيد الصحيحة، فكلام روى الشيخ خربا من بعض األصول التي ذكرها الصدوق يف فهرسته، بسند صحيح،

يحا إليه، و هذا أيضا باب فسنده إىل هذا األصل صحيح و إن مل يذكر يف الفهرست سندا صح غامض دقيق ينفع يف األخبار التي مل تصل إلينا من مؤلفات الصدوق رحمه هللا.

Page 26: بحوث في مباني علم الرجال

فاذا أحطت خربا مبا ذكرنا لك من غوامض أرسار األخبار و إن كان ما تركنا

______________________________ .۷۱۰، الرقم ۴۴۴و ۴۴۳) الفهرست/ ۱(

۵۳الرجال، ص: بحوث يف مباين علم

أكرث مام أوردنا و أصغيت إليه بسمع اليقني و نسيت تعسفات املتعصبني و تأويالت املتكلفني ال أظنك ترتاب يف حقية هذا الباب و ال تحتاج بعد ذلك إىل تكلفات األخباريني يف تصحيح

ق ال تتسع تلك الرسالة األخبار و هللا املوفق للخري و الصواب، و لنا يف تصحيح األخبار طر إليرادها و عىس أن تقرع سمعك يف عوض تلك الرسالة بعضها.

، بعد أن نقل عبارته بطولها ملا فيها من النكات و »۱« و تابعه املحقق القمي يف القوانني الفوائد الجمة.

الكتب يف ذكر«و ذكر قريبا من هذا املضمون صاحب الوسائل يف الخامتة يف الفائدة الرابعة املعتمدة التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب، و شهد بصحتها مؤلفوها و غريهم و قامت القرائن عىل ثبوتها و تواترت عن مؤلفيها أو علمت صحة نسبتها إليهم بحيث مل يبق فيها

شك و ال ريب كوجودها بخطوط أكابر العلامء و تكرر ذكرها يف مصنفاتهم و موافقة ثم عدد -لروايات الكتب املتواترة أو نقلها بخرب واحد محفوف بقرينة و غري ذلكمضامينها

قال: و أما -أسامء الكتب ابتداء من الكتب األربعة إىل ست و تسعني كتابا و غريها من الكتبما نقلوا منه و مل يرصحوا باسمه فكثري جدا مذكور يف كتب الرجال يزيد عىل ستة آالف و

.»۲« »كتاب عىل ما ضبطناه ستامئة

يف بيان بعض الطرق التي يروي بها الكتب املذكورة عن مؤلفيها «ثم قال يف الفائدة الخامسة: و إمنا ذكرنا ذلك تيمنا و تربكا باتصال السلسلة بأصحاب

______________________________ ، باب التعادل و الرتاجيح.۲). القوانني: ج ۱(

.۱۶۵و ۱۵۳ة الوسائل/ ) خامت۲(

۵۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 27: بحوث في مباني علم الرجال

العصمة عليهم السالم ال لتوقف العمل عليه لتواتر تلك الكتب و قيام القرائن عىل صحتها و .»۱« »ثبوتها كام يأيت

يف ذكر شهادة جمع كثري من علامئنا بصحة الكتب املذكورة و «و قال يف الفائدة السادسة: »۲« »تواترها و ثبوتها عن مؤلفيها و ثبوت أحاديثها عن أهل العصمة عليهم السالمأمثالها و

ثم ذكر ما يف ديباجة الفقيه من أنه حذف األسانيد ليك ال تكرث طرقه و من إن جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها املعول و إليها املرجع و أن طرقه إليها معروفة يف فهرست

به بطرق الروايات التي رواها عن مشايخه.كتب خاص

من أن الكتاب جمع فيه اآلثار الصحيحة عن «ثم ذكر صاحب الوسائل ما يف ديباجة الكايف: »الصادقني عليهم السالم و السنن القامئة التي عليها العمل و بها تؤدى فرائض هللا و سنة نبيه

»۳«.

ه تلك كالعبارة املتقدمة عن ديباجة الفقيه دعوى من عبارت »۴« و استظهر صاحب الوسائلغري الدعوى الرابعة التي نحن بصددها و التي كان -و هي الدعوى األوىل املتقدمة -أخرى

صاحب الوسائل يف صددها يف صدر الفائدة األوىل و الثانية و السادسة، و إن كان الصحيح مع الثالثة بعد تدبره بإمعان ترى أن مراد الكليني و االلتفات إىل ما ذكرناه حول الدعوى األوىل و

الصدوق رحمهام هللا هو ما ينطبق عىل الدعوى الرابعة و أنهام كانا يف صدد نفي قسم املوضوع و املدسوس

______________________________ .۱۶۹) خامتة الوسائل/ ۱(

.۱۹۴ -۱۹۳) خامتة الوسائل/ ۲(

.۱۹۵) خامتة الوسائل/ ۳(

.۱۹۶) املصدر املتقدم/ ۴(

۵۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

من األحاديث.

Page 28: بحوث في مباني علم الرجال

من أن أحاديث كتب »۱« ثم ذكر صاحب الوسائل عبارة الشيخ يف العدة و االستبصار أصحابنا املشهورة بينهم ثالثة أقسام:

منها: ما يكون الخرب متواترا.

مبضمون الخرب. و منها: ما يكون مقرتنا بقرينة موجبة للقطع

و منها: ما ال يوجد فيها هذا و ال ذاك و لكن دلت القرائن عىل وجوب العمل به و هذا القسم الثالث ينقسم إىل أقسام.

منها: خرب أجمعوا عىل نقله و مل ينقلوا له معارضا.

ال و منها: ما انعقد إجامعهم عىل صحته و إن كل خرب عمل به يف كتايب األخبار و غريهاميخلو من األقسام األربعة. ثم نقل عنه من موضع آخر أن كل حديث عمل به فهو مأخوذ من

األصول و الكتب املعتمدة.

يف استعراض »۳« عبارة الشيخ البهايئ يف مرشق الشمسني »۲« ثم نقل صاحب الوسائل القرائن و املعاضدات التي توجب االعتامد و الوثوق و الركون إىل الحديث.

منها: وجوده يف كثري من األصول األربعامئة التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم املتصلة بأصحاب العصمة و كانت متداولة يف تلك األعصار مشتهرة بينهم

______________________________ .۱۹۷). خامتة الوسائل/ ۱(

.۱۹۸) خامتة الوسائل/ ۲(

.۲۷۰ -۲۶۹) مرشق الشمسني/ ۳(

۵۶اين علم الرجال، ص: بحوث يف مب

اشتهار الشمس يف رابعة النهار.

و منها: تكرره يف أصل أو أصلني منها فصاعدا بطرق مختلفة و أسانيد عديدة معتربة.

Page 29: بحوث في مباني علم الرجال

و منها وجوده يف أصل معروف االنتساب إىل أحد الجامعة الذين أجمعوا عىل تصديقهم صحيح ما يصح عنهم كصفوان بن كزرارة و محمد بن مسلم و الفضيل بن يسار أو عىل ت

يحيى و يونس بن عبد الرحمن و أحمد بن محمد بن أيب نرص البزنطي عنهم أو العمل برواياتهم كعامر الساباطي و غريهم ممن عدهم يف العدة و نقله املحقق يف بحث الرتاوح

عىل نزح البرئ من املعترب.

األمئة عليهم السالم فأثنوا عىل مصنفيها. و منها اندراجه يف أحد الكتب التي عرضت عىل

و منها كونه مأخوذا من الكتب التي شاع بني سلفهم الوثوق بها و االعتامد عليها ككتاب عبيد هللا بن عيل الحلبي الذي عرضه عىل الصادق عليه السالم، و كتايب:

السالم. و منها يونس بن عبد الرحمن و الفضل بن شاذان املعروضني عىل العسكري عليهكونه مأخوذا من الكتب التي شاع بني سلفهم الوثوق بها و االعتامد عليها، سواء كان مؤلفوها

من الفرقة الناجية املحقة ككتاب الصالة لحريز بن عبد هللا و كتب ابني سعيد و عيل بن عبيد هللا مهزيار، أو من غري اإلمامية ككتاب حفص بن غياث القايض و كتب الحسني بن

السعدي و كتاب القبلة لعيل بن الحسن الطاطري.

و قد جرى رئيس املحدثني عىل متعارف القدماء، فحكم بصحة «ثم قال يف مرشق الشمسني: جميع أحاديثه، و قد سلك ذلك املنوال جامعة من أعالم

۵۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

.»۱« »املوجبة للوثوق و االعتامد علامء الرجال ملا الح لهم من القرائن

أقول: إن ما ذكره الشيخ البهايئ رحمه هللا يف استنتاج صحة جميع األحاديث املودعة يف الكتب إىل املعصومني عليهم السالم إمنا هو منطبق عىل الدعوى الرابعة، أي صحة الطريق من

خاصة، التي استخرجوا منها أصحاب الكتب األربعة إىل كتب املشيخة املشهورة املعروفة روايات كتبهم ال الدعوى األوىل، أي الصحة إىل املعصوم عليه السالم كام ال يخفى ذلك عىل

من تدبر

مبدأ تقسيم األحاديث

Page 30: بحوث في مباني علم الرجال

عنه أن أول من قرر االصطالح يف تقسيم األحاديث هو العالمة »۲« ثم ذكر صاحب الوسائل ي العالمة عىل مسلك املتقدمني يف تصحيح و اعتبار األحاديث.قدس رسه مع أنه كثريا ما يبن

أقول: سيأيت البحث مفصال حول هذا الرأي للشيخ البهايئ و الذي تابعه عليه أكرث املتأخرين، و بيان أن هذا االصطالح يف التقسيم كان عند القدماء يف كتب الحديث و الرجال و الفهرست

أو الرواة، و أن األقسام التي لديهم تزيد بأضعاف عىل ما عدده من الفقهاء أو املحدثني العالمة قدس رسه و أن لتلك األقسام فوائد هامة يف كيفية اعتبار الطرق.

ذكر أن ما يف »۴« عن الشيخ البهايئ يف الوجيزة »۳« ثم ذكر صاحب الوسائل

______________________________ .۲۷۰) مرشق الشمسني/ ۱(

.۱۹۹) خامتة الوسائل/ ۲(

.۲۰۰) خامتة الوسائل/ ۳(

.۷ -۶) الوجيزة/ ۴(

۵۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

كتاب الخاصة من األحاديث املروية عن األمئة عليهم السالم يزيد عىل ما يف الصحاح الستة واحد و هو الصادق و أن راوي واحد مثل أبان بن تغلب قد روى عن إمام »۱« للعامة بكثري

عليه السالم ثالثني ألف حديث، و أنه قد جمعت تلك األحاديث عن األمئة عليهم السالم يف -األصول -أربعامئة كتاب سميت باالصول، ثم تصدى جامعة من املتأخرين لجمع تلك الكتب

مضبوطة مهذبة و ترتيبها تقليال لالنتشار و تسهيال عىل طالبي تلك األخبار، فألفوا كتبا مشتملة عىل األسانيد املتصلة بأصحاب العصمة عليهم السالم.

: إنه قد استقر أمر املتقدمني »۳« عن الشهيد الثاين يف الدراية »۲« ثم ذكر صاحب الوسائلعىل أربعامئة مصنف، ألربعامئة مصنف، سموها أصوال فكان عليها اعتامدهم، ثم تداعت

اب معظم تلك األصول و لخصها جامعة يفالحال إىل ذه

______________________________ :۳۹۴). قد حىك املريزا النوري يف الخامتة يف الفائدة الرابعة عن صاحب الحدائق يف لؤلؤة البحرين ص ۱(

Page 31: بحوث في مباني علم الرجال

ة آالف و اثنان و سبعون إن جميع أحاديث الكايف حرصت يف ستة عرش ألف و مائة و تسعة و تسعني حديثا، الصحيح منها خمس«حديث، و الحسن مائة و أربعة و أربعني، و املوثق مائة و ألف و مثانية عرش حديثا، و القوي منها اثنان و ثالمثائة، و الضعيف منها

أربعامئة و تسعة آالف و خمسة و مثانون حديثا.

».ملتواتر كام تقدم بيان ذلك يف تحقيق حال الدعوى الثالثةأقول: و ال يخفى القيمة العلمية للخرب الضعيف يف تولد املستفيض و ا

إن ما يف الكايف يزيد عىل مجموع الصحاح الست. و الظاهر ان مراد الشهيد قدس ): «۶و حىك يف الهامش عن الشهيد يف الذكرى (ص ».۵۵۶ -۵۴۴/ ۱ف الظنون رسه هو الخالص من كل كتاب بعد حذف املكرر يف الكتاب الواحد كام نبه عىل ذلك يف كش

.۲۰۱) خامتة الوسائل/ ۲(

.۱۷) الدراية/ ۳(

۵۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

كتب خاصة تقريبا عىل املتناول و أحسن ما جمع منها الكتب األربعة...

عبارة كل من عيل بن إبراهيم يف تفسريه و جعفر بن محمد بن »۱« ثم ذكر صاحب الوسائلكامل الزيارات من أنهام أخرجا يف كتابيهام األحاديث املروية عن الثقات عن األمئة قولويه يف

عليهم السالم.

و ذكر صاحب الوسائل أن أكرث أصحاب الكتب قد ذكروا يف أوائل كتبهم أو أواخرها أو أثنائها .»۲« نظري عبارتيهام، ثم أشار إىل كالم الشيخ يف العدة بنحو ذلك

فى انطباق ما ذكره من القرائن عىل تصحيح الطرق إىل املشيخة و الكتب ال أقول: ال يخ تصحيحها إىل املعصومني عليهم السالم.

ثم ذكر صاحب الوسائل عن عدة من املتأخرين بناءهم عىل تصحيح الطريق ألجل تلك أربعة آالف و : إن الرواة عن الصادق عليه السالم »۳« القرائن، ثم ذكر عن املفيد يف اإلرشاد

، حيث »۵« عن ابن عقدة، و كذا املحقق الحيل يف املعترب »۴« كذا ابن شهرآشوب يف املناقبذكر ذلك و ذكر أسامء أكرثهم شهرة، ثم ذكر تالمذة اإلمام الجواد عليه السالم املصنفني منهم،

، ثم قال: اجتزأت منقولة بني األصحاب -اآلن -ثم قال: و غريهم ممن يطول تعدادهم و كتبهمو صحة -نقل األخبار -بإيراد كالم من اشتهر علمه و فضله و عرف تقدمه يف نقد األخبار

االختيار و جودة االعتبار

Page 32: بحوث في مباني علم الرجال

______________________________ .۲۰۲). خامتة الوسائل/ ۱(

.۲۰۲) خامتة الوسائل/ ۲(

.۲۷۰). اإلرشاد/ ۳(

.۲۴ - ۷۴/ ۲) املناقب ۴(

.۲۶/ ۱ترب ) املع۵(

۶۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و اقترصت من كتب هؤالء األفاضل عىل ما بان فيه اجتهادهم و عرف به اهتاممهم و عليه اعتامدهم.

.»۱« و كذا ذكرهم الطربيس يف إعالم الورى

: ذهب شيخنا أبو جعفر إىل »۲« ثم حىك صاحب الوسائل عن املحقق يف كتابه معارج األصوللعمل بخرب العدل من رواة أصحابنا، لكن لفظه و إن كان مطلقا فعند التحقيق يتبني أنه ال ا

يعمل بالخرب مطلقا، بل بهذه األخبار املروية عن األمئة عليهم السالم و دونها األصحاب ال أن كل خرب يرويه اإلمامي يجب العمل به.

صحاب عىل العمل بهذه األخبار حتى لو رواها هذا الذي تبني يل من كالمه و نقل إجامع األ غري اإلمامي و كان الخرب سليام عن املعارض و اشتهر نقله يف هذه الكتب الدائرة بني

األصحاب عمل به.

ثم حىك صاحب الوسائل عن املعترب يف بحث الخمس بعد ما ذكر خربين مرسلني: الذي ينبغي تى به الفضالء، و إذا سلم النقل عن املعارض و من العمل به اتباع ما نقله األصحاب و أف

املنكر مل يقدح إرسال الرواية املوافقة لفتواهم، فإنا نعلم ما ذهب إليه أبو حنيفة و الشافعي و إن كان الناقل عنهم ممن ال يعتمد عىل قوله و رمبا مل يعلم نسبته إىل صاحب املقالة و لو

اشم يف الكالم و ال مذهب الشافعي يف الفقه ألنه مل ينقل ال أعلم مذهب أيب ه«قال إنسان: كان متجاهال و كذا مذهب أهل البيت عليهم السالم ينسب إليهم بحكاية بعض » مسندا

شيعتهم سواء أرسل أو أسند إذا مل ينقل عنهم ما يعارضه و ال رده الفضالء منهم.

Page 33: بحوث في مباني علم الرجال

______________________________ .۲۸۴ -۴۱۰ى/ ) إعالم الور ۱(

.۱۴۷) معارج األصول/ ۲(

۶۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

أقول: ما حكاه صاحب الوسائل عن املحقق رحمه هللا يف آخر كالمه املراد منه جرب الخرب الضعيف بالشهرة العملية و الفتوائية و أن هذا الجرب بالرشائط الخاصة مام قام عليه ديدن و

و وجيه تام، كام حررناه يف علم األصول عىل القول بحجية الخرب املوثوق سرية العقالء و هعىل الدعوى -املتقدم -بصدوره و ال يخفى تخريج وجه صناعي مستقال من كالم املحقق

الرابعة من تصحيح طرق أصحاب الكتب األربعة إىل كتب املشيخة، و هو أن كتب املشيخة حيث كانت الشهرة العملية -هي التي محط الدعوى الرابعة و -املشهورة منها و املعتمدة

باعتبار انتسابها ألصحابها، و كذا الروائية بتعدد طرق أصحاب الكتب األربعة و غريهم إليها، و الفتوائية بفتوى كل الفقهاء املتقدمني مبضامني أخبارها حيث إن الشهرة بأقسامها عىل

عىل كونها لهم تكون موجبة للوثوق بتلك النسبة.انتسابها ألصحابها و االعتامد

و هذا الوجه يغاير الوجوه السابقة التي ذكرناها عن املجليس و عن الحر العاميل يف خامتة الوسائل حيث إن يف الوجوه السابقة كان االعتامد عىل قرائن أخرى ترتاكم و تتظافر يف

ب من مصنفيها من كبار الرواة، بينام هذا تصعيد درجة االحتامل إىل الوثوق بصدور تلك الكتالوجه األخري املولد لدرجة احتامل الوثوق بالصدور هو نفس الشهرة املستفيضة بأقسامها

دون تلك القرائن.

من كتب املشيخة املصنفني و »۱« ثم ذكر صاحب الوسائل عبارة ابن إدريس يف مستطرفهكتاب معتمد و البعض اآلخر بأنه بخط شيخنا أيب بأنه »۲« الرواة املحصلني و وصف بعضها

جعفر الطويس، و أنه نقلها من خطه.

______________________________ ). كتاب مشيخة الحسن بن محبوب.۱(

) نوادر محمد بن عيل بن محبوب.۲(

۶۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 34: بحوث في مباني علم الرجال

إدريس إىل كتب املشيخة التي استطرف بيان وجه خاص لتصحيح طرق ابن »۱« أقول: سيأيتمنها و ذلك عرب سلسلة إجازات العالمة البن زهرة و الشهيد الثاين و إجازات صاحب الوسائل

و البحار و غريهم ممن هو يف طبقتهم إىل تلك الكتب حيث وقع يف طرقها ابن إدريس إىل الشيخ الطويس.

كتب بكتب املشيخة و الرواة املحصلني اصطالح و مضافا إىل كل ذلك فإن التعبري عن تلك الواقع عندهم عىل الكتب املشتهرة باالستفاضة أو التواتر عن مصنفيها عىل حذو التعبري يف

عرصنا باملصادر الروائية، فإنه يطلق عىل الكتب الثابتة عن مصنفيها.

ن أكرث الكتب املذكورة ثم ذكر صاحب الوسائل عن السيد ابن طاوس يف كتبه مام يدل عىل أ من األصول و غريها كانت عنده، و أشار إىل ما قاله الشهيد يف الذكرى و الكفعمي يف مصباحه

و رصح بأن كثريا من اصول القدماء و كتبهم كانت موجودة عندهام، فام الظن بأصحاب الكتب األربعة.

إن أكرث أحاديثنا «املعامل و املنتقى: ثم ذكر عبارة السيد املرتىض رحمه هللا كام نقلها صاحباملروية يف كتبنا معلومة مقطوع عىل صحتها إما بالتواتر من طريق اإلشاعة و اإلذاعة و إما

بعالمة و أمارة دلت عىل صحتها و صدق رواتها، فهي موجبة للعلم مقتضية للقطع و إن .»۲« »آلحادوجدناها مودعة يف الكتب بسند معني مخصوص من طريق ا

إن معظم الفقه تعلم مذاهب أمئتنا عليهم السالم فيه بالرضورة و باألخبار«و قال أيضا:

______________________________ ). يف الفوائد و التنبيهات يف خامتة الكتاب.۱(

.۲/ ۱. منتقى الجامن ۱۹۷) معامل الدين/ ۲(

۶۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

.»۱« »يعول فيه عىل إجامع اإلمامية -و لعله األقل -ة و ما مل يتحقق ذلك فيهاملتواتر

أقول: دائرة االشتهار و اإلذاعة التي يف كالم السيد واضحة االنطباق عىل الطرق لكتب املشيخة ال طرق أصحاب املشيخة إىل اإلمام عليه السالم ألن تلك القطعة من الطرق كام أقر السيد يف

مه هي من طرق اآلحاد.كال

Page 35: بحوث في مباني علم الرجال

: بأن أحاديث الكتب األربعة و أمثالها محفوفة »۲« ثم نقل عن الشيخ حسن يف املنتقى بالقرائن و أنها منقولة من األصول و الكتب املجمع عليها بغري تغيري.

حيث قال: عن الصادق عليه السالم إنه كتب عنه أجوبة »۳« ثم ذكر عبارة الشهيد يف الذكرىسائله يف أربعامئة مصنف من أربعة آالف رجل و كذا رجال باقي األمئة عليهم السالم م

معروفون مشهورون أولو مصنفات مشهورة و قد ذكر كثريا منهم العامة يف رجالهم، و بالجملة إسناد النقل و النقلة عنهم عليه السالم يزيد أضعافا كثرية عن كل واحد من رؤساء

نصاف يقتيض الجزم بنسبة ما نقل عنهم إليهم...العامة، فاإل

إىل أن قال... و كتاب الكايف أليب جعفر الكليني و هو يزيد عىل ما يف الصحاح الستة للعامة متونا و أسانيد، و كتاب مدينة العلم و كتاب من ال يحرضه الفقيه و التهذيب و االستبصار

انيد الصحيحة املتصلة املنتقدة و الحسان و قريب ذلك و غريها مام يطول تعداده باألس القوية.

أقول: مضافا إىل ما مر يف كالم املجليس و الحر العاميل و من تقدمهام من

______________________________ .۱۹۷) معامل الدين/ ۱(

.۲۷/ ۱) منتقى الجامن ۲(

.۱۶، س ۶) الذكرى/ ۳(

۶۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

أعالم الطائفة و إىل تخريج تصحيح الطرق إىل كتب املشيخة املشهورة، إنه من باب الشهرة العملية و الروائية املوجبة للوثوق بنسبتها إىل أصحابها، مضافا إىل كل ذلك هناك عدة قرائن

أخرى عرثنا عليها:

يه الصدوق أو الشيخ يف منها و لعلها من أهمها إننا مل نعهد موردا من املوارد قد ناقش فالتهذيبني يف سند الرواية إال و كان النقاش يف الطريق من صاحب الكتاب إىل املعصوم عليه السالم دون الطريق إىل ذلك الكتاب و هذا يدل عىل الفراغ من اعتبار تلك الطرق إىل كتب

Page 36: بحوث في مباني علم الرجال

فة عىل كتب املشيخة عندهم. و يعضد هذا ما ذكره الشيخ يف العدة من اعتامد الطائ املشيخة و تلقيها لها بالقبول و العمل، ثم ذكر العديد منها فراجع.

و منها ما يف عبارة الصدوق يف أول الفقيه إن طرقه إىل أصحاب الكتب قد جمعها يف كتاب الفهرس، و أن ما ذكره يف املشيخة اقتطاف من بعضها مام يدل عىل توفر الطرق الكثرية لديه

ها و لذلك يشاهد املتتبع أن لدى الصدوق طرق أخرى إىل كتب املشيخة قد ذكرها إىل أصحاب يف العيون و التوحيد و األمايل و العلل و ثواب األعامل.

و منها إن الشيخ الطويس يف الغالب يذكر طريقا يف املشيخة لكنه يف الفهرست يذكر طرقا يف كتاب األمايل أو الغيبة أو املصباح له طرق أخرى لتلك الكتب، بل يجد املتتبع أن الشيخ

أخرى لتلك الكتب غري ما ذكرهام يف مشيخة التهذيبني و الفهرست، بل يرى الناظر أن ألستاذه الشيخ املفيد طرقا أخرى لكتب املشيخة يف اإلرشاد أو عيون املحاسن أو األمايل أو االختصاص

بقية كتبه، مع أن كل ما يرويه الشيخ املفيد بطرقه أو غريها تغاير ما ذكره الشيخ الطويس يف إىل كتب املشيخة قد رواه الشيخ الطويس.

۶۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

بل يجد الناظر أيضا أن النجايش قد ذكر إىل أصحاب الكتب املشهورة طرقا معتربة عن شيخ الغضائري أو الشيخ املفيد أو غريهام مشرتك بينه و بني الشيخ الطويس كالحسني بن عبيد هللا

مع أن الشيخ مل يذكرها يف التهذيبني و األمايل و غريها من كتبه.

نظري ذلك إن طريق الشيخ إىل عيل بن الحسن بن فضال ضعيف، لكن طريق النجايش إليه صحيح مع أنه عرب شيخ مشرتك.

إين وقفت عىل ما قاله السيد الرشيف «و منها ما ذكره النجايش يف ديباجة كتابه حيث قال: (أطال هللا بقاءه و أدام توفيقه) من تعيري قوم من مخالفينا إنه ال سلف لكم و ال مصنف و

هذا قول من ال علم له بالناس...

إىل أن قال: و ال حجة علينا ملن مل يعلم و ال عرف و قد جمعت من ذلك ما استطعته و مل الكتب و إمنا ذكرت ذلك عذرا إىل من وقع إليه كتاب مل أذكره...أبلغ غايته لعدم أكرث

Page 37: بحوث في مباني علم الرجال

إىل أن قال: عىل أن ألصحابنا رحمهم هللا يف بعض هذا الفن كتبا ليست مستغرقة لجميع ما رسمه...

.»۱« »إىل أن قال: و ذكرت لرجل طريقا واحدا حتى ال تكرث الطرق فيخرج عن الغرض

ا ذكره يف فهرسته من طرق إىل كتب املشيخة املشهورة ليست كل ما أقول: يفيد كالمه أن م عنده من الطرق إىل تلك الكتب كام أن ألصحابنا يف عرصه

______________________________ .۳) رجال النجايش/ ۱(

۶۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

.»۱« ة غري ما ذكره النجايشكتبا فهرسية أخرى قد اشتملت عىل الطرق إىل الكتب املشهور

و هذا نظري ما ذكره اآلغا بزرك يف مصفى املقال من أنه كان يف مكتبة السيد ابن طاوس مائة و نيف من كتب الرجال و الفهرس.

و منها ما يشاهد من وصول جل أو كثري من كتب املشيخة إىل أعالم الطائفة يف القرن الثامن ي عرش، نظري الفاضلني و الشهيدين و املجليس و الحر العاميل، و التاسع و العارش و الحاد

حيث أشاروا يف كتبهم إىل وصول تلك املصادر إليهم بل إن بعض األصول األربعامئة و غريها قد وصل إىل أيدينا هذا العرص فكيف بك عند املحمدون الثالثة رحمهم هللا.

األسناد أو ما يسمى بتزويج السند أو تعديله مبسوطا من نظرية تبديل »۲« و منها: ما سيأيتأو تعويضه، و مفاده االستعاضة بسند صحيح عن السند الضعيف بتاممه أو بقطعة منه، و

هو عىل أقسام كثرية عديدة جلها لتصحيح الطرق إىل كتب املشيخة املشهورة.

يف كالمه و منها: غري ذلك مام يجده املتتبع من قرائن هي كام عرب املجليس

______________________________ و هذه جملة «) نظري ما ذكره النجايش يف ترجمة عبد العزيز بن يحيى الجلودي بعد ما ذكر تعداد كتبه و التي تعد بالعرشات قال: ۱(

ترجمة عيل بن أيب صالح: (و ، فرتى النجايش يرصح باسم بعضها نظري ما قاله يف»كتب أيب أحمد الجلودي التي رأيتها يف الفهرستاتله كتاب الصالة الذي يعرف بعمل يوم و ليلة و كتاب الصالة «قال حميد يف فهرسته)، و نظريه ما ذكره يف ترجمة عبد هللا بن سنان:

Page 38: بحوث في مباني علم الرجال

». قته و جاللتهالكبري و كتاب يف سائر األبواب من الحالل و الحرام. روى هذه الكتب عنه جامعات من أصحابنا لعظمه يف الطائفة و ث فانه يعلل كرثة الطرق بجاللة و شهرة الراوي كام هو ديدن العقالء.

) يف الفوائد و التنبيهات يف خامتة الكتاب.۲(

۶۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

من أحاط بها خربا وقف عىل غوامض يف طرق األخبار ال يرتاب الواقف «إنه: »۱« الذي مر ذه الدعوى من غري حاجة إىل تكلفات األخباريني يف تصحيح األخبار و لنا عليها يف أحقية ه

».طرق أخرى للتصحيح ال تحتمله هذه الرسالة

و املحصل يف نهاية املطاف

إن كتب املشيخة املشهورة ال يتوقف يف صورة الطريق التي يذكرها أحد أصحاب الكتب يف شيخ اإلجازة الواقع يف طريق تلك الكتب األربعة، و لذلك ترى ديدن األصحاب التساهل

نظرا الشتهارها.

و املراد من التقييد باملشهورة هي تلك الكتب التي تداولها األصحاب بإذاعتها و انتشارها حيث كان مؤلفوها من كبار الرواة و أجالئهم و كرث تخريج الروايات من كتبهم يف الكتب

الطرق إليها عموما دون الطرق التي فيها إىل املعصوم األربعة و غريها، و الوجه يف تصحيحعليه السالم هو أن الروايات حني بدأ صدورها عن املعصوم عليه السالم و بزوغ انتشارها يف

الطائفة تنقل عرب اآلحاد، ثم ملا تدون يف كتاب أو أصل يكرث تداوله يكون ذلك الكتاب و الرواية إىل الطبقات الالحقة دون نفس طريق صدور األصل مبنزلة الحافظ املوثق لبقاء

الرواية من املعصوم عليه السالم إىل الكتاب أو األصل، أي إن امليزان حينئذ يف تصحيح تلك القطعة من السند هو وثاقة املفردات يف سلسلة السند.

بورة.و قد أسمعناك اتخاذ هذا امليزان من أصحاب الكتب األربعة يف قطعة السند املز

______________________________ .۵۱۲). عن كتاب األربعني/ ۱(

۶۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 39: بحوث في مباني علم الرجال

تنبيه: إن ما ذكرناه من عدم متامية الدعاوي الثالث األوىل كام لو مل تتم الدعوى الرابعة عند ائدة من رأس و عدم أحد مع ما ذكر لها من الشواهد و القرائن، فإن ذلك ال يعني إسقاط الف

االعتداد بالقرائن التي ذكرت لتلك الدعاوى باملرة؛ فإن تلك الشواهد و إن مل تكن دليال مستقال عليها إال أنه يستفاد منها كأجزاء لقرائن الوثوق بالصدور الذي يعتمد عىل تراكم

إن مل تكن مبفردها القرائن و ازدياد االحتامل إىل درجة الوثوق أو ما فوقها، فالقرينة ومستقلة حجة عىل معنى ما إال أنها تنضم مع مامثالتها كجزء أو اجزاء لدليل آخر هو الحجة،

و هو تراكم القرائن االحتاملية املتصاعدة باالحتامل إىل الدرجة املعتربة عىل حساب نظرية االحتامل الرياضية.

تب األربعة ذات قيمة احتاملية تختلف عن الرواية و من ثم قيل إن الرواية املروية يف الكاملوجودة يف الكتب االخرى، إذ قد كانت هذه الكتب محط عناية و مدارسة يدا بيد عند

علامء الطائفة إمالء و متنا و ضبطا و قراءة و مقابلة و تحفظا عىل النسخ و عدم اختالفها كتب الروائية.فلم يخلو قرن عن مداولتها كمدرك أول يف ال

۶۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الفصل االول ميزان حجية التوثيق و التضعيف

و فيه مقامان

األول: مباين حجية الطرق الرجالية: الثاين: حجية أصالة العدالة و حسن الظاهر يف التوثيق

۷۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الطرق الرجالية املقام األول مباين حجية

و منهد مقدمة: (مبدأ تقسيم الحديث) أقسام الحديث بني املتقدمني و املتأخرين

و هي إنه قد اشتهر عند متأخري األعصار أن تقسيم الحديث إىل األقسام األربعة أو الخمسة رحمه هللا، من القوي و الصحيح و املوثق و الحسن و الضعيف من ابتكارات العالمة الحيل

حتى قال بعض أصحابنا األخباريني إن العالمة قد تبع العامة يف هذا التقسيم و إال فالقدماء مل مبعنى غري املعترب، و حمل عبائر » الضعيف«مبعنى املعترب و » الصحيح«يكن لهم إال قسامن:

Page 40: بحوث في مباني علم الرجال

قاط كثري من القدماء يف كتب الحديث أو الرجال عىل هذا املصطلح الجديد سبب إساألحاديث عن االعتبار، و لعل أول من نسب ذلك إىل العالمة الحيل أو إىل استاذه السيد أحمد

؛ نعم قد رصح صاحب منتقى الجامن»۱« بن طاوس هو الشيخ البهايئ يف مرشق الشمسني»۲«

______________________________ .۲۷۰) مرشق الشمسني/ ۱(

.۴/ ۱) منتقى الجامن ۲(

۷۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و غريه بذلك أيضا.

و هذا «قال يف مرشق الشمسني بعد ذكر تقسيم الحديث إىل األقسام األربعة املشهورة قال: االصطالح مل يكن معروفا بني قدمائنا، كام هو الظاهر ملن مارس كالمهم، بل املتعارف بينهم

قتيض اعتامدهم عليه، أو اقرتن مبا يوجب الوثوق به و إطالق الصحيح عىل ما اعتضد مبا ي الركون إليه، و ذلك ألمور:

منها: وجوده يف كثري من األصول االربعامئة....

و منها تكرره يف أصل أو أصلني... و منها: وجوده يف أصل معروف االنتساب إىل أحد الجامعة نهم... أو العمل بروايتهم... و الذين أجمعوا عىل تصديقهم... أو عىل تصحيح ما يصح ع

غريهم... و منها: اندراجه يف أحد الكتب التي عرضت عىل األمئة عليهم السالم... و منها كونه مأخوذا من الكتب التي شاع....

و قد جرى رئيس املحدثني عىل متعارف القدماء فحكم بصحة جميع أحاديثه، و قد سلك ذلك ء الرجال، ملا الح لهم من القرائن املوجبة للوثوق و االعتامد، ثم املنوال جامعة من أعالم علام

ذكر أن أول من قرر االصطالح الجديد العالمة قدس رسه و أنه كثريا ما يسلك مسلك .»۱« »املتقدمني هو و غريه من املتأخرين

عتبار إختالف اصطلح املتأخرون من أصحابنا عىل تقسيم الخرب با«و قال يف منتقى الجامن: أحوال رواته إىل األقسام األربعة املشهورة... إىل أن قال: و ما ذكره أخريا من نقلهم اإلجامع

Page 41: بحوث في مباني علم الرجال

ء، فإن عىل تصحيح ما يصح عن أبان بن عثامن مع كونه فطحيا ليس من هذا الباب يف يش القدماء ال علم لهم بهذا االصطالح،

______________________________ .۲۷۰ - ۲۶۹ق الشمسني (املطبوع مع الحبل املتني)/ ) مرش ۱(

۷۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الستغنائهم عنه يف الغالب بكرثة القرائن الدالة عىل صدق الخرب و إن اشتمل طريقه عىل ضعف، كام أرشنا إليه سلفا فلم يكن للصحيح كثري مزية توجب له التمييز باصطالح أو غريه،

درست تلك اآلثار و استقلت األسانيد باألخبار، اضطر املتأخرون إىل متييز الخايل من فلام انالريب و تعيني البعيد عن الشك، فاصطلحوا عىل ما قدمنا بيانه، و ال يكاد يعلم وجود هذا االصطالح قبل زمان العالمة إال من السيد جامل الدين ابن طاوس رحمه هللا، و إذا أطلقت

ة يف كالم من تقدم فمرادهم منها الثبوت أو الصدق، و قد قوي الوهم يف هذا الباب الصح عىل بعض من عارصناه من مشايخنا فاعتمد يف توثيق كثري من املجهولني عىل صحة الرواية

.»۱« »عنهم و اشتاملها عىل أحد الجامعة الذين نقلوا اإلجامع عىل تصحيح ما يصح عنهم

ن اشتهر عند متأخري األعصار إال أن الصحيح أن تقسيم الحديث كان ديدن أقول: إن هذا و إ القدماء حتى يف عرص الرواة بأقسام تربو عىل الخمسة، و غاية ما صنعه العالمة و شيخه السيد ابن طاوس هو وضع االصطالح، و إال فالتقسيم كان متداوال منذ القدم عندهم و

ة بينها.مييزون يف كيفية الحجي

بل إن الضعيف له درجات عندهم كام أن املعترب له درجات عندهم أيضا و مثرة ذلك عندهم يبدونها عند التعارض و الرتجيح و يف كيفية تحصيل الوثوق بالصدور من ضم قرائن إىل الخرب

الضعيف، فدرجة الضعف عىل نوع القرائن عىل صلة وثيقة يف تصاعد االحتامل و الوثوق الصدور.ب

و كذا يف معرفة العدد الالزم يف الطرق لحصول االستفاضة أو التواتر، فإن درجة اعتبار الطريق أو درجة ضعفه مؤثرة يف الغاية يف العدد الالزم لتحصيل

______________________________ .۱۴ -۴/ ۱) منتقى الجامن/ الفائدة األوىل ۱(

Page 42: بحوث في مباني علم الرجال

۷۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

ذلك، فمن ثم يتبني أن ما عليه القدماء من التقسيامت لكل من الضعيف و املعترب هو من األهمية مبكان يف بحث الحجية بأقسامها، و إن الذي وقع من املتأخرين هو عكس ما ادعي

من إحداثهم للتقسيم.

دة الخطرية يف كيفية بل الحقيقة إنهم قد تركوا التقسيامت العديدة عند القدماء ذات الفائالحجية بأقسامها، و إن الذي وقع من املتأخرين هو االصطالح عىل بعضها و إهامل بقية

األقسام.

و هناك شواهد عىل تعدد التقسيم لدى القدماء:

إنا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة «قد قال الشيخ يف كتاب العدة يف فصل خرب الواحد: ار، فوثقت الثقات منهم و ضعفت الضعفاء، و فرقت بني من يعتمد عىل حديثه و لهذه األخب

روايته و بني من ال يعتمد عىل خربه، و مدحوا املمدوح منهم، و ذموا املذموم، و قالوا فالن متهم يف حديثه، و فالن كذاب، و فالن مخلط، و فالن خالف يف املذهب و االعتقاد، و فالن

فالن فطحي، و غري ذلك يف الطعون التي ذكروها، و صنفوا يف ذلك الكتب و استثنوا واقفي، و الرجال من جملة ما رووه من التصانيف يف فهارسهم، حتى إن واحدا منهم إذا أنكر حديثا

.»۱« »طعن يف إسناده و ضعفه بروايته، هذه عادتهم عىل قديم و حديث ال تنخرم

ارة إن التقسيامت العديدة هي موجودة منذ القدم يف الفهارس و و الذي يظهر من هذه العب كتب الرجال.

______________________________ .۱۵۵، ۱۵۲، ۱۴۱/ ۱) راجع تقسيامت الشيخ يف العدة ۱(

۷۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

التقسيم األول و هو ما كان بلحاظ الصفات العملية للراوي،

نته و صدق لهجته.أي بلحاظ أما

Page 43: بحوث في مباني علم الرجال

ثقة «فمنها: ما درج عليه النجايش مثال يف رجاله من التعبري عن بعض من ترجم لهم بقوله: ».كان ال بأس به«و بعضهم بقوله: » ثقة«و بعضهم اآلخر بقوله: » ثقة

يقال انه كان فطحيا أو كان ثقة يف «فمثال ما ذكره النجايش يف أحمد بن الحسن بن عيل: فإن التعبري املزبور رصيح بالتفرقة بني الوثاقة يف العقيدة و مطلق الجهات »۱« »الحديث

االخرى و بني الوثاقة يف اللهجة فقط، أي هو ما اصطلح عليه املتأخرون باملوثق، و مثال تعبريه و يعرف بالسياري، ضعيف الحديث، فاسد «يف أحمد بن محمد بن سيار حيث قال فيه:

، مجفو الرواية، كثري املراسيلاملذهب، ذك فإن عبارته »۲« »ر ذلك لنا الحسني بن عبيد هللا رصيحة بعدم االكتفاء مبجرد وصفه بالضعف، بل هو يف صدد بيان درجة الضعف و نوعيته.

صالح الرواية، يعرف منها و ينكر، و قد روي «و كذا ما ذكره يف أحمد بن هالل العربتايئ قال: ، فإنه يشري يف عبارته تلك إىل »۳« »م من سيدنا أيب محمد العسكري عليه السالمفيه ذمو

توثيق روايته يف زمان استقامته، كام رصح بذلك الشيخ يف العدة

______________________________ .۱۹۴/ مفردة ۸۰). رجال النجايش ۱(

.۱۹۲/ مفردة ۸۰) رجال النجايش ۲(

و الصحيح كام قررناه يف محله إن الذموم هي من الناحية املقدسة عجل هللا فرجه ال ما اشتهر يف - ۱۹۹مفردة / ۸۳) رجال النجايش ۳( كتب الرجال كام ال يخفى ملن الحظ التوقيعني الرشيفني الصادرين يف حقه و سنة صدورهام عىل يد النائب األول و الثاين.

۷۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

أن اعتبار روايته تلك كان عىل درجة متوسطة. إال

كان ثقة يف حديثه، متقنا ملا «و نظري ذلك قوله يف أحمد بن عيل بن العباس بن نوح السريايف: حيث إنه مل يكتف بتوثيقه، بل ذكر نوعية و »۱« »يرويه، فقيها بصريا بالحديث و الرواية

درجة وثاقته.

كان وجها يف «يضا يف ترجمة جعفر بن محمد بن جعفر من قوله: و كذا ما ذكره النجايش أ .»۲« »الطالبيني، متقدما، و كان ثقة يف أصحابنا، سمع و أكرث و عمر و عال إسناده

Page 44: بحوث في مباني علم الرجال

و «و كذا عبارة الصدوق يف كتاب الصوم من الفقيه يف باب (ما يجب عىل من أفطر) قوله: ذي أوجب عيل القضاء، ألنه رواية سامعة بن مهران و بهذه األخبار أفتى و ال أفتي بالخرب ال

، و ليس مراده عدم العمل بروايات سامعة من رأس؛ إذ هو يروي كثريا يف »۳« »كان واقفيا كتابه عنه معتمدا عىل روايته، بل مراده عدم العمل بروايته يف مقام الرتجيح للصحيح عىل

تفرد به سامعة، كام عرب بذلك يف موضع آخر، لكنه الخرب املوثق أو الحتامل عدم العمل مبا عىل االحتامل الثاين يكون مبناه يف رواية سامعة الضعف و عدم االعتبار إال أن درجة الضعف

ليست بالغة، بل إذا اعتضدت بأدىن قرينة، فإنه يوجب الوثوق بصدور الرواية.

ال أثر عند املتأخرين، مع إنه قد و هذه األقسام من درجات الحديث الضعيف ليس له عني و نبه عليه النجايش و الشيخ يف ترجمة كثري من الرواة ميزا

______________________________ .۲۰۹/ مفردة ۸۶). رجال النجايش ۱(

.۳۱۴/ مفردة ۱۲۲) رجال النجايش ۲(

.۲۱، ذيل الحديث ۳۳، كتاب الصيام، الباب ۷۵/ ۲) الفقيه ۳(

۷۷ين علم الرجال، ص: بحوث يف مبا

عن األقسام االخرى من الحديث، كدرجة الضعف التي مرت يف رواية السياري حيث عرب عنه ، و عن درجة أخرى من الضعف التي عرب بها الشيخ و »۱« مبجفو الرواية، كثري املراسيل

ال يعتمد عىل روايته.النجايش أيضا يف كثري من املفردات بأن رواية ذلك الراوي تخرج مؤيدة

ممن روى الزيادة يف التطوع يف شهر «و قال الصدوق أيضا يف باب (الصالة يف شهر رمضان): .»۲« »رمضان زرعة عن سامعة و هام واقفيان

ثم نقل رواية سامعة يف كيفية التطوع يف شهر رمضان، ثم قال:

و تريك الستعامله، ليعلم الناظر يف كتايب إمنا أوردت هذا الخرب يف هذا الباب مع عدويل عنه « .»۳« »هذا كيف يروى و من رواه و ليعلم من اعتقادي فيه أين ال أرى بأسا يف استعامله

فيظهر من عبارته املزبورة تصنيف درجات الخرب املعترب و أن الخرب اإلمامي الثقة أعىل درجة من خرب غريه الثقة.

Page 45: بحوث في مباني علم الرجال

كان ثقة يف حديثه، مسكونا إىل روايته، ال «ة بن موىس النخاس: و قال النجايش يف ترجمة رفاع .»۴« »ء من الغمز، حسن الطريقة يعرتض عليه بيش

.»۵« »ثقة ثقة، عني«و قال يف ترجمة صفوان بن يحيى:

______________________________ .۱۹۲/ مفردة ۸۰). رجال النجايش ۱(

.۴يف الصالة يف شهر رمضان، الحديث ۴۵ب ، كتاب الصيام، البا۸۸/ ۲) الفقيه ۲(

يف الصالة يف شهر رمضان. ۴۵، كتاب الصيام، الباب ۸۹/ ۲) الفقيه ۳(

.۴۳۸/ ۱۶۶) رجال النجايش ۴(

.۵۲۴/ مفردة ۱۹۷) رجال النجايش/ ۵(

۷۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

رع، و كان من أوثق وجه أصحابنا يف الكوفة فقيه و «و قال يف ترجمة محمد بن مسلم: ، فإنه يريد بذلك إن روايتهام من الدرجة العالية التي اصطلح يف تسميتها عند »۱« »الناس

املتأخرين بالصحيح األعاليئ.

ضعيف جدا و الغالة تروى عنه... قل ما رأيت له «و قال يف ترجمة داود بن كثري الرقي: »۲« »حديثا سديدا

ما كان الصفات العلمية للراوي،التقسيم الثاين و هو

أي كفائته، من كونه ناقدا لألخبار، ضبطا و ثبتا، أو مخلطا و غري ذلك.

يعرف و «فمن شواهده: ما قاله النجايش يف محمد بن حسان الرازي أبو عبيد هللا الزبياين: .»۳« »ينكر بني بني، و يروي عن الضعفاء كثريا

ط بني الوثاقة و الضعف، و إن منشأ الضعف عند القدماء عىل أقسام، فانه يظهر منه التوس منها أخذ روايته عن الضعفاء و إكثاره عنهم، و ذلك ألن حجية الخرب من جهتني:

األوىل: التعبد بعدم تعمده الكذب بأمارته و وثاقته، و هو يف قبال الكذب املخربي.

Page 46: بحوث في مباني علم الرجال

اهه بأمارة الضبط املتعارف و التثبتو الثانية: التعبد بعدم احتامل اشتب

______________________________ .۸۸۲/ املفردة ۳۲۳). رجال النجايش ۱(

.۴۱۰/ ۱۵۶) املصدر املتقدم ۲(

.۹۰۳/ ۳۳۸) املصدر املتقدم ۳(

۷۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و الحفظ املعتاد، و هو يف مقام الكذب الخربي.

يكتفون بتقسيم الحديث بلحاظ صفات الراوي من الجهة األوىل و التي فرتى القدماء الاقترص عليها املتأخرون، فإن التقسيامت األربعة أو الخمسة للحديث املعروفة هي أقسام يف

و هي الصفات العلمية -ال الثانية -و هي الصفات العملية يف الراوي و أمانته -الجهة األوىلمل يذكروا تقسيام واحدا بلحاظ الجهة الثانية عدا ما ذكر يف علم الدراية ، و-للراوي أي كفائته

يف األعصار األخرية و أما يف البحوث االستداللية يف الحديث عن املتأخرين فقليال ما يشار إىل التقسيم بلحاظ الجهة الثانية مع أن تقسيمه بلحاظ الجهة الثانية ال يختلف يف األهمية من

األوىل بعد كون مطابقة الحديث الواقع و عدمها منوط بكلتيهام، بينام ترى املتقدمني الجهة يشريون إىل العديد من األقسام يف الجهة الثانية، فتارة يعربون أنه مخلط.

و أخرى أن يف كتابه تخليطا.

و ثالثة أنه متقن و ضبط و ثبت.

الفهرست عن أحمد بن محمد بن خالد الربقي و رابعة أنه مضطرب الحديث، مثل ما ذكره يف »و كان ثقة يف نفسه، غري أنه أكرث الرواية عن الضعفاء، معتمد املراسيل، و صنف كتبا كثرية«، و عبارته هذه متكررة يف كثري من املفردات و كذا ديدن النجايش و الكيش، و عبارته »۱«

عن تقسيمه يف الجهة الثانية و أن اعتباره من رصيحة يف التميز بني الحديث يف الجهة األوىل الجهة األوىل غري كاف.

______________________________ .۶۵/ املفردة ۵۲ -۵۱). الفهرست ۱(

Page 47: بحوث في مباني علم الرجال

۸۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

روى عن جعفر بن «من شواهده: ما ذكره النجايش يف عبد هللا بن أيوب بن راشد الزهري، . فإن الخلل يف ضبط الراوي و اضطالعه »۱« »يه السالم، ثقة، و قد قيل فيه تخليطمحمد عل

بفن الحديث و متمييز األسانيد.

و قال بعض أصحابنا: «و نظريه ما ذكره النجايش أيضا يف سهيل بن زياد، أيب يحيى الواسطي: .»۲« »مل يكن سهيل بكل الثبت يف الحديث

حاظ الضبط و عدم االشتباهفإن هذا تقسيم للحديث بل

التقسيم الثالث و هو ما كان بلحاظ صفات مضمون الخرب،

فيعربون عن الراوي بأنه ثقة معتمد الحديث إال ما فيه من غلو و ارتفاع، و إال ما فيه من شذوذ، و يعربون يف موارد أخرى ثقة و حديثه يعرف و ينكر.

يه يف باب (صوم يوم الشك) لخرب عبد العظيم بن و من شواهده ما ذكره الصدوق يف الفقو هذا حديث غريب ال «عبد هللا الحسني عن سهل بن سعد عن الرضا عليه السالم قال:

أعرفه إال من طريق عبد العظيم بن عبد هللا الحسني املدفون بري يف مقابر الشجرة، و كان .»۳« »مرضيا رىض هللا عنه

أن خرب اإلمامي الثقة أيضا يصنف إىل أقسام كالغريب و غريه، عىل ما فيظهر من عبارته أيضا هو محرر يف علم الدراية يف األعصار األخرية من أقسام الحديث

______________________________ .۵۷۸/ املفردة ۲۲۱) رجال النجايش ۱(

.۵۱۳/ املفردة ۱۹۲) رجال النجايش ۲(

.۸صوم يوم الشك، الحديث ۳۶ام، الباب ، كتاب الصي۸۰/ ۲) الفقيه ۳(

۸۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

بلحاظ املضمون و هذا من التقسيم الثالث كام ال يخفى.

Page 48: بحوث في مباني علم الرجال

حديثه ليس بالنقي، و إن كنا ال نعرف «و نظري ما ذكره النجايش يف سامل بن أيب سلمة الكندي: راوي يف نفسه و اعتبار خربه بلحاظ التقسيم األول ؛ فإنه يريد بذلك وثاقة ال»۱« »منه إال خريا

و التوقف فيه بلحاظ التقسيم الثالث.

التقسيم الرابع و هو ما كان بلحاظ الصفات الطارئة عىل الخرب،

من الشهرة العملية و قبول األصحاب و اعتامدهم عليه، أو إعراضهم عنه أو هجرهم له؛ كام و كان ثقة يف حديثه، «محمد بن جعفر عند قوله: يف قول النجايش يف ترجمة أحمد بن

؛ فإنه مل يكتف بوثاقة الراوي، و هو اعتبار خربه بلحاظ التقسيم »۲« »مسكونا إىل روايته األول، بل نبه عىل اعتباره بلحاظ هذا التقسيم.

.»۳« »ثقة، مسكون إىل روايته«و قول النجايش يف عبد هللا بن الصلت أبو طالب القمي:

له كتاب مصنف معمول عليه، و قيل إنه «و قول الشيخ يف ترجمة عبيد هللا بن عيل الحلبي: »مثله -يعني املخالفني -عرض عىل الصادق عليه السالم فلام رآه استحسنه و قال: ليس لهؤالء

ي من موصوف بالشهرة العلمية و ه -باإلضافة إىل كونه إماميا ثقة -، فإنه يريد بروايته»۴« الصفات الطارئة عىل الحديث.

______________________________ .۵۰۹/ ۱۹۰). رجال النجايش ۱(

.۲۰۲/ ۸۴). رجال النجايش ۲(

.۵۶۴/ ۲۱۷) رجال النجايش ۳(

.۴۶۷/ املفردة ۳۰۵) الفهرست ۴(

۸۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

كتاب يف الحالل و الحرام، يروي تارة له«و قول النجايش يف ترجمة عيل بن جعفر بن محمد: . فهذا تنبيه عىل إختالف النسخ و هو من الصفات الطارئة عىل »۱« »غري مبوب و تارة مبوبا

الحديث.

Page 49: بحوث في مباني علم الرجال

و الحاصل: إنه يظهر من كلامت املتقدمني من الرجاليني يف كتبهم و فهارسهم و كذا من حديث و اعتباره بني الصفات التي تكون للحديث املحدثني إنهم كانوا مييزون يف تقسيامت ال

بلحاظ الراوي من جهة أمانة نقله أو التي للراوي بلحاظ خربوية نقله أو التي تكون ملضمون الحديث املروي يف نفسه أو التي تكون للحديث باعتبار الطرو أي مام يعرض عليه من حاالت

االعتبار و الحجية، و كذا الضعف بلحاظها مختلفة و مل يكن ذلك منهم إال إلختالف درجات كام أنه يختلف الحديث يف كيفية وصوله إىل درجة الوثوق و الصدور بلحاظ تلك التقسيامت

و درجاتها، حيث توضح هذه التقسيامت إنه مل يكن مدار الحجية عندهم رصف وثاقة راهم يطرحون خرب الثقة إن الراوي، بل عىل الوثوق بالصدور من الزوايا األربع، و من ثم ت

اختلت الجهات االخرى و يعملون بخرب الراوي الضعيف إذا متت الجهات االخرى مع انضامم قرائن تجرب النقص يف الجهة األوىل.

و مبا تقدم يتجىل أن التقسيامت األربعة بأقسام عديدة كثرية من علامء الدراية يف األعصار ة اسم جديد لكل قسم، ال أنها استحداث لواقع مسمى املصطلح، املتأخرة مل يكن إال مواضع

أو لتمييز مل يكن حاصال عند قدماء املحدثني و الرجاليني.

______________________________ .۶۶۲/ ۲۵۲) رجال النجايش ۱(

۸۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

اية املتأخرين ممتنع يف نفسه، إذ كيف بل إن توهم كون هذه األقسام مخرتعة من علامء الدر يستحدثون ما ال وجود له، إذ املفروض أن التمييز بني أقسام الرواة و الروايات هو بلحاظ األحوال و الصفات، و هي إمنا وصلت إليهم من املتقدمني فال بد من فرض متييز املتقدمني

ملتميزة، و بعبارة أخرى إن املتأخر يصنف أوال ثم مواضعة املتقدمني ألسامء تلك األقسام ا األقسام بلحاظ ما ذكره املتقدم من صفات و أحوال الرواة و مروياتهم.

و حرص املتقدم عىل ذكر الصفات و األحوال املتقدمة دال عىل دخالتها عندهم يف درجة حجية الرواية.

ستداليل بالروايات ال يكتفى فيه بقرص النظر كام أنه يظهر مام تقدم أن االقتصار يف البحث اال عىل األقسام األربعة يف التقسيم األول، بل ال بد من مالحظة متام أقسام التقسيم األول، كام ال

Page 50: بحوث في مباني علم الرجال

بد من مالحظة التقسيامت األخرى و أقسامها بعد كون حجية و اعتبار الخرب ال تتم إال بعد راوي يف اللهجة، و خربويته يف النقل، و سالمة مضمون تأمني الجهات األربعة، أي أمانة ال

حديثه و صحته، و نقاءه عن صفات الوهن الطارئة و لذلك نرى مراعاة هذه الجهات األربع يف التقسيامت األربعة يف الروايات العالجية لتعارض األخبار، كمقبولة أو صحيحة عمر بن

لعالجية، حيث لوحظ فيها املفاضلة بني حنظلة و مرسلة زرارة و غريها من الروايات االحديثني املتعارضني، تارة بلحاظ صفات الراوي من جهة أمانته و أخرى خربويته أو صفات

الحديث بلحاظ مضمونه أو ما يطرأ عليه.

و بالجملة عدم مراعاة تلك الجهات و األقسام يسبب ضياع كثري من األحاديث و عدم ابتناء األصول الفنية لالعتبار.العمل بالحديث عىل

ثم إن هذه الغفلة عن هذه التقسيامت العديدة لدى القدماء سبب الوقوع

۸۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

يف غفلة أخرى ذات أثر كبري، و هي إن املتأخرين قد حملوا الطعون و الذموم يف املفردات فقط و هي الخدشة يف صدق لهجة الراوي و الرجالية يف أقوال الرجاليني عىل الجهة األوىل

أمانته يف نقله، و الحال أن الكثري منها يف صدد الخدشة يف الجهات الثالث األخرية من خربويته أو مضمون الحديث أو هجر األصحاب لروايته، و من املعلوم أن أحكام الجهات األربع

ة واحدة و هي السقوط عن الحجية مختلفة من ناحية رشائط الحجية، و عليه فليست النتيجليس يف غالب استعامل الرجاليني يراد منها -كام سيأيت -من رأس، فمثال لفظ الضعيف

الخدشة يف وثاقة الراوي يف نقله، بل يراد منه القدح يف ضبطه و خربويته يف الحديث، أو ضعف مضامني حديثه.

ا و االضطالع بكيفية ترجمة الراوي يف كتب كام إنه ال بد ملن يريد مراعاتها اإلحاطة خرب الرجال، و ترجمة الكتاب الذي استخرجت منه الرواية يف كتب الفهرس، باإلضافة إىل ما يحف

الخرب من مالبسات؛ و سرنى مدى تأثري و فوائد هذه املقدمة يف أنحاء التوثيق و االعتبار يف الخرب.

۸۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

وجه يف حجية الظنون الرجاليةال

Page 51: بحوث في مباني علم الرجال

و قد اختلفت املباين و األنظار يف تخريج حجية أقوال الرجاليني يف الظنون الحاصلة بأحوال املفردات الرجالية عىل مسالك متعددة:

املسلك األول: مسلك االطمئنان يف التوثيقات الرجالية

و بيانه يتم عرب نقاط:

ور الخرب بعد ابتنائها عىل الزوايا األربع يظهر جليا عدم صحة جعل املدار عىل األوىل: إن الحجية يف صد رصف وثاقة الراوي،

بل ال بد من خربويته و ضبطه و إتقانه أيضا، كام ال بد من قرب مضمونه لقواعد املذهب و إختالف للروايات املستفيضة األخرى، كام ال بد من عدم طرو صفات الوهن األخرى من قبيل

النسخ أو الهجر من قبل األصحاب بحيث يؤدي إىل ضعف الوثوق بتداول نقله إىل الطبقات املتأخرة حيث إننا نتلقى الحديث و الكتاب املدون فيه من قبلهم يدا بيد و عليه ال بد أن

تكون قناة التلقي تامة.

نع عن العمل بالحديث رصف و عىل ذلك فال يكفي إحراز رصف وثاقة الراوي، كام ال ميضعف الراوي، بل الوثوق بالصدور النابع من الجهات األربع يتأثر بعوامل عديدة كام سبق

بسطه.

الثانية: و يرتتب عىل ذلك أن قيمة طرق التوثيق ال تنحرص بكون ذلك الطريق لتوثيق الراوي حجة مستقلة،

ةكأن تكون هناك بينة عىل وثاقة الراوي أو شهاد

۸۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

العدل الواحد بناء عىل اعتبارها أو داللة القرينة املعينة بنفسها مستقال عىل الوثاقة، بل الالزم هو حصول االطمئنان و الوثوق بالصدور و بوثاقة الراوي بعد تظافر و تعاضد القرائن و

طمئنان و الوثوق، فيكفي يف قرينة التوثيق تراكمها بنحو تزداد درجة االحتامل إىل درجة اال كونها مولدة للظن و لو الضعيف غري املعترب، غاية األمر إنه ال بد من انضامم قرائن أخرى

تصاعد من االحتامل و الظن إىل درجة الوثوق.

Page 52: بحوث في مباني علم الرجال

و يشهد بذلك ما يف موثقة ابن أيب يعفور الواردة يف تعريف العدالة و عالمات استظهارها و إحرازها، حيث ذكر فيها تجنب الشخص عن الغيبة و إتيانه لصالة الجامعة و غريها من

السلوك الظاهرة، و التي ال توجب الوثوق بالعدالة بكل منها مفردة، بل مبجموعها.

الثالثة: و من ثم ال يقترص يف تجميع القرائن عىل األصول الرجالية الخمسة القدمية،

لقرائن عىل الكتب الرجالية املتأخرة إىل يومنا هذا؛ ألن املدار عىل بل يستفاد يف تجميع االعثور عىل القرينة و ان كانت القرائن تختلف قوة و ضعفا ال عىل قول الرجايل مبا هو هو، و

ال يخفى أن هذا املبنى هو ما يسمى بتحصيل االطمئنان و الوثوق بوثاقة الراوي أو اعتبار مى مبسلك تجميع القرائن أو ما يسمى حديثا بنظرية حساب االحتامل خربه أو ما يس

هو مسلك مشهور الرجاليني و رواد هذا الفن، -املدلل عليها بقاعدة رياضية برهانية -الريايضو هذا املسلك كام يستخدم إلحراز صغرى خرب الثقة و للوثوق بوثاقة الراوي يف البحث

لوثوق بالصدور و اعتبار نفس الخرب و نقله كام بيناه مبسوطا يف الرجايل، كذلك يستخدم ل ذيل دعوى األخباريني بصحة روايات الكتب األربعة فراجع.

الرابعة: إنه ال انسداد يف علم الرجال،

بل انفتاح العلم الوجداين من دون

۸۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

املستقلة لبعض طرق التوثيق، حيث إن القرائن عىل حال حاجة إىل العلم التعبدي و الحجية الراوي من جهة أمانته أو خربويته أو سالمة مضمون نقله أو ما يطرأ روايته من األحوال كلها

ميكن االستحصال عليها بالتتبع الوافر و املامرسة و اإلدمان.

بالكتب الرجالية و الفهارسالخامسة: يرتتب عىل ذلك سعة منابع علم الرجال و عدم حرصها

فضال عن األصول الخمسة الرجالية القدمية، كام أشار إىل ذلك املجليس األول يف رشحه الفاريس عىل الفقيه يف الفوائد التي قدمها للرشح، و السيد الربوجردي يف منهجه الخاص املعروف

و سيأيت بسطه. »۱« بعلم الطبقات

Page 53: بحوث في مباني علم الرجال

الفحص يف األسانيد الواصلة للروايات كامدة علمية حية وجدانية و ملخصه: إنه عبارة عن للتعرف عىل الطبقات السابقة للمفردة الرجالية الكائنة لها مبنزلة املشايخ، و الطبقة الالحقة لها الكائنة مبنزلة التالميذ يف الرواية، فمن خالل إحصاء كل األسانيد التي وقعت فيها املفردة

وء عىل البيئة العلمية املحيطة بالراوي و انتامئه يف املذهب و املسلك العلمي، يتم تركيز الضكام يحصل التنبه إىل الحقل الروايئ الذي يزاوله الراوي من خالل مضامني رواياته كام يحصل التعرف عىل ضبطه و إتقانه يف النقل من خالل صورة السند التي يرويها بنفسه و كذا املنت

من الفوائد العديدة الجمة، فمن ثم قلنا يف النقطة السابقة أن العلم الوجداين يف إىل غري ذلك باب الرجال منفتح فضال عن التعبدي، و ال انسداد يف البني، غاية األمر يتوقف عىل التتبع و

الفحص املستمر نظري الحال يف علم التاريخ، فإنه أقرب

______________________________ قد تقدمه يف ذلك االردبييل يف (جامع الرواة) حيث اختص كتابه بذلك، حيث ان الكتب الرجالية كل منها يختص مبنهج من ) ۱(

التنقيح يف تنقيح املفردات و سيأيت بسط هذه النكتة يف الفوائد.

۸۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و أشبه العلوم بعلم الرجال و عىل صلة وثيقة به.

دسة: و هي هامة يف الغاية إن القاعدة يف اعتبار الجرح أو التعديل أو عند تعارض الجرح و التعديل السا ليس عىل القبول التعبدي بلفظ التعديل و التوثيق أو لفظ الجرح و التضعيف،

إذ الفرض أن املدار يف الحجية عىل هذا املبنى و املسلك الشهري بني الرجاليني ليس عىل التعبدية يف التوثيق و التضعيف من الشهادة و البينة و غري ذلك بل عىل حصول الحجية

االطمئنان و العلم العادي و الوجداين.

و عىل ذلك فال يتلقى توثيق النجايش مثال أو تضعيفه كحجة تعبدية و مسلمة من املسلامت، نجايش يف تضعيفه عليها إذ قد ال بل الالزم مالحظة القرائن األخرى التي قد يكون قد استند ال

تكون هي منشأ للضعف بقول مطلق أو تكون منشأ للضعف من جهة غري الجهة التي بنى عليها، فكم من تضعيف بنى عليه القميون أو البغداديون مل يعتد به املتأخرون كام هو

دمان لروايات معروف يف درجة الغلو و التفويض و نحوها من املسائل االعتقادية، و كاإل املعارف، بل إنهم قد يجعلون الراوي كذابا يف أمانة نقله لكونه كثريا ما يروي طائفة خاصة

من املعارف كام وقع حتى ملثل الفضل بن شاذان، حيث حكم و قال كام نسب إليه:

Page 54: بحوث في مباني علم الرجال

سنان و الكذابون املشهورون، أبو الخطاب، و يونس بن ظبيان، و يزيد الصائغ، و محمد بن «، و كام وقع للقميني و البرصيني مع يونس بن عبد الرحمن، و هكذا »۱« »أبو سمينة أشهرهم

الحال يف التوثيق.

و هذا باب واسع تنفتح منه فوائد عديدة، و أشبه ما يكون مقامنا عىل املسلك املزبور بالبحث التاريخي حول مفردة تاريخية، فإن الباحث التاريخي يريد أن

______________________________ ، يف أيب سمينة محمد بن عيل الصرييف.۱۰۳۳/ ۵۹۰). رجال الكيش ۱(

۸۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

يقيم الدراسة حولها حتى يجد شواهد حية لوجهة النظر تلك، فرتاه يالحق الشواهد و يف طرو الحاالت لتلك الشخصية الظروف املحيطة و املالبسات املختلفة يتحرى بذلك اإلمعان

و فرتاتها حتى يصل إىل الحقيقة حول تلك الشخصية. و مثال ذلك ما وقع من النجايش يف العديد من الرتاجم من التضعيف لجملة من شيوخ اإلجازة و الرواية، بسبب أن مشايخه

البغداديني هجروا روايته أو نالوه بألسنتهم.

قديم الجرح عىل التعديل عند التعارض بقول مطلق و ال و من ذلك يتبني عدم صحة ت العكس كذلك، و إمنا الالزم املوازنة بني مدركيهام.

السابعة: إن كثريا من قواعد التوثيق العامة التي اختلف فيها اختالفا كثريا يف مؤداها

كر يف الثالثة أو كام ذ » أجمعت العصابة عىل تصحيح ما يصح عنه«كقاعدة أصحاب اإلجامع أو إن مراسيل ابن أيب عمري حجة و غريها يتم » إنهم ال يروون و ال يرسلون إال عن ثقة«

االعتداد بها ال كشهادات حسية و إمنا كقرائن تتظافر مع بعضها البعض و لو بني عىل حدسيتها.

مسلك االطمئنان عرب هذا كله عىل املسلك األول يف ميزان حجية التوثيقات الرجالية و هو تجميع القرائن و قد عرفت إنه هو املسك الشهري بني الرجاليني

املسلك الثاين: الحجية من باب قول أهل الخربة

Page 55: بحوث في مباني علم الرجال

و هذا يعتمد عىل حجية كربى قول أهل الخربة، املبحوث عنها يف قسم الحجج من علم معني اختص فيه بحيث تكون األصول، و موضوعها الرأي املستحصل من املتضلع بعلم و فن

آراؤه املستنتجة مبنية عىل الحدس املتولد من ملكته العلمية و حيطته بأبواب ذلك العلم يعرس عىل غريه الوصول إىل تلك النتائج لعدم الحيطة

۹۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و االضطالع مبسائل و قواعد ذلك العلم.

يل عىل الحجية يف تلك الكربى هو السرية العقالئية من رجوع الجاهل و قد ذكر هاهنا إن الدل .»۱« إىل العامل أو االنسداد الصغري

و بالجملة: هذه الكربى ال غبار عليها كام ال غبار يف انطباقها عىل قول الرجايل، سواء كان قوله التوثيق أو التضعيف حسيا أو حدسيا، حيث إن املنشأ الحيس غري املرصح به كسلسلة سند

يعود كاملنشإ الحديس الخفي بعد عدم الترصيح به.

و أما دعوى جامعة من املتأخرين أن التوثيقات يف األصول الرجالية الخمسة هي شهادات حسية فسيأيت عدم متاميتها.

و ثم إنه ال بد من االلتفات إىل أن رشط حجية قول أهل الخربة هو عدم كون املستند املتمسك من يحتج بقول أهل الخربة يشرتط فيه أن ال يكون من أهل الخربة أو أن ال يكون

يف مكنته تنقيح املورد الذي حصلت فيه املراجعة لقول أهل الخربة و إال فلو كانت له القدرة ال العلمية و كانت املواد الرجالية يف متناول يده فال يكون رجوعه إىل أهل الخربة صحيحا ورا، كام ال بد من الرجوع إىل األكرث خربة و األعلم؛ ففي قول الرجاليني مثال يقدم قول معذ

املتقدم عىل املتأخر لكونه أكرث حيطة لقربه لعرص الرواة، نعم قد يكون املتأخر أكرث خربوية بع لألبواب لحيطته بقرائن مستجمعة خفيت عىل املتقدم كام هو الشأن يف الفحص و التت

الروائية بربكة التبويب و املعاجم املوضوعة.

______________________________ ) و هو حصول انسداد العلم و العلمي يف باب من األبواب، أو موضوع من املوضوعات مع حصول العلم اإلجاميل املنجز للحكم أو ۱(

األحكام الرشعية فيه.

۹۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 56: بحوث في مباني علم الرجال

و يتبني من ذلك عموم حجية قول الرجايل عىل هذا املسلك رشيطة توفر النقطتني السابقتني.

و قد يستشكل عىل هذا املسلك مبا حاصله: إن رجوع املجتهد إىل أهل الخربة يف الرجال نحو ية، تقليد لهم، و يلزم منه أن تكون النتيجة املستنبطة منه مبنية عىل بعض املقدمات التقليد

فال يكون اجتهادا محضا.

و فيه: إنه ال مانع من ذلك، كام يف العديد من مقدمات االستنباط البعيدة التي يستعان بها يف االستنباط، كالقواعد األدبية، أو املنطقية، أو التفسريية و غريها، حيث إن الالزم يف صدق

و الفقهية هي عن تحقيق و عن ملكة االستنباط عن اجتهاد هو كون املقدمات االصولية علمية دون ما سواها، و بذلك يصدق عليه أنه ممن روى حديثنا، و نظر يف حاللنا و حرامنا،

و عرف أحكامنا، و يصدق عليه عنوان الفقيه

املسلك الثالث: حجية مطلق الظنون الرجالية باالنسداد الصغري

دليل عىل الوجه السابق، كام قد يجعل للتدليل عىل قد قدمنا أن هذا الوجه قد يجعل للتحجية مطلق الظنون الرجالية مع مراعاة الظن الراجح دون املرجوح و املانع دون املمنوع،

مام هو مذكور مسطور يف بحث االنسداد من علم األصول يف كون نتيجة االنسداد هو حجية تنزل إىل الفاقد للرشائط، هذا من حيث النتيجة.الظن ذي الرشائط املعينة فإن مل يكتف به ي

أما من حيث تحقق مقدمات االنسداد الصغري فقد يقرب بوجهني:

األول: هو دعوى وقوع االنسداد الكبري يف مطلق أحكام الفروع، و من ثم يعم الظن الذي هو نتيجة دليل االنسداد الكبري للظن بالطريق ال خصوص الظن

۹۲اين علم الرجال، ص: بحوث يف مب

بالواقع، و الظنون الرجالية هي أحد أفراد الظن بالطريق.

كام قد يقرب وقوع االنسداد الكبري مبا قدمناه من دعوى العلم اإلجاميل بوقوع الوضع و الدس يف األسانيد يف ذيل الجواب الرابع عن دعوى األخباريني لصحة الكتب األربعة،

ري حاصل إما مبنع كربى حجية الظنون الخاصة، أو ملنع الصغرى وجودا أو فاالنسداد الكب إحرازا.

Page 57: بحوث في مباني علم الرجال

هذا و الصحيح عدم متامية الوجه األول بكال صياغتيه، إذ بعد توفر الظنون الخاصة املعتربة الوافية بكل أبواب الفروع، فال مورد لتحقق مقدمات االنسداد الكبري، كام إنك قد عرفت أن

العلم اإلجاميل بالوضع و الدس يف األسانيد قد انحل تكوينا بالعلم التفصييل و اإلجاميل بالتنقية و التصفية لألحاديث و الغربلة للروايات مبا ذكرناه من مناذج عىل مثل ذلك.

الوجه الثاين: دعوى االنسداد الصغري يف خصوص علم الرجال، ببيان أن لدينا علم إجاميل خبار الثقات الصحاح املعتربة املتضمنة ألغلب أحكام الفروع، و ال علم وجداين و ال بوجود أ

تعبدي بصغريات تلك األخبار، مبعنى عدم تحقق العلم الوجداين بوثاقة رواة األسانيد ممن ة هم يف دائرة العلم اإلجاميل املتقدم، كام أن وثاقة رواة ال يوجد لنا علم تعبدي بها من البين

أو الشهادة أو األخبار الحيس املعترب، إذ ال تذكر سلسلة سند التوثيق يف األصول الرجالية القدمية عدا الكيش يف غالب موارده، و حينئذ فال ميكن لنا إحراز صغرى و مصاديق تلك

الكربى، و هي العلم اإلجاميل بوجود أخبار الثقات املتضمنة ألحكام الفروع.

ا يتم لو مل يتم املسلكني األولني، ليتحقق انسداد العلم الوجداين و العلم و هذا الوجه إمن التعبدي فتصل النوبة إليه لكنك قد عرفت متامية املسلكني.

و قد يستشكل عىل هذا املسلك بأن ما يستخرجه املجتهد من نتائج حينئذ

۹۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

رجوع اآلخرين إليه؛ ألنه من رجوع الجاهل إىل الجاهل، و هذا ليست عن علم فال يسوغ اإلشكال قد ذكر يف مبحث االنسداد يف علم األصول، كاإلشكال عىل تقليد االنسدادي، و

حاصله أن املقلد مل ينسد عليه الطريق بعد وجود املجتهدين اآلخرين القائلني باالنفتاح.

و قد أجيب بعدة أجوبة:

منها إن املجتهد االنسدادي عامل بالوظيفة عند االنسداد و الحكم الظاهري و إن مل يكن عاملا بالحكم الواقعي.

و منها: بأن االنسدادي يخطئ االنفتاحي.

Page 58: بحوث في مباني علم الرجال

و منها: بأن االنسدادي بعد ترتيب مقدمات االنسداد ال سيام عىل الكشف يعلم باألحكام ي إىل الفراغ منهاالواقعية أو بالطريق املؤد

املسلك الرابع: كون التوثيق من باب الشهادة و اإلخبار الحيس

و قد صيغ بعدة صياغات:

منها: كونه من باب البينة، كام ذهب إليه صاحب املدارك و املعامل، و لعله تبعا ألستاذهام املحقق األردبييل.

ملوضوعات، أو لدعوى إنه يف املقام و إن قام و منها: كونه من خرب الثقة بناء عىل حجيته يف اعىل موضوع جزيئ إال أن مثرته إثبات الحكم الكيل فهو من قبيل خرب الثقة القائم عىل الحكم الكيل، أو كام قربه يف املستمسك يف االجتهاد و التقليد من أن اإلخبار عن املعصوم يف الحكم

جزيئ الخارجي، حيث إنه إخبار عن واقعة خاصة الكيل يؤول إىل اإلخبار عن املوضوع ال بصدور قول املعصوم.

۹۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و منها كونه من الخرب املتواتر أو املستفيض، و ذهب إليه من متأخري هذه األعصار السيد ربقي و ابن الخويئ قدس رسه و قرب ذلك بكون توثيقات األعالم املتقدمني من الرجاليني، كال

قولويه و الكيش و الصدوق و املفيد و النجايش و الشيخ و أرضابهم، هي نقل كابر عن كابر و ثقة عن ثقة، لكون كتب الفهارس و الرتاجم لتمييز الصحيح من السقيم أمرا متعارفا عندهم

الحسن و لقد وصلتنا جملة من ذلك و مل تصلنا جملة أخرى و إن الكتب الرجالية من زمان بن محبوب إىل زمان الشيخ كانت تبلغ نيفا و مائة كتاب، عىل ما يظهر من النجايش و الشيخ

و غريهام، و قد جمعها البحاثة الشيخ آغا بزرك يف مصفى املقال، و استشهد أيضا مبا ذكره ناقلة بني الشيخ يف العدة يف فصل خرب الواحد من أن للطائفة كتبا و فهارس ميزت الرجال ال

ثقة و ضعيف و معتمد و غري معتمد عليه؛ و كذا استشهد ببعض عبائر النجايش عند ما ».ذكره أصحاب الرجال«يقول:

Page 59: بحوث في مباني علم الرجال

فكل ذلك يشهد بأن أقوالهم يف الرجال هي عن حس مستفيض أو متواتر، خالفا ملا يحتمله و الشيخ يحتمل أنها مبنية الشيخ فخر الدين الطريحي يف مشرتكاته من أن توثيقات النجايش أ

عىل الحدس فال يعتمد عليها.

أقول: يرد عىل عموم املسلك الرابع بصياغاته أو خصوص دعوى التواتر منه:

أوال: إن دعوى التواتر و االستفاضة يف روايات الكتب األربعة أوىل منها يف الكتب الرجالية، إذ عىل مآخذ االصول الرجالية القدمية، فإذا كانت كتب الروايات تزيد مآخذها أضعافا مضاعفة

كتب الفهارس و الرجال تزيد عىل املائة و نيف من فرتة الحسن بن محبوب إىل زمان الشيخ، فكتب الروايات األصول منها فقط يربو عىل األربعامئة فضال عن الكتب و املجاميع التي

مطلق الطرق فيها غري تامة، فكيف بك يف الفت بعدها، و قد تقدم مبسوطا أن دعوى اعتبار مآخذ

۹۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

األصول الرجالية.

نعم قد بينا الفرق بصياغة فنية رجالية درائية بني الطرق إىل كتب املشيخة و الطرق التي يف رجالية و كتب املشيخة إىل املعصوم، و الفارق املزبور هو بعينه يوجد بني طرق الكتب ال

املشيخة و بني مراسيل التوثيقات أو التضعيفات يف األصول الرجالية.

عىل أن غاية دعوى كرثة مآخذ الكتب الرجالية هو عدم النظر يف طرق األصول الرجالية الخمسة أو الستة إىل الكتب الرجالية التي قبلها، ال الطرق التي يف الثانية املتقدمة إىل املعارص

ردة الرجالية املرتجمة.للمف

ثانيا: إن كتاب الكيش و هو متقدم عىل فهرست النجايش و فهرست و رجال الشيخ بطبقتني و هو املشتمل يف توثيقاته و تضعيفاته يف العديد من املوارد عىل سلسلة السند، فإنه يقيم

تكون معتربة كام هو جرحه و تعديله بحسب اعتبار تلك السلسلة، فتارة تكون ضعيفة و تارة دأب الجميع عىل ذلك حتى القائلني باملسلك الرابع، و املعروف أن كتاب التحرير الطاوويس

من صاحب املعامل هو تشذيب و تهذيب لرجال السيد أحمد بن طاوس املوضوع لتقييم طرق األقرب عرصا التوثيق أو التضعيف يف رجال الكيش، فإذا كان الحال ذلك يف كتاب الكيش و هو

Page 60: بحوث في مباني علم الرجال

لطبقات الرجال و كتب الفهارس، فكيف بك ملن تأخر عنه بطبقتني؛ فإن ما صنعه الكيش من ذكر تلك الطرق دليل بني عىل عدم استفاضة و تواتر التوثيقات كلها، بل هي يف األغلب منها

طرق آحاد.

ثيقات أو التضعيفات بني ثالثا: إن هناك العديد من املوارد التي وقع فيها التعارض يف التو الشيخ و النجايش و بني كل منهام و الكيش، و لو كانت إخباراتهم حسية من منط التواتر و

االستفاضة ملا وقع مثل ذلك بهذه الكرثة و من ثم مل يلتزم

۹۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

أو الشيخ بعد عثوره عىل قرائن القائل نفسه يف عدة من املفردات الرجالية عىل رأي النجايش مخالفة أخرى.

رابعا: إن عبارات األصول الرجالية الخمسة أو الستة هي بنفسها مختلفة، و هي تدل عىل أن طرقهم يف التوثيق و التضعيف مختلفة فبعضها بالشهرة و التواتر، و األخرى آحادية.

لقميون، أو: وجه يف الطائفة، أو: يف أصحابنا، فرتى التعبري تارة: قال مشايخنا، و أخرى: ضعفه اأو: كان له صيت، أو: أجمعت العصابة عىل تصحيح ما يصح عنه، أو: عىل وثاقته، فهذا منط، و منط آخر ترى يكتفي بالتعبري بثقة أو ضعيف، أو: قيل إنه كذا، أو رمي بكذا، و نحوها من

التعابري الرصيحة يف كون مآخذها آحادية.

لجملة: نسرتدف لك بعض الشواهد الدالة عموما عىل عدم صحة االستفاضة يف طرق و با الجرح و التعديل:

من أن الشيخ أكرث من األخذ عن فهرست ابن »۱« منها ما ذكره صاحب قاموس الرجالو النديم أوهاما و أغالطا كثرية يف الرتاجم و مل ينبه الشيخ عىل وهمه إال يف الفضل بن شاذان

لذلك مل يستند إليه النجايش إال يف موضع واحد و هو بندار بن محمد، و كذا ما نبه عليه من -رجال الكيش -إختالف نسخ الكيش التي كانت مأخذا للشيخ الطويس، و قد قال النجايش عنه

.»۲« »له كتاب الرجال، كثري العلم، و فيه أغالط كثرية و روى عن الضعفاء كثريا «

______________________________ .۵۲/ ۱). قاموس الرجال ۱(

Page 61: بحوث في مباني علم الرجال

.۱۰۱۸/ املفردة ۳۷۲) رجال النجايش ۲(

۹۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و قد نبه صاحب قاموس الرجال يف املوضع املتقدم عىل وقوع التصحيف و الخلط يف مجموعة من الرتاجم يف األصول الرجالية، فراجع.

من بناء مثل الصدوق و النجايش و غريهام عىل »۱« عليه يف الفوائد الرجالية و منها ما نبه قواعد يف التوثيق و التضعيف اجتهادية غري تامة.

فتحصل: إن البناء عىل األخبار الحيس يف قول الرجاليني ليس بواجد لرشائط الحجية لإلرسال تحققة غالبا.املوجود فيه، و إن صغرى حجية الخرب الحيس غري م

______________________________ .۵۸ص -۲۵/ ۱). الفوائد الرجالية ۱(

۹۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

املقام الثاين: حجية أصالة العدالة و حسن الظاهر يف التوثيق

مسلام أو فقد وقع الخالف يف أن البناء عىل وثاقة و اعتبار املفردة الرجالية، هل مبجرد كونهإماميا مل يثبت و مل يحرز فسقه، أو إنه من الالزم إحراز عدم فسقه، و ال يكفي يف ذلك

اإلحراز إجراء أصالة العدم؟

فقد نسب متأخري هذه األعصار إىل املتقدمني بناءهم عىل أصالة العدالة، و فرست باالكتفاء فسق، لالكتفاء يف الفسق بأصالة العدم و قد فيها مبجرد اإلسالم أو اإلميان مع عدم إحراز ال

نسب ذلك رصيحا إىل الشيخ الطويس، و احتمل كون ذلك مبنى الرواة و الرجاليني املتقدمني عىل الشيخ أيضا كالصدوق، كام نسب ذلك رصيحا إىل العالمة الحيل، و لتحرير املقام ال بد

من ذكر جهات:

ملسألة و الضابطةالجهة األوىل: يف تنقيح فرض ا

Page 62: بحوث في مباني علم الرجال

إذ كربويا قد يبنى عىل حجية مطلق الخرب سوى خرب الفاسق، فيكون الفسق حينئذ مانعا و ال تكون الوثاقة أو العدالة رشطا، و أخرى يبنى كربويا عىل رشطية العدالة أو الوثاقة كصفة

وجودية، كام إنه ال بد من االلتفات إىل إمكان وجود

۹۹باين علم الرجال، ص: بحوث يف م

الواسطة بني العادل و الفاسق أو الثقة و املتهم أو عدمها، كام ال بد من االلتفات إىل أن األمارات عىل الوثاقة و الكواشف عىل العدالة، هل يكتفى بها يف إحراز العدالة و الوثاقة أو ال

بد من إحراز عدم الفسق، أي عدم موجب الفسق؟

أن هذا الرتديد ال مجال له؛ ألنه مع فرض وجود العدالة أو الوثاقة فهو يالزم عدم و ال يتوهمالفسق املطلق أو عدم الفسق يف اللهجة، و مع وجود األمارة عىل أحد الضدين ال حاجة إىل

وجود األمارة عىل عدم وجود الضد اآلخر، إذ إن وجود أحد الضدين و إن الزم عدم الضد -كمدلول التزامي - أن الكاشف عن أحد الضدين ليس من الرضوري اعتبار كاشفيتهاآلخر إال

عىل عدم الضد اآلخر.

و بعبارة أخرى: إن الكاشف عن أحد الضدين قد يكون اقتضائيا ناقصا ال بد من ضميمة بجوارحه و إحراز عدم املانع، فمواظبة الرجل مثال عىل صالة الجامعة و عدم ايذاء املسلمني

حسن ظاهره، كل ذلك مقتض لتواجد صفة العدالة أو الوثاقة، فقد يقال مع ذلك بالبدية إحراز عدم املوجب للفسق، أي عدم صدور ما يخل بالوثاقة أو العدالة منه

الجهة الثانية: صحة النسبة املتقدمة

، -العدالة -ل إىل معرفتهاالثانية: يف الطريق املوص«قال الشيخ الطريحي يف جامع املقال: فنقول: اكتفى بعض فقهاؤنا بثبوت العدالة بظاهر اإلسالم من دون أن يعلم منه االتصاف مبلكتها، و هو مذهب الشيخ يف الخالف، و نقل عن ابن الجنيد رصيحا و املفيد يف كتاب

ن يكون ساترا االرشاف ظاهرا، و زاد آخرون عىل ذلك أن يكون ظاهره ظاهرا مأمونا، بأ لعيوبه، راغبا إىل املساجد و الجامعات، إذا سئل عنه أهل محلته و قبيلته يقولون ما رأينا منه

إال خريا

۱۰۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 63: بحوث في مباني علم الرجال

.»۱« »و هو مذهب الشيخ يف النهاية و ابن بابويه يف الفقيه

________________________________________ ق ه ۱۴۲۹ايران، دوم، -محمد سند، بحوث يف مباين علم الرجال، در يك جلد، مكتبة فدك، قم بحراىن،

۱۰۰بحوث يف مباين علم الرجال؛ ص:

كام نسب كثري متأخري هذه األعصار إىل الشيخ الطويس و العالمة الحيل بنائهام عىل أصالة مد بن إسامعيل بن سمكة بن عبد هللا) و العدالة، استنادا ملا ذكره يف الخالصة يف ترجمة (أح

ملا ذكره يف ترجمة (إبراهيم بن هاشم أبو اسحاق القمي)، و استنادا إىل ما ذكره الشيخ الطويس يف كل من النهاية يف باب العدالة و العدة يف فصل القرائن التي تدل عىل صحة أخبار

لشهادات منه يف باب العدالة املعتربة يف اآلحاد، و ملا ذكره يف االستبصار أيضا يف كتاب ا الشهادة.

و اختلفوا يف العمل بالحسن، فمنهم من عمل به مطلقا «و قال الشهيد الثاين يف الدراية: كالصحيح، و هو الشيخ قدس رسه عىل ما يظهر من عمله، و كل من اكتفى يف العدالة بظاهر

مطلقا و هم األكرثون حيث اشرتطوا يف قبول اإلسالم و مل يشرتط ظهورها، و منهم من رده الرواية اإلميان و العدالة، كام قطع به العالمة يف كتبه األصولية و غريه، و العجب أن الشيخ قدس رسه اشرتط ذلك يف كتب األصول و وقع له يف الحديث و كتب الفروع الغرائب، فتارة

أخبارا كثرية صحيحة، حيث تعارضه يعمل بالخرب الضعيف مطلقا، حتى إنه يخصص به بإطالقها، و تارة يرصح برد الحديث الضعيف لضعفه و أخرى برد الصحيح معلال بأنه خرب

.»۲« »واحد ال يوجب علام و ال عمال كام هي عبارة املرتىض قدس رسه

و الفتوائية إن الشيخ عمل بالخرب الضعيف املعتضد بالشهرة الروائية أ «و قال يف موضع آخر: لقوة الظن بصدق الراوي و إن ضعف يف نفسه كام يعلم

______________________________ .۲۴) جامع املقال/ ۱(

.۲۶) الدراية/ ۲(

۱۰۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 64: بحوث في مباني علم الرجال

.»۱« »مذاهب الفرق اإلسالمية بإخبار أهلها و إن مل يبلغوا حد التواتر

يف الفائدة التاسعة من الخامتة يف معرض الحديث عن آية النبأ و و قال صاحب الوسائل فإن «حجية الخرب، من أن القدماء يف اعتامدهم الحديث قد يبنون عىل أصالة العدالة قال:

».أجابوا بأصالة العدالة أجبنا بأنه خالف مذهبهم و مل يذهب منهم إال القليل

عتامد ابن الوليد أو غريه من األعالم املتقدمني فضال عن إن ا«و قال السيد الخويئ يف املعجم: املتأخرين عىل رواية شخص و الحكم بصحتها ال يكشف عن وثاقة الراوي و حسنه، و ذلك

الحتامل أن الحاكم بالصحة يعتمد عىل أصالة العدالة و يرى حجية كل رواية يرويها مؤمن مل .»۲« »ترب وثاقة الراوي أو حسنه يف حجية خربهيظهر منه فسق، و هذا ال يفيد من يع

و قال أيضا يف معرض الخدشة يف استفادة التوثيق من رواية الثقة عن رجل:

و أين هذا من التوثيق و الشهادة عىل حسنه و مدحه، و لعل الراوي كان يعتمد عىل رواية « .»۳« »كل إمامي مل يظهر منه فسق

مل هذه النسبة يقيض بأن املراد من املحيك من عبارات القدماء أقول: التأمل و النظر يف مجليس هو أصالة العدالة كام توهم يف املسلم أو املؤمن ما مل يحرز الفسق، بل املراد حجية حسن الظاهر و ظهور حال و سلوك املسلم و املؤمن يف الوثاقة أو العدالة كأمارة كاشفة

فسقمعتد بها، رشيطة عدم العلم بال

______________________________ .۲۷) الدراية/ ۱(

، طبعة قم.۷۴/ ۱) املعجم ۲(

.۷۳) املصدر املتقدم/ ۳(

۱۰۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و عدم إحرازه و لو بضم األصل العدمي، و هو مضمون عدة من الروايات املعتربة الواردة يف ور و غريها اآليت ذكرها يف الجهة الثالثة، هذا إجامل النظر.باب العدالة، كموثقة ابن أيب يعف

Page 65: بحوث في مباني علم الرجال

و أما تفصيل الحال يف ما نسب، فمثال ما ذكره العالمة الحيل يف ترجمة أحمد بن إسامعيل بن أبو عيل البجيل عريب من أهل قم، كان من أهل الفضل و األدب و «سمكة بن عبد هللا هو:

ل محمد بن الحسني بن العميد، و له كتب عدة مل يصنف مثلها، و العلم، و عليه قرأ أبو الفضكان إسامعيل بن عبد هللا من أصحاب محمد بن أيب عبد هللا الربقي و ممن تأدب عليه، فمن

كتبه كتاب العبايس و هو كتاب عظيم نحو عرشة آالف ورقة يف أخبار الخلفاء و الدولة ه. هذا خالصة ما وصل إلينا يف معناه و مل ينص علامؤنا عليه العباسية مستوىف مل يصنف مثل

.»۱« »بتعديل و مل يرو فيه جرح، فاألقوى قبول روايته مع سالمتها من املعارض

فذيل كالمه و إن أوهم البناء عىل أصالة العدالة بأصالة عدم الفسق إال أنه من البني أن صدر تبلغ الخمس، من كونه ذو درجة عالية يف الفضل و األدب و العبارة فيها تعداد لقرائن الوثاقة

العلم و قراءة ابن العميد عليه و الذي كان من وزراء الدولة البويهية و من األدباء أيضا و تصنيفه لكتب عدة عدمية املثيل و كون والده من خواص الربقي و تصنيفه لكتاب العبايس

هة و الجاللة و الوثاقة من دون معارض.الكبري، فإن كل ذلك دال عىل الوجا

أصله من الكوفة و «و أما ما ذكره العالمة يف ترجمة إبراهيم بن هاشم أبو اسحاق القمي: انتقل إىل قم، و أصحابنا يقولون إنه أول من نرش حديث الكوفيني

______________________________ .۱۶) خالصة العالمة الحيل/ ۱(

۱۰۳ين علم الرجال، ص: بحوث يف مبا

بقم، و ذكروا إنه لقى الرضا عليه السالم و هو تلميذ يونس بن عبد الرحمن من أصحاب الرضا عليه السالم و مل أقف ألحد من أصحابنا عىل قول يف القدح فيه و ال عىل تعديله

».بالتنصيص و الروايات عنه كثرية و األرجح قبول قوله

يف توثيقه عىل أربع قرائن هامة، هي عني ما استند عليها متأخري فإنك ترى إنه قد استندهذه األعصار يف توثيق إبراهيم بن هاشم، فليس هو من البناء عىل أصالة العدالة مبعنى مجرد أصالة عدم الفسق يف من أحرز إميانه، و من ثم ترى أن العالمة مل يوثق كثريا من

ن مل يرد فيهم تعديل و ال جرح و أدرجهم يف القسم الثاين من مفردات الرواة اإلمامية مم كتابه.

Page 66: بحوث في مباني علم الرجال

و أما ما نسبه الشهيد الثاين للشيخ الطويس استنادا ملا وقع للشيخ يف كتب الحديث من أنه تارة يعمل بالخرب الضعيف و يخصص به الصحاح و أخرى يرد الحديث الضعيف و ثالثة يرد

ه خرب واحد ال يوجب علام و ال عمال كام هو مذهب السيد املرتىض.الخرب الصحيح معلال بأن

ففيه: أن الشيخ دأبه يف التهذيبني عىل الجمع بني األحاديث املختلفة مهام أمكن، لدفع شبهة كرثة التعارض يف أحاديث أهل البيت عليهم السالم التي أدت بأحد األرشاف إىل الخروج من

يف مقدمة الكتابني، أي إن غرضه بيان فنون االحتامالت العلمية و املذهب، كام رصح بذلكالفذلكات الصناعية، كام أن اعتامده عىل الخرب الضعيف يف موارد يدلل عليه بقرائن عدة توجب الوثوق بالصدور، فريتكب التخصيص به فال ينايف رده لخرب ضعيف آخر منفرد عن

القرائن.

لخرب الصحيح بالتعليل املزبور، فإنه يريد به مخالفته لقواعد آبية عن و كذا الحال يف رده لالتخصيص مثال أو لبعض أصول املذهب التي ال يرفع اليد عنها ألقوائية عمومها من داللة

الخرب الخاص الصحيح.

۱۰۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

دعويي اإلجامع من الشيخ الطويس و قد أسهبنا يف مسألة اإلجامع من علم األصول الجمع بني و السيد املرتىض يف العمل بالخرب الواحد أو عدم العمل به.

إنه ال يجب عىل الحاكم التفتيش عن بواطن «و أما عبارة الشيخ يف االستبصار عند قوله: عرفهم الناس، و إمنا يجوز له أن يقبل شهادتهم إذا كانوا عىل ظاهر اإلسالم و األمانة و أن ال ي

مبا يقدح فيهم و يوجب تفسيقهم، فمتى تكلف التفتيش عن أحوالهم يحتاج إىل أن يعلم .»۱« »جميع الصفات

و قال أيضا يف معرض الجمع بني األخبار الواردة يف العدالة و كيفية إحرازها:

و »۲« »ء من هذه األشياء إنه ينبغي قبول شهادة من كان ظاهره اإلسالم، و ال يعرف فيه يش« يشري بذلك إىل الصفات القادحة يف الشهادة.

فهذه العبارة و إن أوهمت ذلك، إال أن التدبر فيها يقيض بأن استناده يف إحراز العدالة إىل وجود ظهور السلوك العميل من الشاهد عىل األمانة و االستقامة، من دون بروز صفة قادحة

Page 67: بحوث في مباني علم الرجال

فمستنده حسن الظاهر الذي هو من أمارات للعدالة، أي بضميمة عدم العلم بالفسق، الوثاقة و العدالة املذكورة يف مثل موثقة ابن أيب يعفور الواردة يف العدالة.

و أما العدالة املراعاة يف ترجيح أحد الخربين عىل «و أما ما ذكره الشيخ يف العدة عند قوله: يف دينه، متحرجا من الكذب، غري اآلخر، فهو ان يكون الراوي معتقدا للحق، مستبرصا ثقة

متهم يف ما يرويه، فاما إذا كان مخالفا يف االعتقاد ألصل املذهب و روى مع ذلك عن األمئة عليهم السالم نظر يف ما يرويه... و إن مل يكن من

______________________________ .۱۳/ ۳) االستبصار ۱(

.۱۴) املصدر املتقدم/ ۲(

۱۰۵مباين علم الرجال، ص: بحوث يف

الفرقة املحقة خرب يوافق ذلك و ال يخالف و ال يعرف لهم قول فيه وجب أيضا العمل به، ملا روي عن الصادق عليه السالم أنه قال:

إذا نزلت بكم حادثة ال تجدون حكمها يف ما رووا عنا فانظروا إىل ما رووا عن عيل فاعملوا « ».به،...

لراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية و الواقفية و الناووسية و غريهم نظر يف ما و إذا كان ايرويه... و إن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه، و ال يعرف من الطائفة العمل بخالفه،

وجب أيضا العمل به إذا كان تحرجا يف روايته، موثوقا يف أمانته و إن كان مخطئا يف أصل أما ما ترويه الغالة و املتهمون و املضعفون و غري هؤالء فام يختص الغالة االعتقاد،... و

بروايته، فإن كان ممن عرف لهم حال استقامة و حال غلو، عمل مبا رووه يف حال االستقامة و ترك يف ما رووه يف حال خطأهم،... فأما ما يرويه يف حال تخليطهم فال يجوز العمل به عىل

و كذلك القول يف ما ترويه املتهمون و املضعفون... فأما من كان مخطئا يف بعض كل حال،األفعال أو فاسقا بأفعال الجوارح و كان ثقة يف روايته متحرزا فيها، فإن ذلك ال يوجب رد خربه و يجوز العمل به، ألن العدالة املطلوبة يف الرواية حاصلة فيه، و إمنا الفسق بأفعال

.»۱« »لجوارح مينع من قبول شهادته و ليس مبانع من قبول خربها

Page 68: بحوث في مباني علم الرجال

أقول: من البني جعل الشيخ املدار يف حجية الخرب عىل ظهور الوثاقة يف اللسان و اللهجة، ال ما توهمه عبارته يف خرب املخالف، إذ كالمه يف الثقة، و لذلك مثل بأسامء املوثقة بهم من رواة

و يف صدد عدم رد العامة فالحظ، فه

______________________________ .۱۵۲ - ۱۴۸/ ۱) العدة ۱(

۱۰۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

خرب املخالف مبجرد مخالفته، و إال فخربه ال يزيد يف االعتبار عن خرب الراوي من فرق الشيعة االخرى، حيث اشرتط فيه الوثاقة يف العبارة املتقدمة.

عبارته يف النهاية يف تعريف العدالة التي هي رشط الشهادة، فهي رصيحة يف ظهور حال و أما العدل الذي يجوز قبول شهادته للمسلمني و عليهم هو أن «الشخص يف اإلميان عند قوله:

يكون ظاهر اإلميان ثم يعرف بالسرت و الصالح و العفاف و الكف عن البطن و الفرج و اليد و ف باجتناب الكبائر التي أوعد هللا تعاىل عليها النار من رشب الخمر و الزنا.... اللسان و يعر

.»۱« »الخ

و نظريه عبارة الشيخ املفيد، و ابن براج، و أيب الصالح الحلبي، يف الباب املزبور، و ابن الجنيد يف محيك املختلف، و كذا ابن إدريس يف الرسائر فالحظ.

إذا شهد عند الحاكم شاهدان «الخالف يف آداب القضاء حيث قال: و أما عبارة الشيخ يف يعرف إسالمهام و ال يعرف فيهام جرح حكم بشهادتهام، و ال يقف عىل البحث إال أن يجرح املحكوم عليه فيهام بأن يقول: هام فاسقان فحينئذ يجب عليه البحث... دليلنا إجامع الفرقة

سالم العدالة، و الفسق طارئ عليه يحتاج إىل دليل، و أيضا و أخبارهم، و أيضا األصل يف اإل نحن نعلم إنه ما كان البحث يف أيام النبي صىل هللا عليه و آله و ال أيام الصحابة و ال أيام

ء أحدثه رشيك بن عبد هللا القايض، فلو كان رشطا ما أجمع أهل التابعني، و امنا هو يش ».األعصار عىل تركه

الجرح و التعديل ال يقبل إال عن اثنني «يف املسألة الالحقة، املسألة الحادي عرش: و قال يشهدان بذلك، فإذا شهدا بذلك عمل عليه،... دليلنا: إن الجرح

Page 69: بحوث في مباني علم الرجال

______________________________ ) النهاية: كتاب الشهادات، باب تعديل الشهود و من تقبل شهادته و من ال تقبل.۱(

۱۰۷مباين علم الرجال، ص: بحوث يف

».و التعديل حكم من األحكام و ال تثبت األحكام إال بشهادة شاهدين

إذا حظر الغرباء يف بلد عند الحاكم فشهد عنده اثنان فإن «و قال يف املسألة الخامسة عرش: ام، و عرفا بعدالة حكام، و إن عرفا بالفسق وقفا و إن مل يعرف عدالة و ال فسقا بحث عنه سواء كان لهام السيامء الحسنة و املنظر الجميل و ظاهر الصدق، و به قال الشافعي.

و قال مالك: إن كان املنظر الحسن توسم فيهام العدالة حكم بشهادتهام، دليلنا قوله تعاىل ه ( ن ترضون من الش .»۲« »و هذا ما ريض بها »۱« داء)فإن لم يكونا رجلني فرجل و امرأتان مم

أقول: و الناظر لعبارة الشيخ يف املسألة األوىل املتقدمة يوهم وهام شديدا بأنه قائل بأن األصل يف املسلم و املؤمن العدالة، بينام إذا ضمت املسألة األخرية و املسألة املتوسطة مع

أن الشيخ يف صدد التفصيل بني من تحصل معه العرشة املسألة األوىل، يتضح جليا ال خفاء فيه من املسلمني و املؤمنني، بحيث ال يظهر عليه خالف الصالح و ال سوء و ال منايف للعدالة، و

بني من يكون من املسلمني أو املؤمنني من الغرباء الذين ال خلطة و ال معارشة لإلنسان بهم، يهم، و بني من شهد عليه بكل من الجرح و التعديل و فإنه يجب أن يتحرى أمارات العدالة ف

إن كانت به خلطة و عرشة، فإنه حكم يف الشقني اآلخرين بلزوم الفحص دون األول ال لكون األصل فيه العدالة كام توهمه العبارة، بل استنادا إىل أمارات الصالح املحسوسة بالعرشة و

وت الجرح،الخلطة، فال حاجة للتنقيب معها عن ثب

______________________________ .۲۸۲). البقرة/ ۱(

، أبواب القضاء، املسألة العارشة، الحادية عرش، الخامسة عرش.۲۱۷/ ۶) الخالف ۲(

۱۰۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و هذا معنى األصالة التي يريدها الشيخ، أي أصالة عدم موجب الفسق بضميمة األمارات ىل العدالة، و أن التنقيب الزائد عن الواقع و عدم االعتداد باألمارات أمر أحدثه السابقة ع

Page 70: بحوث في مباني علم الرجال

رشيك بن عبد هللا و يزيدك وضوحا عىل ما ذكرناه إشارة الشيخ يف املسألة األوىل إىل الروايات الواردة و ستأيت أن كلها هي مبعنى االعتداد بأمارات ظاهر الحال، من دون لزوم التنقيب مام

وراء ذلك ال مبعنى األصل العميل العدمي للفسق مبجرده مثبت للعدالة.

و من ثم قال صاحب الجواهر: إنه قد استقىص الكالم يف املسألة و قال:

مل نتحقق القائل به، لظهور من وقفنا عىل كالم من يحىك عنه يف املسلم الذي مل يظهر منه «ة فساد األصل املزبور، و إن اشتهر يف كالم األصحاب أن فسق، ال أن اإلسالم عدالة مع معلومي

األصل يف املسلم أن ال يخل بواجب و ال يفعل محرما، إال أن ذلك ال يقتيض تحقق وصف العدالة به، بل املراد منه حكام تعبديا يف نفسه ال يف ما يرتتب عىل ذلك لو كان واقعا...

الروايات و عليه عمل العلامء يف جميع األعصار و األمصار و إن التحقيق الذي تجتمع عليه »حسن الظاهر، مبعنى الخلطة املطلعة عىل أن ما يظهر منه حسن من دون معرفة باطنه

»۱«.

أقول: و نعم ما أفاد من أن غالب من نسب إليه أصالة العدالة هو بسبب ايهام العبائر، الم و اإلميان، كام أن ليس مرادهم إحرازها مبجرد أصالة فليس مرادهم تعريف العدالة باإلس

عدم الفسق، بل مراد من نسب إليه هو كون حسن الظاهر أمارة عىل العدالة، و لو بضميمة أصالة عدم موجب الفسق من دون لزوم تحري ما

______________________________ .۱۱۲/ ۴۰) الجواهر ۱(

۱۰۹، ص: بحوث يف مباين علم الرجال

وراء ذلك من الباطل.

.»۱« و قد بسط صاحب جواهر الكالم يف كتاب الصالة يف مبحث الجامعة هذه النكتة فالحظ

و بعبارة أخرى: إن مراد الشيخ و املتقدمني من كون ظاهره اإلسالم و عدم معرفته بالصفة بيلته، إذ التعايش القادحة هو عدم معرفته بذلك يف من يتعايش معه من أهل محلته أو ق

كذلك يفرض عىل نطاق خمس دوائر:

Page 71: بحوث في مباني علم الرجال

األوىل: تعايشه يف نطاق األرسة و هي أخص خاصة، كزوجته و ولده و خدمه و حشمه.

الثانية: هي ذوي رحمه و أصدقاءه، و هي املعرب عنها بخاصته.

الثالثة: هي الحي و املحل الذي يعيش فيها، أو القبيلة التي يقطنها.

بعة: هي تعايشه ضمن طبقة من أهل عرصه لكن يف مدينة أو بالد أخرى أو قبائل أخرى الرا مختلفة.

الخامسة: و هي نطاق من مل يعارصه من الطبقات الالحقة، كنسبتنا نحن إىل الرواة.

و عليه فإن املراد من عدم معرفة الشخص بالفسق و هو سالمة سلوكه يف الظاهر، إمنا هو يف الثة، ال بقية الدوائر، و املتأخرون حملوا عدم معرفته بالفسق بلحاظ الدائرة الرابعة الدائرة الث

و الخامسة، و من الواضح تباين ذلك املعنى حينئذ مع حسن الظاهر، حيث أن حسن الظاهر هو سالمة سلوكيات الشخص عىل

______________________________ .۲۹۰ -۲۸۰/ ۱۳) الجواهر ۱(

۱۱۰ مباين علم الرجال، ص: بحوث يف

صعيد سطح تعامله التعاييش يف نطاق الدائرة الثالثة، و واضح أن عدم معرفته بالفسق يف سلوكه يف نطاق الدائرة الثالثة و مع من يتعايش معه يعني حسن ظاهره و سلوكه، بخالف

يف عدم معرفتنا نحن كام -الدائرة الخامسة -عدم معرفته بالفسق باإلضافة إىل من مل يعارصهاآلن بفسق بعض الرواة، فإنه ال يعني ذلك حسن الظاهر، بل يعني الجهالة بحال الراوي، و

هكذا الحال يف من عارص الشخص و مل يكن من أهل مدينته، فالعمدة يف غفلة تفسري سق املتأخرين لعبائر املتقدمني و لظاهر جملة من الروايات هو حملهم عدم املعرفة بالف

لنطاق من مل يتعايش و مل يعارص ذلك الشخص، و فرسوا ذلك بأصالة العدالة عند الجهل بحال الراوي، أي مبجرد اسالمه مع عدم العلم بالفسق، و الحال أن مراد الروايات و املتقدمني هو ما أرشنا إليه، و عليه فعدم العلم بالفسق ال ينفك عن حسن الظاهر ملن عارص و عايش

لك الشخص.ذ

Page 72: بحوث في مباني علم الرجال

و هناك غفلة أخرى عىل طرف مقابل كام سبق، و هي االعتامد يف توثيق الشخص و إحراز أي مبن يكون يف نطاق الدائرة األوىل -عدالته عىل خصوص من اختص بالتعايش مع الشخص

».إن املرء عىل دين خليله«مبقتىض حديث -أو الثانية

درجة عالية، كدرجة االطمئنان و نحوه، و بني مع أن ذلك خلط واضح بني إحراز الوثاقة ب إحرازها بدرجة ظنية معتادة معتربة، فهو تنايس ألمارية حسن الظاهر.

و من ثم يتبني لك أن الشخص الذي يحرز وثاقته بالدرجة العالية يسمى يف االصطالح بالثقة من تحرز وثاقته بدرجة ظنية أو العادل و خربه يصنف يف الخرب الصحيح أو املوثق، و أما

معتادة معتربة، فيقال عنه إنه ممدوح، و خربه يصنف

۱۱۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

يف الخرب الحسن أو القوي.

و عليه فالفارق بني الخرب الصحيح و املوثق من جهة و الحسن و القوي من جهة أخرى هو يف حقيقة صفات الراوي الخارجية؛ فالتقسيم فرق يف درجة إحراز صفات الراوي، ال فرق

املزبور لألخبار غري مبني عىل تباين األقسام ثبوتا، بل إثباتا و إحرازا باإلضافة إىل صفات الراوي

الجهة الثالثة الضابطة الصغروية لالحراز

ة عىل صغرى يف تحقيق املقام: و هي الضابطة الصغروية لإلحراز، مبعنى ميزان األمارات القامئ صفات راوي الخرب املعترب.

فليعلم يف البدء انه يتنقح ذلك أوال مبا يبنى عليه يف دائرة حجية الخرب، فتارة يبنى عىل حجية كل خرب سوى خرب الفاسق، فيشمل حينئذ أكرث أقسام الخرب، و ميكن إحراز صغراه حينئذ

ية يستصحب عدمها، و الفرض أنه ال يعترب بتوسط أصالة عدم الفسق، إذ الفسق صفة وجودعىل هذا القول صفة وجودية كرشط يف موضوع الحجية، و إمنا أخذ الفسق مانعا يف املوضوع

فحسب، و أخرى يبنى عىل حجية خرب كل من العادل و الثقة و الحسن و القوي سوى د املدح مع عدم الطعن و الضعيف و الفاسق، فيحقق صغراه حينئذ حسن الظاهر، و مجر

سواء كان الراوي من الخاصة أو غريهم، و ثالثا يبنى عىل حجية خرب العادل أو الثقة دون

Page 73: بحوث في مباني علم الرجال

الحسن و القوي، فضال عن الضعيف و الكاذب، و حينئذ تحرز صغراه باألمارات املحرزة تأخري األعصار، فالكالم للعدالة أو الوثاقة يف اللهجة، و حيث إن املبنى األخري هو األشهر بني م

يقع حينئذ يف كون حسن الظاهر من أمارات العدالة املعتد بها أم ال؟ و لو بضميمة أصالة عدم الفسق.

۱۱۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و الثمرة يف مثل هذا البحث حينئذ هو االعتداد بالخرب الحسن و القوي أيضا، أي بشمول القول الثالث إىل القول الثاين، من كونها كربويا حجة بل الكربى يف الحجية لهام، ال برجوع

القول الثالث أضيق منها من القول الثاين كام عرفت، بل من باب إن الخرب الحسن و القوي اللذين يكون راويهام ممدوحا بحسن السمت و الظاهر، تكون تلك الصفة مبثابة أمارة

العدالة، فيكون إرجاع القسمني األخريين من الخرب (الحسن و موضوعية عىل إحراز الوثاقة أوالقوي) إلحاقا عىل صعيد املصداق و الصغرى بخرب القسمني األولني (خرب العادل و الثقة) يف

مرحلة اإلثبات ال الثبوت.

و هو الذي يسمى يف االصطالح الدارج حاليا يف علم األصول بالحكومة الظاهرية و التي هي سعة ملوضوع دليل آخر عىل مستوى اإلحراز التعبدي ملصداقه، بخالف الحكومة الواقعية تو

التي هي توسعة الدليل ملوضوع دليل آخر حقيقة.

و بيان ذلك: إن البحث يف املقام ليس يف صدد التدليل عىل أن ماهية العدالة ثبوتا هي حسن ة ثبوتا ماهيتها ممدوحية الراوي يف سلوكه الظاهر، كام اختاره جمع، و ال عىل أن الوثاق

الظاهر، ليك يكون إدراج خرب الراوي املمدوح من الخاصة و العامة إدراجا مصداقيا حقيقيا موضوعيا يف خرب العادل و خرب الثقة، بل إن محصل الدعوى يف املقام هو كون صفة الحسن و

ة العدالة و الوثاقة، فهو إدراج إحرازي يف املمدوحية صفة إثباتية مثبتة و محرزة لصف املوضوع من دون الترصف يف كربى قضية حجية الخرب.

و بالجملة: إن يف هذه الدعوى يسلم القائل بتباين وجود صفة الحسن و املمدوحية عن وجود صفة العدالة و الوثاقة، فليستا مندرجتني كمصاديق

۱۱۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 74: بحوث في مباني علم الرجال

حقيقية يف الصفتني األخريتني، كام يقر القائل إن يف حجية الخرب كربويا يختص موضوعها بخصوص خرب العادل و الثقة، لكن غاية دعوى القائل هو كون صفة الحسن و املمدوحية

أمارتني موضوعيتني محرزتني ملا هو املوضوع، أي للعدالة و الثقة، أي ملا هو موضوع الحجية، التفرقة بني ما هو محط هذه الدعوى يف القول الثالث مع القول الثاين يحتاج إىل دقة فهم، ف

فيلتفت.

و نظري هذا الخلط الصناعي بني هذه الدعوى و القول الثاين، ما وقع من الخلط يف حجية حجة الشهرة بأقسامها العملية و الروائية و الفتوائية، حيث إنه قد دمج البحث عن كونها

مستقلة يف البحث عن كونها كارسة أو جابرة، إذ البحث األول و إن وقع الخالف فيه و استدل بوجوه لكال الطرفني، إال أن مسألة جابرية الشهرة أو كارسيتها ليس بحثا عن حجيتها املستقلة

عن تحقيق الشهرة مبنزلة حجية الخرب الواحد، املثبتة بانفرادها للحكم، بل البحث الثاين هولصغرى حجية الخرب املوثوق بصدوره، أو اعدامها صغرويا له، و ليس ذلك من باب تعارض

الحجة مع الحجة األخرى، يك يظن أنه بحث عن حجية الشهرة املستقلة، و عن حالة تعارضها ة للوثوق مع خرب الثقة، بل هو من باب كون الشهرة أمارة موضوعية عىل وجود قرائن موجب

بالصدور، و هذا معنى جربها، أو كاشفيتها عن قرائن موضوعية مانعة عن الوثوق بالصدور و هذا معنى كرسها، أو أن يوجه البحث الثاين بكون الشهرة ليست حجة مستقلة، بل هي أمارة

معه يف ظنية غري معتربة يف نفسها، إال أنه بانضاممها إىل الخرب الحسن أو الضعيف تتعاضد توليد االطمئنان تكوينا، و ما يقال من أن انضامم الالحجة إىل الالحجة ال يورث شيئا و ال اعتبارا، هو غفلة عن أن تولد االطمئنان تولد تكويني مندرج يف االستقراء املنطقي، أو ما

يسمى بحساب االحتامالت، فال يشكل أيضا بأن االطمئنان

۱۱۴لم الرجال، ص: بحوث يف مباين ع

املتولد من منشأ ليس بحجة ال اعتبار به، ألن ذلك مغالطة، حيث إن االطمئنان مل ينشأ مام ليس بحجة مبا هو هو، و إمنا نشأ من مجموع الظنون املتصاعدة، نظري التواتر و االستفاضة.

هرة كامارة موضوعية، نعم بني هذين الوجهني يف البحث الثاين فرق، إذ أحدهام بحث يف الش و اآلخر بحث فيها كجزء الحجة كربويا.

لكن عىل كال الوجهني مل يقع البحث حينئذ عن حجيتها املستقلة كربويا.

Page 75: بحوث في مباني علم الرجال

و أما األدلة عىل كون حسن الظاهر أمارة موضوعية عىل العدالة أو الوثاقة فهي:

بد هللا عليه السالم: مبا تعرف عدالة الرجل . موثقة ابن أيب يعفور املعروفة، قال: قلت أليب ع۱ بني املسلمني حتى تقبل شهادته لهم و عليهم، قال: فقال:

إن تعرفوه بالسرت و العفاف، و الكف عن البطن و الفرج و اليد و اللسان، و يعرف باجتناب «الوالدين و الفرار الكبائر التي أوعد هللا عليها النار، من رشب الخمر و الزنا و الربا و عقوق

من الزحف و غري ذلك، و الدال عىل ذلك كله و الساتر لجميع عيوبه حتى يحرم عىل املسلمني تفتيش ما وراء ذلك، من عرثاته و غيبته و يجب عليهم توليه و إظهار عدالته يف

الناس، املتعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن و حافظ مواقيتهن بإحضار جامعة سلمني و أن ال يتخلف من جامعتهم و مصالهم إال من علة، و ذلك إن الصالة سرت و كفارة امل

للذنوب، و لو ال ذلك مل يكن ألحد أن يشهد عىل أحد بالصالح... و من لزم جامعتهم حرمت .»۱« »عليهم غيبته و ثبتت عدالته بينهم

ة، و لو سلم إنه عنو مفاد الحديث كام هو مقتىض السؤال هو عن أمارات العدال

______________________________ .۱۲/ ۳) االستبصار ۱(

۱۱۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

حد العدالة و كون صدر جوابه عليه السالم عن ذلك، فرصيح الذيل حيث عرب عليه السالم (و حسن ظاهره يف التزام الدال عىل ذلك) هو يف األمارات الكاشفة عن العدالة، و قد جعل ذلك

الصالة و الكف عن إبراز املحرمات، و هو نحو من السرت.

. موثقة ابن أيب يعفور األخرى عن أخيه عن أيب جعفر عليه السالم قال:۲

تقبل شهادة املرأة و النسوة إذا كن مستورات، من أهل البيوتات، معروفات بالسرت و « .»۱« »للبذاء و التربج إىل الرجال يف أنديتهم العفاف، مطيعان لألزواج، تاركات

و ظاهر هذه الرواية هو االعتداد بالسرت يف الظاهر و املعروفية بالسرت، أي االعتداد بحسن الظاهر.

Page 76: بحوث في مباني علم الرجال

. صحيحة حريز عن أيب عبد هللا عليه السالم يف أربعة شهدوا عىل رجل محصن بالزنا فعدل ۳ فقال:منهم اثنان و مل يعدل اآلخران، قال:

إذا كانوا أربعة من املسلمني ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعا و أقيم «الحد عىل الذي شهدوا عليه، إمنا عليهم أن يشهدوا مبا أبرصوا و علموا و عىل الوايل أن يجيز

.»۲« »شهادتهم، إال أن يكونوا معروفني بالفسق

ارية حسن الظاهر، مع عدم إحراز موجب الفسق.و يف هذه الصحيحة داللة واضحة عىل أم

و قد يقال: بأن ظاهر الرواية االكتفاء مبجرد اإلسالم، و عدم معرفة الفسق فيهم، و هو عبارة أخرى عن أصالة العدالة يف كل مسلم، و هو كام ترى فانه مخالف للمشهور من لزوم إحراز

العدالة و عدم االكتفاء مبجرد اإلسالم.

______________________________ .۱۳/ ۳) االستبصار ۱(

.۱۴) املصدر املتقدم/ ۲(

۱۱۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

فانه يقال: إن مقتىض التدبر يف ظاهر الصحيحة و االلتفات إىل حذف الفاعل و بناء الفعل أي إطالق نفي وجود مع إطالق هذا النفي» ليس يعرفون«للمجهول يف تعبريه عليه السالم

أحد يعرفهم بالفسق هو كون كل من يعارشهم ال يعرفهم بذلك، و هو معنى حسن الظاهر.

و بعبارة أخرى: مل يجعل املنفي هو نفي معرفة القايض فقط، يك يتوهم ذلك، و كذا مقتىض وم املعرفة التدبر يف ذيل الصحيحة، حيث جعلت املعرفة كصفة مشبهة لهم، مام يدل عىل عم

عند من يعارشهم، ال أن املدار عىل معرفة خصوص القايض.

من عامل الناس فلم يظلمهم و «. موثقة سامعة بن مهران عن أيب عبد هللا عليه السالم: ۴حدثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم، كان ممن حرمت غيبته، و كملت مروته، و

ادها كالروايات السابقة فالحظ.و مف »۱« »ظهر عدله، و وجبت أخوته

Page 77: بحوث في مباني علم الرجال

. رواية العالء بن سيابة، قال: سألت أبا عبد هللا عليه السالم عن شهادة من يلعب بالحامم، ۵. و التوهم الذي تقدم يف صحيحة حريز آيت هنا، و »۲« »ال بأس إذا كان ال يعرف بفسق«قال:

جوابه مام سبق.

ق عليه السالم و قد قلت له: يا ابن رسول هللا أخربين . رواية علقمة، حيث قال: قال الصاد۶يا علقمة كل من كان عىل فطرة اإلسالم جازت «عمن تقبل شهادته، و من ال تقبل؟ فقال:

، قال: فقلت له: تقبل شهادة مقرتف بالذنوب، فقال:»شهادته

األنبياءيا علقمة، لو مل تقبل شهادة املقرتفني للذنوب ملا قبلت إال شهادة «

______________________________ .۱۵۲، و أبواب أحكام العرشة، باب ۱۵أبواب الشهادات، ح ۴۱) الوسائل: باب ۱(

.۵۴أبواب الشهادات، ح ۵۴). الوسائل/ باب ۲(

۱۱۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

كب ذنبا، أو مل يشهد و األوصياء، ألنهم املعصومون دون سائر الخلق، فمن مل تره بعينك يرتعليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة و السرت و شهادته مقبولة، و إن كان يف نفسه

.»۱« »مذنبا

فإن مفادها عني ما تقدم و كذا التوهم و الجواب عنه.

نى التي يجدها املتتبع، مام تخيل أنها دالة عىل أصالة العدالة، مبع »۲« و غريها من الرواياتأصالة عدم الفسق مبجرد اإلسالم، فإن هذا التخيل كام قدمنا مندفع، بل هي بصدد بيان

حجية حسن الظاهر بالتقريب املتقدم.

إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا). و قد يستدل عىل ذلك أيضا بعموم الحجية يف مفهوم قوله تعاىل: (۷»۳«.

ل بنحو املانع من الحجية هو خصوص الفسق، و عند الشك فيه يستصحب ببيان: إن املجعو و أشهدوا ذوي عدل منكم) العدم، و لكن العموم املزعوم لو بني عىل ظاهره لعارض قوله تعاىل

هداء)، و قوله تعاىل (»۴« ن ترضون من الش يف الحقيقة من توسعة ، بل هو »۵« فرجل و امرأتان مم

Page 78: بحوث في مباني علم الرجال

دائرة الحجية كربويا إىل أغلب أقسام الخرب، عدا خرب الراوي املعلوم ضعفه و فسقه، مع أن املطلوب يف املقام هو االستدالل عىل حجية حسن الظاهر كأمارة موضوعية محرزة للوثاقة

______________________________ .۱۳، ح أبواب الشهادات ۴۱) الوسائل: باب ۱(

.۱ح ۱۱، باب ۱ح ۳۷، باب ۴ح ۱۲، أبواب صالة الجامعة باب ۳ح ۳۰من أبواب الشهادات، باب ۴۱). الوسائل: باب ۲(

.۶) الحجرات/ ۳(

.۲۸۲). البقرة/ ۴(

.۵۶). الطالق/ ۵(

۱۱۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

ا.أو العدالة، و قد حرر يف حجية الخرب اختصاصه بهام كربوي

هذا و ميكن تقريب داللة اآلية عىل ما نحن فيه إن استثناء اآلية لخرب الفاسق ليس هو من باب حجية ما عداه كربويا، بل من باب أن من سرت ظاهره يعتد بخربه عدا من عرف بالفسق،

ففي اآلية نحو داللة عىل أمارية حسن الظاهر املوضوعية.

اسق و إن كان يراد به من ارتكب ما يخرج عن العدالة، فيكون و بعبارة أخرى: إن وصف الفوصفا ثبوتيا للشخص، إال أنه يستعمل مبعنى من تظاهر باملعصية، أي كان معلن الفسق، و الظاهر أن املراد يف اآلية هو الثاين، و عليه فيكون غريه مندرجا يف موضوع الحجية الذي هو

حينئذ تكون من منط األدلة التي يتعرض فيها إىل كل من الحكم و مفاد مفهوم اآلية، فاآلية موارد وجود موضوعه.

. و قد يستدل بأن الراوي بحسب الواقع ال يخلو من أحد الوصفني، إما الفسق أو العدالة و ۸الوثاقة، و التقسيامت التي ذكرت للخرب ليست إال بحسب األمارات اإلثباتية، فليس

و قد أرشنا إىل ذلك يف آخر الجهة -حسب الواقع، كام قد يتبادر ذلك إىل الذهنالتقسيامت بالثانية من أن التقسيامت للخرب ليست كلها بحسب الصفات الثبوتية للراوي، بل العديد منها

، فإذا كان حال األقسام كذلك فهي عبارة عن -هو بحسب درجة إحراز الصفات الثبوتيةإلحراز إلحدى الصفتني الواقعيتني، و من البني أنه يف البناء العقاليئ تقسيامت بحسب درجات ا

Page 79: بحوث في مباني علم الرجال

ال ينحرص طريق اإلحراز ألحدهام بالعلم و القطع و هو املسمى بالخرب الصحيح أو الخرب املوثق، أي خرب الراوي الذي علم أنه ثقة، بل تعتمد الظنون و القرائن الحالية يف شخص يف

له، و مآل هذا الوجه إىل دعوى حجية حسن الظاهر يف البناء استكشاف أحد الصفتنيالعقاليئ، و أن قسمي الحسن و القوي هو تقسيم بحسب درجة اإلحراز، ال أنه قسم مباين

بحسب الواقع و الحقيقة لخرب العادل أو

۱۱۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

ي هو من ظن بوثاقته بظن معترب.الثقة أو املتصف بضدهام، فالخرب الحسن و القو

و يرتتب عىل حجية حسن الظاهر كأمارة موضوعية االكتفاء بالحسن يف الراوي مع عدم الطعن فيه يف إحراز وثاقته، و تكون حينئذ لقرائن املدح بالغ األهمية يف تحصيل حسن

ىل بلوغ قرائن الحسن الظاهر املحرز للوثاقة، من دون حاجة إىل التنصيص عىل الوثاقة، و ال إ املرتاكمة إىل درجة االطمئنان الشخيص بالوثاقة.

و بعبارة أخرى: إن لقرائن املدح أهمية لكونها أجزاء حسن الظاهر، و يكتفى بها إلحراز الوثوق، و يكون النقاش يف داللتها عىل الوثاقة ال محصل لها حينئذ، ألن منشأ درجة داللتها

انت ظنية ال قطعية إال أنها من الظن املعترب، بعد اعتبار حسن الظاهر يف عىل الوثاقة و إن كإحراز الوثاقة، فهذا باب واسع ينفتح للتوثيق و العمل بالروايات، و هو مغاير لطريق تحصيل

كام أنه مغاير للشهادة -و إن كان تاما يف نفسه -االطمئنان الذي ذكرناه سابقا يف التوثيقو النص عليها، و مغاير أيضا لقول أهل الخربة، و هكذا مغايرته لحجية الظن من باب بالوثاقة

االنسداد الصغري يف الرجال.

و قد عرفت أن كل من نسب إليه أصالة العدالة و توهم منه العمل بكل رواية مل يرد يف و هو أمارية حسن راويها طعن و مل يحرز له فسق هو يف الحقيقة قد بنى عىل هذا املسلك،

الظاهر، فالحظ ما نقلناه من األقوال يف الجهة الثانية من هذا املقام، و راجع إىل ما أرشنا إليه من مظان كلامتهم.

ال كام يقال يف تفسري عملهم ذلك من أنهم قد وجدوا قرائن خاصة مختصة بأخبار أولئك هذا الكم الكبري من تلك األخبار الحسان و الرواة فعملوا بها، و ذلك ألن هذا ليس مطردا يف

القوية، كام ال يخفى عىل املتتبع يف

Page 80: بحوث في مباني علم الرجال

۱۲۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الفروعات الفقهية الكثرية.

و أما قرائن الحسن فسوف نعقد لها بعد قرائن الوثاقة تعدادا تبعا ملهرة فن الرجال و ائن املالزمة للوثاقة فقط.الدراية، فال نقترص عىل خصوص القر

و ببيان آخر: إنا قد نبهنا أن للقرائن الظنية عىل الوثاقة فائدة يف باب التوثيق عىل مسلك تحصيل االطمئنان برتاكمها املنتهية إىل االطمئنان، كام أن لها فائدة أخرى و هي يف تحصيل

ملسلكني يف االستفادة من تلك القرائن حسن الظاهر، و إن مل ترتاكم إىل درجة االطمئنان، فبني االظنية فرق واضح، ال يخفى عىل اللبيب الحاذق. و ميكن متثيل الفرق بالفرق بني من تعارشه

ليال و نهارا سنني عديدة تطمنئ بصفة العدالة أو الوثاقة فيه، و بني من ال عرشة لك به من منه يف العلن الشائع موجب للفسق.قرب، بل هو معروف بني الناس بالسرت، و مل يربز

ثم ال يتوهم لغوية التقسيامت يف الخرب ما دامت كلها معتربة، و ذلك ملا بيناه سابقا عىل مسلك حجية االطمئنان يف التوثيقات، فيتأىت بعينه أيضا عىل مسلك حجية أمارية حسن

الظاهر عىل العدالة أو الوثاقة.

ات االعتبار يفيد يف مورد التعارض و الرتاجيح سواء بلحاظ السند أو و ملخصه: إن تحديد درجبلحاظ املنت و املضمون، بتقديم أحدهام عىل اآلخر لألضبطية يف النقل أو لبصريته فيه

لفقاهته أو يف جهة الصدور، و متثل لذلك بتعارض خربين أحدهام تطمنئ بوثاقته و صفة و اآلخر تعرفه من خالل حسن الظاهر الشتهاره بذلك العدالة فيه للمعارشة معه من قرب،

عند من يعارشه.

و باب الرتجيح يف الصفات بلحاظ الوثاقة أو الضبط، أي األمانة و الخربة قد بسطنا الكالم فيه عند ما دللنا عىل أن تقسيامت الحديث هي موجودة بدائرة وسيعة عند القدماء، فالحظ.

۱۲۳ص: بحوث يف مباين علم الرجال،

الفصل الثاىن: يف ما تثبت به: الوثاقة أو الحسن

أي درجات طرق التوثيق

Page 81: بحوث في مباني علم الرجال

املقام األول: مباين حجية الطرق الرجالية

و ال بد من متهيد مقدمات:

املقدمة األوىل

بعد ما تبني أن العمدة يف باب التوثيقات الرجالية و التضعيفات هو تراكم القرائن، ليتصاعد االحتامل إىل درجة الوثوق و العلم العادي االطمئناين، فإنه يتبني جليا ال خفاء فيه إنه ال

تنحرص قرائن التوثيق بتلك التي تستقل يف الداللة، بل يكفي يف قرائن التوثيق أو التضعيف الكشف أدىن إشعار و كاشفية، ألن املدار عىل تعاضد و تكاتف القرائن الكاشفة، لرتتفع درجة

إىل درجة العلم، فمن الغفلة مبكان ما اشتهر يف هذا العرص من دأب النقاش يف قرائن التوثيق عىل عدم داللتها بنفسها عىل ذلك، و من ثم طرحها و عدم االعتناء بها باملرة، و هو ما ميكن

التعبري عنه بالنظرة الفردية للمدارك.

لعفوية يف املفردات الرجالية، بل هو مبقتىض قاعدة و ليس ذلك دعوى للتسامح يف التوثيق و ا رياضية برهانية و هي حساب االحتامل املتصاعد بالعامل الكيفي

۱۲۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و الكمي إىل درجة العلم، نظري التواتر و االستفاضة، إذ كل خرب خرب منها ال يولد العلم بنفسه و إمنا بالرتاكم.

كام هو دأب العقالء يف علم التاريخ حيث ترى البحاثة يف الوصول إىل الوقائع التاريخية و يستجمعون الشواهد و القرائن إىل أن يسترشفون العلم بالوقائع املاضية، و هكذا الحال يف الفنون و العلوم األخرى و هو عني دليل االستقراء يف علم املنطق. و قد بينا الفوائد العلمية

هذا املسلك يف املقام األول فراجع.ل

و بالجملة فبحثنا يف القرائن هو عن كل قرينة توجب أدىن درجات الظن بحال الراوي، من الوثاقة أو الضعف و غريها، و تكون دالة عىل أدىن درجات الكشف عن وصف املفردة

الرجالية كحسنها ال عن خصوص القرائن العلمية املستقلة

لثانيةاملقدمة ا

Page 82: بحوث في مباني علم الرجال

بناء عىل ما عرفت من مسلك القدماء من االعتداد بحسن الظاهر يف إحراز العدالة أو الوثاقة، فتتسع بذلك قرائن التوثيق بأكرث مام ذكرناه يف املقدمة األوىل، بناء عىل حجية االطمئنان و

ل القرائن بدرجة التوثيقات بتظافر تلك القرائن، و ذلك ألنه عىل هذا املسلك يكفي فيه حصو الظن غري االطمئنان أيضا املحققة لحسن الظاهر، و يتبني عىل هذا املسلك أن االعتداد هو

بكل أمارات الحسن و املدح مع عدم وجود الطعن،

و قد ذكرنا أن هذا هو رس عمل القدماء بخرب كل راو مل يرد فيه طعن، بعد تثبتهم من نقاء رصين له و عدم غمزهم عليه مبغمز و رواية معارصيه عنه و نحو ذلك ظاهر عرشته بني املعا

مام يأيت الحديث عنه مفصال.

و من ثم يتضح اندفاع كثري من النقاشات يف تلك القرائن، ألنها مبنية عىل نفي

۱۲۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

ذا املسلك املطلوب من القرينة هو داللتها بدرجة القطع و االستقالل عىل الوثاقة، إذ عىل هكشفها بدرجة الظن عن نقاء عرشته وصفاء سريته، نظري ما ذكر يف روايات العدالة يف أبواب

الشهادات املتقدمة، كموثقة ابن أيب يعفور حيث ذكرت قرائن حسن الظاهر من قبيل نحو ذلك حضوره لصالة الجامعة أو سرته لعيوبه من طعن طاعن و كفه عن الغري و

املقدمة الثالثة

ليعلم أن ما نذكره من تقييم لطرق التوثيق الخاصة منها و العامة هو عبارة عن بحث و دراسة للمعدل املتوسط النوعي لذلك الطريق يف التوثيق، أو عدمه، أي إنه ال بد من التنبه

ملصاديق تشكييك، يختلف إىل أن تلك الطرق يف الغالب كل واحد منها بحسب املوارد و اباختالف املالبسات يف املورد، فمثال شيخ اإلجازة و الرواية عند ما يبحث عنه حول كونه أمارة عىل الوثاقة، فإنه يجب االلتفات إىل أن هذه الصفة تشكيكية بحسب املوارد، فقد يكون قد

لتشدد يف النقل، أو إن ذلك تتلمذ عليه جمهرة من كبار الرواة، أو تتلمذ عليه من عرف باالشيخ قد التزم يف رواياته لتالميذه برواية خصوص ما تحمله من الروايات يف سن راشد، كام يؤثر عن عيل بن الحسن بن فضال إنه مل يرو مبارشة عن أبيه ما تحمله من روايات يف صغر

سنه إال بواسطة أخويه الذين يكربان عليه سنا.

Page 83: بحوث في مباني علم الرجال

ال الوكالة عن املعصوم عليه السالم فقد تكون يف األمور املالية فقط، و أخرى يف و كذلك مثاألمور الشخصية، و قد يكون وكيال يف بيان األحكام الرشعية و ما يصدر عنه من أوامر خاصة

و غري ذلك، فعند ما يوقع البحث عنها فإمنا هو حول املعدل املتوسط لها، فال يغفل عن وارد يف التطبيقات الجزئيةخصوصيات امل

۱۲۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

بعد كون طرق التوثيق يف الغالب صفة تشكيكية.

ثم إنه ال ينبغي الغفلة أننا لسنا يف صدد تسوية قرائن التوثيق يف درجة واحدة، بل هي عىل عن الدرجات درجات، بعضها ضعيف يف الغاية، و بعضها متوسط، و بعضها قوي، فضال

األخرى يف ما بني هذه املقاطع، فليس املقصود من البحث كيل تلك القرائن بعيار واحد، بل غاية ما نحن بصدده هو التنبيه عىل أن أي درجة من كاشفية القرينة هي ذات قيمة علمية

الية بعد يف حساب املجموع، أي التأكيد عىل النظرة املجموعية يف استنتاج حال املفردة الرج التقسيم اآلحادي لكل قرينة قامئة عىل تلك املفردة الرجالية.

۱۲۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

يف بيان طرق الوثاقة

طرق التوثيق أو التحسني الخاصة -أ

الطريق األول: نص أحد املعصومني عليهم السالم

يب يف األخذ به، و أخرى يكون ضعيفا و سند الرواية إىل املعصوم تارة يكون صحيحا، فال رفقيل بعدم االعتبار حينئذ من رأس، لكنك قد عرفت أن الرواية الضعيفة و داللتها الظنية و ان مل يعتمد عليها بنفسها إال أنها تكون كجزء الحجة يف تراكم االحتامالت، و هكذا الحال يف

ظهور و مفادها املطابقي بعنوان الوثاقة، و الداللة، فقد تكون معتربة كالنص و الرصيح و القد يكون مفادها اإلشارة إىل حسن أو ترحم منه عليه السالم و نحو ذلك كالرتيض و غريها،

فإن ذلك و إن كان أعم من الوثاقة إال أنا بينا أنه يصلح كجزء للحجية.

Page 84: بحوث في مباني علم الرجال

السالم عىل محمد بن سنان و و مثال ذلك: ما ورد بسند صحيح من ترحم اإلمام الجواد عليه صفوان بن يحيى

الطريق الثاين: نص أحد األعالم املتقدمني

و قد تقدم مفصال أن تنصيص أحد األعالم املتقدمني كالعقيقي يف رجاله، أو ابن قولويه، أو الكيش، أو الصدوق، أو املفيد، أو النجايش، أو الشيخ، أو ابن عقدة، أو ابن فضال، أو

الغضائري، و أرضابهم ليس املدار يف حجيته عىل اإلخبار الحيس، فالحظ.

۱۲۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الطريق الثالث: نص أحد األعالم املتأخرين

و قد بينا عدم اختصاص االعتامد عىل قول الرجايل املتقدم، بل يعم املتأخر حتى عرصنا هذا، ربة، أو من باب تجميع القرائن و تحصيل االطمئنان، و إن كان ال من باب حجية أهل الخ

يغفل عن تفاوت الدرجة يف ذلك، تارة بحسب تقدم الزمن و القرب، و أخرى بحسب اإلحاطة، و إن كانت للمتأخر و مل يطلع عليها املتقدم.

لسيد ابن فقد يحصل للمتأخر إحاطة ما مل يحصل للمتقدم، كام وقع يف موارد عديدة لطاوس، حيث يشري يف كتب األدعية إىل حال العديد من املفردات و موقعيتهم يف الطائفة،

بانيا ذلك عىل ما ظهر له من تتبع ملوارد روايات تلك املفردة، و إعامل نكات علم الطبقات.

نه حصل إ »۱« و كذا ما وقع للمجليس األول، فإنه يذكر يف مقدمة رشحه الفاريس عىل الفقيه له التتبع حول ابن أيب عمري يف مدة خمسني عاما.

و ما يذكر من شواهد و قرائن عىل انقطاع طرق املتأخرين، فضال عن متأخري املتأخرين يف التوثيق، لضياع كتب الرجال و الفهارس و حرص طرقهم يف اإلجازات الصادرة عنهم كلها إىل

بعد الشيخ، و أن بعض املتأخرين كالعالمة الحيل يبني الشيخ، و أن السلسلة قد انقطعت عىل أصالة العدالة يف املسلم، كام ذكر ذلك يف ترجمة أحمد بن إسامعيل بن عبد هللا ال طائل

تحته، ألنه ممنوع صغرى و كربى.

أما الكربى فلام تقدم مفصال من عدم ابتناء حجية قول الرجايل عىل اإلخبار

Page 85: بحوث في مباني علم الرجال

______________________________ ) املسمى بكتاب لوامع صاحبقراين.۱(

۱۲۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الحيس، بل ال مورد لها إال النزر القليل من أقوال الكيش بل هي مبنية عىل املسلكني األولني فراجع.

الدعوى الرابعة شواهد و أما الصغرى فلام ذكرنا يف الجواب الرابع عن دعوى األخباريني، و يفعديدة يف كلامت املتقدمني دالة عىل وصول كثري من األصول و الكتب الروائية و الفهارس و

.»۱« كتب الرجال إىل املتأخرين، فالحظ

بل إن املالحظ لكتاب الخرائج و الجرائح للقطب الراوندي، و كذا ما يف إجازة الشهيد الثاين، لكتب عرب العالمة الحيل و غريهام، يظهر له معنى وجود طرق حيث يذكر طرقه إىل بعض ا

إىل كتب الروايات و األصول من غري طريق الشيخ.

فمثال الحظ الرواية الصحيحة التي رواها الراوندي، و التي اعتمد عليها يف الرتجيح مبوافقة ) من ۹ئل يف باب (الكتاب و مخالفة العامة، و الرتتيب بينهام، و التي أخرجها صاحب الوسا

أبواب صفات القايض، فإن السند فيها هكذا (عن محمد و عيل ابني عيل بن عبد الصمد، عن أبيهام، عن أيب الربكات عيل بن الحسني، عن أيب جعفر ابن بابويه، عن أبيه...) إىل آخر الرواية

فإنه ال مير بالشيخ أصال.

كان فقط عند العالمة، و ابن داود، و املوىل القهبايئ و مثال كتاب الغضائري، و إن اشتهر أنه من متأخري املتأخرين، إال أنه غري سديد.

بل كان لدى التفرييش املعارص للقهبايئ أيضا، و كانت لديه نسخة مبسوطة مصححة قد صحح بها عىل العالمة و ابن داود، و نقل يف كثري من املفردات ما مل ينقله القهبايئ.

______________________________ ) تعرضنا لذلك عند بيان الحاجة إىل علم الرجال.۱(

۱۳۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 86: بحوث في مباني علم الرجال

، كام يف كلامت و هذا الكتاب الذي هو للغضائري االبن، أي أحمد بن الحسني بن عبيد هللا الكالم عنه مفصال.النجايش و الشيخ مل يصل إىل املتأخرين عن طريق الشيخ، و سيأيت

و أما ما اشتهر يف هذه األعصار من بناء العالمة الحيل عىل أصالة العدالة، كام ذكره يف ترجمة أحمد بن إسامعيل بن سمكة بن عبد هللا و غريه، و قد تقدم يف الفصل السابق عدم متاميتها

رينالطريق الرابع: دعوى اإلجامع من قبل املتقدمني أو املتأخ

فإن حكاية اإلجامع عىل التوثيق مبنزلة اإلخبار عن استفاضة التوثيق و اشتهاره، و هو كاف لحصول العلم العادي به.

و أما املتأخرون فقد تبني لك مام تقدم، و مام ذكرناه يف حجية مسلك االطمئنان يف التوثيقات وسط فن الطبقات و تجريد األسانيد و تتبع إنه يتمكنون من العلم بحال املفردة الرجالية بت

-كام سيأيت رشحها يف فصل الحق -حال املفردة عرب ذلك و غريها من مناهج البحث الرجايليوجب تبني موقعية تلك املفردة، و موقعيتها العلمية و االجتامعية يف الطائفة، كام قد مثلنا

يف شواهد الطريق السابق.

۱۳۱الرجال، ص: بحوث يف مباين علم

طرق التوثيق أو التحسني العامة -ب

و منهد مقدمة: و هي إن العديد من القرائن العامة للتوثيق سرنى أنها تعتمد عىل مقدمة حسية و أخرى حدسية، فمن ثم تكون النتيجة يف التوثيق حدسية ظنية و ليست حسية، و

الجملة عىل املسلك األول يف التوثيقات الرجالية و هو هي و إن مل تكن ساقطة عن االعتبار يفتحصيل االطمينان برتاكم استقراء القرائن إال أنها ال يعتمد عليها بناء عىل املسلك الرابع و هو

من باب الشهادة و اإلخبار الحيس، و هذا الذي ذكرناه هو مراد املتقدمني من الرجاليني و ح، إال أن جامعة كثرية من املتأخرين إىل هذه األعصار بنوا عىل أن أصحاب الرتاجم كام سيتض

هذه القرائن شهادات حسية، و من ثم وقع االختالف بينهم يف مفاد هذه القرائن كإخبارات، فمثال يف قاعدة اإلجامع (أجمعت العصابة عىل تصحيح ما يصح عنه) قد تعددت اآلراء بكرثة،

يروي و ال يرسل إال عن ثقة)، و عبارة (روى عن الثقات و رووا عنه)، و و كذا يف عبارة (ال

Page 87: بحوث في مباني علم الرجال

عبارة (ال يروي عن الضعفاء)، و عبارة (عملت الطائفة مبراسيله)، و نحوها من العبائر و قرائن التوثيق العامة، و سنتعرض إىل بيان كل واحد منها تفصيال إن شاء هللا تعاىل.

إنه عىل مسلك حجية االطمئنان ال ينحرص الكالم يف القرائن املستقلة ثم إنه قد ذكرنا سابقا الدالة عىل التوثيق، بل يكفي حتى القرائن الدالة عىل الحسن، إذ برتاكمها يتولد الوثوق، بل

قد ذكرنا أيضا أن قرائن الحسن تحرز صغرى خرب الثقة، و عىل هذا فيعتد بقرائن الحسن ون تلك القرائن محققة لصغرى حسن الظاهر، و حسن الظاهر يحرز صغرى خرب بنفسها، فتك

الثقة.

۱۳۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و بذلك يتبني لنا مدى أهمية استقصاء مختلف القرائن و نوعياتها، كام هو دأب الرجاليني يف وا صورة مرتسمة مبسوطة عن تراجم املفردات، و دأب املؤرخني يف البحث التأريخي، ليعط

الشخصية الرجالية الروائية أو التأريخية.

ثم إنه هناك طرقا لتحصيل التوثيق أو التحسني:

الطريق األول: كونه من أصحاب اإلمام الصادق عليه السالم

إن أصحاب الحديث قد جمعوا أسامء الرواة عنه عليه «ملا ذكره الشيخ املفيد يف اإلرشاد: .»۱« »الم من الثقات عىل اختالفهم يف اآلراء و املقاالت، فكانوا أربعة آالفالس

إن ابن عقدة مصنف كتاب (الرجال أليب عبد هللا «و نظريه ما ذكره ابن شهرآشوب و قال: .»۲« »عليه السالم) عددهم فيه...

و قد زاد أحمد بن و يف رجال الشيخ جميع من ذكره ابن عقدة كام نبه عليه يف أول كتابهنوح عىل ما جمعه ابن عقدة كام ذكره النجايش، بل ذكر الشيخ إن الزيادة كثرية، و كذا

الطربيس يف إعالم الورى.

ال يبلغون الثالثة آالف، كام نبه عليه الحر العاميل يف أمل »۳« مع أن املذكور يف كتب الرجال اآلمل يف ترجمة أيب الربيع الشامي.

Page 88: بحوث في مباني علم الرجال

______________________________ ، طبعة النجف األرشف.۲۸۹) اإلرشاد/ ۱(

.۳۲۴/ ۲) املناقب ۲(

). قيل إن ما ذكره الشيخ يف رجاله من أصحاب الصادق عليه السالم ال يزيد عىل الثالثة آالف إال بنزر يسري.۳(

۱۳۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

هذا التوثيق العام إىل ابن عقدة، لكنه مل يذكر مأخذ و املحيك عن املحدث النوري أنه نسبهذه النسبة، و ليس يف ما تقدم نقله من الكلامت تلك النسبة، و سواء كانت تلك النسبة

محققة عن ابن عقدة أو أنها عن املفيد املتأخر عنه بطبقة فال يختلف الحال يف وجه الحجية ي عىل حجية التوثيق الرجايل عىل اإلخبار الحيس أو عىل لذلك التوثيق أو عدمها، و سواء بن

املسالك االخرى. و الصحيح أنه ليس من اإلخبار الحيس املحض كام عرفت، أو ليس هو من الحجة املستقلة عىل تقدير كونه من الحيس املحض، لعدم كون املستند هو االستفاضة أو

ينئذ جزء الحجة، و هي قرينة عىل الحسن، و الوجه التواتر لهذا القائل، كام بيناه فيكون حيف ذلك ما تقدم إجامال، من أن الغالب يف هذه القرائن العامة للتوثيق ليست مبنية عىل حس

محض، بل هي بضامئم حدسية، فتفيد مفاد ظني عىل درجات تتعاضد مع غريها.

ى عنه عليه السالم أربعة آالف من الثقات، فمثل املقام ما ورد يف التعبري املتقدم من أنه رو شهادة حسية عامة استغراقية بان يكون ابن -و ان صدرت من ابن عقدة -فليس املراد منها

عقدة أو الشيخ املفيد أخرب حسا عرب وسائط معارصة لتلك الطبقات. كيف و أن هناك عدة بن وهب البخرتي، أو ممن قد ممن روى عنه عليه السالم هو ممن عرف بالضعف كوهب

نص عىل مجهوليته أو إهامله، بل املراد هو بيان أن هناك جملة عديدة كثرية ممن روى عنه عليه السالم هم من العيون و الثقات و هم عمدة النقلة عنه عليه السالم، و أن مستند هذه

كل مفردة رجالية ممن روى عنه ل -سواء كان املفيد أو ابن عقدة -املقولة هو استقراء القائلبحسب ما ورد يف تلك املفردة بالخصوص من نصوص رجالية أو قرائن أخرى. ثم ذكر هذه

املقولة كنتيجة غالبية يف طول النصوص و القرائن الخاصة، و هذا معنى ما ذكرناه من

۱۳۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 89: بحوث في مباني علم الرجال

بة الرسول صىل هللا عليه و آله، فإن صحبته صىل هللا حدسية النتيجة، كام هو الحال يف صحعليه و آله معدة للصالح، إال أنه كم من مصاحب كان من أهل النفاق و الريبة، كام يحدثنا

.»۱« القرآن الكريم يف آيات النفاق الجمة الكثرية

ئن أخرىفاملحصل: إن هذه القرينة هي ظنية حدسية ال بد أن تنضم إليها قرا

الطريق الثاين: قاعدة اإلجامع الكبري أو الصغري أو حجة مراسيل بعض الرواة

و هو اإلجامع الذي نقله الكيش يف رجاله و الشيخ يف العدة. »۲«

قال الكيش تحت عنوان: (يف تسمية الفقهاء من أصحاب أيب جعفر عليه السالم و أيب عبد هللا ابة عىل تصديق هؤالء األولني من أصحاب أيب جعفر عليه السالم أجمعت العص«عليه السالم):

و أيب عبد هللا عليه السالم و انقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه األولني ستة... زرارة و معروف بن خربوذ و بريد و أبو بصري األسدي و الفضيل بن يسار و محمد بن مسلم الطائفي، قالوا...

رة، و قال بعضهم مكان أيبو أفقه الستة زرا

______________________________ ) و ان كان بني الصحبتني فرق واضح، من جهة ان الصحبة يف صدر اإلسالم هي يف الدخول يف اإلسالم، و الصحبة يف عهده عليه ۱(

السالم كانت يف الداخل يف االميان.

نني و عرشين، و الصغري هو اإلجامع الذي ذكره الشيخ يف (العدة) يف محمد بن أيب ) الكبري، أي اإلجامع يف الثامنية عرش رجل أو االث۲(عمري و صفوان بن يحيى و أحمد بن محمد بن أيب نرص الذي سيأيت، و املراسيل هي حجية مراسيل ابن أيب عمري بالخصوص أو الثالثة

ل الطائفة مبرسلتي يونس بن عبد الرحمن الطويلة و القصرية يف أو بعض أصحاب اإلجامع املمتاز منهم بالتثبت الشديد، كام يف عم أكرث أحكام باب الحيض.

۱۳۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

.»۱« »بصري األسدي أبو بصري املرادي و هو ليث بن البخرتي

ثم روى بعد ذلك روايات عن الصادق عليه السالم يف مدح هؤالء.

الفقهاء من أصحاب أيب عبد هللا عليه السالم): و قال أيضا تحت عنوان (تسمية

أجمعت العصابة عىل تصحيح ما يصح من هؤالء و تصديقهم ملا يقولون و أقروا لهم بالفقه «من دون اولئك الستة الذين عددناهم و سميناهم ستة نفر... جميل بن دراج و عبد هللا بن

Page 90: بحوث في مباني علم الرجال

ىس و حامد بن عثامن و أبان بن عثامن قالوا: و مسكان و عبد هللا بن بكري و حامد بن عيزعم أبو اسحاق الفقيه يعني ثعلبة بن ميمون.. إن أفقه هؤالء جميل بن دراج، و هم أحداث

.»۲« »أصحاب أيب عبد هللا عليه السالم

و قال تحت عنوان (تسمية الفقهاء من أصحاب أيب إبراهيم عليه السالم و أيب الحسن الرضا أجمع أصحابنا عىل تصحيح ما يصح عن هؤالء و تصديقهم و أقروا لهم بالفقه «الم): عليه الس

و العلم و هم ستة نفر آخر دون الستة نفر الذين ذكرناهم يف أصحاب أيب عبد هللا عليه السالم منهم: يونس بن عبد الرحمن و صفوان بن يحيى بياع السابري و محمد بن أيب عمري و

ن املغرية و الحسن بن محبوب و أحمد بن محمد بن أيب نرص و قال بعضهم مكان عبد هللا بالحسن بن محبوب، الحسن بن عيل بن فضال و فضالة بن أيوب و قال بعضهم مكان ابن

.»۳« »فضال، عثامن بن عيىس و أفقه هؤالء يونس بن عبد الرحمن و صفوان بن يحيى

إذا كان أحد الراويني أعلم و أفقه من اآلخرو «و قال الشيخ الطويس يف العدة:

______________________________ ، طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السالم.۴۳۱، رقم ۵۰۷/ ۲) الكيش ۱(

، طبعة آل البيت عليهم السالم.۷۰۵، رقم ۶۷۳/ ۲) الكيش ۲(

.۱۰۵۰، رقم ۸۳۰) املصدر املتقدم/ ۳(

۱۳۶ بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

فينبغي أن يقدم خربه عىل خرب اآلخر و يرجح عليه و ألجل ذلك قدمت الطائفة ما يرويه زرارة و محمد بن مسلم و بريد و أبو بصري و الفضيل بن يسار و نرضاؤهم من الحفاظ

.»۱« »الضابطني عىل رواية من ليس له تلك الحال

و اآلخر مرسال نظر يف حال املرسل، فإن كان ممن و إذا كان أحد الراويني مسندا «و قال أيضا: يعلم أنه ال يرسل إال عن ثقة موثوق به، فال ترجيح لخرب غريه عىل خربه و ألجل ذلك سوت

الطائفة بني ما يرويه محمد بن أيب عمري و صفوان بن يحيى و أحمد بن محمد بن أيب نرص و ال يروون و ال يرسلون إال عمن يوثق به و بني ما أسنده غريهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم

غريهم و لذلك عملوا مبراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غريهم... فأما إذا انفردت املراسيل يجوز العمل بها عىل الرشط الذي ذكرناه و دليلنا عىل ذلك األدلة التي قدمناها عىل جواز العمل

Page 91: بحوث في مباني علم الرجال

فة كام عملت باملسانيد عملت باملراسيل، فبام يطعن يف واحد منهام بأخبار اآلحاد، فإن الطائ .»۲« »يطعن يف اآلخر و ما أجاز أحدهام أجاز اآلخر فال فرق بينهام عىل حال

و قد ذكر هذا اإلجامع ابن شهرآشوب يف أحوال اإلمام الباقر عليه السالم.

قيل إن اخته دفنت كتبه يف حال «ل: و قال النجايش يف رجاله يف ترجمة محمد بن أيب عمري قا استتارها و كونه يف الحبس أربع سنني، فهلكت الكتب، و قيل:

بل تركتها يف غرفة فسال عليها املطر، فهلكت فحدث من حفظه و مام كان سلف له يف أيدي .»۳« »الناس فلهذا أصحابنا يسكنون إىل مراسيله

______________________________ .۱۵۲/ ۱دة ) الع ۱(

.۱۵۴) املصدر املتقدم/ ۲(

، طبعة قم.۳۲۶) النجايش/ ۳(

۱۳۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

».جليل القدر و عظيم املنزلة فينا و عند املخالفني«و قال عنه النجايش أيضا:

خ لكن بقرينة رواية أكرث كتبه بالطرق املختلفة عند أصحاب الكتب األربعة و يف فهرست الشيو النجايش، فالظاهر إن املراد من العبارة املزبورة محو بعض صور أسانيد كتبه و من ثم

تعددت املراسيل يف رواياته.

و أما األقوال يف مفاد هذا اإلجامع

األول: االتفاق عىل وثاقة هؤالء من غري منازع، أي مل يختلف أحد الرجاليني أو الرواة أو الف غريهم من الرواة.الفقهاء يف وثاقتهم بخ

الثاين: أضبطية هؤالء و حفظهم و تثبتهم و فقاهتهم، أي إن هؤالء وقع االتفاق عىل تفوقهم عىل من سواهم يف هذه الصفات.

الثالث: اعتامد مراسيلهم، أي إنهم إذا أرسلوا خربا يعامل كالخرب املسند.

Page 92: بحوث في مباني علم الرجال

اره و االعتامد عليه، و إن كان يف السند الذي الرابع: تصحيح الخرب الذي يرويه هؤالء و اعتبيرويه هؤالء عن املعصوم ضعفاء أو مجاهيل، فكل ما يصح عنهم و إليهم يصحح ما بعدهم

إىل املعصوم.

الخامس: توثيق من يروي عنه هؤالء مبارشة أو مع الواسطة، فكل مجهول الحال يروي عنه عىل االحتامل اآلخر فإنه يوثق و كذا الضعيف، فإن أصحاب اإلجامع مبارشة فقط أو بالواسطة

روايتهم عنه تكون مبثابة الشهادة عىل تعديله.

داخل فيه -تعبدي -السادس: كون هذا اإلجامع باملعنى الذي اصطلح عليه علامء األصولاق املعصوم عليه السالم و هو منعقد عىل لزوم األخذ برواياتهم إذا صح الطريق عنهم، و افرت

هذا الوجه عام سبق بدعوى دخول املعصوم عليه السالم.

السابع: إن املراد بهذا اإلجامع هو الحكاية عن ديدن أصحاب اإلجامع

۱۳۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و دأبهم و رويتهم يف التثبت عمن يروون عنه، و يف االضطالع بقواعد املذهب يف الرواية و الحديث مضمونا و سندا عن غريه، فكل هذه الخربة الفقهية و الروائية و معرفة النقي من

الدرائية و الرجالية جعلتهم مهرة الحديث و الفقه، و روادا يف مجال خربتهم مام يشكل قرينة قوية جدا إجاملية عىل سالمة ما يرونه، و إن كان عن الضعفاء، أو سالمة من يروون عنه إذا

النقل عنه. أكرثوا

فاملحصل أنها ليست شهادة حسية بصحة الخرب و ال بوثاقة من يروون عنه، بل قرينة إجاملية قوية ظنية تفصيلية تتعاضد مع قرائن أخرى توجب حصول االطمئنان بالصحة أو الوثاقة

حسب املوارد.

ختيار األقوال األوىل، فقد قال ثم إن املعروف بني املتأخرين ال سيام متأخري املتأخرين هو او أما الذين وثقهم األمئة عليهم السالم و أمروا «قال: ۲۷۶الطربيس يف إعالم الورى ص

بالرجوع إليهم و العمل بأخبارهم و جعلوا منهم الوكالء و األمناء فكثريون يعرفون بالتتبع يف وي إال عن ثقة فقد اشتهر بذلك كتب أهل الفن، و أما من عرف بني األصحاب بأنه ال ير

».جامعة منهم محمد بن أيب عمري

Page 93: بحوث في مباني علم الرجال

إن رواية ابن أيب عمري لهذا األصل «و قد قال السيد بحر العلوم يف رجاله يف توثيق زيد الرنيس: تدل عىل صحته و اعتباره و الوثوق مبن رواه، فإن املستفاد من تتبع الحديث و كتب الرجال

الثقة و العدالة و الورع و الضبط و التحرز عن التخليط و الرواية عن بلوغه الغاية يف الضعفاء و املجاهيل، و لذا ترى أن األصحاب يسكنون إىل روايته و يعتمدون مراسيله. و قد

ذكر الشيخ يف العدة أنه ال يروي و ال يرسل إال عمن يوثق به و هذا توثيق عام ملن روى عنه هاهنا، و حىك الكيش يف رجاله إجامع العصابة عىل تصحيح ما يصح عنه و و ال معارض له

اإلقرار له بالفقه و العلم، و مقتىض ذلك صحة األصل املذكور لكونه مام صح عنه، بل توثيق

۱۳۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و إن كان ممكنا إال أنه بعيد راويه أيضا لكونه العلة يف التصحيح غالبا، و االستناد إىل القرائن .»۱« »يف جميع روايات األصل

و قال يف منظومته:

ما يصح عن جامعة فليعلام قد أجمع الكل عىل تصحيح

أربعة و خمسة و ستة و هم اولو نجابة و رفعة

إىل أن يقول:

و شذ قول من به خالفنا و ما ذكرناه األصح عندنا

لكاشاين يف أوائل كتاب الوايف يف املقدمة الثانية: إن املتأخرين ذهبوا إىل هذا و ذكر املحدث ااملفاد، و قال: أنت خبري بأن هذه العبارة ليست رصيحة يف ذلك و ال ظاهرة فيه، فإن ما يصح

عنهم إمنا هو الرواية ال املروي، بل كام يحتمل ذلك يحتمل كونه كناية عن اإلجامع عىل و صدقهم بخالف غريهم ممن مل ينقل اإلجامع عىل عدالته. عدالتهم

فاملشهور أن املراد صحة كل ما رواه حيث تصح الرواية «و قال الوحيد البهبهاين يف فوائده: إليه، فال يالحظ ما بعده إىل املعصوم عليه السالم، و إن كان فيه ضعف، و هذا هو الظاهر، و

ثقة فاعرتض عليه أن كونه ثقة أمر مشرتك فال وجه الختصاص قيل ال يفهم منه إال كونه اإلجامع باملذكورين به و هذا االعرتاض بظاهره يف غاية السخافة إذ كون الرجل ثقة ال يستلزم

Page 94: بحوث في مباني علم الرجال

وقوع اإلجامع عىل وثاقته إال أن يكون املراد ما أورده بعض املحققني من أنه ليس يف التعبري هم ممن ال خالف يف عدالته فائدة و فيه: أنه إن أردت عدمبها لتلك الجامعة دون غري

______________________________ .۳۶۶/ ۲) رجال السيد بحر العلوم ۱(

۱۴۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

خالف من املعدلني املعروفني يف الرجال ففيه أوال: إنا مل نجد من وثقه جميعهم، و إن أردت خالف منهم ففيه: إن هذا غري ظهور الوفاق... رمبا يتوهم بعض من عبارة عدم وجدان

(إجامع العصابة) وثاقة من روى عنه هؤالء، و فساده ظاهر، و قد عرفت الوجه. نعم ميكن أن يفهم منه اعتداد ما بالنسبة إليه فتأمل، و عندي أن رواية هؤالء إذا صحت إليهم ال تقرص

.»۱« »وجهه يظهر بالتأمل يف ما ذكرناهعن أكرث الصحاح و

أقول: قد أشار الوحيد يف كالمه املتقدم إىل وجود األقوال املتقدمة إجامال.

فالعمدة التدبر يف منت عبارة الكيش، فإن العبارة األوىل قالبها أن مصب التصديق هم أصحاب يب أن الطبقة األوىل أعىل شأنا من اإلجامع أنفسهم إلسناد التصديق إليهم ال لغريهم، و ال ر

الثانية و الثالثة، فتحمل عبارته بتصحيح ما يصح عنهم أي تصحيح الروايات التي صح الطريق إليهم، تصحيحها سندا من ناحية وقوعهم يف السند أي إن السند باإلضافة إليهم صحيح معترب

ال باإلضافة إىل من بعدهم أيا من كان.

عند املتقدمني عىل خصوص سالمة املضمون و موافقته ألصول و قواعد و حمل الصحةاملذهب، فقد تقدم ضعفها، مضافا إىل أن العبارة يف املقام مشتملة عىل لفظة (ما يصح من

هؤالء) و (عن هؤالء) و هو رصيح يف كون الصحة وصفا للسند، نعم قد يقال بأن العبارة ة إردافها باالنقياد لهم بالفقه تحمل عىل تصديق صدور الرواية األوىل و هي التصديق بقرين

بتصديقهم، فتوافق ظاهر العبارتني األخريتني.

______________________________ ، يف طبعة مجلد (رجال الخاقاين).۲۹) فوائد الوحيد البهبهاين/ ۱(

۱۴۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 95: بحوث في مباني علم الرجال

حي عىل اعتبار رواياتهم إىل املعصوم بدعوى دخول املعصوم يف و أما دعوى اإلجامع االصطال املجمعني و أمره باألخذ برواياتهم، فالظاهر أن منشأها ما أرشنا إليه من الروايات التي رواها

الكيش عن اإلمام الصادق عليه السالم بعد عبارته األوىل يف مدح األربعة، و هي بال ريب دالة هم يف الرواية و الفقه و قدم راسخة يف النقل عن اإلمامني الباقر و الصادق عىل منزلة ممتازة ل

عليهام السالم.

كام قد تؤيد األقوال األوىل يف معنى القاعدة مبا نقلناه من عبارة الشيخ الطويس يف العدة من ة و الترصيح بأن الطائفة عملت مبراسيلهم عمل املسانيد، و أن الثالثة من الطبقة األخري

غريهم من الطبقات الثالث ال يروون و ال يرسلون إال عن ثقة، لكنك عرفت يف ما تقدم أن الشيخ يف مواضع عديدة من التهذيب مل ينب عىل ذلك، و لعل املتتبع يرى مواضع أخرى من

الشيخ و الصدوق يف كتابيهام من الخدشة يف الطرق مع اشتاملها عىل أصحاب اإلجامع، و هذا ريه مام يدلل عىل القول السابع األخري.و غ

و العمدة يف االستشهاد له أننا لو قدرنا شهادة معارص لواحد من أصحاب اإلجامع باملضمون املتقدم فضال عن شهادة من مل يعارصه، فغاية هذه الشهادة باأللفاظ املزبورة هو أن املعارص

معارصه، يف نحو التثبت و التقيد بالرواية عن استقرأ إجامال العديد من املوارد من ديدنالثقات، و لمس منه علو الخربة يف نقد الحديث، و اطلع منه عىل درجة فائقة من الفقاهة

تؤهله لتمييز مضامني الحديث الصحيح منها املوافق للمذهب، من السقيم املخالف للمعلوم ة ملعارصه و غريهم ممن روى عنهم، إذ ذلك غري من املذهب، ال إنه استقرأ كل مشايخ الرواي

متأت له، و إن كانت مالزمته له مالزمة الظل للشمس، كام هو العادة الغالبة يف املعارشة العلمية بني املتعارصين، سواء يف معارشة التلميذ و شيخ

۱۴۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

بالعدالة و الوثاقة، فإن الشاهد يلحظ سلوكيات الرواية، أو القرين لقرينه، نظري الشهادةاستقرأها من الشخص فيحصل له الحدس القريب بتلك الصفة. و لذلك ترى عند إمعان النظر

إىل العبارات املتقدمة أنها أوصاف ألصحاب اإلجامع، ال أنها أوصاف ملن يروون عنه، و ال ملا بالذات و بالتبع صفات ملن يروون عنه و لرواياتهم. يرووه باألصالة، بل هي صفات لهم أوال و

و هذا الذي ذكرناه قرينة إجاملية قطعية عامة، إال أنها يف التفاصيل و اآلحاد ظنية تفصيلية ينتفع بها، بضم قرائن إحدى لتحصيل الوثوق و االطمئنان، سواء بصدور الرواية، أو مبن

Page 96: بحوث في مباني علم الرجال

و هذا ما أرشنا إليه أيضا يف صدر التوثيقات العامة من يدمنون الرواية عنه، أو يكرثون عنه، عدم كونها شهادات حسية تفصيلية استغراقية للموارد، بل استقرائيات غالبية يحدس منها

قرينة عامة يستفاد منها يف تحصيل االطمئنان.

اسيل ابن و من كل ذلك يتبني الحال يف اإلجامع الصغري، و يف حجية مراسيل بعض الرواة كمر أيب عمري و يونس بن عبد الرحمن، فإن العبائر الرجالية يف العدة و يف فهرس النجايش

مستوحاة من اإلجامع الكبري، و لذلك عرب الشيخ بعد ذكره للثالثة الذين ال يروون و ال إال و غريهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم ال يروون و ال يرسلون«يرسلون إال عن ثقة قال:

فتمعن و تدبر يف هذه العبارة فإنه مضافا إىل تعميمه الدال عىل ما ادعيناه ». عمن يوثق بهقد جعل الوصف ألصحاب اإلجامع، و باألحرى وصفا لديدنهم و رويتهم و سلوكهم العلمي يف

ل ما رووه الحديث، كام هو مؤدى (عرفوا) و هو يقابل التعبري بأن كل من روى عنه ثقة و ك حجة.

و لذلك ترى أن يف كل طبقة من الطبقات الثالث ترى املفاضلة بني أصحاب الطبقة و تعيني أفقههم، كام عرب عنهم باالنقياد لهم بالفقه و هي صفة ألصحاب

۱۴۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

إجاملية بسالمة مضامني ما اإلجامع تؤهلهم لنقد و متييز مضامني الحديث، مام يورث قرينة يرووه، بخالف غريهم مام ليس له باع نقد املضمون.

و الحاصل أن القول األخري يف اإلجامع الكبري و الصغري و مراسيل ابن أيب عمري و نظرائه ال يفرط بالقيمة العلمية للقرائن و القواعد الثالث، غاية األمر أنها ليست حجة مستقلة بل جزء

ة يف حجية االستقراء و تراكم االحتامالت لتحصيل االطمئنان، ال يستهان بها لقوة درجتها الحج يف الكاشفية

الطريق الثالث: كون الراوي ممن اتفق عىل العمل برواياته

عملت الطائفة مبا رواه حفص بن غياث و غياث بن كلوب «فقد حىك الشيخ يف العدة بقوله: وين و غريهم من العامة عن أمئتنا عليهم السالم يف ما مل ينكروه و مل و نوح بن دراج و السك

.»۱« »يكن عندهم خالفه

Page 97: بحوث في مباني علم الرجال

عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد هللا بن بكري و غريه، و أخبار الواقفة «و قال أيضا: بنو مثل سامعة بن مهران و عيل بن أيب حمزة و عثامن بن عيىس و من بعد هؤالء مبا رواه

.»۲« »فضال و بنو سامعة و الطاطريون و غريهم يف ما مل يكن عندهم فيه خالفه

و قد تعددت الوجوه يف مفاد هذا التوثيق:

الوجه األول: إنه توثيق من الشيخ لألشخاص املذكورين بأعيانهم، كام حيك

______________________________ ، طبعة قم.۱۴۹/ ۱) العدة ۱(

.۱۵۰ر املتقدم/ ) املصد۲(

۱۴۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

عن الوحيد يف فوائده و يف تعليقته عىل منهج املقال.

الوجه الثاين: توثيق صدور الروايات التي يقع فيها الراوي.

الوجه الثالث: توثيق الرواة الذين يروون عن هؤالء، كالنوفيل حيث يروي بكرثة عن السكوين.

من هذه الوجوه ما قد عرفت يف قاعدة اإلجامع املتقدمة، من أن هذه أقول: و الصحيحالشهادة من الشيخ بالعمل بروايات هؤالء ليست حسية استقرائية تامة استغراقية، و إمنا هي

حكاية عن الديدن الغالب أو الكثري لعمل الطائفة، كيف و الشيخ الطويس بنفسه يناقش يف تهذيبني بضعف الروايات التي وقع يف طريقها هؤالء، و قد سمعت العديد من املوارد يف ال

مناقشات الصدوق يف روايات سامعة و غريه من الواقفية و غريهم، و كيف ميكن أن تكون رواية هؤالء أعىل رتبة من روايات أصحاب اإلجامع الذين قد عرفت الحال يف ما يروونه. هذا

توثيق هؤالء بأعيانهم، و كذا توثيق من يروي عنهم و ال يسرتاب يف كون مؤدى هذه العبارةبكرثة و إدمان، و ال يتدافع مع ما ذكرناه، إذ ما تقدم هو بيان الديدن الغالب و مع فرض

الكرثة و الغلبة فيتحقق مؤدى عبارة الشيخ املقتيض لتوثيق هؤالء، و االعتامد عىل من يروي صحاب اإلجامع من أن من يدمنون الرواية عنه أو يدمن عنهم بغلبة و كرثة، نظري ما تقدم يف أ

يف الرواية عنهم لصيقا بهم يف الرواية و الدراية شيخوخة و تلمذا هو من قرائن الوثوق

Page 98: بحوث في مباني علم الرجال

الطريق الرابع: عدم استثناء القميني الراوي من رجال نوادر الحكمة

بيب)،و هو كتاب حسن كبري مشتمل عىل كتب يعرفه القميون (بدبة ش

۱۴۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

كان بقم، له دبة ذات بيوت يعطي منها ما يطلب منه، من دهن، -بياع الفوم -و شبيب فامي فشبهوا هذا الكتاب بذلك، الشتامله عىل الكتب العديدة، و ألنه كان يروي عن الضعفاء و

ء إال أن القميني ن عليه يف نفسه طعن يف يشيعتمد املراسيل و ال يبايل عمن أخذ، و إن مل يكمحصوا كتابه و نقوه، باستثناء ما يقارب من ستة و عرشين رجال من مشايخه، و اعتمدوا عىل باقي رجاله، و اعتامدهم عليهم مع ما عرف من تشدد مسلكهم املفرط يف التوثيق و التعديل

حظ يف طريق روايتهم محمد بن أحمد بن يحيى دال كل ذلك عىل التوثيق بال ريب، فإذا لو يروي عمن مل يستثنه القميون، يكون ذلك مبثابة توثيقه. نعم من الجانب اآلخر ليس كل من

استثناه القميون و ضعفوه يعتد بتضعيفهم له، ملا بينا من تشددهم الخاص يف التعديل و التجريح، و جريهم عىل رؤية خاصة يف املعارف.

هذا و الصحيح أنه ال داللة لعدم االستثناء عىل التوثيق، ألن االستثناء يف هذا املقام و غريه من ديدن القميني هو عىل منط غربلة األحاديث و تنقيتها عن املدسوس و املوضوع و املدلس، إذ

ات من البني الجيل أنهم مل يكونوا متقيدين بخصوص رواية الثقات، و ال بخصوص الرواياملعتربة، فكم من راوية قمي كأحمد بن محمد بن عيىس األشعري و محمد بن الحسن

الصفار و سعد بن عبد هللا األشعري، و زكريا بن آدم، و عيل بن إبراهيم، و محمد بن يحيى، و عيل بن بابويه، و محمد بن جعفر ابن قولويه، و محمد بن الحسن بن الوليد، و غريهم من

جهاء الرواة الفقهاء و املحدثني القميني يظفر املتتبع عىل العديد من املوارد التي نجوم و يروون فيها عن الضعاف، أو الحسان و نحوها، فذلك برهان عىل أن مرادهم من االستثناء

عدم الرواية هو لتحرجهم عن رواية الحديث املوضوع، أو الذي عليه عالمات الدس أو قرائن لجعل، نظري ما صنع محمد بن الحسن بن الوليدالتدليس و ا

۱۴۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

يف تركه لرواية أصيل زيد الزراد، و زيد الرنيس، لدعواه أن هذين األصلني مام قد وضعهام و ان حقق خطأ ابن الوليد يف ذلك لوجود السند الصحيح -محمد بن موىس الهمداين السامن

Page 99: بحوث في مباني علم الرجال

فتحرج عن رواية -يب عمري يف الكتب األربعة و غريه عن زيد الزراد، و زيد الرنيسالبن أ األصلني و كذا تبعه تلميذه الصدوق، و كذا ما صنعه أحمد بن محمد بن عيىس األشعري و

غريه من القميني من إخراج الربقي و سهل بن زياد اآلدمي و غريهم من األجالء لروايتهم عن عنى املتبادر من ظاهر اللفظ، بل مرادهم ترك الرواية املحفوفة بقرائن الضعاف، ليس مب

الدس و الوضع و الجعل عن الضعاف أو عن راوي وضاع.

و هذا الذي رشحناه من قبل يف تشدد املدرسة القمية يف غربلة و تنقية األحاديث، و هذه فة غري موثقة، و االقتصار عىل العملية مل تكن مبعنى ترك الرتاث الروايئ املنقول بطرق ضعي

خصوص املوثق و املعترب، فكم تكرر هذا التعبري عن الصدوق يف الفقيه و عن القميني يف أروي كل ما كان يف الكتاب إال ما كان فيه من تخليط أو غلو أو «فهرست الشيخ و النجايش

ر كل ما يف الكتب األربعة، و نظري ما ذكرناه يف رد دعوى األخباريني من اعتبا». يتفرد بهدعوى املريزا النوري يف اعتبار كل روايات الكايف ملوضع تعبري الصدوق و الكليني و الشيخ يف

مقدمة كتبهم، مثيل العبارتني املتقدمتني يف عبارة عيل بن إبراهيم يف مقدمة تفسريه، من ها عبارة ابن قولويه يف كامل الزيارات، توثيق الروايات التي يذكرها فيه إنها عن الثقات، و مثل

إن مقصودهام منها هو نفي الروايات املوضوعة و املدسوسة عام أخرجاه من روايات يف كتابيهام، ال أنها يف صدد التوثيق لكل السند، فهذا االصطالح يف جانب الرواية و االعتامد أو يف

ني املدسوس و غريه، و املوضوع و غريهجانب عدم الرواية و التحرج من نقلها هو فيصلة ب

۱۴۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

يف املرحلة التاريخية للحديث الهامة التي قام بها الرواة القميون، و يدلل عىل ذلك يف خصوص املقام أن الذي استثنى من كتاب النوادر يف عبارة النجايش هو محمد بن الحسن بن

الوليد.

يدنه يف أصيل زيد الزراد، و الرنيس، و إنه ذكر يف االستثناءات استثناءهم ما كان و قد عرفت دفيها من غلو أو تخليط، حيث إن بناءهم يف روايات الغلو عىل إنها موضوعة، و التخليط

عبارة عن الخلط يف اإلسناد، و الخلط يف املنت، مام يساوي املوضوع و املدسوس و إن مل يكن و يدل عىل ذلك أيضا أن من استثنوه مل يقترص فيه عىل مشايخ صاحب النوادر كام هو بعمد،

) ه ۱۱۴الحال يف وهب بن منبه مع أن وفاته يف سنة (

Page 100: بحوث في مباني علم الرجال

فتحصل: إن استثناء القميني من كتاب النوادر يريدون به عدم روايتهم لتلك الروايات، ملا الح حسب املباين املختصة بهم، و أن الذي يروونه من لهم من قرائن الوضع و التدليس، و لو ب

كتاب النوادر ليس مبعنى التوثيق املصطلح، بل مبعنى نقاء تلك الروايات عن شوب التدليس و الوضع، و هو درجة من التوثيق، لكنه ليس باملعنى املصطلح له، بل مبعنى تشكل الخرب

به، بخالف الخرب املدسوس و املوضوع فإنه ال املتواتر منه أو املستفيض و صالحيته لالعتضاد يتولد منه التواتر و االستفاضة مهام بلغ العدد.

و أما الخدشة يف كون عدم استثنائهم توثيقا استنادا إىل احتامل بناء (ابن الوليد) عىل أصالة يس يف العدالة يف كل من مل يظهر منه الفسق، فقد تقدم مبسوطا وهن هذه الدعوى، إذ ل

املتقدمني و ال الشيخ الطويس و ال العالمة الحيل من يبني عىل أصالة العدالة مبجرد عدم إحراز الفسق من دون ضميمة وجود أمارات عىل الوثاقة، فالحظ.

۱۴۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الطريق الخامس: من قيل يف حقه أنه ال يروي إال عن ثقة

ن أمثلة هذه القرينة، كام يف صفوان و البزنطي و ابن أيب عمري، يف ما تقدم و قد تقدم شطر ميف قاعدة اإلجامع، و هذا عني الذي نختاره يف هذه القرينة، من أنه حكاية عن ديدن و روية

ذلك الشخص، ال أنها شهادة حسية استغراقية عن كل من يروي عنه ذلك الراوي.

و ممن قيل يف حقه ذلك:

جعفر بن بشري، فقد قال عنه النجايش: (روى عن الثقات و رووا عنه) .۱

إذ من الواضح أن املراد بهذا التعبري ليس بيان حكم استغراقي لكل من يروي هو عنه، أو من روى عن ابن بشري، بل هو بيان الحال بنحو الغلبة، و حال من كرث الرواية عنه أو العكس.

ق يف ما ذكره النجايش لو أردنا التحفظ و الجمود عىل حرفية العبارة و بعبارة أخرى: إن التدقيإنه روى عن الثقات أي جميع من عارصه من الثقات، لكن ذلك ال ينفي كونه قد روى عن غريهم، و هكذا الحال فيمن يروي عنه، فإنه ال ينفي كونه قد روى عنه الضعفاء، نعم كون

القرائن االخرى يف تحصيل االطمئنان، أو لتكوين حسن ديدنه ذلك كاشف ظني يتعاضد مع الظاهر، الذي هو دون االطمئنان يف حال من يرتبط روائيا بجعفر بن بشري.

Page 101: بحوث في مباني علم الرجال

و يؤيد ذلك ما ذكره السيد الخويئ يف نقضه عىل تلك الكلية، من رواية جعفر بن بشري عن بن محمد الجعفي عن جعفر بن صالح بن الحكم الذي ضعفه النجايش، و رواية عبد هللا

بشري، و قد ضعفه النجايش أيضا. فتدبر و تأمل.

و نظريه ما وقع يف محمد بن إسامعيل بن ميمون الزعفراين من قول النجايش فيه

۱۴۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

(روى عن الثقات و رووا عنه)

خرج الربقي و سهل بن زياد و غريهم من . أحمد بن محمد بن عيىس األشعري: و هو الذي أ ۲قم من كبار الرواة، و ذلك بسبب روايتهم عن الضعفاء، مام يدل عىل تشدده يف الرواية عن

خصوص الثقة.

و قد نقض عىل ذلك بروايته عن الضعاف أيضا، كروايته عن محمد بن سنان، و عيل بن حديد، و إسامعيل بن سهل، و بكر بن صالح.

أن تفسري ديدنه هو يف وجود قاعدة حديثية درائية لدى الرواة، و هي املرجوحية و و ذكر التحرج يف اإلكثار و الرواية عن الضعاف، و إال فال يخلو راوي من كبار الرواة عن الرواية عن

بعض الضعفاء.

حمد بن و هذا التفسري و ان كان متينا يف نفسه، و يصلح أن يكون توجيها لديدن و روية أ محمد بن عيىس يف تعاطيه الحديث، و كذا بقية كبار الرواة. إال أن األظهر يف تفسري ما صنعه من إخراج بعض الرواة هو ما ذكرناه مرارا يف ما سبق، من أن القميني خاصة كانوا يتشددون

دون فيه يف مآخذ الحديث من الكتب و مشايخ الرواية، و ميتنعون من الرواية عن ما يعتقعالمات الدس و الوضع، و إن كانت تلك العقيدة و الرؤية بالدس مبنية عىل مبانيهم الخاصة

يف أبواب املعارف، أو مسالكهم الخاصة الضيقة يف النقل، فلم يكن ميتنعون يف الرواية عن دس و الضعيف لضعفه، و إمنا يتحرجون و ميتنعون يف الرواية عن ما يلوح منه أمارات ال

الوضع، كام امتنع الصدوق و شيخه عن رواية أصيل زيد الزراد و زيد الرنيس لدعواهام وضع و كام يف ما استثناه ابن الوليد و -مع أنهام قد خطئا يف ذلك، كام حرر يف محله -ذلك األصلني

Page 102: بحوث في مباني علم الرجال

عري، الذي امتنع من روايته من روايات كتاب نوادر الحكمة ملحمد بن أحمد بن يحيى األش تقدم ذكره، و ما صنعوه و إن

۱۵۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

كان غربلة و تنقية لألحاديث، إال أن ذلك ال يعني صحة كل تشددهم املزبور، كام ال يعني صحة ما حكموا عليه بالوضع، و بنوا عىل أنه مدلس، كام هو الحال يف األصلني املتقدمني، و

ىش أحمد بن محمد بن عيىس األشعري يف جنازة الربقي حايف القدمني، و بحال يبجل من ثم م الربقي نادما عىل تشدده معه.

و له كتب يف الفقه، رواها عن «. عيل بن الحسن الطاطري: حيث قال الشيخ يف ترجمته ۳ .»۱« »الرجال املوثوق بهم و برواياتهم، فألجل ذلك ذكرناها

.»۲« »ن يروي عنه عيل بن الحسن الطاطري هو ثقةإن كل م«فقيل:

و قيل: إن كل من يروي عنه مام نقله الشيخ من رواياته عن كتبه الفقهية حيث كان عيل بن فهو ثقة، بخالف ما -أي مام يدل عىل أخذ الرواية من كتب الطاطري -الحسن يف بداية السند

سند الذي ذكره الشيخ.مل يكن كذلك مام يكون الطاطري يف أثناء ال

و لكن الصحيح عدم كون ذلك توثيقا عاما لكل من روى عنه الطاطري، حتى يف كتبه الفقهية، و ذلك ألن هذا التعبري ليس يف مقام بيان حال من يروي عنه تفصيال فردا فردا، بل يف مقام

لم كذبه، و عن كل رواية تحفظ صاحب الكتاب عن الرواية عن الوضاعني و املدلسني و من ع قد احتفت بقرائن الوضع و الدس، و أن مجمل من روى عنهم ممن قد عرف بالوثاقة، بنحو ال ميانع روايته عن بعض الضعاف، مام اعتضدت روايته بقرائن مؤيدة، و هذا مصطلح دأب

س و الوضع و عليه املحدثون و الرجاليون لبيان اعتبار مآخذهم و نقاوتها من شبهة الد التدليس.

______________________________ .۹۲) الفهرست/ ۱(

) السيد الخويئ رحمه هللا يف معجمه.۲(

۱۵۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

Page 103: بحوث في مباني علم الرجال

و قد نبهنا عليه عند استعراض وجه الحاجة لعلم الرجال، و رد نظريات اعتبار روايات الكتب يف خاصة، حيث إن الكليني و كذا الصدوق و الطويس قد عربوا األربعة، أو كل روايات الكا

نظري هذا التعبري، مام يوهم مثل هذه الدعوى أيضا.

و يتم التحقق من فهم هذا املصطلح عند تصفح تراجم الرواة ذوي الكتب التي هجرت ، و مل يتثبتوا يف روايتها بالطعن عليهم، بأنهم قد رووها عن الوضاعني أو املعروفني بالكذب

تنقيتها عام احتف بقرائن الدس، بأن كانوا يخرجون يف كتبهم كل من هب و دب، كالكشكول، فيكفي يف ذلك نظرة يسرية يف الفهرست و النجايش، باإلضافة إىل ما عرف من قيام

اعني، املدرسة القمية و غريها بغربلة األحاديث، بسبب ظهور جامعة من الكذابني و الوضفدأب كبار الرواة يف التثبت يف املصادر التي يجعلونها مأخذا لكتبهم و رواياتهم، حيطة عن

تسلل تلك األيدي، و الحظ ما قدمناه مثة املشار إليه سابقا.

حتى «. جعفر بن محمد بن قولويه (صاحب كامل الزيارات)، حيث قال يف أول كتابه: ۴ة عليهم السالم من أحاديثهم، و مل أخرج فيه حديثا روي عن أخرجته و جمعته عن األمئ

غريهم، إذ كان يف ما روينا عنهم من حديثهم عليهم السالم كفاية عن حديث غريهم، و قد علمنا أنا ال نحيط بجميع ما روي عنهم يف هذا املعنى و ال يف غريه، لكن ما وقع لنا من جهة

حمته و ال أخرجت فيه حديثا روي عن الشذاذ من الرجال الثقات من أصحابنا رحمهم هللا بر .»۱« »يؤثر ذلك عنهم عن املذكورين غري املعروفني بالرواية املشهورين بالحديث و العلم

______________________________ ) مقدمة كامل الزيارات.۱(

۱۵۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

تفسري هذه العبارة، و كذا عبارة عيل بن »۱« علم الرجالو قد تقدم يف بحث الحاجة إىل إبراهيم يف تفسريه

الطريق السادس: الوقوع يف سند حكم بصحته

كام يف تصحيح الطرق و الروايات من قبل األعالم املتقدمني، أو من قرب منهم كأوائل لحديثية تبعا لشيخه املتأخرين، كام يف تنصيص الصدوق عىل تصحيح بعض األسانيد يف كتبه ا

ابن الوليد، أو العباس بن نوح شيخ النجايش، أو النعامين يف كتاب الغيبة، و كذا املفيد يف

Page 104: بحوث في مباني علم الرجال

كتبه، و الشيخ الطويس و السيد املرتىض، و من ييل طبقتهم إىل زمن السيدين ابني طاوس و العالمة الحيل.

التوثيقات للمتقدم عىل املتأخر، سواء عىل لكن ال يخفى أنا قد ذكرنا التفاوت يف درجة قوة مسلك تراكم الظنون و االحتامل، أو عىل مسلك شهادة أهل الخربة.

كام أنه ال بد من التفطن إىل أن تنصيص املتقدم عىل تصحيح سند الرواية يغاير مجرد تعاضد صدور اعتامده عىل رواية ما، إذ الثاين أعم من توثيق مفردات السند، إذ قد يكون

الرواية بقرائن أخرى موجبة للوثوق بالصدور، ال لوثاقة سلسلة السند، و ال يخفى أن عبائر القدماء يف تصحيح السند و الطريق للرواية ال يقترص عىل لفظ صحة الطريق، إذ قد يعربون

ائر أو غريها من العب» الطريق سليم ليس فيه شائبة، أو ليس فيه من يتوقف فيه«بلفظ املستعملة يف ذلك، و إن كان اعتبار

______________________________ ). عند بيان دعوى املريزا النوري من صحة كل ما يف الكايف.۱(

۱۵۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الرواية مبعنى الوثوق بالصدور ليس عديم الفائدة يف االعتداد بصدور الروايات و حجية الخرب كجزء القرينة للوثوق، إال أنه ال يرتبط بتوثيق سلسلة السند كام نبهنا عليه؛ كام أن و لو

الجرح لطريق معني حاله كذلك، إال أنه ال بد من االلتفات إىل مسلك املتقدم يف الجرح.

و أما الخدشة يف هذا الطريق من التوثيق باحتامل أن الحاكم بالصحة من املتقدمني أو من يتلوهم قد أعتمد عىل أصالة العدالة، و من مل يظهر منه فسق، أو بكون تصحيح الرواية

راجعا ال إىل تصحيح الطريق، بل إىل االعتامد عىل صدورها لقرائن موجبة للوثوق بالصدور.

ففيها: إن أصالة العدالة املزعومة كمسلك للقدماء قد قدمنا مفصال يف املقام الثاين يف الفصل ألول أن مبناهم ليس عىل مجرد أصالة عدم الفسق، بل يبنون عىل إحراز حسن الظاهر الذي ا

اعترب أمارة يف الكشف عن العدالة و الوثاقة يف روايات باب العدالة، بضميمة عدم الفسق البارز فالحظ ما ذكرناه من كلامتهم و أدلتهم

الطريق السابع: كونه شيخ إجازة

Page 105: بحوث في مباني علم الرجال

د البهبهاين يف الفوائد من أسباب الحسن، و كام عده بعضهم من قرائن و قد عده الوحي الوثاقة و الجاللة، و يعرب عن هذا العنوان يف تراجم الرجاليني بقولهم:

هو من مشايخ اإلجازة أو هو شيخ اإلجازة.

ن و عن املريداماد يف الرواشح الساموية: إن مشيخة املشايخ الذين هم كاألساطني و األركا أمرهم أجل من االحتياج إىل تزكية مزك و توثيق موثق.

۱۵۴بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

و ال يخفى أن عبارته ليس يف مطلق شيخ اإلجازة، بل يف خصوص ما اشتهر منهم. و قريب منه ما عن الشيخ البهايئ يف الحبل املتني، حيث عد الشيخوخة مام يوجب الظن بالعدالة.

جامعة من مشايخ اإلجازة ممن مل يرد فيهم توثيق كأحمد بن محمد بن الحسن بن و عد الذين روى عنهام كبار وجوه الطائفة كالشيخ -الوليد و أحمد بن محمد بن يحيى العطار

و كالحسني بن الحسن بن أبان، و أيب الحسني عيل بن أيب جيد. -املفيد و نحوه

اإلجازة عبد الواحد بن عبدوس، و محمد بن موىس بن أقول: و يضاف إىل أمثلة مشايخ املتوكل، و عيل بن الحسني السعدآبادي، و غريهم من مشايخ الصدوق، الذين أكرثهم عنهم

الرواية ال مطلق من روى عنهم.

التفرقة بني شيخوخة اإلجازة و شيخوخة الرواية، يف إفادة الحسن أو »۱« و يف مقباس الهدايةلصاحب التكملة، حيث ذكر يف ترجمة أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد أن الوثاقة تبعا

األول منهام من ليس له كتاب يروى، و ال رواية تنقل، بل يخرب عن كتب غريه، و يذكر يف السند ملحض اتصاله، بخالف الثاين فهو ممن تؤخذ الرواية عنه أو يكون صاحب كتاب.

رقة موضوعا و إن كان له وجه، إال أنه عىل اطالقه ليس بسديد، و كأنه أقول: ما أفاده من التفقد ارتكز يف هذه التفرقة عىل ما جرى عليه التعارف يف األعصار األخرية من االستجازة من

أكابر األعالم يف الكتب املتواترة و املشهورة للطائفة، و إال فكيف يعد سلسلة املشيخة التي الفقيه، و التي ذكرها ذكرها الصدوق يف

______________________________ .۲۲۲/ ۴). مقباس الهداية ۱(

Page 106: بحوث في مباني علم الرجال

۱۵۵بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الشيخ يف مشيخة التهذيبني إنها ليست دخيلة يف اتصال السند، إذ املشيخة ليست إال طريقا التي ابتدأ بها السند يف ألصحاب الكتب، يك تخرج رواية الصدوق و الشيخ عن تلك الكتب

داخل الكتاب عن اإلرسال.

و بعبارة أخرى: إن كال من الشيخ و الصدوق يف املشيخة قد عربا بأنهام يذكران الطرق إىل الذين قد ابتدأ سند الروايات بأسامئهم، ليك تخرج عن حد اإلرسال، مام -أصحاب الكتب

ند رواية الكتاب، و من ثم ترى الكليني يف الكايف يدلل عىل دخالة الطريق إىل الكتاب يف سحيث مل يبتدأ باسم صاحب الكتاب الذي يستخرج عنه الرواية، تراه يكرر دوما يف كل رواية

عدة مشايخه، و من يروون عنه متصال بصاحب الكتاب، فشيخ اإلجازة للكتب ليس حاله تهار الكتب، و تواترها عن أصحابها، حيث كحال شيخ اإلجازة يف األعصار املتأخرة، بعد اش

يقصد املستجيزين من اإلجازة الترشف باتصالهم يف سلسلة الرواة عن األمئة عليهم السالم.

نعم هناك فرق بني شيخ الرواية و شيخ اإلجازة عند املتقدمني من طبقات الرواة، و هو كون مام قد رواه من روايات غفرية، إما يف ضمن األول منهام هو الذي يتتلمذ عليه يف الرواية عنه

كتاب قد جمعه، أو من حصيلة ما قد حفظها من عرشات أو مئات أو آالف الروايات بحسب منزلته، و أما شيخ اإلجازة فهو يف الغالب من يكون من رواة الكتب املؤلفة من قبل اآلخرين،

و قد يجمع مع ذلك شيئا من الرواية أي يقع يف سلسلة الطريق يف رواية الكتاب عن مؤلفه، عن سامع.

و من ذلك يتضح أنه من األوىل تقسيم هذا الطريق إىل طريقني للتوثيق، حيث إن درجة تفوق اعتبار الثاين، إذ أن األول يتتلمذ عليه -شيخ الرواية -اعتبار األول

۱۵۶بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

ركن إىل تدوينه، و يعد كونه شيخ رواية اعتامدا لكتابه، بخالف الثاين يف الفقه و الحديث، و يفإنه ألجل اتصال السند إىل صاحب الكتاب مام قد يجد الراوي طريقا آخر إىل صاحب الكتاب

يف العادة.

هذا مع أن ديدن الرواة كان عىل تقسيم الراوي بلحاظ شيخه يف الرواية و عمن يدمن الرواية كام هو الديدن يف هذه األعصار يف علم الفقه و األصول و املعارف، بل هو ديدن العقالء عنه،

Page 107: بحوث في مباني علم الرجال

يف العلوم و الفنون، و ألجل ذلك عدوا شيخ الرواية الذي تتلمذ عليه عدة من الكبار يف مرتبة من الجاللة و الوجاهة فوق الوثاقة، و أضافوا يف تقريب ذلك أيضا إنه إذا كان التلميذ من أعالم الرواة الذين عرف منهم التشدد يف الرواية فإن ذلك يكشف جزما عن مقام شيخه يف

الرواية.

و كل ما تقدم آت يف شيخ اإلجازة أيضا بدرجة أقل، ألنها نحو من الشيخوخة أيضا، ال سيام و اب، ال أن دخيل يف اتصال السند و الطريق إىل صاحب الكت -كام تقدم -أن شيخ اإلجازة

االستجازة عنه ملحض التربك، فانظر إىل ديدن املحدثني يف وضعهم لكتب الفهارس املؤلفة لذكر الطرق ألصحاب الكتب يك تخرج عن اإلرسال، كفهرس الشيخ الطويس، و فهرس النجايش

املشتهر برجاله، مع أنك قد عرفت أن الديدن يف طرق التوثيق ليس عىل تحري خصوص ما ل بنفسه عىل الوثاقة، بل عىل جمع قرائن تكون مبثابة األجزاء لحسن الظاهر، أو يرتاكم يد

منها ما يفيد االطمئنان، فمن ثم قد يكون طريق التوثيق الواحد يختلف يف الداللة بحسب األفراد باختالف املالبسات التي أرشنا إليها آنفا.

ع قد ترجم لهم و وثقوا يف كتب الرجال، و قد أشكل عىل هذا الطريق أن أصحاب اإلجام فكيف ال تكون هناك حاجة إىل التعرض ملشايخ اإلجازة.

و بعبارة أخرى: إن أصحاب اإلجامع مل ير الرجاليون إستغناءهم عن التوثيق

۱۵۷بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

فتعرضوا لهم، فام بالك يف مشايخ اإلجازة.

عدة من مشايخ اإلجازة كالحسن بن محمد بن يحيى، و الحسني بن و أشكل أيضا: من أن حمدان الحضيني، و الحسن بن محمد النوفيل، و الحسني بن أحمد املنقري التميمي، هم من

مشايخ اإلجازة و قد ضعفهم النجايش.

و فيه: إن تعرض أصحاب كتب الرجال و عدم تعرضهم قد ال يندرج تحت ضابطة يف بعض مثلة، فقد تراهم يتعرضون لذكر بعض أصحاب اإلجامع دون بعضهم اآلخر، مع تقارب األ

وثاقتهم يف الدرجة، و قد يتعرضون للثقة قليل الرواية مع عدم تعرضهم للثقة الكثري الرواية، ال سيام و أن ما بأيدينا من كتب و أصول رجالية متقدمة نزر يسري، و التي هي عبارة عن

Page 108: بحوث في مباني علم الرجال

عروفة، فلم تصل بأيدينا ما وصل من عرشات تلك الكتب و األصول إىل السيد ابن الخمسة املطاوس يف القرن السابع، و كم قد استدرك املتأخرون يف كتبهم الرجالية عىل املتقدمني مفردات

رجالية مل يتعرضوا لها، بعد أن جمعوا من خالل تتبع قرائن عىل أحوال تلك املفردات من ات، أو مشايخ تلك املفردة يف الرواية، أو من يروي عنه، أو منط رواياته، إىل غري خالل الطبق

ذلك من القرائن عىل تلك املفردة باالستقراء.

إذن فتعرضهم أو عدمه ال ينضبط بالحاجة و عدمها فكم من مفردة رجالية قامت عليها ، أو تعرضوا لها من دون ذكر قرائن التوثيق مل يتعرضوا لها يف كتب املتقدمني لسبب أو آلخر

، دالة عىل جاللته و »۱« ترصيح بالتوثيق، مثل عمر بن حنظلة الذي عقدنا له رسالة خاصةوثاقته برتبة زرارة و محمد بن مسلم عرب روايات معتربة، و نظري إبراهيم بن هاشم الكويف

والد عيل بن إبراهيم

______________________________ .- رسالة يف ثبوت الهالل بحكم الحاكم -تاب الهيويات الفقهية). يف ك۱(

۱۵۸بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

القمي، و غريهم.

فليس كل من هو ثقة يلزم أن يوثقه أصحاب الرجال يف كتبهم، و قد مر يف املقدمة يف بحث به، بل مفتوح عرب االستقراء الحاجة إىل علم الرجال من أن العلم بأحوال الرواة ليس منسدا با

لطرق و أسانيد الروايات الواقع فيها الراوي، للتعرف عىل طبقته و شيوخه و تالمذته، و منط ما يروي من روايات، و استقامة املتون املنقولة عنه، و كونه صاحب كتاب، إىل غري ذلك من

ي اتصف بها الراوي، و قد االطالع عىل حاله و شئونه. فاملعيار حينئذ هو حال األوصاف التقربنا أن شيخوخة الرواية أو اإلجازة هي مبنزلة شيخوخة التلمذة يف هذه األعصار، من كونها

إحدى قرائن حسن و وجاهة الظاهر.

و بذلك يظهر لك الجواب عىل اإلشكال الثاين، حيث أن قرائن التوثيق ليست من قبيل اللوازم دالة و الوثاقة، كام هو الحال يف جل قرائن حسن الظاهر، و من التكوينية غري املنفكة عن الع

ثم اعتد بها كقرائن ظنية أمارية عىل الواقع، قد يتخلف الواقع عنها، فمثل ما ذكر يف معتربة إن يكون آتيا لصالة الجامعة ال يؤذي أحدا و ال «ابن أيب يعفور الواردة يف العدالة و إحرازها

Page 109: بحوث في مباني علم الرجال

إىل غري ذلك مام ذكر فيها ال يالزم تكوينا بنحو املالزمة التكوينية » ألمانةيغتاب و يؤدي االعدالة، إذ قد يكون واجدا لتلك الصفات و لكن يف باطن حاله مقيام عىل الكبائر، فليس إذن

املتوخى من طرق التوثيق كونها علل تكوينية، أو معلوالت مالزمة للوثاقة و العدالة، و إمنا منها االعتداد بها يف السرية املترشعة أو العقالئية كقرائن ظنية تورث االطمئنان النوعي الغرض

بهام.

۱۵۹بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

الطريق الثامن: الوكالة عن اإلمام عليه السالم

اء، و و هي عىل مراتب، إذ منها ما يكون مبثابة النيابة عنه عليه السالم يف شئون الفتيا و القضجبي األخامس و غري ذلك، كام هو الحال يف وكالء اإلمام الهادي عليه السالم يف بالد العراق و

فارس، و منها ما يكون وكالة يف جبي األخامس، و منها ما تكون وكالة يف رفع نزاع كقايض عليهم السالم، التحكيم، و منها ما يكون وكيال يف األمور الفردية املعاشية كخدمهم و غلامنهم

و نحوه الوكيل عىل مزرعة أو عىل وقف أرض و نحو ذلك.

و قد عدها الوحيد البهبهاين يف فوائده من أمارات الوثاقة و القوة، بل عن جامعة جعل ذلك من أقوى أمارات املدح بل الوثاقة و العدالة. و أيد مبا رواه الكليني عن عيل بن محمد عن

قال: شككت يف أمر حاجز، فجمعت شيئا، ثم رصت إىل العسكر، الحسن بن عبد الحميد »ليس فينا شك و ال يف من يقوم مقامنا بأمرنا، رد ما معك إىل حاجز بن يزيد«فخرج إيل:

»۱«.

إال أنه أشكل بعض متأخري هذا العرص يف داللة الوكالة عىل الوثاقة، لعدم اشرتاطها رشعا ر إن العادة قامئة عىل عدم التوكيل يف املاليات من ال يوثق بأمانته، و بالعدالة، بل غاية األم

النهي عن الركون إىل الظامل ال ربط له بالتوكيل، يف األمور الشخصية، و قد عد الشيخ يف كتاب الغيبة جملة من الوكالء املذمومني مام يدل عىل إمكان االنفكاك بينهام، و أما الرواية املتقدمة

يفة السندفضع

______________________________ . و ذكره الشيخ املفيد أيضا يف االرشاد يف باب ذكر طرف ۱۴باب مولد الصاحب عليه السالم الكتاب الرابع، الحديث ۵۲۱/ ۱) الكايف ۱(

من دالئل صاحب الزمان عليه السالم.

Page 110: بحوث في مباني علم الرجال

۱۶۰بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

مع اختصاصها مبن قام مقامهم بأمرهم، أي بالنواب و السفراء من بالحسن بن عبد الحميد، قبلهم. بل إن هناك رواية دالة عىل عكس ذلك، و هي ما رواه الكيش يف ترجمة معتب عن

حمدويه و إبراهيم عن محمد بن عبد الحميد عن يونس بن يعقوب عن عبد العزيز بن نافع فخريهم و أفضلهم معتب -يعني مواليه -هم عرشة«يقول: إنه سمع أبا عبد هللا عليه السالم

.-و يف نسخة أخرى صفري بالفاء -»و فيهم خائن فاحذروه و هو صغري

و كذا روى الكيش عن عيل بن محمد قال: حدثني محمد بن أحمد عن الحسن بن الحسني عبد هللا عليه اللؤلؤي، عن الحسن بن محبوب: ال أعلمه إال عن إسحاق بن عامر عن أيب

».موايل عرشة خريهم معتب، و ال يظن معتب أين أسحر من الناس«السالم قال:

».أحق الناس«، و يف رابعة: »أسخى الناس«، و يف ثالثة: »أسخر من الناس«و يف نسخة أخرى:

عىل و الصحيح أن الوكالة يف األمور الرشعية و لو جباية األموال كالخمس و نحوها دالة الوثاقة، نظرا لكون هذه الوظائف الرشعية مسندا و منصبا رشعيا، مع االلتفات إىل االنتساب له عليه السالم يف نظر عامة املكلفني، مضافا إىل أن الحيطة يف أداء تلك الوظيفة الرشعية إمنا

يتم بوضع الثقة مع زيادة كونه بصريا أيضا.

سعت دائرة مورد الوكالة و أعالها يف النواب و السفراء، و لك أن تتمثل و تشتد الداللة كلام اتذلك بالوكالء عن علامء الدين، سواء يف األوقاف أو األموال أو يف بيان األحكام الرشعية أو يف حل الخصومات بالصلح و نحو ذلك، فإنه مبثابة متثيل عن ذلك العامل الديني. و هذا ما تشري

شك فيه عجل هللا فرجه و » حاجز«ة املتقدمة حيث جعل عجل هللا فرجه الشك يف إليه الرواي من ثم قدم

۱۶۱بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

نفي الشك يف نفسه الرشيفة، ثم يف من يقوم مقامه بأمره، و التمعن و التدبر يف ذلك يعطي املوكل، و كذلك الحال يف وكالء من يكون وكيال أن الشك يف الوكيل يرجع لبا يف سداد توكيل

عن ذي وجاهة، و لذلك ورد يف مضمون الرواية، و هو مطابق ملا يف املثل الحكمي من قولهم (الرسول دليل عقل املرسل)، و من ثم يظهر قرينية الوكالة يف األمور العادية أو الشخصية أو

لرواة األجالء أو الثقات إىل ما يذكره موايل األمئة النواب عىل الحسن، و لذلك ترى ركون ا

Page 111: بحوث في مباني علم الرجال

ء عىل الراوي فيسائل عليهم السالم تذييال ألقوالهم عليهم السالم، كأن يكون قد خفي يشموىل اإلمام الصادق عليه السالم عنه، حتى أنه قد روي أن اإلمام الصادق عليه » مصادف«

ده بإزاء عظم الثواب يف اآلخرة أو بالرجوع إىل أهله، السالم قد خري بعض مواليه باإلقامة عنبعد ما بذل أحد التجار الشيعة ماال عىل أن يحل محله يف قبال أن يأيت هو يف خدمته عليه

السالم.

و أما الطعن يف داللة الوكالة بعدم اشرتاطها بالعدالة، فقد تقدم أنه وجه املالزمة و الداللة عي، بل وجهها هو االشرتاط بحسب حكم اآلداب و منشئيتها لإلضافة ليس هو لالشرتاط الرش

و اإلسناد إىل املوكل.

و بعبارة أخرى: إن مطلق الوكالة و إن مل تشرتط العدالة فيها رشعا، كام هو الحال يف العاديات، بخالف الرشعيات، إال أنه من باب اآلداب الرشعية، مضافا اىل أن التوكيل يحسب

املوكل و يضاف إىل اسمه.عىل

و أما كون التوكيل يف ما يرجع إىل األمور الشخصية فليس مورد البحث يف الوكالة مقصورا عليه.

و أما وقوع الذم عىل عدة من الوكالء، كالذين ذكرهم الشيخ يف الغيبة و غريهم كرؤساء الوقف.

۱۶۲بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

ومني مل يكونوا وكالء حني صدور الذم يف حقهم، بل وكالتهم كانت يف فرتة ففيه: إن املذماستقامتهم، مع أن املدعى ليس هو التالزم التكويني بني الوكالة و العدالة أو الوثاقة، بل

املدعى هو األمارية و الكاشفية، فليس التخلف مبمتنع باإلمكان العقيل.

يئ و الوحيد البهبهاين أن إطالق التوصيف بوكيل يف اصطالح تنبيه: قد حيك عن الشيخ البها .»۱« علامء الرجال يراد به أنه وكيل ألحدهم عليهم السالم

بناء عىل ثبوت نسخة الذم يف الرواية الثانية فليس بنقض ملا » معتب«و أما الروايتني يف عىل فرض -صديه عليه السالمذكرناه، بل هام دليل عىل املطلوب، و الوجه يف ذلك إن نفس ت

لبيان حال مواليه و لدفع توهم وثاقتهم هو دليل عىل أن اإلضافة إليهم -صدور تلك الروايتني

Page 112: بحوث في مباني علم الرجال

مقتضية للوثاقة، و إال ملا تعرض عليه السالم لدفع ذلك الوهم، حيث إن الوهم يحدث ملنشإ سالم يعني من هو املذموم عن غريه يف البني، و لذلك ترى يف مفاد الرواية األوىل أنه عليه ال

ألصحابه.

-مع احتامل أن يكون اإلمام عليه السالم قد أخرب عن ذلك بعد أن رسحهم، يك ال يطمعوا يف النقل عنه كذبا -مواليه

الطريق التاسع: مصاحبة املعصوم عليه السالم

لة للمصاحبة عىل الحسن حيث قد جعلها البعض من أمارات الوثاقة، و أشكل عليه: إنه ال دال فضال عن الوثاقة، إذ قد صحب النبي صىل هللا عليه و آله و سائر

______________________________ ) أقول: و هذا نظري لفظة الكاتب فهو منرصف إىل كاتب الديوان يف السلطة القامئة آنذاك.۱(

۱۶۳بحوث يف مباين علم الرجال، ص:

م من كان فاسد السرية و سيئ الفعل.املعصومني عليهم السال

________________________________________ ق ه ۱۴۲۹ايران، دوم، -بحراىن، محمد سند، بحوث يف مباين علم الرجال، در يك جلد، مكتبة فدك، قم