الفاعلون غير الرسميين في اليمن، التقرير كاملا

فاعلون غري الرمسيني يف اليمنال

سبل املعاجلةوأسباب التشكل

مرآز الجزيرة للدراسات -٣ سلسلة التقاريـــــــر املعمقة -

- ٢٠١٠ نيسان/ أبريل -

Al Jazeera Centre For Studies اتــز الجزيرة للدراسـمرك PO BOX 23123 – Doha, Qatar الدوحة، قطر– ٢٣١٢٣. ب. ص

Tel: +974 4930181 4930181 974+: هاتف Fax: +974 4831346 4831346 974+: فاآس :[email protected] [email protected] :بريد إلكتروني

الفاعلون غير الرسميين في اليمن ٢٠١١ - للدراسات، تقارير معمقة مركز الجزيرة

٢

المعمق التقرير إعدادالمساهمون في

ؤاد الصالحيف

عبداهللا الفقيه

عادل الشرجبي

عبد الكريم الخيواني

أبو بكر السقافعلي محمد

قسم البحوث والدراسات إشراف

شفيق شقير: ريرـتح

جميع الحقوق محفوظة لمركز الجزيرة للدراسات

ال تعبر بالضرورة عن رأي المركزآلراء الواردة في التقرير ا


٣

فهرس

٦صفحة ............................................................................مقدمة المحرر

مجتمع والنظام السياسي في اليمنال

)قبليا ومذهبيا(طبيعة المجتمع اليمني

بنية السلطة ووظيفتها

األزمات والعيوب التي ولدت مع الدولة الحديثة

العصبية التي تعتمد عليها السلطة

ائح المتضررة والمستفيدة من السلطةالشر

موقع اليمن الجيو إستراتيجي وتأثيره في عالقات اليمن

خاتمة

٨ فؤاد الصالحي

٨

١٠

١١

١٣

١٤

١٧

١٨

قتصاد السياسي ودوره في تشكيل الجماعات اال الفاعلة

جذور االقتصاد الريعي

تطور االقتصاد الريعي

أزمة االقتصاد الريعي

يةالنتائج السياس

دور الريع في الصراعات العنيفة

خاتمة

٢١ عبداهللا الفقيه

٢٢

٢٤

٢٦

٣١

٣٣

٣٦


٤

القبيلة فاعل غير رسمي

توجهات الفاعلين القبليين

تماهي الحدود بين القبيلة والدولة.. الدولة المهجنة

المؤسسات الوسيطة بين الدولة والقبيلة

يينالفاعلون القبليون وبقية الفاعلين غير الرسم

مستقبل دور القبيلة

خاتمة

٣٩ عادل الشرجبي

٣٩

٤٠

٤٥

٤٩

٥٢

٥٣

الحركة الحوثية فاعل غير رسمي

نشأة الحركة الحوثية

أهداف الحوثي المؤسس

الحوثية وبقية الفاعلين غير الرسميين

موقف السلطة من الحوثية

حدود الفعل الحوثي غير الرسمي

الحرب مع السلطة

مستقبل الحوثية

اتمةخ

٥٥عبد الكريم الخيواني

٥٥

٥٦

٥٧

٥٨

٥٩

٦١

٦٣

٦٣

الحراك الجنوبي فاعل غير رسمي

ة للموروث ولالتفاقيات السابقةتجاهل الوحد

الحرب ومطلب فك االرتباط

القضية الجنوبية والحراك في مواجهة السلطة والدولة

الحراك الجنوبي وبقية الفاعلين غير الرسميين

خاتمة

٦٥ أبو بكر السقافمحمد علي

٦٦

٦٩

٧٢

٨٠

٨١


٥

القاعدة فاعل غير رسمي

الخلفية وسياقات الظهور

القاعدة وبقية الفاعلين غير الرسميين

حدود القدرة على التكيف والعمل

بنية التنظيمية ودوائر الحركة والتأثيرال

هديد القاعدة لسلطة الدولة اليمنيةت

خاتمة

٨٣ محمد سيف حيدر

٨٣

٨٦

٨٨

٩٠

٩٤

٩٦

٩٩ .................................................................ت المحرراستنتاجات وخالصا


٦

قدمةقدمةممالال

تطورت أدوار بعض الجماعات الفاعلة في اليمن وأصبحت لها القدرة إما على منافسة الدولة فـي بعـض

المفترض أن تكون حكرا على الدولة دون سواها، وتتميز األدوار المنوطة بها، أو االضطالع بوظائف من

هذه الجماعات المنظمة بالقوة والقدرة على عرقلة النظام وإعاقة عمله أو على المشاركة معه فـي تقاسـم

.السلطة والنفوذ فضال عن التسبب في تآكل هذه السلطة أو انقسام البلد نفسه

حراك الجنوبي والحركة الحوثية والتكتالت القبليـة إضـافة ويندرج تحت هذا الوصف وبدرجات متفاوتة ال

في " الفاعلين غير الرسميين "إلى تنظيم القاعدة، وهي المقصودة في هذا التقرير حصرا عند إطالق وصف

اليمن، وذلك بغض النظر عن أي نقاش قد يثور حول أبعاد ودالالت هذا المصطلح وحقيقة استعماالته فـي

.سياقات أخرى

يا للدقة أفرد كل فاعل من هؤالء بالبحث والتحليل، للوقوف عند األسباب والعوامـل التـي أنتجتـه، وتوخ

وتحديد نوعية ومقدار الفعل الذي يمارسه في الحياة السياسية، خاصة خارج األطر الدستورية ومؤسـسات

ونية في مؤسسات الدولـة، الدولة، باعتبار أن عملية إنتاج الفاعلين غير الرسميين ال تتم ضمن األطر القان

بل خارجها من خالل محددات القوة ونسيج العالقات خارج بنية الدولة ومؤسساتها، بل يكون ذلك بمغالبـة

.الدولة وتحديها

وقد شكلت دراسة األزمات والعيوب التي تعتري النظام السياسي واالقتصادي مدخال أساسيا لهذا التقريـر،

اليمني الحديث الموحد منذ والدته وظلت حاضرة فيه، أو تلك التي طـرأت سواء تلك التي الزمت الكيان

.عليه بسبب سياساته أو طريقة إدارته للدولة سياسيا واقتصاديا

ويهدف التقرير المعمق فيما يهدف إلى الكشف عن األسباب المولدة لألزمات في الـيمن، وتحديـدا تلـك

ريقة تفاعلها مع الواقع اليمني المعقـد، مـع إدراك أن هـذه المتصلة بالجماعات الفاعلة غير الرسمية وط

األزمات وما تنتجه من جماعات مسلحة هي عبارة عن توليفة مركبة تجمع بين الجهوية والقبلية والمذهبية،


٧

منافسا لها على السلطة والثروة، إضافة إلـى كـون -من منظارها –ويعيش أغلبها تحت مظلة نظام يبدو

يط جغرافي وسياسي يتقاطع مع طموحات ومخاوف إقليمية وربما دولية تتجاوز الواقع اليمن يعيش في مح

.اليمني المحلي

اختير الكتّاب على أساس التخصص واالطالع أو القرب الشديد من هذه الجهات الفاعلة وتحقيقا لهذه الغاية،

، مع "غير الرسمي "ه دورها يقيم من خالل الذي الخاص هارومنظما أمكن، وذلك بهدف االقتراب أكثر من

وخالصات استنتاجاتأضيفت كما .الحرص الشديد على تحقيق أكبر درجة ممكنة من الحياد والموضوعية

في نهاية هذا التقرير تبرز السمات األساسية التي تعطي لهؤالء الفاعلين القدرة على االستمرار التي ستكون

.ع اليمنيمحل اختبار في حال حصول تغيير جذري في الواق

ومما يزيد في أهمية هذا التقرير المعمق عن الفاعلين غير الرسميين، الذي نبسطه بين يـدي القـارئ أن

اليمن يشهد بداية انطالق مرحلة جديدة مع والدة الثورة الشعبية األخيرة التي أدت فيها بعض هـذه القـوى

و أرجأ الصدع بمطالبه الخاصـة مـؤثرا غير الرسمية دورا نشيطا، في حين التزم بعضها خطاب الثورة أ

انتظار النتائج التي سيتمخض عنها هذا الحراك الشعبي لتدلي بدلوها وفق الواقع الجديد الذي ال يزال طور

.التشكل

هذا تزداد أهمية هذا التقرير المعمق عن الفاعلين غير الرسميين في اليمن خاصة وأن اليمن يشهد بدايـة بو

بوالدة الثورة الشعبية األخيرة، والتي تجلت أول تغييراتها بـالتزام معظـم الجهـات انطالق مرحلة جديدة

الفاعلة غير الرسمية فيها خطاب الثورة أو بتقديمه على خطابها، سواء بالتأييد أو االمتنـاع عـن الـصدع

لذي ال يزال طور بمطالبها الخاصة في هذه المرحلة مؤثرة انتظار النتائج لتدلي بدلوها وفق الواقع الجديد ا

.التشكل

شفيق شقير


٨

مجتمع والنظام السياسي في اليمنمجتمع والنظام السياسي في اليمنالال *فؤاد الصالحي

قبليا ومذهبيا، طبيعة المجتمع اليمني -

بنية السلطة ووظيفتها -

األزمات والعيوب التي ولدت مع الدولة الحديثة -

العصبية التي تعتمد عليها السلطة -

من السلطةالشرائح المتضررة والمستفيدة -

موقع اليمن الجيو إستراتيجي وتأثيره في عالقات اليمن -

خاتمة -

إعادة إنتاج القوى الالعبة ضمن عملية صـراع ال إن مفتاح الفهم للفاعلين غير الرسميين يكمن في عملية

بنية تحتكم للدستور واألطر القانونية ضمن مؤسسات الدولة، بل من خالل محددات القوة والعالقات خارج

ويتجلى ذلك بوضوح في القبيلة، حيث ال تكمن قوة البنى القبليـة فـي ذاتيـة القبيلـة . الدولة ومؤسساتها

واستعصائها على التحديث واإلدماج ضمن كيان الدولة، بل من خالل عملية الصراع السياسي التي تـسعى

بيلة ومنظومتها الثقافية لالسـتقواء إلى إعادة إنتاج الق -خاصة الحزب الحاكم -القوة المتصارعة من خاللها

وفي المقابل هناك ضعف شديد في بنية المجتمع المدني وأطره المؤسسية . بها، وجعلها السند االجتماعي لها

.الحديثة، بل هناك إضعاف له انطالقا من عدم تالقي مصالحه مع مصالح القوى المهيمنة سياسيا وقبليا

ياسية إلى سند قبلي فإنها تضعف من قدر الدولة ومؤسـساتها وتحـط مـن وهكذا، فبقدر ما تستند النخب الس

. الذي ترتب عليه ولسنوات طوال تقوية المجتمع القبلي وإضعاف لمرتكزات الدولة ومؤسساتها ألمر هيبتها، ا

وهنا فقط ظهر الفاعلون غير الرسميين في المشهد السياسي ضمن عمليات صراع عنيفة تعـددت أطرافهـا

ومرجعياتها، ليصبح اليمن دولة فاشلة غير قادرة على فرض وجودها الرمزي والمـادي فـي آن ودعواتها

.واحد

قبليا ومذهبياطبيعة المجتمع اليمني

اليمن كما تعرفه الكثير من المنظمات الدولية ومراكز األبحاث مجتمع تقليدي دخل مسار التحديث متـأخرا،

فبنيـة . اعية فاعلة ومقررة وليست مجرد تشكيالت تنتمي إلى الماضي تبرز فيه القبيلة والعشيرة كبنى اجتم

أستاذ علم االجتماع السياسي *


٩

القبيلة االجتماعية تشكل السمة المميزة للتركيب االجتماعي، وفاعليتها ال ترتبط بالسلوك الفردي فحسب بـل

ـ األسـرة الممتـدة عد تو. بالسلوك الجمعي أيضا وضمن مجاالت الفعل السياسي واالجتماعي القاعـدة يه

خاصة القبلي البناء في واألكثر أهميه الرئيس العامل الرابطة القبلية ، وتشكل تتكون منها القبيلة التية العريض

. من البالدالشرقي الشمال والشمال مناطق في

بالطـابع ) الساحل و الوسط و الجنوب مناطق(عدن و ب وإ تعز و من تهامة كل في العالقات االجتماعية وتتسم

اإلداريـة الـسلطة إطـار في الزراعية واالندماج باألراضيمد على أساس االرتباط المعت والفردي يالفالح

فـي واالشـتراك االرتباط يرتكز على عامل هذه المناطق في االجتماعيلبناء فا .والسياسية للدولة المركزية

ـ واإلقامة ومـا يـرتبط ي اإلدار التنظيم يرتكز على ، أي عامل النسب ايجمع بينه مما المكان أكثر مـن ا به

.)١ ( المشتركةالمصالحعمليات االتصال وتنمية

الدولـة تناقض نظام يالتة الفاعلة والعصبوي ةبتعدد البنى القبلي يتصف المجتمع اليمنى عامة يمكن القول إن

والقانونية ال تـتحكم أو توجـه الدستورية شكل نظام الحكم ونصوصه المدنية، في حين نجد أن وضوابطها

والالفت أن . وثقافته االجتماعيبقوة الموروث محكوما ال يزال هذا العقل بل اليمني، مجتمعل ل يسالعقل السيا

تعدد البنى القبلية يتقاطع مع التصنيف المذهبي والتواجد الجغرافي إلى حد كبير، فهناك ثالثة اتحادات قبليـة

ا قبيلة حاشد التي ينتمي إليهـا رئـيس تمثل الكيانات القبلية الكبيرة في اليمن، أبرزه ) حاشد وبكيل ومذحج (

.الجمهورية وغالبية القادة العسكريين

واليمن بلد شبه متجانس مذهبيا، حيث يسود فيها مذهبان اثنان تقاربا تاريخيا في الكثير من رؤاهمـا الدينيـة

قدرون بنسبة وتعايشا دون صراعات عدا فترات محدودة، وغالبية السكان هم من أتباع المذهب السني الذين ي

، وهناك أتباع المذهب )٢(، ويتركزون في المناطق الجنوبية والساحلية والهضاب الوسطى %٧٠تقترب من

وهناك أيـضا أقليتـان . ، تعيش غالبيتهم في المناطق الشمالية %٣٠الزيدي الذين تقدر نسبتهم بما يقرب من

من الشيعة، واألخرى هي اليهودية وال يتجـاوز إحداهما الطائفة اإلسماعيلية القليلة العدد التي تصنف كجزء

عدد أفرادها المئات، بعد أن هاجر غالبيتهم إلى إسرائيل في نهاية األربعينيات من القرن الماضي ضمن خطة

.منظمة لتهجيرهم


١٠

وعامة ال توجد مشكالت بين أفراد المجتمع على أساس خلفيتهم القبلية والمذهبية إال في أوقـات األزمـات،

ث تبرز بعض العصبيات لدى البعض استنادا إلى مرجعياتهم، كما هو الحـال مـع األزمـات الـسياسية حي

واالقتصادية الراهنة، حيث شاعت أحاديث مع تفشي البطالة والفقر عن الوساطة والمحسوبية وتوفير فـرص

.العمل وفق العالقات القبلية والمذهبية، دون النظر إلى المؤهالت والكفاءة

دأت عالمات التبرم تظهر على بعض أبناء القبائل من استحواذ قبيلة حاشد على النصيب األكبـر مـن وقد ب

لتأسيس تجمع قبلي لهم ضمن إطار تنظيمي رفعوا فيه شـعار " بكيل"السلطة والثروة، ودفع ذلك بأبناء قبيلة

قبلية فـي بعـض منـاطق المساواة مع قبيلة حاشد، كما ظهرت في الوقت نفسه دعوات إلعادة التجمعات ال

.وهذا فضال عن تحدث أبناء الجنوب عن إقصائهم من فرص العمل ومن المناصب السياسية. الجنوب

بنية السلطة ووظيفتها

سـبتمبر، ٢٦ عقب قيام ثورة ١٩٦٢اليمن دولة عربية إسالمية ذات نظام جمهوري، أعلن في الشمال عام

ليمن الديمقراطية الشعبية بعد تحقيق االستقالل من االسـتعمار في جمهورية ا ١٩٦٧وأعلن في الجنوب عام

وفق عملية توحد سـلمي بـين كيـانين ١٩٩٠أيار / مايو٢٢البريطاني، وكالهما اندمجا في دولة واحدة في

.سياسيين

محافظـة ٢١ مليونا تتوزع الـبالد علـى ٢٣هكذا ظهرت الجمهورية اليمنية التي يبلغ عدد سكانها حوالي

ع فيها السكان جغرافيا على أربعة مستويات، المناطق الجبلية والهضاب والساحل ومناطق البدو، إضافة يتوز

.إلى الجزر البحرية

ووفقا للدستور يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية تتوزع السلطات فيـه علـى

، ثم السلطة التـشريعية وأخيـرا الـسلطة ءمجلس الوزرا السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية و : ثالث

غير أن واقع الممارسة يعكس سيطرة كاملة للـسلطة التنفيذيـة لـرئيس . القضائية، مع الفصل بينها وظيفيا

الجمهورية على بقية السلطات، حيث يحظى الرئيس بصالحيات واسعة تفتقد معه الـسلطات األخـرى ألي

.دور فاعل ومستقل


١١

، ١٩٩٤ بالذكر أن التوسع في صالحيات رئيس الجمهورية جاء عقب الحرب األهلية في صيف العام والجدير

. لم تحظ بإجماع القوى السياسية في الـبالد حيث عمد الفريق المنتصر إلى إجراء تعديالت دستورية واسعة

نهما سبع سـنوات وفقـا ووفقا للدستور ينتخب الرئيس من خالل عملية تنافسية لدورتين انتخابيتين فقط كل م

.٢٠٠١للدستور المعدل عام

وواقع األمر أن سلطة الرئيس هي النافذة دون اعتراض من السلطات األخرى التي تكتفي بدور التابع والمنفذ

ء ليس سوى سكرتارية تنفذ أوامر الرئيس، أما السلطة السياسات وقرارات ورغبات الرئيس، فمجلس الوزر

وكذلك الحال مع السلطة التشريعية التي ينتمي . تقلة، ألن قيادتها تعينها السلطة التنفيذية القضائية فهي غير مس

غالبية أعضائها للحزب الحاكم، مع وجود أقلية من المعارضين والمستقلين ال تحظى بـأي دور فاعـل فـي

. الدولةالبرلمان، لتتم بذلك سيطرة الرئيس عبر الحزب الحاكم على مختلف السلطات الرئيسية في

األزمات والعيوب التي ولدت مع الدولة الحديثة

لعبت الدولة في اليمن دورا إيجابيا في مختلف عمليات التحديث التي شهدها المجتمع، خاصـة فـي مجـالي

غير أنها ومنذ بداياتها األولى في الستينيات ارتبطت األزمات بها وتراكمت تـدريجيا . التعليم والبنى التحتية

.سمة تميزها ولم تعد قادرة على تجاوزها أو إدارتها" األزمة"حت حتى أصب

ويبدو أن النظام السياسي اليمني، خاصة في السنوات العشرين األخيرة، بدأ يتعايش مع هذه األزمات ويعيـد

إنتاجها، في حين ما فتئت مؤسسات الدولة تنتقل من ضعف إلى ضعف، بسبب الفساد والرشوة والمحـسوبية

مشايخ القبيلة وكبار قادة الجهاز اإلداري، ونفوذ قادة الجيش واألمن، لتؤكد جميعها أن الدولة في اليمن ونفوذ

منذ تشكلها الحديث والمعاصر لم تقم على أساس المواطنة وسيادة القانون بل كانت ترتبط بشخوص النافـذين

المعلن فـي أهـداف الثـورة وفـي فيها على أساس قبلي ومذهبي، األمر الذي أفرغ الدولة من مضمونها

).٣. (نصوص الدستور

وبذا أصبح الصراع على السلطة والنفوذ وإقصاء اآلخرين وإضعاف تمثيلهم السياسي سـمة تميـز المـشهد

وهـذا . السياسي العام، انطالقا من أن من يصل إلى السلطة بأي وسيلة يحكم سيطرته على الثروة والمجتمع

لى أن الدولة لم تعد تعبر عن كل المواطنين وأنهـا ال تمـثلهم بقـدر تعبيرهـا إن دل على شيء فإنه يدل ع


١٢

وتمثيلها لمجموعة مسيطرة على السلطة والثروة تميل لعقد تحالفات مع مجموعات أخرى من مختلف المناطق

.اليمنية لتعزيز سيطرتها فقط، في حين تقدم ذلك على أنه مشاركة في الحكم، وهذا غير صحيح البتة

الدولة اليمنية التي رفعت شعار المساواة والحرية واعتماد القانون لم تعكس شعاراتها هذه في أدائها أو فـي ف

خطابها السياسي، بل ظلت الفجوة تتسع دوما بين خطاب سياسي يتضمن الكثير من المثاليات وواقع يعـاني

ين المجتمع والنظام، األمر الذي ترتب عليه أصحابه من التمييز واإلقصاء، لتزداد بذلك الفجوة وتنعدم الثقة ب

تجلـت بعمليـات ) إحساس األفراد بأن النظام ال يمثلهم وال يعبر عـنهم (ظهور حالة من االغتراب السياسي

. والمذهبية بل والدعوة إلى فك االرتباط بين الشمال والجنوبوالمنطقيةإحياء للجهوية

ت والعيوب التي ترافقت مع النظام السياسي شـكلت مؤشـرات في هذا السياق يمكن القول إن مجمل األزما

قياسية اعتمدت في التحليل السياسي وتوصيف الدولة في اليمن بأنها دولة فاشلة، باعتبار أن الدولة لم تـنجح

في وظيفتها اإلنمائية، ولم تحقق االستقرار السياسي واألمني، وتعددت الحروب داخلها مثـل الحـرب مـع

لحروب بين القبائل نفسها، أو بين القبائل والدولة، إضافة إلى ضعف دور القضاء، وتفشي الفساد الحوثيين، وا

.في كل دواليب الحياة

ومن أهم عيوب وأزمات الدولة في اليمن أنها ال تتعامل مع المواطنين مباشرة من خالل مؤسـسات الدولـة

، مما عظم من دور هؤالء في مقابل تقـزيم أدوار المدنية والقضائية والخدمية، بل من خالل واسطة المشايخ

مؤسسات الدولة، وبدال من أن يسود القانون ساد التحايل عليه وإضعافه من خالل أوامر عليا ضمن سلـسلة

من االستثناءات التي أصحبت قاعدة في التعامل اليومي، وبدال من اعتماد منظور ثقافي يبلور خطاب الدولـة

.ثة، تم إعادة إنتاج منظومة الثقافة القبلية وتعظيم قيمتها ضد ثقافة الدولةوفلسفتها وفق رؤية حدي

وهنا أقول بكلمة واحدة، إن النظام السياسي في اليمن اعتمد سياسات أضعفت مرتكزات الدولة الحديثة وغيبت

ثة فـي الـيمن أن المؤسسات السياسية الحدي بعض الكتاب الغربيين يرىوفي هذا الصدد . منظومتها الثقافية

أن القبائل اليمنية التي و ،قامت على البنى التقليدية التي عملت بدورها على إعاقة التقدم السياسي واالجتماعي

ـ تعبر عن البنية االجتماعية التقليدية ااستطاعت أن تبسط نفوذها على الحكومة وأن تردد مـصطلحات وقيم

داللته أن القبيلة كمؤسـسة اجتماعيـة تقليديـة تـسمح وذلك يعني في .)٤ ( على الدولة احديثة كانت حكر

لكنها ال تتيح لهذه التحوالت أن تتجذر وتتمأسس في الواقع وفق بأن تأخذ مكانها، للتحوالت السياسية الحديثة


١٣

، وهذا األمر يعكس النزعات الذاتية للقيادات التقليدية وبعض القيادات الحديثة التـي تنقـاد شروطها الخاصة

.، حتى تمادت في نزعاتها إلى حد القول بعدم جاهزية اليمن للديمقراطية التسلطيةانزعاتهل

العصبية التي تعتمد عليها السلطة

ظهرت في المراحل السابقة من بناء الدولة في اليمن نخب تعتمد خطابا سياسيا يبشر بالمواطنة ودولة القانون

ومدنية أخذت مشروعيتها من دورها في بنـاء الدولـة والتنمية، وكان هؤالء خليطا من مجموعات عسكرية

وحماية منجزات الثورة، لهذالم تسع لالرتباط العصبوي ونسج مفاصل السلطة حول عـصبيتها، بـل كـان

هذا األمر ينطبق على النخبة في الشمال والجنوب حتى منتـصف (النضال الرومانسي هو ملمحها األساسي

زز حضورها في الحقبة التالية منذ بداية الثمانينيات إلى أن ترسخت أكثـر ثم أخذت العصبية تع ). السبعينيات

مع مجموعات من أسرته وقبيلته من خالل مواقـع -مع دولة الوحدة، حيث أحكم الرئيس علي عبد اهللا صالح

سيطرته على دوائر صنع القرار وترك مساحات محدودة آلخـرين تـم إشـراكهم -عسكرية وأمنية وإدارية

اس أنه تمثيل سياسي واسع، والحقيقة أن هؤالء هم جزء من تركيبة سياسية تعتمـد التحـالف مـع على أس

.شركاء آخرين ضمن مسار محدد يقرره الرئيس، الناظم األساسي للتحالف ومساره العام والخاص

لـرئيس، فقبيلة حاشد التي ينتمي إليها الرئيس يتعزز دورها من خالل نخب مختارة وفق محددات الـوالء ل

وسياسية، وهنا يتم إعادة إنتـاج ةويعملون وفق منطق الطاعة مقابل الحصول على امتيازات مادية واجتماعي

القبيلة وتعظيم دورها وفاعليتها، وتعميم منظومتها الثقافية بزعم أصالتها وتعبيرها الحقيقـي عـن المجتمـع

.اليمني

يمثل اليمن الذي تتعـدد فيـه التكوينـات القبليـة وهذا أمر مجانب للصواب، وهو تعميم لنموذج مصغر ال

والعشائرية وتختلف في الكثير من مالمحها األنثروبولوجية ثقافيا وبنائيا، األمر الذي يجعل التعميم لنمـوذج

قبلي من باب تكريس زعامة قبيلة وسيطرتها سياسيا، وإجبار اآلخرين على االنضواء تحت زعامة هذه القبيلة

). ٥(تواء وإدماج ضمن عملية اح

والحقيقة أن السلطة اليمنية تتشكل من تحالف رموز عسكرية وقبلية وتجارية ورجال دين، تتداخل في بنيـة

اجتماعية واحدة من خالل الجذور القبلية والمذهبية التي تشمل العسكر والقبيلة والتجار حيث غـالبيتهم مـن

ومن محافظات تعز وعدن وحضرموت وتهامة وفقا لتـداخل وانضم إليها آخرون من قبيلة بكيل . قبيلة حاشد


١٤

والتزاما بل وتـسليما بقيـادة -ووفق عالقات المصاهرة المنظور إليها قصديا من زاوية سياسية -المصالح

وزعامة الرئيس لهذا التحالف، انطالقا من كونه رئيس الدولة ورئيس الحزب الحاكم والقائد العـام للقـوات

.المسلحة

عصبية الحاكمة في العقود الثالثة األخيرة شكلت وألول مرة في تاريخ اليمن ما يمكن أن نسميه احتكار هذه ال

، حتى ظن البعض أنه قد وقر في وعي المجتمع وقناعاته "لمنصب الرئيس وقيادة المؤسسات العسكرية "القبيلة

مر محل نقد في مختلـف الـصحف ولكن على العكس من ذلك أصبح األ . التسليم بحاشدية الرئاسة ومذهبيتها

الحزبية والخاصة، مما يعني تشكل وعي مضاد لهذا االحتكار السياسي ومن ثم الدعوة إلى فك االرتباط بين

وأكثر أوجه النقد والتعبير السياسي المباشر رفضا لهذا االحتكار . منصب الرئاسة ومرجعيته القبلية والمذهبية

العلم أن الحزب االشتراكي كان قد سبق في توجيه هـذا النقـد عـام جاءت من خالل الحراك الجنوبي مع

١٩٩٤.

الشرائح المتضررة والمستفيدة من السلطة

وتغلغل مفردات هذا النظام في المجتمع نـتج العالمي الرأسمالي االقتصادي تزايد اندماج اليمن في النظام إن

الـسوق الوطنيـة اتـساع فمع التقليدي، االجتماعيالبناء واهتزاز للسكان الجغرافي التركزفي تخلخل عنه

ومع تزايد عمليات التحديث والتنمية التي قادتها الدولة في العقود المستوردة وتزايد حجم الهجرة من الريف

التنقل (الجغرافي الحراك : االجتماعي من الحراك مستويات ةثالث ظهور جميعها ترتب علي األربعة الماضية

مـن خـالل المـدارس (التعليمـي الحـراك ، و ) ومهن جديدة بأعمال االشتغال(المهني ك الحراو) السكاني

).معات والبعثات الخارجيةاوالج

فهذا التغلغل لم يكـن ، الطبقات الحديثة وتبلورها أة ركائز نش من الحديثة الرأسمالية كان تغلغل العالقات ولما

اإلنتاجيـة تتسع القاعـدة ولم، ية والعلمية والتكنولوجية تغييرات جذرية في القاعدة المعرف تصاحبهشامال ولم

)طبقة في طور التكوين ( حديثة وبداية واضحة لطبقة عاملة وسطىيمكن القول بوجود طبقة لكن . االقتصادية

هنـاك بـل رأسماليةيمكن القول بوجود طبقة ال، كما الحديث ئي والتشكل البنا التكوينية في بداية مستوياتها

).٦ (الخاص القطاعاألعمال أو رجال ي نفسها تسم"يوتاتب"


١٥

جديـدة عـن الليبراليـة أفكـارا وتطـرح تتبنىالتي الطبقة الوسطى إلى بوضوح اإلشارة يمكنومع ذلك

التنظيمـات الحزبيـة تـشكلت ومنها، الديمقراطية والمجتمع المدني وبناء واالقتصادي السياسي واإلصالح

) نقابات وجمعيات ومنظمـات (والتنظيمات الجمعوية ،) واإلسالميةاالشتراكية والقومية(بمختلف أيدلوجياتها

الدولـة موظفيمن والكثير، في الشمال اإلمامةفي الجنوب وضد االستعمار ضد الوطني النضال وقادتبل

.الطبقة أبناء هذه من مدنيين وعسكريين هم

للبنى القبلية في إطـار امتداد حديث يهف والسياسي ياالقتصاد االجتماعي قمة السلم في الفئات المهيمنة أما

تحالف بين العناصر المتبقية مـن القـوى إعادة ظهرهذا السياق ة، وفي الحديثها مع رموز القوى تحالف بين

وهنا ظلت الدولة متحكمة في المجتمـع ، وبعض كبار القطاع الخاص الدولةمع السلطة السياسية في التقليدية

). ٧ (في الممارسات والتحالفات باالقتصاد مع تغييرالمنفرد من خالل تحكمها

في مؤسسات الدولة الرسـمية وتـم السياسي بالنفوذ واالجتماعي القبليخ كقوة تقليدية تم دعم نفوذها يفالمشا

شـركات وتـوكيالت الدعم بـشكل ( الكبير المادي العطاءالدولة من خالل قبل من االقتصاديدعم نفوذها

.)تجارية

يكون عن طريق التنظيمـات التقليديـة الدولة االستفادة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا من نوهنا يمكن القول إ

الريـع النفطـى من تملكه بما الدولةن أ خاصة ، المتبادلة والمصالحالعصبوية والعالقات الشخصية والقرابية

والخدمات والوظائف الكبيرة في العقارات و يازاتواالمت والمنح القوة الرئيسة في توزيع الثروة يجعلهاوغيره

. اإلداريجهازها

العـسكرية و الـسياسية ( عملية التداخل والترابط بين النخب االجتماعية التقليدية والنخب الحديثة تزايدت هناو

تعتمد على الدولة من حيث حصولها علـى عقـود -الخاصالقطاع - التجارية فالعائالت، )األعمالرجال و

نه من خالل الدولة واالرتبـاط بهـا ظهـرت أى أ( والتوكيالت التجارية، والمقاوالتت آوريد وبناء المنش الت

يولده من مـشكالت وماهنا يظهر بوضوح الخلل الكبير في توزيع الثروة والدخل ) تجارية كبيرة مجموعات

والعـسكرية لوظائف المدنيـة من خالل ا ( تمييز معلن بين المواطنين ، أهمها ظهور ومتعددة عميقة اجتماعية

مجال للحديث العـام فـي وأصبحبل علنا يتم الحديث عنه )والخدمي والسياسي االقتصادي والدعمواألمنية


١٦

على المعايير الحديثـة التقليدية المعايير تتفوقفى هذا السياق .الحزبيةخصوصا الخاصة و الصحف مختلف

.واالقتصادي السياسي دورهفي تحديد مكانة الفرد اجتماعيا وتحديد

تعتمد آليات تقليدية بل وتعيد -كانت وال تزال –صفوة القول أن الدولة اليمنية في سعيها إلى التحديث والتنمية

وهنا تبرز أهم معوقات بناء . إنتاج البنى والثقافة التقليدية، وهى في ذلك تزاحم عمليات التحديث أو تشوهها

.االجتماعياالندماج شكاالت الدولة اليمنية الحديثة وأهم إ

تـسمح بتـداول التـي العموم دولةغياب تكمن دالالته في التعبير عن للسلطة والثروة يالعصبو الحتكارفا

وهـذا . الـوطني ويضعف االندماج االجتماعي التوازن قانوني، هنا يغيب المواقع والمراتب والمنافع بشكل

االجتمـاعي يـصبح للتمـايز تبرز بوضـوح عنـدما واحد األخير يصبح مشكلة اجتماعية وسياسية في آن

.مميزواقتصادي وجود سياسي يوالعصبو

اآلخـر للبعض ضد مصالح البعض واالجتماعيةوسيلة لتحقيق المصالح االقتصادية يصبح السياسي لتمايزفا

تتدخل بشكل قوة مادية فالدولة اليمنية حاليا بما تملكه من ريع اقتصادي و ،باالنتقاص منها أو على حسابها أو

تشكيل عالقات القوة وخلق توازنات بين الجماعـات إعادة بهدف االقتصادي المسارفي مباشر وغير مباشر

. والمذهبيةاالجتماعية ألصولهاالتجارية واالقتصادية الناشئة وفقا

العمـل وزيـادة فـرص انـسداد يعدم تكافؤ الفرص واستمرار الرشوة والفساد وبالتال إضافة إلى ذلك فإن

ي عنـه تزايـد الـوع يتولد ، المجتمع أفراد لغالبية البشريمعدالت العاطلين والفقراء وتزايد حجم الحرمان

النظـام باالغتراب عن اإلحساس إلى وصوال االجتماعي االندماج ضعفالمتساوية و المواطنةتدريجيا بعدم

النظام السياسي الحاكم يعمل ضد مصالحهم ومـن ن أ والجماعات ب األفرادحيث يحس ، )عن الدولة ( السياسي

والحال هذه يمكن القول إن غالبية أفراد المجتمـع اليمنـي والطبقـة . أهدافهمعن يعبر يمثلهم وال ثم فهو ال

الوسطى خصوصا هم الخاسرون من سياسات النظام القائم، والقبيلة كأفراد ومنظومة بنيوية هي األكثر حظـا

).٨(من هذا النظام


١٧

موقع اليمن الجيو إستراتيجي وتأثيره في عالقات اليمن

يتميز اليمن بفارقتين أساسيتين على المستوى الجيوإستراتيجي، فهو يتبوأ مكانا جغرافيا هاما يـشكل مفتاحـا

ألهم بوابات البحر األحمر حيث مرور ناقالت النفط الدولية وحيث موقع اليمن بالنسبة للمخـزون النفطـي

ويتميز اليمن أيضا بكثافة سكانية تشكال ثقـال ديموغرافيـا يمكـن . جزيرة العرب ودول الخليج العالمي في

.توظيفه إنمائيا وأمنيا في إطار تعزيز االستقرار السياسي في اليمن ودول الخليج

يـف وبالطبع لن تأتي قيمة الجغرافيا السياسية لليمن تلقائيا من خالل الجغرافيا فحسب، بل من خـالل التوظ

السياسي الواعي لهذه الجغرافيا، وهو األمر الغائب في السياسة اليمنية التي لم تستطع التوظيف األمثل لهاتين

ويتركز اهتمام النظام بدال من ذلك على تعزيز سيطرته على السلطة . الجغرافيا والديموغرافيا معا : الميزتين

.وطموحاته المتعلقة بها

ليمن مفتاحا هاما لحل األزمات الداخلية سياسيا واقتصاديا، في حال قيـام نظـام وتشكل الجغرافيا السياسية ل

ديمقراطي مدني يستمد مشروعية من انتخابات حرة ونزيهة ويدرك بـوعي أنمـاط العالقـات والتفـاعالت

.اإلقليمية والدولية وفق أجندة وطنية تدعم سياسات إنمائية في الداخل وحضورا إيجابيا في الخارج

ثم فإن االنفتاح على العالم المحيط باليمن إقليميا ودوليا ال بد له من استثمار مفيد وإيجـابي لجغرافيـة ومن

المكان من خالل الممرات البحرية والجزر المتعددة والمتنوعة ومن خالل التوظيف األمثل للسكان في هـذه

. وليالمشاريع االستثمارية عبر منهج الشراكة مع الخارج اإلقليمي والد

فإذا كانت اليمن قد اصطفت مع أمريكا في محاربة اإلرهاب الذي استوطن اليمن عبر تنظيم القاعـدة فـإن

هذا االصطفاف يمكن توظيفه إنمائيا لصالح عموم المجتمع وليس النخبة الحاكمة فقط، ولما كانـت جغرافيـا

تنظيم صفوفه داخل اليمن، وهو تنظيم موحد اليمن قد شكلت مالذا آمنا لتنظيم القاعدة بحيث عمل على إعادة

لـى دول مجموعات من اليمن إ لمجموعات السعودية واليمن من أفراد القاعدة، فإن سهولة االنتقال لألفراد وال

الخليج والصومال والقرن األفريقي كل ذلك يتطلب إعادة رسم تصور إستراتيجي لتوظيف أمثـل للجغرافيـا

إقليمية ودولية تندمج اليمن فـي إطارهـا ت الداخل اليمني في إطار إستراتيجيا وفق منطق البناء اإلنمائي في

.وفق رؤية وطنية تتمحور على التنمية في الداخل والحضور اإليجابي في الخارج


١٨

وذلك يتطلب إعادة بناء النظام السياسي وهيكلته ليكون ممثال للشعب وديمقراطيا في اختيار حكامه، وهو مـا

غير أن العالقات غير المـستقرة مـع . ت الشراكة سياسيا واقتصاديا في الداخل ومع الخارج تتسع فيه مسارا

دول الخليج لم تسمح بتدفق االستثمارات إلى اليمن ولم تستطع اليمن تسويق جغرافيتها، فالجزر غالبيتها غير

ضمن شركات دولية في إدارة مأهولة بالسكان وال توجد استفادة منها اقتصاديا وال تم تسويق الموانئ اليمنية

الموانئ البحرية، وفوق هذا كله لم تستثمر الظروف األمنية والسياسية المرتبطة باإلرهاب والقرصـنة فـي

.خليج عدن ليوظف ذلك بما يعود بالنفع على اليمن دولة ومجتمعا

لجغرافيا الـيمن وتوظيفهـا كان لديها اإلدراك الواعي -القاعدة مثال -الجدير بالذكر أن التنظيمات اإلرهابية

لمشاريعها المدمرة لليمن وللمصالح الغربية، فخالل سنوات قليلة ووفق تزايد الضربات األمريكية على تنظيم

القاعدة في أفغانستان والعراق تم إقرار اليمن مكانا ومالذا آمنا يتم فيه االستفادة من جغرافيا وعرة وسـهولة

واالستفادة من المحيط القبلي ومنظومته الثقافية، األمـر الـذي اكتـشفته طرق المواصالت البرية والبحرية

.اإلدارة األمريكية متأخرة بعد أن وجهت إلى مصالحها عدد من الضربات انطالقا من قاعدة اليمن

كما أن حركات التمرد الحوثية في شمال اليمن استندت في نشاطها العسكري والسياسي على إدراكها الواعي

ومن هنا ظهر الفاعلون . عة المكان وامتداداته الجبلية والساحلية وعلى تركيبة المجتمع القبلية وعصبويتها لطبي

غير الرسميين في سياق بيئة اجتماعية وجغرافية أدركوا إمكانات االستفادة منها وتوظيفها لـصالح نـشاطهم

.السياسي والعسكري ومنازعة الدولة وظيفتها وحضورها في المجتمع

خاتمة

عموما، تمر الدولة في اليمن بأزمة شاملة لكل مكوناتها وأبنيتها نتيجة لنظام سياسـي أضـعف مرتكزاتهـا

في شكل جماعات لها انتماءات غيـر –المؤسسية والقانونية بل والرمزية أيضا، وأعاد إنتاج البنى العصبوية

وجبها السلطة والثروة وأقـصى عنهمـا وفق عملية احتكار صادر بم -وطنية تشكل مرجعية ألفراد المجتمع

وفي المقابل عمل هذا النظام على تعظيم المنافع لمجموعات متحالفـة وفـق أطـر قبليـة . غالبية المجتمع

ومصلحية، وهو ما أثار وعيا ناقدا للسلطة واهتزازا في وعي األفراد بمفهوم الدولة والوحدة، بـل وأطلـق

. دالالتهما في إطار تقديم رؤى تغييرية للنظام وآلياته اإلجرائيةمراجعة لهذين المفهومين إلعادة تحديد


١٩

في هذا السياق ظهرت المجموعات غير الرسمية لتبرز فاعليتها السياسية والعسكرية بـل ولتتحـدى النظـام

وتفرض وجودها على أرض الواقع، ومن ذلك جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة والحراك الجنـوبي، زد علـى

المجتمع المدني ومظاهراته المتعددة والمتنوعة التي كانت تتم دون إذن مسبق كما يشترط قـانون ذلك فاعلية

.المظاهرات والمسيرات

إن اليمن في حاجة الى إعادة هيكلة نظامه السياسي برمته، تغييرا في المؤسسات وآليات عملها، وتغييرا فـي

الحاكمة، وهذا التغيير يتطلب حراكا شـعبيا واسـع الخطاب السياسي وفلسفة الدولة، وتغييرا في الشخوص

.المدى ال يبدو أن القوى المجتمعية أصبحت في حالة وعي وإدراك له

ولكن ما هو ممكن ومتاح إجراء عملية إصالح واسعة تدرجية تعتمد الحوار مع كل رموز المشهد السياسي

وضرورة اعتمـاد رؤيـة اجتماعيـة موجهـة في الداخل والخارج، وإعادة النظر في السياسات االقتصادية

.للسياسات االقتصادية للتخفيف من أزمات الفقر والبطالة

وإذا أرادت الدولة اليمنية أن تكون وطنية فعليها التخلص من الطبيعة الجهوية واعتماد مبدأ المواطنة محـددا

الدولة المدنية كإطار عـام نـاظم للحقوق والواجبات، وتأسيسا على ذلك يكون الهدف والغاية اعتماد مفهوم

.للمجتمع بغية الخروج من منطق القبيلة والعشيرة والطائفة

وهنا ستكون وظيفة الدولة اإلنماء وليست الجباية، وستكون الدولة تعبيرا عن المـشترك الـوطني العـام ال

سـتور والقـانون واعتمـاد تمثيال لمرجعية قبلية ومذهبية، ولتحقيق االستقرار السياسي ال بد من تفعيـل الد

سياسات تحظى بإجماع وطني، بما في ذلك سياسات التنسيق األمني والعسكري مع أمريكـا ودول الجـوار،

وهنا ال بد من رؤية واعية لطبيعة الجغرافيا التي تستند عليها الدولة واستثمارها إقليميا ودوليـا فـي إطـار

.خرين، عربا وأجانبالشراكة السياسية واالقتصادية واألمنية مع اآل

___________________

المراجع والهوامش

.٤٢-٣٨ص /٢٠٠١/مركز المعلوماتلدولة والقبيلة والمجتمع المدني، ثالثية افؤاد الصالحى، . ١

٢٥ ،٢٤- لنـدن -صحيفة القدس العربـي " ٢٠١٥-٢٠٠٦التحديات االجتماعية التي تواجه اليمن في عشر سنوات "انظر دراستنا بعنوان . ٢ .٢٠٠٦كتوبر أ

قبيلـة دراسة قدمت إلى مـؤتمر ال " إعادة إنتاج اجتماعي وتموضع سياسي .. القبيلة اليمنية " انظر في ذلك للمقارنة مع دراستنا المعنونة . ٣ .٢٠٠٩ شباط/ فبرايراألردن،–عمان والعشيرة في الوطن العربي،


٢٠

، ٩٤-٩٠بحـوث ودراسـات غربيـة -التحوالت السياسية فى اليمن مايكل هدسون، : ن الغربيون ومنهم انظر ما تناوله الكتاب والباحثو . ٤ ٢٠٩-١٩٥ص ، ١٩٩٥ لمعهد األمريكي للدراسات اليمنية، صنعاءا

دار ترجمـة فـؤاد حـسنين، " العربي القـديم التاريخ "ديتلف نيلسون القبيلة الزعيمة في اليمن في كتاب رودو كناكيس، : انظر في ذلك . ٥ .١٩٥٨ القاهرة-المعارف

ن القول في اليمن بوجود بيوت أو أسر تجارية لها دور فاعل في هذا النشاط منذ بداية الستينيات وأخرى تشكلت مع حقبة الثمانينيـات يمك . ٦والتسعينيات من القرن الماضي، ولكنها ال تشكل طبقة متكاملة وال يمكن تسميتها برجوازية وطنية تستطيع أن تقود التحول االقتـصادي

.اليمن بل هي تعيش وتزدهر من خالل دعم الدولة لهاواإلنمائي في

بيـروت مركز دراسات الوحدة العربية، " يةالدولة والمجتمع في الخليج والجزيرة العرب "خلدون النقيب : انظر للمقارنة في هذا الصدد مع . ٧١٩٨٨.

وتقليص القبيلة باعتبارها مؤسسة تقليدية يجب تجاوزها انظر للمقارنة في عملية إعادة التحول من الدولة إلى القبيلة بدال من ترسيخ الدولة . ٨ .١٩٩٠ الطائفية من الدولة إلى القبيلة، المركز الثقافى العربى، بيروتنظام دولة مدنية حديثة، برهان غليون، لبناء


٢١

االقتصاد السياسي ودوره في تشكيل الجماعات الفاعلةاالقتصاد السياسي ودوره في تشكيل الجماعات الفاعلة *بداهللا الفقيهع

االقتصاد الريعي جذور-

تطور االقتصاد الريعي-

أزمة االقتصاد الريعي -

. النتائج السياسية-

دور الريع في الصراعات العنيفة -

. خاتمة-

اتصف االقتصاد اليمني سواء في الدولتين الشطريتين السابقتين على الوحدة أو في مرحلة ما بعد الوحدة

االقتصاد الذي يعتمد في استمراره على "مقصود باالقتصاد الريعي وال .حتى اليوم بكونه اقتصادا ريعيا

موارد خارجية المصدر، سواء أكانت تلك الموارد عائدات تأتي من مبيعات النفط، أو من المساعدات

)١(".زيجا من بعض أو كل هذه المصادرالدولية، أو تحويالت المغتربين من أبناء الدولة، أو م

ية بالطبع أن توجه إلى مجاالت االستثمار واإلنتاج وخلق فرص العمل وأن تقود إلى ويمكن للموارد الخارج

، لكن الوضع في اليمن كما في معظم الدول العربية األخرى "اقتصاد اإلنتاج"إلى " اقتصاد الريع"تحول من

يدين الذي أفضى إلى نتائج على الصع" االقتصاد الريعي"مع تفاوت في الدرجة هو استمرار نموذج

هشاشة الدولة وافتقارها للقوة والشرعية، وتشجيع الجماعات غير الرسمية : االقتصادي والسياسي، أبرزها

. على التمرد عليها، وغياب االستقرار على الصعد االقتصادية والسياسية واالجتماعية

وكيفية تطوره، ويقسم هذا التقرير إلى خمس نقاط، تستعرض األولى والثانية جذور االقتصاد الريعي

وتركز الثالثة والرابعة على أزمة االقتصاد الريعي ونتائجها السياسية، أما النقطة األخيرة فتركز على

.اإلصالحات المطلوبة

أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء *


٢٢

جذور االقتصاد الريعي

يمكن إرجاع جذور االقتصاد الريعي السائد اآلن في الجمهورية اليمنية إلى النموذج االقتصادي الذي ساد

ولتين اليمنيتين السابقتين على قيام الوحدة اليمنية، فقد اعتمد اقتصاد جمهورية اليمن الديمقراطية في الد

الشعبية أو جنوب اليمن في مرحلة ما بعد االستقالل بشكل أساسي على الدعم السوفياتي الكبير، سواء أكان

الجمهورية العربية اليمنية وارتكز اقتصاد . ذلك الدعم على شكل مساعدات ومعونات أو على شكل قروض

. أو اليمن الشمالي بشكل أساسي على الدعم الخليجي والغربي، وعائدات المغتربين اليمنيين في دول الخليج

وفي حين اتجه الدعم السوفياتي لجنوب اليمن إلى الدولة التي احتكرت وظائف اإلنتاج والتوزيع، اتسمت

التنوع، واتجه بعضها إلى الدولة وبعضها اآلخر إلى المجتمع العائدات الريعية في اقتصاد شمال اليمن ب

.سواء كأفراد أو كتنظيمات اجتماعية

وقد عزز االقتصاد الريعي الذي ساد في شمال اليمن استقالل الدولة النسبي عن المجتمع واستقالل بعض

ستمراريتها على موارد الجماعات عن الدولة ولو نسبيا، فقد اعتمدت سلطات الدولة في شمال اليمن في ا

ووظفت تلك السلطات . مصدرها مستقل عن المواطنين وليس على موارد ينتجها مواطنوها كالضرائب مثال

الموارد الخارجية في تقديم الخدمات المجانية وإن على نطاق محدود وفي خلق نظام لدعم السلع األساسية،

أما المجتمع بشكل عام، فقد وفرت . جماعات الفاعلةوفي شراء الوالء أو على األقل الحياد السياسي من ال

وبالنسبة لدور الريع في تشكيل . له عائدات المغتربين مصدرا ريعيا جعله مستقال نسبيا عن الدولة

:الجماعات الفاعلة فقد بدا واضحا بالنسبة للجماعات التالية

حاشد، خصوصا الشيخ عبد اهللا بن حسين أدى الدعم المادي السعودي لمشايخ قبيلة :قبيلتا حاشد وبكيل - ١

األحمر، ولمشايخ قبيلة بكيل إلى تمتع شيوخ القبائل بمصدر مالي ثابت كفل لتلك القبائل االستقالل النسبي

عن سلطات الدولة والعمل موازنا لها، وقد لعبت تلك القبائل كقوى محافظة بطبيعتها على ضمان عدم

. التي تراها السعودية تهديدا لها إلى السلطةوصول الجماعات القومية واليسارية

- ١٩٧٤(إلى السلطة * وظهر دور تلك القوى موازنا للدولة واضحا عند صعود الرئيس إبراهيم الحمدي

، حيث عارضت تلك القبائل سياساته التحديثية، ومنها سعيه إلى التقارب مع جنوب اليمن الذي )١٩٧٧


٢٣

لته إلبعاد شيوخ قبائل حاشد وبكيل عن مواقع الدولة سواء المدنية أو كانت تهيمن عليه الماركسية، ومحاو

ومن المهم اإلشارة هنا إلى أن شيوخ حاشد وبكيل كانوا يحصلون على الريع من الدولة حتى في . العسكرية

.عهد اإلمامة مقابل والئهم السياسي

اإلقطاعية من مشايخ وسالطين التي وفي حين شهد جنوب اليمن في مرحلة ما بعد االستقالل تصفية للفئات

كانت تتلقى الريع من الحكومة البريطانية، فإن سقوط اإلمامة في شمال اليمن والحرب التي تلت بين

وكما احتاج األئمة . الجمهوريين والملكيين قد عملت على تعزيز استقالل القبائل وتعزيز قوتها العسكرية

وكان الرئيس الحمدي هو . الجمهوريون المتعاقبون نفس السياسةإلى شراء والء القبائل، اتبع الرؤساء

الوحيد في تاريخ اليمن الشمالي الذي حاول تهميش دور القبيلة وعدم شراء والئها، وقد دفع حياته ثمنا لتلك

.السياسة

اليمن، دعمت السعودية الجماعات الوهابية أو تلك القريبة من الوهابية في: الجماعات الدينية السنية.٢

وذلك بغرض توسيع رقعة التيار، الحتواء كل من الشيوعية في جنوب اليمن، والفكر الزيدي القريب من

وكانت جماعة اإلخوان المسلمين أبرز الجماعات التي استفادت من الدعم . الشيعة في شمال اليمن

ان يسمى بالمعاهد السعودي، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خالل الدعم السعودي لما ك

.العلمية التي كانت تخضع لسيطرة اإلخوان

ظهرت في وسط اليمن في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي خاصة في : الجماعات اليسارية.٣

، وقد استفادت تلك الجماعات "الجبهة الوطنية"محافظات إب وتعز جماعات يسارية انتظمت فيما عرف بـ

ه من النظام الشيوعي في جنوب اليمن، ودخلت في حرب مع النظام في الشمال من الدعم الذي كانت تتلقا

وسعت إلى إحداث تغير سياسي واجتماعي سريع عن طريق التخلص من القوى التقليدية الموالية للنظام،

وقد تمكن النظام في شمال اليمن عن طريق التحالف مع القوى التقليدية بشقيها القبلي والديني، وبفضل

.عم السعودي ونتيجة لتوقف دعم النظام في الجنوب لها، من القضاء على تلك الجماعاتالد


٢٤

عرف اليمن في شماله وجنوبه منذ النصف األول من القرن العشرين :األحزاب القومية الصغيرة. ٤

اله مختلف التكوينات القومية من بعثية وناصرية وغيرها، ومع أنه تم حظر التعدد الحزبي في اليمن بشم

وجنوبه في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، ظلت األحزاب القومية تعمل تحت األرض مستفيدة من

ومثلت هذه األحزاب كل على حدة أو بالتحالف بينها جزءا . دعم دول مثل مصر والعراق وسوريا وليبيا

. مصادمات عنيفةمن القوى المتصارعة على السلطة، وهو الصراع الذي قاد في بعض الحاالت إلى

ويمكن النظر إلى عملية تحقيق الوحدة اليمنية على أنها نتجت جزئيا على األقل عن تقلبات االقتصاد

الريعي في الدولتين الشطريتين، فقد أدى توقف االتحاد السوفياتي عن تقديم المعونات الكبيرة لجنوب اليمن

ال فقد واجهت الدولة تراجعا في الموارد الريعية أما في الشم. إلى وضع الدولة الجنوبية في مأزق حرج

نتيجة لعاملين على األقل، تحالف الرئيس علي عبد اهللا صالح مع الرئيس صدام حسين في عقد الثمانينيات،

وهو ما قوبل بفتور كبير انعكس على حجم المساعدات المقدمة لشمال اليمن من دول الخليج خصوصا

ل في بنية سوق العمل الخليجي أثر سلبا على فرص التوظف المتاحة السعودية والكويت، وحدوث تحو

.للعمالة اليمنية غير الماهرة في معظمها وبالتالي على حجم تحويالتها السنوية

تطور االقتصاد الريعي

أزمة اقتصادية كبيرة بسبب تقلبات ١٩٩٠أيار/ مايو٢٢واجهت الوحدة اليمنية بعد قيامها مباشرة في

فقد أدى الموقف اليمني الذي فهم على أنه مساند للرئيس العراقي صدام حسين في غزوه الريعي،االقتصاد

من جهة قامت الحكومة السعودية بطرد مئات اآلالف من . للكويت إلى عدة نتائج على الصعيد االقتصادي

توقفت المعونات الخارجية العمال اليمنيين، وهو ما أدى إلى فقد اليمن لتحويالتهم السنوية، ومن جهة ثانية

.لليمن سواء تلك التي كانت تقدم من دول الخليج أو من الدول الغربية

وشهدت اليمن في السنوات األربع األولى لقيام الوحدة صراعا سياسيا بين النخبة التي كانت تحكم الجنوب

بمعزل عن االقتصاد وتلك التي كانت تحكم الشمال، ولم يكن ذلك الصراع في أسبابه ومسارات تطوره

الريعي للبالد، فقد اتهمت النخبة الشمالية نظيرتها الجنوبية بالسعي إلى االنفصال لتستأثر وحدها بعائدات


٢٥

كما اتهمتها . االكتشافات النفطية التي ظهرت بعد قيام الوحدة في جنوب اليمن وبدأت عملية استخراجها

وبرزت دولة . جي لشراء األسلحة والتمرد على الشرعيةأيضا قبل وأثناء الحرب األهلية بتلقي دعم خار

الكويت متهما رئيسا، حيث أرادت وفقا لالتهامات االنتقام من موقف صنعاء المؤيد للرئيس العراقي في

.غزوه للكويت، وقد انتهت تلك الحرب بانتصار النخبة الشمالية على النخبة الجنوبية

األهلية واضحا من خالل ١٩٩٤رية اليمنية في أعقاب حرب العام وقد تبلور االقتصاد الريعي في الجمهو

نمو نسبة مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي اإلجمالي مقارنة بمساهمة قطاعات الصناعة والزراعة

وبينما بلغت إيرادات اليمن من . والبناء والتشييد، وكذلك من خالل معدالت النمو المحققة في تلك القطاعات

من % ٧٠ مليارات أو ما يعادل ٣.٧ حوالي ٢٠٠٣ حوالي مليار دوالر بلغت عام ١٩٩٥ في العام النفط

% ١من الدخل المحلي اإلجمالي، في حين يوظف أقل من % ٣٠ويساهم النفط بحوالي . عائدات الحكومة

لذي يوظف فقط من الناتج المحلي الصافي في الوقت ا% ٢٠من قوة العمل بينما يساهم القطاع الزراعي بـ

)٢(.من قوة العمل% ٥٤

ويعكس التباين في حجم مساهمة القطاعين الزراعي والنفطي في الدخل المحلي اإلجمالي مقارنة بحجم

العمالة صغر القاعدة السكانية المستفيدة من عمليات استخراج النفط من جهة والطبيعة الريعية لهذا المورد

.اهمته في الدخل المحلي الجهد المبذول في إنتاجهمن جهة أخرى، حيث ال تعكس عائداته ومس

من جملة الموارد الذاتية للموازنة العامة للدولة % ٦٨و% ٦٦وتراوحت مساهمة قطاع النفط والغاز بين

. من الموارد العامة للدولة% ٦٥إلى % ٦٤ ومثلت أيضا حوالي ٢٠٠٤ إلى ٢٠٠٠في السنوات من

أما الضرائب فقد شكلت )٣(.٢٠٠٦دات الذاتية للدولة في العام من اإليرا% ٦٢وبلغت مساهمة النفط

من إجمالي اإليرادات العامة للدولة في % ٢٢المصدر الثاني من حيث األهمية، وقد بلغت مساهمتها حوالي

وبلغت مساهمة اإليرادات الضريبية، التي تعاني من تخلف أساليب الجباية . ٢٠٠٤ إلى ٢٠٠٠الفترة من

في % ٢٣، )٤(دم كفاية اإلدارة الضريبية وانتشار ظاهرة التهريب والتهرب الضريبيوالتحصيل وع

).٥(٢٠٠٦موازنة العام


٢٦

أزمة االقتصاد الريعي

يمكن النظر إلى األزمة المركبة التي تواجه اليمن اليوم على أنها جزئيا على األقل تعبير عن نتائج

هيار هذا النموذج االقتصادي بسبب استنزاف الموارد ومضاعفات وتقلبات االقتصاد الريعي وعن قرب ان

ويتمثل مأزق االقتصاد . التي تشكل مصدرا للريع من جهة، وتراجع الدعم الخارجي من جهة أخرى

:الريعي في اليمن في التالي

يصادتضعف النمو االق -١

ا يمكن ترجمته إلى ، وهو م٢٠٠٠ إلى ١٩٩٠في الفترة من % ٥.٥بلغ معدل النمو االقتصادي في اليمن

في نصيب الفرد من الدخل السنوي بعد أخذ عامل الزيادة السكانية في % ١.٥معدل نمو سنوي بمقدار

وقد تحقق ذلك النمو في تلك الفترة نتيجة تراكم عنصري العمل ورأس المال وليس نتيجة . )٦(االعتبار

اهمة القطاع غير النفطي مقارنة بمعدل نمو ويبين الجدول التالي معدل نمو مس. )٧(تحسن في نمو اإلنتاجية

والواضح أن معدل النمو، إذا ما أخذ معدل النمو السكاني . ٢٠٠٦ إلى ٢٠٠١القطاع النفطي في الفترة من

.في االعتبار، ال يختلف كثيرا عما تحقق في العقد السابق% ٣الذي ال يقل عن

٢٠٠٦-٢٠٠١ي اإلجمالي معدل نمو مساهمة القطاع غير النفطي في الدخل المحل

٢٠٠٦ ٢٠٠٥ ٢٠٠٤ ٢٠٠٣ ٢٠٠٢ ٢٠٠١

نمو الناتج المحلي اإلجمالي

٣.٩ ٣.٨ ٢.٦ ٣.٩٣.١ ٤.٦

-٦.٣ -٠.٩-٦.٩ -١.٨ ٠.٤ ١.٣ النفطي

٤.٥٥.٤ ٤.١ ٤ ٤.٦ ٥.٢ غير النفطي

Source: World Bank, Yemen Economic Updates, Spring 2006, 3URL: http://siteresources.worldbank.org/INTYEMEN/Resources/310077-1098870168865/YEU-Spring06.pdf

وتعد اليمن الدولة األفقر ليس فقط في العالم العربي ولكن أيضا في الشرق األوسط وفي العالم أجمع إذا

فرد السنوي ووفقا لمؤشرات البنك الدولي فإن معدل دخل ال. استثنيت منطقة جنوب الصحراء األفريقية


٢٧

بينما يرتفع % ٤٠وتقدر نسبة البطالة في اليمن بحوالي . ٢٠٠٩ دوالرا في العام ١٠٦٠للفرد في اليمن بلغ

ويعيش أكثر من نصف اليمنيين تحت خط الفقر بينما يعاني %. ٥٠المعدل بين الشباب ليصل إلى أكثر من

.)٨(قرابة النصف من األمية األبجدية

عسلي وزير المالية السابق سبب الفشل في تحقيق النمو االقتصادي باإلشارة إلى ويعزو الدكتور سيف ال

ضعف المؤسسات االقتصادية، وهو ضعف يجعلها تتبنى سياسات اقتصادية ضعيفة وتهمل سياسات النمو

كما أن تلك المؤسسات الضعيفة، حسب العسلي، تؤدي إلى توزيع غير فعال للموارد . )٩(االقتصادي القوية

عامة، بحيث يتم إنفاق معظم الموارد على أنشطة غير إنتاجية وبشكل ال يساعد على تحقيق النمو ال

.)١٠(االقتصادي

ويعزو العسلي ضعف المؤسسات المسؤولة عن إدارة االقتصاد إلى عوامل سياسية، حيث يقوم الفرع

يقة غامضة بهدف منع تلك صياغة القوانين بطر: التنفيذي بإضعاف تلك المؤسسات عنوة، وذلك عن طريق

المؤسسات من استخدام النصوص القانونية لتعزيز استقاللها، والعمل على إثارة الخالفات داخل المؤسسات،

وخلق التنافس بين القيادات المختلفة، والعمل على نقل القيادات بسرعة قبل أن تتمكن من بناء قواعد لها،

تنازع االختصاص بينها، وتشجيع الفساد في مؤسسات الدولة وتعدد المؤسسات التي تقوم بنفس الوظيفة و

. )١١(إلخ... بما يجعل القيادات تخضع تماما ويمكن تغييرها في أي لحظة

وواضح أن توفر الريع مصدرا للدخل للخزينة العامة يغنيها عن فرض الضرائب هو الذي يشجع السلطة

كما يشجعها أيضا على الجمع بين . شاشة الدولةالحاكمة على المضي في تلك السياسات التي تكرس ه

السياسة والتجارة طالما غابت المساءلة، وعلى اإلصرار على التعيين من أعلى بما يترتب على ذلك التعيين

.من غياب الحافز لتوظيف الموارد العامة بشكل فعال يمكن أن يعزز التنمية

تراجع أسعار النفط -٢

تراجعا كبيرا في إنتاج النفط ٢٠٠٧-٢٠٠١ة في عائدات النفط في السنوات تعاني اليمن التي شهدت طفر

من جهة وفي أسعاره من جهة أخرى، وهو ما خلق ضغوطا على االحتياطي النقدي للبالد، خاصة أن


٢٨

وقد أدت هذه . )١٢(من اإليرادات المالية% ٧٠من عائدات الصادرات و% ٩٠عائدات النفط تمثل

واضطرت الحكومة اليمنية في . جز الموازنة في اليمن في السنتين األخيرتينالتطورات إلى تنامي ع

من قيمته أمام الدوالر خالل بضعة أيام إلى التدخل % ٣٠ وبعد أن فقد الريال قرابة ٢٠١٠منتصف العام

للمحافظة على سعره، وهو ما ساهم بين عوامل أخرى في انخفاض احتياطي البالد من النقد األجنبي من

. ٢٠١٠ مليارات دوالر بنهاية ٦ إلى قرابة ٢٠٠٩ مليارات دوالر مع نهاية ٧.١

ويغطي االحتياطي النقدي الحالي حسب بعض التقديرات حاجات البالد من الواردات لثمانية أشهر

وإذا كان النظام القائم قد وظف عائدات الريع في شراء الوالءات وتقديم بعض الخدمات، فإن . )١٣(فقط

العائدات الريعية مضافا إليه تراكمات عوامل أخرى مثل سيطرة قلة صغيرة على السلطة والثروة تراجع

وغياب المؤسسات التمثيلية الفعالة يؤدي إلى احتدام الصراع حول الموارد وسعي الجماعات الفاعلة غير

.الرسمية لإلطاحة بالجماعة المسيطرة على الدولة

نفاد المخزون من النفط -٣

ألف برميل في ٣٢٠ إلى ٢٠٠٤ آالف برميل في اليوم في العام ٤١٠راجع إنتاج النفط في اليمن من ت

وتوقع تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي . )١٤(٢٠٠٨ ألف برميل في العام ٣٠٠، ثم إلى ٢٠٠٧العام

العمل على سنة، وهو ما يستدعي٢٠مع نهاية العقد الماضي أن ينفد مخزون النفط في اليمن خالل

.)١٥(تخفيض عجز الموازنة غير النفطية

وتشير دراسة أعدتها منظمة النقد الدولية إلى أنه بقسمة االحتياطي النفطي على معدل اإلنتاج السنوي

مليون برميل سنويا فإن الكميات الموجودة من النفط ستنفد خالل خمس سنوات فقط ١٤٦والمقدر بـ

وتخلص . وخالل عشر سنوات إذا ما أضيفت الكميات المحتمل وجودها) ٢٠٠٤أعدت الدراسة في العام (

: الدراسة إلى وجود ثالثة سيناريوات

في حالة تقدير النفاد بناء على االحتياطي الموجود، وفي هذه الحالة فإن إنتاج النفط :السيناريو األول

. ٢٠١٦بحلول العام % ٩٠سينخفض بمقدار


٢٩

ة إضافة الكميات التي يمكن أن تكتشف في المستقبل، وفي هذه الحالة تقدر في حال:السيناريو الثاني

.٢٠١٦بحلول العام % ٦٠الدراسة انخفاض النفط بمقدار

االحتمال الواقعي الذي يعتمد على االحتمال األول مع أخذ تجارب الدول األخرى في :السيناريو الثالث

ورغم أن اليمن بدأت في . ٢٠١٨النفط تماما بحلول العام االعتبار، وبموجب هذا السيناريو ستنفد كميات

فإن االتفاقات المبرمة بين الحكومة اليمنية والشركات المنفذة قد شابها ٢٠١٠تصدير الغاز مع نهاية العام

.كما يبدو الكثير من الفساد، مما يجعل الريع الذي يمكن أن تحصل عليه الدولة اليمنية ضئيال جدا

م الدولي تدني الدع: ٤

يتصف الدعم الدولي لليمن باالنخفاض مقارنة ببعض الدول النامية األخرى، وذلك لثالثة أسباب على األقل،

السبب األول يتمثل في السياسة الخارجية التي ال تراعي مصالح اليمنيين كما تبدت في الموقف اليمني من

رهم لمصالح شعوبهم التي كانت تتطلب الغزو العراقي للكويت، حيث أدار المسؤولون اليمنيون ظهو

الوقوف مع دول الخليج التي كانت تستضيف أكثر من مليوني يمني، وكانت تقدم لليمن المعونات السخية

وقد أدى الموقف اليمني من الغزو العراقي للكويت إلى توقف المعونات الخليجية، وهو ما . )١٦(والقروض

نات من مستواها في الثمانينيات من القرن الماضي الذي بلغ أسهم في انخفاض عائدات اليمن من المعو

.)١٧(في التسعينيات% ٢ات إلى أقل من من إجمالي العائد% ١٨

أما السبب الثاني فيتمثل في ضعف القدرة االستيعابية وانخفاض أداء الحكومة، مما شكل عامل إحباط

مكن اليمنية على أنها ضعيفة غير أمينة ال يللمانحين والمقرضين، فالمجتمع الدولي ينظر إلى الحكومة

ويبين الجدول التالي تقييم البنك الدولي ألداء الحكومة اليمنية في الفترة .)١٨(االعتماد عليها وغير موثوقة

. وألداء البنك في تعامله معها١٩٩٨ إلى ١٩٩٠من


٣٠

أداء الحكومة اليمنية وفقا لتقييم البنك الدولي

أداء الحكومة البنكأداء االستدامة المؤسسي التطور النتائج الفترة اليمنية

ضعيف ضعيف غير محتملة هامشي ضعيفة ١٩٩٥-١٩٩٠

مقبول مقبول غير مؤكدة متواضع مقبولة ١٩٩٨-١٩٩٦

Source: World Bank, Yemen Economic Updates, Spring 2006, 20

ومة اليمنية في الحد منه حتى بعد إنشاء الهيئة العليا ويتمثل السبب الثالث في الفساد الذي فشلت الحك

ويبين الجدول التالي درجة الجمهورية اليمنية على مقياس الفساد في الفترة . ٢٠٠٧لمكافحة الفساد في العام

ويقول خبراء البنك الدولي إن عدم قدرة هيئة مكافحة الفساد على تحقيق تقدم في مكافحته . ٢٠١٠- ٢٠٠٣

. )١٩(ضعف المؤسسي وإلى احتمال اختطاف الدولة من قبل جماعات مصالح قويةيرجع إلى ال

درجة الجمهورية اليمنية وفقا (على مؤشر قياس الفساد

)لمنظمة الشفافية الدولية

الدرجة السنة

٢.١ ٢٠١٠

٢.٢ ٢٠٠٩

٢.٣ ٢٠٠٨

٢.٥ ٢٠٠٧

٢.٦ ٢٠٠٦

٢.٧ ٢٠٠٥

٢.٤ ٢٠٠٤

٢.٦ ٢٠٠٣


٣١

سات المالية الدولية قد بدأت منذ سنوات ممارسة الضغوط على النظام اليمني للقيام وكانت المؤس

ولجأ البنك الدولي واالتحاد األوروبي إلى . بإصالحات، وربطت استمرار الدعم بتنفيذ اإلصالحات المطلوبة

مليارات ٥ الـومع أن المانحين التزموا في مؤتمر لندن بدعم اليمن بمبالغ تجاوزت. تخفيض دعمهما لليمن

دوالر، غير أن فشل الحكومة اليمنية في القيام بإصالحات تحد من الفساد وترفع القدرة االستيعابية قد حرم

%.١٠البالد من تلك المعونات ولم يزد المستخدم منها حتى اآلن عن

النتائج السياسية

ففي ثمانينيات القرن الماضي، وكان تطور النظام السياسي في اليمن بشكل مواز لتطور االقتصاد الريعي،

الريع ما زال مقتصرا على المعونات الخارجية وعائدات المغتربين، عمل الرئيس علي عبد اهللا صالح على

، لكن قطاعات )سنحان(جعل الجيش الذي تتوجه إليه معظم الموارد الريعية خاضعا ألسرته وأبناء قريته

ية تركت لليمنيين عامة، وصحيح أن الفساد كان موجودا لكن في التجارة واألعمال الحرة والخدمة المدن

.نطاق دائرة ضيقة جدا

أما وقد تبلور نموذج االقتصاد الريعي في الجمهورية اليمنية فإن أول إفرازاته تمثل في توجهات تركيز

إلى سنحنة وامتدت عملية سنحنة الجيش. السلطة والثروة على خطوط أسرية وعشائرية وقبائلية ومناطقية

.للتجارة والمقاوالت والنقل واالستثمارات والمواقع العامة ذات الصلة بما في ذلك المواقع المدنية

وسرعان ما ظهر التوجه نحو تأبيد السلطة من خالل التعديالت الدستورية المتكررة، وتوريثها من خالل

وأنسابه وبعض المقربين منه هم المسيطرين إعادة بناء الجيش واألجهزة المدنية بطريقة تجعل أبناء الرئيس

وإذا كان الرئيس صالح بعد انتخابه رئيسا من قبل مجلس النواب في العام . على السلطة الفعلية في البالد

تاركا نائبه يمارس ٢٠٠٦ وانتخابات ١٩٩٩ قد عين نائبا له فإنه لم يعين نائبا له بعد انتخابات ١٩٩٤

وذلك لقطع الطريق أمام تولي النائب للرئاسة ولو لفترة مؤقتة في حال اختصاصاته دون قرار تعيين،

.حدوث شيء ما للرئيس


٣٢

، التي "الكلبتوكراسي"وسرعان ما تطور النظام اليمني وفقا لروبرت بيروز إلى نوع من نظام حكم القلة هو

وز، طبقة صغيرة ، فقد تكونت، كما يقول بير"حكم اللصوص باللصوص وللصوص"يعرفها بيروز بأنها

من المشايخ والضباط ورجال األعمال تتمتع بقيمها ودوافعها وثقافتها السياسية المختلفة عن قيم ودوافع

وتمكن أفراد تلك الطبقة من خالل سيطرتهم على المواقع الحكومية التي يتدفق من خاللها . المجتمع اليمني

. ف األخرىالريع من اإلثراء الشخصي على حساب التنمية واألهدا

وتمثل هشاشة الدولة الحديثة في اليمن، من وجهة نظر بيروز، سببا ونتيجة لظهور حكم القلة الذي يسيطر

على اليمن، فغياب الدولة الحديثة مكن حكم القلة من التطور والحفاظ على السلطة ثم البدء بنقلها إلى الجيل

، وبدورها عملت تلك القلة على "صة الدولةخصخ"الثاني من ذات الجماعة في عملية يمكن وصفها بـ

استخدام سلطتها في الدولة لمعارضة وإضعاف محاوالت بناء الدولة وعلى نحو أخص تلك الجهود المتعلقة

.)٢٠(ومحاربة الفساد" معيار الوالء"محل " معيار الكفاءة"بإحالل

ة نمو الدولة وافتقارها إلى القدرة ومن الواضح أن الريع قد لعب دورا ما في ظهور حكم القلة وفي إعاق

واتصفت مؤسسات الدولة اليمنية وما زالت بالضعف والعجز عن تقديم الخدمات األساسية، وفي . والشرعية

.مقدمتها األمن الداخلي والخارجي والتمثيل السياسي والرفاه، خصوصا عند حدوث األزمات االقتصادية

تي تحققها اليمن على مقاييس االستقرار السياسي، فعالية ويتضح هذا العجز من خالل ضعف الدرجة ال

الحكومة، وجودة القواعد المنظمة، وسيادة القانون، والسيطرة على الفساد، والتمتع بالحقوق السياسية

.والمدنية، وحرية الصحافة، وقوة النظام السياسي

سة فرض الضرائب للحصول على وقد أدى اعتماد الدولة على الموارد الريعية إلى صرف النظر عن سيا

وحيث . الموارد بما تتضمنه األخيرة من ضرورة التغلغل داخل المجتمع وتطوير جوانب الشرعية والقدرة

إن السيطرة على مؤسسات الدولة الهشة يعني السيطرة على الموارد فإن الصراع بين األطراف المختلفة

األول من القرن الحادي والعشرين إلى صراع داخل وخارج الدولة قد اشتد وتحول مع منتصف العقد

.عنيف بعد حوالي عقد من االستقرار النسبي


٣٣

دور الريع في الصراعات العنيفة

ساهم االقتصاد الريعي بطرق مختلفة في ظهور أو على األقل تقوية الجماعات غير الرسمية من جهة وفي

مع الدولة إن جازت التسمية من جهة أخرى، ظهور الصراعات العنيفة التي تخوضها بعض تلك الجماعات

فقد عمل الريع سواء أكان مصدره القابضين على السلطة أو الخارج في تقوية الجماعات غير الرسمية

كما ساهم الريع كما سبقت اإلشارة في تكريس هشاشة الدولة وفشلها في . وتعزيز استقاللها عن السلطة

وجاءت أزمة االقتصاد . جيع الجماعات غير الرسمية على التمرد عليهاالتوزيع العادل للثروة، وبالتالي تش

وال يستبعد . الريعي بكل تفاصيلها وسياقاتها لتسهم بدورها في تحويل تلك الصراعات إلى صراعات مزمنة

أن يكون الريع المتدفق للدولة لدعمها في مواجهة تلك الصراعات قد مثل حافزا لها في إبقاء بعض تلك

ويتم هنا التركيز على دور الريع في ظهور وتطور التمرد الحوثي، والحراك . ات دون حسمالصراع

.الجنوبي والقاعدة والصراعات األخرى

التمرد الحوثي. ١

في بداية تسعينيات القرن الماضي كحركة إحيائية داخل المذهب " الشباب المؤمن"ساهم الريع في ظهور

عة الحوثي ماليا وسعى لدى اإليرانيين للحصول على دعم للجماعة، الزيدي، فقد دعم الرئيس صالح جما

وذلك بهدف تقويتها ليوازن بها على الصعيد الداخلي تنامي دور حزب اإلصالح ومنافسيه على السلطة من

بيت األحمر في قبيلة حاشد، وليوازن بها على الصعيد الخارجي الضغوط السعودية ضد نظامه في مرحلة

. الحدود بين البلدينما قبل ترسيم

وساهم الريع كذلك مع عوامل أخرى في تحول الحركة إلى تمرد مسلح، فعندما نجح صالح في حل خالفاته

الحدودية مع السعودية حاول إضعاف الجماعة وتفكيكها ودعم الجماعات السلفية المضادة لها، وقد ردت

وساهمت عوامل غير بعيدة عن . سلطة غير عادلةالجماعة باللجوء إلى توظيف العنف لمقاومة ما تقول إنه

أزمة االقتصاد الريعي، مثل ضعف التنمية في اليمن عامة وفي محافظة صعدة خاصة وغياب العدالة في

توزيع الثروة وارتفاع نسبة البطالة واألمية وضعف مؤسسات الدولة وغيرها في استمرار الجماعة

.لمناصرينوتوسعها جغرافيا واستقطاب المزيد من ا


٣٤

وتذهب إحدى النظريات المفسرة الستمرار الصراع إلى أن النظام اليمني ربما وجد في استمرار الحرب

ضد الحوثي طريقة مقنعة للحصول على دعم سعودي كبير، كما أن أطرافا داخل الجيش اليمني أو في

ل بشكل مستمر على أوساط القبائل اليمنية ربما وجدت في استمرار التمرد طريقا مضمونا للحصو

.تحويالت مالية كبيرة سواء من النظام أو من الحكومة السعودية

الحراك الجنوبي. ٢

رغم أن الحراك الجنوبي كان وما زال ذا طابع سلمي فإن السياسات األمنية التي وظفتها السلطة في احتواء

لى من المدنيين وأفراد الجيش الحراك قد قادت في السنوات األربع الماضية إلى سقوط المئات من القت

.واألمن على السواء، وقد لعب االقتصاد الريعي دورا كبيرا في ظهور الحراك الجنوبي

فالنهب الذي تعرضت له أراضي وممتلكات الدولة الجنوبية السابقة على الوحدة، وسيطرة المركز على

به وأبناء قريته والمقربين منهم لفرص عوائد النفط المستخرج من الجنوب، واحتكار أقارب الرئيس وأنسا

االستثمار وعقود المقاوالت العامة والمواقع القيادية في الدولة، وغياب الفرص السياسية واالقتصادية

المتاحة للجنوبيين، وتدهور الخدمات األساسية التي كانت الدولة تقدمها لهم، مثلت كلها بين عوامل أخرى

.ك الجنوبي ولتطوره فيما بعد إلى حركة انفصاليةاألسباب المباشرة لظهور الحرا

ومع أن النظام اتبع في الجنوب سياسة توظيف بعض عوائد الريع في شراء الوالءات كما فعل في الشمال،

فإن طبيعة المجتمع الجنوبي الذي تراجع فيه تأثير التراتبية االجتماعية والقبيلة وعالقات القرابة قد جعلت

.سات محدوداتأثير تلك السيا

كما لعب االقتصاد الريعي، وما زال يلعب، دورا كبيرا في استمرار الحراك الجنوبي، فرغم الكثير من

الغموض حول المصادر التي يحصل منها قادة الحراك على األموال الالزمة لتنفيذ األنشطة التي يقومون

وقد . أو الخارج أو خليطا من ذا وذاكبها فإن الواضح أن هناك تدفقات مالية قد يكون مصدرها الداخل

يكون مصدر الريع الخارجي المغتربين اليمنيين أو الشخصيات السياسية الجنوبية المنفية في الخارج أو

.حتى بعض الدول المجاورة وغير المجاورة


٣٥

القاعدة. ٣

ج، ففي ظل تردي ارتبط ظهور وتطور القاعدة في اليمن بالتدفقات الريعية سواء من الداخل أو من الخار

األوضاع االقتصادية واالجتماعية وجد الكثير من الشباب اليمني في ثمانينيات القرن الماضي في السفر إلى

أفغانستان للجهاد، في ظل التمويل السعودي للمجاهدين، فرصة لحل مشاكلهم االقتصادية من جهة وكسب

. الثواب من جهة أخرى

ارها في اليمن في عقد التسعينيات في بقائها على المرتبات واعتمدت تلك الجماعات بعد استقر

والمخصصات التي قدمها لها النظام اليمني إما لشراء حالة السلم أو عرفانا بجودها في دعم النظام ضد

أما في العقد األول من القرن الواحد والعشرين فبدا واضحا أن . ١٩٩٤خصومه وخصوصا في حرب العام

خصص اعتمادات لقادة بعض تلك الجماعات لمنعها من القيام ببعض العمليات من جهة الحكومة اليمنية ت

. ولتوظيفها سياسيا ضد خصومها سواء في الشمال أو في الجنوب كما يذهب الكثيرون من جهة أخرى

ناك فإما أن ه. ويبدو أن نشاط القاعدة في النصف الثاني من العقد األخير قد ارتبط جزئيا على األقل بالريع

قادة جددا يسعون للحصول على حصة منه، أو أن القادة المخضرمين في التنظيم يضغطون على الحكومة

.لإليفاء بوعود لم تنفذ أو الستعادة مخصصات قطعت عليهم

وتعمل الصراعات الداخلية العنيفة، خصوصا التمرد الحوثي والحراك الجنوبي على استنزاف طاقات النظام

فترض أن توجه نحو تحقيق االستقرار والبناء االقتصادي ومكافحة الفقر والسيطرة على وموارده، التي ي

كما تعمل تلك الصراعات واألوضاع . حدود البالد ومكافحة التهريب والقضاء على الجماعات اإلرهابية

.االقتصادية واالجتماعية على جعل اليمن بيئة خصبة لظهور ونمو وانتشار القاعدة

ظام اليمني يتلقى الكثير من الدعم الخارجي المخصص لمحاربة القاعدة فإن المالحظ أن ورغم أن الن

أو نحو حاجات النظام تجعله يوجه ذلك الدعم نحو الصراعات التي يخوضها مع الخصوم السياسيين

وتبين البرقيات المرسلة من السفارة األميركية في صنعاء التي سربها موقع . نشاطات مولدة للريع

أن النظام اليمني وجه المعدات والتجهيزات التي حصل عليها والقوات ٢٠١٠كيليكس مع نهاية العام وي

. التي دربت لمحاربة القاعدة إلى المجهود الحربي في صعدة


٣٦

كما قام النظام اليمني بتأجير زوارق حربية حصل عليها من الواليات المتحدة األميركية بهدف تقوية خفر

بما عليها من جنود لشركات خاصة تقدم الخدمات األمنية للشركات العابرة في خليج عدن السواحل اليمني،

.)٢١(مقابل عشرات اآلالف من الدوالرات تدفعها كل سفينة

ومن غير المستبعد، كما يذهب بعض المحللين، أن يكون النظام اليمني قد وجد في القاعدة مصدرا هاما من

ففي ظل تنامي األزمات السياسية واالقتصادية وتراجع الدعم الخارجي مصادر الريع والدعم السياسي،

ربما وجد النظام في إبقاء حربه مع القاعدة مفتوحة إلى ما ال نهاية سياسة مثلى للحصول على دعم

.الواليات المتحدة والغرب والدول المجاورة

أخرى. ٤

أما الصراعات القبلية فتظهر مساهمة الريع . تنتشر في اليمن الصراعات القبلية وحوادث اختطاف السياح

فيها بوضوح من خالل توظيف النظام الحاكم للموارد في إذكاء الصراعات القبلية، وذلك كإستراتيجية للبقاء

في السلطة بالحفاظ على مستوى معين من العداء والصراع بين تلك القبائل وضمان عدم اتحادها في

لسياح فإن القبائل تمارسه بغرض الضغط على الحكومة المركزية للحصول وأما اختطاف ا. مواجهة النظام

.على نصيبها من الموارد

خاتمة

يتطلب تحقيق االستقرار في اليمن االنتقال من نموذج االقتصاد الريعي السائد، الذي يتصف بالتقلب وعدم

تقال ال يمكن أن يتحقق بمعزل عن لكن مثل ذلك االن. القابلية لالستمرار، إلى نموذج االقتصاد اإلنتاجي

القيام بإصالحات سياسية عميقة سابقة ومصاحبة توزع السلطة رأسيا وأفقيا، وتفعل مبدأ االنتخابات الحرة

كأساس للتعيين بدال عن مبادئ القرابة والوالء السياسي والنزيهة والعادلة في اختيار الحكام ومبدأ الكفاءة

:صادي، فإن األولوية يجب أن تعطى للخطوات التاليةوأما الجانب االقت. والتوريث


٣٧

إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بإدارة االقتصاد الوطني وتحديد أدوارها بوضوح واستقطاب .١

.الكفاءات إلدارتها وضمان درجة معقولة من االستقالل السياسي لتلك المؤسسات

األساسية، خاصة تلك المتعلقة بالطرق تبني إستراتيجية تنموية تعطي األولوية لمشاريع البنية .٢

.والطاقة الكهربائية وحماية الملكية الخاصة وتحقيق األمن واالستقرار والتخفيف من الفقر

خصخصة المؤسسات االقتصادية المملوكة للدولة، بما في ذلك شركة يمن موبايل للهاتف النقال، .٣

وك التجارية، وغيرها، من خالل عملية والمؤسسة االقتصادية اليمنية، ومصانع اإلسمنت، والبن

.شفافة ونزيهة

تفعيل مؤسسات محاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين وتطبيق مبادئ النزاهة والشفافية في إدارة الدولة .٤

. لشؤونها

______________

المراجع والهوامش

١-

Iliya Harik, and Denis J. Sullivan, eds., Privatization and Liberalization in the Middle East. Bloomington, IN: Indiana University Press, 1992, 21.

٢-

Arab Political Systems: Baseline Information and Reforms – Yemen, found at www.carnegieendowment.org/arabpoliticalsystems

٢٠٠٦،٣ يناير ٣الوحدوي، ..." الكتل البرلمانية ألحزاب المعارضة والمستقلين "-٣

٩-٨، ٢٠٠٤ ديسمبر ٢٠ صوت الشورى،." ٢٠٠٥قراءة في الموازنة العامة لعام "احمد سعيد الدهي، -٤

٣ ،٢٠٠٦ يناير٣الوحدوي، ..."الكتل البرلمانية ألحزاب المعارضة والمستقلين "-٥

٦-

World Bank, Economic growth in the Republic of Yemen: sources, constraints, and potentials, Volume 1, 13/10/2002 (ISBN 0-8213-5210-5)

٧-

World Bank, Economic growth in the Republic of Yemen: sources, constraints, and potentials, Volume 1, 13/10/2002 (ISBN 0-8213-5210-5)


٣٨

:انظر%. ٣٥ بـ٢٠٠٨قدر البنك الدولي معدل الفقر في اليمن في أواخر عام -٨

World Bank, Yemen Economic Updates, Winter 2008, 3

٩-

Saif M. Al-Asly, “ Political Economy of Economic Growth Policies: the Case of Yemen Republic,” 2

١٠-

Saif M. Al-Asly, “ Political Reform and Economic Institutional Building: A Case Study of Budgetary Institutional Reform in Yemen,” October 2003.

١١-

Saif M. Al-Asly, “ Political Reform and Economic Institutional Building: A Case Study of Budgetary Institutional Reform in Yemen,” October 2003.

١٢ - Ibid.

.٢٠١١ يناير ٢٤، "كتوبر الماضيأ اليمن من النقد األجنبي بنهاية مليار دوالر احتياطي٥.٩"وكالة األنباء الرسمية سبأ، - ١٣

١٤-

World Bank, Yemen Economic Updates, Spring 2009, 5

٢٠٠٣-١٩٩٠صندوق النقد الدولي، المساعدة الفنية المقدمة من الصندوق خالل السنوات المالية -١٥

١٦-

Saif M. Al-Asly, “ Political Economy of Economic Growth Policies: the Case of Yemen Republic,” 10

١٧-


١٨-


١٩-


٢٠-

Burrowes, Robert D., "Yemen, Its Political Economy and the Effort against Terrorism," in Robert I.

Rotberg, ed., Battling Terrorism in the Horn of Africa, Washington, DC: Brookings Institution Press/WPF, 2005

٢١-

See: Margaret Coker, “U. S. Military Aid Is Available for Hire in Yemen,” The Wall Street Journal, Jan 4, 2011.

Burrowes, Robert D., "Yemen, Its Political Economy and the Effort against Terrorism," in Robert I.

Rotberg, ed., Battling Terrorism in the Horn of Africa, Washington, DC: Brookings Institution Press/WPF, 2005


٣٩

قبيلة فاعل غير رسمي في اليمنقبيلة فاعل غير رسمي في اليمنالال *عادل مجاهد الشرجبي

توجهات الفاعلين القبليين -

تماهي الحدود بين القبيلة والدولة.. الدولة المهجنة -

المؤسسات الوسيطة بين الدولة والقبيلة -

الفاعلون القبليون وبقية الفاعلين غير الرسميين -

مستقبل دور القبيلة -

خاتمة -

ل من منظور إثني وثقافي إن كل اليمنيين ينتمون إلى قبائل، وجلهم إن لم يكن كلهم ينتمـون إلـى يمكن القو

ولكن عوامـل اقتـصادية وسياسـية وثقافيـة . حمير ومذحج وكندة وحاشد وبكيل : خمس قبائل عربية، هي

نتمون إلى قبائل حمير واجتماعية أدت إلى إضعاف تأثير البنى والروابط والعالقات القبلية بين السكان الذين ي

ومذحج وكندة، واستمر تأثيرها في أوساط المواطنين الذين ينتمون إلى قبيلتي حاشد وبكيل، اللتـين يتركـز

وجودهما في المنطقة الممتدة من شمال مدينة صنعاء إلى الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، لذلك فإن

لبنية القبلية عموما إنما يتركز على الحديث عن قبيلتي حاشد وبكيل، الحديث عن الدور السياسي للقبائل وعن ا

اللتين استطاع شيوخهما االحتفاظ بقوة سياسية كبيرة وبأدوار سياسية هامة، يمارسونها مـن خـالل البنـى

.الرسمية حينا، ومن خالل البنى غير الرسمية أحيانا أخرى

توجهات الفاعلين القبليين

قبليون إلى تحقيق مصالح ومنافع مادية مباشرة، سواء كانوا أفرادا أم نخبا وقيادات، حتى إن يسعى الفاعلون ال

معظم األعمال االحتجاجية التي تقوم بها القبائل تكون في سبيل مطالب مادية مباشرة، أما القيـادات القبليـة

.فيمكن وصفها غالبا بأنها نخب من الباحثين عن الريع

:لحاكمة لكل أفعال الفاعلين القبليين، يمكن تلخيص التوجهات العامة لهم في ما يليوفي ضوء هذه السمة ا

بجامعة صنعاءأستاذ علم االجتماع السياسي *


٤٠

معظم القيادات القبلية تتبنى توجهات محافظة، لذلك هي تسعى دائما لالرتباط بالنظام والحزب الحـاكم أو -

أو اليـسارية أو باألحزاب اإلسالمية، وال تتحالف مع األحزاب السياسية الـساعية إلـى التغييـر، القوميـة

الليبرالية، السيما أن النخبة الحاكمة هي التي تمتلك التصرف بالموارد العامة وإدارتها، وهي ال تعادي النظام

.إال إذا بدأ هو بمعاداتها

القيادات القبلية ال تستقر على توجه محدد ومواقفها دائمة التغير، فكثير من شيوخ القبائل مثال، حـضروا -

، ثم حـضروا ٢٠١٠تشرين الثاني / نوفمبر ٧ئل بكيل العام الذي دعا إليه الشيخ أمين العكيمي في مؤتمر قبا

في المقابل المؤتمر الذي دعا إليه ونظمه الشيخ ناجي بن عبد العزيز الشايف في اليوم التالي، والذي عقد في

.مواجهة األول

بدأ عدو عدوي صديقي، فأثناء الحرب الجمهوريـة تتحدد مواقف القيادات القبلية في حاالت كثيرة وفقا لم -

حاربت معظم قبائل حاشد مع الجمهورية، ومعظم قبائل ) ١٩٧٠آذار / مارس -١٩٦٢أيلول /سبتمبر(الملكية

باستثناء فترة حكم العقيد إبـراهيم (وفي عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين . بكيل مع الملكية

، كانت حاشد مقربة مـن النظـام، )١٩٧٧تشرين األول / وأكتوبر ١٩٧٣حزيران /ونيوالحمدي الممتدة بين ي

فيما كانت بكيل متعاطفة مع المعارضة السرية بل ومع الجنوب، وفي األعوام األربعة التـي تلـت توحيـد

شطري اليمن، كانت مواقف قبيلة حاشد أقرب إلى مواقف المؤتمر الشعبي العام، ومواقف قبيلة بكيل أقـرب

.إلى مواقف الحزب االشتراكي اليمني

ومن المعروف أن شيوخ القبائل القوية سواء كانوا أعضاء في الحزب الحاكم أو في التجمع اليمني لإلصالح

المعارض، يغلبون انتماءاتهم القبلية على انتماءاتهم الحزبية، وإذا تعارضت مصلحة القبيلـة مـع مـصلحة

. القبيلةالحزب، فإنهم ينحازون إلى مصلحة

تماهي الحدود بين القبيلة والدولة.. الدولة المهجنة

منذ وصول الرئيس علي عبد اهللا صالح إلى السلطة، تشكلت نخبة حاكمة نفعية ال تتبنى مشروعا وطنيا إنمـا

هـل تتبنى إستراتيجية بقاء، فعملت على بناء الدولة وتنظيم عالقتها بالمجتمع، وتشكيل النظام السياسي بما يؤ


٤١

الفاعلين غير الرسميين على حساب الفاعلين الرسميين، سواء على مستوى جهاز الدولة أو علـى مـستوى

.المجتمع

فعلى مستوى أجهزة الدولة لم يتم مأسسة السلطة السياسية فتم بناء دولة كالقبيلة، ولم يبن جيش قوي يحمـي

قة الدولة بالمجتمع لم يـستحدث نظـام وعلى مستوى عال . الديمقراطية بل بني جيش عائلي عوضا عن ذلك

لتسهيل شروط الوصول إلى مواقع السلطة، بل عملت السلطة على إضعاف كل ما سواها، من خالل التضييق

.على الحق في التنظيم واحتكار وسائل اإلعالم

دولة كالقبيلة

ة للنظام، فالسلطة في مؤسـسات تم بناء الدولة بما يشبه القبيلة، حيث باتت موارد الدولة كما لو كانت مملوك

الدولة مخولة ألفراد وليس لمؤسسات أو فرق، وقد بنيت إدارة تقوم على تركيز السلطة موجهة بـاألوامر ال

إدارة موجهة باألهداف، إدارة منظمة على أساس العالقات الشخصية المباشرة، ونظمت عمليات الوصول إلى

اس المكانة االجتماعية التقليدية الموروثة ال على أسـاس التنـافس مواقع السلطة السياسية واإلدارية على أس

تشبه التراتبية القبلية، فشيوخ القبائل وأبناؤهم يحتلـون ) وتكافؤ الفرص، فباتت الدولة منظمة وفقا لتراتبية

حـافظي مواقع السلطة العليا، فيما أبناء القبائل والمواطنون العاديون يحتلون مواقع تنفيذيـة، فمـن بـين م

. محافظا من عائالت مشيخية١٧ هناك على األقل ٢١المحافظات الـ

ولم يتم بناء جيش قوي، وهو ما جعل الدولة بحاجة دائمة لالستعانة بالمليشيات القبلية أو ما يسمى بـالجيش

فتـرة الشعبي، فقد استعان الجيش بالمليشيات القبلية في الحروب الست التي خاضها ضد جماعة الحوثي في ال

، حيـث أعلـن ٢٠١٠، واستعانت الحكومة بالمليشيات القبلية في محاربة القاعدة عـام ٢٠١٠ و ٢٠٠٤بين

عن تشكيل فرق قبلية داعمة للجيش في مواجهة تنظيم القاعدة، ٢٠١٠تشرين األول /محافظ شبوة في أكتوبر

.على غرار الصحوات في العراق

ية أكثر مما يالئم التنظيمات السياسية الحديثة، ويساهم فـي تكـريس تم تصميم نظام انتخابي مالئم للبنى القبل

من الدوائر التي ينتمي نوابها للمؤتمر ٢٣الوراثة في السلطة التشريعية، فقد أجريت االنتخابات التكميلية في

ائـر دو ٣ دائرة ورثها أبناء النواب المتـوفين، و ١١: دائرة ١٨الشعبي، وقد أسفرت االنتخابات عن وراثة


٤٢

ـ ٢ ورثهما أبناء اإلخوة، و ٢ورثها اإلخوة، و الباقية فلـم ٥ ورثهما قريب من العائلة المشيخية نفسها، أما ال

.تورث نتيجة خضوعها لتسويات لتقاسم السلطة بين العائالت المشيخية

ية مـع مديرية، ويتطابق التقسيم اإلداري في المناطق الريف ٣٣٤ محافظة تضم حوالي ٢١قسمت اليمن إلى

تتطابق مع الوحدات القبليـة، فمـديريات ) المديريات(البنى والعالقات القبلية، فالكثير من الوحدات اإلدارية

عنس وسفيان وخوالن وأرحب وهمدان وخارف واألزارق وعيال يزيد وعيال سريح وبني حـشيش وبنـي

ت قبلية، وتتطابق حـدودها مطر وبني صريم وبني قيس وبني العوام، هي وحدات إدارية، وكذلك هي وحدا

مديريـة مـأرب ف اإلدارية مع حدودها االجتماعية القبلية، وتم تقسيم محافظة مأرب وفقا لالنقسامات القبلية،

وتنقسم إلى سـت عبيدة، ، فالتسمية السائدة بين السكان لهذه المديرية هي وادي قبيلةتكاد تكون ديارا ل الوادي

.بيلة عبيدة الست الرئيسيةا مع أسماء عشائر قؤهتتطابق أسما

لم يتم تغلغل الدولة في المناطق الريفية، فال زالت كثير من المناطق الريفية تفتقر لمؤسسات وأجهزة الدولـة

من القضايا في المناطق الريفية يتم التقاضي فيها أمام القـضاء % ٨٠كالشرطة والمحاكم وغيرها، لذلك فإن

التي تم تأسيسها فقد تم تعيين مسؤولين ينتمون إلى النخب القبلية في مواقع العرفي القبلي، وحتى في الحاالت

السلطة واتخاذ القرار فيها، األمر الذي أثر سلبا على قدرة الدولة على تحقيق الـدمج االجتمـاعي، فهـؤالء

م وزراء المسؤولون يمارسون معظم سلطاتهم بأساليب قبلية، فيتم تحكيم كبار المسؤولين الرسميين بمن فـيه

وقضاة في الخالف بين القبائل، بل إن رئيس الجمهورية تم تحكيمه في أكثر من قضية خالف بين القبائـل،

.وحكم شيوخ القبائل في قضايا الخالف بين الدولة والقبائل

تم اختيار نظام االنتخاب الفردي في الدوائر الصغيرة والفوز باألغلبية المطلقة، وهو نظـام انتخـابي يالئـم

النخب التقليدية والتنظيمات القبلية أكثر مما يالئم النخب والقوى االجتماعية الحديثة والتنظيمـات الـسياسية،

السيما أن تقسيم الدوائر االنتخابية التشريعية والمحلية تطابق مع التقسيم القبلي، ففاز شيوخ القبائـل بمعظـم

تم التحول إلى انتخاب محافظي المحافظـات عـام مقاعد مجلس النواب وعضوية المجالس المحلية، وعندما

مـن ١٧، اعتبر أعضاء المجالس المحلية هيئة ناخبة النتخاب المحافظين، وهـو مـا أدى إلـى أن ٢٠٠٨

. محافظا ينتمون إلى عائالت من شيوخ القبائل٢١محافظي المحافظات البالغ عددهم


٤٣

از اإلداري للدولة وأعضاء السلك الدبلوماسي وفي حصرت سلطة اختيار شاغلي مواقع السلطة العليا في الجه

الهيئات والمؤسسات والمصالح الحكومية بيد رئيس الدولة، لذلك فـإن جـل وكـالء المحافظـات ووكـالء

.المحافظات المساعدين هم من شيوخ القبائل، أو من أبناء شيوخ القبائل

قبيلة كالدولة

، وال تتدخل الدولة حتى في الحاالت التي تمارس فيهـا القبيلـة تمارس القبائل ما يشبه السيادة على أراضيها

ممارسات تتعارض مع القانون، ويتعامل النظام مع القبائل كما لو كانت تمثل دويالت مستقلة أو كما لو كانت

وحدات مرتبطة بنظام فدرالي، أو تقوم على تقاسم السلطة، فتختص الدولة بالسلطة فـي المـدن والمنـاطق

.، ويختص شيوخ القبائل بالسلطة في المناطق الريفية عموما والقبلية خصوصاالحضرية

:تتمثل أهم مالمح إضفاء الطابع الرسمي على القبيلة فيما يلي

لم تضع الدولة تشريعات تنظم تعبئة الموارد الطبيعية، كالمراعي والميـاه واألرض، وبعـض التـشريعات

العمل ال يخضع له العاملون فـي قطـاع الزراعـة التقليديـة وال تختص بالسكان الحضريين، فمثال قانون

العاملون في المشروعات العائلية، فضال عن ذلك فإن الدولة فوضت سلطتها في المنـاطق القبليـة لـشيوخ

توظيف بعض أبناء قبـائلهم -التي تمارس نشاطها في مناطقهم -القبائل الذين يفرضون على بعض الشركات

. ات الشركةبغض النظر عن حاج

حادث تقطع، أعاقت وصـول الغـاز ٥٨ فقط حوالي ٢٠٠٩شهدت الطريق بين مأرب وصنعاء خالل العام

المنقول من محافظة مأرب إلى العاصمة والمحافظات األخرى عبر الناقالت، أدت إلى حدوث أزمات شـديدة

ء القبائل سواء في الـشركات في العاصمة وفي مدن يمنية أخرى، وبعض هذه التقطعات تطالب بتوظيف أبنا

النفطية أو في الجهاز اإلداري للدولة، وتضطر الدولة لالستجابة لمطالب القبائل، لذلك حصلت محافظة مأرب

.٢٠٠٩على نصيب وافر من الوظائف التي اعتمدت عام

ضـتهم فوض قانون اإلجراءات الجزائية شيوخ القبائل سلطة الضبط القضائي فـي المنـاطق القبليـة، وفو

التشريعات وظائف التوثيق والسجل المدني وغيرها من الوظائف، أما على مستوى الممارسـة فـإن شـيوخ

.القبائل يمارسون هيمنة على األجهزة الحكومية المحلية


٤٤

استطاعت القبائل في العقود الماضية جمع ترسانات كبيرة من األسلحة، إلى درجة أن بعض القبائل اليمنيـة

ثقيلة، مثل المدافع والرشاشات الثقيلة والمتوسطة والصواريخ، أمـا األسـلحة الـصغيرة فـإن تمتلك أسلحة

مخزون القبائل منها، وفقا لبعض المصادر، يقارب خمسة أضعاف مخزون الدولة، وما يمتلكه شيوخ القبائـل

وعندما . كيل ومشايخها من أسلحة خفيفة يزيد قليال عما تمتلكه الدولة، ومعظم هذه األسلحة بيد قبائل حاشد وب

. وضع قانون تنظيم حمل السالح لم يتدخل في شؤون القبيلة ولم يتطرق إال لتنظيم حمل األسلحة في المدن

ورغم معرفة الدولة بهـذه الـسجون لـم تتخـذ أي شيوخ قبائل، يديرها سجنا خاصا ١٢ هناك على األقل

ا للقانون، بل على العكس فإن الدولة تقر بشكل غيـر إجراءات إلغالقها ومحاسبة الشيوخ الذين يديرونها وفق

قد جاء في أحد األحكام الصادرة عن إحدى المحاكم الرسـمية اعتـراف بأحـد هـذه ف مباشر بهذه السجون،

من مشايخ تهامة من حبس وحجز حريـة اأما بشأن ما يقوم به المتهم باعتباره شيخ "السجون، حيث ورد فيه

ير أهل تهامة، فهو موروث اجتماعي بحاجة إلى معالجة موضوعية من الجهات رعاياهم وأوالدهم حسب تعب

عقوبات مـع وقـف تنفيـذ ٢٤٦المعنية، وال يعفينا من الحكم بإدانة المتهم بهذا الشأن بمقتضى نص المادة

."العقوبة بحدها األدنى إلى أن تتم المعالجة التي أشرنا إليها بحيثيات هذا الحكم

هرب أبناء قريتي الصفة ورعاش في مديرية ذي سفال بمحافظة إب إلـى العاصـمة ٢٠٠٨عام الفي مطلع

ه من قبل أحد مشايخ القبائل، وتعسفه في فـرض الزكـاة والواجبـات ن االضطهاد الذي يعانو بسببصنعاء،

ي التلجنة تقصي الحقائق قد خلص تقرير المالية األخرى، وظلوا في مخيم في العاصمة صنعاء لمدة شهر، و

مـع و، إلى أن معظم شكاوى المواطنين هي شكاوى صحيحة، للتحقيق في هذه القضية مجلس النواب شكلها

خر للتوسط وحل المشكلة، وتكفلت الدولة بـدفع آ الدولة أي إجراءات بحق الشيخ، وكلفت شيخا لم تتخذ ذلك

.في العاصمةتعويضات نقدية لهؤالء المواطنين عن المصروفات التي تكلفوها أثناء وجودهم

غالبا تقف الدولة محايدة وال تتدخل في الحروب القبلية التي تقوم بين القبائل، فقد شهد العام الماضي حروبـا

بين القبائل حول المراعي والمياه، وأشهر الحروب القبلية التي شهدتها اليمن في العام الماضي الحرب بـين

. ن قبيلة سفيان البكيلية وقبيلة العصيمات الحاشديةقبيلتي الشمالن وهمدان البكيليتين، والحرب بي


٤٥

، ٢٠٠٩تنظر القبائل إلى أن لها حقا في الثروة، لذلك فإن حراك أبناء الصحراء الذي أعلن عن تأسيسه عـام

من عائدات النفط، لذلك فإن الدولة توكـل للقبائـل مهمـة % ٥٠طالب بأن تخصص لمحافظات الصحراء

.ا تفرض القبائل على الشركات النفطية توظيف أفرادهاحراسة أنابيب النفط، كم

المؤسسات الوسيطة بين الدولة والقبيلة

ال تتعامل الدولة مع أفراد القبائل مباشرة، بل تتعامل معهم عبر الشيوخ الذين منحوا سلطة كاملة على قبائلهم،

:وهناك مؤسسات وسيطة للتعامل مع القبائل، منها المؤسسات التالية

أسس الرئيس علي عبد اهللا صالح في مطلع الثمانينيات جهازا لتنظيم توزيـع الريـع :مصلحة شؤون القبائل

على النخب القبلية، سمي مصلحة شؤون القبائل، وأسس لها فروعا في كل المحافظات اليمنية، وهي مصلحة

مالية شـهرية منتظمـة لـشيوخ ال يوجد قانون ينظمها، وتدار وفقا لتعليمات شخصية مباشرة، لتقديم عطايا

شـيوخ مـشايخ، ٨ شيخا، منهم ٣٩٩ حوالي ٢٠٠٥القبائل، وقد بلغ عدد الشيوخ المسجلين لديها حتى العام

. شيخ محل أو عاقل١٠٠ شيخا و٢٢٢ شيخ ضمان، و٦٩و

عن دارا للتحكيم للتوسط والتحكيم في قضايا الثأر، وعوضا ١٩٩٧أسست الحكومة عام : منظمة دار السالم

أن تقوم الحكومة بإنفاذ القانون في التعامل مع منفذي جرائم االختطاف، تطلب من شيوخ القبائل التدخل فـي

أحيلت قضية اختطاف أحد كبار التجار في اليمن إلى هـذه ٢٠٠٩المفاوضات إلطالق المختطفين، ففي العام

.لةاللجنة، والتوسط بين الدولة والقوى القبلية التي تتمرد على الدو

بشكل يتواءم مع البنى القبلية، وشكل الحـزب الحـاكم ١٩٨٢ بنى النظام الحزب الحاكم عام :الحزب الحاكم

آلية مؤسسية لمأسسة البنى والعالقات القبلية، تماما كما هو الحال في المؤتمرات الشعبية في ليبيا، فرؤسـاء

شيوخ القبائل، وصيغ قانون االنتخابـات فروع الحزب الحاكم في محافظات ومديريات الجمهورية جلهم من

.بما يتواءم مع البنى القبلية


٤٦

المؤتمرات والتحالفات القبلية

إن القيادات القبلية تتخذ قراراتها وترسم سياساتها عبر ما يسمى بالمؤتمرات القبلية، وهي مـؤتمرات غيـر

أن بعضها أدى إلى تشكيل تنظيمـات منظمة وفقا للتشريعات المنظمة لمنظمات المجتمع المدني، وذلك رغم

دائمة، درجت القبائل عندما تريد أن تعارض الدولة أو أن تساندها أو حتى تساند قوى خارجية، على تـشكيل

.مؤتمرات قبلية، وقد كانت بكيل أكثر تشكيال لمثل هذه المؤتمرات

المؤتمرات القبلية

لطة بعالقة اعتماد متبادل بالشيخ عبد اهللا بـن حـسين ارتبط الرئيس علي عبد اهللا صالح منذ وصوله إلى الس

، لذلك كان شيوخ قبائل بكيل يشكون من التمييـز "شيخ الرئيس ورئيس الشيخ "األحمر، فكانا يوصفان بأنهما

ضدهم، وعقدوا قبل قيام الوحدة عددا من المؤتمرات للمطالبة بالمساواة بين القبائل في التمثيل فـي أجهـزة

ساواة في تعامل النظام مع القبائل اليمنية، كان آخرها مؤتمر بكيل للسلم واإلصالح، الذي لعـب الدولة، وبالم

.١٩٨٩بمحافظة مأرب عام " رغوان"الشيخ عرفج بن هضبان دورا رئيسا في انعقاده في مديرية

م الوحدة عام واستمرت خريطة توزيع القوة التي تشكلت قبل الوحدة في السنوات الخمس األولى التي تلت قيا

، وسعى شيوخ القبائل البكيلية إلى عقد مؤتمرات قبلية صنفت على أنها موالية للحـزب االشـتراكي ١٩٩٠

اليمني في مقابل المؤتمر الشعبي العام، فكان مؤتمر التالحم الوطني الذي لعب دورا في عقده الـشيخ أحمـد

، وخلص المؤتمر ١٩٩١كانون األول /في ديسمبر ) من القيادات العليا للحزب االشتراكي اليمني (عباد شريف

اعتبـار كـل الواجهـات والشخـصيات "إلى عدد من القرارات التي تطالب بالمساواة بين القيادات القبلية، و

ومن هذه المؤتمرات أيضا مؤتمر ". االجتماعية في مستوى واحد وقدر واحد في المكانة والصالحية والوجاهة

، وانعقد آخـر )أحد أهم مشايخ قبيلة خوالن البكيلية ( الذي ترأسه الشيخ الغادر ١٩٩٣سبأ للقبائل اليمنية عام

بني ضبيان بمحافظة مأرب، ومنها مؤتمر مجلس بكيل الذي ترأسه الشيخ محمد أبـو لحـوم " ذنه"في منطقة

.١٩٩٤عام ) أحد أهم مشايخ قبيلة نهم البكيلية(

تحالف قبائل مأرب والجوف

ذت الحكومة قرارا برفع أسعار المشتقات النفطية في إطار رفع الـدعم عـن الخـدمات اتخ ١٩٩٨في العام

والسلع التي تنتجها أو تبيعها الدولة، فتحركت مظاهرات وأعمال احتجاجية في مختلف محافظات الجمهورية،

بما فيها المحافظات القبلية، وقامت مظاهرات في بعض مناطق محافظتي مـأرب والجـوف، وقـد قابلـت


٤٧

الحكومة المظاهرات التي قامت في مناطق قبائل الجدعان في مأرب والجوف وبعض عـشائر همـدان فـي

الجوف بعنف شديد وواجهتها عسكريا، وترتب على ذلك سقوط عدد من القتلى والجرحـى، فتنـادت قبائـل

ة العسكرية، فاجتمع مأرب والجوف لنصرة القبائل التي تمت المواجهة بينها وبين الدولة، فأوقفت الدولة الحمل

شيوخ القبائل في بير مسعودة الواقعة على أرض قبيلة الجدعان البكيلية بمحافظة مأرب، وأعلنوا عن تأسيس

تحالف قبائل مأرب الجوف، وضم قبائل بكيلية وأخرى مذحجية، وعين الشيخ علوي الباشا بن زبع أمينا عاما

.له

حراك أبناء الصحراء

أعلن عن تأسيس حراك أبناء الصحراء، وقد أيد مؤسسوه الحراك الجنـوبي، ٢٠٠٩تموز /في منتصف يوليو

الجوف ومـأرب : وطالبوا بنظام فدرالي، وأن يتأسس إقليم يسمى إقليم الصحراء يضم خمس محافظات، هي

من عائدات النفط لهذا اإلقليم، باعتبـاره اإلقلـيم المنـتج % ٥٠وشبوة وحضرموت والمهرة، وأن يخصص

ويالحظ أن هذا ربما يشكل خلطا ألوراق الصراع السياسي في تلك الفترة، فعوضا عن مطالبة الحراك . للنفط

الجنوبي بفك الروابط، طالب بإقليم فدرالي يضم ثالث محافظات تنتمي إلى ما كان يسمى بجمهورية الـيمن

).الشمال(ة العربية اليمنية ، ومحافظتين تنتميان إلى ما كان يسمى بالجمهوري)الجنوب(الديمقراطية الشعبية

مؤتمر التحالف الوطني

التشريعية مارس الرئيس علي عبد اهللا صالح ضغوطا على شيوخ القبائل لالنسحاب من ١٩٩٧قبل انتخابات

التجمع اليمني لإلصالح، واستعادة عضويتهم في الحزب الحاكم، وقد استجاب للضغوط عـدد مـن شـيوخ

ليمني لإلصالح الشيخ عبد اهللا بن حسين األحمر لم يلب دعوتـه، وإن كـان قـد القبائل، لكن رئيس التجمع ا

ألن يترشح مستقال، فبدأ الرئيس بمحاولة إضعاف سلطته االجتماعيـة فـي ٢٠٠٣اضطر في انتخابات عام

ـ اذ إطار قبيلة حاشد، وتعظيم قوة شيوخ آخرين، في المقابل بدأ أوالد الشيخ عبد اهللا بن حسين األحمر في اتخ

مرشح اللقاء ٢٠٠٦أيلول /مواقف معارضة للرئيس، فدعموا في االنتخابات الرئاسية التي انعقدت في سبتمبر

المشترك المنافس للرئيس علي عبد اهللا صالح، وبدأ الشيخ حسين عبد اهللا بن حسين األحمر فـي التحـضير

، وحضره عدد كبير من ٢٠٠٧ز تمو/ يوليو ٢٩وعقد مؤتمره التأسيسي في . لتأسيس مجلس التضامن الوطني

.شيوخ القبائل ومن أعضاء مجلس النواب ومن األكاديميين


٤٨

صديق صديقي صديقيتعمل القيادات القبلية وفقا لمبدأ صديق صديقي صديقي وعدو عدوي صديقي، فـرغم أن جـل المـؤتمرات

جهة النظام، فإن معظـم شـيوخ والتحالفات القبلية التي تشكلت في العقدين الماضيين تأسست على قاعدة موا

القبائل الذين شكلوها يرتبطون بعالقات صداقة ومصالح بالعائلة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، لـذلك

أعادوا صياغة عالقتهم بالنظام اليمني في ضوء العداوة المشتركة بجميع هذه المكونات بما يـسمى بجماعـة

لكة العربية السعودية والنظام في اليمن، وبالتالي كـان مـوقفهم مـن الحوثي، التي تشكل عدوا مشتركا للمم

.الحوثي هو خدمة للمملكة العربية السعودية

اندلعت مواجهات مسلحة بين مسلحين تابعين للشيخ حسين األحمر ومـسلحين ٢٠١٠آب / أغسطس ٢٣ في -

٦ لشيوخ قبيلـة حاشـد فـي من جماعة الحوثي في مدينة حوث، ودعا الشيخ حسين األحمر الجتماع موسع

في حالة اكتشاف أي فرد من أفراد القبيلة "، ووقعت في االجتماع وثيقة جاء فيها ٢٠١٠تشرين األول /أكتوبر

يحاول االنتماء أو المناصرة أو نشر أفكار المتمردين يعد ذلك اعتداء على القبيلة وعلى كل فرد فـي قبائـل

لكامل بعتادها وعدتها لصد االعتداءات مهمـا كلـف األمـر مـن حاشد وعلى جميع قبائل حاشد االستنفار ا

".التضحيات

قدم مجلس التضامن الوطني مبادرة جاءت خطوطها العامة متوائمة مع توجهات ٢٠٠٩حزيران / في يونيو -

الرئيس علي عبد اهللا صالح لتوصيف األزمة في الجنوب، ومع رؤيته لحلها، فاقترحت إقامة حكم محلي كامل

حيات، وإعادة النظر في تنظيم المؤسسات العسكرية واألمنية على أسس وطنية ال على أسس حزبية أو الصال

باصره، الذي حـدد -قبلية، واستقاللية القضاء وجعله مهيمنا على جميع المؤسسات، والكشف عن تقرير هالل

دين العسكريين والمدنيين فـي أهم ناهبي األراضي، وإحالة الفاسدين للقضاء لينالوا جزاءهم، وإنصاف المتقاع

.المحافظات الجنوبية ومساواتهم في بقية المحافظات

قدم مجلس التضامن الوطني مبادرة تقـوم علـى إيقـاف المهـاترات ٢٠١١كانون الثاني / يناير ١٨ في -

طراف ويشارك فيه جميع األ . اإلعالمية والخطابات غير المسؤولة والعودة إلى طاولة الحوار الوطني الشامل

اليمنية ومنها قادة المعارضة السياسية في الخارج وقوى الحراك السلمي في المحافظـات الجنوبيـة وقـادة

. الفعاليات السياسية والمدنية دون استثناء ألي طرف من أجل االتفاق على اآللية والمبادئ العامـة للحـوار

النتخابات النيابية والتعديالت الدستورية حتى وطالب المؤتمر الشعبي العام بإيقاف اإلجراءات األحادية بشأن ا


٤٩

تطرح على طاولة الحوار واالتفاق على مشروع دستور يكون بوابة للحل الشامل للقضايا السياسية الخالفيـة

خاصة تلك المتعلقة بالقضية الجنوبية وإصالح النظام السياسي واالنتخابي، علـى أن تبقـى اللجنـة العليـا

.ئمة حتى يتم االستفتاء على مشروع التعديالت الدستورية المتوافق عليهالالنتخابات الحالية قا

، وقبل المهرجان الذي دعا إليه اللقاء المشترك في صنعاء بيوم واحـد ٢٠١١تشرين الثاني / نوفمبر ٢ في -

ر فتنـة دعت القيادة المشتركة لمجلس بكيل العام للسلم واإلصالح كل القوى السياسية إلى تجنيب البالد مخاط

قد ال تعرف نهايتها، وذلك باإلسراع نحو الحوار الوطني الجاد بحضور كل القـوى الـسياسية بمـا فيهـا

وطالب الحزب الحاكم والمعارضة بوقف التجمعات والمـسيرات والمناكفـات . الحوثيون والحراك الجنوبي

.طراف في حوار وطني شاملاإلعالمية وكل ما يؤدي إلى التصعيد والشقاق والتهيئة النخراط مختلف األ

دان الشيخ علي محمد العجي األمين العام المساعد لمجلس تحالف قبائل ٢٠٠٩تشرين الثاني / نوفمبر ٥ في -

آخرين بنيـران مـسلحين ١١مأرب والجوف حادث جبل الدخان الذي أودى بحياة جنديين سعوديين وجرح

.حوثيين

يخ علي القبلي نمران رئيس المجلس األعلى لتحالف قبائل مأرب دعا الش ٢٠١١كانون الثاني / يناير ٢٨ في -

والجوف إلى تأجيل االنتخابات والعودة إلى الحوار حتى يخرج الجميع بوفاق وطني يخدم اليمن والمـصلحة

العامة، وهو ما يبدو أنه جاء في إطار التمهيد للمبادرة التي طرحها رئيس الجمهورية فيما بعد وأعلـن فيهـا

. اإلجراءات التمهيدية لالنتخابات التشريعية، ودعا فيها للحوارتجميد

الفاعلون القبليون وبقية الفاعلين غير الرسميين

تسعى التنظيمات القبلية إلى الحصول على منافع مادية فردية مباشرة، وبالتالي تختلف أهدافها عـن أهـداف

تبنون أيديولوجيا دينيـة كتنظـيم القاعـدة أو جماعـة الفاعلين غير الرسميين األيديولوجيين والسيما الذين ي

الحوثي، وتختلف مطالبها عن مطالب الفاعلين غير الرسميين المدنيين، كالحراك الجنوبي الذي يـسعى إلـى

وضع حلول جماعية للمشكالت االجتماعية كالبطالة وانتشار األمراض وتدهور التعليم، من خـالل بـرامج

للبطالة وتحسين المؤسسات الصحية والتعليمية وضـمان اسـتقالل القـضاء، سياسية تقوم على وضع حلول

فمطالب الفاعلين القبليين هي غالبا مطالب فردية وأحيانا جمعية تتعلق بعائلة أو عشيرة أو قبيلة، ويميلون إلى


٥٠

يـين، أو قطـع التعبير عنها باستخدام وسائل عنيفة، كاختطاف السائحين والرعايا األجانب أو المواطنين اليمن

الطرقات، وتتركز بشكل أساسي على مطالب مادية مباشرة، مثل المطالبة بتوفير وظائف ألشخاص محددين،

أو المطالبة باإلفراج عن سجين محدد، أو المطالبة بتنفيذ حكم قضائي محدد، مع ذلك تأثرت البنـى القبليـة

.بالفاعلين غير الرسميين اآلخرين وأثرت فيهم

دةتنظيم القاع

توفر الجماعات القبلية الحماية لألفراد الذين ينتمون إليها، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، فعندما كانـت

الدولة تتمتع بالقوة والقدرة في محافظة شبوة، لم توفر قبيلة بلحارث الحماية ألبي علـي الحـارثي المـتهم

ما اضطره لالحتماء بقبيلة عبيـدة فـي وادي ، وهو٢٠٠١بالمشاركة في تفجير المدمرة األميركية كول عام

مأرب، ولكن بعد إحياء البنى والعالقات القبلية في المحافظات الجنوبية وتراجع قوة الدولـة، وفـرت قبيلـة

بل امتد نشاط تنظيم القاعدة فـي . العوالق في المحافظة نفسها الحماية للداعية اإلسالمي المتشدد أنور العولقي

من محافظة مأرب إلى محافظتي شبوة وأبين القبليتين في الجنوب، وبات نشاطه شبه ٢٠١٠ و ٢٠٠٩العامين

وزع تنظيم القاعدة بشكل علني قائمة تضم أسـماء ٢٠١٠أيلول / سبتمبر ٩علني في هاتين المحافظتين، ففي

ـ ر بالقتـل، عدد من الكوادر األمنية واالستخبارية في مدينة زنجبار في محافظة أبين، متوعدا هـذه العناص

فضال عن أن عملياته في هاتين المحافظتين لم تعد تقتصر على العمليات االنتحارية والفرديـة أو العمليـات

التي تنفذها المجموعات الصغيرة، بل بات ينفذ أحيانا عمليات مواجهة مباشرة، كما حدث في مديرية لـودر

. ٢٠١٠آب /بمحافظة أبين في األسبوع الثالث من أغسطس

اعة الحوثيجم

بدأ التمرد الحوثي تمردا لنخبة محدودة في محافظة صـعدة، غيـر أن الطـابع القبلـي لمحافظـة صـعدة

والمحافظات المجاورة لها ساعد النخبة الحوثية على تعبئة الجماهير القبلية لالنخراط في الصراع، وبالتـالي

عمران وحجة والجوف وصنعاء، واستغل اتساع نطاقه اجتماعيا وجغرافيا، ليمتد إلى بعض مناطق محافظات

الحوثيون الصراع بين قبيلة صبارة التي تتبع قبيلة سفيان البكيلية وقبيلـة ذو محمـد التـي تنتمـي لقبيلـة

. عام١٠٠العصيمات الحاشدية، الذي ترجع جذوره إلى ما يزيد عن

الصراع بين قبيلتي ذو معقل وبني استغل الحوثيون ٢٠٠٦كانون األول /فبعد االنتخابات المحلية في ديسمبر

عزيز اللتين تنتميان لقبيلة سفيان، على خلفية مقتل الشيخ أحمد يحيى القعود، المرشح لمقعد تمثيل المديريـة


٥١

في مجلس المحافظة، لذلك اتسع نطاق الحرب الرابعة ليشمل مديرية سفيان، حيث شارك الشيخ صغير حمود

حاكم والمسلحون التابعون له في هذه الحرب إلى جانـب الجـيش، عزيز عضو مجلس النواب عن الحزب ال

.وشارك الشيخ عبد اهللا يحيى القعود والمسلحون التابعون له إلى جانب المقاتلين الحوثيين

يرى أبناء بكيل الذين دعموا الحوثي أنهم ينتقمون بهذا من السلطة ومن المملكة العربيـة الـسعودية اللتـين

انتقاما من المملكة ) الشيعية اإلسماعيلية (، واستطاع الحوثيون تعبئة أفراد من قبيلة وائلة تدعمان قبيلة حاشد

ضد هذه القبيلة وضد قبائل نجران اإلسـماعيلية، واسـتطاعوا " المتهمة بأنها تمارس القمع "العربية السعودية

مدان اللتين تشكالن فرعين مـن بين قبيلتي الشوالن وه -الذي يمتد ألكثر من ثالثين عاما –استغالل الخالف

قبيلة دهم البكيلية في الجوف، واستطاعوا التواجد في قبيلة أرحب وتأسيس مركز فكري في قرية بيـت أبـو

.نشطان على خلفية ما يشعر به شيوخها من إقصاء يمارسه عليهم النظام

الحراك الجنوبي

إرضائها بالتحويالت المالية والعقارية، وفي مقـدمها تحالف النظام مع القيادات القبلية جعله دائما بحاجة إلى

األراضي، وقد جاءت معظم األراضي في الجنوب، أما في الشمال فإن الدولة ال تمتلك أراضي، بـل علـى

العكس تقوم بشراء أراض من شيوخ القبائل بمبالغ مبالغ فيها، لقد أدى ذلك إلـى غـضب أبنـاء المنـاطق

.حراكالجنوبية، وبالتالي تشكل ال

في ظل إحياء النظام للبنى والعالقات القبلية في الجنوب وتحالفه مع شيوخ القبائل، وما اتبعه مـن سياسـات

موالية للنخب القبلية، أخضع السكان المحليون في المحافظات الجنوبية لقمع مركب، قمع سياسـي يمارسـه

.من حماية الدولة لهم، وهو ما أثار استياءهمالنظام، وقمع اجتماعي تمارسه النخب القبلية، وجرد المواطنين

هي نخب حديثة، تتكون مـن ٢٠٠٨ و ٢٠٠٧النخب األولى التي شكلت الحراك الجنوبي وقادته في العامين

الضباط وخريجي الجامعات العاطلين، لذلك كان الحراك الجنوبي يبحث عن حلول جماعية في إطـار دولـة

مقدمها مشكلة البطالة وتسييس الوظيفة العامة، وأطلق على نفسه الحراك الوحدة للمشكالت االجتماعية، وفي

الجنوبي السلمي، وقد شكل التحاق بعض النخب القبلية بالحراك الجنوبي مثل طارق الفضلي والـشيخ عبـد

نقطة تحول في مسيرة الحراك الجنوبي، فبدأ التحول نحو استخدام العنـف، وبـدأ ٢٠٠٩الرب النقيب عام

.لمطالبة بفك االرتباطيطرح ا


٥٢

مستقبل دور القبيلة

بسبب الطريقة التي اتبعها النظام في التعامل مع القبائل، فإن معظم موارد الـبالد تخـصص علـى شـكل

تحويالت للنخب القبلية، على حساب اإلنفاق االجتماعي، فضال عن ذلك األمر الذي أثر سلبا على قدرة الدولة

.التنميةعلى أداء وظائفها في مجال

إن مراعاة التوازنات القبلية في شغل الوظائف العليا في الدولة، وإدارة األجهزة الحكومية وفقا ألساليب إدارة

البنى القبلية أدى إلى فشل هذه المؤسسات، وعدم قدرتها على أداء أهدافها، فالجيش لم يستطع أداء وظيفته في

في اليمن، وكذا الحوثيون، ولم تستطع المؤسسات الرياضـية وال حماية البالد، فاستطاعت القاعدة أن تتواجد

التعليمية، حيث معظم مدراء المدارس الريفية والوحدات الصحية والمشروعات التنموية هم من أبناء شـيوخ

القبائل، سواء توافرت فيهم شروط شغل الوظائف أم ال، وبالتالي تردى التعلـيم والـصحة وكـل الخـدمات

.االجتماعية

لم تعد الدولة قادرة على أداء وظائفها في مجال توزيع ثمار التنمية، وبالتالي تتحيز برامج التنميـة لـصالح

النخب على حساب الجماهير، ولصالح األقاليم القوية التي تتسم بقوة البنى القبليـة علـى حـساب المنـاطق

مل اجتماعي في هذه المناطق، فقد بـدأ هـذا واألقاليم الضعيفة التي ال تتمتع بقوة قبلية، وهو ما أدى إلى تمل

يطلق عليه الحراك الجنوبي، ومنذ ٢٠٠٧، وبات منذ العام ٢٠٠٤التململ في المحافظات الجنوبية منذ العام

٢٠١١شـباط / فبراير ١١ بدأت بعض فصائله في طرح فكرة االنفصال أو فك االرتباط، ومنذ ٢٠٠٩العام

ير النظام، وقد بدأت هذه االحتجاجات طالب جامعة صنعاء، والشباب في بدأت تشكل ثورة شعبية تطالب بتغي

محافظات تعز والحديدة وإب وعدن ولحج والضالع والبيضاء وحضرموت، وقد التحق بها بعـد ذلـك بقيـة

.محافظات الجمهورية، وشارك فيها نخب قبلية

في حال نجاح الجماهير في تغيير النظام، فإن المتوقع تراجع القبيلة مستقبال، وذلك رغم أن هناك نخبا قبليـة

مشاركة في الثورة الشعبية، ذلك أن أبناء القبائل والنخب القبلية باتوا مرهقين من استمرار القبليـة، وبـاتوا

وا إلى السعودية، وبعضهم األخر قتل، وهكـذا يعانون من الثارات ومن المشكالت، فبعض شيوخ القبائل هرب

فإن التوجهات القبلية من المحتمل أن تتراجع بسبب ترشيد مصالح النخب القبلية، فالذي يسعى إلـى الحفـاظ


٥٣

على البنية القبلية هو النظام، أما النخب القبلية فقد بات كثير منها راغبا في تغيير النظام، واستبدال نظام يقوم

.ة المتساوية منه، ويتيح التنافس على السلطة على أساس تكافؤ الفرصعلى المواطن

أما في حال فشل الثورة الشعبية في تغيير النظام، فإن استمراره في االعتماد على إستراتيجيته التقليدية التـي

زمات الدولة، تقوم على التحالف مع الفاعلين القبليين وتنظيم الفوضى القبلية، من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز أ

بل قد يؤدي إلى انهيارها أو وقوعها في حالة من الفوضى غير المسيطر عليها، السيما إذا استمر إسناد مهام

عسكرية للفاعلين القبليين في مواجهة الفاعلين غير الرسميين اآلخرين كالحوثيين أو ضـد القاعـدة أو ضـد

، أو إلى سقوط الدولة وتفككها من خالل انفـصال الحراك الجنوبي، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى حرب أهلية

الجنوب، أو فصل الحوثيين لمحافظة صعدة وتكوين دولة شيعية فيها، وبالتالي فإن النظام سوف يسعى إلـى

.تعزيز البنية القبلية

خاتمة

منها جهـازا سواء تغير النظام أم لم يتغير يجب تنفيذ إصالحات جذرية تقوم على إعادة بناء الدولة بما يخلق

رسميا لممارسة القوة السياسية، وإصالح النظام االنتخابي، بحيث تغدو االنتخابات عملية تنافسية بين أحزاب

سياسية ال عملية للتنافس بين القيادات القبلية، وإصالح التشريعات المنظمة للوصول إلى مواقع السلطة فـي

معايير موضـوعية، ال بمـا يجعلهـا خاضـعة للعالقـات الجهاز اإلداري للدولة، بما يجعلها منظمة وفقا ل

الشخصية، وإصالح التشريعات المنظمة لبنى وعمليات صناعة القرار بما يضفي عليهـا طابعـا مؤسـسيا

ويجردها من الطابع الشخصي، وإلغاء المؤسسات واألجهزة غير الدستورية، وفي مقدمها مـصلحة شـؤون

مها بناء جيش مؤسسي بما يغني الدولة عن االستعانة بالجيش الـشعبي، القبائل، وبناء أجهزة الدولة وفي مقد

وبما يخلص الجيش من الطابع العائلي، ويضمن عدم تدخله في السياسة، ويؤهله ألداء دوره في حماية سيادة

. الدولة، وبناء أجهزة شرطة قوية وقادرة على حفظ األمن

القائم على مراعاة البنى والعالقات القبلية، ووضع تقسيم إداري يجب إعادة النظر في التقسيم اإلداري الحالي

يراعي أهداف التنمية البشرية، وتقليص عدد المحافظات والمديريات، بما يمكن الدولة من فرض سيادتها على

كامل إقليمها، ويسهل تغلغلها في المجتمع، ويؤسس لعالقة بين الدولة والمواطن تقوم على التعامـل المباشـر

النفقـات اإلداريـة عبر أجهزتها الرسمية، التي ينبغي تأسيسها في كل المحافظات والمـديريات، ويقلـص


٥٤

والتشغيلية، وبما يساعد في عملية الدمج االجتماعي ليس فقط بين الشمال والجنوب، بل أيضا بين سكان كـل

ال يـستند علـى الـروابط شطر، من خالل تقسيم يستند على روابط مدنية تقوم على المصالح المشتركة، و

االجتماعية التقليدية واألهلية التي تقوم على القرابة واالنتماءات القبلية، ويجـب أن تؤخـذ بعـين االعتبـار

متطلبات النظام االنتخابي الجديد عند وضع التقسيم اإلداري، بحيث تشكل المديرية دائرة انتخابيـة محليـة،

.والمحافظة دائرة انتخابية تشريعية

جب فرض سيطرة الدولة االجتماعية المباشرة، من خالل إخضاعها سلوك األفراد االجتماعي وتوجهـات وي

سلوكهم لقواعد القانون واإلجراءات الرسمية التي تحددها، وإضعاف هيمنة قواعد التنظيمات القبليـة علـى

ودون وساطة من النخب القبلية، األفراد، وتنظيم عالقة الدولة بالمواطنين بما يكفل تعاملها معهم بشكل مباشر

وتأسيس هيئة مستقلة للخدمة المدنية، بما يضمن فصل اإلدارة عن السياسة وحياد الوظيفة العامة وخضوعها

.للمنافسة وفقا لمبدأ المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص


٥٥

حركة الحوثية فاعل غير رسمي في اليمنحركة الحوثية فاعل غير رسمي في اليمنالال *نيعبد الكريم محمد الخيوا

نشأة الحركة الحوثية -

أهداف الحوثي المؤسس-

الحوثية وبقية الفاعلين غير الرسميين-

موقف السلطة من الحوثية-

حدود الفعل الحوثي غير الرسمي-

الحرب مع السلطة-

مستقبل الحوثية-

خاتمة-

لالعبة ضمن عملية صراع ال إن مفتاح الفهم للفاعلين غير الرسميين يكمن في عملية إعادة إنتاج القوى ا

تحتكم للدستور واألطر القانونية ضمن مؤسسات الدولة، بل من خالل محددات القوة والعالقات خارج بنية

الحركة الحوثية اسم ينسب إلى لقب مؤسسها السيد حسين نجل السيد بدر الدين الحوثي أحد كبار علماء

.ى شمال اليمنالمذهب الزيدي الذي يقطن بمحافظة صعدة في أقص

نشأة الحركة الحوثية

لم تتأسس الحركة الحوثية في أول أمرها حركة سياسية منظمة لها أهداف ونظم ولوائح كسواها من

وتسجيالت للسيد حسين " منشورات"إنما بدأ إطارها الفكري يتشكل من خالل مالزم ، الحركات السياسية

.ي تستهدف التجديد الديني في إطار المذهب الزيديالحوثي على مجموعة من األفكار اإلسالمية الت

لم يطلق عليها إال " الحركة الحوثية"وتبلورت الحركة لتأخذ شكلها الخاص أثناء الحرب، حتى إن االسم

أثناء الحرب، وأطلقته السلطات بعد اندالع المواجهات بين الطرفين، فهي لم تتأسس حركة منجزة لها

.إال لكانت اختارت لنفسها اسما مختلفا عن الذي اشتهرت بهأهداف وطموحات سياسية، و

صحفي مختص بالحركة الحوثية *


٥٦

على يد السيد حسين الحوثي، وكان يطلق على ٢٠٠٠فالحوثية تأسست كحالة فكرية ودينية منذ العام

أداة ووسيلة رئيسة لنشر أفكارهم ورؤاهم الفكرية " الشعار"نسبة إلى تبنيهم " جماعة الشعار"مؤيديها وصف

.ياب تام ألي رؤية أو برنامج سياسي محددوالدينية، مع غ

ولكن الطبيعة الحركية للجماعة وظروف المواجهة مع النظام أحدثت نقلة نوعية في طبيعة الحركة،

، حيث اتسعت مساحة انتشارها، وازدادت فاعليتها، وأخذت تفرض نفسها فاعال ٢٠٠٥وتحديدا منذ العام

حتى إنها دخلت في ، لحروب الخمس التي شنتها السلطة ضدهامستفيدة من استمرار ا، غير رسمي باليمن

مواجهة مباشرة مع المملكة العربية السعودية، وذلك بعد خوضها خمس حروب في مواجهة السلطات

.السعودية وتقول الحركة إن كل حروبها كانت دفاعا عن النفس

الحوثي المؤسسأهداف

سه شخصية إسالمية مجددة في المذهب الزيدي، وأصدر كان السيد حسين الحوثي حريصا على تقديم نف

لهذه الغاية مجموعة من المالزم تحتوي على أفكار ومراجعات فقهيه دينية تنطلق من المذهب الزيدي بشكل

وقدمها في قالب عصري بعيد عن الطابع ، أساسي مع استيعاب آراء المذاهب األخرى والواقع المعاصر

لمحلي السياسي وتفاصيله، وضّمن أفكاره بعدا قوميا وإسالميا يقول أتباعه إنه ال التقليدي متجاوزا الواقع ا

.يتصادم مع السياسة الرسمية لليمن

والحوثي كما يصفه مؤيدوه يرفض العنف حتى ضد األطراف التي يهتف ضدها ويعتمد على التوعية

د من الغزو األمريكي اإلسرائيلي، كما وال يريد المواجهة مع النظام الحاكم وهدفه تحصين البل، والتدريس

وعليه فقد تبنى ، من شيء جامع كالقضية الفلسطينية ورفض الهيمنة األمريكية- برأيه- يقول، وليس هناك

، وبدأ ترديد هذا الشعار في "النصر لإلسالم، الموت ألمريكا، الموت إلسرائيل، اهللا أكبر"الحوثي شعار

، ٢٠٠١ل إلى مسجد الهادي بعاصمة المحافظة صعدة في العام حتى وص، بعض المساجد عقب الصالة

وكانت المالزم والتدريس بالمراكز التي يشرف عليها وسيلته للوصول إلى الناس ومخاطبتهم، حتى كان


٥٧

يلتف اآلالف منهم بنهاية الفصل الدراسي حوله في مران فيما يشبه تظاهره سنوية، وكانوا يأتون من صعدة

.رة، ما لفت نظر السلطة إلى تعاظم شعبيته ودورهوالمناطق المجاو

بل كان االنزعاج لدى علماء الزيدية بصعدة الذين ، لم تكن السلطات اليمنية في البداية منزعجة من الشعار

ولكن كانت مالزم الحوثي تنتشر ، لم يجدوا من المناسب ترديد هذا الشعار عقب الصالة في بيوت اهللا

وامتدت الهتافات بالشعار ، من الشباب في مناطق تواجد المذهب الزيدي خاصةبسرعة وتستقطب الكثير

وأصبح أنصار الجماعة هدفا لالعتقال عقب كل صالة جمعة، ما جعلهم يعتقدون ، للجامع الكبير بصنعاء

بل كان مرددو الشعار، رغم تكرار ، بأهمية ما يقومون به، وأن السلطات اليمنية تعتقلهم بضغط أمريكي

".الشعار"ليات االعتقال أسبوعيا ضدهم، واثقين من أن السلطة ال تستهدفهم وأنها موافقة ضمنا على هذا عم

الحوثية وبقية الفاعلين غير الرسميين

تختلف الحركة الحوثية عموما عن غيرها من القوى الفاعلة غير الرسمية باليمن، لكنها قد تتشابه معها في

.لة والحراك السلمي الجنوبيجوانب أخرى، وتحديدا القبي

ولعل التشابه األهم بين الحوثية والحراك الجنوبي أنهما جاءا معبرين عن معاناة ومطالب الشرائح التي

كما أن تكوين الطرفين جاء من خارج إطار من . وذلك بغض النظر عن اختالف هذه المطالب، يمثلونها

إضافة إلى تساويهما كهدف لقمع السلطات نتيجة ، معارضة، أي السلطة وال"زمام الفعل ورد الفعل"يملكون

. مع اإلشارة إلى أنهما وجدا عند تأسيسهما حاضنة جغرافية لكل منهما، ا تجاههمةللسياسة الرسمية الخاطئ

.ولكن يتميز الحراك بأنه يطرح قضية سياسية ويذكر بنموذج كان لوقت قريب يشكل دولة معترفا بها

ية فبقدر ما تختلف مع الحوثية بالنشأة ثمة مشترك اجتماعي يجمعها بالحوثية، وهو أما التكتالت القبل

االنتماء لألعراف والتقاليد القبلية، لكن تتميز الحوثية عن القبيلة بامتالكها لرؤية دينية وفكرية محددة

ون على ترديده، كما كالشعار الذي يصر الحوثي، وبسعيها لتحقيق أهداف تتجاوز االهتمامات المحلية والقبلية

. أن الفرد في الحركة الحوثية ليس خاضعا لوصاية الشيخ كما في القبيلة


٥٨

موقف السلطة من الحوثية

حربا إعالمية موازية ضد الحوثي، ٢٠٠٤شنت السلطة منذ بداية الحرب األولى في منتصف العام

وقالت بانتمائه للمذهب الشيعي ، مامةواتهمته تارة بادعاء النبوة وتارة أخرى بالمهدوية وصوال إلى اإل

.وذلك للداللة على خروجه عن النظام قانونيا ودينيا بل وأخالقيا، االثني عشري ووصمته بالعمالة إليران

ولكن فقدت معظم هذه االتهامات جدواها، ألنها جاءت في سياق الحروب التي شنت ضد جماعة الحوثي

بغض النظر عن فحواها مجرد عمل دعائي لتبرر السلطة حروبها ورأى فيها الكثير من المحللين، بصعدة

.شعبيا وسياسيا ضد هذه الجماعة

باعتبار أن اإلمامة هي من ، وتقوم الحركة الحوثية بالفعل على فكرة اإلمامة كمرجعية لفكرها السياسي

) الحسن والحسين(ن أصول المذهب الزيدي الخمسة، وتفصيل ذلك أن اإلمامة عند الزيدية محصورة بالبطني

غير أن الزيدية . من أوالد علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت الرسول الكريم صلى اهللا عليه وسلم

ليست بدعا في هذا األمر، وال يبرر ذلك شن الحروب ضدها، وإال فإن هناك نصا في كتب السنة يعين

يحكم واقع الزيدية ما يقابله مما لديهم من فهل نجد أثرا لهذا الحكم في واقع السنة ل، الخالفة في قريش

نصوص؟

والواقع أن الزيدية وعلماءها متعايشون مع النظام الجمهوري منذ قيام الثورة التي فجرها ضباط ينتمي كثير

.أي البطنين، وهذا معناه أنهم تجاوزوا هذه النقطة، منهم للمذهب الزيدي، بل ومن ساللة الهاشميين

بأن الحكم يكون بالقوي األمين أي ليس حكرا على ١٩٩٠عام ) ١(أكبر علماء الزيديةوقد أفتى عدد من

، والذي أكد )٢(والقسم المعروف والمنشور الذي أصدره إمام الزيدية العالمة مجد الدين المؤيدي، البطنين

.فيه أنه ال يمانع أن يحكم حتى حبشي بكتاب اهللا وسنة نبيه


٥٩

إنه لو خرج " قائال ٢٠٠٤تموز /ن قد صرح لصحيفة الشورى في يوليوبل إن السيد حسين الحوثي كا

، في إشارة واضحة إلى اإليمان والتسليم "اإلمام زيد بن علي من غير مجلس النواب المنتخب ما قبلنا به

وهذا يوضح ، بدولة المؤسسات وأن اإلمام أو الرئيس أو القائد يجب أن يأتي من البرلمان وباالنتخاب

.ة اإلمامة وأنها ليست السبب الحقيقي للحرببطالن تهم

ولكن هذا ال ينفي وجود طموح سياسي لدى الحركة الحوثية، والمهم أن يكون في إطار الشرعية والقوانين

والدستور والنظام الجمهوري القائم وعن طريق االنتخابات والبرلمان، وهم ال يحتاجون لتغيير اسمهم كي

.االنتخاب مثل غيرهم من المواطنينيمارسوا حقهم في الترشح و

حدود الفعل الحوثي غير الرسمي

٧٠٠بدأ الحوثي نشاطه في منطقة صعدة التي تقع على الحدود اليمنية السعودية، البالغ عدد سكانها حوالي

ألف نسمة أغلبهم ينتمون للمذهب الزيدي الذي يخاف عليه بعض أبنائه من أن يتعرض للطمس تراثا

ويعتمد سكانها على الزراعة وفيها أكبر ، تعاني المنطقة من سوء الخدمات وغياب البنية التحتيةوفكرا، و

، حتى إنه تباع فيها األسلحة الثقيلة ما عدا )سوق الطلح(سوق للسالح ربما على مستوى الشرق األوسط

.وذلك بعلم السلطة وموافقتها، الدبابات والطائرات

١٩٩٣يد حسين الحوثي كان نائبا في البرلمان عن حزب الحق بين العامين إن مؤسس الحركة الحوثية الس

، وهو نجل السيد بدر الدين الحوثي أحد كبار علماء المذهب الزيدي الذي عرف إلى جانب قيامه ١٩٩٧و

مارس االبن - خاصة مع غياب السلطة- وامتدادا لدور األب . بالتدريس بحل الخالفات والصلح بين القبائل

س وحركته هذا الدور وعلى نطاق واسع، فعملت األخيرة على حل خالفات الناس في مناطق المؤس

وجودها بالشرع واألعراف والمصالحات، كما قامت بتشغيل وإصالح مولدات الكهرباء وتأمين الطرق إلى

. ويض عنهمجانب عنايتها بالتدريس وإحياء المناسبات الدينية ومتابعة قضايا المعتقلين من أبنائها والتع


٦٠

وبقدر ما مثل هذا الدور سدا لفراغ نتج عن غياب الدولة في بعض األماكن، أعطى للحركة دورا بديال أو

مزاحما لدور السلطة في مناطق نفوذ الحوثيين، خاصة أن سلطة الحركة تكرست على بعض المناطق

غياب وجود بنية تحتية ومشاريع أضف إلى ذلك أن . باالستناد إلى األمرالواقع الذي فرضته نتائج الحرب

تنموية في تلك المناطق جعل ساكنيها يرون في السلطة مجرد جابي ضرائب، وأن ال فرق بين غياب الدولة

.وحضورها، وهو ما انعكس إيجابا على شعبية الحوثيين وزاد من نفوذهم

ناطق تسبب بتآكل وظائف وهكذا فإن غياب السلطة وخدماتها وعدم حرصها على إثبات وجودها في تلك الم

ولن يكون من السهل في ، الدولة وتخلي الناس عن التطلع إليها في أكثر من مكان لصالح الحركة الحوثية

المستقبل منع الحركة من مزاحمة السلطة في الحكم المحلي واالنتخابات واألوقاف والتعليم، حيث باتت

.لقطاعات الرسمية وتآكلهاالحركة قادرة على فرض نفسها في مقابل ضعف تواجد ا

مراكز قوى أو ، كما أن النظام الرسمي باليمن عموما يعاني من التحلل لصالح أطراف ومكونات أخرى

قبيلة أو الحوثيين، ما يزيد من دور الفاعلين غير الرسميين، والحوثيون في صعدة في مقدمتهم بطبيعة

عن بعض وظائفها طوعا لصالح اآلخرين ونأت بنفسها مع العلم أن السلطة في الفترة األخيرة تخلت. الحال

عن معالجة المشاكل وحل الخالفات، بل إن تعنتها لست سنوات وإدخالها مفردات الصراع اإلقليمي لليمن

واإلصرار على الحسم بالقوة وإخفاقها المتكرر في تحقيق ذلك أدى إلى تقليص دورها كسلطة وأطاح

ر الحركة الحوثية، وشجع الحراك الجنوبي على رفع سقف مطالبه وتصعيد وعزز من نفوذ وانتشا، بهيبتها

.احتجاجاته

ولم يبدر من الحركة الحوثية حتى اآلن أي نزوع لالستقالل أو اتجاه نحو إلغاء أي من مظاهر وجود الدولة

للدوله ولم تنف الحركة خضوعها . أو مضمونا مثل رفض وجود السلطة المحلية-من علم أو نشيد- شكال

، وهي قادرة على ذلك) صعدة(اليمنية، ويؤكد ذلك أنها لم تقم أثناء الحرب بالسيطرة على مركز المحافظة

وإذا عدنا إلى طبيعة نشأة الحركة وتأسيسها فسنجد أنها . ولم تستهدف مقرات الحكومة بمدينة صعدة

في المقابل لم تطرح مشروعا أو لكنها، اختزلت برنامجها بشعار تحدد فيه أنها ضد أميركا ومع فلسطين

.برنامجا سياسيا ولم تقدم رؤية وطنية للقضايا التي تهم اليمنيين


٦١

وفي الوقت الراهن، وألن الحركة الحوثية تعد نفسها جزءا من الشعب اليمني ولديها نفس المطالب

يضم عدة أحزاب والقضايا، وقعت اتفاقات مع لجنة الحوار الوطني التي أنشأها اللقاء المشترك الذي

يسارية وقومية وإسالمية، وال يعقل أن هذه األحزاب ستوقع اتفاقا وطنيا مع حركة لديها نزوع نحو

بل إن الحركة تضع نفسها بهذا االتفاق في الموضع . االستقالل أو ال تعترف بالجمهورية والدولة

حو االستقالل أو الطموح لممارسة الجيوسياسي والظرف اإلقليمي والدولي الذي لن يساعدها على النزوع ن

. أي دور إقليمي

وال ننسى أن محافظة صعدة جغرافيا تقع بين اليمن والسعودية حيث ال يمكن الوصول إليها إال من خاللهما

وتاريخيا لم تكن اال جزءا من ، وتفتقر للبنى التحتية والخدمات واإلمكانات وال تطل على أي بحر، فقط

وال يوجد لديها أهداف يمكن القول إنها تنبئ بالنزوع نحو االستقالل عن ، عاصمة لهاالدولة اليمنية أو

سلطة الدولة أو السعي المتالك دور إقليمي، كما أنه ليس هناك ما يمكن أن تضيفه المتالك مثل هذا

.الدورعلى األقل في الوقت الراهن

تجاذبات بالمنطقة بين مشاريع االعتدال لكن من المؤكد أن هناك تصنيفا لحركة الحوثيين في إطار ال

.ويمكن تصنيفها مؤيدا لقوى الممانعة، وهذا هو حدود الدور الذي يمكن أن تلعبه إقليميا، والممانعة

الحرب مع السلطة

كانت السلطة قادرة على تسوية األزمة مع الحركة الحوثية إن أرادت ودون اللجوء للحرب التي استمرت

وإلخفاء السبب الحقيقي ، فضلت الحرب التي سيقت كل المبررات لشنها واستمرارهالكنها ، ست سنوات

، حيث ٢٠٠٤آب /وهو ما ذكره رئيس الجمهورية عند اجتماعه بعلماء المذهب الزيدي في أغسطس، لها

".أنتم فتحتم ملف التوريث وأنا فتحت الحرب بصعدة"قال

وهي قضيه حساسة ، وريث الحكم والوظيفة العامة باليمناليمنية قد فتحت ملف ت" الشورى"وكانت صحيفة

، عّد الرئيس نقاشها رسالة من العدنانيين باليمن الذين كانوا يحكمون استنادا إلى الشرعية الدينية قبل الثورة


٦٢

ويعدهم الرئيس الطرف األخطر على مشروع توريث نجله أحمد، فالشرعية الدينية أقوى حجة من الشرعية

وقد نشر وكتب حول مسألة التوريث أكثر من ، عسكرية ما دام أمر الجمهورية قد آل إلى التوريثالقبلية وال

.مرة في عدة صحف ومقابالت ولم ينف الرئيس التوريث حينها رسميا

واستمرت الحرب ست جوالت بمبررات متجددة تتجاوز العقل والمصلحة الوطنية والمنطـق دون الوقـوف

.ت تحته عدة أهداف أخرى تخدمه بطريقة أو بأخرىعلى هذا السبب الذي دخل

المـوت ، المـوت ألمريكـا ، اهللا أكبـر (في حين كان الحوثي يرى أن السلطة لن تختلف معه بسبب الشعار

الذي برأيه يحمي اليمن من أي تدخل أو غزو خارجي وال يكلف السلطة إحراجـا ) النصر لإلسالم ، إلسرائيل

وبناء على هذه القناعة كان الحوثي األكثر تفاجؤا من إعـالن . نشاطا شعبيا محليا ألنه ال يعدو كونه ، سياسيا

، وأظهر الحوثيون استماتة في مواجهة السلطة بسبب الظروف ٢٠٠٤تموز /الحكومة الحرب ضده في يوليو

الصعبة للمنطقة التي ال تتوافر فيها أدنى الخدمات، والرفض الرسـمي لكـل الحلـول، واإلصـرار علـى

ضعافهم وانتهاج سياسة العقاب الجماعي ضدهم، فضال عما كان يستشعره بعض أبناء المذهب الزيدي في است

.تلك المنطقة من وجود جهود لطمس مذهبهم

وبعد صمود الحوثيين في الحروب التي خاضوها واالنتصارات التي حققوها ضد الجيش اليمني في أكثر من

يطه، وصار محل أعجاب أبناء المنطقة التـي تعـاني الحرمـان معركة، زادت شعبية الحوثي وتجاوزت مح

ولم يفلح لجوء السلطة إلى وسائل العقاب الجماعية، كالفصل من الوظائف، وإغـالق . والظلم وغياب التنمية

المدارس، ومنع الخدمات الطبية والكهرباء عن عموم مديريات محافظة صعدة، في إضعاف الحركة أو الحـد

واجه الحوثيون ذلك بسد الفراغ المعيشي واإلنمائي الذي تسببت به الـسلطة، مـا جعـل من شعبيتها، بل

.الحوثي وجماعته يحظون بشرعية شعبية ذات وظيفة منافسة للسلطة والدولة الغائبة

المحيطة وطبيعة النشأة والدور الذي لعبه الحوثيون، وشخصية المؤسس حسين الحوثي، فوهكذا فإن الظرو

الرسمية في التعامل معه، واعتماد السلطة منهج القوة لحسم المعركة مع جماعته، وعدم القبول بأي واألخطاء

خيارات أو حلول أخرى، ودخول السعودية في مواجهة مع هذه الجماعة، كل ذلك عزز من وجود الحـوثيين

.طئـة فاعال غير رسمي، وما كان يـستطيع أن يكـون كـذلك دون كـل تلـك الـسياسات الرسـمية الخا


٦٣

مستقبل الحوثية

وإذا عدنا لطبيعة نشأة الحوثية فـسنجد ، توقف البعض كثيرا عند هذه النقطة وحدود الطموح السياسي للحوثية

، لكنه من الناحية الواقعية لم يكن سوى شعار ال مضمون سياسيا لـه ، أن شعارها ذو بعد يتجاوز حدود اليمن

فكرة لن تتحرك أو تلتقي مع غيرها من األفكار علـى المـستوى وهذا بالطبع ال يعني أن الحركة الحوثية ك

خاصة أن تعاليمها تتجاوز حدود االنغالق المذهبي والطائفي، وقد تجد نفـسها ، العربي واإلسالمي الوطني أو

وقد يعدها طرف إقليمي ممهدة لتوجه أو تفكير أو تراث أو ، متفقة مع فكر أو توجه إسالمي آخر في محيطها

إنما المؤكد أن الحركة الحوثية ال تـسعى ، ويلتقي معها فتلعب دورا يتجاوز اليمن ضمن هذه الحدود نظرة ما

.للتوسع في محيطها اإلقليمي بأي شكل

ولكن من المؤكد أن الحركة الحوثية فاعل فرض نفسه، ومن الصعب تجاوزها في المستقبل على المستوى

ليمن وليس االنكماش، ألنهم من ناحية أحيوا تـراث المـذهب ودور الحوثيين مرشح للتعاظم في ا . الوطني

وبالتـالي فهـذا سـيعود ، الزيدي، حتى إن الراحل حسين الحوثي المؤسس سيحسب من مجددي هذا الفكر

كما أنهم وطنيا ليسوا على صدام مع مكونـات الهويـة ، بمردود إيجابي على الحركة الحوثية في محيطها

وزوال التهم الموجهة إليهم سيعطي بقية األطـراف ، على كل القوى السياسية للشخصية اليمنية ومنفتحون

وهم فـي ، فرصة تعّرفهم بالحركة الحوثية عن كثب بعيدا عن الصورة المشوهة التي قدمتها السلطة عنهم

الوقت نفسه يحظون بإعجاب غير قليل في محيطهم المذهبي والقبلي، وهذا كله لصالحهم وسيمنحهم هامش

.أوسعحركة

خاتمة

الحوثية ليس نبتا غريبا عن اليمن، وهي اليوم واقع ملموس ومؤثر، والتفكير بالحيلولة دون ازدهارها

وإن كان أتباعها ، ينطوي على رفض االعتراف بحقوقها الفكرية والشرعية التي يكفلها الدستور والقانون

.ومنعهم من ذلك معناه العودة لمنطق الحرب، أقلية فلهم الحق بحرية الفكر والمعتقد والتعبير وممارسته

وسياسيا ينطوي الواقع القائم على الكثير من التشابكات وتقاطعات المصالح، فهناك قوى معارضة مستفيدة

وكانت بعض قيادات أكبر حزب يمني الذي هو اإلصالح مستفيدة من ، من بقاء األوضاع على ما هي عليه


٦٤

وكانت تعتقد أن الحسم ، رضت على الحرب ولم تسع إليجاد حل لهاالحرب في صعدة بشكل أو بآخر، وح

.العسكري يصب في مصلحتها، وإن كانت مواقف اإلصالح في إطار اللقاء المشترك مختلفة إلى حد ما

وهناك مراكز قوى بالسلطة لديها ارتباطات خارجية ومصالح خاصة مع المملكة العربية السعودية التى

عب الوحيد واألقوى باليمن، مستفيدة من خريطة عالقاتها مع القبائل ومع رجال تسعى ألن تكون الال

.السلطة ومع النظام عموما

لهذا ال يمكن التفاؤل بالمستقبل كثيرا مع استمرار الوضع القائم، ويمكن أن ينمو دور الفاعلين غير

ر الرسميين، خاصة عندما تشهد الرسميين ويزداد فعالية أكثر من ذي قبل، بل قد يزيد عدد الفاعلين غي

الدولة تحلال ما، حيث لم يتبلور الشارع اليوم إلى شكل قوة تغييرية تريد أن تتجاوز أخطاء السلطة

وأن تحقق تغييرا جذريا في الواقع اليمني، وأن تعمل على صناعة واقع آخر تسوده ، والرئيس وعائلته

أمول من حركة الشارع والشباب اليوم أن يبنوا دولة مدنية العدالة والديمقراطية والمساواة والقانون، والم

.يذوب فيها الفاعلون غير الرسميين وتكون فيه الدولة هي الفاعل الوحيد، تحقق آمال وطموحات اليمنيين

_________________

:هوامش

. ي، قاسم محمد الكبسي الفتوى صدرت بتوقيع العلماء محمد محمد المنصور، حمود عباس المؤيد، أحمد محمد الشام-١

.أبرز علماء الزيدية في القرن األخيرمن عالم دين يمني يعد ) ٢٠٠٧ - ١٩٠٥(مجد الدين المؤيدي -٢


٦٥

حراك الجنوبي، فاعل غير رسمي في اليمنحراك الجنوبي، فاعل غير رسمي في اليمنالال *محمد علي أبو بكر السقاف

تجاهل الوحدة للموروث ولالتفاقيات السابقة-

الحرب ومطلب فك االرتباط-

القضية الجنوبية والحراك في مواجهة السلطة والدولة-

الحراك الجنوبي وبقية الفاعلين غير الرسميين-

خاتمة-

يؤشر ظهور القضية الجنوبية في شكل الحراك الجنوبي كحامل شرعي للقضية إلى أمرين، أولهما في

. الاختيار التسمية بالجنوبية كقضية وكحراك دون اإلفصاح عن يمنيتها أم

واألمر الثاني يتعلق بتغييب الحزب االشتراكي اليمني الحزب الحاكم سابقا للجنوب، وهو من وقع باسمه

األمين العام للحزب اتفاقيات الوحدة األخيرة مع دولة الشمال، ويؤخذ على هذا الحزب فترة حكمه الشمولي

.اقيات الوحدةوعدم تأمينه لحقوق ومصالح أبناء دولة الجنوب عند إبرامه التف

وقد حرص الحراك منذ قيامه، وبمختلف فصائله، على إيجاد مسافة تفصل بينه وبين الحزب االشتراكي

فمن أهم أهداف . ليكون قوة فاعلة جنوبية غير رسمية تختلف بأهدافها وتكوينها عن الحزب االشتراكي

. واستعادة استقالل وسيادة دولة الجنوبالحراك التي تميزه عن االشتراكي أنه يدعو لفك االرتباط بالشمال

بينما الحزب االشتراكي، كبقية األحزاب السياسية المعارضة المنتمية إلى كتلة اللقاء المشترك، يسعى

.للوصول إلى السلطة في إطار دولة الوحدة

بيين واالختالف اآلخر بينهما يتمثل في أن الحراك يحتضن جميع فئات أبناء الجنوب من مستقلين وحز

منتمين إلى جميع األحزاب السياسية القائمة في اليمن، بمن فيهم أعضاء في الحزب الحاكم، المؤتمر الشعبي

كما أن جميع أعضاء الحراك وقياداته مقتصرة فقط على أبناء الجنوب، وال يوجد بينهم أحد من أبناء . العام

اكي وبقية األحزاب األخرى هي من الشمال المحافظات الشمالية، في حين أن غالبية قواعد الحزب االشتر

دكتوراه الدولة في القانون الدولي السوربون، وناشط حقوقي *


٦٦

% ٢٠في الشمال، مقابل % ٨٠بحكم فارق الكثافة السكانية بين الشمال والجنوب التي تصل إلى ما نسبته

. في الجنوب

تجاهل الوحدة للموروث ولالتفاقيات السابقة

ل اتفاقية دولية للوحدة في بين الشمال والجنوب إلى توقيع أو١٩٧٢أيلول /أدت الحرب األولى في سبتمبر

ولم تنل من دولة ١٩٧٩القاهرة في أكتوبر من نفس العام، تلتها حرب ثانية بين البلدين في فبراير

لتترك أثرا ١٩٨٦كانون الثاني / يناير١٣ثم كانت الحرب الداخلية في الجنوب والمسماة بمذابح . الجنوب

ة وقدراتها القتالية لدولة الجنوب، فقد راح ضحية هذه كبيرا كان من أهم نتائجها إضعاف القوة العسكري

الحرب األهلية اآلالف من الجنوبيين في الصراع بين أنصار الرئيس علي ناصر محمد وجماعته الذين

، ومعارضيه الذين انتصروا في المواجهة المسلحة وتولوا السلطة بعدها بقيادة )الزمرة(أطلق عليهم اسم

).بالطغمة(عام للحزب االشتراكي وكانوا يسمون علي سالم البيض كأمين

ألفا من أفضل ألوية الجيش الجنوبي ٣٠ ألفا و٢٠وأدى هذا الصراع بين الجماعتين إلى نزوح ما بين

وكوادره مع أسرهم إلى اليمن الشمالي، واستخدمت صنعاء هذه القوة الحقا لتحقق نصرها العسكري في

.١٩٩٤حرب

من العناصر الرئيسة التي تسببت بإضعاف القوة التفاوضية ١٩٨٦كانون الثاني /اير ين١٣فقد كانت مذابح

الجنوبية في طريقها إلى الوحدة مع الشمال، ال بل تحرص السلطة اليمنية الحالية على إذكاء الصراعات

اك التي أفرزتها تلك الحرب التاريخية لتحرض أطرافا ضد أطراف أخرى، وذلك في سياق مواجهتها للحر

.الجنوبي

: وباإلشارة إلى ضعف القوة التفاوضية للجنوب، فإن أهم مظاهرها قد تمثلت في اثنتين


٦٧

إقرار القادة الجنوبيين لوحدة ارتجالية تحت الضغوط لم تأخذ بعين االعتبار االختالف في الموروث -١

في المرحلة التالية له التاريخي والسياسي الذي عاشه الجنوبيون إبان فترة االستعمار البريطاني أو

.في دولتهم المستقلة

عدم إدراك القادة الجنوبيين لمكامن القوة والضعف في دولتهم مقارنة مع الشمال، هذا فضال عن -٢

١٩٩٤نيسان / أبريل٢٢تفريطهم باتفاقيات الوحدة السابقة بقبولهم التوقيع على اتفاقية صنعاء في

. عقودةالتي تناقض في آلياتها االتفاقيات الم

اختالف الموروث التاريخي والسياسي-١

تمت الوحدة بين الدولتين اليمن الشمالي والجنوبي دون أن تأخذ باالعتبار االختالف بينهما في الموروث

:التاريخي والسياسي، ويمكن تمييزه وفق اآلتي

جنوب اليمن

دارة وسيادة القانون والمجتمع المدني عرف جنوب اليمن في عهد االحتالل البريطاني مفهوم الدولة واإل

ونشأت في ظل دولة االستقالل دولة مركزية مدنية يحكمها . والتعددية الحزبية والسياسية والحياة البرلمانية

.نظام الحزب الواحد ممثال بالحزب االشتراكي

مدا على ملكية القطاع أما النظام السياسي فقد كان ذا طابع أيديولوجي علماني، وكان االقتصاد موجها ومعت

العام والمختلط ألدوات اإلنتاج والصناعات الخدمية التي كانت بعض مكوناتها قد أممت أصال، ولم يتم بعد

الوحدة إعادتها ألصحابها وتركت على ما هي عليه ليسهل استيالء دولة الوحدة عليها، وهو ما حصل حيث

.١٩٩٤فذين والمقربين من السلطة بعد حرب وزعت مع أراضي وعقارات الدولة األخرى على المتن

وكانت دولة الجنوب تقوم على محاصرة القبيلة دستوريا وتشريعيا وعدم االعتراف بها، وكانت تحتكر

.وحدها أدوات العنف وممارسته


٦٨

اليمن الشمالي

:عاش اليمن الشمالي ظروفا مختلفة عن تلك التي في الجنوبي من ذلك

دارة مع نظام األعراف القبلية الذي أثبت في بعض األحيان أنه السائد فوق سيادة تعايشت الدولة واإل -

.القانون

حظرت فيه الحياة الحزبية دستوريا، وتم تأسيس المؤتمر الشعبي العام في عهد الرئيس علي عبد اهللا -

.صالح وكانت تسميته بالمؤتمر بسبب هذا الحظر

تحالف المؤسستين العسكرية والقبلية خاصة في ظل حكم الرئيس علي عبد اهللا النظام السياسي يقوم على -

.صالح، واالقتصاد يجمع بين حرية السوق واالقتصاد الموجه

الدولة والمؤسسة القبلية بيدهما أدوات العنف، لذا فإن تسليح القبيلة كان وال يزال من أهم روافد ديمومة -

.وفاعلية دور القبيلة السياسي

الوحدة واالتفاقيات السابقة -٢

حتى ١٩٧٢تشرين األول /أقرت كل االتفاقيات، من اتفاقية الوحدة األولى الموقعة في القاهرة في أكتوبر

، خطوات تسبق إعالن قيام دولة الوحدة، أهمها تنظيم استفتاء ١٩٨٩تشرين الثاني /اتفاق عدن في نوفمبر

اء البرلمان الجديد الموحد في إطار من التعددية الحزبية، على على دستور الوحدة وإقراره، وانتخاب أعض

. أن يتم أيضا انتخاب أعضاء مجلس الرئاسة وتشكيل الحكومة الموحدة

جاء بعكس ذلك، فقد اتفق الطرفان على ١٩٩٠نيسان / أبريل٢٢ولكن ما حدث في اتفاقية صنعاء في

، وتشكيل مجلس النواب الموحد بدمج أعضاء ١٩٩٠أيار / مايو٢٢إعالن قيام الجمهورية اليمنية في

١١١ عضوا مع أعضاء مجلس الشعب األعلى للجنوب وعددهم ١٥٩مجلس الشورى للشمال وعددهم

. عضوا يختارون بقرار من مجلس الرئاسة٣١عضوا، يضاف إليهم


٦٩

تخابية وفق المعيار اعتمد تقسيم الدوائر االن١٩٩٢والالفت أن قانون االنتخابات العامة الذي صدر عام

وبذلك أصبح الجنوب الذي . مقعدا١٢٦ مقعدا بدال من الرقم السابق ٥٦السكاني، وعليه خصص للجنوب

ألف ٥٥٥يعادل ثلثي مساحة اليمن الموحد اإلجمالية البالغة ( ألف كلم مربع ٣٣٦تبلغ مساحته الجغرافية

مقعدا نيابيا فقط، ٥٦مثال في مجلس النواب بـمن نفط دولة الوحدة م% ٨٠، وينتج ما يقارب )كلم مربعا

. مقعدا٥٤أي بفارق مقعدين فقط عن المقاعد المخصصة لمحافظة صنعاء وأمانة العاصمة البالغة

وابتكرت اتفاقية صنعاء منصب نائب رئيس مجلس الرئاسة الذي شغله ممثال للجنوب السيد علي سالم

دة الذي فرغت اللجنة الدستورية من إعداده في نهاية العام البيض، وهو منصب لم ينص عليه دستور الوح

.، وتسبب ذلك بغياب اختصاصات نائب الرئيس الدستورية١٩٨١

لم ١٩٩٠تشرين الثاني / نوفمبر٣٠كما أن الدستور نفسه الذي كان من المفترض االستفتاء عليه قبل

ة الوحدة، بل ذهبت السلطة أبعد من ذلك ، أي بعد عام من قيام دول١٩٩١أيار /يستفت عليه إال في مايو

واعتبرت االستفتاء على الدستور كأنه استفتاء على الوحدة، وأنه ال حاجة الستفتاء الشعب على الوحدة

.بذاتها

الحرب ومطلب فك االرتباط

آثارا سيئة على الحياة في الجنوب، أدت إلى ميالد القضية الجنوبية والحراك ١٩٩٤تركت حرب صيف

.لجنوبي المطالب بفك االرتباط مع الشمالا

وباشتداد األزمة السياسية بين شريكي دولة الوحدة تشكلت لجنة حوار من القوى السياسية لحل األزمة

٢٠/٢/١٩٩٤وتوصلت إلى صياغة ما سمي بوثيقة العهد واالتفاق، وتم التوقيع عليها في عمان بتاريخ

.١٩٩٤ة التي تنصلت منها السلطة بعد انتصارها في حرب تحت إشراف الملك حسين، وهي االتفاقي


٧٠

٢٧/٤/١٩٩٤فقد اعتبر خطاب الرئيس علي عبد اهللا صالح في ميدان السبعين في العاصمة صنعاء في

بمنزلة إعالن حرب على الجنوب تاله مباشرة صدور عدة قرارات جمهورية، منها إعالن حالة الطوارئ

الدستورية عن علي سالم البيض ثم عن حيدر العطاس بقرار من مجلس ، وإسقاط الشرعية ٥/٥/١٩٩٤في

الرئاسة اتخذه انفراديا أعضاؤه الثالثة الشماليون وفي غياب ممثلي الجنوب االثنين، وردا على ذلك أعلن

وصدر قراران عن مجلس األمن الدولي رقم . فك االرتباط بالشمال٢١/٥/١٩٩٤علي سالم البيض في

، دعا الطرفين لحل مشاكلهما بالحوار وليس من خالل استعمال القوة، ١٩٩٤في يونيو ) ٩٣١(و) ٩٢٤(

بهزيمة الجنوب ٧/٧/١٩٩٤ولكن انتهت الحرب في ". قيد النظر الفعلي"ونوه إلى إبقاء هذه المسألة

.عسكريا

اتفاقيات واعتبرت بعض النخب والقيادات الجنوبية أن الحرب حولت الوحدة إلى احتالل، وأنها أسقطت

.١٩٩٤الوحدة واستبدلت بدستور الوحدة دستورا جديدا للعام

التشريع أداة انقالبية

يرى الحراك الجنوبي أن الحرب ألغت الوحدة التوافقية بالوسائل العسكرية، وأن التشريع استخدم كأداة

وإلغاء مقومات دولته، ومن انقالبية إللغاء األسس القانونية لدولة الوحدة ولالستيالء على ثروات الجنوب

:ذلك

مادة ١٣١ مادة من أصل ٨٠ تعديل ١٩٩٤تشرين األول / أقر مجلس النواب اليمني الموحد في أكتوبر-

، وخالفا التفاقية الوحدة التي ألغت دستوري الدولتين ١٩٩١أيار /من دستور الوحدة المستفتى عليه في مايو

إلى الدستور ١٩٧٠وعة من مواد دستور الشمال للعام مجم- تحت مسمى التعديل- السابقتين أعيدت

الجديد، كما ألغيت من هذا األخير بعض المواد كالمادة المتعلقة بحقوق المواطن المنصوص عليها في

". أو العقيدة... بأنه ال تمييز بين المواطنين بسب الجنس أو اللون "اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان القاضية

.ن مجلس الرئاسة كهيئة تمثيل للشمال والجنوب هيئة فردية ممثلة برئيس الجمهوريةوكذلك استبدل م

قرارات بقانون تتعلق بالجرائم والعقوبات وباإلجراءات ١٩٩٤تشرين األول / أصدر الرئيس في أكتوبر-

.الجزائية، وبالعقوبات واإلجراءات العسكرية، واستخدمت للتعجيل بمحاكمة قادة الجنوب


٧١

يتعلق بأراضي وعقارات الدولة، سمح بموجبه لرئيس ١٩٩٥الرئيس قرارا جمهوريا بقانون لسنة أصدر -

الجمهورية بتوزيع أراضي وعقارات الدولة بشكل رئيسي في الجنوب، على أفراد من أسرته ومن

. مكافأة لهم١٩٩٤العسكريين والتجار والشيوخ الذين شاركوا في حرب

، بطريقة أتاحت لمجموعة من ١٩٩٩خصة بموجب قانون الخصخصة للعام شكلت اللجنة العليا للخص-

المتنفذين تملك المؤسسات الصناعية والتجارية والفندقية والخدمية للقطاع العام والمختلط إضافة إلى تملك

.المنشآت والمباني والعقارات الحكومية

ضي الجنوب لعدد من الشخصيات امتيازات نفطية في أرا١٩٩٤ وزعت السلطة السياسية بعد العام -

القبلية والعسكرية الشمالية ولبعض أقارب الرئيس، إضافة إلى أن معظم شركات الخدمات للعمليات

البترولية هي بيد شخصيات غير جنوبية، بل إن غالبية العمال فيها يستقدمون من خارج أبناء المحافظات

عات النفطية تقع في الجنوب، فقد أظهرت دراسات قام المنتجة للنفط في الجنوب، مع العلم أن أغلب القطا

قطاعا نفطيا في المحافظات ٩٢ قطاع يقع ١٠٠بها األستاذ في جامعة عدن حسين مثنى العاقل أن من بين

في محافظات الجنوب، مقابل قطاع ١٢ قطاعا إنتاجيا منها ١٣أما القطاعات المنتجة للنفط فهناك . الجنوبية

.واحد في الشمال

تداعيات أخرى للحرب

وهناك تداعيات أخرى للحرب يمكن استخالصها من المطالب واألهداف التي تستظل بها أبرز الجهات

:المكونة للحراك، ومنها

ثقافة القبيلة السائدة في الشمال إلى الجنوب بتعميم مصلحة شؤون ١٩٩٤ أدخلت السلطة بعد حرب -

، وهو ما لم تعرفه عدن وبقية المحافظات الجنوبية "ال حاراتمشايخ وعق"القبائل على الجنوب، وعينت

.طيلة تاريخها


٧٢

عسكرة المدن في الجنوب، بعد أن كان المجتمع المدني قد ترسخ في الجنوب منذ فترة االستعمار -

.البريطاني وأثناء فترة دولة االستقالل

من الشمال إلى الجنوب، وتوزيع تغيير التركيبة السكانية في الجنوب، بتشجيع نزوح المواطنين-

.األراضي عليهم بالمجان ليستوطنوها بكثافة

تغيير التقسيمات اإلدارية للدولة بذريعة مسح آثار التشطير بين البلدين، من ذلك ضم مديريات ذات كثافة -

، كما ضمت بنفس ١٩٩٨سكانية من محافظات تعز وإب والبيضاء إلى محافظة الضالع بقانون العام

وأضيفت أيضا مديرية من محافظة البيضاء . القانون مديريتان أخريان من محافظة تعز إلى محافظة لحج

ومن المالحظ أيضا أنه تم فصل مديرية باب المندب اإلستراتيجي . ١٩٩٩إلى محافظة شبوة بقانون العام

.رالهام من محافظة عدن في الجنوب إلى محافظة تعز الشمالية التي ال تطل على بح

، بتسريح غالبية قادة وأفراد الجيش واألمن وإحالتهم إلى ١٩٩٤ حل جيش وقوات أمن الجنوب بعد حرب -

فرد، ومن جهة أخرى بلغ عدد المحالين إلى التقاعد اإلجباري ) ٨٢٢٠٠(التقاعد البالغ إجمالي عددهم

.ني في الجنوبمن إجمالي الموظفين والعاملين في القطاع المد) ٦٨٠٠٠٠(من أصل ) ٥٦٦٦١٦(

القضية الجنوبية والحراك في مواجهة السلطة والدولة

:هناك عامالن رئيسان فجرا القضية الجنوبية والحراك الجنوبي، وهما

النخبة الجنوبية من مفكرين وكتاب وصحفيين وفنانين في استشعارهم بقضيتهم والمظالم التي لحقت بهم ) ١

.بت في مرحلة اإلعداد وتحقيق الوحدة من قبل قيادة الجنوبنتيجة السياسات الخاطئة التي ارتك

، وطالبت ألول مرة في الداخل الجنوبي ٢٠٠٧جمعيات المتعاقدين العسكريين واألمنيين التي أنشئت في ) ٢

بحق الجنوبيين في تقرير المصير، واستطاعت تحريك الشارع في فعاليات شعبية شارك فيها اآلالف من


٧٣

ون تلك الجمعيات من قيادات عسكرية وأمنية عليا وضباط وجنود أحيلوا للتقاعد أو فصلوا وتتك. الجنوبيين

. وجمعيهم جنوبيون١٩٩٤من الخدمة بعد حرب

وهناك عوامل أخرى ساهمت في صناعة قضية الجنوب، قامت بها بعض الكيانات والهيئات الجنوبية غير

.٢٠٠٧لعسكريين وتلك التي تشكلت بعدها في الرسمية، وجاءت قبل تشكيل جمعيات المتقاعدين وا

بدايات هيئات وكيانات القضية الجنوبية

مباشرة إلى إعالن رفضها لتداعيات الحرب ١٩٩٤سعت أطراف جنوبية في الداخل والخارج بعد حرب

.على الجنوب وتبنت مطالبه

في الداخل

تمثلت بشخصين هما محمد حيدر ،١٩٩٤ظهرت قيادات بارزة في الحزب االشتراكي بنهاية حرب -

مسدوس وحسن باعوم، طالبا من داخل وخارج حزبهما االشتراكي بضرورة إصالح مسار الوحدة وإزالة

.١٩٩٤آثار حرب

واستمرت حتى ١٩٩٨آب /تشكلت لجان شعبية في عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية في أغسطس -

، "احتالل لدولة جنوب اليمن" بوصفها ناتجة عن عملية ١٩٩٤ في نشاطها الرافض لتداعيات حرب ٢٠٠١

في التوظيف والسكن وتوزيع " باألفضلية"وذلك في سياق الدفاع عن حق أبناء محافظات الجنوب

تشرين /في نوفمبر" ملتقى أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية"األراضي، ثم تأسس بعد ذلك ما عرف باسم

.٢٠٠١الثاني

، ٢٠٠٦كانون الثاني / يناير١٣بين الجنوبيين أنفسهم، وذلك في " لتقيات التصالح والتسامحم"جرى تنظيم -

وعقدت اجتماعاتها في جمعية ردفان بعدن لطي صفحة الصراعات الدموية على السلطة بين القيادات

. ووصفت بالمذابح١٩٨٦كانون الثاني / يناير١٣الجنوبية، خاصة تلك التي وقعت في


٧٤

رجفي الخا

ولجوء بعض القيادات الجنوبية إلى الخارج، تأسست في العاصمة لندن الجبهة الوطنية ١٩٩٤بعد حرب

إلى أن تأسس التجمع الديمقراطي الجنوبي ) حتم(، ثم تلتها حركة تقرير المصير )موج(للمعارضة الجنوبية

مطالبة بحق تقرير وفي لندن أيضا، وأعلن بشكل صريح خالفا لآلخرين ال٢٠٠٤في أغسطس ) تاج(

.وليس جنوب اليمن" تحرير الجنوب العربي"المصير و

مكوناته وأهدافه ووسائل التغيير .. الحراك الجنوبي

وما أعقبها، من والدة حركات احتجاجية حقوقية وسياسية وما رافق ذلك أو ١٩٩٤أدت تداعيات حرب

وتميز الحراك عن سواه بتغير . ٢٠٠٧عام تبعه من انحسار لسلطة الدولة، إلى والدة الحراك الجنوبي

. وبوصفه مظلة لعدة كيانات سياسية وحقوقية جنوبية٢٠٠٨مكوناته وأهدافه ابتداء من العام

:مكونات الحراك : كانت المطالب في هذه المرحلة حقوقية ولم ترق للمطالبة باالستقالل أو االنفصال:ىالمرحلة األول

، وتوجت بتشكيل ٢٠٠٧آذار /يين واألمنيين والمدنيين، وتشكلت في مارسجمعيات المتقاعدين العسكر -

مجلس التنسيق األعلى للرئاسة برئاسة العميد الركن ناصر النوبة، وانتشرت تشكيالتها على مستوى جميع

.محافظات ومديريات الجنوب

.جمعية العاطلين عن العمل، ولها وجود تنظيمي في جميع المحافظات الجنوبية -

.جمعيات شباب بال عمل، وتضم العاطلين من خريجي الجامعات والمعاهد الفنية -

".تشرين األول وحرب التحرير/ أكتوبر١٤مناضلي ثورة "منظمة ولجان -

.جمعيات المزارعين التي توحدت تحت تسمية مجلس تنسيق الجمعيات الزراعية -


٧٥

.جمعية الدبلوماسيين المسرحين -

بدأت في هذه المرحلة الكيانات بالمطالبة باالستقالل ولم تقتصر على الحقوقية، حيث : ةالمرحلة الثاني

تشكلت كيانات أخرى بهياكل تنظيمية جديدة وبمسميات تدل على أهدافها الرئيسية التي لم تجرؤ تلك التي

وطني األعلى المجلس ال: على اإلفصاح عنها كاستقالل الجنوب، ومن هذه الكيانات٢٠٠٧كانت في العام

برئاسة حسن باعوم، وحركة ٢٠٠٨/ ١٣/١٠للنضال السلمي لتحرير واستعادة دولة الجنوب وتأسست في

.٢٠٠٩في مارس ) نجاح(النضال السلمي الجنوبي

وفي هذه المرحلة أنشأ ناصر النوبة رئيس مجلس التنسيق األعلى لجمعية المتقاعدين العسكريين واألمنيين

يانا آخر ال يقتصر على العسكريين ومطالبهم الحقوقية سماه الهيئة الوطنية العليا ك٢٠٠٨/ ١٩/١في

مجلس قيادة الثورة السلمية، بدمج أغلب الكيانات التي ٢٠٠٩أيار /ثم تأسس في مايو. الستقالل الجنوب

ها آنفا، واختيرت ، باستثناء الهيئة الوطنية العليا الستقالل الجنوب المشار إلي٢٠٠٨تأسست ابتداء من العام

٣٠وفي . قيادته من رؤساء تلك المكونات، كما اختير الرئيس السابق علي سالم البيض رئيسا لها

المجلس "واستبدل منها اسم " مجلس قيادة الثورة" تم التراجع عن التسمية باسم ٢٠٠٩تشرين الثاني /نوفمبر

.يسا لهواختير حسن باعوم رئ" األعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب

أهداف الحراك

كيانات حقوقية مطلبية، ثم تحولت إلى ٢٠٠٧انطلقت الجمعيات والهيئات التي تشكلت في مطلع العام

احتالل "سياسية بسبب عدم تجاوب السلطة مع مطالبها، وذهب بعضها إلى المطالبة بإنهاء ما تسميه

ها ال تعده انفصاال، لمراعاة الفرق بين وفك االرتباط مع دولة الشمال، مع اإلشارة إلى أن" الجنوب

.المصطلحين وفق القانون الدولي

ففك االرتباط يعني بمفهوم القانون الدولي أن الوحدة قد تمت بين دولتين ذاتي سيادة، وهما عضوان في

ما األمم المتحدة والمنظمات الدولية، وتريد إحداهما أو الطرفان معا فك رابطة الوحدة واستعادة كل منه

... ١٩٩٢، وتشيكوسلوفاكيا في١٩٦١لسيادته واستقالله، كما حدث في الوحدة المصرية السورية في العام

. إلخ


٧٦

بينما االنفصال يعني اقتطاع جزء من أراضي دولة قائمة وإعالن نفسها دولة مستقلة مثلما حدث مع كاتنغا

. ١٩٧٠، وبيافرا مع نيجيريا عام ١٩٦٠في أزمة الكونغو عام

من اليمن الشمالي على الجنوب أنهى الوحدة التوافقية، ١٩٩٤لذلك فالحراك يرى أن إعالن الحرب عام

وأن إصرار السلطة على تسمية مطالب الحراك باالنفصالية يكرس المفاهيم السائدة في الشمال، من أن

ن دولة واحدة وهذا لم الجنوب هو الفرع والشمال هو األصل، ويكرس تزييف التاريخ بالقول بأن اليمن كا

.١٩٩٠/ أيار - مايو/ ٢٢دث في والتوحد الذي تحقق فعال هو ما ح) ١(يحدث منذ قرون

صياغة برامج المستقبل

بصياغة برامج سياسية ٢٠١٠ و٢٠٠٩قامت بعض مكونات الحراك الجنوبي خاصة في الفترة بين العامين

قلة وفك ارتباطها مع الشمال، وذلك بهدف سد الفراغ للمستقبل، وتتعلق بمرحلة استعادة دولة الجنوب المست

وهنا طرح مشروعان سياسيان من قبل . الذي كان يعاني منه الحراك بعدم توفيره رؤية سياسية للمستقبل

بعض قياديي الجنوب في الخارج، أحدهما تقدم به علي سالم البيض وآخر قدمه حيدر أبوبكر العطاس،

بتعاون وتنسيق مع قيادة الحراك في الداخل وبمساندة مجموعة من وصيغ كل مشروع منهما على حدة

:النخب األكاديمية الجنوبية، وفيما يلي أهم البنود التي توافق المشروعان عليها كعناوين رئيسة

.تحديد فترة انتقالية مدتها سنتان يعاد فيها بناء هياكل الدولة ومؤسساتها -١

.سة ومجلس وزراءتشكيل جمعية وطنية مؤقتة ومجلس رئا -٢

تحديد أسس بناء الدولة بنهاية الفترة االنتقالية، وإعداد دستور جديد يؤكد على مبادئ الفصل بين -٣

.السلطات وشكل النظام السياسي كنظام برلماني وشكل الدولة الفدرالي

سياسية وبصياغة برنامج للمستقبل يكون الحراك قد غطى الفراغ الذي كان يعانيه من غياب رؤيته ال

.للمستقبل الذي انتقد عليه بشدة


٧٧

وسائل الحراك في التغيير

يرى الحراك أن قضية الجنوب هي قضيته، وأنها قضية شعب وأرض وثروة وهوية يجب استعادتها

بالنضال السلمي، وتجسيدا لهذا المبدأ يتجنب الحراك االنجرار إلى العمل المسلح لتحقيق أهدافه، مع العلم

ناته جمعيات المتقاعدين العسكريين واألمنيين وهم من أفراد القوات المسلحة واألمنية أن من بين مكو

الجنوبية، ومن أبرز األساليب التي اتبعوها حتى اآلن في أنشطتهم إقامة المهرجانات واالعتصامات

.والمسيرات والمظاهرات، إضافة إلى اإلضراب والعصيان المدني

وى في الحراك الجنوبي جهودا حثيثة لتوحيد جميع مكونات جنوب اليمن وفي الوقت نفسه، تبذل بعض الق

تحت مظلة واحدة مع احتفاظ كل منها بشخصيته المستقلة، ليكون الحراك هو الحامل الشرعي للقضية

.الجنوبية والمعبر السياسي عنها، محليا وإقليميا ودوليا

إجراءات السلطة ضد الحراك

:في مواجهة تظاهرات ونشاطات الحراك الجنوبي المتواصلة، من ذلكقامت السلطة بإجراءات عدة

عالجت السلطة أوضاع مجموعة قليلة من المتقاعدين العسكريين واألمنيين الجنوبيين فقط وبررت -

ذلك بقلة موارد الدولة المالية، وعدم توفر معلومات وإحصائيات دقيقة عن عدد المتقاعدين

ورواتبهم المستحقة، وأن أزمة المتقاعدين ال تقتصر على الجنوبيين والمسرحين ورتبهم الوظيفية

.بل تشمل أيضا آخرين من الشمال

ال " سلطات احتالل"تتبع السلطة اليمنية في مواجهة الحراك الجنوبي سياسات تنفذها في العادة -

ن سلطات وطنية كما يرى مؤيدو الحراك، مؤكدة بذلك ما تردده بعض قيادات الحراك من أ

".أرضا محتلة" أصبح ١٩٩٤الجنوب بعد حرب


٧٨

واجهت السلطة الحراك بتكثيف تواجدها العسكري في أغلب مدن الجنوب خاصة في مدن محافظة -

الضالع ولحج وأبين، ونشرت نقاط عسكرية وأمنية تفصل بينها مسافات متقاربة، وهي مظاهر

.ةتخلو منها مدن المحافظات الشمالية باستثناء محافظة صعد

أغلب مدراء األمن والقيادات العسكرية ليسوا من أبناء الجنوب، وكذلك محافظو المحافظات -

كانوا جميعهم من الشمال ثم جرى تعويضهم بمحافظين جنوبيين، ٢٠٠٨الجنوبية إلى منتصف

وفرض حصار مطبق على المناطق الساخنة في ردفان ومحافظات الضالع ويافع ولحج مرتين،

وكان أحد . لمدة ال تقل عن ثالثة أسابيع٢٠١١، وثانيتهما في يناير ٢٠١٠أيار /يوأولهما في ما

إثارة تذمر شعبي ضد ناشطي الحراك، وهو ما لم يتحقق، ولكن على " الحصار"أهداف سياسة

صعيد آخر حققت السلطة نجاحا نسبيا في زرع ثقافة الكراهية بين مواطني الجنوب والشمال من

. قتل وتشويه إلى ناشطي الحراك الجنوبي، وهو ما تنفيه قياداتهم بشدةخالل نسبة عمليات

سعت السلطة إلى حجب أخبار الحراك ومنع نقل صورة سياسة اليد الحديدية التي تعتمدها السلطة -

العدنية " األيام"ضدهم، فصادرت سبع صحف مستقلة لفترة قصيرة كتغطية على إيقاف صحيفة

.ين حتى اآلن، وسجن رئيس تحريرها وولداه لعدة أشهرألكثر من عام) الجنوبية(

استخدمت السلطة العنف المفرط في قمع فعاليات الحراك حتى بالذخيرة الحية وصوال إلى األسلحة -

، وهناك ازدياد مستمر في عدد المعتقلين وصدرت أحكام مغلظة )٢(الثقيلة في ضرب مدن الجنوب

للسلطة بأنها حاولت اغتيال بعض القيادات من الحراك ضدهم، هذا فضال عما وجهت من اتهامات

.الجنوبي وفشلت

اتهام السلطة للحراك الجنوبي تارة بتحالفه مع القاعدة وتارة أخرى بتحالفه مع الحوثيين، ولم توفر -

السلطة جهدا لتأكيد التهمة األولى بأن الجنوب أصبح مرتعا لإلرهاب القاعدي بينما تراجعت

المحافظات الشمالية بعد أن طالت هجمات متتالية مبنى األمن السياسي في عدن عملياته في


٧٩

إضافة إلى ما تبعه من هجمات مسلحة استهدفت األمن العام واألمن السياسي في أبين في منتصف

.العام الماضي

الحراك وتأكل سلطات الدولة

:مواجهاتأثبت الحراك قدرته على الحد من سلطة الدولة في كثير من ال

فقد أحكمت مجموعة من المسلحين من أبناء ردفان ويافع والضالع سيطرتها على مدينة الحبيلين -

٢٠١١كانون الثاني / حتى يناير٢٠٠٩بردفان سيطرة شبة مطلقة ألكثر من عامين، منذ مطلع العام

.مستفيدة من انشغال الجيش اليمني بحرب صعدة السادسة

اليمني التنقل في الجنوب بحرية، ومن األمثلة على ذلك أنه بات يكتفي بمقابلة لم يعد بوسع الرئيس -

وبهذا، . أعضاء المجالس المحلية الجنوبية في قصر الرئاسة بصنعاء بدال من االلتقاء بهم في مجالسهم

. فمن الواضح أن الحراك أصبح يمثل تحديا لسلطة الدولة ورموزها وللرئيس نفسه

وبيين على العصيان المدني ودعا بعض قادته إلى تفعيل ما أسماه بالمحاربة حث الحراك الجن-

االقتصادية للنظام من خالل نقل اإلضرابات الشاملة إلى قطاعات النفط والموانئ والمطارات والكهرباء

.والمياه، ودعوا أبناء الجنوب إلى االمتناع عن دفع الضرائب وفواتير المياه والكهرباء

٢٧اك في مقاطعة مرحلة اإلعداد لالنتخابات النيابية التي كان من المقرر إجراؤها في نجح الحر-

وأجلت لعامين، وكرر موقفه من جديد بأنه سيقاطع اإلعداد لالنتخابات النيابية فيما ٢٠٠٩نيسان /أبريل

.إذا أجريت في أبريل القادم من هذا العام

عدته الشعبية في الجنوب يقابلها تآكل في سلطات الدولة من الواضح أن تنامي قدرة الحراك واتساع قا

ووظائفها وانفالت سيطرتها على أجزاء من محافظات الجنوب التي يعدها الحراك مناطق محررة، وستزداد

.رقعتها تدريجيا في المستقبل القريب


٨٠

الحراك الجنوبي وبقية الفاعلين غير الرسميين

علين غير الرسميين في اليمن، وال سيما الحركة الحوثية وتنظيم القاعدة يتميز الحراك الجنوبي عن بقية الفا

.إضافة إلى التكتالت القبلية، بمميزات عدة

الحراك والحركة الحوثية

يمثل الحراك فئة تقول أنها كانت تنتسب لدولة مستقلة لها هويتها الخاصة بها، وتريد استعادة هذه الدولة من

ومن الناحية الرسمية يتميز . ا اعتمد الحوثيون المواجهة المسلحة ضد السلطةبينم. خالل العمل السلمي

الحراك عن الحركة الحوثية باعتبار أن األخير يهدد نظام الرئيس علي عبداهللا صالح، والحراك االنفصالي

.يهدد وحدة اليمن

ة بالتدخل، بينما وافقت وعلى صعيد الصراع مع السلطة، لم تسمح األخيرة ألي وساطة إقليمية أو دولي

ورحبت بالوساطة القطرية وأشركت السعودية في حربها ضد الحوثيين، وخضعت لمطالب الواليات

.المتحدة بإيقاف حربها ضد الحوثيين لتتفرغ أي السلطة لمكافحة اإلرهاب والقاعدة

الحراك والتكتالت القبلية

الشمال، فقد تم تطويق القبائل في نهاية فترة توجد قبائل في الجنوب لكنها ليست تكتالت قبلية مثل

كما حلت معظم قضايا الثأر بين قبائل الجنوب في إطار دولة . االستعمار البريطاني ونزعت أسلحتها

االستقالل، ويشارك أعضاء من القبائل الجنوبية في الحراك، ويقفون مع بقية شرائح المجتمع المدني في

. نوبنشاطاته السلمية الستعادة الج

الحراك والقاعدة

يعتمد الحراك الجنوبي في وجوده وأعضائه وأنشطته على أبناء الجنوب، وساحة عمله هي الجنوب

أما القاعدة فهي تنظيم أممي ال تقتصر في أنشطتها أو في . حصرا، ويريد دولته الخاصة عبر العمل السلمي

، وفي الجنوب بأبين وشبوة وحضرموت، وجودها على اليمن، فهي موجودة في الشمال بمأرب والجوف

.وتعتمد العنف لتحقيق أهدافها


٨١

ويعتقد غالبية قيادات الحراك أن القاعدة هي صناعة السلطة، خرج أعضاؤها من القصر الرئاسي للدولة

وتتبع قيادة الدولة ومؤسساتها األمنية، وأن الرئيس يستخدمها لتشويه صورة الحراك إقليميا ودوليا، ليبرر

، ما أدى إلى ٢٠١٠أيلول /ب قواعد الحراك بحجة مكافحة اإلرهاب، كما حدث في شبوة في سبتمبرضر

. شخص من مدينة الحوطة٢٠٠٠٠ و١٥٠٠٠تهجير ما بين

خاتمة

لم يهتز النظام السياسي اليمني القائم إال بظهور جمعيات المتقاعدين العسكريين واألمنيين ندا قويا موازيا

أصبحت هذه الجمعيات جزءا من ائتالف نزل إلى الشارع يطالب بحق الجنوب في له، خاصة بعد أن

.١٩٩٤تقرير مصيره، وهو ما لم تنجح فيه األحزاب السياسية منذ نهاية حرب

ويثبت المشهد العربي الذي تجلى فيه سقوط الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني

ار إستراتيجي للحراك لم يستنفد غرضه بعد، خاصة أن الحراك الجنوبي مبارك، أن النضال السلمي كخي

.هو األول في العالم العربي الذي تبنى النضال السلمي يوميا ومنذ سنوات لتحقيق مطالبه

ومشاركة الحراك في الثورة الحالية في الشمال والجنوب دليل على نضجه السياسي والحضاري، ألن

:ك االرتباطالحراك لو رفع مطالبه بف

سيعطى الرئيس صالح ذريعة للقول بتغير طبيعة االحتجاجات ضده من اإلصالح إلى االنفصال، -

انفصال الجنوب "وسيساعده ذلك على إجهاض الثورة، ومع ذلك ال يزال صالح يرفع في خطبه فزاعتي

".وعودة اإلمامة

اط، ولكن يؤمل برد جميل شمالي نحو سيقف مئات األلوف في الشمال ضد مطلب الحراك بفك االرتب-

كما أنه من المعروف تاريخيا أن األنظمة . الحراك، بأن يعطى الجنوبيون حق تقرير المصير

.الديمقراطية ال تشن حربا بعضها ضد بعض


٨٢

أما المستقبل ومرحلة ما بعد الثورة، فليس من المتوقع أن يتخلى الحراك الجنوبي عن هدفه بفك

ى من تجربة عقدين من الوحدة، ولوجود اختالف جذري بين هوية الشعبين في االرتباط المستوح

.الجنوب والشمال وتطلعاتهما

______________________________ هوامش

من إلى شطرين انقسام الي"إلى أن ) الحزب الحاكم(أشار عبداهللا أحمد غانم وزير العدل السابق ورئيس الدائرة السياسية للمؤتمر الشعبي العام )١(

: انظر". مقاربة أولية ألوجه الشبه واالختالف بين الوحدة اليمنية والوحدة األلمانية: "وذلك في مقالة له بعنوان". شمالي وجنوبي قد تم قبل أكثر من قرنين .٢٠١٠تموز / يوليو٨ تاريخ ،١٥٢٥ سبتمبر، العدد ٢٦صحيفة

٢٨في ) محافظة لحج ( في الحبيلين من إحدى مواقع الجيش اليمني على قرية" ف للدبابات والمدافعإطالق قذائ" عن انظر تقرير هيومن رايتس) ٢(

/ الصادر في ديسمبر " باسم الوحدة رد الحكومة اليمنية القاسي على احتجاجات الحراك الجنوبي: "تقرير هيومن رايتس وتش. ٢٠٠٩نيسان / أبريل :الرابط اإللكتروني. ٢٠٠٩كانون األول

http://www.hrw.org/node/87091

حزيران / يونيو ٧ونقلت صحيفة الصحوة اليمنية أن القصف العشوائي بمختلف أنواع األسلحة الثقيلة والمتوسطة الذي تعرضت له مدينة الضالع في انظر . منزال ٣٠ة إلى تضرر حوالي جريحا من المواطنين إضاف١٨ قتلى مدنيين وأصيب ٦مدرع، نتج عنه ) ٣٥( من قبل قوات اللواء ٢٠١٠

الرابط اإللكتروني ٢٠١٠/ ١٠/٦ بتاريخ ١٢٢٩الصحيفة المذكورة العدد http://www.alsahwa‐yemen.net/arabic/pdf/201006101229/21D_4.pdf


٨٣

قاعدة، فاعل غير رسمي في اليمنقاعدة، فاعل غير رسمي في اليمنالال *محمد سيف حيدر

الخلفية وسياقات الظهور-

لقاعدة وبقية الفاعلين غير الرسميينا -

حدود القدرة على التكيف والعمل -

بنية التنظيمية ودوائر الحركة والتأثيرال -

هديد القاعدة لسلطة الدولة اليمنيةت -

خاتمة -

غير رسمي يعتد بدوره ويتخذ له موقعـا حتى زمن قريب لم يكن الحديث عن تنظيم القاعدة في اليمن فاعال

شـهدت خيـرة طة الفاعلين الكبار في هذا البلد واردا أو ممكنا، غير أن السنوات القليلة األ يضمن خر متقدما

، العملياتيـة ا قـدراته ة، معـزز ابناء نفسه خاللها تأعاد بعد فترة من الهدوء لقاعدةحضورا غير مسبوق ل

. محليا وإقليمياا شبكة تحالفاتهة وموسع، التنظيميةا هياكلهةومحدث

قاعـدة "ساع طموحات هذا التنظيم الذي تمكن من جعل األراضي اليمنية ساحة لنـشاطاته العنيفـة و ومع ات

لعملياته الخارجية، بدأ الملف اليمني يشق طريقه إلى طاولة النقاشات اإلقليمية والدوليـة فـي ظـل " انطالق

.وباكستانتنامي المخاوف من إمكانية تحول اليمن إلى بؤرة اضطرابات مشابهة ألفغانستان

وفي الوقت نفسه، فإن الظهور المتعاظم للتنظيم وما يقوم به من دور ضمن ديناميات المشهد اليمني الـراهن

أخذ يلقي بظالله على طبيعة التفاعالت الجارية في هذا المشهد المعقد الذي بات مفتوحا على كل االحتماالت،

لفصيل وما يطرحه من تصورات ورؤى عنـد الحـديث بحيث لم يعد من الممكن اليوم تجاهل ما يؤديه هذا ا

. على حافة الهاوية اليومعن مستقبل هذا البلد الذي يبدو للكثيرين

الخلفية وسياقات الظهور

منذ البداية ارتبط تطور تنظيم القاعدة في اليمن في تحوالته المختلفة بسياق تاريخي وتنظيمي وفكري أوسـع

.موضع فيه قياداته وعناصره وتمارس في ساحاته أنشطتها الرئيسيةيتجاوز اإلطار المحلي الذي تت

اليمنيةباحث في الشؤون *


٨٤

وحتى نفهم السياق الذي انبثق فيه دور القاعدة في اليمن، بوصفها فاعال غير رسـمي يـسهم فـي تـشكيل

ديناميات المشهد اليمني على أكثر من صعيد ومستوى، ال بد من إلقاء نظرة على أبرز المحطات في تحوالت

اريخية والعمالنية منذ ظهوره في الساحة اليمنية حتى انخراطه المباشر في الـسياسات الداخليـة، التنظيم الت

.بالتوازي مع تبلور طموحاته وأجندته المحلية، فضال عن طموحاته اإلقليمية والعالمية

الخلفية التاريخية

هوية واضحتي المعالم واألطر الهيكلية تاريخيا لم يبدأ الفرع اليمني لتنظيم القاعدة في التشكل فاعال ذا بنية و

، عندما عينـت القيـادة ١٩٩٨والتنظيمية إال في أواخر عقد التسعينيات من القرن الماضي وتحديدا في سنة

المركزية للقاعدة في أفغانستان اليمني محمد عمير العولقي زعيما لفرع التنظيم في اليمن، والذي شرع حينها

استقطاب األعضاء والمناصرين، ومحاولة تمكين التنظيم من االنتشار في مناطق مباشرة في تدبير المأوى، و

.عدة من البالد

والمالحظ أن ما أعقب هذه الخطوات التأسيسية للفرع اليمني للقاعدة من تحركات على األرض اليمنية كـان

لنفـسه ودوره بوصـفه ينسجم مع تعريف التنظيم المركزي بقيادة أسامة بن الدن وأيمن الظواهري، ورؤيته

في تطبيق حكم اهللا في األرض، وتخليص المستضعفين بغية لمقاتلة اليهود والصليبيين، جبهة جهادية عالمية "

". من الظلمكل مكان

ككيـان - ة األولى إليجاد موطئ قدم للقاعدة فـي الـيمن عمليالمحاولة ال ولهذا لم يكن من قبيل المصادفة أن

، ٢٠٠٠في ميناء عدن سنة ) كول(عملية اإلعداد لتفجير المدمرة األميركية ) وتلت( تزامنت مع قد -تنظيمي

، المحلية باإلضافة إلى العناصـر األجنبيـة ه من خالل عناصر بشكل أكبر إلى تنشيط وجوده ى التنظيم سعإذ

هناك بأوامر إلى افي اليمن، فضال عن أولئك الذين توجهوا حديث االستقرار التي سبق لها وال سيما المصرية

.من القيادة المركزية للتنظيم

األميركية المشتركة التي استهدفت عناصر -هذه المحاولة لم يقيض لها النجاح بفعل الحملة األمنية اليمنية لكن

الحارثي وعدد القيادي أبو علي ، وانتهت فعليا بمقتل ٢٠٠١ أيلول/سبتمبر ١١التنظيم وخالياه عقب هجمات

طة صاروخ أطلقته طائرة أميركية من دون طيار استهدف سيارتهم بصحراء مـأرب فـي من مرافقيه، بواس

قد حاول قبلها إثبات وجوده وفاعليته وقدرته علـى الفرع اليمني للقاعدة وكان . ٢٠٠٢ تشرين الثاني /نوفمبر


٨٥

تـدبير رغم الضغوط األمنية الشديدة التي واجهها، من خالل ه،المبادرة عبر توجيه ضربات مؤثرة لخصوم

هجوم على سفينة حربية أميركية في ميناء الشحر المطل على بحر العرب، لكن السفينة تمكنت من اإلفـالت

بعد تلقيها تحذيرا من المخابرات األميركية، ولجأ عناصر القاعدة إلى تعويض ذلك من خالل استهداف ناقلـة

.ن األول من السنة نفسهاتشري/أكتوبر ٦قرب سواحل المكال في ) غليمبور(النفط الفرنسية

آذنت بقرب نهاية التنظيم في اليمن ولما يكتمل بنيانه تماما بعـد، إذ زادت -في الواقع -غير أن هذه العملية

التي لم تجد، بفعل الضغوط التي الموجودة في البلد اإثرها وتيرة المالحقات األمنية لعناصر القاعدة وخالياه

، ولـم وقت لتثبيت وجودها ونشر عناصرها في األوساط المجتمعية المحلية تعرضت لها، فسحة مواتية من ال

.قد تهاوى بشكل شبه تام إال وكان التنظيم٢٠٠٣تنته سنة

التشكل الثاني لقاعدة اليمن

٢٣ تمكـن ،٢٠٠٦ شـباط /في فبراير بفعل المالحقات األمنية، وتحديدا بعد حوالي ثالث سنوات من الكمون

، الذي يقع فـي قلـب نالفرار من سجن األمن السياسي المحصمن وأعضاء تنظيم القاعدة معتقال من قيادات

وكما تبين الحقا، آذنت عملية الهروب الكبير هذه بحدوث تحول كبير فـي مـسار . العاصمة اليمنية صنعاء

ـ تنظيم القاعدة في اليمن وآلية عمله، كما في طبيعة العالقة الهشة والمتذبذبة أصال بـين ال والـسلطات دةقاع

" قاعـدي " وتاليا أخذت أجندة التنظيم المحلية في التشكل والتبلور شيئا فشيئا، بالتوازي مع تمكن جيل .اليمنية

جديد فتي من أخذ زمام المبادرة وفق أسس أكثر راديكالية، تنكر شرعية المنظومة الحاكمة القائمة وتـرفض

.الدخول في أي تسويات معها

قاسـم الريمـي المكنـى ورفيقه السكرتير السابق ألسامة بن الدن ناصر الوحيشي " رأبو بصي "وهكذا شرع

ولم تمض سوى فتـرة إعادة بناء التنظيم من نقطة الصفر تقريبا، في قيادة عملية ،"أبو هريرة الصنعاني "بـ

كـاد وجيزة حتى تمكن فصيلهما من استقطاب عشرات األعضاء والمناصرين المنحدرين من أماكن مختلفة ت

تنظيم قاعـدة الجهـاد فـي "وأبدى التنظيم، الذي أطلق على نفسه مسمى تشمل معظم مناطق البالد وقبائلها،

وفاشـلة فـي (من خالل شن حملة منخفـضة المـستوى ، تشديدا واضحا على نواياه "جنوب جزيرة العرب

.طالت مصالح غربية، ومنشآت نفطية، ومقار أمنية) معظمها


٨٦

الفرع اليمني للقاعدة لم تأخذ مداها وزخمها في الواقع إال بعد أن انضم إليها عـدد مـن غير أن عملية بناء

. الجهاديين السعوديين الذين لجؤوا إلى اليمن إثر تمكن السلطات السعودية من تدمير فرع التنظيم في المملكة

إقليمي واحد أطلق كيانعلن عن اندماج خاليا القاعدة في كل من اليمن والسعودية في ، أ ٢٠٠٩سنة وبحلول

وتبعا لذلك، طرأ تغير واضح في بنية التنظـيم وتوجهاتـه . "تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب "عليه اسم

علـى ته تـدريجيا هيمنشرع يفرض والقيادية والميدانية، هياكلهفي العمالنية، إذ تزايد ثقل المكون السعودي

.ةه المالية وأدواته الدعائيقنواتكما واأليديولوجي،عقله العملياتي

نه بمجرد اإلعالن عن االندماج بين فرعي القاعدة فـي الـيمن والـسعودية، إويمكن القول في هذا السياق،

للعمل الحركي والتعبوي تشابِه في بعـض " حاضنة مثالية "اتخذت اليمن موقعها الجديد لدى التنظيم بوصفها

، أي "بالد الحـرمين "انستان، وتقع على مرمى حجر من غايته األسمى للقاعدة، أي أفغ " الحاضنة األم "األوجه

. العربية السعودية

القاعدة وبقية الفاعلين غير الرسميين

باتساع الفجوة بين النظام السياسي اليمني الذي يبدو اليوم محاصرا بين فكي األزمات الداخليـة والـضغوط

إلى قوى رفض مجتمعية وحركات احتجاجيـة " زيرة العرب القاعدة في ج "الخارجية وبين المجتمع، انضمت

أخرى تشكلت خارج األطر السياسية التقليدية، وبرزت في السنوات القليلة الماضية في قلب المشهد اليمنـي

مجلس التضامن الوطني ك(وتفاعالته الصراعية، كالحركة الحوثية والحراك الجنوبي وبعض التكتالت القبلية

).اهللا األحمر بن عبدالذي أسسه حسين

فـي بدرجات متفاوتة ونيشتركوإذ يلتقي هؤالء جميعا في معارضتهم للدولة ولسياسات نظام الحكم القائم، و

، هم فيما عدا ذلك يتباينون في إستراتيجياتهم وتصوراتهم للواقع وما مزاحمة الدولة وتهديد سلطتها وشرعيتها

ن رفضهم، ويعمل كل واحد منهم على أن يميز نفسه عن اآلخـرين ينبغي أن يكون، كما في وسائل التعبير ع

جغرافية التمركز والنشاط، والمـشاركة فـي : بعدد من األمور الرئيسية، مثل) أو عدم القيام(من خالل القيام

السياسات الحزبية، والمواجهة المسلحة مع الدولة، والتشويه العلني للهويات الدينيـة والـسياسية والجهويـة

).انظر الجدول التالي(خرى األ


٨٧

جدول يلخص خصائص وإستراتيجيات القاعدة مقارنة بأهم الفاعلني غري الرمسيني الناشطني يف اليمن حاليا

جغرافية التمرآز والنشاط

المشارآة المباشرة والعلنية في

السياسات الحزبية والديمقراطية

المواجهة المسلحة مع

الدولة

المشارآة في نف أعمال العوالتشويه

الطائفية أو الجهوية

القاعدة في جزيرة العرب

آل األراضي اليمنية وساحات والسعودية

عالمية أخرى آأوروبا والواليات المتحدة وباآستان

ال

نعم

نعم

الحرآة الحوثية

تحديدا(شمال اليمن صعدة والجوف

)وعمران

نعم

نعم

نعم

الحراك الجنوبي

وب جن محافظات اليمن حصرا

ال

فيما عدا (ال بعض

المواجهات )المتفرقة

نعم

التكتالت لقبليةا

شمال اليمن وشرقها

نعم ال نعم

فالقاعدة في اليمن، وإن بادرت إلظهار دورها فاعال نشطا يحاول التأثير في السياسات المحلية، تظل محكومة

ة الجامدة التي ترفض بشدة االنخـراط والمـشاركة فـي برؤيتها األيديولوجية المتشددة وتصوراتها السياسي

بسبب وقوعها "بعيدة عن اإلسالم الدولة اليمنية بكل مكوناتها السياسات الحزبية والديمقراطية، من منطلق أن

وهي موغلة في الكفر ال يأتي زمان إال وهي منـه ....لحقها بركب دول الكفر والردة، تفي نواقض وقواصم

."معالم الوثنية في الدولة اليمنية "هأبي ذر السمهري اليماني في كتابب تعبير حس ،"في ازدياد

وإلى جانب الطابع السري وغير المعلن والعنيف لتحركات قيادات القاعدة وعناصرها، من بين أكثر ما يميز

ـ المي فـي التنظيم عن الفاعلين اآلخرين في اليمن قدرته الفائقة على المزج بين ما هو محلي ومـا هـو ع


٨٨

خفـي القاعـدة ت م تعد لفمثال . إستراتيجيته وما تحمله من طموحات إزاء طبيعة دوره وأهدافه على حد سواء

ـ العالمية ا أو طموحاته انواياه ، كاشفةً النقاب عـن "العدو البعيد " ورغبتها في مواصلة استهداف من تصفه ب

وفـي ". ستراتيجية األلف جـرح إ" تدعى واقتصاديا، وإنهاكهم أمنيا أميركا وحلفائها ستراتيجية جديدة لمقاتلة إ

الذي مكن " العدو القريب "تجسد كونها ، في اإلقليم هدم نظم الحكم نفس الوقت، تؤكد أنها ماضية في مساعيها ل

بالقواعـد "تدنيس بـالد الحـرمين "الواليات المتحدة ودول الغرب من الهيمنة على شبه الجزيرة العربية، و

.كما حصل مع العراق" ديار اإلسالم" التي تنطلق لغزو العسكرية والقوات

حدود القدرة على التكيف والعمل

ما تواجهه اليمن حاليا من مخاطر يتجاوز كثيرا ما تمثله القاعدة، فإن قـدرة األخيـرة علـى تهديـد أن مع

عـن ى التنظيم تخلأن االستقرار الداخلي وشرعية الدولة القائمة ما فتئت تتنامى باطراد، وبصفة خاصة بعد

والمؤكـد أن مـا . ضد نظام الحكم والسافر ستراتيجية العداء العلني إ يه عن األنظار وتبن ختفاءستراتيجية اال إ

زادتـه ،فـاعال ذراعا عسكريايقف وراء قدرة القاعدة على التأثير والتدخل في السياسة المحلية هو امتالكها

فضال عن خبرة المقاتلين اليمنيين العائـدين ، اليمني والسعودي ايهالخبرات السعودية الناتجة عن اندماج فرع

. وتأثيراعليةامن العراق والخبرات األجنبية األخرى قوة وف

صغار السن و الشباب ، خصوصا من فئة في تزايد مستمر ومناصريه التنظيمأفراد أعداد تبدو، اتجاه مواز في

وبينما تـذهب . ي فقير وراكد تسوده مشاعر اإلحباط واليأس في وسط مجتمع " الجهادي"األكثر تحمسا للعمل

عنصر، يرفع بعض المراقبين ٧٠٠ و ٦٠٠ حاليا يتراوح بين القاعدةالتقديرات الحكومية إلى أن عدد عناصر

ن األمر، فقد بدا واضحا أن مساحات انتشار القاعدة قد توسعت داخـل اوأيا ك . شخص ٣٠٠٠الرقم إلى نحو

من استقطاب عدد ال يستهان به من اليمنيين والعرب واألجانب لالنخـراط ت تمكن اود، وأنه اليمن وعبر الحد

فإضافة إلى السعوديين، رصد وجود مصريين وصوماليين وسـوريين وجزائـريين وليبيـين (افي صفوفه

).وباكستانيين وأفغان وأميركيين وغيرهم

ا، كالحوثيين أو الناشطين الجنـوبيين مـثال، عيا قوي العبا مجتم يسبما أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ل و

ودعـم دائمـة إلى وجود تحالفات من أجل الحفاظ على ثباته وتماسكه، وتأمين كوادره وقياداته، يحتاج فهو


٨٩

علـى في السنوات األخيرة التنظيمولذا عمل . ، تأتي القبائل والمجتمعات المحلية في مقدمتهم العبين آخرين

. الدولة، وتنعدم فيها سلطة القانون في مناطق طرفية يقل فيها حضور ، خصوصابليةتوثيق صالته الق

في مأرب الحماية لعناصر التنظيم، وبهذا عززت القاعدة من بعض أفراد قبيلة عبيدة على سبيل المثال، يوفر ف

يقـوم فء صـنعا العاصمة ميل جنوب شرق ٣٠٠أما في شبوة، التي تبعد حوالي . حضورها في وادي عبيدة

والمعسكر التدريبي الذي اسـتهدفته . التنظيمعناصر من قبيلة العوالق وفرعها باكازم بتوفير المأوى لعناصر

كان يقع في مديرية المحفد الواقعـة جنـوب أبـين ٢٠٠٩ كانون األول /ديسمبر ١٧ في الغارات األميركية

وي بعض أفـراد ؤيال شمال شرق صنعاء، ي م ٩٠ على بعد ةوفي الجوف، الواقع . عليها قبيلة باكازم هيمن وت

.وهكذا ... مقاتلي تنظيم القاعدة في جزيرة العربعددا من قبيلة الحريدان

والالفت أن األمر في حاالت عدة قد تعدى مسألة اللجوء إلى حماية القبائل هربا من القمع الحكـومي، إلـى

ببعض وظائفها التوزيعية، من قبيل بنـاء المـدارس محاولة منافسة الدولة نفسها أو الحلول محلها عبر القيام

لمدرسة معلما ١٦توفير بد القصع هفوتوفير المعلمين، مثلما حصل في وادي رفض بشبوة، عندما قام القيادي

أو تجاهل وجود الدولة كلية كسلطة مرجعية، ، رغم أن األسر المحلية كانت تعلم أنه ينتمي للقاعدة ته هناك قري

كوادر القاعدة مهامٍ محايثة كالتحكيم في النزاعات القبلية والفصل فيها طبقا ألحكام الـشريعة عبر أداء بعض

حتى لحظة مقتله في غارة أمنية استهدفت منزله -، فالرجل عبد اهللا المحضار اإلسالمية كما في حالة القيادي

فعة القبليـين فـي شـبوة عمل على المزاوجة بين دوره كأحد مشايخ مي -٢٠١٠بمنطقة الحوطة مطلع سنة

، من خالل تحكيمه بين أفراد القبائل المتخاصـمين وفـق "القاعدة في جزيرة العرب "وانتمائه الحركي لتنظيم

على التقاليد واألعراف القبلية المهيمنة، وهـو -إطارا مرجعيا -تصوره العقائدي ألحكام الشريعة، وتقديمها

.شايخ القبليين في اليمنأمر ال يتفق مع ما يقوم به الكثير من الم

المعاقـل " في إيجـاد مـا يـشبه ت بعض خاليا التنظيم عد أن نجح القاعدة هذه ب ت وتيرة مساعي ارتفعوقد

في مناطق عدة تحاذي العاصمة صنعاء، الساحة الرئيسة لنشاط القاعدة واألهـم، "المالذات الجهوية اآلمنة و

صعدة، وهي مناطق كثيرا ما يتحرك فيهـا إلى حد ما و والبيضاء مأرب والجوف بعض نواحي وتحديدا في

أعضاء التنظيم وقياداته بِحرية ودون خوف مستغلين الطابع القبلي الغالب عليها وحالة النفور الـسائدة فـي

را مثاليا سواء للقادمين من السعودية أو الذاهبين ب مع دمجتمعاتها المحلية إزاء سلطة المركز، وهي إلى ذلك تع

تعقد الوضـع ومع .ض التهريب أو ممارسة العنف المنظم أو التجارة غير المشروعة بشتى أشكالها إليها بغر


٩٠

ـ بدأ التنظيم يكثف وجوده ونـشاطه فـي ، اليمن السياسي واألمني واالقتصادي في جنوب أبين محافظـات ك

فيد من مشاريع الدولـة أوساط مجتمعات المناطق النائية التي تفتقر للبنية التحتية وال تست في ، وتحديدا وشبوة

. التنموية كما سبقت اإلشارة

البنية التنظيمية ودوائر الحركة والتأثير

في إدارة نشاطاته المختلفة في أرجاء اليمن وعبر الحدود علـى " قاعدة الجهاد في جزيرة العرب "يعول تنظيم

أن إلـى الـشواهد وتـشير التوجيه، تعطيه الهيكلية واإللهام و مستقرةقيادة بنية وهيكل تنظيمي شبكي تديره

.يعمل بطريقة ال مركزية تضمن له المرونة والفاعليةو يتخذ قراراتهالتنظيم

هم من العناصـر د أعضاء في التنظيم تع وقتل فعلى سبيل المثال، تقوم السلطات اليمنية بشكل متكرر باعتقال

حسن بن علـوان، مدعيـة أنـه السعودي أعلنت عن اعتقال مثال ٢٠٠٩حزيران /يونيو ففي ،الرئيسة داخله

تحديـدا فـي (نفـسه وفي وقت سابق من العام ". واحد من أخطر عناصر القاعدة "الممول الرئيس للجماعة و

محمد العوفي بتسليم نفسه مبديا استعداده للتعاون مع الـسلطات الـسعودية القائد الميداني ، قام )شباط/فبراير

ولكن . نفسه إلى األجهزة األمنية اليمنية سلم حزام مجلي لن أن القيادي ، أع ٢٠١٠آب / وفي أغسطس .واليمنية

وغيرهم لم تؤد إلى اعتقال قادة القاعدة الكبار، كما أنها لـم توقـف شخاص األ ؤالءالمعلومات التي قدمها ه

ين حريـة ال يعطون قادتهم الميـداني القاعدةوهذا يدل على أن زعماء . التنظيم وتيرة الهجمات التي يقوم بها

كبيرة في التصرف فحسب، بل ويكون التواصل معهم في أدنى مستوياته حالما يصبح أولئك القـادة كـوادر

والتواصل المستمر مع من قبض عليهم كـان سـيؤدي إلـى . رسمية ولديهم مهام لتنفيذ هجمات أو ما شابه

.تنظيمالولين كبار في ؤاعتقال مس

، في صورته الحالية، من عدد من اللجان واألقسام والفـروع "ة العرب قاعدة الجهاد في جزير "تنظيم ويتكون

فهناك القيادة التي تقوم بإصدار التوجيهـات الـشاملة ،المستقلة والهرمية، التي يحتفظ كل منها بعمله الخاص

والممثلة في مجلس شورى التنظيم، الذي يعد أعلى هيئة فيه ويرأسه األمير ناصر الوحيـشي، ويـضم فـي

ولي اللجـان ؤ، باإلضافة إلى مـس " سفيان األزدي اأب"ته نائب األمير، السعودي سعيد الشهري المكنى عضوي

، وقيـادات ومسؤولي المعسكرات وأمراء الواليات الدعوية والشرعية والهيئات العسكرية واألمنية واإلعالمية

.وكوادر وشخصيات أخرى يمنية وسعودية بشكل أساسي


٩١

تنظيمية والقدرات المرافقة لها مصدر قوة أكبر للقاعدة في اليمن، وعـززت بـصورة لقد مثلت هذه البنية ال

تهديدا فعليـا امع ما يتبع ذلك من إمكانية تشكيله واضحة طموحاتها المتزايدة لالنخراط في السياسة المحلية،

بعد أن ظل ذلك أمـرا في المعادلة الداخلية، اما ه اشأن أو رقم ا ذ فاعال ا وفرض نفسه ة اليمني دولةومباشرا لل

.ممتنعا إلى حد كبير في المرحلة التي سبقت عملية االندماج بين فرعي التنظيم في اليمن والسعودية

عن غيرهـا مـن أذرع القاعـدة " القاعدة في جزيرة العرب "على أن السمة األكثر أهمية والتي أخذت تميز

حيان كثيرة حدود إمكاناتها الفعلية، تظل مرتبطة بمـدى العالمية، وتعطي أقوالها وأفعالها تأثيرا يتخطى في أ

فـي والمظالم المنتـشرة القائمة لتوتراتتمكنها من تكييف أطرها المرجعية والميدانية وتوظيفها لتتالءم مع ا

م اسـتخد محلية، سواء في اليمن أو في المملكة العربية السعودية، فالتنظيم لم يتوان عن ا ال اتأوساط المجتمع

ـ ، ودم د جـد أعضاءجذب بغرض من القضايا الدينية واالجتماعية واالقتصادية خليط دعواتـه العامـة تج

بمناشدات خاصة موجهـة للـشعبين اليمنـي "الجهادية"لتحقيق أهدافه النضمام إليه من أجل اللمجتمع المسلم

. والسعودي

قديم رواية متماسكة للتظلمات المجتمعية ، نجد أن القاعدة تحاول ت )بما أن الحديث عنها (وبالتركيز على اليمن

تتوافق والمبادئ األساسية أليديولوجية التنظيم، فعلى سبيل المثال ال الحصر، ثمة تشديد في مختلف أدبيـات

التنظيم وأطره المرجعية واإلعالمية وخطابات قادته على أن الدولة اليمنية بعيدة كل البعد عن تطبيق الشريعة

وتـتهم القاعـدة ". عمالء ألميركا ولحكام الـسعودية "و" مرتدون"قائمين على النظام الحاكم اإلسالمية، وأن ال

ولة عـن الفـساد ؤن تلك البطانة مس أ ةؤكدمخيرات البالد، وتمتص بأنها تحتكر البطانة التي تحيط بالرئيس

. الذي يجتاح البالد وكذلك استنزاف ثروتها النفطية

من ارتفاع أسعار المواد الغذائية هاتذمروتبدي بين اليمنيين، ر الفقر المنتشر على وت كما تعزف القاعدة أيضا

نهـم ، بتـشديدها علـى أ على الدولـة بشرائحه كافة سخط الشعب اليمني من ثم تحاول استثارة و. األساسية

د أصبحوا مظلومين ومغلوبين على أمرهم في ظل هذا النظام الذي تحكمه مجموعة ال يهمها مـصلحة الـبال "

. قضيتها بمناشدتهم مباشرةيها وتبني وتحثهم على االنضمام إل،"وإنما البقاء في السلطة

. الـبالد جنوبعدد من مدن وأقاليم في ةالسائدحالة االحتقان إلى االستفادة من ، وال تزال، سعت القاعدة كما

ضد أبناء الجنوب مناصرته أكد فيه صوتيا الوحيشي تسجيال زعيم التنظيم ناصر نشر ٢٠٠٩ أيار/مايوففي


٩٢

لكن قـادة الحـراك االنفـصالي فـي ، ما داموا سيعملون على تطبيق الشريعة في تلك األرجاء، نظام الحكم

حراكهم االحتجـاجي وأن تصم ،الجنوب رفضوا مناصرة القاعدة لهم، خشية أن تعتم على معارضتهم المدنية

.باإلرهاب

ما انفكت تظهِر نشاطا محموما على مسارين متوازيين، تضمهما ساحتان ومن الناحية العمالنية، فإن القاعدة

متباينتان، فهي، من جهة أولى، تتخذ من الجغرافيا اليمنية ميدانا لنشاطاتها وعملياتها المحلية التي أخذت فـي

: ، هـي رئيـسية على ثالثـة أهـداف التمدد لتشمل مساحات واسعة من البالد شماال وجنوبا، مركّزة خاللها

وال يـتم . والمؤسسة العسكرية األمن واالستخبارات وولؤالمنشآت النفطية، والسياح والخبراء األجانب، ومس

التركيز على الهدفين األولين بغرض ضرب األجانب فحسب، بل وبهدف تدمير االقتصاد أيضا من خالل شل

.(**)ة التي تمول الخزينة العامةيحركة وفعالية موارد العملة الصعبة الرئيس

ومعظـم ، فهي من أجل ردعهم من مالحقة عناصر التنظيم والجيش أما الهجمات التي تستهدف قوات األمن

ولي المخابرات الذين كانوا يحققون في قضايا متعلقـة ؤالذين استهدفتهم هجمات القاعدة في اليمن هم من مس

الجديدة مع / القديمة افي تصفية حساباته دة ت القاع ، مض "قوائم الموت السوداء "عبر استخدام أسلوب و. بالتنظيم

منذ انخراط اليمن في الحرب العالميـة علـى اولين األمنيين اليمنيين الذين تولوا مهام مالحقته ؤالقادة والمس

ت تمكن قاعدةها التي أقرت بأن ال نفسفتا باعتراف السلطات اليمنية نجاحا ال ةاإلرهاب، واحدا تلو اآلخر، محقق

. لتصفيتهمتنظيمخططت قيادة الالذين ينمنياأل ينلؤومسال شرات منالع اغتيالمن

وقد شهدت المرحلة األخيرة تحوال جديدا ومثيرا في نشاط القاعدة على الساحة اليمنية الداخلية، بإعالنهـا أن

ـ " هدفا مشروعا "جماعة الحوثيين أضحت سفك دماء إخواننا من أهـل "لهجماتها، تحت دعاوى قيام هؤالء ب

السنة في مناطق شمال اليمن، وتهجيرهم من أراضيهم، وهدم بيوتهم على رؤوسهم، وأخذ مساجدهم الـسنية

، حسب ما جاء في كلمة صوتية "بالقوة وتحويلها إلى مساجد وحسينيات رافضية وثنية يستغيثون فيها بغير اهللا

وكان التنظيم قد أعلن قبلهـا . ٢٠١١كانون الثاني / يناير ٢٨لنائب زعيم التنظيم، السعودي سعيد الشهري في

تـشرين الثـاني /تبنيه لهجومين انتحاريين في كل من محافظتي صعدة والجوف، استهدفا في أواخر نـوفمبر

. تجمعات للحوثيين وقبائل مؤيدة لهم، وأسفرت عن مصرع وجرح العشرات٢٠١٠


٩٣

في اليمن حربا شرسة مع الواليـات انطالقا من مكامنها " القاعدة في جزيرة العرب "من جهة ثانية، تخوض

بفعل ثقل المكون الـسعودي -المتحدة وبقية دول الغرب، وكذلك مع المملكة العربية السعودية، التي ال تزال

والقاعدة في خضم هذا التركيز وتلك الحرب تواجه إشكاالت وتعقيدات عـدة . محط اهتمامها المركزي -فيها

ها وطموحاتها المحلية، التي تؤسس دورها الوظيفي فاعال غيـر رسـمي تكتنف محاولتها المواءمة بين أجندت

ضمن المجال الجيوسياسي لليمن ودولته، وبين أجندتها وطموحاتها المعولمة التي تتجاوز حدود هـذا البلـد

وتحديدا في شبه الجزيرة العربية (قاصدة إلحاق األذى والدمار بخصومها العتيدين، سواء في المحيط اإلقليمي

. أو تعدتها إلى المنظومة الغربية وقائدتها الواليات المتحدة األميركية) والقرن األفريقي

صورتها المفترضة كقوة متغولـة " القاعدة في جزيرة العرب "فبقدر ما تضفي هذه االزدواجية العمالنية على

ه مواجهتها عاجال أم آجـال، تصعب هزيمتها أو النيل منها، غير أنها تمثل معضلة حقيقية للتنظيم سيتحتم علي

حـال -إذ إن هذه االزدواجية ببساطة تستنزف طاقاته وتكتيكاته وتشتتها في جبهات عدة، وربما تـودي بـه

. إلى التهلكة في نهاية المطاف-اإلمعان في اتباعها

ن مـع خطـر بها نظام الحكم في الـيم بظاللها على الطريقة التي يتعاطى وبالمثل فإن االزدواجية هذه تلقي

، فبفعل تزايد الضغوط التي يتعرض لها من التنظيم، سواء تحت وطأة ما يقوم به "القاعدة في جزيرة العرب "

من أعمال عنف تطول الدولة وأجهزتها ومسؤوليها في موازاة محاوالت ال تكل لضرب واسـتنزاف بلـدان

من ضـغوط ) أي النظام (ما يمارس عليه حليفة كالسعودية وأميركا انطالقا من األراضي اليمنية، أو في ظل

من جانب الواليات المتحدة واالتحاد األوروبي وكذلك من قبل دول الجوار الخليجـي وفـي مقـدمتها هائلة

السعودية، إلنهاء ملف القاعدة بصورة تامة، والتخلي عن سياسات الدمج واالحتواء التي انتهجها في تعاملـه

إضفاء صبغة أمنية متزايدة على سياساته الداخلية وتوجهاته إزاء الفـاعلين ، يلجأ النظام إلى مع خطر التنظيم

المحليين على اختالفهم، وهو ما يفقده القدرة على توليد مبادرات ذات معنى تلقى قبـوال وإجماعـا عامـا،

في إمكانـه ويرشح األزمات المختلفة التي تعاني منها البالد للتفاقم، خاصة أن النظام السياسي اليمني لم يعد

تحمل التكاليف الباهظة لسياسات الرعاية التي انتهجها في العقود الثالثة الماضية بهدف توسيع نفوذه وترسيخ

. سلطته، واألهم من ذلك كبح المخاطر التي تستهدف بقاءه

جية لمفهـوم وإسـتراتي اليمنيـة تبني الحكومـة وليس أدل على الطابع األمني المتزايد لسياسات النظام من

من مثل هذه اإلستراتيجية تثيره، رغم ما قاعدةفي سياق المواجهة الشاملة الراهنة مع ال " الضربات االستباقية "


٩٤

ناهيك عن اآلثار الجانبيـة الكارثيـة التـي ال يكاد يهدأ حتى يعود من جديد، صاخب وسياسي جدل قانوني

بناء القبائل، كما حـصل فـي الـضربات التـي ترتبت عنها وأثارت استياء العديد من اليمنيين، السيما من أ

عناصر القاعدة في منطقة المعجلة بأبين ووادي رفض بشبوة، والغارة التي أدت إلى ٢٠٠٩استهدفت أواخر

.٢٠١٠أيار /مقتل نائب محافظ مأرب، جابر الشبواني في أواخر مايو

بالنسبة للنظام الحـاكم فـي الـيمن لها أيضا وإذا كان لهذه المقاربة األمنية المتشددة عيوبها وإشكاالتها، فإن

فالحرب على القاعدة، خصوصا في السنوات القليلة األخيرة، ساهمت في ،بعض الفوائد التي ال يمكن إنكارها

من حيـث -حقن شرعية النظام المتآكلة بشرعية إقليمية ودولية هو في أشد الحاجة إليها، وبذلك فإنها ساندته

. مقاومة الضغوط المتزايدة عليه سواء من الداخل أو من الخارج في-لم يتوقع كثيرون

وعلى عكس ما كان ينتظره خصوم النظام، فقد حصل على دعم مالي ما انفك يتزايد شيئا فشيئا، كما حظـي

التمـرد وهمـا ،غير معهود في تصديه ألهم خطرين يواجههمـا ) وربما عسكري (بتأييد سياسي ودبلوماسي

في ملفات " المتحققة"في الشمال والحراك الجنوبي المتصاعد في الجنوب، ناهيك عن الفرص الحوثي المسلح

.يراهن النظام اليوم على حسمها أو تمريرها بعد أن استعصى عليه ذلك سابقاقد أخرى

تهديد القاعدة لسلطة الدولة اليمنية

لهـا، علـى اعتبـار أن ا وجودي اطة أو تهديد على السل ا طبيعي ابينما ال يمكن النظر إلى القاعدة حاليا منافس

مة للقاعدة التي تجدر اإلشـارة ان من النجاحات اله فإاحتماالت نجاحها في اإلطاحة بنظام الحكم ضئيلة جدا،

قصدت ذلك أم لم تقصد، من النفاذ إلى قلب السجال المحتدم بين السلطة الحاكمة ،إليها هنا أنها تمكنت أخيرا

فنظام الحكم لم يأل جهدا في اتهام ، زاد من حدة االستقطاب السياسي في البلد مان، وهو ومعارضيها في اليم

أنـشطتها " بتشجيع أعمـال القاعـدة و ، خاصة أحزاب اللقاء المشترك وناشطي الحراك الجنوبي ،المعارضة

لقاعـدة مـن بأن ا -ن جهتها م-، فيما جادلت قوى المعارضة "اإلرهابية التي تستهدف أمن الوطن واستقراره

.منتجات النظام الحاكم نفسه، وأنها مختفية في عباءته، وتعمل تحت سمعه وبصره

ومهما يكن األمر، فما من شك في أن استمرار الظروف المعقدة التي تمر بها اليمن، وتبدو فيهـا المخـاطر

شار، واستقطاب المجندين، محيقة بوحدتها الترابية وتماسك دولتها، تقدم للتنظيم فرصة مواتية لمزيد من االنت


٩٥

ومقاومة الضغوط األمنية والحكومية المتزايدة، خاصة في ظل وتطوير القدرات العسكرية والمهارات القتالية،

". محاربة اإلرهاب"حالة االستياء المجتمعية السائدة من تنامي مظاهر التدخل األميركي في اليمن تحت يافطة

الصدمة االجتماعية الناجمة عـن الظلـم واالسـتبعاد لموسة في استغالل كما أن رغبة القاعدة الواضحة والم

والذي يلفه كثير من االحتقان والتوتر، وال سيما في عدد من مناطق مزايا معينة في ظل المناخ السائد هاعطيت

غ فـرا "فمثال، تعيش محافظات جنوبية كأبين وشبوة منذ سنوات خلت في حالة . شمال اليمن وجنوبها وشرقها

بفعل ضعف وجود الدولة في المراكز الحضرية أو غيابها التام في األطراف والمناطق النائيـة، ولـذلك " قوة

فـي أوسـاط المـواطنين مشاعر اإلحبـاط والغـضب تحاول القاعدة ملء هذا الفراغ مستفيدة من سيطرة

عدة من فرض سيطرتها فـي وبالفعل، تمكنت القا . السلطة المركزية في صنعاء تجاه المستبعدين والمحرومين

أوقات متقطعة على مناطق ومديريات جنوبية عدة في السنتين األخيرتين، كما حصل مع مدينة لودر في أبين

قبل أن يتمكن الجيش اليمني مـن ٢٠١٠آب /التي سيطرت عليها مجاميع تابعة للقاعدة لعدة أيام في أغسطس

.عناصر التنظيمبسط سلطة الدولة عليها مجددا بعد قتال عنيف مع

ولم يقتصر تهديد القاعدة لسلطة الدولة ووحدتها على ذلك، أو على عملياتهـا االنتقاميـة التـي لـم تنقطـع

واستهدفت مقار أمنية وعسكرية ومسؤولين أمنيين وعسكريين، فضال عن تكرار هجماتهـا علـى المنـشآت

د شماال وجنوبا، بل تعدتها إلى ضـرب الـسلم النفطية وأنابيب نقل النفط والغاز في مناطق مختلفة من البال

من خالل إعالنهـا الحـرب عبر محاولة إشعال فتيل الصراع الطائفي في اليمن، -الهش أصال -المجتمعي

، ومـن ثـم "ألهل الـسنة "الشيعية المعادية " الروافض" لجماعات اعلى الحوثيين بذريعة أنهم يشكلون امتداد

تـشرين /نـوفمبر في صعدة والجوف بهجمات انتحارية كما حصل في الشروع في استهداف بعض تجمعاتهم

.٢٠١٠الثاني

رغم أن هجمات القاعدة أخفقت حتى اآلن في استثارة صدامات طائفية ملموسة وواسعة النطاق، السيما في و

نية لصراعات مجتمعية على خلفيات دي امناطق الصدع القبلي والمذهبي في شمال اليمن، فإنها قد تزرع بذور

.ومذهبية ال يمكن توقع حدودها وحجم انعكاسها على وحدة المجتمع اليمني وتماسك عراه في قادم األيام

تحاول تقديم نفسها بديال أفضل من منظومة الحكم القائمة عبـر تبنيهـا " في جزيرة العرب قاعدةال"ومع أن

الفـي الواقـع هي، لة الخالفة اإلسالمية للمظالم المجتمعية والتشديد على أولوية تحكيم الشريعة وتأسيس دو

تمكـن باإلضافة إلى ذلك، ورغـم . وفر أكثر من التنفيس عن التظلمات المستحكمة، والتي ثمة الكثير منها ت


٩٦

هـا أنواضحا، ليس في شمال اليمن وجنوبها وشرقها الهياكل القبلية بعض وبينها إقامة روابط بين القاعدة من

لـدعم لمجتمعات المحلية، التي تتحرك في أوساطها، ل االستياء القبلي وحشد ا سوف تكون قادرة على استغال

.العنيفة وجهودها الدؤوب الستهداف عرى النظام ومؤسساته األمنية والعسكرية" الجهادية"قضيتها

صـر القاعدة وبعض المجتمعات القبلية، رغم ما تشهده من تقارب ودمج يوحيان لعنا العالقة بين والحقيقة أن

القاعـدة ضة لالنفراط في أي لحظة نظرا لتضارب أجندة رتبقى ع التنظيم وقياداته بمشاعر االطمئنان والثقة،

األكثر تجذرا وثباتا، ناهيك عن أن التنظيم، فيما عدا مع األعراف والتقاليد القبلية وأطرها المرجعية السياسية

ال يملك الكثير مما يمكن تقديمه لتحسين أوضاع مشروعه األساسي المرتكز على العنف والمزيد من العنف،

لتلبية متطلباتهـا -وليس ألي قوى أخرى -المجتمعات المحلية التي يتحرك في أوساطها وتتطلع للدولة غالبا

الحياتية وتحسين ظروفها االقتصادية، كما أن رؤية التنظيم المتشددة دينيا وتدخله المحتمـل فـي الـسياسات

. يان بجاذبية أو بقبول بين أبناء القبائل على المدى البعيدالقبلية قد ال يحظ

في لحظـة إذا وجدت نفسها مع القاعدة " فك ارتباطها "عالوة على ذلك كله، من المرجح أن تبادر القبائل إلى

التخلي عن حماية عناصر التنظيم وتوفير المالذ لهم فيما هم يواصـلون تـسديد ما مجبرة على االختيار بين

حلفاؤهـا ئهـا مـن ورا اتهم للنظام وأبنيته المختلفة، أو الدخول في مواجهات غير متكافئة مع الدولة و ضرب

. اجتماعية واقتصادية هائلةو أمنيةن، مع ما قد يتخلل ذلك من ضغوط وأعباءون والدوليواإلقليمي

ياسية واالقتصادية، وأن ثمة شكوكا وإذا أدركنا أن والء القبائل اليمنية ليس ثابتا، بل يتغير وفقا للمعطيات الس

كبيرة في قدرة القاعدة على التعاطي األمثل والمستدام مع تطلعات القبائل واحتياجاتها االقتصادية والتنمويـة

.الضرورية فإن كفة الحفاظ على مصالح القبائل وتأمينها ستكون األرجح على ما عداها بكل تأكيد

خاتمة

لخبيـر ل سبق كما- هاأن نجاح ال يمكنه أن يتجاهل حقيقة دهار القاعدة في اليمن للحيلولة دون از إن أي سعي

هـا راعتمادا كليا على المدى الـذي تلقـى فيـه أط "يعتمد يكاد -ر بتبص أن الحظ األميركي أليستير هاريس

اجـه في مواجهة النشاط الضعيف لتطبيق القانون في الـيمن، تو أنه و. ها صدى لدى السكان اليمنيين اودعاو

مشكلة تجديد نفسها باستمرار من خالل تجنيد أعضاء جـدد، وإذا مـا جزيرة العرب وفي " اليمن القاعدة في "


٩٧

ستصمد وتـشكل " القاعدة في جزيرة العرب "وبالتالي السؤال عما إذا كانت . فشلت في ذلك فسيطويها النسيان

."ت المحلية المجتمعافيتهديدا أمنيا متزايدا، يعتمد على مدى تأثير رسالتها

الحالية أو ما سيعقبها من حكومات قد - على الحكومة اليمنية ولمواجهة تحدي القاعدة في هذا المجال، ينبغي

اتخاذ التدابير واإلجراءات الالزمة التي تفضي -يتمخض عنها الحراك الثوري المتصاعد في البالد، مستقبال

ير المباشر، مع القبائل والمجتمعات المحلية فـي عمـوم التواصل، المباشر وغ على ة القاعدة تعطيل قدر إلى

تبنـي سياسـة طويلـة األجـل : ، ومن بين تلك اإلجراءات والتدابير مثال مناطق اليمن خاصة الطرفية منها

والمجتمعات المحلية ومتطلباتها األساسية، وتـوفير االستجابة الحتياجات القبائل لالرتباط القبلي ترتكز على

ذوي المعتـدلين و القبائـل تعزيز سلطة شيوخ الطرفية والنائية، و في المناطق الضروريةمات الخدالمرافق و

استخدام نهج أيديولوجي مضاد أليديولوجيـة القاعـدة دعاية التنظيم، و المتعاونين من أجل مجابهة الوجاهات

. إلى خطابات القاعدة ورسائلهاأبناء القبائل والسكان المحليين النجذاب اضع حدي

، وذلك من خـالل ح لشرعية النظام السياسي المتآكلة فضال عن ذلك، ينبغي خلق بيئة محلية مواتية تعيد الرو

تطبيع الوضع في الـبالد وحلحلـة اتخاذ سلسلة من السياسات العملية وإجراءات بناء الثقة بحيث تفضي إلى

وليس انتهاء بانـسداد في الجنوب والتوترات األزمات التي تعصف بالساحة الداخلية، بدءا من معضلة صعدة

، وعلى نحو يجعل لجوء القاعدة وغيرها )السلطة والمعارضة (بين فرقاء اللعبة السياسية أو تعثره أفق الحوار

: إلى استخدام العنف أو التهديد به أمرا مرفوضا ومدانا من كل فئات المجتمع وتنظيماته السياسية، وتتـضمن

بيئة سياسية أكثـر الفساد المستشري بتفعيل آليات المسائلة والنزاهة، وتوفير ، والحد من الحكم جودة تحسين

.ا وتسامحا إزاء المعارضين السياسيين وأصحاب الرأيانفتاح

المستعر، وما لم تكـسب الحكومـة "التطرف"عب من جهود النظام لمكافحة والحال أن تضاؤل الشرعية يص

، فإن مواجهة القاعـدة سـتظل صـعبة "العنف والتطرف "لقة بمكافحة اليمنية تأييد الجماهير لسياساتها المتع

عدم الشرعية النابع من تدابير اإلصـالح "وقد خلص تقرير صادر عن مؤسسة راند البحثية إلى أن . ومتعثرة

إبطال المكاسب المحدودة يزيـد مـن جاذبيـة -كما في كثير من األحيان -المتخلفة والحقوق ذات الصلة أو

".لمتطرفةالجماعات ا

وفي ظل اإلرهاصات الثورية التي تموج بها اليمن هذه األيام، ومع تبلور صيغة جديدة للـشرعية الـسياسية


٩٨

تتوافق فئات كثيرة من اليمنيين على ضرورة بنائها وصوغها على نحو يستجيب مع تطلعاتهم وتوقهم للحرية

كما شـرعيتهم الثوريـة " الجديد"ليا يختبر بناة اليمن والديمقراطية والعدالة االجتماعية، تبرز القاعدة تحديا فع

البازغة، ففي حال نجح هؤالء في تحقيق هدفهم، وتمكنوا من صياغة منظومة سياسية واجتماعية على أسـس

مغايرة كليا تتمحور حول القيم المدنية والديمقراطية وحقوق اإلنسان، فإن ملف القاعدة سيتم حسمه شيئا فشيئا

العمل واالنتشار، وتحد من جاذبية أيديولوجيته القائمة على نظيم مجتمعية طاردة ال تتيح لهذا الت عبر خلق بيئة

. وغَلَبته على ما سواه" التغيير السلمي"، بفعل نجاح منطق "التغيير االنقالبي"مبدأ

ية كمـا هـي دون أما إذا أخفق اليمنيون في مسعاهم الثوري، سواء ببقاء منظومة الحكم األوتوقراطية الحال

تغيير يذكَر أو من خالل إعادة إنتاج المنظومات السياسية واالجتماعية البالية نفسها في المـستقبل المنظـور

بالتوازي مع عدم حصول تحول سياسي ومجتمعي جوهري وذي مغزى، فإن الفوضى ربمـا تكـون سـيدة

.ة سانحة للتمدد في طول البالد وعرضـها الفرص" القاعديون"الموقف وصاحبة اليد العليا، ومن خاللها سيجد

_________________

هوامش

بلغـت لليمن تسببت بخسائر وحدها ٢٠٠٩ في العام عناصر القاعدة هجمات أن ،٢٠١٠تشرين األول /، أفصح عنه في أكتوبر كشف تقرير رسمي ** تحقيق معدل ت إلى الحد من السياحة الوافدة والداخلية، وأخر تأديم عمليات التنظ ، أن ٢٠٠٩وأوضح تقرير األداء الحكومي عن سنة . دوالر مليارنحو

%٩إلى % ٨ي ساهم في ارتفاع نسبة عجز الموازنة من ذالاألمر ، القاعدة زيادة اإلنفاق العسكري واألمني لمواجهة نشاط إلىالنمو المستهدف، إضافة إحجام الدول والمنظمات المانحة عن تنفيذ بعض التزامات القروض أخرى، من بينها اعية أشار التقرير إلى آثار اقتصادية واجتم كما .من الناتج المحلي

. ريالمليار ٨٧ بلغت أدنى مستوياتها، ولم تتجاوز إذوالمساعدات الخارجية لليمن،


٩٩

المحرر المحرراستنتاجات وخالصاتاستنتاجات وخالصات

، مثلما يحمل بذور استمراره دولة ضـعيفة يحمل اليمن الموحد بذور بقائه دولة قوية إذا الح األمل بالتغيير

.هشة أو ربما انقسامه على نفسه إلى كيانات متعددة إذا استمر الوضع القائم على ما هو عليه

فالنظام اليمني الحالي يقوم في جانبه السياسي على العائلة والقرابة والوالء وتبادل المنافع، ويقوم أمنه علـى

ملكية السالح متاحة بأيدي الناس وليست حكرا على الدولة، ويقوم اقتصاده على التوافق والصفقات، بحكم أن

الريع واحتكار الثروة وتوزيعها وفق الخريطة السياسية التي يزكيها النظام أو تـتالءم مـع حاجاتـه للبقـاء

.الجنوبيوبين الشمالي و) أي غير القبلي(واالستمرار، ويتسم اجتماعه على التقابل بين القبلي والمدني

ويشهد اليمن أيضا فوارق طبيعية ومفتعلة بين الشمال والجنوب حتى باتت تمثل خطرا شديدا علـى وحـدة

الحـروب "، وهناك "االنفصال"أو " فك االرتباط "البالد، وال يمكن إغفالها بغض النظر عن الموقف من دعاة

إلى أن الدولة هي في أوهن حاالتها، " وببالحر"المتوالية مع الحوثيين التي يشير مجرد وصفها " الداخلية

.إضافة إلى استثمار النظام لصورة القاعدة لحشد الدعم الدولي وتأييده الستمرار النظام القائم

وهناك تغيير يلوح في األفق، حيث يشهد اليمن بأحزابه ومعظم شرائحه وفئاته حراكا شعبيا جامعا، كان مـن

وتراجع المطالب الخاصة لتتقدم بدال من ذلك المطالب الموحدة التي رفعت نتائجه تقلص الحواجز االجتماعية

وبغض النظر عن النتيجة التي ستنتهي . ال زالت مستمرة إلى اللحظة " ثورة شعبية "في الساحات تحت عنوان

ي للبلـد إليها الثورة فإن ما بعدها لن يكون مثل ما قبلها من حيث المبدأ، ولكن حتما يتوقف المشهد المـستقبل

وإلى حد بعيد على السلوك الذي سيتبعه الفاعلون غير الرسميين في المرحلة الجديدة، خاصة أن جل برامجهم

.وتجاربهم وتوجهاتهم تنتمي إلى المرحلة السابقة على الثورة

ـ ح وهذه األخيرة عالج التقرير المعمق غالبها، ويمكن الخروج منها بخالصات واستنتاجات أساسية من المرش

:أن يكون بعضها محل اختبار في المرحلة المقبلة التي ال تزال في طور التشكل، من أبرزها


١٠٠

يظهر الفاعلون غير الرسميين في المشهد السياسي ويتعزز حضورهم كلما ضعفت الدولة عـن فـرض -١

دولة ضـعيفة حيث تكون ال " الدولة الفاشلة "وجودها الرمزي والمادي في آن واحد، وكلما اقتربت من نموذج

وهشة وغير قادرة على السيطرة على كامل أراضيها أو الدفاع عن تمام سيادتها، وهذا ما ينطبق على اليمن

.إلى حد بعيد

الذي يعتمد على العائدات النفطية والمساعدات الخارجية والتحويالت المالية من -عي االقتصاد الري ساهم -٢

في إنتـاج شـرائح اجتماعيـة ة وأجهزة االقتصاد اليمني، ة الحاكم والفساد المستشري في الطبق -المغتربين

غاضبة تحمل السالح في وجه الدولة، وهو ما عزز من فرص والدة قوى فاعلة غير رسمية، وأي تغيير في

فإنه سـيكرر أخطـاء " اإلنتاج"إلى اقتصاد " اقتصاد الريع "اليمن ال يلحظ تغيير البنية االقتصادية للدولة من

.ة السابقةالمرحل

تتشارك معظم القوى الفاعلة غير الرسمية في اليمن بقدرتها على تهديد أمن الدولة ونظامهـا الـسياسي، -٣

وبالقدرة على السيطرة على األرض وحتى إدارة الحياة العامة أحيانا كما هو الحال مع القبيلـة فـي بعـض

.ق الجنوبية، والحركة الحوثية في صعدةالمناطق الشمالية، والحراك الجنوبي أحيانا في بعض المناط

يتميز أكثر الفاعلين غير الرسميين في اليمن بدعم شعبي فائق، ويقومون في المقابل برعاية جمهـورهم -٤

مستعينين بقدرتهم على الـسيطرة علـى األرض أو علـى ، وتأمين مصالحهم المحلية وحتى اإلقليمية أحيانا

. تحت نطاق نفوذهمالتحكم بأجهزة الدولة التي تدخل

بإقامة عالقات أو عقد تحالفات إقليميـة قـد ) أو يتهمون ( يتمتع جميع الفاعلين غير الرسميين في اليمن -٥

تتجاوز أحيانا الحدود الوطنية للدولة كعالقة بعض القبائل اليمنية مع السعودية، وعالقة الحركة الحوثية مـع

القات إقليمية ودولية من منطلق استمرار الدولة في جنـوب إيران، وكنسج بعض رموز الحراك الجنوبي لع

.اليمن، إضافة إلى طبيعة جماعة القاعدة العابرة للحدود وعدم اعترافها بوجود الدولة أصال

يهرع إليها المجتمـع عنـد غيـاب اجتماعية وقيم تاريخية تعد القبيلة الفاعل األبرز لما تملكه من جذور -٦

بسبب شراكتها الطويلة مع النظام بدءا من مرحلـة سياسيا دور القبيلة الكبرى، وعظم ة وعند الملمات السلط

. تأسيس اليمن الموحد وانتهاء بإدارة النظام القائم وتقاسم المنافع معه


١٠١

لم تكن عالقة والء تام بقدر ما كانت عالقة مصالح لم تخـل مـن بعـض القبيلة مع النظام عالقة إن -٧

وبالمقابل فقـد .لمراحل، ما يعني أن االنفكاك بينهما أمر ممكن وهو ما يحصل مؤخرا التناقضات في بعض ا

إعادة تحالف القبيلـة ما يعني أن اعتادت القبيلة أن تكون الشريك غير الرسمي للحكم وتأقلمت مع هذا الدور،

.ةنظريا، لكنه من المستحيل أن يكون على نفس األسس السابقم السياسي أمر ممكن مع النظا

لم تستطع الحركة الحوثية أن تفرض نفسها حركة إسالمية أو إصالحية أو وطنية في المـشهد اليمنـي، -٨

صالي لمجمـل نـشاطاتها رغم وجاهة بعض المطالب الحقوقية التي تطرحها، وغلب التصنيف المذهبي االنف

انا كثيرة طموحات جهـات ، وبسبب الشعارات التي تطرحها وتلبي أحي بسبب الحروب الداخلية التي خاضتها

.إقليمية أكثر مما تستجيب أو تنسجم مع مطالب وطموحات اليمنيين

أعطت األبعاد المطلبية المقرونة بالشعور بالخوف من اندثار المذهب الزيدي للحركة الحوثيـة انتـشارا -٩

على مستويات أخرى، جغرافيا واسعا على أساس مذهبي، لكن في المقابل حكم عليها بالجمود سياسيا، وربما

وهو ما يفسر وقوعها أسيرة حروب متوالية، وأسيرة الدفاع عن أيديولوجيتها وتحسين صورتها فـي منطقـة

.تعج بالمتغيرات والحراك

أو فك االرتباط، كما يصفه الحراك، نتيجـة " باالنفصال" أذكت السلطة اليمنية مطالب الحراك الجنوبي -١٠

وإذا استمرت المعادلة القائمة حاليا في إدارة األزمة . لبية مطالبه الحقوقية الملحة سوء إدارتها للجنوب وعدم ت

فـك "الجنوبية، فإن مقوالت التميز التاريخي والقيمي واالجتماعي بين الجنوب والشمال ستتعزز، وإن مطلب

. سيزداد على حساب المطالب الحقوقية التي يسهل التعامل معها" االرتباط

الحراك الجنوبي أمره بشكل نهائي حتى الساعة، في ما إذا كان حركة مطلبية أم حركة تحرر لم يحسم -١١

من احتالل على ما يقول قادته، وهو ما كشفت عنه مواقف بعض األطراف في الحـراك بتأييـدها للثـورة

عبية، فعنـدها وليس من المتوقع أن يحسم أمره بسهولة إال إذا حصل تغيير جذري لصالح الثورة الش . الشعبية

قد تحسم الغالبية في الحراك أمرها باتجاه الوحدة مع استمرار كيانات أخرى متمسكة بصيغة التحـرر مـن

".االحتالل"


١٠٢

إن قوة انتشار القاعدة في اليمن وازدياد فاعليتها ليس متعلقا في معظمه بقوتها األيديولوجية كمـا هـو -١٢

قدرتها على االستفادة من الواقع القبلي والمـذهبي المتفلـت مـن شأنها في أماكن أخرى، إنما يتأتى ذلك من

.سلطة الدولة، إضافة إلى وجود مبررات جهوية ومطلبية كثيرة تساعد على ذلك

أدخلت السلطة تنظيم القاعدة في الصراع اليمني طرفا داخليا بمحاولتها عقد تحالفات دولية أو استجالب -١٣

نوان مواجهة خطر القاعدة، ويقول البعض إن السلطة تعمدت ذلـك لتؤكـد مساعدات متعددة الوجوه تحت ع

تعاطف أو تحالف بعض األطراف المحلية مع القاعدة، وهو ما يبرر استعمال السلطة العنـف المفـرط فـي

.مواجهة المعارضة اليمنية المحلية

التي تتجه نحو الفشل، مما يجعـل تتوالد الجماعات الفاعلة غير الرسمية عادة في الدول الفاشلة أو تلك -١٤

وفـي . استمرار هذه الجماعات كقوى فاعلة غير رسمية أو الحد من توالدها مرهونا بإعادة بناء الدولة اليمنية

تمارس دورها تحت مظلة الدولـة، مـع " رسمية"هذه الحالة فإن هذه القوى قد تستمر وتزدهر كأي جماعة

.استثناء فيما يتعلق بالقاعدة

فاعال غيـر "خيرا، بوجود الدولة القوية سيفقد على األرجح تنظيم القاعدة في اليمن شروط استمراره أ -١٥

" كجماعـة عنـف "، لكن من المحتمل أن يستمر وجوده التقليدي ألسباب ال تتصل بفشل الدولة، وذلك "رسمي

. الدول األخرى المستقرةمناوئة للدولة اليمنية غير المشروعة دينيا برأيه، كما هو حال بقية فروعه في

- انتهى -

الفاعلون غير الرسميين في اليمن، التقرير كاملا

Documents

Transcript of الفاعلون غير الرسميين في اليمن، التقرير كاملا